بحار الأنوار

العلامة المجلسي ج 1


[ 1 ]

بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسيى ” قدس الله سره ” الجزء الاول مؤسسة الوفاء بيروت – لبنان كافة الحقوق محفوظة ومسجلة الطبعة الثانية المصححة 1403 ه‍ – 1983 م مؤسسة الوفاء – بيروت – لبنان – صرب: 1457 – هاتف: 386868 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي سمك سماء العلم، وزينها ببروجها للناظرين، وعلق عليها قناديل الانوار بشموس النبوة وأقمار الامامة لمن أراد سلوك مسالك اليقين، وجعل نجومها رجوما لوساوس الشياطين، وحفظها بثواقب شهبها عن شبهات المضلين، ثم بمضلات الفتن أغطش ليلها (1) وبنيرات البراهين أخرج ضحاها، و مهد أراضي قلوب المؤمنين لبساتين الحكمة اليمانية فدحاها، وهيأها لازهار أسرار العلوم الربانية فأخرج منها ماءها ومرعاها، وحرسها عن زلازل الشكوك والاوهام، فأودع فيها سكينة من لطفه كجبال أرساها، فنشكره على نعمه التي لا تحصى، معترفين بالعجز والقصور، ونستهديه لمراشد أمورنا في كل ميسور ومعسور. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة علم وإيقان، وتصديق وإيمان، يسبق فيها القلب اللسان، ويطابق فيها السر الاعلان. وأن سيد أنبيائه ونخبة أصفيائه ونوره في أرضه وسمائه محمدا (صلى الله عليه وآله)) عبده المنتجى، ورسوله المجتبى، وحبيبه المرتجى، وحجته على كافة الورى، وأن ولي الله المرتضى، و سيفه المنتضى، (2)، ونبأه العظيم، وصراطه المستقيم، وحبله المتين، وجنبه المكين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) سيد الوصيين، وإمام الخلق أجمعين، وشفيع يوم الدين، ورحمة الله على العالمين. وأن أطائب عترته وأفاخم ذريته وأبرار أهل بيته سادات الكرام وأئمة الانام، وأنوار الظلام، ومفاتيح الكلام، وليوث الزحام، وغيوث الانعام، خلقهم الله من أنوار عظمته، وأودعهم أسرار حكمته، وجعلهم معادن رحمته، وأيدهم


(1) في الصحاح: أغطش الله الليل: أظلمه. (2) نضا سيفه وانتضاه: سله.

[ 2 ]

بروحه، واختارهم على جميع بريته، لهم سمكت المسموكات، ودحيت المدحوات، وبهم رست الراسيات واستقر العرش على السماوات، وبأسرار علمهم أينعت (1) ثمار العرفان في قلوب المؤمنين، وبأمطار فضلهم جرت أنهار الحكمة في صدور الموقنين، فصلوات الله عليهم ما دامت الصلوات عليهم وسيلة إلى تحصيل المثوبات، و الثناء عليهم ذريعة لرفع الدرجات. ولعنة الله على أعدائهم ما كانت دركات الجحيم معدة لشدائد العقوبات. واللعن على أعداء الدين معدودة من أفضل العبادات. أما بعد: فيقول الفقير إلى رحمة ربه الغافر ابن المنتقل إلى رياض القدس محمد تقي طيب الله رمسه محمد باقر عفى الله عن جرائمهما وحشرهما مع أئمتهما (2): إعلموا يا معاشر الطالبين للحق واليقين المتمسكين بعروة اتباع أهل بيت سيد المرسلين – صلوات الله عليهم أجمعين – أني كنت في عنفوان شبابي حريصا على طلب العلوم بأنواعها، مولعا باجتناء فنون المعالي من أفنانها (3) فبفضل الله سبحانه وردت حياضها وأتيت رياضها، وعثرت على صحاحها ومراضها، حتى ملات كمي من ألوان ثمارها، واحتوى جيبي على أصناف خيارها، وشربت من كل منهل (4) جرعة روية وأخذت من كل بيدر حفنة (5) مغنية، فنظرت إلى ثمرات تلك العلوم وغاياتها، وتفكرت في أغراض المحصلين وما يحثهم على البلوغ إلى نهاياتها، و تأملت فيما ينفع منها في المعاد، وتبصرت فيما يوصل منها إلى الرشاد، فأيقنت بفضله وإلهامه تعالى أن زلال العلم لا ينقع (6) إلا إذا أخذ من عين صافية نبعت عن ينابيع الوحى والالهام، وأن الحكمة لا تنجع (7) إذا لم تؤخذ من نواميس الدين ومعاقل الانام.


(1) ينع الثمر: نضج، وأينع مثله. (2) تقدم الكلام في ترجمته وترجمة والده أعلى الله مقامهما في المقدمة الاولى. (3) شجرة ذات أفنان: ذات أغصان. (4) المنهل: المورد، وهو عين ماء ترده الابل في المراعى. (5) البيدر: الموضع الذي يداس فيه الطعام. والحفنة: ملء الكفين من طعام. (6) نقع الماء العطش: سكنه. (7) نجع الطعام: هنا أكله. وقد نجع فيه الخطاب والوعظ والدواء: دخل وأثر.

[ 3 ]

فوجدت العلم كله في كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأخبار أهل بيت الرسالة الذين جعلهم الله خزانا لعلمه وتراجمة لوحيه، وعلمت أن علم القرآن لا يفي أحلام العباد باستنباطه على اليقين، ولا يحيط به إلا من انتجبه الله لذلك من أئمة الدين، الذين نزل في بيتهم الروح الامين. فتركت ما ضيعت زمانا من عمري فيه، مع كونه هو الرائج في دهرنا، وأقبلت على ما علمت أنه سينفعني في معادي، مع كونه كاسدا في عصرنا. فاخترت الفحص عن أخبار الائمة الطاهرين الابرار سلام الله عليهم، وأخذت في البحث عنها، وأعطيت النظر فيها حقه، وأوفيت التدرب فيها حظه. ولعمري لقد وجدتها سفينة نجاة، مشحونة بذخائر السعادات، وألفيتها (1) فلكا مزينا بالنيرات المنجية عن ظلم الجهالات، ورأيت سبلها لائحة، وطرقها واضحة، وأعلام الهداية والفلاح على مسالكها مرفوعة، وأصوات الداعين إلى الفوز والنجاح في مناهجها مسموعة، ووصلت في سلوك شوارعها إلى رياض نضرة، وحدائق خضرة، مزينة بأزهار كل علم وثمار كل حكمة، وأبصرت في طي منازلها طرقا مسلوكة معمورة، موصلة إلى كل شرف ومنزلة. فلم أعثر على حكمة إلا وفيها صفوها، ولم أظفر بحقيقة إلا وفيها أصلها. ثم بعد الاحاطة بالكتب المتداولة المشهورة تتبعت الاصول المعتبرة المهجورة التي تركت في الاعصار المتطاولة والازمان المتمادية إما: لاستيلاء سلاطين المخالفين وأئمة الضلال. أو: لرواج العلوم الباطلة بين الجهال المدعين للفضل والكمال. أو: لقلة اعتناء جماعة من المتأخرين بها، اكتفاءا بما اشتهر منها. لكونها أجمع و أكفى وأكمل وأشفى من كل واحد منها. فطفقت أسأل عنها في شرق البلاد وغربها حينا، وألح في الطلب لدى كل من أظن عنده شيئا من ذلك وإن كان به ضنينا (2). ولقد ساعدني على ذلك جماعة من


(1) ألفيت الشئ: وجدته. (2) الضنين: البخيل، أي وإن كان في إعطائه كل أحد بخيلا إما: لنفاسة نسخه أو لندرتها.

[ 4 ]

الاخوان، ضربوا في البلاد لتحصيلها، وطلبوها في الاصقاع والاقطار طلبا حثيثا حتى اجتمع عندي بفضل ربي كثير من الاصول المعتبرة التي كان عليها معول العلماء في الاعصار الماضية، وإليها رجوع الافاضل في القرون الخالية، فألفيتها مشتملة على فوائد جمة خلت عنها الكتب المشهورة المتداولة، واطلعت فيها على مدارك كثير من الاحكام اعترف الاكثرون بخلو كل منها عما يصلح أن يكون مأخذا له فبذلت غاية جهدي في ترويجها وتصحيحها وتنسيقها وتنقيحها. ولما رأيت الزمان في غاية الفساد ووجدت أكثر أهلها حائدين (1) عما يؤدي إلى الرشاد خشيت أن ترجع عما قليل إلى ما كانت عليه من النسيان والهجران، وخفت أن يتطرق إليها التشتت، لعدم مساعدة الدهر الخوان، ومع ذلك كانت الاخبار المتعلقة بكل مقصد منها متفرقا في الابواب، متبددا في الفصول، قلما يتيسر لاحد العثور على جميع الاخبار المتعلقة بمقصد من المقاصد منها، ولعل هذا أيضا كان أحد أسباب تركها، وقلة رغبة الناس في ضبطها. فعزمت بعد الاستخارة من ربي والاستعانة بحوله وقوته، والاستمداد من تأييده ورحمته، على تأليفها ونظمها وترتيبها وجمعها، في كتاب متسقة (2) الفصول والابواب، مضبوطة المقاصد والمطالب، على نظام غريب وتأليف عجيب لم يعهد مثله في مؤلفات القوم ومصنفاتهم، فجاء بحمد الله كما أردت على أحسن الوفاء، وأتاني بفضل ربي فوق ما مهدت وقصدت على أفضل الرجاء. فصدرت كل باب بالايات المتعلقة بالعنوان ثم أوردت بعدها شيئا مما ذكره بعض المفسرين فيها إن احتاجت إلى التفسير والبيان. ثم إنه قد حاز كل باب منه إما: تمام الخبر المتعلق بعنوانه، أو: الجزء الذي يتعلق به مع إيراد تمامه في موضع آخر أليق به، أو: الاشارة إلى المقام المذكور فيه لكونه أنسب بذلك المقام، رعاية لحصول الفائدة المقصودة مع الايجاز التام. وأوضحت ما يحتاج من الاخبار إلى الكشف ببيان شاف على غاية الايجاز


(1) حاد عن الشئ: مال عنه وعدل. (2) اتسق الامر: انتظم.

[ 5 ]

لئلا تطول الابواب ويكثر حجم الكتاب، فيعسر تحصيله على الطلاب. وفي بالي – إن أمهلني الاجل وساعدني فضله عزوجل – أن أكتب عليه شرحا كاملا يحتوي على كثير من المقاصد التي لم توجد في مصنفات الاصحاب، واشبع فيها الكلام لاولي الالباب. ومن الفوائد الطريفة لكتابنا اشتماله على كتب وأبواب كثيرة الفوائد، جمة العوائد، أهملها مؤلفوا أصحابنا رضوان الله عليهم، فلم يفردوا لها كتابا ولا بابا: ككتاب العدل والمعاد، وضبط تواريخ الانبياء والائمة (عليهم السلام)، وكتاب السماء والعالم المشتمل على أحوال العناصر والمواليد وغيرها مما لا يخفى على الناظر فيه. فيا معشر إخوان الدين المدعين لولاء أئمة المؤمنين، أقبلوا نحو مأدبتي (1) هذه مسرعين، وخذوها بأيدي الاذعان واليقين، فتمسكوا بها واثقين، إن كنتم فيما تدعون صادقين. ولا تكونوا من الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، ويترشح من فحاوي كلامهم مطاوي جنوبهم، ولا من الذين اشربوا في قلوبهم حب البدع و الاهواء بجهلهم وضلالهم، وزيفوا (2) ما روجته الملل الحقة بما زخرفته منكروا الشرايع بمموهات (3) أقوالهم. فيا بشرى لكم ثم بشرى لكم إخواني ! بكتاب جامعة المقاصد، طريفة الفرائد، لم تأت الدهور بمثله حسنا وبهاءا ! وانجم طالع من أفق الغيوب لم ير الناظرون ما يدانيه نورا وضياءا ! وصديق شفيق لم يعهد في الازمان السالفة شبهه صدقا ووفاءا ! كفاك عماك يا منكر علو أفنانه (4) !، وسمو أغصانه حسدا وعنادا وعمها (5) وحسبك ريبك، يا من لم يعترف برفعة شأنه ! وحلاوة بيانه جهلا وضلالا وبلها، ولاشتماله على أنواع العلوم والحكم والاسرار وإغنائه عن جميع كتب الاخبار سميته بكتاب:


(1) الادبة والمادبة: طعام يصنع لدعوة أو عرس. (2) زافت الدراهم: صارت مردودة. وزيف الدراهم: زافها (3) قول مموه: مزخرف أو ممزوج من الحق والباطل. (4) وفي نسخة: فضل احسانه. (5) العمه: التحير والتردد.

[ 6 ]

* (بحار الانوار) * الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار فأرجو من فضله سبحانه على عبده الراجي رحمته وامتنانه أن يكون كتابي هذا إلى قيام قائم آل محمد – عليهم الصلوة والسلام والتحية والاكرام – مرجعا للافاضل الكرام، ومصدرا لكل من طلب علوم الائمة الاعلام، ومرغما للملاحدة اللئام، وأن يجعله لي في ظلمات القيامة ضياءا ونورا، ومن مخاوف يوم الفزع الاكبر أمنا وسرورا، وفي مخازي يوم الحساب كرامة وحبورا (1) وفي الدنيا مدى الاعصار ذكرا موفورا، فإنه المرجو لكل فضل ورحمة، وولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة، والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على محمد وأهل بيته الغر الميامين النجباء المكرمين. ولنقدم قبل الشروع في الابواب مقدمة لتمهيد ما اصطلحنا عليه في كتابنا هذا، وبيان ما لابد من معرفته في الاطلاع على فوائده. وهي تشتمل على فصول: * (الفصل الاول) * في بيان الاصول والكتب المأخوذ منها وهي: (2) كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) وكتاب علل الشرائع والاحكام، وكتاب إكمال الدين وإتمام النعمة في الغيبة، وكتاب التوحيد، وكتاب الخصال، وكتاب الامالي والمجالس، وكتاب ثواب الاعمال وعقاب الاعمال، وكتاب معاني الاخبار، وكتاب الهداية، ورسالة العقائد، وكتاب صفات الشيعة، وكتاب فضائل الشيعة، وكتاب مصادقة الاخوان، وكتاب فضائل الاشهر الثلاثة، وكتاب النصوص،


(1) الحبور كفلوس: السرور والنعمة. (2) قد اسفلنا الكلام حول تلك الكتب وترجمة مؤلفيها في المقدمة الثانية.

[ 7 ]

وكتاب المقنع، كلها للشيخ الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضوان الله عليه. وكتاب الامامة والتبصرة من الحيرة للشيخ الاجل أبي الحسن علي بن الحسين ابن موسى بن بابويه والد الصدوق طيب الله تربتهما، وأصل آخر منه أو من غيره من القدماء المعاصرين له. ويظهر من بعض القرائن أنه تأليف الشيخ الثقة الجليل هارون ابن موسى التلعكبري رحمه الله. وكتاب قرب الاسناد للشيخ الجليل الثقة أبي جعفر محمد بن عبد الله بن جعفر ابن الحسين بن جامع بن مالك الحميري القمي. وظني أن الكتاب لوالده وهو راو له، كما صرح به النجاشي، وإن كان الكتاب له كما صرح به ابن إدريس رحمه الله فالوالد متوسط بينه وبين ما أوردناه من أسانيد كتابه. وكتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة العظيم الشأن محمد بن الحسن الصفار. وكتاب المجالس الشهير بالامالي، وكتاب الغيبة، وكتاب المصباح الكبير، و كتاب المصباح الصغير، وكتاب الخلاف، وكتاب المبسوط، وكتاب النهاية، وكتاب الفهرست، وكتاب الرجال، وكتاب تفسير التبيان، وكتاب تلخيص الشافي، وكتاب العدة في اصول الفقه، وكتاب الاقتصاد، وكتاب الايجاز في الفرائض، وكتاب الجمل وأجوبة المسائل الحائرية وغيرها من الرسائل، كلها لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي قدس الله روحه. وكتاب الارشاد، وكتاب المجالس، وكتاب النصوص، وكتاب الاختصاص والرسالة الكافية في إبطال توبة الخاطئة، ورسالة مسار الشيعة في مختصر التواريخ الشرعية، وكتاب المقنعة، وكتاب العيون والمحاسن المشتهر بالفصول، وكتاب المقالات، وكتاب المزار، وكتاب إيمان أبي طالب ورسائل ذبائح أهل الكتاب والمتعة، وسهو النبي ونومه (صلى الله عليه وآله) عن الصلاة، وتزويج أمير المؤمنين (عليه السلام) بنته من عمر، ووجوب المسح، وأجوبة المسائل السروية والعكبرية والاحدي والخمسين وغيرها، وشرح عقائد الصدوق، كلها للشيخ الجليل المفيد محمد بن


[ 8 ]

محمد بن النعمان قدس الله لطيفه (1). وكتاب المجالس الشهير بالامالي للشيخ الجليل أبي علي الحسن بن شيخ الطائفة قدس الله روحهما. وكتاب كامل الزيارة للشيخ النبيل الثقة أبي القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه. وكتاب المحاسن والاداب للشيخ الكامل الثقة أحمد بن محمد بن خالد البرقي. وكتاب التفسير للشيخ الجليل الثقة علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، وكتاب العلل لولده الجليل محمد. وكتاب التفسير لمحمد بن مسعود السلمي المعروف بالعياشي الشيخ الثقة الراوية للاخبار. وكتاب التفسير المنسوب إلى الامام الهمام الصمصام الحسن بن علي العسكري صلوات الله عليه وعلى آبائه وولده الخلف الحجة. وكتاب روضة الواعظين وتبصرة المتعظين للشيخ محمد بن علي بن أحمد الفارسي، وأخطأ جماعة ونسبوه إلى الشيخ المفيد، وقد صرح بما ذكرناه ابن شهر آشوب في المناقب والشيخ منتجب الدين في الفهرست والعلامة رحمه الله في رسالة الاجازة وغيرهم. وذكر العلامة سنده إلى هذا الكتاب كما سنذكره في المجلد الاخر من الكتاب إن شاء الله تعالى. ثم اعلم أن العلامة رحمه الله ذكر اسم المؤلف كما ذكرنا. وسيظهر من كلام ابن شهر آشوب أن المؤلف محمد بن الحسن بن علي الفتال الفارسي، وأن صاحب التفسير وصاحب الروضة واحد، وكذا ذكره في كتاب معالم العلماء. ويظهر من كلام الشيخ منتجب الدين في فهرسته أنهما اثنان: حيث قال: محمد بن علي الفتال النيسابوري صاحب التفسير ثقة وأي ثقة ! وقال – بعد فاصلة كثيرة -: الشيخ الشهيد محمد بن أحمد الفارسي مصنف كتاب روضة الواعظين.


(1) أي روحه.

[ 9 ]

وقال ابن داود – في كتاب الرجال -: محمد بن أحمد بن علي الفتال النيسابوري المعروف بابن الفارسي (لم، خج (1)) متكلم، جليل القدر، فقيه، عالم، زاهد، ورع قتله أبو المحاسن عبد الرزاق رئيس نيسابور، الملقب بشهاب الاسلام – لعنه الله – إنتهى. ويظهر من كلامه أن اسم أبيه أحمد. وأما نسبته إلى رجال الشيخ فلا يخفى سهوه فيه ! إذ ليس في رجال الشيخ منه أثر مع أن هذا الرجل زمانه متأخر عن زمان الشيخ بكثير كما يظهر من فهرست الشيخ منتجب الدين، ومن إجازة العلامة، ومن كلام ابن شهر آشوب. وعلى أي حال يظهر مما نقلنا جلالة المؤلف، وأن كتابه كان من الكتب المشهورة عند الشيعة. وكتاب إعلام الورى بأعلام الهدى، ورسالة الاداب الدينية، وتفسير مجمع البيان وتفسير جامع الجوامع، كلها للشيخ أمين الدين أبي علي الفضل بن الحسن ابن الفضل الطبرسي المجمع على جلالته وفضله وثقته. وكتاب مكارم الاخلاق وينسب إلى الشيخ المذكور أبي علي وهو غير صواب، بل هو تأليف أبي نصر الحسن بن الفضل ابنه، كما صرح به ولده الخلف في كتاب مشكاة الانوار، والكفعمي فيما ألحق بالدروع الواقية، وفي البلد الامين. وكتاب مشكاة الانوار لسبط الشيخ أبي علي الطبرسي، ألفه تتميما لمكارم الاخلاق تأليف والده الجليل. وكتاب الاحتجاج، وينسب هذا أيضا إلى أبي علي وهو خطاء، بل هو تأليف أبي منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، كما صرح به السيد ابن طاوس في كتاب كشف المحجة وابن شهر آشوب في معالم العلماء، وسيظهر لك مما سننقل من كتاب المناقب لابن شهر آشوب أيضا. وكتاب المناقب، وكتاب معالم العلماء، وكتاب بيان التنزيل، ورسالة متشابه لقران، كلها للشيخ الفقيه رشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني.


(1) ” لم “: رمز لمن لم يرو عن النبي والائمة صلوات الله عليهم اجمعين. ” خج “: رمز لكتاب رجال الشيخ الطوسي رحمه الله.

[ 10 ]

وكتاب كشف الغمة للشيخ الثقة الزكي علي بن عيسى الاربلي. وكتاب تحف العقول عن آل الرسول، تأليف الشيخ أبي محمد الحسن بن علي ابن شعبة. وكتاب العمدة، وكتاب المستدرك، وكتاب المناقب، كلها في أخبار المخالفين في الامامة، للشيخ أبي الحسين يحيى بن الحسن بن الحسين بن علي بن محمد بن البطريق الاسدي. وكتاب كفاية الاثر في النصوص على الائمة الاثنى عشر للشيخ السعيد علي بن محمد بن علي الخزاز القمي. وكتاب تنبيه الخاطر ونزهة الناظر للشيخ الزاهد ورام بن عيسى بن أبي النجم بن ورام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم بن مالك الاشتر. والسند إلى هذا الكتاب مذكور في الاجازات، وذكره الشيخ منتجب الدين في الفهرس، وقال: إنه عالم، فقيه، صالح، شاهدته بحلة، ووافق الخبر الخبر. وأثنى عليه السيد ابن طاوس. وكتاب مشارق الانوار، وكتاب الالفين للحافظ رجب البرسي. ولا أعتمد على ما يتفرد بنقله لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع. وإنما أخرجنا منهما ما يوافق الاخبار المأخوذة من الاصول المعتبرة. وكتاب الذكرى، وكتاب الدروس، وكتاب القواعد، وكتاب البيان، وكتاب الالفية، وكتاب النفلية، وكتاب نكت الارشاد، وكتاب المزار، ورسالة الاجازات، وكتاب اللوامع، وكتاب الاربعين، ورسالة في تفسير الباقيات الصالحات، كلها للشيخ العلامة السعيد الشهيد محمد بن مكي قدس الله لطيفه، وكتاب الاستدارك، وكتاب الدرة الباهرة من الاصداف الطاهرة له قدس سره أيضا كما أظن. والاخير عندي منقولا عن خطه رحمه الله، وسائر رسائله، وأجوبة مسائله. وكتاب الدرر والغرر، وكتاب تنزيه الانبياء، وكتاب الشافي، وكتاب


[ 11 ]

شرح قصيدة السيد الحميري، وكتاب جمل العلم والعمل، وكتاب الانتصار، وكتاب الذريعة، وكتاب المقنع في الغيبة، ورسالة تفضيل الانبياء على الملائكة (عليهم السلام)، ورسالة المحكم والمتشابه. وكتاب منقذ البشر من أسرار القضاء والقدر، وأجوبة المسائل المختلفة، كلها للسيد المرتضى علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي نور الله ضريحه. وكتاب عيون المعجزات ينسب إليه. ولم يثبت عندي إلا أنه كتاب لطيف عندنا منه نسخة قديمة، ولعله من مؤلفات بعض قدماء المحدثين (1)، ويروي عن أبي علي محمد بن هشام، وعن محمد بن علي بن إبراهيم. وكتاب نهج البلاغة، وكتاب خصائص الائمة، وكتاب المجازات النبوية وتفسير القرآن، للسيد الرضي محمد بن الحسين الموسوي قدس سره. وكتاب طب الائمة (عليهم السلام) لابي عتاب عبد الله بن بسطام بن سابور الزيات، وأخيه الحسين بن بسطام ذكرهما النجاشي من غير توثيق، وذكر أن لهما كتابا جمعاه في الطب. وكتاب صحيفة الرضا المسندة إلى شيخنا أبي علي الطبرسي رحمه الله، بإسناده إلى الرضا (عليه السلام). وكتاب طب الرضا (عليه السلام) كتبه للمأمون، وهو معروف بالرسالة الذهبية. وكتاب فقه الرضا (عليه السلام) أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمير حسين طاب ثراه بعد ما ورد إصفهان. قال: قد اتفق في بعض سني مجاورتي بيت الله الحرام أن أتاني جماعة من أهل قم حاجين، وكان معهم كتاب قديم يوافق تاريخه عصر الرضا صلوات الله عليه وسمعت الوالد رحمه الله أنه قال: سمعت السيد يقول: كان عليه خطه صلوات الله عليه، وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء، وقال السيد: حصل لي العلم بتلك القرائن أنه تأليف الامام (عليه السلام) فأخذت الكتاب وكتبته وصححته فأخذ والدي قدس الله روحه هذا الكتاب من السيد واستنسخه وصححه.


(1) تقدم: انه للحسين بن عبد الوهاب من علماء القرن الخامس.

[ 12 ]

وأكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق أبو جعفر بن بابويه في كتاب من لا يحضره – الفقيه من غير سند، وما يذكره والده في رسالته إليه وكثير من الاحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم مستندها مذكورة فيه كما ستعرف في أبواب العبادات. وكتاب المسائل المشتمل على جل ما سأله السيد الشريف الجليل النبيل علي بن الامام الصادق جعفر بن محمد أخاه الكاظم صلوات الله عليهم أجمعين. وكتاب الحزائج والجرائح للشيخ الامام قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي. وكتاب قصص الانبياء له أيضا، على ما يظهر من أسانيد الكتاب واشتهر أيضا، ولا يبعد أن يكون تأليف فضل الله بن علي بن عبيدالله الحسني الراوندي كما يظهر من بعض أسانيد السيد ابن طاوس. وقد صرح بكونه منه (1) في رسالة النجوم، وكتاب فلاح السائل. والامر فيه هين لكونه مقصورا على القصص، وأخباره جلها مأخوذة من كتب الصدوق رحمه الله. وكتاب فقه القرآن للاول أيضا. وكتاب ضوء الشهاب شرح شهاب الاخبار للثاني فضل الله رحمه الله، وكتاب الدعوات، وكتاب اللباب، وكتاب شرح نهج البلاغة، وكتاب أسباب النزول، له أيضا. وكتاب ربيع الشيعة، وكتاب أمان الاخطار، وكتاب سعد السعود، وكتاب كشف اليقين في تسمية مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وكتاب الطرائف، وكتاب الدروع الواقية وكتاب فتح الابواب في الاستخارة، وكتاب فرج المهموم بمعرفة منهج الحلال والحرام من علم النجوم، وكتاب جمال الاسبوع، وكتاب إقبال الاعمال، وكتاب فلاح السائل، وكتاب مهج الدعوات، وكتاب مصباح الزائر، وكتاب كشف المحجة لثمرة المهجة، وكتاب الملهوف على أهل الطفوف، وكتاب غياث


(1) أي من أبي الحسن بن هبة الله – قال في كتاب فرج المهموم ص 37 – ورواه سعيد بن هبة الله الراوندي رحمه الله في كتاب قصص الانبياء.

[ 13 ]

سلطان الورى، وكتاب المجتنى، وكتاب الطرف، وكتاب التحصين في أسرار ما زاد على كتاب اليقين، وكتاب الاجازات، ورسالة محاسبة النفس، كلها للسيد النقيب الثقة الزاهد جمال العارفين، أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاوس الحسني. وكتاب زوائد الفوائد لولده الشريف (1) المنيف الجليل المسمى باسم والده المكنى بكنيته. وكتاب فرحة الغري للسيد المعظم غياث الدين الفقيه النسابة، عبد الكريم ابن أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن الطاوس الحسني. وكتاب الرجال، وكتاب بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية، وكتاب عين العبرة في غبن العترة، وكتاب زهرة الرياض ونزهة المرتاض، كلها للسيد النقيب الاجل الافضل أحمد بن موسى بن طاوس صاحب كتاب البشرى بشره الله بالحسنى. وكتاب تأويل الايات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة للسيد الفاضل العلامة الزكي شرف الدين علي الحسيني الاسترابادي المتوطن في الغري، مؤلف كتاب الغروية في شرح الجعفرية، تلميذ الشيخ الاجل نور الدين علي بن عبدالعالي الكركي، وأكثره مأخوذ من تفسير الشيخ الجليل محمد بن العباس بن علي بن مروان بن الماهيار. وذكر النجاشي – بعد توثيقه – أن له كتاب ما نزل من القرآن في أهل البيت وكان معاصرا للكليني. وكتاب كنز جامع الفوائد، وهو مختصر من كتاب تأويل الايات له أو لبعض من تأخر عنه. ورأيت في بعض نسخه ما يدل على أن مؤلفه الشيخ علي (2) بن سيف بن منصور. وكتاب غوالي اللئالي، وكتاب نثر اللئالي كلاهما تأليف الشيخ الفاضل محمد ابن جمهور الاحساوي. وله تأليفات أخرى قد نرجع إليها ونورد منها. وكتاب جامع الاخبار، وأخطأ من نسبه إلى الصدوق، بل يروي عن الصدوق بخمس


(1) وفي نسخة: ولا اعرف اسمه واكثره مأخوذ من الاقبال. (2) في نسخة: علم (بفتح العين واللام).

[ 14 ]

وسائط (1). وقد يظن كونه تأليف مؤلف مكارم الاخلاق، ويحتمل كونه لعلي بن سعد الخياط، لانه قال الشيخ منتجب الدين في فهرسته: الفقيه الصالح أبو الحسن علي بن أبي سعد بن أبي الفرج الخياط عالم، ورع، واعظ، له كتاب الجامع في الاخبار. ويظهر من بعض مواضع الكتاب أن اسم مؤلفه محمد بن محمد الشعيري (2)، ومن بعضها أنه يروي عن الشيخ جعفر بن محمد الدوريستي بواسطة (3). وكتاب الغيبة للشيخ الفاضل الكامل الزكي محمد بن إبراهيم النعماني تلميذ الكليني. وكتاب الروضة في المعجزات والفضائل لبعض علمائنا. وأخطأ من نسبه إلى الصدوق لانه يظهر منه أنه الف في سنة نيف وخمسين وستمائة (4). وكتابا التوحيد والاهليلجة عن الصادق (عليه السلام) برواية المفضل بن عمر. قال السيد علي بن طاوس – في كتاب كشف المحجة لثمرة المهجة – فيما أوصى إلى ابنه: انظر كتاب المفضل بن عمر الذي أملاه عليه الصادق (عليه السلام) فيما خلق الله جل جلاله من الاثار، وانظر كتاب الاهليلجة وما فيه من الاعتبار. وكتاب مصباح الشريعة ومفتاح الحقيقة المنسوب إلى مولانا الصادق (عليه السلام):


(1) حيث قال: في ص 10: حدثنا الحاكم الرئيس الامام مجد الحكام أبو منصور علي بن عبد الله الزيادي أدام الله جماله املاءا في داره يوم الاحد، الثاني من شهر الله الاعظم رمضان سنة ثمان وخمس مائة. قال: حدثني الشيخ الامام أبو عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي املاءا أورد القصة مجتازا في أواخر ذي الحجة سنة أربع وسبعين وأربعمائة. قال: حدثني أبو محمد بن أحمد قال: حدثني الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه الخ. وفي ص 15 روى باسناد صحيح عن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر النجار الدوريستي، قال: حدثني أبي محمد بن أحمد، قال: حدثني الشيخ أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. الخ. (2) قال في ص 123: قال محمد بن محمد مولف هذا الكتاب. (3) كما تقدم هنا. (4) قال في أوله: وبعد فاني جمعت في كتابي هذا الذي سميته بالروضة وهو يشتمل على فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ما نقلته عن الثقات – الى أن قال -: سنة احدى وخمسين و ستمائة. وتاج الدين نقيب الهاشميين يخطب بالناس على اعواده.

[ 15 ]

وقال السيد علي بن طاوس رضي الله عنه في كتاب أمان الاخطار: ويصحب المسافر معه كتاب الاهليلجة وهو كتاب مناظرة الصادق (عليه السلام) الهندي في معرفة الله جل جلاله بطرق غريبة عجيبة ضرورية، حتى أقر الهندي بالالهية والوحدانية ويصحب معه كتاب المفضل بن عمر، الذي رواه عن الصادق (عليه السلام) في معرفة وجوه الحكمة في إنشاء العالم السفلي وإظهار أسراره، فإنه عجيب في معناه ويصحب معه كتاب مصباح الشريعة، ومفتاح الحقيقة، عن الصادق (عليه السلام)، فإنه كتاب شريف لطيف في التعريف بالتسليك إلى الله جل جلاله والاقبال عليه والظفر بالاسرار التي اشتملت عليه انتهى. وكتاب التفسير الذي رواه الصادق، عن أمير المؤمنين (عليهما السلام)، المشتمل على أنواع آيات القرآن وشرح ألفاظه برواية محمد بن إبراهيم النعماني، وسيأتي بتمامه في كتاب القرآن. وكتاب ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه للشيخ الثقة الجليل القدر سعد بن عبد الله الاشعري، رواه عنه جعفر بن محمد بن قولويه، وستأتي الاشارة إليه أيضا في كتاب القرآن. وكتاب المقالات والفرق وأسمائها وصنوفها تأليف الشيخ الاجل المتقدم سعد بن عبد الله رحمه الله. وكتاب سليم بن قيس الهلالي. وكتاب قبس المصباح، من مؤلفات الشيخ الفاضل أبي الحسن سليمان ابن الحسن الصهرشتي، من مشاهير تلامذة شيخ الطائفة، في الدعاء وهو يروي عن جماعة منهم: أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري، وشيخ الطائفة، وأبو الحسين أحمد بن علي الكوفي النجاشي، وأبو الفرج المظفر بن علي بن حمدان القزويني، عن الشيخ المفيد رضي الله عنهم أجمعين. وكتاب إصباح الشيعة بمصباح الشريعة له أيضا. وكتاب الصراط المستقيم، ورسالة الباب المفتوح إلى ما قيل في النفس والروح


[ 16 ]

كلاهما، للشيخ الجليل، زين الدين، علي بن محمد بن يونس البياضي. وكتاب منتخب البصائر للشيخ الفاضل حسن بن سليمان تلميذ الشهيد رحمه الله انتخبه من كتاب البصائر لسعد بن عبد الله بن أبي خلف، وذكر فيه من الكتب الاخرى مع تصريحه بأساميها، لئلا يشتبه ما يأخذه عن كتاب سعد بغيره، وكتاب المحتضر، وكتاب الرجعة له أيضا. وكتاب السرائر للشيخ الفاضل الثقة العلامة محمد بن إدريس الحلي، وقد أورد في آخر ذلك الكتاب بابا مشتملا على الاخبار وذكر أني استطرفته من كتب المشيخة المصنفين، والرواة المحصلين، ويذكر اسم صاحب الكتاب ويورد بعده الاخبار المنتزعة من كتابه، وفيه أخبار غريبة وفوائد جليلة. وكتاب إرشاد القلوب وكتاب أعلام الدين في صفات المؤمنين وكتاب غرر الاخبار ودرر الاثار، كلها للشيخ العارف أبي محمد الحسن بن محمد الديلمي. والكتاب العتيق الذي وجدناه في الغري صلوات الله على مشرفه تأليف بعض قدماء المحدثين في الدعوات، وسميناه بالكتاب الغروي. وكتابا معرفة الرجال والفهرست للشيخين الفاضلين الثقتين محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشي، وأحمد بن علي بن أحمد النجاشي. وكتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى للشيخ الفقيه العماد محمد بن أبي القاسم علي الطبري. وأصل من اصول عمدة المحدثين الشيخ الثقة الحسين بن سعيد الاهوازي. وكتاب الزهد، وكتاب المؤمن له أيضا، ويظهر من بعض مواضع الكتاب الاول أنه كتاب النوادر لاحمد بن محمد بن عيسى القمي، وعلى التقديرين في غاية الاعتبار. وكتاب العيون والمحاسن للشيخ علي بن محمد الواسطي. وكتاب غرر الحكم ودرر الكلم، للشيخ عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد الامدي. وكتاب جنة الامان الواقية المشتهر بالمصباح للشيخ العالم الفاضل الكامل


[ 17 ]

إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمد الكفعمي رضي الله عنه. وكتاب البلد الامين، وكتاب صفوة الصفات في شرح دعاء السمات له أيضا. وكتاب قضاء حقوق المؤمنين للشيخ سديد الدين أبي علي بن طاهر السوري. وكتاب أنوار المضيئة، وكتاب السلطان المفرج عن أهل الايمان، وكتاب الدر النضيد في مغازي الامام الشهيد، وكتاب سرور أهل الايمان، كلها للسيد النقيب الحسيب بهاء الدين علي بن عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النجفي استاد الشيخ ابن فهد الحلي قدس الله روحهما. وكتاب التمحيص لبعض قدمائنا، ويظهر من القرائن الجلية أنه من مؤلفات الشيخ الثقة الجليل أبي علي محمد بن همام، وعندنا منتخب من كتاب الانوار له قدس سره. وكتاب عدة الداعي، وكتاب المهذب، وكتاب التحصين، وسائر الرسائل وأجوبة المسائل للشيخ الزاهد العارف أحمد بن فهد الحلي. وكتاب الجنة الواقية لبعض المتأخرين، وربما ينسب إلى الكفعمي. وكتاب منهاج الصلاح في الدعوات وأعمال السنة، وكتاب كشف الحق ونهج الصدق، وكتاب كشف اليقين في الامامة، وقد نعبر عنه بكتاب اليقين، وكتاب منتهى المطلب، وكتاب تذكرة الفقهاء، وكتاب المختلف، وكتاب منهاج الكرامة، وكتاب شرح التجريد، وكتاب شرح الياقوت، وكتاب إيضاح الاشتباه، وكتاب نهاية الاصول، وكتاب نهاية الكلام، وكتاب نهاية الفقه، وكتاب التحرير، وكتاب القواعد، وكتاب الالفين، وكتاب تلخيص المرام، وكتاب إيضاح مخالفة أهل السنة للكتاب والسنة، والرسالة السعدية، وكتاب خلاصة الرجال، وسائر المسائل والرسائل والاجازات كلها للشيخ العلامة جمال الدين حسن بن يوسف بن المطهر الحلي قدس الله روحه. وكتاب العدد القوية لدفع المخاوف اليومية تأليف الشيخ الفقيه رضي الدين علي بن يوسف بن المطهر الحلي.


[ 18 ]

وكتاب مثير الاحزان تأليف الشيخ الجليل جعفر بن محمد بن نما، وكتاب شرح الثار المشتمل على أحوال المختار تأليف الشيخ المزبور. وكتاب إيمان أبي طالب (عليه السلام) تأليف السيد الفاضل السعيد شمس الدين فخار بن معد الموسوي قدس الله روحه. وكتاب غرر الدرر تأليف السيد حيدر بن محمد الحسيني قدس الله روحه. وكتاب كبير في الزيارات تأليف محمد بن المشهدي كما يظهر من تأليفات السيد ابن طاوس واعتمد عليه ومدحه، وسميناه بالمزار الكبير. وكتاب النصوص، وكتاب معدن الجواهر، وكتاب كنز الفوائد، ورسالة في تفضيل أمير المؤمنين (عليه السلام) ورسالة إلى ولده، وكتاب التعجب في الامامة من أغلاط العامة، وكتاب الاستنصار في النص على الائمة الاطهار كلها للشيخ المدقق النبيل أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي. وكتاب الفهرست، وكتاب الاربعين عن الاربعين عن الاربعين للشيخ منتجب الدين علي بن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن بابويه رضي الله عنهم. وكتاب تحفة الابرار في مناقب الائمة الاطهار للسيد الشريف حسين بن مساعد الحسيني الحائري استاد الكفعمي وأثنى عليه كثيرا في كتبه. وكتاب المناقب للشيخ الجليل أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن ابن شاذان القمي استاد أبي الفتح الكراجكي، ويثني عليه كثيرا في كنزه، وذكره ابن شهر آشوب في المعالم. وكتاب الوصية وكتاب مروج الذهب كلاهما للشيخ علي بن الحسين ابن علي المسعودي. وكتاب النوادر وكتاب أدعية السر للسيد الجليل فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسيني الراوندي. وكتاب الفضائل، وكتاب إزاحة العلة في معرفة القبلة للشيخ الجليل أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل القمي نزيل مهبط وحي الله ودار هجرة


[ 19 ]

رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا ذكره أصحاب الاجازات. وكتاب الصفين للشيخ الرزين نصر بن مزاحم. وكتاب الغارات لابي إسحق إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال الثقفي. وكتاب مقتضب الاثر في الائمة الاثنى عشر (عليهم السلام) لاحمد بن محمد بن عياش. وكتاب مسالك الافهام، وكتاب الروضة البهية، وكتاب شرح الالفية، وكتاب شرح النفلية وكتاب غاية المراد، وكتاب منية المريد، وكتاب أسرار الصلاة، ورسالة وجوب صلاة الجمعة، ورسالة أعمال يوم الجمعة، وكتاب مسكن الفؤاد، ورسالة الغيبة وكتاب تمهيد القواعد، وكتاب الدراية وشرحها، وسائر الرسائل المتفرقة للشهيد الثاني رفع الله درجته. وكتاب المعتبر، وكتاب الشرائع، وكتاب النافع، وكتاب نكت النهاية، وكتاب الاصول وغيرها للمحقق السعيد نجم الملة والدين أبي القاسم جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد طهر الله رمسه. وكتاب شرح نهج البلاغة، وكتاب الاستغاثة في بدع الثلاثة للحكيم المدقق العلامة كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني (1). وكتاب التفسير للشيخ فرات بن إبراهيم الكوفي. وكتاب الاخبار المسلسلة، وكتاب الاعمال المانعة من الجنة، وكتاب العروس، وكتاب الغايات كلها تأليف الشيخ النبيل أبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي نزيل الري رحمة الله عليه. وكتاب نزهة الناظر في الجمع بين الاشباه والنظائر، وكتاب جامع الشرائع كلاهما للشيخ الافضل نجيب الدين يحيى بن سعيد. وكتاب الوسيلة للشيخ الفاضل محمد بن علي بن حمزة. وكتاب منتقى الجمان، وكتاب معالم الدين، ورسالة الاجازات وغيرها للشيخ المحقق حسن بن الشهيد الثاني روح الله روحهما.


(1) قد عرفت في المقدمة الثانية عدم صحة انتساب كتاب الاستغاثة إليه، وان مؤلفه أبو القاسم علي بن أحمد بن موسى بن الامام الجواد (عليه السلام).

[ 20 ]

وكتاب مدارك الاحكام، وكتاب شرح النافع وغيرهما لسيد المدققين محمد بن أبي الحسن العاملي. وكتاب الحبل المتين، وكتاب مشرق الشمسين، وكتاب الاربعين، وكتاب مفتاح الفلاح، وكتاب الكشكول وغيرها من مؤلفات شيخ الاسلام والمسلمين بهاء الملة والدين محمد بن الحسين العاملي قدس الله روحه. وكتاب الفوائد المكية، وكتاب الفوائد المدنية لرئيس المحدثين مولانا محمد أمين الاسترابادي. وكتاب الاختيار للسيد علي بن الحسين بن باقي رحمه الله. وكتاب تقريب المعارف في الكلام، وكتاب الكافي في الفقه وغيرهما للشيخ الاجل أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الحلبي. وكتاب المهذب، وكتاب الكامل، وكتاب جواهر الفقه للشيخ الحسن المنهاج عبد العزيز بن البراج. وكتاب المراسم العلية وغيره للشيخ العالم الزكي سلار بن عبد العزيز الديلمي. وكتاب دعائم الاسلام تأليف القاضي النعمان بن محمد، وقد ينسب إلى الصدوق وهو خطأ، وكتاب المناقب والمثالب للقاضي المذكور. وكتاب الهداية في تاريخ الائمة ومعجزاتهم (عليهم السلام) للشيخ الحسين بن حمدان الحضيني. وكتاب تاريخ الائمة للشيخ عبد الله بن أحمد الخشاب. وكتاب البرهان في النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) تأليف الشيخ أبي الحسن علي بن محمد الشمشاطي. ورسالة أبي غالب أحمد بن محمد الزراري رضي الله عنه إلى ولد ولده محمد بن عبد الله بن أحمد. وكتاب دلائل الامامة للشيخ الجليل محمد بن جرير الطبري الامامي. ويسمى بالمسترشد.


[ 21 ]

وكتاب مصباح الانوار في مناقب إمام الابرار للشيخ هاشم بن محمد، وقد ينسب إلى شيخ الطائفة وهو خطأ. وكثيرا ما يروي عن الشيخ شاذان بن جبرئيل القمي وهو متأخر عن الشيخ بمراتب. وكتاب الدر النظيم في مناقب الائمة اللهاميم، وكتاب الاربعين عن الاربعين كلاهما للشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الفقيه الشامي. وكتاب مقتل الحسين صلوات الله عليه المسمى بتسلية المجالس وزينة المجالس للسيد النجيب العالم محمد بن أبي طالب الحسيني الحائري. وكتاب صفوة الاخبار لبعض العلماء الاخيار. وكتاب رياض الجنان للشيخ فضل الله بن محمود الفارسي. وكتاب غنية النزوع في علم الاصول والفروع للسيد العالم الكامل أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني. وكتاب التجريد، وكتاب الفصول، وكتاب قواعد العقائد، وكتاب نقد المحصل وغيرها من مؤلفات أفضل الحكماء المتألهين نصير الملة والحق والدين رحمة الله عليه. وكتاب كنز الفوائد في حل مشكلات القواعد، وكتاب تبصرة الطالبين في شرح نهج المسترشدين، وغيرهما للسيد الجليل عميد الدين عبد المطلب. وكتاب كنز العرفان، وكتاب الادعية الثلاثين وغيرهما من مؤلفات الشيخ المحقق أبي عبد الله المقداد بن عبد الله السيوري مع إجازاته. وكتاب الايضاح في شرح القواعد، وغيره من الرسائل والمسائل للشيخ فخر المحققين ابن العلامة الحلي قدس الله لطيفهما. وكتاب أضواء الدرر الغوالي لايضاح غصب فدك والعوالي لبعض الاعلام. وكتاب شرح القواعد، ورسالة قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج، وكتاب أسرار اللاهوت في وجوب لعن الجبت والطاعوت وسائر الرسائل والمسائل والاجازات لافضل المحققين مروج مذهب الائمة الطاهرين نور الدين علي بن عبد العالي الكركي أجزل الله تشريفه.


[ 22 ]

وكتاب إحقاق الحق، وكتاب مصائب النواصب، وكتاب الصوارم المهرقة في دفع الصواعق المحرقة، وغيرها من مؤلفات السيد الاجل الشهيد القاضي نور الله التستري رفع الله درجته. وكتاب الرجال وغيره من مؤلفات الشيخ الفقيه تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي رحمه الله. وكتاب الرجال للشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري كذا ذكره الشهيد الثاني رحمه الله. ويظهر من رجال السيد ابن طاوس قدس سره على ما نقل عنه شيخنا الاجل مولانا عبد الله التستري أن صاحب الرجال هو أحمد بن الحسين ابن عبيد الله ولعله أقوى. وكتاب الملحمة المنسوب إلى الصادق صلوات الله عليه. وكتاب الملحمة المنسوب إلى دانيال (عليه السلام). وكتاب الانوار في مولد النبي (صلى الله عليه وآله) وكتاب مقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وكتاب وفاة فاطمة (عليها السلام) الثلاثة كلها للشيخ الجليل أبي الحسن البكري استاد الشهيد الثاني رحمة الله عليهما. وكتاب بلاغات النساء لابي الفضل أحمد بن أبي طاهر. وكتاب منهج المقال في تحقيق أحوال الرجال المشتهر بالكبير والوسيط والصغير وكتاب تفسير آيات الاحكام كلها للسيد الاجل الافضل ميرزا محمد بن علي بن إبراهيم الاسترابادي. وكتاب الديوان المنسوب إلى مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام). وكتاب شهاب الاخبار من كلمات النبي وحكمه (صلى الله عليه وآله) وسنشير إلى مؤلفهما. وكتاب شرح شهاب الاخبار، وكتاب التفسير الكبير كلاهما للمحقق النحرير الشيخ أبي الفتوح الرازي. وكتاب الانوار البدرية في رد شبه القدرية للفاضل المهلبي.


[ 23 ]

وكتاب تاريخ بلدة قم للشيخ الجليل حسن بن محمد بن الحسن القمي رحمه الله. وأجوبة مسائل عبد الله بن سلام وكتاب طب النبي (صلى الله عليه وآله) للشيخ أبي العباس المستغفري. وكتاب شرح الارشاد، وكتاب تفسير آيات الاحكام، وحاشية شرح إلهيات التجريد، وغيرها لافضل العلماء المتورعين مولانا أحمد بن محمد الاردبيلي قدس الله لطيفه. وكتاب العين للشيخ النبيل الخليل بن أحمد النحوي. وكتاب المحيط في اللغة للصاحب بن عباد. وكتاب شواهد التنزيل للحاكم أبي القاسم عبد الله بن عبد الله الحسكاني ذكره ابن شهر آشوب في المعالم ونسب إليه هذا الكتاب ووصفه بالحسن. وكتاب مقصد الراغب الطالب في فضائل علي بن أبي طالب للشيخ الحسين بن محمد بن الحسن، وزمانه قريب من عصر الصدوق، ويروي كثيرا من الاخبار عن إبراهيم ابن علي بن إبراهيم بن هاشم. وكتاب عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب. وكتاب زيد النرسي وكتاب زيد الزراد. وكتاب أبي سعيد عباد العصفري. وكتاب عاصم بن حميد الحناط. وكتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي. وكتاب محمد بن المثنى بن القاسم. وكتاب عبد الملك بن حكيم. وكتاب مثنى بن الوليد الحناط. وكتاب خلاد السدي. وكتاب حسين بن عثمان. وكتاب عبيد الله بن يحيى الكاهلي.


[ 24 ]

وكتاب سلام بن أبي عمرة. وكتاب النوادر لعلي بن أسباط. وكتاب النبذة للشيخ ابن الحداد. وكتاب الشيخ الاجل جعفر بن محمد الدوريستي. وكتاب الكر والفر للشيخ أبي سهل البغدادي. وكتاب الاربعين عن الاربعين في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) تأليف الشيخ الجليل الحافظ أبي سعيد محمد بن أحمد بن الحسين النيسابوري جد الشيخ أبو الفتوح المفسر. وكتاب تحقيق الفرقة الناجية، ورسالة الرضاع وغيرهما للشيخ الجليل إبراهيم القطيفي. فهذه الكتب هي التي عليها مدار النقل وإن كان من بعضها نادرا. وإن أخرجنا من غيرها فنصرح في الكتاب عند إيراد الخبر. وأما كتب المخالفين فقد نرجع إليها لتصحيح ألفاظ الخبر وتعيين معانيه: مثل كتب اللغة: كصحاح الجوهري، وقاموس الفيروز آبادي، ونهاية الجزري، والمغرب والمعرب للمطرزي، ومفردات الراغب الاصبهاني ومحاضراته، والمصباح المنير لاحمد بن محمد المقري، ومجمع البحار لبعض علماء الهند، ومجمل اللغة، والمقاييس لابن فارس، والجمهرة لابن دريد، وأساس البلاغة للزمخشري، والفائق، ومستقصي الامثال، وربيع الابرار له أيضا والغريبين، وغريب القرآن، ومجمع الامثال للميداني، وتهذيب اللغة للازهري وكتاب شمس العلوم. و شروح أخبارهم: كشرح الطيبي على المشكاة، وفتح الباري شرح البخاري لابن حجر، وشرح القسطلاني، وشرح الكرماني، وشرح الزركشي، وشرح المقاصد عليه، والمنهاج، وشرحي النووي والابى على صحيح مسلم، وناظر عين الغريبين، والمفاتيح شرح المصابيح، وشرح الشفا، وشرح السنة، للحسين بن مسعود الفراء. وقد نورد من كتب أخبارهم للرد عليهم، أو لبيان مورد التقية، أو لتأييد


[ 25 ]

ما روي من طريقنا: مثل ما نقلناه عن صحاحهم الستة، وجامع الاصول لابن الاثير، وكتاب الشفا للقاضي عياض، وكتاب المنتقى في مولود المصطفى للكازروني وكامل التواريخ لابن الاثير، وكتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي. – وكتاب العرائس له، وهو لتشيعه أو لقلة تعصبه كثيرا ما ينقل من أخبارنا فلذا رجعنا إلى كتابيه أكثر من سائر الكتب، وكتاب مقاتل الطالبين لابي الفرج الاصبهاني وهو مشتمل على كثير من أحوال الائمة وعشائرهم (عليهم السلام) من طرقنا و طرق المخالفين، وكتاب الاغاني له أيضا، وكتاب الاستيعاب لابن عبد البر، وكتاب فردوس الاخبار لابن شيرويه الديلمي، وكتاب ذخائر العقبى في مناقب اولي القربى للسيوطي، وتاريخ الفتوح للاعثم الكوفي، وتاريخ الطبري، وتاريخ ابن خلكان وكتابا شرح المواقف وشرح المقاصد للفاضلين المشهورين، وتاريخ ابن قتيبة، وكتاب المقتل للشيخ أبي مخنف، وكتاب أخلاق النبي وشمائله (صلى الله عليه وآله) وكتاب الفرج بعد الشدة للقاضي التنوخي، وتفسير معالم التنزيل للبغوي، وكتاب حياة الحيوان للدميري، وكتاب زهر الرياض وزلال الحياض تأليف السيد الفاضل الحسن بن علي بن شدقم الحسيني المدني، والظاهر أنه كان من الامامية، وهو تاريخ حسن مشتمل على أخبار كثيرة، وكتاب جواهر المطالب في فضائل مولانا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو كتاب جامع مشتمل على فضائله وغزواته وخطبه وشرائف كلماته صلوات الله عليه، وكتاب المنتظم لابن الجوزي، وشرح نهج البلاغة لعبد الحميد بن أبي الحديد، والفصول المهمة في معرفة الائمة، ومطالب السؤول في مناقب آل الرسول، وصواعق المحرقة لابن حجر، والتقريب له أيضا، ومناقب الخوارزمي، ومناقب المغازلي، والمشكاة، والمصابيح ومسند أحمد بن حنبل، والتفسير الكبير للفخر الرازي، ونهاية العقول والاربعين والمباحث المشرقية له، وسائر مؤلفاته. والتفسير البسيط والوسيط، وأسباب النزول كلها للواحدي، والكشاف للزمخشري، وتفسير النيسابوري. وتفسير البيضاوي. والدر المنثور للسيوطي، وغير ذلك من كتبهم التي نذكرها عند إخراج شئ منها. وسنفصل الكتب ومؤلفيها وأحوالهم في آخر مجلدات الكتاب إن شاء الله الكريم الوهاب.


[ 26 ]

* (الفصل الثاني) * في بيان الوثوق على الكتب المذكورة واختلافها في ذلك اعلم أن أكثر الكتب التي اعتمدنا عليها في النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلفيها: ككتب الصدوق رحمه الله فإنها سوى الهداية، وصفات الشيعة، وفضائل الشيعة، ومصادقة الاخوان، وفضائل الاشهر، لا تقصر في الاشتهار عن الكتب الاربعة التي عليها المدار في هذه الاعصار، وهي داخلة في إجازاتنا، ونقل منها من تأخر عن الصدوق من الافاضل الاخيار. وكتاب الهداية أيضا مشهور لكن ليس بهذه المثابة (1). ولقد يسر الله لنا منها كتبا عتيقة مصححة: ككتاب الامالي فإنا وجدنا منه نسخة مصححة معربة مكتوبة في قريب من عصر المؤلف، وكان مقروا على كثير من المشائخ وكان عليه إجازاتهم. وكذا كتاب الخصال عرضناه على نسختين قديمتين كان على إحديهما إجازة الشيخ مقداد. وكذا كتاب إكمال الدين استنسخناه من كتاب عتيق كان تاريخ كتابتها قريبا من زمان التأليف، وكذا كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) فإنا صححنا الجزء الاول منه من كتاب مصحح كان يقال: إنه بخط مصنفه رحمه الله وظني أنه لم يكن بخطه ولكن كان عليه خطه و تصحيحه. وكتاب الامامة مؤلفه من أعاظم المحدثين والفقهاء، وعلماؤنا يعدون فتاواه من جملة الاخبار، ووصل إلينا منه نسخة قديمة مصححة. والاصل الاخر مشتمل على أخبار شريفة متينة معتبرة الاسانيد، ويظهر منه جلالة مؤلفه. وكتاب قرب الاسناد من الاصول المعتبرة المشهورة وكتبناه من نسخة قديمة مأخوذة من خط الشيخ محمد بن إدريس وكان عليها صورة خطه هكذا: الاصل


(1) وفي نسخة: وكتاب دعائم الاسلام الذي عندنا يحتمل عندي أن يكون تأليف غيره من العلماء الاعلام. ” تقدم انه للقاضي النعمان بن محمد “.

[ 27 ]

الذي نقلته منه كان فيه لحن صريح وكلام مضطرب فصورته على ما وجدته خوفا من التغيير والتبديل فالناظر فيه يمهد العذر فقد بينت عذري فيه. وكتاب بصائر الدرجات من الاصول المعتبرة التي روى عنها الكليني وغيره. وكتب الشيخ أيضا من الكتب المشهورة إلا كتاب الامالي فإنه ليس في الاشتهار كسائر كتبه، لكن وجدنا منه نسخا قديمة عليها إجازات الافاضل، ووجدنا ما نقل عنه المحدثون والعلماء بعده موافقا لما فيه. وأمالي ولده العلامة في زماننا أشهر من أماليه، وأكثر الناس يزعمون أنه أمالي الشيخ وليس كذلك كما ظهر لي من القرائن الجلية، ولكن أمالي ولده لا يقصر عن أماليه في الاعتبار والاشتهار، وإن كان أمالي الشيخ عندي أصح وأوثق. وكتاب الارشاد أشهر من مؤلفه رحمه الله. وكتاب المجالس وجدنا منه نسخا عتيقة والقرائن تدل على صحته (1). وأما كتاب الاختصاص فهو كتاب لطيف مشتمل على أحوال أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة (عليهم السلام) وفيه أخبار غريبة، ونقلته من نسخة عتيقة، وكان مكتوبا على عنوانه: كتاب مستخرج من كتاب الاختصاص تصنيف أبي علي أحمد بن الحسين بن أحمد بن عمران رحمه الله. لكن كان بعد الخطبة هكذا: قال محمد بن محمد بن النعمان: حدثني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري وجعفر بن محمد بن قولويه إلى آخر السند، وكذا إلى آخر الكتاب يبتدئ من مشائخ الشيخ المفيد، فالظاهر أنه من مؤلفات المفيد رحمه الله، وسائر كتبه للاشتهار غنية عن البيان. وكتاب كامل الزيارة من الاصول المعروفة، وأخذ منه الشيخ في التهذيب وغيره من المحدثين. وكتاب المحاسن للبرقي من الاصول المعتبرة، وقد نقل عنه الكليني وكل من تأخر عنه من المؤلفين. وكتاب تفسير علي بن إبراهيم من الكتب المعروفة، وروى عنه الطبرسي وغيره.


(1) وفي نسخة: وكتاب النصوص ايضا مظنون الانتساب إليه وان امكن ان يكون لمن كان في عصره من الافاضل وقد ينسب الى محمد بن علي القمى.

[ 28 ]

وكتاب العلل وإن لم يكن مؤلفه مذكورا في كتب الرجال لكن أخباره مضبوطة موافقة لما رواه والده والصدوق وغيرهما، ومؤلفه مذكور في أسانيد بعض الروايات. وروى الكليني في باب من رأى القائم (عليه السلام) عن محمد والحسن إبنى علي بن إبراهيم بتوسط علي بن محمد، وكذا في موضع آخر من الباب المذكور عنه فقط بتوسطه، وهذا مما يؤيد الاعتماد وإن كان لا يخلو من غرابة لروايته عن علي بن إبراهيم كثيرا بلا واسطة، بل الاظهر كما سنح لي أخيرا أنه محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الهمداني وكان وكيل الناحية كما أوضحته في تعليقاتي على الكافي. وكتاب تفسير العياشي روى عنه الطبرسي وغيره، ورأينا منه نسختين قديمتين، وعد في كتب الرجال من كتبه، لكن بعض الناسخين حذف أسانيده للاختصار وذكر في أوله عذرا هو أشنع من جرمه. وكتاب تفسير الامام (عليه السلام) من الكتب المعروفة، واعتمد الصدوق عليه وأخذ منه، وإن طعن فيه بعض المحدثين ولكن الصدوق رحمه الله أعرف وأقرب عهدا ممن طعن فيه، وقد روى عنه أكثر العلماء من غير غمز فيه. وكتاب روضة الواعظين ذكرنا أنه داخل في إجازات العلماء الاعلام، ونقل عنه الافاضل الكرام، وقد عرفت حاله وحال مؤلفه مما نقلنا عن سلفنا الفخام. وكذا كتاب إعلام الورى، ومؤلفه أشهر من أن يحتاج إلى البيان. وهو عندي بخط مؤلفه رحمه الله. ورسالة الاداب أيضا معروفة أخذ عنها ولده في المكارم. وأما تفسيراه الكبير والصغير فلا يحتاجان إلى التشهير. وكتاب المكارم في الاشتهار كالشمس في رابعة النهار، ومؤلفه قد أثنى عليه جماعة من الاخيار. وكتاب مشكاة الانوار كتاب ظريف مشتمل على أخبار غريبة. وكتاب الاحتجاج وإن كانت أكثر أخباره مراسيل لكنها من الكتب المعروفة المتداولة، وقد أثنى السيد ابن طاوس على الكتاب وعلى مؤلفه وقد أخذ عنه أكثر المتأخرين.


[ 29 ]

وكتابا المناقب والمعالم من الكتب المعتبرة قد ذكرهما أصحاب الاجازات، ومؤلفهما أشهر في الفضل والثقة والجلالة من أن يخفى حاله على أحد. وبيان التنزيل كتاب صغير الحجم كثير الفوائد، أخذنا منه يسيرا لكون أكثره مذكورا في غيره. وكتاب كشف الغمة من أشهر الكتب، ومؤلفه من العلماء الامامية المذكورين في سند الاجازات. وكتاب تحف العقول عثرنا منه على كتاب عتيق، ونظمه يدل على رفعة شأن مؤلفه، وأكثره في المواعظ والاصول المعلومة التي لا نحتاج فيها إلى سند. وكتاب العمدة ومؤلفه مشهوران مذكوران في أسانيد الاجازات وكذا المناقب. وأما المستدرك فعندنا منه نسخة قديمة نظن أنها بخط مؤلفها. وكتاب الكفاية كتاب شريف لم يؤلف مثله في الامامة، وهذا الكتاب ومؤلفه مذكوران في إجازة العلامة وغيرها، وتأليفه أدل دليل على فضله وثقته وديانته، ووثقه العلامة في الخلاصة قال: كان ثقة من أصحابنا فقيها وجها. وقال ابن شهر آشوب في المعالم: علي بن محمد بن علي الخزاز الرازي، ويقال له: القمي، وله كتب في الكلام، وفي الفقه، من كتبه: الكفاية في النصوص. وكذا كتاب تنبيه الخاطر ومؤلفه مذكوران في الاجازات مشهوران، لكنه رحمه الله لما كان كتابه مقصورا على المواعظ والحكم لم يميز الغث من السمين وخلط أخبار الامامية بآثار المخالفين، ولذا لم نذكر جميع ما في ذلك الكتاب بل اقتصرنا على نقل ما هو أوثق لعدم افتقارنا ببركات الائمة الطاهرين (عليهم السلام) إلى أخبار المخالفين. وكتابا مشارق الانوار والالفين قد عرفت حالهما. ومؤلفات الشهيد مشهورة كمؤلفها العلامة إلا كتاب الاستدراك فإني لم أظفر بأصل الكتاب ووجدت أخبارا مأخوذة منه بخط الشيخ الفاضل محمد بن علي الجبعي، وذكر أنه نقلها من خط الشهيد رفع الله درجته، والدرة الباهرة فإنه لم


[ 30 ]

يشتهر اشتهار سائر كتبه، وهو مقصور على إيراد كلمات وجيزة مأثورة عن النبي (صلى الله عليه وآله) وكل من الائمة صلوات الله عليهم أجمعين. وكتب السيدين الجليلين كمؤلفيها لا تحتاج إلى البيان. وكتاب طب الائمة من الكتب المشهورة لكنه ليس في درجة سائر الكتب لجهالة مؤلفه ولا يضر ذلك إذ قليل منه يتعلق بالاحكام الفرعية. وفي الادوية والادعية لا نحتاج إلى الاسانيد القوية. وكتاب صحيفة الرضا (عليه السلام) من الكتب المشهورة بين الخاصة والعامة، وروى السيد الجليل علي بن طاوس منها بسنده إلى الشيخ الطبرسي رحمه الله، ووجدت أسانيد في النسخ القديمة منه إلى الشيخ المذكور ومنه إلى الامام (عليه السلام)، وقال الزمخشري في كتاب ربيع الابرار: كان يقول يحيى بن الحسين الحسيني في أسناد صحيفة الرضا: لو قرء هذا الاسناد على اذن مجنون لافاق. وأشار النجاشي في ترجمة عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي وترجمة والده راوي هذه الرسالة إليها ومدحها وذكر سنده إليها. وبالجملة هي من الاصول المشهورة ويصح التعويل عليها. وكذا كتاب طب الرضا من الكتب المعروفة. وذكر الشيخ منتجب الدين في الفهرست: أن السيد فضل الله بن علي الراوندي كتب عليه شرحا سماه ترجمة العلوي للطب الرضوي، وقال ابن شهر آشوب – في المعالم في ترجمة محمد بن الحسن بن جمهور القمي -: له الملاحم والفتن الواحدة والرسالة الذهبية عن الرضا صلوات الله عليه في الطب. إنتهى. وذكر الشيخ في الفهرست نحو ذلك وذكر سنده إليه، وسنورده بتمامه في كتاب السماء والعالم في أبواب الطب. وكتاب فقه الرضا (عليه السلام) قد عرفت حاله. وكتاب المسائل أحاديثه موافقة لما في الكتب المتداولة وراويه أشهر من أن يخفى حاله وجلالته على أحد. وكتابا الخرائج وفقه القرآن معلوما الانتساب إلى مؤلفهما الذي هو من


[ 31 ]

أفاضل الاصحاب وثقاتهم، والكتابان مذكوران في فهارست العلماء، ونقل الاصحاب عنهما. وكتاب الدعاء وجدنا منه نسخة عتيقة، وفيه دعوات موجزة شريفة مأخوذة من الاصول المعتبرة مع أن الامر في سند الدعاء هين. وكتاب القصص قد عرفت حاله وعرضناه على نسخة كان عليها خط الشهيد الثاني – رحمه الله – وتصحيحه. وكتاب ضوء الشهاب كتاب شريف مشتمل على فوائد جمة، خلت عنها كتب الخاصة والعامة. وكتاب اللباب مشتمل على بعض الفوائد. وشرح النهج مشهور معروف رجع إليه أكثر الشراح. وكتاب أسباب النزول فيه فوائد. وكتب السادة الاعلام أبناء طاوس كلها معروفة، وتركنا منها كتاب ربيع الشيعة لموافقته لكتاب إعلام الورى في جميع الابواب والترتيب، وهذا مما يقضى منه العجب !. وكتاب تأويل الايات، وكتاب كنز جامع الفوائد رأيت جمعا من المتأخرين رووا عنهما، ومؤلفهما في غاية الفضل والديانة. وكتاب غوالي اللئالي وإن كان مشهورا ومؤلفه في الفضل معروفا، لكنه لم يميز القشر من اللباب وأدخل أخبار متعصبي المخالفين بين روايات الاصحاب. فلذا اقتصرنا منه على نقل بعضها، ومثله كتاب نثر اللئالي وكتاب جامع الاخبار. وكتاب النعماني من أجل الكتب، وقال الشيخ المفيد رحمه الله في إرشاده – بعد أن ذكر النصوص على إمامة الحجة عليه وعلى آبائه الصلوة والسلام -: والروايات في ذلك كثيرة قد دونها أصحاب الحديث من هذه العصابة في كتبها، فممن أثبتها على الشرح والتفصيل محمد بن إبراهيم المكنى أبا عبد الله النعماني في كتابه الذي صنفه في الغيبة.


[ 32 ]

وكتاب الروضة ليس في محل رفيع من الوثوق. وكتابا التوحيد والاهليلجة قد عرفت حالهما، وسياقهما يدل على صحتهما. وقال ابن شهر آشوب في المعالم: المفضل بن عمر له وصية. وكتاب الاهليلجة من إملاء الصادق (عليه السلام) في التوحيد، ونسب بعض علماء المخالفين أيضا هذا الكتاب إليه (عليه السلام) وقال النجاشي في ترجمة المفضل: وله كتاب فكر كتاب في بدء الخلق والحث على الاعتبار، ولعله إشارة إلى التوحيد، وعد من كتب الحمدان بن المعافا كتاب الاهليلجة، ولعل المعنى أنه من مروياته. وكتاب مصباح الشريعة فيه بعض ما يريب اللبيب الماهر، وأسلوبه لا يشبه سائر كلمات الائمة وآثارهم، وروى الشيخ في مجالسه بعض أخباره هكذا: أخبرنا جماعةء عن أبي المفضل الشيباني بإسناده عن شقيق البلخي، عمن أخبره من أهل العلم. هذا يدل على أنه كان عند الشيخ رحمه الله وفي عصره وكان يأخذ منه و لكنه لا يثق به كل الوثوق ولم يثبت عنده كونه مرويا عن الصادق (عليه السلام) وان سنده ينتهي إلى الصوفية ولذا اشتمل على كثير من إصطلاحاتهم وعلى الرواية عن مشائخهم ومن يعتمدون عليه في رواياتهم. والله يعلم. وكتابا التفسير راوياهما معتبران مشهوران، ومضامينهما متوافقتان موافقتان لسائر الاخبار، وأخذ منهما علي بن إبراهيم وغيره من العلماء الاخيار، وعد النجاشي من كتب سعد بن عبد الله كتاب ناسخ القرآن ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، وذكر أسانيد صحيحة إلى كتبه. وكتاب المقالات عده الشيخ والنجاشي من جملة كتب سعد وأوردا أسانيدهما الصحيحة إليه، ومؤلفه في الثقة والفضل والجلالة فوق الوصف والبيان، ونقل الشيخ في كتاب الغيبة والكشي في كتاب الرجال من هذا الكتاب. وكتاب سليم بن قيس في غاية الاشتهار وقد طعن فيه جماعة، والحق أنه من الاصول المعتبرة، وسنتكلم فيه وفي أمثاله في المجلد الاخر من كتابنا وسنورد أسناده في الفصل الخامس.


[ 33 ]

وكتاب قبس المصباح قد عرفت جلالة مؤلفه مع أنه مقصور على الدعاء. وكتب البياضي وابن سليمان كلها صالحة للاعتماد، ومؤلفاها من العلماء الانجاد وتظهر منها غاية المتانة والسداد. وكتاب السرائر لا يخفى الوثوق عليه وعلى مؤلفه على أصحاب البصائر. وكتاب إرشاد القلوب كتاب لطيف مشتمل على أخبار متينة غريبة. وكتابا أعلام الدين وغرر الاخبار نقلنا منهما قليلا من الاخبار لكون أكثر أخبارهما مذكورة في الكتب التي هي أوثق منهما، وإن كان يظهر من الجميع ونقل الاكابر عنهما جلالة مؤلفهما. والكتاب العتيق كله في الادعية، وهو مشتمل على أدعية كاملة بليغة غريبة يشرق من كل منها نور الاعجاز والافهام، وكل فقرة من فقراتها شاهد عدل على صدورها عن أئمة الانام وامراء الكلام، وقد نقل منه السيد ابن طاوس رحمه الله في المهج وغيره كثيرا، وكان تاريخ كتابة النسخة التي أخرجنا منها سنة ست وسبعين وخمس مائة، ويظهر من الكفعمي أنه مجموع الدعوات للشيخ الجليل أبي الحسين محمد بن هارون التلعكبري وهو من أكابر المحدثين. وكتابا الرجال عليهما مدار العلماء الاخيار في الاعصار والامصار، وإنما نقتصر منهما على إيراد ما يتضمن غير تحقيق أحوال الرجال مما يتعلق بسائر الابواب. وكتاب بشارة المصطفى من الكتب المشهورة، وقد روى عنه كثير من علمائنا، ومؤلفه من أفاخم المحدثين، وهو داخل في أكثر أسانيدنا إلى شيخ الطائفة وهو يروى عن أبي علي بن شيخ الطائفة جميع كتبه ورواياته. وقال الشيخ منتجب الدين في الفهرست: الشيخ الامام عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري فقيه، ثقة، قرأ على الشيخ أبي علي الطوسي، وله تصانيف قرأ عليه قطب الدين الراوندي. وجلالة الحسين بن سعيد وأحمد بن محمد بن عيسى تغني عن التعرض لحال تأليفهما، وانتساب كتاب الزهد إلى الحسين معلوم. وأما الاصل الاخر فكان في أوله هكذا: أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين


[ 34 ]

ابن سعيد. ثم يبتدء في سائر الابواب بمشائخ الحسين، وهذا مما يورث الظن بكونه منه. ويحتمل كونه من أحمد لبعض القرائن كما أشرنا إليه، وللابتداء به في أول الكتاب. وكتاب العيون والمحاسن لما كان مقصورا على الحكم والمواعظ لا يضرنا جهالة مؤلفه وعندنا منه نسخة مصححة قديمة، وهو مشتمل على غرر الكلم، وزاد عليه كثيرا من درر الحكم التي لم يعثر عليها الامدي، ويظهر مما سننقل عن ابن شهر آشوب أن الامدي كان من علمائنا وأجاز له رواية هذا الكتاب، وقال في معالم العلماء: عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد الامدي التميمي له غرر الحكم ودرر الكلم يذكر فيه أمثال أمير المؤمنين (عليه السلام) وحكمه. وكتب الكفعمي أغنانا اشتهارها وفضل مؤلفها عن التعرض لحالها وحاله. وكتاب قضاء الحقوق كتاب جيد مشتمل على أخبار طريفة. وكتب السيد بهاء الدين بن عبد الحميد والكتابان الاولان مشتملان على أخبار غريبة في الرجعة وأحوال القائم (عليه السلام)، والكتاب الثالث متضمن لذكر فضائل الائمة وكيفية شهادة سيد الشهداء وأصحابه السعداء عليه وعليهم السلام وذكر خروج المختار لطلب الثار وجمل أحواله، والرابع مشتمل على نوادر الاخبار. والسيد المذكور من أفاضل النقباء والنجباء. وكتاب التمحيص متانته تدل على فضل مؤلفه. وإن كان مؤلفه أبا علي كما هو الظاهر ففضله وتوثيقه مشهوران. وكتب الفاضلين الجليلين: العلامة وابن فهد قدس الله روحهما في الاشتهار والاعتبار كمؤلفيها. وكتاب العدد كتاب لطيف في أعمال أيام الشهور وسعدها ونحسها، وقد اتفق لنا منه نصفه، ومؤلفه بالفضل معروف وفي الاجازات مذكور، وهو أخو العلامة الحلي قدس الله لطيفهما. والشيخ ابن نما، والسيد فخار هما من أجلة رواتنا ومشائخنا، وسيأتي ذكرهما في إجازات أصحابنا.


[ 35 ]

. وكتاب الغرر مشتمل على أخبار جليلة مع شرحها ومؤلفه من السادة الافاضل يروي عن ابن شهر آشوب، وعلي بن سعيد بن هبة الله الراوندي، و عبد الله بن جعفر الدوريستي وغيرهم من الافاضل الاعلام. والمزار الكبير يعلم من كيفية أسناده أنه كتاب معتبر، وقد أخذ منه السيدان ابنا طاوس كثيرا من الاخبار والزيارات، وقال الشيخ منتجب الدين في الفهرست: السيد أبو البركات محمد بن إسماعيل المشهدي فقيه، محدث، ثقة، قرأ على الامام محيي الدين الحسين بن المظفر الحمداني، وقال في ترجمة الحمداني: أخبرنا بكتبه السيد أبو البركات المشهدي. وأما الكراجكي فهو من أجلة العلماء والفقهاء والمتكلمين، وأسند إليه جميع أرباب الاجازات، وكتابه كنز الفوائد من الكتب المشهورة التي أخذ عنه جل من أتى بعده، وسائر كتبه في غاية المتانة، وقال الشيخ منتجب الدين في فهرسته: الشيخ العالم الثقة أبو الفتح محمد بن علي الكراجكي فقيه الاصحاب قرأ على السيد المرتضى علم الهدى، والشيخ الموفق أبي جعفر رحمهما الله وله تصانيف منها: كتاب التعجب، وكتاب النوادر، أخبرنا الوالد عن والده عنه إنتهى. ويظهر من الاجازات أنه كان استاد ابن البراج. والشيخ منتجب الدين من مشاهير الثقات والمحدثين، وفهرسته في غاية الشهرة، وهو من اولاد الحسين بن علي بن بابويه، والصدوق عمه الاعلى. وقال الشهيد الثاني في كتاب الاجازة: وأجزت له أن يروي عني جميع ما رواه علي ابن عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن بابويه، وجميع ما اشتمل عليه كتاب فهرسته لاسماء العلماء المتأخرين عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، وكان هذا الرجل حسن الضبط، كثير الرواية عن مشائخ عديدة إنتهى. و أربعينه مشتمل على أخبار غريبة لطيفة. وكتاب التحفة كتاب كثير الفوائد لكن لم ننقل منه إلا نادرا لكون أخباره مأخوذة من كتب أشهر منه.


[ 36 ]

وابن شاذان قد عرفت حاله. والمسعودي عده النجاشي في فهرسته من رواة الشيعة وقال: له كتب منها: كتاب إثبات الوصية لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، وكتاب مروج الذهب. مات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. وأما كتاب النوادر فمؤلفه من الافاضل الكرام. قال الشيخ منتجب الدين في الفهرست: علامة زمانه، جمع مع علو النسب كمال الفضل والحسب، وكان استاد أئمة عصره، وله تصانيف شاهدته وقرأت بعضها عليه، إنتهى. وأكثر أحاديث هذا الكتاب مأخوذ من كتب موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) الذي رواه سهل ابن أحمد الديباجي، عن محمد بن محمد بن الاشعث، عنه، فأما سهل فمدحه النجاشي، وقال ابن الغضائري بعد ذمه: لا بأس بما روى من الاشعثيات وما يجري مجريها مما رواه غيره. وابن الاشعث وثقه النجاشي وقال: يروي نسخة عن موسى بن إسماعيل. وروى الصدوق في المجالس من كتابه بسند آخر هكذا: حدثنا الحسن ابن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن يحيى الخزاز عن موسى بن إسماعيل. فبتلك القرائن يقوي العمل بأحاديثه. وأما أدعية السر فسنوردها بتمامها في محله. وكتاب الفضائل، وكتاب إزاحة العلة مؤلفهما من أجلة الثقات الافاضل، وقد مدحه أصحاب الاجازات كثيرا، وقال الشهيد قدس سره في الذكرى: ذكر الشيخ أبو الفضل الشاذان بن جبرئيل القمي وهو من أجلاء فقهائنا في كتاب إزاحة العلة في معرفة القبلة، ثم ذكر شطرا منه. وأما كتاب الصفين فهو كتاب معتبر أخرج منه الكليني وسائر المحدثين. وقال النجاشي: نصر بن مزاحم المنقري العطار أبو المفضل كوفي، مستقيم الطريقة صالح الامر، غير أنه يروي عن الضعفاء، كتبه حسان منها: كتاب الجمل وكتاب الصفين. وذكر أسانيده إلى الكتابين، وسائر كتبه. وذكر الشيخ أيضا في الفهرست سنده إلى كتبه.


[ 37 ]

وكتاب الغارات مؤلفه من مشاهير المحدثين، وذكره النجاشي والشيخ، وعدا من كتبه كتاب الغارات ومدحاه وقالا: إنه كان زيديا ثم صار إماميا، و روى السيد ابن طاوس أحاديث كثيرة من كتبه، وأخبرنا بعض أفاضل المحدثين أنه وجد منه نسخة صحيحة معربة قديمة كتبت قريبا من زمان المصنف، وعليها خط جماعة من الفضلاء، وأنه استكتبه منها فأخذنا منه نسخة، وهو موافق لما أخرج منه ابن أبي الحديد وغيره. وكتاب المقتضب ذكره الشيخ والنجاشي في فهرستهما وعدا هذا الكتاب من كتبه ومدحاه بكثرة الرواية، لكن نسبا إليه أنه خلط في آخر عمره، وذكره ابن شهر آشوب وعد مؤلفاته ولم يقدح فيه بشئ. وبالجملة كتابه من الاصول المعتبرة عند الشيعة، كما يظهر من التتبع. واشتهار الشهيد الثاني والمحقق أغنانا عن التعرض لحال كتبهما. نور الله ضريحهما. والمحقق البحراني من أجلة العلماء ومشاهيرهم، وكتاباه في نهاية الاشتهار. وتفسير فرات وإن لم يتعرض الاصحاب لمولفه بمدح ولا قدح، لكن كون أخباره موافقة لما وصل إلينا من الاحاديث المعتبرة وحسن الضبط في نقلها مما يعطى الوثوق بمؤلفه وحسن الظن به، وقد روى الصدوق رحمه الله عنه أخبارا بتوسط الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي. وروى عنه الحاكم أبو القاسم الحسكاني في شواهد التنزيل وغيره. والكتب الاربعة لجعفر بن أحمد بعضها في المناقب وبعضها في الاخلاق والاداب، والاحكام فيها نادرة، ومؤلفها غير مذكور في كتب الرجال لكنه من القدماء قريبا من عصر المفيد أو في عصره، يروي عن الصفواني راوي الكليني بواسطة، ويروي عن الصدوق أيضا كما سيأتي في اسناد تفسير الامام (عليه السلام) وفيها أخبار طريفة غريبة، و عندنا منه نسخ مصححة قديمة. والسيد ابن طاوس يروي عن كتبه في كتاب الاقبال و غيره، وهذا مما يؤيد الوثوق عليها، وروى عن بعض كتبه الشهيد الثاني رحمه الله في


[ 38 ]

شرح الارشاد في فضل صلاة الجماعة، وغيره من الافاضل أيضا. وكتاب نزهة الناظر، والجامع مؤلفهما من مشاهير العلماء المدققين، وأقواله متداولة بين المتأخرين، وهو ابن عم المحقق مؤلف الشرائع والمعتبر. وكتاب الوسيلة ومؤلفه مشهوران، وأقواله متداولة بين المتأخرين، وقال الشيخ منتجب الدين: الشيخ الامام عماد الدين أبو جعفر محمد بن علي بن حمزة الطوسي المشهدي فقيه، عالم، واعظ، له تصانيف منها: الوسيلة. وكتب المشائخ الكرام، والاجلة الفخام: الشيخ حسن، والسيد محمد، والشيخ البهائي نور الله مراقدهم جلالتها ونبالة مؤلفيها معلومتان، وكذا كتابا مولانا محمد أمين قدس سره. والسيد ابن باقي في نهاية الفضل والكمال لكن أكثر كتابه مأخوذ عن مصباح الشيخ رحمه الله. وكتاب تقريب المعارف كتاب جيد في الكلام وفيه أخبار طريفة أوردنا بعضها في كتاب الفتن، وشأن مؤلفه أعظم من أن يفتقر إلى البيان. وكذا كتب الشيخين الجليلين: ابن البراج وسلار، كمؤلفيها في نهاية الاعتبار. وكتاب دعائم الاسلام قد كان أكثر أهل عصرنا يتوهمون أنه تأليف الصدوق رحمه الله، وقد ظهر لنا أنه تأليف أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور قاضي مصر في أيام الدولة والاسماعيلية، وكان مالكيا أولا ثم اهتدى وصار إماميا، وأخبار هذا الكتاب أكثرها موافقة لما في كتبنا المشهورة لكن لم يرو عن الائمة بعد الصادق خوفا من الخلفاء الاسماعيلية، وتحت سر التقية أظهر الحق لمن نظر فيه متعمقا، وأخباره تصلح للتأييد والتأكيد. قال ابن خلكان: هو أحد الفضلاء المشار إليهم ذكره الامير المختار المسيحي في تاريخه فقال: كان من العلم والفقه والدين والنبل على ما لا مزيد عليه، وله عدة تصانيف منها: كتاب اختلاف اصول المذاهب وغيره إنتهى وكان مالكي المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الامامية. وقال ابن زولاق في ترجمة ولده علي بن النعمان كان أبوه النعمان بن محمد القاضي في غاية الفضل، من أهل


[ 39 ]

القرآن والعلم بمعانيه، وعالما بوجوه الفقه، وعلم اختلاف الفقهاء واللغة والشعر والمعرفة بأيام الناس مع عقل وانصاف، وألف لاهل البيت من الكتب آلاف أوراق بأحسن تأليف وأملح سجع، وعمل في المناقب والمثالب كتابا حسنا، وله ردود على المخالفين: له رد على أبي حنيفة وعلى مالك والشافعي وعلي بن شريح، وكتاب اختلاف ينتصر فيه لاهل البيت (عليهم السلام). أقول: ثم ذكر كثيرا من فضائله وأحواله، ونحوه ذكر اليافعي وغيره، وقال ابن شهر آشوب في كتاب معالم العلماء: القاضي النعمان بن محمد ليس بإمامي وكتبه حسان، منها شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار، ذكر المناقب إلى الصادق (عليه السلام)، الاتفاق والافتراق، المناقب والمثالب الامامة اصول المذاهب، الدولة الايضاح، إنتهى. وكتاب المناقب والمثالب كتاب لطيف مشتمل على فوائد جليلة. وكتاب الحسين بن حمدان مشتمل على أخبار كثيرة في الفضائل، لكن غمز عليه بعض أصحاب الرجال. وابن الخشاب تاريخه مشهور أخرج منه صاحب كشف الغمة وأخباره معتبرة وهو كتاب صغير مقصور على ولادتهم ووفاتهم ومدد أعمارهم (عليهم السلام). وكتاب البرهان كتاب متين فيه أخبار غريبة، ومؤلفه من مشاهير الفضلاء، قال النجاشي: علي بن محمد العدوي الشمشاتي كان شيخا بالجزيرة وفاضل أهل زمانه وأديبهم، ثم ذكر له تصانيف كثيرة وعد منها هذا الكتاب. ورسالة أبي غالب مشتملة على أحوال زرارة بن أعين وإخوانه، وأولادهم، و أحفادهم وأسانيدهم وكتبهم ورواياتهم، وفيه فوائد جمة. وهذا الرجل أعني أحمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن الملقب بأبي غالب الزراري كان من أفاضل الثقات والمحدثين وكان استاد الافاضل الاعلام: كالشيخ المفيد وابن الغضائري وابن عبدون قدس الله أسرارهم. وعد النجاشي وغيره هذه الرسالة من كتبه، وسنذكر الرسالة بتمامها في آخر مجلدات هذا الكتاب إن شاء الله تعالى. وكتاب دلائل الامامة من الكتب المعتبرة المشهورة، أخذ منه جل من تأخر


[ 40 ]

عنه: كالسيد ابن طاوس وغيره، ووجدنا منه نسخة قديمة مصححة في خزانة كتب مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام)، و مؤلفه من ثقات رواتنا الامامية، وليس هو ابن جرير التاريخي المخالف قال النجاشي رحمه الله: محمد بن جرير بن رستم الطبري الاملي أبو جعفر جليل من أصحابنا، كثير العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، له كتاب المسترشد في دلائل الامامة، أخبرنا أحمد بن علي بن نوح، عن الحسن بن حمزة الطبري قال: حدثنا محمد بن جرير بن رستم، بهذا الكتاب وبسائر كتبه. وقال الشيخ في الفهرست: محمد بن جرير بن رستم الطبري الكبير، يكنى أبا جعفر، دين، فاضل، وليس هو صاحب التاريخ فإنه عامي المذهب، وله كتب جمة منها: كتاب المسترشد. وكتاب مصباح الانوار مشتمل على غرر الاخبار، ويظهر من الكتاب أن مؤلفه من الافاضل الكبار، ويروي من الاصول المعتبرة من الخاصة والعامة. وكتاب الدر النظيم كتاب شريف كريم مشتمل على أخبار كثيرة من طرقنا و طرق المخالفين في المناقب، وقد ينقل من كتاب مدينة العلم وغيره من الكتب المعتبرة وكان معاصرا للسيد علي بن طاوس رحمه الله، وقلما رجعنا إليه لبعض الجهات. وكتاب الاربعين، أخذ منه أكثر علماؤنا واعتمدوا عليه. وكتاب تسلية المجالس مؤلفه من سادة الافاضل المتأخرين وهو كتاب كبير مشتمل على أخبار كثيرة أوردنا بعضها في المجلد العاشر. وكتاب صفوة الاخبار، ورياض الجنان مشتملان على أخبار غريبة في المناقب وأخرجنا منهما ما وافق أخبار الكتب المعتبرة. وكتاب الغنية، مؤلفه غني عن الاطراء، وهو من الفقهاء الاجلاء، وكتبه معتبرة مشهورة لاسيما هذا الكتاب. وكتب المحقق الطوسي روح الله روحه القدوسي ومؤلفها أشهر من الشمس في رابعة النهار. والسيد عميد الدين من مشاهير العلماء، وأثنى عليه أرباب الاجازات، وكتبه معروفة متداولة لكن لم نرجع إليها إلا قليلا.


[ 41 ]

وكذا الشيخ الاجل المقداد بن عبد الله من أجلة الفقهاء وتصانيفه في نهاية الاعتبار والاشتهار. وكذا فخر المحققين أدق الفقهاء المتأخرين وكتبه متداولة معروفة. وكتاب الاضواء محتو على فوائد كثيرة لكن لم نرجع إليه كثيرا. والشيخ مروج المذهب نور الدين حشره الله مع الائمة الطاهرين حقوقه على الايمان وأهله أكثر من أن يشكر على أقله، وتصانيفه في نهاية الرزانة والمتانة. والسيد الرشيد الشهيد التستري حشره الله مع الشهداء الاولين بذل الجهد في نصرة الدين المبين، ودفع شبه المخالفين، وكتبه معروفة لكن أخذنا أخبارها من مأخذها. والشيخ ابن داود في غاية الشهرة بين المتأخرين، وبالغوا في مدحه في الاجازات وقل رجوعنا إلى كتبه. وكذا رجال ابن الغضائري، وهو إن كان الحسين فهو من أجلة الثقات، وإن كان أحمد كما هو الظاهر فلا أعتمد عليه كثيرا، وعلى أي حال فالاعتماد على هذا الكتاب يوجب رد أكثر أخبار الكتب المشهورة. وكتابا الملحمة مشهوران، لكن لا أعتمد عليهما كثيرا. وكتاب الانوار قد أثنى بعض أصحاب الشهيد الثاني على مؤلفه وعده من مشائخه. ومضامين أخباره موافقة للاخبار المعتبرة المنقولة بالاسانيد الصحيحة، وكان مشهورا بين علمائنا يتلونه في شهر ربيع الاول في المجالس والمجامع إلى يوم المولد الشريف. وكذا الكتابان الاخران معتبران أوردنا بعض أخبارهما في الكتاب. وكتاب أحمد بن أبي طاهر مشتمل على خطبة فاطمة صلوات الله عليها وخطب نساء أهل البيت (عليهم السلام) في كربلاء ومؤلفه معتبر بين الفريقين. والسيد الامجد ميرزا محمد قدس الله روحه من النجباء الافاضل والاتقياء الاماثل، وجاور بيت الله الحرام إلى أن مضى إلى رحمة الله وكتبه في غاية المتانة والسداد.


[ 42 ]

وكتاب الديوان انتسابه إليه صلوات الله عليه مشهور، وكثير من الاشعار المذكورة فيها مروية في سائر الكتب، ويشكل الحكم بصحة جميعها، ويستفاد من معالم ابن شهر آشوب أنه تأليف علي بن أحمد الاديب النيسابوري من علمائنا، والنجاشي عد من كتب عبد العزيز بن يحيى الجلودي كتاب شعر علي (عليه السلام). وكتاب الشهاب وإن كان من مؤلفات المخالفين لكن أكثر فقراتها مذكورة في الكتب والاخبار المروية من طرقنا، ولذا اعتمد عليه علماؤنا، وتصدوا لشرحه وقال الشيخ منتجب الدين: السيد فخر الدين شميلة بن محمد بن أبي هاشم الحسيني عالم، صالح، روى لنا كتاب الشهاب للقاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي عنه. والشيخ أبو الفتوح في الفضل مشهور وكتبه معروفة مألوفة. وكتاب الانوار البدرية مشتمل على بعض الفوائد الجلية. وتاريخ بلدة قم كتاب معتبر لكن لم يتيسر لنا أصل الكتاب وإنما وصل إلينا ترجمته، وقد أخرجنا بعض أخباره في كتاب السماء والعالم. وأجوبة سؤالات ابن سلام أوردناها في محالها. وكتاب طب النبي (صلى الله عليه وآله) وإن كان أكثر أخباره من طرق المخالفين لكنه مشهور متداول بين علمائنا. قال نصير الملة والدين الطوسي في كتاب آداب المتعلمين: ولابد من أن يتعلم شيئا من الطب ويتبرك بالاثار الواردة في الطب الذي جمعه الشيخ الامام أبو العباس المستغفري في كتابه المسمى بطب النبي (صلى الله عيله وآله). والمحقق الاردبيلي في الورع والتقوى والزهد والفضل بلغ الغاية القصوى ولم أسمع بمثله في المتقدمين والمتأخرين، جمع الله بينه وبين الائمة الطاهرين وكتبه في غاية التدقيق والتحقيق. والخليل والصاحب كانا من الامامية وهما علمان في اللغة والعروض والعربية، والصاحب هو الذي صدر الصدوق عيون أخبار الرضا (عليه السلام) باسمه وأهداه إليه. والشواهد كتاب جيد مشتمل على بيان نزول الايات في أهل البيت (عليهم السلام)


[ 43 ]

وكثيرا ما يذكر عنه الطبرسي وغيره من الاعلام. والمقصد مشتمل على أخبار غريبة وأحكام نادرة نذكر منها تأييدا وتأكيدا. والعمدة أشهر الكتب وأوثقها في النسب. والنرسي من أصحاب الاصول، روى عن الصادق والكاظم (عليهما السلام)، وذكر النجاشي سنده إلى ابن أبي عمير عنه، والشيخ في التهذيب وغيره يروي من كتابه، وروى الكليني أيضا من كتابه في مواضع: منها في باب التقبيل، عن علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عنه، ومنها في كتاب الصوم بسند آخر، عن ابن أبي عمير، عنه. وكذا كتاب زيد الزراد أخذ عنه اولوا العلم والرشاد، وذكر النجاشي أيضا سنده إلى ابن أبي عمير عنه، وقال الشيخ في الفهرست والرجال: لهما أصلان لم يروهما ابن بابويه وابن الوليد، وكان ابن الوليد يقول: هما موضوعان. وقال ابن الغضائري: غلط أبو جعفر في هذا القول فإني رأيت كتبهما مسموعة من محمد بن أبي عمير انتهى. وأقول: وإن لم يوثقهما أرباب الرجال لكن أخذ أكابر المحدثين من كتابهما واعتمادهم عليهما حتى الصدوق في معاني الاخبار وغيره، ورواية ابن أبي عمير عنهما، وعد الشيخ كتابهما من الاصول لعلها تكفي لجواز الاعتماد عليهما، مع أنا أخذناهما من نسخة قديمة مصححة بخط الشيخ منصور بن الحسن الابي، وهو نقله من خط الشيخ الجليل محمد بن الحسن القمي، وكان تاريخ كتابتها سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وذكر أنه أخذهما وسائر الاصول المذكورة بعد ذلك من خط الشيخ الاجل هارون بن موسى التلعكبري رحمه الله، وذكر في أول كتاب النرسي سنده هكذا: حدثنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري أيده الله، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي أبو عبد الله المحمدي، قال: حدثنا محمد بن أبي عمير عن زيد النرسي. وذكر في أول كتاب الزراد سنده هكذا: حدثنا أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن حميد بن زياد بن حماد، عن أبي العباس عبيد الله بن أحمد بن


[ 44 ]

نهيك، عن محمد بن أبي عمير، عن زيد الزراد، وهذان السندان غير ما ذكره النجاشي. وكتاب العصفري أيضا أخذناه من النسخة المتقدمة، وذكر السند في اوله هكذا: أخبرنا التلعكبري عن محمد بن همام، عن محمد بن أحمد بن خاقان النهدي، عن أبي سمينة، عن أبي سعيد العصفري عباد. وذكر الشيخ والنجاشي رحمهما الله كتابه، وذكرا سندهما إليه لكنهما لم يوثقاه، ولعل أخباره تصلح للتأييد. وكتاب عاصم مؤلفه في الثقة والجلالة معروف. وذكر الشيخ والنجاشي أسانيد إلى كتابه، وفي النسخة المتقدمة سنده هكذا: حدثني أبو الحسن محمد بن الحسن بن الحسين بن أيوب القمي ايده الله قال: حدثني أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام بن سهيل الكاتب، عن حميد بن زياد بن هوارا – في سنة تسع وثلاث مائة – عن عبد الله بن أحمد بن نهيك، عن مساور وسلمة، عن عاصم بن حميد الحناط، قال: قال التلعكبري: وحدثني أيضا بهذا الكتاب أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم العلوي الموسوي بمصر عن ابن نهيك. وكتاب ابن الحضرمي ذكر الشيخ في الفهرست طريقه إليه، وفي النسخة المتقدمة ذكر سنده هكذا: أخبرنا الشيخ أبو محمد هارون بن موسى التلعكبري ايده الله عن محمد بن همام، عن حميد بن زياد الدهقان، عن أبي جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الاسدي البزاز، عن محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي، عن جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي. والشيخ أيضا روى عن جماعة عن التلعكبري إلى آخر السند المتقدم، إلا أن فيه: عن محمد بن امية بن القاسم، والظاهر أن ما هنا أصوب، وأكثر أخباره تنتهي إلى جابر الجعفي. وكتاب محمد بن المثنى بن القاسم الحضرمي، وثق النجاشي مؤلفه، وذكر طريقه إليه وفي النسخة القديمة المتقدمة، أورد سنده هكذا: حدثنا الشيخ هارون ابن موسى التلعكبري، عن محمد بن همام. عن حميد بن زياد، عن أحمد بن زيد بن جعفر الازدي البزاز، عن محمد بن المثنى.


[ 45 ]

وكتاب عبد الملك بن حكيم وثق النجاشي المؤلف، وذكر هو والشيخ طريقهما إليه، وفي النسخة القديمة طريقه هكذا: أخبرنا التلعكبري، عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال، عن جعفر بن محمد بن حكيم، عن عمه عبد الملك. وكتاب المثنى ذكر الشيخ والنجاشي طريقهما إليه، وروى الكشي عن علي ابن الحسن مدحه، وفي النسخة المتقدمة سنده هكذا: التلعكبري، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس بن عامر، عن مثنى بن الوليد الحناط. وكتاب خلاد، ذكر النجاشي والشيخ سندهما إليه. وفي النسخة القديمة هكذا: التلعكبري، عن ابن عقدة، عن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن محمد بن أبي عمير، عن خلاد السندي، – وفي بعض النسخ ” السدي ” بغير نون – البزاز الكوفي وكتاب الحسين بن عثمان النجاشي ذكر إليه سندا ووثقة الكشي وغيره. والسند فيما عندنا من النسخة القديمة: عن التلعكبري، عن ابن عقدة، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان بن شريك. وكتاب الكاهلي مؤلفه ممدوح، والشيخ والنجاشي أسندا عنه، والسند في القديمة: عن التلعكبري، عن ابن عقدة، عن محمد بن أحمد بن الحسن بن الحكم القطواني، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الله بن يحيى. وكتاب سلام بن عمرة الخراساني وثقه النجاشي وأسند إلى الكتاب، وفيما عندنا التلعكبري، عن ابن عقدة، عن القاسم بن محمد بن الحسن (1) بن حازم، عن عبد الله بن جميلة، عن سلام. وكتاب النوادر مؤلفه ثقة فطحي، والنجاشي والشيخ أسندا عنه. والسند فيما عندنا: عن التلعكبري، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن ابن أسباط. وكتاب النبذة مؤلفه لا نعلم حاله. والدوريستي من تلامذة المفيد والمرتضى، ووثقه ابن داود والعلامة والشيخ منتجب الدين وغيرهم.


(1) وفي نسخة: الحسين (*).

[ 46 ]

وكتاب الكر والفر مشهور ومشتمل على أجوبة شريفة. وكتاب الاربعين من الكتب المعروفة، والشيخ إبراهيم القطيفي رحمه الله كان في غاية الفضل، وكان معاصرا للشيخ نور الدين المروج، وكانت بينهما مناظرات و مباحثات كثيرة. ثم اعلم أنا سنذكر بعض أخبار الكتب المتقدمة التي لم نأخذ منها كثيرا لبعض الجهات مع ما سيتجدد من الكتب في كتاب مفرد، سميناه: بمستدرك البحار إن شاء الله الكريم الغفار، إذ الالحاق في هذا الكتاب يصير سببا لتغيير كثير من النسخ المتفرقة في البلاد: والله الموفق للخير والرشد والسداد. * (الفصل الثالث) * في بيان الرموز التي وضعناها للكتب المذكورة ونوردها في صدر كل خبر ليعلم أنه مأخوذ من أي أصل، وهل هو في أصل واحد أو متكرر في الاصول، ولو كان في السند اختلاف نذكر الخبر من أحد الكتابين ونشير إلى الكتاب الاخر بعده ونسوقه إلى محل الوفاق. ولو كان في المتن اختلاف مغير للمعنى نبينه. ومع اتحاد المضمون واختلاف الالفاظ ومناسبة الخبر لبابين نورد بأحد اللفظين في أحد البابين وباللفظ الاخر. في الباب الاخر. * (ولنذكر الرموز) * ن: لعيون اخبار الرضا (عليه السلام). ع: لعلل الشرائع. ك: لاكمال الدين. يد: للتوحيد. ل: للخصال. لى: لامالي الصدوق. ثو: لثواب الاعمال. مع: لمعاني الاخبار. هد: للهداية. عد: للعقائد. وأما سائر كتب الصدوق وكتابا والده فلم نحتج. فيها إلى الرمز لقلة أخبارها. ب: لقرب الاسناد. ير: لبصائر – الدرجات. ما: لامالي الشيخ. غط: لغيبة الشيخ. مصبا: للمصباحين. شا: للارشاد. جا: لمجالس المفيد. ختص: لكتاب الاختصاص. وسائر كتب المفيد و


[ 47 ]

الشيخ لم نعين لها رمزا، وكذا أمالي ولد الشيخ شركناه مع أمالي والده في الرمز لان جميع أخباره إنما يرويها عن والده رضي الله عنهما. مل: لكامل الزيارة. سن: للمحاسن. فس: لتفسير علي بن إبراهيم. شى: لتفسير العياشي. م: لتفسير الامام (عليه السلام). ضه: لروضة الواعظين. عم: لاعلام الورى. مكا: لمكارم الاخلاق. ج: للاحتجاج. قب: لمناقب ابن شهر آشوب. كشف: لكشف الغمة. ف: لتحف العقول. مد: للعمدة. نص: للكفاية. نبه: لتنبيه الخاطر. نهج: لنهج البلاغة. طب: لطب الائمة. صح: لصحيفة الرضا (عليه السلام) ضا: لفقه الرضا (عليه السلام). يج: للخرائج. ص: لقصص الانبياء. ضوء: لضوء الشهاب طا: لامان الاخطار. شف: لكشف اليقين. يف: للطرائف. قيه: للدروع. فتح: لفتح الابواب. نجم: لكتاب النجوم. جم: لجمال الاسبوع. قل: لاقبال الاعمال. تم: لفلاح السائل لكونه من تتمات المصباح. مهج: لمهج الدعوات. صبا: لمصباح الزائر. حه: لفرحة الغري. كنز: لكنز جامع الفوائد وتأويل الايات الظاهرة معا لكون أحدهما مأخوذا من الاخر كما عرفت. غو: لغوالي اللئالي، والنثر لا يحتاج إلى الرمز. جع: لجامع الاخبار. نى: لغيبة النعماني. فض: لكتاب الروضة لكونه في الفضائل. مص: لمصباح الشريعة. قبس: لقبس المصباح. ط: للصراط المستقيم. خص: لمنتخب البصائر. سر: للسرائر. ق: للكتاب العتيق الغروي. كش: لرجال الكشي. جش: لفهرست النجاشي. بشا: لبشارة المصطفى. ين: لكتابي الحسين بن سعيد أو لكتابه والنوادر. عين: للعيون والمحاسن. غر: للغرر والدرر. كف: لمصباح الكفعمي. لد: للبلد الامين. قضا: لقضاء الحقوق. محص: للتمحيص. عده: للعدة. جنة: للجنة. منها: للمنهاج. د: لعدد. يل: للفضائل. فر: لتفسير فرات ابن إبراهيم. عا: لدعائم الاسلام. وسائر الكتب لا رمز لها وإنما نذكر أسمائها بتمامها، ومنها ما أوردناه بتمامه في المحال المناسبة له: كطب الرضا (عليه السلام)، وتوحيد المفضل، والاهليلجة، و


[ 48 ]

كتاب المسائل لعلي بن جعفر، وفهرست الشيخ منتجب الدين. وإنما لم نرمز لها إما: لذكرها بتمامها في محالها كما عرفت، أو: لقلة رجوعنا إليها لكون أكثر أخبارها عامية، أو: لكون حجم الكتاب قليلا وأخباره يسيرة، أو: لعدم الاعتماد التام عليه، أو: لغير ذلك من الجهات والاغراض. ثم اعلم أنا إنما تركنا إيراد أخبار بعض الكتب المتواترة في كتابنا هذا كالكتب الاربعة لكونها متواترة مضبوطة لعله لا يجوز السعي في نسخها وتركها. وإن احتجنا في بعض المواضع إلى إيراد خبر منها فهذه رموزها: كا: للكافي. يب: للتهذيب. صا: للاستبصار. يه: لمن لا يحضره الفقيه. وعند وصولنا إلى الفروع نترك الرموز ونورد الاسماء مصرحة إن شاء الله تعالى لفوائد تختص بها لا تخفى على اولى النهى، و كذا نترك هناك الاختصارات التي اصطلحناها في الاسانيد في الفصل الاتي لكثرة الاحتياج إلى السند فيها. * (الفصل الرابع) * في بيان ما اصطلحنا عليه للاختصار في الاسناد مع التحرز عن الارسال المفضي إلى قلة الاعتماد فإن أكثر المؤلفين دأبهم التطويل في ذكر رجال الخبر لتزيين الكتاب وتكثير الابواب، وبعضهم يسقطون الاسانيد فتنحط الاخبار بذلك عن درجة المسانيد فيفوت التميز بين الاخبار في القوة والضعف، والكمال والنقص، إذ بالمخبر يعرف شأن الخبر، وبالوثوق على الرواة يستدل على علو الرواية والاثر، فاخترنا ذكر السند بأجمعه مع رعاية غاية الاختصار: بالاكتفاء عن المشاهير بذكر والدهم، أو لقبهم، أو محض اسمهم، خاليا عن النسبة إلى الجد والاب وذكر الوصف والكنية واللقب. و بالاشارة إلى جميع السند إن كان مما يتكرر كثيرا في الابواب برمز وعلامة واصطلاح ممهد في صدر الكتاب لئلا يترك في كتابنا شئ من فوائد الاصول فيسقط بذلك عن درجة كمال القبول.


[ 49 ]

فأما ما اختصرناه من أسناد قرب الاسناد فكل ما كان فيه أبوالبختري: فقد رواه عن السندي بن محمد البزاز، عن أبي البختري وهب بن وهب القرشي. وكل ما كان فيه عنهما عن حنان: فهما عبد الصمد بن محمد، ومحمد بن عبد الحميد معا عن حنان بن سدير. وكل ما كان فيه علي عن أخيه فهو: عن عبد الله بن الحسن العلوي، عن جده علي بن جعفر، عن أخيه موسى (عليه السلام). وكل ما كان فيه ابن رئاب فهو بهذا الاسناد: أحمد و عبد الله ابنا محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب. وكل ما كان فيه عن حماد بن عيسى فهو بهذا الاسناد: محمد بن عيسى، والحسن ابن ظريف، وعلي بن إسماعيل، كلهم عن حماد بن عيسى البصري الجهني. وكل ما كان فيه ابن سعد، عن الازدي فهو: أحمد بن إسحاق بن سعد، عن بكر بن محمد الازدي. وكل ما كان فيه ابن ظريف، عن ابن علوان فهما: الحسن بن ظريف، والحسين ابن علوان. وأما ما اختصرناه من أسانيد كتب الصدوق فكلما كان في خبر الاعمش فهو بهذا السند المذكور في كتاب الخصال: قال حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجلي وأحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن أحمد السناني، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، و عبد الله بن محمد الصائغ، وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم، قالوا: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن أبي معاوية، عن الاعمش، عن جعفر بن محمد صلوات الله عليه. وكل ما كان في خبر ابن سلام فهو بهذا السند الذي أورده الصدوق في كتبه قال: حدثنا الحسن بن يحيى بن ضريس، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو جعفر عمارة السكري السرياني، قال: حدثنا إبراهيم بن عاصم بقزوين قال: حدثنا عبد الله بن


[ 50 ]

هارون الكرخي، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيد الله مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: حدثني أبي عبد الله بن يزيد، قال: حدثني يزيد بن سلام، عن النبي (صلى الله عليه وآله). وكل ما كان فيه في علل الفضل بن شاذان فهو: ما رواه الصدوق، عن عبد الواحد ابن عبدوك النيسابوري، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه السلام) وكل ما كان فيه في خبر مناهي النبي (صلى الله عليه وآله) فهو ما ذكره الصدوق بهذا الاسناد: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: حدثني أبو عبد الله عبد العزيز بن محمد بن عيسى الابهري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا الجوهري الغلابي البصري، قال: حدثنا شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله). وكل ما كان فيه بالاسناد إلى وهب فهو كما ذكره الصدوق رحمه الله: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن شاذان بن أحمد البروازي، عن أبي علي محمد بن محمد بن الحرث بن سفيان الحافظ السمرقندي، عن صالح بن سعيد الترمذي، عن عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، عن وهب بن منبه اليماني. وكل ما كان فيه باسناد العلوي فهو ما رواه الصدوق رحمه الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى العلوي الحسيني، عن محمد بن إبراهيم بن أسباط، عن أحمد بن محمد بن زياد القطان عن أبي الطيب أحمد بن محمد بن عبد الله، عن عيسى بن جعفر العلوي العمري، عن آبائه، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. وكل ما كان فيه باسناد التميمي فهو ما ذكره الصدوق رحمه الله قال: حدثنا محمد ابن عمر بن أسلم بن البر الجعابي، قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي التميمي، عن أبيه، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني


[ 51 ]

أخي الحسن، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). وكل ما كان فيه بالاسانيد الثلاثة عن الرضا (عليه السلام) فهو ما أورده الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) هكذا: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه المرورودي بمروالرود في داره، قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله النيسابوري، قال حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سلمويه الطائي بالبصرة، قال حدثنا أبي في سنة ستين ومأتين، قال: حدثني علي بن موسى الرضا (عليه السلام) سنة أربع وتسعين ومائة. وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي بنيسابور، قال: حدثني أبو إسحاق بن إبراهيم بن مروان بن محمد الخوزي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوزي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني، عن الرضا (عليه السلام). وحدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء، عن علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر ابن محمد، قال حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال حدثني ابي الحسين بن علي، قال حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله). وكل ما كان فيه فيما كتب الرضا (عليه السلام) للمأمون فهو ما رواه الصدوق قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري – بنيسابور في شعبان سنة إثنتين وخمسين وثلاث مائة – قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه السلام). وكل ما كان فيه في خبر الشامي فهو ما رواه الصدوق قال: حدثنا محمد بن إبراهيم ابن إسحاق، قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني، قال: حدثنا الحسن بن القاسم قراءة قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن المعلى، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد، قال: حدثنا عبد الله بن بكر المراري، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه (عليهم السلام). ورواه الشيخ، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن الصدوق بهذا الاسناد. وكل ما كان فيه في أسؤلة الشامي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) فهو بهذا الاسناد: قال


[ 52 ]

الصدوق: حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري بإيلاق قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن آبائه عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين. وكل ما كان فيه الاربعمائة فهو: ما رواه الصدوق في الخصال عن أبيه، عن سعد ابن عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد عن أبي بصير، ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حدثني أبي عن جده عن آبائه (عليهم السلام) أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب مما يصلح للمؤمن في دينه ودنياه. وسيأتي بتمامه في المجلد الرابع. وكل ما كان فيه بالاسناد إلى دارم فهو: ما رواه الصدوق، عن محمد بن أحمد بن الحسين ابن يوسف البغدادي الوراق، عن علي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن عنبسة مولى الرشيد، عن دارم بن قبيصة بن نهشل بن مجمع الصنعاني. وكل ما كان فيه المفسر باسناده إلى أبي محمد (عليه السلام) فهو: ما رواه الصدوق، عن محمد ابن القاسم الجرجاني المفسر، عن أبي يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبي الحسن علي بن محمد بن سيار – وكانا من الشيعة الامامية – عن أبويهما، عن الحسن بن علي بن محمد (عليهم السلام). وكل ما كان فيه ابن المغيرة باسناده فالسند هكذا: جعفر بن علي بن الحسن الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي بن عبد الله، عن جده عبد الله بن المغيرة. وقد نعبر عن هذا السند هكذا: ابن المغيرة، عن جده، عن جده. وكل ما كان فيه ابن البرقي عن أبيه، عن جده فهو: علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد. وكل ما كان فيه فيما أوصى به النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) فهو: ما رواه الصدوق، عن محمد بن علي بن الشاه، عن أحمد بن محمد بن الحسين، عن أحمد بن خالد الخالدي، عن محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أنس بن محمد بن أبي مالك، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام). ورواه في كتاب مكارم الاخلاق


[ 53 ]

وكتاب تحف العقول مرسلا، عن الصادق (عليه السلام). وأما ما اختصرناه من أسانيد كتب شيخ الطائفة فكلما كان فيه باسناد أبي قتادة فهو: ما رواه أبو علي ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن الحسين بن عبيد الله الغضائري عن أبي محمد هارون بن موسي التلعكبري، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني عن محمد بن خالد البرقي، عن أبي قتادة القمي. وكل ما كان فيه باسناد أخي دعبل فهو: ما رواه الشيخ، عن هلال بن محمد بن جعفر الحفار قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي، قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن دعبل بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقاء أخو دعبل بن علي الخزاعي – ببغداد سنة اثنين وسبعين ومأتين – قال. حدثنا سيدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) – بطوس سنة ثمان وتسعين ومائة – وفيها رحلنا إليه على طريق البصرة، وصادفنا عبد الرحمن بن مهدي عليلا، فأقمنا عليه أياما و مات عبد الرحمن بن مهدي، وحضرنا جنازته، وصلى عليه إسماعيل بن جعفر، فرحلنا إلى سيدي أنا وأخي دعبل، فأقمنا عنده إلى آخر سنة مأتين، وخرجنا إلى قم بعد أن خلع سيدي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) على أخي دعبل قميصا خزا اخضر، وخاتم فضة عقيقا، ودفع إليه دراهم رضوية، وقال له: يا دعبل ! صر إلى قم فإنك تفيد بها، وقال له: احتفظ بهذا القميص، فقد صليت فيه ألف ركعة (1)، وختمت فيه القرآن ألف ختمة، فحدثنا إملاءا – في رجب سنة ثمان وتسعين ومائة – قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، عن آبائه صلوات الله عليهم أجمعين. وكل ما كان فيه باسناد المجاشعي فهو ما رواه الشيخ قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، قال: حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب أبو محمد الشعراني البيهقي بجرجان قال: حدثنا هارون بن عمرو بن عبد العزيز بن محمد أبو موسى المجاشعي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي أبو عبد الله (عليه السلام). قال المجاشعي: وحدثنا الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى، عن أبيه أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام).


(1) وفي الامالي: فقد صليت فيه ألف ليلة في كل ليلة ألف ركعة.

[ 54 ]

وكل ما نذكر عند ذكر أخبار مستطرفات السرائر في كتاب المسائل فهو إشارة إلى ما ذكره ابن إدريس رحمه الله حيث قال: ومن ذلك ما استطرفناه من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم مولانا أبا الحسن علي بن محمد (عليهما السلام) والاجوبة عن ذلك، رواية أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش الجوهري، ورواية عبد الله بن جعفر الحميري رضي الله عنهما. وكل ما كان فيه نوادر الراوندي باسناده فهذا سنده – نقلته كما وجدته -: أخبرنا السيد الامام، ضياء الدين سيد الائمة، شمس الاسلام، تاج الطالبية، ذو الفخرين، جمال آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبو الرضا، فضل الله بن علي بن عبيد الله الحسني الراوندي حرس الله جماله، وأدام فضله قال: أخبرنا الامام الشهيد أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل ابن أحمد الروياني إجازة وسماعا قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسن التميمي البكري إجازة أو سماعا. قال: حدثنا أبو محمد سهل بن أحمد الديباجي، قال حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن الاشعث الكوفي، قال: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). قال: حدثني أبي إسماعيل ابن موسى، عن أبيه موسى، عن جده جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه (1) علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). أقول: ويظهر من كتب الرجال طرق آخر إلى هذا الكتاب نوردها في آخر مجلدات كتابنا هذا إن شاء الله تعالى. وكل ما كان في كتاب قصص الانبياء بالاسناد إلى الصدوق فهو ما ذكر في مواضع قال: أخبرني الشيخ علي بن عبد الصمد النيسابوري، عن أبيه، عن السيد أبي البركات علي بن الحسين الخوزي، عن الصدوق رحمه الله. وفي موضع آخر قال: أخبرنا السيد أبو الحرب المجتبى بن الداعي الحسيني، عن الدوريستي، عن أبيه، عنه. وقال في موضع آخر: أخبرنا السيد أبو الصمصام ذو الفقار بن أحمد بن معبد الحسيني، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن المفيد، عن الصدوق. وفي موضع آخر أخبرنا السيد أبو البركات محمد بن إسماعيل، عن علي بن عبد الصمد، عن السيد أبي البركات الخوزي. وفي موضع


(1) كذا في النسخ التي عندنا.

[ 55 ]

آخر أخبرنا السيد (1) أبو القاسم بن كمح، عن الدوريستي، عن المفيد، عن الصدوق. وفي موضع آخر أخبرنا الاستاد أبو جعفر محمد بن المرزبان، عن الدوريستي، عن أبيه، عنه. وفي موضع آخر أخبرنا الاديب أبو عبد الله الحسين المؤدب القمي، عن الدوريستي عن أبيه، عنه. وفي مقام آخر أخبرنا أبو سعد الحسن بن علي، والشيخ أبو القاسم الحسن ابن محمد الحديقي، عن جعفر بن محمد بن العباس، عن أبيه، عن الصدوق. وفي مقام آخر أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي، عن جعفر الدوريستي، عن المفيد، عن الصدوق. وفي موضع آخر اخبرنا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي بن محمد، عن جعفر بن أحمد، عن الصدوق. وفي محل آخر أخبرنا هبة الله بن دعويدار، عن أبي عبد الله الدوريستي، عن جعفر بن أحمد المريسي، عنه. وفي محل آخر أخبرنا السيد علي بن أبي طالب السيلقي (2) عن جعفر بن محمد بن العباس، عن أبيه، عنه. وفي آخر أخبرنا أبو السعادات هبة الله بن علي الشجري، عن جعفر بن محمد بن العباس، عن أبيه. وفي آخر أخبرنا الشيخ أبو المحاسن مسعود بن علي بن محمد، عن علي بن عبد الصمد عن علي بن الحسين، عنه. وفي خبر آخر: أخبرنا جماعة منهم الاخوان: محمد وعلي ابنا علي بن عبد الصمد، عن أبيهما، عن السيد أبي البركات علي بن الحسين الحسيني، عنه. وكل ما كان من كتاب صفين فقد وجدت في أول الكتاب ووسطه في مواضع سنده هكذا: أخبرنا الشيخ الحافظ، شيخ الاسلام، أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن الانماطي، قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي – بقراءتي عليه في شهر ربيع الاخر من سنة أربع وثمانين وأربعمائة – قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر بن الوكيل – قراءة عليه و أنا أسمع في رجب من سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة -، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفي – قراءة عليه وأنا أسمع – قال: أخبرنا علي بن محمد بن عقبة بن الوليد بن همام بن عبد الله – قراءة عليه في سنة أربعين وثلاث مائة – قال:


(1) وفي نسخة: الاستاذ. (2) وفي نسخة: السليقي.

[ 56 ]

أخبرنا أبو الحسن محمد بن سليمان بن الربيع بن هشام الهندي الخزاز، قال أخبرنا أبو الفضل نصر بن مزاحم التميمي. ولعل هذا من سند العامة لانهم أيضا أسندوا إليه. وروى عنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة أحاديث كثيرة وقال: هو في نفسه ثبت، صحيح النقل، غير منسوب إلى هوى ولا إدغال، وهو من رجال أصحاب الحديث إنتهى. وأخرجنا في كتاب الفتن أكثر أخباره من الشرح المذكور لتكون حجة على المخالفين. وأما أسانيد أصحابنا إليه فهي مذكورة في كتب الرجال. ووجدت في ظهر كتاب المقتضب ما هذه صورته: أخبرني به الشيخ الامام العالم نجم الدين أبو محمد عبد الله ابن جعفر بن محمد بن موسى، عن جده محمد بن موسى بن جعفر، عن جده جعفر بن محمد بن أحمد بن العياش الدوريستي، عن الحسن بن محمد بن إسماعيل بن اشناس البزاز، عن مصنفه أبي عبد الله أحمد بن محمد بن عياش. وكان في مفتتح كتاب ابن الخشاب: أخبرنا السيد العالم الفقيه صفي الدين أبو جعفر محمد بن معد الموسوي – في العشر الاخير من صفر سنة ست عشرة وستمائة – قال أخبرنا الاجل العالم زين الدين أبو العز أحمد بن أبي المظفر محمد بن عبد الله بن محمد بن جعفر قراءة عليه فأقر به – وذلك في آخر نهار يوم الخميس ثامن صفر من السنة المذكورة بمدينة السلام بدرب الدواب – قال: أخبرنا الشيخ الامام العالم الاوحد حجة الاسلام أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب، قال: قرأت على الشيخ أبي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن المقري – يوم السبت الخامس والعشرين من محرم سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة -، من أصله بخط عمه أبي الفضل أحمد بن الحسن، وسماعه منه فيه بخط عمه، في يوم الجمعة سادس عشر شعبان من سنة أربع وثمانين وأربعمائة أخبركم أبو الفضل أحمد بن الحسن، فاقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسين ابن العباس بن الفضل – قراءة عليه وأنا أسمع في رجب سنة ثمان وعشرين وأربعمائة – قال: أخبرنا أحمد بن نصر بن عبد الله بن الفتح زارع النهروان بها – قراءة عليه وأنا أسمع في سنة خمس وستين وثلاثمائة – قال: حدثنا حرب بن أحمد المؤدب، قال حدثنا


[ 57 ]

الحسن بن محمد العمي البصري، عن أبيه، قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ثم يعيد السند عن حرب بن محمد. * (ولندكر المفردات المشتركة) * أبان: هو ابن عثمان. أحمد الهمداني: هو أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الهمداني الكوفي الحافظ، وقد نعبر عنه بابن عقدة، وتارة بأحمد الكوفي. أحمد بن الوليد: هو ابن محمد بن الحسن بن الوليد. اسحاق: هو ابن عمار. أيوب: هو ابن نوح، وقد نعبر عنه بابن نوح. تميم القرشي: هو تميم بن عبد الله بن تميم القرشي استاد الصدوق. ثعلبة: هو ابن ميمون. جعفر الكوفي: هو ابن محمد. جميل: هو ابن الدراج. الحسين، عن أخيه، عن أبيه: هم الحسين بن سيف بن عميرة، عن أخيه علي، عن أبيه سيف. حفص: هو ابن غياث القاضي. حمدان: هو ابن سليمان النيسابوري يروي عنه ابن قتيبة. حمزة العلوي: هو حمزة بن محمد بن أحمد العلوي. حمويه: هو أبو عبد الله حمويه بن علي بن حمويه النضري. قال الشيخ رحمه الله: أخبرنا قراءة عليه ببغداد في دار الغضائري يوم السبت النصف من ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. حنان: هو ابن سدير. درست: هو ابن أبي منصور الواسطي. الريان: هو ابن الصلت. سعد: هو ابن عبد الله. سماعة: هو ابن مهران. سهل: هو ابن زياد. صفوان: هو ابن يحيى. عبد الاعلى: هو مولى آل سام. العلاء، عن محمد: هما ابن رزين، وابن مسلم. علان: هو علي بن محمد المعروف بعلان. علي، عن أبيه: علي بن إبراهيم بن هاشم. فرات: هو فرات بن إبراهيم ابن فرات الكوفي، وغالبا يكون بعد ابن سعيد الهاشمي. الفضل: هو ابن شاذان. القاسم، عن جده: هو القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد. محمد الحميري: هو ابن عبد الله بن جعفر. محمد بن عامر: هو محمد بن الحسين بن محمد بن عامر. محمد العطار: هو ابن يحيى. المظفر العلوي: هو أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي. معمر: هو ابن يحيى. هارون: هو ابن مسلم. يونس: هو ابن عبد الرحمن. الادمي: هو سهل بن زياد. الازدي: هو محمد بن زياد، وقد يطلق على بكر بن محمد. الاسدي: هو أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي، وقد نعبر عنه بمحمد الاسدي. والاسدي في أول


[ 58 ]

سند الصدوق: هو محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي. الاشعري: هو محمد بن أحمد ابن يحيى بن عمران الاشعري. الاشناني: هو أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشناني الرازي العدل، قال الصدوق: أخبرنا ببلخ. الاصفهاني: هو القاسم بن محمد. الاصم: هو عبد الله ابن عبد الرحمن. الانصاري: هو أحمد بن علي الانصاري. الاهوازي. هو الحسين بن سعيد. البجلي: هو موسى بن القاسم. البرقي: هو أحمد بن محمد بن خالد. البرمكي: هو محمد بن إسماعيل. البيهقي: هو أبو علي الحسين بن أحمد. البزنطي: هو أحمد بن محمد بن أبي نصر. البطائني: هو علي بن أبي حمزة. التفليسي: هو شريف بن سابق. التمار: هو أبو الطيب الحسين بن علي استاد المفيد. الثقفي: هو إبراهيم بن محمد. الثمالي: هو أبو حمزة ثابت بن دينار. الجاموراني: هو أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي. الجعابي: هو أبو بكر محمد بن عمر. الجعفري: هو سليمان بن جعفر. الجلودي: هو عبد العزيز بن يحيى البصري. الجوهري: هو محمد بن زكريا. الحافظ: هو محمد بن عمر الحافظ البغدادي استاد الصدوق. الحجال: هو عبد الله بن محمد. الحذاء: هو أبو عبيدة زياد بن عيسى. الحفار: هو أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام). الحميري: هو عبد الله بن جعفر بن جامع. الخزاز: هو أبو أيوب إبراهيم بن عيسى. الخشاب: هو الحسن بن موسى. الدقاق: هو علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق استاد الصدوق. الدهقان: هو عبيد الله بن عبد الله. الرزاز: هو أبو جعفر محمد بن عمرو البختري. الرقي: هو داود بن كثير. الروياني: هو عبيد الله بن موسى الزعفراني: هو أبو جعفر محمد بن علي بن عبد الكريم. الساباطي: هو عمار بن موسى. السابري: هو أبو عبد الله علي بن محمد. السعد آبادي: هو علي بن الحسين. السكري: هو الحسن بن علي. السمندي: هو الفضل بن أبي قرة. السندي: هو ابن محمد. السكوني: هو إسماعيل بن أبي زياد. السناني: هو محمد بن أحمد. الصائغ: هو عبد الله ابن محمد. الصفار: هو محمد بن الحسن. الصوفي: هو محمد بن هارون يروي عنه الصدوق بواسطة. الصولي: هو محمد بن يحيى. الصيقل: هو منصور بن الوليد. الضبي: هو العباس بن بكار. الطاطري: هو علي بن الحسن. الطالقاني: هو محمد بن إبراهيم بن


[ 59 ]

إسحاق استاد الصدوق. الطيار: هو حمزة بن محمد. الطيالسي: هو محمد بن خالد. العجلي: هو أحمد بن محمد بن هيثم، وقد نعبر عنه بابن الهيثم. العسكري: هو الحسن ابن عبد الله بن سعيد استاد الصدوق. العطار: هو أحمد بن محمد بن يحيى. العلوي: هو حمزة بن القاسم يروي عنه الصدوق بواسطة. العياشي: هو محمد بن مسعود. الغضائري هو الحسين بن عبيد الله استاد الشيخ: الفارسي: هو الحسن بن أبي الحسين: الفامي: هو أحمد بن هارون استاد الصدوق. الفحام: هو أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى الفحام السرمرائي استاد الشيخ، وإذا قيل بعده عن عمه فهو عمر بن يحيى. الفراء: هو داود بن سليمان. الفزاري: هو جعفر بن محمد بن مالك. القاساني: هو علي بن محمد. القداح: هو عبد الله ابن ميمون القطان: هو أحمد بن الحسن. القندي: هو زياد بن مروان. الكاتب: هو علي بن محمد استاد المفيد. الكميداني: هو علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر. الكناني: هو أبو الصباح إبراهيم بن نعيم. الكوفي: هو محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة وقد نعبر عنه بأبي سمينة. اللؤلوئي: هو الحسن بن الحسين. المؤدب: هو عبد الله بن الحسن: ماجيلويه: هو محمد بن علي، وبعده عن عمه: هو محمد بن أبي القاسم. المحاملي: هو أبو شعيب صالح بن خالد. المراعي: هو علي بن خالد استاد المفيد. المرزباني: هو محمد بن عمران استاد المفيد. المسمعي: هو محمد بن عبد الله. المغازي: هو محمد بن أحمد بن إبراهيم. المفسر: هو محمد بن القاسم. المكتب: هو الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام. المنصوري: هو أبو الحسن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري السرمرائي، وإذا قيل بعده عن عم أبيه فهو أبو موسى عيسى بن أحمد بن عيسى بن المنصور. المنقري: هو سليمان بن داود. الميثمي: هو أحمد بن الحسن. النخعي: هو موسى بن عمران. النقاش: هو محمد بن بكران. النوفلي: هو الحسين بن يزيد. النهاوندي: هو إبراهيم بن إسحاق: النهدي: هو الهيثم ابن أبي مسروق. الوراق: هو علي بن عبد الله. الوشاء: هو الحسن بن علي بن بنت إلياس. الهروي: هو عبد السلام بن صالح أبو الصلت. الهمداني: هو أحمد بن زياد بن جعفر استاد الصدوق. اليقطيني: هو محمد بن عيسى بن عبيد. أبو جميلة: هو المفضل بن صالح. أبو الجوزاء: هو منبه بن عبد الله. أبو الحسين: هو محمد بن محمد بن بكر الهذلي يكون


[ 60 ]

بعد حمويه. أبو الحسين بعد ابن مخلد: هو عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني القاضي. أبو خليفة: هو الفضل بن حباب الجمحي يكون بعد أبي الحسين. أبو ذكوان: هو القاسم بن إسماعيل. أبو عمرو – في سند أمالي الشيخ – هو: عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي، قال: أخبرني سنة ست عشرة وأربعمائة في منزله ببغداد في درب الزعفراني رحبة بن المهدي. أبو المفضل: هو محمد بن عبد الله بن المطلب الشيباني. أبو القاسم الدعبلي: هو إسماعيل بن علي بن علي الدعبلي يروي عن الحفار. ابن أبان: هو الحسين بن الحسن بن أبان. ابن أبي حمزة: هو علي. ابن أبي الخطاب: هو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب. أبن أبي عثمان: هو الحسن بن علي بن أبي عثمان. ابن أبي العلاء: هو الحسين ابن أبي عمير: هو محمد. ابن أبي المقدام: هو عمرو. ابن أبي نجران: هو عبد الرحمن. ابن إدريس: هو الحسين بن أحمد بن إدريس. ابن أسباط: هو علي، وبعده عن عن عمه هو يعقوب بن سالم الاحمر. ابن أشيم: هو علي بن أحمد بن أشيم. ابن اورمة: هو محمد. ابن بزيع: هو محمد بن إسماعيل. ابن بسران: هو أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بسران المعدل. قال الشيخ: أخبرنا في منزله ببغداد في رجب سنة إثنا عشرة و أربعمائة. ابن بشار: هو جعفر بن محمد بن بشار. ابن بشير: هو جعفر. ابن بندار: هو محمد بن جعفر بن بندار الفرغاني. ابن البطائني: هو الحسن بن علي بن أبي حمزة. ابن بهلول: هو تميم يروي عنه ابن حبيب. ابن تغلب: هو أبان. ابن جبلة: هو عبد الله. ابن جبير: هو سعيد. ابن حازم: هو منصور. ابن حبيب: هو بكر بن عبد الله بن حبيب. ابن الحجاج: هو عبد الرحمن. ابن حشيش: هو محمد بن علي بن حشيش استاد الشيخ. ابن حكيم: هو معاوية. ابن الحمامي: هو أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص المقري. ابن حميد: هو عاصم. ابن خالد: هو سليمان، والذي يروي عن الرضا (عليه السلام) هو الحسين الصيرفي. ابن زكريا القطان: هو أحمد بن يحيى بن زكريا. ابن زياد: هو مسعدة. ابن سعيد الهاشمي: هو الحسن بن محمد بن سعيد استاد الصدوق. ابن السماك: هو أبو عمر وعثمان ابن عبد الله (1) بن يزيد الدقاق. ابن سيابة: هو عبد الرحمن. ابن شاذويه المؤدب:


(1) في نسخة: أحمد بن عبد الله

[ 61 ]

هو علي بن شاذويه. ابن شمون: هو محمد بن حسن بن شمون. ابن صدقة: هو مسعدة. ابن الصلت: هو أحمد بن هارون بن الصلت الاهوازي. ابن صهيب: هو عبد الله. ابن طريف، هو سعد. ابن ظبيان: هو يونس. ابن عامر: هو الحسين بن محمد بن عامر، و بعده عن عمه هو: عبد الله بن عامر. ابن عبد الحميد: هو إبراهيم. ابن عبدوس: هو عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار. ابن عصام: هو محمد بن محمد بن عصام الكليني. ابن عطية: هو مالك. ابن عقدة: هو أحمد بن محمد بن سعيد. وقد مر. ابن عمارة: هو جعفر بن محمد بن عمارة. ابن عميرة: هو سيف. ابن العياشي: هو جعفر بن محمد بن مسعود. ابن عيسى: هو أحمد بن عيسى. ابن عيينة: هو سفيان. ابن غزوان: هو محمد بن سعيد بن غزوان. ابن فرقد: هو يزيد. ابن فضال: هو الحسن بن علي بن فضال. ابن الفضل الهاشمي: هو إسماعيل. ابن قتيبة: هو علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري ابن قولويه: هو جعفر بن محمد بن قولويه. ابن قيس: هو محمد. ابن كلوب: هو غياث. ابن المتوكل: هو محمد بن موسى بن المتوكل. ابن متيل: هو الحسن بن متيل الدقاق. ابن محبوب: هو الحسن. ابن مخلد: هو أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد. قال الشيخ: أخبرنا قراءة عليه في ذي الحجة سنة سبع عشرة وأربعمائة. ابن مراد: هو إسماعيل. ابن مسرور: هو جعفر بن محمد بن مسرور. ابن مسكان: هو عبد الله. ابن معبد: هو علي. ابن معروف: هو العباس. ابن مقبرة: هو علي بن محمد بن الحسن استاد الصدوق. ابن المغيرة: هو عبد الله. ابن موسى: هو علي بن أحمد بن موسى استاد الصدوق. ابن المهتدي: هو الحسن بن الحسين بن عبد العزيز بن المهتدي. ابن مهران: هو إسماعيل. ابن مهرويه: هو علي بن مهرويه القزويني. ابن مهزيار: هو علي. ابن ميمون: هو عبد الله المعبر عنه تارة بالقداح. ابن ناتانة: هو الحسين بن إبراهيم بن ناتانة. ابن نباتة: هو الاصبغ. ابن نوح: هو أيوب. ابن الوليد: هو محمد بن الحسن بن الوليد. ابن هاشم: هو ابراهيم والد علي. إبن همام: هو إسماعيل، ويكنى أبا همام. ابن يزيد: هو يعقوب.


[ 62 ]

* (الفصل الخامس) * في ذكر بعض ما لابد من ذكره مما ذكره أصحاب الكتب المأخوذ منها في مفتتحها قال ابن شهر آشوب في المناقب: كان جمع ذلك الكتاب بعدما أذن لي جماعة من أهل العلم والديانة بالسماع والقراءة والمناولة والمكاتبة والاجازة، فصح لي الرواية عنهم بأن أقول: حدثني، وأخبرني، وانبأني، وسمعت. فأما طرق العامة فقد صح لنا اسناد البخاري: عن أبي عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي، وعن أبي عثمان سعيد بن عبد الله العيار الصعلوكي، وعن الجنازي كلهم عن أبي الميثم الكشمهيني، عن أبي عبد الله، محمد الفربري، عن محمد بن إسماعيل ابن المغيرة البخاري، وعن أبي الوقت عبد الاول بن عيسى السنجري، عن الداودي عن السرخسي، عن الفربري، عن البخاري. اسناد مسلم: عن الفراوي، عن أبي الحسين عبد الغافر الفارسي النيسابوري عن أبي أحمد محمد بن عمرويه الجلودي، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الفقيه عن أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري. اسناد الترمذي: عن أبي سعيد محمد بن أحمد الصفار الاصفهاني، عن أبي القاسم الخزاعي، عن أبي سعيد بن كليب الشاشي، عن أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي اسناد الدارقطني: عن أبي بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني، عن المنصوري عن أبي الحسن المهرابي، عن أبي الحسن علي بن مهدي الدارقطني. اسناد معرفة اصول الحديث: عن عبد اللطيف بن أبي سعد البغدادي الاصفهاني عن أبي علي الحداد، عن الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري ابن الربيع (1). اسناد الموطأ: عن القعنبي وعن معى، عن يحيى بن يحيى من طريق محمد بن الحسن، عن مالك بن أنس الاصبحي.


(1) في نسخة: ابن البيع

[ 63 ]

اسناد مسند أبي حنيفة: عن أبي القاسم بن صفوان الموصلي، عن أحمد بن طوق عن نصر بن المرخى، عن أبي القاسم الشاهد العدل. اسناد مسند الشافعي: عن الجياني، عن أبي القاسم الصوفي، عن محمد بن علي الساوي، عن أبي العباس الاصم، عن الربيع، عن محمد بن إدريس الشافعي. اسناد مسند أحمد والفضائل: عن أبي سعد بن عبد الله الدجاجي، عن الحسن بن علي المذهب، عن أبي بكر بن مالك القطيفي، عن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، عن أبيه. اسناد مسند أبي يعلى: عن أبي القاسم الشحامي، عن أبي سعيد الكنجرودي، عن أبي عمرو الجبري، عن أبي يعلى أحمد المثنى الموصلي. اسناد تاريخ الخطيب: عن عبد الرحمن بن بهريق القزاز البغدادي، عن الخطيب أبي بكر الثابت البغدادي. اسناد تاريخ النسوي. عن أبي عبد الله المالكي، عن محمد بن الحسين بن الفضل القطان عن درستويه النخعي، عن يعقوب بن سفيان النسوي. اسناد الطبري: عن القطيفي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عمرو بن محمد بإسناده عن محمد بن جرير بن بريد الطبري، وهذا أسناد تاريخ أبي الحسن أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري. اسناد تاريخ علي بن مجاهد: عن القطيفي، عن السلمي، عن أبي الحسن علي بن محمد دلويه القنطري، عن المأمون بن أحمد، عن عبد الرحمن بن محمد الدجاج، عن ابن جريح، عن ابن مجاهد. اسناد تاريخي أبي علي الحسن البيهقي السلامي، وأبي علي مسكويه: عن أبي منصور محمد بن حفدة العطاري الطوسي، عن الخطيب أبي زكريا التبريزي بإسناده إليهما. اسناد كتابي المبتداء عن وهب بن منبه اليماني وأبي حذيفة. حدثنا القطيفي، عن الثعلبي، عن محمد بن الحسن الازهري، عن الحسن بن محمد العبدي، عن عبد المنعم بن إدريس، عنهما.


[ 64 ]

اسناد الاغاني: عن الفصيحي، عن عبد القاهر الجرجاني، عن عبد الله بن حامد، عن محمد بن محمد، عن علي بن عبد العزيز اليماني، عن أبي الفرج علي بن الحسين الاصفهاني. وهذا اسناد فتوح الاعثم الكوفي. اسناد سنن السجستاني: عن أبي الحسن الانبوسي، عن أبي العباس أبي علي التستري، عن الهاشمي، عن اللؤلوئي، عن أبي داود سليمان بن الاشعث السجستاني. اسناد سنن اللالكائي: عن أبي بكر أحمد بن علي الطرثيثي، عن أبي القاسم هبة الله ابن الحسين الطبري اللالكائي. اسناد سنن ابن ماجه: عن ابن الناظر البغدادي، عن المقري القزويني، عن ابن طلحة بن المنذر، عن أبي الحسن القطان، عن أبي عبد الله البرقي، عن أبي القاسم بن أحمد الخزاعي، عن الهيثم بن كليب الشاشي، عن أبي عيسى الترمذي. وهذا أسناد شرف المصطفى عن أبي سعيد الخركوشي. اسناد حلية الاولياء: عن عبد اللطيف الاصفهاني، عن أبي علي الحداد، عن أبي نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني. اسناد إحياء علوم الدين: عن أحمد الغزالي، عن أخيه أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي. اسناد العقد: عن محمد بن منصور السرخسي، عمن رواه، عن أبي عبد ربه الاندلسي. اسناد فضائل السمعاني: عن شهر آشوب بن أبي نصر بن أبي الجيش السروي جدي، عن أبي المظفر عبد الملك السمعاني. اسناد فضائل ابن شاهين: عن أبي عمرو الصوفي، عن القاضي أبي محمد المزيدي، عن أبي حفص عمر بن شاهين المروزي. اسناد فضائل الزعفراني: عن يوسف بن آدم المراغي مسندا إلى محمد بن الصباح الزعفراني. اسناد فضائل العكبري: عن أبي منصور ماشادة الاصفهاني، عن مشيخته، عن عبد الملك بن عيسى العكبري.


[ 65 ]

اسناد مناقب ابن شاهين: عن المنتهى ابن أبي زيد بن كبابكي الجبني الجرجاني، عن الاجل المرتضى الموسوي، عن المصنف. اسناد مناقب ابن مردويه: عن الاديب أبي العلاء، عن أبيه أبي الفضل الحسن ابن زيد، عن أبي بكر بن مردويه الاصفهاني. اسناد أمالي الحاكم: عن المهدي بن أبي حرب الحسني الجرجاني، عن الحاكم النيسابوري. اسناد مجموع ابن عقدة أبي العباس أحمد بن محمد، ومعجم أبي القاسم سليمان ابن أحمد الطبراني، بحق روايتي عن أبي العلاء العطار الهمداني، بإسناده عنهما. اسناد الوسيط وكتاب الاسباب والنزول: عن أبي الفضائل محمد اليهيني، عن أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي. اسناد معرفة الصحابة: عن عبد اللطيف البغدادي، عن والده أبي سعيد، عن أبي يحيى بن منده، عن والده. اسناد دلائل النبوة والجامع: عن الحسين بن عبد الله المروزي، عن أبي النصر العاصمي، عن أبي العباس البغوي، عن أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي. اسناد أحاديث علي بن أحمد الجوهري وأحاديث شعبة بن الحجاج: عن محمد البغوي، عن الجراحي، عن المحبوي، عن أبي عيسى، عمن رواها، عنهما. اسناد المغازي: عن الكرماني، عن أبي الحسن القدوسي، عن الحسين بن صديق الزورعنجي، عن محمد بن إسحاق الواقدي. اسناد البيان والتبيين والغرة والفتيا: عن الكرماني، عن أبي سهل الانماطي، عن أحمد بن محمد، عن أبي عبد الله بن محمد الخازن، عن علي بن موسى القمي، عن عمرو بن بحر الجاحظ. اسناد غريب القرآن: عن القطيفي، عن أبيه، عن أبي بكر محمد بن عزيز العزيزي السجستاني. اسناد شوف العروس: عن القاضي، عن أبي عبد الله الدامغاني.


[ 66 ]

اسناد عيون المجالس: عن القطيفي، عن أبي عبد الله طاهر بن محمد بن أحمد الخريلوي. اسناد المعارف وعيون الاخبار وغريب الحديث وغريب القرآن: عن الكرماني عن أبيه، عن جده، عن محمد بن يعقوب، عن أبي بكر المالكي، عن عبد الله بن مسلم بن قتيبة. اسناد غريب الحديث: عن القطيفي، عن السلمي، عن أبي محمد دعلج، عن أبي عبيد القاسم بن سلام. وهذا اسناد كامل أبي العباس المبرد. اسناد نزهة القلوب: عن القطيفي وشهر آشوب جدي كليهما، عن أبي إسحاق الثعلبي. اسناد أعلام النبوة: عن عمر بن حمزة العلوي الكوفي، عمن رواه، عن القاضي أبي الحسن الماوردي. اسناد الابانة وكتاب اللوامع: عن مهدي بن أبي حرب الحسني، عن أبي سعيد أحمد بن عبد الملك الخركوشي. اسناد دلائل النبوة وكتاب جوامع الحلم: عن عبد العزيز، عن أحمد الحلواني عن أبي الحسن بن محمد الفارسي، عن أبي بكر محمد بن علي بن إسماعيل القفال الشاشي. اسناد نزهة الابصار: عن شهر آشوب، عن القاضي أبي المحاسن الروياني، عن أبي الحسن علي بن مهدي المامطيري. اسناد المحاضرات من باب المفردات: عن الهيثم الشاشي عن القاضي، عن بزي عن أبي بكر بن علي الخزاعي عن أبي القاسم الراغب الاصفهاني. اسناد الابانة: عن الفزاري، عن أبي عبد الله الجوهري، عن القطيفي، عن عبد الله ابن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن أبي عبد الله محمد بن بطة العكبري. اسناد قوت القلوب: عن القطيفي، عن أبيه، عن أبي القاسم الحسن بن محمد، عن أبي يعقوب يوسف بن منصور السياري. اسناد الترغيب والترهيب: عن أبي العباس أحمد الاصفهاني، عن أبي القاسم الاصفهاني.


[ 67 ]

اسناد كتاب أبي الحسن المدائني: عن القطيفي، عن أبي بكر محمد بن عمر بن حمدان عن إبراهيم بن محمد بن سعيد النحوي. اسناد الدارمي واعتقاد أهل السنة: عن أبي حامد محمد بن محمد، عن زيد بن حمدان المنوچهري، عن علي بن عبد العزيز الاشنهي. وحدثني محمود بن عمر الزمخشري بكتاب الكشاف، والفائق، وربيع الابرار. وأخبرني الكباشين ونمير شهردار الديلمي بالفردوس. وأنبأني أبو العلاء العطار الهمداني بزاد المسافر. وكاتبني الموفق بن أحمد المكي خطيب خوارزم بالاربعين. وروى لي القاضي أبو السعادات الفضائل. وناولني أبو عبد الله محمد بن أحمد النطنزي الخصائص العلوية. وأجاز لي أبو بكر محمد بن مؤمن الشيرازي رواية كتاب ما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) وكثيرا ما اسند إلى أبي الغرين كلاش العكبري، وأبي الحسن العاصمي الخوارزمي، ويحيى بن سعدون القرطي، و أشباههم. وأما أسانيد التفاسير والمعاني فقد ذكرتها في الاسباب والنزول، وهي تفسير البصري، والطبري والقشيري، والزمخشري، والجبائي، والطائي، والسدي، والواقدي، والواحدي، والماوردي، والكلبي، والثعلبي، والوالبي، وقتادة، والقرطي، ومجاهد، والخركوشي، وعطاء بن رياح، وعطاء الخراساني، ووكيع، وابن جريح، وعكرمة، والنقاشي، وأبي العالية، والضحاك، وابن عيينة، وأبي صالح، ومقاتل، والقطان، والسمان، ويعقوب بن سفيان، والاصم، والزجاج، والفراء، وأبي عبيد، وأبي العباس والنجاشي، والدمياطي، والعوفي، والنهدي، والثمالي، وابن فورك، وابن حبيب. فأما أسانيد كتب أصحابنا فأكثرها عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، حدثنا بذلك أبو الفضل الداعي (1) بن علي الحسيني السروي، وأبو الرضا فضل الله (2) بن علي الحسيني القاساني، و عبد الجليل (3) بن عيسى بن عبد الوهاب الرازي، وأبو الفتوح أحمد بن (4)


(1) عنونه الشيخ الحر في امل الامل وقال: كان عالما فاضلا من مشائخ ابن شهر آشوب. (2) هو السيد الامام ضياء الدين الراوندي أوعزنا الى ترجمته سابقا. (3) في امل الامل: عبد الجليل بن عيسى بن عبد الوهاب الرازي متكلم، فقيه، متبحر، استاد الائمة في عصره. (4) الصحيح: حسين بن علي بن محمد بن أحمد الرازي، وقد اسلفنا ترجمته في المقدمة الثانية.

[ 68 ]

حسين بن علي الرازي، ومحمد وعلي (1) ابنا علي بن عبد الصمد النيسابوري، ومحمد بن (2) الحسن الشوهاني، وأبو علي الفضل (3) بن الحسن بن الفضل الطبرسي، وأبو جعفر محمد (4) ابن علي بن الحسن الحلبي، ومسعود (5) بن علي الصوابي، والحسين (6) بن أحمد بن علي بن طحال المقدادي، وعلي (7) بن شهر آشوب السروي والدى، كلهم عن الشيخين المفيدين أبي علي الحسن (8) بن محمد بن الحسن الطوسي، وأبي الوفاء عبد الجبار (9) بن علي المقري الرازي، عنه. وحدثنا أيضا المنتهى (10) بن أبي زيد بن كبابكي الحسيني الجرجاني، ومحمد (11) ابن الحسن الفتال النيسابوري، وجدي شهر آشوب، عنه أيضا سماعا، وقراءة، و مناولة، وإجازة بأكثر كتبه ورواياته. وأما أسانيد كتب الشريفين المرتضى والرضي ورواياتهما، فعن السيد أبي الصمصام


(1) قال الشيخ منتجب الدين في ترجمة والده: علي بن عبد الصمد التميمي السبزواري فقيه، دين، ثقة، قرأ على الشيخ ابي جعفر رحمهم الله. ابنه الشيخ ركن الدين علي بن علي فقيه، قرأ على والده وعلى الشيخ ابي علي ابن الشيخ ابي جعفر رحمهم الله. (2) في امل الامل: كان عالما ورعا من مشائخ ابن شهر آشوب. (3) هو امين الاسلام صاحب كتاب مجمع البيان المتقدم ذكره في المقدمة الثانية. (4) في امل الامل: كان عالما فاضلا ماهرا من مشائخ ابن شهر آشوب. (5) في امل الامل: فاضل جليل من مشائخ ابن شهر آشوب. (6) تأتي ترجمته عن قريب. (7) تقدم ترجمته وترجمة أبيه في المقدمة الثانية في ترجمة ابنه. (8) اسلفنا الكلام في ترجمته في المقدمة الثانية. (9) اورد ترجمته الشيخ منتجب الدين في فهرسته وقال: الشيخ المفيد عبد الجبار بن عبد الله ابن علي المقري الرازي فقيه الاصحاب بالري، قرأ عليه في زمانه قاطبة المتعلمين من السادة والعلماء، وهو قد قرأ على الشيخ أبو جعفر الطوسي جميع تصانيفه، وقرأ على الشيخين: سالار، وابن البراج، وله تصانيف بالعربية والفارسية في الفقه، أخبرنا بها الشيخ الامام جمال الدين أبو الفتوح الخزاعي رحمهم الله. (10) في امل الامل: المنتهى بن ابي زيد بن كبابكي الحسيني الكجي الجرجاني عالم، فقيه يروي عن ابيه عن السيد المرتضى والرضي ويروي عن الشيخ الطوسي. (11) تقدم ترجمته في المقدمة الثانية.

[ 69 ]

ذي الفقار (1) بن معبد الحسني المروزي، عن أبي عبد الله محمد بن علي الحلواني (2)، عنهما، وبحق روايتي عن السيد المنتهى، عن أبيه أبي زيد وعن محمد بن علي الفتال الفارسي، عن أبيه الحسن، كليهما عن المرتضى. وقد سمع المنتهى والفتال بقراءة أبويهما عليه أيضا، وما سمعنا من القاضي الحسن الاسترابادي، عن ابن المعافي بن قدامة، عنه أيضا وما صح لنا من طريق الشيخ أبي جعفر، عنه. وروى السيد المنتهى، عن أبيه، عن الشريف الرضي. وأما أسانيد كتب الشيخ المفيد فعن أبي جعفر وأبي القاسم ابني كميح، عن أبيهما عن ابن البراج، عن الشيخ. ومن طرق أبي جعفر الطوسي أيضا عنه. وأما أسانيد كتب أبي جعفر بن بابويه: عن محمد وعلي ابني علي بن عبد الصمد، عن أبيهما، عن أبي البركات علي بن الحسين الحسيني الخوزي، عنه. وكذلك من روايات أبي جعفر الطوسي. وأما أسانيد كتب ابن شاذان، وابن فضال، وابن الوليد، وابن الحاسر، و علي بن إبراهيم، والحسن بن حمزة، والكليني، والصفواني، والعبدكي، والفلكي، و غيرهم فهو على ما نص عليها أبو جعفر الطوسي في الفهرست. وحدثني الفتال بالتنوير في معاني التفسير، وبكتاب روضة الواعظين، وبصيرة المتعظين. وأنبأني الطبرسي بمجمع البيان لعلوم القرآن، وبكتاب إعلام الورى بأعلام الهدى. وأجاز لي أبو الفتوح رواية روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن. وناولني أبو الحسن البيهقي حلية الاشراف، وقد أذن لي الامدي في رواية غرر الحكم. ووجدت بخط أبي طالب الطبرسي كتابه الاحتجاج. وذلك مما يكثر تعداده، ولا يحتاج إلى


(1) قال الشيخ منتجب الدين: السيد عماد الدين أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد بن معبد الحسني المروزي عالم، دين، يروي عن السيد الاجل المرتضى علم الهدى أبي القاسم علي بن الحسين الموسوي والشيخ الموفق أبي جعفر محمد بن الحسن قدس الله روحهما، وقد صادفته وكان ابن مائة وخمسة عشر سنة. (2) في أمل الامل: كان عالما، عابدا من تلامذة السيد المرتضى والسيد الرضي.

[ 70 ]

ذكره لاجتماعهم عليه وما هذا إلا جزء من كل، ولا أنا – علم الله تعالى – إلا معترف بالعجز والتقصير كما قال أبو الجوائز. رويت وما رويت من الرواية * وكيف وما انتهيت إلى نهاية وللاعمال غايات تناهى * وإن طالت وما للعلم غاية وقد قصدت في هذا الكتاب من الاختصار على متون الاخبار، وعدلت عن الاطالة والاكثار والاحتجاج من الظواهر، والاستدلال على فحواها، وحذفت أسانيدها لشهرتها، ولاشارتي إلى رواتها وطرقها والكتب المنتزعة منها لتخرج بذلك عن حد المراسيل، وتلحق بباب المسندات. وربما تتداخل الاخبار بعضها في بعض، ويختصر منها موضع الحاجة، أو نختار ما هو أقل لفظا، أو جاءت غريبة من مظان بعيدة، أو وردت منفرة محتاجة إلى التأويل فمنها: ما وافقه القرآن، ومنها: ما رواه خلق كثير حتى صار علما ضروريا يلزمهم العمل به، ومنها: ما بقيت آثارها رؤية أو سمعا، ومنها: ما نطقت به الشعراء والشعرورة، لتبذلها، فظهرت مناقب أهل البيت (عليهم السلام) بإجماع موافقيهم وإجماعهم حجة على ما ذكر في غير موضع، واشتهرت على ألسنة مخالفيهم على وجه الاضطرار، ولا يقدرون على الانكار، على ما أنطق الله به رواتهم، وأجراها على أفواه ثقاتهم، مع تواتر الشيعة بها وذلك خرق العادة، وعظة لمن تذكر، فصارت الشيعة موفقة لما نقلته ميسرة، والناصبة مخيبة فيما حملته مسخرة لنقل هذه الفرقة ما هو دليل لها في دينها، وحمل تلك ما هو حجة لخصمها دونها، وهذا كاف لمن ألقى السمع وهو شهيد وإن هذا لهو البلاء المبين وتذكرة للمتذكرين، ولطف من الله تعالى للعالمين. هذا آخر ما نقلناه عن المناقب. ولنذكر ما وجدناه في مفتتح تفسير الامام العسكري صلوات الله عليه. قال الشيخ أبو الفضل شاذان بن جبرئيل بن إسماعيل القمي أدام الله تأييده: حدثنا السيد محمد بن شراهتك (1) الحسني الجرجاني، عن السيد أبي جعفر


(1) في التفسير: سراهنك الحسني الجرجاني. ثم ان الظاهر أن ” مهتدي ” مصحف ” مهدي ” وهو كما يأتي عن الاحتجاج مهدي بن العابد أبي الحرب الحسيني المرعشي، وعده المحقق الوحيد رحمه الله في التعليقه من أجلاء الطائفة ومن مشائخ الاجازة.

[ 71 ]

مهتدي بن حارث الحسيني المرعشي، عن الشيخ الصدوق أبي عبد الله جعفر بن محمد الدوريستي عن أبيه، عن الشيخ الفقيه أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي رحمه الله تعالى قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن القاسم الاسترابادي الخطيب رحمه الله تعالى، قال: حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار (1) – وكانا من الشيعة الامامية – قالا: كان أبوانا إماميين، وكانت الزيدية هم الغالبين بأستراباد، وكانا في إمارة الحسن بن زيد العلوي الملقب بالداعي إلى الحق إمام الزيدية (2) وكان كثير الاصغاء إليهم يقتل الناس بسعاياتهم فخشيناهم على أنفسنا، فخرجنا بأهلينا إلى حضرة الامام الحسن بن علي بن محمد أبي القائم (عليهم السلام) فأنزلنا عيالاتنا في بعض الخانات (3) ثم استأذنا على الامام الحسن بن علي (عليهما السلام) فلما رآنا قال: مرحبا بالاوين إلينا الملتجئين إلى كنفنا (4) قد تقبل الله سعيكما، وآمن روعتكما (5) وكفاكما أعداءكما فانصرفا آمنين على أنفسكما وأموالكما، فعجبنا من قوله ذلك لنا مع أنا لم نشك في صدقه في مقاله فقلنا: بماذا تأمرنا أيها الامام أن نصنع إلى أن ننتهي إلى هناك ؟ وكيف ندخل ذلك البلد ومنه هربنا ؟ وطلب سلطان البلد لنا حثيث (6) ووعيده إيانا شديد ! فقال: خلفا علي ولديكما هذين لافيدهما العلم الذي يشرفهما الله تعالى به، ثم لا تحفلا بالسعاة ولا بوعيد المسعي إليه، فإن الله تعالى يقصم السعاة (7) ويلجئهم إلى شفاعتكم فيهم عند من قد هربتم منه. قال أبو يعقوب وأبو الحسن: فاتمرا بما أمر وخرجا وخلفانا هناك فكنا نختلف


(1) تقدم ترجمته في المقدمة الثانية. (2) عنونه ابن النديم في فهرسه هكذا: الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي (عليهما السلام) الملقب بالداعي الى الحق، ظهر بطبرستان في سنة 250 ومات بها مملكا عليه سنة 270. (3) الخان: محل نزول المسافرين ويسمى الفندق. والجمع: خانات. (4) الكنف: الجانب. وكنف الطائر جناحاه. (5) الروعة: الفزعة. (6) الحثيث: السريع. (7) قصم الرجل: أهلكه. والسعاية: النميمة والوشاية.

[ 72 ]

إليه فيلقانا ببر الاباء وذوي الارحام الماسة، فقال لنا ذات يوم: إذا أتاكما خبر كفاية الله عزوجل أبويكما وإخزاؤه أعداءهما وصدق وعدي إياهما، جعلت من شكر الله عز وجل أن أفيدكما تفسير القرآن مشتملا على بعض أخبار آل محمد (عليهم السلام) فيعظم بذلك شأنكما. قال: ففرحنا، وقلنا يا بن رسول الله فإذا نأتي على جميع علوم القرآن ومعانيه قال: كلا إن الصادق (عليه السلام) علم ما اريد أن اعلمكما بعض أصحابه، ففرح بذلك فقال يا بن رسول الله قد جمعت علم القرآن كله فقال: قد جمعت خيرا كثيرا، واوتيت فضلا واسعا، ولكنه مع ذلك أقل قليل أجزاء علم القرآن إن الله عزوجل يقول: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا (1). ويقول: ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله (2). وهذا علم القرآن ومعانيه وما اودع من عجائبه، فكم قد ترى مقدار ما أخذته من جميع هذا ؟ ولكن القدر الذي أخذته قد فضلك الله به على كل من لا يعلم كعلمك، ولا يفهم كفهمك. قالا: فلم نبرح من عنده حتى جاءنا فيج (3) قاصد من عند أبوينا بكتاب يذكر فيه أن الحسن بن زيد العلوي قتل رجلا بسعاية اولئك الزيدية واستصفى ماله، ثم أتت الكتب من النواحي والاقطار المشتملة على خطوط الزيدية بالعذل الشديد، والتوبيخ العظيم، يذكر فيها أن ذلك المقتول كان أفضل زيدي على ظهر الارض، وأن السعاة قصدوه لفضله وثروته فشكر لهم وأمر بقطع آنافهم وآذانهم، وأن بعضهم قد مثل به كذلك و آخرين قد هربوا، وأن العلوي ندم واستغفر وتصدق بالاموال الجليلة، بعد رد أموال ذلك المقتول على ورثته، وبذل لهم أضعاف دية وليهم المقتول واستحلهم، فقالوا: أما الدية فقد أحللناك منها: وأما الدم فليس إلينا، إنما هو إلى المقتول، والله الحاكم. وأن العلوي نذر لله عزوجل أن لا يعرض للناس في مذاهبهم. وفي كتاب أبويهما: أن الداعي


(1) الكهف: 109 (2) لقمان: 26 (3) في المصباح الفيج: الجماعة، وقد يطلق على الواحد فيجمع على فيوج وأفياج. وفي الصراح: الفيج معرب پيك.

[ 73 ]

الحسن بن زيد قد أرسل إلينا بعض ثقاته بكتابه وخاتمه بأمانه، وضمن لنا رد أموالنا وجبر النقص الذي لحقنا فيها، وإنا صائران إلى البلد، متنجزان ما وعدنا (1)، فقال الامام (عليه السلام): إن وعد الله حق فلما كان اليوم العاشر جاءنا كتاب أبوينا بأن الداعي قد وفى لنا بجميع عداته (2) وأمرنا بملازمة الامام العظيم البركة، الصادق الوعد، فلما سمع الامام (عليه السلام) قال: هذا حين إنجازي ما وعدتكما من تفسير القرآن، ثم قال: قد وظفت لكما كل يوم شيئا منه تكتبانه، فألزماني وواظبا علي يوفر الله عزوجل من السعادة حظوظكما. أقول: وفي بعض النسخ في أول السند هكذا: قال محمد بن علي بن محمد بن جعفر بن الدقاق: حدثني الشيخان الفقيهان أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان وأبو محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي رحمهما الله، قالا: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه رحمه الله إلى آخر ما مر. وقال الصدوق في كتاب إكمال الدين: قال الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، مصنف هذا الكتاب أعانه الله على طاعته: إن الذي دعاني إلى تأليف كتابي هذا أني لما قضيت وطري من زيارة علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه رجعت إلى نيسابور فأقمت بها فوجدت أكثر المختلفين إلي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم (عليه السلام) الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلى الاراء والمقاييس، فجعلت أبذل مجهودي (3) في إرشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب بالاخبار الواردة في ذلك عن النبي والائمة صلوات الله عليهم حتى ورد إلينا من بخارا شيخ من أهل الفضل والعلم والنباهة (4) ببلد قم، طال ما تمنيت لقاءه وأشتقت إلى مشاهدته، لدينه، وسديد رأيه، واستقامة طريقته، وهو الشيخ الدين أبو سعيد محمد ابن الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن علي بن الصلت القمي أدام الله توفيقه.


(1) أي طالبين تعجيل قضاء ما وعدنا. (2) جمع العدة بمعنى الوعد. (3) أي وسعى وطاقتي. (4) النباهة بفتح النون: الشرف، الفطنة، ضد الخمول.

[ 74 ]

وكان أبي رضي الله عنه يروي عن جده محمد بن أحمد بن علي بن الصلت قدس الله روحه ويصف علمه وفضله وزهده وعبادته، وكان أحمد بن محمد بن عيسى في فضله وجلالته يروي عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمي (1) رضي الله عنه، وبقي حتى لقيه محمد بن الحسن الصفار وروى عنه فلما أظفرني الله تعالى ذكره بهذا الشيخ الذي هو من أهل هذا البيت الرفيع شكرت الله تعالى ذكره على ما يسر لي من لقاءه، وأكرمني به من إخاءه، وحباني (2) به من وده وصفاءه، فبينا هو يحدثني ذات يوم إذ ذكر لي عن رجل قد لقيه ببخارا من كبار الفلاسفة والمنطقيين كلاما في القائم (عليه السلام) قد حيره وشككه في أمره بطول غيبته، وانقطاع أخباره فذكرت له فصولا في إثبات كونه، ورويت له أخبارا في غيبته، عن النبي والائمة صلوات الله عليهم سكنت إليها نفسه وزال بها عن قلبه ما كان دخل عليه من الشك والارتياب والشبهة، وتلقى ما سمعه من الاثار الصحيحة بالسمع والطاعة والقبول والتسليم، وسألني أن اصنف في هذا المعنى كتابا فأجبته إلى ملتمسه ووعدته جمع ما ابتغى إذا سهل الله العود إلى مستقري ووطني بالري. فبينا أنا ذات ليلة افكر فيما خلفت ورائي من أهل وولد وإخوان ونعمة إذ غلبني النوم فرأيت كاني بمكة أطوف حول البيت الحرام، وأنا في الشوط السابع عند الحجر الاسود أستلمه واقبله، وأقول: أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، فأرى مولانا القائم صاحب الزمان صلوات الله عليه واقفا بباب الكعبة فأدنو منه على شغل قلب وتقسم فكر، فعلم (عليه السلام) ما في نفسي بتفرسه في وجهي فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم قال لي: لم لا تصنف كتابا في الغيبة تكفي ما قد همتك ؟ فقلت له يا بن رسول الله قد صنفت في الغيبة أشياءا فقال صلوات الله عليه: ليس على ذلك السبيل آمرك أن تصنف ولكن صنف الان كتابا في الغيبة، واذكر فيه غيبات الانبياء (عليهم السلام).


(1) ذكره النجاشي والشيخ والعلامة وغيرهم في كتب رجالهم وصرحوا بوثاقته. قال النجاشي في ص 150 عبد الله بن الصلت أبو طالب القمي مولى بني تيم اللات بن ثعلبة ثقة مسكون إلى روايته روى عن الرضا (عليه السلام)، يعرف له كتاب التفسير، أخبرني عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الصلت، عن أبيه. (2) حبا كذا أو بكذا: أعطاه إياه بلا جزاء

[ 75 ]

ثم مضى صلوات الله عليه فانتبهت فزعا إلى الدعاء والبكاء والبث والشكوى إلى وقت طلوع الفجر، فلما أصبحت ابتدأت بتأليف هذا الكتاب ممتثلا لامر ولي الله وحجته، و مستعينا بالله ومتوكلا عليه، ومستغفرا من التقصير. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه انيب. وقال أحمد بن علي الطبرسي في الاحتجاج: لا نأتي في أكثر ما نورده من الاخبار باسناده إما: لوجود الاجماع عليه، أو: موافقته لما دلت العقول إليه، أو: لاشتهاره في السير والكتب بين المخالف والمؤالف إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) فإنه ليس في الاشتهار على حد ما سواه، وإن كان مشتملا على مثل الذي قدمناه فلاجل ذلك ذكرت اسناده في أول خبر من ذلك دون غيره لان جميع ما رويت عنه (عليه السلام) إنما رويته باسناد واحد من جملة الاخبار التي ذكرها (عليه السلام) في تفسيره. ثم قال: حدثني به السيد العالم العابد العادل أبو جعفر مهدي بن العابد أبي الحرب الحسيني المرعشي رضي الله عنه، قال: حدثني الشيخ الصدوق أبو عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد الدوريستي رحمه الله، قال: حدثني أبي محمد بن أحمد، قال: حدثني الشيخ السعيد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، قال: حدثني أبو الحسن محمد بن القاسم الاسترآبادي المفسر، قال: حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار – وكانا من الشيعة الامامية – عن أبويهما، قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام). وقال الشيخ ابن قولويه رحمه الله في مفتتح كتاب كامل الزيارة: وجمعته عن الائمة صلوات الله عليهم، ولم اخرج فيه حديثا روي عن غيرهم، إذ كان في ما روينا عنهم من حديثهم صلوات الله عليهم كفاية عن حديث غيرهم، وقد علمنا أنا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا – رحمهم الله – ترجمته ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال يأثر ذلك عنهم (1) غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم.


(1) وفي نسخة: يؤثر ذلك عن المذكورين.

[ 76 ]

ووجدت في بعض النسخ القديمة في مفتتح كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام): حدثني الشيخ المؤتمن الوالد أبو الحسين علي بن أبي طالب بن محمد بن أبي طالب التميمي المجاور، قال: حدثني السيد الاوحد الفقيه العالم عز الدين شرف السادة أبو محمد شرف شاه بن أبي الفتوح، محمد بن الحسين بن زياد العلوي الحسيني الافطسي النيسابوري أدام الله رفعته، في شهور سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه عند مجاورته به، قال: حدثني الشيخ الفقيه العالم أبو الحسن علي بن عبد الصمد التميمي رضي الله عنه في داره بنيسابور في شهور سنة إحدى وأربعين وخمس مائة، قال: حدثني السيد الامام الزاهد أبو البركات الخوزي رضي الله عنه، قال: حدثني الشيخ الامام العالم الاوحد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه. ولنذكر ما وجدناه في مفتتح كتاب سليم بن قيس (1) وهو هذا: أخبرني الرئيس العفيف أبو التقي (2) هبة الله بن نما بن علي بن حمدون رضي الله عنه قراءة عليه بداره بحلة الجامعين في جمادي الاولى سنة خمس وستين وخمس مائة، قال: حدثني الشيخ الامين العالم أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طحال المقدادي المجاور قراءة عليه بمشهد مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه سنة عشرين وخمس مائة قال: حدثنا الشيخ المفيد أبو علي الحسن بن محمد الطوسي رضي الله عنه، في رجب سنة تسعين وأربعمائة. وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله الحسن بن هبة الله بن رطبة، عن الشيخ المفيد أبي علي، عن والده فيما سمعته يقرأ عليه بمشهد مولانا السبط الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي صلوات الله عليه في المحرم من سنة ستين وخمس مائة.


(1) هو اقدم كتاب صنف في الاسلام في عصر التابعين بعد كتاب علي بن أبي رافع، وبذلك حازت الشيعه التقدم في التصنيف في عصر التابعين كما أن لهم ذلك التقدم في عهد الصحابة. فحين يرى بعض الصحابة تأليف الاحاديث وتدوينها غير مشروع جمع علي بن أبيطالب (عليه السلام) القرآن وألف كتاب الديات، وله (عليه السلام) قبل ذلك في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) تأليف كتابه في الحديث باملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والف سلمان كتابه في حديث الجاثليق، وأبو ذر كتابه في ما جرى بعد الرسول. (2) وفي نسخة: أبو البقاء

[ 77 ]

وأخبرني الشيخ المقري، أبو عبد الله محمد بن الكال (1) عن الشريف الجليل نظام الشرف أبي الحسن العريضي، عن ابن شهريار الخازن، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي. وأخبرني الشيخ الفقيه أبو عبد الله محمد بن علي بن شهر آشوب قراءة عليه بحلة الجامعين في شهور سنة سبع وستين وخمس مائة عن جده شهر آشوب، عن الشيخ السعيد أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه قال: حدثنا ابن أبي جيد، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ومحمد بن أبي القاسم الملقب بماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي، عن حماد بن عيسى، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي. قال الشيخ أبو جعفر: وأخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري، قال: أخبرنا أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري رحمه الله، قال: أخبرنا علي بن همام ابن سهيل، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين ابن أبي الخطاب وأحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن أبان ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي. قال عمر بن اذينة: دعاني ابن أبي عياش، فقال لي: رأيت البارحة رويا إني لخليق أن أموت سريعا، إني رأيتك الغداة ففرحت بك، إني رأيت الليلة سليم بن قيس الهلالي، فقال لي: يا أبان إنك ميت في أيامك هذه، فاتق الله في وديعتي ولا تضيعها وف لي بما ضمنت من كتمانك، ولا تضعها إلا عند رجل من شيعة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه له دين وحسب، فلما بصرت بك الغداة فرحت برؤيتك، وذكرت رؤياي سليم ابن قيس. لما قدم الحجاج العراق سأل عن سليم بن قيس فهرب منه، فوقع إلينا بالنوبندجان (2) متواريا، فنزل معنا في الدار، فلم أر رجلا كان أشد إجلالا لنفسه، ولا أشد إجتهادا ولا أطول بغضا للشهوة منه، وأنا يومئذ ابن أربع عشرة سنة قد قرأت القرآن: وكنت أسأله فيحدثني عن أهل بدر فسمعت منه أحاديث كثيرة، عن عمر بن أبي سلمة بن


(1) وفي نسخة: المكال. (2) قال الفيروز آبادي: النوبندجان بفتح النون والباء والدال المهملة قصبة كورة سابور. وقال أيضا: سابور كورة بفارس مدينتها نوبند جان.

[ 78 ]

أم سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله)، وعن معاذ بن جبل، وعن سلمان الفارسي، وعن علي، وأبي ذر، والمقداد، وعمار، والبراء بن عازب، ثم أسلمنيها ولم يأخذ علي يمينا، فلم ألبث أن حضرته الوفاة فدعاني فخلا بي وقال: يا أبان ! قد جاورتك فلم أر منك إلا ما أحب، وإن عندي كتبا سمعتها عن الثقات، وكتبتها بيدي فيها أحاديث لا احب أن تظهر للناس لان الناس ينكرونها ويعظمونها، وهي حق أخذتها من أهل الحق والفقه والصدق والبر عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي، وأبي ذر الغفاري، والمقداد ابن الاسود، وليس منها حديث أسمعه من أحدهم إلا سألت عنه الاخر حتى اجتمعوا عليه جميعا، وأشياء بعد سمعتها من غيرهم من أهل الحق: وإني هممت حين مرضت أن احرقها فتأثمت من ذلك وقطعت به، فإن جعلت لي عهد الله وميثاقه أن لا تخبر بها أحدا ما دمت حيا ولا تحدث بشئ منها بعد موتي إلا من تثق به كثقتك بنفسك، وإن حدث بك حدث أن تدفعها إلي من تثق به من شيعة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ممن له دين وحسب، فضمنت ذلك له فدفعها إلي، وقرأها كلها علي فلم يلبث سليم أن هلك رحمه الله، فنظرت فيها بعده وقطعت بها وأعظمتها واستصعبتها لان فيها هلاك جميع امة محمد (صلى الله عليه وآله) من المهاجرين والانصار والتابعين غير علي بن أبي طالب وأهل بيته صلوات الله عليهم وشيعته. فكان أول من لقيت بعد قدومي البصرة الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو يومئذ متوار من الحجاج، والحسن يومئذ من شيعة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه من مفرطيهم نادم متلهف على ما فاته من نصرة علي (عليه السلام) والقتال معه يوم الجمل فخلوت به في شرقي دار أبي خليفة الحجاج بن أبي عتاب، فعرضتها عليه فبكى ثم قال: ما في حديثه شئ إلا حق قد سمعته من الثقات من شيعة علي صلوات الله عليه وغيرهم. قال أبان: فحججت من عامي ذلك فدخلت على علي بن الحسين (عليهما السلام) وعنده أبو الطفيل عامر بن واثلة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكان من خيار أصحاب علي (عليه السلام)، ولقيت عنده عمر بن أبي سلمة بن ام سلمة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله) فعرضته عليه، وعرضت على علي بن الحسين صلوات الله عليه ذلك أجمع ثلاثة أيام، كل يوم إلى الليل، ويغدو


[ 79 ]

عليه عمر وعامر فقرأته عليه ثلاثة أيام فقال لي: صدق سليم رحمه الله هذا حديثنا كله نعرفه وقال أبو الطفيل وعمر بن أبي سلمة، ما فيه حديث إلا وقد سمعته من علي صلوات الله عليه، ومن سلمان، ومن أبي ذر، والمقداد. قال عمر بن اذينة: ثم دفع إلي أبان كتب سليم بن قيس الهلالي، ولم يلبث أبان بعد ذلك إلا شهرا حتى مات. فهذه نسخة كتاب سليم بن قيس العامري دفعه إلي أبان بن أبي عياش، وقرأه علي، وذكر أبان أنه قرأه على علي بن الحسين (عليه السلام) فقال (عليه السلام): صدق سليم هذا حديثنا نعرفه، انتهى. وأقول: سيأتي تمام ذلك في كتاب الفتن. وسنورد سائر مفتتحات الكتب وأسانيدها في المجلد الخامس والعشرين إن شاء الله تعالى. وحيث فرغنا مما أردنا إيراده في مقدمة الكتاب فلنذكر فهرست ما اشتمل عليه كتابنا من الكتب وترتيبها، ثم لنشرع في إيراد المقاصد في الابواب ولا حول ولا قوة إلا بالله، وعليه التوكل وإليه المآب. * (فهرست الكتب) * 1 – كتاب العقل والعلم والجهل. 2 – كتاب التوحيد. 3 – كتاب العدل والمعاد. 4 – كتاب الاحتجاجات والمناظرات وجوامع العلوم. 5 – كتاب قصص الانبياء (عليهم السلام). 6 – كتاب تاريخ نبينا وأحواله (صلى الله عليه وآله). 7 – كتاب الامامة، وفيه جوامع أحوالهم (عليهم السلام). 8 – كتاب الفتن وفيه ما جرى بعد النبي (صلى الله عليه وآله) من غصب الخلافة، وغزوات أمير المؤمنين (عليه السلام). 9 – كتاب تاريخ أمير المؤمنين صلوات الله عليه وفضائله وأحواله.


[ 80 ]

10 – كتاب تاريخ فاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم وفضائلهم ومعجزاتهم. 11 – كتاب تاريخ علي بن الحسين، ومحمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق وموسى بن جعفر الكاظم صلوات الله عليهم، وفضائلهم ومعجزاتهم. 12 – كتاب تاريخ علي بن موسى الرضا ومحمد بن علي الجواد وعلي بن محمد الهادي والحسن بن علي العسكري وأحوالهم ومعجزاتهم صلوات الله عليهم. 13 – كتاب الغيبة وأحوال الحجة القائم صلوات الله عليه. 14 – كتاب السماء والعالم وهو يشتمل على أحوال العرش والكرسي والافلاك و العناصر والمواليد والملائكة، والجن، والانس، والوحوش، والطيور، وسائر الحيوانات وفيه أبواب الصيد والذباحة، وأبواب الطب. 15 – كتاب الايمان والكفر ومكارم الاخلاق. 16 – كتاب الاداب والسنن، والاوامر والنواهي، والكبائر والمعاصي، وفيه أبواب الحدود. 17 – كتاب الروضة، وفيه المواعظ والحكم والخطب. 18 – كتاب الطهارة والصلوة. 19 – كتاب القرآن والدعاء. 20 – كتاب الزكوة والصوم، وفيه أعمال السنة. 21 – كتاب الحج. 22 – كتاب المزار. 23 – كتاب العقود والايقاعات. 24 – كتاب الاحكام. 25 – كتاب الاجازات، وهو آخر الكتب، ويشتمل على أسانيدنا وطرقنا إلى جميع الكتب، وإجازات العلماء الاعلام رضوان الله عليهم أجمعين.


[ 81 ]

(كتاب العقل والعلم والجهل) * (أبواب العقل والجهل) * باب 1 فضل العقل وذم الجهل. الايات، البقرة: لايات لقوم يعقلون 164 ” وقال تعالى “: كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون 242 ” وقال تعالى “: وما يذكر إلا اولوا الالباب 269 آل عمران: وما يذكر إلا اولوا الالباب 7 ” وقال تعالى “: قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون 118 ” وقال “: إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لآيات لاولي الالباب 190 المائدة: ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 85 ” وقال تعالى “: فاتقوا الله يا اولي الالباب 100 ” وقال “: وأكثرهم لا يعقلون 103 الانعام: ولكن أكثرهم يجهلون 111 ” وقال “: وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون 32 الانفال: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون 22 يونس: أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون 42 ” وقال تعالى “: ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون 100 هود: ولكني أريكم قوما تجهلون 29 يوسف: إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 2 الرعد: إنما يتذكر اولو الالباب 19 ابراهيم: وليذكر اولوا الالباب 52 طه: إن في ذلك لآيات لاولي النهى 54 النور: كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون 61 الزمر: إن في ذلك لذكرى لاولي الالباب 21


[ 82 ]

المؤمن: هدى وذكرى لاولي الالباب 54 ” وقال تعالى “: ولعلكم تعقلون 67 الجاثية: آيات لقوم يعقلون 5 الحجرات: أكثرهم لا يعقلون 4 الحديد: قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون 17 الحشر: ذلك بأنهم قوم لا يعقلون 14 1 – مع، لى: الحافظ، عن أحمد بن عبد الله الثقفي، عن عيسى بن محمد الكاتب، عن المدائني، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): عقول النساء في جمالهن، وجمال الرجال في عقولهم (1) بيان: الجمال: الحسن في الخلق والخلق. وقوله (عليه السلام): عقول النساء في جمالهن لعل المراد أنه لا ينبغي أن ينظر إلى عقلهن لندرته بل ينبغي أن يكتفى بجمالهن، أو المراد أن عقلهن غالبا لازم لجمالهن، والاول أظهر. 2 – لى: العطار، عن أبيه، عن سهل، عن محمد بن عيسى، عن البزنطي، عن جميل عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: أصل الانسان لبه، وعقله دينه، ومروته حيث يجعل نفسه، والايام دول، والناس إلى آدم شرع سواء. بيان: اللب بضم اللام: خالص كل شئ، والعقل. والمراد هنا الثاني أي تفاضل أفراد الانسان في شرافة أصلهم إنما هو بعقولهم لا بأنسابهم وأحسابهم. ثم بين (عليه السلام) أن العقل الذي هو منشا الشرافة إنما يظهر باختياره الحق من الاديان، وبتكميل دينه بمكملات الايمان، والمروءة مهموزا بضم الميم والراء الانسانية (2) مشتق من ” المرء ” وقد يخفف بالقلب والادغام، والظاهر أن المراد أن إنسانية المرء وكماله و نقصه فيها إنما يعرف بما يجعل نفسه فيه ويرضاه لنفسه من الاشغال والاعمال و


(1) يحتمل أن يكون مراده (عليه السلام) حث الرجال وترغيبهم فيما يكمل به عقولهم وتحريصهم على ترك تزيين جمالهم وما يتعلق بظاهرهم. مثل ما تقول: أنت لرجل كم ترغب في تحسين ظاهرك و نظافة وجهك وجعادة شعرك ؟ ! دع ذلك للنساء، إنما جمال الرجل في تكميل عقله وتزكية نفسه وعلى ذلك فالمراد بالجمال هو حسن الظاهر والخلق. (2) وقد أخطأ رحمه الله فان هذه الاشتقاقات كالانسانية والمروة والفتوة ونحوها لافادة ظهور آثار مبدأ الاشتقاق فمعنى المروة ظهور آثار المرء مقابل المرئة في الانسان وهو علو النظر و الصفح عن المناقشة في صغائر العيوب والوفاء ونحوها.

[ 83 ]

الدرجات الرفيعة، والمنازل الخسيسة، فكم بين من لا يرضى لنفسه إلا كمال درجة العلم والطاعة والقرب والوصال، وبين من يرتضي أن يكون مضحكة للئام لاكلة ولقمة ولا يرى لنفسه شرفا ومنزلة سوى ذلك. ويحتمل أن يكون المراد التزوج بالاكفاء، كما قال الصادق (عليه السلام) لداود الكرخي حين أراد التزويج: انظر أين تضع نفسك. والتعميم أظهر. والدول مثلثة الدال: جمع دولة بالضم والفتح وهما بمعنى انقلاب الزمان، وانتقال المال أو العزة من شخص إلى آخر، وبالضم: الغلبة في الحروب، والمعنى أن ملك الدنيا وملكها وعزها تكون يوما لقوم ويوما لآخرين. والناس إلى آدم شرع بسكون الراء وقد يحرك أي سواء في النسب، وكلهم ولد آدم، فهذه الامور المنتقلة الفانية لا تصير مناطا للشرف بل الشرف بالامور الواقعية الدائمة الباقية في النشأتين، والاخيرتان مؤكدتان للاوليين. 3 – لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن هاشم، عن ابن مرار، عن يونس، عن ابن سنان (1) عن الصادق جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: خمس من لم يكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع، قيل: وما هن ؟ يا بن رسول الله ! قال: الدين، والعقل، والحياء، وحسن الخلق، وحسن الادب وخمس من لم يكن فيه لم يتهنأ العيش: الصحة، والامن، والغنى، والقناعة، والانيس الموافق. 4 – ل: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن إسماعيل بن قتيبة البصري، عن أبي خالد العجمي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: خمس من لم يكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع: الدين، والعقل، والادب، والحرية، وحسن الخلق. سن: ابن يزيد مثله. وفيه والجود مكان الحرية. بيان: حسن الادب إجراء الامور على قانون الشرع والعقل في خدمة الحق ومعاملة الخلق. والغنى: عدم الحاجة إلى الخلق، وهو غنى النفس فإنه الكمال لا


(1) بكسر السين المهملة وفتح النون، الظاهر انه عبد الله بن سنان وهو كما في رجال النجاشي ابن طريف مولى بني هاشم ويقال مولى بني أبي طالب، كان خازنا للمنصور والمهدي والهادي والرشيد كوفي ثقة، من أصحابنا، جليل، لا يطعن عليه في شئ، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وقيل: روى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) ولم يثبت لان محمد بن سنان لم يرو عن أبي عبد الله (عليه السلام).

[ 84 ]

الغنى بالمال. والحرية تحتمل المعنى الظاهر فإنها كمال في الدنيا، وضدها غالبا يكون مانعا عن تحصيل الكمالات الاخروية، ويحتمل أن يكون المراد بها الانعتاق عن عبودية الشهوات النفسانية، والانطلاق عن اسر الوساوس الشيطانية، والله يعلم. 5 – لى: لا جمال أزين من العقل. رواه في خطبة طويلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) سيجيئ تمامها في باب خطبه (عليه السلام). 6 – لى: ابن موسى، عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، قال: قلت لابي عبد الله الصادق (عليه السلام): فلان من عبادته ودينه وفضله كذا وكذا قال: فقال كيف عقله ؟ فقلت: لا أدري، فقال: إن الثواب على قدر العقل، إن رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله عزوجل في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر طاهرة الماء، وإن ملكا من الملائكة مر به، فقال: يا رب أرني ثواب عبدك هذا، فأراه الله عزوجل ذلك، فاستقله الملك، فأوحى الله عزوجل إليه أن اصحبه فأتاه الملك في صورة انسي فقال له من أنت ؟ قال أنا رجل عابد بلغنا مكانك وعبادتك بهذا المكان فجئت لاعبد معك فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال له الملك: إن مكانك لنزهة، قال: ليت لربنا بهيمة، فلو كان لربنا حمار لرعيناه في هذا الموضع فإن هذا الحشيش يضيع، فقال له الملك: وما لربك حمار ؟ فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش ! فأوحى الله عزوجل إلى الملك إنما اثيبه على قدر عقله (1).


(1) يمكن أن يقال: أن المراد من الثواب ما اعد للمستضعفين والبله، أو يقال: إن الثواب يترتب على روح الطاعة، وكون العبد منقادا ومطيعا لامر مولاه، كما أن العقاب يترتب على العصيان، وكونه في مقام التجري والعناد، فحيث إن العابد كان مؤمنا ومنقادا لله تعالى فيترتب الثواب على إيمانه وانقياده وان كان في إدراك بعض صفاته تعالى قاصرا ولذا ترى أنه لحبه وانقياده للمولى يتمنى أن ترجع المنفعة إليه سبحانه كما يشعر بذلك قوله: ليت لربنا بهيمة. وقوله: فلو كان لربنا حمار لرعيناه. هذا كله على فرض دلالة الحديث على اعتقاده بالتجسم، ويمكن أن يقال: ان حسن انتخاب الانسان يكشف عن كمال عقله، وعدمه على عدمه، فانتخاب الممتنع مع امكان انتخاب الممكن أو تفضيل الاخس وهو رعي حماره على الاشرف وهو مناجاته وعبادته تعالى يكشف عن قصور عقله، فالعابد لم يكن ممن يقول بجسميته سبحانه كما يشعر بذلك كلمة ” لو وليت ” ولكن لما كان عقله ناقصا فالثواب التام لا يليق به.

[ 85 ]

7 – وقال الصادق (عليه السلام): ما كلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) العباد بكنه عقله قط. قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الانبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم. بيان: الظاهر أن قوله: وقال الصادق (عليه السلام) إلى آخر الخبر خبر مرسل كما يظهر من الكافي. قوله: من عبادته بيان لقوله: كذا وكذا. وكذا خبر لقوله: فلان. ويحتمل أن يكون متعلقا بمقدر أي فذكرت من عبادته، وأن يكون متعلقا بما عبر عنه (بكذا وكذا) كقوله (فاضل كامل) فكلمة ” من ” بمعنى ” في ” أو للسببية. والنضارة: الحسن. والطهارة هنا بمعناه اللغوي أي الصفاء واللطافة. وفي بعض نسخ الكافي بالظاء المعجمة أي كان جاريا على وجه الارض. والنزاهة: البعد عما يوجب القبح والفساد، والاظهر لنزه كما في الكافي، ولعله بتأويل البقعة والعرصة ومثلهما. وفي الخبر إشكال: من حيث إن ظاهره كون العابد قائلا بالجسم، وهو ينافي استحقاقه للثواب مطلقا، وظاهر الخبر كونه مع هذه العقيدة الفاسدة مستحقا للثواب لقلة عقله وبلاهته، ويمكن أن يكون اللام في قوله: لربنا بهيمة للملك لا للانتفاع، ويكون مراده تمني أن يكون في هذا المكان بهيمة من بهائم الرب لئلا يضيع الحشيش فيكون نقصان عقله باعتبار عدم معرفته بفوائد مصنوعات الله تعالى بأنها غير مقصورة على أكل البهيمة، لكن يأبى عنه جواب الملك إلا أن يكون لدفع ما يوهم كلامه، أو يكون إستفهاما إنكاريا أي خلق الله تعالى بهائم كثيرا ينتفعون بحشيش الارض، وهذه إحدى منافع خلق الحشيش، وقد ترتبت بقدر المصلحة، ولا يلزم أن يكون في هذا المكان حمار، بل يكفي وجودك وانتفاعك. ويحتمل أن يكون اللام للاختصاص لا على محض المالكية بأن يكون لهذه البهيمة اختصاص بالرب تعالى كاختصاص بيته به تعالى مع عدم حاجته إليه، ويكون جواب الملك أنه لا فائدة في مثل هذا الخلق حتى يخلق الله تعالى حمارا، وينسبه إلى مقدس جنابه تعالى كما في البيت فإن فيه حكما كثيرة. وعلى التقادير لابد إما من ارتكاب تكلف تام في الكلام، أو التزام فساد بعض


[ 86 ]

الاصول المقررة في الكلام. والله يعلم. 8 – ل، لى: ابن البرقي، عن أبيه، عن جده، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة (1) عن ابن طريف (2) عن ابن نباتة (3) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: هبط جبرئيل على آدم (عليه السلام) فقال: يا آدم إني امرت أن اخيرك واحدة من ثلاث، فاختر واحدة ودع إثنتين فقال له آدم: وما الثلاث يا جبرئيل ؟ فقال: العقل، والحياء، والدين (4) قال آدم فإني قد اخترت العقل، فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه فقالا له: يا جبرئيل إنا امرنا (5) أن نكون مع العقل حيثما كان، قال: فشأنكما، وعرج. سن: عمرو بن عثمان، مثله. بيان: الشأن بالهمز: الامر والحال أي ألزما شأنكما، أو شأنكما معكما، ولعل الغرض كان تنبيه آدم (عليه السلام) وأولاده بعظمة نعمة العقل. وقيل: الكلام مبني على الاستعارة التمثيلية. ويمكن أن يكون جبرئيل (عليه السلام) أتى بثلاث صور، مكان كل من الخصال صورة تناسبها، فان لكل من الاعراض والمعقولات صورة تناسبه من الاجسام والمحسوسات وبها تتمثل في المنام بل في الآخرة. والله يعلم. 9 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى، عن


(1) هو المفضل بن صالح الاسدي النخاس بالنون المضمومة والخاء المعجمة المشددة رمى بالغلو والضعف والكذب ووضع الحديث. (2) بالطاء والراء المهملتين وزان أمير هو سعد بن طريف الحنظلي الاسكاف مولى بني تميم الكوفي، عده الشيخ من أصحاب السجاد والباقر والصادق (عليهم السلام) قال: روى عن الاصبغ بن نباتة وهو صحيح الحديث (3) بضم النون، هو: الاصبغ ” بفح الهمزة ” ابن نباتة التميمي الحنظلي المجاشعي الكوفي. قال النجاشي: كان من خاصة أمير المؤمنين (عليه السلام) وعمر بعده، روى عنه عهد الاشتر ووصيته الى محمد إبنه (4) المراد بالعقل هنا لطيفة ربانية يدرك بها الانسان حقيقة الاشياء، ويميز بها بين الخير والشر، والحق والباطل، وبها يعرف ما يتعلق بالمبدأ والمعاد. وله مراتب بحسب الشدة والضعف. والحياء: غريزة مانعة من ارتكاب القبائح ومن التقصير في حقوق الحق والخلق. والدين: ما به صلاح الناس ورقيهم في المعاش والمعاد من غرائز خلقية وقوانين وضعية. (5) لعل المراد بالامر هو التكويني، دون التشريعي. وهو استلزام العقل للحياء والدين، وتبعيتهما له.

[ 87 ]

ابن مسكان (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لم يقسم بين العباد أقل من خمس: اليقين، والقنوع، والصبر، والشكر، والذي يكمل به هذا كله العقل. سن: عثمان بن عيسى مثله. بيان: أي هذه الخصال في الناس أقل وجودا من سائر الخصال، ومن كان له عقل يكون فيه جميعها على الكمال، فيدل على ندرة العقل أيضا. 10 – ل: في الاربعمائة، من كمل عقله حسن عمله. 11 – ن: الدقاق، عن الاسدي، عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي، عن حمدان الديواني قال: قال الرضا (عليه السلام): صديق كل إمرئ عقله، وعدوه جهله (2).


(1) بضم الميم وسكون السين المهملة، اسم والد عبد الله، قال النجاشي: ص 148 عبد الله بن مسكان، أبو محمد مولى عنزه، ثقة، عين، روى عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، وقيل أنه روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) وليس بثبت، له كتب منها كتاب في الامامة، وكتاب في الحلال والحرام، وأكثره عن محمد بن علي بن أبي شعبة الحلبي وذكر طرقه إليه فقال بعده: مات في أيام أبي الحسن قبل الحادثة، عده الكشي في ص 239 ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وتصديقهم لما يقولون، وأقروا لهم بالفقه، من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام). وقال في ص 243: لم يسمع من أبي عبد الله (عليه السلام) إلا حديث ” من أدرك المشعر فقد أدرك الحج ” الى أن قال: وزعم أبو النضر محمد بن مسعود أن ابن مسكان كان لا يدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله فكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه إجلالا له وإعظاما له (عليه السلام) إنتهى. أقول: يوجد له روايات كثيرة في أبواب الفقه وغيرها عن أبي عبد الله (عليه السلام) حتى نقل عن المجلسي الاول رحمه الله أنها تبلغ قريبا من ثلاثين حديثا من الكتب الاربعة وغيرها. فلازم صحة كلام النجاشي والكشي إرسال تلك الاحاديث، وهو بعيد جدا ويمكن حمل كلامهما على عدم روايته عنه (عليه السلام) بالمشافهة فلا مانع من سؤاله عنه (عليه السلام) بالمكاتبة كما يومى بذلك الكشي في رجاله: قال: وزعم يونس أن ابن مسكان سرح مسائل الى ابي عبد الله (عليه السلام) يسأله فيها وأجابه عليها. من ذلك: ما خرج إليه مع إبراهيم بن ميمون كتب إليه يسأله عن خصى دلس نفسه على إمرأة، قال يفرق بينهما ويوجع ظهره. (2) لان شأن كل أحد إيصال صديقه الى ما فيه سعادته ومنفعته ودفع المضار والشرور عنه، و شأن العدو بالعكس وهذه الصفات في العقل والجهل أقوى وأشد إذ بالعقل يصل الانسان الى الخيرات، ويعرف ما فيه السعادة والشقاوة، ويسلك سبيل الهداية والرشاد، ويميز بين الحق و الباطل، وبه يعبد الرحمن، ويكتسب الجنان. وبالجهل يسلك سبيل الغي والجهالة، ويقع في ورطة الشر والضلالة، وبه يعبد الشيطان، ويكتسب غضب الرحمن، فاطلاق الصديق على العقل أجدر كما أن اطلاق العدو على الجهل اولى.

[ 88 ]

ورواه أيضا عن أبيه، وابن الوليد، عن سعد، والحميري، عن ابن هاشم، عن الحسن بن الجهم، عن الرضا (عليه السلام). ع: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، عنه (عليه السلام) مثله. سن: ابن فضال، مثله. كنز الكراجكي: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله. 12 – ما: المفيد رحمه الله، عن أبي حفص عمر بن محمد، عن ابن مهرويه، عن داود بن سليمان، قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: ما استودع الله عبدا عقلا إلا استنقذه به يوما. نهج: مثله. 13 – ما: المفيد، عن الحسين بن محمد التمار، عن محمد بن قاسم الانباري، عن أحمد ابن عبيد: عن عبد الرحيم بن قيس الهلالي، عن العمري، عن أبي حمزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الحسن بن علي (عليه السلام) فقال فيما أوصى به إليه: يا بني لا فقر أشد من الجهل، ولا عدم أشد من عدم العقل، ولا وحدة ولا وحشة أوحش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله عزوجل يا بني العقل خليل المرء، والحلم وزيره، والرفق والده، والصبر من خير جنوده. يا بني إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زمانه. يا بني إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب. يا بني للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويحمد، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث: مرمة لمعاش (1): أو خطوة لمعاد أو لذة في غير محرم. بيان: العدم بالضم الفقر وفقدان شئ، والعجب إعجاب المرء بنفسه بفضائله و


(1) رم الامر: أصلحه.

[ 89 ]

أعماله، وهو موجب للترفع على الناس والتطاول عليهم فيصير سببا لوحشة الناس عنه ومستلزما لترك إصلاح معائبه، وتدارك ما فات منه فينقطع عنه مواد رحمة الله ولطفه وهدايته، فينفرد عن ربه وعن الخلق، فلا وحشة أوحش منه. وقوله (عليه السلام): ولا ورع هو بالاضافة إلى ورع من يتورع عن المكروهات، ولا يتورع عن المحرمات. و الشخوص: الذهاب من بلد إلى بلد، والسير في الارض، ويمكن أن يكون المراد هنا ما يشمل الخروج من البيت. والخطوة بالضم والكسر: المكانة والقرب والمنزلة. أي يشخص لتحصيل ما يوجب المكانة والمنزلة في الآخرة. 14 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن اليقطيني عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن الباقر (عليه السلام) في خبر سلمان وعمر إنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا معشر قريش ! إن حسب المرء دينه، ومروته خلقه، وأصله عقله. 15 – ما: المفيد، عن إسماعيل بن محمد الكاتب، عن عبد الصمد بن علي، عن محمد بن هارون بن عيسى، عن أبي طلحة الخزاعي، عن عمر بن عباد، عن أبي فرات، قال: قرأت في كتاب لوهب بن منبه، وإذا مكتوب في صدر الكتاب: هذا ما وضعت الحكماء في كتبها: الاجتهاد في عبادة الله أربح تجارة، ولا مال أعود من العقل، ولا فقر أشد من الجهل، وأدب تستفيده خير من ميراث، وحسن الخلق خير رفيق، والتوفيق خير قائد، ولا ظهر أوثق من المشاورة، ولا وحشة أوحش من العجب، ولا يطمعن صاحب الكبر في حسن الثناء عليه. بيان: العائدة: المنفعة، ويقال: هذا أعود أي أنفع. ولا ظهر أي لا معين ولا مقوي فإن قوة الانسان بقوة ظهره. 16 – ع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ما خلق الله عزوجل شيئا أبغض إليه من الاحمق، لانه سلبه أحب الاشياء إليه وهو عقله. بيان: بغضه تعالى عبارة عن علمه بدناءة رتبته، وعدم قابليته للكمال، وما يترتب عليه عن عدم توفيقه على ما يقتضي رفعة شأنه لعدم قابليته لذلك، فلا ينافي


[ 90 ]

عدم اختياره في ذلك، أو يكون بغضه تعالى لما يختاره بسوء اختياره من قبائح أعماله مع كونه مختارا في تركه، والله يعلم (1). 17 – ع: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: دعامة الانسان العقل، ومن العقل الفطنة، والفهم، والحفظ والعلم، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما حافظا زكيا فطنا فهما، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره. بيان: الدعامة بالكسر: عماد البيت. والفطنة: سرعة إدراك الامور على الاستقامة. والنور لما كان سببا لظهور المحسوسات يطلق على كل ما يصير سببا لظهور الاشياء على الحس أو العقل، فيطلق على العلم وعلى أرواح الائمة (عليهم السلام) وعلى رحمة الله سبحانه وعلى ما يلقيه في قلوب العارفين من صفاء وجلاء به يظهر عليهم حقائق الحكم ودقائق الامور، وعلى الرب تبارك وتعالى لانه نور الانوار ومنه يظهر جميع الاشياء في الوجود العيني والانكشاف العلمي، وهنا يحتمل الجميع. وقوله: زكيا، فيما رأينا من النسخ بالزاء فهو بمعنى الطهارة عن الجهل والرذائل، وفي الكافي مكانه: ذاكرا. 18 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى يبغض الشيخ الجاهل، والغني الظلوم، والفقير المختال. بيان: تخصيص الجاهل بالشيخ لكون الجهل منه أقبح لمضي زمان طويل يمكنه فيه تحصيل العلم، وتخصيص الظلوم بالغني لكون الظلم منه أفحش لعدم الحاجة، وتخصيص المختال أي المتكبر بالفقير لانه منه أشنع إذ الغني إذا تكبر فله عذر في ذلك لما يلزم الغنى من الفخر والعجب والطغيان.


(1) مراده رحمه الله رفع المنافاة التي تترائى بين البغض وبين كون حماقة الاحمق غير مستندة الى اختياره ولا يخفى أن المنافاة لا ترتفع بما ذكره رحمه الله من الوجهين فان العلم بدنائة الرتبة لا تسمى بغضا، وكذا عدم توفيقه لعدم قابليته، وما يختاره من القبيح لحماقته ينتهيان بالاخرة الى مالا بالاختيار فالاشكال بحاله. والحق أن بغضه كما يظهر من تعليله (عليه السلام) بمعنى منعه مما من شأن الانسان أن يتلبس به وهو العقل الذي هو أحب الاشياء الى الله لنقص في خلقته فهو بغض تكويني بمعنى التبعيد من مزايا الخلقة لا بغض تشريعي بمعنى تبعيده من المغفرة والجنة والذي ينافي عدم الاختيار هو البغض بالمعنى الثاني لا الاول. ط.

[ 91 ]

19 – ثو: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري، عن محمد بن حسان، عن أبي محمد الرازي، عن الحسين بن يزيد، عن إبراهيم بن بكر بن أبي سماك، عن الفضل (1) بن عثمان، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من كان عاقلا ختم له بالجنة إن شاء الله. 20 – ثو: بهذ الاسناد، عن أبي محمد، عن ابن عميرة، عن إسحاق بن عمار، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): من كان عاقلا كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة. 21 – سن: أبي، عن محمد بن سنان، عن رجل من همدان، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان يرى موسى بن عمران (عليه السلام) رجلا من بني إسرائيل يطول سجوده ويطول سكوته. فلا يكاد يذهب إلى موضع إلا وهو معه فبينا هو من الايام في بعض حوائجه إذ مر على أرض معشبة يزهو ويهتز قال: فتأوه الرجل فقال له موسى: على ماذا تأوهت ؟ قال: تمنيت أن يكون لربي حمار أرعاه ههنا ! قال: وأكب موسى (عليه السلام) طويلا ببصره على الارض اغتماما بما سمع منه، قال: فانحط عليه الوحي، فقال له: ما الذي أكبرت من مقالة عبدي ؟ أنا اؤاخذ عبادي على قدر ما أعطيتهم من العقل. بيان: في القاموس الزهو: المنظر الحسن، والنبات الناضر، ونور النبت، وزهره واشراقه. والاهتزاز: التحرك والنشاط والارتياح، والظاهر أنهما بالتاء، صفتان للارض أو حالان منها لبيان نضارة أعشابها وطراوتها ونموها، وإذا كانا باليائين كما في أكثر النسخ فيحتمل أن يكونا حالين عن فاعل مر ” العابد ” إلى موسى (عليه السلام). والزهو: جاء بمعنى الفخر أي كان يفتخر وينشط إظهارا لشكره تعالى فيما هيأ له من ذلك. 12 – سن: بعض أصحابنا رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما قسم الله للعباد شيئا أفضل من العقل، فنوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وإفطار العاقل أفضل من صوم الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل، ولا بعث الله رسولا ولا نبيا حتى


(1) وفي نسخة: الفضيل. قال النجاشي في رجاله ص 217 الفضل بن عثمان المرادي الصائغ الانباري أبو محمد الاعور مولى ثقة ثقة، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، وهو ابن أخت علي ابن ميمون المعروف بأبي الاكراد. وقد وثقه المفيد وغيره.

[ 92 ]

يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمته، وما يضمر النبي في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، وما أدى العاقل فرائض الله حتى عقل منه، ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، إن العقلاء هم اولوا الالباب الذين قال الله عزوجل: إنما يتذكر اولوا الالباب. ايضاح: من شخوص الجاهل أي خروجه من بلده ومسافرته إلى البلاد طلبا لمرضاته تعالى كالجهاد، والحج، وغيرهما. وما يضمر النبي في نفسه أي من النيات الصحيحة، والتفكرات الكاملة، والعقائد اليقينية، وما أدي العاقل فرائض الله حتى عقل منه أي لا يعمل فريضة حتى يعقل من الله ويعلم أن الله أراد تلك منه، ويعلم آداب إيقاعها، ويحتمل أن يكون المراد أعم من ذلك، أي يعقل ويعرف ما يلزمه معرفته، فمن إبتدائية على التقديرين، ويحتمل على بعد أن يكون تبعيضية: أي عقل من صفاته وعظمته و جلاله ما يليق بفهمه، ويناسب قابليته واستعداده. وفي أكثر النسخ وما أدى العقل و يرجع إلى ما ذكرنا، إذ العاقل يؤدي بالعقل. وفي الكافي وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه. أي لا يمكن للعبد أداء الفرائض كما ينبغي إلا بأن يعقل ويعلم من جهة مأخوذة عن الله بالوحي، أو بأن يلهمه الله معرفته، أو بأن يعطيه الله عقلا موهبيا، به يسلك سبيل النجاة. 13 – سن: بعض أصحابنا رفعه، قال: ما يعبا من أهل هذا الدين بمن لا عقل له. قال: قلت جعلت فداك إنا نأتي قوما لا بأس بهم عندنا ممن يصف هذا لامر ليست لهم تلك العقول، فقال: ليس هؤلاء ممن خاطب الله في قوله: يا اولي الالباب. إن الله خلق العقل، فقال له: أقبل فأقبل: ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا أحسن منك، وأحب إلي منك، بك آخذ وبك اعطي. بيان: ما يعبا أي لا يبالي ولا يعتني بشأن من لا عقل له من أهل هذا الدين، فقال السائل: عندنا قوم داخلون في هذا الدين، غير كاملين في العقل فكيف حالهم ؟ فأجاب (عليه السلام) بأنهم وإن حرموا عن فضائل أهل العقل لكن تكاليفهم أيضا أسهل وأخف، وأكثر المخاطبات في التكاليف الشاقة لاولي الالباب.


[ 93 ]

24 – سن: النوفلي، وجهم بن حكيم المدائني، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آباءه (عليهم السلام) – قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا بلغكم عن رجل حسن حاله فانظروا في حسن عقله فانما يجازى بعقله. أقول: في الكافي: حسن حال. 25 – مص: قال الصادق (عليه السلام): الجهل صورة ركبت في بني آدم، إقبالها ظلمة، وإدبارها نور، والعبد متقلب معها (1) كتقلب الظل مع الشمس ألا ترى إلى الانسان ؟ تارة تجده جاهلا بخصال نفسه، حامدا لها، عارفا بعيبها، في غيره ساخطا، وتارة تجده عالما بطباعه، ساخطا لها، حامدا لها في غيره، فهو متقلب بين العصمة والخذلان، فإن قابلته العصمة أصاب، وإن قابله الخذلان أخطأ، ومفتاح الجهل الرضاء والاعتقاد به، ومفتاح العلم الاستبدال مع إصابة موافقة التوفيق، وأدنى صفة الجاهل دعواه العلم بلا إستحقاق، وأوسطه جهله بالجهل، وأقصاه جحوده العلم، وليس شئ إثباته حقيقة نفيه إلا الجهل والدنيا والحرص، فالكل منهم كواحد، والواحد منهم كالكل. بيان: كتقلب الظل مع الشمس أي كما أن شعاع الشمس قد يغلب على الظل و يضيئ مكانه وقد يكون بالعكس فكذلك العلم والعقل قد يستوليان على النفس فيظهر له عيوب نفسه، ويأول بعقله عيوب غيره ما أمكنه، وقد يستولي الجهل فيرى محاسن غيره مساوي، ومساوي نفسه محاسن، ومفتاح الجهل الرضاء بالجهل والاعتقاد به وبأنه كمال لا ينبغي مفارقته، ومفتاح العلم طلب تحصيل العلم بدلا عن الجهل، والكمال بدلا عن النقص، وينبغي أن يعلم أن سعيه مع عدم مساعدة التوفيق لا ينفع فيتوسل بجنابه تعالى ليوفقه. قوله (عليه السلام): إثباته أي عرفانه قال الفيروز آبادي: أثبته: عرفه حق المعرفة، وظاهر أن معرفة تلك الامور كما هي مستلزمة لتركها ونفيها، أو المعنى أن كل من أقر بثبوت تلك الاشياء لا محالة ينفيها عن نفسه، فالمراد بالدنيا حبها. و


(1) وفى نسخة: معهما. وقوله (عليه السلام): الجهل صورة ركبت الخ لان طبيعة الانسان في أصل فطرتها خالية عن الكمالات الفعلية والعلوم الثابتة، فكأن الجهل عجنت في طينتها وركبت مع طبيعتها، ولكن في أصل فطرته له قوة كسب الكمالات بالعلوم والتنور والمعارف.

[ 94 ]

قوله (عليه السلام): فالكل كواحد لعل معناه أن هذه الخصال كخصلة واحدة لتشابه مباديها، وانبعاث بعضها عن بعض، وتقوي بعضها ببعض، كما لا يخفى. 26 – م: عن أبي محمد (عليه السلام)، قال: قال علي بن الحسين (عليهما السلام): من لم يكن عقله أكمل ما فيه، كان هلاكه من أيسر ما فيه. 17 – ضه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) صدر العاقل صندوق سره، ولا غنى كالعقل، و لا فقر كالجهل، ولا ميراث كالادب، ولا مال أعود من العقل، ولا عقل كالتدبير. 18 – ضه: روي عن ابن عباس، انه قال: أساس الدين بني على العقل، وفرضت الفرائض على العقل، وربنا يعرف بالعقل، ويتوسل إليه بالعقل، والعاقل أقرب إلى ربه من جميع المجتهدين بغير عقل، ولمثقال ذرة من بر العاقل أفضل من جهاد الجاهل ألف عام. 19 – ضه: قال النبي (صلى الله عليه وآله). قوام المرء عقله، ولا دين لمن لا عقل له. 20 – ختص: قال الصادق (عليه السلام): إذا أراد الله أن يزيل من عبد نعمة كان أول ما يغير منه عقله. 21 – وقال (عليه السلام): يغوص العقل على الكلام فيستخرجه من مكنون الصدر، كما يغوص الغائص على اللؤلؤ المستكنة في البحر. 22 – وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الناس أعداء لما جهلوا. 23 – وقال (عليه السلام): أربع خصال يسود بها المرء: العفة، والادب، والجود، والعقل. 24 – وقال (عليه السلام): لا مال أعود من العقل، ولا مصيبة أعظم من الجهل، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا ورع كالكف عن المحارم، ولا عبادة كالتفكر، ولا قائد خير من التوفيق، ولا قرين خير من حسن الخلق، ولا ميراث خير من الادب. 25 – ما: جماعة، عن أبي المفضل: عن حنظلة بن زكريا القاضي، عن محمد بن علي بن حمزة العلوي. عن أبيه، عن الرضا، عن آباءه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حسب المؤمن ماله، ومروته عقله، وحلمه شرفه، وكرمه تقواه. 26 – الدرة الباهرة قال أبو الحسن الثالث (عليه السلام): الجهل والبخل أذم الاخلاق.


[ 95 ]

27 – وقال أبو محمد العسكري (عليه السلام): حسن الصورة جمال ظاهر، وحسن العقل جمال باطن. 28 – وقال (عليه السلام): لو عقل أهل الدنيا خربت. 29 – نهج: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس الرؤية مع الابصار، وقد تكذب العيون أهلها، ولا يغش العقل من انتصحه. بيان: أي الرؤية الحقيقية رؤية العقل، لان الحواس قد تعرض لها الغلط. 30 – نهج: قال (عليه السلام): لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالادب، ولا ظهير كالمشاورة. 31 – وقال (عليه السلام): أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق. 32 – وقال (عليه السلام): لا مال أعود من العقل، ولا عقل كالتدبير. 33 – وقال (عليه السلام) الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام باتر (1)، فاستر خلل خلقك بحلمك، وقاتل هواك بعقلك. 34 – كنز الكراجكي قال النبي (صلى الله عليه وآله): لكل شيئ آلة وعدة وآلة المؤمن و عدته العقل، ولكل شيئ مطية ومطية المرء العقل، ولكل شيئ غاية وغاية العبادة العقل، ولكل قوم راع وراعي العابدين العقل، ولكل تاجر بضاعة، وبضاعة المجتهدين العقل، ولكل خراب عمارة وعمارة الآخرة العقل، ولكل سفر فسطاط يلجئون إليه و فسطاط المسلمين العقل. 35 – وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا عدة أنفع من العقل ولا عدو أضر من الجهل. 36 – وقال: زينة الرجل عقله. 37 – وقال (عليه السلام): قطيعة العاقل تعدل صلة الجاهل. 38 – وقال (عليه السلام): من لم يكن أكثر ما فيه عقله كان بأكثر ما فيه قتله.


(1) الباتر: القاطع. شبه الحلم بالغطاء الساتر لان الحلم يمنع عن ظهور ما يستلزمه الغضب من مساوي الاخلاق. وشبه العقل بالحسام الباتر لان بالعقل يقتل الانسان أعدى عدوه وهو هواه، وبه يغلب على نفسه: ويصدها عن الاستيلاء على مملكة البدن، ويمنعها عن إعمال ما يضر بحالها.

[ 96 ]

39 – وقال (عليه السلام): الجمال في اللسان، والكمال في العقل، ولا يزال العقل والحمق تيغالبان على الرجل إلى ثماني عشرة سنة، فإذا بلغها غلب عليه أكثرهما فيه. 40 – وقال (عليه السلام): العقول أئمة الافكار، والافكار أئمة القلوب، والقلوب أئمة الحواس، والحواس أئمة الاعضاء. 41 – وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): استرشدوا العقل ترشدوا، ولا تعصوه فتندموا. 42 – وقال (صلى الله عليه وآله): سيد الاعمال في الدارين العقل، ولكل شئ دعامة ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته لربه. 43 – وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): العقول ذخائر، والاعمال كنوز. * (باب 2 حقيقة العقل وكيفيته وبدو خلقه) * 1 – لى: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن العلاء عن محمد، عن الباقر (عليه السلام) قال: لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال له: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، ولا اكملك إلا فيمن احب أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك اثيب. سن ابن محبوب مثله. 2 – ع: في سئوالات الشامي عن أمير المؤمنين أخبرني عن أول ما خلق الله تبارك وتعالى فقال: النور. أقول: سيأتي بعض الاخبار في باب علامات العقل. 3 – سن: محمد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله خلق العقل، فقال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال له: وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا أحب إلي منك لك الثواب وعليك العقاب. 4 – سن: السندي بن محمد، عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: لما خلق الله العقل قال له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فأقبل، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك، إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك اثيب وإياك اعاقب.


[ 97 ]

5 – سن: علي بن الحكم، عن هشام، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لما خلق الله العقل قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك، بك آخذ، وبك اعطي، وعليك اثيب. 6 – سن: أبي، عن عبد الله بن الفضل النوفلي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلق الله العقل فقال له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فأقبل، ثم قال: ما خلقت خلقا أحب إلي منك، فأعطى الله محمدا (صلى الله عليه وآله) تسعة وتسعين جزءا، ثم قسم بين العباد جزءا واحدا. 7 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): أول ما خلق الله نوري. 8 – وفي حديث آخر أنه (صلى الله عليه وآله) قال: أول ما خلق الله العقل. 9 – وروي بطريق آخر أن الله عزوجل لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، فقال تعالى: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا هو أكرم علي منك، بك اثيب وبك اعاقب، وبك آخذ وبك اعطي. 10 – ع: أبي، عن سعد، عن ابن هاشم عن ابن معبد (1)، عن الحسين بن خالد، عن إسحاق، قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام): الرجل آتيه اكلمه ببعض كلامي فيعرف كله ومنهم من آتيه فاكلمه بالكلام فيستوفي كلامي كله ثم يرده علي كما كلمته، و منهم من آتيه فاكلمه فيقول: أعد علي. فقال: يا إسحاق أو ما تدري لم هذا ؟ قلت لا. قال الذي تكلمه ببعض كلامك فيعرف كله فذاك من عجنت نطفته بعقله، وأما الذي تكلمه فيستوفي كلامك ثم يجيبك على كلامك فذاك الذي ركب عقله في بطن امه وأما الذي تكلمه بالكلام فيقول أعد علي فذاك الذي ركب عقله فيه بعدما كبر، فهو يقول أعد علي. بيان: قوله: ثم يرده علي أي أصل الكلام كما سمعه، أو يجيب على وفق ما كلمته والثاني أظهر. ثم اعلم أنه يحتمل أن يكون الكلام جاريا على وجه المجاز، لبيان اختلاف الانفس في الاستعدادات الذاتية، أي كأنه عجنت نطفته بعقله مثلا، وأن يكون المراد


(1) وفي نسخة: عن ابن سعيد. (*)

[ 98 ]

أن بعض الناس يستكمل نفسه الناطقة بالعقل واستعداد فهم الاشياء وإدراك الخير والشر عند كونها نطفة، وبعضها عند كونها في البطن، وبعضها بعد كبر الشخص واستعمال الحواس وحصول البديهيات وتجربة الامور، وأن يكون المراد الاشارة إلى أن اختلاف المواد البدنية له مدخل في اختلاف العقل. والله يعلم. 11 – ختص: قال الصادق (عليه السلام): إن الله تبارك وتعالى لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز علي منك اؤيد من أحببته بك. 12 – وقال (عليه السلام): خلق الله العقل من أربعة أشياء من العلم، والقدرة، والنور (1) والمشية بالامر، فجعله قائما بالعلم، دائما في الملكوت. 13 – ع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن أبي جميلة عمن ذكره، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الغلظة في الكبد، والحياء في الريح، والعقل مسكنه القلب. بيان: إن الغلظة في الكبد أي تنشا من بعض الاخلاط المتولدة من الكبد: كالدم والمرة الصفراء مثلا. والريح كثر استعماله في الاخبار على ما سيأتي في كتاب أحوال الانسان. ويظهر من بعضها أنها المرة السوداء، ومن بعضها أنها الروح الحيواني، ومن بعضها أنها أحد أجزاء البدن سوى الاخلاط الاربعة والاجزاء المعروفة. والقلب يطلق على النفس الانساني لتعلقها أولا بالروح الحيواني المنبعث عن القلب الصنوبري، ولذلك


(1) لعل المراد بالنور ظهور الكمالات والاخلاق السنية والاعمال الرضية، وبالمشية بالامر اختيار محاسن الامور، فخلق العقل من هذه الاشياء لعله كناية عن استلزامه لها فكأنها مادته ويحتمل أن يكون ” من ” تعليلية. أي خلقه لتحصيل تلك الامور، أو المعنى أنه تعالى لم يخلقه من مادة، بل خلقه من علمه وقدرته ونوريته ومشيته فظهر فيه تلك الآثار من أنوار جلاله، والمراد أن العقل يطلق على الحالة المركبة من تلك الخلال، وأما قيامه بالعلم فظاهر، إذ بترك العلم يسلب العقل. وكونه دائما في الملكوت إذ هو دائما متوجه الى الترقي الى الدرجة العليا، ومعرض عن شواغل الدنيا، متصل بأرواح المقربين في الملاء الاعلى ويتهيأ للعروج الى جنة المأوى. ” منه طاب ثراه “

[ 99 ]

تعلقها بالقلب أكثر من سائر الاعضاء، أو لتقلب أحواله. وتفصيل الكلام في هذا الخبر سيأتي في كتاب السماء والعالم. 14 – ع: باسناده العلوي، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) سئل مما خلق الله عزوجل العقل، قال: خلقه ملك له رؤوس بعدد الخلائق من خلق و من يخلق إلى يوم القيامة، ولكل رأس وجه، ولكل آدمي رأس من رؤوس العقل، و اسم ذلك الانسان على وجه ذلك الرأس مكتوب، وعلى كل وجه ستر ملقى لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتى يولد هذا المولود، ويبلغ حد الرجال، أو حد النساء فإذا بلغ كشف ذلك الستر، فيقع في قلب هذا الانسان نور، فيفهم الفريضة والسنة، والجيد والردي، ألا ومثل العقل في القلب كمثل السراج في وسط البيت. * (بسط كلام لتوضيح مرام) * اعلم أن فهم أخبار أبواب العقل يتوقف على بيان ماهية العقل، واختلاف الآراء والمصطلحات فيه. فنقول: إن العقل هو تعقل الاشياء وفهمها في أصل اللغة، واصطلح إطلاقه على امور: الاول: هو قوة إدراك الخير والشر والتمييز بينهما، والتمكن من معرفة أسباب الامور وذوات الاسباب، وما يؤدي إليها وما يمنع منها، والعقل بهذا المعنى مناط التكليف والثواب والعقاب. الثاني: ملكة وحالة في النفس تدعو إلى اختيار الخير والنفع، واجتناب الشرور والمضار، وبها تقوي النفس على زجر الدواعي الشهوانية والغضبية، والوساوس الشيطانية وهل هذا هو الكامل من الاول أم هو صفة اخرى وحالة مغايرة للاولى ؟ يحتملهما، وما يشاهد في أكثر الناس من حكمهم بخيرية بعض الامور مع عدم إتيانهم بها، و بشرية بعض الامور مع كونهم مولعين بها يدل على أن هذه الحالة غير العلم بالخير والشر.


[ 100 ]

والذي (1) ظهر لنا من تتبع الاخبار المنتمية إلى الائمة الابرار سلام الله عليهم هو أن الله خلق في كل شخص من أشخاص المكلفين قوة واستعداد إدراك الامور من المضار والمنافع وغيرها، على اختلاف كثير بينهم فيها، وأقل درجاتها مناط التكليف، وبها يتميز عن المجانين، وباختلاف درجاتها تتفاوت التكاليف، فكلما كانت هذه القوة أكمل كانت التكاليف أشق وأكثر، وتكمل هذه القوة في كل شخص بحسب استعداده بالعلم والعمل، فكلما سعى في تحصيل ما ينفعه من العلوم الحقة وعمل بها تقوي تلك القوة. ثم العلوم تتفاوت في مراتب النقص والكمال، وكلما ازدادت قوة تكثر آثارها وتحث صاحبها بحسب قوتها على العمل بها فأكثر الناس علمهم بالمبدأ والمعاد وسائر أركان الايمان علم تصوري يسمونه تصديقا، وفي بعضهم تصديق ظني، وفي بعضهم تصديق اضطراري، فلذا لا يعملون بما يدعون، فإذا كمل العلم وبلغ درجة اليقين يظهر آثاره على صاحبه كل حين. وسيأتي تمام تحقيق ذلك في كتاب الايمان والكفر إن شاء الله تعالى. الثالث: القوة التي يستعملها الناس في نظام امور معاشهم، فإن وافقت قانون الشرع واستعملت فيما استحسنه الشارع تسمى بعقل المعاش، وهو ممدوح في الاخبار ومغايرته لما قد مر بنوع من الاعتبار، وإذا استعملت في الامور الباطلة والحيل الفاسدة تسمى بالنكراء والشيطنة في لسان الشرع، ومنهم من أثبت لذلك قوة اخرى وهو غير معلوم.


(1) الذي يذكره رحمه الله من معاني العقل بدعوى كونها مصطلحات معاني العقل لا ينطبق لا على ما اصطلح عليه أهل البحث، ولا ما يراه عامة الناس من غيرهم على ما لا يخفى على الخبير الوارد في هذه الابحاث، والذي أوقعه فيما وقع فيه أمران: أحدهما سوء الظن بالباحثين في المعارف العقلية من طريق العقل والبرهان. وثانيهما: الطريق الذي سلكه في فهم معاني الاخبار حيث أخذ الجميع في مرتبة واحدة من البيان وهي التي ينالها عامة الافهام وهي المنزلة التي نزل فيها معظم الاخبار المجيبة لاسؤلة أكثر السائلين عنهم (عليهم السلام)، مع أن في الاخبار غررا تشير الى حقائق لا ينالها إلا الافهام العالية والعقول الخالصة، فأوجب ذلك اختلاط المعارف الفائضة عنهم (عليهم السلام) وفساد البيانات العالية بنزولها منزلة ليست هي منزلتها، وفساد البيانات الساذجة أيضا لفقدها تميزها وتعينها، فما كل سائل من الرواة في سطح واحد من الفهم، وما كل حقيقة في سطح واحد من الدقة واللطافة: والكتاب والسنة مشحونان بان معارف الدين ذوات مراتب مختلفة، وان لكل مرتبة أهلا، وان في الغاء المراتب هلاك المعارف الحقيقية. ط

[ 101 ]

الرابع: مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريات وقربها وبعدها عن ذلك، و أثبتوا لها مراتب أربعة: سموها بالعقل الهيولاني، والعقل بالملكة، والعقل بالفعل، و العقل المستفاد، وقد تطلق هذه الاسامي على النفس في تلك المراتب، وتفصيلها مذكور في محالها، ويرجع إلى ما ذكرنا أولا فإن الظاهر أنها قوة واحدة تختلف أسماؤها بحسب متعلقاتها وما تستعمل فيه. الخامس: النفس الناطقة الانسانية التي بها يتميز عن سائر البهائم. السادس: ما ذهب إليه الفلاسفة، وأثبتوه بزعمهم: من جوهر مجرد قديم لا تعلق له بالمادة ذاتا ولا فعلا، والقول به كما ذكروه مستلزم لانكار كثير من ضروريات الدين من حدوث العالم وغيره مما لا يسع المقام ذكره، وبعض المنتحلين منهم للاسلام أثبتوا عقولا حادثة، وهي أيضا على ما أثبتوها مستلزمة لانكار كثير من الاصول المقررة الاسلامية، مع أنه لا يظهر من الاخبار وجود مجرد سوى الله تعالى. وقال بعض محققيهم: إن نسبة العقل العاشر الذي يسمونه بالعقل الفعال إلي النفس كنسبة النفس إلى البدن فكما أن النفس صورة للبدن، والبدن مادتها، فكذلك العقل صورة للنفس، والنفس مادته، وهو مشرق عليها، وعلومها مقتبسة منه، ويكمل هذا الارتباط إلى حد تطالع العلوم فيه، وتتصل به، وليس لهم على هذه الامور دليل إلا مموهات شبهات، أو خيالات غريبة زينوها بلطائف عبارات. فإذا عرفت ما مهدنا فاعلم أن الاخبار الواردة في هذه الابواب أكثرها ظاهرة في المعنيين الاولين، الذين مالهما إلى واحد، وفي الثاني منهما أكثر وأظهر. وبعض الاخبار يحتمل بعض المعاني الاخرى، وفي بعض الاخبار يطلق العقل على نفس العلم النافع المورث للنجاة المستلزم لحصول السعادات. فأما أخبار استنطاق العقل وإقباله وإدباره فيمكن حملها على أحد المعاني الاربعة المذكورة أولا، أو ما يشملها جميعا، وحينئذ يحتمل أن يكون الخلق بمعنى التقدير، كما ورد في اللغة، أو يكون المراد بالخلق الخلق في النفس واتصاف النفس بها، و يكون سائر ما ذكر فيها من الاستنطاق والاقبال والادبار وغيرها استعارة تمثيلية، لبيان


[ 102 ]

أن مدار التكاليف والكمالات والترقيات على العقل، ويحتمل أن يكون المراد بالاستنطاق جعله قابلا لان يدرك به العلوم، ويكون الامر بالاقبال والادبار أمرا تكوينيا، يجعله قابلا لكونه وسيلة لتحصيل الدنيا والآخرة، والسعادة والشقاوة معا وآلة للاستعمال في تعرف حقائق الامور، والتفكر في دقائق الحيل أيضا. وفي بعض الاخبار بك آمر، وبك أنهى، وبك اعاقب، وبك أثيب. وهو منطبق على هذا المعنى لان أقل درجاته مناط صحة أصل التكليف، وكل درجة من درجاته مناط صحة بعض التكاليف، وفي بعض الاخبار ” إياك ” مكان بك في كل المواضع، وفي بعضها في بعضها، فالمراد المبالغة في اشتراط التكليف به فكأنه هو المكلف حقيقة. وما في بعض الاخبار من أنه أول خلق من الروحانيين، فيحتمل أن يكون المراد أول مقدر من الصفات المتعلقة بالروح، أو أول غريزة يطبع عليها النفس وتودع فيها، أو يكون أوليته باعتبار أولية ما يتعلق به من النفوس، وأما إذا احتملت على المعنى الخامس فيحتمل أن يكون أيضا على التمثيل كما مر. وكونها مخلوقة ظاهر، وكونها أول مخلوق إما باعتبار أن النفوس خلقت قبل الاجساد كما ورد في الاخبار المستفيضة، فيحتمل أن يكون خلق الارواح مقدما على خلق جميع المخلوقات غيرها لكن ” خبر أول ما خلق الله العقل ” ما وجدته في الاخبار المعتبرة، وإنما هو مأخوذ من أخبار العامة، و ظاهر أكثر أخبارنا أن أول المخلوقات الماء أو الهواء كما سيأتي في كتاب السماء والعالم نعم ورد في أخبارنا: أن العقل أول خلق من الروحانيين، وهو لا ينافي تقدم خلق بعض الاجسام على خلقه، وحينئذ فالمراد بإقبالها بناءا على ما ذهب إليه جماعة من تجرد النفس إقبالها إلى عالم المجردات، وبإدبارها تعلقها بالبدن والماديات، أو المراد بإقبالها إقبالها إلى المقامات العالية، والدرجات الرفيعة، وبإدبارها هبوطها عن تلك المقامات، وتوجهها إلى تحصيل الامور الدنية الدنيوية، وتشبهها بالبهائم والحيوانات، فعلى ما ذكرنا من التمثيل يكون الغرض بيان أن لها هذه الاستعدادات المختلفة، وهذه الشؤون المتباعدة وان لم نحمل على التمثيل يمكن أن يكون الاستنطاق حقيقيا، وأن يكون كناية عن جعلها مدركة للكليات، وكذا الامر بالاقبال والادبار


[ 103 ]

يمكن أن يكون حقيقيا لظهور انقيادها لما يريده تعالى منها، وأن يكون أمرا تكوينيا لتكون قابلة للامرين أي الصعود إلى الكمال والقرب والوصال، والهبوط إلى النقص وما يوجب الوبال، أو لتكون في درجة متوسطة من التجرد لتعلقها بالماديات، لكن تجرد النفس لم يثبت لنا من الاخبار، بل الظاهر منها ما ديتها كما سنبين فيما بعد إن شاء الله تعالى. وأما المعنى السادس، فلو قال أحد بجوهر مجرد لا يقول بقدمه ولا يتوقف تأثير الواجب في الممكنات عليه، ولا بتأثيره في خلق الاشياء، ويسميه العقل ويجعل بعض تلك الاخبار منطبقا على ما سماه عقلا، فيمكنه أن يقول: إن إقباله عبارة عن توجهه إلى المبدأ، وإدباره عبارة عن توجهه إلى النفوس لاشراقه عليها واستكمالها به. فإذا عرفت ذلك فاستمع لما يتلى عليك من الحق الحقيق بالبيان، وبأن لا يبالى بما يشمئز عنه من نواقص الاذهان. فاعلم أن أكثر ما أثبتوه لهذه العقول قد ثبت لارواح النبي والائمة (عليهم السلام) في أخبارنا المتواترة على وجه آخر فإنهم أثبتوا القدم للعقل، وقد ثبت التقدم في الخلق لارواحهم، إما على جميع المخلوقات، أو على سائر الروحانيين في أخبار متواترة، و أيضا أثبتوا لها التوسط في الايجاد أو الاشتراط في التأثير، وقد ثبت في الاخبار كونهم (عليهم السلام) علة غائية لجميع المخلوقات، وأنه لولاهم لما خلق الله الافلاك وغيرها، وأثبتوا لها كونها وسائط في إفاضة العلوم والمعارف على النفوس والارواح، وقد ثبت في الاخبار أن جميع العلوم والحقائق والمعارف بتوسطهم تفيض على سائر الخلق حتى الملائكة والانبياء. والحاصل أنه قد ثبت بالاخبار المستفيضة أنهم (عليهم السلام) الوسائل بين الخلق وبين الحق في إفاضة جميع الرحمات والعلوم والكمالات على جميع الخلق، فكلما يكون التوسل بهم والاذعان بفضلهم أكثر كان فيضان الكمالات من الله أكثر، ولما سلكوا سبيل الرياضات والتفكرات مستبدين بآراءهم على غير قانون الشريعة المقدسة ظهرت عليهم حقيقة هذا الامر ملبسا مشتبها، فاخطأوا في ذلك، وأثبتوا عقولا وتكلموا في


[ 104 ]

ذلك فضولا (1)، فعلى قياس ما قالوا يمكن أن يكون المراد بالعقل نور النبي (صلى الله عليه وآله) الذي انشعبت منه أنوار الائمة (عليهم السلام) واستنطاقه على الحقيقة أو بجعله محلا للمعارف الغير المتناهية، والمراد بالامر بالاقبال ترقيه على مراتب الكمال، وجذبه إلى أعلى مقام القرب والوصال، وبإدباره إما إنزاله إلى البدن، أو الامر بتكميل الخلق بعد غاية الكمال فإنه يلزمه التنزل عن غاية مراتب القرب بسبب معاشرة الخلق، ويؤمى إليه قوله تعالى قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا (2) وقد بسطنا الكلام في ذلك في الفوائد الطريفة. ويحتمل أن يكون المراد بالاقبال الاقبال إلى الخلق، وبالادبار الرجوع إلى عالم القدس بعد إتمام التبليغ، ويؤيده ما في بعض الاخبار من تقديم الادبار على الاقبال. وعلى التقادير فالمراد بقوله تعالى: ولا اكملك، يمكن أن يكون المراد ولا اكمل محبتك والارتباط بك، وكونك واسطة بينه وبيني إلا فيمن احبه، أو يكون الخطاب مع روحهم و نورهم (عليهم السلام) والمراد بالاكمال إكماله في أبدانهم الشريفة أي هذا النور بعد تشعبه بأي بدن تعلق وكمل فيه يكون ذلك الشخص أحب الخلق إلى الله تعالى وقوله: إياك


(1) بل لانهم تحققوا أولا أن الظواهر الدينية تتوقف في حجيتها على البرهان الذي يقيمه العقل، والعقل في ركونه واطمينانه إلى المقدمات البرهانية لا يفرق بين مقدمة ومقدمة، فإذا قام برهان على شئ اضطر العقل إلى قبوله، وثانيا أن الظواهر الدينية متوقفة على ظهور اللفظ، و هو دليل ظني، والظن لا يقاوم العلم الحاصل بالبرهان لو قام على شئ. وأما الاخذ بالبراهين في أصول الدين ثم عزل العقل في ما ورد فيه آحاد الاخبار من المعارف العقلية فليس إلا من قبيل إبطال المقدمة بالنتيجة التي تستنتج منها، وهو صريح التناقض – والله الهادي – فإن هذه الظواهر الدينية لو أبطلت حكم العقل لابطلت أولا حكم نفسها المستند في حجيته الى حكم العقل. وطريق الاحتياط الديني لمن لم يتثبت في الابحاث العميقة العقلية أن يتعلق بظاهر الكتاب و ظواهر الاخبار المستفيضة ويرجع علم حقائقها إلى الله عز اسمه، ويجتنب الورود في الابحاث العميقة العقلية إثباتا ونفيا اما إثباتا فلكونه مظنة الضلال، وفيه تعرض للهلاك الدائم، وأما نفيا فلما فيه من وبال القول بغير علم والانتصار المدين بما لا يرضى به الله سبحانه، والابتلاء بالمناقضة في النظر. واعتبر في ذلك بما ابتلي به المؤلف رحمه الله فإنه لم يطعن في آراء اهل النظر في مباحث المبدأ والمعاد بشئ إلا ابتلي بالقول به بعينه أو بأشد منه كما سنشير إليه في موارده، وأول ذلك ما في هذه المسألة فإنه طعن فيها على الحكماء في قولهم بالمجردات ثم أثبت جميع خواص التجرد على أنوار النبي والائمة (عليهم السلام)، ولم يتنبه أنه لو استحال وجود موجود مجرد غير الله سبحانه لم يتغير حكم استحالته بتغيير اسمه، وتسمية ما يسمونه عقلا بالنور والطينة ونحوهما. ط (2) الطلاق: 11

[ 105 ]

آمر. التخصيص إما لكونهم صلوات الله عليهم مكلفين بما لم يكلف به غيرهم، ويتأتي منهم من حق عبادته تعالى ما لا يتأتي من غيرهم، أو لاشتراط صحة أعمال العباد بولايتهم والاقرار بفضلهم بنحو ما مر من التجوز، وبهذا التحقيق يمكن الجمع بين ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): أول ما خلق الله نوري، وبين ما روى: أول ما خلق الله العقل، وما روي: أول ما خلق الله النور، إن صحت أسانيدها. وتحقيق هذا الكلام على ما ينبغي يحتاج إلى نوع من البسط والاطناب، ولو وفينا حقه لكنا أخلفنا ما وعدناه في صدر الكتاب. وأما الخبر الاخير فهو من غوامض الاخبار، والظاهر أن الكلام فيه مسوق على نحو الرموز والاسرار، ويحتمل أن يكون كناية عن تعلقه بكل مكلف، وأن لذلك التعلق وقتا خاصا، وقبل ذلك الوقت موانع عن تعلق العقل من الاغشية الظلمانية، والكدورات الهيولانية، كستر مسدول على وجه العقل، ويمكن حمله على ظاهر حقيقته على بعض الاحتمالات السالفة. وقوله: خلقة ملك. لعله بالاضافة أي خلقته كخلقة الملائكة في لطافته وروحانيته، ويحتمل أن يكون ” خلقه ” مضافا الى الضمير مبتداءا و ” ملك ” خبره، أي خلقته خلقة ملك أو هو ملك حقيقة والله يعلم. باب 3 * (احتجاج الله تعالى على الناس بالعقل وأنه يحاسبهم على قدر عقولهم) * 1 – ج: في خبر ابن السكيت (1) قال: فما الحجة على الخلق اليوم ؟ فقال الرضا (عليه السلام): العقل. تعرف به الصادق على الله فتصدقه، والكاذب على الله فتكذبه، فقال ابن السكيت: هذا هو والله الجواب. ع، ن: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن أبي عبد الله السياري، عن أبي يعقوب البغدادي (2) عن ابن السكيت، مثله (3).


(1) هو الامامي الثقة الثبت المحدث، إمام اللغة، البارع في الادب، قتله المتوكل العباسي لتشيعه. (2) هو يزيد بن حماد الانباري السلمي أبو يعقوب الكاتب، أورده الشيخ في باب أصحاب الرضا (عليه السلام) من رجاله، ووثقة واباه حماد، وعنونه العلامة في القسم الاول من الخلاصة ووثقة وكذا كل من تأخر عنهما. (3) رواه في الكافي في كتاب العقل والجهل مع زيادة، وسيأتي منا كلام حول الحديث.

[ 106 ]

2 – مع: أبي، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن يزيد الرزاز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الايمان، إني نظرت في كتاب لعلي (عليه السلام) فوجدت في الكتاب أن قيمة كل امرئ وقدره معرفته، إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا. 3 – سن: الحسن بن علي بن يقطين، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا. 4 – سن: محمد البرقي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنا معاشر الانبياء نكلم الناس على قدر عقولهم. 5 – سن: النوفلي وجهم بن حكيم المدائني، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آباءه، (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا بلغكم عن رجل حسن حاله (1) فانظروا في حسن عقله، فإنما يجازى بعقله. باب 4 * (علامات العقل وجنوده) * 1 – ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قسم العقل على ثلاثة أجزاء فمن كانت فيه كمل عقله، ومن لم تكن فيه فلا عقل له: حسن المعرفة بالله عزوجل، وحسن الطاعة له، وحسن الصبر على أمره. بيان: لعل عد هذه الاشياء التي هي من آثار العقل من أجزاءه على المبالغة،


(1) من فعل الصلاة والصيام والحج وإيتاء الزكاة والصدقات وغيرها من المثوبات والقربات وقوله: فانظروا في حسن عقله. أي إن رأتيم عقله كاملا استدلوا به على حسن افعاله وصحة أعماله. وانه حقيق الركون إليه والاعتماد عليه، وان رأيتموه ناقصا فلا تغتروا بأعماله ولا تركنوا إليه و استدلوا بقلة عقله على نقصان ثوابه، فإنه يجازى ويثاب على قدر عقله من الكمال والنقصان.

[ 107 ]

والتوسع والتجوز، لعلاقة عدم انفكاكها عنه ودلالتها عليه. 2 – ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد، عن سهل، عن جعفر بن محمد بن بشار، عن الدهقان، عن درست (1) عن عبد الاعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يعتر عقل الرجل في ثلاث: في طول لحيته، وفي نقش خاتمه، وفي كنيته. 3 – ع، ل: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي، عن محمد بن جعفر المقري الجرجاني، عن محمد بن الحسن الموصلي، عن محمد بن عاصم الطريفي، عن عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبيطالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن الله خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب، فجعل العلم نفسه، والفهم روحه، والزهد رأسه، والحياء عينيه، و الحكمة لسانه، والرأفة همه، والرحمة قلبه، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء: باليقين، والايمان، والصدق، والسكينة، والاخلاص، والرفق، والعطية، والقنوع، والتسليم، والشكر، ثم قال عزوجل: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل. ثم قال له: تكلم فقال: الحمد لله الذي ليس له ضد ولا ند، ولا شبيه ولا كفو، ولا عديل ولا مثل، الذي كل شئ لعظمته خاضع ذليل. فقال الرب تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك، ولا أطوع لي منك، ولا أرفع منك، ولا أشرف منك، ولا أعز منك بك اوحد وبك اعبد، وبك ادعى، وبك ارتجى، وبك ابتغى، وبك اخاف، وبك احذر، وبك الثواب، وبك العقاب. فخر العقل عند ذلك ساجدا فكان في سجوده ألف عام، فقال الرب تبارك وتعالى: ارفع رأسك وسل تعط، واشفع تشفع، فرفع العقل رأسه فقال: إلهي أسألك أن تشفعني فيمن خلقتني فيه، فقال الله جل جلاله لملائكته: اشهدكم أني قد شفعته فيمن خلقته فيه. بيان: قد مر ما يمكن أن يستعمل في فهم هذا الخبر. والنور ما يصير سببا لظهور


(1) بضم الدال والراء وسكون السين، ترجمه النجاشي في كتابه ص 117

[ 108 ]

شئ، والعقل من أنواره تعالى التي خلقها وقدرها لكشف المعارف على الخلق أي خلقه من جنس نور ومن سنخه، ومادته كانت شيئا نورانيا مخزونا في خزائن العرش ويحتمل التجوز كما مر. والعلم لشدة ارتباطه به وكونه فائدته الفضلي ومكمله الى الدرجة العليا فكأنه نفسه وعينه، وهو بدون الفهم كجسد بلا روح. والزهد رأسه أي أفضل فضائله وأرفعها، كما أن الرأس أشرف أجزاء البدن، أو ينتفي بانتفاء الزهد كما أن الشخص يموت بمفارقة الرأس. والحياء معين على انكشاف الامور الحقة عليه أو على من اتصف به كالعينين. والحكمة معبرة للعقل كاللسان للشخص. والرحمة سبب لافاضة الحقائق عليه من الله وطريق لها كالقلب. وسجوده إما: كناية عن استسلامه وانقياد المتصف به للحق تعالى، أو: المراد سجود أحد المتصفين به، ولا يخفى إنطباق أكثر أجزاء هذا الخبر على المعنى الاخير، أي أنوار الائمة (عليهم السلام) والتجوز والتمثيل والتشبيه لعله أظهر ويقال: شفعته في كذا أي قبلت شفاعته فيه. وسيأتي تفسير بعض الاجزاء في الخبر الآتي. 4 – ل: أبي، عن سعد، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي، عن ابن المغيرة، عن ابن خالد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعبد الله عزوجل بشئ أفضل من العقل، ولا يكون المؤمن عاقلا حتى تجتمع فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقل كثير الخير من نفسه، ولا يسأم (1) من طلب العلم طول عمره، ولا يتبرم (2) بطلاب الحوائج قبله، الذل أحب إليه من العز، والفقر أحب إليه من الغنى. نصيبه من الدنيا القوت، والعاشرة لا يرى أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقى. إنما الناس رجلان: فرجل هو خير منه وأتقى، وآخر هو شر منه وأدنى، فإذا رأى من هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به، وإذا لقى الذي هو شر منه وأدنى قال: عسى خير هذا باطن، وشره ظاهر، وعسى أن يختم له بخير، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وساد أهل زمانه.


(1) أي لا يمل ولا يضجر. (2) أي لا يتضجر.

[ 109 ]

5 – ما: المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن الحسن بن جعفر، عن طاهر بن مدرار، عن زر بن أنس، قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون كامل العقل، ولا يكون كامل العقل حتى يكون فيه عشر خصال، وساق الحديث نحو ما مر. 6 – ع: ابن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي إسحاق إبراهيم بن الهيثم الخفاف، عن رجل من أصحابنا، عن عبد الملك بن هشام، عن علي الاشعري رفعه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما عبد الله بمثل العقل، وماتم عقل امرى حتى يكون فيه عشر خصال. وذكر مثله. بيان: في ما وع بعد قوله والعاشرة: وما العاشرة ؟. وقوله (عليه السلام) لم يعبد الله بشئ أي لا يصير شئ سببا للعبادة وآلة لها ومكملا لها كالعقل، ويحتمل أن يكون المراد بالعقل تعقل الامور الدينية، والمعارف اليقينية والتفكر فيها، وتحصيل العلم، وهو من أفضل العبادات كما سيأتي، فيكون ما ذكر بعده من صفات العلماء. والمجد: نيل الشرف والكرم. وساد أهل زمانه أي صار سيدهم وعظيمهم وأشرفهم. 7 – ل: أبي، عن سعد والحميري معا، عن البرقي عن علي بن حديد، عن سماعة قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): اعرفوا العقل وجنده، والجهل وجنده تهتدوا، قال سماعة: فقلت جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إن الله جل ثناؤه خلق العقل وهو أول خلق خلقه من الروحانيين (1) عن يمين العرش من نوره (2) فقال له أقبل فأقبل، ثم قال له أدبر فأدبر، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما، وكرمتك على جميع خلقي. قال: ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا، فقال


(1) يطلق الروح – بضم الراء – في القرآن والحديث على معان: منها جبرئيل وروح القدس وسائر الملائكة، ومنها ما تقوم به الجسد: وتكون به الحياة، ومنها القوة الناطقة الانسانية، و يطلق على العقل أيضا وتقول في نسبة الواحد: الروحاني. وفي نسبة الجمع: الروحانيون، والالف والنون من زيادات النسب. ويقال لعالم المجردات وعالم الملكوت وعالم الامر الروحانيون. (2) لعله إشارة الى عدم تركب العقل من المادة الظلمانية. والاضافة إليه تعالى تشريفية. (*)

[ 110 ]

له أدبر فأدبر، ثم قال له أقبل فلم يقبل، فقال له: استكبرت ؟ فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا، فلما رأى الجهل ما اكرم به العقل وما أعطاه، أضمر له العداوة، فقال الجهل (1) يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته، وأنا ضده ولا قوة لي به، فأعطني من الجند مثل ما أعطيته، فقال نعم، فإن عصيت (2) بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال: قد رضيت، فأعطاه خمسة وسبعين جندا. فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: الخير وهو وزير العقل، وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل، والايمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود، والرجاء (3) وضده القنوط، و العدل وضده الجور، والرضاء وضده السخط، والشكر وضده الكفران، والطمع و ضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدها الغرة، والرحمة وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدها التهتك، والزهد وضده الرغبة، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضدها الجرأة، والتواضع وضده التكبر والتؤدة وضدها التسرع، والحلم وضده السفه، والصمت وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده التجبر، والعفو وضده الحقد، والرقة و ضدها القسوة، واليقين وضده الشك، والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر، والتفكر (4) وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمواساة وضدها المنع، والمودة وضدها العداوة، والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع و ضده التطاول، والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والامانة وضدها الخيانة، والاخلاص وضده


(1) لعل المراد بالجهل هو النفس الامارة بالسوء والشهوات التي تكون مبدءا لكل خطيئة لا الجهل المقابل للعلم فإنه يكون من جنودها كما يأتي في الحديث ويأتي إطلاق الجهل على النفس في حديث 11 (2) فإن عصيتني ” ع ” (3) رجاء رحمة الله وعدم اليأس من غفرانه فيما فرط في جنبه تعالى، ومقابله اليأس عن رحمته وغفرانه وهو أعظم عن ذنبه وخطيئته. (4) التذكر ” ع “

[ 111 ]

الشوب (1) والشهامة وضدها البلادة (2)، والفهم وضده الغباوة (3)، والمعرفة وضدها الانكار، والمداراة وضدها المكاشفة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان وضده الافشاء والصلاة وضدها الاضاعة، والصوم وضده الافطار، والجهاد وضده النكول، والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين و ضده العقوق، والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج، والتقية وضدها الاذاعة، والانصاف وضده الحمية، والمهنة وضدها البغي والنظافة (4) وضدها القذر، والحياء وضده الخلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب، والسهولة وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضده المكاثرة، والحكمة وضدها الهوى، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاء (5)، والتوبة وضدها الاصرار، والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط (6) وضده الكسل، والفرح وضده الحزن، والالفة وضدها الفرقة، والسخاء وضده البخل. فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل ويتقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء (عليهم السلام)، وإنما يدرك الفوز بمعرفة العقل و جنوده ومجانبة الجهل وجنوده. وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته. ع: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن علي بن حديد، عن سماعة، مثله. سن: عن علي بن حديد مثله.


(1) الشرك ” ع ” (2) بفتح الباء: عدم الذكاء والفطنة. (3) بفتح الغين المعجمة: الجهل وقلة الفطنة. (4) لان مراعاتها يورث الصحة في النفس ويستجلب الناس إليه، والقذر يورث السقم والمرض وتنفر الناس عنه. (5) الشقاوة ” ع ” (6) في طاعة الله وعبادته أو في أعم منها ومن تحصيل المال الحلال.

[ 112 ]

بيان: ما ذكر من الجنود هنا إحدى وثمانون خصلة، وفي الكافي ثمانية وسبعون، وكأنه لتكرار بعض الفقرات إما منه (عليه السلام) أو من النساخ بأن يكونوا أضافوا بعض النسخ إلى الاصل. والعقل هنا يحتمل المعاني السابقة. والجهل إما القوة الداعية إلى الشر أو البدن إن كان المراد بالعقل النفس، ويحتمل إبليس أيضا لانه المعارض لارباب العقول الكاملة من الانبياء والائمة في هداية الخلق، ويؤيده أنه قد ورد مثل هذا في معارضة آدم وإبليس بعد تمرده وأنه أعطاهما مثل تلك الجنود. والحاصل أن هذه جنود للعقل وأصحابه، وتلك عساكر للجهل وأربابه. الخير هو كونه مقتضيا للخيرات أو لايصال الخير إما إلى نفسه أو إلى غيره. والشر يقابله بالمعنيين، وسماهما وزيرين، لكونهما منشأين لكل ما يذكر بعدهما من الجنود. فهما أميران عليها مقويان لها وتصدر جميعها عن رأيهما. والتصديق والجحود لعلهما من الفقرات المكررة، و يمكن تخصيص الايمان بما يتعلق بالاصول، والتصديق بما يتعلق بالفروع، ويحتمل أن يكون الفرق بالاجمال والتفصيل بأن يكون الايمان التصديق الاجمالي بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله)، والتصديق الاذعان بتفاصيله. والعدل: التوسط في جميع الامور بين الافراط والتفريط أو المعنى المعروف، وهو داخل في الاول. والرضاء أي بقضاء الله والطمع لعله تكرار للرجاء، ويمكن أن يخص الرجاء بالامور الاخروية، والطمع بالفوائد الدنيوية، أو الرجاء بما يكون باستحقاق، والطمع بغيره، أو يكون المراد بالطمع طمع ما في أيدي الناس بأن يكون من جنود الجهل اورد على خلاف الترتيب ولا يخفى بعده. والرأفة والرحمة إحداهما من المكررات، ويمكن أن يكون المراد بالرأفة الحالة وبالرحمة ثمرتها، وفي الكافي والمحاسن: ضد الرأفة القسوة، وفي أكثر نسخ الخصال: العزة. أي طلب الغلبة والاستيلاء. والفهم: إما المراد به حالة للنفس تقتضي سرعة إدراك الامور والعلم بدقائق المسائل أو أصل الادراك، فعلى الثاني يخص بالحكمة العملية ليغاير العلم. والعفة: منع البطن والفرج عن المحرمات والشبهات، ومقابلها التهتك وعدم المبالاة بهتك ستره في ارتكاب المحرمات. وقال في القاموس: الخرق بالضم وبالتحريك


[ 113 ]

ضد الرفق، وأن لا يحسن العمل والتصرف في الامور. والرهبة: الخوف من الله ومن عقابه، أو من الخلق، أو من النفس والشيطان، والاولى التعميم ليشمل الخوف عن كل ما يضر بالدين أو الدنيا، والتؤدة بضم التاء وفتح الهمزة وسكونها: الرزانة و التأني أي عدم المبادرة إلى الامور بلا تفكر فإنها توجب الوقوع في المهالك. وفي القاموس: هذر كلامه كفرح: كثر في الخطاء والباطل. والهذر محركة: الكثير الردى أو سقط الكلام. والاستسلام: الانقياد لله تعالى فيما يأمر وينهى. والتسليم: انقياد أئمة الحق. وفي الكافي في مقابل التسليم: الشك فالمراد بالتسليم الاذعان بما يصدر عن الانبياء والائمة (عليهم السلام) ويصعب على الاذهان قبوله كما سيأتي في أبواب العلم. والمراد بالغنى غنى النفس والاستغناء عن الخلق لا الغنى بالمال فإنه غالبا مع أهل الجهل، وضده الفقر إلى الناس والتوسل بهم في الامور. ولما كان السهو عبارة عن زوال الصورة عن المدركة لا الحافظة اطلق في مقابله التذكر الذي هو الاسترجاع عن الحافظة، ولما كان النسيان عبارة عن زوالها عن الحافظة أيضا اطلق في مقابله الحفظ. والمواسات جعل الاخوان مساهمين ومشاركين في المال. والسلامة: هي البرائة من البلايا وهي العيوب والآفات، والعاقل يتخلص منها حيث يعرفها ويعرف طريق التخلص منها، والجاهل يختارها ويقع فيها من حيث لا يعلم، وقال الشيخ البهائي رحمه الله: لعل المراد سلامة الناس منه، كما ورد في الحديث: المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه. ويراد بالبلاء ابتلاء الناس به. والشهامة: ذكاء الفؤاد وتوقده. قوله (عليه السلام): والفهم وضده الغباوة، في ع: الفطنة وضدها الغباوة، ولعله أولى لعدم التكرار، وعلى ما في ل لعلها من المكررات، ويمكن تخصيص أحدهما بفهم مصالح النشأة الاولى، والآخر بالاخرى، أو أحدهما بمرتبة من الفهم والذكاء، و الآخر بمرتبة فوقها، والفرق بينه وبين الشهامة أيضا يحتاج إلى تكلف. والمعرفة على ما قيل: هي إدراك الشئ بصفاته وآثاره، بحيث لو وصل إليه عرف أنه هو، ومقابله الانكار يعني عدم حصول ذلك الادراك فإن الانكار يطلق عليه أيضا كما يطلق على


[ 114 ]

الجحود. والمكاشفة: المنازعة والمجادلة، وفي سن: المداراة وضدها المخاشنة. وسلامة الغيب أي يكون في غيبته غيره سالما عن ضرره، وضدها المماكرة، وهو أن يتملق ظاهرا للخديعة والمكر، وفي الغيبة يكون في مقام الضرر، وفي سن: سلامة القلب، وضدها المماكرة، ولعله أنسب. والكتمان أي كتمان عيوب المؤمنين وأسرارهم، أو كلما يجب أو ينبغي كتمانه ككتمان الحق في مقام التقية، وكتمان العلم عن غير أهله. والصلاة أي المحافظة عليها وعلى آدابها وأوقاتها، وضدها الاخلال بشرائطها أو آدابها أو أوقات فضلها. وإنما جعل نبذ الميثاق أي طرحه ضد الحج لما سيأتي في أخبار كثيرة أن الله تعالى أودع الحجر مواثيق العباد، وعلة الحج تجديد الميثاق عند الحجر فيشهد يوم القيامة لكل من وافاه ولعل المراد بالحقيقة الاخلاص في العبادة، إذ بتركه ينتفي حقيقة العبادة، وهذه الفقرة أيضا قريبة من فقرة الاخلاص والشوب، فإما أن يحمل على التكرار أو يحمل الاخلاص على كماله بأن لا يشوب معه طمع جنة ولا خوف نار، ولا جلب نفع، ولا دفع ضرر، والحقيقة على عدم مراءاة المخلوقين. والمعروف أي اختياره والاتيان به والامر به وكذا المنكر. والتبرج إظهار الزينة، ولعل هذه الفقرة مخصوصة بالنساء، ويمكن تعميمها بحيث تشمل ستر الرجال عوراتهم وعيوبهم. والاذاعة: الافشاء. والانصاف: التسوية والعدل بين نفسه وغيره وبين الاقارب والاباعد، والحمية توجب تقديم نفسه على غيره، وإن كان الغير أحق وتقديم عشيرته وأقاربه على الاباعد، وإن كان الحق مع الاباعد. والمهنة بالكسر و الفتح والتحريك ككلمة: الحذق بالخدمة والعمل، مهنه كمنعه ونصره مهنا ومهنة ويكسر: خدمه وضربه وجهده، كذا في القاموس. والمراد خدمة أئمة الحق وإطاعتهم، والبغي: الخروج عليهم وعدم الانقياد لهم. وفي الكافي وسن: التهيئة، وهي جاءت بمعنى التوافق والاصلاح، ويرجع إلى ما ذكرنا. والجلع في بعض النسخ بالجيم وهو قلة الحياء، وفي بعضها بالخاء المعجمة أي خلع لباس الحياء، وهو مجاز شائع. والقصد: اختيار الوسط في الامور، وملازمة الطريق الوسط الموصل إلى النجاة. والراحة أي اختيار ما يوجبها بحسب النشأتين، لا راحة الدنيا فقط. والسهولة: الانقياد بسهولة ولين


[ 115 ]

الجانب، والبركة تكون بمعنى الثبات والزيادة، والنمو أي الثبات على الحق، والسعي في زيادة أعمال الخير، وتنمية الايمان واليقين، وترك ما يوجب محق هذه الامور أي بطلانها ونقصها وفسادها، ويحتمل أن يكون المراد البركة في المال وغيره من الامور الدنيوية، فإن العاقل يحصل من الوجه الذي يصلح له، ويصرف فيما ينبغي الصرف فيه فينمو ويزيد ويبقى ويدوم له، بخلاف الجاهل. والعافية من الذنوب والعيوب أو من المكاره فإن العاقل بالشكر والعفو يعقل النعمة عن النفار، ويستجلب زيادة النعمة و بقائها مدى الاعصار، والجاهل بالكفران وما يورث زوال الاحسان وارتكاب ما يوجب الابتلاء بالغموم والاحزان على خلاف ذلك، ويمكن أن تكون هذه أيضا من المكررات ويظهر مما ذكرنا الفرق على بعض الوجوه. والقوام كسحاب: العدل وما يعاش به أي اختيار الوسط في تحصيل ما يحتاج إليه، والاكتفاء بقدر الكفاف. والمكاثرة: المغالبة في الكثرة أي تحصيل متاع الدنيا زائدا على قدر الحاجة للمباهاة والمغالبة، ويحتمل أن يكون المراد التوسط في الانفاق، وترك البخل والتبذير، كما قال تعالى: والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما (1). فالمراد بالمكاثرة المغالبة في كثرة الانفاق. والحكمة: العمل بالعلم، واختيار النافع الاصلح، وضدها اتباع هوى النفس. والوقار: هو الثقل والرزانة والثبات، وعدم الانزعاج بالفتن وترك الطيش والمبادرة إلى ما لا يحمد، والحاصل أن العاقل لا يزول عما هو عليه بكل ما يرد عليه ولا يحركه إلا ما يحكم العقل بالحركة له أو إليه، لرعاية خير وصلاح، والجاهل يتحرك بالتوهمات والتخيلات واتباع القوى الشهوانية والغضبية، فمحرك العاقل عزيز الوجود، ومحرك الجاهل كثير التحقق. والسعادة: اختيار ما يوجب حسن العاقبة. والاستغفار أعم من التوبة إذ يشترط في التوبة العزم على الترك في المستقبل، ولا يشترط ذلك في الاستغفار، ويحتمل أن تكون مؤكدة للفقرة السابقة. والاغترار: الانخداع عن النفس والشيطان بتسويف التوبة والغفلة عن الذنوب ومضارها وعقوباتها. والمحافظة أي على أوقات الصلوات. والتهاون: التأخير عن أوقات الفضيلة، أو المراد المحافظة على


(1) الفرقان: 67

[ 116 ]

جميع التكاليف. والاستنكاف الاستكبار، وقد سمى الله تعالى ترك الدعاء استكبارا، فقال: إن الذين يستكبرون عن عبادتي (1). والفرح: ترك الحزن مما فات عنه من الدنيا أو البشاشة من الاخوان. قوله: الالفة وضدها الفرقة، في بعض النسخ العصبية، و كونها ضد الالفة لانها توجب المنازعة واللجاج والعناد الموجبة لرفع الالفة. وتفصيل هذه الخصال وتحقيقها سيأتي إن شاء الله تعالى في أبواب المكارم. 8 – مع: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: ما العقل ؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان (2) قال قلت: فالذي كان في معاوية ؟ قال: تلك النكراء وتلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بعقل. سن: الاشعري مثله. بيان: النكراء: الدهاء والفطنة وجودة الرأي، وإذا استعمل في مشتهيات جنود الجهل يقال له الشيطنة، ولذا فسره (عليه السلام) بها، وهذه إما قوة اخرى غير العقل أو القوة العقلية وإذا استعملت في هذه الامور الباطلة وكملت في ذلك تسمى بالشيطنة ولا تسمى بالعقل في عرف الشرع، وقد مر بيانه. 9 – مع: سئل الحسن بن علي (عليه السلام) فقيل له: ما العقل ؟ قال: التجرع للغصة حتى تنال الفرصة. بيان: الغصة بالضم: ما يعترض في الحلق وتعسر إساغته (3)، ويطلق مجازا على الشدائد التي يشق على الانسان تحملها وهو المراد هنا. وتجرعه كناية عن تحمله وعدم القيام بالانتقام به وتداركه حتى تنال الفرصة فإن التدارك قبل ذلك لا ينفع سوى الفضيحة وشدة البلاء وكثرة الهم. 10 – مع: في أسؤلة أمير المؤمنين عن الحسن (عليهما السلام) يا بني ما العقل ؟ قال: حفظ قلبك ما استودعه، قال فما الجهل ؟ قال: سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها


(1) المؤمن: 60 (2) لعل تعريفه (عليه السلام) العقل بخواصه ولوازمه دون بيان حقيقته وماهيته إشارة إلى أن العلم والعرفان بحقيقته وكنهه غير ممكن. والعقل هنا يشمل النظري والعملي لان عبادة الرحمن و اكتساب الجنان يحتاج إليهما معا. (3) وفي نسخة: وتعذر إساغته.

[ 117 ]

والامتناع عن الجواب، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا. بيان: ما استودعه على البناء للمجهول أي ما جعلت عنده وديعة وطلبت منه حفظه. قوله (عليه السلام) والامتناع عن الجواب، أي عند عدم مظنة ضرر في الجواب فإن الامتناع حينئذ إما للجهل به أو للجهل بمصلحة الوقت فإن الصلاح حينئذ في الجواب فقوله (عليه السلام): ونعم العون كالاستثناء مما تقدم، وسيجيئ أخبار تناسب هذا الباب في باب تركيب الانسان وأجزاءه. 11 – ف: قال النبي (صلى الله عليه وآله) في جواب شمعون بن لاوي بن يهودا من حواريي عيسى حيث قال: أخبرني عن العقل ما هو وكيف هو ؟ وما يتشعب منه وما لا يتشعب ؟ وصف لي طوائفه كلها. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن العقل عقال (1) من الجهل، والنفس مثل أخبث الدواب فإن لم تعقل حارت (2) فالعقل عقال من الجهل، وإن الله خلق العقل، فقال له أقبل فأقبل، وقال له أدبر فأدبر، فقال الله تبارك وتعالى: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعظم منك، ولا أطوع منك، بك أبدا وبك اعيد، لك الثواب وعليك العقاب، فتشعب من العقل الحلم، ومن الحلم العلم، ومن العلم الرشد، و من الرشد العفاف (3) ومن العفاف الصيانة، ومن الصيانة الحياء، ومن الحياء الرزانة، ومن الرزانة المداومة على الخير، ومن المداومة على الخير كراهية الشر، ومن كراهية الشر طاعة الناصح. فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير، ولكل واحد من هذه العشرة الاصناف عشرة أنواع: فأما الحلم فمنه: ركوب الجهل، وصحبة الابرار، ورفع من الضعة (4) ورفع من الخساسة، وتشهي الخير، ويقرب صاحبه من معالي الدرجات، والعفو، والمهل (5)


(1) بكسر العين: حبل يشد به البعير في وسط ذراعه (2) أي هلكت. (3) بفتح العين: الكف عما لا يحل أو لا يجمل. (4) بكسر الضاد وفتحها: حط النفس. (5) بفتح الميم وسكون الهاء وفتحها: الرفق والتؤدة في العمل، والتقدم في الخير، والمعنى الاول هو المراد هنا.

[ 118 ]

والمعروف، والصمت (1) فهذا ما يتشعب للعاقل بحلمه. وأما العلم فيتشعب منه: الغنى وإن كان فقيرا، والجود وإن كان بخيلا، والمهابة وإن كان هينا، والسلامة وإن كان سقيما، والقرب وإن كان قصيا، والحياء وإن كان صلفا، والرفعة وإن كان وضيعا، والشرف وإن كان رذلا، والحكمة، والحظوة، فهذا ما يتشعب للعاقل بعلمه، فطوبى لمن عقل وعلم. وأما الرشد فيتشعب منه السداد، والهدى، والبر، والتقوى، والمنالة، والقصد، والاقتصاد، والثواب، والكرم، والمعرفة بدين الله. فهذا ما أصاب العاقل بالرشد، فطوبى لمن أقام به على منهاج الطريق. وأما العفاف فيتشعب منه: الرضاء، والاستكانة، والحظ، والراحة، والتفقد، والخشوع، والتذكر، والتفكر، والجود، والسخاء، فهذا ما يتشعب للعاقل بعفافه رضي بالله و بقسمه. وأما الصيانة فيتشعب منها الصلاح، والتواضع، والورع، والانابة، والفهم، والادب، والاحسان، والتحبب، والخير، واجتناب الشر، فهذا ما أصاب العاقل بالصيانة، فطوبى لمن أكرمه مولاه بالصيانة. وأما الحياء فيتشعب منه اللين، والرأفة، والمراقبة لله في السر والعلانية، و السلامة، واجتناب الشر، والبشاشة، والسماحة (2) والظفر، وحسن الثناء على المرء في الناس، فهذا ما أصاب العاقل بالحياء، فطوبى لمن قبل نصيحة الله وخاف فضيحته. وأما الرزانة فيتشعب منها اللطف، والحزم، وأداء الامانة، وترك الخيانة، وصدق اللسان، وتحصين الفرج، واستصلاح المال، والاستعداد للعدو، والنهي عن المنكر، وترك السفه، فهذا ما أصاب العاقل بالرزانة، فطوبى لمن توقر ولمن لم تكن له خفة ولا جاهلية وعفا وصفح. وأما المداومة على الخير فيتشعب منه ترك الفواحش، والبعد من الطيش (3)،


(1) بفتح الصاد وسكون الميم: السكوت. أي عما لا يعنيه ولا يهمه وما يكون فيه الضرر شرعا أو عقلا. (2) بفتح السين المهملة: الجود. (3) بفتح الطاء وسكون الياء: النزق والخفة، وذهاب العقل.

[ 119 ]

والتحرج، واليقين، وحب النجاة، وطاعة الرحمن، وتعظيم البرهان، واجتناب الشيطان، والاجابة للعدل، وقول الحق، فهذا ما أصاب العاقل بمداومة الخير، فطوبى لمن ذكر ما أمامه وذكر قيامه واعتبر بالفناء. وأما كراهية الشر فيتشعب منه الوقار، والصبر، والنصر، والاستقامة على المنهاج، والمداومة على الرشاد، والايمان بالله، والتوفر، والاخلاص، وترك ما لا يعنيه، والمحافظة على ما ينفعه، فهذا ما أصاب العاقل بالكراهية للشر، فطوبى لمن أقام الحق لله وتمسك بعرى سبيل الله. وأما طاعة الناصح فيتشعب منها الزيادة في العقل، وكمال اللب، ومحمدة العواقب، والنجاة من اللوم، والقبول، والمودة، والاسراج، والانصاف، والتقدم في الامور، والقوة على طاعة الله، فطوبى لمن سلم من مصارع الهوى، فهذه الخصال كلها يتشعب من العقل. قال شمعون: فأخبرني عن أعلام الجاهل (1) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن صحبته عناك، وان اعتزلته شتمك، وإن أعطاك من عليك، وإن أعطيته كفرك، وإن أسررت إليه خانك، وإن أسر إليك إتهمك، وإن استغنى بطر (2) وكان فظا غليظا، وإن افتقر جحد نعمة الله ولم يتحرج، وإن فرح أسرف وطغى، وإن حزن آيس، وإن ضحك فهق، وإن بكى خار، يقع في الابرار، ولا يحب الله ولا يراقبه، ولا يستحيي من الله ولا يذكره، إن أرضيته مدحك وقال فيك من الحسنة ما ليس فيك، وإن سخط عليك ذهبت مدحته ووقع فيك من السوء ما ليس فيك. فهذا مجرى الجاهل. قال: فأخبرني عن علامة الاسلام فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الايمان، والعلم، والعمل قال: فما علامة الايمان ؟ وما علامة العلم ؟ وما علامة العمل ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما علامة الايمان فأربعة: الاقرار بتوحيد الله، والايمان به، والايمان بكتبه، والايمان


(1) الاعلام جمع ” علم “. بفتح العين واللام شئ ينصب فيهتدى به، والمعنى: أخبرني عن امارات الجاهل وعلاماته. (2) البطر: الطغيان عند النعمة.

[ 120 ]

برسله. وأما علامة العلم فأربعة: العلم بالله، والعلم بمحبته، والعلم بمكارهه، و الحفظ لها حتى تؤدي. وأما العمل: فالصلاة والصوم والزكاة والاخلاص. قال: فأخبرني عن علامة الصادق، وعلامة المؤمن، وعلامة الصابر، وعلامة التائب، وعلامة الشاكر، وعلامة الخاشع، وعلامة الصالح، وعلامة الناصح، وعلامة الموقن، وعلامة المخلص، وعلامة الزاهد، وعلامة البار، وعلامة التقي، وعلامة المتكلف، وعلامة الظالم، وعلامة المرائي، وعلامة المنافق، وعلامة الحاسد، وعلامة المسرف، وعلامة الغافل، وعلامة الكسلان، وعلامة الكذاب، وعلامة الفاسق، وعلامة الجائر. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما علامة الصادق فأربعة: يصدق في قوله، ويصدق وعد الله ووعيده، ويوفي بالعهد، ويجتنب الغدر. وأما علامة المؤمن: فإنه يرؤف، ويفهم، ويستحيي. وأما علامة الصابر فأربعة: الصبر على المكاره، والعزم في أعمال البر، والتواضع والحلم. وأما علامة التائب فأربعة: النصيحة لله في عمله (1) وترك الباطل، ولزوم الحق، والحرص على الخير. وأما علامة الشاكر فأربعة: الشكر في النعماء، والصبر في البلاء، والقنوع بقسم الله، ولا يحمد ولا يعظم إلا الله. وأما علامة الخاشع فأربعة: مراقبة الله في السر والعلانية، وركوب الجميل، والتفكر ليوم القيامة، والمناجاة لله. وأما علامة الصالح فأربعة: يصفي قلبه، ويصلح عمله، ويصلح كسبه، ويصلح اموره كلها. وأما علامة الناصح فأربعة: يقضي بالحق، ويعطي الحق من نفسه، ويرضى للناس ما يرضاه لنفسه، ولا يعتدي على أحد. وأما علامة الموقن فستة: أيقن أن الله حق فآمن به، وأيقن بأن الموت حق فحذره، وأيقن بأن البعث حق فخاف الفضيحة (2) وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق


(1) أي الاخلاص لله في عمله. (2) في دار الآخرة وفي يوم تبلى فيه السرائر، فلم يعمل ما يوجب الفضيحة.

[ 121 ]

إليها (1) وأيقن بأن النار حق فطهر (2) سعيه للنجاة منها، وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه. وأما علامة المخلص فأربعة: يسلم قلبه (3) ويسلم جوارحه (4) وبذل خيره، وكف شره. وأما علامة الزاهد فعشرة، يزهد في المحارم، ويكف نفسه، ويقيم فرائض ربه، فإن كان مملوكا أحسن الطاعة، وإن كان مالكا أحسن المملكة، وليس له محمية ولا حقد، يحسن إلى من أساء إليه، وينفع من ضره، ويعفو عمن ظلمه، ويتواضع لحق الله. وأما علامة البار فعشرة: يحب في الله، ويبغض في الله، ويصاحب في الله، و يفارق في الله، ويغضب في الله، ويرضى في الله، ويعمل لله، ويطلب إليه، ويخشع لله خائفا مخوفا طاهرا مخلصا مستحييا مراقبا، ويحسن في الله. وأما علامة التقي فستة: يخاف الله، ويحذر بطشه، ويمسي ويصبح كأنه يراه، لا تهمه (5) الدنيا، ولا يعظم عليه منها شئ لحسن خلقه (6). وأما علامة المتكلف فأربعة: الجدال فيما لا يعنيه، وينازع من فوقه، ويتعاطى ما لا ينال (7). وأما علامة الظالم فأربعة: يظلم من فوقه (8) بالمعصية، ويملك من دونه بالغلبة ويبغض الحق ويظهر الظلم.


(1) بفعل الخيرات والمبرات وباكتساب ما يوجب دخول الجنان، والبعد من النيران. (2) فظهر ” تحف “. (3) من الشرك والرياء وحب الدنيا وأهلها، وزخرفها وزبرجها. (4) من المعاصي وما يكون فيه آفتها. (5) أي لا تحزنه ولا تقلقه أمر الدنيا. (6) الظاهر سقوط أحد الستة. (7) ويجعل همه لما يعنيه. ” تحف ” (8) كخالقه ونبيه وإمامه ومعلمه ووالديه ومن يجب عليه مراعاة حقوقهم وحفظ حرمتهم.

[ 122 ]

وأما علامة المرائي فأربعة، يحرص في العمل لله إذا كان عنده أحد، ويكسل إذا كان وحده، ويحرص في كل أمره على المحمدة ويحسن سمته بجهده. وأما علامة المنافق فأربعة: فاجر دخله، يخالف لسانه قلبه، وقوله فعله، و سريرته علانيته. فويل للمنافق من النار. وأما علامة الحاسد فأربعة: الغيبة. والتملق والشماتة بالمصيبة. وأما علامة المسرف فأربعة: الفخر بالباطل، ويشتري ما ليس له، ويلبس ما ليس له، ويأكل ما ليس عنده. وأما علامة الغافل فأربعة: العمى، والسهو، واللهو، والنسيان. وأما علامة الكسلان فأربعة: يتوانى حتى يفرط، ويفرط حتى يضيع، و يضيع حتى يأثم ويضجر. وأما علامة الكذاب فأربعة: إن قال لم يصدق، وإن قيل له لم يصدق، و النميمة، والبهت. وأما علامة الفاسق فأربعة: اللهو، واللغو، والعدوان، والبهتان. وأما علامة الجائر فأربعة: عصيان الرحمن، وأذى الجيران، وبغض القرآن، والقرب إلى الطغيان. فقال شمعون: لقد شفيتني وبصرتني من عماي، فعلمني طرائق أهتدي بها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يا شمعون إن لك أعداء يطلبونك ويقاتلونك ليسلبوا دينك، من الجن والانس، فأما الذين من الانس: فقوم لا خلاق لهم في الآخرة ولا رغبة لهم فيما عند الله، إنما همهم تعيير الناس بأعمالهم، لا يعيرون أنفسهم، ولا يحاذرون أعمالهم، إن رأوك صالحا حسدوك وقالوا: مراء، وإن رأوك فاسدا قالوا: لا خير فيه. وأما أعدائك من الجن: فإبليس وجنوده، فإذا أتاك فقال: مات ابنك فقل إنما خلق الاحياء ليموتوا، وتدخل بضعة (1) مني الجنة إنه ليسري، فإذا أتاك و قال: قد ذهب مالك فقل: الحمد لله الذي أعطى وأخذ، وأذهب عني الزكاة فلا زكاة علي. وإذا أتاك وقال لك: الناس يظلمونك وأنت لا تظلم، فقل إنما السبيل يوم


(1) البضعة بكسر الباء وفتحها: القطعة من اللحم، وهنا كناية عن الولد.

[ 123 ]

القيامة على الذين يظلمون الناس وما على المحسنين من سبيل. وإذا أتاك وقال لك: ما أكثر إحسانك ! ؟ يريد أن يدخلك العجب، فقل: إساءتي أكثر من إحساني. وإذا أتاك فقال لك: ما أكثر صلاتك ! ؟ فقل: غفلتي أكثر من صلاتي. وإذا قال لك: كم تعطي الناس ؟ فقل: ما آخذ أكثر مما اعطي. وإذا قال لك: ما أكثر من يظلمك ! ؟ فقل: من ظلمته أكثر. وإذا أتاك فقال لك: كم تعمل ؟ فقل طال ما عصيت. إن الله تبارك وتعالى لما خلق السفلى فخرت وزخرت (1) وقالت: أي شئ يغلبني ؟ فخلق الارض فسطحها على ظهرها فذلت، ثم إن الارض فخرت وقالت: أي شئ يغلبني ؟ فخلق الله الجبال فأثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد (2) بها عليها فذلت الارض واستقرت ثم إن الجبال فخرت على الارض فشمخت (3) واستطالت وقالت أي شئ يغلبني ؟ فخلق الحديد فقطعها فذلت، ثم إن الحديد فخر على الجبال وقال: أي شئ يغلبني ؟ فخلق النار فأذابت الحديد فذل الحديد، ثم إن النار زفرت (4) وشهقت (5) وفخرت وقالت: أي شئ يغلبني ؟ فخلق الماء فأطفأها فذلت، ثم الماء فخر وزخر وقال: أي شئ يغلبني ؟ فخلق الريح فحركت أمواجه وأثارت ما في قعره، وحبسته عن مجاريه فذل الماء، ثم إن الريح فخرت وعصفت وقالت: أي شئ يغلبني ؟ فخلق الانسان فبنى واحتال ما يستتر به من الريح وغيرها فذلت الريح، ثم إن الانسان طغى وقال: من أشد مني قوة ؟ فخلق الموت فقهره فذل الانسان، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عزوجل: لا تفخر، فإني ذابحك (6) بين الفريقين: أهل الجنة وأهل النار ثم لا احييك أبدا فخاف. ثم قال: والحلم يغلب الغضب، والرحمة تغلب السخط، والصدقة تغلب الخطيئة.


(1) أي افتخرت. (2) أي تتحرك وتضطرب. (3) أي علت. (4) أي سمع صوت توقدها. (5) لعل المراد بشهقتها إرتفاع نيرانها وشعلتها. (6) لعل المراد بذبح الموت إعدام أسبابه.

[ 124 ]

بيان: قوله تعالى: بك أبدا وبك اعيد، أي بك خلقت الخلق وأبدأتهم، و بك اعيدهم للجزاء، إذ لولا العقل لم يحسن التكليف، ولولا التكليف لم يكن للخلق فائدة، ولا للثواب والعقاب والحشر منفعة، ولا فيها حكمة. قوله (صلى الله عليه وآله): ومن الحلم العلم، إذ بترك الحلم ينفر العلماء عنه، فلا يمكنه التعلم منهم، وأيضا يسلب الله علمه عنه، ولا يفيض عليه الحكمة بتركه، كما سيأتي. والرشد: الاهتداء والاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه. والعفاف: منع النفس عن المحرمات والصيانة: منعها عن الشبهات والمكروهات، فلذا تتفرع على العفاف، وبالصيانة ترتفع الغواشي والاغطية عن عين القلب فيرى الحق حقا، والباطل باطلا، فيستحيي من ارتكاب المعاصي، وإذا استحكم فيه الحياء تحصل له الرزانة، أي عدم الانزعاج عن المحركات الشهوانية والغضبية، وعدم التزلزل بالفتن، إذ الحياء عن ربه يمنعه عن أن يؤثر شيئا على رضاه، أو يترك للامور الدنية خدمة مولاه. والرزانة تصير وسيلة إلى المداومة على الخيرات، والمداومة على الخيرات توجب تأييد الله تعالى لان يكره الشرور، فإذا صار محبا للخير كارها للشر يطيع كل ناصح يدله على الخير الذي يحبه، أو يزجره عن الشر الذي يكرهه وأما ما يتشعب من الحلم فتشعبها منه يظهر بأدنى تأمل. وبسط القول فيها يوجب الاطناب. والضعة بحسب الدنيا. والخساسة ما كان بسبب الاخلاق الذميمة. والمهل أي تأخير العقوبة وعدم المبادرة بالانتقام. وأما ما يتشعب من العلم فالغنى. أي غنى النفس وإن كان فقيرا بلا مال، و يحتمل أيضا الغنى بالمال وإن كان قبل العلم فقيرا. والجود أي يجود بالحقائق على الخلق وإن كان بخيلا في المال إما لعدمه أو لبخله، أو المراد أن العلم يصير سببا لجوده بالمال والعلم وغيرهما وإن كان قبل اتصافه بالعلم بخيلا. وتحصل له المهابة، وإن كان بحسب ما يصير بحسب الدنيا سببا لها هينا لعدم شرف دنيوي و حسب ونسب ومال، لكن بالعلم يلقي الله مهابته في قلوب العباد، وإن كان قبل العلم هينا حقيرا، والسلامة من العيوب وإن كان في بدنه سقيما، أو العلم يصير سببا لشفاءه عن الاسقام الجسمانية والروحانية. والقرب من الله وإن كان قصيا أي بعيدا عن كرام


[ 125 ]

الخلق، أو القرب من الله ومن الخلق وإن كان بعيدا عنهما قبل العلم. والحياء وإن كان صلفا، في القاموس: الصلف بالتحريك: التكلم بما يكرهه صاحبك، والتمدح بما ليس عندك، أو مجاوزة قدر الظرف، والادعاء فوق ذلك تكبرا، وهو صلف ككتف إنتهى. أي يحصل من العلم الحياء في ما يحب ويحمد وإن عده الناس صلفا لترك المداهنة، أو وإن كان قبله صلفا، والاخير هنا أظهر. والرفعة والشرف أيضا يحتملان المعنيين على قياس ما مر، والفرق بينهما بأن الرفعة ما كان له نفسه، والشرافة ما يتعدى إلى غيره بأن يتشرف من ينسب إليه بسببه، والاول بحسب الجاه الدنيوي، والثاني بالرفعة المعنوية بسبب الاخلاق الشريفة. والحكمة: العلوم الفائضة بعد العمل بما يعلم، أو العمل بالعلم كما سيأتي. والحظوة: المنزلة والقرب عند الله. وأما ما يتشعب من الرشد: فالسداد وهو الصواب من القوم والعمل. والهدى أي إلى ما فوق ما هو فيه، أو المراد أن من أجزاءه ولوازمه الهدى، وكذا البر والتقوى. والمنالة لعل المراد بها الدرجة التي بها تنال أقصى المقاصد، من القرب والفوز والسعادة فإنها من النيل والاصابة. والقصد أي الطريق الوسط المستقيم. والاقتصاد: رعاية الوسط الممدوح في جميع الامور، وترك الافراط والتفريط. ويحتمل أن يكون المراد بالثواب إثابة الغير بجزاء ما يصنع إليه لكنه بعيد. وأما ما يتشعب من العفاف: فالرضاء بما أعطاه الله من الرزق وعدم التصرف في الامر الحرام لطلب الزيادة. والاستكانة: الخضوع والمذلة، وهي من لوازم العفاف لان من عف عن الحرام ولم يجمع الاموال الكثيرة منه لا يطغى ويذل نفسه ويخضع. والحظ: النصيب أي حظوظ الآخرة إذ بترك حظوظ الدنيا تتوفر حظوظ الآخرة. و الراحة أي في الدنيا والآخرة إذ من يجمع المال في الدنيا أيضا ليس له إلا العناء والتعب وكذا من لا يعف عن الفرج الحرام يتحمل في الدنيا المشاق والمنازعات والحدود الشرعية وغيرها. والتفقد إما المراد تفقد أحوال الفقراء وأداء حقوقهم، أو تفقد أحوال النفس وعيوبها والاول أظهر. والخشوع إذ بترك العفاف يسلب الخشوع في العبادات كما هو المجرب. والتذكر أي تذكر الموت وأحوال الآخرة والذنوب. و التفكر أي في المبدأ والمعاد وفيما خلق له.


[ 126 ]

وأما ما يتشعب من الصيانة، فالصلاح: صلاح نفسه، وخروجه عن المفاسد و المعائب. والتواضع عند الخالق والخلائق، وعدم الاستكبار عن قبول الحق. والورع اجتناب المحرمات والشبهات. والانابة: التوبة والرجوع إلى الله تعالى. والفهم: فهم حسن الاشياء وقبحها، وفهم معائب النفس وعظمة خالقها. والادب حسن المعاملة في خدمة الخالق ومعاشرة الخلق. والاحسان إلى الغير، وكسب محبة الناس واختيار الخير وما هو أحسن عاقبة واجتناب الشر. وأما ما يتشعب من الحياء، فلين الجانب، وعدم الغلظة، والرأفة والترحم على الخلق، والمراقبة وهي ما يكون بين شخصين يرقب ويرصد كل منهما صاحبه أي يعلم في جميع أحواله ويتذكر أن الله مطلع عليه، فيستحيي من معصيته أو ترك طاعته والتوجه إلى غيره، وينتظر في كل آن رحمته، ويحترز من حلول نقمته. والسلامة من البلايا التي ترد على الانسان، في الدنيا والآخرة بترك الحياء، وكذا اجتناب الشر والظفر وهو الوصول إلى البغية والمطلوب وحسن ثناء الخلق عليه. وأما ما يتشعب من الرزانة (1) فاللطف والاحسان إلى الخلق، أو الرفق و المداراة معهم، أو اتيان الامور بلطف التدبير وبما يعلم بعد التفكر أنه طريق الوصول إليه، بدون مبادرة واستعجال. والحزم: ضبط الامر والاخذ فيه بالثقة والتفكر في عواقب الامور. وتحصين الفرج أي حفظه ومنعه عن الحرام والشبهة، ومن لم تكن له رزانة يتبع الشهوات وتحركه في أول الامر فيقع في الحرام والشبهة بلا روية. و استصلاح المال أيضا إنما يتيسر بالرزانة إذ الاستعجال في الامور واتباع كل ما يحدث في بادي النظر يوجب الخسران غالبا، وكذا الاستعداد للعدو إنما يكون بالتأني والتثبت، وكذا النهي عن المنكر فإنه أيضا إنما يتمشى بالتدبير والحزم. والتحرج تضييق الامر على النفس أو فعل ما يوجب الاثم قال في النهاية: ومنها حديث ” اليتامى تحرجوا أن يأكلوا معهم ” أي ضيقوا على أنفسهم، وتحرج فلان: إذا فعل فعلا يحرج به من الحرج الاثم والضيق انتهى. وعلى الثاني يكون معطوفا على الطيش. واليقين


(1) بفتح الراء المهلة: الوقار والسكون والثبات.

[ 127 ]

إذ بكثرة العبادات يتقوى اليقين. وقوله: طاعة الرحمن، يمكن عطفه على النجاة، ولو كان معطوفا على الحب لعل المراد كثرتها وزيادتها، أو أنها ثمرة مترتبة على المداومة على الخير، وهي أنه مطيع للرحمن، وكفى به شرفا وفضلا. والبرهان: الحجة وكل ما يوجب وضوح أمر، وبراهين الله تعالى أنبياؤه وحججه وكتبه، ومعجزات الانبياء والحجج، وآيات الآفاق والانفس الدالة على وجوده وعظمته ووحدانيته وسائر صفاته، والطاعة والمداومة عليها تعظيم لتلك البراهين وإذعان بها، والمعصية تحقير لها. وأما ما يتشعب من كراهية الشر فالوقار وعدم التزلزل عن الخير، والصبر على المكاره في الدين، والنصر على الاعادي الظاهرة والباطنة. والتوفر أي في الايمان أو في جميع الطاعات، وترك مالا يعنيه أي لا يهمه ولا ينفعه. وأما ما يتشعب من طاعة الناصح فاللب: الخالص من كل شئ، ولعل المراد هنا العقل الخالص عن مخالطة الشهوات والاهواء. والقبول أي عند الخالق والخلق وكذا المودة، أو القبول عند الله والمودة بين الخلق (1). والاسراج لعل المراد إسراج الذهن وإيقاد الفهم، ويمكن أن يكون في الاصل الانشراح أي انشراح الصدر واتساعه للعلوم، أو الاستراحة فصحف إلى ما ترى. والتقدم في الامور أي الخيرات. قوله (عليه السلام): من مصارع الهوى، الصرع: الطرح على الارض والمراد الامور والمقامات التي يصرع هوى النفس فيها أكثر الخلق ويغلبهم. وأما أعلام الجاهل، عناك ” بالتشديد ” أي اتعبك، من العناء: النضب والتعب وإن أعطيته كفرك ” بالتخفيف ” أي لم يشكرك. والفظ: الغليظ الجانب السيئ الخلق وقوله (عليه السلام): لم يتحرج أي لا يتضيق عن إثم وقبح ومعصية (2). وإن ضحك فهق أي فتح فاه وامتلا من الضحك قال الجزري فيه: إن أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون: هم الذين يتوسعون في الكلام، ويفتحون به أفواههم مأخوذ من ” الفهق ” وهو الامتلاء والاتساع، يقال: أفهقت الاناء فهق يفهق فهقا انتهى. وإن بكى خار أي جزع وصاح


(1) أو قبول نصيحة الناصح. (2) وفي نسخة: وفضيحة.

[ 128 ]

كالبهائم قال الجزري: الخوار: صوت البقر، ومنه حديث مقتل أبي بن خلف فخر يخور كما يخور الثور انتهى. والحاصل أن فرحه وجزعه خارجان عن الاعتدال. قوله: يقع في الابرار، أي يعيبهم ويذمهم. قوله (صلى الله عليه وآله): ووقع فيك، لعله بالتشديد، أي أثبت من التوقيع وهو ما يثبت في الكتب والفرامين، أو بالتخفيف بتقدير الباء، أي عابك بما ليس فيك. قوله (صلى الله عليه وآله): ويصدق وعد الله ووعيده أي يؤمن بهما ويعمل بمقتضاهما. ويوفي بالعهد أي عهوده مع الله ومع الخلق. قوله (صلى الله عليه وآله): فطهر سعيه، أي من الرياء والعجب وسائر ما يفسد العمل. قوله (صلى الله عليه وآله): يسلم قلبه، أي من الرياء وأنواع الشرك والاخلاق الذميمة. وجوارحه من المعاصي وما يظهر منه عدم الاخلاص. قوله (صلى الله عليه وآله): ليس له محمية، مصدر من الحماية أي الحماية لاهل الباطل وهو قريب من معنى الحمية الغيرة والانفة. قوله (صلى الله عليه وآله): ولا يعظم. أي حسن خلقه وصبره يسهل عليه شدائد الدنيا. قوله (صلى الله عليه وآله): ينازع من فوقه: كباريه تعالى ونبيه، وإمامه، و معلمه، ووالديه، وكل من يلزمه إطاعته. ويتعاطى، أي يرتكب ويتوجه إلى تحصيل أمر لا يمكنه الوصول إليه. قوله (صلى الله عليه وآله) ويحسن سمته (1) السمت: هيئة أهل الخير، أي يزين ظاهره ويتشبه بأهل الصلاح غاية جهده وسعيه. قوله (صلى الله عليه وآله): فاجر دخله، أي خفايا اموره وبواطن أحواله فاسدة فاجرة، قال الفيروز آبادي: دخل الرجل بالفتح والكسر بيته ومذهبه وجميع أمره وجلده وبطانته انتهى. قوله (صلى الله عليه وآله): وأما علامة الحاسد الظاهر أنه سقط أحد الاربعة من النساخ كما وقع مثله فيما سبق (2) أو كان مكان أربعة ثلاثة، كما في وصايا لقمان حيث قال: للحاسد ثلاث علامات: يغتاب إذا غاب: ويتملق إذا شهد، ويشمت بالمصيبة. قوله (صلى الله عليه وآله): يتواني أي يفتر ويقصر ولا يهتم به. قوله (صلى الله عليه وآله): لاخلاق لهم الخلاق بالفتح: الحظ والنصيب: قوله (صلى الله عليه وآله): وإنه ليسري لعل المراد أن دخوله الجنة يسري إلي فأدخل أيضا بسببه، فيكون فعلا، و يحتمل أن يكون مصدرا، أي أن ذلك موجب ليسري وتيسر اموري في الآخرة،


(1) بفتح السين المهملة وسكون الميم. (2) في علامة التقى.

[ 129 ]

ويمكن أن يكون يسري فعلا من قولهم: سرى عنه الهم، أي انكشف، أي هذا التفكر يصير سببا لان ينكشف عنك الهم (1). ثم اعلم أنه كان في المنقول عنه بعد قوله: طال ما عصيت، فقرات ناقصات بينها بياض كثير أسقطناها. وما في آخر الخبر لعله تمثيل لبيان أن كل شئ غيره تعالى مغلوب مقهور بما فوقه والله الغالب على كل شئ. وسيأتي الكلام فيه في كتاب السماء والعالم. وإنما أوجزنا الكلام في شرح هذا الخبر، إذ استيفاء الكلام فيه لا يتأتى إلا في كتاب مفرد موضوع لذلك، وعهدنا المقدم يمسك عن الاطناب عنان القلم. 12 – ف: قال النبي (صلى الله عليه وآله): صفة العاقل أن يحلم عمن جهل عليه (2) ويتجاوز عمن ظلمه، ويتواضع لمن هو دونه، ويسابق من فوقه في طلب البر، وإذا أراد أن يتكلم تدبر فإن كان خيرا تكلم فغنم وإن كان شرا سكت فسلم، وإذا عرضت له فتنة استعصم بالله، وأمسك يده ولسانه، وإذا رأى فضيلة انتهز بها، لا يفارقه الحياء، ولا يبدو منه الحرص، فتلك عشر خصال يعرف بها العاقل. وصفة الجاهل أن يظلم من خالطه، ويتعدى على من هو دونه ويتطاول على من هو فوقه، كلامه بغير تدبر إن تكلم أثم و إن سكت سها، وإن عرضت له فتنة سارع إليها فأردته، وإن رأى فضيلة أعرض وأبطأ عنها، لا يخاف ذنوبه القديمة، ولا يرتدع فيما بقي من عمره من الذنوب، يتوانى عن البر (3) ويبطئ عنه، غير مكترث لما فاته من ذلك أو ضيعه، فتلك عشر خصال من صفة الجاهل الذي حرم العقل. بيان: قال الجزري: النهزة الفرصة وانتهزتها اغتنمتها. أي إذا رأى فضيلة اغتنم الفرصة بهذه الفضيلة ولم يؤخرها. قوله (عليه السلام): وإن سكت سها. أي ليس سكوته لرعاية مصلحة بل لانه سها عن الكلام. والردى: الهلاك فأردته أي أهلكته. ويقال: ما أكترث له أي ما ابالي به.


(1) ويمكن أن يكون تصحيف يسرني. (2) جهل عليه أي تسافه. (3) وفي نسخة: يتوانى عن الخير.

[ 130 ]

13 – سن: العوسي، عن أبي جعفر الجوهري (1) عن إبراهيم بن محمد الكوفي، رفعه قال: سئل الحسن بن علي (عليه السلام) عن العقل قال: التجرع للغصة ومداهنة الاعداء. ضه: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله، وزاد فيه: ومداراة الاصدقاء (2). بيان: المداهنة: إظهار خلاف ما تضمر وهو قريب من معنى المداراة. 14 – سن: بعض أصحابنا رفعه قال: قال (عليه السلام): العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ولا يسأل من يخاف منعه ولا يقدم على ما يخاف العذر منه، ولا يرجو من لا يوثق برجاءه. 15 – سن: بعض أصحابنا رفعه قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يستدل بكتاب الرجل على عقله وموضع بصيرته. وبرسوله على فهمه وفطنته. 16 – مص: قال الصادق (عليه السلام): العاقل من كان ذلولا عند إجابة الحق، منصفا بقوله، جموحا عند الباطل، خصما بقوله: يترك دنياه، ولا يترك دينه، ودليل العاقل شيئان: صدق القول، وصواب الفعل، والعاقل لا يتحدث بما ينكره العقل، ولا يتعرض للتهمة، ولا يدع مداراة من ابتلى به، ويكون العلم دليله في أعماله، والحلم رفيقه في أحواله، والمعرفة تعينه في مذاهبه. والهوى عدو العقل، ومخالف الحق، وقرين الباطل، وقوة الهوى من الشهوة، وأصل علامات الشهوة أكل الحرام، والغفلة عن الفرائض، والاستهانة بالسنن والخوض في الملاهي. توضيح: قال الفيروز آبادي: جمح الفرس كمنع جمحا وجموحا وجماحا، وهو جموح: اغتر فارسه وغلبه. وقال: رجل خصم كفرح: مجادل. قوله من ابتلى به أي بمعاشرته وخلطته. واستهان بالشئ، أي أهانه وخفضه. والخوض في الملاهي: الدخول فيها واقتحامها من غير روية، والتمادي فيها.


(1) وفي نسخة: أبي حفص الجوهري. (2) أورده الصدوق في أماليه ص 398 باسناده عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن جعفر الجوهري: عن إبراهيم بن عبد الله الكوفي، عن أبي سعيد عقيصا، قال: سئل الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام). وفي ص 270 باسناده عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وزاد في آخره ” ومداراة الاصدقاء “.

[ 131 ]

17 – ضه، غو: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: رأس العقل بعد الايمان التودد إلى الناس وقال (صلى الله عليه وآله): أعقل الناس محسن خائف وأجهلهم مسيئ آمن. 18 – ضه: عن النبي (صلى الله عليه وآله)، قال: رأس العقل بعد الايمان بالله التحبب إلى الناس. 19 – ضه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث مرمة لمعاش أو حظوة في معاد، أو لذة في غير محرم. 20 – ضه: روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قيل له: ما العقل ؟ قال: العمل بطاعة الله، و إن العمال بطاعة الله هم العقلاء. 21 – وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر بمجنون، فقال: ما له ؟ فقيل: إنه مجنون فقال: بل هو مصاب، إنما المجنون من آثر الدنيا على الآخرة (1). 23 – ضه: روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال ينبغي للعاقل إذا كان عاقلا أن يكون له أربع ساعات من النهار: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يأتي أهل العلم الذين ينصرونه في أمر دينه وينصحونه، و ساعة يخلي بين نفسه ولذتها من أمر الدنيا فيما يحل ويحمد. 24 – ختص: قال الصادق (عليه السلام): أفضل طبائع العقل العبادة، وأوثق الحديث له العلم، وأجزل حظوظه الحكمة، وأفضل ذخائره الحسنات. 25 – وقال (عليه السلام): كمال العقل في ثلاث: التواضع لله، وحسن اليقين، والصمت إلا من خير. 26 – وقال: الجهل في ثلاث: الكبر، وشدة المراء، والجهل بالله فاولئك هم الخاسرون. 27 – وقال (عليه السلام): يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك. 28 – وقال: إذا أردت أن تختبر عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون، فإن أنكره فهو عاقل، وإن صدقه فهو أحمق.


(1) أي اختار الدنيا وفضله على الآخرة.

[ 132 ]

29 – وقال (عليه السلام): لا يلسع العاقل من جحر مرتين. 30 – ف: وصية موسى بن جعفر (عليهما السلام) لهشام بن الحكم وصفته للعقل. قال (عليه السلام): يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه، فقال: بشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هديهم الله وأولئك هم اولوا الالباب (1). بيان: المراد بالقول إما القرآن، أو مطلق المواعظ. فيتبعون أحسنه أي إذا رددوا بين أمرين منها لا يمكن الجمع بينهما يختارون أحسنهما، وعلى الاول يحتمل أن يكون المراد بالاحسن المحكمات، ويمكن أن يحمل القول على مطلق الكلام، إذ ما من قول حق إلا وله ضد باطل فإذا سمعها اختار الحق منهما، وعلى تقدير أن يكون المراد بالقول القرآن أو مطلق المواعظ يمكن إرجاع الضمير إلى المصدر المذكور ضمنا أي يتبعونه أحسن اتباع. يا هشام بن الحكم إن الله عزوجل أكمل للناس الحجج بالعقول، وأفضى إليهم بالبيان، ودلهم على ربوبيته بالادلة فقال: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لايات لقوم يعقلون (2). بيان: المراد بالحجج البراهين أو الانبياء والاوصياء (عليهم السلام)، والاحتجاج وقطع العذر، أي أكمل حجته على الناس بما آتاهم من العقول. وأفضى إليه أي وصل والباء للتعدية أي بعدما أكمل عقلهم ألقى إليهم بيان ما يلزمهم علمه ومعرفته. وفي الكافي: ونصر النبيين بالبيان. والادلة ما بين في كتابه من دلائل الربوبية والوحدانية أو ما أظهر من آثار صنعته وقدرته في الآفاق وفي أنفسهم. والاول أنسب بالتفريع. واختلاف الليل والنهار أي تعاقبهما على هذا النظام المشاهد بأن يذهب أحدهما ويجيئ الآخر


(1) الزمر: 18 (2) البقرة: 164

[ 133 ]

خلفه، وبه فسر قوله تعالى: هو الذي جعل الليل والنهار خلفة (1)، أو تفاوتهما في النور والظلمة، أو في الزيادة والنقصان، ودخول أحدهما في الآخر، أو في الطول والقصر بحسب العروض، أو اختلاف كل ساعة من ساعاتهما بالنظر إلى الامكنة المختلفة فأية ساعة فرضت فهي صبح لموضع وظهر لاخر وهكذا، والفلك يجيئ مفردا وجمعا وهو السفينة. وما في قوله تعالى: بما ينفع الناس إما مصدرية أي بنفعهم أو موصولة أي بالذي ينفعهم من المحمولات والمجلوبات. وما أنزل الله من السماء من ماء. من الاولى للابتداء والثانية للبيان. والسماء يحتمل الفلك والسحاب وجهة العلو. وإحياء الارض بالنباتات والازهار والثمرات. وبث فيها عطف على أنزل أو على إحياء فإن الدواب ينمون بالخصب ويعيشون بالمطر. والبث: النشر والتفريق، والمراد بتصريف الرياح: إما تصريفها في مهابها قبولا ودبورا وجنوبا وشمالا، أو في أحوالها حارة وباردة وعاصفة ولينة وعقيمة ولواقح أو جعلها تارة للرحمة وتارة للعذاب. والسحاب المسخر أي لا ينزل ولا يتقشع مع أن الطبع يقتضي أحدهما حتى يأتي أمر الله، وقيل: مسخر للرياح تقلبه في الجو بمشية الله تعالى. وفي الآية دلالة على لزوم النظر في خواص مصنوعاته تعالى، والاستدلال بها على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته وسائر صفاته، وعلى جواز ركوب البحر والتجارات والمسافرات لجلب الاقوات والامتعة. يا هشام قد جعل الله عزوجل دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا فقال: وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لايات لقوم يعقلون (2) وقال: حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون (3) وقال ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الارض بعد موتها إن في ذلك لايات لقوم يعقلون (4). بيان: في الكافي قد جعل الله ذلك دليلا، أي كلا من الآيات المذكورة سابقا أو لاحقا. وقوله تعالى: وسخر لكم أي هيأها لمنافعكم ومسخرات بالنصب حال عن الجميع أي نفعكم بها حال كونها مسخرات لله خلقها ودبرها كيف شاء، وقرأ


(1) الفرقان: 62 (2) النحل: 12 (3) الزخرف: 1، 2 (4) الروم: 24

[ 134 ]

حفص والنجوم مسخرات على الابتداء والخبر فيكون تعميما للحكم بعد تخصيصه، ورفع ابن عامر الشمس والقمر أيضا. وقوله تعالى: يريكم. الفعل مصدر بتقدير أن أو صفة لمحذوف أي آية يريكم بها البرق خوفا من الصاعقة أو تخريب المنازل والزروع أو من المسافرة وطمعا أي في الغيث والنبات وسقى الزروع أو للمقيم، ونصبهما على العلة لفعل لازم للفعل المذكور إذ إراءتهم تستلزم رؤيتهم، أو للفعل المذكور بتقدير مضاف أي إراءة خوف وطمع، أو بتأويل الخوف والطمع بالاخافة والاطماع، أو على الحال نحو كلمته شفاها. يا هشام ثم وعظ أهل العقل، ورغبهم في الآخرة، فقال: وما الحيوة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (1) وقال: وما اوتيتم من شئ فمتاع الحيوة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون (2) بيان: وما الحيوة الدنيا أي أعمالها إلا لعب ولهو يلهي الناس ويشغلهم عما يعقب منفعة دائمة. والمتاع ما يتمتع به. يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه فقال: ثم دمرنا الآخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون (3). بيان: قوله (عليه السلام): عذابه إما مفعول لقوله: خوف أو يعقلون أولهما على التنازع. والتدمير: الاهلاك، أي بعدما نجينا لوطا وأهله أهلكنا قومه، وإنكم يا أهل مكة لتمرون على منازلهم في متاجركم إلى الشام، فإن سدوم (4) في طريقه. مصبحين أي داخلين في الصباح، وبالليل أي ومساءا، أو نهارا وليلا أفليس فيكم عقل تعتبرون به ؟. يا هشام ثم بين أن العقل مع العلم فقال: وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (5) يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله، قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون (6) وقال تعالى:


(1) الانعام: 32 (2) القصص: 60 (3) الصافات: 136، 137، 138 (4) بفتح السين المهملة: قرية قوم لوط (5) العنكبوت: 42 (6) البقرة: 170

[ 135 ]

إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون (1) وقال: ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون (2) ثم ذم الكثرة فقال: وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله (3) وقال: أكثر الناس لا يعقلون وأكثرهم لا يشعرون. بيان: ألفينا أي وجدنا. قوله تعالى: أولو كان، الواو للحال أو العطف، والهمزة للرد والتعجب، وجواب لو محذوف أي لو كان آباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون لاتبعوهم. إن شر الدواب، أي شر ما يدب على الارض أو شر البهائم الصم عن سماع الحق وقبوله، البكم عن التكلم به، وقوله: بل أكثرهم لا يعقلون ليس في قرآننا، وهذه الآية في سورة لقمان، وفيها: بل أكثرهم لا يعلمون. ولعله كان في قرآنهم كذلك (4)، وكذا ليس في هذا القرآن وأكثرهم لا يشعرون. فإما أن يكون هذا كلامه (عليه السلام) أو أنه أورد مضمون بعض الآيات. والضمير راجع إلى كفار قريش وهم كانوا قائلين بأن خالق السماوات والارض هو الله تعالى، لكنهم كانوا يشركون الاصنام معه تعالى في العبادة. يا هشام ثم مدح القلة فقال: وقليل من عبادي الشكور (5) وقال: وقليل ما هم (6) وما آمن معه إلا قليل (7) يا هشام ثم ذكر اولي الالباب بأحسن الذكر، وحلاهم بأحسن الحلية، فقال: يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا اولوا الالباب (8). يا هشام إن الله يقول: إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب (9) يعني العقل،


(1) الانفال: 22 (2) اللقمان: 25 (3) الانعام: 116 (4) هذا الاحتمال منه رحمه الله مبني على القول بوقوع التحريف في القرآن وقد بينا فساده في محله. بل الحق أن ذلك من خطأ النساخ أو الراوي في ضبطه، وكيف يمكن أن يستدل (عليه السلام) بآية لا سبيل للمخاطب على الحصول عليها ولو فرض وقوع التحريف. ط (5) سبأ: 13 (6) ص: 24 (7) هود: 40 (8) البقرة: 269 (9) ق: 36

[ 136 ]

وقال: ولقد آتينا لقمان الحكمة (1) قال: الفهم والعقل. يا هشام إن لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وجسرها الايمان، و شراعها التوكل، وقيمها العقل، ودليلها العلم، وسكانها الصبر. بيان: للحق أي لله بالايمان به وطاعته، أو لكل حق إذا ظهر لك بقبوله. عالم بفتح اللام أو كسرها. وفي الكافي: وحشوها الايمان أي ما يحشى فيها وتملا منها. والشراع ككتاب: الملاءة الواسعة فوق خشبة يصفقها الريح فتمضي بالسفينة. والقيم مدبر أمر السفينة. والدليل: المعلم. وقال في المغرب: السكان ذنب السفينة لانها به تقوم وتسكن. يا هشام لكل شئ دليل، ودليل العاقل التفكر، ودليل التفكر الصمت. ولكل شئ مطية، ومطية العاقل التواضع. وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه. بيان: في الكافي في العقل في الموضعين مكان العاقل. ودليل العقل أو العاقل التفكر فإنه يصل إلى مطلوبه بالفكر. وعلى نسخة الكافي يحتمل أن يكون المراد أن التفكر يدل على أن المرء عاقل، وكذا ما بعده يحتملهما. ومطية العاقل التواضع أي مع التواضع يقوي على ما يدل عليه عقله، ويؤيد من الله بإعماله، ومع التكبر. وعدم طاعة الله يضعف عقله، ولا يقدر على إعماله في الامور كالراجل العاجز عن الوصول إلى المطلوب، وعلى نسخة العقل أظهر كما لا يخفى. يا هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس: لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس: أنها جوزة ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة. بيان: حاصله عدم الاغترار بمدح الناس والافتخار بثناءهم. يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة


(1) لقمان: 11

[ 137 ]

أحسنهم معرفة لله، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، وأعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة. بيان: ضمير الجمع في قوله (عليه السلام): ليعقلوا راجع إلى العباد أي ما بعثهم إلا ليعقل العباد عن الله ما لا يعقلون إلا بتفهيم الانبياء والرسل (عليهم السلام). يا هشام ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته فلا يتواضع إلا رفعه الله، ولا يتعاظم إلا وضعه الله. يا هشام إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة (عليهم السلام)، وأما الباطنة فالعقول. يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره. يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه على هدم عقله: من أظلم نور فكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه. بيان: نور مرفوع (1) إذ لم تر أظلم متعديا، وإضافته إلى الفكر إما بيانية أو لامية، والسبب في ذلك أن بطول الامل يقبل إلى الدنيا ولذاتها، فيشغل عن التفكر. والطريف: الامر الجديد المستغرب الذي فيه نفاسة، ومحو الطرائف بالفضول إما لانه إذا اشتغل بالفضول شغل عن الحكمة في زمان التكلم بالفضول، أو لانه لما سمع الناس منه الفضول لم يعبأوا بحكمته، أو لانه إذا اشتغل به محا الله عن قلبه الحكمة. يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك. بيان: الزكاة تكون بمعنى النمو، وبمعنى الطهارة، وهنا يحتملهما، والامر مقابل النهي، أو بمعنى مطلق الشأن أي الامور المتعلقة به تعالى. يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى


(1) بل منصوب كما يقال: أظلم الله الليل أي جعله مظلما، ونفيه تعدى أظلم في غير محله.

[ 138 ]

اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها (1) ورغب فيما عند ربه، وكان انسه في الوحشة، و صاحبه في الوحدة، وغناه في العيلة، ومعزه في غير عشيرة. بيان: عقل عن الله، أي حصل له معرفة ذاته وصفاته وأحكامه وشرائعه، أو أعطاه الله العقل، أو علم الامور بعلم ينتهى إلى الله بأن أخذه عن أنبياءه وحججه، إما بلا واسطة، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر. وغناه أي مغنيه، أو كما أن أهل الدنيا غناهم بالمال هو غناه بالله وقربه ومناجاته. والعيلة: الفقر. وفي الكافي: من غير عشيرة. وهي القبيلة والرهط (2) الادنون. يا هشام نصب الخلق لطاعة الله، ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم، والعلم بالتعلم، والتعلم بالعقل يعتقد، ولا علم إلا من عالم رباني، ومعرفة العالم بالعقل. بيان: في الكافي: نصب الحق. ونصب إما مصدر، أو فعل مجهول أي إنما نصب الله الخلق أو الحق والدين، بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في أوامره ونواهيه. والتعلم بالعقل يعتقد أي يشتد ويستحكم، أو من الاعتقاد بمعنى التصديق والاذعان. و معرفة العالم وفي الكافي: ومعرفة العلم. أي علم العالم، وما هنا أظهر، والغرض أن احتياج العلم إلى العقل من جهتين: لفهم ما يلقيه العالم، ولمعرفة العالم الذي ينبغي أخذ العلم عنه. يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود. بيان: في الكافي من العالم. يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم.


(1) العزلة عن أهل الدنيا والراغبين فيها والمنهمكين في لذاتها ومن يصد المرء عن بلوغ رشده ونهاء سعادته ممدوحة، وأما العزلة عن أهل الدين وجماعة المسلمين وعمن يحصل بمصاحبته بصيرة في أمر الدين ورغبة فيما عند الله من النعيم، فمذمومة شرعا وعقلا. (2) الرهط بفتح الراء: قوم الرجل وقبيلته. عدد يجمع من الثلاثة إلى العشرة، وليس فهيم امرأة

[ 139 ]

بيان: بالدون من الدنيا أي القليل واليسير منها مع الحكمة الكثيرة، ولم يرض بالقليل من الحكمة مع الدنيا الكثيرة. يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شئ من الدنيا يغنيك. يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب ؟ وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض. يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا، ورغبوا في الآخرة، لانهم علموا أن الدنيا طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته. بيان: في الكافي: إن الدنيا طالبة مطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة، والدنيا طالبة للمرء لان يوصل إليه ما عندها من الرزق المقدر، ومطلوبة يطلبها الحريص طلبا للزيادة، والآخرة طالبة تطلبه لتوصل إليه أجله المقدر، ومطلوبة يطلبها الطالب للسعادات الاخروية بالاعمال الصالحة. يا هشام من أراد الغنى بلا مال، وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين فليتضرع إلى الله في مسألته، بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن قنع بما يكفيه استغنى، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا. يا هشام إن الله عزوجل حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (1). حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها. إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ولم يجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا وسره لعلانيته موافقا لان الله لا يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه. بيان: الزيغ: الميل والعدول عن الحق، ورداها: أي هلاكها وضلالها.


(1) آل عمران: 8

[ 140 ]

قوله (عليه السلام): من كان قوله لفعله مصدقا على صيغة إسم الفاعل أي ينبغي أن يأتي أولا بما يأمره، ثم يأمر غيره ليكون قوله مصدقا لما يفعله ويمكن أن يقرأ على صيغة المفعول. قوله (عليه السلام): لان الله الخ أي العقل أمر مخفي في الانسان لا يعرف وجوده في شخص إلا بما يظهر على الجوارح من آثاره والافعال الحسنة الناشئة عنه، ويمكن أن يكون المراد بالعقل المعرفة. يا هشام كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ما من شئ عبد الله به أفضل من العقل وما تم عقل امرؤ حتى يكون فيه خصال شتى: الكفر والشر منه مأمونان، والرشد والخير منه مأمولان، وفضل ماله مبذول، وفضل قوله مكفوف، ونصيبه من الدنيا القوت، ولا يشبع من العلم دهره، الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره (1) والتواضع أحب إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره ويستقل كثير المعروف من نفسه ويرى الناس كلهم خيرا منه، وأنه شرهم في نفسه، وهو تمام الامر. بيان: دهره أي في تمام دهره وعمره. الذل أحب إليه المراد الذل والعز الدنيويان أو ذل النفس وعزها وترفعها. وهو تمام الامر أي كل أمر من امور الدين يتم به، أو كأنه جميع امور الدين مبالغة (2) والمراد بالكفر جميع أنواعه على ما سيأتي تفسيره في موضعه إن شاء الله تعالى. يا هشام من صدق لسانه زكا عمله، ومن حسنت نيته زيد في رزقه، ومن حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره. بيان: نيته أي عزمه على المبرات والخيرات، أو المراد الاخلاص في أعماله الحسنة. يا هشام لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.


(1) لعل المراد أن العاقل إذا يرى أن المماشاة مع الناس وذهابه مذهبهم توجب رفعة قدره و عظم شأنه بينهم وبعده عن الحق وأن الاخذ بالديانة وسلوكه سبيل الحق يوجب المذلة بينهم يختار المذلة عند الناس مع كونه عند الله عزيزا على عزته بينهم وبعده عنه تعالى، أو أن ذل نفسه بأخذه زمامها وبردعها عن مشتهياتها أحب إليه من عز نفسه بارساله عنانها وبانجاح حوائجها وآمالها. (2) والظاهر أن المراد به تمام ذلة النفس وفقرها وهو آخر درجات الايمان وتمام عقل المرء وبه يتم أمره كما جاء منصوصا عليه في بعض الاحاديث.

[ 141 ]

يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا. بيان: المنحة: العطاء. يا هشام لا دين لمن لا مروة له، ولا مروة لمن لا عقل له: وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا، أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها. بيان: المروة، الانسانية وكمال الرجولية، وهي الصفة الجامعة لمكارم الاخلاق ومحاسن الآداب. والخطر: الحظ والنصيب، والقدر والمنزلة، والسبق الذي يتراهن عليه، والكل محتمل. يا هشام إن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول، لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال، يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه شئ منهن فجلس فهو أحمق. وقال الحسن بن علي (عليه السلام) إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل: يا بن رسول الله ومن أهلها ؟ قال: الذين قص الله في كتابه وذكرهم، فقال: إنما يتذكر اولوا الالباب. قال: هم اولوا العقول. وقال علي بن الحسين (عليه السلام)، مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، وأدب العلماء زيادة في العقل، وطاعة ولاة العقل تمام العز، واستتمام المال تمام المروة، وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة، وكف الاذى من كمال العقل، وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا. بيان: أدب العلماء زيادة في العقل أي مجالستهم وتعلم آدابهم، والنظر إلى أفعالهم وأخلاقهم موجبة لزيادة العقل. واستتمام المال وفي الكافي: استثمار المال، أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الانسانية وموجب له أيضا. قوله: قضاء لحق النعمة، أي شكر لحق أخيه عليه، حيث جعله موضع مشورته، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم النعم، ولعل الاخير أظهر. يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه، ولا يعد ما لا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنف برجاءه، ولا يتقدم على ما يخاف العجز عنه. وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يوصي أصحابه يقول: اوصيكم بالخشية من الله في السر و العلانية، والعدل في الرضاء والغضب، والاكتساب في الفقر والغنى، وأن تصلوا من


[ 142 ]

قطعكم، وتعفوا عمن ظلمكم وتعطفوا على من حرمكم، وليكن نظركم عبرا، وصمتكم فكرا، وقولكم ذكرا، وإياكم والبخل، وعليكم بالسخاء، فإنه لا يدخل الجنة بخيل، ولا يدخل النار سخي. بيان: التعنيف: اللوم والتعيير بعنف، وترك الرفق والغلظة، وكلاهما محتمل. والسر والعلانية بالنظر إلى الخلق. والرضاء والغضب أي سواء كان راضيا عمن يعدل فيه أو ساخطا عليه، والحاصل أن لا يصير رضاه عن أحد أو سخطه عليه سببا للخروج عن الحق، والاكتساب يحتمل اكتساب الدنيا والآخرة. يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء: فحفظ الرأس وما حوى، والبطن وما وعى، وذكر الموت والبلى وعلم أن الجنة محفوفة بالمكاره، والنار محفوفة بالشهوات. بيان: وما حوى أي ما حواه الرأس، من العين والاذن واللسان وسائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه. والبطن وما وعى، أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام، والبلى بالكسر، الاندراس والاضمحلال في القبر قال في النهاية، فيه الاستحياء من الله حق الحياء أن لا تنسوا المقابر والبلى. والجوف وما وعى أي ما جمع من الطعام والشراب حتى يكونا من حلهما انتهى. وقال بعضهم: الجوف: البطن و الفرج وهما الاجوفان، وبعضهم روى الخبر هكذا، فليحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى فقال: أي ما وعاه الرأس من العين والاذن واللسان أي يحفظه عن أن يستعمل فيما لا يرضى الله، وعن أن يسجد لغير الله. ويحفظ البطن وما حوى أي جمعه، فيتصل به من الفرج والرجلين واليدين والقلب عن استعمالها في المعاصي انتهى. أقول: فيحتمل على ما في هذا الخبر أن يكون المراد حفظ البطن عن الحرام، وحفظ ما وعاه البطن من القلب عن الاعتقادات الفاسدة والاخلاق الذميمة، ويحتمل أن يكون المراد بما وعاه ما جمعه واحيط به من الفرجين، وسائر الاعضاء: كاليدين والرجلين، أو يكون المراد بالبطن ما عدا الرأس مجازا بقرينة المقابلة. قوله (عليه السلام): والجنة محفوفة بالمكاره. أي لا تحصل إلا بمقاساة المكاره في الدنيا.


[ 143 ]

يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقال الله عثرته يوم القيامة، ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة. بيان: العثرة: الزلة، والمراد المعاصي، والاقالة في الاصل فسخ البيع بطلب المشتري: والاستقالة طلب ذلك، والمراد هنا تجاوز الله وترك العقاب الذي اكتسبه العبد بسوء فعله فكأنه اشترى العقوبة وندم فاستقال. يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه. يا هشام وجد في ذؤابة سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أعتى الناس على الله من ضرب غير ضاربه، وقتل غير قاتله، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله). ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. بيان: لعل المراد بذؤابة السيف – بالهمز – ما يعلق عليه لحفظ الضروريات كالملح وغيره، قال الجوهري والفيرو زآبادي: الذؤابة: الجلدة المعلقة على آخرة الرحل. وأعتى من العتو وهو البغي والتجاوز عن الحق والتكبر. غير قاتله، أي مريد قتله، أو قاتل مورثه. ومن تولى غير مواليه. أي المعتق الذي انتسب إلى غير معتقه، أو ذو النسب الذي تبرأ عن نسبه، أو الموالي في الدين من الائمة المؤمنين، بأن يجعل غيرهم وليا له ويتخذه إماما، وعلى الاخير تدل الاخبار المعتبرة. والحدث: البدعة أو القتل كما ورد في الخبر، أو كل أمر منكر. قال في النهاية: وفي حديث المدينة: من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا، الحدث: الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة. والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول فمعنى الكسر من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه، والفتح هو الامر المبتدع نفسه، ويكون معنى الايواء فيه الرضاء به والصبر عليه فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه فقد آواه. وقال الفيروز آبادي: الصرف في الحديث التوبة والعدل الفدية. أو النافلة والعدل الفريضة. أو بالعكس، أو هو الوزن والعدل الكيل. أو هو الاكتساب والعدل الفدية أو الحيلة.


[ 144 ]

أقول: فسر في بعض أخبارنا الصرف بالتوبة، والعدل بالفداء كما سيأتي. يا هشام أفضل ما تقرب به العبد إلى الله بعد المعرفة به الصلاة، وبر الوالدين، وترك الحسد والعجب والفخر. بيان: يمكن إدخال جميع العقائد الضرورية في المعرفة، لاسيما مع عدم الظرف كما ورد في الاخبار الكثيرة بدونه. يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو ؟ وأعد له الجواب فإنك موقوف ومسؤول، وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك، واعقل عن الله، وانظر في تصرف الدهر وأحواله فان ما هو آت من الدنيا كما ولى منها فاعتبر بها، وقال علي بن الحسين (عليه السلام): إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الارض ومغاربها بحرها وبرها وسهلها وجبلها عند ولي من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله كفئ الظلال ثم قال: أو لا حر يدع هذه اللماظة لاهلها ؟ يعني الدنيا، فليس لانفسكم ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها، فإنه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس. بيان: طول الدهر في نفسها لا ينافي قصرها بالنسبة إلى كل شخص، أي خذ موعظتك من الدهور الماضية، والازمان الخالية، ويحتمل أن يكون عمر كل شخص باعتبارين. وقال الفيروز آبادي: الظل بالكسر: نقيض الضح أو هو الفئ، أو هو بالغداة، والفئ بالعشي، الجمع ظلال وظلول (1) وأظلال والظل من كل شئ شخصه أو كنه (2) ومن السحاب ما وارى الشمس منه، والظلة ما أظلك من شجر، والظلة بالضم ما يستظل به، والجمع ظلل وظلال. وقال: الفئ: ما كان شمسا فينسخه الظل. وقال الطيبي: الظل ما تنسخه الشمس، والفئ ما ينسخ الشمس. أقول: فيحتمل أن يكون المراد فئ الاشياء ذوات الاظلال، كالشجر والجدار ونحوهما، أو المراد التشبيه بالفئ الذي هو نوع من الظلال، فان الفئ لحدوثه أشبه بالدنيا من سائر الظلال، أو لما فيه


(1) ظلال بكسر الظاء. ظلول بضم الظاء. (2) بكسر الكاف وتشديد النون: ستر الشئ ووقاؤه.

[ 145 ]

من الاشعار بالتفيؤ والتحول والانتقال أي الظلال المتفيأة المتحولة. وقال الجوهري: اللماظة بالضم: ما يبقى في الفم من الطعام، ومنه قول الشاعر يصف الدنيا: لماظة أيام كأحلام نائم. أقول: لا يخفى حسن هذا التشبيه إذ كل ما يتيسر لك من الدنيا فهو لماظة من قد أكلها قبلك، وانتفع بها غيرك أكثر من انتفاعك، وترك فاسدها لك. يا هشام إن كل الناس يبصر النجوم ولكن لا يهتدي بها إلا من يعرف مجاريها ومنازلها، وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ولكن لا يهتدي بها منكم إلا من عمل بها. بيان: لما كان من معظم الانتفاع بالنجوم معرفة الاوقات، وجهة الطريق في الاسفار وأمثالها ولا تتم معرفة تلك الامور إلا بكثرة تعاهد النجوم لتعرف مجاريها و منازلها ومطالعها ومغاربها ومقدار سيرها كذلك الحكمة لا ينتفع بها إلا بكثرة تعاهدها واستعمالها لتعرف فوائدها وآثارها. ودرس كنصر وضرب: قرأ. يا هشام إن المسيح (عليه السلام) قال للحواريين: يا عبيد السوء يهولكم طول النخلة وتذكرون شوكها (1) ومؤونة مراقيها، وتنسون طيب ثمرها ومرافقتها كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده، وتنسون ما تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها، يا عبيد السوء نقوا القمح وطيبوه. وادقوا طحنه تجدوا طعمه، ويهنئكم أكله، كذلك فأخلصوا الايمان وأكملوه تجدوا حلاوته وينفعكم غبه. بحق أقول لكم: لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه، ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم: لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون، فلا تنظروا بالتوبة غدا، فان دون غد يوما وليلة، وقضاء الله فيهما يغدو ويروح بحق أقول لكم: إن من ليس عليه دين من الناس أروح وأقل هما ممن عليه الدين وإن أحسن القضاء، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح وأقل هما ممن عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب، وإن صغار الذنوب ومحقراتها من مكائد إبليس يحقرها لكم، ويصغرها


(1) بفتح الشين وسكون الواو: ما يخرج من النبات شبيها بالابر.

[ 146 ]

في أعينكم، فتجتمع وتكثر فتحيط بكم. بحق أقول لكم: إن الناس في الحكمة رجلان فرجل أتقنها بقوله، وصدقها بفعله، ورجل أتقنها بقوله، وضيعها بسوء فعله، فشتان بينهما، فطوبى (1) للعلماء بالفعل، وويل (2) للعلماء بالقول. يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لاجسادكم وجباهكم، واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى، ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات إن أجزعكم عند البلاء لاشدكم حبا للدنيا، وإن أصبركم على البلاء لازهدكم في الدنيا. يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة ولا بالثعالب الخادعة، ولا بالذئاب الغادرة، ولا بالاسد العاتية، كما تفعل بالفراس كذلك تفعلون بالناس: فريقا تخطفون، وفريقا تخدعون، وفريقا تقدرون بهم. بحق أقول لكم: لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا، وباطنه فاسدا كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم، وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة، لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب، ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل (3) في صدوركم. يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه. يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوا على الركب فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الارض الميتة بوابل المطر. بيان: عبيد السوء بالفتح وقد يضم السين، ومنهم من منع الضم وهو من قبيل إضافة الموصوف الى الصفة كقولهم: حاتم الجود. ومؤونة مراقيها أي شدة الارتقاء عليها. ومرافقتها من الرفق بمعنى اللطف والنفع، ولعله كان مرافقها على صيغة الجمع والضمير راجع إلى الثمر أو النخله. قوله: ما تفضون إليه من قولهم: أفضى إليه أي وصل. ونورها بضم النون وفتحها. والقمح بالفتح: لبر. ويهنؤكم مهموزا بفتح


(1) الطوبى: الغبطة والسعادة، الخير والخيرة، هي فعلى من الطيب قلبوا الياء واوا للضمة قبلها، يقال: طوبى لك وطوباك بالاضافة. (2) الويل: حلول الشر، الهلاك. ويدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها. (3) الغل بكسر الغين: الحقد والغش.

[ 147 ]

النون وكسرها أي لا يعقب أكله مضرة. وغب كل شئ بالكسر عاقبته. والقطران بفتح القاف وكسرها وسكون الطاء، وبفتح القاف وكسر الطاء دهن منتن يستجلب من شجر الا بهل فيهناء (1) به الابل الجربي (2)، ويسرع فيه أشعال النار. وسوء رغبته فيها أي ترك عمله بتلك الحكمة، والانظار: التأخير ولعل تعديته بالباء بتضمين أو بتقدير، ويحتمل الزيادة. وقوله: يغدو أي ينزل أول النهار. ويروح أي ينزل آخر النهار. وقوله: أروح، أي أكثر راحة. قوله: ومحقرتها بفتح الميم والقاف والراء وسكون الحاء مصدر بمعنى الحقارة والذلة، أو على وزن اسم المفعول من باب التفعيل، كما ورد إياكم ومحقرات الذنوب. ويحقرها من باب التفعيل أو كيضرب. والحداء بكسر الحاء ممدودا جمع الحدأة كعنبة: نوع من الغراب (3) يخطف الاشياء، والاسد بضم الهمزة وسكون السين جمع أسد. والعاتية أي الظالمة الطاغية المتكبرة. كما تفعل أي الاسد أو جميع ما تقدم، فالفراس على التغليب وقوله: فريقا تخطفون، إلى آخر ما ذكر، على سبيل اللف والنشر، ولما ذكر الافتراس أولا لم يذكر آخرا. لا يغني عن الجسد، أي لا ينفعه ولا يدفع عنه سوأ. والمنخل بضم الميم والخاء وقد تفتح خاؤه: ما ينخل به. ويقال: زاحمهم، أي ضايقهم ودخل في زحامهم. قال الفيروز آبادي: جثى كدعا ورمى جثوا وجثيا بضمهما،: جلس على ركبتيه، وجاثيت ركبتي إلى ركبته. وقال: الوابل: المطر الشديد الضخم القطر. يا هشام مكتوب في الانجيل: طوبى للمتراحمين اولئك هم المرحومون يوم القيامة، طوبى للمصلحين بين الناس اولئك هم المقربون يوم القيامة، طوبى للمطهرة قلوبهم اولئك هم المتقون يوم القيامة، طوبى للمتواضعين في الدنيا اولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة. بيان: تخصيص كونهم من المتقين بيوم القيامة، لان في ذلك اليوم يتبين المتقون


(1) هنأ الابل: طلاها بالهناء وهو القطران. (2) الجرب: داء يحدث في الجلد بثورا صغارا لها حكة شديدة. (3) فيه خطاء بل هو من الجوارح من نوع البازي دون الغراب.

[ 148 ]

واقعا، ويمتازون عن المجرمين، ويحشرون إلى الرحمن وفدا، وأما في الدنيا فكثيرا ما يشبه غيرهم بهم. يا هشام قلة المنطق حكم عظيم فعليكم بالصمت فإنه دعة حسنة، وقلة وزر وخفة من الذنوب، فحصنوا باب الحلم فإن بابه الصبر، وإن الله عز وجل يبغض الضحاك من غير عجب. والمشاء إلى غير إرب. ويجب على الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته ولا يتكبر عليهم، فاستحيوا من الله في سرائركم، كما تستحيون من الناس في علانيتكم، واعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع، ورفعه غيبة عالمكم بين أظهركم. بيان: الحكم بالضم: الحكمة. والدعة بفتح الدال: السكون والراحة. والارب بالكسر وبالتحريك: الحاجة. وقال في النهاية: وفي الحديث: الكلمة الحكمة ضالة المؤمن وفي رواية: ضالة كل حكيم أي لا يزال يطلبها كما يتطلب الرجل ضالته. إنتهى. وقيل: المراد أن المؤمن يأخذ الحكمة من كل من وجدها عنده، وإن كان كافرا أو فاسقا كما أن صاحب الضالة يأخذها حيث وجدها، ويؤيده ما مر، وقيل: المراد أن من كان عنده حكمة لا يفهمها ولا يستحقها يجب أن يطلب من يأخذها بحقها كما يجب تعريف الضالة، وإذا وجد من يستحقها وجب أن لا يبخل في البذل كالضالة. وقال في النهاية: في الحديث فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم قد تكررت هذه اللفظة في الحديث، والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار، والاستناد إليهم، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا، ومعناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه فهو مكنوف من جانبيه، ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم، ثم كثر حتى استعمل في الاقامة بين القوم مطلقا. يا هشام تعلم من العلم ما جهلت، وعلم الجاهل مما علمت، وعظم العالم لعلمه، ودع منازعته، وصغر الجاهل لجهله ولا تطرده ولكن قربه وعلمه. بيان: الطرد: الابعاد. يا هشام إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها. وقال أمير


[ 149 ]

المؤمنين صلوات الله عليه: إن لله عبادا كسرت قلوبهم خشبته، وأسكتتهم عن النطق وإنهم لفصحاء عقلاء، يستبقون إلى الله بالاعمال الزكية، لا يستكثرون له الكثير، ولا يرضون له من أنفسهم بالقليل، يرون في أنفسهم أنهم أشرار، وإنهم لاكياس (1) وأبرار. بيان: لعل المراد بالعجز الترك، وتعجيز النفس والكسل لا عدم القدرة أي إن الله يؤاخذ بترك شكر النعمة كما يؤاخذ بفعل السيئة ولو في الدنيا بزوال النعمة. والاستباق: المسابقة في الرهان، أي يسبق بعضهم بعضا في التقرب إلى الله بالاعمال الطاهرة من آفاتها، أو النامية. والكياسة: العقل والفطنة. يا هشام الحياء من الايمان والايمان في الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار. بيان: البذاء بفتح الباء ممدودا. الفحش وكل كلام قبيح. والجفاء ممدودا: خلاف البر والصلة، وقد يطلق على البعد عن الآداب، قال المطرزي: الجفاء: الغلظ في العشرة، والخرق في المعاملة، وترك الرفق. يا هشام المتكلمون ثلاثة: فرابح، وسالم، وشاجب: فأما الرابح فالذاكر لله وأما السالم فالساكت، وأما الشاجب فالذي يخوض في الباطل إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه. وكان أبو ذر رضي الله عنه يقول: يا ميتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير، ومفتاح شر، فاختم على فيك كما تختم على ذهبك وورقك (2). بيان: المراد بالمتكلمين القادرون على التكلم، أو المتكلمون والمجالسون معهم تغليبا، والحاصل أن الناس في أمر الكلام على ثلاثة أصناف. والشجب: الهلاك و الحزن والعيب. قال الجزري: في حديث الحسن: المجالس ثلاثة: فسالم وغانم و شاجب أي هالك يقال: شجب يشجب فهو شاجب، وشجب يشجب فهو شجب. أي إما سالم من الاثم، أو غانم للاجر، وإما هالك آثم.


(1) جمع الكيس: الظريف، الفطن، الحسن الفهم والادب. (2) بالواو المثلثة وسكون الراء وبفتح الواو مع كسر الراء: الدراهم المضروبة. (*)

[ 150 ]

يا هشام بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه إذا شاهده، و يأكله (1) إذا غاب عنه، إن اعطي حسده وإن ابتلى خذله، وإن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وإن شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، ومن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه. بيان: الاطراء: مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه. وخذله أي ترك نصرته. والبغي: التعدي والاستطالة والظلم وكل مجاوزة عن الحد. وقوله: من تكره إما بفتح التاء للخطاب، أو بالضم على البناء للمفعول. وقال الفيروز آبادي: كبه: قلبه وصرعه كأكبه. وقال الجوهري: كبه لوجهه أي صرعه فأكب هو على وجهه. وهذا من النوادر. وقال الجزري: وفي الحديث: وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم أي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة تشبيها بما يحصد من الزرع، وتشبيها للسان وما يقطعه من القول بحد المنحل (2) الذي يحصد به. وقال: يقال هذا أمر لا يعنيني أي لا يشغلني ولا يهمني، ومنه الحديث: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه أي لا يهمه. يا هشام لا يكون الرجل مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو. يا هشام قال الله عزوجل: وعزتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوي في مكاني، لا يؤثر عبد هواى على هواه إلا جعلت الغنى في نفسه، وهمه في آخرته وكففت عليه ضيعته، وضمنت السماوات والارض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر. بيان: قوله تعالى: في مكاني أي في منزلتي ودرجة رفعتي. قوله: وكففت عليه ضيعته. يقال: كففته عنه أي صرفته ودفعته. والضيعة: الضياع والفساد، وما هو في


(1) أي يغتابه ويذكره بما فيه من السوء. (2) بكسر الميم وسكون النون وفتح الجيم: آلة من حديد عكفاء يقضب بها الزرع ونحوه.

[ 151 ]

معرض الضياع من الاهل والمال وغيرهما. وقال في النهاية: وضيعة الرجل: ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغيرها، ومنه الحديث: أفشى الله ضيعته أي أكثر عليه معاشه انتهى، فيحتمل أن يكون المراد صرفت عنه ضياعه وهلاكه بتضمين معنى الاشفاق، أو يكون ” على ” بمعنى ” عن “، أو صرفت عنه كسبه بأن لا يحتاج إليه، أو جمعت عليه معيشته أو ما كان منه في معرض الضياع، كما قال في النهاية: لا يكفها أي لا يجمعها ولا يضمها، ومنه الحديث: المؤمن أخ المؤمن يكف عليه ضيعته أي يجمع عليه معيشته ويضمها إليه. وهذا المعنى أظهر لكن ما وجدت الكف بهذا المعنى إلا في كلامه (1). وقوله تعالى: وكنت له من وراء تجارة كل تاجر. يحتمل وجوها: الاول: أن يكون المراد كنت له عقب تجارة التجار لاسوقها إليه. الثاني: أن يكون المراد أني أكفي مهماته سوى ما أسوق إليه من تجارة التاجرين. الثالث: أن يكون معناه: أناله عوضا عما فاته من منافع تجارة التاجرين. ولعل الاول أظهر. يا هشام الغضب مفتاح الشر، وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وإن خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا منهم إلا من كانت يدك عليه العليا فافعل. بيان: اليد العليا: المعطية أو المتعففة. يا هشام عليك بالرفق، فإن الرفق يمن والخرق شؤم (2) إن الرفق والبر و حسن الخلق يعمر الديار، ويزيد في الرزق. بيان: قال الفيروز آبادي: الخرق بالضم وبالتحريك: ضد الرفق، وأن لا يحسن العمل، والتصرف في الامور، والحمق. يا هشام قول الله: هل جزاء الاحسان إلا الاحسان جرت في المؤمن والكافر، والبر والفاجر، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به، وليست المكافاة أن تصنع


(1) بل هذا من المعاني التي ضبطها كتب اللغة. (2) اليمن: البركة. والشؤم: ضده.

[ 152 ]

كما صنع حتى ترى فضلك، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء. يا هشام إن مثل الدنيا مثل الحية، مسها لين، وفي جوفها السم القاتل، يحذرها الرجال ذووا العقول، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم. يا هشام اصبر على طاعة الله، واصبر عن معاصي الله، فإنما الدنيا ساعة فما مضى منها فليس تجد له سرورا ولا حزنا، وما لم يأت (1) منها فليس تعرفه، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اعتبطت. بيان: في النهاية: كل من مات بغير علة فقد اعتبط، ومات فلان عبطة أي شابا صحيحا، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة، أي إن صبرت فعن قريب تصير مغبوطا في الآخرة يتمنى الناس منزلتك. يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله. يا هشام إياك والكبر فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر، الكبر رداء الله فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار على وجهه. بيان: قال الجزري: في الحديث قال الله تعالى: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي ضرب الرداء والازار مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة، وشبههما بالازار والرداء لان المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الانسان، ولانه لا يشركه في إزاره ورداءه أحد، فكذلك الله لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد. يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنا استزاد منه، وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه. يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح (عليه السلام) في صورة امرأة زرقاء، فقال لها: كم تزوجت ؟ فقالت: كثيرا، قال: فكل طلقك ؟ قالت: لا بل كلا قتلت ! قال المسيح: فويح أزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين ؟


(1) وفي نسخة: وما لم يمض.

[ 153 ]

بيان: الزرقة في العين معروفة، وقد تطلق على العمى، ويقال: زرقت عينه نحوي: انقلبت وظهر بياضها (1) فعلى الاول: لعل المراد بيان شؤمتها فإن العرب تتشأم بزرقة العين أو قبح منظرها وعلى الثاني ظاهر، وعلى الثالث كناية عن شدة الغضب، و الاول أظهر. وويح: كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب (2). وهي منصوبة على المصدر، وقد ترفع. يا هشام إن ضوء الجسد في عينه فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله، و إن ضوء الروح العقل، فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه، وإذا كان عالما بربه أبصر دينه، وإن كان جاهلا بربه لم يقم له دين، وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل. يا هشام إن الزرع ينبت في السهل، ولا ينبت في الصفا، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار لان الله جعل التواضع آلة العقل، و جعل التكبر من آلة الجهل، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه ؟ ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه ؟ فكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله، ومن تواضع لله رفعه. بيان: السهل: الارض اللينة التي تقبل الزرع، والصفا جمع صفاة: وهي الحجر الصلب الذي لا ينبت. وتعمر بفتح التاء والميم أي تعيش طويلا، أو بضم الميم أي تجعل القلب معمورا، وبضم التاء وفتح الميم أي تصير الحكمة في القلب معمورة. وشمخ أي طال وعلا. وشج رأسه أي كسره. والخفض: ضد الرفع، وأكنه أي ستره وحفظه عن الحر والبرد. يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى (3) وأقبح الخطيئة بعد النسك، وأقبح من


(1) وقد يطلق على شدة العداوة. يقال: عدو أزرق: شديد العداوة، وذلك أن زرقة العيون غالبة في الروم والديلم، وكانت بينهم وبين العرب عداوة شديدة فسموا كل عدو بذلك. (2) وقيل: انها تأتي أيضا بمعنى ويل. تقول: ويح لزيد وويحا لزيد وويحه. (3) المراد بالفقر إما الفقر المعنوي، أي ما أقبح للرجل أن تكون له فضائل نفسية وخلق كريمة، أو عقائد حقة وملة مرضية ثم يتركها ويستخلف منها الخصال المذمومة والاخلاق الرذيلة أو العقائد الباطلة فيكون مآل أمره إلى الخسران ومرجعه إلى الفناء، أو المراد منه الفقر المادي أي ما أقبح للرجل أن يكون ذا ثروة ومال، ثم يترفها ويسرفها ويصرفها في ما لا يصلح به دنياه ولا يثاب به في عقباه، فيصير فقيرا ويصبح إلى أقرانه محتاجا.

[ 154 ]

ذلك العابد لله ثم يترك عبادته. بيان: النسك: الحج أو مطلق العبادة. يا هشام لا خير في العيش إلا لرجلين: لمستمع واع، وعالم ناطق. بيان: العيش: الحياة. ووعاه أي حفظه. يا هشام ما قسم بين العباد أفضل من العقل، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل، وما بعث الله نبيا إلا عاقلا حتى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين، وما أدى العبد فريضة من فرائض الله حتى عقل عنه. بيان: الاجتهاد: بذل الجهد في الطاعات. يا هشام قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا رأيتم المؤمن صموتا (1) فادنوا منه، فإنه يلقي الحكمة، والمؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل. يا هشام أوحى الله إلى داود: قل لعبادي لا يجعلوا بيني وبينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري، وعن طريق محبتي ومناجاتي، اولئك قطاع الطريق من عبادي، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة عبادتي ومناجاتي من قلوبهم. بيان: في غيره من الاخبار قطاع طريق عبادي. يا هشام من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الارض، ومن تكبر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضاد الله، ومن ادعى ما ليس له فهو اعني لغير. بيان: من تعظم أي عد نفسه عظيما قوله: أعنى لغير أي يدخل غيره في العناء و التعب ممن يشتبه عليه أمره أكثر مما يصيبه من ذلك، ويحتمل أن يكون تصحيف أعتى لغيره من العتو وهو الطغيان والتجبر، وكان يحتمل المأخوذ منه ذلك أيضا. يا هشام أوحى الله إلى داود: حذر وأنذر أصحابك عن حب الشهوات، فإن المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني (2).


(1) بفتح الصاد وضم الميم: الكثير الصمت. (2) أي قلوبهم مستورة عن كشف سبحات وجهي وجلالي وإشراق أنوار عظمتي وعرفان دلائل الوهيتي وجمالي، وممنوعة عن حصول العلوم الحقيقية فيها، لحلول محبة زخارف الدنيا فيها و تعلقها بها.

[ 155 ]

يا هشام إياك والكبر على أوليائي، والاستطالة بعلمك فيمقتك الله، فلا تنفعك بعد مقته (1) دنياك ولا آخرتك، وكن في الدنيا كساكن الدار ليست له، إنما ينتظر الرحيل. يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة، ومشاورة العاقل الناصح يمن وبركة ورشد وتوفيق من الله، فإذا أشار عليك العاقل الناصح فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب. بيان: أهل الدين هم العالمون بشرائع الدين العاملون بها. والعطب بالتحريك الهلاك. يا هشام إياك ومخالطة الناس والانس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا مأمونا فأنس به واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية، وينبغي للعاقل إذا عمل عملا أن يستحيي من الله إذ تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره، وإذا حزبك (2) أمر أن لا تدري أيهما خير وأصوب فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه، فإن كثير الثواب في مخالفة هواك، وإياك أن تغلب الحكمة وتضعها في الجهالة. قال هشام: فقلت له: فإن وجدت رجلا طالبا غير أن عقله لا يتسع لضبط ما القي إليه ؟ قال: فتلطف له في النصيحة، فإن ضاق قلبه فلا تعرضن نفسك للفتنة، واحذر رد المتكبرين، فان العلم يدل على أن يحمل على من لا يفيق (3) قلت: فإن لم أجد من يعقل السؤال عنها ؟ قال فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم فتنة القول، وعظيم فتنة الرد، واعلم: أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده، ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده، ولم يفرح المحزونين بقدر حزنهم ولكن


(1) المقت بفتح الميم وسكون القاف: شدة البغض. (2) في التخف المطبوع: وإذا مر بك. (3) قوله يدل: يحتمل أن يكون من باب ضرب يضرب أي تغنج وتلوى أن يحمل على من لم يرجع عن سكره وإغماءه وغفلته، وفي التحف المطبوع ” يجلى ” بدل ” يحمل ” أي العلم تغنج وتلوى أن يعرض على من لا يفيق. وظني أن ” يحمل أو يجلى ” يكون مصحف ” ينجل ” أي العلم يرشد إلى أن ينجل على من لا يفيق، أو أن في الجملة تصحيفا وغلطا والصحيح: فان العلم يدل ان يحمل على من لا يطيق. (*)

[ 156 ]

فرحهم بقدر رأفته ورحمته، فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد إلى من يؤذيه بأولياءه ؟ فكيف بمن يؤذي فيه ؟ وما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه ؟ فكيف بمن يترضاه ويختار عداوة الخلق فيه ؟. بيان: السباع الضارية أي المولعة بالافتراس المعتادة له. وحزبه أمر أي نزل به وأهمه. قوله (عليه السلام): وإياك أن تغلب الحكمة كذا في النسخة التي عندنا، ولعل فيه حذفا وإيصالا، أي تغلب على الحكمة، أي يأخذها منك قهرا من لا يستحقها بأن يقرأ على صيغة المجهول، أو على المعلوم أي تغلب على الحكمة فإنها تأبى عمن لا يستحقها، ويحتمل أن يكون بالفاء من الافلات بمعنى الاطلاق، فإنهم يقولون: انفلت مني كلام أي صدر بغير روية. قوله: فتلطف له في النصيحة أي تذكر له شيئا من تلك الحكمة بلطف على وجه الامتحان. والافاقة: الرجوع عن السكر والاغماء والغفلة إلى حال الاستقامة. قوله: يؤذيه بأولياءه أي بسبب إيذاءهم، وترضاه أي طلب رضاه. يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، وما اوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا وازداد الله عليه غضبا. يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به، وأكثر الصواب في خلاف الهوى، ومن طال أمله ساء عمله. يا هشام لو رأيت مسير الاجل لالهاك عن الامل. بيان: اللبيب: العاقل (1) والتوصيف للتوضيح والتأكيد، وألهاك: أي أغفلك. يا هشام إياك والطمع، وعليك باليأس مما في أيدي الناس، وأمت الطمع من المخلوقين، فان الطمع مفتاح الذل، واختلاس (2) العقل، وإخلاق المروات، وتدنيس


(1) اللب: العقل الخالص من الشوائب، أو ما ذكا من العقل، فكل لب عقل ولا يعكس، واللبيب من كان ذا لب، فكل لبيب عاقل، ولا يعكس. (2) الاختلاس: الاختطاف بسرعة على غفلة بخلاف الاستلاب فانه لا يشترط فيه الغفلة.

[ 157 ]

العرض، والذهاب بالعلم، وعليك بالاعتصام بربك: والتوكل عليه، وجاهد نفسك لتردها عن هواها، فإنه واجب عليك كجهاد عدوك. قال هشام: فأي الاعداء أوجبهم مجاهدة ؟ قال: أقربهم إليك، وأعداهم لك، وأضرهم بك، وأعظمهم لك عداوة، وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك، ومن يحرض أعدائك عليك، وهو إبليس (1) الموكل بوسواس القلوب، فله فلتشد عداوتك، ولا يكونن أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته، فإنه أضعف منك ركنا في قوته، وأقل منك ضررا في كثرة شره إذا أنت اعتصمت بالله، ومن اعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم بيان: الاختلاس: الاستلاب. وإخلاق الثوب: إبلاؤه. والدنس: الوسخ. و الحمل في المواضع على المبالغة. وقوله: ومن يحرض يحتمل المعجمة والمهملة: الحث والترغيب، كما قال تعالى: وحرض المؤمنين على القتال (2). يا هشام من أكرمه الله بثلاث فقه لطف له: عقل يكفيه مؤونة هواه، وعلم يكفيه مؤونة جهله، وغنى يكفيه مخافة الفقر. يا هشام احذر هذه الدنيا واحذر أهلها فإن الناس فيها على أربعة أصناف: رجل مترد معانق لهواه، ومتعلم متقرئ كلما ازداد علما ازداد كبرا يستعلن بقراءته وعلمه على من هو دونه، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته، يحب أن يعظم ويوقر، وذو بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به فهو عاجز أو مغلوب، ولا يقدر على القيام بما يعرف فهو محزون مغموم بذلك فهو أمثل أهل زمانه وأوجههم عقلا. بيان: تردى في البئر أي سقط، والمتردي أي الواقع في المهالك التي يعسر التخلص منه. والمتقرئ: الناسك المتعبد أو المتفقه أي متعلم القراءة. قوله: يستعلن بقراءته كأنه كان يستعلي، ويمكن أن يضمن فيه معناه. والامثل: الافضل. وأوجههم عقلا: لعل المراد أن عقلهم أوجه عند الله من عقول غيرهم، أو هم أوجه الناس للعقل.


(1) ابلس: قل خيره من رحمة الله، يئس. وإبليس: علم للشيطان فهو إما بمعنى قليل الخير، أو بمعنى المأيوس من رحمة الله تعالى. (2) الانفال: 65

[ 158 ]

يا هشام اعرف العقل وجنده، والجهل وجنده تكن من المهتدين. قال هشام فقلت: لا نعرف إلا ما عرفتنا، فقال (عليه السلام): يا هشام إن الله خلق العقل وهو أول خلق خلقه الله من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله جل وعز: خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي. ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلماني، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل، فقال: استكبرت ؟ فلعنه. ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما كرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة، وقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به، أعطني من الجند مثل ما أعطيته، فقال تبارك وتعالى: نعم، فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ومن رحمتي فقال: قد رضيت فأعطاه الله خمسة وسبعين جندا. فكان مما أعطى العقل من الخمسة وسبعين جندا: الخير وهو وزير العقل، الشر وهو وزير الجهل. الايمان، الكفر. التصديق، التكذيب. الاخلاص، النفاق. الرجاء، القنوط. العدل، الجور. الرضاء، السخط. الشكر، الكفران. اليأس، الطمع. التوكل، الحرص. الرأفة، الغلظة. العلم، الجهل. العفة، التهتك. الزهد، الرغبة. الرفق، الخرق. الرهبة، الجرأة. التواضع، الكبر. التؤدة، العجلة. الحلم، السفه. الصمت، الحذر. الاستلام، الاستكبار. التسليم، التجبر. العفو، الحقد. الرحمة، القسوة. اليقين، الشك. الصبر، الجزع. الصفح، الانتقام. الغنى، الفقر. التفكر، السهو. الحفظ، النسيان. التواصل، القطيعة. القناعة، الشره (1). المواساة، المنع. المودة، العداوة. الوفاء، الغدر. الطاعة، المعصية. الخضوع، التطاول. السلامة، البلاء. الفهم، الغباوة. المعرفة، الانكار. المداراة، المكاشفة. سلامة الغيب، المماكرة. الكتمان، الافشاء. البر، العقوق. الحقيقة، التسويف. المعروف، المنكر. التقية، الاذاعة. الانصاف، الظلم. النفي (2)، الحسد. النظافة، القذر. الحياء، القحة.


(1) بكسر الشين المعجمة: الشر، الحدة، النشاط والغضب، الطيش، الحرص. والاخير هو المراد هنا. (2) في التحف: التقي.

[ 159 ]

القصد، الاسراف. الراحة، التعب. السهولة، الصعوبة. العافية، البلوى. القوام، المكاثرة. الحكمة، الهوى. الوقار، الخفة. السعادة، الشقاء. التوبة، الاصرار. المخافة، التهاون. الدعاء، الاستنكاف. النشاط، الكسل. الفرح، الحزن. الالفة، الفرقة. السخاء، البخل. الخشوع، العجب. صدق الحديث، النميمة. الاستغفار، الاغترار. الكياسة، الحمق (1). بيان: النفي: نفي الحسد عن النفس، والظاهر أنه صحف، والقحة كعدة: الوقاحة وقلة الحياء. يا هشام لا تجتمع هذه الخصال إلا لنبي أو وصي نبي، أو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، وأما سائر ذلك من المؤمنين فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود من أجناد العقل. حتى يستكمل العقل ويتخلص من جنود الجهل، فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء (عليهم السلام) وفقنا الله وإياكم لطاعته. 31 – الدرة الباهرة: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العاقل من رفض الباطل. 32 – دعوات الراوندي: قال الصادق (عليه السلام): كثرة النظر في العلم يفتح العقل. 33 – نهج: قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، لسان العاقل وراء قلبه، وقلب الاحمق وراء لسانه. قال السيد رضي الله عنه: وهذا من المعاني العجيبة الشريفة، والمراد به أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة الروية، ومؤامرة الفكر، والاحمق تسبق خذفات لسانه وفلتات (2) كلامه مراجعة فكره، ومماحضة رأيه، فكأن لسان العاقل تابع لقلبه، كما أن قلب الاحمق تابع للسانه. وقد روي عنه (عليه السلام) هذا المعنى بلفظ آخرو هو قوله (عليه السلام): قلب الاحمق في فيه، ولسان العاقل في قلبه. ومعناهما واحد. 34 – وقال (عليه السلام): إذا تم العقل نقص الكلام. 35 – وقال (عليه السلام): لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا.


(1) تقدم شرح هذه الخصال قبلا. (2) جمع الفلتة: زلاته وهفواته.

[ 160 ]

36 – نهج: قيل له (عليه السلام): صف لنا العاقل فقال: هو الذي يضع الشئ مواضعه قيل له: فصف لنا الجاهل قال: قد فعلت. قال السيد رضي الله عنه: يعني (عليه السلام) أن الجاهل هو الذي لا يضع الشئ مواضعه، فكأن ترك صفته صفة له، إذ كان بخلاف وصف العاقل. 37 – نهج: قال (عليه السلام): كفاف من عقلك ما أوضح لك سبيل غيك (1) من رشدك. 38 – وقال (عليه السلام) في وصيته للحسن (عليه السلام): والعقل حفظ التجارب، وخير ما جربت ما وعظك. 39 – كنز الكراجكي: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن العاقل من أطاع الله وإن كان ذميم المنظر حقير الخطر، وان الجاهل من عصى الله، وإن كان جميل المنظر عظيم الخطر، أفضل الناس أعقل الناس. 40 – وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: العقل ولادة، والعلم إفادة، و مجالسة العلماء زيادة. 41 – وقال (عليهم السلام): من صحب جاهلا نقص من عقله. 42 – وقال (عليه السلام): التثبت رأس العقل والحدة رأس الحمق. 43 – وقال (عليه السلام): غضب الجاهل في قوله، وغضب العاقل في فعله. 44 – وقال (عليه السلام): العقول مواهب والآداب مكاسب. 45 – وقال (عليه السلام): فساد الاخلاق معاشرة السفهاء، وصلاح الاخلاق معاشرة العقلاء. 46 – وقال (عليه السلام): العاقل من وعظته التجارب. 47 – وقال (عليه السلام): رسولك ترجمان عقلك. 48 – وقال (عليه السلام): من ترك الاستماع عن ذوي العقول مات عقله. 49 – وقال (عليه السلام): من جانب هواه صح عقله. 50 – وقال (عليه السلام): من أعجب برأيه ضل، ومن استغنى بعقله زل، ومن تكبر على الناس ذل.


(1) بفتح الغين وكسرها وتشديد الياء المفتوحة: الضلال.

[ 161 ]

51 – وقال (عليه السلام): إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله. 52 – وقال (عليه السلام): عجبا للعاقل كيف ينظر إلى شهوة يعقبه النظر إليها حسرة. 53 – وقال: همة العقل ترك الذنوب وإصلاح العيوب. باب 5 * (النوادر) * 1 – مع، ن: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن عبيد بن هلال قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: إني احب أن يكون المؤمن محدثا قال: قلت وأي شئ المحدث قال: المفهم. 2 – ع: أبي، عن محمد العطار، عن ابن يزيد، عن البزنطي، عن ثعلبة، عن معمر قال قلت لابي جعفر (عليه السلام): ما بال الناس يعقلون ولا يعلمون ؟ قال: إن الله تبارك وتعالى حين خلق آدم جعل أجله بين عينيه، وأمله خلف ظهره، فلما أصاب الخطيئة جعل أمله بين عينيه، وأجله خلف ظهره، فمن ثم يعقلون ولا يعلمون. بيان: لعل المراد بكون الاجل بين عينيه كونه دائما متذكرا له، كما يقال: فلان جعل الموت نصب عينيه وبكون الامل خلف ظهره نسيان الامل وعدم خطوره بباله فلا يطول أمله، وهذا شائع في العرف واللغة، يقال: نبذه وراء ظهره أي تركه ونسيه فمراد السائل أنه ما بال الناس مع كونهم من أهل العقل لا يعلمون ولا يبذلون جهدهم كما ينبغي في تحصيل العلم، فالجواب أن سبب ذلك ما حصل لادم (عليه السلام) بعد ارتكاب ترك الاولى، وسرى في أولاده من نسيان الموت وطول الامل فإن تذكر الموت يحث الانسان على تحصيل ما ينفعه بعد الموت قبل حلوله. وطول الامل يوجب التسويف في فعل الخيرات وطلب العلم. ويحتمل أن يكون مراد السائل بالعقل عقل المعاش وتدبير امور الدنيا، وبالعلم علم ما ينفع في المعاد، أي ما بال الناس في أمر دنياهم عقلاء لا يفوتون شيئا من مصالح دنياهم، وفي أمر آخرتهم سفهاء كأنهم لا يعلمون شيئا ؟ فالجواب هو أن سبب ذلك نسيان الموت، وطول الامل فإنهما موجبان لترك ما


[ 162 ]

ينفع في المعاد لكونه منسيا، وقصر الهمة على تحصيل المعاش ومرمة امور الدنيا لكونها نصب عينه دائما ويحتمل أيضا أن يكون المراد بالعقل العلم بما ينفع في المعاد، والمراد بالعلم العلم الكامل المورث للعمل فالمراد ما بال الناس يعلمون الموت والحساب والعقاب ويؤمنون بها ولا يظهر أثر ذلك العلم في أعمالهم ؟ فهم فيما يعملون من الخطايا كأنهم لا يعلمون شيئا من ذلك. والجواب ظاهر. والظاهر أن ههنا تصحيفا من النساخ وكان لا يعملون بتقديم الميم على اللام فيرجع الى ما ذكرنا أخيرا والله يعلم. * (أبواب العلم وآدابه وأنواعه وأحكامه) * باب 1 * (فرض العلم، ووجوب طلبه، والحث عليه، وثواب العالم والمتعلم) * الايات، البقرة: وزاده بسطة في العلم 247 الاعراف: كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون 30 ” وقال تعالى “: ولكن أكثر الناس لا يعلمون 187 التوبة: ونفصل الآيات لقوم يعلمون 11 ” وقال “: طبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون 94 ” وقال “: الاعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله 98 ” وقال تعالى “: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون 123 ” وقال “: صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون 128 يونس: يفصل الآيات لقوم يعلمون 5 يوسف: نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم 76 الرعد: أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر اولوا الالباب 19 طه: وقل رب زدني علما 114


[ 163 ]

الانبياء: ولوطا آتيناه حكما وعلما 74 ” وقال تعالى “: وكلا آتيناه حكما وعلما 79 الحج: وليعلم الذين اوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم 54 النمل: ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين 15 ” وقال تعالى “: إن في ذلك لاية لقوم يعلمون 52 ” وقال سبحانه “: بل أكثرهم لا يعلمون 61 القصص: ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما 14 ” وقال تعالى “: وقال الذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا 80 العنكبوت: وما يعقلها إلا العالمون 43 ” وقال تعالى ” بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم 49 الروم: إن في ذلك لايات للعالمين 22 ” وقال سبحانه ” وقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون 56 ” وقال تعالى ” كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون 59 سبا: ويرى الذين اوتوا العلم الذي انزل إليك من ربك هو الحق 6 الزمر: قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الالباب 9 الفتح: بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا 15 الرحمن: علم القرآن خلق الانسان علمه البيان 2، 3، 4 المجادلة: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات 11 الحشر: ذلك بأنهم قوم لا يفقهون 13 المنافقين: ولكن المنافقين لا يفقهون 7 ” وقال تعالى ” ولكن المنافقين لا يعلمون 8 العلق: وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم 3، 4، 5 1 – لى: السناني، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن محمد بن سنان،


[ 164 ]

عن المفضل، عن الصادق (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: أعلم الناس من جمع علم الناس إلى علمه، وأكثر الناس قيمة أكثرهم علما وأقل الناس قيمة أقلهم علما. أقول: الخبر بتمامه في باب مواعظ الرسول (صلى الله عليه وآله). 2 – لى: المكتب، عن علي، عن أبيه، عن القداح، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة. وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به، وأنه ليستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وأن العلماء ورثة الانبياء، إن الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثو العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر. ثو: أبي، عن علي، عن أبيه، مثله. ير: أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن القداح (1) مثله. بيان: سلك الله به الباء للتعدية أي أسلكه الله في طريق موصل إلى الجنة في الآخرة أو في الدنيا بتوفيق عمل من أعمال الخير يوصله إلى الجنة. وفي طريق العامة: سهل الله له طريقا من طرق الجنة. قوله (عليه السلام) لتضع أجنحتها. أي لتكون وطأ له إذا مشى، وقيل: هو بمعنى التواضع تعظيما لحقه، أو التعطف لطفا له إذ الطائر يبسط جناحه على أفراخه. ” وقال تعالى “: واخفض جناحك للمؤمنين (2). ” وقال سبحانه “: واخفض لهما جناح الذل من الرحمة (3) وقيل: المراد نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران. وقيل: أراد به إظلالهم بها. وقيل: معناه بسط الجناح لتحمله


(1) هو عبد الله بن ميمون بن الاسود القداح، مولى بني مخزوم، يبرى القداح، عنونه صاحبوا التراجم في كتبهم، قال النجاشي في رجاله ص 148 بعدما عنونه كما عنوناه: روى أبوه عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام)، ويروي هو عن أبي عبد الله (عليه السلام) وكان ثقة، له كتب منها كتاب مبعث النبي (صلى الله عليه وآله) وأخباره، كتاب صفة الجنة والنار. وروى الكشي في رجاله ص 160 باسناده عن أبي خالد، عنه، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: يا بن ميمون كم أنتم بمكة ؟ قلت: نحن أربعة. قال: إنكم نور في ظلمات الارض. وعده ابن النديم في فهرسه من فقهاء الشيعة. (2) الحجر: 88 (3) اسرى: 24

[ 165 ]

عليها وتبلغه حيث يريد من البلاد، ومعناه المعونة في طلب العلم. ويؤيد الاول ما سيأتي من خبر مقداد (1) قوله رضا به مفعول لاجله، ويحتمل أن يكون حالا بتأويل أي راضين غير مكرهين. قوله (عليه السلام): لم يورثوا دينارا ولا درهما. أي كان معظم ميراثهم العلم. ويمكن حمله على الحقيقة بأن لم يبق منهم دينار ولا درهم. 3 – لى: في خطبة خطبها أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد فوت النبي (صلى الله عليه وآله): ولا كنز أنفع من العلم. 4 – لى، ن: في كلمات أمير المؤمنين (عليه السلام) برواية عبد العظيم الحسني قيمة كل امرئ ما يحسنه. ل: برواية اخرى سيأتي في مواعظه (عليه السلام). 5 – ما: جماعة عن أبي المفضل الشيباني عن عبيد الله بن الحسن بن إبراهيم العلوي عن أبيه، عن عبد العظيم الحسني الرازي (2) عن أبي جعفر الثاني عن آبائه عن علي


(1) في الحديث 45 (2) أورده النجاشي في رجاله ص 173 قال: عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) أبو القاسم، له كتاب خطب أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال أبو عبد الله الحسين بن عبيد الله: حدثنا جعفر بن محمد أبو القاسم، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي، قال: كان عبد العظيم ورد الري هاربا من السلطان وسكن سربا في دار رجل من الشيعة في سكة الموالى، فكان يعبد الله في ذلك السرب، ويصوم نهاره، ويقوم ليله، فكان يخرج مستترا فيزور القبر المقابل قبره وبينهما الطريق ويقول: هو قبر رجل من ولد موسى بن جعفر (عليه السلام) فلم يزل يأوى إلى ذلك السرب، ويقع خبره إلى الواحد بعد الواحد من شيعة آل محمد (عليهم السلام) حتى عرفه أكثرهم فرأى رجل من الشيعة في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له: إن رجلا من ولدي يحمل من سكة الموالى، ويدفن عند شجرة التفاح في باغ عبد الجبار بن عبد الوهاب، وأشار إلى المكان الذي دفن فيه، فذهب الرجل ليشتري الشجرة ومكانها من صاحبها، فقال له: لاي شئ تطلب الشجرة ومكانها ؟ فاخبره بالرؤيا فذكر صاحب الشجرة انه كان رأى مثل هذه الرؤيا وانه قد جعل موضع الشجرة مع جميع الباغ وقفا على الشريف، والشيعة يدفنون فيه، فمرض عبد العظيم ومات رحمة الله عليه، فلما جرد ليغسل وجد في جيبه رقعة فيها ذكر نسبه. وروى الصدوق في كتاب ثواب الاعمال ص 56 في فضل زيارته رواية باسناده عن علي بن أحمد، عن حمزة بن القاسم العلوي، عن محمد بن يحيى العطار، عمن دخل على أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) من أهل الري، قل: دخلت على أبي الحسن العسكري (عليه السلام) فقال: أين كنت ؟ قلت: زرت الحسين (عليه السلام) قال: أما أنك لو زرت قبر عبد العظيم عندكم لكنت كمن زار الحسين بن علي (عليهما السلام) (*).

[ 166 ]

(عليهم السلام) قال قلت أربعا أنزل الله تعالى تصديقي بها في كتابه قلت: المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر، فأنزل الله تعالى: ولتعرفنهم في لحن القول. قلت: فمن جهل شيئا عاداه، فأنزل الله: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه. وقلت: قدر أو قيمة كل امرئ ما يحسن، فأنزل الله في قصة طالوت: إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم وقلت: القتل يقل القتل، فأنزل الله: ولكم في القصاص حيوة يا اولي الالباب (4). بيان: مخبوء أي مستور تحت لسانه لا يعرف كماله ولا نقصه ولا صدقه ويقينه ولا كذبه ونفاقه إلا إذا تكلم. وقوله تعالى: ولتعرفنهم جواب قسم محذوف. ولحن القول: اسلوبه وإمالته إلى جهة تعريض وتورية، ومنه قيل للمخطى: لاحن لانه يعدل بالكلام عن الصواب. والبسطة: السعة. 6 – ما: محمد بن العباس النحوي عن عبد الله بن الفرج، عن سعيد بن الاوس الانصاري قال: سمعت الخليل بن أحمد يقول: أحث كلمة على طلب علم قول علي بن أبي طالب (عليه السلام): قدر كل امرئ ما يحسن. بيان: قال الجوهري هو يحسن الشئ أي يعلمه. 7 – لى: أبي عن سعيد، عن اليقطيني، عن يوسف بن عبد الرحمن، عن الحسن بن زياد العطار، عن ابن طريف، عن ابن نباتة قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة، ومدارسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وهو أنيس في الوحشة، وصاحب في الوحدة، وسلاح على الاعداء، و زين الاخلاء، يرفع الله به أقواما يجعلهم في الخير أئمة يقتدى بهم، ترمق أعمالهم، وتقتبس آثارهم، ترغب الملائكة في خلتهم، يمسحونهم بأجنحتهم في صلاتهم لان العلم حياة القلوب، ونور الابصار من العمى، وقوة الابدان من الضعف، وينزل الله حامله منازل الابرار، ويمنحه مجالسة الاخيار في الدنيا والآخرة. بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف الله ويوحد، وبالعلم توصل الارحام، وبه يعرف الحلال والحرام، والعلم إمام العقل والعقل تابعه، يلهمه الله السعداء، ويحرمه الاشقياء. 8 – ل: أبي، عن سعد، عن اليقطيني، عن جماعة من أصحابه رفعوه إلى أمير المؤمنين


[ 167 ]

(عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعلموا العلم. الخبر. إلا أن فيه مكان عند الله لاهله: بذله لاهله. وبعد قوله في الوحدة: ودليل على السراء والضراء. وبعد قوله في صلاتهم: ويستغر لهم كل شئ حتى حيتان البحور وهوامها وسباع البر وأنعامها. ومكان الابرار: الاخيار. ومكان الاخيار: الابرار. أقول: روى في ف نحوا من ذلك عن النبي (صلى الله عليه وآله). بيان: يقال: رمقته أي نظرت إليه. أي ينظر الناس إلى أعمالهم ليقتدوا بهم. ونور الابصار أي أبصار القلوب. وقوة الابدان إذ بالعلم واليقين تقوى الجوارح على العمل. 9 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن ابن ميمون (1)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فضل العلم أحب إلى الله من فضل العبادة، وأفضل دينكم الورع. بيان: أي أفضل أعمال دينكم. 10 – ل: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري، عن ابن عيسى، عن علي (2) عن أخيه، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أعلم الناس، قال: من جمع علم الناس إلى علمه. 11 – ل: الخليل بن أحمد، عن ابن منيع عن هارون بن عبد الله، عن سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن خالد بن أبي خالد الارزق، عن محمد بن عبد الرحمن – وأظنه ابن أبي ليلى – عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: أفضل العبادة الفقه و أفضل الدين الورع. 12 – ل: ابن المغيرة بإسناده عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه


(1) هو عبد الله بن ميمون القداح المقدم ترجمته في ذيل الحديث الثاني. (2) المراد به علي بن سيف بن عميرة وبأخيه هو الحسين بن سيف وبأبيه هو سيف بن عميرة. وعميرة وزان سفينة. أما سيف فهو كوفي ثقة روى عن الصادق والكاظم (عليهما السلام) وثقه علماء الرجال، وأما الحسين فقد أورده الشيخ لم يذكره بمدح ولا ذم غير أن له كتابين يرويهما عنه الرجال، وأما علي فقد ترجمه النجاشي ووثقه. (*)

[ 168 ]

عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا خير في العيش إلا لرجلين: عالم مطاع أو مستمع واع. 13 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا خير في العيش إلا لمستمع واع أو عالم ناطق. 14 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربع يلزمن كل ذي حجى و عقل من امتي، قيل: يا رسول الله ما هن ؟ قال: استماع العلم، وحفظه، ونشره عند أهله، والعمل به. 15 – ل: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن عدة من أصحابه يرفعونه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: منهومان لا يشبعان: منهوم علم، ومنهوم مال: بيان: قال الجوهري: النهمة، بلوغ الهمة في الشئ، وقد نهم بكذا فهو منهوم أي مولع به. وفي الحديث: منهومان لا يشبعان منهوم بالمال ومنهوم بالعلم. 16 – ل: سيجيئ في مكارم أخلاق علي بن الحسين صلوات الله عليه أنه (عليه السلام) كان إذا جاءه طالب علم قال: مرحبا بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم يقول: إن طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجله على رطب ولا يابس من الارض إلا سبحت له إلى الارضين السابعة. بيان: يمكن أن يكون المراد بتسبيح الارض تسبيح أهلها من الملائكة والجن ويحتمل أن يكون المراد أنه يكتب له مثل ثواب هذا التسبيح الفرضي، وقيل بشعور ضعيف في الجمادات لكن السيد المرتضى قال: إنه خلاف ضرورة الدين (1) ويحتمل أن يكون المراد بتسبيح الجمادات والحيوانات ما يصل إلى العالم بإزائها من المثوبات إذ للعالم مدخل في بقائها وانتظامها، وانتفاع سائر الخلق بها، فيثاب العالم بإزاء كل منها فكأنها تسبح له والله يعلم. 17 – ن: بإسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام). أنه قال: العلم ضالة المؤمن.


(1) لم يظهر لقوله رحمه الله وجه، وظاهر الآيات القرآنية خلافه وعليه دلائل من الاخبار

[ 169 ]

18 – ما: المفيد، عن المراغي، عن علي بن الحسن، عن جعفر بن محمد بن مروان عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خلتان (1) لا تجتمعان في المنافق: فقه في الاسلام، وحسن سمت في الوجه، نوادر الراوندي: بإسناده عن الكاظم، عن آبائه (عليهم السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثله. بيان: السمت هيئة أهل الخير. 19 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن ابن عامر، عن الاصفهاني، عن المنقري عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه. أنه قال له: يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك نصيبا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد له تضييعا مثل تركه. فس: أبي، عن الاصفهاني مثله. بيان: معناه الحث على مداومة طلب العلم ومدارسته، فإن تركه يوجب فوات ما قد حصل وذهابه ونسيانه. 20 – ما: المفيد، عن الجعابي، قال: حدثني الشيخ الصالح عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ياسين، قال: سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا (عليهم السلام) بسر من رأى يذكر عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العلم وراثة كريمة، والآداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتذار منذر ناصح، وكفى بك أدبا لنفسك تركك ما كرهته لغيرك. جا: الجعابي مثله. بيان: قوله (عليه السلام): والاعتذار منذر ناصح أي يكفي لترك المعاصي والمساوي ما يترتب عليه من الاعتذار، فكيف مع خوف العقاب، وكأنه تصحيف، والاظهر: ” الاعتبار ” كما في نهج البلاغة وغيره


(1) بفتح الخاء واللام المشددة: الخصلتان.

[ 170 ]

21 – ما: المفيد، عن محمد بن الحسين الحلال، عن الحسن بن الحسين الانصاري عن زفر بن سليمان، عن أشرس الخراساني، عن أيوب السجستاني، عن أبي قلابة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من خرج من بيته يطلب علما شيعه سبعون ألف ملك يستغفرون له. 22 – ما: بإسناد أبي قتادة عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لست احب أن أرى الشاب منكم إلا غاديا (1) في حالين: إما عالما أو متعلما فإن لم يفعل فرط فإن فرط ضيع، فإن ضيع أثم، وإن أثم سكن النار والذي بعث محمدا بالحق. 23 – ما: جماعة، عن أبي المفضل الشيباني عن محمد بن إبراهيم بن المفضل الدئلي، عن عبد الحميد بن صبيح عن حماد بن زيد، عن أبي هارون العبدي (2) قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري (3) قال: مرحبا بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سيأتيكم قوم من أقطار الارض يتفقهون، وإذا رأيتموهم فاستوصوا بهم خيرا، قال: ويقول: وأنتم وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله).


(1) أي باكرا. (2) أورده صاحب تنقيح المقال في ج 3 ص 38 من الكنى وقال: لم أقف على إسمه ولا حاله في كتب أصحابنا نعم عن ابن حجر في التقريب أنه عنونه وقال: إسمه عمارة بن جويرة بالجيم مصغرا – مشهور بكنيته، متروك ومتهم من كذبه، شيعي من الرابعة مات سنة 134. (3) منسوب إلى خدرة – بضم الخاء وسكون الدال وفتح الراء – وهو حي من الانصار. إسمه سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة الابجر. والابجر هو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج عنونه الخاصة والعامة في كتبهم عده ابن عبد البر في الاستيعاب ” ج 2 ذيل ص 44 من الاصابة ” من الصحابة وقال: أول مشاهده الخندق، وغزى مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) اثنتا عشرة غزوة، وكان ممن حفظ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سننا كثيرة، وروى عنه علما جما وكان من نجباء الانصار و علمائهم وفضلائهم، توفى سنة 74 وروى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين. ونقل صاحب الاصابة ” ج 2 ص 33 ” في تاريخ وفاته ثلاثة أقوال أخرى سنة 63 و 64 و 65 وقال: استصغر باحد واستشهد أبوه بها. ونقل الكشي في ص 25 من رجاله عن الفضل بن شاذان أنه كان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأورد في ص 26 روايات تدل على مدحه وانه كان مستقيما. وفي ص 131 من التهذيب رواية تدل على استقامته.

[ 171 ]

24 – ما: جماعة عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد بن جعفر الحسني رحمه الله، عن محمد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: حدثني الرضا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، واقتبسوه من أهله فإن تعليمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة به تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة إلى الله تعالى لانه معالم الحلال والحرام، ومنار سبل الجنة، والمونس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الاعداء، والزين عند الاخلاء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم، ويهتدى بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، وفي صلاتها تبارك عليهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، إن العلم حياة القلوب من الجهل. وضياء الابصار من الظلمة، وقوة، الابدان من الضعف، يبلغ بالعبد منازل الاخيار، ومجالس الابرار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، الذكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به يطاع الرب ويعبد، وبه توصل الارحام، وبه يعرف الحلال والحرام، العلم امام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الاشقياء، فطوبى لمن لم يحرمه الله منه حظه. قال أبو المفضل: وحدثنا جعفر بن عيسى بن مدرك التمار، عن محمد بن مسلم الرازي، عن هشام بن عبد الله، عن كنانة بن جبلة، عن عاصم بن رجاء، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، قال: تعلموا العلم فإن تعليمه لله حسنة، وذكر نحوه. قال: وحدثنا محمد بن علي بن شاذان الازدي، عن كثير بن محمد الخزامي، عن حسن بن حسين العربي، عن يحيى بن يعلى، عن أسباط بن نصر، عن شيخ من أهل


[ 172 ]

البصرة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): تعلموا العلم فإن تعليمه لله حسنة وذكر نحو حديث الرضا (عليه السلام). عدة: روى صاحب كتاب منتقى اليواقيت فيه مرفوعا إلى محمد بن علي بن الحسين وذكر نحوه. بيان: يقال: اقتبست منه نارا، واقتبست منه علما، أي استفدته. والمنار علم الطريق. ومسح الملائكة بأجنحتها إما لاظهار الخلة، أو لافادة البركة أو لاستفادتها. 25 – ما: بإسناد المجاشعي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): العالم بين الجهال كالحي بين الاموات، وإن طالب العلم ليستغفر له كل شئ حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، فاطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله عزوجل، وإن طلب العلم فريضة على كل مسلم. جا: الجعابي، عن ابن عقدة، عن هارون بن عمرو المجاشعي، عن محمد بن جعفر ابن محمد، عن أبيه (عليه السلام) مثله. 26 – ير: ابن هاشم، عن الحسن بن زيد بن علي بن الحسين، عن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا إن الله يحب بغاة (1) العلم. 27 – ير: محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عيسى بن عبد الله العمري، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طلب العلم فريضة في كل حال. 28 – ير: بهذا الاسناد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طلب العلم فريضة من فرائض الله. ير: محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله، عن عيسى بن عبد الله، عن أحمد بن عمر ابن علي بن أبي طالب (عليه السلام) مثله. 29 – ير: ابن زيد، عن ابن أبي عمير، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة على كل مسلم.


(1) بضم الباء جمع باغ، أي طالب.

[ 173 ]

بيان: هذه الاخبار تدل على وجوب طلب العلم، ولا شك في وجوب طلب القدر الضروري من معرفة الله وصفاته، وسائر اصول الدين، ومعرفة العبادات وشرائطها والمناهي ولو بالاخذ عن عالم عينا، والاشهر بين الاصحاب أن تحصيل أزيد من ذلك إما من الواجبات الكفائية أو من المستحبات. 30 – ير: ابن هاشم عن ابن أبي عمير، عن ابن الحجاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: طالب العلم يستغفر له كل شئ حتى الحيتان في البحار، والطير في جو السماء. 31 – ير: الحسن بن علي، عن العباس بن عامر، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبيدة (1)، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن جميع دواب الارض لتصلي على طالب العلم حتى الحيتان في البحر. 32 – ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. 33 – ير: ابن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن وهب بن سعيد، عن حسين بن الصباح، عن جرير بن عبد الله البجلي، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أوحى الله إلي أنه من سلك مسلكا يطلب فيه العلم سهلت له طريقا إلى الجنة. 34 – ير: ابن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن سليمان بن عمرو، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: طالب العلم يشيعه سبعون ألف ملك من مفرق السماء، يقولون: صلى على محمد وآل محمد. بيان: مفرق الرأس: وسطه، واضيف إلى السماء لكونه في جهتها، أو المراد به وسط السماء. ولعل فيه سقطا وكان من مفرق رأسه إلى السماء. 35 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): العالم والمتعلم شريكان في الاجر للعالم


(1) مصغراهو زياد بن عيسى أو رجاء من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) روى عنهما، ذكره علماء الرجال ووثقوه وكان زامل أبا جعفر إلى مكة وكان حسن المنزلة عند آل محمد. مات في زمان الصادق (عليه السلام)، وله أخت تسمى حمادة تروى عن الصادق (عليه السلام).

[ 174 ]

أجران وللمتعلم أجر، ولا خير في سوى ذلك. 36 – ير: محمد بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، وابن فضال معا عن جميل، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن الذي تعلم العلم منكم له مثل أجر الذي يعلمه، وله الفضل عليه، تعلموا العلم من حملة العلم، وعلموه إخوانكم كما علمكم العلماء. بيان: ضمير له راجع إلى المعلم. وقوله: كما علمكم أي من غير تحريف، ويحتمل أن يكون الكاف تعليلية. 37 – ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عن الحسين بن علي بن يوسف، عن مقاتل، عن الربيع بن محمد، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من عبد يغدو في طلب العلم ويروح إلا خاض الرحمة خوضا. بيان: خاض الرحمة أي دخل فيها بحيث أحاطت به. 38 – ير: ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن سليمان الجعفري، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: العالم والمتعلم في الاجر سواء. بيان: أي في أصل الاجر لا في قدره، لئلا ينافي الاخبار الاخرى. 39 – ثو: ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن مقاتل بن مقاتل، عن الربيع بن محمد، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من عبد يغدو في طلب العلم، أو يروح إلا خاض الرحمة، وهتفت به الملائكة: مرحبا بزائر الله، وسلك من الجنة مثل ذلك المسلك. بيان: من زار العالم لله ولطلب العلم لوجه الله فكأنه زار الله. 40 – سن: أبي عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي عبيدة، عن أبي – سخيلة (1)، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: أيها الناس لا خير في دين لا تفقه فيه، ولا خير في دنيا لا تدبر فيها، ولا خير في نسك لا ورع فيه. بيان: لعل المراد بالتدبر في الدنيا التدبير فيها وترك الاسراف والتقتير،


(1) بضم السين المهملة وفتح الخاء المعجمة، عده الشيخ من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام). واسمه عاصم بن طريف، وفي ص 17 من الكشى رواية تدل على حسن حاله.

[ 175 ]

أو التفكر في فنائها وما يدعو إلى تركها. والنسك: العبادة. والورع: اجتناب المحارم، أو الشبهات أيضا. 41 – ف: عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه. قال: أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به، وأن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال: إن المال مقسوم بينكم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم وضمنه، سيفي لكم به (1)، والعلم مخزون عليكم عند أهله قد امرتم بطلبه منهم فاطلبوه، واعلموا أن كثرة المال مفسدة للدين مقساة للقلوب، وأن كثرة العلم والعمل به مصلحة للدين سبب إلى الجنة، والنفقات تنقص المال، والعلم يزكو على إنفاقه، وإنفاقه بثه (2) إلى حفظته ورواته، واعلموا أن صحبة العالم واتباعه دين يدان الله به، وطاعته مكسبة للحسنات ممحاة للسيآت، وذخيرة للمؤمنين، ورفعة في حياتهم، وجميل الاحدوثة عنهم بعد موتهم، إن العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، وعينه البراءة من الحسد، واذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة الاسباب بالامور، ويده الرحمة، وهمته السلامة، ورجله زيارة العلماء، وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وفائدته العافية، ومركبه الوفاء، وسلاحه لين الكلام، وسيفه الرضاء، وقوسه المداراة، وجيشه محاورة العلماء، وماله الادب (3)، وذخيرته اجتناب الذنوب، وزاده المعروف، ومأواه الموادعة، ودليله الهدى، ورفيقه صحبة الاخيار. بيان: مفسدة ومكسبة وأضرابهما كل منهما إما اسم فاعل أو مصدر ميمي أو إسم آلة أو اسم مكان، وفي بعضها لا يحتمل بعض الوجوه كما لا يخفى. والاحدوثه بالضم: ما يتحدث به. ثم إنه (عليه السلام) أراد التنبيه على فضائل العلم فشبهه بشخص كامل روحاني له أعضاء وقوى كلها روحانية بعضها ظاهرة، وبعضها باطنة، فالظاهرة كالرأس والعين والاذن واللسان واليد والرجل، والباطنة كالحفظ والقلب والعقل والهمة والحكمة، وله مستقر روحاني، ومركب وسلاح وسيف وقوس وجيش


(1) وفي نسخة: وسيفي لكم به. (2) بث الخبر: اذاعه ونشره. (3) ملكة تعصم من كانت فيه عما يشينه.

[ 176 ]

ومال وذخيرة وزاد ومأوى ودليل ورفيق كلها معنوية روحانية. ثم إنه (عليه السلام) بين انطباق هذا الشخص الروحاني بجميع أجزائه على هذا الهيكل الجسماني إكمالا للتشبيه، وإفصاحا بأن العلم إذا استقر في قلب إنسان يملك جميع جوارحه، ويظهر آثاره من كل منها، فرأس العلم وهو التواضع يملك هذا الرأس الجسداني ويخرج منه التكبر والنخوة التي هو مسكنها، ويستعمله فيما يقتضيه التواضع من الانكسار والتخشع، وكما أن الرأس البدني بانتفائه ينتفي حياة البدن، فكذا بانتفاء التواضع عند الخالق والخلائق تنتفي حياة العلم فهو كجسد بلا روح لا يصير مصدرا لاثر، وهاتان الجهتان ملحوظتان في جميع الفقرات، وذكرها يوجب الاطناب وما ذكرناه كاف لاولي الالباب. 42 – سن: أبي، عن يونس، عن أبي جعفر الاحول، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يسع الناس حتى يسألوا أو يتفقهوا. 43 – سن: أبي وموسى بن القاسم، عن يونس، عن بعض أصحابنا قال: سئل أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه ؟ قال: لا. 4 4 – سن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اف لكل مسلم لا يجعل في كل جمعة يوما ينفقه يه أمر دينه، ويسأل عن دينه. وروى بعض: اف لكل رجل مسلم. بيان: المراد بالجمعة الاسبوع تسمية للكل باسم الجزء. 45 – سن: جعفر بن محمد الاشعري، عن القداح، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه السلام) في كلام له: لا يستحي الجاهل إذا لم يعلم أن يتعلم. 46 – غو: في حديث أبي أمامة الباهلي إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: عليكم بالعلم قبل أن يقبض وقبل أن يجمع، وجمع بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الابهام، ثم قال: العالم والمتعلم شريكان في الاجر: ولا خير في سائر الناس بعد. بيان: لعل المراد بالجمع أيضا القبض وأخذه من مواطنه ليجمع في محل واحد


[ 177 ]

في علمه وعلم مقربي جنابه. 47 – غو: روي عن المقداد بن الاسود قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم حتى يطأ عليها رضا به. 48 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): فقيه واحد أشد على إبليس من ألف عابد. 49 – وقال (صلى الله عليه وآله): من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. 50 – وقال (صلى الله عليه وآله): من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبدا. 51 – وقال (صلى الله عليه وآله): طالب العلم لا يموت أو يتمتع جده بقدر كده. بيان: ” أو ” هنا بمعنى ” إلى أن ” أو ” إلا أن “. والجد بالكسر: الاجتهاد في الامر وإسناد التمتع إلى الجد مجازي. 52 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): العلم مخزون عند أهله، وقد امرتم بطلبه منهم. 53 – وقال الصادق (عليه السلام): لو علم الناس ما في العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج. بيان: المهجة: الدم أو دم القلب، والروح. واللجة: معظم الماء. 54 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. 55 – وقال (صلى الله عليه وآله): اطلبوا العلم ولو بالصين. 56 – وقال (صلى الله عليه وآله): ما على من لا يعلم من حرج أن يسأل عما لا يعلم. 57 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من خرج من بيته ليلتمس بابا من العلم لينتفع به ويعلمه غيره كتب الله له بكل خطوة (1) عبادة ألف سنة صيامها وقيامها، وحفته الملائكة بأجنحتها، وصلى عليه طيور السماء، وحيتان البحر، ودواب البر، وأنزله الله منزلة سبعين صديقا، وكان خيرا له من أن كانت الدنيا كلها له فجعلها في الآخرة. 58 – جا: ابن قولويه، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن هارون (2)، عن


(1) بضم الخاء وسكون الطاء: ما بين القدمين عند المشي. (2) هو هارون بن مسلم، قال النجاشي في فهرسه ص 307 هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب السر من رآئى كان نزلها، وأصله الانبار يكنى أبا القاسم، ثقة وجه، وكان له مذهب في الجبر و التشبيه، لقى أبا محمد وأبا الحسن (عليهما السلام)، له كتاب التوحيد، وكتاب الفضائل، وكتاب الخطب وكتاب المغازي، وكتاب الدعاء، وله مسائل لابي الحسن الثالث (عليه السلام).

[ 178 ]

ابن زياد (1) قال: سمعت جعفر بن محمد (عليهما السلام) وقد سئل عن قوله تعالى: فلله الحجة البالغة. فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم قال له: أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال: كنت جاهلا قال له: أفلا تعلمت حتى تعمل ؟ فيخصمه وذلك الحجة البالغة. 59 – م: قال الامام (عليه السلام): دخل جابر بن عبد الله الانصاري على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا جابر قوام هذه الدنيا بأربعة: عالم يستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وغني جواد بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنيا غيره، ثم قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فإذا كتم العالم العلم أهله وزها الجاهل في تعلم ما لابد منه، وبخل الغني بمعروفه، وباع الفقير دينه بدنيا غيره حل البلاء وعظم العقاب. 60 – جع: عن أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم كتب الله عزوجل له بكل قدم ثواب نبي من الانبياء، وأعطاه الله بكل حرف يسمع أو يكتب مدينة في الجنة، وطالب العلم أحبه الله وأحبه الملائكة وأحبه النبيون، ولا يحب العلم إلا السعيد، فطوبى لطالب العلم يوم القيامة، ومن خرج من بيته يلتمس بابا من العلم كتب الله له بكل قدم ثواب شهيد من شهداء بدر، و طالب العلم حبيب الله، ومن أحب العلم وجبت له الجنة، ويصبح ويمسي في رضا الله، ولا يخرج من الدنيا حتى يشرب من الكوثر، ويأكل من ثمرة الجنة، ويكون في الجنة رفيق خضر (عليه السلام)، وهذا كله تحت هذه الآية: يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين اوتوا العلم درجات. بيان: المراد بثواب النبي إما ثواب عمل من أعماله أو ثوابه الاستحقاقي، فإنه قليل بالنظر إلى ما يتفضل الله تعالى عليه من الثواب، وكذا الشهيد.


(1) هو مسعدة، عنونه النجاشي في كتابه ص 295 فقال: مسعدة بن زياد الربعي ثقة، عين، روى عن أبي عبد الله (عليه السلام)، له كتاب في الحلال والحرام مبوب، أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن محمد الزراري، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، قال: حدثنا هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد بكتابه.

[ 179 ]

61 – ضه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): قوام الدين بأربعة: بعالم ناطق مستعمل له، وبغني لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، وبجاهل لا يتكبر عن طلب العلم، فإذا اكتتم العالم علمه، وبخل الغني، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا على تراثها قهقري ولا تغرنكم كثرة المساجد، وأجساد قوم مختلفة. قيل: يا أمير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان ؟ فقال: خالطوهم بالبرانية يعني في الظاهر، وخالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب، وهو مع من أحب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله تعالى. بيان: رجعت الدنيا على تراثها. كذا فيما عندنا من النسخ ولعل المراد رجعت مع ما أورثه الناس من الاموال والنعم، أي يسلب عن الناس نعمهم عقوبة على هذه الخصال، والاصوب: على ورائها كما سيأتي (1). وقال في النهاية: في حديث سلمان: من أصلح جوانيه أصلح الله برانيه. أراد بالبراني: العلانية، والالف والنون من زيادات النسب، كما قالوا في صنعاء صنعاني، وأصله من قولهم: خرج فلان برا أي خرج إلى البر والصحراء. قوله (عليه السلام): للمرء ما اكتسب بيان لانه لا يضركم الكون معهم، فإن لكم أعمالكم، وأنتم تحشرون في الآخرة مع الائمة الذين تحبونهم. 62 – ضه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الشاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله، إن طلب العلم فريضة على كل مسلم، وكم من مؤمن يخرج من منزله في طلب العلم فلا يرجع إلا مغفورا. 63 – وقال (عليه السلام): لا علم كالتفكر ولا شرف كالعلم. بيان: المراد بالشخوص الخروج من البلد، أو الاعم منه ومن الخروج من البيت. وقوله (عليه السلام): لا علم: كالتفكر أي كالعلم الحاصل بالتفكر، أو المراد بالعلم ما يوجبه مجازا.


(1) الظاهر أن المراد من رجوع الدنيا إلى تراثها رجوعها إلى الجاهلية الاولى التي تركتها أهل الجاهلية وقد نسخها الاسلام وبث العلم النافع في الدنيا، ومع ترك العلم وإفساد التربية الدينية يرجع الناس إلى تراثهم الاولى وهو الجهل والعمي والفساد. ط

[ 180 ]

64 – ضه: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يا مؤمن إن هذا العلم والادب ثمن نفسك فاجتهد في تعلمهما، فما يزيد من علمك وأدبك يزيد في ثمنك وقدرك، فإن بالعلم تهتدي إلى ربك، وبالادب تحسن خدمة ربك، وبأدب الخدمة يستوجب العبد ولايته وقربه، فاقبل النصيحة كي تنجو من العذاب. 65 – ضه: قال النبي (صلى الله عليه وآله): اطلبوا العلم ولو بالصين، فإن طلب العلم فريضة على كل مسلم. 66 – وقال (صلى الله عليه وآله): من تعلم مسألة واحدة قلده الله يوم القيامة ألف قلائد من النور، وغفر له ألف ذنب، وبنى له مدينة من ذهب، وكتب له بكل شعرة على جسده حجة. 67 – ضه: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من تعلم بابا من العلم عمل به أو لم يعمل كان أفضل من أن يصلي ألف ركعة تطوعا. 68 – ما: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن العبد إذا خرج في طلب العلم ناداه الله عزوجل من فوق العرش: مرحبا بك (1) يا عبدي أتدري أي منزلة تطلب ؟ وأي درجة تروم ؟ (2) تضاهي (3) ملائكتي المقربين لتكون لهم قرينا لابلغنك مرادك ولاوصلنك بحاجتك. فقيل لعلي بن الحسين (عليه السلام): ما معنى مضاهاة ملائكة الله عزوجل المقربين ليكون لهم قرينا ؟ قال: أما سمعت قول الله عزوجل: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم فبدأ بنفسه، وثنى بملائكته، وثلث باولي العلم الذين هم قرناء ملائكته، وسيدهم محمد (صلى الله عليه وآله) وثانيهم علي (عليه السلام) وثالثهم أهله، وأحقهم بمرتبته بعده، قال علي بن الحسين (عليه السلام): ثم أنتم معاشر الشيعة العلماء بعلمنا تأولون (4) مقرونون بنا وبملائكة الله المقربين


(1) أي صادفت سعة ورحبا. (2) أي تريد. (3) أي تشابه وتشاكل. (4) كذا في النسخة ويحتمل أن تكون مصحف نازلون.

[ 181 ]

شهداء لله بتوحيده وعدله وكرمه وجوده، قاطعون لمعاذير المعاندين من إمائه وعبيده فنعم الرأي لانفسكم رأيتم، ونعم الحظ الجزيل اخترتم، وبأشرف السعادة سعدتم حين بمحمد وآله الطيبين (عليهم السلام) قرنتم، وعدول الله في أرضه شاهرين بتوحيده وتمجيده جعلتم، وهنيئا لكم أن محمدا لسيد الاولين والآخرين، وأن أصحاب محمد الموالين أولياء محمد وعلي صلى الله عليهما والمتبرئين من اعدائهما أفضل أمم المرسلين، وأن الله لا يقبل من أحد عملا إلا بهذا الاعتقاد، ولا يغفر له ذنبا، ولا يقبل له حسنة، ولا يرفع له درجة إلا به. 69 – ختص: أبو حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: والله ما برأ الله من برية أفضل من محمد ومني وأهل بيتي، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطلبة العلم من شيعتنا. 70 – ختص: قال الباقر (عليه السلام): الروح عماد الدين، والعلم عماد الروح، والبيان عماد العلم. 71 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن ابن نهيك (1) عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طالب العلم بين الجهال كالحي بين الاموات. 72 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن علي بن جعفر بن مسافر الهذلي، عن


(1) وزان زبير كنية لعبد الله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي، أو عبيد الله على اختلاف فيه عنونه العلامة رحمه الله في الخلاصة والشيخ في فهرسه مكبرا والنجاشي مصغرا، ووصفه النجاشي في ص 160 بقوله: عبيد الله بن أحمد بن نهيك أبو العباس النخعي الشيخ الصدوق ثقة، وآل نهيك بالكوفة بيت من أصحابنا: منهم عبد الله بن محمد و عبد الرحمن السمريين ” السمريان ظ ” وغيرهما. له كتاب النوادر، أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان بن الحسن، قال: اشتملت إجازة ابي القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي واراناها على سائر ما رواه عبيد الله بن أحمد بن نهيك، وقال: كان بالكوفة وخرج الى مكة، وقال حميد بن زياد في فهرسه: سمعت من عبيد الله كتاب المناسك وكتاب الحج، وكتاب فضائل الحج، وكتاب الثلاث والاربع، وكتاب المثالب، ولا أدري قرأها حميد عليه وهي من مصنفاته أو هي لغيره.

[ 182 ]

أبيه، عن محمد بن يعلى، عن أبي نعيم عمر بن صبيح، عن مقاتل بن حيان، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي (عليه السلام) و عبد الله بن مسعود، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من خرج يطلب بابا من علم ليرد به باطلا إلى حق أو ضلالة إلى هدى كان عمله ذلك كعبادة متعبد أربعين عاما. 73 – ما: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبيش عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان، عن الحسين بن أبي غندر، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كمال المؤمن في ثلاث خصال: تفقه في دينه، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة. 74 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن رجاء بن يحيى، عن حمدان، عن هارون ابن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال أبو ذر رضي الله عنه في خطبته: يا مبتغي العلم لا تشغلك الدنيا ولا أهل ولا مال عن نفسك أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم، الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره، وما بين البعث والموت إلا كنومة نمتها ثم استيقظت عنها، يا جاهل تعلم العلم فإن قلبا ليس فيه شئ من العلم كالبيت الخراب الذي لا عامر له. 75 – نقل من خط الوزير محمد بن العلقمي قال: أملاه علي الشيخ الصنعاني أبقاه الله تعالى في ثالث صفر سنة ثمان وأربعين وستمائة، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): منهومان لا يشبعان: طالب علم، وطالب دنيا، فأما طالب العلم فيزداد رضى الرحمن، وأما طالب الدنيا فيتمادى في الطغيان. 76 – نهج: العلم وراثة كريمة، والفكر مرآة صافية. 77 – وقال (عليه السلام): قيمة كل امرئ ما يحسن. قال السيد رضي الله عنه: وهذه الكلمة التي لا تصاب لها قيمة، ولا توزن بها حكمة، ولا تقرن إليها كلمة. 78 – وقال (عليه السلام): إن هذه القلوب تمل كما تمل الابدان فابتغوا لها طرائف الحكمة.


[ 183 ]

79 – وقال (عليه السلام): إن أولى الناس بالانبياء أعلمهم بما جاؤوا به، ثم تلا (عليه السلام): إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا. بيان: في بعض النسخ: أعملهم. وهو أظهر. 80 – نهج: سئل (عليه السلام) عن الخير ما هو ؟ فقال: ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك. الخبر. 81 – وقال (عليه السلام): لا شرف كالعلم، ولا علم كالتفكر. 82 – وقال (عليه السلام): كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنه يتسع. 83 – وقال (عليه السلام): منهومان لا يشبعان: طالب العلم، وطالب دنيا. 84 – كنز الكراجكي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): الناس أبناء ما يحسنون. 85 – وقال (عليه السلام): الجاهل صغير وإن كان شيخا، والعالم كبير وإن كان حدثا (1). 86 – وقال (عليه السلام): من عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار. 87 – وقال (عليه السلام): المودة أشبك الانساب، والعلم أشرف الاحساب. 88 – وقال (عليه السلام): لا كنز أنفع من العلم، ولا قرين سوء شر من الجهل. 89 – وقال (عليه السلام): عليكم بطلب العلم فإن طلبه فريضة، وهو صلة بين الاخوان، ودال على المروة، وتحفة في المجالس، وصاحب في السفر، وانس في الغربة. 90 – وقال (عليه السلام): الشريف من شرفه علمه. 91 – وقال (عليه السلام): من عرف الحكمة لم يصبر من الا زياد منها. 92 – وقال الصادق (عليه السلام): الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك. 93 – وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الكلمة من الحكمة يسمعها الرجل فيقول أو يعمل بها خير من عبادة سنة. 94 – منية المريد: قال النبي (صلى الله عليه وآله): من طلب علما فأدركه كتب الله له كفلين (2)


(1) الحدث: الشاب. (2) الكفل: الضعف من الاجر أو الاثم، الحظ والنصيب.

[ 184 ]

من الاجر، ومن طلب علما فلم يدركه كتب الله له كفلا من الاجر. 95 – وقال (صلى الله عليه وآله): من أحب أن ينظر إلى عتقاء الله من النار فلينظر إلى المتعلمين فو الذي نفسي بيده ما من متعلم يختلف إلى باب العالم إلا كتب الله له بكل قدم عبادة سنة، وبنى الله بكل قدم مدينة في الجنة ويمشي على الارض وهي تستغفر له، ويمسي ويصبح مغفورا له، وشهدت الملائكة أنهم عتقاء الله من النار. 96 – وقال (صلى الله عليه وآله): من طلب العلم فهو كالصائم نهاره، القائم ليله، وإن بابا من العلم يتعلمه الرجل خير له من أن يكون له أبو قبيس ذهبا فأنفقه في سبيل الله. 97 – وقال (صلى الله عليه وآله): من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الاسلام كان بينه وبين الانبياء درجة واحدة في الجنة. 98 – وقال (صلى الله عليه وآله): لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم. 99 – وفي رواية اخرى: خير لك من الدنيا وما فيها. 100 – وقال (صلى الله عليه وآله): إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا، وكان منها طائفة طيبة فقبلت الماء فأنبتت الكلا والعشب (1) الكثير، وكان منها أجادب (2) أمسكت الماء فنفع الله بها الناس وشربوا منها، وسقوا وزرعوا، و أصاب طائفة منها اخرى إنما هي قيعان (3) لا تمسك ماءا ولا تنبت كلا فذلك مثل من فقه في دين الله، وتفقه ما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي ارسلت به. 101 – وقال (صلى الله عليه وآله): من غدا في طلب العلم أظلت عليه الملائكة، وبورك له في معيشته، ولم ينقص من رزقه.


(1) الكلاء: نبات الارض مما ترعاه الانعام رطبه ويابسه، والعشب بالضم والسكون هو الكلا الرطب. (2) الاجادب: الاراضي التي لا نبت فيها. (3) بكسر القاف جمع القاع وهي أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والاكام. ويأتي جمعها أيضا على قيع وقيعة بكسر القاف فيهما وعلى أقواع وأقوع.

[ 185 ]

102 – وقال (صلى الله عليه وآله): نوم مع علم خير من صلاة مع جهل. 103 – وقال (صلى الله عليه وآله): أيما ناش نشأ في العلم والعبادة حتى يكبر أعطاه الله يوم القيامة ثواب إثنين وسبعين صديقا. 104 – وقال (صلى الله عليه وآله): قليل من العلم خير من كثير العبادة. 105 – وقال (صلى الله عليه وآله): من غدا إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيرا أو ليعلمه كان له أجر معتمر تام العمرة، ومن راح إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيرا أو ليعلمه فله أجر حاج تام الحجة. 106 – وعن صفوان بن غسان، قال: أتيت النبي (صلى الله عليه وآله): وهو في المسجد متكا على برد له أحمر فقلت له: يا رسول الله إني جئت أطلب العلم، فقال: مرحبا بطالب العلم، إن طالب العلم لتحفه الملائكة بأجنحتها ثم يركب بعضها بعضا حتى يبلغوا سماء الدنيا من محبتهم لما يطلب. 107 – وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كفى بالعلم شرفا أن يدعيه من لا يحسنه، و يفرح إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذما يبرا منه من هو فيه. 108 – وعنه (عليه السلام) أيضا: لعلم أفضل من المال بسبعة: الاول: أنه ميراث الانبياء والمال ميراث الفراعنة، الثاني: العلم لا ينقص بالنفقة والمال ينقص بها، الثالث: يحتاج المال إلى الحافظ والعلم يحفظ صاحبه، الرابع، العلم يدخل في الكفن ويبقى المال، الخامس: المال يحصل للمؤمن والكافر والعلم لا يحصل إلا للمؤمن خاصة، السادس: جميع الناس يحتاجون إلى صاحب العلم في أمر دينهم ولا يحتاجون إلى صاحب المال، السابع: العلم يقوي الرجل على المرور على الصراط والمال يمنعه. 109 – وعن زين العابدين (عليه السلام) لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج، وخوض اللجج، إن الله تعالى أوحى إلى دانيال: أن أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف بحق أهل العلم، التارك للاقتداء بهم، وأن أحب عبادي عندي (1)


(1) وفي نسخة: وأن أحب عبيدي إلي.

[ 186 ]

التقي الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحكماء (1)، القابل عن الحكماء. 110 – وفي الانجيل في السورة السابعة عشر منه: ويل لمن سمع بالعلم ولم يطلبه كيف يحشر مع الجهال إلى النار، اطلبوا العلم وتعلموه فإن العلم إن لم يسعدكم لم يشقكم، وإن لم يرفعكم لم يضعكم، وإن لم يغنكم لم يفقركم، وإن لم ينفعكم لم يضركم، ولا تقولوا نخاف أن نعلم فلا نعمل، ولكن قولوا نرجو أن نعلم ونعمل، والعلم يشفع لصاحبه، وحق على الله أن لا يخزيه، إن الله يقول يوم القيامة: يا معشر العلماء ما ظنكم بربكم، فيقولون: ظننا أن ترحمنا وتغفر لنا، فيقول تعالى: فإني قد فعلت، إني استودعتكم حكمتي لا لشر أردته بكم، بل لخير أردته بكم، فادخلوا في صالح عبادي إلى جنتي ورحمتي. 111 – وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: باب من العلم تتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا. وقال: سمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا جاء الموت طالب العلم وهو على هذه الحال مات شهيدا. 112 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن عليا (عليه السلام) كان يقول: اقتربوا اقتربوا واسألوا، فإن العلم يقبض قبضا ويضرب بيده على بطنه ويقول: أما والله ما هو مملو شحما، ولكنه مملو علما، والله ما من آية نزلت في رجل من قريش ولا في الارض في بر ولا بحر ولا سهل ولا جبل إلا أنا أعلم فيمن نزلت، وفي أي يوم وفي أي ساعة نزلت. باب 2 * (أصناف الناس في العلم، وفضل حب العلماء) * 1 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن الوشاء (1)، عن أحمد بن


(1) وفي نسخة: للحلماء. (2) بفتح الواو والشين المشددة نسبة الى بيع الوشى وهو نوع من الثياب المعمولة من الابريسم وهو لقب للحسن بن علي بن زياد المترجم في رجال النجاشي وغيره من التراجم مع ذكر جميل.

[ 187 ]

عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الناس يغدون على ثلاثة: عالم و متعلم وغثاء، فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون، وسائر الناس غثاء. ير: ابن عيسى مثله. ير: محمد بن عبد الحميد، عن ابن عميرة، عن أبي سلمة (1) عن أبي عبد الله مثله. ير: محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة مثله. ير: ابن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يغدوا الناس على ثلاثة صنوف، وذكر مثله. بيان: قال الجوهري: الغثاء بالضم والمد: ما يحمله السيل من القماش، وكذا الغثاء بالتشديد. 2 – ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن صفوان، عن الخزاز، عن محمد بن مسلم وغيره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اغد عالما أو متعلما أو احب العلماء، ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم. 3 – ل: ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الناس إثنان: عالم ومتعلم، وسائر الناس همج، والهمج في النار. بيان: الهمج بالتحريك جمع همجة: وهي ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والحمير وأعينها، كذا ذكره الجوهري. 4 – ل: حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه، قال: حدثنا أبو إسحاق الخواص قال: حدثنا محمد بن يونس الكريمي، عن سفيان بن وكيع، عن أبيه، عن سفيان الثوري عن منصور، عن مجاهد، عن كميل بن زياد قال: خرج إلي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بيدي وأخرجني إلى الجبان، وجلس وجلست، ثم رفع رأسه إلي فقال: يا


(1) هذا وأبو خديجة المتقدم في السند المتلو والاتي في السند التالي كلاهما كنية لسالم بن مكرم ابن عبد الله الجمال الكوفي مولى بني أسد، كانت أولا كنيته أبا خديجة فبدلها أبو عبد الله (عليه السلام) أبا سلمة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام)، قال النجاشي في حقه: ثقة ثقة. (*)

[ 188 ]

كميل احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم (1) ولم يلجأوا إلى ركن وثيق، يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الانفاق، يا كميل محبة العالم دين يدان به، يكسبه الطاعة في حياته، وجميل الاحدوثة بعد وفاته فمنفعة، المال تزول بزواله، يا كميل مات خزان الاموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة و أمثالهم في القلوب موجودة، هاه (2) إن ههنا – وأشار بيده إلى صدره – لعلما لو أصبت له حملة بلى أصبت له لقنا غير مأمون، يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا، ويستظهر بحجج الله على خلقه، وبنعمه على عباده ليتخذه الضعفاء وليجة من دون ولي الحق، أو منقادا لحملة العلم، لا بصيرة له في أحنائه يقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، ألا لاذا ولاذاك، فمنهوم باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين (3)، أقرب شبها بهما الانعام السائمة ! كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى لا تخلو الارض من قائم بحجة ظاهر، أو خافي (4) مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، وكم ذا وأين اولئك الاقلون عددا الاعظمون خطرا ؟ بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الامور، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى، يا كميل اولئك خلفاء الله، والدعاة إلى دينه، هاي هاي شوقا إلى رؤيتهم، واستغفر الله لي ولكم. 5 – ف: إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول. إلى آخر الخبر.


(1) وفي نسخة: لم يستضيئوا بنور العلم فيهتدون. (2) وفي نسخة: آه آه. (3) وفي النهج: ليسا من رعاة الدين في شئ. (4) وفي نسخة: أو خائف.

[ 189 ]

6 – ما: المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن فضيل بن خديج (1)، عن كميل بن زياد النخعي، قال: كنت مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في مسجد الكوفة، وقد صلينا العشاء الآخرة فأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد فمشى حتى خرج إلى ظهر الكوفة لا يكلمني بكلمة فلما أصحر تنفس، ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ عني ما أقول. إلى آخر الخبر. إلا أن فيه: صحبة العالم دين يدان الله به، يا كميل منفعة المال [ تزول بزواله يا كميل ] مات خزان المال والعلماء [ باقون ما بقى الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة ] هاه هاه إن ههنا يقتدح الشك بشبهه ظاهر مشهور أو مستتر مغمور وبيناته وإن اولئك أرواح اليقين، ما استوعره خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه، هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم، واستغفر الله لي ولكم، ثم نزع يده من يدي، وقال انصرف إذا شئت. 7 – نهج: قال كميل بن زياد: أخذ بيدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخرجني إلى الجبانة، فلما أصحر تنفس الصعداء (2) ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية (3) الخبر. كتاب الغارات للثقفي بإسناده مثله. بيان: سيأتي هذا الخبر بأسانيد جمة (4) في باب الاضطرار إلى الحجة. والجبان والجبانة بالتشديد: الصحراء، وتسمى بهما المقابر أيضا. وأصحر أي أخرج إلى الصحراء. وأوعاها أي أحفظها للعلم وأجمعها. والرباني: منسوب إلى الرب بزيادة الالف والنون على خلاف القياس كالرقباني، قال الجوهري: الرباني: المتأله العارف بالله تعالى، وكذا قال الفيروز آبادي، وقال في الكشاف: الرباني: هو شديد التمسك بدين الله تعالى وطاعته، وقال في مجمع البيان: هو الذي يرب أمر الناس بتدبيره و


(1) وفي نسخة: جريح. (2) أي تنفس تنفسا طويلا من تعب أو كرب. (3) جمع الوعاء – بكسر الواو وضمها -: ما يجمع ويحفظ فيه الشئ. شبهها (عليه السلام) بالاوعية لكونها محلا للعلوم والمعارف. (4) بفتح الجيم وضمها: كثيرة.

[ 190 ]

إصلاحه إياه (1) والهمج قد مر. والرعاع: الاحداث الطغام من العوام والسفلة وأمثالهم. والنعيق: صوت الراعي بغنمه، ويقال لصوت الغرب أيضا، والمراد أنهم لعدم ثباتهم على عقيدة من العقائد وتزلزلهم في أمر الدين يتبعون كل داع، ويعتقدون بكل مدع، ويخبطون خبط العشواء من غير تميز بين محق ومبطل، ولعل في جمع هذا القسم و إفراد القسمين الاولين إيماء إلى قلتهما وكثرته. كما ذكره الشيخ البهائي رحمه الله. والركن الوثيق: هو العقائد الحقة البرهانية اليقينية التي يعتمد عليها في دفع الشبهات ورفع مشقة الطاعات. والعلم يحرسك أي من مخاوف الدنيا والآخرة و الفتن والشكوك والوساوس الشيطانية. والمال تنقصه. وفي ف: تفنيه. والعلم يزكو على الانفاق أي ينمو ويزيد به، إما لان كثرة المدارسة توجب وفور الممارسة و قوة الفكر، أو لان الله تعالى يفيض من خزائن علمه على من لا يبخل به. وقال الشيخ البهائي رحمه الله: كلمة ” على ” يجوز أن تكون بمعنى ” مع ” كما قالوا في قوله تعالى: وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم (2) وأن تكون للسببية والتعليل كما قالوه في قوله تعالى: ولتكبروا الله على ما هديكم (3). وفي ف بعد ذلك: والعلم حاكم والمال محكوم عليه. إذ بالعلم يحكم على الاموال في القضاء، وينتزع من أحد الخصمين ويصرف إلى الآخر، وأيضا إنفاقه و جمعه على وفق العلم بوجوه تحصيله ومصارفه. محبة العالم دين يدان به الدين: الطاعة والجزاء أي طاعة هي جزاء نعم الله وشكر لها، أو يدان ويجزى صاحبه به، أو محبة العالم وهو الامام دين وملة يعبد الله بسببه، ولا تقبل الطاعات إلا به. وفي ما: صحبة العالم دين يدان الله به. أي عبادة يعبد الله بها. وفي نهج البلاغة: معرفة العلم دين يدان به. قوله: يكسبه الطاعة قال الشيخ


(1) قال ابن ميثم: قيل: سموا بذلك لانهم يربون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها، وقيل: لانهم يربون العلم، أي يقومون باصلاحه. (2) الرعد: 8 (3) البقرة: 185

[ 191 ]

البهائي رحمه الله: بضم الحرف المضارعة من أكسب والمراد أنه يكسب الانسان طاعة الله، أو يكسبه طاعة العباد له. أقول: لا حاجة إلى نقله إلى باب الافعال، بل المجرد أيضا ورد بهذا المعنى، بل هو أفصح. قال الجوهري: الكسب: الجمع، وكسبت أهلي خيرا وكسبت الرجل مالا فكسبه، وهذا مما جاء فعلته ففعل انتهى. والضمير في ” يكسبه ” راجع إلى صاحب العلم. وفي نهج البلاغة: يكسب الانسان الطاعة. وجميل الاحدوثة أي الكلام الجميل والثناء، والاحدوثة مفرد الاحاديث. وفي ف بعد ذلك: ومنفعة المال تزول بزواله وهو ظاهر. مات خزان الاموال وهم أحياء أي هم في حال حياتهم في حكم الاموات، لعدم ترتب فائدة الحياة على حياتهم من فهم الحق وسماعه وقبوله والعمل به، واستعمال الجوارح فيما خلقت لاجله، كما قال تعالى: أموات غير أحياء وما يشعرون (1). والعلماء بعد موتهم أيضا باقون بذكرهم الجميل، وبما حصل لهم من السعادات واللذات في عالم البرزخ، والنشأة الآخرة، وبما يترتب على آثارهم و علومهم، وينتفع الناس من بركاتهم الباقية مدى الاعصار، وعلى نسخة أمالي الشيخ المراد أنهم ماتوا ومات ذكرهم وآثارهم معهم، والعلماء بعد موتهم باقون بآثارهم وعلومهم وأنوارهم. قوله (عليه السلام): وأمثالهم في القلوب موجودة قال الشيخ البهائي: الامثال جمع مثل بالتحريك فهو في الاصل بمعنى النظير استعمل في القول السائر الممثل مضربه بمورده ثم في الكلام الذي له شأن وغرابة، وهذا هو المراد ههنا أي أن حكمهم ومواعظهم محفوظة عند أهلها يعملون بها. انتهى. ويحتمل أن يكون المراد بأمثالهم أشباحهم وصورهم، فإن المحبين لهم المهتدين بهم المقتدين لآثارهم يذكرونهم دائما، وصورهم متمثلة في قلوبهم على أن يكون جمع مثل بالتحريك أو جمع مثل بالكسر فإنه أيضا يجمع على أمثال. إن ههنا لعلما، وفي نهج البلاغة: لعلما جما أي كثيرا. لو أصبت له حملة بالفتحات جمع حامل أي من يكون أهلا له، وجواب لو محذوف أي


(3) النحل: 21.

[ 192 ]

لاظهرته، أو لبذلته له، مع أن كلمة لو إذا كانت للتمني لا تحتاج إلى الجزاء عند كثير من النحاة. بلى أصبت له لقنا وفي نهج البلاغة: اصيب لقنا، واللقن بفتح اللام وكسر القاف: الفهم، من اللقانة وهي حسن الفهم. غير مأمون أي يذيعه إلى غير أهله، ويضعه في غير موضعه. يستعمل آلة الدين في الدنيا. وفي ف: في طلب الدنيا أي يجعل العلم الذي هو آلة ووصلة إلى الفوز بالسعادات الابدية آلة ووسيلة إلى تحصيل الحظوظ الفانية الدنيوية. قوله (عليه السلام): يستظهر بحجج الله على خلقه لعل المراد بالحجج والنعم أئمة الحق أي يستعين بهؤلاء ويأخذ منهم العلوم ليظهر هذا العلم للناس فيتخذه ضعفاء العقول بطانة (1) ووليجة، ويصد الناس عن ولي الحق ويدعوهم إلى نفسه، ويحتمل أن يكون المراد بالحجج والنعم العلم الذي آتاه الله، ويكون الظرفان متعلقين بالاستظهار أي يستعين بالحجج للغلبة على الخلق، وبالنعم للغلبة على العباد، وغرضه من هذا الاستظهار إظهار الفضل ليتخذه الناس وليجة، قال الفيروز آبادي: الوليجة: الدخيلة، وخاصتك من الرجال أو من تتخذه معتمدا عليه من غير أهلك. وفي ف: وبنعمة الله على معاصيه. أو منقادا لحملة العلم بالحاء المهملة وفي بعض النسخ بالجيم أي مؤمنا بالحق معتقدا له على سبيل الجملة وفي ف: أو قائلا بجملة الحق. لا بصيرة له في أحنائه بفتح الهمزة وبعدها حاء مهملة ثم نون أي جوانبه، أي ليس له غور وتعمق فيه وفي بعض نسخ الكتابين وفي ف وفي بعض نسخ النهج أيضا في إحيائه – بالياء المثناة من تحت – أي في ترويجه وتقويته. يقدح على صيغة المجهول يقال: قدحت النار. أي استخرجتها بالمقدحة، وفي ما يقتدح وفي النهج: ينقدح وعلى التقادير حاصله أنه يشتعل نار الشك في قلبه بسبب أول شبهة عرضت له، فكيف إذا توالت وتواترت ؟ ألا لاذا ولاذاك. أي ليس المنقاد العديم البصيرة أهلا لتحمل العلم، ولا اللقن الغير المأمون. وهذا الكلام معترض بين المعطوف والمعطوف عليه. أو منهوما باللذات. أي حريصا عليها منهمكا فيها، والمنهوم في الاصل هو الذي لا يشبع من الطعام. أقول: في أكثر نسخ الكتابين: فمنهوم أي فمن طلبة العلم،


بطانة الرجل: اهله وخاصته.

[ 193 ]

أو من الناس. وفي ف: اللهم لاذا ولا ذاك فمن إذا المنهوم باللذة السلس القياد للشهوة، أو مغرم بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين ولا ذوي البصائر واليقين، وفي النهج: أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة أو مغرما. قوله (عليه السلام): سلس القياد أي سهل الانقياد من غير توقف. أو مغرى بالجمع والادخار أي شديد الحرص على جمع المال وادخاره كأن أحدا يغريه بذلك ويبعثه عليه، والغرم أيضا بمعناه يقال: فلان مغرم بكذا أي لازم له مولع به. ليسا من رعاة الدين. الرعاة بضم أوله جمع راع بمعنى الوالي، أي ليس المنهوم والمغرى المذكوران من ولاة الدين، وفيه إشعار بأن العالم الحقيقي وال على الدين وقيم عليه. أقرب شبها أي الانعام السائمة أي الراعية أشبه الاشياء بهذين الصنفين. كذلك يموت أي مثل ما عدم من يصلح لتحمل العلوم تعدم تلك العلوم أيضا وتندرس آثارها بموت العلماء العارفين لانهم لا يجدون من يليق لتحملها بعدهم. ولما كانت سلسلة العلم والعرفان لا تنقطع بالكلية ما دام نوع الانسان، بل لابد من إمام حافظ للدين في كل زمان استدرك أمير المؤمنين (عليه السلام) كلامه هذا بقوله: اللهم بلى. وفي النهج لا تخلو الارض من قائم لله بحججه إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا. وفي ف من قائم بحجة إما ظاهرا مكشوفا أو خائفا مفردا، لئلا تبطل حجج الله وبيناته ورواة كتابه. والامام الظاهر المشهور كأمير المؤمنين صلوات الله عليه، و الخائف المغمور كالقائم في زماننا وكباقي الائمة المستورين للخوف والتقية، ويحتمل أن يكون باقي الائمة (عليهم السلام) داخلين في الظاهر المشهور. وكم وأين: استبطاء لمدة غيبة القائم (عليه السلام) وتبرم (1) من امتداد دولة أعدائه أو إبهام لعدد الائمة (عليهم السلام)، وزمان ظهورهم ومدة دولتهم لعدم المصلحة في بيانه. ثم بين (عليه السلام) قلة عددهم، وعظم قدرهم وعلى الثاني يكون الحافظون والمودعون الائمة (عليهم السلام)، وعلى الاول يحتمل أن يكون المراد شيعتهم الحافظين لاديانهم في غيبتهم. هجم بهم العلم أي أطلعهم العلم اللدني على حقائق الاشياء دفعة، وانكشفت لهم حجبها وأستارها. والروح بالفتح: الراحة والرحمة والنسيم، أي وجدوا لذة اليقين، وهو من رحمته تعالى ونسائم لطفه.


(1) أي تضجر.

[ 194 ]

واستلانوا ما استوعره المترفون الوعر من الارض: ضد السهل، والمترف: المنعم أي استسهلوا ما استصعبه المتنعمون من رفض الشهوات وقطع التعلقات. وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون من الطاعات والقربات والمجاهدات في الدين. صحبوا الدنيا بأبدان ” الخ ” أي وإن كانوا بأبدانهم مصاحبين لهذا الخلق، ولكن بأرواحهم مبائنون عنهم بل أرواحهم معلقة بقربه. ووصاله تعالى مصاحبة لمقربي جنابه من الانبياء و الملائكة المقربين. اولئك خلفاء الله في أرضه تعريف المسند إليه بالاشارة للدلالة على أنه حقيق بما يسند إليه بعدها بسبب اتصافه بالاوصاف المذكورة قبلها كما قالوه في قوله تعالى: اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون (1). وفي نسخ نهج البلاغة: ” آه، آه ” وفي سائرها في بعضها: ” هاي هاي ” وفي بعضها: ” هاه هاه ” وعلى التقادير الغرض إظهار الشوق إليهم، والتوجع على مفارقتهم، وإن لم يرد بعضها في اللغة ففي العرف شائع (2) وإنما بينا هذا الخبر قليلا من التبيين لكثرة جدواه للطالبين، وينبغي أن ينظروا فيه كل يوم بنظر اليقين، وسنوضح بعض فوائده في كتاب الامامة إن شاء الله تعالى. 8 – ير: الحسن بن علي، عن العباس بن عامر، عن ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الناس رجلان: عالم ومتعلم، وسائر الناس غثاء فنحن العلماء، وشيعتنا المتعلمون، وسائر الناس غثاء. 9 – سن: أبي، رفعه إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال: اغد (3) عالما خيرا وتعلم خيرا. 10 – سن: ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اغد عالما أو متعلما، وإياك أن تكون لاهيا متلذذا. 11 – سن: أبي، عن صفوان، عن العلاء، عن محمد، عن الثمالي، قال: قال أبو عبد الله


(1) البقرة: 5. (2) وهذا من عجيب قوله رحمه الله وكيف يتصور أن يكون هناك لفظ يفيد معنى بحسب العرف يستعمله مثله (عليه السلام) وهو أخطب العرب ثم لا تعرفه اللغة ؟ ! وهل العرف الا المعروف من اللغة الذي يعرفه أهلها بحسب مرحلة الاستعمال ؟. ط (3) غدا يغدو غدوا، أي ذهب غدوة، انطلق، ويستعمل بمعنى ” صار ” فيرفع المبتداء و ينصب الخبر.

[ 195 ]

(عليه السلام): اغد عالما أو متعلما أو أحب أهل العلم، ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم. 12 – ضه، غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): لا خير في العيش إلا لرجلين: عالم مطاع، أو مستمع واع (1). 13 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): اغد عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا لهم، ولا تكن الخامس فتهلك. 14 – وقال (صلى الله عليه وآله): النظر إلى وجه العالم عبادة. 15 – غو: روي عن بعض الصادقين (عليهم السلام) أن الناس أربعة: رجل يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك مرشد عالم فاتبعوه، ورجل يعلم ولا يعلم أنه يعلم فذاك غافل فأيقظوه ورجل لا يعلم ويعلم أنه لا يعلم فذاك جاهل فعلموه، ورجل لا يعلم ويعلم أنه يعلم فذاك ضال فأرشدوه. 16 – ب: ابن ظريف (2)، عن ابن علوان (3) عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لو كان العلم منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس. 17 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن ياسين قال: سمعت سيدي أبا الحسن علي بن محمد بن الرضا (عليهم السلام) بسر من رأى يقول: الغوغاء (4)


(1) وعى الحديث: قبله وتدبره وحفظه. (2) بالظاء المعجمة على وزن شريف، هو الحسين بن ظريف بن ناصح الكوفي ثقة يكنى أبا محمد سكن ببغداد، له نوادر، قاله النجاشي في ص 45. (3) بضم العين المهملة وسكون اللام هو الحسين بن علوان الكلبي، أورده النجاشي في رجاله ص 38 فقال: الحسين بن علوان الكلبي، مولاهم كوفي عامي، وأخوه الحسن يكنى أبا محمد ثقة رويا عن أبي عبد الله (عليه السلام) وليس للحسين كتاب والحسن أخص بنا وأولى. وقال الكشي في ص 247: محمد بن إسحاق، ومحمد بن المنكدر، وعمرو بن خالد الواسطي وعبد الملك بن جريح والحسين بن علوان والكلبي هؤلاء من رجال العامة، إلا أن لهم ميلا ومحبة شديدة، وقد قيل: أن الكلبي كان مستورا ولم يكن مخالفا. (4) الغوغاء: السفلة من الناس والمتسرعين الى الشر.

[ 196 ]

قتلة الانبياء، والعامة اسم مشتق (1) من العمى، ما رضي الله لهم أن شبههم بالانعام حتى قال: بل أضل سبيلا. 18 – نهج: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا أرذل الله عبدا حظر عليه العلم. بيان: أي لم يوفقه لتحصيله. 19 – كنز الكراجكي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) أغد عالما أو متعلما ولا تكن الثالث فتعطب. 20 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) قال: أغد عالما خيرا أو متعلما خيرا. باب 3 * (سؤال العالم، وتذاكره، واتيان بابه) * الايات، النحل 43، الانبياء 7: فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. 1 – ل: ابن المغيرة بإسناده عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: العلم خزائن، والمفاتيح السؤال، فاسألوا يرحمكم الله، فإنه يوجر في العلم أربعة: السائل والمتكلم (2) والمستمع، والمحب لهم. كنز الكراجكي: عن النبي (صلى الله عليه واله) مثله. 2 – ل: القطان، عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه، عن مروان بن مسلم، عن الثمالي، عن ابن طريف، عن ابن نباتة، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): كانت الحكماء فيما مضى من الدهر تقول: ينبغي أن يكون الاختلاف إلى الابواب لعشرة أوجه: أولها بيت الله (3) عزوجل لقضاء نسكه والقيام بحقه وأداء فرضه. والثاني أبواب الملوك الذين طاعتهم متصلة بطاعة الله عزوجل وحقهم واجب ونفعهم


(1) المراد به الاشتقاق الكبير. (2) وفي نسخة: المجيب. (3) المراد به المساجد وبيوت العبادة.

[ 197 ]

عظيم وضررهم شديد، والثالث أبواب العلماء الذين يستفاد منهم علم الدين والدنيا. والرابع أبواب أهل الجود والبذل الذين ينفقون أموالهم التماس الحمد ورجاء الآخرة، والخامس أبواب السفهاء الذين يحتاج إليهم في الحوادث ويفزع إليهم في الحوائج، والسادس أبواب من يتقرب إليه من الاشراف لالتماس الهيئة والمروة والحاجة، والسابع أبواب من يرتجى عندهم النفع في الرأي والمشورة وتقوية الحزم (1) وأخذ الاهبة لما يحتاج إليه، والثامن أبواب الاخوان لما يجب من مواصلتهم ويلزم من حقوقهم. والتاسع أبواب الاعداء التي تسكن بالمداراة غوائلهم ويدفع بالحيل والرفق واللطف والزيارة عداوتهم، والعاشر أبواب من ينتفع بغشيانهم ويستفاد منهم حسن الادب و يؤنس بمحادثتهم. بيان: يحتمل أن يكون المراد بالملوك ملوك الدين من الائمة وولاتهم، و يحتمل الاعم فإن طاعة ولاة الجور أيضا تقية من طاعة الله. قوله (عليه السلام): لالتماس الهيأة. أي لان يلاقوهم بهيئة حسنة ويعاشروهم بالمروة أو لان يكون لهم عند الناس بسبب معاشرة هؤلاء الاشراف هيئة ومروة، قال الجزري فيه: أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم هم الذين لا يعرفون بالشر فيزل أحدهم. الزلة و الهيئة: صورة الشئ وشكله وحالته، ويريد به ذوي الهيئات الحسنة الذين يلزمون هيئة واحدة وسمتا واحدا، ولا تختلف حالاتهم بالتنقل من هيئة إلى هيئة. والاهبة بالضم: العدة. والغوائل: الشرور والدواهي. ويقال: غشى فلانا أي أتاه. 3 – صح: عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): العلم (2) خزائن ومفتاحه (3) السؤال، فاسألوا يرحمكم الله، فإنه يوجر فيه أربعة: السائل والمعلم والمستمع والمحب لهم (4) ن: بالاسانيد الثلاثة مثله.


(1) وفي نسخة: العزم. (2) وفي نسخة: للعلم. (3) وفي نسخة: مفتاحه وفي أخرى مفاتيحه. (4) الظاهر اتحاده مع ما تقدم في ذيل الحديث الاول من الكنز.

[ 198 ]

4 – ما: روى منيف (1) عن جعفر بن محمد مولاه، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: قال علي (عليه السلام): صبرت على مر الامور كراهة * وأيقنت في ذاك الصواب من الامر إذا كنت لا تدري ولم تك سائلا * عن العلم من يدري جهلت ولا تدري 5 – نوادر الراوندي: بإسناده، عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سائلوا العلماء، وخالطوا الحكماء، وجالسوا الفقراء. 6 – منية المريد: روى زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي قالوا: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنما يهلك الناس لانهم لا يسألون. 7 – وعنه (عليه السلام) إن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه السؤال. باب 4 * (مذاكرة العلم، ومجالسة العلماء، والحضور في مجالس العلم) * * (وذم مخالطة الجهال) * 1 – لى: محمد بن علي، عن علي بن محمد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمر العدني، عن أبي العباس بن حمزة، عن أحمد بن سوار، عن عبيد الله بن عاصم، عن سلمة بن وردان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله). المؤمن إذا مات وترك ورقة واحدة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة سترا فيما بينه وبين النار، وأعطاه الله تبارك وتعالى بكل حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات وما من مؤمن يقعد ساعة عند العالم إلا ناداه ربه عزوجل: جلست إلى حبيبي وعزتي وجلالي لاسكننك الجنة معه ولا أبالي.


(1) لعله تصحيف معتب – بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد التاء المكسورة – مولى أبي عبد الله (عليه السلام) ثقة، أورده الشيخ في رجاله تارة في اصحاب الصادق (عليه السلام) وقال: مدني أسند عنه (عليه السلام)، واخرى في أصحاب الكاظم (عليه السلام) وقال: ثقة. وأورده العلامة في القسم الاول من الخلاصة ووثقه. وروى الكشي ص 163 باسناده عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: هم عشرة ” يعني مواليه ” فخيرهم وأفضلهم معتب وفيهم خائن فاحذروه وهو صغير.

[ 199 ]

2 – ثو، لى: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن الجاموراني عن ابن البطائني، عن ابن عميرة (1)، عن ابن حازم، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة. ل: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن الجاموراني مثله. بيان: أهل الدين: علماء الدين والعاملون بشرائعه. 3 – لى: محمد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمد الهمداني، عن علي بن الحسن ابن فضال، عن أبيه، قال: قال الرضا (عليه السلام): من جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب. الخبر. بيان: إحياء أمرهم بذكر فضائلهم، ونشر أخبارهم، وحفظ آثارهم. 4 – فس: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس وتواضع من غير منقصة، وجالس أهل الفقه والرحمة، وخالط أهل الذل والمسكنة وأنفق مالا جمعه في غير معصية. الخبر. بيان: قوله (عليه السلام): من غير منقصة يحتمل وجوها: الاول: أن يكون المراد من غير منقصة في الدين بأن لا يكون التواضع لكافر أو فاسق أو ظالم أو لامر باطل. الثاني: أن يكون المراد بالمنقصة العيب، أي لا يكون تواضعه لخيانة أو فسق أو غير ذلك من المعائب التي توجب التذلل عند الناس. الثالث: أن يكون المراد بالمنقصة الفقر أي لا يكون تواضعه لنقص مال بأن يكون الداعي له على التواضع الحاجة وطمع المال. الرابع: أن يكون المراد نفي كثرة التواضع بحيث ينتهي إلى منقصة ومذلة. قوله (عليه السلام): في غير معصية الظاهر تعلقه بالانفاق، وتعلقه بالجميع أو بهما على التنازع بعيد.


(1) وزان سفينة، هو سيف بن عميرة النخعي الكوفي، عده ابن النديم في فهرسه من فقهاء الشيعة وقد تقدم ترجمته.

[ 200 ]

5 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): في وصيته لابنه محمد بن الحنفية: واعلم أن مروة المرء المسلم مروتان: مروة في حضر، ومروة في سفر، أما مروة الحضر فقراءة القرآن، ومجالسة العلماء، والنظر في الفقه، والمحافظة على الصلاة في الجماعات. وأما مروة السفر فبذل الزاد، وقلة الخلاف على من صحبك، وكثرة ذكر الله عزوجل في كل مصعد ومهبط ونزول وقيام وقعود. 6 – ن: القطان والنقاش والطالقاني جميعا، عن أحمد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه قال: قال الرضا (عليه السلام): من تذكر مصابنا فبكى وأبكى لم تبك عينه يوم تبكي العيون، ومن جلس مجلسا يحيى فيه أمرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب. بيان: موت القلوب في القيامة كناية عن شدة الدهشة والغم والحزن والخوف. 7 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن أحمد ابن إسحاق، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليهما السلام) قال: سمعته يقول لخيثمة (1): يا خيثمة اقرأ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله العظيم عزوجل، وأن يشهد أحياؤهم جنائز موتاهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم فإن لقياهم حياة أمرنا. قال: ثم رفع يده (عليه السلام) فقال: رحم الله أمرءا أحيا أمرنا. 8 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن القاسم بن محمد: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن حماد الانصاري، عن جميل بن دراج، عن معتب مولى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: يا داود أبلغ موالي عني السلام وأني أقول: رحم الله عبدا اجتمع مع آخر فتذاكر أمرنا فإن ثالثهما ملك يستغفر لهما وما اجتمع إثنان على ذكرنا إلا باهى الله تعالى بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياؤنا، وخير الناس من بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا.


(1) هو خيثمة بن خديج بن الرحيل الجعفي الكوفي، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق (عليه السلام) وظاهره كونه إماميا، ويدل الخبر على كون الرجل شيعيا ومن أهل الامانة.

[ 201 ]

9 – ما: المفيد، عن الشريف الصالح أبي عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي رحمه الله، عن ابن عقدة، عن يحيى بن الحسن بن الحسين العلوي، عن إسحاق بن موسى، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المتقون سادة، و الفقهاء قادة، والجلوس إليهم عبادة. 10 – ما: جماعة منهم الحسين بن عبيد الله، وأحمد بن محمد بن عبدون، والحسن ابن إسماعيل بن اشناس، وأبو طالب بن خرور، وأبو الحسن الصفار جميعا عن أبي المفضل الشيباني، عن أحمد بن عبيد الله: عن أيوب بن محمد الرقي، عن سلام بن رزين، عن إسرائيل بن يونس الكوفي، عن جده أبي إسحاق، عن الحارث الهمداني، عن علي (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: الانبياء قادة، والفقهاء سادة، ومجالستهم زيادة، وأنتم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتيكم بغتة، فمن يزرع خيرا يحصد غبطة، ومن يزرع شرا يحصد ندامة. توضيح: بغتة أي فجأة والغبطة بالكسر: السرور وحسن الحال. 11 – ع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن ابن مرار (1)، عن يونس رفعه قال: قال لقمان لابنه: يا بني اختر المجالس على عينك، فإن رأيت قوما يذكرون الله عزوجل فاجلس معهم فإنك إن تك عالما ينفعك علمك ويزيدوك علما، وإن كنت جاهلا علموك، ولعل الله أن يظلهم برحمة فتعمك معهم، وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك إن تك عالما لا ينفعك علمك، وإن تك جاهلا يزيدوك جهلا، ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فتعمك معهم. بيان: اختر المجالس على عينك: أي على بصيرة منك، أو بعينك، فإن ” على ” قد تجيئ بمعنى الباء، أو رجحها على عينك، وعلى الاخير التفصيل لبيان المجلس الذي ينبغي أن يختار على العين.


(1) وزان شداد، هو إسماعيل بن مرار، عده الشيخ في باب من لم يرو عن الائمة (عليهم السلام) وقال روى عن يونس بن عبد الرحمن وروى عنه إبراهيم بن هاشم.

[ 202 ]

12 – مع: النقاش، عن أحمد الكوفي، عن المنذر بن محمد، عن أبيه، قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، عن أبيه، عن أبيه، عن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بادروا إلى رياض الجنة، فقالوا: وما رياض الجنة ؟ قال: حلق الذكر. ايضاح: حلق الذكر: المجالس التي يذكر الله فيها على قانون الشرع ويذكر فيها علوم أهل البيت (عليهم السلام) وفضائلهم، ومجالس الوعظ التي يذكر فيها وعده ووعيده لا المجالس المبتدعة المخترعة التي يعصى الله فيها، فإنها مجالس الغفلة لا حلق الذكر. 13 – مع، لى: في كلمات النبي (صلى الله عليه وآله) برواية الصادق (عليه السلام) أحكم الناس من فر من جهال الناس، وأسعد الناس من خالط كرام الناس. وسيأتي تمامه. 14 – غو: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: تلاقوا وتحادثوا العلم فإن بالحديث تجلى القلوب الرائنة، وبالحديث إحياء أمرنا فرحم الله من أحيا أمرنا. بيان: قال الجوهري: الرين: الطبع والدنس، يقال: ران على قلبه ذنبه يرين رينا وريونا أي غلب. 15 – غو: روى عدة من المشائخ بطريق صحيح عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن الله عزوجل يقول لملائكته عند انصراف أهل مجالس الذكر والعلم إلى منازلهم: اكتبوا ثواب ما شاهدتموه من أعمالهم فيكتبون لكل واحد ثواب عمله، ويتركون بعض من حضر معهم فلا يكتبونه، فيقول الله عزوجل: ما لكم لم تكتبوا فلانا أليس كان معهم ؟ وقد شهدهم فيقولون: يا رب إنه لم يشرك معهم بحرف ولا تكلم معهم بكلمة فيقول الجليل جل جلاله: أليس كان جليسهم ؟ فيقولون: بلى يا رب فيقول: اكتبوه، معهم إنهم قوم لا يشقى بهم جليسهم فيكتبونه معهم. فيقول تعالى: اكتبوا له ثوابا مثل ثواب أحدهم. بيان: قوله (عليه السلام): لا يشقى بهم جليسهم أي ببركتهم لا يخيب جليسهم عن كرامتهم فيشقى، أو أن صحبتهم مؤثرة في الجليس فاستحق بسبب ذلك الثواب و السعادة. 16 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا، فإن الحديث جلاء،


[ 203 ]

إن القلوب لترين كما يرين السيف وجلاؤها الحديث. 17 – وقال (صلى الله عليه وآله): إن الله عزوجل يقول: تذاكر العلم بين عبادي مما تحيى عليه القلوب الميتة إذا انتهوا فيه إلى أمري. منية المريد: عن أبي عبد الله (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) مثله. 18 – غو: قال النبي (صلى الله عليه وآله): قال الحواريون لعيسى (عليه السلام): يا روح الله من نجالس ؟ قال: من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله. 19 – غو: روي عن بعض الصادقين (عليهم السلام) أنه قال: الجلساء ثلاثة: جليس تستفيد منه فألزمه، وجليس تفيده فأكرمه، وجليس لا تفيد ولا تستفيد منه فاهرب عنه. 20 – جا: المراغي، عن ثوابة بن يزيد، عن أحمد بن علي بن المثنى، عن محمد بن المثنى، عن سبابة بن سوار، عن المبارك بن سعيد، عن خليل الفراء، عن أبي المحبر (1) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أربعة مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، والاستماع منهن، والاخذ برأيهن، ومجالسة الموتى، فقيل له: يا رسول الله وما مجالسة الموتى ؟ قال: مجالسة كل ضال عن الايمان وحائر في الاحكام. 21 – جع: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من قيام ألف ليلة يصلي في كل ليلة ألف ركعة، والجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من ألف غزوة وقراءة القرآن كله. قال: يا رسول الله مذاكرة العلم خير من قراءة القرآن كله ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أبا ذر الجلوس ساعة عند مذاكرة العلم أحب إلى الله من قراءة القرآن كله إثنا عشر ألف مرة ! عليكم بمذاكرة العلم، فإن بالعلم تعرفون الحلال من الحرام. يا أبا ذر الجلوس ساعة


(1) أبو المجبر – بالجيم أو المهملة – ذكره في الاصابة ج 4 ص 172، وروى عنه، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” من عال ابنتين أو ابنين أو عمتين أو جدتين فهو معي في الجنة كهاتين – وضم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصبعيه السبابة والتي جنبها – فان كن ثلاثا فهو مفرح وان كن أربعا أو خمسا فيا عباد الله أدركوه، أقرضوه، ضاربوه ” قال: وأخرجه مطين في الصحابة عن الحماني.

[ 204 ]

عند مذاكرة العلم خير لك من عبادة سنة صيام نهارها وقيام ليلها ! والنظر إلى وجه العالم خير لك من عتق ألف رقبة. 22 – ضه: قال لقمان لابنه يا بني جالس العلماء، وزاحمهم بركبتيك فإن الله عزوجل يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الارض بوابل السماء. بيان: زاحمهم أي ضايقهم، وادخل في زحامهم بركبتيك. أي أدخل ركبتيك في زحامهم. والوابل: المطر العظيم القطر الشديد. 23 – ضه: روي عن بعض الصحابة، قال: جاء رجل من الانصار إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله إذا حضرت جنازة ومجلس عالم أيهما أحب إليك أن أشهد ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن كان للجنازة من يتبعها ويدفنها فإن حضور مجلس عالم أفضل من حضور ألف جنازة، ومن عيادة ألف مريض، ومن قيام ألف ليلة، ومن صيام ألف يوم، ومن ألف درهم يتصدق بها على المساكين، ومن ألف حجة سوى الفريضة، ومن ألف غزوة سوى الواجب تغزوها في سبيل الله بمالك ونفسك وأين تقع هذه المشاهد من مشهد عالم ؟ أما علمت ان الله يطاع بالعلم ويعبد بالعلم ؟ وخير الدنيا والآخرة مع العلم، وشر الدنيا والآخرة مع الجهل ؟. 24 – كشف: عن الحافظ عبد العزيز، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مجالسة العلماء عبادة والنظر إلى علي (عليه السلام) عبادة، والنظر إلى البيت عبادة، والنظر إلى المصحف عبادة، والنظر إلى الوالدين عبادة. 25 – ختص: المفيد، عن أبي غالب الزراري وابن قولويه، عن الكليني، عن الحسين بن الحسن، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة النصري رفعه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في بعض خطبه: أيها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون، وقدر كل امرئ ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم. 26 – ختص: قال الباقر (عليه السلام): تذكر العلم ساعة خير من قيام ليلة.


[ 205 ]

27 – ختص: قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): محادثة العالم على المزبلة خير من محادثة الجاهل على الزرابي. 28 – وقال (عليه السلام): لا تجلسوا عند كل عالم إلا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس: من الشك إلى اليقين، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الرياء إلى الاخلاص، ومن العداوة إلى النصيحة، ومن الرغبة إلى الزهد. 29 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال (صلى الله عليه وآله): النظر في وجه العالم حبا له عبادة. 30 – كنز الكراجكي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من جالس العلماء وقر، ومن خالط الانذال حقر. 31 – ومنه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب غيره وأنفق ما اكتسب في غير معصية، ورحم أهل الضعف والمسكنة، وخالط أهل الفقه والحكمة. 32 – ومنه: قال لقمان لابنه: أي بني صاحب العلماء وجالسهم، وزرهم في بيوتهم، لعلك أن تشبههم فتكون منهم. 33 – عدة: عن علي (عليه السلام) قال: جلوس ساعة عند العلماء أحب إلى الله من عبادة ألف سنة، والنظر إلى العالم أحب إلى الله من اعتكاف سنة في البيت الحرام، وزيارة العلماء أحب إلى الله تعالى من سبعين طوافا حول البيت وأفضل من سبعين حجة وعمرة مبرورة مقبولة، ورفع الله له سبعين درجة، وأنزل الله عليه الرحمة، وشهدت له الملائكة أن الجنة وجبت له. 34 – منية المريد: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا مررتم في رياض الجنة فارتعوا قالوا: يا رسول الله وما رياض الجنة ؟ قال: حلق الذكر فإن لله سيارات من الملائكة يطلبون حلق الذكر، فإذا أتوا عليهم حفوا بهم. قال بعض العلماء: حلق الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف يشتري و يبيع ويصلي ويصوم وينكح ويطلق ويحج وأشباه ذلك.


[ 206 ]

35 – وخرج (صلى الله عليه وآله) فإذا في المسجد مجلسان: مجلس يتفقهون، ومجلس يدعون الله ويسألونه، فقال: كلا المجلسين إلى خير، أما هؤلاء فيدعون الله، وأما هؤلاء فيتعلمون ويفقهون الجاهل، هؤلاء أفضل، بالتعليم أرسلت، ثم قعد معهم. 36 – وعن الباقر (عليه السلام) رحم الله عبدا أحيا العلم، فقيل: وما إحياؤه ؟ قال أن يذاكره به أهل الدين والورع. 37 – وعنه (عليه السلام) قال: تذاكر العلم دراسة، والدراسة صلاة حسنة. 38 – في الزبور: قل لاحبار بني إسرائيل ورهبانهم (1): حادثوا من الناس الاتقياء، فإن لم تجدوا فيهم تقيا فحادثوا العلماء، وإن لم تجدوا عالما فحادثوا العقلاء فإن التقى والعلم والعقل ثلاث مراتب، ما جعلت واحدة منهن في خلقي وأنا أريد هلاكه. باب * (العمل بغير علم) * 1 – لى: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، ولا يزيده سرعة السير من الطريق إلا بعدا. سن: أبي، عن محمد بن سنان و عبد الله بن المغيرة معا، عن طلحة مثله. ضا: مثله. 2 – لى: العطار، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن زياد الصيقل قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: لا يقبل الله عزوجل


(1) الاحبار جمع الحبر بفتح الحاء وكسرها وسكون الباء: رئيس الكهنة عند اليهود: والكهنة جمع الكاهن، وهو من يدعى معرفة الاسرار وأحوال الغيب عند اليهود وعبدة الاوثان، والذي يقدم الذبائح والقرابين عند النصارى. والرهبان جمع الراهب وهو من اعتزب عن الناس إلى دير طلبا للعبادة وكانت الرهبانية عند اليهود والنصارى ممدوحة ومتداولة بينهم، ولكن الاسلام نهى عن ذلك بقوله: ” لا رهبانية في الاسلام. ” وحث الناس على دخول الجماعات ومعاضدة النوع فيما يتعلق بالحضارة ويشيد به بنيان المجتمع.

[ 207 ]

عملا إلا بمعرفة، ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، إن الايمان بعضه من بعض. سن: أبي، عن محمد بن سنان مثله. بيان: الظاهر أن المراد بالمعرفة أصول العقائد، ويحتمل الاعم. قوله: إن الايمان بعضه من بعض أي أجزاء الايمان من العقائد والاعمال بعضها مشروطة ببعض كأن العقائد أجزاء الاعمال وبالعكس، أو المراد أن أجزاء الايمان ينشأ بعضها من بعض. 3 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: إياكم والجهال من المتعبدين والفجار من العلماء فإنهم فتنة كل مفتون. أقول: أثبتنا هذا الخبر مع غيره مما يناسب هذا الباب في باب ذم علماء السوء. 4 – ل: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك ابن عطية، عن الثمالي (1) عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: لا حسب لقرشي ولا عربي إلا بتواضع، ولا كرم إلا بتقوى، ولا عمل إلا بنية، ولا عبادة إلا بتفقه. ألا وإن أبغض الناس إلى الله عزوجل من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله. 5 – ما: ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن المنذر بن محمد، عن أحمد بن يحيى الضبي عن موسى بن القاسم، عن أبي الصلت، عن علي بن موسى، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا قول إلا بعمل، ولا قول وعمل إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بإصابة السنة. تنوير: لا قول أي لا ينفع قول واعتقاد نفعا كاملا إلا بانضمام العمل إليه، و لا ينفعان أيضا إلا إذا كانا لله من غير شوب رياء وغرض فاسد، ولا تنفع هذه الثلاثة أيضا إلا إذا كانت موافقة للسنة، ولا يكون العمل مبتدعا. 6 – ير: ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن إبراهيم بن إسحاق الازدي، عن أبي


(1) نسبة الى ثمالة، والثمالي لقب ثابت بن دينار أبي صفية الازدي أبو حمزة الكوفي، صاحب الدعاء المعروف الوارد في أسحار شهر رمضان كان من زهاد أهل الكوفة ومشائخها، واجمعت الشيعة على جلالته ورفعة شأنه وقبول روايته من غير ترديد، وقد لقى اربعة من الائمة: علي بن الحسين، و محمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر (عليهم السلام).

[ 208 ]

عثمان العبدي، عن جعفر عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا قول إلا بعمل، ولا عمل إلا بنية، ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة. 7 – سن: ابن فضال، عمن رواه، عن أبي عبد الله، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من عمل على غير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلح. الدرة الباهرة – عن الجواد (عليه السلام) مثله. 8 – غو: روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال قطع ظهري إثنان: عالم متهتك، وجاهل متنسك، هذا يصد الناس عن علمه بتهتكه، وهذا يصد الناس عن نسكه بجهله. ايضاح: قال الفيروز آبادي: هتك الستر وغيره يهتكه فانهتك وتهتك: جذبه فقطعه من موضعه إلى شق منه جزءا فبدا ما وراءه، ورجل منهتك ومتهتك ومستهتك: لا يبالي أن يهتك ستره انتهى. والمتنسك: المتعبد المجتهد في العبادة. وصد الجاهل عن نسكه إما لان الناس لما يرون من جهله لا يتبعونه على نسكه، أو لانه بجهله يبتدع في نسكه فيتبعه الناس في تلك البدعة فيصد الناس عما هو حقيقة تلك النسك. 9 – جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن موسى بن بكر، عمن سمع أبا عبد الله (عليه السلام) قال: العامل على غير بصيرة كالسائر على السراب بقيعة لا يزيد سرعة سيره إلا بعدا. تبيين: السراب: هو ما يرى في الفلاة من لمعان الشمس عليها وقت الظهيرة فيظن أنه ماء. يسرب أي يجري. والقيعة بمعنى القاع وهو الارض المستوية، وقيل: جمعه كجار وجيرة. وهو إشارة إلى ما ذكره الله تعالى في أعمال الكفار وعدم انتفاعهم بها حيث قال: والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفيه حسابه والله سريع الحساب (1). 10 – ختص: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): المتعبد على غير فقه كحمار الطاحونة يدور ولا يبرح، وركعتان من عالم خير من سبعين ركعة من جاهل لان العالم تأتيه الفتنة فيخرج منها بعلمه، وتأتي الجاهل فتنسفه نسفا، وقليل العمل مع كثير العلم خير من كثير العمل مع قليل العلم والشك والشبهة.


(1) النور: 39.

[ 209 ]

11 – نهج: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): فليصدق رائد أهله، وليحضر عقله، وليكن من أبناء الآخرة، فإنه منها قدم وإليها ينقلب، فالناظر بالقلب العامل بالبصر يكون مبتدأ عمله أن يعلم أعمله عليه أم له ؟ فإن كان له مضى فيه، وإن كان عليه وقف عنه فإن العامل بغير علم كالسائر على غير طريق، فلا يزيده بعده عن الطريق إلا بعدا من حاجته والعامل بالعلم كالسائر على الطريق الواضح فلينظر ناظر أسائر هو أم راجع ؟. إلى آخر ما سيأتي مشروحا في كتاب الفتن. 12 – كنز الكراجكي: قال الصادق (عليه السلام): أحسنوا النظر فيما لا يسعكم جهله، وأنصحوا لا نفسكم، وجاهدوها (1) في طلب معرفة ما لا عذر لكم في جهله، فإن لدين الله أركانا لا ينفع من جهلها شدة اجتهاده في طلب ظاهر عبادته، ولا يضر من عرفها، فدان بها حسن اقتصاده، ولا سبيل لاحد إلى ذلك إلا بعون من الله عزوجل. باب 6 * (العلوم التي امر الناس بتحصيلها وينفعهم، وفيه تفسير الحكمة) * الايات، البقرة: يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا 269 الاسرى: ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة 39 لقمان: ولقد آتينا لقمان الحكمة 12 الزخرف: قال قد جئتكم بالحكمة 63 الجمعة: ويعلمهم الكتاب والحكمة 2 1 – ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن أحمد بن محمد، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن حكم بن بهلول، عن ابن همام، عن ابن اذينة، عن أبان ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت عليا (عليه السلام) يقول لابي الطفيل


(1) وفي الكنز المطبوع: وجاهد وافي طلب.

[ 210 ]

عامر بن واثلة الكناني (1): يا أبا الطفيل العلم علمان: علم لا يسع الناس إلا النظر فيه وهو صبغة الاسلام (2)، وعلم يسع الناس ترك النظر فيه وهو قدرة الله عزوجل. بيان: قال الفيروز آبادي: الصبغة بالكسر: الدين والملة، وصبغة الله: فطرة الله، أو التي أمر الله بها محمدا (صلى الله عليه وآله) وهي الختانة انتهى. أقول: المراد بالصبغة هنا الملة أو كل ما يصبغ الانسان بلون الاسلام من العقائد الحقة، والاعمال الحسنة، والاحكام الشرعية. وقدرة الله تعالى لعل المراد بها هنا تقدير الاعمال، وتعلق قدرة الله بخلقها، أي علم القضاء والقدر والجبر والاختيار، فإنه قد نهي عن التفكر فيها. وفي نهج البلاغة: أنه قال أمير المؤمنين (عليه السلام) – وقد سئل عن القدر – فقال: طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه. 2 – ل: أبي، عن سعد، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لقمان لابنه: للعالم ثلاث علامات: العلم بالله وبما يحب و ما يكره. الخبر. بيان: العلم بالله يشمل العلم بوجوده تعالى وصفاته والمعاد، بل جميع العقائد الضرورية، ويمكن إدخال بعضها فيما يحب. 3 – ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن المعلى، عن محمد بن جمهور العمي، عن جعفر بن بشير البجلي، عن أبي بحر، عن شريح الهمداني، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الاعور، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ثلاث بهن يكمل المسلم: التفقه في الدين، والتقدير في المعيشة، والصبر على النوائب. 4 – ب: ابن ظريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) قال: لا يذوق المرء من حقيقة الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال: الفقه في الدين، والصبر على المصائب، وحسن التقدير في المعاش.


(1) اورده العامة والخاصة في تراجمهم، وذكروا أنه ممن ادرك النبي ثم اختص بصحابة علي (عليه السلام) وعمر بعد ذلك طويلا ولم يختلفوا في وثاقته وقبول حديثه. (2) في الخصال المطبوع: وهو صفة الاسلام.

[ 211 ]

بيان: التقدير في المعيشة: ترك الاسراف والتقتير ولزوم الوسط أي جعلها بقدر معلوم يوافق الشرع والعقل. والنوائب: المصائب. 5 – لى: ابن إدريس، عن البرقي، عن محمد بن عيسى، عن الدهقان، عن درست، عن ابن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل، فقال: ما هذا ؟ فقيل: علامة، قال: و ما العلامة ؟ قالوا: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، وبالاشعار والعربية، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه. مع: أبي، عن سعد، عن اليقطيني، عن الدهقان مثله. سر: من كتاب جعفر بن محمد بن سنان الدهقان، عن عبيد الله، عن درست، عن عبد الحميد بن أبي العلاء، عنه (عليه السلام) مثله. غو: عن الكاظم (عليه السلام) مثله. وزاد في آخره: ثم قال (عليه السلام): إنما العلم ثلاثة آية محكمة (1)، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن هو فضل. بيان: العلامة صيغة مبالغة أي كثير العلم، والتاء للمبالغة. قوله (صلى الله عليه وآله): وما العلامة ؟ أي ما حقيقة علمه الذي به اتصف بكونه علامة ؟ وهو أي نوع من أنواع العلامة ؟ والتنوع باعتبار أنواع صفة العلم، والحاصل ما معنى العلامة الذي قلتم و أطلقتم عليه ؟. إنما العلم أي العلم النافع ثلاثة: آية محكمة أي واضحة الدلالة، أو غير منسوخة فإن المتشابه والمنسوخ لا ينتفع بهما كثيرا من حيث المعنى. وفريضة عادلة قال في النهاية: فريضة عادلة: أراد العدل في القسمة أي معدلة على السهام المذكورة في الكتاب والسنة من غير جور، ويحتمل أن يريد أنها مستنبطة من الكتاب والسنة فتكون هذه الفريضة تعدل بما أخذ عنهما انتهى. والاظهر أن المراد مطلق الفرائض أي الواجبات أو ما علم وجوبه من القرآن والاول أظهر لمقابلة الآية المحكمة، و وصفها بالعادلة لانها متوسطة بين الافراط والتفريط وقيل المراد بها: ما اتفق عليه


(1) وفي نسخة: علم آية محكمة.

[ 212 ]

المسلمون ولا يخفى بعده. والمراد بالسنة المستحبات أو ما علم بالسنة وإن كان واجبا وعلى هذا فيمكن أن نخص الآية المحكمة بما يتعلق بالاصول أو غيرهما من الاحكام والمراد بالقائمة الباقية غير المنسوخة. وما خلاهن فهو فضل أي زائد باطل لا ينبغي أن يضيع العمر في تحصيله. 6 – مع، ل: أبي، عن سعد، عن الاصبهاني، عن المنقري، عن سفيان بن عيينة (1) قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: وجدت علم الناس (2) كلهم في أربع: أولها: أن تعرف ربك، والثانية: أن تعرف ما صنع بك، والثالثة: أن تعرف ما أراد منك، والرابعة: أن تعرف ما يخرجك من دينك. سن: الاصفهاني مثله. ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن الحسن بن علي بن عاصم، عن المنقري مثله. ما: الغضائري، عن علي بن محمد العلوي، عن أحمد بن محمد بن الفضل الجوهري، عن أبيه، عن الصفار، عن القاشاني، عن الاصبهاني، عن المنقري مثله. 7 – ل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن البزنطي، عن رجل من خزاعة، عن الاسلمي، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: تعلموا العربية فإنها كلام الله الذي يكلم به خلقه، ونظفوا الماضغين، وبلغوا بالخواتيم. تنوير: الماضغان: أصول اللحيين عند منبت الاضراس، وتنظيفهما بالسواك و الخلال، وقال الصدوق بعد ذكر هذا الخبر: قد روى أبو سعيد الآدمي (3) هذا الحديث وقال في آخره: بلغوا بالخواتيم. أي اجعلوا الخواتيم في آخر الاصابع، ولا تجعلوها في أطرافها، فإنه يروى أنه من عمل قوم لوط. أقول: يمكن أن يكون بالعين المهملة أي بلعوا أصابعكم في الخواتيم من البلع، وفي أكثر النسخ بالغين المعجمة أي أبلغوها


(1) وفي نسخة: وجدت علوم الناس كلها في أربع. (2) هو سهل بن زياد الرازي، ضعفه النجاشي في الحديث وقال: غير معتمد فيه وكان أحمد بن محمد ابن عيسى يشهد عليه بالغلو والكذب وأخرجه من قم الى الري. واختلف كلام الشيخ في توثيقه وتضعيفه. (3) بضم العين: كان من رجال العامة وربما ذكره بعضهم كابن حجر ورماه بالتدليس والاختلاط مات سنة 198.

[ 213 ]

آخر الاصابع، بأن تكون الباء زائدة، وظاهر الصدوق أنه قرأ الاول بالمعجمة والثاني بالمهملة. 8 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عثمان بن نصير الحافظ، عن يحيى بن عمرو التنوخي، عن أحمد بن سليمان، عن محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي (عليهم السلام) عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): ما عبد الله عزوجل بشئ أفضل من فقه في دين. أو قال: في دينه. قال أحمد: فذكرته لمالك بن أنس فقيه أهل دار الهجرة فعرفه وأثبته لي عن جعفر بن محمد (عليهما السلام). 9 – ع: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة و محمد بن مسلم وبريد قالوا: قال رجل (1) لابي عبد الله (عليه السلام): إن لي إبنا قد أحب أن يسألك عن حلال وحرام لا يسألك عما لا يعنيه، قال: فقال: وهل يسأل الناس عن شئ أفضل من الحلال والحرام ؟. سن: محمد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، عن أبيه قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن لي إبنا وذكر مثله. بيان: عما لا يعنيه أي لا يهمه ولا يحتاج إليه. 10 – ير: ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن عميرة، عن الثمالي، عن علي بن الحسين أو أبي جعفر (عليهما السلام) قال: متفقه في الدين أشد على الشيطان من عبادة ألف عابد. 11 – سن: أبي، عن الحسن بن سيف، عن أخيه علي، عن سليمان بن عمر، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى يكون فيه خصال ثلاث: التفقه في الدين وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على الرزايا. بيان: الرزايا: جمع الرزيئة بالهمز وهي المصيبة. 12 – سن: بعض أصحابنا، عن ابن أسباط، عن أسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ليت السياط على رؤوس أصحابي حتى يتفقهوا في الحلال والحرام.


(1) الظاهر أنه يعقوب بن قيس البجلي الدهني، أبو خالد، والد يونس بن يعقوب الاتي في الحديث التالي.

[ 214 ]

13 – سن: محمد بن عبد الحميد، عن عمه عبد السلام بن سالم، عن رجل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حديث في حلال وحرام تأخذه من صادق خير من الدنيا وما فيها من ذهب أو فضة. 14 – سن: بعض أصحابنا، عن ابن أسباط، عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: تفقهوا في الحلال والحرام وإلا فأنتم أعراب. بيان: أي فأنتم في الجهل بالاحكام الشرعية كالاعراب الذين قال الله فيهم: الاعراب أشد كفرا ونفاقا (1) الآية. والاعراب: سكان البادية لا واحد له ويجمع على أعاريب. 15 – سن: أبي، عن عثمان بن عيسى: عن علي بن حماد، عن رجل سمع أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لا يشغلك طلب دنياك عن طلب دينك فإن طالب الدنيا ربما أدرك وربما فاتته فهلك بما فاته منها. بيان: أي هلك لترك طلب الدين بسبب طلب أمر من الدنيا لم يدركه أيضا فيكون قد خسر الدارين. 16 – سن: أبي، عن ابن أبي عمير، عن العلاء، عن محمد، قال: قال أبو عبد الله و أبو جعفر (عليهما السلام): لو اتيت بشاب من شباب الشيعة لا يتفقه لادبته، قال: وكان أبو جعفر (عليه السلام) يقول: تفقهوا وإلا فأنتم أعراب. 17 – سن: في حديث آخر لابن أبي عمير رفعه قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لو أتيت بشاب من شباب الشيعة لا يتفقه في الدين لاوجعته. 18 – سن: في وصية المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تفقهوا في دين الله ولا تكونوا أعرابا فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا. بيان: عدم النظر كناية عن السخط والغضب فإن من يغضب على أحد أشد الغضب لا ينظر إليه. والتزكية: المدح أي لا يقبل أعماله.


(1) التوبة: 98.

[ 215 ]

19 – سن: عثمان بن عيسى، عن علي بن أبي حمزة، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه منكم فهو أعرابي، إن الله عزوجل يقول في كتابه: ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون. شى: عن أبي بصير عنه (عليه السلام) مثله. 20 – سن: علي بن حسان، عمن ذكره، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاث هن من علامات المؤمن: علمه بالله، ومن يحب، ومن يبغض. 21 – سن: أبي مرسلا قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): أفضل العبادة العلم بالله. 22 – شى: عن أبي بصير قال: سألته عن قول الله: ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا. قال: هي طاعة الله ومعرفة الامام (1). 23 – شى: عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام): ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا. قال: المعرفة. 24 – شى: عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا. قال: معرفة الامام، واجتناب الكبائر التي أوجب الله عليها النار. 25 – شى: عن سليمان بن خالد، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله: و من يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا. فقال: إن الحكمة المعرفة والتفقه في الدين، فمن فقه منكم فهو حكيم، وما أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من فقيه. بيان: قيل: الحكمة تحقيق العلم وإتقان العمل. وقيل: ما يمنع من الجهل. وقيل: هي الاصابة في القول. وقيل: هي طاعة الله، وقيل: هي الفقه في الدين. وقال ابن دريد: كل ما يؤدي إلى مكرمة، أو يمنع من قبيح. وقيل: ما يتضمن صلاح النشأتين. والتفاسير متقاربة، والظاهر من الاخبار أنها العلوم الحقة النافعة مع العمل بمقتضاها وقد يطلق على العلوم الفائضة من جنابه تعالى على العبد بعد العمل بما يعلم. 26 – مص: قال الصادق (عليه السلام): الحكمة ضياء المعرفة، وميراث التقوى، وثمرة


(1) الظاهر أن المروى عنه هو أبو جعفر (عليه السلام) بقرينة ما يأتي بعده كما أن الظاهر اتحاد الروايات الثلاثة المر وية عن أبي بصير.

[ 216 ]

الصدق، وما أنعم الله على عبد من عباده نعمة أنعم وأعظم وأرفع وأجزل وأبهى من الحكمة قال الله عزوجل: يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الالباب. أي لا يعلم ما أودعت وهيأت في الحكمة إلا من استخلصته لنفسي وخصصته بها، والحكمة هي الثبات، وصفة الحكيم الثبات عند أوائل الامور والوقوف عند عواقبها، وهو هادي خلق الله إلى الله تعالى. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): لان يهدي الله على يديك عبدا من عباد الله خير لك مما طلعت عليه الشمس من مشارقها إلى مغاربها. بيان: ضياء المعرفة الاضافة إما بيانية أو لامية، وعلى الاخير فالمراد النور الحاصل في القلب بسبب المعرفة، أو العلوم الفائضة بعدها. والثبات عند أوائل الامور: عدم التزلزل من الفتن الحادثة عند الشروع في عمل من أعمال الخير، وكذا الوقوف عند عواقبها وأواخرها وما يترتب عليها من المفاسد الدنيوية. 27 – غو: عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين. نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثله. 28 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. 29 – سر: في جامع البزنطي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال علي (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): نعم الرجل الفقيه في الدين إن احتيج إليه نفع، وإن لم يحتج إليه نفع نفسه. 30 – غو: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل شئ عماد، وعماد هذا الدين الفقه. 31 – وقال (صلى الله عليه وآله): الفقهاء أمناء الرسول. 32 – وقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه لولده محمد: تفقه في الدين، فإن الفقهاء ورثة الانبياء.


[ 217 ]

33 – جا: ابن قولويه، عن الكليني، عن الحسين بن محمد، عن المعلى (1) عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين. 34 – م: عن أبي محمد العسكري عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): ما أنعم الله عزوجل على عبد بعد الايمان بالله أفضل من العلم بكتاب الله ومعرفة تأويله، ومن جعل الله له من ذلك حظا ثم ظن أن أحدا لم يفعل به ما فعل به وقد فضل عليه فقد حقر نعم الله عليه. 35 – وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون (2) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فضل الله عزوجل القرآن، والعلم بتأويله، ورحمته، وتوفيقه لموالاة محمد وآله الطاهرين، ومعاداة أعدائهم، ثم قال (صلى الله عليه وآله): وكيف لا يكون ذلك خيرا مما يجمعون، وهو ثمن الجنة ونعيمها، فإنه يكتسب بها رضوان الله الذي هو أفضل من الجنة، ويستحق الكون بحضرة محمد وآله الطيبين الذي هو أفضل من الجنة، إن محمدا وآل محمد الطيبين أشرف زينة الجنان، ثم قال (صلى الله عليه وآله): يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله وبموالاتنا أهل البيت والتبري من أعدائنا أقواما فيجعلهم في الخير قادة أئمة في الخير، تقتص آثارهم، وترمق أعمالهم، ويقتدى بفعالهم، وترغب الملائكة في خلتهم، وتمسحهم بأجنحتهم في صلاتهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها، 36 – ضه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أفضل العبادة الفقه، وأفضل الدين الورع. 37 – سر: من كتاب جعفر بن محمد بن سنان الدهقاني، عن عبيد الله (3)، عن


(1) الظاهر بقرينة روايته عن الوشاء هو المعلى بن محمد أبو الحسن البصري الذي قال في حقه النجاشي: مضطرب الحديث والمذهب. (2) يونس: 58 (3) الظاهر أنه عبيد الله بن عبد الله الدهقان الواسطي ضعفه النجاشي في ص 160 وقال: له كتاب. وضعفه أيضا العلامة في القسم الثاني من الخلاصة.

[ 218 ]

درست، عن عبد الحميد بن أبي العلاء، عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من انهمك في طلب النحو سلب الخشوع. بيان: الظاهر أن المراد علم النحو، ولا ينافي تجدد هذا العلم والاسم لعلمه (عليه السلام) بما سيتجدد، ويحتمل أن يكون المراد التوجه إلى القواعد النحوية في حال الدعاء، والنحو في اللغة: الطريق والجهة والقصد. وشئ منها لا يناسب المقام إلا بتكلف تام (1). 38 – شى: عن يونس بن عبد الرحمن أن داود قال: كنا عنده فارتعدت السماء فقال هو: سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. فقال له أبو بصير: جعلت فداك إن للرعد كلاما ؟ فقال: يا أبا محمد سل عما يعنيك ودع ما لا يعنيك. 39 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن من البيان لسحرا، ومن العلم جهلا، ومن الشعر حكما، و من القول عدلا. 40 – الدرة الباهرة: عن الكاظم (عليه السلام) قال: من تكلف ما ليس من علمه ضيع عمله وخاب أمله. 41 – وقال الجواد (عليه السلام): التفقه ثمن لكل غال وسلم إلى كل عال. 42 – الجواهر للكراجكي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العلوم أربعة: الفقه للاديان، والطب للابدان، والنحو للسان، والنجوم لمعرفة الازمان. 43 – دعوات الراوندي: قال الحسن بن علي (عليهما السلام): عجب لمن يتفكر في مأكوله كيف لا يتفكر في معقوله ! ؟ فيجنب بطنه ما يؤذيه ويودع صدره ما يرديه. 44 – نهج: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العلم علمان: مطبوع ومسموع، ولا ينفع المسموع إذا لم يكن المطبوع. 45 – وقال (عليه السلام) – وقد سئل عن القدر -: طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه.


(2) الظاهر أن المراد بالنحو هو الطريق لو صح الخبر والمراد به الاشتغال بالعلم عن العمل. ط

[ 219 ]

بيان: لعل المراد بالمطبوع ما استنبط بفهمه وفكره الصائب في الاصول و الفروع من الادلة العقلية والنقلية، وربما يخص المطبوع بالاصول، والمسموع بالفروع. 46 – نهج: قال (عليه السلام): الناس أعداء ما جهلوا. 47 – وقال (عليه السلام): لا تكونوا كجفاة الجاهلية، لا في الدين تتفقهون، ولا عن الله تعقلون كقيض بيض في أداح يكون كسرها وزرا ويخرج حضانها شرا. بيان: القيض: قشر البيض، والاداحي جمع الادحية، وهي مبيض النعام في الرمل، وحضن الطائر بيضه حضنا وحضانا: ضمه إلى نفسه تحت جناحه للتفريخ. وقيل: الغرض التشبيه ببيض أفاعي وجدت في عش حيوان لا يمكن كسرها لاحتمال كونها من حيوان محلل، وإن تركت تخرج منها أفاعي فكذا هؤلاء إن تركوا صاروا شياطين يضلون الناس، ولا يمكن قتلهم لظاهر الاسلام. وسيأتي تمام الكلام وشرحه في كتاب الفتن. 48 – نهج: في وصيته للحسن (عليه السلام): خض الغمرات إلى الحق حيث كان وتفقه في الدين. إلى قوله (عليه السلام): وتفهم وصيتي، ولا تذهبن صفحا، فإن خير القول ما نفع، واعلم أنه لا خير في علم لا ينفع، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه. إلى قوله (عليه السلام): وأن أبتدءك بتعليم كتاب الله عزوجل وتأويله، وشرائع الاسلام وأحكامه، وحلاله و حرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره. 49 – كنز الكراجكي: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خمس لا يجتمعن إلا في مؤمن حقا يوجب الله له بهن الجنة: النور في القلب، والفقه في الاسلام، والورع في الدين، والمودة في الناس، وحسن السمت في الوجه. 50 – وقال (صلى الله عليه وآله): العلم أكثر من أن يحصى فخذ من كل شئ أحسنه. 51 – ومنه قال لقمان لابنه: يا بني تعلم الحكمة تشرف، فإن الحكمة تدل على الدين، وتشرف العبد على الحر، وترفع المسكين على الغني، وتقدم الصغير على الكبير: وتجلس المسكين مجالس الملوك، وتزيد الشريف شرفا، والسيد سوددا، و


[ 220 ]

الغني مجدا، وكيف يظن ابن آدم أن يتهيأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة ولن يهيئ الله عزوجل أمر الدنيا والآخرة إلا بالحكمة ؟ ! ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بلا نفس، أو مثل الصعيد بلا ماء، ولا صلاح للجسد بغير نفس، ولا للصعيد بغير ماء، ولا للحكمة بغير طاعة. 52 – ومنه، عن النبي (صلى الله عليه وآله) العلم علمان: علم الاديان وعلم الابدان. 53 – وقال (صلى الله عليه وآله) من يرد الله به خيرا يفقههه في الدين. 54 – عدة: قال العالم (عليه السلام): أو لى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلا به، و أوجب العلم عليك ما أنت مسؤول عن العمل به، وألزم العلم لك ما دلك على صلاح قلبك وأظهر لك فساده، وأحمد العلم عاقبة ما زاد في عملك العاجل. 55 – منية المريد: قال الصادق (عليه السلام): ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه. 56 – وعنه (عليه السلام) إذا مات المؤمن الفقيه ثلم (1) في الاسلام ثلمة لا يسدها شئ. 57 – وفي التوراة: عظم الحكمة فإني لا أجعل الحكمة في قلب أحد إلا و أردت أن أغفر له، فتعلمها ثم اعمل بها، ثم ابذلها كي تنال بذلك كرامتي في الدنيا والآخرة. 58 – عن ابن عباس مرفوعا في قوله تعالى: يؤتي الحكمة من يشاء. قال: الحكمة: القرآن. 59 – وروى بشير الدهان (2) قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): لاخير فيمن لا يتفقه من أصحابنا، يا بشير إن الرجل منكم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم، فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم. 60 – وروي عنه (عليه السلام) أنه قال له رجل: جعلت فداك رجل عرف هذا الامر


(1) أي أحدث في الاسلام خللا لا يسدها شئ. (2) الكوفي، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم (عليه السلام) وقال: روى عن أبي عبد الله (عليه السلام).

[ 221 ]

لزم بيته ولم يتعرف إلى أحد من إخوانه، قال: فقال: كيف يتفقه هذا في دينه ؟. 61 – وعنه (عليه السلام): لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية. 62 – كتاب الحسين بن عثمان، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يصلح المرء إلا على ثلاث خصال: التفقه في الدين، وحسن التقدير في المعيشة، والصبر على النائبة. باب 7 * (آداب طلب العلم وأحكامه) * الايات، المائدة: يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسئلوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم عفا الله عنها والله غفور حليم. قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين 104، 105 طه: ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما 114. 1 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أربعة لا يشبعن من أربعة: الارض من المطر، والعين من النظر، والانثى من الذكر، والعالم من العلم. سن: أبي رفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) مثله. ن، ل: في سؤالات الشامي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) مثله إلا بترك التعريف في الجميع. 2 – شى: عن أحمد بن محمد قال: كتب إلي أبو الحسن الرضا (عليه السلام) وكتب في آخره: أو لم تنهوا عن كثرة المسائل ؟ فأبيتم أن تنتهوا، إياكم وذاك، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم فقال الله: يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء ” إلى قوله “: كافرين.


[ 222 ]

3 – ن: ابن المغيرة، بإسناده، عن السكوني، عن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا سهر (1) إلا في ثلاث: متهجد بالقرآن، أو في طلب العلم، أو عروس تهدى إلى زوجها. نوادر الراوندي: بإسناده عن الكاظم، عن آبائه (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) مثله. بيان: التهجد: مجانبة الهجود وهو النوم، وقد يطلق على الصلاة بالليل، و على الاول المراد إما قراءة القرآن في الصلاة أو الاعم. 4 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن أبيه (عليهما السلام) قال: لا بأس بالسهر في طلب العلم. بيان: في بعض النسخ: بالتهيم. وهو التحير، ومشية حسنة. ولعل المراد التحير في البلاد أي المسافرة أو الاسراع في المشي، والنسخة الاولى أظهر. 5 – ختص: قال الباقر (عليه السلام): إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول، ولا تقطع على أحد حديثه. 6 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من تعلم في شبابه كان بمنزلة الرسم في الحجر، ومن تعلم وهو كبير كان بمنزلة الكتاب على وجه الماء (2). 7 – نهج: قال أمير المؤمنين (عليه السلام) – لسائل سأله عن معضلة (3) -: سل تفقها، ولا تسأل تعنتا (4) فإن الجاهل المتعلم شبيه بالعالم، وإن العالم المتعسف (5) شبيه بالجاهل. 8 – وقال (عليه السلام) في ذم قوم: سائلهم متعنت ومجيبهم متكلف.


(1) بفتح السين والهاء المهملتين: عدم النوم في الليل. (2) وفي نسخة: في وجه الماء (3) أي المسألة المغلقة المشكلة. (4) تعنت الرجل وعليه في السؤال: سأله على جهة التلبيس. (5) تعسف في القول: أخذه على غير هداية، حمله على معنى لا تكون دلالته عليه ظاهرة.

[ 223 ]

9 – وقال (عليه السلام): إذا ازدحم الجواب خفي الثواب. بيان: لعل فيه دلالة على المنع عن سؤال مسألة واحدة عن جماعة كثيرة. 10 – نهج: قال (عليه السلام): يا كميل مر أهلك أن يروحوا (1) في كسب المكارم، و يدلجوا (2) في حاجة من هو نائم. 11 – وقال (عليه السلام): لا تسأل عما لم يكن ففي الذي قد كان لك شغل. 12 – وقال (عليه السلام) في وصيته للحسن (عليه السلام) إنما قلب الحدث (3) كالارض الخالية ما ألقي فيها من شئ قبلته، فبادرتك بالادب قبل أن يقسو قلبك، ويشتغل لبك إلى قوله (عليه السلام): واعلم يا بني أن أحب ما أنت آخذ به من وصيتي تقوى الله، والاقتصار على ما افترضه الله عليك، والاخذ بما مضى عليه الاولون من آبائك، والصالحون من أهل بيتك، فإنهم لم يدعوا أن نظروا لانفسهم كما أنت ناظر، وفكروا كما أنت مفكر، ثم ردهم آخر ذلك إلى الاخذ بما عرفوا، والامساك عما لم يكلفوا، فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك دون أن تعلم كما علموا فليكن طلبك ذلك بتفهم، وتعلم، لا بتورط الشبهات، وعلو الخصومات، وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة عليه بإلهك، والرغبة إليه في توفيقك، وترك كل شائبة أو لجتك (4) في شبهة، أو أسلمتك إلى ضلالة فإذا أيقنت أن صفا قلبك فخشع، وتم رأيك واجتمع، وكان همك في ذلك هما واحدا فانظر فيما فسرت لك، وإن أنت لم يجتمع لك ما تحب من نفسك، وفراغ نظرك و فكرك فاعلم أنك إنما تخبط العشواء (5) أو تتورط الظلماء (6)، وليس طالب الدين من خبط ولا خلط، والامساك عن ذلك أمثل. إلى قوله (عليه السلام): فإن أشكل عليك شئ


(1) يمكن أن يكون من راح يروح أي جاء، أو روح من باب التفعيل، أو ذهب في الرواح أي العشى، أو من راح يراح. أي أسرع فرحا. (2) أدلج إدلاجا: سار في الليل كله أو في آخره. (3) أي الشاب. (4) أي أدخلتك. (5) العشواء: الناقة الضيقة البصر أو التي لا تبصر في الليل وتطأ كل شئ، والمعنى: أنك تتصرف في الامور على غير بصيرة وهو مثل للمتهافت في الشئ، وللذي يركب رأسه ولا يهتم لعاقبته. (6) أي تقع في ورطة لا يسهل التخلص منها. والورطة بفتح الواو وسكون الراء: الهوة الغامضة و الهلكة.

[ 224 ]

من ذلك فاحمله على جهالتك به فإنك أول ما خلقت خلقت جاهلا ثم علمت وما أكثر ما تجهل من الامر، ويتحير فيه رأيك، ويضل فيه بصرك ثم تبصره بعد ذلك، فاعتصم بالذي خلقك ورزقك وسواك، وليكن له تعبدك، وإليه رغبتك، ومنه شفقتك إلى قوله (عليه السلام): فإذا أنت هديت لقصدك فكن أخشع ما تكون لربك. 13 – كنز الكراجكي: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العلم من الصغر كالنقش في الحجر. 14 – وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): التودد إلى الناس نصف العقل، وحسن السؤال نصف العلم، والتقدير في النفقة نصف العيش. 15 – عدة: عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه قل: للذين يتفقهون لغير الدين، ويتعلمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا لغير الآخرة، يلبسون للناس مسوك (1) الكباش وقلوبهم كقلوب الذئاب، ألسنتهم أحلى من العسل وأعمالهم أمر من الصبر: إياي يخادعون ؟ وبي يستهزؤون ؟ لاتيحن لهم فتنة تذر الحكيم حيرانا. 16 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: يا أيها الناس اتقوا الله ولا تكثروا السؤال، إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءهم، وقد قال الله عزوجل: يا أيها الذين آمنوا لا تسئلوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم. واسألوا عما افترض الله عليكم، والله إن الرجل يأتيني ويسألني فأخبره فيكفر، ولو لم يسألني ما ضره، وقال الله: وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم. إلى قوله: قد سألها قوم من قبلكم فأصبحوا بها كافرين. 17 – أقول: وجدت بخط شيخنا البهائي قدس الله روحه ما هذا لفظه: قال الشيخ شمس الدين محمد بن مكي: نقلت من خط الشيخ أحمد الفراهاني رحمه الله، عن عنوان البصري – وكان شيخا كبيرا قد أتى عليه أربع وتسعون سنة – قال: كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين، فلما قدم جعفر الصادق (عليه السلام) المدينة اختلفت إليه، وأحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك، فقال لي يوما: إني رجل مطلوب ومع ذلك لي أوراد في كل ساعة من آناء الليل والنهار، فلا تشغلني عن وردي، وخذ عن مالك، واختلف


(1) أي الجلود.

[ 225 ]

إليه كما كنت تختلف إليه، فاغتممت من ذلك، وخرجت من عنده وقلت في نفسي: لو تفرس في خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه والاخذ عنه، فدخلت مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) وسلمت عليه، ثم رجعت من الغد إلى الروضة وصليت فيها ركعتين، وقلت: اسألك يا الله يا الله أن تعطف علي قلب جعفر وترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم، ورجعت إلى داري مغتما ولم أختلف إلى مالك بن أنس لما أشرب قلبي من حب جعفر، فما خرجت من داري إلا إلى الصلاة المكتوبة حتى عيل صبري (1)، فلما ضاق صدري تنعلت وترديت وقصدت جعفرا وكان بعد ما صليت العصر، فلما حضرت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال: ما حاجتك ؟ فقلت: السلام على الشريف فقال: هو قائم في مصلاه، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلا يسيرا إذ خرج خادم فقال: ادخل على بركة الله، فدخلت وسلمت عليه، فرد السلام وقال: اجلس غفر الله لك، فجلست فأطرق مليا، ثم رفع رأسه، وقال: أبومن ؟ قلت أبو عبد الله، قال: ثبت الله كنيتك و وفقك، يا أبا عبد الله ما مسألتك ؟ فقلت في نفسي: لو لم يكن لي من زيارته والتسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا، ثم رفع رأسه، ثم قال: ما مسألتك ؟ فقلت: سألت الله أن يعطف قلبك علي ويرزقني من علمك، وأرجو أن الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته، فقال: يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعلم، إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أولا في نفسك حقيقة العبودية، واطلب العلم باستعماله، واستفهم الله يفهمك. قلت: يا شريف فقال: قل يا أبا عبد الله، قلت: يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية ؟ قال: ثلاثة أشياء: أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوله الله ملكا، لان العبيد لا يكون لهم ملك يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيرا، وجملة اشتغاله فيما أمره تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوله الله تعالى ملكا هان عليه الانفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه، وإذا فوض العبد تدبير نفسه على مدبره هان عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه لا يتفرغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس، فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان


(1) في اللغة: عيل صبري أي قلب.

[ 226 ]

عليه الدنيا، وإبليس، والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثرا وتفاخرا، ولا يطلب ما عند الناس عزا وعلوا، ولا يدع أيامه باطلا، فهذا أول درجة التقى، قال الله تبارك وتعالى: تلك الدار الآخرة نجعله للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين. قلت: يا أبا عبد الله أوصني، قال: أوصيك بتسعة أشياء فإنها وصيتي لمريدي الطريق إلى الله تعالى، والله أسأل أن يوفقك لاستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس (1)، وثلاثة منها في الحلم، وثلاثة منها في العلم، فاحفظها وإياك والتهاون بها، قال عنوان: ففرغت قلبي له. فقال: أما اللواتي في الرياضة: فإياك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنه يورث الحماقة والبله، ولا تأكل إلا عند الجوع، وإذا أكلت فكل حلالا وسم الله، واذكر حديث الرسول (صلى الله عليه وآله): ما ملا آدمي وعاءا شرا من بطنه فإن كان ولابد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه. وأما اللواتي في الحلم: فمن قال لك: إن قلت واحدة سمعت عشرا فقل: إن قلت عشرا لم تسمع واحدة، ومن شتمك فقل له: إن كنت صادقا فيما تقول فأسأل الله أن يغفر لي، وإن كنت كاذبا فيما تقول فالله أسأل أن يغفر لك، ومن وعدك بالخنى (2) فعده بالنصيحة والرعاء. وأما اللواتي في العلم: فاسأل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتا و تجربة وإياك أن تعمل برأيك شيئا، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، و اهرب من الفتيا هربك من الاسد، ولا تجعل رقبتك للناس جسرا. قم عني يا أبا عبد الله فقد نصحت لك ولا تفسد علي وردي، فإني امرء ضنين بنفسي، والسلام على من اتبع الهدى. 18 – منية المريد: عن النبي (صلى الله عليه وآله): أن موسى (عليه السلام) لقى الخضر (عليه السلام) فقال: أوصني، فقال الخضر: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل


(1) الرياضة: تهذيب الاخلاق النفسية. (2) الخنى: الفحش في الكلام.

[ 227 ]

جلساءك إذا حدثتهم، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك ؟ واعرف الدنيا وانبذها وراءك، فإنها ليست لك بدار، ولا لك فيها محل قرار، وإنها جعلت بلغة للعباد ليتزودوا منها للمعاد، يا موسى وطن نفسك (1) على الصبر تلقي الحلم، واشعر قلبك بالتقوى تنل العلم، ورض نفسك على الصبر تخلص من الاثم. يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكونن مكثارا (2) بالمنطق مهذارا (3) إن كثرة المنطق تشين العلماء، وتبدي مساوي السخفاء ولكن عليك بذي اقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهال، واحلم عن السفهاء فإن ذلك فضل الحلماء وزين العلماء، وإذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلما، وجانبه حزما فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أكثر. يا ابن عمران لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه، يا ابن عمران من لا ينتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي فيها رغبته كيف يكون عابدا ؟ ومن يحقر حاله ويتهم الله بما قضى له كيف يكون زاهدا ؟ يا موسى تعلم ما تعلم لتعمل به ولا تعلم لتحدث به فيكون عليك بوره، ويكون على غيرك نوره. بيان: قال في الفائق: البور بالضم جمع بوار (4) وبالفتح المصدر، وقد يكون المصدر بالضم أيضا. 19 – مع، ج، ع: الدقاق، عن الاسدي، عن صالح بن أبي حماد، عن أحمد ابن هلال، عن ابن أبي عمير، عن عبد المؤمن الانصاري، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن قوما يروون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: اختلاف أمتي رحمة فقال: صدقوا. فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عزوجل: فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم


(1) أي هيأ نفسك واحملها على الصبر. (2) المكثار: كثير الكلام. (3) رجل مهذار هاذر أي يخلط في منطقه ويتكلم بما لا ينبغي. (4) وهو الهلاك والكساد.

[ 228 ]

إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون. فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويختلفوا إليه، فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان اختلافا في دين الله، إنما الدين واحد. بيان: قال في الفائق: البور بالضم جمع بوار (4) وبالفتح المصدر، وقد يكون المصدر بالضم أيضا. 19 – مع، ج، ع: الدقاق، عن الاسدي، عن صالح بن أبي حماد، عن أحمد ابن هلال، عن ابن أبي عمير، عن عبد المؤمن الانصاري، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن قوما يروون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: اختلاف أمتي رحمة فقال: صدقوا. فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عزوجل: فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم


(1) أي هيأ نفسك واحملها على الصبر. (2) المكثار: كثير الكلام. (3) رجل مهذار هاذر أي يخلط في منطقه ويتكلم بما لا ينبغي. (4) وهو الهلاك والكساد.

[ 228 ]

إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون. فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويختلفوا إليه، فيتعلموا ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان اختلافا في دين الله، إنما الدين واحد. إلى هنا تم الجزء الاول من بحار الانوار من هذه الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيمة وفوائد جمة ثمينة، ويتضمن كتاب العقل والعلم والجهل في خمسة أبواب المشتملة على 125 حديثا، وسبعة أبواب من كتاب العلم المشتملة على 270 حديثا. ويتلوه الجزء الثاني ويبدء من ثامن أبواب كتاب العلم ” باب ثواب الهداية والتعليم ” والله الموفق للخير والرشاد. شعبان المعظم 1376 ه‍

اترك تعليقاً