بحار الأنوار

العلامة المجلسي ج 2


[ 1 ]

بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الأطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الأمة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي ” قدس الله سره ” الجزء الثاني مؤسسة الوفاء بيروت – لبنان الطبعة الثانية المصححة 1403 ه‍ – 1983 م بسم الله الرحمن الرحيم (باب 8) * (ثواب الهداية والتعليم، وفضلهما، وفضل العلماء، وذم اضلال الناس) * الايات، هود: ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون 18، 19. ابراهيم: الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا اولئك في ضلال بعيد 3 ” وقال تعالى “: وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار 30 النحل: ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة، ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون 25 ” وقال تعالى ” ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة 125 الانبياء: وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا 73 القصص: ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ انزلت إليك وادع إلى ربك 87 العنكبوت: وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وماهم بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون 12، 13 التنزيل: وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون 24 الاحزاب: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم


[ 2 ]

السجدة: وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوء الذي كانوا يعملون ” إلى قوله تعالى ” وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين 26، 27، 29 ” وقال تعالى “: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله و عمل صالحا وقال إنني من المسلمين 32 الذاريات: وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين 55 الاعلى: فذكر إن نفعت الذكرى 9 الغاشية: فذكر إنما أنت مذكر 22 العصر: وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر 3 1 – م، ج: بإسناده إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: حدثني أبي، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: أشد من يتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالما بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره ألا فمن هداه وأرشده وعلمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى. بيان: قال الجزري: في حديث الدعاء: ألحقني بالرفيق الأعلى. الرفيق: جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، وهو اسم جاء على فعيل ومعناه الجماعة كالصديق والخليط يقع على الواحد والجمع، ومنه قوله تعالى: وحسن اولئك رفيقا (1). 2 – م، ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه به جاء يوم القيامة وعلى رأسه تاج من نور يضيئ لأهل جميع العرصات، وعليه حلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها، ثم ينادي مناد يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمد ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنان فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا، أو أوضح له عن شبهة.


[ 3 ]

بيان: لا يقوم بتشديد الواو من التقويم أو بالتخفيف أي لا يقاومها ولا يعادلها وقوله عليه السلام: بحذافيرها أي بأجمعها. 3 – م: قال أبو محمد العسكري عليه السلام: حضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام فقالت: إن لي والدة ضعيفة وقد لبس عليها في أمر صلاتها شئ، وقد بعثتني إليك أسألك، فأجابتها فاطمة عليها السلام عن ذلك، فثنت فأجابت ثم ثلثت إلى أن عشرت فأجابت ثم خجلت من الكثرة فقالت: لا أشق عليك يا ابنة رسول الله، قالت فاطمة: هاتي وسلي عما بدا لك، أرأيت من اكتري يوما يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراه مائة ألف دينار يثقل عليه ؟ فقالت: لا. فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤا فأحرى أن لا يثقل على، سمعت أبي صلى الله عليه وآله يقول: إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدهم في إرشاد عباد الله حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلة من نور ثم ينادي منادي ربنا عز وجل: أيها الكافلون لأيتام آل محمد – صلى الله عليه وآله -، الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم، هؤلاء تلامذتكم والأيتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا فيخلعون على كل واحد من اولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم حتى أن فيهم يعني في الأيتام لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلم منهم، ثم إن الله تعالى يقول: أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتى تتموا لهم خلعهم، وتضعفوها لهم فيتم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم، ويضاعف لهم، وكذلك من يليهم ممن خلع على من يليهم. وقالت فاطمة عليها السلام: يا أمة الله إن سلكة من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة وما فضل فإنه مشوب بالتنغيص والكدر. بيان: نعشه أي رفعه. ويقال: ينغص الله عليه العيش تنغيصا أي كدره. 4 – م، ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال الحسن بن علي عليهما السلام: فضل كافل يتيم آل محمد المنقطع عن مواليه الناشب في رتبة الجهل يخرجه من جهله، و يوضح له ما اشتبه عليه على فضل كافل يتيم يطعمه ويسقيه كفضل الشمس على السهى. (1)


(1) كوكب خفى في بنات النعش وهو عند الثانية من البنات

[ 4 ]

بيان: قال الجوهري: نشب الشئ في الشئ بالكسر نشوبا أي علق فيه. 5 – م، ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال الحسين بن علي عليهما السلام من كفل لنا يتيما قطعته عنا محبتنا باستتارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه، قال الله عز وجل: يا أيها العبد الكريم المواسي أنا أولى بالكرم منك، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر، وضموا إليها ما يليق بها من سائر النعم. بيان: قطعته عنا محبتنا باستتارنا أي كان سبب قطعه عنا أنا أحببنا الاستتار عنه لحكمة، وفي بعض النسخ ” محنتنا ” بالنون وهو أظهر. 6 – م: قال أبو محمد العسكري عليه السلام: قال علي بن الحسين عليه الصلاة والسلام: أوحى الله تعالى إلى موسى: حببني إلى خلقي وحبب خلقي إلى، قال: يا رب كيف أفعل ؟ قال: ذكرهم آلائي ونعمائي ليحبوني، فلإن ترد آبقا عن بابي، أو ضالا عن فنائي (1) أفضل لك من عبادة مائة سنة بصيام نهارها، وقيام ليلها. قال موسى: ومن هذا العبد الآبق منك ؟ قال: العاصي المتمرد، قال: فمن الضال عن فنائك ؟ قال: الجاهل بإمام زمانه تعرفه، والغائب عنه بعد ما عرفه، الجاهل بشريعة دينه، تعرفه شريعته وما يعبد به ربه ويتوصل به إلى مرضاته. قال على بن الحسين عليهما السلام: فأبشروا علماء شيعتنا بالثواب الأعظم والجزاء الأوفر. 7 – م، ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال محمد بن علي الباقر عليهما السلام: العالم كمن معه شمعة تضيئ للناس، فكل من أبصر شمعته دعا له بخير، كذلك العالم مع شمعة تزيل ظلمة الجهل والحيرة. فكل من أضاءت له فخرج بها من حيرة أو نجا بها من جهل فهو من عتقائه من النار، والله يعوضه عن ذلك بكل شعرة لمن أعتقه ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على غير الوجه الذي أمر الله عز وجل به، بل تلك الصدقة وبال (2) على صاحبها لكن يعطيه الله ما هو أفضل من مائة ألف ركعة بين يدى الكعبة.


(1) بكسر الفاء: الساحة أمام البيت. (2) مصدر بمعنى الشدة، والوخامة، وسوء العاقبة.

[ 5 ]

بيان: قال الفيروز آبادي: القنطار بالكسر: وزن أربعين أوقية من ذهب أو ألف ومائتا دينار، أو ألف ومائتا أوقية، أو سبعون ألف دينار، أو ثمانون ألف درهم، أو مائة رطل من ذهب أو فضة، أو ألف دينار، أو ملء مسك ثور ذهبا، أو فضة. أقول: لعله عليه السلام فضل تعليم العلم أولا على الصدقة بهذا المقدار الكثير في غير مصرفه لدفع ما يتوهمه عامة الناس من فضل الظلمة الذين يعطون بالأموال المحرمة العطايا الجزيلة على العلماء الباذلين للعلوم الحقة من يستحقه. ثم استدرك عليه السلام بأن تلك الصدقة وبال على صاحبها لكونها من الحرام فلا فضل لها حتى يفضل عليها شئ، ثم ذكر عليه السلام فضله في عمل له فضل جزيل ليظهر مقدار فضله ورفعة قدره. 8 – م، ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام. قال: قال جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته النواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة لأنه يدفع عن أديان محبينا، وذلك يدفع عن أبدانهم. بيان: المرابطة: ملازمة ثغر العدو. والثغر ما يلي دار الحرب وموضع المخافة من فروج البلدان. والعفريت: الخبيث المنكر. والنافذ في الأمر: المبالغ فيه مع دهاء. والخزر بالتحريك: اسم جبل خزر العيون أي ضيقها. 9 – ج، م: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال موسى بن جعفر عليهما السلام: ففيه واحد ينقذ يتيما من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشد على إبليس من ألف عابد لأن العابد همه ذات نفسه فقط، وهذا همه مع ذات نفسه ذات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته، فذلك هو أفضل عند الله من ألف ألف عابد، وألف ألف عابدة. 10 – ج، م: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال علي بن موسى الرضا عليهما السلام: يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك وكفيت الناس مؤونتك فادخل الجنة، ألا إن الفقيه من أفاض على الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم،


[ 6 ]

ووفر عليهم نعم جنان الله وحصل لهم رضوان الله تعالى. ويقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد الهادي لضعفاء محبيهم ومواليهم قف حتى تشفع لمن أخذ عنك (1)، أو تعلم منك فيقف فيدخل الجنة معه فئاما وفئاما وفئاما حتى قال عشرا، وهم الذين أخذوا عنه علومه، وأخذوا عمن أخذ عنه، وعمن أخذ عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة، فانظروا كم فرق بين المنزلتين ؟ !. بيان: الفئام بالهمز وكسر الفاء: الجماعة من الناس، وفسر في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام في يوم الغدير بمائة ألف. 11 – ج، م: بالإسناد عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال: قال محمد بن علي الجواد عليهما السلام: من تكفل بأيتام آل محمد المنقطعين عن إمامهم المتحيرين في جهلهم، الاسراء في أيدي شياطينهم، وفي أيدي النواصب من أعدائنا فاستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين برد وساوسهم، وقهر الناصبين بحجج ربهم ودليل أئمتهم ليفضلون عند الله تعالى على العباد بأفضل المواقع بأكثر من فضل السماء على الأرض و العرش والكرسي والحجب على السماء، وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء. 12 – ج، م: بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام قال: قال علي بن محمد عليهما السلام: لو لا من يبقى بعد غيبة قائمنا عليه السلام من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي أحد إلا ارتد عن دين الله ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك صاحب السفينة سكانها اولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل. بيان: الذب: الدفع. والشباك بالكسر: جمع الشبكة التي يصاد بها. والمردة: المتمردون العاصون. والفخ: المصيدة. وسكان السفينة: ذنبها. 13 – م، ج: بالإسناد عن أبي محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: تأتي علماء شيعتنا القوامون بضعفاء محبينا وأهل ولايتنا يوم القيامة والأنوار تسطع من تيجانهم على رأس كل


(1) وفي نسخة لكل من اخذ عنك.

[ 7 ]

واحد منهم تاج بهاء، قد انبثت (1) تلك الانوار في عرصات القيامة، ودورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة، فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه، ومن ظلمة الجهل أنقذوه، ومن حيرة التيه أخرجوه، إلا تعلق بشعبة من أنوارهم فرفعتهم إلى العلو حتى يحاذي بهم فوق الجنان ثم ينزلهم على منازلهم المعدة في جوار استاديهم ومعلميهم، وبحضرة أئمتهم الذين كانوا يدعون إليهم، ولا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عينه، وصمت اذنه، وأخرس لسانه وتحول عليه (2) أشد من لهب النيران، فيتحملهم حتى يدفعهم إلى الزبانية (3) فتدعوهم إلى سواء الجحيم. وقال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام: إن من محبي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم مساكين مواساتهم أفضل من مساواة مساكين الفقراء وهم الذين سكنت جوارحهم، وضعفت قواهم عن مقابلة أعداء الله الذين يعيرونهم بدينهم، ويسفهون أحلامهم، ألا فمن قواهم بفقهه وعلمه حتى أزال مسكنتهم ثم سلطهم على الأعداء الظاهرين النواصب، وعلى الاعداء الباطنين إبليس ومردته، حتى يهزموهم عن دين الله، ويذودوهم عن أولياء آل رسول الله صلى الله عليه وآله، حول الله تعالى تلك المسكنة إلى شياطينهم فأعجزهم عن إضلالهم، قضى الله تعالى بذلك قضاء حق على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله. بيان: التيه بالكسر: الضلال. والتحول: التنقل، وضمن معنى التسلط أي انتقل إليه متسلطا عليه، أو معنى الاقتدار. فيحملهم أي ذلك الشعاع أو شعبته. فتدعوهم أي الزبانية أو الشعاع إلى سواء الجحيم أي وسطه. ويسفهون أحلامهم أي ينسبون عقولهم إلى السفه. قوله عليه السلام: إلى شياطينهم أي شياطين هؤلاء العلماء الهادين. 14 – م، ج: بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: من قوى مسكينا في دينه ضعيفا في معرفته على ناصب مخالف فأفحمه لقنه الله (4) يوم يدلى في


(1) أي انتشرت. (2) وفى نسخة: وتحول إليه. (3) الزبانية عند العرب الشرط، وسموا بها بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إليها. (4) أي فهمه اياه مشافهة.

[ 8 ]

قبره أن يقول: الله ربي، ومحمد نبيي، وعلي وليي، والكعبة قبلتي، والقرآن بهجتي وعدتي، والمؤمنون إخواني. فيقول الله: أدليت بالحجة فوجبت لك أعالي درجات الجنة فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة. ايضاح: الإفحام: الإسكات في الخصومة. والإدلاء: الإرسال. والبهجة بالفتح: الحسن والسرور. 15 – م، ج: بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام. قال قالت فاطمة عليها السلام – وقد اختصم إليها إمرأتان فتنازعتا في شئ من أمر الدين، إحديهما معاندة، والاخرى مؤمنة ففتحت على المؤمنة حجتها فاستظهرت على المعاندة ففرحت فرحا شديدا – فقالت فاطمة عليها السلام: إن فرح الملائكة باستظهارك عليها أشد من فرحك، وإن حزن الشيطان ومردته بحزنها أشد من حزنها، وإن الله تعالى قال لملائكته: أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الأسيرة من الجنان ألف ألف ضعف مما كنت أعددت لها، واجعلوا هذه سنة في كل من يفتح على أسير مسكين فيغلب معاندا مثل ألف ألف ما كان معدا له من الجنان. 16 – م، ج: بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام قال: قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام – وقد حمل إليه رجل هدية – فقال له: أيما أحب إليك ؟ أن أرد عليك بدلها عشرين ضعفا عشرين ألف درهم أو أفتح لك بابا من العلم تقهر فلان الناصبي في قريتك، تنقذ به ضعفاء أهل قريتك ؟ إن أحسنت الاختيار جمعت لك الأمرين، وإن أسأت الاختيار خيرتك لتأخذ أيهما شئت، فقال: يا ابن رسول الله فثوابي في قهري ذلك الناصب واستنقاذي لاولئك الضعفاء من يده قذره عشرون ألف درهم ؟ قال بل أكثر من الدنيا عشرين ألف ألف مرة ! فقال: يا ابن رسول الله فكيف أختار الأدون بل أختار الأفضل: الكلمة التي أقهر بها عدو الله وأذوده (1) عن أولياء الله. فقال الحسن بن على عليه السلام: قد أحسنت الاختيار وعلمه الكلمة وأعطاه عشرين ألف درهم، فذهب فأفحم الرجل فاتصل خبره به، فقال له إذ حضره: يا عبد الله ما ربح أحد مثل ربحك، ولا اكتسب أحد من الأوداء ما اكتسبت،


(1) أي ادفعه واطرده.

[ 9 ]

اكتسبت مودة الله أولا، ومودة محمد صلى الله عليه واله وعلي ثانيا، ومودة الطيبين من آلهما ثالثا، ومودة ملائكة الله رابعا، ومودة إخوانك المؤمنين خامسا، فاكتسبت بعدد كل مؤمن وكافر ما هو أفضل من الدنيا ألف مرة فهنيئا لك هنيئا. 17 م: قال أبو محمد عليه السلام: قال الحسين بن علي صلوات الله عليهما لرجل: أيهما أحب إليك ؟ رجل يروم قتل مسكين قد ضعف أتنقذه من يده، أو ناصب يريد إضلال مسكين من ضعفاء شيعتنا تفتح عليه ما يمتنع به ويفحمه ويكسره بحجج الله تعالى ؟ قال: بل إنقاذ هذا المسكين المؤمن من يد هذا الناصب إن الله تعالى يقول: من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. أي ومن أحياها وأرشدها من كفر إلى إيمان فكأنما أحيا الناس جميعا من قبل أن يقتلهم بسيوف الحديد. بيان: إن الإحياء في الأول المراد به الهداية من الضلال، والإحياء ثانيا الإنجاء من القتل، وقوله: من قبل بكسر القاف وفتح الباء أي من جهة قتلهم بالسيوف، ويحتمل فتح القاف وسكون الباء. 18 م: قال أبو محمد عليه السلام: قال علي بن الحسين عليهما السلام لرجل: أيهما أحب إليك صديق كلما رآك أعطاك بدرة دنانير، أو صديق كلما رآك نصرك لمصيدة من مصائد الشيطان، وعرفك ما تبطل به كيدهم، وتخرق شبكتهم، وتقطع حبائلهم ؟ قال: بل صديق كلما رآني علمني كيف اخزي الشيطان عن نفسي فأدفع عني بلاءه. قال: فأيهما أحب إليك استنقاذك أسيرا مسكينا من أيدي الكافرين أو استنقاذك أسيرا مسكينا من أيدي الناصبين ؟ قال: يا ابن رسول الله سل الله أن يوفقني للصواب في الجواب. قال: اللهم وفقه قال: بل استنفاذي المسكين الأسير من يدى الناصب، فإنه توفير الجنة عليه وإنقاذه من النار، وذلك توفير الروح عليه في الدنيا، ودفع الظلم عنه فيها، والله يعوض هذا المظلوم بأضعاف ما لحقه من الظلم، وينتقم من الظالم بما هو عادل بحكمه. قال: وفقت لله أبوك ! أخذته من جوف صدري لم تخرم مما قاله رسول الله صلى الله عليه واله حرفا واحدا. وسئل الباقر محمد بن علي عليهما السلام: إنقاذ الأسير المؤمن من محبينا (1)


(1) كذا في النسخ والظاهر: محبيكم.

[ 10 ]

من يد الغاصب يريد أن يضله بفضل لسانه وبيانه أفضل، أم إنقاذ الأسير من أيدي أهل الروم ؟ قال الباقر عليه السلام: أخبرني أنت عمن رأى رجلا من خيار المؤمنين يغرق، وعصفورة تغرق لا يقدر على تخليصهما بأيهما اشتغل فاته الآخر، أيهما أفضل أن يخلصه ؟ قال: الرجل من خيار المؤمنين، قال عليه السلام: فبعد ما سألت في الفضل أكثر من بعد ما بين هذين، إن ذاك يوفر عليه دينه وجنان ربه، وينقذه من نيرانه، وهذا المظلوم إلى الجنان يصير. بيان: بما هو عادل بحكمه أي بانتقام هو تعالى عادل بسبب الحكم به، أي لا يجور في الانتقام. وقال في النهاية: وفي الحديث: لله أبوك إذا اضيف الشئ إلى عظيم شريف اكتسى عظما وشرفا كما قيل: بيت الله، وناقة الله. فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه ويحمد قيل: لله أبوك. في معرض المدح والتعجب، أي أبوك لله خالصا حيث أنجب بك وأتى بمثلك. وقال: وفيه: ماخرمت من صلاة رسول الله صلى الله عليه واله شيئا أي ما تركت، ومنه الحديث: لم اخرم منه حرفا أي لم أدع. 19 – م، ج: بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام قال: قال جعفر بن محمد عليهما السلام: من كان همه في كسر النواصب عن المساكين من شيعتنا الموالين لنا أهل البيت يكسرهم عنهم، ويكشف عن مخازيهم، ويبين عوراتهم ويفخم أمر محمد وآله صلوات الله عليهم جعل الله همه أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره يستعمل بكل حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا قوة كل واحد تفضل عن حمل السماوات والأرض، فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لا يعرف قدرها إلا رب العالمين ؟. 20 – م: قال أبو محمد عليه السلام: قال موسى بن جعفر عليهما السلام: من أعان محبا لنا على عدو لنا فقواه وشجعه حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بأحسن صورته، ويخرج الباطل الذي يروم به أعداؤنا ودفع حقنا في أقبح صورة، حتى ينبه الغافلين، ويستبصر المتعلمون، ويزداد في بصائرهم العالمون، بعثه الله تعالى يوم القيامة في أعلى منازل الجنان، ويقول: يا عبدي الكاسر لأعدائي، الناصر لأوليائي، المصرح بتفضيل محمد خير أنبيائي، وبتشريف علي أفضل أوليائي، ويناوي من ناواهما، ويسمى بأسمائهما


[ 11 ]

وأسماء خلفائهما ويلقب بألقابهم، فيقول ذلك ويبلغ الله جميع أهل العرصات فلا يبقى كافر ولا جبار ولا شيطان إلا صلى على هذا الكاسر لأعداء محمد عليه السلام، ولعن الذين كانوا يناصبونه في الدنيا من النواصب لمحمد وعلي صلوات الله عليهما. 21 – م، ج: بالإسناد عن أبي محمد عليه السلام قال: قال علي بن موسى الرضا عليه السلام: أفضل ما يقدمه العالم من محبينا وموالينا أمامه ليوم فقره وفاقته وذله ومسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب عدو لله ولرسوله، يقوم من قبره و الملائكة صفوف من شفير قبره (1) إلى موضع محله من جنان الله فيحملونه على أجنحتهم، ويقولون: طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار، ويا أيها المتعصب للأئمة الأخيار. 22 – م: قال أبو محمد عليه السلام: قال محمد بن علي الجواد عليهما السلام: إن حجج الله على دينه أعظم سلطانا يسلط الله بها على عباده، فمن وفر منها حظه فلا يرين (2) إن من منعه ذاك فقد فضله عليه ولو جعله في الذروة (3) العليا من الشرف والمال والجمال فإنه إن رأى ذلك فقد حقر عظيم نعم الله لديه وإن عدوا من أعدائنا النواصب يدفعه بما تعلمه من علومنا أهل البيت لأفضل له من كل مال لمن فضل عليه ولو تصدق بألف ضعفه. 23 – م، ج: وبالإسناد إلى أبي محمد عليه السلام أنه قال لبعض تلامذته لما اجتمع قوم من الموالي والمحبين لآل رسول الله صلى الله عليه وآله بحضرته، وقالوا: يا ابن رسول الله إن لنا جارا من النصاب يؤذينا ويحتج علينا في تفضيل الأول والثاني والثالث على أمير المؤمنين عليه السلام، وبورد علينا حججا لا ندري كيف الجواب عنها والخروج منها ؟ قال: مر بهؤلاء إذا كانوا مجتمعين يتكلمون فتسمع عليهم، فيستدعون منك الكلام فتكلم، وأفحم صاحبهم، واكسر غرته وفل حده، ولا تبق له باقية، فذهب الرجل وحضر الموضع وحضروا وكلم الرجل فأفحمه وصيره لا يدري في السماء هو أو في الأرض.


(1) أي ناحية قبره. (2) أي فلا يغلب ولا يقهر. (3) بضم الذال وكسرها: المكان المرتفع، العلو، أعلى الشئ.

[ 12 ]

قالوا: فوقع علينا من الفرح والسرور ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وعلى الرجل والمتعصبين له من الحزن والغم مثل ما لحقنا من السرور، فلما رجعنا إلى الإمام قال لنا: إن الذي في السماوات من الفرح والطرب بكسر هذا العدو لله كان أكثر مما كان بحضرتكم والذي كان بحضرة إبليس وعتاة (1) مردته من الشياطين من الحزن والغم أشد مما كان بحضرتهم، ولقد صلى على هذا الكاسر له ملائكة السماء والحجب والكرسي، وقابلها الله بالإجابة فأكرم إيابه وعظم ثوابه، ولقد لعنت تلك الملائكة عدو الله المكسور وقابلها الله بالإجابة فشدد حسابه وأطال عذابه. بيان: التسمع: الاستماع. وأكسر غرته أي غلبته وشوكته. والفل: الكسر. والحد: طرف السيف وغيره، ومن الرجل بأسه وشدته أي أكسر حدته وبأسه، ولا تبق له باقية أي حجة باقية. فأكرم إيابه أي رجوعه إلى الله عز وجل. 24 – م: قال أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام إن رجلا جاء إلى علي بن الحسين عليهما السلام برجل يزعم أنه قاتل أبيه، فاعترف، فأوجب عليه القصاص، وسأله أن يعفو عنه ليعظم الله ثوابه فكأن نفسه لم تطب بذلك، فقال علي بن الحسين عليه السلام للمدعي للدم الولي المستحق للقصاص: إن كنت تذكر لهذا الرجل عليك فضلا فهب له هذه الجناية واغفر له هذا الذنب. قال: يا ابن رسول الله له على حق ولكن لم يبلغ أن أعفو له عن قتل والدي. قال: فتريد ماذا ؟ قال: اريد القود (2)، فإن أراد لحقه على أن اصالحه على الدية صالحته وعفوت عنه، فقال على بن الحسين عليهما السلام: فماذا حقه عليك ؟ قال: يا ابن رسول الله لقنني توحيد الله ونبوة محمد رسول الله، وإمامة علي والأئمة عليهم السلام، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: فهذا لا يفي بدم أبيك ؟ بلى والله هذا يفي بدماء أهل الأرض كلهم من الأولين والآخرين سوى الأنبياء والأئمة عليهم السلام إن قتلوا، فإنه لا يفي بدمائهم شئ أن يقنع منه بالدية. قال: بلى، قال علي بن الحسين للقاتل: أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتى أبذل لك الدية فتنجو بها من القتل ؟ قال: يا ابن رسول الله أنا محتاج إليها، وأنت مستغن عنها فإن


(1) العتات جمع عاة: من استكبر وجاوز الحد. (2) القود بفتح القاف والواو: القصاص وقتل القاتل بدل القتيل.

[ 13 ]

ذنوبي عظيمة، وذنبي إلى هذا المقتول أيضا بيني وبينه لا بيني وبين وليه هذا، قال علي ابن الحسين عليهما السلام: فتستسلم للقتل أحب إليك من نزولك عن هذا التلقين ؟ قال: بلى يا ابن رسول الله. فقال علي بن الحسين لولي المقتول: يا عبد الله قابل بين ذنب هذا إليك وبين تطوله عليك، قتل أباك حرمه لذة الدنيا وحرمك التمتع به فيها، على أنك إن صبرت وسلمت فرفيقك أبوك في الجنان، ولقنك الإيمان فأوجب لك به جنة الله الدائمة وأنقذك من عذابه الدائم، فإحسانه إليك أضعاف أضعاف جنايته عليه، فإما أن تعفو عنه جزاءا على إحسانه إليك لاحدثكما بحديث من فضل رسول الله صلى الله عليه واله خير لك من الدنيا بما فيها، وإما أن تأبى أن تعفو عنه حتى أبذل لك الدية لتصالحه عليها، ثم أخبرته بالحديث دونك فلما يفوتك من ذلك الحديث خير من الدنيا بما فيها لو اعتبرت به. فقال الفتى. يا ابن رسول الله: قد عفوت عنه بلا دية ولا شئ إلا ابتغاء وجه الله ولمسألتك في أمره، فحدثنا يا ابن رسول الله بالحديث. قال علي بن الحسين: عليه السلام إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما بعث إلى الناس كافة بالحق بشيرا ونذيرا. إلى آخر ما سيأتي في أبواب معجزاته صلى الله عليه واله. 25 – م، ج: بالإسناد عن أبي محمد العسكري عليه السلام أنه اتصل به أن رجلا من فقهاء شيعته كلم بعض النصاب فأفحمه بحجته حتى أبان عن فضيحته، فدخل على علي بن محمد عليهما السلام وفي صدر مجلسه دست عظيم منصوب وهو قاعد خارج الدست، وبحضرته خلق من العلويين وبني هاشم فما زال يرفعه حتى أجلسه في ذلك الدست، وأقبل عليه فاشتد ذلك على اولئك الأشراف: فأما العلوية فأجلوه عن العتاب، وأما الهاشميون فقال له شيخهم: يا ابن رسول الله هكذا تؤثر عاميا على سادات بني هاشم من الطالبيين والعباسيين ؟ فقال عليه السلام: إياكم وأن تكونوا من الذين قال الله تعالى: ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون. أترضون بكتاب الله عز وجل حكما ؟ قالوا: بلى. قال: أليس الله يقول: يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ” إلى قوله ” والذين اوتوا العلم درجات فلم يرض للعالم المؤمن إلا أن يرفع على المؤمن


[ 14 ]

غير العالم كما لم يرض للمؤمن إلا أن يرفع على من ليس بمؤمن أخبروني عنه ؟ قال: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات. أو قال: يرفع الله الذين اوتوا شرف النسب درجات ؟ أو ليس قال الله: هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ فكيف تنكرون رفعي لهذا لما رفعه الله ؟ إن كسر هذا لفلان الناصب بحجج الله التي علمه إياها لأفضل له من كل شرف في النسب. فقال العباسي: يا ابن رسول الله قد شرفت علينا وقصرتنا عمن ليس له نسب كنسبنا، ومازال منذ أول الإسلام يقدم الأفضل في الشرف على من دونه فيه. فقال عليه السلام: سبحان الله أليس العباس بايع لأبي بكر وهو تيمي والعباس هاشمي ؟ أو ليس عبد الله ابن العباس كان يخدم عمر بن الخطاب وهو هاشمي أبو الخلفاء وعمر عدوي ؟ وما بال عمر أدخل البعداء من قريش في الشورى ولم يدخل العباس ؟ فإن كان رفعنا لمن ليس بهاشمي على هاشمي منكرا فأنكروا على العباس بيعته لأبي بكر، وعلى عبد الله بن العباس خدمته لعمر بعد بيعته، فإن كان ذلك جائزا فهذا جائز، فكأنما القم الهاشمي حجرا (1). بيان: قال الفيروز آبادي: الدست من الثياب، والورق، وصدر البيت، معربات. قوله عليه السلام: لما رفعه الله بالتخفيف والتشديد. 26 – لى: جعفر بن محمد بن مسرور، عن ابن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن عمر بن زياد، عن مدرك بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد، و وضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء. لى: وأنشدنا الشيخ الفقيه أبو جعفر لبعضهم: العالم العاقل ابن نفسه * أغناه جنس علمه عن جنسه كم بين من تكرمه لغيره * وبين من تكرمه لنفسه


(1) مثل يضرب لمن تكلم فاجيب بمسكتة.

[ 15 ]

27 – لى: علي بن أحمد: عن الأسدي، عن عبد العظيم الحسني، عن علي بن محمد الهادي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: لما كلم الله موسى بن عمران عليه السلام قال موسى: إلهي ما جزاء من دعا نفسا كافرة إلى الإسلام ؟ قال: يا موسى آذن له في الشفاعة يوم القيامة لمن يريد. أقول: سيجئ الخبر بتمامه. 28 – فس: حدثنا أبو القاسم، عن محمد بن عباس، عن عبد الله بن موسى، عن عبد العظيم الحسني، عن عمر بن رشيد، عن داود بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله. قال: قل للذين مننا عليهم بمعرفتنا أن يعرفوا الذين لا يعلمون، فإذا عرفوهم فقد غفروا لهم. 29 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: ثلاثة يشفعون إلى الله يوم القيامة فيشفعهم: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء. بيان: فيشفعهم على صيغة التفعيل، أي يقبل شفاعتهم. 30 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن ابن مرار، عن يونس، يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كان فيما أوصى به رسول الله صلى الله عليه واله عليا: يا علي ثلاث من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وإنصاف الناس من نفسك، وبذل العلم للمتعلم. بيان: الإقتار التضيق في المعاش. 31 – ل: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه عبد الله، عن ابن محبوب، عن ابن صهيب، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يجمع الله لمنافق ولا فاسق حسن السمت والفقه وحسن الخلق أبدا. 32 – ن: بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليه و عليهم قال: من حسن فقهه فله حسنة. بيان: لعل المراد: أن حصول الحسنة مشروط بحسن الفقه، أو أن حسن الفقه في كل مسألة يوجب حسنة كاملة.


[ 16 ]

33 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن عثمان ابن عيسى: عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أنزل الله عز وجل: من قتل نفسا فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. قال: من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد والله أماتها 34 – ما: بإسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: فقيه واحد أشد على إبليس من ألف عابد. 35 – ما: بإسناد المجاشعي: عن الصادق، عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا كان يوم القيامة وزن مداد العلماء بدماء الشهداء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء. 36 – ع: العطار، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله عز وجل العالم والعابد فإذا وقفا بين يدى الله عز وجل قيل للعابد: انطلق إلى الجنة، وقيل للعالم: قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم. ير: اليقطيني، عن يونس، عمن رواه مثله. 37 – ع: أبو الحسن طاهر بن محمد بن يونس الفقيه، عن محمد بن عثمان الهروي، عن أحمد بن تميم، عن محمد بن عبيدة، عن محمد بن حميدة الرازي، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله ابن يزيد، عن أبي الدرداء (1) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: إن الله عز وجل يجمع العلماء يوم القيامة ويقول لهم: لم أضع نوري وحكمتي في صدوركم إلا وأنا اريد بكم خير الدنيا والآخرة، إذهبوا فقد غفرت لكم على ما كان منكم. 38 – مع: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن يحيى بن عمران، عن يونس، عن سعدان عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” الم ” هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المقطع


(1) هو عويمر – بضم العين المهملة وفتح الواو وسكون الياء وكسر الميم – ابن عامر بن زيد أبو الدرداء الخزرجي الانصاري المدنى، عده الشيخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ومات قبل قتل عثمان بسنة بدمشق، وكانها سنة أربع وثلاثين على ما قاله البخاري ” تنقيح المقال ج 355 2 “.

[ 17 ]

في القرآن، الذي يؤلفه النبي صلى الله عليه واله، أو الإمام فإذا دعا به أجيب، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. قال: بيان لشيعتنا، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلوة ومما رزقناهم ينفقون. قال: مما علمنا هم يبثون، ومما علمناهم من القرآن يتلون. 39 – ل: في الأربعمائة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: علموا صبيانكم ما ينفعهم الله به لا يغلب عليهم المرجئة برأيها. 40 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران ومحمد بن الحسين، عن عمرو بن عاصم عن المفضل بن سالم، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن معلم الخير يستغفر له دواب الأرض وحيتان البحر، وكل ذي روح في الهواء، وجميع أهل السماء والأرض، وإن العالم والمتعلم في الأجر سواء، يأتيان يوم القيامة كفرسي رهان يزدحمان. بيان: أي كفرسي رهان يتسابق عليهما، يزحم كل منهما صاحبه أي يجيئ بجنبه ويضيق عليه. 41 – ير: ابن هاشم، عن الحسين بن سيف، عن أبيه، عن عمر وبن شمر، عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: معلم الخير تستغفر له دواب الأرض، وحيتان البحر وكل صغيرة وكبيرة في أرض الله وسمائه. ثو: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى وابن هاشم، عن الحسين بن سيف مثله. 42 – ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن ابن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: المؤمن العالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وإذا مات ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ إلى يوم القيامة. بيان: الثلمة بالضم فرجة المكسور والمهدوم. 43 – ير: أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من علم خيرا فله بمثل أجر من عمل به. قلت: فإن علمه غيره يجري ذلك له ؟ قال: إن علمه الناس كلهم جرى له. قلت: فإن مات ؟ قال: وإن مات. ير: أحمد، عن محمد البرقي، عن ابن أبي عمير، عن علي بن يقطين، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.


[ 18 ]

بيان: قوله: فإن علمه غيره أي المتعلم ويحتمل المعلم أيضا. 44 – ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن حماد الحارثي عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: يجيئ الرجل يوم القيامة وله من الحسنات كالسحاب الركام أو كالجبال الرواسي فيقول: يا رب أنى لي هذا ولم أعملها ؟ فيقول: هذا علمك الذي علمته الناس يعمل به من بعدك. بيان: الركام بالضم: الضخم المتراكم بعضه فوق بعض. 45 – ير: ابن يزيد وابن هاشم معا، عن ابن أبي عمير، عن ابن عميرة، عن الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من عبادة سبعين ألف عابد. 46 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن حماد بن عيسى، عن القداح، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر. 47 – ير: بهذا الإسناد عنه عليه السلام قال: فضل العلم أحب إلى من فضل العبادة. 48 – ير: محمد بن حسان (1)، عن أبي طاهر أحمد بن عيسى، عن محمد بن وبد، عن الدواوندى (2)، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: يأتي صاحب العلم قدام العابد بربوة مسيرة خمسمائة عام. بيان: الربوة مثلثة: ما ارتفع من الأرض، ولعل المراد أنه يأتي إلى مكان مرتفع هو محل استقرارهم وموضع شرفهم قبل العابد بخمسمائة عام، أو ارتفاع الربوة


(1) بتشديد السين المهملة، هو أبو عبد الله الزبيبى الرازي قال النجاشي في ص 239: يعرف و ينكر، بين بين، يروى عنه الضعفاء كثيرا، له كتب منها: كتاب العقاب، كتاب ثواب انا انزلناه، كتاب ثواب الاعمال، كتاب الشيخ والشيخة، كتاب ثواب القرآن. وعده الشيخ في رجاله تارة من أصحاب الهادى عليه السلام، وتارة ممن لم يرو عنهم عليهم السلام وقال: روى عنه الصفار وغيره. (2) وفى نسخة: الداروردى. والاسناد في البصائر المطبوع هكذا: محمد بن حسان، عن أبى طاهر أحمد بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن ابى طالب، عن محمد بن حسان وزيد، عن الراوندي، عن جعفر بن محمد عليهما السلام.

[ 19 ]

خمسمائة عام، أو أنهما يسيران في المحشر والعالم قدام العابد مرتفعا عليه قدر خمس مائة عام. 49 – ير: عمر بن موسى، عن هارون، عن ابن زياد، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه واله قال: إن فضل العالم على العابد كفضل الشمس على الكواكب، وفضل العابد على غير العابد كفضل القمر على الكواكب. 50 – ير: ابن عيسى، عن محمد البرقي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: عالم أفضل من ألف عابد ومن ألف زاهد. وقال عليه السلام: عالم ينتفع بعلمه أفضل من عبادة سبعين ألف عابد. ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى مثله. 51 – ير: ابن عيسى، عن البزنطي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ركعة يصليها الفقيه أفضل من سبعين ألف ركعة يصليها العابد. 52 – ثو: العطار، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن محمد البرقي، عمن رواه، عن أبان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يتكلم الرجل بكلمة حق يؤخذ بها إلا كان له مثل أجر من أخذ بها، ولا يتكلم بكلمة ضلال يؤخذ بها إلا كان عليه مثل وزر من أخذ بها. 53 – سن: أبي، عن البزنطي، عن أبان، عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من علم باب هدى كان له أجر من عمل به، ولا ينقص اولئك من اجورهم، ومن علم باب ضلال كان له وزر من عمل به، ولا ينقص اولئك من اوزارهم. 54 – سن: أبي، عن القاسم بن محمد، عن البطائني (1)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخاصموا الناس فإن الناس لو استطاعوا أن يحبونا لأحبونا.


(1) بفتح الباء اورده النجاشي في رجاله ص 175 فقال: على بن أبى حمزة، واسم أبى حمزة سالم البطائني أبو الحسن مولى الانصار كوفى، وكان قائد أبى بصير يحيى بن القاسم، وله أخ يسمى جعفر بن أبى حمزة، روى عن أبى الحسن موسى عليه السلام، وروى عن أبى عبد الله عليه السلام، ثم وقف، وهو أحد عمد الواقفة، صنف كتبا عديدة منها: كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب التفسير، واكثره عن أبى بصير، كتاب جامع في ابواب الفقه.

[ 20 ]

بيان: لعل المراد النهى عن المجادلة والمخاصمة مع المخالفين إذا لم يؤثر فيهم ولا ينفع في هدايتهم، وعلل ذلك بأنهم بسوء اختيارهم بعدوا عن الحق بحيث يعسر عليهم قبول الحق كأنهم لا يستطيعونه، أو صاروا بسوء اختيارهم غير مستطيعين، وسيأتي الكلام فيه في كتاب العدل. 55 سن: أخي، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن لي أهل بيت وهم يسمعون مني أفأدعوهم إلى هذا لأمر ؟ قال: نعم إن الله يقول في كتابه: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة. المراد بها الأصنام أو حجارة الكبريت. 56 سن: عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: قول الله تبارك وتعالى: من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. فقال: من أخرجها من ضلال إلى هدى فقد أحياها، ومن أخرجها من هدى إلى ضلال فقد قتلها. شى: عن سماعة مثله 57 سن: علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن فضيل قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قول الله في كتابه: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. قال: من حرق أو غرق قلت: فمن أخرجها من ضلال إلى هدى ؟ فقال: ذلك تأويلها الأعظم. 58 سن: أبي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن أبي خالد القماط، عن حمران قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: اسألك أصلحك الله ؟ قال: نعم. قال: كنت على حال و أنا اليوم على حال اخرى، كنت أدخل الأرض، فأدعو الرجل والإثنين والمرأة فينقذ الله من يشاء، وأنا اليوم لا أدعو أحدا. فقال: وما عليك أن تخلي بين الناس وبين ربهم ؟ فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه. ثم قال: ولا عليك إن آنست من أحد خيرا أن تنبذ إليه الشئ نبذا. (1) فقلت: أخبرني عن قول الله: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. قال: من حرق أو غرق أو غدر، ثم سكت فقال: تأويلها الأعظم أن دعاها


(1) نبذ الشئ: طرحه ورمى به.

[ 21 ]

فاستجابت له (1). شى: عن حمران مثله. 59 – شى: عن سعدان بن مسلم (2)، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: الم ذلك الكتاب لا ريب فيه. قال: كتاب علي لا ريب فيه. هدى للمتقين. قال: المتقون شيعتنا الذين يؤمنون بالغيب، ويقيمون الصلاة، ومما رزقناهم ينفقون، ومما علمناهم يبثون. 60 – شى: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. قال: لم يقتلها (3) أو أنجاها من غرق، أو حرق، أو أعظم من ذلك كله يخرجها من ضلالة إلى هدى. 61 – شى: عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله تعالى: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. قال: من استخرجها من الكفر إلى الإيمان. 62 – سر: من كتاب المشيخة لابن محبوب، عن الفضل، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قال لي: أبلغ خيرا وقل خيرا، ولا تكونن إمعة ” مكسورة الألف مشددة الميم المفتوحة والعين غير المعجمة ” قال: وماالإمعة ؟ قال: لا تقولن: أنا مع الناس، وأنا كواحد من الناس، إن رسول الله صلى الله عليه واله قال: أيها الناس إنما هما نجدان: نجد خير، ونجد شر، فما بال نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير. جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن ابن محبوب، عن الفضل بن يونس مثله.


(1) أي دعاها من ظلمة الجهالة والضلالة إلى الرشد والهداية، فاستجابت نفسه له. (2) قال النجاشي في ص 137: سعدان بن مسلم واسمه عبد الرحمن بن مسلم أبو الحسن العامري مولى أبى العلاء كرز بن حفيد العامري، من عامر ربيعة، روى عن أبى عبد الله وابى الحسن عليهما السلام، و عمر عمرا طويلا، قد اختلف في عشيرته، فقال استادنا عثمان بن حاتم بن المنتاب: التغلبي، وقال محمد بن عبده: سعدان بن مسلم الزهري من بنى زهرة بن كلاب عربي أعقب، والله اعلم. له كتاب يرويه جماعة. وقال السيد الداماد قدس سره: سعدان بن مسلم شيخ كبير القدر، جليل المنزلة له اصل رواه عنه جماعة من الثقات والاعيان كصفوان بن يحيى وغيره. (3) أي لم يقتص منه ولم يقتلها بدل قتيله.

[ 22 ]

بيان: قال في النهاية: اغد عالما أو متعلما ولا تكن إمعة، الإمعة بكسر الهمزة وتشديد الميم: الذي لا رأى له فهو يتابع كل أحد على رأيه، والهاء فيه للمبالغة، ويقال فيه: إمع أيضا، ولا يقال للمرأة: إمعة، وهمزته أصلية لأنه لا يكون إفعل وصفا، و قيل: هو الذي يقول لكل احد أنا معك. ومنه حديث ابن مسعود لا يكونن أحدكم إمعة، قيل: وما الإمعة ؟ قال: الذي يقول: أنا مع الناس. انتهى. والنجد: الطريق الواضح المرتفع، والحاصل أنه لا واسطة بين الحق والباطل، فالخروج عن الحق لمتابعة الناس ينتهي إلى الباطل. 63 – سر: من كتاب المشيخة، عن أبي محمد، عن الحارث بن المغيرة قال: لقيني أبو عبد الله عليه السلام في بعض طرق المدينة ليلا فقال لي: يا حارث فقلت: نعم فقال: أما لتحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم ثم مضى، قال: ثم أتيته فاستأذنت عليه فقلت: جعلت فداك لم قلت: لتحملن ذنوب سفهائكم على علمائكم ؟ فقد دخلني من ذلك أمر عظيم، فقال: نعم ما يمنعكم إذا بلغكم عن الرجل منكم ما تكرهونه مما يدخل به علينا الأذى والعيب عند الناس أن تأتوه فتأنبوه (1) وتعظوه وتقولوا له قولا بليغا ؟ فقلت له: إذا لا يقبل منا ولا يطيعنا ؟ قال: فقال: فإذا فاهجروه عند ذلك واجتنبوا مجالسته. 64 – سر: من كتاب عبد الله بن بكير، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من دعى إلى ضلال لم يزل في سخط الله حتى يرجع منه. 65 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله إذا مات المؤمن انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. 66 – وقال صلى الله عليه واله: يا علي نوم العالم أفضل من ألف ركعة يصليها العابد، يا علي لا فقر أشد من الجهل، ولا عبادة مثل التفكر. 67 – وقال صلى الله عليه واله: علماء امتي كأنبياء بنى إسرائيل.


(1) أي فتعنفوه وتلوموه.

[ 23 ]

68 – جا: أبو غالب أحمد بن محمد، عن محمد بن سليمان الزراري (1)، عن محمد ابن الحسين، عن محمد بن يحيي، عن غياث بن إبراهيم، عن خارجة بن مصعب، عن محمد بن أبي عمير العبدي قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما أخذ الله ميثاقا من أهل الجهل بطلب تبيان العلم حتى أخذ ميثاقا، من أهل العلم ببيان العلم للجهال، لأن العلم قبل الجهل. بيان: في الكافي: كان قبل الجهل. وهذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم على أخذ العهد على الجاهل بالتعلم أو بيان لصحته، والمراد أن الله خلق الجاهل من العباد بعد وجود العالم كالقلم واللوح وسائر الملائكة وكخليفة اللة آدم بالنسبة إلى أولاده. 69 – م: قال الإمام عليه السلام قال علي بن الحسين عليهما السلام: في قوله تعالى: ولكم في القصاص حيوة يا اولي الألباب لعلكم تتقون. عباد الله هذا قصاص قتلكم لمن تقتلونه في الدنيا وتفنون روحه، أو لا انبئكم بأعظم من هذا القتل، وما يوجب الله على قاتله ما هو أعظم من هذا القصاص ؟ قالوا: بلى يا ابن رسول الله قال: أعظم من هذا القتل أن تقتله قتلا لا ينجبر ولا يحيا بعده أبدا. قالوا: ما هو ؟ قال ان يضله عن نبوة محمد صلى الله عليه واله وعن ولاية علي بن أبى طالب عليه السلام، ويسلك به غير سبيل الله، ويغويه باتباع طريق أعداء علي عليه السلام والقول بإمامتهم، ودفع علي عليه السلام عن حقه وجحد فضله فهذا هو القتل الذي هو تخليد هذا المقتول في نار جهنم، فجزاء هذا القتل مثل ذلك الخلود في نار جهنم. 70 – ضه: قال النبي صلى الله عليه واله: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له. 71 – ضه: قال النبي صلى الله عليه واله ساعة من عالم يتكئ على فراشه ينظر في عمله خير من عبادة العابد سبعين عاما.


(1) بضم الزاى المعجمة وكسر الراى المهملة نسبة إلى زرارة بن أعين، هو محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن أبو طاهر الزوارى، ثقة، عين، حسن الطريقة، وله إلى أبى محمد عليه السلام مسائل والجوابات، وله كتب: منها كتاب الاداب والمواعظ، وكتاب الدعاء، ولد سنة 237 ومات سنة 301، قال النجاشي في ص 245: وقال أبو غالب الزرارى ابن اينه ” المذكور في أول السند ” في رسالته: وكاتب الصاحب عليه السلام جدى محمد بن سليمان بعد موت أبيه الى أن وقعت الغيبة

[ 24 ]

72 – وقال صلى الله عليه واله: فضل العالم على العابد سبعين درجة بين كل درجتين حضر الفرس سبعين عاما، وذلك أن الشيطان يدع البدعة للناس فيبصرها العالم فينهى عنها والعابد مقبل على عبادته لا يتوجه لها ولا يعرفها. 73 – ضه: قال النبي صلى الله عليه واله ألا احدثكم عن أقوام ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم يوم القيامة الأنبياء والشهداء بمنازلهم من الله على منابر من نور (1)، فقيل: من هم يا رسول الله ؟ قال: هم الذين يحببون عباد الله إلى الله، ويحببون عباد الله إلي، قال: يأمرونهم بما يحب الله وينهونهم عما يكره الله، فإذا أطاعوهم أحبهم الله. 74 – غو قال النبي صلى الله عليه واله: إن الله لا ينتزع العلم انتزاعا ولكن ينتزعه بموت العلماء، حتى إذا لم يبق منهم أحد اتخذ الناس رؤساء جهالا: فافتوا الناس بغير علم فضلوا وأضلوا: 75 – ختص: قال العالم عليه السلام: من استن بسنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من اجورهم شئ، ومن استن بسنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ. 76 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من يشفع شفاعة حسنة، أو أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، أو دل على خير، أو أشار به فهو شريك، ومن أمر بسوء أو دل عليه، أو أشار به فهو شريك 77 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لم يمت من ترك أفعالا تقتدي بها من الخير، ومن نشر حكمة ذكر بها. 78 – ومنه عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أربع تلزم كل ذي حجى من امتي، قيل: وما هن يا رسول الله ؟ فقال: استماع العلم، وحفظه، والعمل به، ونشره. 79 – عدة: عن النبي صلى الله عليه واله قال: من الصدقة أن يتعلم الرجل العلم ويعلمه الناس.


(1) يمكن أن يكون المراد بالغبطة السرور دون تمنى المنزلة.

[ 25 ]

80 – وقال صلى الله عليه واله: زكاة العلم تعليمه من لا يعلمه. 81 – وعن الصادق عليه السلام لكل شئ زكاة وزكاة العلم أن يعلمه أهله. 82 – وقال صلى الله عليه واله: يا علي نوم العالم أفضل من عبادة العابد، يا علي ركعتان يصليهما العالم أفضل من سبعين ركعة يصليها العابد. 83 – منية المريد: قال رسول الله صلى الله عليه واله: رحم الله خلفائي. فقيل: يا رسول الله و من خلفاؤك ؟ قال: الذين يحيون سنتي، ويعلمونها عباد الله. 84 – وقال صلى الله عليه واله: فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد. 85 – وقال صلى الله عليه واله: إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا طمست أو شك أن تضل الهداة. 86 – وقال صلى الله عليه واله: يقول الله عز وجل للعلماء يوم القيامة: إني لم أجعل علمي و حكمي فيكم إلا وأنا اريد أن أغفر لكم على ما كان منكم ولا ابالي. 87 – وقال صلى الله عليه واله: ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر. 88 – وقال صلى الله عليه واله: ما أهدى المرء المسلم على أخيه هدية أفضل من كلمة حكمة يزيده الله بها هدى ويرده عن ردى. 89 – وقال صلى الله عليه واله: أفضل الصدقة أن يعلم المرء علما ثم يعلمه أخاه. 90 – وقال صلى الله عليه واله: العالم والمتعلم شريكان في الأجر ولا خير في سائر الناس. 91 – وقال مقاتل بن سليمان: وجدت في الإنجيل أن الله تعالى قال لعيسى عليه السلام: عظم العلماء وأعرف فضلهم فإني فضلتهم على جميع خلقي إلا النبيين والمرسلين كفضل الشمس على الكواكب، وكفضل الآخرة على الدنيا، وكفضلي على كل شئ (1). 92 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخل على أبي جعفر عليه السلام رجل فقال: رحمك الله احدث أهلي ؟ قال: نعم إن الله يقول: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس و الحجارة. وقال: وأمر أهلك بالصلوة واصطبر عليها.


(1) الجملة وإن امكن توجيهها بتكلف لكنها مما توهن الرواية اشد الوهن فان ظاهر معنى التشبيه لا يرجع إلى محصل. ط

[ 26 ]

(باب 9) * (استعمال العلم، والاخلاص في طلبه، وتشديد الامر على العالم) * الايات، البقرة: أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون 44 آل عمران: ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون 79. الشعراء: والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون 224، 225، 226 الزمر: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه اولئك الذين هديهم الله واولئك هم اولوا الألباب 17، 18 الصف: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون 2، 3 1 – لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن محمد بن سنان، عن المفضل قال: قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام: بم يعرف الناجي ؟ فقال: من كان فعله لقوله موافقا فهو ناج ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع (1). بيان: المستودع بفتح الدال: من استودع الإيمان أو العلم أياما ثم يسلب منه أي يتركه بأدنى فتنة. 2 – لى: في كلمات الرسول صلى الله عليه واله زينة العلم الإحسان. 3 – فس: في قوله تعالى: فكبكبوا فيها هم والغاوون. قال الصادق عليه السلام: نزلت في قوم وصفوا عدلا ثم خالفوه إلى غيره. 4 – وفي خبر آخر قال: هم بنو امية، والغاوون بنو فلان. بيان: قال الجوهري: كبه لوجهه أي صرعه، وكبكبه أي كبه، ومنه قوله تعالى


(1) يأتي الحديث مفصلا عن المحاسن تحت الرقم 17.

[ 27 ]

فكبكبوا فيها. أقول: ذكر أكثر المفسرين أن ضمير ” هم ” راجع إلى الآلهة، ولا يخفى أن ما ذكره عليه السلام أظهر. والعدل: كل أمر حق يوافق العدل والحكمة من الطاعات والأخلاق الحسنة والعقائد الحقة. 5 – فس: أبي، عن الاصفهاني، عن المنقري، عن حفص، قال قال أبو عبد الله عليه السلام: يا حفص ما أنزلت (1) الدنيا من نفسي إلا بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها، يا حفص إن الله تبارك وتعالى علم ما العباد (عليه) عاملون، وإلى ما هم صائرون، فخلم عنهم عند أعمالهم السيئة لعلمه السابق فيهم، فلا يغرنك حسن الطلب ممن لا يخاف الفوت. ثم تلى قوله تعالى: تلك الدار الآخرة. الآية. وجعل يبكي ويقول: ذهبت والله الأماني عند هذه الآية، ثم قال: فاز والله الأبرار، تدري من هم ؟ (هم) الذين لا يؤذون الذر كفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار بالله جهلا، يا حفص إنه يغفر الجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد، ومن تعلم وعمل وعلم لله دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، وعمل لله، وعلم لله. قلت: جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا ؟ فقال: فقد حد الله في كتابه فقال عز وجل: لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم. إن أعلم الناس بالله أخوفهم لله، وأخوفهم له أعلمهم به، وأعلمهم به أزهد هم فيها. فقال له رجل: يا بن رسول الله أوصني، فقال: اتق الله حيث كنت فإنك لا تستوحش. بيان: ما أنزلت الدنيا من نفسي لفظة من إما بمعنى في أو للتبعيض أي من منازل نفسي، كأن للنفس مواطن ومنازل للأشياء تنزل فيها على حسب درجاتها ومنازلها عند الشخص. قوله عليه السلام: ذهبت والله الأماني أي ما يرجوه الناس ويحكمونه ويتمنونه على الله بلا عمل، إذ الآية تدل على أن الدار الآخرة ليست إلا لمن لا يريد شيئا من العلو في الأرض والفساد، وكل ظلم علو، وكل فسق فساد. والذر: النمل الصغار، والمراد عدم إيذاء أحد من الناس، أو ترك إيذاء جميع المخلوقات حتى الذر، ولا ينافي ما ورد في بعض الأخبار من جواز قتل النمل وغيرها، إذ الجواز لا ينافي الكراهة، مع أنه يمكن حملها على ما إذا كانت موذية. قوله: لكيلا تأسوا أي لكيلا تحزنوا. قوله: فإنك لا تستوحش أي بل يكون الله تعالى أنيسك في كل حال.


(1) وفى النسخة المطبوع من التفسير: ما منزلة الدنيا.

[ 28 ]

6 – فس: أبي، عن الإصفهاني، عن المنقري، رفعه قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام فسأله عن مسائل، ثم عاد ليسأل عن مثلها، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: مكتوب في الانجيل: لا تطلبوا علم ما لا تعملون ولما عملتم بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد من الله إلا بعدا. ايضاح: لعل المراد النهى عن طلب علم لا يكون غرض طالبه العمل به، ولا يكون عازما على الإتيان به، ويحتمل أن يكون النهى راجعا إلى القيد، أي لا تكونوا غير عاملين بما علمتم حتى إذا طلبتم العلم الذي يلزمكم طلبه يكون بعد عدم العمل بما علمتم، فيكون مذموما من حيث عدم العمل لا من حيث الطلب. 7 – ب: ابن سعد، عن الأزدي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أبلغ موالينا عنا السلام وأخبرهم أنا لا نغني عنهم من الله شيئا إلا بعمل، وأنهم لن ينالوا ولايتنا إلا بعمل أو ورع، و أن أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره. تبيين: قال الجزري: يقال: أغن عني الشرك، أي أصرفه وكفه، ومنه قوله تعالى: لن يغنوا عنك من الله شيئا. (1) 8 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله، عن القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه واله فقال: يا رسول الله ما حق العلم ؟ قال: الإنصات له، قال: ثم مه ؟ قال الاستماع له، قال: ثم مه ؟ قال: الحفظ له، قال: ثم مه ؟ قال: ثم العمل به، قال: ثم مه ؟ قال ثم نشره. ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن ابن نهيك، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن القداح مثله. بيان: لعل سؤال السائل كان عما يوجب العلم، أو عن آداب طلب العلم، ويحتمل أن يكون غرضه استعلام حقيقته، فأجابه عليه السلام ببيان ما يوجب حصوله لأنه الذي ينفعه فالحمل على المبالغة. والإنصات: السكوت عند الاستماع فإن كثرة المجادلة عند العالم توجب الحرمان عن علمه.


(1) الجاثية: 19

[ 29 ]

9 – ن: الوراق، عن ابن مهرويه (1)، عن داود بن سليمان الغازي، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال: الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم، والعلم كله حجة إلا ما عمل به، والعمل كله رياء إلا ما كان مخلصا والإخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له. يد: محمد بن عمرو بن علي البصري، عن علي بن الحسن المثنى، عن ابن مهرويه مثله. بيان: لعل المراد بمواضع العلم الأنبياء والأئمة ومن اخذ عنهم العلم. 10 – ما. المفيد، عن ابن قولويه، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن هارون، عن ابن زياد قال سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام – وقد سئل عن قوله تعالى: قل فلله الحجة البالغة – فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت ؟ وإن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت حتى نعمل ؟ فيخصم فتلك الحجة البالغة. بيان: قوله: فيخصم. على البناء للمفعول، يقال: خاصمه فخصمه أي غلبه. 11 – ما: المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، والمفيد، عن ابن قولويه، عن أبيه جميعا، عن سعد، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن حفص قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من تعلم لله عز وجل، وعمل لله وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، وقيل: تعلم لله، وعلم لله (2). 12 – ما: بإسناد أخي دعبل، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لخيثمة: أبلغ شيعتنا أنه لا ينال ما عند الله إلا بالعمل، وأبلغ شيعتنا أن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره، وأبلغ شيعتنا أنهم إذا قاموا بما امروا أنهم هم الفائزون يوم القيامة. بيان: من وصف عدلا أي لغيره ولم يعمل به. ويحتمل أن يكون المراد أن يقول بحقية دين ولا يعمل بما قرر فيه من الأعمال.


(1) بفتح الميم وسكون الهاء وضم الراء، هو على بن مهرويه القزويني، قال الشيخ في فهرسه ص 97: على بن مهرويه القزويني له كتاب رواه أبو نعيم عنه. (2) الظاهر اتحاده مع الحديث الخامس من الباب وأنه قطعة منه.

[ 30 ]

13 – مع، ن: ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن حمدان بن سليمان، عن الهروي قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: رحم الله عبد أحيا أمرنا فقلت له: وكيف يحيي أمركم ؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا، قال: قلت يا ابن رسول الله فقد روي لنا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: من تعلم علما ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار. فقال عليه السلام: صدق جدي عليه السلام أفتدري من السفهاء ؟ فقلت: لا يا ابن رسول الله، قال: هم قصاص مخالفينا، وتدري من العلماء ؟ فقلت: لا يا ابن رسول الله، فقال: هم علماء آل محمد عليهم السلام الذين فرض الله طاعتهم وأوجب مودتهم، ثم قال: وتدري ما معنى قوله: أو ليقبل بوجوه الناس إليه ؟ قلت: لا، قال: يعني والله بذلك ادعاء الإمامة بغير حقها، ومن فعل ذلك فهو في النار. 14 – ثو: أبي، عن سعد، عن الإصبهاني، عن المنقرى، عن حفص، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عمل بما علم كفي ما لم يعلم. بيان: كفي ما لم يعلم أي علمه الله بلا تعب. 15 – سن: أبي، عن حماد، عن حريز، عن يزيد الصائغ، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا يزيد أشد الناس حسرة يوم القيامة الذين وصفوا العدل ثم خالفوه، وهو قول الله عز وجل: أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله. بيان: في جنب الله أي طاعة الله أو طاعة ولاة أمر الله الذين هم مقربوا جنابه فكأنهم بجنبه. 16 – سن: في رواية عثمان بن عيسى أو غيره، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: فكبكبوا فيها هم والغاوون. قال: من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره (1) 17 – سن: أبي، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسرة والندامة والويل كله لمن لينتفع بما أبصر، ومن لم يدر الأمر الذي هو عليه مقيم أنفع هو له أم ضرر ؟ قال قلت: فبما يعرف الناجي ؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا


(1) لعله متحد مع الحديث الثالث.

[ 31 ]

فأثبت له الشهادة بالنجاة، ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع (1). 18 – ضا: أروي من تعلم العلم ليماري به السفهاء، أو يباهي به العلماء، أو يصرف وجوه الناس إليه ليرئسوه ويعظموه فليتبوأ مقعده من النار. 19 – شا: في خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام تركنا صدرها: الحمد لله الذي هدانا من الضلالة، وبصرنا من العمى، ومن علينا بالإسلام، وجعل فينا النبوة، وجعلنا النجباء، وجعل أفراطنا أفراط الأنبياء، وجعلنا خيره امة اخرجت للناس، نأمر بالمعروف، وننهي عن المنكر، ونعبد الله ولا نشرك به شيئا، ولا نتخذ من دونه وليا، فنحن شهداء الله، والرسول شهيد علينا، نشفع فنشفع فيمن شفعنا له، وندعو فيستجاب دعاؤنا، ويغفر لمن ندعو له ذنوبه، أخلصنا لله فلم ندع من دونه وليا. أيها الناس تعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب. أيها الناس إني ابن عم نبيكم وأولاكم بالله ورسوله (2)، فاسألوني ثم اسألوني، وكأنكم بالعلم قد نفد، وإنه لا يهلك عالم إلا يهلك بعض علمه، وإنما العلماء في الناس كالبدر في السماء، يضيئ نوره على سائر الكواكب، خذوا من العلم مابدا لكم، وإياكم أن تطلبوه لخصال أربع: لتباهوا به العلماء، أو تمارو به السفهاء، أو تراؤوا به في المجالس، أو تصرفوا وجوه الناس إليكم للترؤس، لا يستوي عند الله في العقوبة الذين يعلمون و الذين لا يعلمون، نفعنا الله وإياكم بما علمنا، وجعله لوجهه خالصا إنه سميع مجيب. بيان: الفرط: العلم المستقيم يهتدى به، وما لم يدرك من الولد، والذي يتقدم الواردة ليهيأ لهم ما يحتاجون إليه. فقوله عليه السلام: وجعل أفراطنا أفراط الأنبياء أي جعل أولادنا أولاد الأنبياء، أي نحن وأولادنا من سلالة النبيين، أو المراد أن الهادي منا أي الإمام إمام للأنبياء، وقدوة لهم أيضا، أو شفعاؤنا شفعاء الأنبياء أيضا، كما قال النبي صلى الله عليه واله: أنا فرطكم على الحوض. 20 – مص: قال الصادق عليه السلام: العلم أصل كل حال سني، ومنتهى كل منزلة


(1) تقدم ذيله في الحديث الاول عن الامالى. (2) مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وآله في حقه: من كنت مولاه فهذا على مولاه.

[ 32 ]

رفيعة، لذلك قال النبي صلى الله عليه واله: طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة. أي علم التقوى واليقين. 21 – وقال علي عليه السلام اطلبوا العلم. ولو بالصين، وهو علم معرفة النفس، وفيه معرفة الرب عز وجل. 22 – قال النبي صلى الله عليه واله: من عرف نفسه فقد عرف ربه، ثم عليك من العلم بما لا يصح العمل إلا به، وهو الإخلاص. 23 – قال النبي صلى الله عليه واله: نعوذ بالله من علم لا ينفع، وهو العلم الذي يضاد العمل بالإخلاص، واعلم أن قليل العلم يحتاج إلى كثير العمل لأن علم ساعة يلزم صاحبه استعماله طول عمره. 24 – قال عيسى عليه السلام: رأيت حجرا مكتوبا عليه: قلبني، فقلبته فإذا على باطنه: من لا يعمل بما يعلم مشوم عليه طلب ما لا يعلم، ومردود عليه ما علم. 25 – أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام: إن أهون ما أنا صانع بعالم غير عامل بعلمه أشد من سبعين عقوبة أن اخرج من قلبه حلاوة ذكري، وليس إلى الله عز وجل طريق يسلك إلا بعلم، والعلم زين المرء في الدنيا وسائقه إلى الجنة، وبه يصل إلى رضوان الله تعالى، والعالم حقا هو الذي ينطق عنه أعماله الصالحة، وأوراده الزاكية وصدقه وتقواه، لا لسانه وتصاوله ودعواه، ولقد كان يطلب هذا العلم في غير هذا الزمان من كان فيه عقل ونسك وحكمة وحياء وخشية، وأنا أرى طالبه اليوم من ليس فيه من ذلك شئ، والعالم يحتاج إلى عقل ورفق وشفقة ونصح وحلم وصبر وبذل وقناعة، والمتعلم يحتاج إلى رغبة وإرادة وفراغ ونسك وخشية وحفظ وحزم. بيان: علم التقوى هو العلم بالأوامر والنواهي والتكاليف التي يتقى بها من عذاب الله، وعلم اليقين علم ما يتعلق من المعارف باصول الدين، ويحتمل أن يكون علم التقوى أعم منهما ويكون اليقين معطوفا على العلم وتفسيرا له أي العلم المأمور به هو اليقين. قوله عليه السلام: وفيه معرفة الرب أي معرفة الشؤون التي جعلها الله تعالى للنفس، ومعرفة معايبها وما يوجب رفعتها وكمالاتها يوجب اكتساب ما يوجب كمال معرفته تعالى


[ 33 ]

بحسب قابلية الشخص، ويوجب العلم بعظمته وكمال قدرته فإنها أعظم خلق الله إذا عرفت كما هي. أو المراد أن معرفة صفات النفس معيار لمعرفته تعالى إذ لولا اتصاف النفس بالعلم لم يمكن معرفة علمه بوجه، وكذا سائر الصفات، أو المراد أنه كل ما عرف صفة في نفسه نفاه عنه تعالى لأن صفات الممكنات مشوبة بالعجز والنقص، وأن الاشياء إنما تعرف بأضدادها، فإذا رأى الجهل في نفسه وعلم أنه نقص نزه ربه عنه، وإذا نظر في علمه ورأى أنه مشوب بأنواع الجهل، ومسبوق به ومأخوذ من غيره فنفى هذه الأشياء عن علمه تعالى، ونزهه عن الاتصاف بمثل علمه. وقيل: إن النفس لما كان مجردا يعرف بالتفكر في أمر نفسه ربه تعالى وتجرده، وقد عرفت ما فيه. (1) وقد ورد معنى آخر في بعض الأخبار لهذا الحديث النبوي، وهو أن المراد أن معرفته تعالى بديهية فكل من بلغ حد التميز وعرف نفسه عرف أن له صانعا. قوله عليه السلام: العالم حقا ” الخ ” أي العالم يلزم أن يكون أعماله شواهد علمه ودلائله، لا دعواه التي تكذبها أعماله القبيحة. و التصاول: التطاول والمجادلة، يقال: الفحلان يتصاولان أي يتواثبان. 26 – غو: عن النبي صلى الله عليه وآله العلم علمان: علم على اللسان فذلك حجة على ابن آدم، وعلم في القلب فذلك العلم النافع. (2) 27 – سر: من كتاب المشيخة لابن محبوب، عن الهيثم بن واقد (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه الله من الدنيا سالما إلى دار السلام. 28 – سر: من كتاب أبي القاسم بن قولويه عن أبي ذر قال: من تعلم علما من علم الآخرة يريد به الدنيا عرضا من عرض الدنيا لم يجد ريح الجنة. 29 – غو: عن النبي صلى الله عليه واله قال: إن العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه.


(1) إشارة إلى ما تقدم منه أن ظاهر الاخبار عدم كون النفس مجردة. والحق ان الكتاب والسنة يدلان على التجرد من غير شبهة وأما اصطلاح التجرد والمادية ونحوذ لك فمن الامور المحدثة. ط (2) تأتى أيضا مرسلة عن الكنز تحت الرقم 46 (3) هيثم على وزان حيدر قال النجاشي في ص 306 من رجاله: الهيثم بن واقد الجزرى روى عن أبى عبد الله عليه السلام له كتاب يرويه محمد بن سنان. وعنونه ابن داود في الباب الاول ووثقه.

[ 34 ]

بيان: يهتف بالعمل أي العلم طالب للعمل، ويدعو الشخص إليه، فإن لم يعمل الشخص بما هو مطلوب العلم ومقتضاه فارقه. 30 – غو: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه حدث عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، ورجل تارك لعلمه فهذا هالك، وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد أهل النار ندامة و حسرة رجل دعا عبدا إلى الله سبحانه فاستجاب له وقبل منه، فأطاع الله فأدخله الله الجنة، وأدخل الداعي النار بتركه علمه. (1) 31 – غو: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: منهومان لا يشبعان: طالب دنيا، وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما احل له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب أو يراجع، ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا، ومن أراد به الدنيا فهو حظه. بيان: قال الجوهري: النهمة: بلوغ الهمة في الشئ، وقد نهم فهو منهوم أي مولع انتهى. وقوله عليه السلام: أو يراجع يحتمل أن يكون الترديد من الراوي أو يكون ” أو ” بمعنى ” الواو ” أي يتوب إلى الله ويرد المال الحرام إلى صاحبه، أو تخص التوبة بما إذا لم يقدر على رد المال، والمراجعة بما إذا قدر عليه، وقرأ بعض الأفاضل على البناء للمفعول أي يراجع الله عليه بفضله ويغفر له بلا توبة. وقال: يمكن أن يقرأ على البناء للفاعل أي يراجع إلى الله بالأعمال الصالحة وترك أكثر الكبائر. 32 – م: هدى للمتقين. الذين يتقون الموبقات، ويتقون تسليط السفه على أنفسهم حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه عملوا بما يوجب لهم رضا ربهم. 33 – ضه: روي عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من طلب العلم لله لم يصب منه بابا إلا ازداد في نفسه ذلا، وفي الناس تواضعا، ولله خوفا


(1) لعله والحديث التى بعده متحد ان مع ما ياتي بعد ذلك من حديث سليم بن قيس تحت الرقم 38.

[ 35 ]

وفي الدين اجتهادا، وذلك الذي ينتفع بالعلم فليتعلمه، ومن طلب العلم للدنيا و المنزلة عند الناس والحظوة (1) عند السلطان لم يصب منه بابا إلا ازداد في نفسه عظمة، وعلى الناس استطالة، وبالله اغترارا، ومن الدين جفاءا، فلذلك الذي لا ينتفع بالعلم فليكف وليمسك عن الحجة على نفسه، والندامة والخزى يوم القيامة. بيان: الجفاء: البعد. 34 – ين: النضر، عن درست، عن ابن أبي يعفور، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من وصف عدلا وخالفه إلى غيره كان عليه حسرة يوم القيامة. 35 – ين: النضر، عن الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: فكبكبوا فيها هم والغاوون. قال: هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم، ثم خالفوا إلى غيره. 36 – ين: عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: فكبكبوا فيها هم والغاوون. فقال: يا أبا بصير هم قوم وصفوا عدلا وعملوا بخلافه. (2) 37 – أقول: وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي أنه قال: سمعت عليا 4 يقول: قال رسول الله صلى الله عليه واله: منهومان لا يشبعان: منهوم في الدنيا لا يشبع منها، ومنهوم في العلم لا يشبع منه، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك إلا أن يتوب ويراجع، ومن أخذ العلم من أهله وعمل به نجا، ومن أراد به الدنيا هلك وهو حظه، العلماء عالمان: عالم عمل بعلمه فهو ناج، وعالم تارك لعلمه فقد هلك، وإن أهل النار ليتأذون من نتن ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله فاستجاب له فأطاع الله فدخل الجنة، وأدخل الداعي إلى النار بتركه علمه واتباعه هواه، وعصيانه لله، إنما هما إثنان: إتباع الهوى، وطول


(1) بالحاء المهملة المفتوحة والمكسورة والظاء المعجمة الساكنة: المكانة والمنزلة عند الناس. (2) الظاهر اتحاده مع ما قبله ومع المرسلة التى تقدمت في الرقم الثالث. وتقدم تحت الرقم الرابع حديث يفسر الاية بالمعنى الاخر.

[ 36 ]

الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة. (1) أقول: تمامه في باب علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع من كتاب الفتن. 38 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل: يا رسول الله ما دخولهم في الدنيا ؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على أديانكم. 39 – وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه وما آتى الله عبدا علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله تعالى بعدا وازداد الله تعالى عليه غضبا. 40 – كتاب الدرة الباهرة: قال النبي صلى الله عليه واله: العلم وديعة الله في أرضه، والعلماء امناؤه عليه، فمن عمل بعلمه أدى أمانته، ومن لم يعمل بعلمه كتب في ديوان الخائنين. 41 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجعلوا علمكم جهلا ويقينكم شكا، إذا علمتم فاعملوا، وإذا تيقنتم فاقدموا. 42 – وقال عليه السلام: قطع العلم عذر المتعللين. 43 – وقال عليه السلام: العلم مقرو بالعمل، فمن علم عمل، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل عنه. 44 – وقال عليه السلام لجابر بن عبد الله الأنصاري: يا جابر قوام الدنيا بأربعة: عالم مستعمل علمه، وجاهل لا يستنكف أن يتعلم، وجواد لا يبخل بمعروفه، وفقير لا يبيع آخرته بدنياه، فإذا ضيع العالم علمه استنكف الجاهل أن يتعلم، وإذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه. 45 – وقال عليه السلام في بعض الخطب: واقتدوا بهدى نبيكم فإنه أفضل الهدى واستنوا بسنته فإنها أهدى السنن، وتعلموا القرآن فإنه أحسن الحديث، وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب، واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور، وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص، فإن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من


(1) تقدم الحديث مرسلة عن الغوالى تحت الرقم 30 و 31

[ 37 ]

جهله، بل الحجة عليه أعظم، والحسرة له ألزم، وهو عند الله ألوم. 46 – كنز الكراجكى: عن النبي صلى الله عليه واله، قال: العلم علمان: علم في القلب فذلك العلم النافع، وعلم في اللسان فذلك حجة على العباد (1). 47 – وقال صلى الله عليه واله: من ازداد في العلم رشدا فلم يزدد في الدنيا زهدا لم يزدد من الله إلا بعدا. 48 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: لو أن حملة العلم حملوه بحقه لأحبهم الله وملائكته وأهل طاعته من خلقه، ولكنهم حملوه لطلب الدنيا فمقتهم الله وهانوا على الناس. 49 – وقال عليه السلام: تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والحلم، ولا تكونوا جبابرة العلماء فلا يقوم علمكم بجهلكم. 50 – عدة: عن النبي صلى الله عليه واله قال: من ازداد علما ولم يزدد هدى لم يزدد من الله إلا بعدا. 51 – وروى حفص بن البختري قال: سمعت أبا عبد الله يقول: حدثني أبي عن آبائه عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لكميل بن زياد النخعي: تبذل ولا تشهر، ووار شخصك ولا تذكر، وتعلم واعمل، واسكت تسلم، تسر الأبرار، وتغيظ الفجار، ولا عليك إذا عرفك الله دينه أن لا تعرف الناس ولا يعرفوك. 52 – وروى هشام بن سعيد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: فكبكبوا فيها هم والغاوون. قال: الغاوون هم الذين عرفوا الحق وعملوا بخلافه. 53 – وقال عليه السلام: أشد الناس عذابا عالم لا ينتفع من علمه بشئ. 54 – وقال عليه السلام: تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا به لان العلماء همتهم الرعاية، والسفهاء همتهم الرواية. 55 – وقال صلى الله عليه واله: العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه، أتعب صاحبه نفسه في جمعه ولم يصل إلى نفعه.


(1) تقدم مرسلة أيضا عن الغوالى في الرقم 26.

[ 38 ]

56 – وقال صلى الله عليه واله: مثل الذي يعلم الخير ولا يعمل به مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه. 57 – منية المريد: من كلام المسيح عليه السلام: من علم وعمل فذاك يدعى عظيما في ملكوت السماء. 58 – وقال رسول الله صلى الله عليه واله: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة (1) يوم القيامة. 59 – وقال صلى الله عليه واله: من تعلم علما لغير الله، وأراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار. 60 – وقال صلى الله عليه واله: لا تعلموا العلم لتماروا به السفهاء، وتجادلوا به العلماء، و لتصرفوا وجوه الناس إليكم، وابتغوا بقولكم ما عند الله، فإنه يدوم ويبقى وينفد ما سواه كونوا ينابيع الحكمة، مصابيح الهدى، أحلاس البيوت، (2) سرج الليل، جدد القلوب (3)، خلقان الثياب، (4) تعرفون في أهل السماء، وتخفون في أهل الأرض. 61 – وقال صلى الله عليه واله: من طلب العلم لأربع دخل النار: ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه، أو يأخذ به من الامراء. 62 – وقال صلى الله عليه واله: ما ازداد عبد علما فازداد في الدنيا رغبة إلا ازداد من الله بعدا. 63 – وقال صلى الله عليه واله: كل علم وبال على صاحبه إلا من عمل به. 64 – وقال صلى الله عليه واله: أشد الناس عذابا يوم القيامة، عالم لم ينفعه علمه. 65 – وعن الباقر عليه السلام قال: من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار، إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها. 66 – ومن كلام عيسى عليه السلام تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل، ويلكم علماء السوء ! الأجر تأخذون


(1) العرف بفتح العين وسكون الراء: الرائحة. (2) جمع حلس – بكسر الحاء المهملة وسكون اللام وبالفتحتين -: ما يبسط في البيت على الارض تحت حر الثياب والمتاع، ولعله كناية عن التواضع وعدم التشهر في الناس. (3) الجدد: جمع الجديد، عكس القديم. (4) الخلقان – بضم الخاء المعجمة وسكون اللام: جمع الخلق – بفتح الخاء واللام -: أي البالى.

[ 39 ]

والعمل تضيعون !، يوشك رب العمل أن يطلب عمله، وتوشكون أن تخرجوا من الدنيا العريضة إلى ظلمة القبر وضيقه، الله نهاكم عن الخطايا كما أمركم بالصيام والصلاة، كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه، واحتقر منزلته، وقد علم أن ذلك من علم الله وقدرته ؟ وكيف يكون من أهل العلم من اتهم الله فيما قضى له فليس يرضى شيئا أصابه ؟ كيف يكون من أهل العلم من دنياه عنده آثر (1) من آخرته وهو مقبل على دنياه، وما يضره أحب إليه مما ينفعه ؟ كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به ولا يطلب ليعمل به ؟. 67 – ومن كلامه عليه السلام ويل للعلماء السوء تصلى (2) عليهم النار. ثم قال: اشتدت مؤونة الدنيا ومؤونة الآخرة: أما مؤونة الدنيا فإنك لا تمد يدك إلى شئ منها إلا فاجر قد سبقك إليه، وأما مؤونة الآخرة فإنك لا تجد أعوانا يعينونك عليها. 68 – وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا (3). 69 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام – في كلام له خطبه على المنبر -: أيها الناس إذا علمتم فأعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون، إن العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق عن جهله، بل قد رأيت الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ عن علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله، وكلاهما حائر بائر (4) لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم، فتدهنوا (5) ولا تدهنوا في الحق فتخسروا (6)، وإن من الحق أن تفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه،


(1) آثره إيثارا: اختاره، فضله. (2) صلى فلانا النار وفيها وعليها. أدخله إياها وأثواه فيها. (3) الحجر الصلد الضخم. (4) يقال: حائر وبائر. أي لا يطيع مرشدا ولا يتجه لشئ. (5) أي تخدعوا وتختلوا. (6) أي فتضلوا وتهلكوا.

[ 40 ]

وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه، ومن يطع الله يأمن ويستبشر، ومن يعص الله يخب (1) ويندم. 70 – وعن أبي عبد الله عليه السلام قال كان لموسى بن عمران عليه السلام جليس من أصحابه قد وعى علما كثيرا، فاستأذن موسى في زيارة أقارب له، فقال له موسى: إن لصلة القرابة لحقا، ولكن إياك أن تركن إلى الدنيا فإن الله قد حملك علما فلا تضيعه وتركن إلى غيره، فقال الرجل: لا يكون إلا خيرا، ومضى نحو أقاربه فطالت غيبته، فسأل موسى عليه السلام عنه فلم يخبره أحد بحاله، فسأل جبرئيل عليه السلام عنه، فقال له: أخبرني عن جليسي فلان ألك به علم ؟ قال: نعم هو ذا على الباب قد مسخ قردا في عنقه سلسلة، ففزع موسى عليه السلام إلى ربه وقام إلى مصلاه يدعو الله، ويقول: يا رب صاحبي وجليسي، فأوحى الله إليه يا موسى لو دعوتني حتى ينقطع ترقوتاك (2) ما استجبت لك فيه، إني كنت حملته علما فضيعه وركن إلى غيره. 71 – وقال أبو عبد الله عليه السلام: العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم، والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل. (باب 10) * (حق العالم) * الايات، الكهف: قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا. ” إلى قوله تعالى “: إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا 76 أقول: يظهر من كيفية معاشرة موسى عليه السلام مع هذا العالم الرباني وتعلمه منه أحكام كثيرة: من آداب التعليم والتعلم، من متابعة العالم، وملازمته لطلب العلم، وكيفية


(1) أي لم ينجح. (2) الترقوة: مقدم الحلق في أعلى الصدر حيث يترقى فيه النفس.

[ 41 ]

طلبه منه هذا الأمر مقرونا بغاية الأدب، مع كونه عليه السلام من اولى العزم من الرسل، و عدم تكليفه أن يعلمه جميع علمه بل قال: ” مما علمت، وتأديب المعلم للمتعلم، وأخذ العهد منه أولا، وعدم معصية المتعلم للمعلم، وعدم المبادرة إلى إنكار ما يراه من المعلم، والصبر على ما لم يحط علمه به من ذلك، وعدم المبادرة بالسؤال في الامور الغامضة، و عفو العالم عن زلة المتعلم في قوله: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني (1) من أمري عسرا. إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتدبر. 1 – لى: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن زياد الأزدي، عن أبان وغيره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني لأرحم ثلاثة وحق لهم أن يرحموا: عزيز أصابته مذلة بعد العز، وغني أصابته حاجة بعد الغنى، وعالم يستخف به أهله و الجهلة. ل: ابن الوليد عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عنه عليه السلام مثله. 2 – لى: ابن المتوكل، عن الحميري، عن أبي الخطاب، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم. 3 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن آبائه عليهم السلام أن النبي صلى الله عليه واله قال: ارحموا عزيزا ذل، وغنيا افتقر، وعالما ضاع في زمان جهال. 4 – ل: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن أحمد بن موسى بن عمر، عن ابن فضال، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاثة يشكون إلى الله عز وجل: مسجد خراب لا يصلي فيه أهله، وعالم بين جهال، ومصحف معلق قد وقع عليه غبار لا يقرا فيه. 5 – ما: جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن مسعر بن علي بن زياد المقري، عن جرير بن أحمد بن مالك الأيادي، قال: سمعت العباس بن المأمون يقول: قال لي علي بن


(1) أي لا تكلفني

[ 42 ]

موسى الرضا عليه السلام: ثلاثة موكل بها ثلاثة: تحامل الأيام على ذوي الأدوات الكاملة، واستيلاء الحرمان على المتقدم في صنعته، ومعاداة العوام على أهل المعرفة. بيان: قال الفيروز آبادي: تحامل عليه: كلفه ما لا يطيقه. والأدوات الكاملة كالعقل والعلم والسخاء من الكمالات التي هي وسائل السعادات، أو الأعم منها ومما هو من الكمالات الدنيوية كالمناصب والأموال، أي يحمل الأيام وأهلها عليهم فوق طاقتهم ويلتمسون منهم من ذلك ما لا يطيقون، ويحتمل أن يكون المراد جور الناس على أهل الحق ومغلوبيتهم. 6 – ضه، ل، لى: – سيجيئ في خبر الحقوق عن علي بن الحسين عليهما السلام -: وحق سائسك (1) بالعلم: التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، و أن تستر عيوبه، وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله جل اسمه لا للناس. 7 – ل، مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: غريبتان فاحتملوهما: كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها. 8 – ل: علي بن عبد الله الأسواري، عن أحمد بن محمد بن قيس، عن أبي يعقوب، عن علي بن خشرم، عن عيسى، عن أبي عبيدة، عن محمد بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إنما الخوف (2) على امتي من بعدي ثلاث خصال: أن يتأولوا القرآن على غير تأويله، أو يتبعوا زلة العالم، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا، وسانبئكم المخرج من ذلك: أما القرآن فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه، وأما العالم فانتظروا فيئه (3) ولا تتبعوا زلته، وأما المال فإن المخرج منه شكر النعمة وأداء حقه


(1) أي مؤدبك. (2) وفى نسخة: أتخوف. (3) وفى نسخة: فئته.

[ 43 ]

9 – سن: أبي، عن سليمان الجعفري، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي عليه السلام يقول: إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال، ولا تجر بثوبه، وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلم عليهم جميعا، وخصه بالتحية دونهم، واجلس بين يديه، ولا تجلس خلفه، ولا تغمز بعينيك، ولا تشر بيدك، ولا تكثر من قول قال فلان وقال فلان خلافا لقوله، ولا تضجر بطول صحبته، فإنما مثل العالم مثل النخلة ينتظر بها متى يسقط عليك منها شئ، والعالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله، وإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ إلى يوم القيامة. بيان: قوله عليه السلام: ولا تجر بثوبه، كناية عن الإبرام في السؤال، والمنع عن قيامه عند تبرمه. 10 – سن: أبي، عن سعدان (1)، عن عبد الرحيم بن مسلم (2)، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: من قام من مجلسه تعظيما لرجل ؟ قال: مكروه إلا لرجل في الدين. 11 – سن: بعض أصحابنا رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا جلست إلى العالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن القول، ولا تقطع على حديثه. 12 – شا: روى حارث الأعور، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: من حق العالم أن لا يكثر عليه السؤال، ولا يعنت في الجواب (3) ولا يلح عليه إذا كسل، ولا يؤخذ بثوبه إذا نهض، ولا يشار إليه بيد في حاجة، ولا يفشى له سر، ولا يغتاب عنده أحد، و يعظم كما حفظ أمر الله، ويجلس المتعلم أمامه، ولا يعرض من طول صحبته، وإذا جاءه طالب علم وغيره فوجده في جماعة عمهم بالسلام، وخصه بالتحية، وليحفظ شاهدا و غائبا، وليعرف له حقه، فإن العالم أعظم أجرا من الصائم القائم المجاهد في سبيل الله،


(1) هو سعدان بن مسلم المتقدم ذكره. (2) البجلى الجريرى، كوفى عده الشيخ من أصحاب الصادق عليه السلام. (3) أي لا يلزم العالم المتعلم ما يصعب عليه أداؤه، ويشق على المتعلم تحمله.

[ 44 ]

فإذا مات العالم ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها إلا خلف منه، وطالب العلم يستغفر له كل الملائكة، ويدعو له من في السماء والأرض. 13 – غو: قال الصادق عليه السلام: من أكرم فقيها مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عنه راض، ومن أهان فقيها مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان. 14 – وروي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: من علم شخصا (1) مسألة فقد ملك رقبته. فقيل له: يارسول الله أيبيعه ؟ فقال: لا ولكن يأمره وينهاه. 15 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن محمد بن معقل، عن محمد بن الحسن بن بنت إلياس، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: غريبان: كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها، فإنه لا حكيم إلا ذو عثرة، ولا سفيه إلا ذو تجربة. (2) 16 – الدرة الباهر: قال النبي صلى الله عليه واله: ارحموا عزيز قوم ذل، وغنى قوم افتقر، و عالما تتلاعب به الجهال. (3) 17 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجعلن ذرب لسانك على من أنطقك، و بلاغة قولك على من سددك. بيان: الذرابة: حدة اللسان، والذرب محركة: فساد اللسان، والغرض رعاية حق المعلم، وما ذكره ابن أبي الحديد من أن المراد بمن أنطقه ومن سدده هو الله سبحانه فلا يخفى بعده. 18 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تحقرن عبدا آتاه الله علما، فإن الله لم يحقره حين آتاه إياه. 19 – عدة: روى عبد الله بن الحسن بن علي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام أنه قال: إن من حق المعلم على المتعلم أن لا يكثر السؤال عليه، ولا يسبقه في الجواب، ولا يلح عليه إذا أعرض، ولا يأخذ بثوبه إذا كسل، ولا يشير إليه بيده، ولا يغمزه بعينه، ولا


(1) في نسخة: مسلما. (2) تقدم الحديث باسناد آخر تحت الرقم 7. (3) تقدم مسندا مع اختلاف تحت الرقم 3.

[ 45 ]

يشاور في مجلسه، ولا يطلب وراءه، وأن لا يقول: قال فلان خلاف قوله، ولا يفشي له سرا، ولا يغتاب عنده، وأن يحفظه شاهدا وغائبا، ويعم القوم بالسلام، ويخصه بالتحية، ويجلس بين يديه، وإن كان له حاجة سبق القوم إلى خدمته، ولا يمل من طول صحبته، فإنما هو مثل النخلة تنتظر متى تسقط عليك منها منفعة، والعالم بمنزلة الصائم المجاهد في سبيل الله، وإذا مات العالم انثلم (1) في الأسلام ثلمة لا تنسد إلى يوم القيامة، وإن طالب العلم يشيعه سبعون ألفا من مقربي السماء. وقال ابن عباس: ذللت طالبا فعززت مطلوبا. 20 – وعن النبي صلى الله عليه واله ليس من أخلاق المؤمن الملق إلا في طلب العلم. (باب 11) * (صفات العلماء وأصنافهم) * الايات، الكهف: فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما 65 الحج: وليعلم الذين اوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم 54 فاطر: إنما يخشى الله من عباده العلماء 28 1 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلى الله عليه واله قال: نعم وزير الإيمان العلم، ونعم وزير العلم الحلم. ونعم وزير الحلم الرفق: ونعم وزير الرفق اللين. بيان: الحلم والرفق واللين وإن كانت متقاربة في المعنى لكن بينها فرق يسير، فالحلم هو ترك مكافاة من يسيئ إليك والسكوت في مقابلة من يسفه عليك، ووزيره و معينه: الرفق أي اللطف والشفقة والإحسان إلى العباد، فإنه يوجب أن لا يسفه عليك ولا يسيئ إليك أكثر الناس، ووزيره ومعينه: لين الجانب وترك الخشونة والغلظة و إضرار الخلق. وفي الكافي: ونعم وزير الرفق الصبر. وفي بعض نسخه: العبرة.


(1) كذا في النسخ

[ 46 ]

2 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الفارسي، (1) عن الجعفري، عن أبيه، عن الصادق، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ما جمع شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم. لى: ابن شاذويه المؤدب، عن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن هارون، عن ابن صدقة، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام مثله. 3 – ل: سليمان بن أحمد اللخمي، عن عبد الوهاب بن خراجة، عن أبي كريب، عن علي بن حفص العبسي، عن الحسن بن الحسين العلوي، عن أبيه الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: والذي نفسي بيده ما جمع شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم. 4 – لى: ابن مسرور، عن محمد الحميري، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن زياد الأزدي، عن أبان بن عثمان، عن ابن تغلب (2)، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: طلبة هذا العلم على ثلاثة أصناف ألا فاعرفوهم بصفاتهم وأعيانهم: صنف منهم يتعلمون للمراء والجهل (3)، وصنف منهم يتعلمون للاستطالة والختل، وصنف منهم يتعلمون للفقه والعقل (4)، فأما صاحب المراء والجهل تراه مؤذيا مماريا للرجال في أندية المقال، قد تسر بل بالتخشع، وتخلى من الورع، فدق الله من هذا حيزومه، وقطع منه خيشومه. وأما صاحب الاستطالة والختل


(1) هو الحسن بن أبى الحسين الفارسى كما صرح به في الفصل الرابع، وعلى ما هو الموجود في الخصال المطبوع. وفى نسخة من الخصال: الحسين بن الحسن الفارسى، ولعله الصحيح وهو المترجم في الفهرست، قال الشيخ في الفهرست ص 55: الحسين بن الحسن الفارسى القمى، له كتاب، أخبرنا به عدة من أصحابنا، عن أبى المفضل، عن ابن بطة، عن أحمد بن أبى عبد الله، عن الحسين بن الحسن الفارسى. (2) وزان تضرب، هو أبان بن تغلب بن رباح، أبو سعيد البكري الجريرى، مولى بنى جرير ابن عبادة بن صبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكاشة بن صعب بن بكر بن وائل، وجلالة قدره ووثاقته وتبحره في العلوم مسلمة عند العامة والخاصة، فمن شاء أزيد من هذا فليراجع إلى مظانه. (3) وفى نسخة: يتعلمون العلم للمراء والجدال. (4) وفى نسخة: العمل.

[ 47 ]

فإنه يستطيل على أشباهه من أشكاله، ويتواضع للأغنياء من دونهم، فهو لحلوائهم هاضم، ولدينه حاطم (1)، فأعمى الله من هذا بصره، وقطع من آثار العلماء أثره، وأما صاحب الفقه والعقل (2) تراه ذا كأبة وحزن، قد قام الليل في حندسه وقد انحنى في برنسه، يعمل ويخشى، خائفا وجلا من كل أحد إلا من كل ثقة من إخوانه، فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه. 5 – ل: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن سعيد بن علاقة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: طلبة ” إلى آخر الخبر ” وفيه: يتعلمون العلم للمراء. بيان: روي في الكافي بأدنى تغيير بسند مرفوع عن أبي عبد الله عليه السلام. والمراء: الجدال. والجهل: السفاهة وترك الحلم، والختل بالفتح: الخدعة. والأندية جمع النادي وهو مجتمع القوم ومجلسهم. والسربال: القميص، وتسربل أي لبس السربال. والتخشع: تكلف الخشوع وإظهاره، وتخلا أي خلا جدا. قوله: فدق الله من هذا أي بسبب كل واحدة من تلك الخصال، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى الشخص فكلمة من تبعيضية. والحيزوم: ما استدار بالظهر والبطن، أو ضلع الفؤاد، أو ما اكتنف بالحلقوم من جانب الصدر. والخيشوم: أقصى الأنف. وهما كنايتان عن إذلاله. وفي الكافي: فدق الله من هذا خيشومه وقطع منه حيزومه. والمراد بالثاني قطع حياته. قوله: فهو لحلوائهم. أي لأطعمتهم اللذيذة. وفي بعض النسخ لحلوانهم أي لرشوتهم. والحطم: الكسر. والأثر: ما يبقى في الأرض عند المشى، وقطع الأثر إما دعاء عليه بالزمانة كما ذكره الجزري، أو بالموت ولعله أظهر. والكآبة بالتحريك والمد و بالتسكين: سوء الحال والإنكار من شدة الهم والحزن، والمراد حزن الآخرة. و الحندس بالكسر: الظلمة. وقوله: في حندسه بدل من الليل، ويحتمل أن يكون ” في ” بمعنى ” مع ” ويكون حالا من الليل. وقوله عليه السلام: قد انحنى للركوع والسجود كائنا في برنسه. والبرنس: قلنسوة طويلة كان يلبسها النساك في صدر الإسلام كما ذكره


(1) كذا في النسخ، والظاهر: لدينهم. (2) وفى نسخة: والعمل (*)

[ 48 ]

الجوهري، أو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره كما ذكره الجزري. وفي الكافي: قد تحنك في برسة. قوله يعمل ويخشى أي أن لا يقبل منه. قوله عليه السلام: فشد الله من هذا أركانه، أي أعضاءه وجوارحه، أو الأعم منها ومن عقله وفهمه و دينه وأركان إيمانه، والفرق بين الصنفين الأولين بأن الأول غرضه الجاه والتفوق بالعلم، والثاني غرضه المال والترفع به، أو الأول غرضه إظهار الفضل على العوام وإقبالهم إليه، والثاني قرب السلاطين والتسلط على الناس بالمناصب الدنيوية. 6 – ل، ن: أبي، عن الكميداني (1)، عن ابن عيسى، عن البزنطي قال: قال أبو الحسن عليه السلام: من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت، إن الصمت باب من أبواب الحكمة، إن الصمت يكسب المحبة، إنه دليل على كل خير. أقول: في ل: ثلاث من علامات. 7 – ما: المفيد، عن أبي حفص عمر بن محمد، عن علي بن مهرويه، عن داود بن سليمان الغازي، عن الرضا، عن آبائه، عن الحسين عليهم السلام قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: الملوك حكام على الناس، والعلم حاكم عليهم، وحسبك من العلم أن تخشى الله، وحسبك من الجهل أن تعجب بعلمك. بيان: حسبك من العلم أي من علامات حصوله، وكذا الفقرة الثانية. 8 – مع: أبي، عن محمد بن أبي القاسم، عن أبي سمينة، عن محمد بن خالد، عن بعض رجاله، عن داود الرقي، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حقا ؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: من لم يقنط الناس من رحمة الله ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى


(1) هو على بن موسى بن جعفر الكمندانى، كان من العدة التى روى عنهم محمد بن يعقوب الكليني، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وروى الصدوق، عن أبيه، عنه. وهو من مشائخ الاجازة. والكمندان اما بفتح الكاف والميم وسكون النون وفتح الدال المهملة على ما هو المنسوب إلى النجاشي. أو فتح الكاف وكسر الميم وسكون الياء وفتح الدال المهملة أو المعجمة – وهى المشهورة اليوم – منسوب إلى قرية من قرى قم.

[ 49 ]

غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقه. 9 – منية المريد: روى الحلبي في الصحيح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا اخبركم بالفقيه حق الفقيه، من لم يقنط الناس ” إلى قوله “: ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر. 10 – ل: العطار، عن أبيه، عن محمد بن أحمد، عن ابن معروف، عن ابن غزوان، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: صنفان من امتي إذا صلحا صلحت امتي، وإذا فسدا فسدت امتي، قيل: يا رسول الله ومن هما ؟ قال: الفقهاء والامراء. 11 – ل: أبي، عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد، عن علي بن السندي، عن محمد بن عمرو بن سعيد، عن موسى بن أكيل (1) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يكون الرجل فقيها حتى لا يبالي أي ثوبيه ابتذل ؟، وبما سد فورة الجوع ؟. بيان: ابتذال الثوب: امتهانه وعدم صونه، والبذلة: ما يمتهن من الثياب، و المراد أن لا يبالي أي ثوب لبس ؟ سواء كان رفيعا أو خسيسا، جديدا أو خلقا، ويمكن أن يقرأ ابتذل على البناء للمفعول، أي لا يبالي أي ثوب من أثوابه بلى وخلق ؟. وفورة الجوع: غليانه وشدته. 12 – ل: العسكري، عن أحمد بن محمد بن اسيد الإصفهاني، عن أحمد بن يحيى الصوفي، عن أبي غسان، عن مسعود بن سعد الجعفي، – وكان من خيار من أدركنا – عن يزيد ابن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أشد ما يتخوف على امتي ثلاثة: زلة عالم، أو جدال منافق بالقرآن، أو دينا تقطع رقابكم فاتهموها على أنفسكم. 13 – ل: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري، عن محمد بن جعفر المقري، عن محمد بن الحسن الموصلي، عن محمد بن عاصم الطريفي، عن عياش بن زيد بن الحسن، عن يزيد بن


(1) قال النجاشي في رجاله ص 291: موسى بن أكيل النميري كوفى، ثقة، روى عن أبى عبد الله عليه السلام. له كتاب يرويه جماعة.

[ 50 ]

الحسن قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عليهم السلام قال: الناس على أربعة أصناف: جاهل متردي معانق لهواه، وعابد متقوي كلما ازداد عبادة ازداد كبرا، وعالم يريد أن يوطأ عقباه ويحب محمدة الناس، وعارف على طريق الحق يحب القيام به فهو عاجز أو مغلوب، فهذا أمثل أهل زمانك وأرجحهم عقلا. بيان: التردي: الهلاك، والوقوع في المهالك التي يعسر التخلص منها كالمتردي في البئر. وقوله عليه السلام متقوي أي كثير القوة في العبادة، أو غرضه من العبادة طلب القوة والغلبة والعز، أو من قوي كرضي إذا جاع شديدا. قوله عليه السلام: فهو عاجز أي في بدنه، أو مغلوب من السلاطين خائف. فهذا أمثل أي أفضل أهل زمانك. 14 – ل: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن أبي عبد الله الرازي، عن ابن أبي عثمان، عن أحمد بن عمر الحلال (1)، عن يحيي بن عمران الحلبي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: سبعة يفسدون أعمالهم: الرجل الحليم ذو العلم الكثير لا يعرف بذلك ولا يذكر به، والحكيم الذي يدبر ما له كل كاذب منكر لما يؤتي إليه، والرجل الذي يأمن ذا المكر والخيانة، والسيد الفظ الذي لا رحمة له، والام التي لا تكتم عن الولد السر وتفشي عليه، والسريع إلى لائمة إخوانه، والذي يجادل أخاه مخاصما له. ايضاح: قوله لا يعرف بذلك أي لا ينشر علمه ليعرف به. وقوله: منكر لما يؤتي إليه: صفة للكاذب، أي كلما يعطيه ينكره ولا يقر به، أو لا يعرف ما احسن إليه. قال الفيروز آبادي: أتى إليه الشئ: ساقه إليه. وقوله: يأمن ذا المكر أي يكون آمنا منه لا يحترز من مكره وخيانته. قوله عليه السلام: والذي يجادل أخاه أي في النسب أو في الدين.


(1) بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام: بياع الشيرج وهو دهن السمسم، أورده النجاشي في ص 72 من رجاله وقال: أحمد بن عمر الحلال يبيع الحل يعنى الشيرج، روى عن الرضا عليه السلام، وله عنه مسائل. وقال العلامة في القسم الاول من الخلاصة: أحمد بن على الحلال – بالحاء غير المعجمة واللام المشددة – وكان يبيع الحل وهو الشيرج ثقة، قاله الشيخ الطوسى رحمه الله وقال: انه كان روى الاصل، فعندي توقف في قبول روايته لقوله هذا، وكان كوفيا أنماطيا من أصحاب الرضا عليه السلام.

[ 51 ]

فكل هؤلاء يفسدون مساعيهم وأعمالهم بترك متمماتها، فالعالم بترك النشر يفسد علمه، وذو المال يفسد ماله بترك الحزم، وكذا الذي يأمن ذا المكر يفسد ماله ونفسه وعزه ودينه. والسيد الفظ الغليظ يفسد سيادته ودولته أو إحسانه إلى الخلق والام تفسد رأفتها ومساعيها بولدها وكذا الأخيران. 15 – ل: العطار، عن أبيه وسعد، عن البرقي، عن ابن أبي عثمان، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن الأول، عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: عشرة يعنتون أنفسهم وغيرهم: ذو العلم القليل يتكلف أن يعلم الناس كثيرا، والرجل الحليم ذو العلم الكثير ليس بذى فطنة، والذي يطلب ما لا يدرك ولا ينبغي له، والكاد غير المتئد، والمتئد: الذى ليس له مع تؤدته علم، وعالم غير مريد للصلاح، ومريد للصلاح وليس بعالم، والعالم يحب الدنيا، والرحيم بالناس يبخل بما عنده، وطالب العلم يجادل فيه من هو أعلم فإذا علمه لم يقبل منه. توضيح: قال الفيروز آبادي: العنت محركة: الفساد والإثم والهلاك ودخول المشقة على الإنسان، وأعنته غيره. قوله: ليس بذي فطنة أي حصل علما كثيرا لكن ليس بذي فطانة وفهم يدرك حقائقها، فهو ناقص في جميعها. والتؤدة: الرزانة والتأني، والفعل: اتأد وتوأد. أي من يكد ويجد في تحصيل أمر لكن لا بالتأني بل بالتسرع وعدم التثبت، فهؤلاء لا يحصل لهم في سعيهم سوى العنت والمشقة. 16 – سن: أبي، عن فضالة، عن أبان بن عثمان، عن الفضل بن عبد الملك، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أبا جعفر عليه السلام سئل عن مسألة فأجاب فيها، فقال الرجل: إن الفقهاء لا يقولون هذا، فقال له أبي: ويحك إن الفقيه: الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، المتمسك بسنة النبي صلى الله عليه واله. 17 – سن: الوشاء، عن مثنى بن الوليد، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان في خطبة أبي ذر رحمة الله عليه: يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ومال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت عنهم إلى غيرهم، الدنيا والآخرة كمنزل تحولت منه إلى غيره، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت


[ 52 ]

منها يا مبتغى العلم إن قلبا ليس فيه شئ من العلم كالبيت الخرب لا عامر له بيان: لعل المراد بقوله: ما بين الموت والبعث أنه مع قطع النظر عن نعيم القبر وعذابه فهو سريع الانقضاء، وينتهي الأمر إلى العذاب أو النعيم بغير حساب، وإلا فعذاب القبر ونعيمه متصلان بالدنيا، فهذا كلام على التنزل (1)، أو يكون هذا بالنظر إلى الملهو عنهم لا جميع الخلق. 18 – مص: قال الصادق عليه السلام: الخشية ميراث العلم، والعلم شعاع المعرفة وقلب الإيمان، ومن حرم الخشية لا يكون عالما وإن شق الشعر في متشابهات العلم. قال الله عز وجل: إنما يخشى الله من عباده العلماء. وآفة العلماء ثمانية أشياء: الطمع، و البخل، والرياء، والعصبية. وحب المدح، والخوض فيما لم يصلوا إلى حقيقته، والتكلف في تزيين الكلام بزوائد الألفاظ، وقلة الحياء من الله، والافتخار، وترك العمل بما علموا. 19 – قال عيسى بن مريم عليه السلام: أشقى الناس من هو معروف عند الناس بعلمه مجهول بعمله. 20 – قال النبي صلى الله عليه واله: لا تجلسوا عند كل داع مدع يدعوكم من اليقين إلى الشك، ومن الإخلاص إلى الرياء، ومن التواضع إلى الكبر، ومن النصيحة إلى العداوة، ومن الزهد إلى الرغبة. وتقربوا إلى عالم يدعوكم من الكبر إلى التواضع، ومن الرياء إلى إلاخلاص، ومن الشك إلى اليقين، ومن الرغبة إلى الزهد، ومن العداوة إلى النصيحة. ولا يصلح لموعظة الخلق إلا من خاف هذه الآفات بصدقه، وأشرف على عيوب الكلام، وعرف الصحيح من السقيم وعلل الخواطر وفتن النفس والهوى.


(1) هذا منه رحمه الله عجيب فان كون الموت نوما والبعث كالانتباه عن النوم ليس مقصورا بكلام أبى ذر رحمه الله، والاخبار مستفيضة بذلك على ما سيأتي في ابواب البرزخ وسؤال القبر وغير ذلك، بل المراد ان نسبة الموت والبرزخ إلى البعث كنسبة النوم الى الانتباه بعده. وأعجب منه قوله ثانيا: أو يكون هذا بالنظر إلى الملهو عنهم لا جميع الخلق، فان ترك بعض الاموات ملهوا عنه مما يستحيل عقلا ونقلا، وما يشعر به من الروايات مؤول أو مطروح البتة. ط

[ 53 ]

21 – قال امير المؤمنين عليه السلام كن كالطبيب الرفيق (1) الذي يدع الدواء بحيث ينفع. ايضاح: قوله عليه السلام: العلم شعاع المعرفة أي هو نور شمس المعرفة ويحصل من معرفته تعالى، أو شعاع به يتضح معرفته تعالى، والأخير أظهر. وقلب الإيمان أي أشرف أجزاء الإيمان وشرائطه وبانتفائه ينتفي الإيمان. قوله عليه السلام: بصدقه إى خوفا صادقا، أو بسبب أنه صادق فيما يدعيه وفيما يعظ به الناس. 22 – شا: روى إسحاق بن منصور السكوني، عن الحسن بن صالح قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ما شيب شئ أحسن من حلم بعلم. 23 – جا: الجعابي، (2) عن ابن عقدة، عن محمد بن أحمد بن خاقان، عن سليم الخادم، عن إبراهيم بن عقبة، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إن صاحب الدين فكر فعلته السكينة، واستكان فتواضع، وقنع فاستغنى، ورضي بما اعطى، وانفرد فكفى الأحزان، ورفض الشهوات فصار حرا، وخلع الدنيا فتحامى الشرور، وطرح الحقد فظهرت المحبة، ولم يخف الناس فلم يخفهم، ولم يذنب إليهم فسلم منهم، وسخط نفسه عن كل شئ ففاز واستكمل الفضل، وأبصر العاقبة فآمن الندامة. بيان: فكر أي في خساسة أصله ومعائب وعاقبة أمره، أو في الدنيا وفنائها ومعائبها. فعلته أي غلبت عليه السكينة واطمئنان النفس وترك العلو والفساد وعدم الانزعاج عن الشهوات. واستكان أي خضع وذلت نفسه، وترك التكبر فتواضع عند الخالق


(1) وفى نسخة: الشفيق. (2) بكسر الجيم وفتح العين المهملة نسبة إلى صنع الجعاب وبيعها، وهى جمع الجعبة، وهى كنانة النبل، هو محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء بن سبرة بن يسار التميمي، أبو بكر المعروف بالجعابى الحافط الكوفى القاضى، كان من أساتيد الشيخ المفيد قدس سره، ترجمه العامة والخاصة في كتبهم مع اكباره والتصديق بفضله وتبحره وحفظه وتشيعه، قال السمعاني في انسابه بعد ما بالغ في الثناء على علمه وحفظه: وقال أبو عمر والقاسم بن جعفر الهاشمي: سمعت الجعابى يقول: أحفظ أربعمائة ألف حديث واذاكر بستمائة ألف، وكانت ولادته في صفر سنة 285 ومات ببغداد في النصف من رجب سنة 344 انتهى. وله في رجال النجاشي وغيره ذكر جميل ولعلنا نشير إليه فيما يأتي.

[ 54 ]

والخلق، وانفرد عن علائق الدنيا فارتفعت عنه أحزانه التي كانت تلزم لتحصيلها. قوله عليه السلام: فتحامى الشرور أي اجتنبها، قال الجوهري: تحاماه الناس أن توقوه واجتنبوه. قوله: عن كل شئ ” عن ” للبدل، أي بدلا عن سخط كل شئ، ولا يبعد أن يكون: وسخت نفسه. بالتاء المنقوط فصحف منهم. 24 – جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، قال: أخبرني ابن إسحاق الخراساني – صاحب كان لنا – قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا، ولا تداهنوا في الحق فتخسروا، وإن من الحزم أن تتفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه، من يطع الله يأمن ويرشد، ومن يعصه يخب ويندم، واسألوا الله اليقين، وارغبوا إليه في العافية، و خير ما دار في القلب اليقين، أيها الناس إياكم والكذب، فإن كل راج طالب وكل خائف هارب. بيان: لا ترتابوا أي لا تتفكروا فيما هو سبب للريب من الشبهة، أو لا ترخصوا لأنفسكم في الريب في بعض الأشياء فإنه ينتهي إلى الشك في الدين والشك فيه كفر. و لا ترخصوا لأنفسكم في ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أو مطلق الطاعات، فينتهي إلى المداهنة والمساهلة في الدين. ومن الفقه أن لا تغتروا أي بالعلم والعمل أو بالدنيا و زهراتها. قوله عليه السلام: إياكم والكذب أي في دعوى الخوف والرجاء بلا عمل فإن كل راج يعمل لما يرجوه وكل خائف يهرب مما يخاف منه. 25 – ضه: قال رسول الله صلى الله عليه واله: علماء هذه الامة رجلان: رجل آتاه الله علما فطلب به وجه الله والدار الآخرة وبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعا ولم يشتر به ثمنا قليلا، فذلك يستغفر له من في البحور، ودواب البحر والبر، والطير في جو السماء، ويقدم على الله سيدا شريفا، ورجل آتاه الله علما فبخل به على عباد الله، وأخذ عليه طمعا، واشترى به ثمنا قليلا، فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نار، وينادي ملك من الملائكة على رؤوس الأشهاد: هذا فلان بن فلان آتاه الله علما في دار الدنيا فبخل به على عباده، حتى يفرغ من الحساب.


[ 55 ]

منية المريد: عنه صلى الله عليه واله مثله إلى قوله: فبخل به على عباد الله، وأخذ عليه طمعا واشترى به ثمنا، وكذلك حتى يفرغ من الحساب. 26 – ختص: قال الرضا عليه السلام: من علامات الفقه الحلم والعلم والصمت. 27 – ختص: فرات بن أحنف قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: تبذل لا تشهر، ووار شخصك لا تذكر، وتعلم واكتم، واصمت تسلم، قال: وأومأ بيده إلى صدره فقال: يسر الأبرار، ويغيظ الفجار. بيان: قال الجزري: في حديث الاستسقاء: فخرج متبذلا التبذل: ترك التزين، والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع انتهى. أقول: يحتمل هنا معنى آخر بأن يكون المراد ابتذال النفس بالخدمة، وارتكاب خسائس الأعمال، والإيماء إلى الصدر لبيان تعيين الفرد الكامل من الأبرار. 28 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبد الرزاق بن سليمان، عن الفضل بن المفضل ابن قيس، عن حماد بن عيسى، عن ابن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعينه. 29 – ما: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أعظم الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره. بيان: أي بين للناس خيرا ولم يعمل به، أو قبل دينا حقا وأظهره ولم يعمل بمقتضاه. 30 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: يبعث الله المقنطين يوم القيامة مغلبة وجوههم يعني غلبة السواد على البياض فيقال لهم: هؤلاء: المقنطون من رحمة الله. 31 – ما: ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن محمد بن عيسى الضرير، عن محمد بن زكريا


[ 56 ]

المكي، عن كثير بن طارق، عن زيد، عن أبيه علي بن الحسين عليهما السلام قال: سئل علي بن أبي طالب عليه السلام: من أفصح الناس ؟ قال: المجيب المسكت عند بديهة السؤال. 32 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له: والناس منقوصون مدخولون إلا من عصم الله، سائلهم متعنت، ومجيبهم متكلف، يكاد أفضلهم رأيا يرده عن فضل رأيه الرضاء والسخط، ويكاد أصلبهم عودا تنكاه اللحظة وتستحيله الكلمة الواحدة. 33 – وقال عليه السلام: من نصب نفسه للناس إماما فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلم نفسه ومؤد بها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم. 34 – وقال عليه السلام: الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤيسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله. 35 – وقال عليه السلام: إن أوضع العلم ما وقف على اللسان، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان. 36 – وقال عليه السلام: إن من أحب عباد الله إليه عبدا أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، فزهر مصباح الهدى في قلبه، وأعد القرى ليومه النازل به، فقرب على نفسه البعيد، وهون الشديد، نظر فأبصر، وذكر فاستكثر، وارتوى من عذب فرات سهلت له موارده، فشرب نهلا، (1) وسلك سبيلا جددا، قد خلع سرابيل الشهوات، وتخلى من الهموم إلا هما واحدا انفرد به، فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى، ومغاليق أبواب الردى، قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره، وقطع غماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومن الحبال بأمتنها، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس، قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الامور من إصدار كل وارد عليه، وتصيير كل فرع إلى أصله، مصباح ظلمات، كشاف عشوات، (4) مفتاح مبهمات،


(1) بفتح النون والهاء. (2) الجدد بفتح الجيم والدال: الارض الغليظة المستوية. (3) وهو هم الاخرة، وما يطلب منه الرب تعالى، وما يوجب سعادته أو شقاوته. (4) أي ظلمات.

[ 57 ]

دفاع (1) معضلات، دليل فلوات، يقول فيفهم، ويسكت فيسلم، قد أخلص لله فاستخلصه، فهو من معادن دينه، وأوتاد أرضه، قد ألزم نفسه العدل، فكان أول عدله نفي الهوى عن نفسه، يصف الحق ويعمل به، لا يدع للخير غاية إلا أمها (2) ولا مظنة إلا قصدها، قد أمكن الكتاب من زمامه، فهو قائده وإمامه، يحل حيث حل ثقله، وينزل حيث كان منزله. وآخر قد تسمى عالما وليس به، فاقتبس جهائل من جهال، وأضاليل من ضلال، ونصب للناس أشراكا من حبال غرور وقول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، وعطف الحق على أهوائه، يؤمن من العظائم، ويهون كبير الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات وفيها وقع، ويقول: أعتزل البدع وبينها اضطجع، فالصورة صورة إنسان، والقلب قلب حيوان، لا يعرف باب الهدى فيتبعه، ولا باب العمى فيصد عنه، فذلك ميت الأحياء، فأين تذهبون ؟ وأنى تؤفكون ؟ والأعلام قائمة، والآيات واضحة، والمنار منصوبة. إلى آخر الخطبة. بيان: فاستشعر الحزن أي جعله شعارا له. وتجلبب الخوف أي جعله جلبابا، وهو ثوب يشمل البدن. فزهر أي أضاء. والقرى: الضيافة. فقرب على نفسه البعيد أي مثل الموت بين عينيه. وهون الشديد أي الموت ورضي به واستعد له، أو المراد بالبعيد أمله الطويل، وبتقريبه تقصيره له بذكر الموت. وهون الشديد أي كلف نفسه الرياضة على المشاق من الطاعات، وقيل: اريد بالبعيد رحمة الله أي جعل نفسه مستعدة لقبولها بالقربات وبالشديد عذاب الله فهونه بالأعمال الصالحة، أو شدائد الدنيا باستحقارها في جنب ما اعد له من الثواب. نظر أي بعينه فاعتبر، أو بقلبه فأبصر الحق. من عذب فرات أي العلوم الحقه، والكلمات الحقيقية، وقيل: من حب الله. فشرب نهلا أي شربا أولا سابقا على أمثاله. سبيلا جددا أي لا غبار فيه ولا وعث. والسربال: القميص. والردى: الهلاك وقطع غماره أي ما كان مغمورا فيه من شدائد الدنيا. من إصدار كل وارد عليه أي هداية الناس. وأنى تؤفكون أي تصرفون.


(1) بفتح الدال وتشديد الفاء: كثير الدفع. (2) أي قصدها.

[ 58 ]

37 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: العالم من عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، وإن أبغض الرجال إلى الله العبد وكله الله إلى نفسه جائرا عن قصد السبيل سائرا، إن دعي إلى حرث الدنيا عمل، وإلى حرث الآخرة كسل، كأن ما عمل له واجب عليه، وكأن ما ونى فيه ساقط عنه. بيان: قال ابن ميثم: من عرف قدره أي مقداره ومنزلته بالنسبة إلى مخلوقات الله تعالى، وأنه أي شئ منها، ولأي شئ خلق، وما طوره المرسوم في كتاب ربه، وسنن أنبيائه. وكأن ما ونى فيه أي ما فتر فيه وضعف عنه. 38 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: رأس العلم الرفق، وآفته الخرق (1). 39 – وقال عليه السلام: زلة العالم كانكسار السفينة تغرق وتغرق. 40 – وقال عليه السلام: الآداب تلقيح الأفهام، ونتائج الأذهان. وقال رحمه الله من عجيب ما رأيت واتفق لي أني توجهت يوما لبعض أشغالي وذلك بالقاهرة في شهر ربيع الآخر سنة ست وعشرين وأربعمائة، فصحبني في طريقي رجل كنت أعرفه بطلب العلم وكتب الحديث، فمررنا في بعض الأسواق بغلام حدث (2)، فنظر إليه صاحبي نظرا استربت منه، ثم انقطع عني ومال إليه وحادثه، فالتفتت انتظارا له فرأيته يضاحكه، فلما لحق بي عذلته (3) على ذلك، وقلت له: لا يليق هذا بك فما كان بأسرع من أن وجدنا بين أرجلنا في الأرض ورقة مرمية، فرفعتها لئلا يكون فيها اسم الله تعالى، فوجدتها قديمة فيها خط رقيق قد اندرس بعضه وكأنها مقطوعة من كتاب فتأملتها، فإذا فيها حديث ذهب أوله وهذه نسخته: قال: إني أنا أخوك في الإسلام، ووزيرك في الإيمان، وقد رأيتك على أمر لم يسعني أن أسكت فيه عنك، ولست أقبل فيه العذر منك، قال: وما هو ؟ حتى أرجع عنه وأتوب إلى الله تعالى منه، قال: رأيتك تضاحك حدثا غرا جاهلا بامور الله وما يجب من حدود الله، وأنت رجل قد رفع الله قدرك بما تطلب


(1) بضم الخاء وسكون الراء وفتحهما: ضد المرفق. (2) أي شاب. (3) أي لمته.

[ 59 ]

من العلم، وإنما أنت بمنزلة رجل من الصديقين، لأنك تقول: حدثنا فلان، عن فلان، عن رسول الله صلى الله عليه واله، عن جبرئيل، عن الله، فيسمعه الناس منك ويكتبونه عنك ويتخذونه دينا يعولون عليه، وحكما ينتهون إليه، وإنما أنهاك أن تعود لمثل الذي كنت عليه، فإني أخاف عليك غضب من يأخذ العارفين قبل الجاهلين، ويعذب فساق حملة القرآن قبل الكافرين. فما رأيت حالا أعجب من حالنا، ولا عظة أبلغ مما اتفق لنا، ولما وقف صاحبي اضطرب لها اضطرابا بان فيها أثر لطف الله تعالى لنا، وحدثني بعد ذلك أنه انزجر عن تفريطات كانت تقع منه في الدين والدنيا والحمد لله. 41 – عدة: في قول الله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء. قال: يعني من يصدق قوله فعله، ومن لم يصدق قوله فعله فليس بعالم. 42 – منية المريد: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن للعالم ثلاث علامات: العلم، والحلم، والصمت. وللمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فوقه بالمعصية، ويظلم من دونه بالغلبة، ويظاهر الظلمة (1). (باب 12) * (آداب التعليم) * الايات، الكهف: قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا 73 1 – ما: أبو المفضل الشيباني، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن العباد، عن محمد بن عبد الجبار السدوسي، عن علي بن الحسين بن عون بن أبي حرب بن أبي الأسود الدئلي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه أبي الأسود أن رجلا سأل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن سؤال فبادر فدخل منزله ثم خرج فقال: أين السائل ؟ فقال الرجل: ها، أنا يا أمير المؤمنين قال: ما مسألتك ؟ قال: كيت وكيت، فأجابه عن سؤاله، فقيل: يا أمير المؤمنين كنا عهدناك إذا سئلت عن المسألة كنت فيها كالسكة المحماة جوابا، فما بالك أبطأت اليوم عن جواب هذا


(1) أي يعاونهم.

[ 60 ]

الرجل حتى دخلت الحجرة ثم خرجت فأجبته ؟ فقال: كنت حاقنا ولا رأى لثلاثة: لا رأى لحاقن، ولا حازق، ثم أنشأ يقول: إذا المشكلات تصدين لي * كشفت حقائقها بالنظر وإن برقت في مخيل الصواب * عمياء لا يجتليها البصر مقنعة بغيوب الامور * وضعت عليها صحيح النظر (1) لسانا كشقشقة الأرحبي * أو كالحسام البتار الذكر وقلبا إذا استنطقته الهموم * أربى عليها بواهي الدرر ولست بإمعة في الرجال * اسائل هذا وذا ما الخبر ؟ (2) ولكنني مدرب الأصغرين * ابين مع ما مضى ما غبر بيان: قال الفيروز آبادي: كيت وكيت ويكسر آخرهما، أي كذا وكذا والتاء فيهما هاء في الأصل. والسكة: المسمار، والمراد هنا الحديدة التي يكوى بها، وهذا كالمثل في السرعة في الأمر، أي كالحديدة التي حميت في النار كيف يسرع في النفوذ في الوبر عند الكى، كذلك كنت تسرع في الجواب، وسيأتي في الأخبار: كالمسمار المحمرة في الوبر. قوله عليه السلام لا رأى لثلاثة الظاهر أنه سقط أحد الثلاثة من النساخ وهو الحاقب قال الجزرى: فيه لا رأى لحازق الحازق: الذي ضاق عليه خفه فخرق رجله، أي عصرها وضغطها، وهو فاعل بمعنى مفعول، ومنه الحديث الآخر: لا يصلي وهو حاقن أو حاقب أو حازق، وقال في حقب: فيه لا رأى لحاقب ولا لحاقن الحاقب: الذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرز فانحصر غائطه، وقال في حقن: فيه لا رأى لحاقن هو الذي حبس بوله كالحاقب للغائط انتهى. ويحتمل أن يكون المراد بالحاقن هنا حابس الأخبثين فهو في موضع إثنين منهما، ويقال: تصدى له أي تعرض. وقوله: إن برقت، أي تلألأت وظهرت. في مخيل الصواب أي في محل تخيل الأمر الحق أو التفكر في تحصيل الصواب من الرأى، وعمياء فاعل برقت وهي المسألة


(1) وفى نسخة: الفكر. (2) وفى نسخة: وماذا الخبر.

[ 61 ]

المشتبهة التي يشكل استعلامها، يقال: عمي عليه الأمر إذا التبس، ويقال: اجتليت العروس إذا نظرت إليها مجلوة، والمراد بالبصر بصر القلب، وقوله: مقنعة صفة اخرى لعمياء، أو حال عنها أي مستورة بالامور المغيبة المستورة عن عقول الخلق، وقال الجزري: في حديث علي عليه السلام: إن كثيرا من الخطب من شقاشق الشيطان، الشقشقة: الجلدة الحمراء التي يخرجها الجمل العربي من جوفه ينفخ فيها فتظهر من شدقه، ولا يكون إلا للعربي، كذا قال الهروي، وفيه نظر شبه الفصيح المنطيق بالفحل الهادر و لسانه بشقشقته. ثم قال: ومنه حديث علي عليه السلام في خطبة له، تلك شقشقة هدرت ثم قرت. ويروى له شعر فيه: لسانا كشقشقة الأرحبي أو كالحسام اليمان الذكر انتهى. فقوله عليه السلام: لسانا لعله مفعول فعل محذوف أي اظهر أو اخرج أو اعطيت، ويحتمل عطفها على صحيح الفكر، فحذف العاطف للضرورة، وقال الفيروز آبادي: بنو رحب محركة بطن من همدان، وأرحب قبيلة منهم أو محل أو مكان، ومنه النجائب الأرحبيات انتهى. فشبه عليه السلام لسانه بشقشقة الفحل الأرحبي النجيب. وفي النهاية: كالحسام اليمان أي السيف اليمنى فإن سيوف اليمن كانت مشهورة بالجودة، وفي المنقول عنه: البتار قال الفيروز آبادي: البتر: القطع أو مستأصلا، وسيف باتر وبتار وبتار كغراب وقال: الذكر: أيبس الحديد وأجوده، وهو أذكر منه: أحد. والمذكر من السيف ذو الماء. فتارة اخرى شبه عليه السلام لسانه بالسيف القاطع الأصيل الحديد الذي هو في غاية الجودة، و قوله عليه السلام: أربى أي زاد وضاعف عليها أي كائنا على الهموم. بواهي الدرر جمع باهية من البهاء بمعنى الحسن أي الدرر الحسنة، وهي مفعول أربى وفاعله الضمير الراجع إلى القلب. وقوله: مدرب الأصغرين في بعض النسخ بالذال المعجمة، يقال: في لسانه ذرابة أي حدة وفي بعضها بالدال المهملة، قال الفيروز آبادى: المدرب كمعظم: ؟ ؟، المجرب. والذربة بالضم: عادة وجرأة على الأمر، وقال: الأصغران: القلب واللسان. وفي بعض النسخ: أقيس بما قد مضى ما غبر. 2 – غو، ل، ف: في خبر الحقوق عن زين العابدين عليه السلام قال: وأما حق رعيتك


[ 62 ]

بالعلم فأن تعلم أن الله عز وجل إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم، وفتح لك من خزائنه، فإن أحسنت في تعليم الناس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم، زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك وخرقت بهم عند طلبهم العلم كان حقا على الله عز وجل أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط من القلوب محلك. بيان: الخرق: ترك الرفق، والغلظة، والسفاهة. والضجر: التبرم وضيق القلب عن كثرة السؤال. 3 – أقول: وجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبائي رحمه الله نقلا من خط الشهيد قدس سره، عن يوسف بن جابر، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: لعن رسول الله صلى الله عليه واله من نظر إلى فرج إمرأة لا تحل له، ورجلا خان أخاه في إمرأته، ورجلا احتاج الناس إليه ليفقههم فسألهم الرشوة. 4 – الدرة الباهرة: قال الصادق عليه السلام: من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحكم بما لا يعلم. 5 – منية المريد: عن محمد بن سنان رفعه قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام: يا معشر الحواريين (1) لي إليكم حاجة فاقضوها لي. قالوا: قضيت حاجتك يا روح الله، فقام فغسل أقدامهم، فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله، فقال: إن أحق الناس بالخدمة العالم، إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم، ثم قال عيسى عليه السلام: بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل. 6 – وعن أبي عبد الله عليه السلام في هذه الآية: ولا تصعر خدك للناس. قال: ليكن الناس عندك في العلم سواء. 7 – وعن النبي صلى الله عليه واله لينوا تعلمون ولمن تتعلمون منه. 8 – وقال رسول الله صلى الله عليه واله لأصحابه: إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا. 9 – وقال رحمه الله: يدعو عند خروجه مريدا للدرس بالدعاء المروي عن النبي صلى الله عليه واله


(1) حوارى الرجل: خاصته وناصره وخليله.

[ 63 ]

اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو اضل، وأزل أو ازل، وأظلم أو اظلم، وأجهل أو يجهل علي، عز جارك، وتقدست أسماؤك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك. ثم يقول: بسم الله، حسبي الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم ثبت جناني، وأدر الحق على لساني. 10 – وقال ناقلا عن بعض العلماء: يقول قبل الدرس: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو اضل، أو أزل أو ازل، أو أظلم أو اظلم، أو أجهل أو يجهل على، اللهم انفعني بما علمتني، وعلمني ما ينفعني، وزدني علما، والحمد لله على كل حال، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا تسمع. 11 – وروي أن من اجتمع مع جماعة ودعا يكون من دعائه: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا (1) ما أحييتنا، واجعلها الوارث منا، واجعل ثارنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل دنيانا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا. 12 – وروي عن النبي صلى الله عليه واله: أن الله يحب الصوت الخفيض، ويبغض الصوت الرفيع. 13 – وروي أن النبي صلى الله عليه واله كان إذا فرغ من حديثه وأراد أن يقوم من مجلسه يقول: اللهم اغفر لنا ما أخطأنا وما تعمدنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت. ويقول إذا قام من مجلسه: سبحانك اللهم و بحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. رواه جماعة من فعل النبي صلى الله عليه واله. 14 – وفي بعض الروايات أن الثلاث آيات كفارة المجلس. 15 – وروي أن أنصاريا جاء إلى النبي صلى الله عليه واله يسأله، وجاء رجل من ثقيف، فقال


(1) وفي نسخة: وقونا.

[ 64 ]

رسول الله صلى الله عليه واله: يا أخا ثقيف إن الأنصاري قد سبقك بالمسألة فاجلس كيما نبدئ بحاجة الأنصاري قبل حاجتك. (باب 13) * (النهى عن كتمان العلم والخيانة وجواز الكتمان عن غير أهله) * الايات، البقرة: ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون 42 ” وقال تعالى “: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون 159 ” وقال تعالى “: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون 146 ” وقال تعالى “: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا اولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار 174 آل عمران: يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون 71 ” وقال تعالى “: واذ أخذ الله ميثاق الذين اوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون 187 1 – جا: ابن قولويه، عن ابيه، عن سعد، عن البرقي، عن سليمان بن سلمة، عن ابن غزوان، وعيسى بن أبي منصور، عن ابن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: يجب أن يكتب هذا الحديث بماء الذهب. 2 – م: في قوله تعالى: هدى للمتقين قال: بيان وشفاء للمتقين من شيعة محمد و علي – صلوات الله عليهما -، إنهم اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا الذنوب الموبقات (1) فرفضوها، واتقوا إظهار أسرار الله تعالى وأسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد صلى الله عليه واله فكتموها، واتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها وفيهم نشروها. 3 – ج: عن عبد الله بن سليمان، قال كنت عند أبي جعفر عليه السلام، فقال له رجل من


(1) الموبقات أي المهلكات.

[ 65 ]

أهل البصرة يقال له: عثمان الأعمى: إن الحسن البصري (1) يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم من يدخل النار. فقال أبو جعفر عليه السلام: فهلك إذا مؤمن آل فرعون والله مدحه بذلك، وما زال العلم مكتوما منذ بعث الله عز وجل رسوله نوحا، فليذهب الحسن يمينا وشمالا فو الله ما يوجد العلم إلا ههنا، وكان عليه السلام يقول: محنة الناس علينا عظيمة، إن دعونا هم لم يجيبونا، وإن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا (2). 4 – لى: ابن شاذويه المؤدب، عن محمد الحميري، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن مدرك بن الهزهاز، قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: يا مدرك رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلينا فحدثهم بما يعرفون، وترك ما ينكرون (3). ل: أبي، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، مثله. 5 – كش: آدم بن محمد، عن علي بن محمد الدقاق، عن محمد بن موسى السمان، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن أخيه جعفر، قال: كنا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام وعنده


(1) هو الحسن بن يسار أبو سعيد بن أبي الحسن البصري الانصاري، نقل عن ابن حجر أنه قال في التقريب في حقه: ثقة فاضل مشهور وكان يرسل كثيرا ويدلس، وكان يروى عن جماعة لم يسمع منهم ويقول: حدثنا إنتهى. وقال تلميذه ابن أبى العوجاء الدهرى في حقه – لما قيل له: لم تركت مذهب صاحبك ؟ ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة – ما لفظه: إن صاحبي كان مخلطا، كان يقول طورا بالقدر وطورا بالجبر، وما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه. وقال ابن أبي الحديد: وممن قيل أنه كان يبغض عليا عليه السلام ويذمه: الحسن البصري، روى عنه حماد بن سلمة أنه قال: لو كان على يأكل الحشف في المدينة لكان خيرا له مما دخل فيه، وروى عنه أنه كان من المخذلين عن نصرته. أقول: روى الكشى في ص 64 من رجاله عن على بن محمد بن قتيبة قال: سئل أبو محمد الفضل بن شاذان عن الزهاد الثمانية فقال: الربيع بن خيثم، وهرم بن حنان، واويس القرنى، وعامر بن عبد قيس، فكانوا مع على عليه السلام ومن أصحابه، كانوا زهادا أتقياء، وأما أبو مسلم فانه كان فاجرا مرائيا وكان صاحب معاوية، وهو الذى يحث الناس على قتال على عليه السلام ” إلى أن قال “: والحسن كان يلقى أهل كل فرقة بما يهون، ويتصنع للرئاسة وكان رئيس القدرية. انتهى. ووردت أخبار متعددة في ذمه وتأتى ان شاء الله في محله، مات في رجب 110 وله 89 سنة. وياتى الحديث بسند آخر تحت الرقم 27. (2) يأتي الحديث في الرقم 13 من الباب الاتى عن البصائر. (3) يأتي الحديث بتمامه عن أمالى المفيد تحت الرقم 15.

[ 66 ]

يونس بن عبد الرحمن إذ استأذن عليه قوم من أهل البصرة، فأومأ أبو الحسن عليه السلام إلى يونس: ادخل البيت، فإذا بيت مسبل عليه ستر، وإياك أن تتحرك حتى يؤذن لك، فدخل البصريون فأكثروا من الوقيعة والقول في يونس (1)، وأبو الحسن عليه السلام مطرق حتى لما أكثروا، فقاموا وودعوا وخرجوا، فأذن يونس بالخروج فخرج باكيا، فقال: جعلني الله فداك إني احامي عن هذه المقالة، وهذه حالي عند أصحابي، فقال له أبو الحسن عليه السلام: يا يونس فما عليك مما يقولون إذا كان إمامك عنك راضيا ؟ يا يونس حدث الناس بما يعرفون، واتركهم مما، لا يعرفون كأنك تريد أن تكذب على الله في عرشه، يا يونس و ما عليك أن لو كان في يدك اليمنى درة ثم قال الناس: بعرة، أو بعرة وقال الناس: درة، هل ينفعك شيئا ؟ فقلت: لا، فقال: هكذا أنت يا يونس، إذا كنت على الصواب وكان إمامك عنك راضيا لم يضرك ما قال الناس. 6 – كش: حمدويه عن اليقطيني، عن يونس، قال: العبد الصالح عليه السلام: يا يونس ارفق بهم، فإن كلامك يدق عليهم قال: قلت: إنهم يقولون لي: زنديق، قال لي: ما يضرك أن تكون في يديك لؤلؤة فيقول لك الناس: هي حصاة، وما كان ينفعك إذا كان في يدك حصاة فيقول الناس: هي لؤلؤة. 7 – مع، لى: الوراق، عن سعد، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين ابن سعيد، عن الحارث بن محمد بن النعمان الأحول، عن جميل بن صالح، عن الصادق، عن آبائه عن النبي صلوات الله عليهم قال: إن عيسى بن مريم قام في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل لا تحدثوا بالحكمة الجهال فتظلموها (2)، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، ولا تعينوا الظالم على ظلمه فيبطل فضلكم، الخبر. 8 – لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن ابن مرار، عن يونس، عن غير واحد، عن الصادق عليه السلام قال: قام عيسى بن مريم عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل، لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم.


(1) أي فاكثروا من السب والعيب والغيبة. (2) لان الجهال ليست لهم أهلية ذلك فبيان الحكمة وحديثها لهم وضعها في غير موضعها ومحلها

[ 67 ]

9 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قوام الدين بأربعة: بعالم ناطق مستعمل له، وبغني لا يبخل بفضله على أهل دين الله، وبفقير لا يبيع آخرته بدنياه، و بجاهل لا يتكبر عن طلب العلم، فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغني بماله، وباع الفقير آخرته بدنياه، واستكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا إلى ورائها القهقرى، فلا تغرنكم كثرة المساجد وأجساد قوم مختلفة، قيل: يا أمير المؤمنين كيف العيش في ذلك الزمان ؟ فقال: خالطوهم بالبرانية – يعني في الظاهر – وخالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب، وهو مع من أحب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل. 10 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن العبيدي، عن الدهقان، عن درست، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة يذهبن ضياعا: مودة تمنحها من لا وفاء له، ومعروف عند من لا يشكر له، وعلم عند من لا استماع له، وسر تودعه عند من لا حصافة له. بيان: قال الفيروز آبادي: حصف ككرم: استحكم عقله فهو حصيف، وأحصف الأمر: أحكمه، وفي بعض النسخ من لا حفاظ له. 11 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من نكث بيعة أو رفع لواء ضلالة أو كتم علما أو اعتقل (1) مالا ظلما أو أعان ظالما على ظلمه وهو يعلم أنه ظالم فقد برئ من الإسلام. 12 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من كتم علما فكأنه جاهل. 13 – وقال عليه السلام: الجواد من بذل ما يضن بمثله (2). 14 – منية المريد: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قرأت في كتاب علي عليه السلام أن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال لأن العلم كان قبل الجهل. (3) * (هامش) (1) أي حبس. (2) أي ما يبخل بمثله، أو ما يختص به لنفاستها. (3) أورده الكليني مسندا في كتابه الكافي في باب بذل العلم باسناده عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن حازم، عن طلحة بن زيد، عن أبى عبد الله عليه السلام.


[ 68 ]

15 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن أبي علي محمد بن همام الإسكافي، عن الحميري عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن حديد، عن ابن عميرة، عن مدرك بن الهزهاز قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: يا مدرك إن أمرنا ليس بقبوله فقط، ولكن بصيانته وكتمانه عن غير أهله، اقرأ أصحابنا السلام ورحمة الله وبركاته، وقل لهم: رحم الله امرءا اجتر مودة الناس إلينا فحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون. (1) بيان: قال الفيروز آبادي: قرأ عليه: أبلغه، كأقرأه، ولا يقال: أقرأه إلا إذا كان السلام مكتوبا. 16 – كش: القتيبي، عن أبي جعفر البصري (2)، قال: دخلت مع يونس بن عبد الرحمن على الرضا عليه السلام فشكى إليه ما يلقى من أصحابه من الوقيعة، فقال الرضا عليه السلام: دارهم فإن عقولهم لا تبلغ (3). 17 – ما: المفيد، عن علي بن خالد المراغي، عن الحسن بن علي بن عمرو الكوفي، عن القاسم بن محمد بن حماد الدلال، عن عبيد بن يعيش، عن مصعب بن سلام، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: تناصحوا في العلم فإن خيانة أحدكم في علمه أشد من خيانته في ماله، وإن الله مسائلكم يوم القيامة. 18 – ما: بإسناد أخي دعبل، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لا خير في علم إلا لمستمع واع أو عالم ناطق. 19 – ما: الحفار، عن إسماعيل، عن محمد بن غالب بن حرب، عن علي بن أبي طالب البزاز، عن موسى بن عمير الكوفي، عن الحكيم بن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أيما رجل آتاه الله علما فكتمه وهو يعلمه لقى الله عز وجل يوم القيامة ملجما بلجام من نار.


(1) تقدم ذيله تحت الرقم 4. (2) هو محمد بن الحسن بن شمون. (3) تقدم عن الكشى نحوه مفصلا تحت الرقم 5.

[ 69 ]

20 – كش: جبرئيل بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح (1) المحاربي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جابر الجعفي وما روى، فلم يجبني وأظنه قال: سألته بجمع فلم يجبني فسألته الثالثة فقال لي: يا ذريح دع ذكر جابر، فان السفلة إذا سمعوا بأحاديثه شنعوا أو قال: أذاعوا (2). 21 – كش: علي بن محمد، عن محمد بن أحمد، عن ابن يزيد، عن عمرو بن عثمان، عن أبي جميلة، عن، جابر، قال: رويت خمسين ألف حديث ما سمعه أحد مني. 22 – كش: جبرئيل بن أحمد، عن اليقطيني، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة عن جابر، قال: حدثني أبو جعفر عليه السلام تسعين ألف حديث لم احدث بها أحدا قط، ولا احدث بها أحدا أبدا، قال جابر: فقلت لأبي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إنك قد حملتني وقرا عظيما بما حدثتني به من سركم الذي لا احدث به أحدا، فربما جاش في صدري حتى يأخذني منه شبه الجنون، قال: يا جابر فإذا كان ذلك فاخرج إلى الجبال (3): فاحفر حفيرة ودل رأسك فيها، ثم قل: حدثني محمد بن علي بكذا وكذا. 23 ما: جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن صالح بن فيض العجلي، عن أبيه، عن عبد العظيم الحسني، عن محمد بن علي الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إنا امرنا معاشر الأنبياء أن نكلم الناس بقدر عقولهم، قال: فقال النبي صلى الله عليه واله: أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرنا بإقامة الفرائض. 24 يد: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن علي بن سيف بن عميرة، عن محمد بن عبيد، قال: دخلت على الرضا عليه السلام فقال لي: قل للعباسي: يكف عن الكلام في التوحيد وغيره، ويكلم الناس بما يعرفون، ويكف عما ينكرون وإذا سألوك عن التوحيد فقل – كما قال الله عز وجل: قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وإذا سألوك عن الكيفية فقل: – كما قال الله عز وجل -: ليس كمثله


(1) وزان أمير ترجمه النجاشي في ص 117 من رجاله قال: ذريح بن يزيد أبو الوليد المحاربي عربي من بنى محارب بن خصفة، روى أبى عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام، ذكره ابن عقدة وابن نوح، له كتاب يرويه عدة من أصحابنا. (2) يأتي الحديث مع اختلاف في ألفاظه تحت الرقم 50. (3) وفى نسخة الجبان.

[ 70 ]

شئ. وإذا سألوك عن السمع فقل – كما قال الله عز وجل -: هو السميع العليم. كلم الناس بما يعرفون. 25 – شى: عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن الامور العظام التي تكون مما لم تكن فقال: لم يأن أوان كشفها بعد، وذلك قوله: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله. 26 – شى: عن حمران، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الامور العظام: من الرجعة وغيرها، فقال: إن هذا الذي تسألوني عنه لم يأت أوانه قال الله: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله. 27 – ير: محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن الحسين بن عثمان، عن يحيى الحلبي عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رجل – وأنا عنده -: إن الحسن البصري يروي أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: من كتم علما جاء يوم القيامة ملجما بلجام من النار. قال: كذب ويحه فأين قول الله ؟: وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله. ثم مد بها أبو جعفر عليه السلام صوته فقال: ليذهبوا حيث شاؤوا، أما والله لا يجدون العلم إلا ههنا، ثم سكت ساعة، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: عند آل محمد (1). اقول: قد أوردنا بعض أسانيد هذا الخبر في باب من يجوز أخذ العلم منه، وكثيرا من الأخبار في باب أن علمهم صعب مستصب. 28 – كش: جبرئيل بن أحمد، عن الشجاعي، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام وأنا شاب فقال: من أنت ؟ قلت: من أهل الكوفة جئتك لطلب العلم، فدفع إلى كتابا وقال لي: إن أنت حدثت به حتى تهلك بنو امية فعليك لعنتي ولعنة آبائي، وإن أنت كتمت منه شيئا بعد هلاك بني امية فعليك لعنتي ولعنة آبائي، ثم دفع إلى كتابا آخر ثم قال: وهاك هذا، فإن حدثت بشئ منه أبدا فعليك لعنتي ولعنة آبائي. 29 – كش: آدم بن محمد البلخي، عن علي بن الحسن بن هارون، عن علي بن أحمد،


(1) تقدم الحديث باسناد آخر تحت الرقم 3.

[ 71 ]

عن علي بن سليمان، عن ابن فضال، عن علي بن حسان، عن المفضل، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تفسير جابر قال: لا تحدث به السفلة فيذيعونه، أما تقرا في كتاب الله عز وجل: فإذا نقر في الناقور. إن منا إماما مستترا فإذا أراد الله إظهار أمره نكث في قلبه فظهر فقام بأمر الله. بيان: لعل المراد أن تلك الأسرار إنما تظهر عند قيام القائم عليه السلام ورفع التقية، ويحتمل أن يكون الاستشهاد بالآية لبيان عسر فهم تلك العلوم التى يظهرها القائم عليه السلام وشدتها على الكافرين، كما يدل عليه تمام الآية وما بعدها. 30 – ير: سلمة بن الخطاب، عن القاسم بن يحيى، عن جده، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خالطوا الناس بما يعرفون، ودعوهم مما ينكرون، ولا تحملوا على أنفسكم وعلينا، إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. 31 – ير: محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمرنا سر مستتر، وسر لا يفيده ؟ ؟ سر، وسر على سر، وسر مقنع بسر. 32 – ير: محمد بن أحمد، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن أحمد بن محمد، عن أبي اليسر، عن زيد بن المعدل، عن أبان بن عثمان، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إن أمرنا هذا مستور مقنع بالميثاق، من هتكه أذله الله. 33 – ير: روي عن ابن محبوب، عن مرازم، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن أمرنا هو الحق، وحق الحق، وهو الظاهر، وباطن الظاهر، وباطن الباطن، وهو السر، وسر السر، وسر المستسر (1)، وسر مقنع بالسر. 34 – ير: ابن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن حفص التمار قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، أيام صلب المعلى بن الخنيس قال: فقال لى: يا حفص إني أمرت المعلى بن خنيس بأمر فخالفني فابتلى بالحديد، إني نظرت إليه


(1) وفى نسخة: وسر المستتر.

[ 72 ]

يوما وهو كئيب حزين، فقلت له: ما لك يا معلى ؟ كأنك ذكرت أهلك ومالك وولدك وعيالك، قال: أجل، قلت: ادن مني، فدنا مني، فمسحت وجهه، فقلت: أين تراك ؟ قال أراني في بيتي، هذه زوجتي، وهذا ولدي، فتركته حتى تملأ منهم، واستترت منهم حتى نال منها ما ينال الرجل من أهله، ثم قلت له: ادن مني فدنا مني، فمسحت وجهه، فقلت: أين تراك ؟ فقال: أراني معك في المدينة، هذا بيتك، قال: قلت له: يا معلى إن لنا حديثا، من حفظ علينا حفظ الله عليه دينه ودنياه. يا معلى لا تكونوا أسرى في أيدي الناس بحديثنا، إن شاؤوا منوا عليكم، وإن شاؤوا قتلوكم. يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نورا بين عينيه، ورزقه الله العزة في الناس، ومن أذاع الصعب من حديثنا لم يمت حتى يعضه السلاح أو يموت كبلا (1). يا معلى بن خنيس وأنت مقتول فاستعد. كش: إبراهيم بن محمد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن ابن أبي الخطاب، مثله. 35 – سن: ابن يزيد، عن محمد بن جمهور القمي، رفعه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله إذا ظهرت البدعة في امتي فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله. غو: مثله مرسلا. 36 – سن: أبي، عن عبد الله بن المغيرة، ومحمد بن سنان، وطلحة بن زيد، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال عليه السلام: إن العالم الكاتم علمه يبعث أنتن أهل القيامة ريحا، تلعنه كل دابة حتى دواب الأرض الصغار. 37 – م: قال أبو محمد العسكري عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: من سئل عن علم فكتمه حيث يجب إظهاره، وتزول عنه التقية جاء يوم القيامة ملجما بلجام من النار، وقال أمير المؤمنين: إذا كتم العالم العلم أهله، وزها (2) الجاهل في تعلم ما لابد منه، وبخل الغني بمعروفه، وباع الفقير دينه بدنيا غيره جل البلاء وعظم العقاب.


(1) الكبل بفتح الكاف وكسر الباء وسكون الواو: القيد. الحبس. (2) الزهو: الفخر.

[ 73 ]

بيان: أقول بهذا الخبر يجمع بين أخبار هذا الباب، والذي يظهر من جميع الأخبار إذا جمع بعضها مع بعض أن كتمان العلم عن أهله وعمن لا ينكره ولا يخاف منه الضرر مذموم، وفي كثير من الموارد محرم. وفي مقام التقية، وخوف الضرر، أو الإنكار وعدم القبول، لضعف العقل أو عدم الفهم وحيرة المستمع، لا يجوز إظهاره، بل يجب أن يحمل على الناس ما تطيقه عقولهم، ولا تأبى عنه أحلامهم. 38 – سن: بعض أصحابنا، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل ليتكلم بالكلمة فيكتب الله بها إيمانا في قلب آخر، فيغفر لهما جميعا. 39 – غط: قرقارة، عن أبي حاتم، عن محمد بن يزيد الآدمي – بغدادي عابد -، عن يحيى بن سليم الطائفي، عن سميل بن عباد، قال: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت علي ابن أبي طالب عليه السلام يقول: أظلكم فتنة مظلمة عمياء مكتنفة لا ينجو منها إلا النومة، قيل: يا أبا الحسن وما النومة ؟ قال: الذي لا يعرف الناس ما في نفسه. بيان: قال الجزري: في حديث علي عليه السلام وذكر آخر الزمان والفتن ثم قال: خير ذلك الزمان كل مؤمن نومة، النومة بوزن الهمزة: الخامل الذكر الذي لا يؤبه له (1). وقيل: الغامض في الناس الذي لا يعرف الشر وأهله، وقيل: النومة بالتحريك: الكثير النوم، فأما الخامل الذي لا يوبه له فهو بالتسكين. ومن الأول حديث ابن عباس أنه قال لعلي عليه السلام: ما النومة ؟ قال الذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شئ. 40 – سن: أبي، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن حسين بن المختار، عن أبي اسامة زيد الشحام، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: امر الناس بخصلتين فضيعوهما فصاروا منهما على غير شئ: كثرة الصبر، والكتمان. 41 – سن: أبي، عن عبد الله بن يحيى، عن حريز بن عبد الله السجستاني، عن معلى ابن خنيس، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا معلى، اكتم أمرنا ولا تذعه، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله في الدنيا، وجعله نورا بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة. يا معلى من أذاع حديثنا وأمرنا ولم يكتمها أذله الله في الدنيا، ونزع النور من


(1) في الصحاح: يقال: فلان لا يؤبه به ولا يوبه له أي يبالى به.

[ 74 ]

بين عينيه في الآخره: وجعله ظلمة يقوده إلى النار، يا معلى إن التقية ديني ودين آبائي، ولا دين لمن لا تقية له. يا معلى إن الله يحب أن يعبد في السر كما يحب أن يعبد في العلانية. يا معلى إن المذيع لأمرنا كالجاحد به. 42 – كش: أحمد بن علي السكري، عن الحسين بن عبد الله، عن ابن اورمة (1) عن ابن يزيد. عن ابن عميرة، عن المفضل، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام يوم صلب فيه المعلى فقلت له: يا ابن رسول الله، ألا ترى هذا الخطب الجليل الذي نزل بالشيعة في هذا اليوم ؟ قال: وما هو ؟ قال: قلت: قتل المعلى بن خنيس قال: رحم الله المعلى قد كنت أتوقع ذلك لأنه أذاع سرنا، وليس الناصب لنا حربا بأعظم مؤونة علينا من المذيع علينا سرنا. فمن أذاع سرنا إلى غير أهله لم يفارق الدنيا حتى يعضه السلاح أو يموت بخيل (2). 43 – سن: ابن الديلمي، عن داود الرقي، ومفضل، وفضيل، قال: كنا جماعة عند أبي عبد الله عليه السلام في منزله يحدثنا في أشياء، فلما انصرفنا وقف على باب منزله قبل أن يدخل، ثم أقبل علينا فقال: رحمكم الله لا تذيعوا أمرنا ولا تحدثوا به إلا أهله، فإن المذيع علينا سرنا أشد علينا مؤونة من عدونا، انصرفوا رحمكم الله ولا تذيعوا سرنا. 44 – سن: ابن سنان، عن إسحاق بن عمار قال: تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية: ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. فقال: والله ما ضربوهم بأيديهم ولا قتلوهم بأسيافهم، ولكن سمعوا أحاديثهم فأذاعوها، فأخذوا عليها، فقتلوا، فصار ذلك قتلا واعتداءا ومعصية. شى: عن إسحاق مثله. 45 – سن: إبن فضال، عن يونس بن يعقوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما قتلنا من أذاع حديثنا خطأ ولكن قتلنا قتل عمد. 46 – سن: أبي، عن القاسم بن محمد، عن أبان، عن ضريس، عن عبد الواحد بن


(1) بضم الهمزة وسكون الواو وفتح الراء المهملة، هو احمد بن اورمة أبو جعفر القمى، شيخ، متعبد، كثير الرواية، ذو تصانيف كثيرة، رماه القميون بالغلو غير أن في كتبه كتاب الرد على الغلات. 2 – الخبل بالتحريك: فساد الاعضاء والفالج وقطع الايدى والارجل.

[ 75 ]

المختار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أن لألسنتكم أوكية (1) لحدث كل امرء بماله. 47 – سن: أبي، عن بكر بن محمد الأزدي، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لنا لن تخبرنا بما يكون كما كان علي عليه السلام يخبر أصحابه، فقال: بلى والله، ولكن هات حديثا واحدا حدثتكه فكتمته ؟ فقال أبو بصير: فو الله ما وجدت حديثا واحدا كتمته. 48 – سن: أبي، عن حماد بن عيسى، عن حسين بن مختار، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن حديث كثير، فقال: هل كتمت على شيئا قط ؟ فبقيت أتذكر، فلما رأى ما بي قال: أما ما حدثت به أصحابك فلا بأس، إنما الإذاعة أن تحدث به غير أصحابك. 49 – شى: عن محمد بن عجلان قال: سمعته يقول: إن الله عير قوما بالإذاعة فقال: وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به. فإياكم والإذاعة. 50 – كش: روي عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح المحاربي قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام بالمدينة: ما تقول في أحاديث جابر ؟ فقال: تلقاني بمكة، قال: فلقيته بمنى، فقال لي: ما تصنع بأحاديث جابر ؟ اله عن أحاديث جابر، فإنها إذا وقعت إلى السفلة أذاعوها. (2) 51 – كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن بعض أصحابنا، عن داود بن كثير، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا داود إذا حدثت عنا بالحديث فاشتهرت به فأنكره. 52 – كش: حمدويه، عن الحسن بن موسى، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد ابن منصور، عن علي بن سويد السائي قال: كتب إلى أبو الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس: لا تفش ما استكتمتك، اخبرك أن من أوجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئا ينفعه لا من دنياه ولا من آخرته.


(1) جمع الوكاء وهو ربط القربة ونحوها. (2) تقدم الحديث مع اختلاف في ألفاظه تحت الرقم 20 وذكرنا هنا ترجمة مختصرة لذريح.

[ 76 ]

53 – شى: عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى في علي عليه السلام. 54 – شى: عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب. يعني بذلك نحن، والله المستعان. 55 – شى: عن زيد الشحام قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن عذاب القبر قال: إن أبا جعفر عليه السلام حدثنا أن رجلا أتى سلمان الفارسي فقال: حدثني، فسكت عنه، ثم عاد فسكت، فأدبر الرجل وهو يقول ويتلو هذه الآية: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب. فقال له: أقبل إنا لو وجدنا أمينا لحدثناه، ولكن أعد لمنكر ونكير إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول الله صلى الله عليه واله، فإن شككت أو التويت ضرباك على رأسك بمطرقة (1) معهما، تصير منه رمادا، فقلت: ثم مه ؟ قال: تعود ثم تعذب، قلت: وما منكر ونكير ؟ قال: هما قعيدا القبر قلت: أملكان يعذبان الناس في قبورهم ؟ فقال: نعم. بيان: قال الجزري: القعيد: الذي يصاحبك في قعودك، فعيل بمعنى مفاعل. 56 – شى: عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قالت: قلت له: أخبرني عن قوله: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب. قال: نحن يعني بها، والله المستعان، إن الرجل منا إذا صارت إليه لم يكن له أو لم يسعه إلا أن يبين للناس من يكون بعده. (2) 57 – ورواه محمد بن مسلم قال: هم أهل الكتاب. 58 – شى: عن عبد الله بن بكير، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. قال: نحن هم. وقد قالوا: هوام الأرض. بيان: ضمير ” هم ” راجع إلى اللاعنين. قوله: وقد قالوا إما كلامه عليه السلام فضمير


(1) آلة من حديد ونحوه يضرب بها الحديد ونحوه. (2) تقدم مثله عن حمران تحت الرقم 54.

[ 77 ]

الجمع راجع إلى العامة، أو كلام المؤلف، أو الرواة، فيحتمل إرجاعه إلى أهل البيت عليهم السلام أيضا. 59 – كتاب النوادر: لعلي بن أسباط، عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: حملني حمل الباذل، قال: فقال لي: إذا تنفسخ. بيان: حمل الباذل أي حملا ثقيلا من العلم. إذا تنفسخ أي لا تطيق حمله وتهلك. 60 – نى: ابن عقدة، عن القاسم بن محمد بن الحسين بن حازم، عن عبيس بن هشام، عن ابن جبلة، عن معروف بن خربوذ، (1) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟ حدثوا الناس بما يعرفون وأمسكوا عما ينكرون. 61 – نى: الحسين بن محمد، عن يوسف بن يعقوب، عن خلف البزاز، عن يزيد بن هارون، عن حميد الطويل قال: سمعت أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: لا تحدثوا الناس بما لا يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله ؟. 62 – نى: ابن عقدة، عن ابن مهران، عن ابن البطائني، عن عبد الأعلى، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: يا عبد الأعلى إن احتمال أمرنا ليس معرفته وقبوله إن احتمال أمرنا هو صونه وسترته عمن ليس من أهله، فاقرأ هم السلام ورحمة الله – يعني الشيعة – وقل: قال لكم: رحم الله عبدا استجر مودة الناس إلى نفسه وإلينا، بأن يظهر لهم ما يعرفون ويكف عنهم ما ينكرون. (2) 63 – نى: ابن عقدة، عن محمد بن عبد الله، عن ابن فضال، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: ليس هذا الأمر معرفته وولايته فقط حتى تستره عمن ليس من أهله، وبحسبكم أن تقولوا ما قلنا، وتصمتوا عما صمتنا، فإنكم إذا قلتم ما نقول وسلمتم لنا فيما سكتنا عنه


(1) هو معروف بن خربوذ المكى الثقة، اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، وأقروا له بالفقه (2) متحد مع الحديث 64.

[ 78 ]

فقد آمنتم بمثل ما آمنا، وقال الله: فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا. قال علي ابن الحسين عليهما السلام: حدثوا الناس بما يعرفون، ولا تحملوهم ما لا يطيقون، فتغرونهم بنا. 64 – نى: ابن عقدة، عن عبد الواحد، عن محمد بن عباد، عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: إن احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله فاقرأهم السلام ورحمة الله – يعني الشيعة – وقل لهم: يقول لكم: رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلي وإلى نفسه يحدثهم بما يعرفون، ويستر عنهم ما ينكرون (1). 65 – نى: ابن عقدة، عن أحمد بن محمد الدينوري، عن علي بن الحسن الكوفي، عن عميرة بنت أوس قالت: حدثني جدي الخضر بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده عمرو ابن سعيد، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لحذيفة بن اليمان: يا حذيفة لا تحدث الناس بما لا يعلمون فيطغوا ويكفروا. إن من العلم صعبا شديدا محملة، لو حملته الجبال عجزت عن حمله، إن علمنا أهل البيت يستنكر ويبطل، وتقتل رواته، ويساء إلى من يتلوه بغيا وحسدا لما فضل الله به عترة الوصي وصي النبي صلى الله عليه واله. 66 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله: من كتم علما نافعا ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار (2). 67 – وروي عن علي عليه السلام أنه قال: ما أخذ الله على الجهال أن يتعلموا حتى أخذ على العلماء أن يعلموا (3). 68 – وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: من احتاج الناس إليه ليفقههم في دينهم فيسألهم الاجرة كان حقيقا على الله تعالى أن يدخله نار جهنم. 69 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله: لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم (4).


(1) الظاهر اتحاده مع الحديث 62. (2) تقدم نحو الحديث مسندا تحت الرقم 19. (3) تقدم عن منية المريد تحت الرقم 14، وأوردنا هنا اسناد الحديث من الكافي. ويأتى بسند آخر تحت الرقم 81. (4) تقدم الحديث مع اختلاف وزيادة مسندا تحت الرقم 7

[ 79 ]

(70) – نى: ابن عقدة، عن علي بن الحسن بن فضال، عن أخويه: أحمد ومحمد، عن أبيهما، عن ثعلبة، عن أبي كهمش، عن عمران بن ميثم، عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لشيعته: كونوا في الناس كالنحل في الطير، ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها، ولو يعلم ما في أجوافها لم يفعل بها ما يفعل. خالطوا الناس بأبدانكم، وزائلوهم بقلوبكم وأعمالكم، فان لكل امرئ ما اكتسب من الإثم، وهو يوم القيامة مع من أحب أما أنكم لن تروا ما تحبون وما تأملون يا معشر الشيعة حتى يتفل بعضكم في وجوه بعض، وحتى يسمي بعضكم بعضا كذابين، وحتى لا يبقى منكم على هذا الأمر إلا كالكحل في العين، والملح في الزاد، وهو أقل الزاد. 71 – ختص: قال أبو الحسن الماضي عليه السلام: قل الحق وإن كان فيه هلاكك فإن فيه نجاتك، ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك فان فيه هلاكك. 72 – وقال الصادق عليه السلام: ليس منا من أذاع حديثنا فإنه قتلنا قتل عمد لا قتل خطأ (1) 73 – ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن سلمة بن الخطاب، عن أحمد بن موسى، عن أبي سعيد الزنجاني، عن محمد بن عيسى، عن أبي سعيد المدائني، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ موالينا السلام وأعلمهم أن يجعلوا حديثنا في حصون حصينة، وصدور فقيهة، وأحلام رزينة، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما الشاتم لنا عرضا والناصب لنا حربا أشد مؤونة من المذيع علينا حديثنا عند من لا يحتمله. 74 – نى: محمد بن العباس الحسني، عن ابن البطائني، عن أبيه، عن محمد الحداد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من أذاع علينا حديثنا هو بمنزلة من جحدنا حقنا. 75 – نى: بهذا الإسناد، عن البطائني، عن الحسن بن السري قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إني لاحدث الرجل الحديث فينطلق فيحدث به عني كما سمعه، فأستحل به لعنه والبراءة منه. يريد عليه السلام بذلك أن يحدث به من لا يحتمله ولا يصلح أن يسمعه.


(1) تقدم نحو الحديث مسندا تحت الرقم 45.

[ 80 ]

76 – نى: بهذا الإسناد، عن البطائني، عن القاسم الصيرفي، عن ابن مسكان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قوم يزعمون أني إمامهم والله ما أنا لهم بإمام، لعنهم الله كلما سترت سترا هتكوه، أقول: كذا وكذا، فيقولون: إنما يعني كذا وكذا، إنما إنا إمام من أطاعني. 77 – نى: بهذا الإسناد، عن البطائني، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: سر أسره الله إلى جبرئيل، وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه واله، وأسره محمد صلى الله عليه واله إلى علي عليه السلام، وأسره علي عليه السلام إلى من شاء الله واحدا بعد واحد، وأنتم تتكلمون به في الطرق. 78 – نى: محمد بن همام، عن سهيل، عن عبد الله بن العلاء المدائني، عن إدريس ابن زياد الكوفي قال: حدثنا بعض شيوخنا، قال: قال: أخذت بيدك كما أخذ أبو عبد الله بيدي، وقال لي: يا مفضل، إن هذا الأمر ليس بالقول فقط لا والله حتى تصونه كما صانه الله، وتشرفه كما شرفه الله وتؤدي حقه كما أمر الله. 79 – نى: بهذا الإسناد، عن البطائني، عن حفص، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقال لي: يا حفص حدثت المعلى بأشياء فأذاعها فابتلى بالحديد. إني قلت له: إن لنا حديثا من حفظه علينا حفظه الله وحفظ عليه دينه ودنياه، ومن أذاعه سلبه الله دينه ودنياه. يا معلى إنه من كتم الصعب من حديثنا جعله الله نورا بين عينيه و رزقه العز في الناس، ومن أذاع الصغير من حديثنا لم يمت حتى يعضه السلاح، أو يموت متحيرا (1). 80 – كش: حمدويه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي بن إسماعيل، عن ابن مسكان، عن أبان بن تغلب، قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أقعد في المسجد فيجيئ الناس فيسألوني فان لم اجبهم لم يقبلوا مني، وأكره أن أجيبهم بقولكم وما جاء عنكم فقال لي: انظر ما علمت أنه من قولهم فأخبرهم بذلك. 81 – أقول: روى الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان عن الثعلبي بإسناده عن الحسن بن عمارة قال: أتيت الزهري بعد أن ترك الحديث، وألفيته (2) على بابه، فقلت:


(1) تقدم الحديث مفصلا عن البصائر تحت الرقم 34. (2) أي وجدته.

[ 81 ]

إن رأيت أن تحدثني فقال: أما علمت أني تركت الحديث ؟ فقلت: إما أن تحدثني و إما أن احدثك، فقال: حدثني فقلت: حدثني الحكم بن عتيبة، عن نجم الجزار، قال سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا. قال: فحدثني بأربعين حديثا. 82 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا خير في الصمت عن الحكم كما أنه لا خير في القول بالجهل. 83 – وقال عليه السلام: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا (1). 84 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام، شكر العالم على علمه أن يبذله لمن يستحقه. (باب 14) * (من يجوز أخذ العلم منه ومن لا يجوز، وذم التقليد والنهى عن متابعة) * * (غير المعصوم في كل ما يقول، ووجوب التمسك بعروة اتباعهم) * * (عليهم السلام، وجواز الرجوع إلى رواة الاخبار والفقهاء الصالحين) * الايات، المائدة: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون 107 الاعراف: وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا 27 يونس: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون 35 ” وقال تعالى “: قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا 78 مريم: يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا 43 الشعراء: قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون 74


(1) تقدم الحديث بسند رجاله عامى تحت الرقم 81 وتقدم ايضا تحت الرقم 67، وأوردنا سندا آخر رجاله من الخاصة ذيل الرقم 14.

[ 82 ]

لقمان: وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أو لو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير 21 الصافات: إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون 69، 70 الزمر: والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى 17 الزخرف: وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على امة وإنا على آثارهم مقتدون 23 1 – كش: محمد بن سعد الكشي (1)، ومحمد بن أبي عوف البخاري، عن محمد بن أحمد ابن حماد المروزي، رفعه قال: قال الصادق عليه السلام: اعرفوا منازل شيعتنا بقدر ما يحسنون من رواياتهم عنا، فإنا لا نعد الفقيه منهم فقيها حتى يكون محدثا، فقيل له: أو يكون المؤمن محدثا ؟ قال: يكون مفهما، والمفهم محدث. 2 – كش: حمدويه وإبراهيم إبنا نصير، عن محمد بن إسماعيل الرازي، عن علي بن حبيب المدائني، عن علي بن سويد السائي قال: كتب إلى أبو الحسن الأول وهو في السجن: وأما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك ؟ لا تأخذن معالم دينك عن غير شيعتنا فإنك إن تعديتهم أخذت دينك عن الخائنين الذين خانوا الله ورسوله وخانوا أماناتهم، إنهم اؤتمنوا على كتاب الله جل وعلا فحرفوه وبدلوه، فعليهم لعنة الله ولعنة رسوله وملائكته ولعنة آبائي الكرام البررة ولعنتي ولعنة شيعتي إلى يوم القيامة. 3 – كش: جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر بن وهب، عن أحمد بن حاتم بن ماهويه (2) قال: كتبت إليه يعني أبا الحسن الثالث عليه السلام أسأله عمن آخذ معالم ديني ؟ وكتب أخوه أيضا بذلك، فكتب إليهما: فهمت ما ذكرتما، فاعتمدا في دينكما على مسن في حبكما وكل كثير القدم في أمرنا، فإنهم كافوكما إن شاء الله تعالى. 4 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، بإسناده يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لرجل من أصحابه: لا تكون إمعة (3) تقول: أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس.


(1) وفى نسخة: محمد بن سعيد الكشى. (2) بفتح الهاء أو بالسكون ثم الواو المكسورة. (3) خبر اريد به النهى.

[ 83 ]

اقول: قد أثبتنا ما يناسب هذا الباب في باب ذم علماء السوء 5 – مع: ماجيلويه، عن عمه، عن محمد بن علي الكوفي، عن حسين بن أيوب بن أبي غفيلة الصيرفي، عن كرام الخثعمي، عن الثمالي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إياك و الرئاسة، وإياك أن تطأ أعقاب الرجال، فقلت: جعلت فداك: أما الرئاسة فقد عرفتها وأما أن أطأ أعقاب الرجال فما ثلثا ما في يدي إلا مما وطئت أعقاب الرجال، فقال: ليس حيث تذهب، إياك أن تنصب رجلا دون الحجة فتصدقه في كل ما قال. بيان: ظن السائل أن مراده عليه السلام بوطئ أعقاب الرجال مطلق أخذ العلم عن الناس فقال عليه السلام: المراد أن تنصب رجلا غير الحجة فتصدقه في كل ما يقول برأيه من غير أن يسند ذلك إلى المعصوم عليه السلام فأما من يروي عن المعصوم أو يفسر ما فهمه من كلامه لمن ليس له صلاحية فهم كلامه من غير تلقين فالأخذ عنه كالأخذ عن المعصوم، ويجب على من لا يعلم الرجوع إليه ليعرف أحكام الله تعالى. 6 – مع: أبي، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن أبي حفص محمد بن خالد، عن أخيه سفيان بن خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا سفيان إياك والرئاسة، فما طلبها أحد إلا هلك، فقلت له: جعلت فداك قد هلكنا إذا، ليس أحد منا إلا وهو يحب أن يذكر ويقصد ويؤخذ عنه، فقال ليس حيث تذهب إليه، إنما ذلك أن تنصب رجلا دون الحجة فتصدقه في كل ما قال، وتدعو الناس إلى قوله. 7 – مع: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن زياد، قال: قال الصادق عليه السلام: كذب من زعم أنه يعرفنا وهو مستمسك بعروة غيرنا. 8 – م: قال أبو محمد العسكري عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه واله: أن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء فإذا لم ينزل عالم إلى عالم يصرف عنه طلاب حطام الدنيا (1) وحرامها، ويمنعون الحق أهله، ويجعلونه لغير أهله، واتخذ الناس رؤساء جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.


(1) حطام الدنيا: متاعه وما فيها من مال كثير أو قليل.

[ 84 ]

9 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودتنا، إياكم وأصحاب الرأى فإنهم أعداء السنن، تفلتت منهم الأحاديث أن يحفظوها، وأعيتهم السنة أن يعوها، فاتخذوا عباد الله خولا، وماله دولا، فذلت لهم الرقاب، وأطاعهم الخلق أشباه الكلاب، ونازعوا الحق أهله، وتمثلوا بالأئمة الصادقين وهم من الكفار الملاعين، فسئلوا عما لا يعملون فأنفوا أن يعترفوا بأنهم لا يعلمون، فعارضوا الدين بآرائهم فضلوا وأضلوا. أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما. 10 – وقال الرضا عليه السلام: قال علي بن الحسين عليهما السلام: إذا رأيتم الرجل قد حسن سمته وهديه، وتماوت في منطقه، وتخاضع في حركاته، فرويدا لا يغرنكم، فما أكثر من يعجزه تناول الدنيا وركوب الحرام منها لضعف نيته ومهانته وجبن قلبه فنصب الدين فخالها (1)، فهو لا يزال يختل الناس بظاهره فإن تمكن من حرام اقتحمه. وإذا وجدتموه يعف عن المال الحرام فرويدا لا يغرنكم فإن شهوات الخلق مختلفة فما أكثر من ينبو (2) عن المال الحرام وإن كثر، ويحمل نفسه على شوهاء قبيحة فيأتي منها محرما. فإذا وجدتموه يعف عن ذلك فرويدا لا يغركم حتى تنظروا ما عقده عقله، فما أكثر من ترك ذلك أجمع، ثم لا يرجع إلى عقل متين، فيكون ما يفسده بجهله أكثر مما يصلحه بعقله، فإذا وجدتم عقله متينا فرويدا لا يغركم حتى تنظروا أمع هواه يكون على عقله ؟ أو يكون مع عقله على هواه ؟ وكيف محبته للرئاسات الباطلة وزهده فيها فإن في الناس من خسر الدنيا والآخرة يترك الدنيا للدنيا، ويرى أن لذة الرئاسة الباطلة أفضل من لذة الأموال والنعم المباحة المحللة، فيترك ذلك أجمع طلبا للرئاسة، حتى إذا قيل له: اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد. فهو يخبط خبط عشواء يقوده أول باطل إلى أبعد غايات الخسارة، ويمده ربه بعد طلبه لما لا يقدر عليه في طغيانه. فهو يحل ما حرم الله، ويحرم ما أحل الله، لا يبالي بما فات من دينه إذا سلمت له رئاسته التي قد يتقي من أجلها، فاولئك الذين غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذابا مهينا.


(1) الفخ: الة يصاد بها. (2) أي من ينفر عنه ولا يقبل إليه.

[ 85 ]

ولكن الرجل كل الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعا لأمر الله، وقواه مبذولة في رضى الله، يرى الذل مع الحق أقرب إلى عز الأبد من العز في الباطل، ويعلم أن قليل ما يحتمله من ضرائها يؤديه إلى دوام النعيم في دار لا تبيد ولا تنفد، وإن كثير ما يلحقه من سرائها إن اتبع هواه يؤديه إلى عذاب لا انقطاع له ولا يزول، فذلكم الرجل نعم الرجل، فبه فتمسكوا، وبسنته فاقتدوا، وإلى ربكم به فتوسلوا، فإنه لا ترد له دعوة، ولا تخيب له طلبة. (1) 11 – ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري، عن الرضا عليهما السلام أنه قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: إذا رأيتم الرجل. إلى آخر الخبر. بيان: قوله عليه السلام: فإذا لم ينزل عالم إلى عالم من باب الإفعال أو التفعيل أي إذا لم يعلم العالم علمه، إما للتقية أو لعدم قابلية المتعلمين، فمات ذلك العالم صرف طلاب حطام الدنيا الناس عن العلم لقلة أعوان العلم، ويمنعون الحق أهله لذهاب أنصار الحق. قوله عليه السلام: المنتحلين مودتنا فيه تعريض بهم إذ الانتحال إدعاء أمر من غير الاتصاف به حقيقة، ويحتمل أن يكون المراد الذين اتخذوا مودتنا نحلتهم ودينهم. قوله عليه السلام: تفلتت منهم الأحاديث أي فات وذهب منهم حفظ الأحاديث وأعجزهم ضبط السنة فلم يقدروا عليه. قوله عليه السلام: فاتخذوا عباد الله خولا قال الجزري: في حديث أبي هريرة: إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين كان عباد الله خولا أي خدما وعبيدا، يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم. قوله عليه السلام: وماله دولا أي يتداولونه بينهم. وقوله: أشباه الكلاب نعت للخلق. قوله عليه السلام: وتمثلوا أي تشبهوا بهم وادعوا منزلتهم. قوله عليه السلام: فأنفوا أي تكبروا واستنكفوا. قوله عليه السلام: سمته وهديه قال الفيروزآبادي: السمت: الطريق وهيئة أهل الخير. وقال: الهدى الطريقة والسيرة. قوله عليه السلام: وتماوت قال الفيروز آبادي: المتماوت: الناسك المرائي. وقال الجزري: يقال: تماوت الرجل إذا أظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم. قوله عليه السلام: وتخاضع أي أظهر الخضوع في جميع حركاته. قوله: فرويدا أي أمهل وتأن ولا تبادر إلى متابعته


(1) وفى نسخة: ولا تحجب له طلبة.

[ 86 ]

والانخداع عن أطواره. قوله: ومهانته أي مذلته وحقارته. قوله: يختل الناس أي يخدعهم، قوله: اقتحمه أي دخله مبادرا من غير روية. قوله عليه السلام: من ينبوا عن المال الحرام أي يرتفع عنه ولا يتوجه إليه، قال الجزرى: يقال: نبا عنه بصره ينبو أي تجافى ولم ينظر إليه. قوله عليه السلام: على شوهاء أي يحمل نفسه على امرأة قبيحة مشوهة الخلقة فيزني بها ولا يتركها فضلا عن الحسناء. قوله عليه السلام: ما عقده عقله يحتمل أن يكون كلمة ما موصولة، وعقد فعلا ماضيا أي حتى تنظروا إلى الأمور التي عقدها عقله و نظمها، فإن على العقل إنما يستدل بآثاره، ويحتمل أن تكون ما استفهامية والعقدة إسما بمعنى ما عقد عليه، فيرجع إلى المعنى الأول، ويحتمل على الأخير أن يكون المراد ثبات عقله واستقراره وعدم تزلزله فيما يحكم به عقله. قوله عليه السلام: أمع هواه يكون على عقله ؟ حاصله أنه ينبغي أن ينظر هل عقله مغلوب لهواه أم هواه مقهور لعقله. قوله: أخذته العزة بالإثم أي حملته الأنفة وحمية الجاهلية على الإثم الذي يؤمر باتقائه لجاجا، من قولك: أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إياه، فحسبه جهنم، أي كفته جزاءا وعقابا، ولبئس المهاد جواب قسم مقدر، والمخصوص بالذم محذوف للعلم به. والمهاد: الفراش، وقيل: ما يوطا للجنب، قوله عليه السلام: فهو يخبط خبط عشواء قال الجوهري: العشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شئ وركب فلان العشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة، وفلان خابط خبط عشواء. قوله عليه السلام ويمده ربه أي يقويه، من مد الجيش وأمده إذا زاده وقواه أي بعد أن طلب ما لا يقدر عليه من دعوى الإمامة، ورئاسة الخلق، وإفتاء الناس، فعجز عنها لنقصه وجهله استحق منع لطفه تعالى عنه، فصار ذلك سببا لتماديه في طغيانه وضلاله. قوله: لا تبيد أي لا تهلك ولا تفني. 12 – م، ج: بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام في قوله تعالى: ومنهم اميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني. قال عليه السلام: ثم قال الله تعالى: يا محمد ومن هؤلاء اليهود اميون لا يقرؤون الكتاب ولا يكتبون كالامي منسوب إلى امه أي هو كما خرج من بطن امه لا يقرا ولا يكتب، لا يعلمون الكتاب المنزل من السماء ولا المتكذب به ولا


[ 87 ]

يميزون بينهما إلا أماني أي إلا أن يقرأ عليهم ويقال: هذا كتاب الله وكلامه، لا يعرفون إن قرئ من الكتاب خلاف ما فيه، وإن هم إلا يظنون أي ما يقرا عليهم رؤساؤهم من تكذيب محمد صلى الله عليه واله في نبوته وإمامة علي عليه السلام سيد عترته عليهم السلام وهم يقلدونهم مع أنه محرم عليهم تقليدهم. فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا. قال عليه السلام: قال الله تعالى: هذا القوم من اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة محمد صلى الله عليه واله، وهي خلاف صفته. وقالوا للمستضعفين منهم: هذه صفة النبي المبعوث في آخر الزمان: أنه طويل، عظيم البدن والبطن، أصهب الشعر، ومحمد صلى الله عليه واله بخلافه وهو يجيئ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة، وإنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رئاستهم، وتدوم لهم إصاباتهم، ويكفوا أنفسهم مؤونة خدمة رسول الله صلى الله عليه واله وخدمة علي عليه السلام وأهل خاصته، فقال الله عز وجل: فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد صلى الله عليه واله وعلي عليه السلام الشدة لهم من العذاب في أسوء بقاع جهنم، وويل لهم الشدة من العذاب ثانية مضافة إلى الأولى مما يكسبونه من الأموال التي يأخذونها إذا ثبتوا أعوامهم على الكفر بمحمد رسول الله صلى الله عليه واله، والجحد لوصيه أخيه علي بن أبي طالب ولي الله. ثم قال عليه السلام: قال رجل للصادق عليه السلام: فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليد هم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوا منا يقلدون علماءهم ؟ فإن لم يجز لاولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم، فقال عليه السلام: بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة أما من حيث استووا فإن الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم، وأما من حيث افترقوا فلا. قال: بين لي يا ابن رسول الله قال عليه السلام: إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصريح، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم وأنهم إذا تعصبوا أزالوا حقوق من تعصبوا عليه، وأعطوا ما لا يستحقه من تعصبوا له من أموال غيرهم، وظلموهم من أجلهم، وعرفوهم يقارفون المحرمات، واضطروا


[ 88 ]

بمعارف قلوبهم إلى أن من فعل ما يفعلونه فهو فاسق لا يجوز أن يصدق على الله ولا على الوسائط بين الخلق وبين الله، فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوا ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره، ولا تصديقه في حكاياته، ولا العمل بما يؤديه إليهم عمن لم يشاهدوه، ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلى الله عليه واله إذ كانت دلائله أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم، وكذلك عوام امتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة، والتكالب على حطام الدنيا وحرامها، وإهلاك من يتعصبون عليه وإن كان لإصلاح أمره مستحقا، والترفرف بالبر والإحسان على من تعصبوا له وإن كان للإذلال والإهانة مستحقا. فمن قلد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم. فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا على هواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه. وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم، فأما من ركب من القبائح والفواحش مراكب فسقة فقهاء العامة فلا تقبلوا منهم عنا شيئا ولا كرامة، وإنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك، لأن الفسقة يتحملون عنا فيحرفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجوهها لقلة معرفتهم، وآخرين يتعمدون الكذب علينا ليجروا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم، ومنهم قوم نصاب لا يقدرون على القدح فينا فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند نصابنا ثم يضيفون إليه أضعافه وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن برآء منها فيقبله المستسلمون من شيعتنا على أنه من علومنا فضلوا وأضلوا (1) وهم أضر على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد عليه اللعنة على الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه، فإنهم يسلبونهم الأرواح والأموال، و هؤلاء علماء السوء الناصبون المتشبهون بأنهم لنا موالون، ولأعدائنا معادون يدخلون الشك والشبهة على ضعفاء شيعتنا، فيضلونهم ويمنعونهم عن قصد الحق المصيب، لا جرم أن من علم الله من قلبه من هؤلاء العوام أنه لا يريد إلا صيانة دينه وتعظيم وليه لم يتركه في يد هذا المتلبس الكافر، ولكنه يقيض له مؤمنا يقف به على الصواب ثم يوفقه الله


(1) تقسيم نافع لكثرة اختلاف الاحاديث ولما يرى من الاخبار التى ينافى المذهب. (*)

[ 89 ]

للقبول منه فيجمع الله له بذلك خير الدنيا والآخرة، ويجمع على من أضله لعن الدنيا وعذاب الآخرة، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: شرار علماء امتنا المضلون عنا، القاطعون للطرق إلينا، المسمون أضدادنا بأسمائنا، الملقبون أندادنا بألقابنا، يصلون عليهم وهم للعن مستحقون، ويلعنونا ونحن بكرامات الله مغمورون، وبصلوات الله وصلوات ملائكته المقربين علينا عن صلواتهم علينا مستغنون، ثم قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: من خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى ؟ قال: العلماء إذا صلحوا. قيل: و من شر خلق الله بعد إبليس وفرعون ونمرود وبعد المتسمين بأسمائكم وبعد المتلقبين بألقابكم، والآخذين لأمكنتكم، والمتأمرين في ممالككم ؟ قال: العلماء إذا فسدوا، هم المظهرون للأباطيل، الكاتمون للحقائق، وفيهم قال الله عز وجل: اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا. الآية. ايضاح: قوله عليه السلام: أي إلا أن يقرأ عليهم قال البيضاوي: استثناء منقطع. والأماني جمع امنية وهي في الأصل ما يقدره الإنسان في نفسه من منى إذا قدر، ولذلك تطلق على الكذب وعلى كل ما يتمنى وما يقرا والمعنى: ولكن يعتقدون أكاذيب أخذوها تقليدا من المحرفين، أو مواعيد فازعة سمعوها منهم من أن الجنة لا يدخلها إلا من كان هودا، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة. وقيل: إلا ما يقرؤون قراءة عارية عن معرفة المعنى وتدبره، من قوله: تمنى كتاب الله أول ليلة * تمني داود الزبور على رسل وهو لا يناسب وصفهم بأنهم اميون. أقول: على تفسيره عليه السلام لا يرد ما أورده فإن المراد حينئذ القراءة عليهم لا قراءتهم، وهو أظهر التفاسير لفظا ومعنا. قوله: أصهب الشعر قال الجوهري: الصهبة: الشقرة في شعر الرأس. قوله عليه السلام: وأهل خاصته أي أهل سره أو الإضافة بيانية. قوله عليه السلام: والتكالب قال الفيروز آبادي: المكالبة: المشارة والمضائفة، و التكالب: التواثب. قوله: والترفرف هو بسط الطائر جناحيه وهو كناية عن اللطف. و في بعض النسخ الرفوف يقال: رف فلانا أي أحسن إليه. قوله: فيتوجهون أي يصيرون


[ 90 ]

ذوي جاه ووجه معروف. قوله: وينتقصون بنا أي يعيبوننا. قوله عليه السلام: يقيض له أي يسبب له. 13 – ج: الكليني، عن إسحاق بن يعقوب، قال سألت محمد بن عثمان العمري رحمه الله أن يوصل لي كتابا سألت فيه عن مسائل اشكلت على فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه: وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله. الخبر. 14 – ير: أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحسين بن صغير، عمن حدثه عن ربعي بن عبد الله (1) عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أبى الله أن يجري الأشياء إلا بالأسباب فجعل لكل سبب شرحا، وجعل لكل شرح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذلك رسول الله صلى الله عليه واله ونحن. 15 – ير: القاشاني، عن اليقطيني يرفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أبى الله أن يجري الأشياء إلا بالأسباب فجعل لكل شئ سببا، وجعل لكل سبب شرحا، وجعل لكل شرح مفتاحا، وجعل لكل مفتاح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، من عرفه عرف الله ومن أنكره أنكر الله، ذلك رسول الله ونحن (2). بيان: لعل المراد بالشئ ذي السبب: القرب والفوز والكرامة والجنة، وسببه الطاعة وما يوجب حصول تلك الأمور، وشرح ذلك السبب هو الشريعة المقدسة، و المفتاح: الوحي النازل لبيان الشرع وعلم ذلك المفتاح – بالتحريك – أي ما يعلم به هو الملك الحامل للوحي. والباب الذي به يتوصل إلى هذا العلم هو رسول الله صلى الله عليه واله والأئمة عليهم السلام 16 – ير: السندي بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام وعنده رجل من أهل البصرة يقال له: عثمان الأعمى، وهو يقول:


(1) بكسر الراء وسكون الباء هو ربعى بن عبد الله بن الجارود بن أبى سبرة الهذلى أبو نعيم البصري الثقة، روى عن أبى عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام، وصحب الفضيل بن يسار، وأكثر الاخذ عنه وكان خصيصا به. (2) لا يخفى اتحاده مع سابقه.

[ 91 ]

إن الحسن البصري يزعم: أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار. فقال أبو جعفر عليه السلام: فهلك إذا مؤمن آل فرعون، وما زال مكتوما منذ بعث الله نوحا عليه السلام فليذهب الحسن يمينا وشمالا فوالله ما يوجد العلم إلا ههنا (1). 17 – ير: الفضل، عن موسى بن القاسم، عن حماد بن عيسى، عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: – وسأله رجل من أهل البصرة فقال: إن عثمان الأعمى يروي عن الحسن: أن الذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم أهل النار – قال أبو جعفر عليه السلام: فهلك إذا مؤمن آل فرعون، كذبوا إن ذلك من فروج الزناة، وما زال العلم مكتوما قبل قتل ابن آدم، فليذهب الحسن يمينا وشمالا يوجد العلم إلا عند أهل بيت نزل عليهم جبرئيل. بيان: قوله عليه السلام: إن ذلك أي الريح التي تؤذي أهل النار إنما هي من فروج الزناة. اقول: قد أوردنا بعض الأخبار في باب كتمان العلم. 18 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن معلى ابن أبي عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين. فليشرق الحكم وليغرب، أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل. 19 – ير: السندي بن محمد، ومحمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز ؟ قال: لا فقلت: إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز فقال: اللهم لا تغفر له ذنبه، ما قال الله للحكم: إنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون. فليذهب الحكم يمينا وشمالا فوالله لا يوجد العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل. كش: محمد بن مسعود عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس بن عامر وجعفر ابن محمد بن حكيم، عن أبان مثله.


(1) تقدم الحديث عن الاحتجاج تحت الرقم 3 من باب 13

[ 92 ]

بيان: أي إنما خاطب الله رسوله بهذا الخطاب. أن القرآن ذكر أي مذكر أو شرف لك ولقومك، وقومه أهل بيته. وقد ورد في الأخبار أن المخاطب في قوله تعالى: وسوف تسئلون. هو أهل بيت النبي صلى الله عليه واله فإن الناس يسألونهم عن علوم القرآن. 20 – ير: أحمد بن محمد، عن الحسين بن علي، عن أبي إسحاق ثعلبة، عن أبي مريم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لسلمة بن كهيل (1) والحكم بن عتيبة (2) شرقا وغربا لن تجدا علما صحيحا إلا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت. كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد بن فيروزان، عن الأشعري، عن ابن معروف، عن الحجال، عن أبي مريم مثله. 21 – ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن أبي البختري، وسندي بن محمد، عن أبي البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العلماء ورثة الأنبياء، وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما ورثوا أحاديث من أحاديثهم فمن أخذ شيئا منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتهال المبطلين، وتأويل الجاهلين. ختص: محمد بن الحسين، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن السندي مثله. ير: أحمد بن محمد: عن إبن فضال رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام مثله. 22 – كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد بن فيروزان القمي، عن البرقي، عن


(1) هو سلمة بن كهيل بن الحصين أبو يحيى الحضرمي الكوفى تبرى مذموم. روى الكشى في ص 152 من رجاله باسناد له عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لو أن التبرية صف واحد ما بين المشرق إلى المغرب ما اعز الله بهم دينا، والتبرية هم أصحاب كثير النوا، والحسن بن صالح بن يحيى، وسالم بن أبى حفصة، والحكم بن عتيبة، وسلمة بن كهيل، وأبو المقدام ثابت الحداد. وهم الذين دعوا إلى ولاية على عليه السلام، ثم خلطوها بولاية أبى بكر وعمر، ويثبتون لهما إمامتهما، ويبغضون عثمان وطلحة و الزبير وعايشة، ويرون الخروج مع بطون على بن أبى طالب يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر، ويثبتون لكل من خرج من ولد على بن أبى طالب عليه السلام عند خروجه الامامة. (2) بضم العين المهملة والتاء المفتوحة والياء الساكنة والباء المفتوحة. تبرى مذموم كان استاد زرارة وحمران والطيار قبل استبصارهم، ورد في رجال الكشى مضافا إلى ما نقلنا في سلمة بن كهيل روايات تدل على ذمه.

[ 93 ]

البزنطي، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: يحمل هذا الدين في كل قرن عدول ينفون عنه تأويل المبطلين، وتحريف الغالين، وانتحال الجاهلين كما ينفى الكير خبث الحديد. 23 – ير: محمد بن الحسين، عن النضر، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. قال: عنى الله بها من اتخذ دينه رأيه من غير إمام من أئمة الهدى. 24 – ير: يعقوب بن يزيد، عن إسحاق بن عمار، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله التيه إلى يوم القيامة (1). بيان: التيه الحيرة في الدين. 25 – ير: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد السياري، عن علي ابن عبد الله قال: سأله رجل عن قول الله عز وجل: فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى. قال: من قال بالأئمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم. 26 – كتاب زيد الزراد، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن لنا أوعية نملاؤها علما وحكما، وليست لها بأهل فما نملاؤها إلا لتنقل إلى شيعتنا فانظروا إلى ما في الأوعية فخذوها، ثم صفوها من الكدورة، تأخذونها بيضاء نقية صافية وإياكم والأوعية فإنها وعاء فتنكبوها. 27 – ومنه، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اطلبوا العلم من معدن العلم و إياكم والولائج فيهم الصدادون عن الله. ثم قال: ذهب العلم وبقي غبرات العلم في أوعية سوء، فاحذروا باطنها فإن في باطنها الهلاك، وعليكم بظاهرها فإن في ظاهرها النجاة. بيان: لعل المراد بتصفيتها تخليصها من آرائهم الفاسدة أو من أخبارهم التي هم متهمون فيها لموافقتها لعقائدهم، والمراد بباطنها عقائدها الفاسدة أو فسوقها التي يخفونها عن الخلق.


(1) يأتي مثله مع زيادة عن المفضل تحت الرقم 67.

[ 94 ]

28 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحكمة لتكون في قلب المنافق فتجلجل في صدره حتى يخرجها فيوعيها المؤمن، وتكون كلمة المنافق في صدر المؤمن فتجلجل في صدره حتى يخرجها فيعيها المنافق. 29 – ومنه بهذا الإسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رجلا دخل على أبي عليه السلام فقال: إنكم أهل بيت رحمة اختصكم الله بذلك. قال: نحن كذلك والحمد لله، لم ندخل أحدا في ضلالة، ولم نخرج أحدا من باب هدى نعوذ بالله أن نضل أحدا. 30 – ف: عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: من أصغى إلى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس. 31 – سن: ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال أما أنه ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب إلا شئ أخذوه منا أهل البيت، ولا أحد من الناس يقضي بحق وعدل وصواب إلا مفتاح ذلك القضاء وبابه وأوله وسببه علي بن أبي طالب عليه السلام فإذا اشتبهت عليهم الأمور كان الخطأ من قبلهم إذا أخطأوا، والصواب من قبل علي بن أبي طالب عليه السلام. 32 – ير: ابن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن فضيل، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل ما لم يخرج من هذا لبيت فهو باطل. 33 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن محمد بن عمر، عن المفضل بن صالح، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنا أهل بيت من علم الله علمنا، ومن حكمه أخذنا، ومن قول الصادق سمعنا، فإن تتبعونا تهتدوا. 34 – ير: أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن البزنطي، عن زرارة قال كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال لي رجل من أهل الكوفة: سله عن قول أمير المؤمنين عليه السلام: سلوني عما شئتم، ولا تسألونني عن شئ إلا أنبأتكم به. قال: فسألته فقال: إنه ليس أحد عنده علم شئ إلا خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلام فليذهب الناس حيث شاؤوا فوالله ليأتين الأمر ههنا. وأشار بيده إلى صدره.


[ 95 ]

بيان: قوله: ليأتين بفتح الياء، ورفع الأمر أي يأتي العلم وما يتعلق بامور الخلق ويهبط إلى صدورنا، ويحتمل نصب الأمر فيكون ضمير الفاعل راجعا إلى كل أحد من الناس، أو كل من أراد اتضاح الأمر له. 35 – ير: العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إنه ليس عند أحد من حق ولا صواب وليس أحد من الناس يقضي بقضاء يصيب فيه الحق إلا مفتاحه علي، فإذا تشعبت بهم الامور كان الخطأ من قبلهم والصواب من قبله أو كما قال. ير: عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم مثله. 36 – ير: محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن محمد بن مسلم، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أما إنه ليس عند أحد علم ولا حق ولا فتيا إلا شئ أخذ عن علي بن أبي طالب عليه السلام، وعنا أهل البيت، وما من قضاء يقضى به بحق وصواب إلا بدء ذلك ومفتاحه وسببه وعلمه من علي عليه السلام ومنا. فإذا اختلف عليهم أمرهم قاسوا وعملوا بالرأي، وكان الخطأ من قبلهم إذا قاسوا، وكان الصواب إذا اتبعوا الآثار من قبل علي عليه السلام. 37 – سن: ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق النحوي (1)، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه على محبته فقال: إنك لعلى خلق عظيم. وقال: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا. وقال: ومن يطع الرسول فقد أطاع الله. وإن رسول الله صلى الله عليه واله فوض إلى علي عليه السلام، وائتمنه فسلمتم وجحد الناس، فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله.


(1) هو ثعلبة بن ميمون المترجم في ص 85 من رجال النجاشي بقوله: ثعلبة بن ميمون مولى بنى أسد ثم مولى بنى سلامة منهم أبو اسحاق النحوي، كان وجها في أصحابنا، قاريا، فقيها، نحويا، لغويا، راوية، وكان حسن العمل، كثير العبادة والزهد، روى عن أبى عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام، له كتاب يختلف الرواية عنه.

[ 96 ]

توضيح: قوله: أدب نبيه على محبته أي على نحو ما أحب وأراد فيكون الظرف صفة لمصدر محذوف، ويحتمل أن تكون كلمة ” على ” تعليلية أي علمه وفهمه ما يوجب تأدبه بآداب الله وتخلقه بأخلاق الله لحبه إياه، وأن يكون حالا عن فاعل أدب أي حال كونه محبا له وكائنا على محبته، أو عن مفعوله، أو المراد أنه علمه ما يوجب محبته لله أو محبته الله له. قوله عليه السلام: ونحن فيما بينكم وبين الله أي نحن الوسائط في العلم وسائر الكمالات بينكم وبين الله فلا تسألوا عن غيرنا، أو نحن شفعاؤكم إلى الله. 38 – سن: أبي، عمن ذكره، عن زيد الشحام، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: فلينظر الإنسان إلى طعامه. قال: قلت: ما طعامه ؟ قال: علمه الذي يأخذه ممن يأخذه. بيان: هذا أحد بطون الآية الكريمة، وعلى هذا التأويل المراد بالماء: العلوم الفائضة منه تعالى فإنها سبب لحياة القلوب وعمارتها، وبالأرض: القلوب والأرواح، وبتلك الثمرات: ثمرات تلك العلوم (1). ختص: محمد بن الحسين، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير عن الشحام مثله. 39 – سن: علي بن عيسى القاساني، عن ابن مسعود الميسري، رفعه قال: قال المسيح عليه السلام: خذوا الحق من أهل الباطل، ولا تأخذوا الباطل من أهل الحق، كونوا نقاد الكلام فكم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله، كما زخرف الدرهم من نحاس بالفضة المموهة، النظر إلى ذلك سواء، والبصراء به خبراء. ايضاح: قال الفيروزآبادي: موه الشئ: طلاه بفضة أو ذهب وتحته نحاس أو حديد. 40 – سن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه واله قال: غريبتان كلمة حكم من سفيه فاقبلوها، وكلمة سفه من حكيم فاغفروها. بيان: قوله عليه السلام فاغفروها أي لا تلوموه بها أو استروها ولا تذيعوها فإن الغفر في الأصل بمعنى الستر.


(1) يريد من الماء والأرض والثمرات ما وقع ذكره في الايات التالية: ” إنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الارض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا “.

[ 97 ]

41 – سن: علي بن سيف قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: خذوا الحكمة ولو من المشركين. 42 – سن: ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال المسيح عليه السلام: معشر الحواريين ! لم يضركم من نتن القطران إذا أصابتكم سراجه، خذوا العلم ممن عنده ولا تنظروا إلى عمله. 43 – سن: النوفلي، عن علي بن سيف، رفعه قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام: من أعلم الناس ؟ قال: من جمع علم الناس إلى علمه. 44 – سن: محمد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام وحدثني الوشاء، عن البطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام: أن كلمة الحكمة لتكون في قلب المنافق فتجلجل حتى يخرجها. بيان: فتجلجل بفتح التاء أو ضمها أي تتحرك أو تحرك صاحبها على التكلم بها. 45 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم العلوي، عن محمد بن علي بن حمزة العلوي، عن أبيه، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الهيبة خيبة، والفرصة خلسة، والحكمة ضالة المؤمن فاطلبوها ولو عند المشرك، تكونوا أحق بها وأهلها. 46 – ما: جماعة، عن ابي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن أحمد بن عبد المنعم، عن حماد بن عثمان، عن حمران، قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: لا تحقر اللؤلؤة النفيسة أن تجتلبها من الكبا الخسيسة فإن أبي حدثني قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن الكلمة من الحكمة لتتلجلج في صدر المنافق نزاعا إلى مظانها حتى يلفظ بها فيسمعها المؤمن فيكون أحق بها وأهلها فيلقفها. بيان: الكبا بالكسر والقصر: الكناسة. 47 – سن: أبي، عمن ذكره، عن عمرو بن أبي المقدام، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله، اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. قال: والله ما صلوا لهم ولا صاموا، ولكن أطاعوهم في معصية الله.


[ 98 ]

48 – سن: محمد بن خالد، عن حماد، عن ربعي عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. فقال: والله ما صلوا ولا صاموا لهم، ولكنهم أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم. 49 – كتاب صفات الشيعة للصدوق: عن ماجيلويه، عن عمه، عن أبي سمينة، عن ابن سنان، عن المفضل قال: قال الصادق عليه السلام: كذب من زعم أنه من شيعتنا وهو متمسك بعروة غيرنا. 50 – سن: أبي، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. فقال: أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا، فعبدوهم من حيث لا يشعرون. 51 – سن: قال أبو جعفر عليه السلام: إن القرآن شاهد الحق ومحمد صلى الله عليه واله لذلك مستقر فمن اتخذ سببا إلى سبب الله لم يقطع به الأسباب، ومن اتخذ غير ذلك سببا مع كل كذاب فاتقوا الله فإن الله قد أوضح لكم أعلام دينكم ومنار هداكم، فلا تأخذوا أمركم بالوهن، ولا أديانكم هزؤا فتدحض أعمالكم، وتخطؤا (1) سبيلكم، ولا تكونوا في حزب الشيطان فتضلوا. يهلك من هلك، ويحيى من حي، وعلى الله البيان، بين لكم فاهتدوا، وبقول العلماء فانتفعوا، والسبيل في ذلك إلى الله فمن يهدي الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا. بيان: قوله عليه السلام: ومحمد لذلك مستقر أي محل استقرار القرآن، وفيه ثبت علمه. قوله عليه السلام: إلى سبب الله السبب الأول الحجة والسبب الثاني القرآن أو النبي صلى الله عليه واله. قوله عليه السلام: لم يقطع به الأسباب أي لم تنقطع أسبابه عما يريد الوصول إليه من الحق، من قولهم: قطع بزيد – على المجهول – أي عجز عن سفره أو حيل بينه وبين ما يؤمله. قوله: فاتقوا الله هو جزاء الشرط أو خبر الموصول أي فاتقوا الله واحذروا عن مثل فعاله، ويحتمل أن يكون فيها سقط وكانت العبارة: كان مع كل كذاب. قوله عليه السلام: فتدحض أي تبطل.


(1) في المحاسن المطبوع هكذا: فتدحض اعمالكم وتخبطوا سبيلكم ولا تكونوا اطعتم الله ربكم اثبتوا على القرآن الثابت وكونوا في حزب الله تهتدوا ولا تكونوا الخ.

[ 99 ]

52 – سن: بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن لكم معالم فاتبعوها، ونهاية فانتهوا إليها. بيان: المعالم ما يعلم به الحق، والمراد بها هنا الأئمة عليهم السلام، والمراد بالنهاية إما حدود الشرع وأحكامه أو الغايات المقررة للخلق في ترقياتهم بحسب استعداداتهم في مراتب الكمال. 53 – دعوات الراوندي: من وصية ذي القرنين: لا تتعلم العلم ممن لم ينتفع به فإن من لم ينفعه علمه لا ينفعك. 54 – ومنه، قال أبو عبيد في قريب الحديث: في حديث النبي صلى الله عليه واله حين أتاه عمر فقال: إنا نسمع أحاديث من اليهود تعجبنا، فترى أن نكتب بعضها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله: أفتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ ! لقد جئتكم بها بيضاء تقية، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي. قال أبو عبيد: أمتحيرون أنتم في الإسلام ولا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى ؟ ! كأنه كره ذلك منه. 55 – نهج: قال عليه السلام: إن كلام الحكماء إذا كان صوابا كان دواءا، وإذا كان خطاءا كان داءا. 56 – وقال عليه السلام: خذ الحكمة أنى كانت فإن الحكمة تكون في صدر المنافق فتتخلج (1) في صدره حتى تخرج فتسكن إلى صواحبها في صدر المؤمن. 57 – وقال عليه السلام في مثل ذلك: الحكمة ضالة المؤمن فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق. 58 – ما: عن المفيد، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور، عن أبي بكر المفيد الجرجاني عن المعمر أبي الدنيا، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: كلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها. 59 – شا: روى ثقاة أهل النقل عند العامة والخاصة، عن أمير المؤمنين عليه السلام في كلام افتتاحه: الحمد لله والصلاة على نبيه، أما بعد فذمتي بما أقول رهينة و


(1) أي تضطرب وتتحرك.

[ 100 ]

أنابه زعيم إنه لا يهيج على التقوى زرع قوم، ولا يظما عنه سنخ أصل، وإن الخير كله فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، وأن أبغض الخلق عند الله رجل وكله إلى نفسه، جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة، قد لهج فيها بالصوم و الصلاة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به، حمال خطايا غيره، رهين بخطيئته، قد قمش جهلا في جهال غشوه، غار بأغباش الفتنة، عمى عن الهدى، قد سماه أشباه الناس عالما، ولم يغن فيه يوما سالما، بكر فاستكثر مما (1) قل منه خير مما كثر حتى إذا ارتوى من آجن واستكثر من غير طائل، جلس للناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، إن خالف من سبقه لم يأمن من نقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المهمات هيأ لها حشوا من رأيه ثم قطع عليه، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ ؟ ! ولا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا، إن قاس شيئا بشئ لم يكذب رأيه، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به، لما يعلم من نفسه من الجهل والنقص والضرورة كيلا يقال: إنه لا يعلم، ثم أقدم بغير علم فهو خائض عشوات، ركاب شبهات، خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكي منه المواريث، وتصرخ منه الدماء، ويستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم به الحلال، لا يسلم بإصدار ما عليه ورد، ولا يندم على ما منه فرط. أيها الناس عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعذرون بجهالته، فإن العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلى محمد خاتم النبيين في عترة محمد صلى الله عليه واله، فأين يتاه بكم ؟ بل أين تذهبون. يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة فهذه مثلها فيكم فاركبوها فكما نجا في هاتيك من نجا كذلك ينجو في هذي (2) من دخلها، أنا رهين بذلك قسما حقا، وما أنا من المتكلفين. الويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلف. أما بلغكم ما قال فيهم نبيكم صلى الله عليه واله ؟ حيث يقول في حجة الوداع: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ ألا هذا عذب فرات فاشربوا، وهذا ملح اجاج فاجتنبوا.


(1) في النهج: من جمع ما قل منه (2) في الارشاد المطبوع المصحح: هذه.

[ 101 ]

نهج: مرسلا مثله. ايضاح: فذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم الذمة: العهد والأمان والضمان والحرمة والحق. أي حرمتي أو ضماني أو حقوقي عند الله مرهونة لحقية ما أقوله. قال في النهاية: وفي حديث علي عليه السلام: ذمتي رهينة وأنا به زعيم أي ضماني وعهدي رهن في الوفاء به. وقال: الزعيم: الكفيل. إنه لا يهيج على التقوى زرع قوم قال الجزري: هاج النبت هياجا أي يبس واصفر، ومنه حديث علي عليه السلام: لا يهيج على التقوى زرع قوم. أراد من عمل لله عملا لم يفسد عمله ولا يبطل كما يهيج الزرع فيهلك. ولا يظما عنه سنخ أصل الظماء: شدة العطش قال الجزري: وفي حديث علي عليه السلام: ولا يظما على التقوى سنخ أصل: السنخ والأصل واحد فلما اختلف اللفظان أضاف أحدهما إلى الآخر. أقول: الفقرتان متقاربتان في المعنى، ويحتمل أن يكون المراد بهما عدم فوت المنافع الدنيوية أيضا بالتقوى، ويحتمل أن يراد بإحداهما إحداهما وبالاخرى الاخرى. وفي نهج البلاغة: لا يهلك على التقوى سنخ أصل، ولا يظما عليها زرع قوم، وإن الخير كله فيمن عرف قدره. قال ابن ميثم: أي مقداره ومنزلته بالنسبة إلى مخلوقات الله تعالى وأنه أي شئ منها، ولأي شئ خلق، وما طوره المرسوم له في كتاب ربه وسنن أنبيائه. جائر عن قصد السبيل الجائر: الضال عن الطريق، والقصد: استقامة الطريق و وسطه، وفي بعض نسخ الكافي: حائر بالحاء المهملة من الحيرة. مشغوف بكلام بدعة قال الجوهري: الشغاف: غلاف القلب وهو جلدة دون الحجاب، يقال: شغفه الحب أي بلغ شغافه. قد لهج فيها بالصوم والصلاة قال الجوهري: اللهج بالشئ الولوع به، و ضمير فيها راجع إلى البدعة أي هو حريص في مبتدعات الصلاة والصوم، و ” فيها ” غير موجود في الكافي. ضال عن هدى من كان قبله هدى بضم الهاء وفتح الدال أو فتح الهاء و سكون الدال. وفي النهج بعد ذلك: مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته. وفي الكافي: وبعد موته. رهين بخطيئته أي هو مرهون بها قال المطرزي: هو رهين بكذا أي مأخوذ به. قد قمش جهلا في جهال. وفي الكتابين: ورجل قمش جهلا. والقمش: جمع الشئ المتفرق. غشوه أي أحاطوا به وليس فيهما. غار بأغباش الفتنة قال الجوهري: الغبش


[ 102 ]

ظلمة آخر الليل والجمع أغباش أي غفل وانخدع واغتر بسبب ظلمة الفتن والجهالات أو فيها. ولم يغن فيه يوما سالما، قال الجزري: وفي حديث علي عليه السلام: ورجل سماه الناس عالما ولم يغن في العلم يوما تاما من قولك غنيت بالمكان أغنى إذا أقمت به انتهى. قوله: سالما أي من النقص بأن يكون نعتا لليوم، أو سالما من الجهل بأن يكون حالا عن ضمير الفاعل. بكر فاستكثر مما قل منه خير مما كثر أي خرج في الطلب بكرة، كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كل يوم أو في أول العمر وابتداء الطلب، وما موصولة، وهي مع صلتها صفة لمحذوف أي من شئ ما قل منه خير مما كثر، ويحتمل أن تكون ما مصدرية أيضا وقيل: قل مبتدا بتقدير ” أن ” وخير خبره، كقولهم تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، و المراد بذلك الشئ إما الشبهات المظلة والآراء الفاسدة والعقائد الباطلة، أو زهرات الدنيا. حتى إذا ارتوى من آجن الآجن: الماء المتعفن المتغير، استعير للآراء الباطلة والأهواء الفاسدة. واستكثر من غير طائل قال الجوهري: هذا أمر لا طائل فيه إذا لم يكن فيه غناء ومزية. وان نزلت به إحدى المهمات وفي الكتابين: المبهمات. هيأ لها حشوا أي كثيرا لا فائدة فيها. ثم قطع عليه أي جزم به. فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت قال ابن ميثم: وجه هذا التمثيل أن الشبهات التي تقع على ذهن مثل هذا الموصوف إذا قصد حل قضية مبهمة تكثر فتلتبس على ذهنه وجه الحق منها فلا يهتدي له لضعف ذهنه، فتلك الشبهات في الوهاء تشبه نسج العنكبوت وذهنه فيها يشبه لذباب الواقع فيه، فكما لا يتمكن الذباب من خلاص نفسه من شباك العنكبوت لضعفه كذلك ذهن هذا الرجل لا يقدر على التخلص من تلك الشبهات. أقول. ويحتمل أيضا أن يكون المراد تشبيه ما يلبس على الناس من الشبهات بنسج العنكبوت لضعفها وظهور بطلانها، لكن تقع فيها ضعفاء العقول فلا يقدرون على التخلص منها لجهلهم وضعف يقينهم، والأول أنسب بما بعده. لا يرى أن من وراء ما بلغ مذهبا، أي أنه لوفور جهله يظن أنه بلغ غايه العلم فليس بعد ما بلغ إليه فكره لأحد مذهب وموضع تفكر فهو خائض عشوات أي يخوض ويدخل في ظلمات الجهالات والفتن. خباط جهالات الخبط: المشي على غير استواء


[ 103 ]

أي خباط في الجهالات أو بسببها. ولا يعض في العلم بضرس قاطع كناية عن عدم إتقانه للقوانين الشرعية وإحاطته بها، يقال: لم يعض فلان على الأمر الفلاني بضرس إذا لم يحكمه. يذري الروايات ذرو الريح الهشيم قال الفيروز آبادي: ذرت الريح الشئ ذروا وأذرته وذرته: أطارته وأذهبته. وقال: الهشيم نبت يابس متكسر، أو يابس كل كلاء وكل شجر، ووجه التشبيه صدور فعل بلا روية من غير أن يعود إلى الفاعل نفع وفائدة، فإن هذا الرجل المتصفح للروايات ليس له بصيرة بها ولا شعور بوجه العمل بها بل هو يمر على رواية بعد اخرى ويمشي عليها من غير فائدة، كما أن الريح التي تذري الهشيم لا شعور لها بفعلها، ولا يعود إليها من ذلك، نفع وإنما أتى الذور مكان الإذراء لاتحاد معنييهما. وفي بعض الروايات: يذروا الرواية. قال الجزري: يقال: ذرته الريح وأذرته تذروه وتذريه إذا أطارته، ومنه حديث على عليه السلام: يذروا الرواية ذرو الريح الهشيم أي يسرد الرواية كما تنسف الريح هشيم النبت. تبكي منه المواريث وتصرخ منه الدماء الظاهر أنهما على المجاز، ويحتمل حذف المضاف أي أهل المواريث وأهل الدماء. لا يسلم بإصدار ما عليه ورد. أي لا يسلم عن الخطأ في إرجاع ما عليه ورد من المسائل أي في جوابها، وفي الكتابين: لا مليئ والله بإصدار ما عليه ورد أي لا يستحق ذلك ولا يقوي عليه. قال الجزري: المليئ بالهمز: الثقة الغني وقد ملؤ فهو مليئ بين الملآءة بالمد – وقد أولع الناس بترك الهمزة وتشديد الياء – ومنه حديث علي عليه السلام: لا مليئ والله بإصدار ما ورد عليه. ولا يندم على ما منه فرط. أي لا يندم على ما قصر فيه. وفي الكافي: ولا هو أهل لما منه فرط ” بالتخفيف ” أي سبق على الناس وتقدم عليهم بسببه من ادعاء العلم، وليست هذه الفقرة أصلا في نهج البلاغة، وقال ابن أبي الحديد: في كتاب ابن قتيبة: ولا أهل لما فرط به أي ليس بمستحق للمدح الذي مدح به. ثم اعلم أنه على نسخة المنقول عنه جميع تلك الأوصاف لصنف واحد من الناس، وعلى ما في الكتابين من زيادة: ورجل عند قوله: قمش جهلا فالفرق بين الرجلين إما بأن يكون المراد بالأول الضال في اصول العقائد كالمشبهة والمجبرة، والثاني هو المتفقه في فروع الشرعيات وليس بأهل لذلك، أو بان يكون المراد بالأول من نصب نفسه


[ 104 ]

لسائر مناصب الإفادة دون منصب القضاء، وبالثاني من نصب نفسه له. فأين يتاه بكم: من التيه بمعنى التحير والضلال أي أين يذهب الشيطان أو الناس بكم متحيرين ؟. بل أين تذهبون إضراب عما يفهم سابقا من أن الداعي لهم على ذلك غيرهم، و أنهم مجبورون على ذلك أي بل أنتم باختياركم تذهبون عن الحق إلى الباطل. يا من نسخ من أصلاب أصحاب السفينة النسخ: الإزالة والتغيير أي كنتم في أصلاب من ركب سفينة نوح فانزلتم عن تلك الأصلاب فاعتبروا بحال أجدادكم وتفكروا في كيفية نجاتهم فإن مثل أهل البيت كمثل سفينة نوح. وتي وذي للإشارة إلى المؤنث. قسما حقا أي اقسم قسما حقا. وما أنا من المتكلفين أي المتصنعين بما لست من أهله، ولست ممن يدعي الباطل ويقول الشئ من غير حقيقة. إني تارك فيكم الثقلين قال الجزري: فيه: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي سماهما ثقلين لإن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، ويقال لكل خطير نفيس: ثقيل. فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما. ما إن تمسكتم بهما بدل من الثقلين. وإنهما لن يفترقا يدل على أن لفظ القرآن و معناه عندهم عليهم السلام. (1) ألا هذا أي سبيل الحق الذي أريتكموه عذب فرات أي شديد العذوبة، وهذا أي سبيل الباطل الذي حذرتكموه ملح اجاج أي مالح شديد الملوحة والمرارة. 60 – شى: عن سعد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية: ليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها. فقال: آل محمد – صلى الله عليه واله – أبواب الله وسبيله والدعاة إلى الجنة والقادة إليها والأدلاء عليها إلى يوم القيامة. 61 – شى: عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ليس البر بأن تأتوا البيوت. الآية قال: يعني أن يأتي الأمر من وجهها من أي الامور كان.


(1) الظاهر أن هذه الاستفادة منه رحمه الله انتصار للاخبار الدالة على تحريف الكتاب مع أن قوله: لن يفترقا إنما يدل على أن المعارف القرآنية بحقائقها عند أهل البيت عليهم السلام، ولا نظر فيه إلى التفرقة بين لفظ القرآن ومعناه وعدمها كما هو ظاهر. ط

[ 105 ]

62 – قال وروى سعيد بن منخل في حديث له رفعه قال: البيوت: الأئمة عليهم السلام والأبواب: أبوابها. 63 – شى: عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام وأتوا البيوت من أبوابها. قال: ائتوا الامور من وجهها. (1) 64 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله: خذوا العلم من أفواه الرجال. 65 – وقال صلى الله عليه واله: وإياكم وأهل الدفاتر، ولا يعزنكم الصحفيون. 66 – وقال صلى الله عليه واله: الحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها. 67 – نى: روي عن أبي عبد الله عليه السلام: أنه قال: من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه فيه، ومن دخل فيه بالكتاب والسنة زالت الجبال قبل أن يزول. 68 – نى: سلام بن محمد، عن أحمد بن داود، عن علي بن الحسين بن بابويه، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب (2)، عن المفضل بن زرارة، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من دان الله بغير سماع من عالم صادق ألزمه الله التيه إلى الفناء، ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله لخلقه فهو مشرك، وذلك الباب هو الأمين المأمون على سر الله المكنون. (3) نى: الكليني، عن بعض رجاله، عن عبد العظيم الحسني، عن مالك بن عامر، عن المفضل مثله. (باب 15) * (ذم علماء السوء ولزوم التحرز عنهم) * الايات، الاعراف: واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هويه


(1) اتحاده مع الحديث 61 ظاهر. (2) وفى نسخة: عن ابن ابى طالب. (3) تقدم صدره عن جابر تحت الرقم 24.

[ 106 ]

فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا 174، 175 المؤمن: فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن 82 حمعسق: وما تفرقوا إلا من بعد ما جائهم العلم بغيا بينهم 13 الجمعة: مثل الذين حملوا التورية ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله 4 1 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام: أن عليا عليه السلام قال: إياكم والجهال من المتعبدين والفجار من العلماء فإنهم فتنة كل مفتون. (1) 2 – ل: أبي، عن محمد العطار، عن ابن عيسى، عن أبيه، عن ابن اذينة، عن أبان ابن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال في كلام له: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج، وعالم تارك لعلمه فهذا هالك، وإن أهل النار ليتأذون بريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله عز وجل فاستجاب له وقبل منه وأطاع الله عز وجل فأدخله الله الجنة، وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى. ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خصلتان: اتباع الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وطول الأمل ينسي الآخرة. 3 – ل: الفامي، عن ابن بطة، عن البرقي، عن أبيه بإسناده يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: قطع ظهري رجلان من الدنيا: رجل عليم اللسان فاسق، ورجل جاهل القلب ناسك، هذا يصد بلسانه عن فسقه، وهذا بنسكه عن جهله، فاتقوا الفاسق من العلماء، والجاهل من المتعبدين، اولئك فتنة كل مفتون، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: يا علي هلاك امتي على يدي كل منافق عليم اللسان. بيان: قوله عليه السلام: هذا يصد بلسانه عن فسقه أي يمنع الناس عن أن يعلموا


(1) لعله قطعة من الحديث الثالث.

[ 107 ]

فسقه بما يصور لهم بلسانه ويشبه عليهم ببيانه فيعدون فسقه عبادة، أو أنهم لا يعبؤون بفسقه بما يسمعون من حسن بيانه، والاحتمالان جاريان في الفقرة الثانية. 4 – ل: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان عن زياد بن المنذر، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الفتن ثلاث: حب النساء وهو سيف الشيطان، وشرب الخمر وهو فخ الشيطان، وحب الدينار والدرهم وهو سهم الشيطان. فمن أحب النساء لم ينتفع بعيشه، ومن أحب الأشربة حرمت عليه الجنة، ومن أحب الدينار والدرهم فهو عبد الدنيا. 5 – وقال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: الدينار داء الدين، والعالم طبيب الدين فإذا رأيتم الطبيب يجر الداء إلى نفسه فاتهموه واعلموا أنه غير ناصح لغيره. 6 – ل: أبي، عن الحميري، عن هارون، عن ابن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام: أن عليا عليه السلام قال: إن في جهنم رحى تطحن أفلا تسألوني ما طحنها ؟ فقيل له: وما طحنها يا أمير المؤمنين ؟ قال: العلماء الفجرة، والقراء الفسقة، والجبابرة الظلمة، والوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة. وإن في النار لمدينة يقال لها: الحصينة أفلا تسألوني ما فيها ؟ فقيل: وما فيها يا أمير المؤمنين ؟ فقال: فيها أيدي الناكثين. ثو: ماجيلويه، عن عمه، عن هارون مثله. بيان: قال الجزري العرفاء: جمع عريف وهو القيم بامور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي امورهم، ويعترف الأمير منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل. والنكث: نقض العهد والبيعة. 7 – ع: ابن الوليد، عن الصفار، عن القاشاني، عن الإصفهاني، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رأيتم العالم محبا للدنيا فاتهموه على دينكم فإن كل محب يحوط ما أحب. 8 – وقال: أوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام: لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي، فإن اولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم.


[ 108 ]

9 – مع: أبي، عن سعد، عن ابن أبي محمد الخطاب، عن ابن محبوب، عن حماد ابن عثمان، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: والشعراء يتبعهم الغاوون قال: هل رأيت شاعرا يتبعه أحد ؟ إنما هم قوم تفقهوا لغير الدين فضلوا وأضلوا. بيان: التعبير عنهم بالشعراء لأنهم كالشعراء مبنى أحكامهم وآرائهم على الخيالات الباطلة. 10 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن أسلم الجبلي (1) بإسناده يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن الله عز وجل يعذب ستة بست: العرب بالعصبية، والدهاقنة بالكبر، والامراء بالجور، والفقهاء بالحسد، والتجار بالخيانة، وأهل الرستاق بالجهل. بيان: الدهاقنة جمع الدهقان وهو معرب دهبان أي رئيس القرية. 11 – ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد، عن الخشاب، عن ابن مهران وابن اسباط فيما أعلم، عن بعض رجالهما قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن من العلماء من يحب ان يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك في الدرك الأول من النار، ومن العلماء من إذا وعظ أنف وإذا وعظ عنف فذاك في الدرك الثاني من النار، ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة والشرف ولا يرى له في المساكين وضعا فذاك في الدرك الثالث من النار، ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين فإن رد عليه شئ من قوله أو قصر في شئ من أمره غضب فذاك في الدرك الرابع من النار، ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر به علمه ويكثر به حديثه فذاك في الدرك الخامس من النار، ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول: سلوني ولعله لا


(1) قال صاحب التنقيح: الجبلى نسبة إلى الجبل – كورة بحمص – أو إلى بلاد الجبل من بلاد الديالمة وهو المشهور في النسبة إلى الجبل على الاطلاق، أو الى الجبل – بفتح الجيم وضم الباء الموحدة المشددة واللام – بليدة بشاطئ الدجلة من الجانب الشرقي بين النعمانية وواسط، ومنها جمع محدثون، والنسبة على الاول بالتخفيف وعلى الثالث بالتشديد. أقول: هو محمد بن أسلم الجبلى الطبري أبو جعفر المترجم في الفهرست ورجال النجاشي وغيرهما، قال النجاشي ” في ص 260 “: أصله كوفى يتجر إلى طبرستان يقال: انه كان غاليا فاسد الحديث، روى عن الرضا عليه السلام.

[ 109 ]

يصيب حرفا واحدا والله لا يحب المتكلفين فذاك في الدرك السادس من النار، ومن العلماء من يتخذ علمه مروة وعقلا فذاك في الدرك السابع من النار. بيان: قوله عليه السلام: من إذا وعظ ” على المجهول ” أنف أي استكبر عن قبول الوعظ وإذا وعظ ” على المعلوم ” عنف أي جاوز الحد، والعنف ضد الرفق. قوله عليه السلام: أو قصر ” على المجهول ” من باب التفعيل أي إن وقع التقصير من أحد في شئ من أمره كإكرامه والإحسان إليه غضب. قوله عليه السلام: ليغزر أي يكثر. قوله عليه السلام: يتخذ علمه مروة وعقلا أي يطلب العلم ويبذله ليعده الناس من أهل المروة والعقل. 12 – ما: المفيد، عن أبي الحسن أحمد بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن الصفار، عن القاشاني، عن الإصفهاني، عن المنقري، عن حفص قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهم السلام يقول: قال عيسى ابن مريم لأصحابه: تعلمون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل، ولا تعملون للآخرة ولا ترزقون فيها إلا بالعمل. ويلكم علماء السوء ! الاجرة تأخذون، والعمل لا تصنعون، يوشك رب العمل أن يطلب عمله، وتوشكوا أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر، كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه ؟ ! وما يضره أشهى إليه مما ينفعه. 13 – ثو: أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا ظهر العلم، واحترز العمل، وائتلفت الألسن، واختلفت القلوب، وتقاطعت الأرحام، هنالك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. 14 – ثو: بهذا الإسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: سيأتي على امتي زمان لا يبقى من القرآن إلا رسمه، ولا من الإسلام إلا اسمه، يسمون به وهم أبعد الناس منه، مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، فقهاء ذلك الزمان شر فقهاء تحت ظل السماء، منهم خرجت الفتنه وإليهم تعود. بيان: لعل المراد عود ضررها إليهم في الدنيا والآخرة، أو أنهم مراجع لها


[ 110 ]

يؤوونها وينصرونها. 15 – غو، روي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا. قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا ؟ قال: اتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم. 16 – ختص: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من تعلم علما ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء، أو يصرف به الناس إلى نفسه يقول: أنا رئيسكم فليتبوأ مقعده من النار، إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها، فمن دعى الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه لم ينظر الله إليه يوم القيامة. 17 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام رب عالم قد قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه. بيان: قيل: أراد العلماء بما لا نفع فيه من العلوم كالسحر والنيرنجات وغير ذلك، ويحتمل أن يراد بالجهل الأهواء الباطلة والشهوات الفاسدة، فإنها ربما غلبت العقل والعلم. 18 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أشد الناس بلاءا وأعظمهم عناءا من بلي بلسان مطلق، وقلب مطبق، فهو لا يحمد إن سكت ولا يحسن إن نطق. 19 – وقال رسول الله صلى الله عليه واله: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم إتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فافتوا بغير علم فضلوا وأضلوا. 20 – منية المريد: عن النبي صلى الله عليه واله قال: إني لا أتخوف على امتي مؤمنا ولا مشركا، فأما المؤمن فيحجزه إيمانه، وأما المشرك فيقمعه كفره (1) ولكن أتخوف عليكم منافقا عليم اللسان يقول ما تعرفون ويعمل ما تنكرون. 21 – وقال صلى الله عليه واله: إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي كل منافق عليم اللسان. 22 – وقال صلى الله عليه واله: ألا إن شر الشر شرار العلماء وإن خير الخير خيار العلماء. 23 – وقال صلى الله عليه واله: من قال: أنا عالم فهو جاهل.


(1) أي فيذله ويقهره كفره.

[ 111 ]

24 – وقال صلى الله عليه واله: يظهر الدين حتى يجاوز البحار، ويخاض في سبيل الله ثم يأتي من بعدكم أقوام يقرؤون القرآن يقولون: قرأنا القرآن، من أقرأ منا ؟ ومن أفقه منا ؟ ومن أعلم منا ؟. ثم التفت إلى أصحابه فقال: هل في اولئك من خير ؟ قالوا: لا. قال: اولئك منكم من هذه الآية: واولئك هم وقود النار. 25 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام قسم ظهري عالم متهتك، وجاهل متنسك فالجاهل يغش الناس بتنسكه، والعالم يغرهم بتهتكه. (باب 16) * (النهى عن القول بغير علم، والافتاء بالرأى، وبيان شرائطه) * الايات، البقره: فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون 78 ” وقال تعالى “: أم تقولون على الله ما لا تعلمون 79 آل عمران: وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون 77 ” وقال تعالى “: فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فاولئك هم الظالمون 93 النساء: انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا 49 المائدة: ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون 43 ” وقال “: ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الظالمون 44 ” وقال “: ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الفاسقون 46 ” وقال تعالى “: ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثر هم لا يعقلون 102 الانعام: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون 21 ” وقال تعالى “: افتراءا عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون 137 ” وقال تعالى “: قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراءا على الله قد ظلوا وما كانوا مهتدين 139


[ 112 ]

الاعراف: قل إنما حرم ربي الفواحش ” إلى قوله “: وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون 32 ” وقال تعالى “: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته 36 ” وقال تعالى “: ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق 168 يونس: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون 16 ” وقال تعالى “: قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيمة 58، 59 و ” قال “: أتقولون على الله ما لا تعلمون قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون 67، 68، 69 هود: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا اولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين 17 النحل: إنما يفترى الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله 104 ” وقال تعالى: ” ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم 116، 117 الكهف: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا 14 طه: قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى 60 النور: وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم 16 العنكبوت: وليسئلن يوم القيمة عما كانوا يفترون 12 ” وقال تعالى “: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين 67 لقمان: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير 19 الزمر: فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين 31 ” وقال تعالى “: ويوم القيمة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين 59


[ 113 ]

الجاثية: وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون 23 الاحقاف: أم يقولون افتريه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا 7 الصف: ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام 6 الحاقة: ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين 44، 45، 46، 47 الجن: وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا 4 1 – كتاب عاصم بن حميد، عن خالد بن راشد، عن مولى لعبيدة السلماني قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام على منبر له من لبن: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أيها الناس اتقوا الله ولا تفتوا الناس بما لا تعلمون، إن رسول الله صلى الله عليه واله قال قولا آل منه إلى غيره وقال قولا. وضع على غير موضعه وكذب عليه. فقام إليه علقمة وعبيدة السلماني فقالا: يا أمير المؤمنين فما نصنع بما قد خبرنا في هذا الصحف عن أصحاب محمد صلى الله عليه واله ؟ قال: سلا عن ذلك علماء آل محمد صلى الله عليه واله. كأنه يعني نفسه. 2 – لى: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن معلى، عن ابن أسباط، عن جعفر بن سماعة، عن غير واحد، عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر الباقر عليه السلام: ما حق الله على العباد ؟ قال أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عند ما لا يعلمون. 3 – لى: أبي، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب، عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى عير عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما ولم يعلموا. قال الله عز و جل: ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق. وقال: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله. شى: عن إسحاق بن عبد العزيز مثله. شى: عن أبي السفاتج (1) مثله.


(1) جمع سفتجة – بضم السين وسكون الفاء وفتح التاء – معرب سفتة، وأبو السفاتج تكون كنية اسحاق بن عبد العزيز واسحاق بن عبد الله معا، عدهما الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، وحكى عن ابن الغضائري أنه قال: اسحاق بن عبد العزيز البزاز كوفى، يكنى أبا يعقوب ويلقب أبا السفاتج روى عن أبى عبد الله عليه السلام، يعرف حديثه تارة وينكر اخرى، ويجوز أن يخرج شاهدا.

[ 114 ]

بيان: قوله عليه السلام: أن لا يقولوا أي لئلا يقولوا. 4 – ب: أبو البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام قال لرجل وهو يوصيه: خذ مني خمسا: لا يرجون أحدكم إلا بربه، ولا يخاف إلا ذنبه، ولا يستحيي أن يتعلم ما لم يعلم (1)، ولا يستحيي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، واعلموا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد. كتاب المثنى بن الوليد، عن ميمون بن حمران، عنه عليه السلام مثله. 5 – ل: أبي عن محمد العطار، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن ابن عميرة، عن مفضل بن يزيد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال: أن تدين الله بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم. بيان: أن تدين الله أي تعبد الله بالباطل أي بدين باطل أو بعمل بدعة. 6 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن اليقطيني، عن يونس، عن ابن الحجاج قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إياك وخصلتين فيهما هلك من هلك: إياك أن تفتي الناس برأيك، أو تدين بما لا تعلم. 7 – ل: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن الواسطي يرفعه إلى زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن من حقيقة الإيمان أن تؤثر الحق وإن ضرك على الباطل وإن نفعك، وأن لا يجوز منطقك علمك. سن: أحمد، عن الواسطي مثله. 8 – ل: أبو منصور أحمد بن إبراهيم، عن زيد بن محمد البغدادي، عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد الطائي، عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام: خمس لو رحلتم فيهن ما قدرتم على مثلهن: لا يخاف عبد إلا ذنبه، ولا يرجو إلا ربه عز وجل، ولا يستحيي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم، ولا يستحيي أحد إذا لم يعلم أن يتعلم، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا إيمان لمن لا صبر له. 9 – ن: بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عليه السلام مثله إلا أن فيه: ولا يستحيي الجاهل


(1) وفى نسخة: ما لا يعلم.

[ 115 ]

إذا سئل عما لا يعلم أن يتعلم، ولا يستحيي أحدكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم. صح: عنه، عن آبائه عليهم السلام مثله. بيان: قوله: لو رحلتم فيهن لعل فيه مضافا محذوفا أي سافرتم في طلب مثلهن أو في استعلام قدرهن. 10 – ل: الحسن بن محمد السكوني بالكوفة، عن محمد بن عبد الله الحضرمي، عن سعيد بن عمر والأشعثي، عن سفيان بن عيينة، عن الشعبي قال: قال علي عليه السلام: خذوا عني كلمات لو ركبتم المطي فأنضيتموها لم تصيبوا مثلهن: ألا يرجو أحد إلا ربه، ولا يخاف إلا ذنبه، ولا يستحيي إذا لم يعلم أن يتعلم، ولا يستحيي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: الله أعلم. واعلموا أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس له نهج: عنه عليه السلام مثله. بيان: المطي على فعيل والمطايا هما جمعان للمطية وهي الدابة تسرع في سيرها. وقال الجزري: فيه: أن المؤمن لينضي شيطانه كما ينضي أحدكم بعيره أي يهزله ويجعله نضوا. والنضو: دابة هزلتها الأسفار ومنه حديث علي عليه السلام: كلمات لو رحمتم فيهن المطي لأنضيتموهن. 11 – ن: أبي، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن الرضا عليه السلام في خبر طويل قال: يا ابن أبي محمود إذا أخذ الناس يمينا وشمالا فألزم طريقتنا فإنه من لزمنا لزمناه، ومن فارقنا فارقناه، إن أدنى ما يخرج الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة: هذه نواة ثم يدين بذلك ويبرأ ممن خالفه، يا ابن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة. بيان: المراد ابتداع دين أو رأي أو عبادة والإصرار عليها حتى هذا الأمر المخالف للواقع الذي لا يترتب عليه فساد، والحاصل أن الغرض: التعميم في كل أمر يخالف الواقع فإن التدين به يخرج الرجل عن الإيمان المأخوذ فيه ترك الكبائر كما هو مصطلح الأخبار وسيأتي تحقيقها. 12 – ن: بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:


[ 116 ]

قال رسول الله صلى الله عليه واله: من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماوات والأرض. سن: أبي، عن فضالة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله مثله. سن: محمد بن عيسى، عن جعفر بن محمد أبي الصباح، عن إبراهيم بن أبي السماك (1)، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن عليه السلام مثله. سن: الجاموراني، عن ابن البطائني، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. صح: عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام مثله. 13 – ع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن عبد العظيم الحسني، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: ليس لك أن تقعد مع من شئت لأن الله تبارك وتعالى يقول: وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين. وليس لك أن تتكلم بما شئت لأن الله عز و جل قال: ولا تقف ما ليس لك به علم. ولأن رسول الله صلى الله عليه واله قال: رحم الله عبدا قال خيرا فغنم، أو صمت فسلم. وليس لك أن تسمع ما شئت لأن الله عز وجل يقول: إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا. بيان: الخطاب في الآية الاولى إما خطاب عام، أو المخاطب به ظاهرا الرسول والمراد به الامة. قوله تعالى: ولا تقف أي ولا تتبع. قوله تعالى: كل اولئك أي كل هذه الأعضاء، وأجراها مجرى العقلاء لما كانت مسؤولة عن أحوالها شاهدة على صاحبها. 14 – مع: العجلي، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول،


(1) قال صاحب تنقيح المقال: قال ابن داود: سمال باللام وتخفيف الميم، ومنهم من شددها ويفتح السين، كذا صنع النجاشي في ترجمة غالب بن عثمان المنقرى وفسره بالكحال. وقال في ايضاح الاشتباه: إبراهيم بن أبى بكر محمد بن الربيع يكنى بأبى بكر بن أبى السماك – بالسين المهملة المفتوحة والكاف أخيرا – واستظهر صاحب التنقيح أن إبراهيم بن أبى السمال هذا هو ابراهيم بن أبى بكر محمد ابن الربيع الثقة عند النجاشي.

[ 117 ]

عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من استأكل بعلمه افتقر، فقلت له: جعلت فداك إن في شيعتك ومواليك قوما يتحملون علومكم، ويبثونها في شيعتكم فلا يعدمون على ذلك منهم البر والصلة والإكرام، فقال عليه السلام: ليس اولئك بمستأكلين، إنما المستأكل بعلمه الذي يفتي بغير علم ولا هدى من الله عز وجل ليبطل به الحقوق طمعا في حطام الدنيا. 15 – مع ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هشام، عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن من أجاب في كل ما يسئل عنه لمجنون. 16 – مع: أبي، عن محمد بن يحيى، عن سهل، عن جعفر الكوفي، عن الدهقان، عن درست، عن ابن عبد الحميد، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: اتقوا تكذيب الله، قيل: يا رسول الله وكيف ذاك ؟ قال: يقول أحدكم: قال الله. فيقول الله عز وجل: كذبت لم أقله. ويقول: لم يقل الله. فيقول عز وجل: كذبت قد قلته. 17 – ثو: ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن عبد الرحمن بن محمد الأسدي، عن أبي خديجة (1)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكذب على الله عز وجل وعلى رسوله وعلى الأوصياء عليهم الصلاة والسلام من الكبائر. وقال رسول الله صلى الله عليه واله: من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار. سن: محمد بن علي وعلي بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن محمد الأسدي مثله. 18 – كش: سعد، عن اليقطيني، عن أخيه جعفر بن عيسى، وعلي بن إسماعيل، عن الرضا عليه السلام قال: والله ما أحد يكذب علينا إلا ويذيقه الله حر الحديد. 19 – سن: أبي عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي عبيدة، عن أبي سخيلة (2) قال: سمعت عليا عليه السلام على منبر الكوفة يقول: أيها الناس ثلاث لا دين لهم: لا دين لمن دان بجحود آية من كتاب الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بطاعة من عصى الله تبارك وتعالى، ثم قال: أيها الناس لا خير في دين لا تفقه فيه،


(1) هو سالم بن مكرم بن عبد الله، وكان كنيته أبى سلمة فغيرها وكناه بذلك. (2) بضم السين وفتح الخاء المعجمة هو عاصم بن ظريف.

[ 118 ]

ولا خير في دنيا لا تدبر فيها، ولا خير في نسك لا ورع فيه. 20 – سن: علي بن حسان الواسطي والبزنطي، عن درست، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حق الله على خلقه ؟ قال: حق الله على خلقه أن يقولوا ما يعلمون ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد والله أدوا إليه حقه. 21 – سن: أبي، عن ابن المغيرة، عن ابن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إياك وخصلتين مهلكتين: أن تفتي الناس برأيك، أو تقول ما لا تعلم. 22 – سن: ابن فضال، عن ثعلبة، عن ابن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مجالسة أصحاب الرأى فقال: جالسهم وإياك وخصلتين هلك فيهما الرجال: أن تدين بشئ من رأيك، أو تفتي الناس بغير علم. بيان: أن تدين أي تعتقد أو تعبد الله. 23 – سن: ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه. بيان: بغير علم أي من الله بغير واسطة بشر كما للنبي وبعض علوم الأئمة عليهم السلام، والهدى كسائر علومهم وعلوم سائر الناس، ويحتمل أن يكون المراد بالهدى الظنون المعتبرة شرعا، ويحتمل التأكيد. والفتيا بالضم الفتوى. 24 – سن: أبي، عن يونس عن داود بن فرقد، عمن حدثه، عن عبد الله بن شبرمة (1) قال: ما أذكر حديثا سمعته من جعفر بن محمد عليهما السلام إلا كاد يتصدع قلبي قال: قال أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه واله قال ابن شبرمة: واقسم بالله ما كذب أبوه على جده ولا كذب جده على رسول الله. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من عمل بالمقائيس فقد هلك و


(1) بفتح الشين أو ضمها على اختلاف وسكون الباء وضم الراء هو عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان بن المنذر بن ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد بن كعب بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبية الكوفى أبو شبرمة عم عمارة بن القعقاع، وعمارة أكبر منه حكى ذلك عن المقدسي. والذى يستفاد من التراجم ومن احاديثنا أن الرجل كان من علماء العامة عاملا بالقياس، قاضيا للمنصور الدوانيقي على سواد الكوفة ويأتى في باب البدع والرأى والمقائيس ما يدل على ذلك وعلى ذمه.

[ 119 ]

أهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك. (1) 25 – سن: الوشاء، عن أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما علمتم فقولوا، وما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم إن الرجل لينتزع بالآية من القرآن يخر فيها أبعد من السماء. بيان: في الكافي: لينزع الآية من القرآن. والخرور: السقوط من علو إلى سفل أي يبعد من رحمة الله بأبعد مما بين السماء والأرض، أو يتضرر في آخرته بأكثر مما يتضرر الساقط من هذا البعد في دنياه، أو يبعد عن مراد الله فيها بأكثر من ذلك البعد من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس. 26 – سن: أبي، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الهيثم، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سئل الرجل منكم عما لا يعلم فليقل: لا أدري ولا يقل: ألله أعلم فيوقع في قلب صاحب شكا، وإذا قال المسؤول: لا أدري. فلا يتهمه السائل. 27 – سن: أبي: عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: للعالم إذا سئل عن شئ وهو لا يعلمه أن يقول: ألله أعلم، وليس لغير العالم أن يقول ذلك. بيان: لا ينافي الخبر السابق لان الظاهر أن الخبر السابق مخصوص بغير العالم، على أنه يمكن أن يخص ذلك بمن يتهمه السائل بالضنة عن الجواب إذا قال: ألله أعلم. 28 – سن: أبي، عن ابن المغيرة، عن فضيل بن عثمان، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سئلت عما لا تعلم فقل: لا أدري فإن لا أدري خير من الفتيا. 29 – سن: جعفر بن محمد، عن عبيد الله الأشعري: عن ابن القداح، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال علي عليه السلام في كلام له: لا يستحيي العالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا علم لي به.


(1) أورد الحديث عن الامالى في باب البدع والرأى والمقائيس.

[ 120 ]

30 – سن: ابن فضال، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن رجل لم يسمه أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام رجلان تدارئا في شئ، فقال أحدهما: أشهد أن هذا كذا وكذا برأيه فوافق الحق، وكف الآخر فقال: القول قول العلماء. فقال: هذا أفضل الرجلين، أو قال: أورعهما. بيان: قال الجوهري: تدارأوا: تدافعوا في الخصومة. 31 – سن: أبي، عن محمد بن سنان، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا لم يجحدوا ولم يكفروا. 32 – سن: أبي عمن حدثه، رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إنه لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه، والتثبت فيه، والرد إلى أئمة المسلمين حتى يعرفوكم فيه الحق، ويحملوكم فيه على القصد، قال الله عز وجل: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. 33 – سن: ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة بن الطيار: أنه عرض على أبي عبد الله عليه السلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال له: كف. قال أبو عبد الله عليه السلام: اكتب، فأملى عليه: أنه لا ينفعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه، والتثبت فيه، ورده إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد. بيان: الأمر بالكف والسكوت اما لأن من عرض الخطبة فسر هذا الموضع برأيه وأخطأ، أو لأنه كان في هذا الموضع غموض ولم يتثبت عنده وليطلب تفسيره، أو لأنه عليه السلام أراد إنشاء ذلك فاستعجل لشدة الاهتمام. 34 – مص: قال الصادق عليه السلام: لا تحل الفتيا لمن لا يستفتي من الله عز وجل بصفاء سره وإخلاص عمله وعلانيته وبرهان من ربه في كل حال، لأن من أفتى فقد حكم، والحكم لا يصح إلا بإذن من الله وبرهانه، ومن حكم بالخبر بلا معاينة فهو جاهل مأخوذ بجهله مأثوم بحكمه، قال النبي صلى الله عليه واله: أجرؤكم بالفتيا أجرؤكم على الله عز وجل. أو لا يعلم المفتي أنه هو الذي يدخل بين الله تعالى وبين عباده وهو الحاجز بين الجنة والنار ؟ (1)


(1) يحتمل أن يكون هو تتمة كلام الصادق عليه السلام أو حديثا مستقلا رواه صاحب المصباح، والاحتمالان يجريان في قوله بعد ذلك: قال أمير المؤمنين عليه السلام، فعلى الاحتمال الاول أدرج صاحب المصباح كلاما لنفسه بين الجملتين وهو قوله: قال سفيان الخ.

[ 121 ]

قال سفيان بن عيينة: ينتفع بعلمي غيري وأنا قد حرمت نفسي نفعها، ولا تحل الفتيا في الحلال والحرام بين الخلق إلا لمن كان أتبع الخلق من أهل زمانه وناحيته وبلده بالنبي صلى الله عليه واله. (1) قال أمير المؤمنين عليه السلام لقاض: هل تعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال: لا. قال: فهل اشرقت على مراد الله عز وجل في أمثال القرآن ؟ قال: لا. قال: إذا هلكت وأهلكت. والمفتي يحتاج إلى معرفة معاني القرآن وحقائق السنن وبواطن الإشارات والآداب و الإجماع والاختلاف والاطلاع على اصول ما أجمعوا عليه وما اختلفوا فيه ثم حسن الاختيار ثم العمل الصالح ثم الحكمة ثم التقوى ثم حينئذ إن قدر. (2) بيان: قوله ومن حكم بالخبر بلا معاينة أي بلا علم بمعنى الخبر ووجه صدوره وكيفية الجمع بينه وبين غيره. 35 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله: من أفتى الناس بغير علم كان ما يفسده من الدين أكثر مما يصلحه. 36 – وقال صلى الله عليه واله: من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك. (3) 37 – جا: الجعابي، عن عبد الله بن إسحاق، عن إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن أبي قطر، عن هشام الدمتواني، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينزعه بين الناس (4) ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، وإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فسألوهم فقالوا بغير علم فضلوا وأضلوا. 38 – جا: أبو غالب الزراري، عن عمه علي بن سليمان، عن الطيالسي، عن العلاء، عن محمد، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن


(1) الظاهر أن جملة ” قال سفيان الخ ” تكون لصاحب مصباح الشريعة، لانهم عليهم السلام معادن العلوم والحكم، ينحدر عنهم السبيل ولا يرقى إليهم الطير، لم يحتاجوا إلى نقل كلام من الغير والاستشهاد به. كما أن المحتمل كون جملة ” والمفتى يحتاج الخ ” منه لا من الامام عليه السلام. (2) وفى نسخة: ثم الحكم حينئذ ان قدر. (3) تقدم الحديث مسندا تحت الرقم 24. (4) وفى نسخة: عن الناس.

[ 122 ]

دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله. 39 – كش: حمدويه، وإبراهيم ابنا نصير، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن حسين بن معاذ، عن أبيه معاذ بن مسلم النحوي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: بلغني أنك تقعد في الجامع فتفتي الناس قال: قلت: نعم وقد أردت أن أسألك عن ذلك قبل أن أخرج، إني أقعد في الجامع فيجئ الرجل فيسألني عن الشئ فإذا عرفته بالخلاف لكم أخبرته بما يقولون، ويجئ الرجل أعرفه بحبكم أو بمودتكم فاخبره بما جاء عنكم، ويجئ الرجل لا أعرفه ولا أدري من هو فأقول: جاء عن فلان كذا، وجاء عن فلان كذا فادخل قولكم فيما بين ذلك قال: فقال لي: اصنع كذا فإني أصنع كذا. 40 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء (1) وملائكة الأرض. 41 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من ترك قول لا أدري اصيبت مقاتله. بيان: أي من أجاب عن كل سؤال هلك، وفي بعض النسخ: اصبيت كلمته ” بتقديم الموحدة ” أي اميلت كلمته في الجواب إلى الجهل. 42 – نهج: لا تقل ما لا تعلم بل لا تقل كل ما تعلم، فإن الله سبحانه قد فرض على جوارحك كلها فرائض يحتج بها عليك يوم القيامة. 43 – وقال عليه السلام: علامة الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك، وأن لا يكون في حديثك فضل عن علمك، وأن تتقي الله في حديث غيرك. بيان: لعل الضرر محمول على ما لا يبلغ حدا يجب فيه التقية، وحديث الغير يحتمل الرواية والغيبة وأشباههما، أو المراد عدم مبادرة كلام الغير بالرد وإنكاره مع العلم بحقيته حسدا ومراءا. 44 – نهج: في وصيته للحسن عليه السلام: لا تقل ما لا تعلم وإن قل ما تعلم. 45 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لو سكت من لا يعلم سقط الاختلاف.


(1) وفى نسخة: ملائكة السماوات.

[ 123 ]

46 – منية المريد: عن النبي صلى الله عليه واله قال: المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور. بيان: قال في النهاية: فيه: المتشبع بما لا يملك كلابس ثوبي زور أي المتكثر بأكثر مما عنده ويتجمل بذلك كالذي يرى أنه شبعان وليس كذلك، ومن فعله فإنما يسخر من نفسه وهو من أفعال ذوي الزور، بل هو في نفسه زور أي كذب. 47 – منية المريد: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من أفتى بفتيا من غير تثبت – وفي لفظ: بغير علم – فإنما إثمه على من أفتاه. 48 – وقال صلى الله عليه واله: أجرؤكم على الفتوى أجرؤكم على النار. 49 – وقال صلى الله عليه واله: أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي، أو رجل يضل الناس بغير علم، أو مصور يصور التماثيل. 50 – وروي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر (1) – أحد فقهاء المدينة المتفق على


(1) أورد ابن خلكان ترجمته في ” ج 1 من وفيات الاعيان ص 456 ط ايران ” وقال: أبو محمد القاسم بن محمد بن ابى الصديق نسبه معروف فلا حاجة إلى رفعه، كان من سادات التابعين وأحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وكان أفضل أهل زمانه، روى عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم، وروى عنه جماعة من كبار التابعين. قال يحيى بن سعيد: ما أدركنا أحدا نفضله على القاسم بن محمد. وقال مالك: كان القاسم من فقهاء هذه الامة. وقد تقدم في ترجمة زين العابدين على بن الحسين عليهما السلام أنهما كانا ابني خالة، وأن القاسم بن محمد والدته ابنة يزد جرد آخر ملوك الفرس وكذلك زين العابدين وسالم بن عمر، والقصة مستوفاة هناك، توفى سنة احدى أو اثنتين ومائة، وقيل: سنة ثمان وقيل سنة اثنتا عشرة ومائة ” بقديد ” وكان عمره سبعين سنة. أو اثنتين وسبعين سنة وقديد – بضم القاف وفتح الدال المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها دال مهملة – هو منزل بين مكة و مدينة. انتهى كلامه. أقول عده الشيخ من اصحاب السجاد والباقر عليهما السلام في رجاله وروى الحميرى في قرب الاسناد عن ابن عيسى البزنطى قال: ذكر عند الرضا عليه السلام القاسم بن محمد خال أبيه وسعيد بن المسيب فقال: كانا على هذا الامر. وقال الكليني في كتابه الاصول الكافي في باب مولد جعفر بن محمد عليهما السلام: ولد أبو عبد الله عليه السلام ” إلى أن قال “: وكان امه ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر، وامها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر ” ثم قال “: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن أحمد، عن ابراهيم بن الحسن قال: حدثنى وهب بن حفص، عن اسحاق بن جرير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كان سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد بن أبى بكر وأبو خالد الكابلي من ثقاة على بن الحسين عليهما السلام، وكانت امى ممن آمنت واتقت وأحسنت والله يحب المحسنين.

[ 124 ]

علمه وفقهه بين المسلمين – أنه سئل عن شئ فقال: لا أحسنه فقال السائل: إني جئت إليك لا أعرف غيرك. فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي وكثرة الناس حولي والله ما أحسنه. فقال شيخ من قريش جالس إلى جنبه: يا ابن أخي ألزمها، فقال: فوالله ما رأيتك في مجلس أنبل منك اليوم. فقال القاسم: والله لأن يقطع لساني أحب إلي أن أتكلم بما لا علم لي به. (باب 17) * (ما جاء في تجويز المجادلة والمخاصمة في الدين والنهى عن المراء) * الايات، آل عمران: ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون 65 الاعراف: أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان 70 الانفال يجادلونك في الحق بعد ما تبين 5 النحل: وجادلهم بالتي هي أحسن 124 الكهف: فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا 21 ” وقال تعالى “: وكان الإنسان أكثر شئ جدلا 53 ” وقال تعالى “: ويجادل الذين كفروا بالباطل ليدحضوا به الحق واتخذوا آياتي وما انذروا هزوا 55 مريم: وتنذر به قوما لدا 96 الحج: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد 2 ” وقال تعالى “: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق 7، 8 ” وقال تعالى “: وإن جادلوك فقل الله أعلم بما لا تعملون 67 الفرقان: فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا 51 النمل: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين 63 العنكبوت: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم 45


[ 125 ]

المومن: ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا 3 ” وقال سبحانه “: وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق 4 ” وقال تعالى “: الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتيهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا 35 ” وقال سبحانه “: إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتيهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه 55 ” وقال تعالى “: ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون 68 حمعسق: والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد 15 ” وقال تعالى “: ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد 17 ” وقال تعالى “: ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص 34 الزخرف: ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون 57 1 – ج: روي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: نحن المجادلون في دين الله. 2 – ج: بالإسناد عن أبي محمد العسكري عليه السلام قال: ذكر عند الصادق عليه السلام الجدال في الدين، وإن رسول الله صلى الله عليه واله والأئمة المعصومين عليهم السلام قد نهوا عنه، فقال الصادق عليه السلام: لم ينه عنه مطلقا لكنه نهي عن الجدال بغير التي هي أحسن. أما تسمعون الله يقول ؟: ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن ” وقوله تعالى “: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن. فالجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين، والجدال بغير التي هي أحسن محرم وحرمه الله تعالى على شيعتنا، وكيف يحرم الله الجدال جملة وهو يقول ؟: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى. ” قال الله تعالى “: تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. فجعل علم الصدق والإيمان بالبرهان وهل يؤتى بالبرهان إلا في الجدال بالتي هي أحسن ؟ قيل: يا ابن رسول الله فما الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن ؟ قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن أن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله تعالى ولكن تجحد قوله، أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم وعلى المبطلين


[ 126 ]

أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف في يده حجة له على باطله، وأما الضعفاء منكم فتغم قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل، وأما الجدال التي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له فقال الله حاكيا عنه: وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم. فقال الله في الرد عليه: قل – يا محمد – يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون. فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم ؟ فقال الله تعالى: قل يحييها الذي أنشأها أول مرة. أفيعجز من ابتدى به لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلى ؟ بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته. ثم قال: الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا. أي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب يستخرجها فعرفكم أنه على إعادة ما بلى أقدر. ثم قال: أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم. أي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم والأصعب لديكم ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي ؟ ! قال الصادق عليه السلام: فهذا الجدال بالتي هي أحسن لأن فيها قطع عذر الكافرين وإزالة شبههم. وأما الجدال بغير التي هي أحسن بأن تجحد حقا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله وإنما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحق فهذا هو المحرم لأنك مثله، جحد هو حقا وجحدت أنت حقا آخر. م: فقال: فقام إليه رجل وقال: يا ابن رسول الله أفجادل رسول الله صلى الله عليه واله ؟ فقال الصادق مهما ظننت برسول الله صلى الله عليه واله من شئ فلا تظن به مخالفة الله أو ليس الله تعالى قال ؟: وجادلهم بالتي هي أحسن. وقال: قل يحييها الذي أنشأها أول مرة. لمن ضرب لله مثلا أفتظن أن رسول الله صلى الله عليه واله خالف ما أمره الله به فلم يجادل بما أمره الله به ولم يخبر عن الله بما أمره أن يخبر به ؟ !. بيان: الشجر الأخضر الذي ينقدح منه النار هو شجر المرخ والعفار، نوعان من


[ 127 ]

الشجر في البادية يسحق المرخ على العفار وهما خضراوان يقطر منهما الماء فينقدح النار ويظهر من تفسيره عليه السلام أنه تظهر منه النار الكامنة فيه لا أنها تحصل من سحقهما بالاستحالة كما هو المشهور بين الحكماء. وسيأتي تفصيل القول فيه في كتاب السماء والعالم. قوله عليه السلام: وقدركم – محركة – أي طاقتكم، أو بسكون الدال أي قوتكم ذكرهما الفيروز آبادي. 3 – لى: في رواية يونس بن ظبيان، عن الصادق عليه السلام فيما روي عن النبي صلى الله عليه واله من جوامع كلماته أنه قال: أورع الناس من ترك المراء وإن كان محقا. بيان: المراء: الجدال، ويظهر من الأخبار أن المذموم منه هو ما كان الغرض فيه الغلبة وإظهار الكمال والفخر، أو التعصب وترويج الباطل، وأما ما كان لإظهار الحق ورفع الباطل، ودفع الشبه عن الدين، إرشاد المضلين فهو من أعظم أركان الدين لكن التميز بينهما في غاية الصعوبة والإشكال، وكثيرا ما يشتبه أحدهما بالآخر في بادي النظر وللنفس فيه تسويلات خفية لا يمكن التخلص منها إلا بفضله تعالى. 4 – لى: أبي، عن سعد، عن النهدي، عن ابن محبوب، عن الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سئل الصادق عليه السلام عن الخمر فقال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن أول ما نهاني عنه ربي عز وجل عن عبادة الأوثان وشرب الخمر وملاحاة الرجال. الخبر. بيان: قال الجزري: فيه: نهيت عن ملاحاة الرجال أي مقاولتهم ومخاصمتهم تقول: لاحيته ملاحاة ولحاءا إذا نازعته. 5 – لى: أبي، عن الحميري، عن ابن عيسي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن الحذاء (1) قال: قال أبو جعفر عليه السلام يا زياد إياك والخصومات فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي صاحبها، وعسى أن يتكلم الرجل بالشئ لا يغفر له. الخبر. بيان: لعل المراد الخصومة فيما نهي عن التكلم فيه: من التفكر في ذاته تعالى أو في كنه صفاته أو في مسألة القضاء والقدر والجبر والاختيار وأمثالها كما يؤمي إليه آخر الكلام.


(1) بفتح الحاء المهملة والذال المعجمة المشددة هو زياد بن عيسى أبو عبيدة الحذاء الكوفى الثقة، روى عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام.

[ 128 ]

6 – لى: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن عنبسة العابد، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب عن ذكر الله عز وجل وتورث النفاق وتكسب الضغائن وتستجير الكذب. ايضاح: الضغائن جمع الضغينة وهي الحقد والعداوة والبغضاء. قوله: تستجير في بعض النسخ بالزاء المعجمة أي يضطر في المجادلة إلى الكذب وقول الباطل فيظنه جائزا للضرورة بزعمه، وفي بعضها بالمهملة أي يطلب الإجارة والأمان من الكذب ويلجأ إليه للتخلص من غلبة الخصم. 7 – لى: أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن الدهقان، عن درست، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام قال: من لاحى الرجال ذهبت مروته. الخبر. 8 – ل: الخليل بن أحمد، عن أبي العباس السراج، عن قتيبة، عن قرعة، عن إسماعيل بن اسيد، عن جبلة الإفريقي أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة، وبيت في وسط الجنة وبيت في أعلى الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، ولمن ترك الكذب وإن كان هازلا، ولمن حسن خلقه. بيان: الزعيم: الكفيل والضامن. وربض الجنة أي سافلها وما قرب من بابها وسورها. قال في النهاية: فيه: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة هو بفتح الباء: ما حولها خارجا عنها تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع انتهى. والهزل: نقيض الجد. 9 – ل: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة ؟ من أنفق ولم يخف فقرا، وأنصف الناس من نفسه، وأفشى السلام في العالم، وترك المراء وإن كان محقا. سن: أبي، عن محمد بن سنان مثله. 10 – ل: ابن الوليد، عن الحميري، عن هارون، عن ابن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه، عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أربع يمتن القلوب: الذنب على الذنب، و كثرة مناقشة النساء – يعني محادثتهن – ومماراة الأحمق تقول ويقول ولا يرجع إلى


[ 129 ]

خير، ومجالسة الموتى. فقيل له: يا رسول الله وما الموتى ؟ قال كل غني مترف. 11 – ل: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد (1)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إن المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه، وقلة المراء، وحلمه، وصبره، وحسن خلقه. بيان: أي سبب المعرفة. 12 – ل: أبي وابن الوليد معا، عن محمد العطار وأحمد بن إدريس معا، عن الأشعري قال، حدثني بعض أصحابنا – يعني جعفر بن محمد بن عبيد الله – عن أبي يحيى الواسطي، عمن ذكره أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام: أترى هذا الخلق كله من الناس ؟ فقال: ألق منهم التارك للسواك، والمتربع في موضع الضيق، والداخل فيما لا يعنيه، والمماري فيما لا علم له به، والمتمرض من غير علة، والمتشعث من غير مصيبة، والمخالف على أصحابه في الحق وقد اتفقوا عليه، والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم فهو بمنزلة الخلنج يقشر لحا من لحا حتى يوصل إلى جوهريته، وهو كما قال الله عز وجل: إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا. بيان: الخلنج كسمند: شجر – فارسي معرب – وكانوا ينحتون منه القصاع، و الظاهر أنه شبه من يفتخر بآبائه مع كونه خاليا عن صالح أعمالهم بلحا شجر الخلنج فإن لحاه فاسد، ولا ينفع اللحاكون لبه صالحا لأن ينحت منه الأشياء، بل إذا أرادوا ذلك قشروا لحاه ونبذوها وانتفعوا بلبه وأصله، فكما لا ينفع صلاح اللب للقشر مع مجاورته له فكذا لا ينفع صلاح الآباء للمفتخر بهم مع كونه فاسدا. ل: في الأربعمائة ما يناسب الباب. 13 – ن: بإسناد التميمي، عن الرضا، عن آ بائه، عن علي عليهم السلام قال: لعن الله الذين يجادلون في دينه اولئك ملعونون على لسان نبيه صلى الله عليه واله. 14 – ما: في وصية أمير المؤمنين عليه السلام عند وفاته: دع المماراة و مجاراة من لا عقل له ولا علم.


(1) بفتح الواو واللام المشددة هو حفص بن سالم أبو ولاد الحناط الكوفى مولى حنفى الثقة، وحكى عن ابن الغضائري أن اسم أبيه يونس.

[ 130 ]

بيان: المجاراة الجري مع الخصم في المناظرة. 15 – ما: المفيد، عن الحسن بن حمزة الحسني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن بزيع (1)، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام أنه قال: لأصحابه: اسمعوا مني كلاما هو خير لكم من الدهم الموقفة: لا يتكلم أحدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيرا من الكلام فيما يعنيه حتى يجد له موضعا، فرب متكلم في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه، ولا يمارين أحدكم سفيها ولا حليما فإنه من مارى حليما أقصاه، ومن مارى سفيها أرداه، واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه، واعلموا عمل من يعلم أنه مجازى بالإحسان ماخوذ بالأجرام. ايضاح: الدهم بالضم جمع أدهم أي خير لكم من الخيول السود التي اوقفت و هيئت لكم ولحوائجكم، أو بالفتح أي العدد الكثير من الناس اوقفت عندكم يطيعونكم فيما تأمرونهم، والأول أظهر. قوله عليه السلام: أقصاه أي أبعده عن نفسه أي هو موجب لقطع محبته ورفع الفتنة، أو أبعده عن الحق. قوله عليه السلام: أرداه أي أهلكه بأن صار سببا لصدور السفاهة عنه فأهلكه، أو صار سببا لرسوخه في باطله. 16 – ما: بإسناد أبي قتادة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وصية ورقة بن نوفل لخديجة بنت خويلد عليها السلام إذا دخل عليها يقول لها، يا بنت أخي لا تماري جاهلا ولا


(1) بفتح الباء وكسر الزاى، قال النجاشي في ص 233: محمد بن اسماعيل بن بزيع أبو جعفر مولى المنصور أبى جعفر، وولد بزيع بيت منهم حمزة بن بزيع، كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم، كثير العمل، له كتب منها كتاب ثواب الحج وكتاب الحج ” إلى أن قال ” قال محمد بن عمر الكشى: كان محمد بن اسماعيل بن بزيع من رجال أبى الحسن موسى عليه السلام وأدرك أبا جعفر الثاني عليه السلام. وقال أبو العباس بن سعيد في تاريخه: ان محمد بن اسماعيل بن بزيع سمع منصور بن يونس وحماد بن عيسى ويونس بن عبد الرحمن وهذه الطبقة كلها. وقال سألت عنه على بن الحسن فقال: ثقة، ثقة. وقال محمد بن يحيى العطاء: أخبرنا محمد بن أحمد بن يحيى قال: كنت بفيد فقال لى محمد بن على بن بلال: مر بنا إلى قبر محمد بن اسماعيل بن بزيع لنزوره فلما أتيناه جلس عند راسه مستقبل القبلة والقبر امامه ثم قال: أخبرني صاحب هذا القبر – يعنى محمد بن اسماعيل – أنه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: من زار قبر أخيه ووضع يده على قبره وقرأ انا أنزلناه في ليلة القدر امن من فزع الاكبر.

[ 131 ]

عالما فإنك متى ماريت جاهلا أذلك، ومتى ماريت عالما منعك علمه، وإنما يسعد بالعلماء من أطاعهم. الخبر. 17 – ما: جماعة، عن أبي المفضل الشيباني، عن محمد بن محمد بن معقل، عن محمد بن الحسن بن بنت إلياس، عن أبيه، عن الرضا، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إياكم ومشارة الناس فإنها تظهر العرة وتدفن الغرة. بيان: الاولى بالعين المهملة والثانية بالمعجمة وكلتاهما مضمومتان. قال الجزري في المهملة: فيه: إياكم ومشارة الناس فإنها تظهر العرة. العرة هي القذر وعذرة الناس فاستعير للمساوي والمثالب. وقال في المعجمة: ومنه الحديث: إياكم ومشارة الناس فإنها تدفن الغرة وتظهر العرة. الغرة ههنا: الحسن والعمل الصالح شبهه بغرة الفرس وكل شئ ترفع قيمته فهو غرة انتهى. وفي بعض النسخ: ومشارة الناس. وهي إيصال الشر إلى الغير لتحوجه إلى أن يوصله إليك. وفي بعضها: ومشاجرة الناس. أي منازعتهم. 18 – ع: أبي، عن سعد، عن يعقوب بن يزيد، عن الغفاري (1)، عن أبي جعفر بن إبراهيم (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله إياكم وجدال كل مفتون فإن كل مفتون ملقن حجته إلى انقضاء مدته، فإذا انقضت مدته أحرقته فتنته بالنار. (3) بيان: أي يلقنه الشيطان حجته. ين: محمد بن سنان، عن جعفر بن إبراهيم مثله. 19 – مع: في كلمات النبي صلى الله عليه واله برواية الثمالي، عن الصادق عليه السلام: أورع الناس من ترك المراء وإن كان محقا. (4) 20 – أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: إن من التواضع أن يرضى الرجل بالمجلس دون المجلس، وأن يسلم


(1) لعله عبد الله بن ابراهيم بن أبى عمرو الانصاري الغفاري. (2) لعل الصحيح جعفر بن ابراهيم كما يأتي عن ” ين ” وهو جعفر بن ابراهيم الجعفري الهاشمي المدنى، نقل عن جامع الروات رواية عبد الله بن ابراهيم الغفاري عنه (3) يأتي الحديث تحت الرقم 35 عن أبى محمد الغفاري عن أبى عبد الله عليه السلام. (4) وتقدم بطريق آخر تحت الرقم 3 ويأتى في الحديث التالى.

[ 132 ]

على من يلقى، وأن يترك المراء وإن كان محقا، ولا يحب أن يحمد على التقوى. بيان: قوله عليه السلام: بالمجلس دون المجلس أي بمجلس دون مجلس آخر أي بأي مجلس كان، أو دون المجلس الذي ينبغي في العرف أن يجلس فيه أي أدون منه، أو أدون من مجلس غيره. 21 – سن: أبي، عن القاسم بن محمد، عن البطائني، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تخاصموا الناس فإن الناس لو استطاعوا أن يحبونا لأحبونا إن الله أخذ ميثاق الناس فلا يزيد فيهم أحد أبدا ولا ينقص منهم أحد أبدا. (1) بيان: سيأتي الكلام في تحقيق هذه الأخبار في كتاب العدل والمعاد. 22 – ير: محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يهلك أصحاب الكلام وينجو المسلمون إن المسلمين هم النجباء. 23 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن معروف، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن اذينة، عن الحضرمي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يهلك أصحاب الكلام وينجو المسلمون إن المسلمين هم النجباء، يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد. أما والله لو علموا كيف كان أصل الخلق ما اختلف إثنان. (2) بيان: يقولون أي يقول المتكلمون لما أسسوه بعقولهم الناقصة. هذا ينقاد أي يستقيم على اصولنا وهذا لا ينقاد أي لا يجرى على الاصول الكلامية، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما يقوله أهل المناظرة في مجادلاتهم: سلمنا هذا ولكن لا نسلم ذلك، والأول أظهر. قوله عليه السلام: لو علموا كيف كان بدؤ الخلق لعل المراد أن مناظراتهم في حقائق الأشياء و كيفياتها وكيفية صدورها عن الله تعالى إنما هو لجهلهم بأصل الخلق وإنما يقولون بعقولهم ويثبتون باصولهم مقدمات فاسدة ويبنون عليها تلك الامور التي يرجع جل علم الكلام إليها فلو كانوا عالمين بكيفية الخلق وأصله لما اختلفوا، ويحتمل أن يكون المراد العلم بكيفية خلق أفراد البشر واختلاف أفهامهم واستعداداتهم فلو علموا ذلك لم


(1) يأتي الخبر بهذا الاسناد عن أبى عبد الله عليه السلام تحت الرقم 28. (2) يأتي الحديث بطريق آخر تحت الرقم 34

[ 133 ]

يتنازعوا ولم يتشاجروا ولم يكلفوا أحدا التصديق بما هو فوق طاقته، ولم يتعرضوا لفهم ما لم يكلفوا بفهمه، ولا يحيط به علمهم، واعترفوا بالعجز وقصور المدارك ولم يعرضوا أنفسهم للوقوع في المهالك. 24 – سن: ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اجعلوا أمركم لله، ولا تجعلوه للناس فإن ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، فلا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إن الله قال لنبيه صلى الله عليه واله: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء. وقال: أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين. ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس، وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه واله وعلي عليه السلام ولا سواء. إني سمعت أبي عليه السلام يقول: إن الله إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الأمر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره. (1) 25 – سن: أبي، عن صفوان وفضالة، عن داود بن فرقد قال: كان أبي يقول: ما لكم ولدعاء الناس إنه لا يدخل في هذا الأمر إلا من كتب الله عز وجل له. 26 – سن: أبي، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن ثابت (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا ثابت ما لكم وللناس ؟. 27 – سن: أبي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رجلا أتى أبي فقال: إني رجل خصم اخاصم من احب أن


(1): الوكر: عش الطائر وموضعه. (2) هو ثابت بن سعيد على ما يستفاد من الحديث الاول من باب الهداية من الكافي، والحديث هكذا: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن اسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن ثابت بن سعيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا ثابت ما لكم وللناس ؟ كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماوات وأهل الارضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما استطاعوا على أن يهدوه، ولو أن أهل السماوات وأهل الارضين اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلوه، كفوا عن الناس ولا يقول أحد: عمى وأخى وابن عمى وجاري فان الله إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع معروفا الا عرفه، ولا منكرا الا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره.

[ 134 ]

يدخل في هذا الأمر ؟ فقال له ابي: لا تخاصم أحدا فإن الله إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه حتى أنه ليبصر به الرجل منكم يشتهي لقاءه. قال: وحدثني عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن ثابت، عن أبي عبد الله عليه السلام. بيان: النكت: أن تضرب في الأرض بخشب فيؤثر فيها. والنقش في الأرض. و المراد إلقاء الحق فيه وإثباته بحيث تنتقش به وتقبله، والظاهر أن الغرض من تلك الأخبار ترك مجادلة من لا يؤثر الحق فيه وتجب التقية منه، ولما كانوا في غاية الحرص على دخول الناس في الإيمان كانوا يتعرضون للمهالك فبين عليه السلام أنه ليس كل من تلقون إليه شيئا من الخير يقبله بل لابد من شرائط يفقدها كثير من الناس وإن كان فقدها بسوء إختيارهم، وسنفصل القول فيها في محله إن شاء الله. 28 – سن: أبي، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا تخاصموا الناس فإن الناس لو استطاعوا أن يحبونا لأحبونا، إن الله أخذ ميثاق شيعتنا يوم أخذ ميثاق النبيين فلا يزيد فيهم أحد أبدا، ولا ينقص منهم أحد أبدا (1) 29 – سن: أبي، عن القاسم بن محمد، عن البطائني، عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: أدعوا الناس إلى ما في يدي ؟ فقال: لا. قلت: إن استرشدني أحد ارشده ؟ قال: نعم إن استرشدك فأرشده، فإن استزادك فزده، فإن جاحدك فجاحده. بيان: فجاحده أي لا تظهر له معتقدك وإن سألك عنه فلا تعترف به، أو المعنى: إن أنكر ورد عليك في شئ من دينك فأنكر عليه، والأول أوفق بصدر الخبر. 30 – ضا: إياك والخصومة فإنها تورث الشك، وتحبط العمل، وتردي بصاحبها وعسى أن يتكلم بشئ فلا يغفر له. 31 – مص: قال الصادق عليه السلام: المراء داء ردي، وليس للإنسان خصلة شر منه وهو خلق إبليس ونسبته فلا يماري في أي حال كان إلا من كان جاهلا بنفسه وبغيره، محروما من حقائق الدين


(1) تقدم الحديث بالاسناد عن أبي جعفر عليه السلام تحت الرقم 21.

[ 135 ]

32 – روي أن رجلا قال للحسين بن علي عليهما السلام: اجلس حتى نتناظر في الدين فقال: يا هذا أنا بصير بديني مكشوف علي هداي فإن كنت جاهلا بدينك فاذهب واطلبه ما لي وللماراة ؟ ! وإن الشيطان ليوسوس للرجل ويناجيه ويقول: ناظر الناس في الدين كيلا يظنوا بك العجز والجهل. ثم المراء لا يخلو من أربعة أوجه: إما أن تتمارى أنت وصاحبك فيما تعلمان فقد تركتما بذلك النصيحة وطلبتما الفضيحة وأضعتما ذلك العلم، أو تجهلانه فأظهرتما جهلا وخاصمتما جهلا، أو تعلمه أنت فظلمت صاحبك بطلبك عثرته، أو يعلمه صاحبك فتركت حرمته ولم تنزله منزلته، وهذا كله محال فمن أنصف وقبل الحق وترك المماراة فقد أوثق إيمانه، وأحسن صحبة دينه، وصان عقله (1). 33 – سر: من كتاب المشيخة لابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنما شيعتنا الخرس. 34 – سر: من كتاب المشيخة لابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يقولون: ينقاد ولا ينقاد – يعني أصحاب الكلام – أما لو علموا كيف كان بدؤ الخلق وأصله لما اختلف اثنان. (2) 35 – نى: عبد الواحد بن عبد الله بن يونس، عن محمد بن جعفر القرشي، عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن أبي محمد الغفاري، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إياكم وجدال كل مفتون فإنه ملقن حجته إلى انقضاء مدته فإذا انقضت مدته ألهبته خطيئته وأحرقته (3). 36 – جا: الحسن بن حمزة الطبري، عن علي بن حاتم القزويني، عن محمد بن جعفر المخزومي، عن محمد بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن: عن الحسين بن يزيد عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: من أعاننا بلسانه على عدونا أنطقه الله بحجته يوم موقفه بين يديه عز وجل.


(1) من قوله: ثم المراء إلى آخر ما نقل ليس من الرواية كما هو ظاهر. ط (2) تقدم الحديث بطريق آخر تحت الرقم 23. (3) تقدم الحديث تحت الرقم 18 عن الغفاري، عن أبي جعفر بن ابراهيم، عن ابي عبد الله عليه السلام فالسند لا يخلو عن احتمال ارسال، وذيلناه هنا بما يناسب المقام ايضا.

[ 136 ]

37 – جا: الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يوسف، عن محمد بن يزيد، عن أحمد بن رزق، عن أبي زياد الفقيمى، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من حسن إسلام المرء تركه الكلام فيما لا يعنيه. 38 – كش: حمدويه، عن اليقطيني. عن ابن أسباط، عن ابن عميرة، عن عبد الأعلى، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يعيبون علي بالكلام، وأنا اكلم الناس فقال: أما مثلك من يقع ثم يطير فنعم، وأما من يقع ثم لا يطير فلا. 39 – كش: حمدويه ومحمد ابنا نصير، عن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان الأحمر، عن الطيار، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بلغني أنك كرهت مناظرة الناس. فقال: أما كلام مثلك فلا يكره، من إذا طار يحسن أن يقع، وإن وقع يحسن أن يطير، فمن كان هكذا لا نكرهه. 40 – كش: حمدويه ومحمد، عن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال. قال لي أبو عبد الله عليه السلام: ما فعل ابن الطيار ؟ قال: قلت: مات. قال: رحمه الله ولقاه نضرة وسرورا فقد كان شديد الخصومة عنا أهل البيت (1). 41 – كش: حمدويه ومحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي جعفر الأحول (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما فعل ابن الطيار ؟ فقلت: توفي فقال: رحمه الله أدخل الله عليه الرحمة والنضرة فإنه كان يخاصم عنا أهل البيت. 42 – كش: نضر بن الصباح قال: كان أبو عبد الله عليه السلام يقول لعبد الرحمن بن الحجاج: يا عبد الرحمن كلم أهل المدينة فإني احب أن يرى في رجال الشيعة مثلك. 43 – كش حمدويه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم قال: ذكر لأبي الحسن عليه السلام أصحاب الكلام فقال: أما ابن حكيم فدعوه.


(1) كأن الخصومة ضمنت معنى الدفع ولذلك عدى بعن، وكذلك في الخبر التالى. (2) هو محمد بن على بن النعمان بن أبى طريفة البجلى مولى الاحوال أبو جعفر الكوفى الصيرفى الملقب عندنا بمومن الطاق وشاه الطاق وصاحب الطاق وعند المخالفون بشيطان الطاق كان متكلما حاذقا، حاضر الجواب، له مناظرات مع زيد بن على وأبي حنيفة والضحاك الشارى وابن ابى العوجاء فافحمهم. (*)

[ 137 ]

44 – كش: حمدويه، عن محمد بن عيسي، عن يونس، عن حماد قال: كان أبو الحسن عليه السلام يأمر محمد بن حكيم أن يجالس أهل المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وأن يكلمهم ويخاصمهم حتى كلمهم في صاحب القبر وكان إذا انصرف إليه قال: ما قلت لهم وما قالوا لك. ويرضى بذلك منه. كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد بن يزيد، عن الأشعري، عن ابن هاشم عن يحيى بن عمران، عن يونس، عن محمد بن حكيم مثله. 45 – ختص: قال الرضا عليه السلام: لا تمارين العلماء فيرفضوك ولا تمارين السفهاء فيجهلوا عليك. 46 – أقول: قال السيد ابن طاووس رحمه الله في كشف المحجة: رويت من كتاب أبي محمد عبد الله بن حماد الأنصاري ونقلته من أصل قرئ على الشيخ هارون بن موسى التلعكبري رواه عن عبد الله بن سنان قال: أردت الدخول على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي مؤمن الطاق: استأذن لي على أبي عبد الله عليه السلام. فقلت له: نعم. فدخلت عليه فأعلمته مكانه. فقال: لا تأذن له علي. فقلت: جعلت فداك: انقطاعه إليكم، وولاؤه لكم، وجداله فيكم، ولا يقدر أحد من خلق الله أن يخصمه. فقال: بل يخصمه صبي من صبيان الكتاب (1) فقلت: جعلت فداك هو أجدل من ذلك وقد خاصم جميع أهل الأديان فخصمهم فكيف يخصمه غلام من الغلمان وصبي من الصبيان ؟ ! فقال: يقول له الصبي: أخبرني عن إمامك أمرك أن تخاصم الناس ؟ فلا يقدر أن يكذب علي فيقول: لا. فيقول له: فأنت تخاصم الناس من غير أن يأمرك إمامك فأنت عاص له. فيخصمه. يا ابن سنان لا تأذن له علي فإن الكلام والخصومات تفسد النية وتمحق الدين. 47 – ومن الكتاب المذكور، عن عاصم الحناط، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام – وأنا عنده -: إياك وأصحاب الكلام والخصومات ومجالستهم فإنهم تركوا ما امروا بعلمه، وتكلفوا ما لم يؤمروا بعلمه حتى تكلفوا علم السماء. يا أبا عبيدة خالط الناس بأخلاقهم وزائلهم بأعمالهم. يا أبا عبيدة إنا لا نعد الرجل فقيها عالما حتى يعرف


(1) بضم الكاف وفتح التاء المشددة: موضع التعليم.

[ 138 ]

لحن القول وهو قول الله عز وجل: ولتعرفنهم في لحن القول. (1) 48 – ومن الكتاب المذكور، عن جميل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: متكلموا هذه العصابة من شرار من هم منهم. قال السيد رحمه الله: ويحتمل أن يكون المراد بهذا الحديث – يا ولدي – المتكلمين الذين يطلبون بكلامهم وعلمهم ما لا يرضاه الله جل جلاله، أو يكونون ممن يشغلهم الاشتغال بعلم الكلام عما هو واجب عليهم من فرائض الله جل جلاله. ثم قال رحمه الله: ومما يؤكد تصديق الروايات بالتحذير من علم الكلام وما فيه من الشبهات: أنني وجدت الشيخ العالم سعيد بن هبة الله الراوندي قد صنف كراسا – وهي عندي الآن – في الخلاف الذي تجدد بين الشيخ المفيد والمرتضى رحمهما الله وكانا من أعظم أهل زمانهما وخاصة شيخنا المفيد، فذكر في الكراس نحو خمس وتسعين مسألة قد وقع الخلاف بينهما فيها من علم الاصول، وقال في آخرها: لو استوفيت ما اختلفا فيه لطال الكتاب. وهذا يدلك على أنه طريق بعيد عن معرفة رب الأرباب. 49 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إياكم والجدال فإنه يورث الشك في دين الله. 50 – منية المريد: قال النبي صلى الله عليه واله: ذروا المراء فإنه لا تفهم حكمته ولا تؤمن فتنته. 51 – وقال صلى الله عليه واله: من ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة، ومن ترك المراء وهو مبطل يبنى له بيت في ربض الجنة. 52 – وقال صلى الله عليه واله: ما ضل قوم إلا أوثقوا الجدل. 53 – وقال صلى الله عليه واله: لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتى يدع المراء وإن كان محقا. 54 – وروي عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة وأنس قالوا: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه واله يوما ونحن نتماري في شئ من أمر الدين فغضب غضبا شديدا لم يغضب مثله ثم قال: إنما هلك من كان قبلكم بهذا، ذروا المراء فإن المؤمن لا يماري، ذروا المراء فإن


(1) يأتي عن كتاب عاصم تحت الرقم 58.

[ 139 ]

المماري قد تمت خسارته. ذروا المراء فإن المماري لا أشفع له يوم القيامة، ذروا المراء فأنا زعيم بثلاثة أبيات في الجنة: في رياضها (1)، وأوسطها، وأعلاها، لمن ترك المراء وهو صادق، ذروا المراء فإن أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان المراء. 55 – وعنه صلى الله عليه واله قال: ثلاث من لقى الله بهن دخل الجنة من أي باب شاء: من حسن خلقه، وخشى الله في المغيب والمحضر، وترك المراء وإن كان محقا. 56 – وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين – عليه السلام -: إياكم والمراء و الخصومة فإنهما يمرضان القلوب على الإخوان، وينبت عليهما النفاق. 57 – وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال جبرئيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه واله: إياك وملاحاة الرجال. 58 – كتاب عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إياكم وأصحاب الخصومات والكذابين فإنهم تركوا ما امروا بعلمه، وتكلفوا ما لم يؤمروا بعلمه حتى تكلفوا علم السماء، يا أبا عبيدة خالق الناس بأخلاقهم، يا أبا عبيدة إنا لا نعد الرجل فينا عاقلا حتى يعرف لحن القول. ثم قرأ عليه السلام: ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم. (2) 59 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي قال: سمعته يقول: إن اناسا دخلوا على أبي رحمة الله عليه فذكروا له خصومتهم مع الناس فقال لهم: هل تعرفون كتاب الله ما كان فيه ناسخ أو منسوخ ؟ قالوا: لا. فقال لهم: وما حملكم على الخصومة ؟ لعلكم تحلون حراما أو تحرمون حلالا ولا تدرون، إنما يتكلم في كتاب الله من يعرف حلال الله وحرامه قالوا له أتريد أن نكون مرجئة ؟ ! قال لهم أبي: ويحكم ما أنا بمرجئي ولكن أمرتكم بالحق. 60 – وبهذا الإسناد، عن جابر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رسول الله كان يدعو أصحابه، من أراد الله به خيرا سمع وعرف ما يدعوه إليه، ومن أرادا به شرا طبع على قلبه فلا يسمع ولا يعقل وذلك قول الله عز وجل: وإذا خرجوا من عندك قالوا


(1) وفى نسخة: في ربضها. (2) تقدم الحديث عن كشف المحجة تحت الرقم 47.

[ 140 ]

للذين اوتوا العلم ماذا قال آنفا اولئك الذين طبع الله على قلوبهم. ” وقال “: إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم الآية. 61 – كتاب مثنى بن الوليد، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا يخاصم إلا شاك في دينه أو من لا ورع له. (باب 18) * (ذم انكار الحق والاعراض عنه والطعن على أهله) * الايات، البقرة: ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون 82 الانعام: فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون 157 يونس: فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون 32 الرعد: ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق 36 الكهف: ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها 56 طه: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى 123، 124، 125 النمل: حتى إذا جاؤا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما 84 العنكبوت: ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين 68 التنزيل: ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون 22 الزمر: فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه أليس في جهنم


[ 141 ]

مثوى للكافرين والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون 32، 33 الجاثية: ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين 8، 9 الاحقاف: والذين كفروا عما انذروا معرضون 3 1 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن طلحة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لن يدخل الجنة عبد في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، ولا يدخل النار عبد في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. قلت: جعلت فداك إن الرجل ليلبس الثوب أو يركب الدابة فيكاد يعرف منه الكبر. قال: ليس بذاك إنما الكبر إنكار الحق، والإيمان الإقرار بالحق. 2 – مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن هاشم، عن ابن مرار، عن يونس، عن الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما – يعني أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام – قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر. قال قلت: إنا نلبس الثوب الحسن فيدخلنا العجب. فقال: إنما ذاك فيما بينه وبين الله عز وجل. (1) بيان: أي التكبر على الله بعدم قبول الحق والإعجاب فيما بينه وبين الله بأن يعظم عنده عمله ويمن على الله به. 3 – مع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن فضال، عن ابن مسكان، عن ابن فرقد، عمن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من الكبر، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. قال: فاسترجعت. فقال: ما لك تسترجع ؟ فقلت: لما أسمع منك. فقال: ليس حيث تذهب إنما أعني الجحود، إنما هو الجحود.


(1) الظاهر أن المراد به: أن ذلك سيئة بينه وبين ربه إن شاء اخذه به وإن شاء غفر له، وهو غير الكبر الذى ذكره وهو استكبار على الله ولا يغفر له، على ما يفسره الخبر السابق واللاحق. وأما ما ذكره رحمه الله فظاهر أنه غير منطبق على الخبر ان كان أراد بذلك تفسير تمام الخبر. ط

[ 142 ]

4 – مع: بهذا الإسناد عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن حر، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكبر أن يغمص الناس ويسفه الحق. 5 – مع: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف، عن عبد الأعلى قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن أعظم الكبر غمص الخلق و سفه الحق. قلت: وما غمص الخلق وسفه الحق ؟ قال: يجهل الحق ويطعن على أهله، ومن فعل ذلك فقد نازع الله عز وجل في ردائه. 6 – مع: ماجيلويه، عن عمه، عن محمد الكوفي، عن ابن بقاح، عن ابن عميرة، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من دخل مكة مبرءا من الكبر غفر ذنبه. قلت: وما الكبر ؟ قال: غمص الخلق وسفه الحق. قلت: وكيف ذاك ؟ قال: يجهل الحق ويطعن على أهله. أقول: قال الصدوق رحمة الله عليه بعد هذا الخبر: في كتاب الخليل بن أحمد: يقال: فلان غمص الناس وغمص النعمة: إذا تهاون بها وبحقوقهم. ويقال: إنه لمغموص عليه في دينه أي مطعون عليه، وقد غمص النعمة والعافية إذا لم يشكرها. قال أبو عبيدة في قوله عليه السلام: سفه الحق: هو أن يرى الحق سفها وجهلا، وقال الله تبارك وتعالى: ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه. وقال بعض المفسرين إلا من سفه نفسه يقول: سفهها. وأما قوله: غمص الناس فإنه الاحتقار لهم والإزراء بهم وما أشبه ذلك. قال: وفيه لغة اخرى غير هذا الحديث، وغمص بالصاد غير معجمة وهو بمعنى غمط والغمص في العين، والقطعة منه: غمصة. والغميصا: كوكب. والمغمص في المعاء غلظة وتقطيع ووجع. بيان: قال الجزري: فيه: إنما البغى من سفه الحق أي من جهله، وقيل: جهل نفسه ولم يفكر فيها، وفي الكلام محذوف تقديره: إنما البغي فعل من سفه الحق، والسفه في الأصل: الخفة والطيش، وسفه فلان رأيه: إذا كان مضطربا لا استقامة له، والسفيه: الجاهل. ورواه الزمخشري: من سفه الحق على أنه اسم مضاف إلى الحق قال: وفيها و جهان: أحدهما أن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل كأن الأصل سفه على الحق، والثاني: أن يضمن معنى فعل متعد كجهل. والمعنى: الاستخفاف بالحق، وأن لا يراه


[ 143 ]

على ما هو عليه من الرجحان والرزانة. وقال في غمص: – بالغين المعجمة والصاد المهملة – فيه: إنما ذلك من سفه الحق وغمص الناس أي احتقرهم ولم يرهم شيئا، تقول منه: غمص الناس يغمصهم غمصا. وقال: فيه: الكبر أن تسفه الحق وتغمط الناس. الغمط: الإستهانة والاستحقار وهو مثل الغمص، يقال: غمط يغمط وغمط يغمط. وأما قول الصدوق: والغمص في العين في العين أي يطلق الغمص على وسخ أبيض تجتمع في مؤق العين ويقال للجاري منه: غمص، ولليابس: رمص. وأما قوله: والمغمص ففيما عندنا من النسخ بالميمين ولم يرد بهذا المعنى، وإنما يطلق على هذا الداء المغص بالميم الواحدة وبناؤه مخالف لبناء هذه الكلمة فإن في إحداهما الفاء ميم والعين غين، وفي الاخرى الفاء غين والعين ميم. 7 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من أبدى صفحته للحق هلك. بيان: أي صار معارضا للحق، أو تجرد لنصرة الحق في مقابلة كل أحد. ويؤيده أن في رواية اخرى: هلك عند جهلة الناس. 8 – نهج: قال عليه السلام: من صارع الحق صرعه. 9 – منية المريد: قال النبي صلى الله عليه واله: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر. فقال بعض أصحابه: هلكنا يا رسول الله إن أحدنا يحب أن يكون نعله حسنا وثوبه حسنا. فقال النبي صلى الله عليه واله: ليس هذا الكبر إنما الكبر بطر الحق وغمص الناس. بيان: قال في النهاية: بطر الحق أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده وعبادته باطلا. وقيل: هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا. وقيل: هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله.


[ 144 ]

(باب 19) * (فضل كتابة الحديث وروايته) * 1 – لى: عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: المؤمن إذا مات وترك ورقة واحد ة عليها علم تكون تلك الورقة يوم القيامة سترا فيما بينه وبين النار، وأعطاه الله تبارك و تعالى بكل حرف مكتوب عليها مدينة أوسع من الدنيا سبع مرات. 2 – ونقل من خط الشهيد الثاني قدس سره، نقلا من خط قطب الدين الكيدري عن النبي صلى الله عليه واله مثله، وزاد في آخره: وما من مؤمن يقعد ساعة عند العالم إلا ناداه ربه: جلست إلى حبيبي، وعزتي وجلالي لاسكننك الجنة معه ولا ابالي. ورواه في كتاب الدرة الباهرة من الأصداف الطاهرة. 3 – لى: إبن ادريس، عن أبيه، عن الأشعري، عن محمد بن حسان الرازي، عن محمد بن علي، عن عيسى بن عبد الله العلوي العمري، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: اللهم ارحم خلفائي – ثلاثا – قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال: الذين يتبعون حديثي وسنتي ثم يعلمونها امتي. 4 – ن: بالأسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: اللهم ارحم خلفائي – ثلاث مرات – قيل له: يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال: الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنتي فيسلمونها الناس من بعدي. صح: عنه عليه السلام مثله. غو: عن النبي صلى الله عليه واله مثله، وزاد في آخره: اولئك رفقائي في الجنة. 5 – لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن إبن أبي عمير، عن خطاب بن مسلمة، عن الفضيل، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا فضيل إن حديثنا يحيي القلوب. 6 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن خيثمة قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام تزاوروا في بيوتكم فإن ذلك حياة لأمرنا رحم الله عبدا أحيا أمرنا.


[ 145 ]

7 – مع: أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن علي بن داود اليعقوبي، عن عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: اللهم ارحم خلفائي اللهم ارحم خلفائي اللهم ارحم خلفائي. قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك ؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي. (1) 8 – ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل راوية لحديثكم يبث ذلك إلى الناس و يشدده في قلوب شيعتكم ولعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل ؟ قال: راوية لحديثنا يبث في الناس ويشدد في قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. بيان: الراوية صيغة مبالغة أي كثير الرواية. 9 -: ير: ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين: أحدهما فقيه راوية للحديث والآخر ليس له مثل روايته ؟ فقال الراوية للحديث المتفقه في الدين أفضل من ألف عابد لا فقه له ولا رواية. 10 – سن: القاسم، عن جده، عن ابن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ذكرنا أهل البيت شفاء من الوعك (2) والأسقام ووسواس الريب، وحبنا رضى الرب تبارك وتعالى. 11 – ير: علي بن إسماعيل، عن موسى بن طلحة، عن حمزة بن عبد المطلب بن عبد الله الجعفي، قال: دخلت على الرضا عليه السلام ومعي صحيفة أو قرطاس فيه: عن جعفر عليه السلام: أن الدنيا مثلت لصاحب هذا الأمر في مثل فلقة الجوزة، فقال: يا حمزة ذا والله حق فانقلوه إلى أديم. 12 – ير: عبد الله بن محمد، عمن رواه، عن محمد بن خالد، عن حمزة بن عبد الله الجعفري، عن أبي الحسن قال: كتبت في ظهر قرطاس: أن الدنيا ممثلة للإمام كفلقة الجوزة فدفعته إلى أبي الحسن عليه السلام وقلت: جعلت فداك إن أصحابنا رووا حديثا ما أنكرته غير أني أحببت أن أسمعه منك، قال: فنظر فيه ثم طواه حتى ظننت أنه قد شق عليه ثم قال: هو حق فحوله في أديم.


(1) تقدم عن الامالى تحت الرقم 3. (2) بالفتح والسكون: شدة الحمى.

[ 146 ]

بيان: فلقة الجوزة بالكسر: بعضها أو نصفها. قال الجوهري: الفلقة أيضا: الكسرة يقال: أعطني فلقة الجفنة وهي نصفها. والمعنى أن جميع الدنيا حاضرة عند علم الإمام يعلم ما يقع فيها، كنصف جوزة يكون في يد أحدكم ينظر إليه، وإنما قال عليه السلام: فحوله في أديم – وفي بعض النسخ إلى أديم – ليكون أدوم وأكثر بقاءا من القرطاس لاهتمامه بضبط هذا الحديث، ويظهر منه استحباب كتابة الحديث وضبطه والاعتناء به، وكون ما يكتب فيه الحديث شيئا لا يسرع إليه الاضمحلال لا سيما الأخبار المتعلقة بفضائلهم ومناقبهم عليهم السلام. 13 – سن: أبي، عمن حدثه، عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما أردت أن احدثكم، ولاحدثنكم ولانصحن لكم، وكيف لا أنصح لكم و أنتم والله جند الله، والله ما يعبد الله عز وجل أهل دين غيركم، فخذوه ولا تذيعوه ولا تحبسوه عن أهله فلو حبست عنكم يحبس عني. بيان: لعل المراد: أني قبل ذلك ما كنت اريد أن احدثكم، إما لعدم قابليتكم أو للتقية، ولكن الآن احدثكم لرفع هذا المانع. وحمله على الاستفهام الانكاري بعيد. وقوله عليه السلام: ولا تذيعوه أي عند غير أهله. وقوله: فلو حبست عنكم لحبس عني حث على بذله لأهله بأن الحبس عنهم يوجب الحبس عنكم. 14 – سن: أبي، عن يونس، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سارعوا في طلب العلم، فو الذي نفسي بيده لحديث واحد في حلال وحرام تأخذه عن صادق خير من الدنيا وما حملت من ذهب وفضة، وذلك أن الله يقول: ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا. وأن كان علي ليأمر بقراءة المصحف. بيان: يظهر من استشهاده بالآية أن الأخذ فيها شامل للتعلم والعمل وإن احتمل أن يكون الإستشهاد من جهة أن العمل يتوقف على العلم. ” وأن ” في قوله: ” وأن كان ” مخففة. 15 – سن: بعض أصحابنا، عن ابن أسباط، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا جابر والله لحديث تصيبه من


[ 147 ]

صادق في حلال وحرام خير لك مما طلعت عليه الشمس حتى تغرب. 16 – جا: ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن سليمان بن سلمة، عن ابن غزوان، وعيسى بن أبي منصور، (1) عن ابن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: يجب أن يكتب هذا الحديث بماء الذهب. 17 – حه: يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي البركات، عن إبراهيم الصنعاني، عن الحسين بن رطبة، عن أبي علي، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، عن أحمد بن محمد الرازي، عن أبي محمد بن المغيرة (2)، عن الحسين بن محمد بن مالك، عن أخيه جعفر، عن رجاله يرفعه قال: كنت عند الصادق عليه السلام – وقد ذكر أمير المؤمنين عليه السلام – فقال: يا ابن مارد من زار جدي عارفا بحقه كتب الله له بكل خطوة حجة مقبولة، و عمرة مبرورة، يا ابن مارد والله ما يطعم الله النار قدما تغبرت في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ماشيا كان أو راكبا، يا ابن مارد اكتب هذا الحديث بماء الذهب. بيان، يمكن الإستدلال بهما على جواز كتابة الحديث بالذهب، بل على استحباب كتابة غرر الأخبار بها، لكن الظاهر أن الغرض بيان رفعة شأن الخبر والمعنى الحقيقي غير منظور في أمثال تلك الإطلاقات. 18 – غو: روى جريح، عن عطاء، عن عبد الله بن عمر، قال: قلت: يا رسول الله اقيد العلم ؟ قال: نعم. وقيل: ما تقييده ؟ قال: كتابته. 19 – غو: حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله أكتب كلما أسمع منك ؟ قال: نعم. قلت: في الرضا والغضب ؟ قال: نعم فإني لا أقول في ذلك كله إلا الحق.


(1) هو عيسى بن ابى منصور شلقان أورد الكشى عن الصادق عليه السلام روايتين تدلان على وثاقته، وهو عيسى بن صبيح من اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام على ما يستفاد من كتب الرجال. (2) هو عبد الله بن المغيرة أبو محمد البجلى، مولى جندب بن عبد الله بن سفيان العلقمي، ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، وأقروا له بالفقه، ثقة ثقة لا يعدل به أحد من جلالته و دينه وورعه، روى عن أبى الحسن موسى عليه السلام وقيل: أنه صنف ثلاثين كتابا.

[ 148 ]

20 – نى: قال جعفر بن محمد عليهما السلام: اعرفوا منازل شيعتنا على قدر روايتهم عنا و فهمهم منا. 21 – جا: ابن قولويه، عن ابن عيسى، عن هارون بن مسلم، عن ابن أسباط، عن ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إذا حدثتني بحديث فأسنده لي، فقال: حدثني أبي، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه واله، عن جبرئيل عليه السلام، عن الله عز وجل. وكل ما احدثك بهذا الإسناد، وقال: يا جابر لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها. 22 – جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي خالد القماط، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه واله يوم منى فقال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها، فكم من حامل فقه غير فقيه، وكم من حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب عبد مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لأئمة المسلمين، واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون إخوة تتكافئ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم. بيان: قال الجزري: فيه نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها، نضره ونضره وأنضره أي نعمه، ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة. وهي في الأصل حسن الوجه والبريق، وإنما أراد حسن خاتمته وقدره. انتهى. وقيل: المراد: البهجة والسرور، وفي بعض الروايات: ” فأداها كما سمعها ” إما بعدم التغيير أصلا، أو بعدم التغيير المخل بالمعنى، وسيأتي الكلام فيه. وقوله: فكم من حامل فقه بهذه الرواية أنسب، أي ينبغى أن ينقل اللفظ، فرب حامل رواية لم يعرف معناها أصلا، ورب حامل رواية يعرف بعض معناها وينقلها إلى من هو أعرف بمعناها منه. وقال الجزري: فيه: ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن هو من الإغلال: الخيانة في كل شئ، ويروى ” يغل ” بفتح الياء من الغل وهو الحقد والشحناء، أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق، ويروى ” يغل ” بالتخفيف من الوغول في الشر، والمعنى: أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب فمن تمسك بها طهر قلبه من


[ 149 ]

الخيانة والدغل والشر. و ” عليهن ” في موضع الحال، تقديره لا يغل كائنا عليهن قلب مؤمن انتهى. أقول: إخلاص العمل هو أن يجعل عمله خالصا عن الشرك الجلي: من عبادة الأوثان وكل معبود دون الله، واتباع الأديان الباطلة، والشرك الخفي: من الرياء بأنواعها، والعجب. والنصيحة لأئمة المسلمين: متابعتهم، وبذل الأموال والأنفس في نصرتهم. قوله صلى الله عليه وآله: واللزوم لجماعتهم المراد جماعة أهل الحق وإن قلوا، كما ورد به الأخبار الكثيرة. قوله صلى الله عليه واله: فإن دعوتهم محيطة من ورائهم لعل المراد أن الدعاء الذي دعا لهم الرسول محيطة بالمسلمين من ورائهم، بأن يكون بالإضافة إلى المفعول، ويحتمل أن يكون من قبيل الإضافة إلى الفاعل، أي دعاء المسلمين بعضهم لبعض يحيط بجميعهم، وعلى التقديرين هو تحريض على لزوم جماعتهم وعدم المفارقة عنهم، ويحتمل أن يكون المراد بالدعوة دعوة الرسول إياهم إلى دين الحق، ويكون ” من ” بفتح الميم اسم موصول أي لا يختص دعوة الرسول صلى الله عليه واله بمن كان في زمانه صلى الله عليه واله بل أحاطت بمن بعدهم. وقال الجزري: وفي الحديث: فإن دعوتهم تحيط من ورائهم، أي تحوطهم وتكفهم وتحفظهم. قوله صلى الله عليه واله: تتكافئ دماؤهم أي يقاد لكل من المسلمين من كل منهم، ولا يترك قصاص الشريف لشرفه إذا قتل أو جرح وضيعا. قوله صلى الله عليه واله: وهم يد على من سواهم، قال الجزري: فيه: المسلمون تتكافئ دماؤهم وهم يد على من سواهم أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسع التخاذل، بل يعاون بعضهم بعضا على جميع الأديان والملل، كأنه جعل أيديهم يدا واحدة وفعلهم فعلا واحدا. قوله صلى الله عليه واله: يسعى بذمتهم أدناهم أي في ذمتهم، والسعي فيه كناية عن تقريره وعقده، أي يعقد الذمة على جميع المسلمين أدناهم. قال الجزري: و منه الحديث: يسعى بذمتهم أدناهم أي إذا أعطى أحد الجيش العدو أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين، وليس لهم أن يخفروه (1) ولا أن ينقضوا عليه عهده.


(1) أي ليس لهم أن يأخذوا منه مالا لأن يجيروه.

[ 150 ]

23 – كش: حمدويه بن نصير (1)، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حذيفة ابن منصور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا. 24 – كش: إبراهيم بن محمد بن العباس، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن سليمان الخطابي، عن محمد بن محمد، عن بعض رجاله، عن محمد بن حمران العجلي، عن علي بن حنظلة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اعرفوا منازل الناس منا على قدر رواياتهم عنا. 25 – جش: قال شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في كتابه مصابيح النور: أخبرني الصدوق جعفر بن محمد بن قولويه، عن علي بن الحسين بن بابويه، عن عبد الله بن جعفر، عن داود بن القاسم الجعفري، قال: عرضت على أبي محمد صاحب العسكر عليه السلام كتاب يوم وليلة ليونس، فقال لي: تصنيف من هذا ؟ فقلت: تصنيف يونس مولى آل يقطين، فقال: أعطاه الله بكل حرف نورا يوم القيامة. 26 – ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن عبد الحميد، عن عبد السلام ابن سالم، عن ميسر بن عبد العزيز، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: حديث يأخذه صادق عن صادق خير من الدنيا وما فيها. 27 – أقول: روى السيد ابن طاووس في كشف المحجة بإسناده إلى أبي جعفر الطوسي، بإسناده إلى محمد بن الحسن بن الوليد، من كتاب الجامع، بإسناده إلى المفضل ابن عمر، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن مت فورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج ما يأنسون فيه إلا بكتبهم. 28 – ووجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجبائي نقلا من خط الشهيد رحمه الله و


(1) ضبطه ابن داود بقوله: حمدويه بفتح الحاء والدال المهملتين والصوت ” أي ويه ” ابن نصير – بفتح النون – ابن شاهى – بالمعجمة – وعده الشيخ في رجاله ممن لم يرو عنهم عليهم السلام وقال: سمع يعقوب بن يزيد، روى عن العياشي، يكنى أبا الحسن، عديم النظير في زمانه، كثير العلم والرواية، حسن المذهب.

[ 151 ]

هو نقل من خط قطب الدين الكيدري (1)، عن الصادق عليه السلام قال: أعربوا كلامنا فإنا قوم فصحاء. بيان: أي أظهروه، وبينوه، أو لا تتركوا فيه قوانين الإعراب، أو أعربوا لفظه عند الكتابة. 29 – دعوات الراوندي: قال أبو جعفر عليه السلام: إن حديثنا يحيي القلوب. وقال: منفعته في الدين أشد على الشيطان من عبادة سبعين ألف عابد. 30 – وقال الصادق عليه السلام: حدثوا عنا ولا حرج، رحم الله من أحيا أمرنا. 31 – وقال: إن العلماء ورثة الأنبياء، وذلك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما اورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم عمن تأخذونه. منية المريد: عنه عليه السلام مثله، وزاد في آخره: فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. 32 – مجمع البيان: في تفسير قوله تعالي: وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا. في تفسير أهل البيت عليهم السلام عن أبي بصير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام قول الله: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا. قال: هو والله ما أنتم عليه، ولو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءا غدقا. 33 – وعن بريد العجلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: معناه لأفدناه علما كثيرا يتعلمونه من الأئمة عليهم السلام. 34 – كنز الكراجكى: قال أمير المؤمنين عليه السلام: تزاوروا وتذاكروا الحديث، إن لا تفعلوا يدرس. 35 – منية المريد: روي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: قيدوا العلم. قيل: وما تقييده ؟


(1) هو أبو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقى النيسابوري، الامامي الشيخ الفقيه الفاضل الماهر، والاديب البحر الذاخر صاحب الاصباح في الفقه، وأنوار العقول في جمع أشعار أمير المؤمنين عليه السلام، وشرح النهج، وغير ذلك، وله أشعار لطيفة، وكان معاصرا للقطب الدين الراوندي، و تلميذا لابن حمزة الطوسى، فرغ من شرحه على النهج سنة 576. قاله في الكنى والالقاب ج 3 ص 60

[ 152 ]

قال: كتابته. (1) 36 – وروي أن رجلا من الأنصار كان يجلس إلى النبي صلى الله عليه واله فيسمع منه صلى الله عليه واله الحديث فيعجبه ولا يحفظه، فشكى ذلك إلى النبي صلى الله عليه واله فقال له رسول الله صلى الله عليه واله: استعن بيمينك. وأومأ بيده، أي خط. 37 – وعن الحسن بن علي عليهما السلام أنه دعا بنيه وبني أخيه فقال: إنكم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبار قوم آخرين، فتعلموا العلم، فمن يستطع منكم أن يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته. 38 – وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا. 39 – وعنه عليه السلام قال: القلب يتكل على الكتابة. (2) 40 – وعن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها. 41 – وروي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: لبعض كتابه: ألق الدواة، وحرف القلم، وأنصب الباء، وفرق السين، ولا تعور الميم، وحسن الله، ومد الرحمن، وجود الرحيم وضع قلمك على اذنك اليسرى فإنه أذكر لك. 42 – وقال النبي صلى الله عليه واله: ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه. 43 – وقال صلى الله عليه واله: من أدى إلى امتي حديثا يقام به سنة أو يثلم به بدعة فله الجنة. 44 – وقال صلى الله عليه واله: من تعلم حديثين إثنين ينفع بهما نفسه أو يعلمهما غيره فينتفع بهما كان خيرا من عبادة ستين سنة. 45 – وقال صلى الله عليه واله: تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإن الحديث جلاء القلوب، إن القلوب لترين كما يرين السيف وجلاؤه الحديث.


(1) تقدم الحديث في الباب مسندا عن الغوالى تحت الرقم 18. (2) وفي نسخة: يتكلم على الكتابة.

[ 153 ]

46 – كتاب عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال أبو عبد الله عليه السلام: اكتبوا فإنكم لا تحفظون إلا بالكتاب. 47 – ومنه عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: دخل علي اناس من أهل البصرة فسألوني عن أحاديث وكتبوها فما يمنعكم من الكتاب ؟ أما إنكم لن تحفظوا حتى تكتبوا. الخبر. (باب 20) * (من حفظ أربعين حديثا) * 1 – لى: أبي، عن سعد، عن أحمد بن الحسين بن سعيد، عن محمد بن عامر، عن معلى، عن محمد بن جمهور العمي (1)، عن ابن أبي نجران، عن ابن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: من حفظ من شيعتنا أربعين حديثا بعثه الله عز وجل يوم القيامة عالما فقيها ولم يعذبه. 2 – ختص: ابن قولويه، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى، عن محمد بن جمهور، عن ابن أبي نجران، عن بعض أصحابنا (2) رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها. 3 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن عبد الله الدهقان، عن إبراهيم بن موسى المروزي، (3) عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من حفظ من امتي أربعين حديثا مما يحتاجون إليه من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما.


(1) بالعين المهلة ينسب إلى بنى العم من تميم. يكنى أبا عبد الله. قال النجاشي: ضعيف في الحديث. فاسد المذهب، وقيل فيه أشياء الله أعلم بها من عظمها، روى عن الرضا عليه السلام، وله كتاب الملاحم الكبير، كتاب نوادر الحج، كتاب أدب العلم. (2) لعله ابن حميد المتقدم في الحديث السابق، ولا يخفى اتحاد الحديثين. (3) بفتح الميم وسكون الراى المهملة وفتح الواو بعده زاى معجمة، نسبة إلى مرو، قال النجاشي موسى بن ابراهيم المروزى أبو حمران روى عن موسى بن جعفر عليه السلام، له كتاب ذكر أنه سمعه وأبو الحسن محبوس عند السندي بن شاهك. وهو معلم ولد السندي بن شاهك.

[ 154 ]

ثو: العطار، عن أبيه، عن أحمد بن محمد، عن علي بن إ سماعيل، عن عبد الله الدهقان، عن موسى بن إبراهيم المروزي، عنه عليه السلام مثله. ختص: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن الدهقان مثله. 4 – ل: طاهر بن محمد، عن محمد بن عثمان الهروي، عن جعفر بن محمد بن سوار، عن علي بن حجر السعدي، عن سعيد بن نجيح، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه واله قال: من حفظ من امتي أربعين حديثا من السنة كنت له شفيعا يوم القيامة. 5 – ل: بالإسناد المقدم عن ابن سوار، عن عيسى بن أحمد العسقلاني، عن عروة ابن مروان البرقي، عن ربيع بن بدر، عن أبان، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من حفظ عني من امتي أربعين حديثا في أمر دينه يريد به وجه الله عز وجل والدار الآخرة بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما. 6 – ل: العجلي والصائغ والوراق جميعا، عن حمزة العلوي، عن ابن متيل عن علي الساوي، عن علي بن يوسف، عن حنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من حفظ عني أربعين حديثا من أحاديثنا في الحلال والحرام بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما ولم يعذبه. 7 – ل: الدقاق والمكتب والسناني، عن الأسدي، عن النخعي، عن عمه النوفلي، عن ابن الفضل الهاشمي، والسكوني جميعا، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبيه، عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه واله أوصى إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وكان فيما أوصى به أن قال له: يا علي من حفظ من امتي أربعين حديثا يطلب بذلك وجه الله عز وجل والدار الآخرة حشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله أخبرني ما هذه الأحاديث ؟ فقال: أن تؤمن بالله وحده لا شريك له، وتعبده ولا تعبد غيره، وتقيم الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها ولا تؤخرها فإن في تأخيرها من


[ 155 ]

غير علة غضب الله عز وجل، وتؤدي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت إذا كان لك مال وكنت مستطيعا، وأن لا تعق والديك، ولا تأكل مال اليتيم ظلما، ولا تأكل الربا، ولا تشرب الخمر ولا شيئا من الأشربة المسكرة، ولا تزني، ولا تلوط، ولا تمشي بالنميمة، ولا تحلف بالله كاذبا، ولا تسرق، ولا تشهد شهادة الزور لأحد قريبا كان أو بعيدا، وأن تقبل الحق ممن جاء به صغيرا كان أو كبيرا، وأن لا تركن (1) إلى ظالم وإن كان حميما قريبا (2)، وأن لا تعمل بالهوى، ولا تقذف المحصنة، ولا ترائي فإن أيسر الرياء شرك بالله عز وجل، وأن لا تقول لقصير: يا قصير، ولا لطويل: يا طويل تريد بذلك عيبه، وأن لا تسخر من أحد من خلق الله، وأن تصبر على البلاء والمصيبة، وأن تشكر نعم الله التي أنعم بها عليك، وأن لا تأمن عقاب الله على ذنب تصيبه، وأن لا تقنط من رحمة الله، وأن تتوب إلى الله عز وجل من ذنوبك فإن التائب من ذنوبه كمن لا ذنب له، وأن لا تصر على الذنوب مع الاستغفار فتكون كالمستهزئ بالله وآياته ورسله، وأن تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن لا تطلب سخط الخالق برضى المخلوق، وأن لا تؤثر الدنيا على الآخرة لأن الدنيا فانية والآخرة باقية، وأن لا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه، وأن يكون سريرتك كعلانيتك، وأن لا تكون علانيتك حسنة وسريرتك قبيحة فإن فعلت ذلك كنت من المنافقين، وأن لا تكذب ولا تخالط الكذابين، وأن لا تغضب إذا سمعت حقا، وأن تؤدب نفسك و أهلك وولدك وجيرانك على حسب الطاقة، وأن تعمل بما علمت، ولا تعاملن أحدا من خلق الله عز وجل إلا بالحق، وأن تكون سهلا للقريب والبعيد، وأن لا تكون جبارا عنيدا، وأن تكثر من التسبيح والتهليل والدعاء وذكر الموت وما بعده من القيامة والجنة والنار، وأن تكثر من قراءة القرآن وتعمل بما فيه، وأن تستغنم البر والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات، وأن تنظر إلى كل ما لا ترضى فعله لنفسك فلا تفعله بأحد من المؤمنين، وأن لا تمل من فعل الخير، ولا تثقل على أحد إذا أنعمت عليه، وأن تكون الدنيا عندك سجنا حتى يجعل لك جنة، فهذه أربعون حديثا من استقام عليها وحفظها عني من امتي


(1) أي أن لا تثق بالظالم ولا تستأمنه. (2) الحميم: القريب الذى تهتم بامره. الصديق.

[ 156 ]

دخل الجنة برحمة الله، وكان من أفضل الناس وأحبهم إلى الله عز وجل بعد النبيين والصديقين، وحشره الله يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا. بيان: ظاهر هذا الخبر أنه لا يشترط في حفظ الأربعين حديثا كونها منفصلة بعضها عن بعض في النقل، بل يكفي لذلك حفظ خبر واحد يشتمل على أربعين حكما إذ كل منها يصلح لأن يكون حديثا برأسه، ويحتمل أن يكون المراد بيان مورد هذه الأحاديث أي أربعين حديثا يتعلق بهذه الامور، وشرح هذه الخصال سيأتي في أبوابها، و تصحيح عدد الأربعين إنما يتيسر بجعل بعض الفقرات المكررة ظاهرا تفسيرا وتأكيدا لبعض. (1) 8 – صح: عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من حفظ على امتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه الله تعالى يوم القيامة فقيها عالما. 9 – غو: روى معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من حفظ على امتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء. 10 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله: من حفظ على امتي أربعين حديثا ينتفعون بها في أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما. بيان: هذا المضمون مشهور مستفيض بين الخاصة والعامة، بل قيل: إنه متواتر، واختلف فيما اريد بالحفظ فيها، فقد قيل: إن المراد الحفظ عن ظهر القلب فإنه هو المتعارف المعهود في الصدر السالف، فإن مدارهم كان على النقش على الخواطر لا على الرسم في الدفاتر حتى منع بعضهم من الاحتجاج بما لم يحفظه الراوي عن ظهر القلب،


(1) كقوله عليه السلام: تعبده الخ وقوله: وتقيم الصلاة تكونان تفسيرا لسابقهما لانهما من لوازم الايمان بالله. وكقوله: أن لا تسخر من أحد تكون بيانا لحكم كلى تكون الفقرة السابقة من افراده. وكقوله: أن لا تصر الخ تكون تأكيدا لقوله: أن تتوب الخ، فان من تاب حقيقة ورجع إلى الله لم يرجع إلى المعصية بعد ذلك. وكقوله: وان تستغنم البر الخ تكون تأكيدا وتفسيرا لقوله لا تبخل على اخوانك. وغير ذلك.

[ 157 ]

وقد قيل: إن تدوين الحديث من المستحدثات في المائة الثانية من الهجرة، وقيل: المراد الحراسة عن الاندراس بما يعم الحفظ عن ظهر القلب والكتابة والنقل من الناس ولو من كتاب وأمثال ذلك، وقيل: المراد تحمله على أحد الوجوه المقررة التي سيأتي ذكرها في باب آداب الرواية. والحق أن للحفظ مراتب يختلف الثواب بحسبها فأحدها: حفظ لفظها سواء في الخاطر أو في الدفاتر وتصحيح لفظها واستجازتها وإجازتها و روايتها. وثانيها: حفظ معانيها والتفكر في دقائقها واستنباط الحكم والمعارف منها. و ثالثها: حفظها بالعمل بها والإعتناء بشأنها والاتعاظ بمودعها ويؤمي إليه خبر السكوني. (1) وفي رواية ” من حفظ على امتي ” (2) الظاهر أن ” على ” بمعنى ” اللام ” أي حفظ لأجلهم كما قالوه في قوله: ولتكبروا الله على ما هديكم. أي لأجل هدايته إياكم، و يحتمل أن يكون بمعنى ” من ” كما قيل في قوله تعالى: إذا اكتالوا على الناس يستوفون. ويؤيده رواية المروزى (3) وأضرابها. والحديث في للغة يرادف الكلام سمي به لأنه يحدث شيئا فشيئا، وفي اصطلاح عامة المحدثين: كلام خاص منقول عن النبي أو الإمام أو الصحابي، أو التابعي (4)، أو من يحذو حذوه يحكي قولهم أو فعلهم أو تقريرهم، وعند أكثر محدثي الإمامية لا يطلق إسم الحديث إلا على ما كان عن المعصوم عليه السلام، و ظاهر أكثر الأخبار تخصيص الأربعين بما يتعلق بامور الدين من اصول العقائد والعبادات القلبية والبدنية، لا ما يعمها وسائر المسائل من المعاملات والأحكام. بل يظهر من بعضها كون تلك الأربعين جامعة لامهات العقائد والعبادات والخصال الكريمة و والأفعال الحسنة، فيكون المراد ببعثه فقيها عالما أن يوفقه الله لأن يصير بالتدبر في هذه الأحاديث والعمل بها لله من الفقهاء العالمين العاملين، وعلى سائر الاحتمالات يكون


(1) المتقدم تحت الرقم 7. (2) هي الرواية الثامنة والتاسعة والعاشرة 9. (3) وهى الرواية الثالثة، وبمعناها الروايات السابقة عليها واللاحقة بها. (4) الصحابي: من لقى النبي صلى الله عليه وآله مؤمنا به ومات على الايمان والاسلام، وفيه أقوال اخرى يطلب من مظانها. والتابعي: من لقى الصحابي مومنا بالنبي صلى الله عليه وآله ومات على الايمان والاسلام.

[ 158 ]

المراد بعثه في القيامة في زمرتهم لتشبهه بهم وإن لم يكن منهم، ويطلق الفقيه غالبا في الأخبار على العالم العامل الخبير بعيوب النفس وآفاتها، التارك للدنيا، الزاهد فيها، الراغب إلى ما عنده تعالى من نعيمه وقربه ووصاله، واستدل بعض الأفاضل بهذا الخبر على حجية خبر الواحد، وتوجيهه ظاهر. (باب 21) * (آداب الرواية) * الايات، الحاقة: وتعيها اذن واعية 11 1 – ختص: جعفر بن الحسين المؤمن، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن إسحاق بن عمار، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عز وجل: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. قال: هم المسلمون لآل محمد صلى الله عليه واله، إذا سمعوا الحديث أدوه كما سمعوه لا يزيدون ولا ينقصون. 2 – منية المريد: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة. 3 – ما: حمويه (1)، عن أبي الحسين، عن أبي خليفة، عن محمد بن كثير، عن شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من روى عني حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين. بيان، يدل على عدم جواز رواية الخبر الذي علم أنه كذب وإن أسنده إلى راويه. 4 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إياكم والكذب المفترع. قيل له: وما الكذب المفترع ؟ قال أن يحدثك الرجل بالحديث فترويه عن غير الذي حدثك به. بيان: لم وصف هذا النوع من الكذب بالمفترع ؟ قيل: لأنه حاجز بين الرجل وبين قبول روايته – من فرع فلان بين الشيئين – إذا حجز بينهما. وقيل: لأنه يريد أن


(1) بفتح الحاء وتشديد الميم المضمومة. قال في القاموس: حمويه كشنويه.

[ 159 ]

يرفع حديثه بإسقاط الواسطة – من فرع الشئ أي ارتفع وعلا، وفرعت الجبل أي صعدته وقيل: لأنه يزيل عن الراوي ما يوجب قبول روايته والعمل بها، أي العدالة – من افترعت البكر أي اقتضضتها – وقيل: لأنه قال كذبا ازيل بكارته، أي صدر مثله من السابقين كثيرا. وقيل: لأنه الكذب المستحدث، أي لم يقع مثله من السابقين. وقيل: لأنه ابتدأ بذكر من ينبغي أن يذكره أخيرا، من قولهم: بئس ما افترعت به أي ابتدأت به، وقيل: لأنه كذب فرع كذب رجل آخر فإنك إن أسندته إليه فإن كان كاذبا أيضا فلست بكاذب، بخلاف ما إذا أسقطته فإنه إن كان كاذبا فأنت أيضا كاذب، فعلى الثلاثة الاولى والاحتمال الأخير إسم فاعل، وعلى البواقي إسم مفعول. 5 – مع: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن أبيه، عن محمد بن مارد، عن عبد الأعلى بن أعين، قال، قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك حديث يرويه الناس (1) أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: حدث عن بني إسرائيل ولا حرج. قال: نعم. قلت: فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه ولا حرج علينا ؟ قال: أما سمعت ما قال ؟ كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. فقلت: وكيف هذا ؟ قال: ما كان في الكتاب أنه كان في بني إسرائيل فحدث أنه كان في هذه الامة ولا حرج.


(1) المراد من الناس العامة، أورد الحديث أبي داود في سننه باسناده عن أبى بكر بن أبى شيبة قال: حدثنى على بن مسهر، عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج. قال الخطابى: ليس معناه إباحة الكذب في أخبار بنى اسرائيل ورفع الحرج عمن نقل عنهم الكذب ولكن معناه الرخصة في الحديث عنهم على معنى البلاغ وان لم يتحقق صحة ذلك بنقل الاسناد، وذلك لانه أمر قد تعذر في أخبارهم لبعد المسافة وطول المدة ووقوع الفترة بين زماني النبوة، وفيه دليل على أن الحديث لا يجوز عن النبي صلى الله عليه وآله الا بنقل الاسناد والتثبت فيه. وقد روى الدراوردى هذا الحديث عن محمد بن عمرو بزيادة لفظ دل بها على صحة هذا المعنى ليس في رواية على بن مسهر الذى رواها أبو داود عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج، حدثوا عنى ولا تكذبوا على. ومعلوم أن الكذب على بنى اسرائيل لا يجوز بحال فانما أراد بقوله: وحدثوا عنى ولا تكذبوا على أي تحرزوا من الكذب على بأن لا تحدثوا عنى الا بما يصح عندكم من جهة الاسناد والذى به يقع التحرز عن الكذب على. ” معالم السنن ج 3 ص 187 “.

[ 160 ]

بيان: لأنه أخبر النبي صلى الله عليه واله: أنه كل ما وقع في بني إسرائيل يقع في هذه الامة (1) ويدل على أنه لا ينبغي نقل كلام لا يوثق به. 6 – ير: محمد بن عيسى، عن فضالة، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى: ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا. قال: فقال: الاقتراف: التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا. 7 – كش: وجدت في كتاب جبرئيل بن أحمد بخطه: حدثني محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن ميمون بن عبد الله، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من كذب علينا أهل البيت حشره الله يوم القيامة أعمى يهوديا، وإن أدرك الدجال آمن به في قبره. 8 – نهج: سأل أمير المؤمنين عليه السلام رجل أن يعرفه ما الإيمان ؟ فقال: إذا كان غد فأتني حتى اخبرك على أسماع الناس، فإن نسيت مقالتي حفظها عليك غيرك، فإن الكلام كالشاردة يثقفها هذا، ويخطئها هذا. 9 – وقال عليه السلام – فيما كتب إلى الحارث الهمداني -: ولا تحدث الناس بكل ما سمعت فكفى بذلك كذبا، ولا ترد على الناس كلما حدثوك به فكفى بذلك جهلا. 10 – ما: المفيد، عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور، عن أبي بكر المفيد الجرجرائي عن المعمر أبي الدنيا، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. 11 – كنز الكراجكى: قال رسول الله صلى الله عليه واله: نضر الله امرءا سمع منا حديثا فأداه كما سمع فرب مبلغ أوعى من سامع. 12 – وقال أمير المؤمنين عليه السلام: عليكم بالدرايات لا بالروايات. 13 – وقال عليه السلام: همة السفهاء الرواية وهمة العلماء الدراية.


(1) هذا المعنى يدل على انه رحمه الله حمل قوله: هذه الامة على امة محمد صلى الله عليه وآله فارتكب هذا التكلف، مع أن الظاهر أن المراد بهذه الامة بنو اسرائيل والمعنى: أن ما قصه الله عن بنى اسرائيل في كتابه يجوز نقله في صورة الخبر. ط (*)

[ 161 ]

14 – منية المريد: عن طلحة بن زيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: رواة الكتاب كثير، ورعاته قليل، فكم من مستنصح للحديث مستغش للكتاب، والعلماء تحزنهم الدراية، والجهال تحزنهم الرواية. 15 – وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم، فإن كان حقا فلكم، وإن كان كذبا فعليه. 16 – كتاب الإجازات للسيد ابن طاووس رضي الله عنه، مما أخرجه من كتاب الحسن بن محبوب بإسناده قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أسمع الحديث فلا أدري منك سماعه أو من أبيك ؟ قال: ما سمعته مني فاروه عن رسول الله صلى الله عليه واله 17 – ومنه نقلا من كتاب مدينة العلم، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن زعلان، عن خلف بن حماد، عن ابن مختار أو غيره رفعه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أسمع الحديث منك فلعلي لا أرويه كما سمعته، فقال: إن أصبت فيه فلا بأس، إنما هو بمنزلة: تعال، وهلم، واقعد، واجلس. 18 – كتاب حسين بن عثمان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أصبت الحديث فأعرب عنه بما شئت. 19 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله: اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. بيان: قال الجزري: فيه: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، قد تكررت هذه اللفظة في الحديث ومعناه: لينزل منزله في النار. قال: بواه الله منزلا أي أسكنه إياه. وتبوأت منزلا: اتخذته. والمباءة: المنزل. 20 – غو: روي عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: رحم الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب حامل فقه ليس بفقيه. وفي رواية: فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. 21 – نهج، ضه: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اعقلوا الخبر إذا سمعتموه عقل رعاية لا عقل رواية، فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل.


[ 162 ]

بيان: أي ينبغي أن يكون مقصودكم الفهم للعمل لا محض الرواية، ففيه شيئان: الأول فهمه وعدم الاقتصار على لفظه، والثاني العمل به. 22 – كش: علي بن محمد بن قتيبة، عن جعفر بن أحمد، عن محمد بن الخالد – أظنه البرقي – عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن القاسم بن عوف (1) قال: كنت أتردد بين علي بن الحسين وبين محمد بن الحنفية، وكنت آتي هذا مرة وهذا مرة، قال: ولقيت علي بن الحسين عليهما السلام قال: فقال لي: يا هذا إياك أن تأتي أهل العراق فتخبرهم أنا استودعناك علما فإنا والله ما فعلنا ذلك، وإياك أن تترائس بنا فيضعك الله، وإياك أن تستأكل بنا فيزيدك الله فقرا، واعلم أنك إن تكون ذنبا في الخير خير لك من أن تكون رأسا في الشر، واعلم أنه من يحدث عنا بحديث سألناه يوما، فإن حدث صدقا كتبه الله صديقا، وإن حدث كذبا كتبه الله كذابا، وإياك أن تشد راحلة ترحلها تأتي ههنا تطلب العلم حتى يمضي لكم بعد موتي سبع حجج، ثم يبعث الله لكم غلاما من ولد فاطمة عليها السلام تنبت الحكمة في صدره كما ينبت الطل (2) الزرع. قال: فلما مضى علي بن الحسين عليهما السلام حسبنا الأيام والجمع والشهور والسنين فما زادت يوما ولا نقصت حتى تكلم محمد ابن علي بن الحسين – صلوات الله عليهم – باقر العلم. 23 – سر: السياري (3)، عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا


(1) بفتح العين المهملة وسكون الواو، هو القاسم بن عوف الشيباني، عده الشيخ في رجاله من أصحاب السجاد عليه السلام، وقال: كان يختلف بين على بن الحسين عليهما السلام ومحمد بن الحنفية. (2) الطل: المطر الضعيف. الندى. (3) بفتح السين المهملة وتشديد الياء. عنونه النجاشي في ص 58 من رجاله قال: أحمد بن محمد ابن سيار أبو عبد الله الكاتب بصرى، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبى محمد عليه السلام، ويعرف بالسيارى، ضعيف الحديث، فاسد المذهب – ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله – مجفو الرواية، كثير المراسيل، له كتب وقع إلينا، منها: كتاب ثواب القرآن، كتاب الطب، كتاب القراءة، كتاب النوادر، كتاب الغارات، أخبرنا الحسين بن عبيد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه قال: حدثنا السيارى إلا ما كان خاليا من غلو و تخليط. انتهى كلامه. وقال الخضائرى فيما حكى عنه: ضعيف متهالك، غال منحرف، استثنى من.

[ 163 ]

أصبت معنى حديثنا فأعرب عنه بما شئت. 24 – وقال بعضهم: لا بأس إن نقصت أو زدت أو قدمت أو أخرت إذا أصبت المعنى. وقال: هؤلاء يأتون الحديث مستويا كما يسمعونه، وإنا ربما قدمنا وأخرنا وزدنا ونقصنا، فقال: ذلك زخرف القول غرورا، إذا أصبتم المعنى فلا بأس. بيان: الإعراب: الإبانة والإفصاح، وضمير بعضهم راجع إلى الأئمة عليهم السلام، وفاعل قال في قوله: ” قال هؤلاء ” أحد الرواة، وفي قوله: ” فقال ” الإمام عليه السلام. قوله: ذلك أي الذي ترويه العامة. زخرف القول أي الأباطيل المموهة، من ” زخرفه ” إذا زينه يغرون به الناس غرورا، وهو داخل فيما قال الله تعالى في شأن المبطلين: وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. والحاصل أن أخبارهم موضوعة وإنما يزينونها ليغتر الناس بها. ثم اعلم أن هذا الخبر من الأخبار التي تدل على جواز نقل الحديث بالمعنى و تفصيل القول في ذلك: أنه إذا لم يكن المحدث عالما بحقائق الألفاظ ومجازاتها و منطوقها ومفهومها ومقاصدها لم تجز له الرواية بالمعنى بغير خلاف، بل يتعين اللفظ الذي سمعه إذا تحققه، وإلا لم تجز له الرواية، وأما إذا كان عالما بذلك فقد قال طائفة من العلماء: لا يجوز إلا باللفظ أيضا، وجوز بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه واله فقط، فقال: لأنه أفصح من نطق بالضاد، وفي تراكيبه أسرار ودقائق لا يوقف عليها إلا بها كما هي، لأن لكل تركيب معنى بحسب الوصل والفصل والتقديم والتأخير وغير ذلك، لو لم يراع ذلك لذهبت مقاصدها، بل لكل كلمة مع صاحبتها خاصية مستقلة كالتخصيص


كتبه شيوخ القميين روايته من كتاب نوادر الحكمة، وحكى عن محمد بن على بن محبوب في كتاب النوادر المصنف أنه قال بالتناسخ. وروى الكشى في ص 372 من رجاله باسناد ذكره عن ابراهيم بن محمد بن حاجب قال: قرأت في رقعة مع الجواد عليه السلام يعلم من سأل عن السيارى: أنه ليس في المكان الذى ادعاه لنفسه وألا تدفعوا إليه شيئا. وأتبعهم في ذلك الشيخ في الفهرست، والعلامة في الخلاصة وكل من تصدى لترجمته سوى العلامة النوري فانه تجشم في اثبات وثاقته بما يجتهد في قبال نصوص هولاء الاساطين من الفن، واستطرف الحلى من رواياته وأورده في آخر السرائر وقال: صاحب الرضا وموسى عليهما السلام. أقول: مصاحبته موسى بن جعفر عليه السلام لا يخلو عن التأمل

[ 164 ]

والاهتمام وغيرهما، وكذا الألفاظ المشتركة والمترادفة، ولو وضع كل موضع الآخر لفات المعنى المقصود، ومن ثم قال النبي صلى الله عليه واله: نضر الله عبدا سمع مقالتي وحفظها و وعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه. وكفى هذا الحديث شاهدا بصدق ذلك، وأكثر الأصحاب جوزوا ذلك مطلقا مع حصول الشرائط المذكورة، وقالوا: كلما ذكرتم خارج عن موضوع البحث لأنا إنما جوزنا لمن يفهم الألفاظ، ويعرف خواصها ومقاصدها، ويعلم عدم اختلال المراد بها فيما أداه، وقد ذهب جمهور السلف والخلف من الطوائف كلها إلى جواز الرواية بالمعنى إذا قطع بأداء المعنى بعينه، لأنه من المعلوم أن الصحابة وأصحاب الأئمة عليهم السلام لم يكونوا يكتبون الأحاديث عند سماعها، ويبعد بل يستحيل عادة حفظهم جميع الألفاظ على ما هي عليه و قد سمعوها مرة واحدة، خصوصا في الأحاديث الطويلة مع تطاول الأزمنة ولهذا كثيرا ما يروى عنهم المعنى الواحد بألفاظ مختلفة، ولم ينكر ذلك عليهم، ولا يبقى لمن تتبع الأخبار في هذا شبهة. ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني: (1) عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص. قال: إن كنت تريد معانيه فلا بأس. وروي أيضا عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن داود بن فرقد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أسمع الكلام منك فاريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيئ ذلك، قال: فتتعمد ذلك ؟ قلت: لا. قال: تريد المعاني ؟ قلت: نعم. قال: فلا بأس. نعم لا مرية في أن روايته بلفظه أولى على كل حال، لا سيما في هذه الأزمان لبعد العهد وفوت القرائن وتغير المصطلحات. وقد روى الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إبن أبي عمير، عن


(1) في الأصول من الكافي في الحديث الثاني من باب رواية الكتب، وأورد الحديثين الاتيين بعد ذلك في ؟ ؟ و 6 من الباب.

[ 165 ]

منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قول الله جل ثناؤه: الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. قال: هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص. وبالغ بعضهم فقال: لا يجوز تغيير قال النبي صلى الله عليه واله إلى قال رسول الله ولا عكسه، وهو عنت بين بغير ثمرة. تذنيب: قال بعض الأفاضل: نقل المعنى إنما جوزوه في غير المصنفات، أما المصنفات فقد قال أكثر الأصحاب: لا يجوز حكايتها ونقلها بالمعنى ولا تغيير شئ منها على ما هو المتعارف. 25 – شى: عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي صلوات الله عليهم قال الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه، إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه. بيان: الفعل في قوله عليه السلام: لم تروه إما مجرد معلوم، يقال: روى الحديث رواية أي حمله، أو مزيد معلوم من باب التفعيل أو الإفعال يقال: رويته الحديث تروية وأرواه أي حملته على روايته، أو مزيد مجهول من البابين، ومنه: روينا في الأخبار. ولنذكر ما به يتحقق تحمل الرواية والطرق التي تجوز بها رواية الأخبار. اعلم أن لأخذ الحديث طرقا أعلاها سماع الراوي لفظ الشيخ، أو إسماع الراوي لفظه إياه بقراءة الحديث عليه، ويدخل فيه سماعه مع قراءة غيره على الشيخ، ويسمى الأول بالإملاء، والثاني بالعرض، وقد يقيد الإملاء بما إذا كتب الراوي ما يسمع من شيخه، وفي ترجيح أحدهما على الآخر والتسوية بينهما أوجه، ومما يستدل به على ترجيح السماع من الشيخ على إسماعه ما رواه الكليني بسند صحيح: (1) عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يجيئني القوم فيسمعون مني حديثكم فأضجرو لا أقوى، قال: فاقرأ عليهم من أوله حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثا.


(1) والسند هكذا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان. أورده في الخامس من باب رواية الكتب.

[ 166 ]

فلولا ترجيح قراءة الشيخ على قراءة الراوي لأمره بترك القراءة عند التضجر، وقراءة الراوي مع سماعه إياه، ولا خلاف في أنه يجوز للسامع أن يقول في الأول: ” حدثنا ” و ” أنبأنا ” و ” سمعته يقول ” و ” قال لنا ” و ” ذكر لنا “، هذا كان في الصدر الأول ثم شاع تخصيص ” أخبرنا ” بالقراءة على الشيخ، و ” أنباءنا ” و ” نبأنا ” بالإجازة، وفي الثاني المشهور جواز قول: ” أخبرني ” و ” حدثني ” مقيدين بالقراءة على الشيخ، و ما ينقل عن السيد من منعه مقيدا أيضا بعيد، واختلف في الإطلاق فجوزه بعضهم، ومنعه آخرون، وفصل ثالث فجوز ” أخبرني ” ومنع ” حدثني ” واستند إلى أن الشايع في استعمال ” أخبرني ” هو قراءته على الشيخ وفي استعمال ” حدثني ” هو سماعه عنه، وفي كون الشياع دليلا على المنع من غير الشايع نظر. ثم إن صيغة ” حدثني ” وشبهها فيما يكون الراوي متفردا في المجلس، و ” حدثنا ” و ” أخبرنا ” فيما يكون مجتمعا مع غيره، وهذان قسمان من أقسامها. وبعدهما الإجازة، سواء كان معينا لمعين كإجازة الكافي لشخص معين، أو معينا لغير معين كإجازته لكل أحد، أو غير معين لمعين كأجزتك مسموعاتي، أو غير معين لغير معين كأجزت كل أحد مسموعاتي، كما حكي عن بعض أصحابنا أنه أجاز على هذا الوجه. وفي إجازة المعدوم نظر، إلا مع عطفه على الموجود، وأما غير المميز كالأطفال الصغيرة فالمشهور الجواز (1)، وفي جواز إجازة المجاز وجهان للأصحاب، والأصح الجواز. وأفضل أقسامها ما كانت على وفق صحيحة ابن سنان المتقدمة بأن يقرأ عليه من أوله حديثا، ومن وسطه حديثا، ومن آخره حديثا، ثم يجيزه، بل الأولى الاقتصار عليه، ويحتمل أن يكون المراد بالأول والوسط والآخر الحقيقي منها، أو الأعم منه و من الإضافي، والثاني، أظهر وإن كان رعاية الأول أحوط وأولى.


(1) ليس فرق بين الصبى غير المميز والمعدوم في ذلك.

[ 167 ]

وبعدها: المناولة وهي مقرونة بالإجازة وغير مقرونة، والاولى هي أن يناوله كتابا ويقول: هذا روايتي فاروه عني، أو شبهه والثانية أن يناوله إياه ويقول: هذا سماعي، ويقتصر عليه، وفي جواز الرواية بالثاني قولان، والأظهر الجواز لما رواه الكليني: عن محمد بن يحيى، بإسناده عن أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول: اروه عني. يجوز لي أن أرويه عنه ؟ قال: فقال: إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه. (1) وهل يجوز إطلاق حدثنا وأخبرنا في الإجازة والمناولة قولان، وأما مع التقييد بمثل قولنا: إجازة ومناولة فالأصح جوازه. واصطلح بعضهم على قولنا: أنبأنا. وبعدها المكاتبة وهي أن يكتب مسموعه لغائب بخطه ويقرنه بالإجازة، أو يعريه عنها، والكلام فيه كالكلام في المناولة. والظاهر عدم الفرق بين الكتابة التفصيلية والإجمالية كأن يكتب الشيخ مشيرا إلى مجموع محدود إشارة يأمن معها اللبس والإشتباه: هذا مسموعي ومرويي فاروه عني، والحق أنه مع العلم بالخط والمقصود بالقرائن لا فرق يعتد به بينه وبين سائر الأقسام، ككتابة النبي صلى الله عليه واله إلى كسرى وقيصر، مع أنها كانت حجة عليهم، وكتابة أئمتنا عليهم السلام الأحكام إلى أصحابهم في الأعصار المتطاولة، والظاهر أنه يكفي الظن الغالب أيضا في ذلك. وبعدها الإعلام وهو أن يعلم الشيخ الطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه، وفي جواز الرواية به قولان والأظهر الجواز، لما مر في خبر أحمد بن عمرو لما رواه الكليني: عن عدة من أصحابه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك إن مشائخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم فلم ترو عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا، فقال: حدثوا بها فإنها حق.


(1) أورده في كتاب فضل العلم في الحديث السادس من باب رواية الكتب والحديث.

[ 168 ]

ويقرب منه الوصية وهي أن يوصي عند سفره أو موته بكتاب يرويه فلان بعد موته، وقد جوز بعض السلف للموصى له روايته ويدل عليه الخبر السالف. والثامن من تلك الأقسام: الوجادة، وهي أن يقف الإنسان على أحاديث بخط راويها، أو في كتابه المروي له معاصرا كان أو لا، فله أن يقول: وجدت أو قرأت بخط فلان أو في كتابه: حدثنا فلان، ويسوق الإسناد والمتن، وهذا هو الذي استمر عليه العمل حديثا وقديما وهو من باب المنقطع، وفيه شوب اتصال، ويجوز العمل به وروايته عند كثير من المحققين عند حصول الثقة بأنه خط المذكور وروايته، وإلا قال: بلغني عنه، أو وجدت في كتاب أخبرني فلان أنه خط فلان أو روايته، أو أظن أنه خطه أو روايته لوجود آثار روايته له بالبلاغ ونحوه، ويدل على جواز العمل بها خبر أبي جعفر عليه السلام الذي تقدم ذكره. وربما يلحق بهذا القسم ما إذا وجد كتابا بتصحيح الشيخ وضبطه، والأظهر جواز العمل بالكتب المشهورة المعروفة التي يعلم انتسابها إلى مؤلفيها، كالكتب الأربعة، وسائر الكتب المشهورة، وإن كان الأحوط تصحيح الإجازة والإسناد في جميعها، وسنفصل القول في تلك الأنواع وفروعها في المجلد الخامس والعشرين من الكتاب بعون الملك الوهاب. (باب 22) * (ان لكل شئ حدا وانه ليس شئ الا ورد فيه كتاب أو سنة) * * (وعلم ذلك كله عند الامام) * الايات، الانعام: ما فرطنا في الكتاب من شئ 37 1 – ير: علي بن محمد، عن اليقطيني يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: أبى الله أن يجري الأشياء إلا بالأسباب، فجعل لكل شئ سببا وجعل لكل سبب شرحا، وجعل لكل شرح مفتاحا، وجعل لكل مفتاح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، من عرفه عرف الله، ومن أنكره أنكر الله، ذلك رسول الله صلى الله عليه واله ونحن.


[ 169 ]

2 – ير: عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن الحسن، عن فضالة، عن القاسم ابن يزيد، عن محمد بن مسلم، قال: سألته عن ميراث العلم ما بلغ، أجوامع من العلم أم يفسر كل شئ من هذه الامور التي يتكلم فيها الناس من الطلاق والفرائض ؟ فقال: إن عليا عليه السلام كتب العلم كله والفرائض، فلو ظهر أمرنا لم يكن من شئ إلا وفيه سنة يمضيها. بيان: قوله: ما بلغ بدل من ميراث العلم أي ما بلغ منه إليكم. أجوامع ؟ أي ضوابط كلية يستنبط منها خصوصيات الأحكام، أو ورد في كل من تلك الخصوصيات نص مخصوص ؟. قوله عليه السلام: يمضيها على الغيبة أي صاحب الأمر، أو على التكلم. 3 – ير: عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن الأهوازي، عن جعفر بن بشير، عن حماد، عن أبي اسامة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده رجل من المغيرية (1) فسأله عن شئ من السنن، فقال: ما من شئ يحتاج إليه ولد آدم إلا وقد خرجت فيه السنة من الله ومن رسوله، ولولا ذلك ما احتج علينا بما احتج، فقال المغيري: وبما احتج ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام قوله: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي – حتى فرغ من الآية – فلو لم يكمل سنته وفرائضه وما يحتاج إليه الناس ما احتج به. (2) 4 – سن: بعض أصحابنا، عن علي بن إسماعيل الميثمي، عن محمد بن حكيم، عن. أبي الحسن موسى عليه السلام قال: أتاهم رسول الله صلى الله عليه واله بما اكتفوا به في عهده واستغنوا به من بعده.


(1) هم اتباع المغيرة بن سعيد لعنه الله ولعنهم، أورده أصحابنا في تراجمهم وبالغوا في ذمه ولعنوه وتبرؤوا منه. قال صاحب منتهى المقال: المغيرية اتباع المغيرة بن سعيد لعنه الله قالوا: ان الله جسم على صورة رجل من نور على راسه تاج من نور، وقلبه منبع الحكمة. ونقل عن الوحيد أنه قال: وربما يظهر من التراجم كونهم من الغلاة وبعضهم نسبوه إليهم. أقول: وأورد ترجمتهم البغدادي في الفرق بين الفرق، والشهرستانى في كتابه الملل والنحل، قال البغدادي في ص 36: كان المغيرة بن سعيد العجلى في صلاته في التشبيه يقول لاصحابه: ان المهدى المنتظر محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على، ويستدل على ذلك بان اسمه محمد كاسم رسول الله صلى الله عليه وآله واسم أبيه عبد الله كاسم أبى رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: في الحديث عن النبي صلوات الله عليه وآله قوله في المهدى: ان اسمه يوافق اسمى، واسم أبيه اسم أبى. وأورد الشهرستاني ما قال في التشبيه في كتابه. (2) ياتي بقية المباحثة الواقعة بين أبى عبد الله عليه السلام والرجل في الحديث 12.

[ 170 ]

5 – سن: إسماعيل الميثمي، عن محمد بن حكيم، عن أبي الحسن عليه السلام قال: أتاهم رسول الله صلى الله عليه واله بما يستغنون به في عهده وما يكتفون به من بعده: كتاب الله وسنة نبيه. 6 – سن: أبي، عن حماد، عن حريز وربعي، عن الفضيل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن للدين حدا كحدود بيتي هذا، وأومأ بيده إلى جدار فيه. 7 – سن: أبي، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من شئ إلا وله حد كحدود داري هذه، فما كان في الطريق فهو من الطريق، وما كان في الدار فهو من الدار. 8 – سن: الوشاء، عن أبان الأحمر، عن سليم بن أبي حسان العجلي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حد كحدود داري هذه، ما كان منها من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار، حتى أرش الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة. 9 – سن: أبي عن يونس، عن حفص بن قرط (1) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان علي عليه السلام يعلم الخير الحلال والحرام ويعلم القرآن، ولكل شئ منهما حد. بيان: في بعض النسخ ” الخير ” بالياء المنقطة بنقطتين، أي جميع الخيرات من الحلال والحرام، وفي بعضها بالباء الموحدة أي أخبار الرسول صلى الله عليه واله في الحلال والحرام. 10 – سن: ابن بزيع، عن أبي إسماعيل السراج (2)، عن خيثمة (3) بن عبد الرحمن الجعفي، عن أبي لبيد البحراني، (4) عن أبي جعفر عليه السلام أنه أتاه رجل بمكة فقال له: يا


(1) بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة. أورد الشيخ في رجاله في اصحاب الصادق عليه السلام رجلين مسميين بحفص بن قرط: أحدهما حفص بن قرط الاعور كوفى عربي جمال، والاخر حفص بن قرط النخعي الكوفى، ولم يزد في ترجمتها على كونهما من أصحاب الصادق عليه السلام، وحكى عن جامع الرواة أن النخعي الكوفى يروى عنه ابن أبى عمير ويونس بن عبد الرحمن، وابن سنان، وإسحاق بن عمار. (2) صرح جماعة بأن اسمه عبد الله بن عثمان بن عمرو بن خالد الفزارى وخالف بعض، ولعله يأتي الكلام فيه بعد إن شاء الله. (3) بضم الخاء وسكون الياء وفتح الثاء. (4) في المحاسن المطبوع (ص 274) أبو الوليد النجرانى ولكنه مصحف، والصحيح أبو لبيد كما في (ص 270) من المحاسن ووصفه هنا بالمراء الهجرين وأورد هنا روايته التى وردت في تفسير ” المص ” والرجل مجهول اسمه وحاله، لم يذكره الرجاليون في كتبهم نعم أورد الشيخ في رجاله أبا لبيد الهجرى من أصحاب الباقر عليه السلام ولعله متحد مع هذا ولكن هذا أيضا مجهول مثله.

[ 171 ]

محمد بن علي أنت الذي تزعم أنه ليس شئ إلا وله حد ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: نعم أنا أقول: إنه ليس شئ مما خلق الله صغيرا وكبيرا إلا وقد جعل الله له حدا إذا جوز به ذلك الحد فقد تعدى حد الله فيه. فقال: فما حد مائدتك هذه ؟ قال: تذكر اسم الله حين توضع، وتحمد الله حين ترفع، وتقم ما تحتها. قال: فما حد كوزك هذا ؟ قال: لا تشرب من موضع اذنه، ولا من موضع كسره، فإنه مقعد الشيطان، وإذا وضعته على فيك فاذكر اسم الله، وإذا رفعته عن فيك فاحمد الله، وتنفس فيه ثلاثة أنفاس، فإن النفس الواحد يكره. 11 – سن: محمد بن عبد الحميد، عن ابن حميد، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله – في خطبته في حجة الوداع -: أيها الناس اتقو الله، ما من شئ يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد نهيتكم عنه وأمرتكم به. 12 – سن: صالح بن السندي، عن ابن بشير، عن صباح الحذاء، عن أبي اسامة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل من المغيرية عن شئ من السنن فقال: ما من شئ يحتاج إليه أحد من ولد آدم إلا وقد جرت فيه من الله ومن رسوله سنة عرفها من عرفها، وأنكرها من أنكرها، قال الرجل: فما السنة في دخول الخلاء ؟ قال: تذكر الله، وتتعوذ من الشيطان، فإذا فرغت قلت: الحمد لله على ما أخرج عني من الأذى في يسر منه وعافية. فقال الرجل: فالإنسان يكون على تلك الحال فلا يصبر حتى ينظر إلى ما خرج منه. فقال: إنه ليس في الأرض آدمي إلا ومعه ملكان موكلان به، فإذا كان على تلك الحال ثنيا رقبته (1) ثم قالا: ابن آدم ! انظر إلى ما كنت تكدح (2) له في الدنيا إلى ما هو صائر. (3) 13 – جا: الجعابي، عن ابن عقدة، عن عبيد بن حمدون، عن الحسن بن ظريف، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما رأيت عليا عليه السلام قضى قضاءا إلا وجدت له أصلا


(1) أي لويا رقبته إلى ما خرج منه. (2) أي تسعى وتكسب وتجهد نفسك فيه. (3) هذا الحديث والحديث الثالث يكشفان عن مباحثة طويلة وقعت بين أبى عبد الله عليه السلام ورجل من المغيرية، وأبو اسامة نقل بعضها لحماد وبعضها لصباح.

[ 172 ]

في السنة، قال: وكان علي عليه السلام يقول: لو اختصم إلي رجلان فقضيت بينهما ثم مكثا أحوالا كثيرة ثم أتياني في ذلك الأمر لقضيت بينهما قضاءا واحدا، لأن القضاء لا يحول ولا يزول أبدا. (باب 33) * (انهم عليهم السلام عندهم مواد العلم واصوله، ولا يقولون شيئا) * * (برأى ولا قياس، بل ورثوا جميع العلوم عن النبي صلى الله) * * (عليه وآله وأنهم امناء الله على اسراره) * الايات، النجم: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى 3، 4 1 – ختص، ير: حمزة بن يعلى، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يا جابر إنا لو كنا نحدثكم برأينا وهوانا لكنا من الهالكين، ولكنا نحدثكم بأحاديث نكنزها عن رسول الله صلى الله عليه واله كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم. (1) 2 – ير: ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أنا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا، ولكنا حدثنا ببينة من ربنا بينها لنبيه صلى الله عليه واله فبينه لنا. 3 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم، عن محمد بن يحيى، عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا جابر لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين، ولكنا نفتيهم بآثار من رسول الله صلى الله عليه واله واصول علم عندنا، نتوارثها كابرا عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم. بيان: قال الجزري: في حديث الأقرع والأبرص: ورثته كابرا عن كابر أي ورثته عن آبائي وأجدادي كبيرا عن كبير في العز والشرف. ير: عبد الله بن عامر، عن الحجال، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله.


(1) لعله متحد مع الثالث والرابع.

[ 173 ]

4 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الثمالي: عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا جابر والله لو كنا نحدث الناس أو حدثناهم برأينا لكنا من الهالكين. ولكنا نحدثهم بآثار عندنا من رسول الله صلى الله عليه واله يتوارثها كابر عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم. (1) 5 – ير: أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن فضيل بن عثمان، عن محمد بن شريح قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والله لولا أن الله فرض ولايتنا ومودتنا وقرابتنا ما أدخلناكم بيوتنا، ولا أوقفناكم على أبوابنا، والله ما نقول بأهوائنا، ولا نقول برأينا، ولا نقول إلا ما قال ربنا. جا: عمر بن محمد الصيرفي، عن محمد بن همام الاسكافي، عن أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان مثله. ير: محمد بن هارون، عن أبي الحسن موسى، عن موسى بن القاسم، عن علي بن النعمان، عن محمد بن شريح، عنه عليه السلام مثله. ير: محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن فضيل بن عثمان، عن محمد بن شريح مثله، وزاد في آخره: اصول عندنا نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم. 6 – ير: إبراهيم بن هاشم، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن عنبسة قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل: إن كان كذا وكذا ما كان القول فيها. فقال له: مهما أجبتك فيه بشئ فهو عن رسول الله صلى الله عليه واله لسنا نقول برأينا من شئ. (2) 7 – ختص، ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن فضالة، عن جميل، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إنا على بينة من ربنا بينها لنبيه صلى الله عليه واله فبينها نبيه لنا، فلولا ذلك كنا كهؤلاء الناس. 8 – ختص، ير: ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن ابن مهران، عن ابن عميرة، عن ابي المعزا، عن سماعة، عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: كل شئ تقول به في


(1) تقدم احتمال اتحاده مع الاول والثالث. (2) أي شيئا، فهو في موضع المفعول.

[ 174 ]

كتاب الله وسنته أو تقولون برأيكم ؟ قال: بل كل شئ نقوله في كتاب الله وسنته. 9 – ير: محمد بن عبد الحميد، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة النضري، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: علم عالمكم أي شئ وجهه ؟ قال: وراثة من رسول الله وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهما، يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إليهم. 10 – ير: محمد بن الحسين، عن ابن بشير، عن المفضل، عن الحارث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: أخبرني علم عالمكم. قال: وراثة من رسول الله صلى الله عليه واله ومن علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت: إنا نتحدث أنه يقذف في قلبه أو ينكت في اذنه. فقال: أو ذاك. (1) بيان: قوله عليه السلام: أو ذاك أي قد يكون ذاك أيضا. وسيأتي شرحه في كتاب الإمامة. 11 – ير: محمد بن أحمد، عمن رواه، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه واله دعا عليا عليه السلام في المرض الذي توفي فيه فقال: يا علي ادن مني حتى أسر إليك ما أسر الله إلي، وأئتمنك على ما ائتمني الله عليه، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه واله بعلي عليه السلام، وفعله علي عليه السلام بالحسن عليه السلام، وفعله حسن عليه السلام بالحسين عليه السلام، وفعله الحسين عليه السلام بأبي عليه السلام وفعله أبي عليه السلام بي. – صلوات الله عليهم اجمعين -. ير: أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الصمد مثله. ير: أحمد بن موسى، عن ابن يزيد، عمن رواه، عن عبد الصمد مثله. 12 – ير: عبد الله بن محمد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: أسر الله سره إلى جبرئيل عليه السلام، وأسر جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه واله، وأسر محمد صلى الله عليه واله إلى من شاء الله. (2)


(1) ترديده عليه السلام إبهام منه لما سأله وذلك أن السائل لما كان يزعم أن القذف في القلب غير هذا الذى ذكره عليه السلام وأن هذه الوراثة إنما هي بالتحمل مثل رواية أحدنا عن مثله ولم يرق ذهنه إلى أزيد من ذلك صدق عليه السلام ما ذكره بطريق الابهام، وحقيقة الامر أن الطريقان فيهم واحد كما يدل عليه الروايات الاتية. ط (2) لعله قطعة من الحديث 14.

[ 175 ]

13 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن علي، عن أبي بصير، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أسر الله سره إلى جبرئيل عليه السلام، وأسره جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه واله، وأسره محمد صلى الله عليه واله إلى علي عليه السلام، وأسره علي عليه السلام إلى من شاء واحدا بعد واحد 14 – ير: بنان بن محمد، عن معمر بن خلاد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: لا يقدر العالم أن يخبر بما يعلم، فإن سر الله أسره إلى جبرئيل عليه السلام، وأسره جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه واله وأسره محمد صلى الله عليه واله إلى من شاء الله. 15 – ير: ابن معروف، عن حماد بن عيسى، عن ربعي، عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: بأي شئ يفتي الإمام ؟ قال: بالكتاب. قلت: فما لم يكن في الكتاب ؟ قال: بالسنة. قلت: فما لم يكن في الكتاب والسنة ؟ قال: ليس شئ إلا في الكتاب والسنة. قال فكرت مرة أو اثنتين قال: يسدد ويوفق، فأما ما تظن فلا. 16 – ير: ابن يزيد، عن الحسن بن أيوب، عن علي بن إسماعيل، عن ربعي، عن خيثم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: يكون شئ لا يكون في الكتاب والسنة ؟ قال: لا. قال: قلت: فإن جاء شئ ؟ قال: لا. حتى أعدت عليه مرارا فقال: لا يجئ، ثم قال – بإصبعه -: بتوفيق وتسديد، ليس حيث تذهب، ليس حيث تذهب. بيان: قوله عليه السلام: بتوفيق وتسديد أي بإلهام من الله وإلقاء من روح القدس كما يأتي في كتاب الإمامة، وليس حيث تذهب من الاجتهاد والقول بالرأي. (1) ير: أحمد بن الحسين بن سعيد، عن الميثمي (2)، عن ربعي، مثله. 17 – ير: محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله سورة (3) – وأنا شاهد – فقال: جعلت فداك بما يفتى الإمام ؟ قال: بالكتاب. قال: فما لم يكن في الكتاب ؟ قال: بالسنة. قال: فما لم يكن في الكتاب والسنة ؟


(1) ويحتمل أن السائل كان يظن أن أمر تشريع الاحكام مفوض إليهم فنفاه عليه السلام أن افتاءه لم يكن الا بما ورد في الكتاب والسنة مع توفيق وتسديد من الله تعالى بحيث لا يخطأ في ذلك، ولعل المراد من التوفيق والتسديد عصمته عن السهو والنسيان والخطاء. (2) هو على بن اسماعيل. (3) هو سورة بن كليب الذى روى الحديث أيضا وتقدم تحت الرقم 15 ويأتي تحت الرقم 18.

[ 176 ]

فقال: ليس من شئ إلا في الكتاب والسنة، قال: ثم مكث ساعة ثم قال: يوفق ويسدد وليس كما تظن. بيان: قوله عليه السلام: يوفق ويسدد أي لأن يعلم ذلك من الكتاب والسنة لئلا ينافي الأخبار السابقة وأول هذا الخبر أيضا. (1) 18 – ير: ابن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن سورة بن كليب (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دخلت عليه بمنى فقلت: جعلت فداك الإمام بأي شئ يحكم ؟ قال: قال: بالكتاب. قلت: فما ليس في الكتاب ؟ قال: بالسنة. قلت: فما ليس في السنة ولا في الكتاب ؟ قال: فقال بيده: قد أعرف الذي تريد، يسدد ويوفق وليس كما تظن. (3) 19 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي عليه السلام إذا ورد عليه أمر ما نزل به كتاب ولا سنة قال برجم فأصاب، قال أبو جعفر عليه السلام: وهي المعضلات.


(1) بل المراد أن له طريقا من العلم إليه، وليس كما تظن أي بالطرق العادية، فهو القاء في الفهم وقذف في القلب معا من غير طريق الفهم العادى، ولا ينافى ذلك لا صدر الخبر ولا غيره من الاخبار فافهم. ط (2) بضم السين المهملة وسكون الواو وفتح الراى المهملة. وكليب وزان (زبير) هو سورة بن كليب بن معاوية الاسدي. كان من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام. روى الكشى في ص 239 من رجاله باسناده عن محمد بن مسعود، عن الحسين بن اشكيب، عن عبد الرحمن بن حماد، عن محمد بن اسماعيل الميثمى، عن حذيفة بن منصور، عن سورة بن كليب قال: قال لى زيد بن على: يا سورة كيف علمتم أن صاحبكم على ما تذكرونه ؟ قال: قلت: على الخبير سقطت، قال: فقال: هات، فقلت له: كنا نأتى أخاك محمد بن على عليهما السلام نسأله فيقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال الله عز وجل في كتابه، حتى مضى أخوك فأتيناكم وأنت فيمن أتينا، فتخبرونا ببعض ولا تخبرونا بكل الذى نسالكم عنه حتى أتينا ابن أخيك جعفرا فقال لنا: كل ما قال أبوه: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال تعالى، فتبسم وقال: أما والله إن قلت بذا، فان كتب على صلوات الله عليه عنده. يستفاد من ذلك قوته في الحجاج، وأنه كان مشهورا بالتشيع، وأنه كان أهلا لسؤال مثل زيد بن على عنه. (3) الحديث متحد مع 15، ورواه حماد عن أبى عبد الله عليه السلام كما تقدم تحت الرقم 17.

[ 177 ]

بيان: ليس المراد بالرجم هنا القول بالظن بل القول بإلهامه تعالى. ير: علي بن إسماعيل بن عيسى عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن عبد الرحيم مثله. ير: أحمد بن موسى، عن أيوب بن نوح، عن صفوان مثله. ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن عبد الرحيم مثله. 20 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي والبرقي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن عبد الله بن مسكان، عن عبد الرحيم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عليا عليه السلام إذا ورد عليه أمر لم يجئ به كتاب ولا سنة رجم به – يعني ساهم – فأصاب، ثم قال: يا عبد الرحيم وتلك المعضلات. بيان: قوله عليه السلام: ساهم أي استعلم ذلك بالقرعة، وهذا يحتمل وجهين: الأول أن يكون المراد الأحكام الجزئية المشتبهة التي قرر الشارع استعلامها بالقرعة فلا يكون هذا من الاشتباه في أصل الحكم بل في مورده، ولا ينافي الأخبار السابقة لأن القرعة أيضا من أحكام القرآن والسنة، والثاني أن يكون المراد الأحكام الكلية التي يشكل عليهم استنباطها من الكتاب والسنة فيستنبطون منهما بالقرعة ويكون هذا من خصائصهم عليهم السلام لأن قرعة الإمام لا تخطئ أبدا، والأول أوفق بالأصول وسائر الأخبار وإن كان الأخير أظهر. (1) 21 – ير: أحمد بن موسى، عن أبي يوسف، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: كان علي عليه السلام إذا سئل فيما ليس في كتاب ولا سنة رجم فأصاب وهي المعضلات. (2) 22 – ير: محمد بن موسى، عن موسى الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا ورد عليه ما ليس في كتاب الله ولا سنة نبيه فيرجمه فيصيب ذلك وهي المعضلات.


(1) لا يخفى أنه احتمال فاسد لا يمكن اقامة دليل عليه قطعا. ط (2) الظاهر اتحاد الحديث مع الحديث 19 و 20.

[ 178 ]

23 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مرازم وموسى بن بكر قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنا أهل بيت لم يزل الله يبعث منا من يعلم كتابه من أوله إلى آخره، وإن عندنا من حلال الله وحرامه ما يسعنا كتمانه، ما نستطيع أن نحدث به أحدا. 24 – ير: عبد الله (1)، عن محسن (2)، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: العلم الذي يعلمه عالمكم بما يعلم ؟ قال: وراثة من رسول الله صلى الله عليه واله ومن علي بن أبي طالب عليه السلام يحتاج الناس إليه ولا يحتاج إلى الناس. 25 – ير: الحجال، عن صالح، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: في صحف مطهرة فيها كتب قيمة. قال: هو حديثنا في صحف مطهرة من الكذب. 26 – سن: عباس بن عامر، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن أبي غيلان، عن أبي إسماعيل الجعفي قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن الله برأ محمدا صلى الله عليه واله من ثلاث: أن يتقول على الله، أو ينطق عن هواه، أو يتكلف. بيان: إشارة إلى قوله تعالى: ولو تقول علينا بعض الأقاويل (3). وسمي الافتراء تقولا لأنه قول متكلف، وإلى قوله تعالى: وما ينطق عن الهوى. (4) وإلى قوله تعالى: وما أنا من المتكلفين. (5) والتكلف: التصنع وادعاء ما ليس من أهله. 27 – جا: ابن قولويه، عن ابن عيسى، عن هارون بن مسلم، عن ابن أسباط، عن ابن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إذا حدثتني بحديث فأسنده لي. فقال: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلوات الله عليهم، عن جبرئيل عليه السلام، عن الله عز وجل، وكل ما احدثك بهذا الاسناد. (6) 28 – منية المريد: روى هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيرهما قالوا: سمعنا


(1) حكى عن جامع الرواة رواية الصفار عن عبد الله بن الحسن العلوى، ولعله هذا. (2) ضبطه في التنقيح بتشديد السين وزان ” محدث ” ولعله محسن بن أحمد البجلى أبو محمد من أصحاب الرضا عليه السلام بقرينة روايته عن يونس بن يعقوب. (3) الحاقة: 44. (4) النجم: 3. (5) ص: 86. (6) تقدم الحديث مع زيادة في باب فضل كتابة الحديث تحت الرقم 20.

[ 179 ]

أبا عبد الله عليه السلام يقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، و حديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه واله وحديث رسول الله صلى الله عليه واله قول الله عز وجل. (باب 24) * (أن كل علم حق هو في ايدى الناس فمن اهل البيت عليهم السلام) * * (وصل إليهم) * 1 – جا: ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أما إنه ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب إلا شئ أخذوه منا أهل البيت، ولا أحد من الناس يقضي بحق ولا عدل إلا و مفتاح ذلك القضاء وبابه وأوله وسننه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فإذا اشتبهت عليهم الامور كان الخطاء من قبلهم إذا أخطاؤوا، والصواب من قبل علي بن أبي طالب عليه السلام إذا أصابوا. 2 – جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول – وعنده ناس من أهل الكوفة -: عجبا للناس يقولون: أخذوا علمهم كله عن رسول الله صلى الله عليه واله فعملوا به واهتدوا، ويرون أنا أهل البيت لم نأخذ علمه ولم نهتد به ونحن أهله وذريته، في منازلنا انزل الوحي ومن عندنا خرج إلى الناس العلم، أفتراهم علموا واهتدوا وجهلنا وضللنا ؟ ! إن هذا محال. أقول: سيأتي أخبار كثيرة في ذلك في كتاب الإمامة. (باب 25) * (تمام الحجة وظهور المحجة) * الايات، الانعام: قل فلله الحجة، البالغة 108 ” وقال تعالى “: وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين 55


[ 180 ]

الجاثية: فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون 16 1 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له: انتفعوا ببيان الله، واتعظوا بمواعظ الله، وأقبلوا نصيحة الله، فإن الله قد أعذر إليكم بالجلية، وأخذ عليكم الحجة، وبين لكم محابة من الأعمال ومكارهه منها لتبتغوا هذه وتجتنبوا هذه. 2 – لى: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول كثيرا: علم المحجة واضح لمريده * وأرى القلوب عن المحجة في عمى (1) ولقد عجبت لهالك ونجاته * موجودة، ولقد عجبت لمن نجا بيان: العجب من الهلاك لكثرة بواعث الهداية ووضوح الحجة، والعجب من النجاة لندروها وكثرة الهالكين، وكل أمر نادر مما يتعجب منه. 3 – قبس: أخبرني جماعة من مشائخي الذين قرأت عليهم: منهم الشريف المرشد أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري، والشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، والشيخ الصدوق أبو الحسين أحمد بن علي النجاشي ببغداد، والشيخ الزكي أبو الفرج المظفر بن علي ابن حمدان القزويني بقزوين، قالوا جميعا: أخبرنا الشيخ الجليل المفيد محمد بن محمد بن النعمان الحارثي رضي الله عنه يوم السبت الثالث من شهر رمضان المعظم سنة عشر وأربعمائة، قال: أخبرني الشيخ أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رضي الله عنه، قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري، قال: حدثني أبي، قال: حدثني هارون بن مسلم، قال: حدثني مسعدة بن زياد، قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام – وقد سئل عن قوله تبارك وتعالى: قل فلله الحجة البالغة – قال: إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد: أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم. قال: أفلا عملت بما علمت ؟ ! وإن قال: كنت جاهلا. قال له: أفلا تعلمت ؟ فتلك الحجة البالغة لله تعالى. (2)


(1) المحجة: وسط الطريق. (2) تقدم الحديث من أمالى المفيد في الباب التاسع ” استعمال العلم ” تحت الرقم 10. (*)

[ 181 ]

4 – يج: قال أبو القاسم الهروي خرج توقيع من أبي محمد عليه السلام إلى بعض بني أسباط قال: كتبت إلى أبي محمد اخبره من اختلاف الموالي وأسأله بإظهار دليل، فكتب: إنما خاطب الله العاقل، وليس أحد يأتي بآية ويظهر دليلا أكثر مما جاء به خاتم النبيين و سيد المرسلين صلى الله عليه واله فقالوا: كاهن وساحر وكذاب !، وهدى من اهتدى، غير أن الأدلة يسكن إليها كثير من الناس، وذلك أن الله يأذن لنا فنتكلم، ويمنع فنصمت، ولو أحب الله لا يظهر حقنا ما ظهر، بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين، يصدعون بالحق في حال الضعف والقوة، وينطقون في أوقات ليقضي الله أمره وينفذ حكمه، والناس على طبقات مختلفين شتى: فالمستبصر على سبيل نجاة متمسك بالحق، فيتعلق بفرع أصيل، غير شاك ولا مرتاب، لا يجد عني ملجأ. وطبقة لم يأخذ الحق من أهله، فهم كراكب البحر يموج عند موجه ويسكن عند سكونه. وطبقة استحوذ عليهم الشيطان، شأنهم الرد على أهل الحق، ودفع الحق بالباطل حسدا من عند أنفسهم، فدع من ذهب يمينا وشمالا كالراعي إذا أراد أن يجمع غنمه جمعها بأدون السعي، ذكرت ما اختلف فيه موالي، فإذا كانت الوصية والكبر فلا ريب، ومن جلس بمجالس الحكم فهو أولى بالحكم، أحسن رعاية من استرعيت فإياك والإذاعة وطلب الرئاسة، فإنهما تدعوان إلى الهلكة، ذكرت شخوصك إلى فارس (1) فاشخص عافاك الله خار الله لك (2)، وتدخل مصر إن شاء الله آمنا فاقرأ من تثق به من موالي السلام، ومرهم بتقوى الله العظيم، وأداء الأمانة، وأعلمهم أن المذيع علينا حرب لنا. فلما قرأت: ” وتدخل مصر ” لم أعرف له معنى، وقدمت بغداد وعزيمتي الخروج إلى فارس فلم يتهيأ لي الخروج إلى فارس وخرجت إلى مصر. بيان: لعل قوله عليه السلام: وذلك أن الله تعليل لما يفهم من كلامه عليه السلام من الإباء عن إظهار الدليل والحجة والمعجزة. وقوله عليه السلام: ولو أحب الله لعل المراد أنه لو أمرنا ربنا بأن لا نظهر دعوى الإمامة أصلا لما أظهرنا، ثم بين عليه السلام الفرق بين النبي والإمام في ذلك، بأن النبي إنما يبعث في حال اضمحلال الدين وخفاء الحجة، فيلزمه


(1) أي ذهابك من بلدك إلى فارس. (2) أي جعل الله لك في شخوصك خيرا.

[ 182 ]

أن يصدع بالحق على أي حال، فلما ظهر للناس سبيلهم وتمت الحجة عليهم لم يلزم الإمام أن يظهر المعجزة ويصدع بالحق في كل حال، بل يظهره حينا ويتقي حينا على حسب ما يؤمر. قوله عليه السلام: كالراعي أي نحن كالراعي إذا أردنا جمعهم وامرنا بذلك جمعناهم بأدنى سعي. قوله: عليه السلام: فإذا كانت الوصية والكبر فلا ريب. أي بعد أن أوصى أبي إلي وكوني أكبر أولاد أبي لا يبقى ريب في إمامتي. وقوله عليه السلام: ومن جلس مجالس الحكم لعله تقية منه عليه السلام أي الخليفة أولى بالحكم، أو المراد أنه أولى بالحكم عند الناس، ويحتمل أن يكون المراد بالجلوس في مجالس الحكم بيان الأحكام للناس، أي من بين الأحكام للناس من غير خطاء فهو أولى بالحكم والإمامة، فيكون الغرض إظهار حجة اخرى على إمامته صلوات الله عليه. (باب 26) * (ان حديثهم عليهم السلام صعب مستصعب وأن كلامهم ذو وجوه كثيرة) * * (وفضل التدبر في أخبارهم عليهم السلام والتسليم لهم) * * (والنهى عن رد أخبارهم) * الايات، النساء: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما 64 يونس: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين 38 الكهف: قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا 66، 67. النور: إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا واولئك هم المفلحون 50 الاحزاب: وما زادهم إلا إيمانا وتسليما 22 ” وقال سبحانه “: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله


[ 183 ]

فقد ضل ضلالا مبينا 35 ” وقال عز وجل “: يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما 35. 1 – مع، ل، لى: علي بن الحسين بن شقير، عن جعفر بن أحمد بن يوسف الأزدي، عن علي بن بزرج الحناط (1)، عن عمرو بن اليسع، عن شعيب الحداد قال: سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، أو مدينة حصينة. قال عمرو: فقلت لشعيب: يا أبا الحسن وأي شئ المدينة الحصينة ؟ قال: فقال: سألت الصادق عليه السلام عنها فقال لي: القلب المجتمع. بيان: المراد بالقلب المجتمع القلب الذي لا يتفرق بمتابعة الشكوك والأهواء ولا يدخل فيه الأوهام الباطلة والشبهات المضلة، والمقابلة بينه وبين الثالث إما بمحض التعبير أي إن شئت قل هكذا وإن شئت هكذا، أو يكون المراد بالأول الفرد الكامل من المؤمنين، وبالثاني من دونهم في الكمال. 2 – ل: في الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: خالطوا الناس بما يعرفون ودعوهم مما ينكرون، ولا تحملوهم على أنفسكم وعلينا، إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد قد امتحن الله قلبه للإيمان. يج: روى جماعة منهم القاسم، عن جده، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. 3 – مع: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، والحميري، وأحمد بن إدريس، ومحمد العطار جميعا، عن البرقي، عن علي بن حسان الواسطي، عمن ذكره، عن داود بن فرقد


(1) الظاهر أن بزرج هو معرب ” بزرگ ” ولعله هو على بن أبى صالح، قال النجاشي في ص 181 من رجاله: على بن أبي صالح واسم أبى صالح محمد يلقب بزرج ويكنى أبا الحسن، كوفى، حناط ولم يكن بذاك في المذهب والحديث وإلى الضعف ما هو، وقال حميد في فهرسه: سمعت عنه كتبا عديدة منها: كتاب ثواب انا انزلناه، كتاب الاظلة، كتاب البداء والمشية، كتاب الثلاث والاربع كتاب الجنة والنار، كتاب النوادر، كتاب الملاحم، وليس أعلم أن هذه الكتب له، أو رواها عن الرجال.

[ 184 ]

قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أنتم أفقه الناس إذا عرفتم معاني كلامنا، إن الكمة لتنصرف على وجوه فلو شاء إنسان لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب. 4 – مع: أبي، عن علي، عن أبيه، عن اليقطيني، عن ابن أبي عمير، عن زيد الزراد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا بني اعرف منازل الشيعة على قدر روايتهم ومعرفتهم، فإن المعرفة هي الدراية للرواية، وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان، إني نظرت في كتاب لعلي عليه السلام فوجدت في الكتاب: أن فيمة كل امرئ وقدره معرفته، إن الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدنيا. كتاب زيد الزراد، عنه عليه السلام مثله. 5 – مع: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن عمه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: حديث تدريه خير من ألف ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا، وإن الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج. بيان: لعل المراد ما يصدر عنهم تقية وتورية، والأحكام التي تصدر عنهم لخصوص شخص لخصوصية لا تجرى في غيره فيتوهم لذلك تناف بين أخبارهم. 6 – مع: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن اليقطيني، عن بعض أهل المدائن قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام: روي لنا عن آبائكم عليهم السلام أن حديثكم صعب مستعصب لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان قال: فجاءه الجواب: إنما معناه: أن الملك لا يحتمله في جوفه حتى يخرجه إلى ملك مثله، ولا يحتمله نبى حتى يخرجه إلى نبي مثله، ولا يحتمله مؤمن حتى يخرجه إلى مؤمن مثله، إنما معناه أن لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره حتى يخرجه إلى غيره. بيان: هذا الاحتمال غير الاحتمال الوارد في الاخبار الآخر ولذا لم يستثن فيه أحد. 7 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن سنان (1)، عن إبراهيم بن


(1) هو محمد بن سنان أبو جعفر الزاهرى، من ولد زاهر مولى عمرو بن الحمق الخزاعى.

[ 185 ]

أبي البلاد، عن سدير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول أمير المؤمنين عليه السلام: إن أمرنا صعب مستصعب لا يقر به إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان. فقال: إن من الملائكة مقربين وغير مقربين، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين، فعرض أمركم هذا على الملائكة فلم يقر به إلا المقربون، وعرض على الأنبياء فلم يقر به إلا المرسلون، وعرض على المؤمنين فلم يقر به إلا الممتحنون، قال: ثم قال لي: مر في حديثك. بيان: لعل المراد الإقرار التام الذي يكون عن معرفة تامة بعلو قدرهم، و غرائب شأنهم، فلا ينافي عدم إقرار بعض الملائكة والأنبياء هذا النوع من الإقرار عصمتهم وطهارتهم. (1) 8 – ج، عن الرضا عليه السلام أنه قال: إن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، و محكما كمحكم القرآن، فردوا متشابهها دون محكمها. بيان: قوله عليه السلام: دون محكمها أي إليه، أي انظروا إلى محكمات الأخبار التي لا تحتمل إلا وجها واحدا وردوا المتشابهات التي تحتمل وجوها إليها، بأن تعملوا بما يوافق تلك المحكمات من الوجوه، أو المراد: ردوا علم المتشابه إلينا ولا تتفكروا فيه دون المحكم، فإنه يلزمكم التفكر فيه والعمل به، ويؤيد الأول الخبر الذي بعده. بل الظاهر أن هذا الخبر مختصر ذلك. 9 – ن: أبي، عن علي، عن أبيه، عن حيون مولى الرضا، عن الرضا عليه السلام قال: من رد متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم، ثم قال عليه السلام: إن في أخبارنا متشابها كمتشابه القرآن، ومحكما كمحكم القرآن، فردوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا. بيان: ينبغي تقدير ضمير الشأن في قوله: إن في أخبارنا. وفي بعض النسخ بالنصب


(1) بل المراد بالاقرار نيل ما عندهم عليهم السلام من حقيقة الدين وهو كمال التوحيد الذى هو الولاية فانه أمر ذو مراتب، ولا ينال المرتبة الكاملة منها إلا من ذكروه بل يظهر من بعض الاخبار ما هو أعلى من ذلك وأغلى، ولشرح ذلك مقام آخر. ط

[ 186 ]

ورواه الحسن بن سليمان في كتاب المحتضر من كتاب الشفاء والجلاء مثله. 10 – ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن ابن بشير، عن أبي بصير، عن أبي جعفر أو عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: لا تكذبوا بحديث آتاكم أحد: فإنكم لا تدرون لعله من الحق فتكذبوا الله فوق عرشه. 11 – ير: محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن حمزة بن بزيع، عن علي السائي (1) عن أبي الحسن عليه السلام أنه كتب إليه في رسالة: ولا تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا: هذا باطل وإن كنت تعرف خلافه، فإنك لا تدري لم قلنا وعلى أي وجه وصفة ؟. 12 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: أما والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا، وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يعقله ولم يقبله قلبه اشمأز منه وجحده، وكفر بمن دان به، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا اسند فيكون بذلك خارجا من ولايتنا. سر: من كتاب المشيخة لابن محبوب، عن جميل، عن أبي عبيدة مثله. 13 – ير: الهيثم النهدي، عن محمد بن عمر بن يزيد، عن يونس، عن أبي يعقوب إسحاق ابن عبد الله (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى حصن عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا، ولا يردوا ما لم يعلموا إن الله تبارك وتعالى يقول: ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق. وقال: بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله. بيان: التحصين: المنع أي منعهم وجعلهم في حصن لا يجوز لهم التعدي عنه


(1) قال صاحب التنقيح نسبة: إلى سايه من قرى المدينة المشرفة، وقيل: انها قرية بمكة زادها الله شرفا، وقيل: واد بين الحرمين، وقال ابن سيده: هو واد عظيم به أكثر من سبعين نهرا تجرى تنزله بنو سليم ومزينة. انتهى. واختار النجاشي الاول، والظاهر بقرينة رواية حمزة بن بزيع عنه أنه على بن سويد السائى من أصحاب موسى بن جعفر والرضا عليهما السلام. (2) هو إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الاشعري القمى الثقة، نص على ذلك المولى صالح في شرحه على الكافي، ولعل يونس الراوى عنه هو يونس بن يعقوب على ما يظهر من مشتركات الكاظمي.

[ 187 ]

بسبب آيتين، وقوله عليه السلام: أن لا يقولوا بيان للتحصين لا مفعوله. وفي أكثر نسخ الكافي ” خص ” بالخاء المعجمة والصاد المهملة. فقوله: أن لا يقولوا متعلق ” بخص ” بتقدير ” الباء ” وفي بعضها ” حض ” بالحاء المهملة والضاد المعجمة أي حث ورغب، بتقدير ” على “. 14 – ير، محمد بن عيسى، عن محمد بن عمرو، عن عبد الله بن جندب، عن سفيان بن السمط، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إن الرجل ليأتينا من قبلك فيخبرنا عنك بالعظيم من الأمر فيضيق بذلك صدورنا حتى نكذبه، قال: فقال أبو عبد الله عليه السلام: أليس عني يحدثكم ؟ قال: قلت: بلى. قال: فيقول لليل: إنه نهار، وللنهار: إنه ليل ؟ قال: فقلت له: لا. قال: فقال: رده إلينا فإنك إن كذبت فإنما تكذبنا. بيان: فيما وجدنا من النسخ: ” فتقول ” بتاء الخطاب، ولعل المراد أنك بعد ما علمت أنه منسوب إلينا فإذا أنكرته فكأنك قد أنكرت كون الليل ليلا و النهار نهارا، أي ترك تكذيب هذا الأمر، وقبحه ظاهر لا خفاء فيه، ويحتمل أن يكون بالياء على الغيبة كما سيأتي أي هل يروي هذا الرجل شيئا يخالف بديهة العقل ؟ قال: لا. فقال: فإذا احتمل الصدق فلا تكذبه ورد علمه إلينا، ويحتمل أن يكون ” بالنون ” على صيغة التكلم، أي هل تظن بنا أنا نقول ما يخالف العقل، فإذا وصل إليك عنا مثل هذا فاعلم أنا أردنا به أمرا آخر غير ما فهمت، أو صدر عنا لغرض فلا تكذبه. 15 – ل: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الأشعري، عن سهل، عن محمد بن الحسين ابن زيد، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن أبي هارون المكفوف، عن أبي عبد الله عليه السلام: أن الله تبارك وتعالى آلى على نفسه أن لا يسكن جنته أصنافا ثلاثة: راد على الله عز وجل، أو راد على إمام هدى، أو من حبس حق امرئ مسلم. الخبر. بيان: آلى أي حلف. 16 – ع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن ابن بزيع، عن ابن بشير، عن أبي حصين، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: لا تكذبوا بحديث آتاكم مرجئي (1)


(1) قال صاحب منتهى المقال: المرجئة هم المعتقدون بان الايمان لا يضر المعصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة، سموا بذلك ؟ لاعتقادهم ان الله تعالى أرجئ تعذيبهم أي أخره عنهم، وعن ابن قتيبة: هم الذين يقولون: الايمان قول بلا عمل. وفى الاخبار: المرجئى يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل عن جنابة وهدم الكعبة ونكح امه فهو على ايمان جبرئيل وميكائيل، وقيل: هم الذين يقولون: كل الافعال من الله تعالى، وربما فسر المرجئى بالاشعرى. اه‍

[ 188 ]

ولا قدري (1) ولا خارجي (2) نسبه إلينا فإنكم لا تدرون لعله شئ من الحق فتكذبوا الله عز وجل فوق عرشه. سن: ابن بزيع، عن ابن بشير، عن أبي بصير مثله. بيان: أي مستوليا على عرشه، أو كائنا على عرش العظمة والجلال لا العرش الجسماني. 17 – مع: أبي وابن الوليد، عن الحميري، عن ابن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، قال: حدثني من سأله – يعني الصادق عليه السلام – هل يكون كفر لا يبلغ الشرك ؟ قال: إن الكفر هو الشرك، ثم قام فدخل المسجد فالتفت إلي، وقال: نعم، الرجل يحمل الحديث إلى صاحبه فلا يعرفه فيرده عليه فهى نعمة كفرها ولم يبلغ الشرك. بيان: الجواب الأول مبني على ما هو المتبادر من لفظ الكفر، والجواب الثاني على معنى آخر للكفر فلا تنافي بينهما، وإنما أفاده ثانيا لئلا يتوهم السائل أن الكفر بجميع معانيه يرادف الشرك. 18 – ما، لى، مع: في خبر الشيخ الشامي: أنه سأل زيد بن صوحان أمير المؤمنين عليه السلام أي الأعمال أعظم عند الله عز وجل ؟ قال: التسليم والورع. 19 – مع: أبي، عن محمد العطار، عن سهل، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن عبد الله الدهقان، عن درست، عن ابن عبد الحميد، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: ألا هل عسى رجل يكذبني وهو على حشاياه متكئ ؟ قالوا: يا رسول الله ومن الذي يكذبك ؟ قال: الذي يبلغه الحديث فيقول: ما قال هذا رسول الله قط. فما جاءكم عني من حديث موافق للحق فأنا قلته وما أتاكم عني من حديث لا يوافق الحق فلم أقله، ولن أقول إلا الحق.


(1) منسوب الى القدرية وهم قائلون: أن كل أفعالهم مخلوقة لهم وليس لله تعالى فيها قضاء ولا قدر، وفى الحديث: لا يدخل الجنة قدري، وهم الذين يقولون: لا يكون ما شاء الله ويكون ما شاء ابليس وربما فسر القدري بالمعتزلي. نقل ذلك صاحب منتهى المقال عن الوحيد قدس سره. (2) الخوارج هم الذين خرجوا على على عليه السلام وللفرقة الثلاثة ابحاث ضائفة في كتاب الملل والنحل للشهرستاني، والفرق بين الفرق للبغدادي فليراجع.

[ 189 ]

بيان: على حشاياه أي على فرشه المحشوة، ويظهر من آخر الخبر أن المراد التكذيب الذي يكون بمحض الرأي من غير أن يعرضه على الآيات والأخبار المتواترة، ويحتمل أن يكون المراد: لا تعملوا بما لا يوافق الحق الذي في أيديكم ولا تكذبوا الخبر أيضا، إذ لعله كان موافقا للحق ولم تعرفوا معناه بل ردوا علمه إلى من يعلمه. 20 – بيان: في الأربعمائة: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إذا سمعتم من حديثنا ما لا تعرفون فردوه إلينا وقفوا عنده، وسلموا حتى يتبين لكم الحق، ولا تكونوا مذاييع عجلي. بيان: المذاييع: جمع مذياع من أذاع الشئ إذا أفشاه. 21 – ير: ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل (1) عن جابر، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فما ورد عليكم (2) من حديث آل محمد صلوات الله عليهم فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه (3) وما اشمأزت قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد عليهم السلام، وإنما الهالك أن يحدث بشئ منه لا يحتمله فيقول: والله ما كان هذا شيئا (4) والإنكار هو الكفر. يج: أخبرنا الشيخ علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين الجوزي عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب مثله. بيان: الاشمئزاز: الانقباض والكراهة. 22 – ير: أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن الحسن بن حماد الطائي،


(1) بضم الميم وفتح النون وفتح الخاء المعجمة المشددة واللام، هكذا في القسم الثاني من الخلاصة وحكى ذلك أيضا عن ايضاح الاشتباه مع زيادة قوله: وقيل: بضم الميم وسكون النون هو منخل بن جميل الاسدي بياع الجوارى، ضعيف فاسد الرواية روى عن أبى عبد الله عليه السلام له كتاب التفسير. قاله النجاشي في ص 298. (2) وفى نسخة: فما عرض عليكم. (3) وفى نسخة: فخذوه. (4) وفى نسخة: فيقول: ولا والله هذا بشئ.

[ 190 ]

عن سعد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو مؤمن ممتحن، أو مدينة حصينة، فإذا وقع أمرنا وجاء مهدينا عليه السلام كان الرجل من شيعتنا أجرى من ليث، وأمضى من سنان، يطأ عدونا برجليه، ويضربه بكفيه، وذلك عند نزول رحمة الله وفرجه على العباد. 23 – ير: محمد بن الحسين، عن محمد بن الهيثم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ثلاث: نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، ثم قال: يا أبا حمزة ألا ترى أنه اختار لأمرنا من الملائكة: المقربين، ومن النبيين: المرسلين، ومن المؤمنين: الممتحنين. (1) 24 – ير: إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد الله البرقي، عن ابن سنان أو غيره يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا صدور منيرة، أو قلوب سليمة وأخلاق حسنة، إن الله أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ على بني آدم حيث يقول عز وجل: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى. فمن وفى لنا وفى الله له بالجنة، ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا ففي النار خالدا مخلدا. 25 – ير: عمران بن موسى، عن محمد بن علي وغيره، عن هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: ذكر التقية يوما عند علي بن الحسين عليهما السلام فقال: والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله، ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه واله بينهما فما ظنكم بسائر الخلق ؟ ! إن علم العالم صعب مستصعب لا يحتمله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، قال: وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرؤ منا أهل البيت فلذلك نسبه إلينا. 26 – ير: ابن عيسى، عن علي بن الحكم (2)، عن المحاربي (3)، عن الثمالي، عن


(1) الظاهر اتحاده مع الحديث 26. (2) الكوفى الثقة جليل القدر. (3) هو ذريح بن محمد بن محمد بن يزيد، أبو الوليد المحاربي الكوفى الثقة من أصحاب أبى عبد الله و أبى الحسن عليهما السلام.

[ 191 ]

علي بن الحسين عليهما السلام قال: إن حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، ومن الملائكة غير مقرب. (1) 27 – ير: ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن حديث آل محمد صعب مستصعب، ثقيل مقنع، أجرد ذكوان، لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، أو مدينة حصينة فإذا قام قائمنا نطق وصدقه القرآن. 28 – ير: محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: حديثنا صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، فما عرفت قلوبكم فخذوه، وما أنكرت فردوه إلينا. ير: عبد الله بن عامر، عن البرقي، عن الحسين بن عثمان، عن محمد بن الفضيل، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام مثله. كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي، عنه عليه السلام مثله. 29 – وبالإسناد عن جابر قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ما أحد أكذب على الله ولا على رسوله ممن كذبنا أهل البيت، أو كذب علينا لأنا إنما نتحدث عن رسول الله و عن الله، فإذا كذبنا فقد كذب الله ورسوله. 30 – وبالإسناد عن جابر، عنه عليه السلام قال: إن أمرنا صعب مستصعب على الكافرين لا يقر بأمرنا إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. 31 – ير: سلمة بن الخطاب، عن محمد بن المثنى، عن أبي عمران النهدي، عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. 32 – ير: سلمة، عن محمد بن المثنى، عن إبراهيم بن هشام، عن إسماعيل بن عبد العزيز قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: حديثنا صعب مستصعب. قال: قلت فسر


(1) الظاهر اتحاده مع ما تقدم تحت الرقم 23 وما يأتي في ذيل 28 وما يأتي تحت الرقم 30.

[ 192 ]

لي جعلت فداك، قال: ذكوان ذكي أبدا، قلت: أجرد ؟ قال: طري أبدا، قلت: مقنع ؟ قال: مستور. بيان: الذكاء: التوقد والالتهاب، أي ينور الخلق دائما. والأجرد: الذي لا شعر على بدنه، ومثل هذا يكون طريا حسنا فاستعير للطراوة والحسن. 33 – ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن حديثنا صعب مستصعب، أجرد ذكوان، وعر شريف كريم، فإذا سمعتم منه شيئا ولانت له قلوبكم فاحتملوه واحمدوا الله عليه، وإن لم تحتملوه ولم تطيقوه فردوه إلي الإمام العالم من آل محمد عليهم السلام فإنما الشقي الهالك الذي يقول: والله ما كان هذا، ثم قال: يا جابر إن الإنكار هو الكفر بالله العظيم. بيان: الوعر: ضد السهل من الأرض. 34 – ير، أحمد بن إبراهيم، عن إسماعيل بن مهزيار، عن عثمان بن جبلة، عن أبي الصامت، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن حديثنا صعب مستصعب، شريف كريم، ذكوان ذكي وعر، لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا مؤمن ممتحن. قلت: فمن يحتمله جعلت فداك ؟ قال. من شئنا يا أبا الصامت. قال أبو الصامت: فظننت أن لله عبادا هم أفضل من هؤلاء الثلاثة. بيان: لعل المراد الإمام الذي بعدهم، فإنه أفضل من الثلاثة واستثناء نبينا صلى الله عليه وآله ظاهر، والمراد بهذا الحديث الامور الغريبة التي لا يحتملها غيرهم عليهم السلام. (1) 35 – ير: إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، (2) عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سمعته يقول: إن


(1) وهذا الخبر هو الذي أشرنا في الحاشية المكتوبة على الخبر المرقم 8 ان للامر الذى عندهم مرتبة عليا من فهم هولاء الفرق الثلاث، وهو حقيقة التوحيد الخاصة بالنبي وآله لا ما ذكره من الامور الغريبة. ط (2) هو أبو النعمان الازدي الكوفى التابعي، حكى عن ابن حجر أنه قال في تقريبه: صدوق يخطئ، ويرمى بالرفض وعنونه الشيخ في رجاله في باب أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام.

[ 193 ]

حديثنا صعب مستصعب، خشن مخشوش، فانبذوا إلى الناس نبذا، فمن عرف فزيدوه ومن أنكر فأمسكوا، لا يحتمله إلا ثلاث: ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. بيان: الخشاش بالكسر: ما يدخل في عظم أنف البعير من خشب، فالبعير الذي فعل به ذلك مخشوش، وهذا الوصف أيضا لبيان صعوبته بأنه يحتاج في انقياده إلى الخشاش، ولعل الأصوب: مخشوشن كما في بعض النسخ فهو تأكيد ومبالغة، قال الجوهري: الخشونة: ضد اللين وقد خشن الشئ – بالضم – فهو خشن، واخشوشن الشئ: اشتدت خشونته، وهو للمبالغة كقولك: أعشب الأرض واعشوشب. 36 – ير: أحمد بن الحسن، عن أحمد بن إبراهيم، عن محمد بن جمهور، عن البزنطي عن عيسى الفراء، عن أبي الصامت قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن من حديثنا ما لا يحتمله ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا عبد مؤمن. قلت: فمن يحتمله ؟ قال: نحن نحتمله. 37 – ير: محمد بن أحمد، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي، عن عباد بن يعقوب الأسدي، عن محمد بن إبراهيم، عن فرات بن أحمد (1) قال: قال علي عليه السلام: إن حديثنا تشمئز منه القلوب، فمن عرف فزيدوهم، ومن أنكر فذروهم 38 – ير: عن جعفر بن محمد بن مالك، عن يحيى بن سالم الفراء قال: كان رجل من أهل الشام يخدم أبا عبد الله عليه السلام فرجع إلى أهله فقالوا له: كيف كنت تخدم أهل هذا البيت فهل أصبت منهم علما ؟ قال: فندم الرجل وكتب إلى أبي عبد الله عليه السلام يسأله عن علم ينتفع به، فكتب إليه أبو عبد الله عليه السلام: أما بعد فإن حديثنا حديث هيوب ذعور فإن كنت ترى أنك تحتمله فاكتب إلينا والسلام. 39 – ير: إبراهيم بن هاشم، عن يحيى بن عمران، عن يونس، عن سليمان بن صالح رفعه إلى أبي جعفر عليه السلام قال: إن حديثنا هذا تشمئز منه قلوب الرجال، فمن أقر به


(1) وفى نسخة: عن فرات بن احنف.

[ 194 ]

فزيدوه ومن أنكره فذروه، إنه لابد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة حتى يسقط فيها من كان يشق الشعر بشعرتين حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا. وذكر أبو جعفر محمد بن الحسن: أنه وجد في بعض الكتب – ولم يروه – بخط آدم بن علي بن آدم قال عمير الكوفي في معنى حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل: فهو ما رويتم أن الله تبارك وتعالى لا يوصف، ورسوله لا يوصف، والمؤمن لا يوصف، فمن احتمل حديثهم فقد حدهم، ومن حدهم فقد وصفهم، ومن وصفهم بكمالهم فقد أحاط بهم، وهو أعلم منهم وقال: نقطع الحديث عمن دونه فنكتفي به لأنه قال: صعب، فقد صعب على كل أحد حيث قال: صعب. فالصعب لا يركب ولا يحمل عليه، لأنه إذا ركب وحمل عليه فليس بصعب. وقال المفضل: قال أبو جعفر عليه السلام: إن حديثنا صعب مستصعب ذكوان أجرد، لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا عبد امتحن الله قلبه للإيمان. أما الصعب فهو الذي لم يركب بعد، وأما المستصعب فهو الذي يهرب منه إذا رأى، وأما الذكوان فهو ذكاء المؤمنين، وأما الأجرد فهو الذي لا يتعلق به شئ من بين يديه ولا من خلفه، وهو قول الله. الله نزل أحسن الحديث. فأحسن الحديث حديثنا لا يحتمل أحد من الخلائق أمره بكماله حتى يحده، لأن من حد شيئا فهو أكبر منه. بيان: قوله: وذكر أبو جعفر كلام تلامذة الصفار أو كلام الصفار كما هو دأب القدماء، وأبو جعفر هو الصفار، وحاصل ما نقل عن عمير الكوفي هو رفع الاستبعاد عن أن حديثهم لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل بأن من أحاط بكنه علم رجل وجميع كمالاته فلا محالة يكون متصفا بجميع ذلك على وجه الكمال، إذ ظاهر أن من لم يتصف بكمال على وجه الكمال لا يمكنه معرفة ذلك الكمال على هذا الوجه، ولابد في الاطلاع على كنه أحوال الغير من مزية كما يحكم به الوجدان، فلا استبعاد في قصور الملائكة وسائر الأنبياء الذين هم دونهم في الكمال عن الإحاطة بكنه كمالاتهم وغرائب حالاتهم. ثم قال: نحذف من الحديث آخره الذي تأبون عن التصديق به ونأخذ أوله ونحتج عليكم به لكونه مذكورا في أخبار كثيرة ولا يمكنكم إنكاره وهو قوله عليه السلام: صعب مستصعب فتقول: هذا يكفي لإثبات ما يدل عليه آخر الخبر لأن الصعب هو الجمل الذي يأبى


[ 195 ]

عن الركوب والحمل، وظاهر أن المراد به هنا الامتناع عن الإدراك والفهم وظاهره شمول كل من هو غيرهم. فقوله: نقطع الحديث أي صدر الحديث عمن ذكر بعده من الملك المقرب والنبي المرسل، ولا يبعد أن يكون ” من ” مستعملا بمعنى ” ما ” ويحتمل أن يكون المراد بقطع الحديث عمن دونه عدم المبالاة بإنكار من لا يفهمه وينكره فالمراد بمن دون الحديث من لا يدركه عقله والأول أظهر. وقول المفضل: لا يتعلق به شئ المراد به إما عدم تعلق الفهم والإدراك به، أو عدم ورود شبهة واعتراض عليه، هذا غاية ما وصل إليه نظري القاصر في حل تلك العبارات التي تحيرت الأفهام الثاقبة فيها. 40 – ير: محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصيرفي (1)، قال كنت بين يدي أبي عبد الله عليه السلام أعرض عليه مسائل قد أعطانيها أصحابنا، إذ خطرت بقلبي مسألة فقلت: جعلت فداك مسألة خطرت بقلبي الساعة، قال: أليست في المسائل ؟ قلت: لا. قال: وما هي ؟ قلت: قول أمير المؤمنين عليه السلام: إن أمرنا صعب مستصعب لا يعرفه إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان. فقال: نعم إن من الملائكة مقربين وغير مقربين، ومن الأنبياء مرسلين وغير مرسلين، ومن المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين، وإن أمركم هذا عرض على الملائكة فلم يقر به الا المقربون، وعرض على الأنبياء فلم يقر به إلا المرسلون، وعرض على المؤمنين فلم يقر به إلا الممتحنون. 41 – ير: أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا من كتب الله في قلبه الإيمان. 42 – ير: محمد بن عبد الحميد وأبو طالب جميعا، عن حنان (2)، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال:: يا أبا الفضل لقد أمست شيعتنا وأصبحت على أمر ما أقر به إلا ملك


(1) بفتح السين المهملة وكسر الدال المهملة وسكون الياء بعدها راء مهملة هو سدير بن حكيم ابن صهيب أبو الفضل، عده الشيخ في رجاله من أصحاب السجاد والباقر والصادق عليهم السلام. وفى الكشى روايتان تدل على مدحه فليراجع. (2) هو حنان بن سدير بن حكيم بن صهيب.

[ 196 ]

مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. 43 – ير: محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن فضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمركم هذا لا يعرفه ولا يقر به إلا ثلاثة: ملك مقر به أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. 44 – ير: ابن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن الفضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمرنا هذا لا يعرفه ولا يقر به إلا ثلاثة: ملك مقرب، أو نبي مصطفى، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. 45 – ير: محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن ابن اذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن أمرنا أهل البيت صعب مستصعب لا يعرفه ولا يقر به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل، أو مؤمن نجيب امتحن الله قلبه للإيمان. 46 – ير: محمد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن أمرنا صعب مستصعب على الكافر لا يقر بأمرنا إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. 47 – ير: محمد بن أحمد، عن جعفر بن مالك الكوفي، عن علي بن هاشم، عن زياد بن المنذر، عن زياد بن سوقة قال: كنا عند محمد بن عمرو بن الحسن فذكرنا ما أتى إليهم فبكى حتى ابتلت لحيته من دموعه ثم قال: إن أمر آل محمد أمر جسيم مقنع لا يستطاع ذكره ولو قد قام قائمنا – عجل الله تعالى فرجه – لتكلم به وصدقه القرآن. 48 – ير: محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلوئي، عن محمد بن الهيثم، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ثلاثة: ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان، ثم قال يا أبا حمزة: ألست تعلم أن في الملائكة مقربين وغير مقربين، وفي النبيين مرسلين وغير مرسلين وفي المؤمنين ممتحنين وغير ممتحنين ؟ قلت: بلى. قال: ألا ترى إلى صفوة أمرنا إن الله اختار له من الملائكة مقربين ومن النبيين مرسلين ومن المؤمنين ممتحنين ؟. بيان: إلى صفوة أمرنا أي خالصه، ويحتمل أن يكون مصدرا.


[ 197 ]

ير: يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور، عن مخلد بن حمزة ابن نصر، عن أبي الربيع الشامي (1)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت معه جالسا فرأيت أن أبا جعفر عليه السلام قد قام فرفع رأسه وهو يقول: يا أبا الربيع حديث تمضغه الشيعة بألسنتها لا تدري ما كنهه ؟ قلت: ما هو جعلني الله فداك ؟ قال: قول أبي علي بن أبي طالب عليه السلام: إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان، يا أبا الربيع ألا ترى أنه يكون ملك ولا يكون مقربا ؟ ولا يحتمله إلا مقرب، وقد يكون نبي وليس بمرسل ولا يحتمله ؟ ؟ مرسل، وقد يكون مؤمن وليس بممتحن ولا يحتمله إلا مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان. يج: محمد بن علي بن المحسن، عن الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار عن ابن يزيد مثله. 50 – ختص، ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن عبد الأعلى بن أعين قال: دخلت أنا وعلي بن حنظلة على أبي عبد الله عليه السلام فسأله علي بن حنظلة عن مسألة فأجاب فيها فقال علي: فإن كان كذا وكذا ؟ فأجابه فيها بوجه آخر، وإن كان كذاو كذا ؟ فأجابه بوجه آخر، حتى أجابه فيها بأربعة وجوه فالتفت إلي علي بن حنظلة قال: يا أبا محمد قد أحكمناه، فسمعه أبو عبد الله عليه السلام فقال: لا تقل هكذا يا أبا الحسن فإنك رجل ورع، إن من الأشياء أشياء ضيقة وليس تجري إلا على وجه واحد، منها: وقت الجمعة ليس لوقتها إلا واحد حين تزول الشمس، ومن الأشياء أشياء موسعة تجري على وجوه كثيرة وهذا منها، والله إن له عندي سبعين وجها. (2) بيان: لعل ذكر وقت الجمعة على سبيل التمثيل والغرض بيان أنه لا ينبغي مقائسة


(1) اختلفوا في اسمه فبعض سماه خالد بن أوفى وبعض سماه خليل بن أوفى، والمحكى عن ايضاح الاشتباه ورجال ابن داود والموجود في رجال النجاشي هو خليد بن أوفى قال النجاشي في ص 111 خليد بن أوفى أبو الربيع الشامي العنزي روى عن أبى عبد الله عليه السلام، له كتاب يرويه عبد الله بن مسكان اه‍. والرجل إمامى ممدوح، من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام، يروى عنه ابن محبوب وابن مسكان وهما من أصحاب الاجماع. (2) ياتي الحديث عن المحاسن من باب علل اختلاف الاحاديث.

[ 198 ]

بعض الامور ببعض في الحكم، فكثيرا ما يختلف الحكم في الموارد الخاصة، وقد يكون في شئ واحد سبعون حكما بحسب الفروض المختلفة. 51 – ير: عبد الله، عن اللؤلوئي، عن ابن سنان، عن علي بن أبي حمزة قال: دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فبينا نحن قعود إذ تكلم أبو عبد الله عليه السلام بحرف فقلت أنا في نفسي: هذا مما أحمله إلى الشيعة، هذا والله حديث لم أسمع مثله قط. قال: فنظر في وجهي، ثم قال: إني لأتكلم بالحرف الواحد لي فيه سبعون وجها إن شئت أخذت كذا وإن شئت أخذت كذا. 52 – ختص، ير: محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن عبد الغفار الجازي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إني لأتكلم على سبعين وجها، لي في كلها المخرج. 53 – ختص، ير: محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن محمد ابن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنا لنتكلم بالكلمة لها سبعون وجها، لنا من كلها المخرج. 54 – ختص، ير: محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أيوب أخي أديم، عن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني لأتكلم على سبعين وجها، لي من كلها المخرج. ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن فضالة وعلي بن الحكم معا، عن عمر بن أبان، عن أيوب مثله. ير: أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن حمران، عن محمد بن مسلم، عنه عليه السلام مثله. ير: أحمد، عن الأهوازي، عن فضالة، عن حمران مثله. 55 ير: محمد بن عيسى، عن ابن جبلة، عن أبي الصباح، عن عبد الرحمن بن سيابة، عنه عليه السلام مثله. 56 ير: محمد بن عبد الجبار، عن البرقي، عن فضالة، عن ابن عميرة، عن أبي الصباح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني لاحدث الناس على سبعين وجها لي في كل وجه منها المخرج.


[ 199 ]

57 – ير أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الأحول، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنتم أفقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا، إن كلامنا لينصرف على سبعين وجها. ختص: أحمد وعبد الله إبنا محمد بن عيسى، عن ابن محبوب مثله، 58 – ير محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لأتكلم بالكلمة الواحدة لها سبعون وجها إن شئت أخذت كذا، وإن شئت أخذت كذا. ختص: ابن أبي الخطاب ومحمد بن عيسى، عن عبد الكريم مثله. 59 – ير: أحمد بن محمد، عمن رواه، عن الحسين بن عثمان، عمن أخبره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إني لأتكلم بالكلام ينصرف على سبعين وجها كلها لي منه المخرج. التمار قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا كامل تدري ما قول الله قد أفلح المؤمنون ؟ قلت: جعلت فداك أفلحوا وفازوا وادخلوا الجنة، قال: قد أفلح المسلمون إن المسلمين هم النجباء. (1) 61 – ير: أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه تلا هذه الآية: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. فقال: لو أن قوما عبدوا الله ووحدوه ثم قالوا لشئ صنعه رسول الله صلى الله عليه واله: لو صنع كذا وكذا أو وجدوا ذلك في أنفسهم كانوا بذلك مشركين، ثم قال: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. قال: هو التسليم في الامور (2) بيان: ” لو ” في قوله: لو صنع للتمني


(1) الظاهر اتحاده مع ما ياتي تحت الرقم 66 و 68 و 84 و 85 وان اختلف التعابير وزاد فيها ونقص. (2) ياتي الحديث عن المحاسن عن عبد الله الكاهلى مع اختلاف وتقديم وتاخير في ألفاظه تحت الرقم 90 وعن البصائر لسعد بن عبد الله تحت الرقم 108. (*)

[ 200 ]

62 – ير: ابن يزيد، عن حماد، عن حريز، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا. قال: الاقتراف: التسليم لنا والصدق علينا وأن لا يكذب علينا. 63 – ير: محمد بن عيسى، عن أبي أحمد وجمال، عن سعيد بن غزوان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والله لو آمنوا بالله وحده وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم لم يسلموا لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا هذه الآية: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. 64 – ير: محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن أبي بصير قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قوله: ويسلموا تسليما. قال: هو التسليم في الامور. ير: محمد بن عيسى، عن الحسن، عن جعفر بن زهير، عن عمرو بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. 65 – ير: ابن معروف، عن حماد بن عثمان (1)، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ويسلموا تسليما. قال: التسليم في الامور وهو قوله تعالى: ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. 66 – ير أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن صفوان، عن عاصم، عن كامل التمار قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا كامل قد أفلح المؤمنون المسلمون، يا كامل إن المسلمين هم النجباء، يا كامل الناس أشباه الغنم إلا قليلا من المؤمنين والمؤمن قليل. 67 – ير: محمد بن عيسى، عن حماد، عن حريز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ويسلموا تسليما. قال: التسليم في الأمر. 68 – ير: محمد بن عيسى، عن الحسن بن جعفر بن بشير، عن أبي عثمان الأحول، عن كامل التمار قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام وحدي فنكس رأسه إلى الأرض فقال: قد افلح المسلمون إن المسلمين هم النجباء، يا كامل الناس كلهم بهائم إلا قليل من المؤمنين والمؤمن غريب والمؤمن غريب. بيان: أي لا يجد من يأنس به لقلة من يوافقه في دينه.


(1) وفي نسخة: عن حماد بن عيسى.

[ 201 ]

69 – ير: محمد بن عيسى، عن حماد، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام بأي شئ علمت الرسل أنها رسل ؟ قال: قد كشف لها عن الغطاء. قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام بأي شئ علم المؤمن أنه مؤمن ؟ قال بالتسليم لله في كل ما ورد عليه. 70 – ير: محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان، عن ضريس قال: قال أبو جعفر عليه السلام: أرأيت إن لم يكن الصوت الذي قلنا لكم إنه يكون ما أنت صانع ؟ قال: قلت: أنتهي فيه والله إلى أمرك، فقال: هو والله التسليم وإلا فالذبح. – وأهوى بيده إلى حلقه -. بيان: الصوت هو الذي ينادى به من السماء عند قيام القائم عجل الله فرجه، و لعل المراد أنه إن أبطأ عليكم هذا الصوت الذي تنتظرونه عن قريب ما أنتم صانعون ؟ هل تخرجون بالسيف بدون سماع ذلك الصوت ؟ فقال الراوي: أنتهي فيه إلى أمرك فقال عليه السلام: هو أي الانتهاء إلى أمري أو الأمر الواجب اللازم: التسليم، وإن لم تفعلوا وتعجلوا في طلب الفرج قبل أوانه فهو موجب لذبحكم أو لذبحنا. 71 – ير: بعض أصحابنا، عمن روى، عن ثعلبة، عن زرارة وحمران قالا: كان يجالسنا رجل من أصحابنا (1) فلم يكن يسمع بحديث إلا قال: سلموا حتى لقب فكان كلما جاء قالوا: قد جاء سلم فدخل حمران وزرارة على أبي جعفر عليه السلام فقال: إن رجلا من أصحابنا إذا سمع شيئا من أحاديثكم قال: سلموا حتى لقب، وكان إذا جاء قالوا: جاء سلم، فقال أبو جعفر عليه السلام: قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء. 72 – ير: أحمد، عن البرقي والأهوازي، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن أيوب ابن الحر أخي أديم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إن رجلا من موالي عثمان كان شتاما لعلي عليه السلام فحدثني مولى لهم يأتينا ويبايعنا أنه حين احضر قال: مالي ولهم ؟ قال: فقلت: جعلت فداك ما آمن هذا ؟ قال: فقال: أما تسمع قول الله: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. إلا أنه قال: هيهات هيهات لا والله حتى يكون الشك في القلب وإن صام وصلى.


(1) لعله كليب بن معاوية الاتى تحت الرقم 80.

[ 202 ]

73 – ير: عنه، عن الأهوازي، عن النضر، عن ابن مسكان، عن ضريس، (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قد أفلح المسلمون إن المسلمين هم النجباء. 74 – ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن سدير قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: تركت مواليك مختلفين يتبرأ بعضهم من بعض قال: ما أنت وذاك ؟ إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الأئمة، والتسليم لهم فيما يرد عليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه. 75 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن محمد بن حماد السمندلي، عن عبد الرحمن ابن سالم الأشل، عن أبيه قال: قال أبو جعفر عليه السلام يا سالم إن الإمام هاد مهدي لا يدخله الله في عماء ولا يحمله على هيئة، (2) ليس للناس النظر في أمره ولا التخير عليه و إنما امروا بالتسليم. 76 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا. قال: هم الأئمة ويجري فيمن استقام من شيعتنا و سلم لأمرنا، وكتم حديثنا عند عدونا، فتستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة، وقد والله مضى أقوام كانوا على مثل ما أنتم عليه من الدين فاستقاموا وسلموا لأمرنا و كتموا حديثنا، ولم يذيعوه عند عدونا ولم يشكوا كما شككتم، فاستقبلهم الملائكة بالبشرى من الله بالجنة. 77 – ير: أيوب بن نوح، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي عبيدة، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: من سمع من رجل أمرا لم يحط به علما فكذب به ومن أمره الرضا بنا والتسليم لنا فإن ذلك لا يكفره. بيان: لعل المراد أنه إذا كان تكذيبه للمعنى الذي فهمه وعلم أنه مخالف لما علم


(1) وزان زبير لعله هو ضريس بن عبد الملك بن أعين الشيباني الكوفى بقرينة رواية ابن مسكان عنه. (2) وفي نسخة: ولا يحمله على سيئة.

[ 203 ]

صدوره عنا، ويكون في مقام الرضا والتسليم، ويقر بأنه بأي معنى صدر عن المعصوم فهو الحق فذلك لا يصير سببا لكفره. 78 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن منصور الصيقل، قال: دخلت أنا والحارث ابن المغيرة وغيره على أبي عبد الله عليه السلام فقال له الحارث: إن هذا – يعني منصور الصيقل – لا يريد إلا أن يسمع حديثنا فوالله ما يدري ما يقبل مما يرد، فقال أبو عبد الله عليه السلام: هذا الرجل من المسلمين إن المسلمين هم النجباء. 79 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن القاسم بن محمد، عن سلمة بن حيان (1) عن أبي الصباح الكناني قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا الصباح قد أفلح المؤمنون، قال أبو عبد الله عليه السلام: قد أفلح المسلمون – قالها ثلاثا وقلتها ثلاثا -، ثم قال: إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة هم أصحاب الحديث. 80 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار عن زيد الشحام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن عندنا رجلا يسمى كليبا (2) فلا نتحدث عنكم شيئا إلا قال: أنا اسلم فسميناه كليب التسليم، قال: فترحم عليه ثم قال: أتدرون ما التسليم ؟ فسكتنا، فقال: هو والله الإخبات، قول الله: الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم. كش، علي بن إسماعيل، عن حماد مثله. 81 – ير: أحمد بن محمد، عن الأهوازي، عن حماد بن عيسى، عن منصور بن يونس عن بشير الدهان قال: سمعت كلاما يقول (3): قال أبو جعفر عليه السلام: قد أفلح المؤمنون أتدري من هم ؟ قلت: جعلت فداك أنت أعلم. قال: قد أفلح المسلمون، إن المسلمين هم النجباء.


(1) وفي نسخة: عن سلمة بن حنان. (2) بضم الكاف وفتح اللام وسكون الياء هو كليب بن معاوية بن جبلة الاسدي الصيداوي أبو محمد وقيل: أبو الحسين، روى عن أبى جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام، وابنه محمد بن كليب روى عن أبى عبد الله عليه السلام، له كتاب رواه جماعة منهم عبد الرحمن بن أبى هاشم. قاله النجاشي في ص 223، وروى الكشى فيه روايات تدل على مدحه. (3) كذا في النسخ والظاهر: سمعت كاملا يقول.

[ 204 ]

82 – ير: عنه، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام إن من قرة العين التسليم إلينا أن تقولوا لكل ما اختلف عنا أن تردوا إلينا. 83 – ير: محمد بن الحسين، عن صفوان، عن داود بن فرقد، عن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتدري بما امروا ؟ امروا بمعرفتنا، والرد إلينا، والتسليم لنا. 84 – سن: محمد بن عبد الحميد، عن حماد بن عيسى، ومنصور بن يونس، عن بشير الدهان، عن كامل التمار قال: قال أبو جعفر عليه السلام: فد أفلح المؤمنون أتدرى من هم ؟ قلت: أنت أعلم. قال: قد أفلح المؤمنون المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، والمؤمن غريب، ثم قال: طوبى للغرباء. 85 – سن: أبي، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن كامل التمار قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا كامل المؤمن غريب، المؤمن غريب، ثم قال: أتدرى ما قول الله: قد أفلح المؤمنون ؟ قلت: قد أفلحوا فازوا ودخلوا الجنة. فقال: قد أفلح المؤمنون المسلمون إن المسلمين النجباء. (1) 86 – سن: أبي، عن القاسم بن محمد، عن سلمة بن حيان (2)، عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام مثله، إلا أنه قال: يا أبا الصباح إن المسلمين هم المنتجبون يوم القيامة، هم أصحاب النجائب. 87 – سن: بعض أصحابنا رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كل من تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج. قلت: ما هي ؟ قال: التسليم. 88 – سن: أبي، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. قال: الصلاة عليه والتسليم له في كل شئ جاء به. 89 – سن: عدة من أصحابنا، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. قال: التسليم الرضا والقنوع بقضائه.


(1) الظاهر اتحاده مع ما تقدم تحت الرقم 84 و 68 و 66 واختلاف التعابير جاءت من قبل النقل بالمعنى. (2) وفى نسخة: عن سلمة بن حنان.

[ 205 ]

90 – سن: أبي، عن صفوان بن يحيى، والبزنطي، عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا البيت، وصاموا شهر رمضان، ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه النبي صلى الله عليه واله: ألا صنع خلاف الذي صنع ؟ أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: وعليكم بالتسليم. (1) شى: عن الكاهلي مثله. بيان: أي فوربك، و ” لا ” مزيدة لتوكيد القسم. وقوله تعالى: شجر بينهم أي اختلف بينهم واختلط، ومنه الشجر لتداخل أغصانه. قوله تعالى: حرجا مما قضيت أي ضيقا مما حكمت به أو من حكمك أو شكا من أجله فإن الشاك في ضيق من أمره، ويسلموا تسليما أي ينقادوا لك انقيادا بظاهرهم وباطنهم. 91 – سن: أبي، عن محمد بن سنان، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. فقال: أثنوا عليه وسلموا له. قلت: فكيف علمت الرسل أنها رسل ؟ قال: كشف عنها الغطاء. قلت: بأي شئ علم المؤمن أنه مؤمن ؟ قال: بالتسليم لله والرضا بما ورد عليه من سرور وسخط. 92 – يج: أخبرنا جماعة منهم السيدان المرتضى والمجتبى ابنا الداعي، والاستادان أبو القاسم وأبو جعفر ابنا كميح، عن الشيخ أبي عبد الله جعفر بن محمد بن العباس، عن أبيه، عن الصدوق، عن سعد، عن علي بن محمد بن سعد، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله ابن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن حسين بن علوان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله فضل اولي العزم من الرسل بالعلم على الانبياء، وورثنا علمهم وفضلنا عليهم في فضلهم، وعلم رسول الله صلى الله عليه واله ما لا يعلمون، وعلمنا علم رسول الله، فروينا لشيعتنا،


(1) تقدم الحديث مع اختلاف في الفاظه تحت الرقم 61 وياتى تحت الرقم 108. (*)

[ 206 ]

فمن قبل منهم فهو أفضلهم، وأينما نكون فشيعتنا معنا. 93 – شى: عن الحسين بن خالد قال: قال أبو الحسن الأول عليه السلام: كيف تقرأ هذه الآية ؟ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. ماذا ؟ قلت: مسلمون. فقال: سبحان الله يوقع عليهم الإيمان فسماهم مؤمنين ثم يسألهم الإسلام ؟ ! والإيمان فوق الإسلام، قلت: هكذا يقرأ في قراءة زيد، قال: إنما هي في قراءة علي عليه السلام وهو التنزيل الذي نزل به جبرئيل على محمد صلى الله عليه واله: إلا وأنتم مسلمون لرسول الله صلى الله عليه واله ثم الإمام من بعده. بيان في قراءته عليه السلام بالتشديد، وعلى التقديرين المراد أنكم لا تكونوا على حال سوى حال الإسلام أو التسليم إذا أدرككم الموت فالنهي متوجه نحو القيد. 94 – شى: عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ولا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضى محمد وآل محمد ويسلموا تسليما. 95 – شى: عن أيوب بن حر، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قوله: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ” إلى قوله “: ويسلموا تسليما. فحلف ثلاثة أيمان متتابعا لا يكون ذلك حتى يكون تلك النكتة السوداء في القلب وإن صام وصلى. 96 – سر: من كتاب أنس العالم للصفواني، روي عن مولانا الصادق عليه السلام أنه قال: خبر تدريه خير من ألف ترويه. 97 – وقال عليه السلام في حديث آخر: عليكم بالدرايات لا بالروايات. 98 – وروي عن طلحة بن زيد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: رواة الكتاب كثير ورعاته قليل فكم من مستنسخ للحديث مستغش للكتاب والعلماء تحزنهم الدراية والجهال تحزنهم الرواية. بيان: في نسخ الكافي: مستنصح للحديث وهو أظهر للمقابلة. قوله عليه السلام: تحزنهم أي تهمهم ويهتمون به ويحزنون لفقده. 99 – شى: في رواية أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قيل له – وأنا عنده -:


[ 207 ]

إن سالم بن أبي حفصة (1) يروي عنك أنك تتكلم على سبعين وجها لك منها المخرج فقال: ما يريد سالم مني ؟ أيريد أن أجيئ بالملائكة ؟ ! فوالله ما جاء بهم النبيون، و لقد قال إبراهيم: إني سقيم. والله ما كان سقيما وما كذب، ولقد قال إبراهيم: بل فعله كبيرهم، وما فعله كبيرهم وما كذب، ولقد قال يوسف: أيها العير إنكم لسارقون، والله ما كانوا سرقوا وما كذب. (2) 100 – ختص، شى: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنما مثل علي ومثلنا من بعده من هذه الامة كمثل موسى النبي – على نبينا وآله وعليه السلام – والعالم حين لقيه واستنطقه وسأله الصحبة، فكان من أمرهما ما اقتصه الله لنبيه صلى الله عليه واله في كتابه، وذلك أن الله قال لموسى: إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. ثم قال: وكتبنا له في الألواح من كل شئ موعظة وتفصيلا لكل شئ. وقد كان عند العالم علم لم يكتب لموسى في الألواح وكان موسى يظن أن جميع الأشياء التي يحتاج إليها وجميع العلم قد كتب له في الألواح. كما يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء وعلماء وأنهم قد أثبتوا جميع العلم والفقه في الدين مما يحتاج هذه الامة إليه وصح لهم عن رسول الله صلى الله عليه واله، وعلموه ولفظوه، وليس كل علم رسول الله صلى الله عليه واله علموه ولا صار إليهم عن رسول الله صلى الله عليه واله ولا عرفره، وذلك أن الشئ من الحلال والحرام والأحكام يرد عليهم فيسألون عنه ولا يكون عندهم فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه واله ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبوا فيطلب الناس العلم من معدنه فلذلك استعملوا الرأي والقياس في دين الله وتركوا الآثار ودانو الله بالبدع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله: كل بدعة ضلالة. فلو أنهم إذا سئلوا عن شئ من


(1) قال النجاشي في ص 134: سالم بن أبى حفصة مولى بنى عجل كوفى، روى عن على بن الحسين وأبى جعفر وأبى عبد الله عليهم السلام يكنى أبا الحسن وأبا يونس، وإسم أبى حفصة زياد مات سنة 137 في حياة أبى عبد الله عليه السلام، له كتاب اه‍. وفي المحكى من رجال ابن داود: أنه زيدي تبرى كان يكذب على أبى جعفر عليه السلام، ولعنه الصادق عليه السلام. وروى الكشى في رجاله روايات تدل على ذمه منها: ما يأتي تحت الرقم 107 وحكى عن أبان بن عثمان أنه قال: سالم بن أبى حفصة كان مرجئيا. (2) يأتي مثله تحت الرقم 103.

[ 208 ]

دين الله فلم يكن عندهم منه أثر عن رسول الله صلى الله عليه واله ردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم من آل محمد، والذين منعهم من طلب العلم منا العداوة والحسد لنا ولا والله ما حسد موسى العالم – وموسى نبي الله يوحى إليه – حيث لقيه واستنطقه وعرفه بالعلم ولم يحسده كما حسدتنا هذه الامة بعد رسول الله صلى الله عليه واله علمنا وما ورثنا عن رسول الله صلى الله عليه واله، ولم يرغبوا إلينا في علمنا كما رغب موسى إلى العالم و سأله الصحبة ليتعلم منه العلم ويرشده، فلما أن سأل العالم ذلك علم العالم أن موسى لا يستطيع صحبته ولا يحتمل علمه ولا يصبر معه فعند ذلك قال العالم: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. فقال له موسى – وهو خاضع له يستنطقه على نفسه كى يقبله -: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، وقد كان العالم يعلم أن موسى لا يصبر على علمه. فكذلك والله يا إسحاق بن عمار قضاة هؤلاء وفقهائهم وجماعتهم اليوم لا يحتملون والله علمنا ولا يقبلونه ولا يطيقونه ولا يأخذون به ولا يصبرون عليه، كما لم يصبر موسى على علم العالم حين صحبه ورأى ما رأى من علمه، وكان ذلك عند موسى مكروها وكان عند الله رضا وهو الحق، وكذلك علمنا عند الجهلة مكروه لا يؤخذ وهو عند الله الحق. 101 – نى: محمد بن همام، ومحمد بن الحسين بن جمهور معا، عن الحسين بن محمد ابن جمهور، عن أبيه، عن بعض رجاله عن المفضل قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: خبر تدريه خير من عشرة (1) ترويه، إن لكل حقيقة حقا ولكل صواب نورا، ثم قال: إنا والله لا نعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له فيعرف اللحن. 102 – كش: جبرئيل بن أحمد، عن اليقطيني، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن كثير، عن جابر بن يزيد قال: قال أبو جعفر عليه السلام يا جابر حديثنا صعب مستصعب أمرد ذكوان وعر أجرد لا يحتمله والله إلا نبي مرسل، أو ملك مقرب، أو مؤمن ممتحن، فإذا ورد عليك يا جابر شئ من أمرنا فلان له قلبك فاحمد الله، وإن أنكرته فرده إلينا أهل البيت، ولا تقل: كيف جاء هذا ؟ وكيف كان وكيف هو ؟ فإن هذا والله الشرك بالله العظيم.


(1) وفي نسخة: من الف عشرة.

[ 209 ]

103 – كش: ابن مسعود، عن علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، وجعفر ابن محمد بن حكيم، عن أبان بن عثمان، عن أبي بصير، قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام – وأنا عنده -: إن سالم بن أبي حفصة يروي عنك أنك تتكلم على سبعين وجها لك من كلها المخرج، قال: فقال: ما يريد سالم مني ؟ أيريد أن أجيئ بالملائكة ؟ ! فوالله ما جاء بها النبيون، ولقد قال إبراهيم: إني سقيم والله ما كان سقيما وما كذب، ولقد قال إبراهيم: بل فعله كبيرهم هذا وما فعله وما كذب، ولقد قال يوسف: إنكم لسارقون والله ما كانو سارقين وما كذب. (1) بيان: لما كان سبب هذا الاعتراض عدم إذعان سالم بإمامته عليه السلام – إذ بعد الإذعان بها يجب التسليم في كل ما يصدر عنهم عليهم السلام – ذكر عليه السلام أولا أن سالما أي شئ يريد مني من البرهان حتى يرجع إلى الإذعان ؟ فإن كان يكفي في ذلك إلقاء البراهين والحجج وإظهار المعجزات فقد سمع وشاهد فوق ما يكفي لذلك، وإن كان يريد أن أجيئ بالملائكة ليشاهدهم ويشهدوا على صدقي فهذا مما لم يأت به النبيون أيضا، ثم رجع عليه السلام إلى تصحيح خصوص هذا الكلام بأن المراد إلقاء معاريض الكلام على وجه التقية والمصلحة وليس هذا بكذب وقد صدر مثله عن الأنبياء عليهم السلام. 104 – كش: حمدويه، عن الحسن بن موسى، عن إسماعيل بن مهران، عن محمد ابن منصور، عن علي بن سويد السائي قال: كتب إلي أبو الحسن عليه السلام – وهو في الحبس -: أما بعد فإنك امرؤ نزلك الله من آل محمد بمنزلة خاصة بما ألهمك من رشدك وبصرك من أمر دينك بتفضيلهم ورد الامور إليهم والرضا بما قالوا – في كلام طويل – وقال: وادع إلى صراط ربك فينا من رجوت إجابته، ووال آل محمد، ولا تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا: هذا باطل، وإن كنت تعرف خلافه فإنك لا تدري لم قلناه وعلى أي وجه وصفناه ؟ آمن بما أخبرتك، ولا تفش ما استكتمتك، اخبرك أن من أوجب حق أخيك أن لا تكتمه شيئا ينفعه لا من دنياه ولا من آخرته. 105 – من كتاب رياض الجنان لفضل الله بن محمود الفارسي، روى المفضل بن


(1) تقدم مثله تحت الرقم 99.

[ 210 ]

عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا صدور مشرقة وقلوب منيرة وأفئدة سليمة وأخلاق حسنة لأن الله قد أخذ على شيعتنا الميثاق فمن وفي لنا وفي الله له بالجنة ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا فهو في النار، وإن عندنا سرا من الله ما كلف الله به أحدا غيرنا ثم أمرنا بتبليغه فبلغناه فلم نجد له أهلا ولا موضعا ولا حملة يحملونه حتى خلق الله لذلك قوما خلقوا من طينة محمد وذريته صلى الله عليهم ومن نورهم صنعهم الله بفضل صنع رحمته فبلغناهم عن الله ما أمرنا فقبلوه واحتملوا ذلك ولم تضطرب قلوبهم، ومالت أرواحهم إلى معرفتنا وسرنا، والبحث عن أمرنا، وإن الله خلق أقواما للنار وأمرنا أن نبلغهم ذلك فبلغناه فاشمأزت قلوبهم منه ونفروا عنه وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وطبع الله على قلوبهم، ثم أطلق ألسنتهم ببعض الحق فهم ينطقون به لفظا وقلوبهم منكرة له. ثم بكى عليه السلام ورفع يديه وقال: اللهم إن هذه الشرذمة المطيعين لأمرك قليلون. اللهم فاجعل محياهم محيانا ومماتهم مماتنا، ولا تسلط عليهم عدوا فإنك إن سلطت عليهم عدوا لن تعبد. 106 – بشا: محمد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، عن أبي الحسين بن أبي الطيب، عن أحمد بن القاسم الهاشمي، عن عيسى، عن فرج بن فروة، عن مسعدة ابن صدقة، عن صالح بن ميثم، عن أبيه قال: بينما أنا في السوق إذ أتاني أصبغ بن نباتة فقال: ويحك يا ميثم لقد سمعت من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حديثا صعبا شديدا فأينا نكون كذلك ؟ قلت: وما هو ؟ قال: سمعته يقول: إن حديثنا أهل البيت صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل، أو عبد امتحن الله قلبه للأيمان، فقمت من فورتي فأتيت عليا عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين حديث أخبرني به الأصبغ عنك قد ضقت به ذرعا قال: وما هو ؟ فأخبرته. قال: فتبسم ثم قال: اجلس يا ميثم، أو كل علم يحتمله عالم ؟ إن الله تعالى قال لملائكته: إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون. فهل رأيت الملائكة احتملوا العلم ؟ قال: قلت: هذه والله أعظم من ذلك. قال: والاخرى أن موسى عليه السلام أنزل الله عز وجل عليه التورية فظن أن لا أحد


[ 211 ]

أعلم منه فأخبره الله عز وجل أن في خلقي من هو أعلم منك، وذاك إذ خاف على نبيه العجب، قال: فدعا ربه أن يرشده إلى العالم، قال: فجمع الله بينه وبين الخضر فخرق السفينة فلم يحتمل ذاك موسى، وقتل الغلام فلم يحتمله، وأقام الجدار فلم يحتمله وأما المؤمنون فإن نبينا صلى الله عليه واله أخذ يوم غدير خم بيدي فقال: اللهم من كنت مولاه فإن عليا مولاه، فهل رأيت احتملوا ذلك إلا من عصمه الله منهم ؟ فأبشروا ثم أبشروا فإن الله تعالى قد خصكم بما لم يخص به الملائكة والنبيين والمرسلين فيما احتملتم من أمر رسول الله صلى الله عليه واله وعلمه. 107 – أقول: وجدت في كتاب سليم بن قيس أن علي بن الحسين عليهما السلام قال لأبان بن أبي عياش يا أخا عبد قيس فإن وضح لك أمر فأقبله، وإلا فاسكت تسلم، ورد علمه إلى الله فإنك في أوسع مما بين السماء والأرض. 108 – ووجدت بخط الشيخ محمد بن علي الجباعي قدس سره نقلا من كتاب البصائر لسعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن عبد الله الكاهلي، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه تلا هذه الآية: فلا وربك لا يؤمنون. الآية فقال: لو أن قوما عبدوا الله وحده ثم قالوا لشئ صنعه رسول الله صلى الله عليه واله: لم صنع كذا و كذا ؟ أو لو صنع كذا وكذا خلاف الذي صنع لكانوا بذلك مشركين، ثم قال لو أنهم عبدوا الله ووحدوه ثم قالوا لشئ صنعه رسول الله صلى الله عليه واله لم صنع كذا وكذا ؟ ووجدوا ذلك من أنفسهم لكانوا بذلك مشركين. ثم قرأ الآية. (1) 109 – وروي بعدة أسانيد إلي أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام: أن المسلمين هم النجباء. 110 – وعن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إن رجلا يأتينا من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يقول لك: إني قلت لليل: إنه نهار، أو للنهار: إنه ليل ؟ قال: لا. قال: فإن


(1) تقدم الحديث مع اختلاف في الفاظه تحت الرقم 61 و 90.

[ 212 ]

قال لك هذا إني قلته فلا تكذب به، فإنك إنما تكذبني. (1) 111 – وعن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: سمعته يقول: لا تكذب بحديث أتاكم به مرجئي ولا قدري ولا خارجي نسبه إلينا. فإنكم لا تدرون لعله شئ من الحق فتكذبون الله عز وجل فوق عرشه. انتهى ما أخرجه من كتاب البصائر. (2) 112 – وبخطه أيضا قال: روى الصفواني رحمه الله في كتابه مرسلا عن الرضا عليه السلام أن العبادة على سبعين وجها فتسعة وستون منها في الرضا والتسليم لله عز وجل ولرسوله ولاولي الأمر صلى الله عليهم. 113 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا عبد امتحن الله قلبه للإيمان، ولا تعي حديثنا إلا صدور أمينة وأحلام رزينة. 114 – منية المريد: قال النبي صلى الله عليه واله: من رد حديثا بلغه عني فأنا مخاصمه يوم القيامة، فإذا بلغكم عني حديث لم تعرفوا فقولوا: الله أعلم. 115 وقال صلى الله عليه واله: من كذب علي متعمدا أورد شيئا أمرت به فليتبوأ بيتا في جهنم. 116 – وقال صلى الله عليه واله من بلغه عني حديث فكذب به فقد كذب ثلاثة: ألله، ورسوله والذي حدث به. (باب 27) * (العلة التى من أجلها كتم الأئمة عليهم السلام بعض العلوم والأحكام) * 1 – ير: محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ذريح المحاربي، وأحمد بن محمد، عن البرقي، عن صفوان، عن ذريح قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أبي نعم الأب رحمة الله عليه كان يقول: لو أجد ثلاثة رهط أستودعهم العلم وهم أهل لذلك لحدثت بما لا يحتاج فيه إلى نظر في حلال ولا حرام وما يكون إلى يوم القيامة، إن حديثنا


(1) قد تقدم الحديث مسندا عن البصائر تحت الرقم 14 (2) تقدم الحديث مسندا تحت الرقم 16. (*)

[ 213 ]

صعب مستصعب لا يؤمن به إلا عبد امتحن الله قلبه للإيمان. بيان: فيه أي معه. إلى نظر أي فكر وتأمل. 2 – ير: أحمد بن محمد، عن علي بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن عنبسة ابن مصعب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لولا أن يقع عند غيركم كما قد وقع غيره لأعطيتكم كتابا لا تحتاجون إلى أحد حتى يقوم القائم – عجل الله تعالى فرجه -. 3 – ير: إبراهيم بن هاشم، عن أبي عبد الله البرقي، عن خلف بن حماد، عن ذريح، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أبي نعم الأب رحمة الله عليه يقول: لو وجدت ثلاثة أستودعهم العلم وهم أهل لذلك لحدثت بما لا يحتاج فيه بعدي إلى حلال ولا حرام وما يكون إلى يوم القيامة. (1) 4 – ير: أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن مرازم وموسى بن بكر قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن عندنا من حلال الله وحرامه ما يسعنا كتمانه ما نستطيع – يعني أن نخبر به أحدا – (2). 5 – ير: إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن منصور ابن حازم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما أجد من احدثه ولو أني احدث رجلا منكم بالحديث فما يخرج من المدينة حتى اوتي بعينه فأقول: لم أقله. 6 – نى: محمد بن العباس الحسني، عن ابن البطائني، عن خير، عن كرام الخثعمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أما والله لو كانت على أفواهكم أوكية لحدثت كل امرء منكم بما له والله لو وجدت أتقياء لتكلمت، والله المستعان. 7 – كش: طاهر بن عيسى الوراق رفعه إلى محمد بن سليمان، عن البطائني، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه واله: يا سلمان لو عرض علمك على مقداد لكفر، يا مقداد لو عرض علمك على سلمان لكفر.


(1) تقدم الحديث مع ذيل عن ذريح عن أبى عبد الله عليه السلام تحت الرقم الاول. (2) كذا في النسخ وفى البصائر المطبوع: ما نستطيع – يعنى ان نخبر به أحدا -.

[ 214 ]

(باب 28) * (ما ترويه العامة من أخبار الرسول صلى الله عليه وآله، وأن الصحيح من ذلك) * * (عندهم عليهم السلام، والنهى عن الرجوع إلى اخبار المخالفين) * * (وفيه ذكر الكذابين) * 1 – ير: الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن رسول الله صلى الله عليه واله أنال في الناس وأنال وأنال، وإنا أهل البيت معاقل العلم، وأبواب الحكم، وضياء الأمر. بيان: أنال أي أعطى وأفاد في الناس العلوم الكثيرة، لكن عند أهل البيت معيار ذلك، والفصل بين ما هو حق أو مفترى، وعندهم تفسير ما قاله الرسول صلى الله عليه واله فلا ينتفع بما في أيدي الناس إلا بالرجوع إليهم صلوات الله عليهم، والمعاقل جمع معقل وهو الحصن والملجأ أي نحن حصون العلم، وبنا يلجأ الناس فيه، وبنا يوصل إليه، وبنا يضيئ الأمر للناس. 2 – ير: ابن يزيد، عن زياد القندي، عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك عند العامة من أحاديث رسول الله صلى الله عليه واله شئ يصح ؟ قال: فقال: نعم إن رسول الله صلى الله عليه واله أنال وأنال وأنال، وعندنا معاقل العلم وفصل ما بين الناس. 3 – ير: الحسن بن علي بن النعمان، وأحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه واله أنال في الناس وأنال وأنال، وإنا أهل البيت عرى الأمر وأواخيه وضياؤه. ير: محمد بن عبد الجبار، عن البرقي، عن فضالة، عن ابن مسكان مثله. بيان: العروة ما يتمسك به من الحبل وغيره والأخية كأبية ويخفف عود في حائط أو في حبل يدفن طرفاه في الأرض ويبرز وسطه كالحلقة تشد فيها الدابة، و الجمع أخايا وأواخي ذكره الفيروز آبادي، أي بنا يشد ويستحكم أمر الدين ولا يفارقنا علمه.


[ 215 ]

4 – ير: محمد بن عيسى، عن النضر، عن الحسن بن يحيى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنا أهل البيت عندنا معاقل العلم، وآثار النبوة، وعلم الكتاب، وفصل ما بين ذلك. 5 – ير: محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان وأبي خالد وأبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه واله أنال في الناس وأنال، وعندنا عرى الأمر، وأبواب الحكمة، ومعاقل العلم، وضياء الأمر، و أو أخيه، فمن عرفنا نفعته معرفته وقبل منه عمله، ومن لم يعرفنا لم تنفعه معرفته ولم يقبل منه عمله. (1) 6 – ير: محمد بن عبد الجبار، عن عبد الله الحجال، عن علي بن حماد، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه واله قد أنال وأنال وأنال يشير كذا و كذا، وعندنا أهل البيت اصول العلم وعراه وضياؤه وأواخيه. 7 – ير: محمد بن عبد الجبار، عن أبي عبد الله البرقي، عن فضالة بن أيوب، عن ابن مسكان، عن الثمالي قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام بالناس ثم قال: إن الله اصطفى محمدا صلى الله عليه واله بالرسالة وأنباءه بالوصي وأنال في الناس وأنال، وفينا أهل البيت معاقل العلم وأبواب الحكمة وضياؤه وضياء الأمر فمن يحبنا منكم نفعه إيمانه ويقبل عمله (2)، ومن لم يحبنا منكم لم ينفعه إيمانه ولا يتقبل عمله. 8 – ير: ابن يزيد: عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنا نجد الشئ من أحاديثنا في أيدي الناس قال: فقال لي: لعلك لا ترى أن رسول الله صلى الله عليه واله أنال وأنال، ثم أومأ بيده عن يمينه وعن شماله و


(1) تقدم عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام حديثان تحت الرقم 1 و 3 مثل ذلك مع اختلاف في ألفاظه، فيحتمل سماعه عنه عليه السلام مرة واحدة والاختلاف نشأ عن نقله أو نقل راويه بالمعنى أو أنه سمعه عنه عليه السلام مكررا واختلاف التعابير كان في كلامه عليه السلام، ويأتى عنه أبى عبد الله عليه السلام حديثان آخران مثل ذلك تحت الرقم 6 و 8. (2) وفي نسخة: ويتقبل عمله.

[ 216 ]

من بين يديه ومن خلفه وإنا أهل البيت عندنا معاقل العلم وضياء الأمر وفصل ما بين الناس. بيان: الإشارة لبيان أنه صلى الله عليه واله نشر العلم في كل جانب وعلمه كل أحد فكيف لا يكون في الناس علمه ؟. 9 – ير: محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن معلى بن عثمان قال: ذكر لأبي عبد الله عليه السلام رجل حديثا وأنا عنده فقال: إنهم يروون عن الرجال، فرأيته كأنه غضب فجلس وكان متكئ ووضع المرفقة (1) تحت إبطيه فقال: أما والله إنا نسألهم ولنحن أعلم به منهم ولكن إنما نسألهم لنوركه عليهم، ثم قال: أما لو رأيت روغان أبي جعفر حيث يراوغ – يعني الرجل – لعجبت من روغانه. بيان: قال الفيروز آبادي: وركه توريكا: أوجبه والذنب عليه حمله. وقال الجوهري: راغ إلى كذا أي مال إليه سرا وحاد، وقوله تعالى: فراغ عليهم ضربا باليمين أي أقبل. قال الفراء: مال عليهم. وقال الجزري: فلان يريغني على أمر وعن أمر، أي يراودني ويطلبه مني، والحاصل أن السائل عظم ما كان يرويه عنده عليه السلام فغضب وقال: إنا لا نحتاج إلى السؤال وإن سألنا أحيانا فما هو إلا للاحتجاج والإلزام على الخصم بما لا يستطيع إنكاره. ثم ذكر عليه السلام قدرة أبيه عليه السلام على الاحتجاج والمغالبة بأنه كان يقبل على الخصم في إقامة الدليل عليه إقبالا على غاية القوة والقدرة على الغلبة، أو كان عليه السلام يستخرج الحجة من الخصم ويحمله على الإقرار بالحق بحيث لو رأيته لعجبت من ذلك. وقوله عليه السلام: يعني الرجل أي أي رجل كان يخاصمه ويناظره. (2) 10 – سر: أبان بن تغلب، عن علي بن الحكم بن الزبير، عن أبان بن عثمان، عن هارون بن خارجة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنا نأتي هؤلاء المخالفين فنسمع منهم الحديث يكون حجة لنا عليهم ؟ قال: لا تأتهم ولا تسمع منهم لعنهم الله ولعن مللهم المشركة.


(1) المرفقة: المخدة. (2) ويحتمل أن يكون من كلام الراوى.

[ 217 ]

11 – ل: الطالقاني، عن الجلودي، عن محمد بن زكريا، عن جعفر بن محمد بن عمارة قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله صلى الله عليه واله أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة. بيان: يعني عائشة. 12 – كش: سعد، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن ابن أبي نجران، عن ابن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنا أهل بيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول الله صلى الله عليه واله أصدق البرية لهجة وكان مسيلمة يكذب عليه، وكان أمير المؤمنين عليه السلام أصدق من برأ الله من بعد رسول الله صلى الله عليه واله وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه بما يفتري عليه من الكذب عبد الله ابن سبا لعنه الله (1)، وكان أبو عبد الله الحسين بن علي عليه السلام قد ابتلى بالمختار (2)، ثم ذكر أبو عبد الله عليه السلام الحارث الشامي وبنان (3) فقال: كانا يكذبان على علي بن الحسين عليهما السلام، ثم ذكر المغيرة بن سعيد (4) وبزيعا (5) والسري وأبا الخطاب (6) ومعمرا (7) و


(1) روى الكشى في ص 70 روايات كثيرة تدل على ذمه ولعنه. وكل من ترجمه من الشيعة لعنوه وأبرؤوا من مقالته الباطلة في أمير المؤمنين عليه السلام، وهذا هو الذى استتابه أمير المؤمنين عليه السلام ثلاثة أيام فلم يتب فأحرقه بالنار. (2) هو المختار بن أبي عبيدة الثقفى، ينسب إليه الفرقة الكيسانية والمختارية القائلين بامامة محمد بن على بن أبى طالب ابن الحنفية، اختلف الاقوال والاخبار فيه. (3) ورد في ذمهما روايات منه: ما رواه هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام أنه قال: إن بنانا والسرى وبزيعا لعنهم الله ترائى لهم الشيطان في أحسن ما يكون صورة آدمى من قرنه إلى سرته. الخبر. (4) تقدم منا عند ذكر المغيرية ما يدل على ذمه وياتى في الباب الاتى ما يدل على ذمه. (5) ينتسب إليه البزيعية وهم يزعمون أن الائمة عليهم السلام كلهم أنبياء وأنهم لا يموتون ولكنهم يرفعون، وزعم بزيع أنه صعد إلى السماء وأن الله تعالى مسح على رأسه ومج في فيه. فان الحكمة تثبت في صدره. هكذا قيل، ونسب إلى تعليقة الوحيد أنهم فرقة من الخطابية يقولون: إن الامام بعد أبى الخطاب بزيع، وأن كل مؤمن يوحى إليه وأن الانسان إذا بلغ الكمال لا يقال له: مات بل رفع إلى الملكوت، وادعوا معاينة أمواتهم بكرة وعشية. وعلى أي حال فهم مذمومون كما نطق به الاخبار. (6) هو محمد بن مقلاص أبى زينب الاسدي ينسب إليه الفرقة الخطابية فيه روايات كثيره تدل على ذمه ويأتى بعضها في الباب الاتى. (7) قال العلامة في القسم الثاني من الخلاصة: اظنه ابن خيثم، وعلل ذلك بأن معمر بن خيثم كان من دعاة زيد.

[ 218 ]

بشارا الأشعري (1) وحمزة البربري (2) وصائد النهدي (3) فقال: لعنهم الله إنا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأي، كفانا الله مؤونة كل كذاب وأذاقهم حر الحديد. 13 – كتاب صفات الشيعة للصدوق، بإسناده عن المفضل بن زياد العبدي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: همكم معالم دينكم وهم عدوكم بكم واشرب قلوبهم لكم بغضا، يحرفون ما يسمعون منكم كله، ويجعلون لكم أندادا ثم يرمونكم به بهتانا فحسبهم بذلك عند الله معصيته. 14 – أقول: وجدت في كتاب سليم بن قيس الهلالي أن أبان بن أبي عياش راوي الكتاب قال: قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: لم نزل أهل البيت منذ قبض رسول الله صلى الله عليه واله نذل ونقصي ونحرم ونقتل ونطرد، ووجد الكذابون لكذبهم موضعا يتقربون إلى أوليائهم وقضاتهم وعمالهم في كل بلدة يحدثون عدونا وولاتهم الماضين بالأحاديث الكاذبة الباطلة، ويحدثون ويروون عنا ما لم نقل، تهجينا منهم لنا، وكذبا منهم علينا، وتقربا إلى ولاتهم وقضاتهم بالزور والكذب، وكان عظم ذلك وكثرته في زمن معاوية بعد موت الحسن عليه السلام، ثم قال عليه السلام: – بعد كلام تركناه – وربما رأيت الرجل يذكر بالخير ولعله يكون ورعا صدوقا، يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة من تفضيل بعض من قد مضى من الولاة لم يخلق الله منها شيئا قط، وهو يحسب أنها حق لكثرة من قد سمعها منه ممن لا يعرف بكذب ولا بقلة ورع، ويروون عن علي عليه السلام أشياء قبيحة، وعن الحسن والحسين عليهما السلام ما يعلم الله أنهم رووا في ذلك الباطل والكذب والزور. قلت له: أصلحك الله سم لي من ذلك شيئا قال: روايتهم هما سيدا كهول أهل الجنة، وأن عمر محدث، وأن الملك يلقنه، وأن السكينة تنطق على لسانه، وأن عثمان الملائكة تستحيي منه، وأثبت حرى فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد، حتى عدد أبو جعفر عليه السلام أكثر من مائتي رواية (4) يحسبون أنها حق، فقال: هي والله كلها كذب وزور، قلت: أصلحك


(1) الصحيح بشار الشعيرى. (2) هو حمزة بن عمار البربري. (3) وليراجع لترجمته وترجمة من قبله كتب التراجم، ويكفيك ما ورد من الاخبار في ذمهم في رجال الكشى في ص 145 – 149 – و 187 – 198 و 252 و 353. (4) في كتاب سليم بن قيس: اكثر من مائة رواية. (*)

[ 219 ]

الله لم يكن منها شئ ؟ قال: منها موضوع، ومنها محرف، فأما المحرف فإنما عنى أن عليك نبي وصديق وشهيد – يعني عليا عليه السلام – ومثله وكيف لا يبارك لك وقد علاك نبي وصديق شهيد – يعني عليا عليه السلام – وعامها كذب وزور وباطل. أقول: سيأتي تمام الخبر في كتاب الإمامة في باب مظلوميتهم عليهم السلام. (باب 29) * (علل اختلاف الاخبار وكيفية الجمع بينها والعمل بها ووجوه الاستنباط) * * (وبيان أنواع ما يجوز الاستدلال به) * الايات، الانعام: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون 115 ” وقال تعالى “: وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم إن ربك هو أعلم بالمعتدين 118 ” وقال تعالى “: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم 143 ” وقال تعالى “: قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون 148 الاعراف: أتقولون على الله ما لا تعلمون 28 التوبة: فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون 121 يونس: وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون 35 ” وقال تعالى “: وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون 65 الاسرى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع و البصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤلا 35 الزخرف: ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على امة وإنا على آثارهم مهتدون 20، 21، 22،


[ 220 ]

الجاثية: وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون 23 الحجرات: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين 6 النجم: إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا 28 1 – قال الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاجات: روي عن الصادق عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: ما وجدتم في كتاب الله عز وجل فالعمل به لازم ولا عذر لكم في تركه، وما لم يكن في كتاب الله عز وجل وكان في سنة مني (1) فلا عذر لكم في ترك سنتي، وما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به (2) فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها اخذ اهتدى (3) وبأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. قيل يا رسول الله: من أصحابك ؟ قال: أهل بيتي. قال محمد بن الحسين بن بابويه القمي رضوان الله عليه: إن أهل البيت لا يختلفون ولكن يفتون الشيعة بمر الحق، وربما أفتوهم بالتقية فما يختلف من قولهم فهو للتقية والتقية رحمة للشيعة. أقول، روى الصدوق في كتاب معاني الأخبار، عن ابن وليد، عن الصفار، عن الخشاب، عن ابن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام إلى آخر ما نقل ورواه الصفار في البصائر. ثم قال الطبرسي رحمه الله ويؤيد تأويله رضي الله عنه اخبار كثيرة منها: ما رواه محمد بن سنان، عن نصر الخثعمي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من عرف من أمرنا أن لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا، فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك منا دفاع واختيار له. (4) وعن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما


(1) في ير ومع: وكانت فيه سنة منى. (2) في ير: فخدوا به. (3) وفي نسخة: بايهما اقتديتم اهديتم. (4) وفي نسخة: واختبار له.

[ 221 ]

منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان، أو إلى القضاة، أيحل ذلك ؟ قال عليه السلام: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الجبت والطاغوت المنهي عنه، وما حكم له به فإنما يأخذ سحتا (1) وإن كان حقه ثابتا، لأنه أخذه بحكم الطاغوت ومن أمر الله عز وجل أن يكفر به، قال الله عز وجل: يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به. قلت: فكيف يصنعان وقد اختلفا ؟ قال: ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا فليرض (2) به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكم ولم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد، والراد علينا كافر راد على الله وهو على حد من الشرك بالله. فقلت: فإن كان كل واحد منهما اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما فإن الحكمين اختلفا في حديثكم ؟ قال: إن الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر. قلت: فإنهما عدلان مرضيان عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه، قال: ينظر الآن إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه فإنما الامور ثلاثه: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيبه فيجتنب، وأمر مشكل يرد حكمه إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه واله وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله: حلال بين، وحرام بين، وشبهات تتردد بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم. قلت: فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقاة عنكم ؟ قال: ينظر ما وافق (3) حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة. قلت: جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه (4) من الكتاب والسنة ثم وجدنا أحد


(1) السحت: الحرام. (2) وفى نسخة: فليرضوا. (3) وفي نسخة: فيما وافق. (4) وفي نسخة: عمي عليهما معرفة حكم من كتاب وسنة ووجدا.

[ 222 ]

الخبرين يوافق العامة والآخر يخالف بأيهما نأخذ من الخبرين ؟ قال: ينظر إلى ما هم إليه يميلون فإن ما خالف العامة ففيه الرشاد. قلت: جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعا ؟ قال: انظروا إلى ما يميل إليه حكامهم وقضاتهم فاتركوه جانبا وخذوا بغيره. قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا ؟ قال: إذا كان كذلك فارجه وقف عنده حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات والله المرشد. غو: روى محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن عيسى، عن صفوان، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة مثله. بيان: رواه الصدوق في الفقيه وثقة الإسلام في الكافي بسند موثق لكنه من المشهورات وضعفه منجبر بعمل الأصحاب. قوله تعالى: يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الطاغوت مشتق من الطغيان وهو الشيطان أو الأصنام أو كل ما عبد من دون الله أو صد عن عبادة الله، والمراد هنا من يحكم بالباطل ويتصدى للحكم ولا يكون أهلا له، سمي به لفرط طغيانه، أو لتشبهه بالشيطان أو لأن التحاكم إليه تحاكم إلى الشيطان من حيث إنه الحامل عليه، والآية بتأييد الخبر تدل على عدم جواز الترافع إلى حكام الجور مطلقا. قوله عليه السلام: ممن قد روى حديثنا أي كلها بحسب الإمكان، أو القدر الوافي منها، أو الحديث المتعلق بتلك الواقعة، وكذا في نظائره، والأحوط أن لا يتصدى لذلك إلا من تتبع ما يمكنه الوصول إليه من أخبارهم ليطلع على المعارضات ويجمع بينها بحسب الإمكان. قوله عليه السلام: فإني قد جعلته عليكم حاكما استدل به على أنه نائب للإمام في كل أمر إلا ما أخرجه الدليل ولا يخلو من إشكال، بل الظاهر أنه رخص له في الحكم فيما رفع إليه، لا أنه يمكنه جبر الناس على الترافع إليه أيضا، نعم يجب على الناس الترافع إليه والرضا بحكمه. قوله عليه السلام: فيما حكما ظاهره أن اختلافهما بحسب اختلاف الرواية لا الفتوى. قوله عليه السلام: أعدلهما وأفقههما في الجواب إشعار بأنه لابد من كونهما عادلين فقيهين صادقين ورعين، والفقه هو العلم بالأحكام الشرعية كما هو الظاهر، وهل يعتبر كونه أفقه في خصوص تلك الواقعة أو في مسائل المرافعة والحكم أو في مطلق المسائل ؟ الأوسط أظهر معنى وإن كان الأخير أظهر لفظا، والظاهر أن مناط الترجيح الفضل


[ 223 ]

في جميع تلك الخصال، ويحتمل أن تكون كلمة ” الواو ” بمعنى ” أو ” فعلى الأول لا يظهر الحكم فيما إذا كان الفضل في بعضها، وعلى الثاني فيما إذا كان أحدهما فاضلا في إحديهما، والآخر في الاخرى، وفي سؤال السائل إشعار بفهم المعنى الثاني. قوله عليه السلام: المجمع عليه استدل به على حجية الإجماع، وظاهر السياق أن المراد الاتفاق في النقل لا الفتوى، ويدل على أن شهرة الخبر بين الأصحاب وتكرره في الاصول من المرجحات وعليه كان عمل قدماء الأصحاب رضوان الله عليهم. قوله عليه السلام: وشبهات تتردد بين ذلك المراد الامور التي اشتبه الحكم فيها، ويحتمل شموله لما كان فيه احتمال الحرمة وإن كان حلالا بظاهر الشريعة. قوله عليه السلام: ارتكب المحرمات أي الحرام واقعا فيكون محمولا على الأولوية والفضل، ويحتمل أن يكون المراد الحكم في المشتبهات ويكون الهلاك من حيث الحكم بغير علم ويدل على رجحان الاحتياط بل وجوبه. قوله عليه السلام: قد رواهما الثقاة عنكم استدل به على جواز العمل بالخبر الموثق وفيه نظر لانضمام قيد الشهرة، ولعل تقريره عليه السلام لمجموع القيدين، على أنه يمكن أن يقال: الكافر لا يوثق بقوله شرعا لكفره، وإن كان عادلا بمذهبه. قوله عليه السلام: والسنة. أي السنة المتواترة. قوله عليه السلام: فارجه بكسر الجيم والهاء من أرجيت الأمر بالياء أو من أرجأت الأمر بالهمزة وكلاهما بمعنى أخرته، فعلى الأول حذفت الياء في الأمر وعلى الثاني ابدلت الهمزة ياءا ثم حذفت الياء، والهاء ضمير راجع إلى الأخذ بأحد الخبرين، أو بسكون الهاء لتشبيه المنفصل بالمتصل، أو من أرجه الأمر أي أخره عن وقته، كما ذكره الفيروز آبادي لكنه تفرد به ولم أجده في كلام غيره. ثم قال الطبرسي رحمه الله: جاء هذا الخبر على سبيل التقدير لأنه قل ما يتفق في الآثار أن يرد خبران مختلفان في حكم من الأحكام موافقين للكتاب و السنة، وذلك مثل الحكم في غسل الوجه واليدين في الوضوء لأن الأخبار جاءت بغسلها مرة مرة وبغسلها مرتين مرتين، وظاهر القرآن لا يقتضي خلاف ذلك بل يحتمل كلتا الروايتين، ومثل ذلك يوجد في أحكام الشرع، وأما قوله عليه السلام للسائل: أرجه وقف عنده حتى تلقى إمامك أمره بذلك عند تمكنه من الوصول إلى الإمام، فأما إذا كان غائبا ولا


[ 224 ]

يتمكن من الوصول إليه والأصحاب كلهم مجمعون على الخبرين ولم يكن هناك رجحان لرواة أحدهما على رواة الآخر بالكثرة والعدالة كان الحكم بهما من باب التخيير يدل على ما قلناه ما روي عن الحسن بن جهم عن الرضا عليه السلام أنه قال: قلت للرضا عليه السلام: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال: ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عز وجل و أحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منا وإن لم يشبههما فليس منا، قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق، فقال: إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت. وما رواه الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم – عجل الله تعالى فرجه – فترده إليه. وروي عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله عليه السلام قلت: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه، قال: لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله، قال: قلت: لابد من أن نعمل بأحدهما قال: خذ بما فيه خلاف العامة. أمر عليه السلام بترك ما وافق العامة لأنه يحتمل أن يكون قد ورد مورد التقية وما خالفهم لا يحتمل ذلك. وروي أيضا عنهم عليهم السلام أنهم قالوا: إذا اختلفت أحاديثنا عليكم فخذوا بما اجتمعت عليه شيعتنا فإنه لا ريب فيه. وأمثال هذه الأخبار كثيرة لا يحتمل ذكره ههنا وما أوردناه عارض ليس هذا موضعه. إلى هنا كلام الطبرسي والأخبار التي نقلها مع ما أورد بينها من كلامه. أقول: ما ذكره في الجمع بين الخبرين من حمل الإرجاء علي ما إذا تمكن من الوصول إلى إمامه والرجوع إليه والتخيير على عدمه هو أظهر الوجوه وأوجهها، وجمع بينهما بعض الأفاضل بحمل التخيير على ما ورد في العبادات، وتخصيص الإرجاء بما إذا تعلق بالمعاملات والأحكام، ويمكن الجمع بحمل الإرجاء على عدم الحكم بأحدهما بخصوصه فلا ينافي جواز العمل بأيهما شاء، أو بحمل الإرجاء على الاستحباب


[ 225 ]

والتخيير على الجواز، أو بحمل الإرجاء على ما يمكن الإرجاء فيه بأن لا يكون مضطرا إلى العمل بأحدهما، والتخيير على ما إذا لم يكن له بد من العمل بأحدهما، كما يؤمي إليه خبر سماعة، ويظهر من خبر الميثمي فيما سيأتي وجه جمع آخر بينهما، وسنفصل القول في ذلك في رسالة مفردة إن شاء الله تعالى. 2 – ج: عن أبي جعفر الثاني عليه السلام في مناظرته مع يحيى بن أكثم – وسيجيئ بتمامه في موضعه – أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله في حجة الوداع: قد كثرت علي الكذابة وستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله وسنتي فما وافق كتاب الله وسنتي فخذوا به وما خالف كتاب الله وسنتي فلا تأخذوا به. الخبر. بيان: الكذابة بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب أي كثرت علي كذابة الكذابين، ويصح أيضا جعل الكذاب بمعنى المكذوب والتاء للتأنيث أي الأحاديث المفتراة، أو بفتح الكاف وتشديد الذال بمعنى الواحد الكثير الكذب والتاء لزيادة المبالغة، والمعنى: كثرت علي أكاذيب الكذابة، أو التاء للتأنيث والمعنى: كثرت الجماعة الكذابة، ولعل الأخير أظهر، وعلى التقادير الظاهر أن الجار والمجرور متعلق بالكذابة، ويحتمل تعلقه بكثرت على تضمين اجتمعت ونحوه، وهذا الخبر على تقديري صدقه وكذبه يدل على وقوع الكذب عليه صلى الله عليه واله. (1) 3 – ج: ومما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض أن قال: اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الإجتماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون، لقول النبي صلى الله عليه واله: لا تجتمع امتي على ضلالة، فأخبر صلى الله عليه واله أن ما اجتمعت عليه الامة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق، فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون، ولا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب واتباع حكم الأحاديث المزورة، والروايات المزخرفة، واتباع


(1) أما على تقدير صدقه فواضح وأما على تقدير كذبه فنفس الخبر كذب عليه

[ 226 ]

الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب، وتحقيق الآيات الواضحات النيرات ونحن نسأل الله أن يوفقنا للثواب ويهدينا إلى الرشاد. ثم قال عليه السلام: فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر وتحقيقه فأنكرته طائفة من الامة وعارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة صارت بإنكارها ودفعها الكتاب كفارا ضلالا، وأصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله صلى الله عليه واله حيث قال: إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله وعترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. واللفظة الاخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله صلى الله عليه واله: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ما إن تمسكتم بهما لم تضلوا. (1) فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون. ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين عليه السلام أنه تصدق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له، وأنزل الآية فيه، ثم وجدنا رسول الله صلى الله عليه واله قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وقوله صلى الله عليه واله: علي يقضي ديني وينجز موعدي وهو خليفتي عليكم بعدي. وقوله صلى الله عليه واله – حيث استخلفه على المدينة – فقال: يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان ؟ (2) فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار وتحقيق هذه الشواهد فيلزم الامة الإقرار بها إذا كانت هذه الأخبار وافقت القرآن، ووافق القرآن هذه الأخبار، فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله ووجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار وعليها دليلا كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا لا يتعداه إلا أهل العناد والفساد. ثم قال عليه السلام: ومرادنا وقصدنا الكلام في الجبر والتفويض وشرحهما وبيانهما وإنما قدمنا ما قدمنا لكون اتفاق الكتاب والخبر إذا اتفقا دليلا لما أردناه، وقوة لما نحن مبينوه من ذلك إن شاء الله. الخبر طويل


(1) وفى نسخة: ما انكم ان كنتم تمسكتم وفى اخرى: أما انكم ان تمسكتم. (2) وفي نسخة: مع النساء والصبيان.

[ 227 ]

نذكره بتمامه في باب الجبر والتفويض إن شاء الله تعالى. 4 – لى: أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه. بيان: الحقيقة مهية الشئ التي بها يتحصل ذلك الشئ، والمراد بالحقيقة هنا ما به يتحقق ذلك الشئ من العلة الواقعية كحكمه تعالى وأمره في الأحكام الشرعية وكالتحقق في نفس الأمر في الأحكام الخبرية، اطلقت عليه مجازا. والنور: الدليل والبرهان الذي به يظهر حقيقة الأشياء، والغرض أن الله تعالى جعل لكل شئ دليلا وبرهانا في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه واله فيجب عرض الأخبار على كتاب الله. 5 – ب: ابن ظريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قرأت في كتاب لعلي عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: إنه سيكذب علي كما كذب على من كان قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو حديثي، وأما ما خالف كتاب الله فليس من حديثي. 6 – كا: علي، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، والحسن بن محبوب جميعا عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه، احدهما يأمر بأخذه، والآخر ينهاه عنه كيف يصنع ؟ قال: يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه. وفي رواية اخرى: بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك. 7 – كا: علي، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه فبأيهما كنت تأخذ ؟ قال: كنت آخذ بالأخير، فقال لي: رحمك الله. 8 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن مرار، عن يونس، عن ابن فرقد، عن ابن خنيس، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم


[ 228 ]

بأيهما نأخذ ؟ قال: خذوا به حتى يبلغكم عن الحي، فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله. قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم. وفي حديث آخر: خذوا بالأحدث. 9 – كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلى الله عليه واله لا يتهمون بالكذب فيجيئ منكم خلافه ؟ قال: إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن. 10 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن ابن حميد، عن ابن حازم، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر ؟ فقال: إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان. قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله صدقوا على محمد صلى الله عليه واله أم كذبوا ؟ قال: بل صدقوا. قلت: فما بالهم اختلفوا. فقال: أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه واله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب، ثم يجيبه بعد ذلك بما ينسخ ذلك الجواب فنسخت الأحاديث بعضها بعضا. 11 – كا: علي بن محمد، عن سهل، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشئ من التقية ؟ قال: قلت له: أنت أعلم جعلت فداك. قال: إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجرا 12 – وفي رواية اخرى: إن أخذ به اوجر، وإن تركه والله أثم. 13 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: يا أمير المؤمنين إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه واله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه واله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه واله متعمدين


[ 229 ]

ويفسرون القرآن بآرائهم ؟ قال: فأقبل علي عليه السلام علي فقال: قد سألت فافهم الجواب إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه واله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، إنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه واله متعمدا فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه واله ورآه وسمع منه فأخذوا منه وهم لا يعرفون حاله وقد أخبر الله عز وجل عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم، فقال عز وجل: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم. ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلال و الدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلو منهم الدنيا (1)، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله فهذا أحد الأربعة. ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحفظه على وجهه ووهم فيه ولم يتعمد كذبا فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه ويقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه واله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه واله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه، وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه واله، مبغض للكذب خوفا من الله عز وجل، وتعظيما لرسول الله لم يسه (2) بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ. وإن أمر النبي صلى الله عليه واله مثل القرآن ناسخ و منسوخ وخاص وعام ومحكم ومتشابه، وقد كان يكون من رسول الله صلى الله عليه واله الكلام له وجهان، وكلام عام وكلام خاص مثل القرآن، وقال الله عز وجل في كتابه: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا. فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به و


(1) وفى نسخة: واكلوا بهم الدنيا. (2) في الخصال: لم ينسه.

[ 230 ]

رسوله، وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله يسأله عن الشئ فيفهم، كان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه واله حتى يسمعوا، وكنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه واله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها، أدور معه حيثما دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، وربما كان ذلك في بيتي (1) يأتيني رسول الله صلى الله عليه واله أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري، و إذا أتاني للخلوة معي في بيتي لم تقم عنه فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه واله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها، وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله لي أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي، وكتبته منذ دعا الله لي بما دعاه، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام، أمر ولا نهي، كان أو يكون، ولا كتاب منزل على أحد قبله في أمر بطاعة أو نهي عن معصية إلا علمنيه وحفظنيه فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع صلى الله عليه واله يده على صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وامي إني منذ دعوت الله عز وجل لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شئ لم أكتبه أفتتخوف علي النسيان فيما بعد ؟ فقال: لا لست أخاف عليك النسيان ولا الجهل. نهج، ف: مرسلا مثله. نى: ابن عقدة ومحمد بن همام، وعبد العزيز وعبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس، عن رجالهم، عن عبد الرزاق، وهمام، عن معمر بن راشد، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم مثله. ج: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام وساق الحديث – إلى أن قال -: فقال له رجل: إني سمعت من سلمان وأبي ذر الغفاري


(1) وفي نسخة: في شئ.

[ 231 ]

والمقداد أشياء من تفسير القرآن والأحاديث عن النبي صلى الله عليه واله – ثم ذكر نحوا مما مر إلى قوله -: حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي أو الطاري فيسأله صلى الله عليه واله حتى يسمعوا وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألت عنه وحفظته. فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم. ايضاح: سيأتي الخبر بتمامه في باب العلة التي من أجلها لم يغير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع. قوله عليه السلام: حقا وباطلا وصدقا وكذبا ذكر الصدق والكذب بعد الحق والباطل من قبيل ذكر الخاص بعد العام، لأن الصدق والكذب من خواص الخبر، والحق والباطل يصدقان على الأفعال أيضا، وقيل: الحق والباطل هنا من خواص الرأي والاعتقاد، والصدق والكذب من خواص النقل والرواية قوله عليه السلام: محكما ومتشابها المحكم في اللغة هو المضبوط المتقن ويطلق في الاصطلاح على ما اتضح معناه وعلى ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص أو منهما معا، وعلى ما كان نظمه مستقيما خاليا عن الخلل، وما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا، ويقابله بكل من هذه المعاني المتشابه. قوله عليه السلام: ووهما – بفتح الهاء – مصدر قولك: وهمت – بالكسر – أي غلطت وسهوت، وقد روي وهما – بالتسكين – مصدر وهمت – بالفتح – إذا ذهب وهمك إلى شئ وأنت تريد غيره، والمعنى متقارب. قوله عليه السلام: فليتبوأ صيغة الأمر ومعناه الخبر كقوله تعالى: قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا. قوله عليه السلام: متصنع بالإسلام أي متكلف له ومتدلس به غير متصف به في نفس الأمر. قوله عليه السلام: لا يتأثم أي لا يكف نفسه عن موجب الإثم، أو لا يعد نفسه آثما بالكذب على رسول الله صلى الله عليه واله، وكذا قوله: لا يتحرج من الحر بمعنى الضيق. قوله عليه السلام: وقد أخبر الله عز وجل عن المنافقين أي كان ظاهرهم ظاهرا حسنا، وكلامهم كلاما مزيفا مدلسا يوجب اغترار الناس بهم وتصديقهم فيما ينقلونه عن النبي صلى الله عليه واله، ويرشد إلى ذلك أنه سبحانه خاطب نبيه صلى الله عليه واله بقوله: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم. أي لصباحتهم وحسن منظرهم، وإن يقولوا تسمع لقولهم أي تصغي إليه لذلاقة ألسنتهم. قوله عليه السلام: فولوهم الأعمال أي أئمة الضلال بسبب وضع الأخبار أعطوا هؤلاء المنافقين الولايات وسلطوهم على


[ 232 ]

الناس، ويحتمل العكس أيضا، أي بسبب مفتريات هؤلاء المنافقين صاروا والين على الناس وصنعوا ما شاؤوا وابتدعوا ما أرادوا ولكنه بعيد. قوله عليه السلام: ناسخ ومنسوخ قال الشيخ البهائي رحمه الله: خبر ثان لإن، أو خبر مبتدء محذوف أي بعضه ناسخ وبعضه منسوخ، أو بدل من ” مثل ” وجره على البدلية من القرآن ممكن، فإن قيام البدل مقام المبدل منه غير لازم عند كثير من المحققين. قوله عليه السلام: وقد كان يكون إسم كان ضمير الشأن و يكون تامة وهي مع اسمها الخبر، وله وجهان: نعت للكلام لأنه في حكم النكرة، أو حال منه، وإن جعلت ” يكون ” ناقصة فهو خبرها. قوله عليه السلام: وقال الله لعل المراد أنهم لما سمعوا هذه الآية علموا وجوب اتباعه صلى الله عليه واله، ولما اشتبه عليهم مراده عملوا بما فهموا منه وأخطأوا فيه، فهذا بيان لسبب خطاء الطائفة الثانية والثالثة ويحتمل أن يكون ذكر الآية لبيان أن هذه الفرقة الرابعة المحقة إنما تتبعوا جميع ما صدر عنه صلى الله عليه واله من الناسح والمنسوخ والعام والخاص، لأن الله تعالى أمرهم باتباعه في كل ما يصدر عنه. قوله عليه السلام: فيشتبه متفرع على ما قبل الآية أي كان يشتبه كلام الرسول صلى الله عليه واله على من لا يعرف، ويحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى إنما أمرهم بمتابعة الرسول صلى الله عليه واله فيما يأمرهم به من اتباع أهل بيته والرجوع إليهم فإنهم كانوا يعرفون كلامه ويعلمون مرامه فاشتبه ذلك على من لم يعرف مراد الله تعالى وظنوا أنه يجوز لهم العمل بما سمعوا منه بعده صلى الله عليه واله من غير رجوع إلى أهل بيته. قوله عليه السلام: ما عنى الله به الموصول مفعول ” لم يدر ” ويحتمل أن يكون فاعل ” يشتبه “. قوله عليه السلام: ولا يستفهمه أي إعظاما له. قوله عليه السلام: والطاري أي الغريب الذي أتاه عن قريب من غير انس به وبكلامه، وإنما كانوا يحبون قدومهما إما لاستفهامهم وعدم استعظامهم إياه أو لأنه صلى الله عليه واله كان يتكلم على وفق عقولهم فيوضحه حتى يفهم غيرهم. قوله عليه السلام: فيخليني فيها من الخلوة، يقال: استخلى الملك فأخلاه أي سأله أن يجتمع به في خلوة ففعل، أو من التخلية أي يتركني أدور معه. قوله عليه السلام: أدور معه حيثما دار أي لا امنع عن شئ من خلواته، أدخل معه أي مدخل يدخل فيه، وأسير معه أينما سار، أو المراد أني كنت محرما لجميع أسراره قابلا لعلومه، أخوض معه في كل ما يخوض فيه من


[ 233 ]

المعارف، وكنت اوافقه في كل ما يتكلم فيه، وأفهم مراده. قوله عليه السلام: تأويلها وتفسيرها أي بطنها وظهرها. 14 – ع، ن: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، ومحمد ابن موسى البرقي، ومحمد بن علي ماجيلويه، ومحمد بن علي بن هشام، وعلي بن عيسى المجاور رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد السياري، قال: حدثنا علي بن أسباط، قال: قلت للرضا عليه السلام: يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته، وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك، قال: فقال عليه السلام: إيت فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه. بيان: لعله محمول على ما إذا كان عنده خبران لا يدري بأيهما يأخذ، وإن كان بعيدا. 15 – ن: أبي، وابن الوليد، عن سعد، عن المسمعي، عن الميثمي أنه سأل الرضا عليه السلام يوما – وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا تنازعوا في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى الله عليه واله في الشئ الواحد – فقال عليه السلام: إن الله عز وجل حرم حراما، و أحل حلالا، وفرض فرائض، فما جاء في تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك ما لا يسع الأخذ به لأن رسول الله صلى الله عليه واله لم يكن ليحرم ما أحل الله، ولا ليحلل ما حرم الله عز وجل، ولا ليغير فرائض الله وأحكامه كان في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله عز وجل، وذلك قول الله عز وجل: إن أتبع إلا ما يوحى إلي. فكان صلى الله عليه واله متبعا لله مؤديا عن الله ما أمره به من تبليغ الرسالة. قلت: فإنه يرد عنكم الحديث في الشئ عن رسول الله صلى الله عليه واله مما ليس في الكتاب وهو في السنة ثم يرد خلافه، فقال: وكذلك قد نهى رسول الله صلى الله عليه واله عن أشياء نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله تعالى، وأمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله تعالى، ووافق في ذلك أمره أمر الله عز وجل، فما جاء في النهي عن رسول الله صلى الله عليه واله نهي حرام ثم جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك، وكذلك فيما أمر به، لأنا لا نرخص فيما لم يرخص فيه رسول الله صلى الله عليه واله، ولا نأمر بخلاف ما أمر


[ 234 ]

رسول الله صلى الله عليه واله إلا لعلة خوف ضرورة، فأما أن نستحل ما حرم رسول الله صلى الله عليه واله أو نحرم ما استحله رسول الله صلى الله عليه واله فلا يكون ذلك أبدا لأنا تابعون لرسول الله صلى الله عليه واله مسلمون له، كما كان رسول الله صلى الله عليه واله تابعا لأمر ربه عز وجل مسلما له، وقال الله عز وجل: ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا. وأن رسول الله صلى الله عليه واله نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس بأمر فرض ولا واجب، بل أمر فضل ورجحان في الدين، ثم رخص في ذلك للمعلول وغير المعلول، فما كان عن رسول الله صلى الله عليه واله نهي إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخص فيه إذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره، وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما، أو بهما جميعا، أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى الله عليه واله، والرد إليه وإلينا، وكان تارك ذلك من باب العناد والإنكار وترك التسليم لرسول الله صلى الله عليه واله مشركا بالله العظيم، فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله صلى الله عليه واله، فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام، أو مأمورا به عن رسول الله صلى الله عليه واله أمر إلزام فاتبعوا مما وافق نهي رسول الله صلى الله عليه واله وأمره، وما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر الآخر خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله صلى الله عليه واله وكرهه ولم يحرمه، فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا، أو بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله صلى الله عليه واله، وما لم تجدوه في شئ من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك، ولا تقولوا فيه بآرائكم، وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وأنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا. قال الصدوق رحمه الله: كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه سيئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث، وإنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة وقد قرأته عليه فلم ينكره ورواه لي.


[ 235 ]

16 – يب: بسنده الصحيح عن علي بن مهزيار، قال: قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله عليه السلام في ركعتي الفجر في السفر، فروى بعضهم: أن صلهما ما في المحمل، وروى بعضهم: لا تصلهما إلا على الأرض، فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي به في ذلك ؟ فوقع عليه السلام: موسع عليك بأية عملت. 17 – أقول: روى الشيخ قطب الدين الراوندي في رسالة الفقهاء على ما نقل عنه بعض الثقاة بإسناده عن الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن رجل، عن يونس بن عبد الرحمن، عن الحسن بن السري، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم. 18 – وعنه بإسناده عن الصدوق، عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن فضال، عن الحسن بن جهم قال: قلت للعبد الصالح عليه السلام: هل يسعنا فيما يرد علينا منكم إلا التسليم لكم ؟ فقال عليه السلام: لا والله لا يسعكم إلا التسليم لنا. قلت: فيروى عن أبي عبد الله عليه السلام شئ ويروى عنه خلافه فبأيهما نأخذ ؟ قال: خذ بما خالف القوم، وما وافق القوم فاجتنبه. 19 – وبهذا الإسناد عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله قال: قلت للرضا عليه السلام: كيف نصنع بالخبرين المختلفين ؟ فقال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه، وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه. 20 – وبإسناده عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فذروه، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه. عد: اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المجمل كما قال الصادق عليه السلام. 21 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني، عن علي، عن أبيه، عن اليقطيني


[ 236 ]

عن يونس، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له: اوصنا يا ابن رسول الله، فقال: ليعن قويكم ضعيفكم، وليعطف غنيكم على فقيركم، ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه، واكتموا أسررنا، ولا تحملوا الناس على أعناقنا، وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا، فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقا فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده، وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا، فإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا – عجل الله تعالى فرجه – كان شهيدا، ومن أدرك قائمنا – عجل الله فرجه – فقتل معه كان له أجر شهيدين، ومن قتل بين يديه عدوا لنا كان له أجر عشرين شهيدا. 22 – ع: أبي، عن سعد، عن محمد بن الوليد والسندي، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن بشير وحريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إنه ليس شئ أشد علي من اختلاف أصحابنا، قال: ذلك من قبلي. بيان: أي بما أخبرتهم به من جهة التقية وأمرتهم به للمصلحة. 23 – ع: ابن الوليد، عن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن الخزاز عمن حدثه، عن أبي الحسن عليه السلام قال: اختلاف أصحابي لكم رحمة، وقال: إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد. وسئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليه السلام: أنا فعلت ذلك بكم لو اجتمعتم على أمر واحد لاخذ برقابكم. بيان: إذا كان ذلك أي ظهور الحق وقيام القائم عجل الله فرجه. 24 – ع: أبي، عن سعد عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن فضال، عن ثعلبة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مسألة فأجابني، قال: ثم جاء رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتك قدما يسألان فأجبت كل واحد مهنما بغير ما أجبت به الآخر، قال: فقال: يا زرارة إن هذا خير لنا ولكم، ولو اجتمعتم على أمر واحد لقصدكم الناس ولكان


[ 237 ]

أقل لبقائنا وبقائكم. قال: فقلت لأبي عبد الله عليه السلام: شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فسكت فأعدت عليه ثلاث مرات فأجابني بمثل جواب أبيه. 25 – ع: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن أبي إسحاق الأرجائي رفعه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: أتدري لم امرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة ؟ فقلت: لا ندري. فقال: إن عليا عليه السلام لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الامة إلى غيره إرادة لإبطال أمره وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليه السلام عن الشئ لا يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس. 26 – ع: جعفر بن علي، عن علي بن عبد الله، عن معاذ (1) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أجلس في المجلس فيأتيني الرجل فإذا عرفت أنه يخالفكم أخبرته بقول غيركم، وإن كان ممن يقول بقولكم اخبره بقولكم، فإن كان ممن لا أدري أخبرته بقولكم وقول غيركم فيختار لنفسه، قال: رحمك الله هكذا فاصنع. 27 – ع: أبي، عن سعد، عن عمرو بن أبي المقدام، عن علي بن الحسين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كنتم في أئمة الجور فامضوا في أحكامهم ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا، وإن تعاملتم بأحكامهم كان خيرا لكم. 28 – ير: ابن يزيد، عن الوشاء، عن محمد بن حمران، عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: حدث عن بني إسرائيل يا زرارة ولا حرج، فقلت جعلت فداك: في حديث الشيعة ما هو أعجب من أحاديثهم، قال: فأي شئ هو يا زرارة ؟ قال: فاختلس من قلبي فمكثت ساعة لا أذكر ما اريد قال: لعلك تريد التقية. قلت: نعم، قال: صدق بها فإنها حق. (2) 29 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي،


(1) هو معاذ بن مسلم النحوي وقد تقدم حديثه هذا في آخر باب النهى عن القول بغير علم عن رجال الكشى. (2) قد تقدم في باب آداب الرواية سؤال عبد الاعلى بن اعين أبا عبد الله عليه السلام عن صحة هذا الخبر وجوابه عليه السلام عن صحته ومعناه فليراجع.

[ 238 ]

قال، قال أبو عبد الله عليه السلام: إن القرآن فيه محكم ومتشابه، فأما المحكم فنؤمن به و نعمل به وندين به، وأما المتشابه فنؤمن به ولا نعمل به، وهو قول الله في كتابه فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم. (1) 30 – كتاب مثنى بن الوليد، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة فقلت: أسألك عنها ثم يسألك غيري فتجيبه بغير الجواب الذي أجبتني به، فقال: إن الرجل يسألني عن المسألة يزيد فيها الحرف فاعطيه على قدر ما زاد، وينقص الحرف فاعطيه على قدر ما ينقص. 31 – ف: كان لأبي يوسف (2) كلام مع موسى بن جعفر عليهما السلام في مجلس الرشيد فقال الرشيد – بعد كلام طويل – لموسى بن جعفر عليهما السلام: بحق آبائك لما اختصرت كلمات جامعة لما تجاريناه، فقال: نعم وأتى بدواة وقرطاس فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم جميع امور الأديان أربعة: أمر لا اختلاف فيه وهو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها الأخبار المجمع عليها، وهي الغاية المعروض عليها كل شبهة والمستنبط منها كل حادثة، وأمر يحتمل الشك والإنكار فسبيله استنصاح أهله لمنتحليه بحجة من كتاب الله مجمع على تأويلها، وسنة مجمع عليها لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله ولا يسع خاصة الامة وعامتها الشك فيه والإنكار له، وهذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه، وأرش الخدش فما فوقه، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما غمض عليك صوابه نفيته، فمن أورد واحدة من هذه


(1) أقول: لاشك أن الائمة صلوات الله عليهم عالمون بمتشابهات القرآن ووجوه تأويلها، وعاملون بمقتضاها فالكلام جرى مجرى التعليم لجابر. (2) هو يعقوب بن ابراهيم بن حبيب أحد علماء العامة وقاضي القضاة في زمان الرشيد، عنونه ابن خلكان في وفيات الاعيان، والخطيب في تاريخ بغداد، واليافعي في تاريخه، وبالغوا في مدحه، جالس محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ثم جالس أبا حنيفة واستفاد منهما، وكان الغالب عليه مذهب أبى حنيفة وخالفه في مواضع كثيرة ولم يكن في أصحاب أبي حنيفة مثله وكان يتولى القضاء من قبل الرشيد والرشيد يكرمه ويجله ولد سنة 113 ومات 182 وقيل 192.

[ 239 ]

الثلاث فهي الحجة البالغة التي بينها الله في قوله لنبيه: قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم أجمعين. يبلغ الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهله، كما يعلمه العالم بعلمه لأن الله عدل لا يجور، يحتج على خلقه بما يعلمون، يدعوهم إلى ما يعرفون لا إلى ما يجهلون وينكرون. فأجازه الرشيد ورده. والخبر طويل. توضيح: قسم عليه السلام امور الأديان إلى أربعة أقسام ترجع إلى أمرين: أحدهما ما لا يكون فيه اختلاف بين جميع الامة من ضروريات الدين التي لا يحتاج في العلم بها إلى نظر واستدلال. وقوله عليه السلام: على الضرورة إما صلة للإجماع أي على الأمر الضروري، أو تعليل له أي إنما أجمعوا للضرورة التي اضطروا إليها. وقوله: الأخبار بدل من الضرورة ولا يبعد أن يكون في الأصل ” للأخبار ” وهي أي الأخبار المجمع عليها كذلك غاية جميع الاستدلالات التي تنتهي إليها وتعرض عليها كل شبهة وتستنبط منها كل حادثة. وثانيهما ما لا يكون من ضروريات الدين فيحتاج في إثباته إلى نظر واستدلال ومثله يحتمل الشك والإنكار فسبيل مثل هذا الأمر استنصاح أهل هذا الأمر من العالمين به لمنتحليه أي لمن أذعن به من غير علم وبصيرة، والاستنصاح لعله مبالغة من النصح أي يلزمهم أن يبينوا لهم بالبرهان على سبيل النصح والإرشاد، ويحتمل أن يكون في الأصل ” الاستيضاح ” أي طلب الوضوح لهم. ثم قسم عليه السلام ذلك الأمر باعتبار ما يستنبط منه إلى ثلاثة أقسام، فتصير بانضمام الأول أربعة: الأول: ما يستنبط بحجة من كتاب الله لكن إذا كانت بحيث أجمعت الامة على معناها ولم يختلفوا في مدلولها لا من المتشابهات التى تحتمل وجوها واختلفت الامة في مفادها. والثاني: السنة المتواترة التي أجمعت الامة على نقلها أو على معناها. والثالث: قياس عقلي برهاني تعرف العقول عدله أي حقيته ولا يسع لأحد إنكاره لا القياس الفقهي الذي لا ترتضيه العقول السليمة، وهذا إنما يجري في اصول الدين لا في الشرائع والأحكام التي لا تعلم إلا بنص الشارع، ولذا قال عليه السلام: وهذان الأمران أي بالقسمة الأولية يكون من جميع الامور الدينية اصولها وفروعها من أمر التوحيد الذي هو أعلى المسائل الاصولية إلى أرش الخدش الذي هو أدنى الأحكام الفرعية، والغرض


[ 240 ]

أن هذا التقسيم يتعلق بمجموع امور الدين ولا يختص بنوع منها. قوله عليه السلام: فمن أورد واحدة من هذه الثلاث أي الثلاث الداخلة في القسم الأخير وإنما خصها لأن القسم الأول لا يكون مورد المخاصمة والاحتجاج، وفسر عليه السلام الحجة البالغة بما يبلغ كل أحد ويتم الاحتجاج بها على جميع الخلق. قوله: فأجازه الرشيد أي أعطاه الجائزة. هذا ما خطر بالبال وقرر على الاستعجال في حل هذا الخبر المشتمل على إغلاق وإجمال والله أعلم بحقيقة الحال. ووجدت هذا الخبر بعد ذلك في كتاب الاختصاص وهو أوضح مما سبق فأوردته، رواه عن ابن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن إسماعيل العلوي عن محمد بن الزبرقان الدامغاني، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قال لي الرشيد: أحببت أن تكتب لي كلاما موجزا له اصول وفروع يفهم تفسيره ويكون ذلك سماعك من أبي عبد الله عليه السلام، فكتبت: بسم الله الرحمن الرحيم امور الاديان أمران: أمر لا إختلاف فيه وهو إجماع الامة على الضرورة التي يضطرون إليها، والأخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة والمستنبط منها كل حادثة، وأمر يحتمل الشك والإنكار وسبيل استيضاح أهله الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي صلى الله عليه واله لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله ضاق على من استوضح تلك الحجة ردها ووجب عليه قبولها والإقرار والديانة بها وما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي صلى الله عليه واله لا اختلاف فيها، أو قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الامة وعامها الشك فيه والإنكار له كذلك هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه إلى أرش الخدش فما دونه، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين، فما ثبت لك برهانه اصطفيته، وما غمض عنك ضوؤه نفيته. ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل. أقول: تمامه في أبواب تاريخه عليه السلام. 32 – ير: أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن موسى


[ 241 ]

ابن أشيم (1) قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسألته عن مسألة فأجابني، فبينا أنا جالس إذ جاءه رجل فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني ثم جاءه رجل آخر فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، ففزعت من ذلك وعظم علي، فلما خرج القوم نظر إلي فقال: يا ابن أشيم كأنك جزعت ؟ قلت: جعلني الله فداك إنما جزعت من ثلاث أقاويل في مسألة واحدة، فقال: يا ابن أشيم إن الله فوض إلى سليمان بن داود أمر ملكه فقال: هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب. وفوض إلى محمد أمر دينه فقال: ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا. فإن الله تبارك وتعالى فوض أمره إلى الأئمة منا وإلينا ما فوض إلى محمد صلى الله عليه وآله فلا تجزع. بيان: هذا أحد معاني التفويض، وهو أنه فوض الله إليهم بيان الحكم الواقعي في موضعه، وبيان حكم التقية في محله، والسكوت فيما لم يروا المصلحة في بيان شئ وسيأتي تفصيله في كتاب الإمامة. 33 – ير: محمد بن عيسى قال: أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابه إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام وجوابه بخطه، فقال: نسألك عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك قد اختلفوا علينا فيه كيف العمل به على اختلافه ؟ إذا نرد إليك (2) فقد اختلف فيه. فكتب – وقرأته -: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه إلينا. 34 – ير: محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن الفضيل، عن عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يختلف أصحابنا فأقول: قولي هذا قول جعفر بن محمد. قال: بهذا نزل جبرئيل. بيان: بهذا أي بما أقول لك أو بالتسليم الذي صدر منك.


(1) هو من أصحاب محمد بن مقلاص، روى الكشى في رجاله ص 221 ما يدل على ذمه وعلى كونه خطابيا قتل مع أبى الخطاب. قال: حمدويه بن نصير قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن حنان بن سدير عن أبى عبد الله عليه السلام قال: إنى لانفس على اجساد اصيبت معه – يعنى أبا الخطاب – النار، ثم ذكر ابن الاشيم فقال: كان ياتيني فيدخل على هو وصاحبه وحفص بن ميمون ويسألوني فاخبرهم بالحق ثم يخرجون من عندي إلى أبى الخطاب فيخبرهم بخلاف قولى فيأخذون بقوله ويذرون قولى. (2) وفي نسخة: إذا أفرد اليك.

[ 242 ]

35 – سن: أبي، عن سليمان الجعفري رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله إنا معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم. 36 – سن: أبو إسحاق، عن داود، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من لم يعرف الحق من القرآن لم يتنكب الفتن. (1) 37 – سن: أبي، عن علي بن النعمان، عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلى كتاب الله والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف. شى: عن أيوب مثله. 38 – سن: أبي، عن ابن أبي عمير، عن كليب بن معاوية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل. شى: عن كليب مثله. 39 – سن: أبو أيوب، عن ابن أبي عمير، عن الهشامين جميعا وغيرهما قال: خطب النبي صلى الله عليه واله بمنى فقال: أيها الناس ما جاءكم عني فوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله. 40 – سن: ابن فضال، عن علي بن أيوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه وأسهله وأرشده، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن لم يوافق كتاب الله فلم أقله. بيان: النحلة: العطية، ولعل المراد: إذا ورد عليكم أخبار مختلفة فخذوا بما هو أهنأ وأسهل وأقرب إلى الرشد والصواب مما علمتم منا، فالنحلة كناية عن قبول قوله صلى الله عليه واله والأخذ به. ويحتمل أن تكون تلك الصفات قائمة مقام المصدر أي أنحلوني أهنأ نحل وأسهله وأرشده، والحاصل أن كل ما يرد مني عليكم فاقبلوه أحسن القبول، فيكون ما ذكره بعده في قوة الاستثناء منه 41 – سن: الواسطي، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام – في


(1) أي لم يجتنب ولم يعدل عنه. (*)

[ 243 ]

حديث له – قال: كل من تعدى السنة رد إلى السنة. 42 – وفي حديث آخر قال أبو جعفر عليه السلام: من جهل السنة رد إلى السنة. 43 – سن: علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، قال علي: وحدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف يرويه من يثق به (1)، فقال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه واله، وإلا فالذي جاءكم به أولى. 44 – سن: النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: إن على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوا به وما خالف كتاب الله فدعوه. شى: عن السكوني مثله. 45 – سن: أبي، عن خلف بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: كيف اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه واله في المسح على الخفين ؟ فقال: كان الرجل منهم يسمع من النبي صلى الله عليه واله الحديث فيغيب عن الناسخ ولا يعرفه فإذا أنكر ما خالف ما في يديه كبر عليه تركه، وقد كان الشئ ينزل على رسول الله صلى الله عليه واله فعمل به زمانا ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه وامته حتى قال اناس: يا رسول الله إنك تأمرنا بالشئ حتى إذا اعتدناه وجرينا عليه أمرتنا بغيره، فسكت النبي صلى الله عليه واله عنهم فأنزل عليه: قل ما كنت بدعا من الرسل إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين. 46 – سن: علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن عبد الأعلى قال: سأل علي بن حنظلة أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة وأنا حاضر فأجابه فيها، فقال له علي: فإن كان كذا و كذا ؟ فأجابه بوجه آخر حتى أجابه بأربعة أوجه، فقال علي بن حنظلة: يا أبا محمد هذا باب قد أحكمناه، فسمعه أبو عبد الله عليه السلام فقال له: لا تقل هكذا يا أبا الحسن، فإنك رجل ورع إن من الأشياء أشياء مضيقة ليس تجري إلا على وجه واحد، منها: وقت الجمعة ليس لوقتها إلا حد واحد حين تزول الشمس، ومن الأشياء موسعة تجري علي وجوه كثيرة، وهذا منها، والله إن له عندي لسبعين وجها. (2)


(1) وزاد في المحاسن: وفيهم من لا يثق به. (2) تقدم الحديث عن ختص وير تحت الرقم 50 من باب أن حديثهم عليهم السلام صعب مستصعب.

[ 244 ]

47 – سن: أبي، عن محمد بن سنان، عن بعض أصحابه (1)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من علم أنا لا نقول إلا حقا فليكتف منا بما نقول فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه. كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن سنان (2)، عن نصر الخثعمي، عنه عليه السلام مثله. 48 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام في عهده إلى الأشتر: واردد إلى الله ورسوله ما يضلعك من الخطوب ويشتبه عليك من الامور، فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول. فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه والرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة. بيان: ما يضلعك أي يثقلك، وفي النسخ بالظاء أي يميلك ويعجزك، وظلعوا أي تأخروا وانقطعوا، ولعل المراد بالجامعة غير المفرقة المتواترة، وقيل أي يصير نياتهم بالأخذ بالسنة واحدة. 49 – شى: عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله – في خطبة بمنى أو مكة -: يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق القرآن فأنا قلته، وما جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله. 50 – شى: عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يا محمد ما جاءك في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به، وما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به. 51 – شى: عن سدير قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام: لا تصدق علينا إلا بما يوافق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه واله. 52 – شى: عن الحسن بن الجهم، عن العبد الصالح عليه السلام قال: إذا كان جاءك


(1) لعله نصر الخثعمي في الخبر الاتى بعد ذلك. (2) هو محمد بن سنان.

[ 245 ]

الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله وعلى أحاديثنا فإن أشبههما فهو حق وإن لم يشبههما فهو باطل. 53 – سر: من جامع البزنطي، عن الرضا عليه السلام قال: علينا إلقاء الاصول إليكم وعليكم التفرع. 54 – سر: من جامع البزنطي، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إنما علينا أن نلقي إليكم الاصول وعليكم أن تفرعوا. غو: روى زرارة وأبو بصير، عن الباقر والصادق عليهما السلام مثله. بيان: يدل على جواز استنباط الأحكام من العمومات. 55 – سر: من كتاب المسائل، من مسائل محمد بن علي بن عيسى، حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن زياد، وموسى بن محمد بن علي بن موسى قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك وأجدادك صلوات الله عليهم قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به على اختلافه والرد إليك فيما اختلف فيه ؟ فكتب عليه السلام: ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموه فردوه إلينا. بيان: ظاهره عدم جواز العمل بالأخبار التي هي مظنونة الصدور عن المعصوم لكنه بظاهره مختص بالأخبار المختلفة، فيجمع بينه وبين خبر التخيير بما مر، على أن إطلاق العلم على ما يعم الظن شايع وعمل أصحاب الأئمة عليهم السلام على أخبار الآحاد التي لا تفيد العلم في أعصارهم متواتر بالمعنى لا يمكن إنكاره. (1) 56 – نهج: من وصيته عليه السلام لابن عباس – لما بعثه للاحتجاج على الخوارج -: لا تخاصمهم بالقرآن فان القران حمال ذو وجوه تقول ويقولون، ولكن حاجهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا. 57 – غو: روى العلامة قدست نفسه مرفوعا إلى زرارة بن أعين قال: سألت الباقر عليه السلام فقلت: جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ ؟ فقال عليه السلام: يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر. فقلت: يا


(1) والحاصل أن اطلاق العلم على الظنون المعتبرة عند العقلاء التى يعاملون معها معاملة العلم كثير جدا

[ 246 ]

سيدي، إنهما معا مشهوران مرويان مأثوران عنكم، فقال عليه السلام: خذ بقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك. فقلت: إنهما معا عدلان مرضيان موثقان، فقال: انظر ما وافق منهما مذهب العامة فاتركه وخذ بما خالفهم. قلت: ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع ؟ فقال: إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط. فقلت: إنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع ؟ فقال عليه السلام: إذن فتخير أحدهما فتأخذ به وتدع الآخر. وفي رواية أنه عليه السلام قال: إذن فارجه حتى تلقى إمامك فتسأله. بيان: هذا الخبر يدل على أن موافقة الاحتياط من جملة مرجحات الخبرين المتعارضين. 58 – كش: ابن قولويه، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يوما – ودخل عليه الفيض بن المختار فذكر له آية من كتاب الله عز وجل يأولها أبو عبد الله عليه السلام – فقال له الفيض: جعلني الله فداك ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم ؟ قال: وأي الاختلاف يا فيض ؟ فقال له الفيض: إني لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أن أشك في اختلافهم في حديثهم حتى أرجع إلى المفضل ابن عمر فيوقفني (1) من ذلك على ما تستريح إليه نفسي وتطمئن إليه قلبي، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أجل هو كما ذكرت يا فيض إن الناس أولعوا بالكذب علينا، إن الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره، وإني احدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وبحبنا ما عند الله، وإنما يطلبون الدنيا وكل يحب أن يدعى رأسا، إنه ليس من عبد يرفع نفسه إلا وضعه الله، وما من عبد وضع نفسه إلا رفعه الله وشرفه، فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس – وأومأ بيده إلى رجل من أصحابه – فسألت أصحابنا عنه، فقالوا: زرارة بن أعين. 59 – كش: حمدويه بن نصير، عن اليقطيني، عن يونس، عن عبد الله بن زرارة، و حدثنا محمد بن قولويه والحسين بن الحسن معا، عن سعد، عن هارون، عن الحسن بن


(1) وفى نسخة: فيوفقني.

[ 247 ]

محبوب، عن محمد عبد الله بن زرارة، وابنيه الحسن والحسين، عن عبد الله بن زرارة قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إقرأ مني على والدك السلام وقل له: إني أعيبك دفاعا مني عنك فإن الناس والعدو يسارعون إلى كل من قربناه وحمدنا مكانه، لإدخال الأذى فيمن نحبه ونقر به ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا، ويرون إدخال الأذى عليه و قتله، ويحمدون كل من عيبناه نحن وأن يحمد أمره، فإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا وبميلك إلينا، وأنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودتك لنا ولميلك إلينا فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك ونقصك، ويكون بذلك منا دفع شرهم عنك، يقول الله عز وجل: أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا. هذا التنزيل من عند الله صالحة، لا والله ما عابها إلا لكي تسلم من المل ك ولا تعطب على يديه، ولقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ، والحمد لله، فافهم المثل يرحمك الله فإنك والله أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي عليه السلام حيا وميتا، فإنك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر، وإن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ثم يغصبها وأهلها، ورحمة الله عليك حيا ورحمته ورضوانه عليك ميتا، ولقد أدى إلي إبناك الحسن والحسين رسالتك أحاطهما الله وكلاهما ورعاهما وحفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين، فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك أبي عليه السلام وأمرتك به، وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه إلا بأمر وسعنا و وسعكم الأخذ به، ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان توافق الحق، ولو اذن لنا لعلمتم أن الحق في الذى أمرناكم، فردوا إلينا الأمر وسلموا لنا واصبروا لأحكامنا وارضوا بها، والذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه، وهو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها، فإن شاء فرق بينها لتسلم، ثم يجمع بينها ليأمن من فسادها وخوف عدوها في آثار ما يأذن الله ويأتيها بالأمن من مأمنه والفرج من عنده، عليكم بالتسليم والرد إلينا، وانتظار أمرنا وأمركم وفرجنا وفرجكم، فلو قد قام قائمنا – عجل الله فرجه – وتكلم بتكلمنا (1) ثم استأنف بكم تعليم القرآن وشرايع الدين والأحكام والفرائض كما أنزله الله على محمد – صلى الله عليه واله – لأنكر أهل التصابر فيكم ذلك اليوم إنكارا شديدا، ثم لم تستقيموا


(1) وفي نسخة: وتكلم متكلمنا.

[ 248 ]

على دين الله وطريقته إلا من تحت حد السيف فوق رقابكم، إن الناس بعد نبي الله صلى الله عليه واله ركب الله به سنة من كان قبلكم فغيروا وبدلوا وحرفوا وزادوا في دين الله ونقصوا منه، فما من شئ عليه الناس اليوم إلا وهو مجرف عما نزل به الوحي من عند الله، فأجب يرحمك الله من حيث تدعى إلى حيث ترعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استينافا، وعليك بالصلاة الستة والأربعين، وعليك بالحج أن تهل بالإفراد وتنوي الفسخ إذا قدمت مكة وطفت وسعيت فسخت ما أهللت به وقلبت الحج عمرة أحللت إلى يوم التروية ثم استأنف الإهلال بالحج مفردا إلى منى، وتشهد المنافع بعرفات والمزدلفة، فكذلك حج رسول الله صلى الله عليه واله، وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا، أن يفسخوا ما أهلوا به ويقلبوا الحج عمرة، وإنما أقام رسول الله صلى الله عليه واله على إحرامه ليسوق الذي ساق معه، فإن السائق قارن، والقارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله، ومحله المنحر بمنى، فإذا بلغ أحل فهذا الذي أمرناك به حج التمتع فالزم ذلك ولا يضيقن صدرك، والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج وما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان وتصاريف لذلك ما يسعنا ويسعكم، ولا يخالف شئ منه الحق ولا يضاده، والحمد لله رب العالمين. بيان: قوله عليه السلام: وإن يحمد أمره كلمة ” إن ” وصلية أي وإن حمد أمره، كما في بعض النسخ، وفي بعض النسخ: وإن لم يحمد. وهو الظاهر كما لا يخفى. قوله: هذا التنزيل أي إنما نزل من عند الله كل سفينة صالحة، وقد ذكر المفسرون أنها قراءة أهل البيت عليهم السلام. والقمقام: البحر والمراد هنا الكبير منه. وزخر البحر: طمى وتملأ. قوله عليه السلام: في آثار ما يأذن الله أي يجمع الراعي بينها بعد أن يأذن الله له، والمرفوع في ” يأتيها ” راجع إلى الله أو إلى الراعي، والمنصوب إلى الغنم، والباء: للتعدية. قوله عليه السلام: لأنكر أهل التصابر في بعض النسخ: لأنكم أهل التصابر فيكم ذلك اليوم إنكار شديد، وظاهر أنه تصحيف، ويمكن أن يتكلف بتقدير جزاء الشرط، أي لرأيتم أمرا عظيما ثم علل ذلك بأنكم تتكلفون الصبر في هذا اليوم وفي ذلك اليوم تنكرون إنكارا شديدا، وقال السيد الداماد قدس سره: لام التعليل الداخلة على ” أن ” باسمها وخبرها على ما في أكثر النسخ


[ 249 ]

متعلقة باستيناف التعليم، وفتكم (1) بفتح الفاء وتشديد التاء المثناة من فوق جملة فعلية على جواب ” لو ” ذلك اليوم منصوب على الظرف، وإنكار شديد مرفوع على الفاعلية، والمعنى شق عصاكم وكسر قوة اعتقادكم وبدد جمعكم وفرق كلمتكم، وفي بعض النسخ: إنكارا شديدا نصبا على التميز أو على نزع الخافض، وذلك اليوم بالرفع على الفاعلية، وربما يوجد في النسخ: لأنكر بفتح اللام للتأكيد، وأنكر على الفعل من الإنكار، وأهل البصائر بالرفع على الفاعلية، وفيكم بحرف الجر المتعلقة بمجرورها بأهل البصائر للظرفية أو بمعنى منكم. وذلك اليوم بالنصب على الظرف. وإنكارا شديدا منصوبا على المفعول المطلق أو على التميز. فليعرف. انتهى. قوله عليه السلام: ركب الله به الباء للتعدية و الظاهر ” بهم ” كما في بعض النسخ، ويحتمل أن يكون إفراد الضمير لإفراد لفظ الناس، والإرجاع إلى النبي بعيد، والمعنى أن الله تعالى خلاهم وأنفسهم وفتنهم كما فتن الذين من قبلهم. قوله عليه السلام: لذلك ما يسعنا الموصول مبتداء والظرف خبره وسيأتي الكلام في الحج والنوافل في محالهما. 60 – كش: محمد بن قولويه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن عبد الله الحجال، عن العلاء، عن ابن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنه ليس كل ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم، ويجيئ الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كل ما يسألني عنه، قال: فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي ؟ فإنه قد سمع من أبي وكان عنده وجيها. 61 – كش: حمدويه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن شعيب العقرقوفي (2) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ربما احتجنا أن نسأل عن الشئ فمن نسأل ؟ قال: عليك بالأسدي – يعني أبا بصير -. 62 – كش: محمد بن قولويه، والحسين بن الحسن بن بندار معا، عن سعد، عن اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن أن بعض أصحابنا سأله وأنا حاضر فقال له: يا أبا محمد ما أشدك في الحديث وأكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا فما الذي يحملك على رد الأحاديث ؟


(1) لم نجد لفظ ” فتكم ” في الحديث ولعل كان في نسخة، ” لانكر أهل التصابر فتكم “. (2) هو شعيب بن يعقوب العقرقوفى، أبو يعقوب، ابن اخت يحيى بن القاسم أبى بصير، وثقه النجاشي فقال: ثقة عين له كتاب يرويه حماد بن عيسى وغيره.

[ 250 ]

فقال: حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي، فاتقو الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه واله، فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله عز وجل، وقال رسول الله صلى الله عليه واله. قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر عليه السلام ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم فعرضتها بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله عليه السلام وقال لي: إن أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله عليه السلام، لعن الله أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله عليه السلام، فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا (1) حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، إنا عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول: قال فلان وفلان فيتناقض كلامنا، إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا: أنت أعلم و ما جئت به، فإن مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان. 63 – كش: بهذا الإسناد عن يونس، عن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي عليه السلام ويأخذ كتب أصحابه، و كان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدس فيها الكفر والزندقة ويسندها إلى أبي عليه السلام، ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يبثوها في الشيعة، فكل ما كان في كتب أصحاب أبي عليه السلام من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم. 64 – كش: محمد بن مسعود، عن ابن المغيرة، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن حريز، عن زرارة قال: قال – يعني أبا عبد الله عليه السلام -: إن أهل الكوفة نزل فيهم كذاب، أما المغيرة فإنه يكذب على أبي – يعني أبا جعفر عليه السلام – قال حدثه: أن


(1) وفى نسخة: إن حدثنا.

[ 251 ]

نساء آل محمد إذا حضن قضين الصلاة، وأن والله – عليه لعنة الله – ما كان من ذلك شئ ولا حدثه، وأما أبو الخطاب فكذب علي وقال: إني أمرته أن لا يصلي هو وأصحابه المغرب حتى يروا كواكب (1) كذا، فقال القنداني: والله إن ذلك لكوكب ما أعرفه. 65 – كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد، عن ابن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا جميل لا تحدث أصحابنا بما لم يجمعوا عليه فيكذبوك. 66 – كش: القتيبي، عن الفضل، عن عبد العزيز بن المهتدي – وكان خير قمي رأيته وكان وكيل الرضا عليه السلام وخاصته – قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت: إني لا ألقاك كل وقت، فعمن آخذ معالم ديني ؟ قال: خذ عن يونس بن عبد الرحمن. 67 – كش: محمد بن يونس، عن محمد بن نصير، عن محمد بن عيسى، عن عبد العزيز ابن المهتدي، قال محمد بن نصير: قال محمد بن عيسى: وحدث الحسن بن علي بن يقطين بذلك أيضا قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: جعلت فداك لا أكاد أصل إليك لأسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني، أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني فقال: نعم. كش: جبرئيل بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن عبد العزيز مثله. 68 – كش: محمد بن قولويه، عن سعد، عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن الوليد، عن علي بن المسيب قال: قلت للرضا عليه السلام: شقتي بعيدة (2)، ولست أصل إليك في كل وقت، فممن آخذ معالم ديني ؟ قال: من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين والدنيا. قال: علي بن المسيب فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليه. ختص: أحمد بن محمد، عن أبيه، وسعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن الوليد مثله. 69 – يب: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي


(1) وفي نسخة: حتى يروا كوكبا. (2) الشقة بضم الشين وفتحها وتشديد القاف: الناحية يقصدها المسافر، والمسافة التى يشقها السائر.

[ 252 ]

عن سالم أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأل إنسان وأنا حاضر فقال: ربما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلي العصر، وبعضهم يصلي الظهر، فقال: أنا أمرتهم بهذا لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فاخذ برقابهم. 70 – يب: الحسن بن أيوب، عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه. 71 – يب: علي بن الحسن بن فضال، عن محمد وأحمد ابني الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن يحيى بن سالم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروي الناس عن أمير المؤمنين عليه السلام عن أشياء من الفروج لم يكن يأمر بها ولا ينهى عنها إلا نفسه وولده فقلت: كيف يكون ذلك ؟ قال: أحلتها آية وحرمتها اخرى، فقلنا: هل إلى أن تكون إحديهما نسخت الاخرى أم هما محكمتان ينبغي أن يعمل بهما ؟ فقال: قد بين لهم إذ نهى نفسه عنها وولده، قلنا: ما منعه أن يبين ذلك للناس ؟ قال: خشي أن لا يطاع، ولو أن أمير المؤمنين عليه السلام ثبتت قدماه أقام كتاب الله كله والحق كله. كتاب المسائل لعلي بن جعفر سأل أخاه موسى عليه السلام عن الاختلاف في القضاء عن أمير المؤمنين عليه السلام في أشياء من المعروف أنه لم يأمر بها ولم ينه عنها إلا أنه نهى عنها نفسه وولده، وساق الحديث مثل ما مر. 72 – غط: أبو محمد المحمدي، عن أبي الحسين محمد بن الفضيل بن تمام، عن عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه قال: سئل الشيخ – يعني أبا القاسم رضي الله عنه – عن كتب ابن أبي الغراقر (1) بعد ما ذم وخرجت فيه اللعنة فقيل له: فكيف نعمل


(1) بفتح الغين وكسر القاف هو محمد بن على الشلمقانى أبو جعفر، قال النجاشي: محمد بن على ابن الشلمقانى أبو جعفر المعروف بابن أبى الغراقر، كان متقدما في أصحابنا فحمله الحسد لابي القاسم الحسين بن روح على ترك المذهب والدخول في المذاهب الردية، حتى خرجت فيه توقيعات فأخذه السلطان وقتله وصلبه، له كتب منها: كتاب التكليف ورسالة الى ابن همام، وكتاب ماهية العصمة كتاب الزاهر بالحجج العقلية، كتاب المباهلة، كتاب الاوصياء، كتاب المعارف، كتاب الايضاح، كتاب فضل النطق على الصمت، كتاب فضائل العمرتين، كتاب الانوار، وكتاب التسليم، كتاب الزهاد ” البرهان خ ل ” والتوحيد، كتاب البداء والمشيئة، كتاب الامامة الكبير، كتاب الامامة الصغير كتاب أبو الفرج محمد بن على الكاتب القنانى. قال لنا أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب: حدثنا أبو جعفر محمد بن على الشلمقانى في استتاره بمعلثايا بكتبه. أقول: يأتي ذكره في محله مفصلا.

[ 253 ]

بكتبه وبيوتنا منها مليئ ؟ فقال: أقول فيها ما قاله أبو محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما وقد سئل عن كتب بني فضال فقالوا: كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها مليئ ؟ فقال عليه السلام: خذوا بما رووا وذروا ما رأوا. أقول: قال الشيخ رحمة الله عليه في العدة: وأما العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر فهو أن يكون الراوي معتقدا للحق، مستبصرا، ثقة في دينه، متحرجا عن الكذب، غير متهم فيما يرويه، فأما إذا كان مخالفا في الاعتقاد لأصل المذهب وروى مع ذلك عن الأئمة عليهم السلام نظر فيما يرويه، فإن كان هناك بالطريق الموثوق به ما يخالفه وجب إطراح خبره، وإن لم يكن هناك ما يوجب إطراح خبره ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به، وإن لم يكن من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه ولا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به لما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي عليه السلام فاعملوا به. ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب، ونوح بن دراج، والسكوني وغيرهم من العامة عن أئمتنا عليهم السلام، ولم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه، وإذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية والواقفية والناووسية وغيرهم نظر فيما يروونه فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به، وإن كان هناك خبر يخالفه من طرق الموثوقين وجب إطراح ما اختصوا بروايته، والعمل بما رواه الثقة، وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضا العمل به إذا كان متحرجا في روايته، موثوقا به في أمانته، وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد، ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره، وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران، وعلي بن أبي حمزة، وعثمان بن عيسى، ومن بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال، وبنو سماعة، والطاطريون، وغيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه، وأما ما يرويه الغلاة والمتهمون والمضعفون، وغير هؤلاء فما يختص الغلاة بروايته فإن كانوا ممن عرف لهم حال الاستقامة وحال الغلو


[ 254 ]

عمل بما رووه في حال الاستقامة، وترك ما رووه في حال خطائهم، ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه، وكذا القول في أحمد بن هلال العبرتائي وابن أبي غراقر، فأما ما يروونه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على حال، وكذا القول فيما يرويه المتهمون والمضعفون إن كان هناك ما يعضد روايتهم ويدل على صحتها وجب العمل به، وإن لم يكن هنا ما يشهد لروايتهم بالصحة وجب التوقف في أخبارهم، ولأجل ذلك توقف المشائخ في أخبار كثيرة هذه صورتها، ولم يرووها واستثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه من المصنفات، وأما من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا في أفعال الجوارح، وكان ثقة في روايته، متحرزا فيها، فإن ذلك لا يوجب رد خبره ويجوز العمل به، لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، وإنما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته وليس بمانع من قبول خبره، ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم. ثم قال رحمه الله: وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا نظر في حال المرسل فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة يوثق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره، و لأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقاة الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا ممن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم، ولذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم، فأما إذا لم يكن كذلك ويكون لمن يرسل عن ثقة وغير ثقة فإنه يقدم خبر غيره عليه، فإذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به، فأما إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الذي ذكرناه، ودليلنا على ذلك الأدلة التي سنذكرها على جواز العمل بأخبار الآحاد، فإن الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل، فما يطعن في واحد منهما يطعن في الآخر، وما أجاز أحدهما أجاز الآخر فلا فرق بينهما على حال. ثم قال نور الله ضريحه: فما اخترته من المذهب وهو أن خبر الواحد إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة وكان ذلك مرويا عن النبي صلى الله عليه واله، وعن أحد من


[ 255 ]

الأئمة عليهم السلام، وكان ممن لا يطعن في روايته ويكون سديدا في نقله ولم يكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر – لأنه إذا كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك كان الاعتبار بالقرينة، وكان ذلك موجبا للعلم كما تقدمت القرائن – جاز العمل به، و الذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة فإني وجدتها مجتمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم ودونوها في اصولهم لا يتناكرون ذلك ولا يتدافعون، حتى أن واحدا منهم إذا أفتى بشئ لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا ؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف وأصل مشهور وكان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا وسلموا الأمر في ذلك و قبلوا قوله، هذه عادتهم وسجيتهم من عهد النبي صلى الله عليه واله ومن بعده من الأئمة عليهم السلام، و من زمان الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام الذي انتشر العلم عنه وكثرت الرواية من جهته فلولا أن العمل بهذه الأخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك ولا يكون، لأن إجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط والسهو، والذي يكشف عن ذلك أنه لما كان العمل بالقياس محظورا في الشريعة عندهم لم يعملوا به أصلا، وإذا شذ منهم واحد عمل به في بعض المسائل و استعمل على وجه المحاجة لخصمه وإن لم يكن اعتقاده ردوا قوله وأنكروا عليه وتبراوا من قولهم، حتى أنهم يتركون تصانيف من وصفناه ورواياته لما كان عاملا بالقياس، فلو كان العمل بخبر الواحد يجري ذلك المجرى لوجب أيضا فيه مثل ذلك وقد علمنا خلافه. انتهى كلامه قدس سره. ولما كان في غاية المتانة ومشتملا على الفوائد الكثيرة أوردناه، وسنفصل القول في ذلك في المجلد الآخر من الكتاب إن شاء الله تعالى.


[ 256 ]

(باب 30) * (من بلغه ثواب من الله على عمل فأتى به) * 1 – ثو: أبي، عن علي بن موسى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام، عن صفوان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من بلغه شئ من الثواب على شئ من الخير فعمله كان له أجر ذلك وإن كان رسول الله صلى الله عليه واله لم يقله. 2 – سن: أبي، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من بلغه عن النبي صلى الله عليه واله شئ من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلى الله عليه واله كان له ذلك الثواب وإن كان النبي لم يقله. 3 – سن: أبي، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من بلغه عن النبي صلى الله عليه واله شئ من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلى الله عليه واله لم يقله. بيان: هذا الخبر من المشهورات رواه الخاصة والعامة بأسانيد ورواه ثقة الإسلام في الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم مثل ما مر. 4 – وروى أيضا عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمران الزعفراني، عن محمد بن مروان، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من بلغه ثواب من الله على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه. وقال السيد ابن طاووس رحمه الله – بعد إيراد رواية هشام بن سالم من الكافي بالسند المذكور -: ووجدنا هذا الحديث في أصل هشام بن سالم رحمه الله عن الصادق عليه السلام. أقول: ولورود هذه الأخبار ترى الأصحاب كثيرا ما يستدلون بالأخبار الضعيفة والمجهولة عن السنن والآداب وإثبات الكراهة والإستحباب، واورد عليه بوجوه: الأول: أن الاستحباب أيضا حكم شرعي كالوجوب فلا وجه للفرق بينهما و الاكتفاء فيه بالضعاف. والجواب: أن الحكم بالاستحباب فيما ضعف مستنده ليس في


[ 257 ]

الحقيقة بذلك المستند الضعيف بل بالأخبار الكثيرة التي بعضها صحيح. والثاني: تلك الروايات لا تشمل العمل الوارد في خبر ضعيف من غير ذكر ثواب فيه. والجواب: أن الأمر بشئ من العبادات يستلزم ترتب الثواب على فعله، والخبر يدل على ترتب الثواب التزاما، وهذا يكفي في شمول تلك الأخبار له. وفيه نظر. والثالث: أن الثواب كما يكون للمستحب كذلك يكون للواجب فلم خصصوا الحكم بالمستحب ؟ والجواب: أن غرضهم أن بتلك الروايات لا تثبت إلا ترتب الثواب على فعل ورد فيه خبر يدل على ترتب الثواب عليه، لا أنه يعاقب على تركه وإن صرح في الخبر بذلك، لقصوره من إثبات ذلك الحكم، وتلك الروايات لا تدل عليه، فالحكم الثابت لنا من هذا الخبر بانضمام تلك الروايات ليس إلا الحكم الإستحبابي. والرابع: أن بين تلك الروايات وبين ما يدل على عدم العمل بقول الفاسق من قوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا. عموما من وجه فلا ترجيح لتخصيص الثاني بالأول، بل العكس أولى، لقطعية سنده وتأيده بالأصل، إذ الأصل عدم التكليف وبراءة الذمة منه. ويمكن أن يجاب بأن الآية تدل على عدم العمل بقول الفاسق بدون التثبت، والعمل به فيمنحن فيه بعد ورود الروايات ليس عملا بلا تثبت فلم تخصص الآية بالأخبار، بل بسبب ورودها خرجت تلك الأخبار الضعيفة عن عنوان الحكم المثبت في الآية الكريمة. ثم اعلم أن بعض الأصحاب يرجعون في المندوبات إلى أخبار المخالفين و رواياتهم ويذكرونها في كتبهم، وهو لا يخلو من إشكال لورود النهي في كثير من الأخبار عن الرجوع إليهم والعمل بأخبارهم، لا سيما إذا كان ما ورد في أخبارهم هيئة مخترعة وعبادة مبتدعة لم يعهد مثلها في الأخبار المعتبرة. والله تعالى يعلم.


[ 258 ]

(باب 31) * (التوقف عند الشبهات والاحتياط في الدين) * الايات، حمعسق: وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه إلى الله 10 1 – لى: الوراق، عن سعد، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن الحسين ابن سعيد، عن الحارث بن محمد بن النعمان الأحول، عن جميل بن صالح، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وآله: الأمور ثلاثة: أمر تبين لك رشده فاتبعه، وأمر تبين لك غيه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله عز وجل. الخبر. ل: أبي، عن محمد العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد، (1) عن الحارث. إلى آخر ما نقلنا. يه: عن علي بن مهزيار مثله. 2 – ل: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن ابن معروف، عن أبي شعيب (2) يرفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة. الخبر. 3 – ما: في وصية أمير المؤمنين عليه السلام عند وفاته: اوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها، والصمت عند الشبهة. الخبر. 4 – ما: المفيد، عن علي بن محمد الكاتب، عن أبي القاسم زكريا بن يحيى، عن داود بن القاسم الجعفري، عن الرضا عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لكميل بن زياد فيما قال: يا كميل أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت. جا: الكاتب مثله. 5 – ما: في وصية أبي جعفر عليه السلام – وقد أثبتناها في باب اختلاف الأخبار – أنه قال: وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا. 6 – ما: شيخ الطائفة، عن ابن الحمامي، عن أبي سهل أحمد بن عبد الله بن زياد


(1) هو أخو الحسين بن سعيد الاهوازي المتقدم. (2) هو صالح بن خالد أبو شعيب المحاملى الكوفى ثقة من رجال أبى الحسن موسى عليه السلام.

[ 259 ]

القطان، عن إسماعيل بن محمد بن أبي كثير القاضي، عن علي بن إبراهيم، عن السري بن عامر، قال: صعد النعمان بن بشير على المنبر بالكوفة فحمد الله وأثنى عليه وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: إن لكل ملك حمى وإن حمى الله حلاله وحرامه، والمشتبهات بين ذلك، كما لو أن راعيا رعى إلى جانب الحمى لم تلبث غنمه أن تقع في وسطه فدعوا المشتبهات. 7 – سن: أبي، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد عن أبي سعيد الزهري، عن أبي جعفر، أو عن أبي عبد الله عليهما السلام قال: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه. ين: علي بن النعمان مثله. شى: عن السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السلام مثله. شى: عن عبد الأعلى، عن الصادق عليه السلام مثله. غو: في أحاديث رواها الشيخ شمس الدين محمد بن مكي، قال النبي صلى الله عليه واله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. 8 – وقال صلى الله عليه واله: من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه. 9 – وقال الصادق عليه السلام: لك أن تنظر الحزم وتأخذ الحائطة لدينك. 10 – يب: علي بن السندي، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان الجزاء بينهما أم على كل واحد منهما جزاء ؟ فقال عليه السلام: لا بل عليهما جميعا ويجزي كل واحد منهما الصيد، فقلت: إن بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه. فقال: إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا 11 – يب: الحسن بن محمد بن سماعة، عن سليمان بن داود، عن عبد الله بن وضاح قال: كتبت إلى العبد الصالح عليه السلام: يتوارى القرص، ويقبل الليل ارتفاعا، وتستر عنا الشمس، وترتفع فوق الجبل حمرة، ويؤذن عندنا المؤذنون، فاصلي حينئذ وافطر إن كنت صائما، أو أنتظر حتى تذهب الحمرة ؟ فكتب إلي: أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة،


[ 260 ]

وتأخذ بالحائطة لدينك. أقول: قد مر في باب آداب طلب العلم (1) عن الصادق عليه السلام: فاسأل العلماء ما جهلت، وإياك أن تسألهم تعنتا وتجربة، وإياك أن تعمل برأيك شيئا، وخذ بالاحتياط في جميع ما تجد إليه سبيلا، واهرب من الفتيا هربك من الأسد، ولا تجعل رقبتك للناس جسرا. 12 – الطرف للسيد علي بن طاووس قدس سره نقلا من كتاب الوصية لعيسى ابن المستفاد (2)، عن موسى بن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله – عند عد شروط الإسلام وعهوده -: والوقوف عند الشبهة، والرد إلى الإمام فإنه لا شبهة عنده. 13 – وقال صلى الله عليه واله: وعلى أن تحللوا حلال القرآن وتحرموا حرامه وتعلموا بالإحكام وتردوا المتشابه إلى أهله، فمن عمي عليه من عمله شئ لم يكن علمه مني ولا سمعه فعليه بعلي بن أبي طالب فإنه قد علم كما قد علمته، ظاهره وباطنه ومحكمه و متشابهه. 14 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله افترض عليكم فرائض فلا تضيعوها وحد لكم حدودا فلا تعتدوها، ونهاكم عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت لكم عن أشياء ولم يدعها نسيانا فلا تتكلفوها. 15 – وقال عليه السلام: لا ورع كالوقوف عند الشبهة. 16 – كنز الكراجكي: قال رسول الله صلى الله عليه واله: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإنك لن تجد فقد شئ تركته لله عز وجل. 17 – وحدثني محمد بن علي بن طالب البلدي، عن محمد بن إبراهيم النعماني، عن ابن عقدة، عن شيوخه الأربعة، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: قال جدي رسول الله صلى الله عليه واله: أيها الناس حلالي حلال إلى يوم القيامة، وحرامي حرام إلى يوم القيامة، ألا وقد بينهما


(1) في حديث عنوان البصري المتقدم تحت الرقم 17. (2) هو أبو موسى البجلى الضرير. قال النجاشي: لم يكن بذاك، له كتاب الوصية اه‍. وضعفه الصدوق في باب الاموال والدماء من الفقيه.

[ 261 ]

الله عز وجل في الكتاب وبينتهما في سيرتي وسنتي، وبينهما شبهات من الشيطان وبدع بعدي، من تركها صلح له أمر دينه وصلحت له مروته وعرضه. ومن تلبس بها ووقع فيها واتبعها كان كمن رعى غنمه قرب الحمى، ومن رعى ماشيته قرب الحمى نازعته نفسه إلى أن يرعاها في الحمى، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله عز وجل محارمه، فتوقوا حمى الله ومحارمه. الخبر. (1) (باب 32) * (البدعة والسنة والفريضة والجماعة والفرقة، وفيه ذكر قلة أهل الحق) * * (وكثرة أهل الباطل) * 1 – ما: ابن مخلد، عن محمد بن عبد الواحد النحوي، عن موسى بن سهل الوشاء، عن إسماعيل بن علية، عن يونس بن عبيد، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة. 2 – ما: ابن مخلد، عن محمد بن عبد الواحد، عن أبي جعفر المروزي محمد بن هشام، عن يحيى بن عثمان، عن ثقبة، عن إسماعيل بن علية، عن أبان، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لا يقبل قول إلا بعمل، ولا يقبل قول وعمل إلا بنية، ولا يقبل قول وعمل ونية إلا بإصابة السنة. 3 – ما: بإسناد المجاشعي، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: عليكم بسنة، فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة. بيان: لعل التفضيل هنا على سبيل المماشاة مع الخصم أي لو كان في البدعة خير فالقليل من السنة خير من كثير البدعة. 4 – ير: أحمد بن محمد، عن محمد البرقي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن أبي عثمان العبدي (2) عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لا قول إلا بعمل،


(1) الحمى: ما يحمى ويدافع عنه. (2) لم نجد له اسما في كتب الرجال.

[ 262 ]

ولا عمل إلا بنية، ولا نية إلا بإصابة السنة. سن: أبي، عن إبراهيم بن إسحاق مثله. غو: عن الرضا عليه السلام مثله. بيان: القول هنا الاعتقاد أي لا ينفع الإيمان والاعتقاد بالحق نفعا كاملا إلا إذا كان مقرونا بالعمل، ولا ينفعان معا أيضا إلا مع خلوص النية عما يشوبها من أنواع الرئاء والأغراض الفاسدة، ولا تنفع الثلاثة أيضا إلا إذا كان العمل موافقا للسنة ولم تكن بدعة، والسنة هنا مقابل البدعة، أعم من الفريضة. 5 – ص: بالإسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن الصادق عليه السلام قال: امر إبليس بالسجود لآدم فقال: يا رب وعزتك إن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها. قال الله جل جلاله: إني احب أن أطاع من حيث اريد. 6 – سن: أبي، عن الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن أبيه، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من تمسك بسنتي في اختلاف امتي كان له أجر مائة شهيد. سن: علي بن سيف، عن أبي حفص الأعشى، (1) عن الصادق، عن آبائه، عن النبي صلوات الله عليهم مثله. 7 – سن: ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم (2) قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من خالف سنة محمد صلى الله عليه واله فقد كفر. 8 – سن: أبي، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: وأتوا البيوت من أبوابها. قال يعني أن يأتي الأمر من وجهه، أي الامور كان.


لم نجد له ذكرا في كتب الرجال ولم يتبين اسمه. (2) بضم الميم وكسر الزاى. عنونه النجاشي في رجاله قال: مرازم بن حكيم الازدي المدائني مولى ثقة، وأخواه محمد بن حكيم وجديد بن حكيم، يكنى أبا محمد روى عن أبى عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام ومات في أيام الرضا عليه السلام، وهو أحد من بلى باستدعاء الرشيد له وأخوه أحضرهما الرشيد مع عبد الحميد الغواص فقتله وسلما، ولهم حديث ليس هنا موضعه، له كتاب يرويه جماعة اه‍.

[ 263 ]

9 – سن: بعض أصحابنا، عن عبد الله بن عبد الرحمن البصري، عن ابن مسكان عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال: مر موسى بن عمران – على نبينا وآله وعليه السلام – برجل وهو رافع يده إلى السماء يدعو الله، فانطلق موسى في حاجته فغاب سبعة أيام ثم رجع إليه وهو رافع يده إلى السماء. فقال: يا رب هذا عبدك رافع يديه إليك يسألك حاجته ويسألك المغفرة منذ سبعة أيام لا تستجيب له. قال: فأوحى الله إليه يا موسى لو دعاني حتى تسقط يداه أو تنقطع يداه أو ينقطع لسانه ما استجبت له حتى يأتيني من الباب الذي أمرته. 10 – سن: القاسم، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنين عليهما السلام كان يقول: لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد كل يوم إحسانا ورجل يتدارك منيته بالتوبة، وأنى له بالتوبة، والله أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بمعرفة الحق. 11 – جا: عبد الله بن جعفر بن محمد، عن زكريا بن صبيح، عن خلف بن خليفة، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن الله تعالى حد لكم حدودا فلا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وسن لكم سننا فاتبعوها، وحرم عليكم حرمات فلا تنتهكوها، وعفى لكم عن أشياء رحمة منه من غير نسيان فلا تتكلفوها. 12 – جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن منصور بن أبي يحيى، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صعد رسول الله صلى الله عليه واله المنبر فتغيرت وجنتاه والتمع لونه (1)، ثم أقبل بوجهه فقال: يا معشر المسلمين إنما بعثت أنا والساعة كهاتين، قال: ثم ضم السباحتين، ثم قال: يا معشر المسلمين: إن أفضل الهدى هدى محمد، وخير الحديث كتاب الله، وشر الامور محدثاتها، ألا وكل بدعة ضلالة ألا وكل ضلالة ففي النار، أيها الناس من ترك مالا فلأهله ولورثته، ومن ترك كلا أو ضياعا فعلي وإلي.


(1) الوجنة: ما ارتفع من الخدين. والتمع لونه أي ذهب وتغير.

[ 264 ]

جا: أبو غالب الزراري، عن محمد بن سليمان، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. بيان: قال الجزري: السباحة والمسبحة: الإصبع التي تلي الإبهام، سميت بذلك لأنها يشار بها عند التسبيح. انتهى. والغرض بيان كون دينه صلى الله عليه واله متصلا بقيام الساعة لا ينسخه دين آخر وأن الساعة قريبة. قوله صلى الله عليه واله: وشر الامور محدثاتها أي مبتدعاتها. قوله صلى الله عليه واله: وكل. بدعة ضلالة البدعة كل رأي أو دين أو حكم أو عبادة لم يرد من الشارع بخصوصها ولا في ضمن حكم عام، وبه يظهر بطلان ما ذكره بعض أصحابنا تبعا للعامة من انقسام البدعة بانقسام الأحكام الخمسة. وقال الجزري: الكل: العيال، ومنه الحديث من ترك كلا فإلي وعلي وقال: فيه: من ترك ضياعا فإلي، الضياع: العيال، وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا، فسمي العيال بالمصدر، كما تقول: من مات وترك فقرا أي فقراء، وإن كسرت الضاد كان جمع ضائع كجائع وجياع. 13 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن علي عليهم السلام أنه قال: السنة سنتان: سنة في فريضة الأخذ بها هدى و تركها ضلالة، وسنة في غير فريضة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة. سن: النوفلي مثله. ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن علي بن أحمد بن نصر البندبيجي، عن عبيد الله بن موسى الروياني، عن عبد العظيم الحسني، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله، وذكر مثله. 14 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما ختلفت دعوتان إلا كانت إحديهما ضلالة. 15 – وقال عليه السلام: ما احدثت بدعة إلا ترك بها سنة، فاتقوا البدع وألزموا المهيع (1) إن عوازم الامور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها.


(1) بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء الطريق الواسع البين.

[ 265 ]

16 – وقال عليه السلام: إن الله بعث رسولا هاديا بكتاب ناطق وأمر قائم لا يهلك عنه إلا هالك، وإن المبتدعات المشبهات هن المهلكات إلا ما حفظ الله منها. 17 – مص: قال الصادق عليه السلام: الاقتداء نسبة الأرواح في الأزل، وامتزاج نور الوقت بنور الأزل، وليس الاقتداء بالتوسم (1) بحركات الظاهر، والتنسب إلى أولياء الدين من الحكماء والأئمة، قال الله عز وجل: يوم ندعو كل اناس بإمامهم. أي من كان اقتدى بمحق قبل وزكى، قال الله عز وجل: فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون. 18 – قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف. 19 – وقيل لمحمد بن الحنفية رضي الله عنه: من أدبك ؟ قال: أدبني ربي في نفسي، فما استحسنته من اولي الألباب والبصيرة تبعتهم به فاستعملته، وما استقبحت من الجهال اجتنبته وتركته مستنفرا، فأوصلني ذلك إلى كنوز العلم، ولا طريق للأكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء، لأنه المنهج الأوضح والمقصد الأصح، قال الله عز وجل لأعز خلقه محمد صلى الله عليه واله: اولئك الذين هديهم الله فبهديهم اقتده. وقال عز وجل: ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا. فلو كان لدين الله مسلك أقوم من الاقتداء لندب أنبياءه وأولياءه إليه. (2) 20 – وقال النبي صلى الله عليه واله: في القلب نور لا يضيئ إلا من اتباع الحق وقصد السبيل وهو نور من المرسلين الأنبياء، مودع في قلوب المؤمنين. 21 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص بن عمرو، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه واله عن جماعة امته فقال: جماعة امتي أهل الحق وإن قلوا. سن: أبي، عن هارون مثله.


(1) في نسخة: بالرسم. (2) الظاهر أن جملة ” ولا طريق الخ ” ليست من الحديث بل من كلام صاحب المصباح.

[ 266 ]

22 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبي يحيى الواسطي، عن عبد الله بن يحيى بن عبد الله العلوي رفعه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه واله: ما جماعة امتك ؟ قال: من كان على الحق وإن كانوا عشرة. سن: أبو يحيى الواسطي مثله. 23 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن الحجال، عن ابن حميد رفعه قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن السنة والبدعة، وعن الجماعة وعن الفرقة، فقال أمير المؤمنين صلى الله عليه: السنة ما سن رسول الله صلى الله عليه واله والبدعة ما احدث من بعده، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلا والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيرا 24 – سن: في رواية محمد بن علي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من خلع جماعة المسلمين قدر شبر خلع ربقة الإيمان من عنقه. (1) 25 – سن: عبد الله بن علي العمري، عن علي بن الحسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام قال: ثلاث موبقات: نكث الصفقة، وترك السنة، وفراق الجماعة. سن: النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم مثله. بيان نكث الصفقة: نقض البيعة، وإنما سميت البيعة صفقة لأن المتبايعين يضع أحدهما يده في يد الآخر عندها. 26 – سن: الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن القليل من المؤمنين كثير. 27 – نى: ابن عقدة، عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن يزيد بن إسحاق شعر، عن مخول، عن فرات بن أحنف، عن ابن نباتة، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة يقول: أيها الناس أنا أنف الهدى وعيناه، أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة من يسلكه، إن الناس اجتمعوا على مائدة قليل شبعها، كثير جوعها، والله


(1) الربقة بفتح الراء وكسرها وسكون الباء وفتح القاف، حبل مستطيل فيه عرى تربط فيها البهائم وفيه استعارة للحكم الجامع للمؤمنين وهو استحقاق الثواب والتعظيم الدائم. كذا قيل.

[ 267 ]

المستعان، وإنما مجمع الناس الرضا والغضب، أيها الناس إنما عقر ناقة صالح واحد فأصابهم بعذابه بالرضا، وآية ذلك قوله عز وجل: فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فكيف كان عذابي ونذر. وقال: فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسويها ولا يخاف عقبيها. ألا ومن سئل عن قاتلي فزعم أنه مؤمن فقد قتلني، أيها الناس من سلك الطريق ورد الماء، ومن حاد عنه وقع في التيه – ثم نزل -. ورواه لنا محمد بن همام ومحمد بن الحسن بن محمد بن جمهور معا، عن الحسن بن محمد بن جمهور، عن أحمد بن نوح، عن ابن عليم، عن رجل، عن فرات بن أحنف، عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله، إلا أنه قال: لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله. 28 – سن: ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من خلع جماعة المسلمين قدر شبر خلع ربق الإسلام من عنقه، ومن نكث صفقة الإمام جاء إلى الله أجذم. بيان: الخلع هنا مجاز، كأنه شبه جماعة المسلمين عند كونه بينهم بثوب شمله، والمراد المفارقة، ويحتمل أن يكون أصله ” فارق ” فصحف كما في الكافي، وورد كذلك في أخبار العامة أيضا. قال الجزري: فيه: من فارق الجماعة قدر شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، مفارقة الجماعة: ترك السنة، واتباع البدعة، والربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، فاستعارها للإسلام، يعني ما يشد المسلم به نفسه من عرى الإسلام، أي حدوده وأحكامه، وأوامره ونواهيه، ويجمع الربقة على ربق مثل كسرة وكسر، ويقال: للحبل الذي فيه الربقة: ربق، وتجمع على رباق وأرباق، وقال: فيه: من تعلم القرآن ثم نسيه لقى الله يوم القيامة وهو أجذم. أي مقطوع اليد، من الجذم: القطع، ومنه حديث علي عليه السلام: من نكث بيعته لقى الله و هو أجذم ليست له يد. قال القتيبي: الأجذم ههنا الذي ذهبت أعضاؤه كلها، وليست اليد أولى بالعقوبة من باقي الأعضاء، يقال: رجل أجذم، ومجذوم إذا تهافتت أطرافه من الجذام، وهو الداء المعروف، وقال الجوهري: لا يقال للمجذوم: أجذم، وقال ابن الأنباري ردا على ابن قتيبة: لو كان العقاب لا يقع إلا بالجارحة التي باشرت المعصية


[ 268 ]

لما عوقب الزاني بالجلد والرجم في الدنيا وبالنار في الآخرة، وقال ابن الأنباري: معنى الحديث أنه لقى الله وهو أجذم الحجة لا لسان له يتكلم ولا حجة في يده، وقول علي عليه السلام: ليست له يد أي لا حجة له، وقيل: معناه لقيه منقطع السبب، يدل عليه قوله عليه السلام: القرآن سبب بيد الله وسبب بأيديكم فمن نسيه فقد قطع سببه، وقال الخطابي: معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الاعرابي، وهو أن من نسي القرآن لقى الله خالي اليد من الخير صفرها من الثواب، فكني باليد عما تحويه، وتشتمل عليه من الخير. قلت: وفي تخصيص علي عليه السلام بذكر اليد معنى ليس في حديث نسيان القرآن لأن البيعة تباشرها اليد من بين الأعضاء، وهو أن يضع المبايع يده في يد الإمام عند عقد البيعة وأخذها عليه. (باب 33) * (ما يمكن أن يستنبط من الايات والاخبار من متفرقات مسائل اصول الفقه) * الايات، البقرة: الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم 22 ” وقال تعالي “: هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا 29 ” وقال تعالى “: ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36 ” و قال لبني إسرائيل “: كلوا واشربوا من رزق الله 60 ” وقال تعالى “: فافعلوا ما تؤمرون 68 ” وقال تعالى “: يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا 168 ” وقال تعالى “: يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم 172 ” وقال سبحانه “: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه 173 ” وقال تعالى “: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل 188 ” وقال تعالى “: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين 195 ” وقال تعالى “: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم 194 النساء: يريد الله أن يخفف عنكم 28 ” وقال تعالى “: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما 29 ” وقال سبحانه “: ويتبع غير سبيل المؤمنين 115 ” وقال تعالى “: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا 141 ” وقال تعالى “: ما لهم به من علم إلا اتباع الظن 157


[ 269 ]

المائدة: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود 1 ” وقال تعالى “: وتعاونوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان 2 ” وقال تعالى “: فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3 ” وقال تعالى “: ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج 6 ” وقال تعالى “: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا 87، 88. الانعام: وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه 19 ” وقال تعالى “: كلوا من ثمره إذا أثمر 141 و ” قال سبحانه “: كلوا مما رزقكم الله 142 ” وقال تعالى “: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم 145 الاعراف: ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون 10 ” وقال تعالى “: ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك 12 ” وقال تعالى “: ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 24 ” وقال سبحانه “: يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير 26 ” وقال تعالى “: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة 31، 32 ” وقال تعالى “: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم 157 التوبة: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل 34 ” وقال تعالى “: ويؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين 61 ” وقال تعالى “: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض 71 ” وقال تعالى “: ما على المحسنين من سبيل 91 ” وقال تعالى “: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون 122. ابراهيم: فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار 32 الحجر: وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين ” إلى قوله تعالى “: فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين 22


[ 270 ]

النحل: والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ” إلى قوله تعالى “: هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ” إلى قوله تعالى “: وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون 5 – 14 ” وقال تعالى “: يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون 50 ” وقال تعالى “: والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها و أشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون 81 ” وقال تعالى “: فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا 114 طه: فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم 53، 54 ” وقال تعالى “: كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه 81 الحج: ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجرى في البحر بأمره 65 ” وقال تعالى “: وما جعل عليكم في الدين من حرج 78 المؤمنون: وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون 18 – 22 ” وقال تعالى “: يا أيها الرسل كلوا من الطيبات 51 النور: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم عذاب أليم 63 الشعراء: أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون 133 لقمان: ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض 20


[ 271 ]

التنزيل: أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون 27 الاحزاب: لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر 21 يس: وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ” إلى قوله “: ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا تشكرون 35 ” وقال تعالى “: أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون 71، 72، 73 السجدة: وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكوة. الآية 7 حمعسق: وجزاء سيئة سيئة مثلها 40 الجاثية: ألله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون 12، 13 محمد: ولا تبطلوا أعمالكم 33 الحجرات: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا 6 ق: ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد 9 النجم: ألا تزر وازرة وزر اخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى 38، 39 الرحمن: والأرض وضعها للأنام ” إلى آخر الآيات ” 10 الحديد: وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس 25 الحشر: وما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا 7 الملك: هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور 15 نوح: والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا 19، 20 المدثر: يتسائلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين 40


[ 272 ]

القيامة: بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره 14، 15 المرسلات: ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا ” إلى قوله تعالى “: وأسقيناكم ماء فراتا 27 النازعات: والأرض بعد ذلك دحيها أخرج منها مائها ومرعيها والجبال أرسيها متاعا لكم ولأنعامكم 30 – 33 عبس: فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة و أبا متاعا لكم ولأنعامكم 27 – 32 1 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن موسى بن بكر قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل يغمى عليه اليوم أو يومين أو ثلاثة أو أكثر ذلك كم يقضي من صلاته ؟ فقال: ألا اخبرك بما ينتظم هذا وأشباهه فقال: كل ما غلب الله عليه من أمر فالله أعذر لعبده. وزاد فيه غيره قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: وهذا من الأبواب التي يفتح كل باب منها ألف باب. 2 – شا: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من كان على يقين فأصابشك فليمض على يقينه، فإن اليقين لا يدفع بالشك. 3 – غو: قال الصادق عليه السلام: كل شئ مطلق حتى يرد فيه نص. 4 – وقال النبي صلى الله عليه واله: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة. 5 – وروى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام: أن عليا عليه السلام كان يقول: أبهموا ما أبهمه الله. 6 – وقال النبي صلى الله عليه واله ما اجتمع الحرام والحلال إلا غلب الحرام الحلال. 7 – وقال صلى الله عليه واله: إن الناس مسلطون على أموالهم. 8 – ين: حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كل شئ في القرآن أو فصاحبه بالخيار يختار ما شاء. (1) 9 – ين: عن سماعة عنه عليه السلام قال: ليس شئ مما حرم الله إلا وقد أحله لمن اضطر إليه.


(1) أي كل شى ورد في القران بينه وبين غيره كلمة ” أو ” فصاحبه بالخيار.

[ 273 ]

10 – كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن مرازم، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المريض لا يقدر على الصلاة، قال: فقال: كل ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر. 11 – كا: علي، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل، جميعا عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول في المغمى عليه: ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر. 12 – كا: علي، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه أو خدع فبيع أو قهر، أو امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك، والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة. 13 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن حريز قال: كانت لإسماعيل بن أبي عبد الله دنانير وأراد رجل من قريش أن يخرج إلى اليمن فقال إسماعيل: يا أبت إن فلانا يريد الخروج إلى اليمن وعندي كذاو كذا دينارا، أفترى أن أدفعها إليه يبتاع لي بها بضاعة من اليمن ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا بني أما بلغك أنه يشرب الخمر ؟ فقال: هكذا يقول الناس، فقال: يا بني إن الله عز وجل يقول في كتابه: يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين. يقول: يصدق لله ويصدق، للمؤمنين فإذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم. 14 – يب: أخبرني الشيخ، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن، وسعد، عن ابن عيسى، وابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الجنب يجعل الركوة أو التور (1) فيدخل إصبعه فيه، قال: إن كانت يده قذرة فليهرقه، وإن كان لم يصبها قذر فليغتسل منه، هذا


(1) الركوة مثلثة الراء مع سكون الواو: زورق صغير. إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء. والتور بفتح التاء وسكون الواو: إناء صغير.

[ 274 ]

مما قال الله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج. 15 – كا، يب: بالإسناد، عن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن الفضيل، قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الجنب يغتسل فينتضح الماء من الأرض في الإناء فقال: لا بأس، هذا مما قال الله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج. 16 – يب، كا: علي، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: تابع بين الوضوء – كما قال الله عز وجل – ابدأ بالوجه، ثم باليدين، ثم امسح الرأس والرجلين، ولا تقد من شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به – وساق الحديث إلى أن قال -: ابدأ بما بدأ الله عز وجل به. 17 – يب: الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت له: الرجل ينام وإن حرك إلى جنبه شئ لم يعلم به ؟ قال: لا حتى يستيقن أنه قد نام، فإنه على يقين من وضوئه، ولا ينقض اليقين أبدا بالشك ولكن ينقضه بيقين آخر. والحديث مختصر. 18 – ختص: قال أبو عبد الله عليه السلام: رفع عن هذه الامة ست: الخطأ، و النسيان، وما استكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه. 19 – ما: الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبشي، عن العباس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر (1) عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الأشياء مطلقة ما لم يرد عليك أمر ونهي، وكل شئ يكون فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا ما لم تعرف الحرام منه فتدعه. 20 – يه: روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي. 21 – كا: العدة، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبيد بن زرارة قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: قوله عز وجل: فمن شهد منكم الشهر فليصمه. قال: ما أبينها ! من شهد فليصمه، ومن سافر فلا يصمه.


(1) غندر كقنفذ. اورده النجاشي في رجاله وقال: كوفى يروى عن أبيه عن أبى عبد الله عليه السلام ويقال: هو عن موسى بن جعفر عليه السلام. له كتاب اه‍.

[ 275 ]

22 – كا، يب: العدة، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن أبي أيوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنا نريد أن نتعجل السير – وكانت ليلة النفر حين سألته – فأي ساعة ننفر ؟ فقال لي: أما اليوم الثاني فلا تنفر حتى تزول الشمس – وكانت ليلة النفر (1) – فأما اليوم الثالث فإذا ابيضت الشمس فانفر على كتاب الله، فإن الله عز وجل يقول: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه. فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل، ولكنه قال: ومن تأخر فلا إثم عليه. 23 – كا: أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان، جميعا عن صفوان، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: سألته عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أهي ممن لا تحل له أبدا ؟ فقال له: أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها، وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك. فقلت: بأي الجهالتين يعذر بجهالته أن يعلم أن ذلك محرم عليه أم بجهالته أنها في عدة ؟ فقال: إحدى الجهالتين أهون من الاخرى، الجهالة بأن الله حرم ذلك عليه، وذلك بأنه لا يقدر على الاحتياط معها، فقلت: فهو في الاخرى معذور ؟ قال: نعم إذا انقضت عدتها فهو معذور في أن يتزوجها، فقلت: فإن كان أحدهما متعمدا والآخر بجهل ؟ فقال: الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه أبدا. 24 – كا: الحسين بن محمد، عن السياري، قال: سأل ابن أبي ليلى محمد بن مسلم فقال له: أي شئ تروون عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة لا يكون على ركبها شعر أيكون ذلك عيبا ؟ فقال له محمد بن مسلم: أما هذا نصا فلا أعرفه، ولكن حدثني أبو جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه واله أنه قال: كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب، فقال له ابن أبي ليلى: حسبك. ثم رجع. 25 – كا، يب: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل ابن شاذان، عن صفوان، وابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال: ابدؤوا بما بدأ الله به، إن الله عز وجل يقول: إن الصفا والمروة من شعائر الله.


(1) كذا في النسخ والظاهر أن جملة ” وكانت ليلة النفر ” زائدة كما يظهر من الكافي.

[ 276 ]

26 – يه: بأسانيده عن زرارة ومحمد بن مسلم أنهما قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام: ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي ؟ فقال: إن الله عز وجل يقول: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلوة. فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر. قالا: قلنا له: إنما قال عز وجل: ليس عليكم جناح ولم يقل: افعلوا، فكيف أوجب ذلك ؟ فقال عليه السلام: أو ليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة: فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما. ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض ؟ لأن الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه صلى الله عليه واله، وكذلك التقصير في السفر شئ صنعه النبي صلى الله عليه واله وذكره الله تعالى في كتابه. الحديث. 27 – كا: العدة، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام أن سمرة بن جندب كان له عذق (1) في حائط لرجل من الأنصار وكان منزل الأنصاري بباب البستان فكان يمر به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء فأبى سمرة فلما تأبى جاء الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه واله فشكى إليه وخبره الخبر، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه واله وخبره بقول الأنصاري وما شكى، وقال: إذا أردت الدخول فاستأذن. فأبى، فلما أبى ساومه حتى بلغ من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيع، فقال: لك بها عذق مذلل في الجنة، فأبى أن يقبل، فقال رسول الله صلى الله عليه واله للأنصاري: اذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار. كا: علي بن محمد بن بندار عن البرقي، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن ابن مسكان، عن زرارة، عنه صلى الله عليه واله مثله وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه واله: إنك رجل مضار وضرر ولا ضرار على مؤمن. (2) 28 – كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة ابن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قضى رسول الله صلى الله عليه واله بين أهل المدينة في مشارب النخل أنه لا يمنع نقع الشئ، وقضى بين أهل البادية أنه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء، وقال: لا ضرر ولا ضرار.


(1) بفتح العين وسكون الذال: النخلة بحملها. (2) الظاهر أنه متحد مع ما قبله وأن الأول مختصر منه.

[ 277 ]

بيان: أقول: لهذا الأصل أي عدم الضرر شواهد كثيرة من الأخبار مذكورة في مواضعها، وقد أورد كثيرا منها الكليني في باب مفرد. 29 – وروى الشيخ رحمه الله في كتاب الغيبة، وأحمد بن أبي طالب الطبرسي وأبو علي الطبرسي بأسانيدهم المعتبرة أن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري كتب إلى الناحية المقدسة فسأل عن المصلي إذا قام من التشهد الأول للركعة الثالثة هل يجب عليه أن يكبر ؟ فإن بعض أصحابنا قال: لا يجب عليه التكبير ويجزيه أن يقول: بحول الله وقوته أقوم وأقعد. فخرج الجواب: أن فيه حديثين: أما أحدهما فإنه إذا انتقل من حالة إلى حالة اخرى فعليه تكبير، وأما الآخر فإنه روي أنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية فكبر ثم جلس ثم قام فليس عليه للقيام بعد القعود تكبير، وكذلك التشهد الأول يجري هذا المجرى، وبأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا. 30 – يه: عن النبي صلى الله عليه واله: المسلمون عند شروطهم. 31 – كتاب عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: يا أيها الذين آمنو اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتبيكم وما جعل عليكم في الدين من حرج. فقال: في الصلاة والزكاة والصيام والخير أن تفعلوه. بيان: الظاهر أن الغرض تعميم نفي الحرج. 32 – كا، يب: أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن الحسن بن رباط، عن عبد الأعلى مولى آل سام، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء ؟ قال: تعرف هذا وأشباهه من كتاب الله، قال الله عز وجل: ما جعل عليكم في الدين من حرج. امسح عليه. 33 – يب: المفيد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد عن فضالة، عن حماد بن عثمان، عن محمد بن النعمان، عن أبي الورد قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن أبا ظبيان (1) حدثني أنه رأى عليا عليه السلام أراق الماء ثم مسح على الخفين


(1) قال في التنقيح: اسمه الحصين بن جندب، عده ابن مندة وأبو نعيم من الصحابة وكنوه بأبى جندب، وعده الشيخ رحمه الله في رجاله من أصحاب على عليه السلام، وقد كذبه مولانا الباقر عليه السلام ثم ذكر هذا الخبر.

[ 278 ]

فقال: كذب أبو ظبيان، أما بلغك قول علي عليه السلام فيكم: سبق الكتاب الخفين، فقلت: فهل فيهما رخصة ؟ قال: لا إلا من عدو تتقيه، أو ثلج تخاف على رجليك. 34 – يب: بسند فيه جهالة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن ميت وجنب اجتمعا ومعهما من الماء ما يكفي أحدهما أيهما يغتسل به ؟ قال: إذا اجتمعت سنة وفريضة بدئ بالفرض. وروي هذا المضمون بسندين آخرين أيضا. 35 – يب: الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن نوح بن شعيب، عمن رواه، عن عبيد بن زرارة، قال: قلت هل على المرأة غسل من جنابتها إذا لم يأتها الرجل ؟ قال: لا وأيكم يرضى أن يرى ويصبر على ذلك أن يرى ابنته أو اخته أو أمته أو زوجته أو أحدا من قرابته قائمة تغتسل، فيقول: مالك ؟ فتقول احتلمت وليس لها بعل – ثم قال -: لا ليس عليهن ذاك، وقد وضع الله ذلك عليكم قال تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا. ولم يقل ذلك لهن. (1) 36 – يب: ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة قال: سئل أحدهما عليهما السلام عن رجل بدأ بيده قبل وجهه وبرجليه قبل يديه. قال: يبدأ بما بدأ لله به وليعد على ما كان. 37 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده فقال: ذاك سيده إن شاء أجازه، وإن شاء فرق بينهما. قلت: أصلحك الله إن الحكم بن عتيبة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد ولا يحل بإجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام: إنه لم يعص الله إنما عصى سيده فإذا أجازه فهو له جائز. 38 – كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم، قال: قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام: يا أبا محمد ما تقول في رجل يتزوج نصرانية على مسلمة ؟ قلت: جعلت فداك وما قولي بين يديك، قال: لتقولن، فإن ذلك يعلم به قولي، قلت: لا يجوز تزويج النصرانية على مسلمة وعلى غير مسلمة، قال: ولم ؟ قلت: لقول


(1) الاخذ به مشكل لابد من تأويله، ولذا حمله الشيخ على أنها رأت في منامها وإذا انتبهت لم تر شيئا.

[ 279 ]

الله عز وجل: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن. قال: فما تقول في هذه الآية: والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم ؟ قلت: فقوله: ولا تنكحوا المشركات نسخت هذه الآية ؟ فتبسم ثم سكت. 39 – كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أحمد بن عمر، عن درست الواسطي، عن ابن رئاب، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا ينبغي نكاح أهل الكتاب. قلت: جعلت فداك وأين تحريمه ؟ قال: قوله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر. 40 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: والمحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم. فقال: هذه منسوخة بقوله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر. 41 – يب: الحسين بن سعيد، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن المذي فأمرني بالوضوء منه، ثم أعدت عليه سنة اخرى فأمرني بالوضوء منه وقال: إن عليا عليه السلام أمر المقداد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه واله واستحيى أن يسأله. فقال: فيه الوضوء. فقلت: وإن لم أتوضأ ؟ قال: لا بأس به 42 – كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: لو لم يحرم على الناس أزواج النبي صلى الله عليه واله لقول الله عز وجل: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا. حرم على الحسن والحسين عليهما السلام بقول الله تبارك وتعالى اسمه: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء. ولا يصلح للرجل أن ينكح امرأة جده. 43 – كا: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن محمد بن جمهور، عن محمد بن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنما أنت منذر ولكل قوم هاد. فقال: رسول الله – صلى الله عليه واله – المنذر، وعلي – عليه السلام – الهادي، يا أبا محمد هل من هاد اليوم ؟ قلت: بلى جعلت فداك، ما زال منكم هاد من بعد هاد حتى دفعت إليك، فقال: رحمك الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الآية مات الكتاب والسنة، ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى.


[ 280 ]

44 – ع: سيأتي عن الرضا، عن أبيه عليهما السلام: أن رجلا سأل أبا عبد الله عليه السلام: ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة ؟ فقال: إن الله تبارك و تعالى لم يجعله لزمان دون زمان ولناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة. 45 – كا، يب: علي، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد، عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله عليه السلام – حين سأله عن أحكام الجهاد – فساق الحديث إلى أن قال عليه السلام: فمن كان قد تمت فيه شرائط الله عز وجل التي قد وصف بها أهلها من أصحاب النبي صلى الله عليه واله وهو مظلوم فهو مأذون له في الجهاد كما أذن لهم، لأن حكم الله في الأولين والآخرين وفرائضه عليهم سواء، إلا من علة أو حادث يكون، والأولون والآخرون أيضا في منع الحوادث شركاء، والفرائض عليهم واحدة، يسئل الآخرون عن أداء الفرائض كما يسئل عنه الأولون، ويحاسبون كما يحاسبون به. 46 – كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان الأحمر، عن حمزة بن الطيار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: اكتب. فأملى علي: ان من قولنا: إن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم ثم أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهي، أمر فيه بالصلاة والصيام. الخبر. 47 – يد: العطار، عن سعد، عن ابن يزيد، عن حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: رفع عن امتي تسعة: الخطاء، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يطيقون، وما لا يعلمون، وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة كا: بالإسناد مثله 48 – يد: العطار، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن فرقد، عن زكريا بن يحيى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم. 49 – يد: أبي، عن سعد، عن الإصبهاني، عن المنقري، عن حفص قال: قال


[ 281 ]

أبو عبد الله عليه السلام: من عمل بما علم كفي ما لم يعلم. 50 – يد: أبي، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن الجحال، عن ثعلبة، عن عبد الأعلى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام: عمن لا يعرف شيئا هل عليه شئ ؟ قال: لا. 51 – يب: الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنه سأل عن سباع الطير والوحش حتى ذكر له القنافذ والوطواط والحمير والبغال فقال: ليس الحرام إلا ما حرمه الله في كتابه. الخبر. 52 – كا، يب: العدة، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن عامر، عن ابن بكير، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا استيقنت أنك قد أحدثت فتوضأ، وإياك أن تحدث وضوءا أبدا حتى تستيقن أنك قد أحدثت. 53 – كا: علي، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن أحدهما عليهما السلام قال: قلت له: من لم يدر في أربع هو أم في ثنتين وقد أحرز ثنتين ؟ قال: يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شئ عليه، وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها اخرى ولا شئ عليه، ولا ينقض اليقين بالشك ولا يدخل الشك في اليقين، ولا يخلط أحدهما بالآخر ولكنه ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين فيبني عليه، ولا يعتد بالشك في حال من الحالات. 54 – يب: محمد بن علي بن محبوب، عن ابن عيسى، عن البزنطي قال: سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أيصلي فيها ؟ فقال: نعم ليس عليكم المسألة إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم. إن الدين أوسع من ذلك يه: عن سليمان الجعفري، عن العبد الصالح عليه السلام مثله. 55 – يب: الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شئ من المني – إلى أن قال -: فإن ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا ثم صليت فرأيت فيه ؟ قال: تغسله ولا تعيد الصلاة، قلت: لم ذاك ؟


[ 282 ]

قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا، قلت: فهل علي إن شككت في أنه أصابه شئ أن أنظر فيه ؟ قال: لا ولكنك تريد أن تذهب الشك الذي وقع في نفسك، قلت: فإني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدر أين هو فأغسله ؟ قال: تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك. الخبر. ع: أبي، عن علي، عن أبيه، عن حماد مثله. 56 – يب: سعد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر: إني اعير الذمي ثوبي وأنا أعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده علي فأغسله قبل أن اصلي فيه ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه، فلا بأس أن تصلي فيه حتى تستيقن أنه نجسه. 57 – يب: الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن ضريس الكناسي، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن السمن والجبن نجده في أرض المشركين بالروم أنأكله ؟ فقال: أما ما علمت أنه قد خلطه الحرام فلا تأكل، وأما ما لم تعلم فكله حتى تعلم أنه حرام. 58 – يب: ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كل شئ يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه. 59 – دعوات الراوندي، والكافي عن زرارة قال: حضر أبو جعفر عليه السلام جنازة رجل من قريش وأنا معه وكان عطاء فيها فصرخت فقال عطاء: لتسكتين أو لنرجعن ؟ قال: فلم تسكت فرجع عطاء. قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن عطاء قد رجع، قال: ولم ؟ قلت: كان كذا وكذا، قال: امض بنا فلو أنا إذا رأينا شيئا من الباطل تركنا الحق لم نقض حق مسلم. الخبر. 60 – كتاب المسائل لعلي بن جعفر قال: سألت أخي موسى عليه السلام عمن يروي تفسيرا أو رواية عن رسول الله صلى الله عليه واله في قضاء أو طلاق أو عتق أو شئ لم نسمعه قط من مناسك أو شبهه من غير أن يسمى لكم عدوا، أيسعنا أن نقول في قوله: ألله أعلم إن كان


[ 283 ]

آل محمد صلوات الله عليهم يقولونه ؟ قال: لا يسعكم حتى تستيقنوا. 61 – كا، يب: سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام إن امي كانت جعلت عليها نذرا ان الله رد عليها بعض ولدها من شئ كانت تخاف عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه ما بقيت، فخرجت معنا مسافرة إلى مكة، فأشكل علينا لمكان النذر أتصوم أو تفطر ؟ فقال لا تصوم وضع الله عز وجل عنها حقه وتصوم هي ما جعلت على نفسها. الخبر. 62 – كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب، عن جابر الجعفي، عن الباقر عليه السلام قال: إن المؤمن بركة على المؤمن، وإن المؤمن، حجة الله. أقول: سيأتي كثير من أخبار هذا الباب في كتاب العدل وكثير منها متفرقة في الأبواب الماضية والآتية، وسنورد جميعها مع ما يتيسر من القول فيها في المجلد الخامس والعشرين إن شاء الله تعالي. (باب 34) * (البدع والرأى والمقائيس) * الايات، الكهف: ولا يشرك في حكمه أحدا 26 القصص: ومن أضل ممن اتبع هويه بغير هدى من الله 50 الروم: بل اتبع الذين ظلموا أهوائهم بغير علم 29 ص: ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب 26 حمعسق: واستقم كما امرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب 15 ” وقال تعالى “: أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله 21 الجاثية: ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا 18، 19


[ 284 ]

محمد: أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهوائهم 14 النجم: إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى 23 1 – نهج، ج: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم تجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد، وكتابهم واحد، أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه أم نهاهم عنه فعصوه ؟ أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه ؟ أم كانوا شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى ؟ أم أنزل الله دينا تاما فقصر الرسول صلى الله عليه واله عن تبليغه وأدائه ؟ والله سبحانه يقول: ما فرطنا في الكتاب من شئ. وفيه تبيان كل شئ، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه فقال سبحانه: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا. وإن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تفني عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به. بيان: هذا تشنيع على من يحكم برأيه وعقله من غير رجوع إلى الكتاب والسنة و إلى أئمة الهدى عليهم السلام فإن هذا إنما يكون إما بإله آخر بعثهم أنبياء وأمرهم بعدم الرجوع إلى هذا النبي المبعوث وأوصيائه عليهم السلام، أو بأن يكون الله شرك بينهم و بين النبي صلى الله عليه واله في النبوة، أو بأن لا يكون الله عز وجل بين لرسوله صلى الله عليه واله جميع ما يحتاج إليه الامة، أو بأن بينه له لكن النبي قصر في تبليغ ذلك ولم يترك بين الامة أحدا يعلم جميع ذلك، وقد أشار عليه السلام إلى بطلان جميع تلك الصور، فلم يبق إلا أن يكون بين الامة من يعرف جميع ذلك ويلزمهم الرجوع إليه في جميع أحكامهم. وأما الاختلاف الناشئ من الجمع بين الأخبار بوجوه مختلفة أو العمل بالأخبار المتعارضة باختلاف المرجحات التي تظهر لكل عالم بعد بذل جهدهم وعدم تقصيرهم فليس من ذلك في شئ، وقد عرفت ذلك في باب اختلاف الأخبار، ويندفع بذلك إذا أمعنت النظر كثير من التشنيعات التي شنعها بعض المتأخرين على أجلة العلماء الأخيار. 2 – ج: روي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: إن أبغض الخلائق إلى الله


[ 285 ]

تعالى رجلان: رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشعوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته. ورجل قمش جهلا فوضعه في جهال الامة، غارا في أغباش الفتنة، عم بما في عقد الهدنة، قد سماه اشباه الرجال عالما وليس به، بكر فاستكثر من جمع ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن وأكثر من غير طائل، جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، إن خالف من سبقه لم يأمن من نقض حكمه من يأتي من بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزل به إحدى المبهمات هيأ لها حشوا رثا من رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، إن أصاب خاف أن يكون قد أخطأ، و إن أخطأ رجا أن يكون قد أصاب، جاهل خباط جهلات، غاش ركاب عشوات، لم يعض على العلم بضرس قاطع، يذري الروايات إذراء الريح الهشيم، لا مليئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا يحسب العلم في شئ مما أنكره، ولا يرى أن من وراء ما بلغ منه مذهبا لغيره، وإن قاس شيئا بشئ لم يكذب رأيه، وإن أظلم عليه أمر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه، يصرخ من جور قضائه الدماء، وتعج منه المواريث، إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهالا ويموتون ضلالا. وروي أنه عليه السلام قال بعد ذلك: أيها الناس عليكم بالطاعة والمعرفة بمن لا تعتذرون بجهالته، فإن العلم الذي هبط به آدم وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين في عترة نبيكم محمد صلى الله عليه واله فأنى يتاه بكم ؟ ! بل أين تذهبون ؟ ! يا من نسخ من أصلاب السفينة، هذه مثلها فيكم فاركبوها، فكما نجا في هاتيك من نجا فكذلك ينجو في هذه من دخلها، أنا رهين بذلك قسما حقا، وما أنا من المتكلفين، والويل لمن تخلف ثم الويل لمن تخلف، أما بلغكم ما قال فيكم نبيكم صلى الله عليه واله حيث يقول في حجة الوداع: اني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، ألا هذا عذب فرات فاشربوا، وهذا ملح أجاج فاجتنبوا.


[ 286 ]

بيان: قد سبق مثله بتغيير ما في باب من يجوز أخذ العلم منه وقد شرحناه هناك. والرث: الضعيف البالي. 3 – ج: عن بشير بن يحيي العامري، عن ابن أبي ليلى، قال: دخلت أنا والنعمان أبو حنيفة على جعفر بن محمد عليهما السلام فرحب بنا فقال: يا ابن أبي ليلى من هذا الرجل ؟ فقلت: جعلت فداك هذا رجل من أهل الكوفة، له رأي وبصيرة ونفاذ (1)، قال: فلعله الذي يقيس الأشياء برأيه، ثم قال: يا نعمان هل تحسن أن تقيس رأسك ؟ قال: لا، قال: ما أراك تحسن أن تقيس شيئا ولا تهتدي إلا من عند غيرك، فهل عرفت الملوحة في العينين، والمرارة في الاذنين، والبرودة في المنخرين، والعذوبة في الفم ؟ قال: لا. قال: فهل عرفت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان ؟ قال: لا. قال ابن أبي ليلى: فقلت: جعلت فداك لا تدعنا في عمياء مما وصفت لنا. قال: نعم حدثني أبي، عن آبائي عليهم السلام: أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: إن الله خلق عيني ابن آدم شحمتين فجعل فيهما الملوحة فلولا ذلك لذابتا ولم يقع فيهما شئ من القذى إلا أذابهما، والملوحة تلفظ ما يقع في العينين من القذى، وجعل المرارة في الاذنين حجابا للدماغ، وليس من دابة تقع في الاذن إلا التمست الخروج، ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ، وجعل البرودة في المنخرين حجابا للدماغ، ولولا ذلك لسال الدماغ، وجعل العذوبة في الفم منا من الله تعالى على ابن آدم، ليجد لذة الطعام والشراب. وأما كلمة أولها كفر وآخرها إيمان فقول ” لا إله إلا الله ” أولها كفر وآخرها إيمان، ثم قال: يا نعمان إياك والقياس فإن أبي حدثني عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: من قاس شيئا من الدين برأيه قرنه الله تبارك وتعالى مع إبليس في النار، فإنه أول من قاس حيث قال: خلقتني من نار وخلقته من طين. فدعوا الرأي والقياس فإن دين الله لم يوضع على القياس. ع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن معاذ بن عبد الله، عن بشر بن يحيى العامري، عن ابن أبي ليلى مثله إلا أن مكان ” بصيرة ” ” نظر ” وبعد قوله: ” أن تقيس شيئا ” قوله: ” ولا تهتدي إلا من عند غيرك فهل عرفت مما الملوحة ” ومكان ” عمياء ” ” عمى ” و ” على


(1) وفى نسخة. ونقاد

[ 287 ]

شحمتين ” و ” لذاذة الطعام ” و ” حين قال خلقتني ” ” فدعوا الرأي والقياس وما قال قوم ليس له في دين الله برهان ” ” فإن دين الله لم يوضع بالآراء والمقائيس “. 4 – ج: في رواية اخرى أن الصادق عليه السلام قال لأبي حنيفة: – لما دخل عليه – من أنت ؟ قال: أبو حنيفة. قال عليه السلام: مفتي أهل العراق ؟ قال: نعم. قال: بما تفتيهم ؟ قال: بكتاب الله. قال عليه السلام: وإنك لعالم بكتاب الله ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله عز وجل: وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين. أي موضع هو ؟ قال أبو حنيفة: هو ما بين مكة والمدينة. فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى جلسائه وقال: نشدتكم بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة ولا تأمنون على دمائكم من القتل وعلى أموالكم من السرق ؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويحك يا أبا حنيفة إن الله لا يقول إلا حقا، أخبرني عن قول الله عز وجل: ومن دخله كان آمنا، أي موضع هو ؟ قال: ذلك بيت الله الحرام، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى جلسائه وقال: نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبد الله بن زبير وسعيد بن جبير دخلاه فلم يأمنا القتل ؟ قالوا: اللهم نعم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويحك يا أبا حنيفة إن الله لا يقول إلا حقا. فقال أبو حنيفة: ليس لي علم بكتاب الله إنما أنا صاحب قياس. فقال أبو عبد الله عليه السلام: فانظر في قياسك إن كنت مقيسا أيما أعظم عند الله القتل أو الزنا ؟ قال: بل القتل. قال: فكيف رضي في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلا بأربعة ؟ ثم قال له: الصلاة أفضل أم الصيام ؟ قال: بل الصلاة أفضل. قال عليه السلام: فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في حال حيضها دون الصيام، وقد أوجب الله تعالى عليها قضاء الصوم دون الصلاة، ثم قال له: البول أقذر أم المني ؟ قال: البول أقذر. قال عليه السلام: يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني وقد أوجب الله تعالى الغسل من المني دون البول. قال: إنما أنا صاحب رأي. قال عليه السلام: فما ترى في رجل كان له عبد فتزوج وزوج عبده في ليلة واحدة فدخلا بإمرأتيهما في ليلة واحدة، ثم سافرا وجعلا امرأتيهما في بيت واحد فولدتا غلامين فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين وبقي الغلامان أيهما في رأيك المالك وأيهما المملوك ؟ وأيهما الوارث وأيهما الموروث ؟ قال: إنما أنا صاحب حدود ! قال: فما ترى في رجل أعمى


[ 288 ]

فقاء عين صحيح (1) وأقطع يد رجل كيف يقام عليهما الحد ؟ قال: إنما أنا رجل عالم بمباعث الأنبياء ! قال: فأخبرني عن قول الله تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون: لعله يتذكر أو يخشى. ولعل منك شك ؟ قال: نعم، قال: فكذلك من الله شك إذ قال: لعله ؟ قال أبو حنيفه: لا علم لي ! قال عليه السلام: تزعم أنك تفتي بكتاب الله ولست ممن ورثه، وتزعم أنك صاحب قياس وأول من قاس إبليس، ولم يبن دين الإسلام على القياس، وتزعم أنك صاحب رأي وكان الرأي من رسول الله صلى الله عليه واله صوابا ومن دونه خطاءا، لأن الله تعالى قال: احكم بينهم بما أراك الله. ولم يقل ذلك لغيره، وتزعم أنك صاحب حدود ومن أنزلت عليه أولى بعلمها منك، وتزعم أنك عالم بمباعث الأنبياء و لخاتم الأنبياء أعلم بمباعثهم منك، لولا أن يقال دخل على ابن رسول الله فلم يسأله عن شئ ما سألتك عن شئ فقس إن كنت مقيسا. قال: لا تكلمت بالرأي والقياس في دين الله بعد هذا المجلس. قال: كلا إن حب الرئاسة غير تاركك كما لم يترك من كان قبلك. تمام الخبر. بيان: غرضه عليه السلام بيان جهله وعجزه عن استنباط الأحكام الشرعية بدون الرجوع إلى إمام الحق. والمقيس لعله اسم آلة أو اسم مكان. وسيأتي شرح كل جزء من أجزاء الخبر في المقام المناسب لذكره، وذكرها هناك موجب للتكرار. 5 – ج: عن عيسى بن عبد الله القرشي، قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا حنيفة قد بلغني أنك تقيس، فقال: نعم. فقال: لا تقس فإن أول من قاس إبليس لعنه الله حين قال: خلقتني من نار وخلقته من طين. فقاس ما بين النار والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف ما بين النورين وضياء أحدهما على الآخر. ايضاح: يحتمل أن يكون المراد بالقياس هنا أعم من القياس الفقهي من الاستحسانات العقلية والآراء الواهية التي لم تؤخذ من الكتاب والسنة، ويكون المراد أن طريق العقل مما يقع فيه الخطأ كثيرا فلا يجوز الاتكال عليه في امور الدين، بل يجب الرجوع في جميع ذلك إلى أوصياء سيد المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين وهذا هو الظاهر في أكثر أخبار هذا الباب، فالمراد بالقياس هنا القياس اللغوي، ويرجع قياس


(1) أي قلع عين صحيح.

[ 289 ]

إبليس إلى قياس منطقي مادته مغالطة، لأنه استدل أولا على خيريته بأن مادته من نار ومادة آدم من طين، والنار خير من الطين فاستنتج من ذلك أن مادته خير من مادة آدم ثم جعل ذلك صغرى ورتب القياس هكذا: مادته خير من مادة آدم، وكل من كان مادته خيرا من مادة غيره يكون خيرا منه، فاستنتج أنه خير من آدم. ويرجع كلامه عليه السلام إلى منع كبرى القياس الثاني بأنه لا يلزم من خيرية مادة أحد على غيره كونه خيرا منه، إذ لعله تكون صورة الغير في غاية الشرافة وبذلك يكون ذلك الغير أشرف، كما أن آدم لشرافة نفسه الناطقة التي جعلها الله محل أنواره ومورد أسراره أشد نورا وضياءا من النار، إذ نور النار لا يظهر إلا في المحسوسات، ومع ذلك ينطفئ بالماء والهواء ويضمحل بضوء الكواكب، ونور آدم نور به يظهر عليه أسرار الملك والملكوت ولا ينطفئ بهذه الأسباب والدواعي، ويحتمل أن يكون المراد بنور آدم عقله الذي به نور الله نفسه وبه شرفه على غيره، ويحتمل إرجاع كلامه عليه السلام إلى إبطال كبرى القياس الأول بأن إبليس نظر إلى النور الظاهر في النار وغفل عن النور الذي أودعه الله في طين آدم لتواضعه ومذلته، فجعله لذلك محل رحمته ومورد فيضه، وأظهر منه أنواع النباتات والرياحين والثمار والمعادن والحيوان، وجعله قابلا لإفاضة الروح عليه، وجعله محلا لعلمه وحكمته، فنور التراب نور خفي لا يطلع عليه إلا من كان له نور، ونور النار نور ظاهر بلا حقيقة ولا استقرار ولا ثبات ولا يحصل منها إلا الرماد وكل شيطان مريد. ويمكن حمل القياس هنا على القياس الفقهي أيضا لأنه لعنه الله اسنتبط أولا علة إكرام آدم فجعل علة ذلك كرامة طينته، ثم قاس بأن تلك العلة فيه أكثر وأقوى فحكم بذلك أنه بالمسجودية أولى من الساجدية، فأخطأ العلة ولم يصب وصار ذلك سببا لشركه وكفره، ويدل على بطلان القياس بطريق أولى على بعض معانيه. وسيأتي تمام الكلام في ذلك وفي كيفية خلق آدم وإبليس في كتاب السماء والعالم، وكتاب قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إن شاء الله. 6 – ج: سأل محمد بن الحسن (1) أبا الحسن موسى عليه السلام بمحضر من الرشيد وهم


(1) هو محمد بن الحسن الشيباني الفقيه الحنفي نشأ بالكوفة فطلب الحديث ولقى جماعة من الاعلام وحضر مجلس أبى حنيفة سنين ثم تفقه على أبى يوسف صاحب أبى حنيفة، وصنف الكتب الكثيرة النادرة ونشر علم أبى حنيفة، وكان الرشيد قد ولاه قضاء الرقة ثم عزله عنها، وقدم بغداد ولم يزل محمد

[ 290 ]

بمكة فقال له: أيجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله ؟ فقال له موسى عليه السلام: لا يجوز له ذلك مع الاختيار. فقال له محمد بن الحسن: أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا ؟ فقال له: نعم، فتضاحك محمد بن الحسن عن ذلك، فقال له أبو الحسن موسى عليه السلام: أفتعجب من سنة النبي صلى الله عليه واله وتستهزئ بها، إن رسول الله صلى الله عليه واله كشف ظلاله في إحرامه ومشى تحت الظلال وهو محرم، إن أحكام ألله تعالى – يا محمد – لا تقاس، فمن قاس بعضها على بعض فقد ضل سواء السبيل. فسكت محمد بن الحسن لا يرجع جوابا. 7 – وقد جرى لأبي يوسف مع أبي الحسن موسى عليه السلام بحضرة المهدي ما يقرب من ذلك، وهو: أن موسى عليه السلام سأل أبا يوسف عن مسألة ليس عنده فيها شئ فقال لأبي الحسن موسى عليه السلام: إني اريد أن أسألك عن شئ، قال: هات. فقال: ما تقول في التظليل للمحرم ؟ قال: لا يصلح. قال فيضرب الخباء في الأرض فيدخل فيه ؟ قال: نعم. قال: فما فرق بين هذا وذاك ؟ قال أبو الحسن موسى عليه السلام: ما تقول في الطامث تقضي الصلاة ؟ قال: لا. قال: تقضي الصوم ؟ قال: نعم. قال: ولم ؟ قال: إن هذا كذا جاء. قال أبو الحسن عليه السلام: وكذلك هذا، قال المهدي لأبي يوسف: ما أراك صنعت شيئا، قال يا أمير المؤمنين رماني بحجة. 8 – نهج: من خطبة له عليه السلام: إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، ويتولى عليها رجال رجالا على غير دين الله، فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين (1)، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث (2) فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى.


ابن الحسن ملازما للرشيد حتى خرج إلى الرى خرجته الاولى فخرج معه ومات بر نبويه – قرية من قرى الرى – سنة تسع وثمانين ومائة، ومولده سنة خمس وثلاثين. وقيل: احدى وثلاثين. وقيل: اثنتين وثلاثين ومائه. قاله ابن خلكان في وفيات الاعيان. (1) المرتادين: الطالبين للحقيقة. (2) الضغث بالكسر: قبضة حشيش مختلط فيها الرطب باليابس، وهو مستعار للنصيب من الحق والباطل.

[ 291 ]

كتاب عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه مثله. 10 – ع: أبي رحمه الله، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن عبد الله العقيلي القرشي، عن عيسى بن عبد الله القرشي رفع الحديث قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام، فقال له: يا أبا حنيفة بلغني أنك تقيس ؟ قال: نعم أنا أقيس. قال: لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال: خلقتني من نار وخلقته من طين. فقاس ما بين النار والطين، ولو قاس نورية النار عرف فضل ما بين النورين وصفاء أحدهما على الآخر، ولكن قس لي رأسك، أخبرني عن اذنيك مالهما مرتان ؟ قال: لا أدري. قال: فأنت لا تحسن تقيس رأسك فكيف تقيس الحلال والحرام ؟ قال: يا ابن رسول الله: أخبرني ما هو: قال إن الله عز وجل جعل الاذنين مرتين لئلا يدخلهما شئ إلا مات لولا ذلك لقتل ابن آدم الهوام، وجعل الشفتين عذبتين ليجد ابن آدم طعم الحلو والمر، وجعل العينين مالحتين لأنهما شحمتان ولولا ملوحتهما لذابتا، وجعل الأنف باردا سائلا لئلا يدع في الرأس داء إلا أخرجه، ولولا ذلك لثقل الدماغ وتدود. ع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن محمد بن علي، عن عيسى بن عبد الله مثله. 11 – ع: محمد بن الحسن القطان، عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، عن أبي زرعة، عن هشام بن عمار، عن محمد بن عبد الله القرشي، عن ابن شبرمة، قال: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد عليهما السلام فقال لأبي حنيفة: اتق الله ولا تقس الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس، أمره الله عز وجل بالسجود لآدم، فقال: أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين. ثم قال: أتحسن أن تقيس رأسك من بدنك ؟ قال: لا. قال جعفر عليه السلام: فأخبرني لأي شئ جعل الله الملوحة في العينين، والمرارة في الاذنين، والماء المنتن في المنخرين، والعذوبة في الشفتين ؟ قال: لا أدري. قال جعفر عليه السلام: لأن الله تبارك وتعالى خلق العينين فجعلهما شحمتين، وجعل الملوحة فيهما منا منه على ابن آدم، ولولا ذلك لذابتا، وجعل الاذنين مرتين، ولولا ذلك لهجمت الدواب وأكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد منه النفس وينزل ويجد منه الريح الطيبة من الخبيثة، وجعل العذوبة


[ 292 ]

في الشفتين ليجد ابن آدم لذة مطعمه ومشربه. ثم قال جعفر عليه السلام لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها إيمان، قال: لا أدري. قال: هي لا إله إلا الله، لو قال: لا إله كان شرك، ولو قال: إلا الله كان إيمان. ثم قال جعفر عليه السلام: ويحك أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا ؟ قال: قتل النفس. قال: فإن الله عز وجل قد قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة، ثم أيهما أعظم الصلاة أم الصوم ؟ قال: الصلاة. قال: فما بال الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ؟ فكيف يقوم لك القياس ؟ فاتق الله ولا تقس. 12 – ما: الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن هارون بن موسى، عن علي بن معمر عن حمدان بن معافا، عن العباس بن سليمان، عن الحارث بن التيهان، قال: قال لي ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد عليهما السلام فسلمت عليه – وكنت له صديقا – ثم أقبلت على جعفر فقلت: أمتع الله بك، هذا رجل من أهل العراق له فقه وعقل، فقال له جعفر عليه السلام: لعله الذي يقيس الدين برأيه، ثم أقبل علي، فقال: هذا النعمان بن ثابت ؟ فقال أبو حنيفة: نعم أصلحك الله. فقال: اتق الله ولا تقس الدين برأيك. – وساق الحديث نحو ما مر إلى قوله عليه السلام -: ولا تقضي الصلاة، اتق الله يا عبد الله فإنا نحن وأنتم غدا إذا خلقنا بين يدي الله عز وجل، ونقول: قال رسول الله صلى الله عليه واله، وتقول أنت وأصحابك: اسمعنا وأرينا، فيفعل بنا وبكم ما شاء الله عز وجل. 13 – ع: أبي وابن الوليد معا، عن سعد، عن البرقي، عن شعيب بن أنس، عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه غلام كندة فاستفتاه في مسألة فأفتاه فيها، فعرفت الغلام والمسألة فقدمت الكوفة فدخلت على أبي حنيفة، فإذا ذاك الغلام بعينه يستفتيه في تلك المسألة بعينها فأفتاه فيها بخلاف ما أفتاه أبو عبد الله عليه السلام، فقمت إليه فقلت: ويلك يا أبا حنيفة إني كنت العام حاجا فأتيت أبا عبد الله عليه السلام مسلما عليه فوجدت هذا الغلام يستفتيه في هذه المسألة بعينها فأفتاه بخلاف ما أفتيته. فقال: وما يعلم جعفر بن محمد أنا أعلم منه، أنا لقيت الرجل وسمعت من أفواههم، وجعفر بن محمد صحفي، فقلت في نفسي: والله لاحجن ولو حبوا قال: فكنت في طلب حجة فجاءتني حجة فحججت فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فحكيت له الكلام فضحك


[ 293 ]

ثم قال: عليه لعنة الله أما في قوله: إني رجل صحفي فقد صدق، قرأت صحف إبراهيم و موسى، فقلت له: ومن له بمثل تلك الصحف ؟ قال: فما لبثت أن طرق الباب طارق وكان عنده جماعة من أصحابه فقال للغلام: انظر من ذا ؟ فرجع الغلام فقال: أبو حنيفة. قال: أدخله فدخل فسلم على أبي عبد الله عليه السلام فرد عليه السلام، ثم قال: أصلحك الله أتأذن لي في القعود فأقبل على أصحابه يحدثهم ولم يلتفت إليه. ثم قال الثانية والثالثة فلم يلتفت إليه، فجلس أبو حنيفة من غير إذنه فلما علم أنه قد جلس التفت إليه فقال: أين أبو حنيفة ؟ فقال هو ذا أصلحك الله، فقال: أنت فقيه أهل العراق. قال: نعم. قال: فبما تفتيهم ؟ قال بكتاب الله وسنة نبيه قال: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ و المنسوخ ؟ قال: نعم، قال: يا أبا حنيفة ولقد إدعيت علما، ويلك ما جعل الله ذلك إلا عند أهل الكتاب الذين أنزل عليهم، ويلك ولا هو إلا عند الخاص من ذرية نبينا صلى الله عليه واله، وما ورثك الله من كتابه حرفا، فإن كنت كما تقول ولست كما تقول – فأخبرني عن قول الله عز وجل: سيروا فيها ليالي وأياما آمنين. أين ذلك من الأرض ؟ قال: أحسبه ما بين مكة والمدينة، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال: تعلمون أن الناس يقطع عليهم بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يأمنون على أنفسهم ويقتلون ؟ قالوا: نعم. قال: فكست أبو حنيفة، فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن قول الله عز وجل: من دخله كان آمنا. أين ذلك من الأرض ؟ قال: الكعبة. قال: أفتعلم أن الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها ؟ قال: فكست، ثم قال: يا أبا حنيفة إذا ورد عيك شئ ليس في كتاب الله ولم تأت به الآثار والسنة كيف تصنع ؟ فقال: أصلحك الله أقيس وأعمل فيه برأيي. قال: يا أبا حنيفة إن أول من قاس إبليس الملعون، قاس على ربنا تبارك وتعالى فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. فسكت أبو حنيفة. فقال: يا أبا حنيفة أيما أرجس البول أو الجنابة ؟ فقال: البول. فقال: الناس يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول، فسكت: فقال: يا أبا حنيفة أيما أفضل الصلاة أم الصوم ؟ قال الصلاة. فقال: فما بال الحائض تقضي صومها ولا تقضي صلاتها ؟ فسكت. قال: يا أبا حنيفة أخبرني عن رجل كانت له أم ولد وله منها ابنة، وكانت له حرة لا تلد فزارت الصبية


[ 294 ]

بنت أم الولد أباها، فقام الرجل بعد فراغه من صلاة الفجر فواقع أهله التي لا تلد وخرج إلى الحمام فأرادت الحرة أن تكيد أم الولد وابنتها عند الرجل فقامت إليها بحرارة ذلك الماء فوقعت إليها وهي نائمة فعالجتها كما يعالج الرجل المرأة فعلقت، أي شئ عندك فيها ؟ قال: لا والله ما عندي فيها شئ. فقال: يا أبا حنيفة أخبرني عن رجل كانت له جارية فزوجها من مملوك له وغاب المملوك، فولد له من أهله مولود، وولد للمملوك مولود من أم ولد له فسقط البيت على الجاريتين ومات المولى، من الوارث ؟ فقال: جعلت فداك لا والله ما عندي فيها شئ، فقال أبو حنيفة: أصلحك الله إن عندنا قوما بالكوفة يزعمون أنك تأمرهم بالبراءة من فلان وفلان (1)، فقال: ويلك يا أبا حنيفة لم يكن هذا معاذ الله، فقال: أصلحك الله إنهم يعظمون الأمر فيهما (2) قال: فما تأمرني ؟ قال: تكتب إليهم، قال: بماذا ؟ قال: تسألهم الكف عنهما (3)، قال: لا يطيعوني، قال بلى أصلحك الله إذا كنت أنت الكاتب وأنا الرسول أطاعوني، قال: يا أبا حنيفة أبيت إلا جهلا كم بينى وبين الكوفة من الفراسخ ؟ قال: أصلحك الله ما لا يحصى، فقال كم بيني وبينك ؟ قال: لا شئ، قال: أنت دخلت علي في منزلي فأستأذنت في الجلوس ثلاث مرات فلم آذن لك فجلست بغير إذني خلافا علي، كيف يطيعوني اولئك وهم ثم وأنا ههنا ؟ قال: فقنع رأسه وخرج وهو يقول: أعلم الناس ولم نره عند عالم. فقال أبو بكر الحضرمي: جعلت فداك الجواب في المسألتين الأولتين ؟ فقال: يا أبا بكر سيروا فيها ليالي وأياما آمنين. فقال: مع قائمنا أهل البيت وأما قوله: ومن دخله كان آمنا فمن بايعه ودخل معه ومسح على يده ودخل في عقد أصحابه كان آمنا. بيان: قوله عليه السلام: ولست كما تقول جملة حالية اعترضت بين الشرط والجزاء لرفع توهم أن هذا الشرط والتقدير محتمل الصدق، وأما قوله تعالى: سيروا فيها ليالى و أياما آمنين. فهو في القرآن مذكور بين الآيات التي اوردت في ذكر قصة أهل سبا، حيث قال: وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا


(1) وفى نسخة: من فلان وفلان وفلان. (2) وفى نسخة: انهم يعظمون الامر فيهم (3) وفى نسخة: تسألهم الكف عنهم.

[ 295 ]

فيها ليالي وأياما آمنين. فعلى تأويله عليه السلام تكون هذه الجملة معترضة بين تلك القصة لبيان أن هذا الأمن الذي كان لهم في تلك القرى وقد زال عنهم بكفرانهم سيعود في ليالي وأيام زمان القائم عليه السلام، ولذا قال تعالى: وقدرنا. وأما قوله تعالى: ومن دخله. فعلى تأويله عليه السلام يكون المراد الدخول في ذلك الزمان مع بيعته عليه السلام في الحرم، أو أنه لما كانت حرمة البيت مقرونة بحرمتهم عليهم السلام راجعة إليها فيكون الدخول فيها كناية عن الدخول في بيعتهم ومتابعتهم على هذا اليطن من الآية. وأما قوله عليه السلام: أيما أرجس لعله ذكره الزاما عليه لأنه كان يقول: بأن البول أرجس حتى أنه نسب إليه أنه قال: بطهارة المني بعد الفرك، وأما في مسألة السحق وإن لم يذكر عليه السلام جوابه ههنا فقد قال الشيخ في النهاية: أن على المرأة الرجم و يلحق الولد بالرجل، ويلزم المرأة المهر، وعليه دلت صحيحة محمد بن مسلم وغيرها، وقد خالف بعض الأصحاب في لزوم الرجم بل اكتفوا بالجلد، وبعضهم في تحقق النسب. وسيأتي الكلام فيه في محله. وأما سقوط البيت على الجاريتين فالظاهر أن السؤال عن اشتباه ولد المملوك وولد المولى كما مر، وفرض سقوط البيت على الجاريتين لتقريب فرض الاشتباه، والمشهور بين الأصحاب فيه القرعة كما تقتضيه اصولهم، وكلاهما مرويان في الكافي. 14 – ع: الحسين بن أحمد، عن أبيه، عن محمد بن أحمد قال: حدثنا أبو عبد الله الداري، عن ابن البطائني، عن سفيان الحريري، عن معاذ، عن بشر بن يحيى العامري، عن ابن أبي ليلى قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام ومعي نعمان فقال أبو عبد الله: من الذي معك ؟ فقلت: جعلت فداك هذا رجل من أهل الكوفة له نظر ونفاذ رأي (1) يقال له: نعمان. قال: فلعل هذا الذي يقيس الأشياء برأيه ؟ فقلت: نعم. قال: يا نعمان هل تحسن أن تقيس رأسك ؟ فقال: لا، فقال: ما أراك تحسن شيئا ولا فرضك إلا من عند غيرك، فهل عرفت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان ؟ قال: لا. قال: فهل عرفت ما الملوحة في العينين، والمرارة


(1) وفى نسخة ونقاد رأى.

[ 296 ]

في الاذنين، والبرودة في المنخرين والعذوبة في الشفتين ؟ قال: لا. قال: ابن أبي ليلى فقلت: جعلت فداك فسر لنا جميع ما وصفت. قال: حدثني أبي عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه واله: إن الله تبارك وتعالى خلق عيني ابن آدم من شحمتين (1) فجعل فيهما الملوحة ولولا ذلك لذابتا، فالملوحة تلفظ ما يقع في العين من القذى، (2) وجعل المرارة في الاذنين حجابا من الدماغ فليس من دابة تقع فيه إلا التمست الخروج، ولولا ذلك لوصلت إلى الدماغ، وجعلت العذوبة في الشفتين منا من الله عز وجل على ابن آدم، يجد بذلك عذوبة الريق وطم الطعام والشراب، وجعل البرودة في المنخرين (3) لئلا تدع في الرأس شيئا إلا أخرجته. فقلت: فما الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان ؟ قال: قول الرجل: لا إله إلا الله. فأولها كفر وآخرها إيمان، ثم قال: يا نعمان إياك والقياس فقد حدثني أبي، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: من قاس شيئا بشئ قرنه الله عز وجل مع إبليس في النار فإنه أول من قاس على ربه، فدع الرأي والقياس، فإن الدين لم يوضع بالقياس وبالرأي. بيان: قوله عليه السلام: ولا فرضك معطوف على قوله: شيئا أو على الضمير المنصوب في ” أراك ” والأول أظهر. 15 – ع: ابن مسرور، عن ابن عامر، عن معلى بن محمد، عن محمد بن الجمهور العمي بإسناده رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة. قيل يا رسول الله وكيف ذاك ؟ قال: إنه قد اشرب قلبه حبها. ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن العمي مثله. بيان: لعل المراد أنه لا يوفق للتوبة كما يظهر من التعليل أو لا تقبل توبته قبولا كاملا.


(1) الشحم: ما ابيض وخف من لحم الحيوان كالذى يغشى الكراش والامعاء ونحوها وبالفارسية ” پيه “. (2) القذى: ما يقع في العين أو في الشراب من تبنة أو نحوها. (3) المنخر الانف.

[ 297 ]

16 – ع: أبي، عن سعد، عن ابن نوح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رجل في الزمن الأول طلب الدنيا من حلال فلم يقدر عليها، وطلبها من حرام فلم يقدر عليها، فأتاه الشيطان فقال له: يا هذا إنك قد طلبت الدنيا من حلال فلم تقدر عليها، وطلبتها من حرام فلم تقدر عليها، أفلا أدلك على شئ تكثر به دنياك ويكثر به تبعك ؟ قال: بلى. قال: تبتدع دينا وتدعو إليه الناس. ففعل فاستجاب له الناس وأطاعوه وأصاب من الدنيا، ثم إنه فكر فقال: ما صنعت ؟ ابتدعت دينا ودعوت الناس ما أرى لي توبة إلا أن آتي من دعوته إليه فأرده عنه. فجعل يأتي أصحابه الذين أجابوه فيقول لهم، إن الذي دعوتكم إليه باطل وإنما ابتدعته فجعلوا يقولون له: كذبت وهو الحق ولكنك شككت في دينك فرجعت عنه. فلما رأى ذلك عمد إلى سلسلة فوتد لها وتدا ثم جعلها في عنقه وقال: لا أحلها حتى يتوب الله عز وجل علي فأوحى الله عز وجل إلى نبي من الأنبياء: قل لفلان: وعزتي لو دعوتني حتى تنقطع أوصالك ما استجبت لك حتى ترد من مات على ما دعوته إليه فيرجع عنه. سن: أبي، عن ابن أبي عمير مثله. ضا: مثله. 17 – يد، ن، لى: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن الريان (1) عن الرضا عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله قال الله جل جلاله: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني، بخلقي وما على ديني من استعمل القياس في ديني. ج: مرسلا مثله.


(1) بفتح الراء المهملة والياء المشددة، مشترك بين الرجلين: أحدهما ابن شبيب الثقة خال المعتصم، والاخر ابن الصلت البغدادي الاشعري القمى الثقة الصدوق، ويعسر تميزهما ولكن لما كان كلاهما عدلان فلا إشكال في روايتهما. ويحتمل أن يكون الواقع في السند ابن الصلت لمكان رواية إبراهيم بن هاشم عنه، حيث قال الشيخ في الفهرست: الريان بن الصلت له كتاب أخبرنا به الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان والحسين بن عبيد الله، عن محمد بن على بن الحسين، عن أبيه، وحمزة بن محمد، ومحمد بن على، عن على بن ابراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت.

[ 298 ]

18 – لى: أبي، عن علي بن إبراهيم، عن اليقطيني، عن يونس، عن داود بن فرقد عن ابن شبرمة قال: ما ذكرت حديثا سمعته من جعفر بن محمد عليهما السلام إلا كاد أن يتصدع له قلبي، سمعته يقول: حدثني أبي، عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه واله – قال ابن شبرمة: واقسم بالله ما كذب على أبيه، ولا كذب أبوه على جده، ولا كذب جده على رسول الله صلى الله عليه واله – قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك. (1) 19 – لى: في كلمات النبي صلى الله عليه واله برواية أبي الصباح، عن الصادق عليه السلام، شر الامور محدثاتها. 20 – فس: في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالي: والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم. هؤلاء أهل البدع والشبهات والشهوات يسود الله وجوههم ثم يلقونه. 21 – فس: والشعراء يتبعهم الغاوون قال: نزلت في الذين غيروا دين الله وخالفوا أمر الله، هل رأيتم شاعرا قط يتبعه أحد ؟ إنما عنى بذلك الذين وضعوا دينا بآرائهم فتبعهم الناس على ذلك. 22 – شى: عن أبي عبد الله عليه السلام في تفسير هذه الآية قال: هم قوم تعلموا وتفقهوا بغير علم فضلوا وأضلوا. (2) بيان: على هذا التأويل إنما عبر عنهم بالشعراء لأنهم بنوا دينهم وأحكامهم على المقدمات الشعرية الباطلة. 23 – فس: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا قال: هم النصارى، والقسيسون، والرهبان، وأهل الشبهات والأهواء من أهل القبلة والحرورية، وأهل البدع.


(1) تقدم الحديث عن المحاسن في باب النهى عن القول بغير علم تحت الرقم 24. بواسطة بين داود بن فرقد وابن شبرمة. (2) تقدم الحديث مسندا عن المعاني في باب ذم علماء السوء تحت الرقم 9.

[ 299 ]

بيان: الحرورية: هم الخوارج. 24 – ب: هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال: من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس. بيان: أي يرتمس دائما في الضلالة والجهالة. 25 – ب: هارون، عن ابن صدقة، قال: قال لي جعفر بن محمد عليهما السلام: من أفتى الناس برأيه فقد دان بما لا يعلم، ومن دان بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث أحل وحرم فيما لا يعلم. 26 – ب: عنهما، عن حنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألني ابن شبرمة ما تقول: في القسامة في الدم ؟ فأجبته بما صنع رسول الله صلى الله عليه واله قال: أرأيت لو أن النبي صلى الله عليه واله لم يصنع هذا كيف كان يكون القول فيه ؟ (1) قال: قلت له: أما ما صنع النبي صلى الله عليه واله فقد أخبرتك وأما لم يصنع فلا علم لي به. 27 – ب: ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: حدثني زيد ابن أسلم: أن رسول الله صلى الله عليه واله سئل عمن أحدث حدثا أو آوى محدثا ما هو ؟ فقال: من ابتدع بدعة في الإسلام أو مثل بغير حد، أو من انتهب نهبة يرفع المسلمون إليها أبصارهم، أو يدفع عن صاحب الحدث، أو ينصره أو يعينه. بيان، التمثيل: التنكيل والتعذيب البليغ كأن يقطع بعض أعضائه مثلا أي إذا فعل ذلك في غير حد من الحدود الشرعية. 28 – ب: ابن عيسى: عن البرنظي قال: قلت للرضا عليه السلام: جعلت فداك إن بعض أصحابنا يقولون: نسمع الأمر يحكى عنك وعن آبائك عليهم السلام فنقيس عليه و نعمل به. فقال: سبحان الله ! لا والله ما هذا من دين جعفر، هؤلاء قوم لا حاجة بهم إلينا، قد خرجوا من طاعتنا وصاروا في موضعنا، فأين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفرا و


(1) أراد تقريره على القياس والرأى بأن النبي صلى الله عليه وآله لو لم يقله لكان لك القول بالقياس ورأيك.

[ 300 ]

أبا جعفر ؟ قال جعفر: لا تحملوا على القياس فليس من شئ يعدله القياس إلا والقياس يكسره. بيان: قوله عليه السلام: وصاروا في موضعنا أي رفعوا أنفسهم عن تقليد الإمام و ادعوا الإمامة حقيقة حيث زعموا أنهم يقدرون على العلم بأحكام الله من غير نص، وقوله: فليس من شئ يعدله القياس أي ليس شئ يحكم القياس بعدله وصدقه إلا ويكسره قياس آخر يعارضه، فلا عبرة به ولا يصلح أن يكون مستندا لشئ لوهنه. 29 – ما: المفيد، عن علي بن خالد المراغي، عن أحمد بن الصلت، عن حاجب ابن الوليد، عن الوصاف بن صالح، عن أبي إسحاق، عن خالد بن طليق قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم إنه لا يهيج على التقوى زرع قوم ولا يظمأ على التقوى سنخ أصل، ألا إن الخير كل الخير فيمن عرف قدره، وكفى بالمرء جهلا أن لا يعرف قدره، إن أبغض خلق الله إلى الله رجل قمش علما من أغمار غشوة وأوباش فتنة فهو في عمى عن الهدى الذي اتي به من عند ربه وضال عن سنة نبيه صلى الله عليه واله يظن أن الحق في صحفه، كلا والذي نفس ابن أبي طالب بيده قد ضل وأضل من افترى، سماه رعاع الناس عالما ولم يكن في العلم يوما سالما فكر فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من غير حاصل واستكثر من غير طائل، جلس للناس مفتيا ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم، فإن نزلت به إحدى المهمات هيأ لها حشوا من رأيه ثم قطع على الشبهات، خباط جهالات، ركاب عشوات والناس من علمه في مثل غزل العنكبوت، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيغنم، تصرخ منه المواريث، وتبكي من قضائه الدماء، وتستحل به الفروج الحرام غير مليئ والله بإصدار ما ورد عليه، ولا نادم على ما فرط منه، اولئك الذين حلت عليهم النياحة وهم أحياء. فقال: يا أمير المؤمنين فمن نسأل بعدك وعلى ما نعتمد ؟ فقال: استفتحوا كتاب الله فإنه إمام مشفق، وهاد مرشد، وواعظ ناصح، ودليل يؤدي إلى جنة الله عز وجل. بيان: الإغمار جمع غمر بالضم وهو الجاهل الغر الذي لم يجرب الامور.


[ 301 ]

والعشوة – بالمهملة -: الظلمة والعمى، وبالمعجمة أيضا يرجع إلى معنى العمى. والأوباش أخلاط الناس ورذالهم. وسائر الفقرات قد مر تفسيرها (1) وإنما ذكرناها مكررا للاختلاف الكثير بين الروايات. 30 – ما: عبد الواحد بن محمد، عن ابن عقدة، عن أحمد بن يحيى، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه قال: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة. قال عبد الله: تعلموا ممن علم فعمل. 31 – ما: ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن محمد بن عبد الملك، عن هارون بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال أخبرني علي بن موسى، عن أبيه، عن أبي عبد الله عن أبيه عليهم السلام عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه واله قال في خطبته: إن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. وكان إذا خطب قال في خطبته: أما بعد. فإذا ذكر الساعة اشتد صوته واحمرت وجنتاه ثم يقول صبحتكم الساعة أو مستكم، ثم يقول: بعثت أنا والساعة كهذه من هذه – ويشير بأصبعيه -. بيان: يقال: صبحهم – بالتخفيف والتشديد – أي أتاهم صباحا. 32 – مع: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن ابن معروف، عن حماد، عن حريز، عن ابن مسكان. عن أبي الربيع قال: قلت: ما أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان ؟ قال: الرأي يراه مخالفا للحق فيقيم عليه. سن: أبي، عن حماد مثله. 33 – مع: بهذا الإسناد، عن ابن عيسى، عن الأهوازي، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما أدنى ما يكون به العبد كافرا ؟ قال: أن يبتدع شيئا فيتولى عليه ويبرأ ممن خالفه. 34 – مع: بهذا الإسناد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد العجلي، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما أدنى ما يصير به العبد كافرا ؟ قال: فأخذ


(1) في باب من يجوز أخذ العلم منه. تحت الرقم 59.

[ 302 ]

حصاة من الأرض فقال: أن يقول لهذه الحصاة أنها نواة ويبرأ ممن خالفه على ذلك: ويدين الله بالبراءة ممن قال بغير قوله، فهذا ناصب قد أشرك بالله وكفر من حيث لا يعلم. بيان: التمثيل بالحصاة لبيان أن كل من أبدع شيئا واعتقد باطلا وإن كان في شئ حقير واتخذ ذلك رأيه ودينه وأحب عليه وأبغض عليه فهو في حكم الكافر في شدة العذاب والحرمان عن الزلفى يوم الحساب. 35 – يد: الطالقاني، عن الجلودي، عن الجوهري، عن الضبي، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة قال: قال الحسين بن علي عليهما السلام: من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الارتماس، مائلا عن المنهاج، ظاعنا في الاعوجاج (1)، ضالا عن السبيل، قائلا غير الجميل. الخبر. 36 – ير: ابن عيسى، عن الأهوازي، عن النضر، عن القاسم بن سليمان، عن المعلى بن خنيس (2) عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. يعني من يتخذ دينه رأيه بغير هدى إمام من أئمة الهدى. 37 – ير: ابن عيسى، عن البزنطي، عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. يعني من اتخذ دينه رأيه بغير هدى إمام من أئمة الهدى. 38 – ير: عبد الله بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن الحجال، عن غالب النحوي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ومن أضل ممن اتبع هويه بغير هدى من الله. قال: اتخذ رأيه دينا.


(1) وفى نسخة: طاغيا في الاعوجاج. (2) بضم الخاء المعجمة وفتح النون وسكون الياء قال النجاشي في ص 296: معلى بن خنيس أبو عبد الله، مولى جعفر بن محمد عليهما السلام، ومن قبله كان مولى بنى أسد، كوفى، بزاز، ضعيف جدا، لا يعول عليه، له كتاب يرويه جماعة اه‍. وقال العلامة في القسم الثاني من الخلاصة بعد نقل كلام النجاشي: قال ابن الغضائري: إنه كان في أول أمره مغيريا، ثم دعى إلى محمد بن عبد الله المعروف بالنفس الزكية وفى هذه الظنة أخذه داود بن على فقتله، ولغلاة يضيفون إليه، وقال لا أرى الاعتماد على شئ من حديثه، وروى فيه أحاديث تقتضي الذم واخرى تقتضي المدح وقد ذكرناها في الكتاب الكبير. وقال الشيخ أبو جعفر الطوسى في كتاب الغيبة بغير اسناد: أنه كان من قوام أبى عبد الله عليه السلام، وكان محمودا عنده، ومضى على منهاجه وهذا يقتضى وصفه بالعدالة. انتهى كلامه.

[ 303 ]

39 – ير: عباد بن سليمان، عن سعد بن سعد، عن محمد بن فضيل، عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل ومن أضل ممن اتبع هويه بغير هدى من الله. يعني اتخذ هواه دينه بغير هدى من أئمة الهدى. 40 – ثو: ابن المتوكل، عن محمد بن جعفر، عن النخعي، عن النوفلي، عن السكوني، عن الصادق، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال: يجاء بأصحاب البدع يوم القيامة فترى القدرية من بينهم كالشامة البيضاء في الثور الأسود فيقول الله عز وجل: ما أردتم ؟ فيقولون: أردنا وجهك، فيقول: قد أقلتكم عثراتكم و غفرت لكم زلاتكم إلا القدرية فإنهم دخلوا في الشرك من حيث لا يعلمون. بيان: يطلق القدرية على المجبرة وعلى المفوضة المنكرين لقضاء الله وقدره، و الظاهر أن المراد هنا هو الثاني وسيأتي تحقيقه، والمراد بسائر أرباب البدع من عمل بدعة على جهالة يعذر بها من غير أن يكون ذلك سببا لفساد دينه وكفره كما يؤمي إليه آخر الخبر. 41 – ك: ابن عصام (1) عن الكليني، عن القاسم بن العلاء، عن إسماعيل بن علي، عن ابن حميد (2) عن ابن قيس (3)، عن الثمالي قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة، ولا يصاب إلا بالتسليم، فمن سلم لنا سلم ومن اهتدى بنا هدي، ومن دان بالقياس والرأي هلك، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم. بيان: ” حرجا ” بدل من قوله: ” شيئا ” ولفظة ” من ” في قوله: ” مما نقوله ” تعليلية 42 – ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن حماد، عن حريز رفعه قال: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة سبيلها إلى النار. سن: ابن يزيد مثله.


(1) بكسر العين المهملة بعدها صاد مهملة. (2) هو عاصم بن حميد. (3) هو محمد بن قيس أبو عبد الله البجلى.

[ 304 ]

43 – ثو: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأيا فيحب عليه ويبغض عليه. سن: بعض أصحابنا، عن ابن يزيد مثله. 44 – ثو: ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن أبي الخطاب، عن ابن محبوب، عن محمد بن سنان (1)، عن الثمالي قال قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما أدنى النصب ؟ فقال: أن يبتدع الرجل شيئا فيحب عليه ويبغض عليه. 45 – ثو: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن هارون بن الجهم، عن حفص ابن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من مشى إلى صاحب بدعة فوقره فقد مشى في هدم الإسلام. سن: أبي، عن هارون مثله. 46 – ابن يزيد، عن محمد بن جمهور العمي رفعه قال: من أتى ذا بدعة فعظمه فإنما سعى في هدم الإسلام. 47 – ختص، ير: أحمد بن محمد، عن البرقي، عن صفوان، عن سعيد الأعرج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن من عندنا ممن يتفقه يقولون: يرد علينا ما لا نعرفه في كتاب الله ولا في السنة نقول فيه برأينا. فقال أبو عبد الله عليه السلام: كذبوا ليس شئ إلا وقد جاء في الكتاب وجاءت فيه السنة. 48 – ير: أحمد بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي المعزا، عن سماعة، عن العبد الصالح عليه السلام قال: سألته فقلت: إن اناسا من أصحابنا قد لقوا أباك وجدك وسمعوا منهما الحديث فربما كان الشئ يتبلي به بعض أصحابنا وليس عندهم في ذلك شئ يفتيه وعندهم ما يشبهه، يسعهم أن يأخذوا بالقياس ؟ فقال: لا، إنما هلك من كان قبلكم بالقياس، فقلت له: لم تقول ذلك ؟ فقال: إنه ليس بشئ إلا وقد جاء في الكتاب والسنة.


(1) وفى نسخة: عبد الله بن سنان.

[ 305 ]

ختص: ابن عيسى، عن الحسن بن فضال مثله. بيان: قوله: لم تقول ذلك لعل مراده به أن هذا يضيق الأمر على الناس فأجاب عليه السلام بأنه لا إشكال فيه إذ ما من شئ إلا وقد ورد فيه كتاب أو سنة، أو مراده السؤال عن علة عدم جواز القياس فأجاب عليه السلام بأنه لا حاجة إليه، أو يصير سببا لمخالفة ما ورد في الكتاب والسنة، ويؤيد الثاني ما في الاختصاص: فقلت له: لم لا يقبل ذلك. (1) 49 – ختص، ير: السندي بن محمد، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن حكيم، عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: تفقهنا في الدين وروينا وربما ورد علينا رجل قد ابتلي بشئ صغير الذي ما عندنا فيه بعينه شئ وعندنا ما هو يشبه مثله، أفنفتيه بما يشبهه ؟ قال: لا ومالكم والقياس في ذلك، هلك من هلك بالقياس. قال: قلت: جعلت فداك أتى رسول الله صلى الله عليه واله بما يكتفون به ؟ قال: أتى رسول الله صلى الله عليه واله بما استغنوا به في عهده وبما يكتفون به من بعده إلى يوم القيامة، قال: قلت: ضاع منه شئ ؟ قال: لا، هو عند أهله. بيان: لعل قوله: بالقياس بيان لقوله: في ذلك، ويحتمل أن يكون ” في ذلك ” متعلقا بالقياس. وليس في الاختصاص قوله: بالقياس. 50 – سن: ابن مهران، عن ابن عميرة، عن أبي المعزا، عن سماعة قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: إن عندنا من قد أدرك أباك وجدك وإن الرجل يبتلي بالشئ لا يكون عندنا فيه شئ فنقيس ؟ فقال: إنما هلك من كان قبلكم حين قاسوا. (2) 51 – سن: أبي، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن حكيم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن قوما من أصحابنا قد تفقهوا وأصابوا علما ورووا أحاديث فيرد عليهم الشئ فيقولون برأيهم ؟ فقال: وهل هلك من مضى إلا بهذا وأشباهه ؟. 52 – سن: أبي، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن


(1) ويؤيد الاول ما يأتي بعده من قوله: أتى رسول الله صلى الله عليه وآله بما يكتفون به ؟. (2) الظاهر اتحاده مع ما تقدم تحت الرقم 48 وان اختلفا بالاجمال والتفصيل.

[ 306 ]

موسى بن جعفر عليهما السلام: جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس حتى أن الجماعة منا ليكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه يحضره المسألة ويحضره جوابها منا من الله علينا بكم فربما ورد علينا الشئ لم يأتنا فيه عنك وعن آبائك شئ فننظر إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاءنا منكم فنأخذ به ؟ فقال: هيهات هيهات، في ذلك والله هلك من هلك يا ابن حكيم – ثم قال -: لعن الله أبا حنيفة يقول (1): قال علي وقلت. – قال محمد بن حكيم لهشام بن الحكم: والله ما أردت إلا أن يرخص لي في القياس -. (2) بيان: قوله: ما يسأل رجل صاحبه في بعض النسخ: ” إلا يحضره ” وهو ظاهر وفي أكثر النسخ ” يحضره ” بغير أداة الاستثناء فتكون كلمة ” ما ” نافية أيضا أي لا يحتاج أحد من أهل المجلس أن يسأل صاحبه عن مسألة، وجملة ” يحضره ” مستأنفة أو موصولة و هي مع صلتها مبتداء، وقوله: ” يحضره ” خبر أو الجملة استينافية أو صفة للمجلس والأول أظهر. 53 – سن: الوشاء، عن المثنى، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يرد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب ولا سنة فننظر فيها ؟ (3) فقال: لا أما إنك إن أصبت لم تؤجر وإن كان خطأ كذبت على الله. سن: ابن محبوب أو غيره، عن المثنى مثله. 54 – سن: أبي، عن النضر، عن درست، عن محمد بن حكيم، قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: إنا نتلاقي فيما بيننا فلا يكاد يرد علينا إلا وعندنا فيه شئ، وذلك شئ أنعم الله به علينا بكم، وقد يرد علينا الشئ وليس عندنا فيه شئ وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه ؟ فقال: لا وما لكم وللقياس. ثم قال: لعن الله أبا فلان كان يقول: قال علي – عليه السلام – وقلت، وقال الصحابة وقلت. ثم قال لي: أكنت تجلس إليه ؟ قلت: لا ولكن هذا قوله، فقال أبو الحسن عليه السلام: إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا، وإذا جاءكم ما لا تعلمون


(1) وفي نسخة: كان يقول. (2) الظاهر اتحاده مع ما يأتي تحت الرقم 54. (3) أي برأينا وقياسنا.

[ 307 ]

فها – ووضع يده على فمه – فقلت: ولم ذاك ؟ قال: لأن رسول الله صلى الله عليه واله أتى الناس بما اكتفوا به على عهده وما يحتاجون إليه من بعده إلى يوم القيامة. بيان: الظاهر أن ” ها ” حرف تنبيه، ووضع اليد على الفم إشارة إلى السكوت، وما قيل من أنه اسم فعل بمعنى خذو الإشارة لتعيين موضع الأخذ فلا يخفى بعده. 55 – سن: ابن فضال، عن ابن بكير، عن محمد بن الطيار قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: تخاصم الناس ؟ قلت: نعم. قال: ولا يسألونك عن شئ إلا قلت فيه شيئا ؟ قلت: نعم، قال: فأين باب الرد إذا ؟. 56 – سن: البزنطي، قال: قال رجل ممن أصحابنا لأبي الحسن عليه السلام: نقيس على الأثر نسمع الرواية فنقيس عليها، فأبى ذلك وقال: فقد رجع الأمر إذا إليهم فليس معهم لأحد أمر. بيان: ضميرا الجمع راجعان إلى المعصومين عليهم السلام أي يجب إرجاع الأمر إليهم إذا اشكل عليكم، إذ ليس لأحد معهم أمر ويحتمل رجوعهما إلى أصحاب القياس بل هو أظهر. 57 – سن: عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس فقال: وما لكم وللقياس ؟ إن الله لا يسئل كيف أحل وكيف حرم. 58 – سن: أبي، عن صفوان، عن عبد المؤمن بن الربيع، عن محمد بن بشر الأسلمي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وورقة يسأله، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أنتم قوم تحملون الحلال على السنة، ونحن قوم نتبع على الأثر. بيان: قوله عليه السلام: تحملون الحلال كذا في النسخ ولعله كان بالخاء المعجمة أي تحملون الخصال والأحكام على السنة من غير أن يكون فيها أي تقيسون الأشياء بما ورد في السنة. وعلى المهملة لعل المراد: أنكم تحملون الشئ الحلال الذي لم يرد فيه أمر ولا نهي على ما ورد في السنة فيه أمر أو نهي بالقياس الباطل. 59 – سن: أبي، عن فضالة، عن موسى بن بكر، عن فضيل، عن أبي جعفر عليه السلام


[ 308 ]

قال: إن السنة لا تقاس، وكيف تقاس السنة والحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة ؟ !. 60 – سن: القاسم بن يحيى، عن جده الحسن، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام في كتاب آداب أمير المؤمنين عليه السلام: لا تقيسوا الدين فإن أمر الله لا يقاس، وسيأتي قوم يقيسون وهم أعداء الدين. 61 – ضا: أروي عن العالم عليه السلام أنه قال: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة إلى النار. (1) 62 – ونروي: أن أدنى الشرك أن يبتدع الرجل رأيا فيحب عليه ويبغض. 63 – ونروي: من رد صاحب بدعة عن بدعته فهو سبيل من سبل الله. 64 – وأروي: من دعى الناس إلى نفسه وفيهم من هو أعلم منه فهو مبتدع ضال. 65 – ونروي: من طلب الرئاسة لنفسه هلك فإن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها. 66 – سر: من كتاب المشيخة لابن محبوب عن الهيثم بن واقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن عندنا بالجزيرة رجلا ربما أخبر من يأتيه يسأله عن الشئ يسرق أو شبه ذلك أفنسأله ؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: من مشى إلى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله من كتاب. 67 – سر: من كتاب المشيخة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما أدنى النصب ؟ قال: أن تبتدع شيئا فتحب عليه وتبغض عليه. 68 – غو: قال النبي صلى الله عليه واله: تعمل هذه الامة برهة بالكتاب وبرهة بالسنة وبرهة بالقياس (2)، فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا. 69 – وقال صلى الله عليه واله: إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعيتهم السنن أن يحفظوها، فقالوا في الحلال والحرام برأيهم، فأحلوا ما حرم الله وحرموا ما أحل الله، فضلوا و أضلوا. 70 – جا: الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن حماد بن


(1) يأتي مثله مسندا تحت الرقم 72 وتقدم مثله في باب البدعة والسنة. (2) البرهة بضم الباء وفتحها مع سكون الراء: قطعة من الزمان طويلة أو عموما.

[ 309 ]

عثمان، عن زرارة قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا زرارة إياك وأصحاب القياس في الدين فإنهم تركوا علم ما وكلوا به (1) وتكلفوا ما قد كفوه، يتأولون الأخبار ويكذبون على الله عز وجل، وكأني بالرجل منهم ينادى من بين يديه: قد تاهوا وتحيروا في الأرض والدين. 71 – جا: الصدوق، عن ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لعن الله أصحاب القياس فإنهم غيروا كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه واله واتهموا الصادقين عليهم السلام في دين الله عز وجل. (2) 72 – جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، عن منصور بن أبي يحيى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صعد رسول الله صلى الله عليه واله المنبر فتغيرت وجنتاه والتمع لونه ثم أقبل بوجهه فقال: يا معشر المسلمين إنما بعثت أنا و الساعة كهاتين. قال: ثم ضم السباحتين ثم قال: يا معشر المسلمين إن أفضل الهدى هدى محمد، وخير الحديث كتاب الله، وشر الامور محدثاتها ألا وكل بدعة ضلالة، ألا وكل ضلالة ففي النار، أيها الناس من ترك مالا فلأهله ولورثته، ومن ترك كلا أو ضياعا فعلي وإلي. (3) 73 – كش: محمد بن قولويه، عن سعد، عن محمد بن عبد الله المسمعي، عن ابن أسباط عن محمد بن سنان، عن داود بن سرحان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لاحدث الرجل الحديث وأنهاه عن الجدال والمراء في دين الله، وأنهاه عن القياس، فيخرج من عندي فيأول حديثي على غير تأويله، إني أمرت قوما أن يتكلموا ونهيت قوما، فكل يأول لنفسه، يريد المعصية لله ولرسوله، فلو سمعوا وأطاعوا لأودعتهم ما أودع أبي أصحابه إن أصحاب أبي كانوا زينا أحياءا وأمواتا.


(1) لعل المراد أنهم تركوا علم ما يجب معرفته أي معرفة الامام ومن يجب الرجوع إليه في أمر الدين وتكلفوا ما قد بينوه الائمة ومن عندهم علم الكتاب (2) لانهم لم يقبلوا من الصادقين ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله، ويلجئون إلى القياس والرأى زعما عدم ورود النص منه صلى الله عليه وآله. (3) تقدم الحديث مع شرح ألفاظه في باب البدعة والسنة.

[ 310 ]

74 – كش: جبرئيل بن أحمد، عن اليقطيني، عن يونس، عن عمر بن أبان، عن عبد الرحيم القصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ائت زرارة وبريدا وقل لهما: ما هذه البدعة ؟ أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه واله قال: كل بدعة ضلالة. فقلت له: إني أخاف منهما فأرسل معي ليث المرادي، فأتينا زرارة فقلنا له ما قال أبو عبد الله عليه السلام، فقال: والله لقد أعطاني الاستطاعة وما شعر، وأما بريد فقال: والله لا أرجع عنها أبدا. بيان: كان بدعتهما في القول بالاستطاعة وسيأتي تحقيقها. 75 – ختص: علاء (1)، عن محمد قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام (2) يقول: لا دين لمن دان بطاعة من يعصي الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله. أقول: قال أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد – بعد إقامة الدلائل على مخاصم كان يجوز القياس في الشرعيات -: ولو فرضنا جواز تكليف العباد بالقياس في السمعيات لم يكن بد من ورود السمع بذلك، إما في القرآن أو في صحيح الأخبار، وفي خلو السمع من تعلق التكليف به دلالة على أن الله تعالى لم يكلف خلقه به. قال: فإنا نجد ذلك في آيات القرآن وصحيح الأخبار، قال الله عز وجل: فاعتبروا يا اولي الأبصار (3) فأوجب الاعتبار وهو الاستدلال والقياس، وقال: فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم. (4) فأوجب بالمماثلة المقائسة، وروي أن النبي صلى الله عليه واله لما أرسل معاذا إلى اليمن قال له: بماذا تقضي ؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه واله قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه واله ؟ قال: أجتهد رأيي، فقال صلى الله عليه واله: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه الله ورسوله. وروي عن الحسن بن علي عليه السلام أنه سئل فقيل: بماذا كان يحكم أمير المؤمنين عليه السلام ؟ قال: بكتاب الله، فإن لم يجد فسنة رسول الله، فإن لم يجد رجم فأصاب. فهذا كله دليل على صحة القياس والأخذ بالاجتهاد والظن والرأي.


(1) هو العلاء بن رزين. (2) وفى نسخة: سمعت أبا عبد الله عليه السلام. (3) الحشر: 2. (4) المائدة: 95.

[ 311 ]

فقلت له: أما قول الله: فاعتبروا يا اولي الأبصار. فليس لك حجة على موضع القياس، لأن الله تعالى ذكر أمر اليهود وجنايتهم على أنفسهم في تخريب بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ما يستدل به على حقية رسول الله صلى الله عليه واله، وأن الله تعالى أمده بالتوفيق ونصره وخذل عدوه، وأمر الناس باعتبار ذلك ليزدادوا بصيرة في الإيمان، وليس هذا بقياس في المشروعات ولا فيه أمر بالتعويل على الظنون في استنباط الأحكام. وأما قوله سبحانه: يحكم به ذوا عدل منكم. ليس فيه أن العدلين يحكمان في جزاء الصيد بالقياس، وإنما تعبد الله عباده بإنفاذ الحكم في الجزاء عند حكم العدلين بما علماه من نص الله تعالى، ولو كان حكمهما قياسا لكانا إذا حكما في جزاء النعامة بالبدنة قد قاسا مع وجود النص بذلك، فيجب أن يتأمل هذا. وأما الخبران اللذان أوردتهما فهما من أخبار الآحاد التي لا تثبت بهما الاصول المعلومة في العبادات، على أن رواة خبر معاذ مجهولون وهم في لفظه أيضا مختلفون فمنهم روى أنه لما قال: أجتهد رأيي. قال له عليه السلام: لا، اكتب إلي أكتب إليك. ولو سلمنا صيغة الخبر على ما ذكرت لاحتمل أن يكون معنى ” أجتهد رأيي “: إني أجتهد حتى أجد حكم الله تعالى في الحادثة من الكتاب والسنة. وأما رواية الحسن عليه السلام ففيه تصحيف ممن رواه والخبر المعروف أنه قال: فإن لم يجد شيئا في السنة زجر فأصاب. يعني بذلك: القرعة بالسهام، وهو مأخوذ من الزجر، والفال والقرعة عندنا من الأحكام المنصوص عليها وليست بداخلة في القياس، والآيات والأخبار دالة على نفيه، (1) قال الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون. (2) لسنا نشك أن الحكم بالقياس حكم بغير التنزيل. وقال سبحانه: ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب. (3) ومستخرج الحكم في الحادثة بالقياس لا يصح أن يضيفه إلى الله ولا إلى رسوله، وإذا لم يصح إضافته إليهما فإنما هو مضاف إلى القائس وهو المحلل والمحرم في الشرع من عنده وكذب


(1) تقدم روايات في حكاية ذلك عن على عليه السلام في باب أنهم عليهم السلام عندهم مواد العلم. (2) المائدة: 44. (3) النحل: 116.

[ 312 ]

وصفه بلسانه، وقال سبحانه: ولا تقف ما ليس لك به علم. الآية. (1) ونحن نعلم أن القائس معول على الظن دون العلم. وأما الاخبار فمنه قول رسول الله صلى الله عليه واله: ستفترق امتي على بضع وسبعين فرقة أعظمها فتنة على امتي قوم يقيسون الامور برأيهم فيحرمون الحلال ويحللون الحرام. وقول أمير المؤمنين عليه السلام: إياكم والقياس في الأحكام فإنه أول من قاس إبليس. وقال الصادق عليه السلام: إياكم وتقحم المهالك باتباع الهوى والمقائيس، قد جعل الله للقرآن أهلا أغناكم بهم عن جميع الخلائق، لا علم إلا ما أمروا به قال الله تعالى: فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. (2) إيانا عنى. وجميع أهل البيت عليهم السلام أفتوا بتحريم القياس وروي عن سلمان رحمة الله عليه أنه قال: ما هلكت امة حتى قاست في دينها (3) وكان ابن مسعود يقول: هلك القائسون. وقد روى هشام بن عروة، عن أبيه قال: كان أمر بني إسرائيل لم يزل معتدلا حتى نشأ فيهم أبناء سبايا الامم فقالوا فيهم بالرأي فأضلوهم. وقال ابن عيينة: فما زال أمر الناس مستقيما حتى نشأ فيهم ربيعة الرأي بالمدينة وأبو حنيفة بالكوفة، وعثمان بالبصرة، وأفتوا الناس وفتنوهم، فنظرناهم فإذا هم أولاد سبايا الامم. وفي هذا القدر من الأخبار غنى عن الإطالة والإكثار. 76 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اعلموا عباد الله أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاما أول، ويحرم العام ما حرم عاما أول، وأن ما أحدث الناس لا يحل لكم شيئا مما حرم عليكم، ولكن الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله، فقد جربتم الامور وضرستموها، ووعظتم بمن كان قبلكم، ضربت الأمثال لكم، و دعيتم إلى الأمر الواضح فلا يصم عن ذلك إلا أصم، ولا يعمى عن ذلك إلا أعمى، و من لم ينفعه الله بالبلاء والتجارب لم ينتفع بشئ من العظة، وأتاه التقصير من إمامه حتى يعرف ما أنكر وينكر ما عرف، وإنما الناس رجلان متبع شرعة ومتبع بدعة، ليس معه من الله برهان سنة ولا ضياء حجة، وان الله سبحانه لم يعظ أحدا بمثل القرآن


(1) الاسرى: 36. (2) النحل: 43، الانبياء: 7. (3) وقوله رحمه الله يكشف عن ورود النص فيه لانه لا يقول شيئا برأيه.

[ 313 ]

فإنه حبل الله المتين وسببه الأمين، وفيه ربيع القلب وينابيع العلم، وما للقلب جلاء غيره – وساق الخطبة إلى قوله -: فإياكم والتلون في دين الله فإن جماعة فيما تكرهون من الحق خير من فرقة فيما تحبون من الباطل، وإن الله سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممن مضى ولا ممن بقي. بيان: أول الكلام إشارة إلى المنع من العمل بالآراء والمقائيس والاجتهادات الباطلة. والتضريس: الإحكام. حتى يعرف ما أنكر أي يتخيل أنه عرفه ولم يعرفه بدليل وبرهان. ولا ضياء حجة تعميم بعد التخصيص. والتلون أيضا العمل بالآراء والمقائيس فإنها تستلزم اختلاف الأحكام. 77 – سن: أبي، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام في رسالته إلى أصحاب الرأي والقياس: أما بعد فإنه من دعا غيره إلى دينه بالارتياء والمقائيس لم ينصف ولم يصب حظه، لأن المدعو إلى ذلك لا يخلو أيضا من الارتياء والمقائيس، ومتى ما لم يكن بالداعي قوة في دعائه على المدعو لم يؤمن على الداعي أن يحتاج إلى المدعو بعد قليل لأنا قد رأينا المتعلم الطالب ربما كان فائقا للمعلم ولو بعد حين، ورأينا المعلم الداعي ربما احتاج في رأيه إلى رأي من يدعو، وفي ذلك تحير الجاهلون وشك المرتابون وظن الظانون، ولو كان ذلك عند الله جائزا لم يبعث الله الرسل بما فيه الفصل ولم ينه عن الهزل ولم يعب الجهل، ولكن الناس لما سفهوا الحق وغمطوا النعمة، واستغنوا بجهلهم وتدابيرهم عن علم الله واكتفوا بذلك دون رسله والقوام بأمره، وقالوا: لا شئ إلا ما أدركته عقولنا وعرفته ألبابنا، فولاهم الله ما تولوا وأهملهم وخذلهم حتى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون ولو كان الله رضي منهم اجتهادهم وارتياءهم فيما ادعوا من ذلك لم يبعث الله إليهم فاصلا لما بينهم ولا زاجرا عن وصفهم، وإنما استدللنا أن رضى الله غير ذلك ببعثة الرسل بالامور القيمة الصحيحة، والتحذير عن الامور المشكلة المفسدة، ثم جعلهم أبوابه و صراطه والأدلاء عليه بامور محجوبة عن الرأي والقياس، فمن طلب ما عند الله بقياس ورأي لم يردد من الله إلا بعدا، ولم يبعث رسولا قط وإن طال عمره قابلا من الناس خلاف ما جاء به حتى يكون متبوعا مرة وتابعا اخرى، ولم ير أيضا فيما جاء به استعمل


[ 314 ]

رأيا ولا مقياسا حتى يكون ذلك واضحا عنده كالوحي من الله، وفي ذلك دليل لكل ذى لب وحجى، إن أصحاب الرأي والقياس مخطئون مدحضون وإنما الاختلاف فيما دون الرسل لا في الرسل، فإياك أيها المستمع أن تجمع عليك خصلتين: إحديهما القذف بما جاش بصدرك واتباعك لنفسك إلى غير قصد ولا معرفة حد، والاخرى استغناؤك عما فيه حاجتك وتكذيبك لمن إليه مردك، وإياك وترك الحق سأمة وملالة وانتجاعك الباطل جهلا وضلالة، لأنا لم نجد تابعا لهواه جائزا عما ذكرنا قط رشيدا فانظر في ذلك. بيان: جاش أي غلا، ويقال: انتجعت فلانا إذا أتيته تطلب معروفه. ولا يخفى عليك بعد التدبر في هذا الخبر وأضرابه أنهم سدوا باب العقل بعد معرفة الإمام (1) وأمروا بأخذ جميع الامور منهم، ونهوا عن الاتكال على العقول الناقصة في كل باب 78 – سن: بعض أصحابنا، عمن ذكره، عن معاوية بن ميسرة بن شريح، قال شهدت أبا عبد الله عليه السلام في مسجد الخيف وهو في حلقة فيها نحو من ماءتى رجل وفيهم عبد الله بن شبرمة فقال: يا أبا عبد الله إنا نقضي بالعراق فنقضي من الكتاب والسنة، وترد علينا المسألة فنجتهد فيها بالرأي. قال: فأنصت الناس جميع من حضر للجواب، وأقبل أبو عبد الله عليه السلام على من على يمينه يحدثهم، فلما رأى الناس ذلك أقبل بعضهم إلى بعض وتركوا الإنصات، ثم تحدثوا ما شاء الله، ثم إن ابن شبرمة قال: يا أبا عبد الله إنا قضاة العراق وإنا نقضي بالكتاب والسنة وإنه ترد علينا أشياء ونجتهد فيها الرأي قال: فأنصت جميع الناس للجواب وأقبل أبو عبد الله عليه السلام على من على يساره يحدثهم فلما رأى الناس ذلك أقبل بعضهم على بعض وتركوا الإنصات، ثم إن ابن شبرمة سكت ما شاء الله، ثم عاد لمثل قوله، فأقبل أبو عبد الله عليه السلام فقال: أي رجل كان علي بن أبي طالب ؟ فقد كان


(1) هذا ما يراه الاخباريون وكثير من غيرهم وهو من أعجب الخطاء، ولو ابطل حكم العقل بعد معرفة الامام كان فيه ابطال التوحيد والنبوة والامامة وسائر المعارف الدينية، و كيف يمكن أن ينتج من العقل نتيجة ثم يبطل بها حكمه وتصدق النتيجة بعينها، ولو اريد بذلك أن حكم العقل صادق حتى ينتج ذلك ثم يسد بابه كان معناه تبعية العقل في حكمه للنقل وهو أفحش فسادا فالحق: أن المراد من جميع هذه الاخبار النهى عن اتباع العقليات فيما لا يقدر الباحث على تميز المقدمات الحقة من المموهة الباطلة. ط

[ 315 ]

عندكم بالعراق ولكم به خبر، قال: فأطراه ابن شبرمة وقال قولا عظيما. فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فإن عليا عليه السلام أبى أن يدخل في دين الله الرأي وأن يقول في شئ من دين الله بالرأي والمقائيس. فقال أبو ساسان: فلما كان الليل دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال لي: يا أبا ساسان لم يدعني صاحبكم ابن شبرمة حتى أجبته، ثم قال: لو علم ابن شبرمة من أين هلك الناس ما دان بالمقائيس ولا عمل بها. بيان: الاطراء: مجاوزة الحد في المدح. 79 – سن: ابن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: إن لله عند كل بدعة تكون بعدي يكاد بها الإيمان وليا من أهل بيتي موكلا به يذب عنه، ينطق بإلهام من الله ويعلن الحق وينوره ويرد كيد الكائدين ويعبر عن الضعفاء، فاعتبروا يا اولي الأبصار، وتوكلوا على الله. بيان: قوله: يكاد من الكيد بمعنى المكر والخدعة والحرب، ويحتمل أن يكون المراد أن يزول بها الإيمان. وقوله عليه السلام: ويعبر عن الضعفاء أي يتكلم من جانب الضعفاء العاجزين عن دفع الفتن والشبه الحادثة في الدين. 80 – سن: أبي، عن عبد الله بن المغيرة، ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا رأي في الدين. 81 – سن: أبي، عن فضالة، عن أبان الأحمر، عن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أصحاب المقائيس طلبوا العلم بالمقائيس فلم تزدهم المقائيس من الحق إلا بعدا، وإن دين ألله لا يصاب بالمقائيس. 82 – سن: أبي، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لأبي حنيفة: ويحك إن أول من قاس إبليس، فلما أمره بالسجود لآدم قال: خلقتني من نار وخلقته من طين. 83 – سن: ابن فضال، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب علي أمير المؤمنين عليه السلام الناس فقال: أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، يقلد فيها رجال رجالا، ولو أن الباطل


[ 316 ]

خلص لم يخف على ذي حجى، ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى. بيان: الحجى كإلى: العقل. والضغث قطعة من حشيش مختلطة الرطب باليابس. وقوله: سبقت لهم من الله الحسنى أي العاقبة الحسنى أو المشيئة الحسنى في سابق علمه وقضائه. 84 – سر: من كتاب أبي القاسم بن قولويه، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام، عن النبي صلى الله عليه واله قال: من دعا إلى ضلال لم يزل في سخط الله حتى يرجع منه، ومن مات بغير إمام مات ميتة جاهلية. (باب 35) * (غرائب العلوم من تفسير أبجد وحروف المعجم) * * (وتفسير الناقوس وغيرها) * 1 – مع، لى، يد: الطالقاني، عن أحمد الهمداني، قال: حدثنا جعفر بن عبد الله ابن جعفر بن محمد بن أبي طالب، قال: حدثنا كثير بن عياش القطان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام قال: لما ولد عيسى بن مريم – على نبينا وآله و عليه السلام – كان ابن يوم كأنه ابن شهرين، فلما كان ابن سبعة أشهر أخذت والدته بيده وجاءت به إلى الكتاب، وأقعدته بين يدي المؤدب فقال له المؤدب: قل: بسم الله الرحمن الرحيم فقال عيسى – على نبينا وآله وعليه السلام -: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال له المؤدب: قل: أبجد فرفع عيسى – على نبينا وآله وعليه السلام – رأسه فقال: وهل تدري ما أبجد ؟ فعلاه بالدرة ليضربه، فقال: يا مؤدب لا تضربني إن كنت تدري، وإلا فاسألني حتى افسر ذلك، فقال: فسر لى، فقال عيسى – على نبينا وآله وعليه السلام -: أما الألف: آلاء الله، والباء: بهجة الله، والجيم: جمال الله، والدال: دين الله. هوز: الهاء هي هول جهنم، والواو: ويل


(1) لعل تأخيره عليه السلام السؤال كان لتحقير الكلام الباطل وعدم الاعتناء بشأنه، أو لتهيئة جميع الحاضرين للجواب وحصول توجه تام إليه حتى يقع الكلام موقعه ويغلب الحق على الباطل ويفحم الخصم المكابر.

[ 317 ]

لأهل النار، والزاى: زفير جهنم. حطي: حطت الخطايا عن المستغفرين. كلمن: كلام الله لا مبدل لكلماته. سعفص: صاع بصاع، والجزاء بالجزاء، قرشت: قرشهم فحشرهم. فقال المؤدب: أيتها المرأة خذي بيد ابنك فقد علم، ولا حاجة في المؤدب. بيان: قال الفيروز آبادي: الكتاب كرمان: الكاتبون، والمكتب كمقعد: موضع التعليم، وقول الجوهري: المكتب والكتاب واحد غلط، وقال: قرشه يقرشه ويقرشه: قطعه وحمعه من ههنا وههنا وضم بعضه إلى بعض. أقول: هذا الخبر والأخبار الآتية تدل على أن للحروف المفردة وضعا ودلالة على معان وليست فائدتها منحصرة في تركب الكلمات منها، ولا استبعاد في ذلك، و قد روت العامة في ” الم ” عن ابن عباس أن الألف آلاء الله، واللام: لطفه، والميم: ملكه. وتأويلها بأن المراد التنبيه على أن هذه الحروف منبع الأسماء ومبادي الخطاب وتمثيل بأمثلة حسنة تكلف مستغنى عنه. 2 – مع، لى، يد: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، وأحمد بن الحسن بن فضال، عن ابن فضال، عن ابن أسباط، عن الحسن بن زيد، عن محمد بن سالم عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سأل عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه واله فقال: يا رسول الله ما تفسير أبجد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله: تعلموا تفسير أبجد فإن فيه الأعاجيب كلها، ويل لعالم جهل تفسيره، فقيل: يا رسول الله ما تفسير أبجد ؟ قال: أما الألف فآلاء الله حرف من أسمائه، وأما الباء فبهجة الله، وأما الجيم فجنة الله وجلال الله وجماله، وأما الدال فدين الله. وأما هوز: فالهاء هاء الهاوية، فويل لمن هوى في النار، وأما الواو فويل لأهل النار، وأما الزاى فزاوية في النار، فنعوذ بالله مما في الزاوية – يعنى زوايا جهنم – وأما حطي: فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر، وما نزل به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر، وأما الطاء فطوبى لهم وحسن مآب وهي شجرة غرسها الله عز وجل ونفخ فيها من روحه، وأن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تثبت بالحلي والحلل متدلية على أفواههم، وأما الياء فيد الله فوق خلقه سبحانه وتعالى عما يشركون. وأما كلمن: فالكاف كلام الله لا تبديل لكمات الله ولن تجد


[ 318 ]

من دونه ملتحدا، وأما اللام فإلمام أهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام، و تلاوم أهل النار فيما بينهم، وأما الميم فملك الله الذي لا يزول، ودوام الله الذي لا يفنى، وأما النون فنون والقلم وما يسطرون، فالقلم قلم من نور، وكتاب من نور في لوح محفوظ، يشهده المقربون وكفى بالله شهيدا، وأما سعفص: فالصاد صاع بصاع، وفص بفص – يعني الجزاء بالجزاء – وكما تدين تدان، إن الله لا يريد ظلما للعباد. وأما قرشت يعني قرشهم فحشرهم ونشرهم إلى يوم القيامة فقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون. ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الأشعري، عن ابن أبي الخطاب وأحمد إلى آخر الخبر، إلا أن فيه: غرسها الله عز وجل بيده، والحلل والثمار متدلية. قال الصدوق رحمه الله في كتاب معاني الأخبار بعد رواية هذا الخبر: حدثنا بهذا الحديث أبو عبد الله بن حامد، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن البخاري – ببخارا – قال: حدثنا أحمد بن يعقوب بن أخي سهل بن يعقوب البزاز قال: حدثنا إسحاق ابن حمزة، قال: حدثنا أبو أحمد عيسى بن موسى الغنجار، عن محمد بن زياد السكري، عن الفرات بن سليمان، عن أبان، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: تعلموا تفسير أبي جاد، فإن فيه الأعاجيب كلها – وذكر الحديث مثله سواء حرفا بحرف – انتهى بيان: الإلمام: النزول، وقوله: فص بفص أي يجزي بقدر الفص إذا ظلم أحد بمثله، أي يجزي لكل حقير وخطير. وقوله: كما تدين تدان على سبيل مجاز المشاكلة أي كما تفعل تجازى. 3 – مع، ن، لى، يد: حدثنا محمد بن بكران النقاش رضي الله عنه – بالكوفة سنة أربع وخمسين وثلاث مائة – قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني مولى بني هاشم، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: إن أول خلق الله عز وجل ليعرف به خلقه الكتابة حروف المعجم، وإن الرجل إذا ضرب على رأسه بعصى فزعم أنه لا يفصح ببعض الكلام فالحكم فيه أن تعرض عليه حروف المعجم ثم يعطي الدية بقدر ما لم يفصح منها، ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أمير المؤمنين عليهم السلام في ” ا ب ت ث ” قال: الألف آلاء الله، والباء بهجة الله،


[ 319 ]

والتاء تمام الأمر بقائم آل محمد عليه السلام، والثاء ثواب المؤمنين على أعمالهم الصالحة، ” ج ح خ ” فالجيم جمال الله وجلال الله، والحاء حلم الله عن المذنبين، والخاء خمول ذكر أهل المعاصي عند الله عز وجل ” د ذ ” فالدال دين الله، والذال من ذي الجلال ” ر ز ” فالراء من الرؤوف الرحيم، والزاي زلازل القيامة ” س ش ” فالسين سناء الله، والشين شاء الله ما شاء وأراد ما أراد، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ” ص ض ” فالصاد من صادق الوعد في حمل الناس على الصراط وحبس الظالمين عند المرصاد، والضاد ضل من خالف محمدا وآل محمد صلى الله عليه واله ” ط ظ ” فالطاء طوبى للمؤمنين وحسن مآب، والظاء ظن المؤمنين به خيرا، و ظن الكافرين به سواء ” ع غ ” فالعين من العالم، والغين من الغي، ” ف ق ” فالفاء فوج من أفواج النار، والقاف قرآن على الله جمعه وقرآنه ” ك ل ” فالكاف من الكافي، واللام لغو الكافرين في افترائهم على الله الكذب ” م ن ” فالميم ملك الله يوم لا مالك غيره، ويقول عز وجل: لمن الملك اليوم ؟ ثم ينطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه فيقولون: لله الواحد القهار، فيقول جل جلاله: اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب، والنون نوال الله للمؤمنين ونكاله بالكافرين ” وه‍ ” فالواو ويل لمن عصى الله، والهاء هان على الله من عصاه ” لا ى ” فلام ألف لا إله إلا الله وهي كلمة الإخلاص ما من عبد قالها مخلصا إلا وجبت له الجنة، والياء يد الله فوق خلقه باسطة بالرزق، سبحانه وتعالى عما يشركون. ثم قال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب، ثم قال: قل: لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. 4 – يد، مع: أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقري الحاكم، عن أبي عمرو محمد بن جعفر المقري الجرجاني، عن أبي بكر محمد بن الحسن الموصلي، عن محمد بن عاصم الطريفي، عن أبي زيد عباس بن يزيد بن الحسن بن علي النخال مولى زيد بن علي، قال: أخبرني أبي يزيد بن الحسن، قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي عليهم السلام قال: جاء يهودي إلى


[ 320 ]

النبي صلى الله عليه واله وعنده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له: ما الفائدة في حروف الهجاء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه واله لعلي عليه السلام: أجبه وقال: اللهم وفقه و سدده، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: ما من حرف إلا وهو اسم من أسماء الله عز وجل، ثم قال: أما الألف فالله الذى لا إله إلا هو الحي القيوم، وأما الباء فباق بعد فناء خلقه، وأما التاء فالتواب يقبل التوبة عن عباده (1)، وأما الثاء فالثابت الكائن يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، وأما الجيم فجل ثناؤه وتقدست أسماؤه، وأما الحاء فحق حي حليم، وأما الخاء فخبير بما يعمل العباد، وأما الدال فديان يوم الدين، وأما الذال فذوا الجلال والإكرام: وأما الراء فرؤوف بعباده، وأما الزاى فزين المعبودين، وأما السين فالسميع البصير، وأما الشين فالشاكر لعباده المؤمنين، أما الصاد فصادق في وعده ووعيده، وأما الضاد فالضار النافع، وأما الطاء فالطاهر المطهر، وأما الظاء فالظاهر المظهر لآياته، وأما العين فعالم بعباده، وأما الغين فغياث المستغيثين، وأما الفاء ففالق الحب والنوى، وأما القاف فقادر على جميع خلقه، وأما الكاف فالكافي الذى لم يكن له كفوا أحد ولم يلد ولم يولد، أما اللام فلطيف بعباده، أما الميم فمالك الملك، وأما النون فنور السماوات و الأرض من نور عرشه، وأما الواو فواحد صمد لم يلد ولم يولد، أما الهاء فهادي لخلقه، أما اللام ألف فلا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أما الياء فيد الله باسطة على خلقه، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: هذا هو القول الذي رضي الله عز وجل لنفسه من جميع خلقه. فأسلم اليهودي. بيان: قوله عليه السلام: وأما الضاد فالضار النافع ذكر النافع إما على الاستطراد أو لبيان أن ضرره تعالى عين النفع لأنه خير محض، مع أنه يحتمل أن يكون موضوعا لهما معا، وكذا الواو يحتمل أن يكون موضوعا للواحد، وذكر ما بعده لبيان أن واحديته تعالى تستلزم تلك الصفات، وأن يكون موضوعا للجميع. 5 – مع: وروي في خبر آخر: أن شمعون سأل النبي صلى الله عليه واله فقال: أخبرني ما أبو جاد ؟ وما هوز ؟ وما حطي ؟ وما كلمن ؟ وما سعفص ؟ وما قرشت ؟ وما كتب ؟


(1) وزاد في نسخة: ويعفو عن السيئات.

[ 321 ]

فقال رسول الله صلى الله عليه واله: أما أبو جاد فهو كنية آدم – على نبينا وآله وعليه السلام – ابى أن يأكل من الشجرة فجاد فأكل، وأما هوز هوى من السماء فنزل إلى الأرض، وأما حطي أحاطت به خطيئته، وأما كلمن كلمات الله عز وجل، وأما سعفص قال الله عز وجل: صاع بصاع كما تدين تدان، وأما قرشات أقر بالسيئات فغفر له، وأما كتب فكتب الله عز وجل عنده في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق آدم بألفي عام، إن آدم خلق من التراب وعيسى خلق بغير أب فأنزل الله عز وجل تصديقه، إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب. قال: صدقت يا محمد. بيان: لعلهم كانوا يقولون مكان أبجد: أبو جاد، إشعارا بمبدء اشتقاقه فبين صلى الله عليه واله ذلك لهم، وقوله صلى الله عليه واله: جاد إما من الجود بمعنى العطاء أي جاد بالجنة حيث تركها بارتكاب ذلك، أو من جاد إليه أي اشتاق، وأما قرشات فيحتمل أن يكون معناه في لغتهم الإقرار بالسيئات، أو يكون من القرش بمعنى الجمع أي جمعها فاستغفر لها، أو بمعنى القطع أي بالاستغفار قطعها عن نفسه، وإنما اكتفى بهذه الكلمات لأنه لم يكن في لغتهم أكثر من ذلك على ما هو المشهور، قال الفيروز آبادي: وأبجد إلى قرشت و رئيسهم كلمن، ملوك مدين وضعوا الكتابة العربية على عدد حروف أسمائهم، هلكوا يوم الظلة، ثم وجدوا بعدهم: ثخذ ضظغ فسموها الروادف. وأما كتب فلعله كان هذا اللفظ مجملا في كتبهم، أو على ألسنتهم ولم يعرفوا ذلك فسأله صلى الله عليه واله عن ذلك. 6 – لى، مع: صالح بن عيسى العجلي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي الفقيه، قال: حدثنا أبو نصر الشعراني – في مسجد حميد – قال: حدثنا سلمة بن الوضاح، عن أبيه، عن أبي إسرائيل، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عاصم بن ضمرة، عن الحارث الأعور قال: بينا أنا أسير مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الحيرة إذا نحن بديراني يضرب بالناقوس، قال: فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: يا حارث أتدري ما يقول هذا الناقوس ؟ قلت: الله ورسوله وابن عم رسوله أعلم. قال: إنه يضرب مثل الدنيا و خرابه ويقول: لا إله إلا الله حقا حقا، صدقا صدقا، إن الدنيا قد غرتنا وشغلتنا و استهوتنا واستغوتنا، يا ابن الدنيا مهلا مهلا، يا ابن الدنيا دقا دقا، يا ابن الدنيا جمعا جمعا، عن أبيه، عن أبي إسرائيل، عن أبي إسحاق الهمداني، عن عاصم بن ضمرة، عن الحارث الأعور قال: بينا أنا أسير مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في الحيرة إذا نحن بديراني يضرب بالناقوس، قال: فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: يا حارث أتدري ما يقول هذا الناقوس ؟ قلت: الله ورسوله وابن عم رسوله أعلم. قال: إنه يضرب مثل الدنيا و خرابه ويقول: لا إله إلا الله حقا حقا، صدقا صدقا، إن الدنيا قد غرتنا وشغلتنا و استهوتنا واستغوتنا، يا ابن الدنيا مهلا مهلا، يا ابن الدنيا دقا دقا، يا ابن الدنيا جمعا جمعا،


[ 322 ]

تفني الدنيا قرنا قرنا، ما من يوم يمضي عنا، إلا وهي أوهى منا ركنا، قد ضيعنا دارا تبقى، واستوطنا دارا تفنى، لسنا ندري ما فرطنا، فيها إلا لو قد متنا. قال الحارث: يا أمير المؤمنين النصارى يعلمون ذلك ؟ قال: لو علموا ذلك لما اتخذوا المسيح إلها من دون الله عز وجل، قال: فذهبت إلى الديراني فقلت له: بحق المسيح عليك لما ضربت بالناقوس على الجهة التي تضربها. قال: فأخذ يضرب وأنا أقول حرفا حرفا حتى بلغ إلى قوله: إلا لو قد متنا. فقال: بحق نبيكم من أخبرك بهذا ؟ قلت: هذا الرجل الذي كان معي أمس، قال: وهل بينه وبين النبي من قرابة ؟ قلت: هو ابن عمه، قال: بحق نبيكم أسمع هذا من نبيكم ؟ قال: قلت نعم. فأسلم ثم قال: والله إني وجدت في التورية أنه يكون في آخر الأنبياء نبي وهو يفسر ما يقول الناقوس. إلى هنا تم الجزء الثاني من كتاب بحار الأنوار من هذه الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيمة، وفوائد جمة ثمينة، وبه ينتهي الجزء الأول من الطبع الكمپاني، ويبدء الجزء الثالث من هذه الطبعة من ثاني أجزاء الكمپاني – والله المستعان – ويحوي هذا الجزء 1076 حديثا في 28 بابا جمادى الاولى 1376 ه‍

اترك تعليقاً