الأمالي – محمد بن محمد بن النعمان المفيد

الأمالي

الشيخ المفيد


[ 1 ]

كتاب الامالى لفخر الشيعة ابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادي الملقب بالشيخ المفيد (ره) المتوفى 413 تحقيق الحسين استاد ولي على اكبر الغفاري منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية قم المقدسة


[ 2 ]

الامالى ؟ كتاب كريم فيه اثنان وأربعون مجلسا تحتوي ” 387 ” حديثا بأسانيدها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعترته عليهم السلام في شتى البحوث. جميع حقوق الكتاب بهذه الصورة المزدانة بالحواشي والتقدمة والفهارس محفوظ للناشر المطبعة الاسلامية 1403 ه‍. ق


[ 3 ]

شكر وتقدير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم، والصلاة على رسوله الامين وآله الائمة الميامين، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أما بعد: فقد راجعني صديقي الاعز الفاضل الالمعي ” الحسين أستادولي ” وسألني مصرا وألح علي كرارا أن أختار له كتابا من بين روائع التراث المذهبي وأقلده تحقيقه، ليعمله خدمة للحنيفية البيضاء، وإحياء لما دثر من مآثر الشريعة الغراء، فترويت في ذلك زمانا، وارتأيت فيه أياما (1)، فبعد أن آنست منه نور الولاء، وعاينت فيه آثار الجد والوفاء، وشاهدت له آية الاخلاص، ووجدته أهلا لذلك بمراس، استصوبت مأموله، واستجبت مسؤوله، واخترت له هذا الاثر لكونه سمرا بلا سهر، وصفوا بلا كدر، أمتن المتون حبالا، وأرسخها جبالا، وأجملها آثارا، وأسطعها أنوارا، وأتقنها أخبارا، وهو في صغر حجمه سحابة غيمها نعمة سابغة، وغيثها حكمة بالغة، رقية لقلب السليم (2) وراحة لصدر الكظيم، وشفاء لعين، الضرير (3) كقميص يوسف إذ جاء به البشير، وهو مع كونه قليل الاوراق


(1) تروى في الامر أي تأمل. وأرتاى الامر أي نظر فيه وتدبره. (2) السليم: هو الذى لسعته العقرب، أو لدغته الحية. (3) الضرير: هو الذى ذهب بصره.

[ 4 ]

جؤنة حافلة بنفيس الاعلاق (1)، وفي عدم نظم المواضيع يشبه عقدا منفصما تناثرت منه اللئالي، وبساطا مبسوطا منشورة عليه الدراري، وهذا هو شأن كتب الامالي لاي أحد من العظماء الاقاصي منهم والاداني. ترى فيه اللؤلؤ والمرجان، والدر الوضاء، والحكمة البالغة، والبراهين الواضحة، والدروس الراقية. وامتاز عن غيره بإيراد التاريخ الصحيح من الحوادث المظلمة التي وقعت في الصدر الاول وذكر موضع أهل البيت عليهم السلام فيها وما أمروا أتباعهم بها وغير ذلك، وقد طوينا عن تفصيلها كشحا. وأما المطبوع منه سابقا فمن كثرة الاغلاط والتحريفات استترت شمسه بالسحاب، وتوارت أنجمه بالنقاب، واختفت غرة وجهه بالحجاب، فعز على الباحث مرامه، وابتعد عن الفهم الذكي صوابه، واستعصى على المطالع زمامه، ومن أجل ذلك ترك مهجورا مغفولا عنه، وصار قدره مجهولا، فلا بد من القيام بواجب حقه. فلما سمع مني ذلك مصغيا إليه، أشرت عليه بإحيائه، وإناخة المطية بفنائه، والنزول إلى ساحته، فسر بذلك، وتقبله بقبول حسن، وأعرب عن رضاه بالتي هي أحسن، فشرطت عليه أن يجوب آماقه (2) ويتتبع أعماقه، ويضبط أصوله، ويحكم فصوله، ويفسر غريبه، ويبين مجمله، ويعرف مجهوله، ويميز مشتركات رجاله، وأن يمشي في كل ذلك على ضوء الحقيقة، لا مشرقا ولا مغربا، فاعتهد ذلك، وشمر ذيل الجزم


(1) الجؤنة: حقيبة العطار، والاعلاق جمع العلق بكسر العين: النفيس من كل شئ. (2) جاب يجوب أي خرق وقطع، قال تبارك وتعالى ” الذين جابوا الصخر بالواد “. والاماق جمع مؤق وهو مجارى العين، ومن الارض: النواحى الغامضة من أطرافها.

[ 5 ]

عن الساق، ولم يأل جهدا، وبذل كل ما أطاق، ركب الصعب والذلول، وتجشم الحزن والسهول (1)، وأخذ يدأب في العمل ليلا ونهارا، وراجعني مهما أعضل عليه الامر متنا ورجالا، فأعنته مخلصا في حل الاعضال، وبذلت وسعي في رفع الاشكال، وبالجملة جهد جهده وأتى بكل ما عنده حتى أخرج الكتاب وأبرزه بهذه الصورة القشيبة (2)، والحلية الزاهرة النقيبة، منكشفا لبسه، مشرقة شمسه، زائلا قتامه (3)، منيرا بدره، منجليا ظلامه، مضيئة درره، متجلية فصوصه، كأنه عزم المعلق أن لا يدع لباحث وراء فحصه مطمعا، ولا لقوس تطلبه منزعا، وأصبح أبرزه بحيث القارئ في غنية عن مراجعة شتى الكتب لفهم ما حواه أو بيان ما احتواه، وسهل بتعاليقه الامر على من يريد المؤانسة لفوائده والمنافسة في شرف عوائده، مع أن المحشي أيده الله في اقتبال من شبابه، وحداثة من سنه، وريعان من عمره، وهو في نعومة اظفاره وبكورة أعماله تراه قد تضلع في التنقيب واضطلع في التحقيق، فحياه الله نعم الصديق، وبياه نعم الصاحب والرفيق، نسأل الله تعالى أن يزيد له في التأييد والتوفيق. على اكبر الغفاري


(1) تجشم الامر: تكلفه على مشقة. والحزن بفتح المهملة وسكون الزاى: الارض الغليظة. (2) القشيب: الجديد النظيف. (3) القتام بفتح القاف: الغبار الاسود والظلام. (المحشى)

[ 6 ]

المؤلف والثناء عليه هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد، رضوان الله عليه، ابن عبد السلام بن جابر بن النعمان بن سعيد بن جبير بن وهيب بن هلال بن أوس بن سعيد بن سنان بن عبد الدار بن الريان بن فطر بن زياد ابن الحارث بن مالك بن ربيعة بن كعب بن غلة بن خالد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن غريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان المعروف بابن المعلم. (فهرس الشيخ ص 158). قال ابن حجر في لسان الميزان (ج 5 ص 368): ” كان المفيد كثير التقشف والتخشع والاكباب على العلم، تخرج على جماعة، وبرع في مقالة الامامية حتى يقال: له على كل إمام منة، كان أبوه معلما بواسط وولد بها وقتل بعكبرى. ويقال: إن عضد الدولة كان يزوره في داره ويعوده إذا مرض. وقال الشريف أبو يعلي الجعفري وكان تزوج بنت المفيد: ما كان المفيد ينام من الليل إلا هجعة، ثم يقوم يصلي أو يطالع أو يدرس أو يتلو القرآن ” اه‍. ونقل العماد الحنبلي في شذراته (ج 3 ص 199) عن ابن أبي طي الحلبي أنه قال: ” هو شيخ من مشايخ الامامية، رئيس الكلام والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كل عقيدة، مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية، وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس. كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد، وكان شيخا ربعة نحيفا أسمر، عاش ستا وسبعين سنة، وله أكثر من مائتي مصنف، جنازته مشهورة، شيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة، وكان موته في شهر رمضان، رحمه الله، “. وقال ابن النديم: ” ابن المعلم أبو عبد الله في عصرنا انتهت رئاسة متكلمي


[ 7 ]

الشيعة إليه ” مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطر، شاهدته فرأيته بارعا ” (ص 266). وقال أيضا ص 293: ” ابن المعلم أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان في زماننا إليه انتهت رئاسة أصحابه من الشيعة الامامية في الفقه والكلام والآثار الخ ” هذا قيض من فيض. فظهر مما ذكر أن شيخنا المترجم له رضوان الله تعالى عليه كان متقدما في كل فضيلة يتحلى بها الانسان الكامل من مآثر العلم والعمل، وهو كما قال مولاه علي عليه السلام: ” كونوا ينابيع العلم، مصابيح الليل، خلق الثياب، جدد القلوب، تعرفوا به في السماء، وتذكروا به في الارض ” بل هو مصداقه الاتم، و مرآته الاجلى. أما العلم فقول ابن حجر: ” له على كل إمام منة ” سوى قوله ببراعته في مقالة الامامية وإكبابه على العلم، وقول ابن أبي طي: ” كان رئيس الكلام والفقه والعلم “. وأما العمل ففي العبادة قول أبي يعلى الجعفري: ” ما كان ينام من الليل إلا هجعة ثم يصلي ” فظهر منه أنه كان ” قائم الليل ” فإن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا. وهو ” صائم النهار ” لقول ابن أبي طي: ” هو كثير الصلاة والصوم “. وأما الزهد والتقشف والتخشع فقول ابن حجر: ” كثير التقشف ” والتقشف صفة المسيح عليه السلام، والتخشع نعت زكريا ويحيى وأمه ” يدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين “. وأما الانفاق فهو قول ابن أبي طي فيه إنه ” كان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم “. وأما المجاهدة في سبيل الله، فقولهم ” له أكثر من مائتي مصنف “،


[ 8 ]

سوى تدريسه وتعليمه حتى آناء الليل كما قاله ابن أبي يعلى. كل ذلك ينبئ عن سداد إيمانه بالحق، وتنمره في ذات الله تعالى، وتصلبه في الدين، وعمله لصميم الحق، وتفانيه في الولاء ولاء أي ولاء، ولاء النبي وعترته، وصهره وذريته – صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. وتلاميذه ومتخرجي مدرسه جماعة بهم يفتخر الفخر ويتشرف الدهر، فما منهم إلا قمر فضل دار في فلك العلم، وهلال مجد لاح في سماء الفهم والجد والعمل. أما الفقاهة ففيهم مؤسس اصولها ومبين فروعها. وأما البلاغة ففيهم من هو فارس ميدانها وناظم دررها بعيقانها. وأما الكلام ففيهم من هو ابن بجدته بل تاريخه وعنوانه وحدقته وإنسانه. ولكل منهم آراء وأقوال تعرض في حلي البيان، وتنقش في فص الزمان تحفظ وتقرأ، وتذكر وتشكر على وجه الدهر، وهو في كل ذلك رائش نبلهم، ونبعة فضلهم، وصار كل واحد منهم إماما يشار إليه، فسبحان واهبه ما أفضل ما أعطاه، ركب أولا دوحته في قرار المجد، وغرس نبعته في محل الفضل، ثم منحه قريحة وقادة مع دقة الفطنة، وفضل النبوغ، وكمال العقل، وحدة الذكاء فصار في العلم والفضيلة بحرا لا تعكره الدلاء بشهادة الاعداء وإجماع الاولياء، تخاريجه كلها جيدة، وإلزاماته كلها لازمة، ونظرياته صائبة، استنار على صفحات الكتب آثار أفكاره النقادة، وتلألأ في دياجير الشبهات أنوار قريحته الوقادة. موضعه في أقرانه موضع الواسطة من العقد العسجدي ويزيد عليهم زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر، كأنهم جسد هو قلبه، وفلك هو قطبه، إن طلب لم يسبق، وإن طلب لم يلحق، كان أحسنهم وصفا، وألينهم عطفا، وأكثرهم نبلا، وأخشنهم لباسا، وأجشبهم طعاما، وأوفرهم من العقل حظا، وأعلاهم في العلم كعبا، وأشدهم في سبيل الحق اجتهادا.


[ 9 ]

أرج الزمان بفضله، وعقم النساء عن الاتيان بمثله، وأني لنا استكناه عظمته، كلا، وصفه شأو لا تبلغه أشواطي، ولم أبلغ معشاره مهما بلغ إفراطي، فأعترف بالعجز وأقول: محله في العمل شاهق ومجده في العلم باسق. محل يطول النجم كل مطال، ومجد يلحظ الجوزاء من عال، فسلام الله عليه كيف أصفه وهو كافل المجد وواحد الدهر وغرة الدنيا وحسنة العالم. مشايخه الذين روى عنهم، رحمهم الله، في هذا الكتاب 1 أبو محمد [ بن ] عبد الله بن أبي شيخ 246 2 أحمد بن الحسين بن أسامة البصري. أبو الحسين 238 3 أحمد بن محمد الجرجرائي أبو الحسن 337 4 أحمد بن محمد [ بن جعفر ] الصولي أبو علي 165 5 أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد القمي أبو الحسن 1 6 أحمد بن محمد بن سليمان الزراري أبو غالب 20 7 إسماعيل بن محمد الانباري الكاتب أبو القاسم 348 8 جعفر بن محمد بن قولويه أبو القاسم 9 9 الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري الشريف أبو محمد 8 10 الحسن بن عبد الله القطان أبو علي 293 11 الحسن بن علي بن الفضل الرازي أبو علي 271 12 الحسين بن أحمد بن المغيرة أبو عبد الله 23 13 الحسين [ بن علي ] بن محمد التمار النحوي أبو الطيب 96 14 عبد الله بن محمد الابهري أبو محمد 245 15 عثمان بن أحمد الدقاق أبو عمرو 340 16 علي بن أحمد بن إبراهيم الكاتب أبو الحسن 131 17 علي بن بلال المهلبي أبو الحسن 101


[ 10 ]

18 علي بن خالد المراغي القلانسي أبو الحسن 58 19 علي بن مالك النحوي أبو الحسن 107 20 علي بن محمد (1) البصري البزاز أبو الحسن 90 21 علي بن محمد بن حبيش الكاتب أبو الحسن 69 22 علي بن محمد بن خالد الميثمي أبو الحسن 10 23 علي بن محمد بن زبير الكوفي [ القرشي ] أبو الحسن 2 24 عمر بن محمد بن علي الصيرفي المعروف بابن الزيات أبو جعفر 22 25 محمد بن جعفر بن محمد الكوفي النحوي التميمي أبو الحسن 74 26 محمد بن الحسن الجواني أبو عبد الله 29 27 محمد بن الحسين البصير المقري [ الشهزوري ] أبو نصر 89 28 محمد بن داود الحتمي أبو عبد الله 217 29 محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي أبو جعفر الصدوق 9 30 محمد بن عمر الزيات أبو جعفر 13 31 محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء التميمي البغدادي المعروف بالجعابي الحافظ أبو بكر 14 32 محمد بن عمران المرزباني أبو عبيدالله 14 33 محمد بن محمد بن طاهر الشريف أبو عبد الله 39 34 محمد بن المظفر البزاز أبو الحسن 118 35 محمد بن مظفر الوراق أبو الحسن (2) 18 36 المظفر بن محمد البلخي 286 * (هامش) (1) في مقدمة البحار نقلا عن أمالى الطوسى ص 102: ” على بن الحسين “. (2) كأنه هو المذكور قبله لاتحاد طبقتهما.


[ 11 ]

مشايخه المذكورون في غير هذا الكتاب 37 أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع الصيمري (الفهرست 32) 38 أحمد بن محمد بن عيسى العلوي الزاهد الشريف أبو محمد (أمالي الشيخ 130) 39 إسماعيل بن يحيى العبسي أبو أحمد (أمالي الشيخ 95) 40 جعفر بن الحسين المؤمن (خاتمة المستدرك 521) 41 الحسن بن محمد العطشي أبو محمد (أمالي الشيخ 116) 42 الحسن بن محمد بن يحيى بن الشريف أبو محمد (أمالي الشيخ 133) 43 الحسين بن أحمد بن موسى بن هدية أبو عبد الله (المستدرك 521) 44 الحسين بن علي بن شيبان القزويني الشيخ أبو عبد الله (المستدرك 521) 45 زيد بن محمد بن جعفر السلمي أبو الحسن (أمالي الشيخ 95) 46 عبد الله بن جعفر بن محمد بن أعين البزاز (1) (المستدرك 521) 47 علي بن محمد الرفا أبو القاسم (معالم العلماء 101) 48 عمر بن محمد بن سالم بن البراء المعروف بابن الجعابي أبو بكر (الفهرست 114) 49 محمد بن أحمد الشافعي أبو بكر (أمالي الشيخ 34) 50 محمد بن أحمد القمي (2) أبو الطيب (أمالي الشيخ 30) 51 محمد بن أحمد بن الجنيد الكاتب الاسكافي أبو علي (الفهرست 134) 52 محمد بن أحمد بن داود بن علي القمي أبو الحسن (المستدرك 520) 53 محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة الصفواني (الفهرست 133) 54 محمد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري (أمالي الشيخ 96) 55 محمد بن الحسين البزوفري أبو جعفر (أمالي الشيخ 35)


(1) كذا في المستدرك، وهو يروى في كتابنا هذا ص 158 عنه بواسطة الجعابى. (2) في مقدمة التهذيب: ” الثقفى ” مكان ” القمى “.

[ 12 ]

56 محمد بن الحسين الخلال أبو نصر (أمالي الشيخ 114) 57 محمد بن سهل بن أحمد الديباجي (المستدرك 521) 58 محمد بن علي بن رياح القرشي أبو عبد الله (أمالي الشيخ 35) 59 أبو عبد الله بن أبي رافع الكاتب (أمالي الشيخ 111) 60 الحسين بن علي بن إبراهيم المعروف بجعل أبو عبد الله (مقدمة التهذيب 12) 61 أبو ياسر طاهر غلام أبي الجيش (مقدمة التهذيب 12) تلامذته والراوون عنه 1 السيد المرتضى علم الهدى علي بن الحسين بن موسى الموسوي 2 الشريف الرضي محمد بن الحسين بن موسى الموسوي 3 شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي 4 الشيخ الجليل أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس 5 الشيخ الفقيه أبو يعلى سلار بن عبد العزيز الديلمي النجاشي الرجالي الاقدم 6 الشيخ الثقة أبو الفرج المظفر بن علي بن الحسين الحمداني من سفراء الامام صاحب الزمان عليه السلام 7 أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري، صهره وخليفته والجالس مجلسه 8 أحمد بن علي بن قدامة الفاضل الفقيه 9 جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس الدوريستي الثقة العين 10 الشريف أبو الوفاء المحمدي الموصلي 11 أبو الفتح الفقيه القاضي محمد بن علي الكراجكي 12 أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن الفارسي (راوي الامالي) 13 أبو الفوارس بن علي بن محمد الفارسي المتقدم ذكره. 14 أبو محمد أخو علي بن محمد الفارسي المتقدم ذكره


[ 13 ]

15 الحسين بن علي النيشابوري (1). 16 أبو شجاع تاج الملة عضد الدولة علي بن الحسن بن بويه الديلمي، أخذ عنه الفقه على مذهب الامامية (2). تآليفه القيمة 1 أحكام أهل الجمل، ذكره النجاشي باسم الجمل وهو غير ” النصرة ” الآتي ذكره 2 أحكام النساء مرتب على أبواب، استظهر الحجة النوري أنه كتبه للسيدة أم الشريفين الرضي والمرتضى 3 اختيار الشعراء، ذكره السروي 4 الارشاد في معرفة حجج الله على العباد، طبع بإيران مكررا سنة 1308 وقبلها وبعدها وترجم إلى الفارسية باسم ” التحفة السليمانية ” نسبة إلى الشاه سليمان الصفوي، والمترجم هو المولى محمد مسيح الكاشاني، طبعت الترجمة بإيران سنة 1303 وله شرح فارسي كبير مبسوط مفصل للشيخ سليمان الكاشاني طبع بطهران في مجلد كبير وله منتخب اسمه ” المستجاد من الارشاد ” ينسب إلى العلامة الحلي ره. 5 الاركان في دعائم الايمان 6 الاستبصار في ما جمعه الشافعي من الاخبار 7 الاشراف في أهل البيت عليهم السلام 8 أصول الفقه، أدرجه بتمامه تلميذه الكراجكي في كتابه كنز الفوائد 9 الاعلام فيما اتفقت عليه الامامية من الاحكام مما اتفقت العامة على خلافهم فيه، ألفه بالتماس السيد الشريف المرتضى في تمام أبواب الفقه


(1) هؤلاء الثلاثة جاء أساميهم في الامالى وهم حضروا بعض المجالس. (2) مقدمة التهذيب ج 1 ص 16 للحجه العلامة السيد حسن الخرسان مد ظله.

[ 14 ]

10 الافتخار 11 أقسام المولى في اللسان وبيان معانيه العشرة والمراد منه في قوله صلى الله عليه وآله: ” من كنت مولاه فعلي مولاه ” 12 الافصاح في الامامة وقد طبع في النجف 13 الاقناع في وجوب الدعوة 14 الامالي المتفرقات، كذا سماه تلميذه النجاشي، وهو مرتب على المجالس، وقد طبع أول مرة في النجف سنة 1367 وفيه 42 مجلسا 15 الانتصار 16 أوائل المقالات في المذاهب المختارات، ذكر فيه مختصات الامامية في الاصول الكلامية، ألفه قبل كتابه ” الاعلام ” الآنف الذكر، والناظر فيها يجتمع له العلم بمختصات الامامية في الاصول والفروع، طبع مكررا في إيران منها سنة 1363 17 الايضاح في الامامة بدأ فيه برد شبهات العامة وأدلتهم على إثبات الخلافة ثم ذكر أدلة إمامة المعصومين عليهم السلام وأحال عليه في آخر كتابه المسائل العشرة، ونسخته كما في الذريعة في الهند بمكتبة السيد محمد مهدي في ضلع فيض آباد. 18 إيمان أبي طالب عليه السلام، طبع الكتاب ضمن نفائس المخطوطات. 19 البيان عن غلط قطرب في القرآن 20 البيان في تأليف القرآن 21 بيان وجوه الاحكام 22 التواريخ الشرعية وهو ” مسار الشيعة ” في مختصر تواريخ الشريعة، طبع بإيران مع تقويم المحسنين سنة 1315 وطبع أيضا مع بائية الحميري سنة 1313 23 تفضيل الائمة على الملائكة


[ 15 ]

24 تفضيل أمير المؤمنين عليه السلام على سائر الاصحاب، وقد طبع في النجف 25 التمهيد 26 جمل الفرائض 27 جواب ابن واقد السني 28 جواب أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان وهو العلامة الكراجكي 29 جواب أبي الفرج بن إسحاق، عما يفسد الصلاة 30 جواب أبي محمد الحسن بن الحسين النوبندجاني المقيم بمشهد عثمان 31 جواب أهل جرجان في تحريم الفقاع 32 جواب أهل الرقة في الاهلة والعدد 33 جواب الكرماني في فضل نبينا محمد صلى الله عليه وآله على سائر الانبياء عليهم السلام 34 جواب المافروخي في المسائل 35 جواب مسائل اختلاف الاخبار 36 الجوابات في خروج المهدي عجل الله فرجه 37 جوابات ابن الحمامي 38 جوابات الخطيب ابن نباته 39 جوابات أبي جعفر القمي 40 جوابات أبي جعفر محمد بن الحسين الليثي 41 جوابات ابي الحسن الحضيني 42 جوابات أبي الحسن سبط المعافي ابن زكريا في مسألة إعجاز القرآن 43 جوابات أبي الحسن النيسابوري 44 جوابات الامير أبي عبد الله 45 جوابات الحاجب أبي الليث الاواني ويعرف بجوابات المسائل العكبرية 46 جوابات الاحدى والخمسين مسألة أيضا سأل عنها الحاجب المذكور شيخنا المترجم، وهي غير المتقدمة


[ 16 ]

47 – جوابات البرقعي في فروع الفقه 48 – جوابات ابن عرقل 49 – جوابات الشرقيين في فروع الدين 50 – جوابات علي بن نصر العبد جاني 51 – جوابات الفارقيين في الغيبة 52 – جوابات الفيلسوف في الاتحاد 53 – جوابات مقاتل بن عبد الرحمن عما استخرجه من كتب الجاحظ 54 – جوابات المسائل الجرجانية 55 – جوابات المسائل الحرانية 56 – جوابات المسائل الخوارزمية 57 – جوابات المسائل الدينورية المازرانية 58 – جوابات المسائل السروية الواردة من الشريف الفاضل بسارية، في مواضيع شتى، وقد طبع في النجف 59 – جوابات المسائل الشيرازية، أحال إليه في جوابات المسائل السروية 60 – جوابات المسائل الصاغانية، وهي عشر مسائل وردت من صاغان – قرية بمرو – شنع فيها أبو حنيفة على الشيعة أولها متعلق بنكاح المتعة والباقي في النكاح والطلاق والظهار والميراث والديات، وقد طبع في النجف. 61 – جوابات المسائل الطبرية، وهو الذي عبر عنه النجاشي بجوابات أهل طبرستان 62 – جوابات المسائل في اللطيف من الكلام، ويقال له اللطيف من الكلام، فيه الكلام على الجوهر والعرض والفلك والخلاء وأمثال ذلك من مباحث علم الكلام، ونسخته موجودة. 63 – جوابات المسائل المازندرانية أحال إليه في جوابات المسائل السروية


[ 17 ]

64 – جوابات المسائل الموصليات في العدد والرؤية، أحال إليه في جوابات المسائل السروية، ونسخته شايعة 65 – جوابات المسائل النوبندجانية الواردة من أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الفارسي المقيم بمشهد عثمان بالنوبندجان (1) 66 – جوابات المسائل النيشابورية أحال إليها في بعض رسائله، وهي مسائل فقهية في النكاح والميراث وغيرهما. 67 – جوابات النصر بن بشير في الصيام 68 – الرجال وهو مدرج في الارشاد الآنف الذكر 69 – رد العدد الشرعية 70 – الرد على ابن الاخشيد في الامامة 71 – الرد على ابن رشيد في الامامة 72 – الرد على ابن عون في المخلوق وابن عون هو أبو الحسين محمد بن جعفر ابن محمد بن عون الاسدي الكوفي ساكن الري له كتاب الجبر والاستطاعة. 73 – الرد على ابن كلاب في الصفات وابن كلاب هو عبد الله بن محمد ابن كلاب القطان من رؤساء الحشوية، له كتاب الصفات. 74 – الرد على أبي عبد الله البصري في تفضيل الملائكة على الانبياء عليهم السلام 75 – الرد على الجبائي في التفسير 76 – الرد على أصحاب الحلاج 77 – الرد على ثعلب في آيات القرآن، ذكره السروي 78 – الرد على الجاحظ العثمانية كذا ذكره النجاشي، والظاهر أنه أراد الرد على كتاب الجاحظ في العثمانية 79 – الرد على الخالدي في الامامة


(1) بلدة كانت بفارس وهى اليوم من توابع فسا.

[ 18 ]

80 – الرد على الزيدية ذكره في الذريعة باسم مسائل الزيدية 81 – الرد على الشعبي 82 – الرد على الصدوق في عدد شهر رمضان (يظهر من الاقبال للسيد – ره – أن اسمه مصابيح النور) 83 – الرد على العقيقي في الشورى 84 – الرد على القتيبي في الحكاية والمحكي، والقتيبي هو ابن قتيبة المشهور، وما في النجاشي المطبوع ” العتبي ” غلط يشهد له ما في فهرست الشيخ حيث سماه ” الرد على ابن قتيبة ” 85 – الرد على الكرابيسي في الامامة 86 – الرد على المعتزلة في الوعيد، وهو الذي سماه النجاشي ” مختصر على المعتزلة في الوعيد “. 87 – الرد على من حد المهر، وكانت نسخته بمكتبة السماوي 88 – رسالته في الفقه إلى ولده، ولم يتمها، ذكرها ابن شهر آشوب 89 – الرسالة إلى الامير أبى عبد الله وأبي طاهر بن ناصر الدولة في مجلس جرى في الامامة. 90 – الرسالة إلى أهل التقليد 91 – الرسالة العلوية 92 – الرسالة الغرية 93 – الرسالة الكافية في الفقه 94 – رسالة الجنيدي إلى أهل مصر 95 – الرسالة المقنعة في وفاق البغداديين من المعتزلة لما روي عن الائمة عليهم السلام 96 – الزاهر في المعجزات. قال شيخنا الرازي – دام ظله -: والذي يظهر من آخر المسائل العشرة أنه ” الباهر من المعجزات ” كما مر بهذا العنوان 97 – شرح كتاب الاعلام 98 – عدد الصوم والصلاة


[ 19 ]

99 – العمد في الامامة، ذكر السيد ابن طاووس في الطرائف عند نقله عنه أن اسمه ” العمدة “. 100 – العويص في الاحكام، ابتدأ فيه بمسائل في النكاح ثم بمسائل في الطلاق والميراث والاقرار، توجد نسخ منه ويظهر من بعضها أنه مختصر من العويص. 101 – العيون والمحاسن، توجد نسخة منه في المكتبة الرضوية وغيرها 102 – الفرائض الشرعية في مسألة المواريث 103 – الفصول من العيون والمحاسن، والذي يظهر من ذكر النجاشي له مع العيون والمحاسن أنهما متعددان وهو غير الفصول للسيد المرتضى الموجود الآن. 104 – الفضائل، ذكره السروي في المعالم 105 – قضية العقل على الافعال وسماه السروي ” فيضة العقل على الافعال ” 106 – الكامل في الدين، أحال إليه نفسه في مسألة الفرق بين الشيعة والمعتزلة والفصل بين العدلية منهما والقول في اللطيف من الكلام وفي أواخر الفصول المختارة للمرتضى. 107 – كتاب في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام من القرآن. 108 – كتاب في قوله صلى الله عليه وسلم ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى “. 109 – كتاب في قوله تعالى ” فاسئلوا أهل الذكر “. 110 – كتاب في الخبر المختلق بغير أثر 111 – كتاب القول في دلائل القرآن 112 – كتاب في الغيبة 113 – كتاب في القياس 114 – كتاب في المتعة 115 – كشف الالتباس


[ 20 ]

116 – الكلام في الانسان 117 – الكلام في حدوث القرآن 118 – الكلام في المعدوم والرد على الجبائي 119 – الكلام في وجوه إعجاز القرآن 120 – الكلام في أن المكان لا يخلو من متمكن 121 – لمح البرهان في عدم نقصان شهر رمضان، وهو رد على شيخه محمد بن أحمد بن داود بن علي القمي في قوله بدخول النقص على شهر رمضان وانتصارا لشيخه الآخر ابن قولويه – رحمه الله – حيث يقول بعدم النقصان وقد كتب فيه كتابا فرد ابن داود بكتاب في النقص، وهذا الرد على كتاب ابن داود كانت نسخته عند السيد ابن طاووس كما نقل عنه في الاقبال وفلاح السائل. 122 – المبين في الامامة، ذكره الشيخ باسم ” المنير ” 123 – المجالس المحفوظة في فنون الكلام. والظاهر أن ما في كشف الحجب اشتباه ووهم حيث اعتقد اتحاد المجالس مع العيون والمحاسن الذي انتخب منه السيد المرتضى الفصول المختارة، فقد صرح بأنه الذي انتخب منه السيد كتابه وأتى بما ذكره من المناظرات الموجودة في كتاب الفصول المختارة. 124 – المختصر في الغيبة 125 – مختصر في الفرائض 126 – مختصر في القياس 127 – المختصر في المتعة. له ثلاث كتب فيها أحدها وقد سبق والثاني وهو هذا والثالث الموجز الآتي. 128 – المزار الصغير، ذكره النجاشي ولعله المزار المعروف بمزار المفيد كما احتمله شيخنا الرازي في الذريعة.


[ 21 ]

129 – المزورين عن معاني الاخبار 130 – المسألة الكافية في إبطال توبة الخاطئة، وقد طبع 131 – المسألة الموضحة عن أسباب نكاح أمير المؤمنين عليه السلام 132 – مسألة في المهر وأنه ما تراضى عليه الزوجان 133 – مسألة في تحريم ذبايح أهل الكتاب 134 – مسألة في الارادة 135 – مسألة في الاصلح 136 – مسألة في البلوغ 137 – مسألة في ميراث النبي صلى الله عليه وآله، وقد طبع في النجف بعنوان ” تحقيق نحن معاشر الانبياء “. 138 – مسألة في الاجماع 139 – مسألة في العترة 140 – مسألة في رجوع الشمس 141 – مسألة في المعراج 142 – مسألة في انشقاق القمر وتكلم الذراع 143 – مسألة في تخصيص الايام 144 – مسألة في وجوب الجنة لمن ينتسب بولادته إلى النبي صلى الله عليه وآله 145 – مسألة في معرفة النبي صلى الله عليه وآله بالكتابة 146 – مسألة في معنى قوله صلى الله عليه وآله: ” إني مخلف فيكم الثقلين “. 147 – مسألة فيما روته العامة 148 – مسألة في النص الجلي 149 – مسألة محمد بن الخضر الفارسي 150 – مسألة في معنى قوله صلى الله عليه وآله: ” أصحابي كالنجوم “. 151 – مسألة في القياس مختصر


[ 22 ]

152 – المسألة الموضحة في تزويج عثمان 153 – المسألة المقنعة في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام 154 – المسائل في أقضى الصحابة 155 – مسألة في الوكالة 156 – مسائل أهل الخلاف 157 – المسألة الحنبلية 158 – مسألة في نكاح الكتابية 159 – المسائل العشرة في الغيبة، طبع في النجف سنة 1370. 160 – مسائل النظم 161 – مسألة في المسح على الرجلين، ولعله الرد على النسفي في مسح الرجلين. 162 – مسألة في المواريث 163 – مصابيح النور في علامات أوائل الشهور 164 – مقابس الانوار في الرد على أهل الاخبار 165 – المسائل المنثورة، وهي نحو مائة مسألة، ذكرها في الفهرست 166 – المسائل الواردة من خوزستان 167 – مسألة في خبر مارية القبطية 168 – مسائل في الرجعية 169 – مسألة في سبب استتار الحجة – عجل الله فرجه – 170 – مسائل في عذاب القبر 171 – مسألة في قوله: ” المطلقات ” 172 – مسألة فيمن مات ولم يعرف إمام زمانه، هل هو صحيح ثابت أم لا 173 – مسألة الفرق بين الشيعة والمعتزلة والفصل بين العدلية منهما والقول في اللطيف من الكلام.


[ 23 ]

174 مناسك الحج 175 مناسك الحج مختصر 176 الموجز في المتعة، وهو الذي أشرنا إليه فيما سبق 177 النصرة في فضل القرآن 178 النصرة لسيد العترة في حرب البصرة، وقد طبع في النجف باسم ” الجمل ” 179 نقض في الامامة على جعفر بن حرب. 180 نقض في الخمس عشرة مسألة على البلخي 181 النقض على ابن عباد في الامامة 182 النقض على أبي عبد الله البصري 183 النقض على الجاحظ في فضيلة المعتزلة 184 النقض على الطلحي في الغيبة 185 النقض على علي بن عيسى الرماني في الامامة 186 النقض على غلام البحراني في الامامة 187 النقض على النصيبي في الامامة 188 النقض على الواسطي 189 نقض فضيلة المعتزلة 190 نقض كتاب الاصم في الامامة 191 نقض المروانية 192 النكت في مقدمات الاصول، وسماه شيخنا الرازي ” الكشف ” وهو الذي سبق أن ذكره باسم اصول الفقه، وأدرجه الكراجكي في كنز الفوائد من ص 186 إلى ص 194 193 المقنعة في الفقه 194 نهج البيان إلى سبيل الايمان، حكى عنه الشهيد في مجموعته التي كتبها بخطه، ومن خطه استنسخها الشيخ شمس الدين محمد الجبعي جد الشيخ


[ 24 ]

البهائي. والذي يظهر من السيد ابن طاووس في كتاب اليقين في الباب الرابع والسبعين بعد المائة كونه نهج الحق حيث قال: ” إن الشيخ المفيد نسب الصاحب بن عباد إلى جانب المعتزلة في خطبة كتاب نهج الحق “. ولعله غير نهج البيان ويحتمل اتحادهما (1). ميلاده ووفاته ومدفنه ولد رحمه الله في 11 ذي القعدة بعكبري من أعمال الدجيل بالعراق سنة 333 أو 338، وتوفي ببغداد ليلة الجمعة لثلاث خلون من شهر رمضان سنة 413، وشيعه ثمانون ألفا، وصلى عليه الشريف المرتضى أبو القاسم علي بن الحسين بميدان الاشنان، وضاق على الناس مع سعته، ودفن أولا في داره سنين ثم نقل إلى مقابر قريش ودفن بالقرب من الامام أبي جعفر الجواد عليه السلام مما يلي الرجلين إلى جانب قبر شيخه أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه وتقدم أن سنه يومذاك 76 سنة ويظهر من تاريخ ميلاده ووفاته أن الصحيح 75 سنة، فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا. وإن أردت سرد جمل الثناء عليه زائدا على ما ذكر راجع: سير النبلاء ج 11 ص 76، فهرست الشيخ الطوسي تلميذه، المنتظم لابن الجوزي ج 8 ص 11، النجوم الزاهراة ج 4 ص 258، شذرات الذهب ج 3 ص 199، عيون التواريخ لابن شاكر ج 13 ص 55 / 2، مرآت الجنان لليافعي ج 3 ص 199، إتقان المقال ص 131، روضات الجنات ص 563، أعيان الشيعة ج 46 ص 20، الذريعة ج 2 ص 209، جامع الرواة ج 2 ص 189، رجال النجاشي ص 283، مختصر دول الاسلام ج 1 ص 191، منهج المقال ص 317، تاريخ الخطيب ج 3 ص 231، رجال المامقاني (تنقيح المقال) ج 3 ص 180، مصفى المقال ص 423. على اكبر الغفاري


(1) نقلنا ذكر تآليفه من مقدمة التهذيب ص 22 إلى 130 بقلم الحجة العلامة السيد حسن الموسوي الخرسان، ومنهج المقال ذيل ترجمة المؤلف ص 317، 318.

[ 25 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لمن خلق الانسان، وعلمه البيان، وجعل العلم وزير الايمان، وروح الانفس ببديع الحكمة فانها تكل كما تكل الابدان، ويقذفه في قلب من يشاء من عباده بعد التمحيص والامتحان. والصلاة والسلام على سيد الانس والجان محمد المصطفى، وعلى آله الذين هم كنوز الرحمن، وفيهم نزل كرائم القرآن. أما بعد: قد أولهني منذ سنين اشتياقي إلى إحياء أثر قيم من تراثنا الديني الذهبي، ونشر عرفه الوردي إلى الملا الثقافي المذهبي، حيث إن في انتشار ما أسلفت رجالات الهدى وقادة العلم والتقى من مآثر آل البيت عليهم السلام إحياء لمثلى طريقتهم، وحثا على اقتصاص آثارهم، وقياما بواجب حقوقهم و إشادة بجميل ذكرهم إلى غيرها مما يشاد به صرح المدنية، ويقام علالي الحضارة الراقية، ويبث من الاخلاق الفاضلة والآراء الناضجة، ويعضد من دعائم الاجتماع، ويوطد من أسس الوئام. وكنت بذلك مشعوفا، قد ملأ قلبي حبه، وأخذ بزمام نفسي شوقه، وكان ذلك مكنونا في سري، مضمرا في خلدي، ولم أجد للتنبيه إليه مساغا، أو للاصحار به مجالا، وما أظنني في هذا الميل المفرط جانحا إلى خيال، أو محلقا في جواء من التصور الحالم، أو الوهم الهائم. لا، لا، بل أجد نفسي شدة حرة والتهاب وجده. فمر علي بذلك أيام وشهور، وكنت أغدو وأروح في فجوة الرجاء، متى يدركني مدد ذي المن والعطاء، إذ ساعدني الفوز يوما بلقاء الاستاذ، المكب


[ 26 ]

الدؤوب على تصحيح كتب الحديث، العارف بصريح اللفظ من دخيله وبصحيحه من منتحله، ناشر آثار أهل بيت العصمة، المعتكف على بابهم، المغترف من مزنهم الميرزا علي أكبر الغفاري أدام الله له سوابغ نعمه، وقرائن قسمه، ووصل له سوالفها بعواطفها، ورواهنها بروادفها فذاكرت به جنابه، وسألته أن يشرفني بتصحيح بعض المتون الخبرية التي خلدها التاريخ لعلمائنا الماضين رحمهم الله فوعدني بموعدة فسري بها عني، واطمأن بها قلبي، ومكث غير بعيد إذ أمرني بتصحيح هذا الكتاب القيم الفخم وتحقيقه وتنميقه، مع أنه قد طبع مرة بالنجف الاشرف حروفيا وأخرى بقم المشرفة بطريق الافست، ولكن الطبعة غير منقحة، ذات أغلاط وأسقاط بحيث يسوع طبعا جديدا وعرضا مستأنفا. فتقبلت منه بيد الاكرام، وشكرت جزيل ألطافه العظام، بيد أني وضعت نفسي في الميزان ولم أجدني من فرسان هذا الميدان، فتعذرت إليه بقصر الباع وخشية النقصان، فأبى إلا أن يتحفني بهذه الكرامة، وعهد إلي أن يعينني على هذا المشروع. فشرعت في المقصود مستمدا من الملك المعبود، وتصفحت عن نسخه، فأرسل إلي غير واحد من الاعلام والافاضل الكرام بأربع نسخ التي ستقف على أوصافها، وجعلتها أصلا، وقابلتها بعين الدقة والتثبت، ولم آل جهدا، وجعلت الصحيح متنا وما خالفه هامشا، إلا ما اتفقت عليه النسخ فأثبته في الصلب وإن كان سقيما وأشرت إلى الصواب ذيلا، ثم قابلت جل أخباره بمنقولها في البحار، واستفدت منه كثيرا في التوضيح و البيان، وجعلت له فهرسا عاما يشمل كل ما احتواه من الاخبار. والكتاب كما ترى أكثر أخباره من طرق العامة، وأسانيدها مشتملة على كثيرين من رجالهم، وصحف أكثرها بالتشابه الخطي، وحرف بعضها بتعكيس النسبة والمنسوب، وكان جل ما فيها من نسبة الرجل إلى الجد


[ 27 ]

فيعسر الوقوف عليه جدا، فكلما أغلق علي في ذلك الباب وضاق علي المخرج إلى صوب الصواب راجعت الاستاذ، فبذل أيده الله بما عنده من جهد جهيد، وعمل بتكلف شديد حتى عين أكثرها، وردها على ما كانت في أولها، فجاء الكتاب، بحمد الله سبحانه بهذه الصورة البهية المزدانة بالحواشي، خاليا من الاخطاء والغواشي، مترجمة رجاله، مبينة لغاته، مضبوطة ألفاظه مصححة أغلاطه، إلا ما زاغ عنه البصر، أو كل عنه النظر. فالمرجو من القراء الكرام أن ينظروا فيه بعين الانصاف، ويبتعدوا عن طريق الاعتساف، ومن أوقفنا على سهو أو خطأ فيه فلله دره وعليه بره، مضافا إلى ماله من شكرنا المتواصل وثنائنا العاطر. تهران الحسين استاد ولى 7 ذى القعدة الحرام 25 1403 مرداد ماه 1362


[ 28 ]

وصف النسخ: عندي من الكتاب أربع نسخ مخطوطة وإليك تعريفها: 1 نسخة عتيقة ثمينة مقروءة مصححة بإسقاط الاسناد لمكتبة المباركة التي أسسها سماحة الحجة الآية ” السيد شهاب الدين النجفي المرعشي مد ظله العالي تقع في 134 صفحة طولها 27 سم في عرض 5 / 16، وطول كتابتها 21 سم في عرض 12، كل صفحة 25 سطرا، كاتبها: علي بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن مظاهر، تاريخ كتابتها: ثاني عشر من ذي القعدة من سنة خمس و خمسين وسبعمائة. ومن المؤسف عليه أن النسخة ناقصة لفقد أوراق منها. 2 نسخة للمكتبة المذكورة ايضا تقع في 244 صفحة طولها 24 سم في عرض 16، طول الكتابة 15 سم في عرض 8، كل صفحة 25 سطرا، ولم يذكر تاريخها ولا كاتبها إلا أن في هامش الصحيفة الاولى منها ما هذا لفظه: ” بسم الله الرحمن الرحيم استكتبته لنفسي وأنا العبد الضعيف محمد تقي ابن محمد بن الحسين الشريف في 1295. 3 نسخة نفيسة مقروءة من جملة الكتب الموقوفة التي وقفها ميرزا أبو طالب القمي رحمه الله تفضل بإرسالها الحجة الحاج السيد حسن السيدي مد ظله تقع في 228 صفحة طولها 18 سم في عرض 12، طول كتابها 17 سم في عرض 7، كل صفحة 17 سطرا، ولم يذكر فيها كاتبها ولا تاريخها. 4 نسخة متوسطة في الخط ثمينة من حيث الضبط بمكتبة ” المرحوم الاستاذ السيد جلال الدين الارموي ” أعلى الله مقامه في العليين تفضل


[ 29 ]

بها خلفه الصالح صديقي الاعز الفاضل المدقق السيد علي المحدث أدام الله تأييده، تقع في 306 صفحة، طولها 22 سم في عرض 16، طول الكتابة 18 في عرض 11، كل صفحة 19 سطرا وأضيف في آخره تفسير النعماني (ره)، ولم يذكر الكاتب اسمه ولا تاريخه، ويشبه خط النسخة جدا بخط نسخة من جامع الرواة وكتاب الغارات والتفصيل يطلب من الغارات ص فح من مقدمته. هذا، ونسخة مطبوعة بالنجف الاشرف، قابلها بنسختين مما عندنا وأشار إلى منقولات الكتاب في مجلدات البحار وأمالي الطوسي الاستاذ البارع المحقق حجة الاسلام والمسلمين الشيخ الحسن المصطفوي أدام الله ظله وتفضل سماحته بإرسالها، وعليه وعلى الذين وازرونا في هذا المشروع شكر متواصل غير مقطوع ولا ممنوع. وراجع صورتها الفتوغرافية في آخر الكتاب.


[ 30 ]

باقيات صالحات وفي الختام لا ننسى وكيف ينسى جميل ما تكرم به شقيقنا المفضال، خير الحاج والعمار، الشهم الدين الجواد (محمود بن الشيخ بن عبد الحسين اليزدي المشتهر بپور طهماسبي) من بذله رفع نفقة طبع الكتاب عملا بوصية والده الفقيد وقربة إلى ربه المجيد، ولم يلبث بعد هذا العمل، وأتى عليه الاجل، واسرع السير إلى الجنان، فوفد إلى ربه الكريم المنان. فنسأل الذي حباه هذه النعمة، وتوجه بتاج هذه الكرامة أن يجزل له في أجره، ويسكنه مستقر رحمته، كما أبقي له بذاك الخير ذكرا جميلا خالدا يبقى مع الدهر يذكر ويرحم عليه، وقال عز من قائل ” فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون “. علي اكبر الغفاري


[ 31 ]

الامالى للشيخ المفيد (ره)


[ 32 ]

قال الصادق عليه السلام لبكر بن محمد الازدي: ” تجلسون وتتحدثون ؟ قال: نعم جعلت فداك، قال عليه السلام: إن تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا “. (ثواب الاعمال) كونوا دراة، ولا تكونوا رواة حديث تعرفون فقهه خير من ألف تروونه. (الرضا عليه السلام)


[ 1 ]

كتاب الامالى لفخر الشيعة ابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادي الملقب بالشيخ المفيد (ره) المتوفى 413 تحقيق الحسين استاد ولي على اكبر الغفاري منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية قم المقدسة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على السيد الكريم محمد بن عبد الله خاتم النبيين، وآله الصراط المستقيم، الائمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين. المجلس الاول مجلس يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة، بمدينة السلام في الزيارين (1) في درب رباح (2)، منزل ضمرة أبي الحسن علي بن محمد ابن عبد الرحمن الفارسي (3) أدام الله عزه بإملائه من كتبه. 1 حدثنا الشيخ الاجل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله حراسته وتوفيقه في هذا اليوم، قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار،


(1) في بعض النسخ: ” البردين “. (2) درب رياح خ ل. (3) لم نجده فيما عندنا من الرجال غير أنه مذكور في ترجمة المؤلف عند ذكر تلامذته استنادا إلى هذا الكلام، ولا يبعد كونه من الذين احتفلت المجالس في دورهم بغداد.

[ 2 ]

عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن ابن حماد (1)، عن أبي جميلة، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد الباقر، عن أبيه عليهما السلام، قال: إن الملك الموكل بالعبد يكتب في صحيفته (2) أعماله، فأملوا [ في ] أولها [ خيرا ] و [ في ] آخرها خيرا يغفر لكم ما بين ذلك (3). 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير الكوفي (4) إجازة، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن محمد بن يحيى (5) أخي مغلس، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام: قال: قلت له: إنا نرى الرجل من المخالفين عليكم له عبادة واجتهاد وخشوع، فهل ينفعه ذلك شيئا ؟. فقال: يا محمد إنما مثلنا أهل البيت مثل (6) أهل بيت كانوا في بني


(1) الظاهر كونه خلف بن حماد، ويحتمل كونه عبد الله بن حماد الانصاري لكنه بعيد لعدم رواية محمد البرقى عنه. وأبو جميلة هو المفضل بن صالح الاسدي النخاس. (2) في بعض النسخ: ” في صحيفة أعماله “. وعلى ما في المتن ضمير المفعول في صحيفته راجع إلى العبد ويجوز رجوعه إلى الملك. (3) أورد هذا الحديث السيد علي بن طاووس في كتاب محاسبة النفس نقلا عن هذا الكتاب واورده أيضا في الفصل الثاني والعشرين من كتاب فلاح السائل، وأورده العلامة المجلسي في البحار ج 86 ص 245 كتاب الصلوة باب الادعية والاذكار عند الصباح والمساء عن الكتاب. والمراد بالاول أول ما يستيقظ وبالاخر آخره. والضمير المؤنث راجع إلى الصحيفة وكما يظهر من بعض الروايات صحيفة كل يوم على حدة. (4) هو علي بن محمد بن الزبير القرشي الكوفي، روي عن علي بن الحسن بن فضال جميع كتبه وروى أكثر الاصول. مات سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وقد ناهز مائة سنة، ودفن في مشهد أمير المؤمنين عليه السلام (5) هو محمد بن يحيى بن سليم الخثعمي أخو مغلس كوفي ثقة. (6) من باب الحذف والايصال، يعني مثلنا أهل البيت في هذه الامة ومثل الامة =

[ 3 ]

إسرائيل، وكان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلا دعا فأجيب، وإن رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثم دعا فلم يستجب له فأتى عيسى ابن مريم عليه السلام يشكو إليه ما هو فيه، ويسأله الدعاء له. فتطهر عيسى وصلى ثم دعا فأوحى الله إليه: يا عيسى إن عبدي أتاني من غير الباب الذي أوتي منه، إنه دعاني وفي قلبه شك منك، فلو دعاني حتى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله (1) ما استجبت له. فالتفت عيسى عليه السلام فقال: تدعو ربك (2) وفي قلبك شك من نبيه ؟ قال: يا روح الله وكلمته قد كان والله ما قلت، فاسأل الله أن يذهب به عني، فدعا له عيسى عليه السلام، فتقبل الله منه وصار في حد أهل بيته، كذلك نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشك فينا (3). 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير، قال: حدثنا محمد بن علي ابن مهدي، (4) قال: حدثنا محمد بن علي بن عمرو، قال: حدثنا أبي، عن جميل بن صالح، عن أبي خالد الكابلي، عن الاصبغ بن نباتة قال: دخل الحارث الهمداني (5) على


(= بالنسبة الينا كمثل أهل بيت الخ. (1) نثر وتناثر وانتثر الشئ: تساقط متفرقا. (2) في بعض النسخ: ” تدعو الله “. (3) قال العلامة المجلسي (ره): اعلم أن الامامية أجمعوا على اشتراط صحة الاعمال وقبولها بالايمان الذي من جملتها الاقرار بولاية جميع الائمة عليهم السلام و امامتهم والاخبار الدالة عليه متواترة بين الخاصة والعامة (البحار). ويدل على أن التوبة بعد الشك والانكار مقبولة وأن المؤمن الخالص في حد أهل البيت عليهم السلام. (مولى صالح). (4) الظاهر كونه محمد بن علي بن مهدي الكندي، كما في أمالي الطوسي. ولم نجده فيما عندنا من الرجال. وأما شيخه محمد بن علي بن عمرو فهر هو محمد بن علي بن عمرو بن طريف الحجري كما في الامالي ولم نجده أيضا. (5) الحارث الاعور ابن عبد الله الهمداني بسكون الميم عده البرقي في الاولياء =

[ 4 ]

أمير المؤمنين [ علي بن أبي طالب ] عليه السلام في نفر من الشيعة وكنت فيهم، فجعل الحارث يتأود في مشيته، ويخبط الارض بمحجنه (1)، وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين عليه السلام وكان له منه منزلة فقال: كيف تجدك يا حارث ؟ فقال: نال الدهر يا أمير المؤمنين مني، وزادني أوارا و غليلا (2) اختصام أصحابك ببابك. قال: وفيم خصومتهم ؟ قال: فيك وفي الثلاثة من قبلك (3)، فمن مفرط منهم غال (4)، ومقتصد تال (5)


(= من أصحاب أمير المؤمنين (ع) وعن أبي داود: انه كان أفقه الناس، مات سنة خمس وستين، وعن شيخنا البهائي كان يقول: هو جدنا وهو من أصحاب أمير المؤمنين (ع) (سفينة البحار) وترجمه الاستاذ المرحوم السيد جلال الدين المحدث الارموي في التعليقة 20 لكتاب الغارات مشروحا فراجع. (1) قوله ” يتأود ” أي كان ينعطف في مشيته، يستقيم صلبه مرة ويعوج أخرى، وفي بعض نسخ البحار: ” يتئد ” أي يتثبت ويتأنى. والمحجن وهكذا المحجنة كمنبر ومكنسة: العصا المعوجة رأسها. والخبط: الضرب الشديد، يقال: خبط البعير بيده الارض: وطأها شديدا. (2) الاوار بالضم: حرارة الشمس وحرارة العطش، والغليل: الحقد والضغن و حرارة الحب والحزن. وفي البحار: ” أوبا غليلا ” وأوب كفرح: غضب. (3) في كشف الغمة ص 123 وامالي الطوسي 2 / 238 هكذا: ” قال في شأنك والبلية من قبلك “. (4) أي غال في المحبة والمودة، وفي بعض النسخ: ” مفرط منهم قال ” اي مفرط افرط في البغض والعداوة حتى نال منك ما لا ينبغي لك. (5) كذا في النسخ والبحار: و ” مقتصد تال ” أي معتدل في المحبة يتلوك ويلحق بك كقوله (ع): ” نحن النمرقة الوسطى بها يلحق التالي واليها يرجع الغالي “. وفي بعض النسخ: و ” مقتصد قال ” أي مبغض.

[ 5 ]

من متردد مرتاب (1)، لا يدري أيقدم أم يحجم (2) ؟ فقال: حسبك يا أخا همدان، ألا إن خير شيعتي النمط الاوسط (3)، إليهم يرجع الغالي، وبهم يلحق التالي، فقال له الحارث: لو كشفت فداك أبي وأمي الرين (4) عن قلوبنا، وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا (5). قال عليه السلام: قدك (6) فإنك امرؤ ملبوس عليك. إن دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق (7)، فاعرف الحق تعرف أهله. يا حار [ ث ] (8) إن الحق أحسن الحديث، والصادع (9) به مجاهد، وبالحق اخبرك، فأرعني سمعك (10) ثم خبر به من كان له حصافة (11) من أصحابك.


(1) صحف في بعض النسخ: ” مرتاب ” بمرتاد وهو بمعنى طالب الحق، والرود والارتياد: الطلب، ولكن السياق يأباه. (2) أحجم عنه: كف أو نكص هيبة. (3) النمط: جماعة من الناس أمرهم واحد. (4) الرين: الطبع والدنس: وفي الاساس: ” هو ما غطى على القلب وركبه من القسوة للذنب بعد الذنب. تقول: اعوذ بالله من الرين والران “. وفي بعض النسخ: ” الريب ” وهو تصحيف. و ” لو ” للتمني. (5) في بعض النسخ: ” من أمرك “. (6) ” قد ” مخففة حرفية واسمية على وجهين: اسم فعل مرادفة ليكفي نحو قولهم: قدنى درهم وقد زيدا درهم، واسم مرادف لحسب نحو: قد زيد درهم. (7) ” بل ” هنا للاضرب اي بل يعرف بآية الحق. (8) ” الحارث ” هنا وفيما يأتي في بعض النسخ بدون المثلثة وكلاهما صحيح من باب الترخيم وعدمه. (9) صدع بالحق: تكلم به جهارا. (10) أي استمع لمقالي. ففي اللغة ” أرعيته سمعي اي استمعت مقالته “. (11) حصف حصافة إذا كان جيد الرأى محكم العقل فهو حصيف. وفي بعض النسخ والبحار: ” حصانة ” وفي بعضها ” حضانة “، ولكليهما معنى مناسب.

[ 6 ]

ألا إني عبد الله، وأخو رسوله، وصديقه الاول، صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثم إني صديقه الاول في أمتكم حقا، فنحن الاولون ونحن الآخرون، ونحن خاصته يا حار [ ث ] وخالصته، وأنا صنوه (1) ووصيه ووليه وصاحب نجواه وسره. أوتيت فهم الكتاب، وفصل الخطاب، وعلم القرون والاسباب (2)، واستودعت ألف مفتاح، يفتح كل مفتاح ألف باب، يفضي كل باب إلى ألف [ ألف ] عهد، وأيدت واتخذت (3)، وامددت بليلة القدر نفلا (4)، وإن ذلك يجري لي ولمن استحفظ من ذريتي (5) ما جرى الليل والنهار حتى يرث الله الارض ومن عليها. وأبشرك يا حار [ ث ] لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة. قال الحارث: وما المقاسمة [ يا مولاي ] ؟ قال: مقاسمة النار، أقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليي فاتركيه، وهذا عدوي فخذيه. ثم أخذ أمير المؤمنين عليه السلام بيد الحارث فقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال لي وقد شكوت إليه حسد قريش والمنافقين لي: إنه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله وبحجزته يعني عصمته من ذي العرش تعالى وأخذت أنت يا علي بحجزتي وأخذ ذريتك بحجزتك وأخذ شيعتكم بححزتكم، فماذا يصنع الله بنبيه ؟ وما يصنع نبيه بوصيه (6)، خذها إليك يا حارث قصيرة


(1) الصنو بالكسر: الاخ الشقيق. (2) لعل المراد بالاسباب هنا كل ما يتوصل به إلى شئ، أي معرفة الذرايع التي يتوصل بها إلى كل شئ من الامور العظيمة، أو المراد معرفة الانساب والبيوتات. (3) يعني ان الله اصطفاني واختارني. (4) اي زائدا على ما أعطيت من الفضائل والكرائم. (البحار). (5) في البحار: ” لمن تحفظ ” وفي موضع آخر منه: ” وللمستحفظين من ذريتي “. (6) اي ما يصنع الله بنبيه وما يصنعه نبيه بوصيه فنحن نصنعه بشيعتنا ومحبينا الذين تولونا وتمسكوا بحبل ولايتنا في الدنيا.

[ 7 ]

من طويلة (1) نعم أنت مع أحببت ولك ما اكتسبت، يقولها ثلاثا، فقام الحارث يجر رداءه وهو يقول: ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني. قال جميل بن صالح: وأنشدني أبو هاشم السيد الحميري (2) رحمه الله فيما تضمنه هذا الخبر: قول علي لحارث عجب * كم ثم أعجوبة له حملا (3) يا حار (4) همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا (5) يعرفني طرفه وأعرفه * بنعته واسمه وما عملا وأنت عند الصراط تعرفني * فلا تخف عثرة ولا زللا أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله (6) في الحلاوة العسلا أقول للنار حين توقف لل‍ * – عرض دعيه لا تقربي (7) الرجلا دعيه (8) لا تقربيه إن له * حبلا بحبل الوصي متصلا (9)


(1) في المثل: قصيرة من طويلة أي تمرة من نخلة، يضرب في اختصار الكلام. (القاموس) (2) هو اسماعيل بن محمد الحميري، لقب بالسيد ولم يكن علويا ولا هاشميا. عده الشيخ في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام وقال: اسماعيل بن محمد الحميري السيد الشاعر يكنى أبا عامر، وكان كيسانيا فاستبصر وحسن ايمانه. (3) أي حمل حارث هناك أعاجيب كثيرة له. (البحار) (4) منادى مرخم أي يا حارث. (5) أي قبل الموت أو قبالا ومشاهدة. ولابن أبي الحديد هنا كلام في شرحه على النهج سنورده. (6) تخاله أي تظنه وهو من افعال القلوب. (7) النسخ في هذه الكلمة مختلفة، ففي بعضها ” لا تقتلي ” وفي بعضها ” لا تقبلي ” و في بعضها على صورة ليس لها معنى مناسب للمقام. (8) في بعض نسخ البحار ” ذريه ” وكلاهما بمعنى واحد. (9) أورده العلامة المجلسي في البحار 6 / 178 عن الكتاب وفي 68 / 122 عن =

[ 8 ]

4، قال: أخبرني الشريف الزاهد أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري (1) رحمه الله قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم (2)، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربعة من كنوز البر، كتمان الحاجة، وكتمان الصدقة، وكتمان المرض، وكتمان المصيبة (3).


(= بشارة المصطفى باختلاف يسير في اللفظ لا سيما في اشعاره، فزاد في آخره بيتا: هذا لنا شيعة وشيعتنا * أعطاني الله فيهم الاملا ونقول: لا يخفى أن هذه الابيات ليست بانشاد أمير المؤمنين (ع) كما هو المشهور في الالسنة بل هي حصيلة الخبر عند السيد الحميري (ره) كما لا يخفى. وقال ابن أبي الحديد في شرحه ج 1 ص 99 بعد نقل الاشعار: وليس هذا بمنكر ان صح انه عليه السلام قاله عن نفسه، ففي الكتاب العزيز ما يدل على أن أهل الكتاب لا يموت منهم ميت حتى يصدق بعيسى ابن مريم عليه السلام وذلك قوله: ” وان من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا “. قال كثير من المفسرين: معنى ذلك أن كل ميت من اليهود وغيرهم من أهل الكتب السالفة إذا احتضر رأى المسيح عنده فيصدق به من لم يكن في أوقات التكليف مصدقا به. (1) هو الحسن بن حمزة بن علي بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين السجاد عليهما السلام يكنى أبا محمد ويعرف بالمرعشى نسبة إلى جده علي بن عبد الله مرعش. كان وجها من وجوه السادة وشيخا من مشايخ الاصحاب ذكره علماء الرجال وأثنوا عليه بكل جميل. (2) هو عبد الله بن ابراهيم بن أبي عمرو، يقال له: الغفاري وتارة الانصاري و أخرى المزني، قال النجاشي: له كتاب، عنه الحسن بن علي بن فضال. (3) يعني ثوابهن مدخر للمؤمن، وكتمان المرض والمصيبة هو عدم اظهارهما والشكوى منهما.

[ 9 ]

5 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد (1)، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن زين العابدين علي ابن الحسين عليهما السلام قال: من أطعم مؤمنا من جوعه (2) أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم، ومن كسا مؤمنا ثوبا كساه الله من الثياب الخضر، ولا يزال في ضمان الله عزوجل ما دام عليه منه سلك. 6 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان (3)، عن عامر بن معقل (4) عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: يا أبا حمزة لا تضعوا عليا دون ما رفعه الله، ولا ترفعوا عليا فوق ما جعله الله، كفى عليا أن يقاتل أهل الكرة وأن يزوج أهل الجنة (5).


(1) يعنى حماد بن عيسى الجهني البصري. (2) في البحار: من جوع، وهو أنسب لما يأتي من ظمأ. (3) علي بن النعمان الاعلم النخعي أبو الحسن مولاهم كوفى، روى عن الرضا (ع) وكان ثقة وجها ثبتا صحيحا واضح الطريقة [ صه جش ]. وفي البصائر ص 415 وامالي الصدوق المجلس الثامن والثلاثين ص 191 ” عن علي بن الحكم عن عامر بن معقل ” وعلى بن الحكم هو ابن أخت علي بن النعمان وهو ثقة جليل القدر له كتاب [ ست ]. (4) عامر بن معقل قد صحف في النسخ الخطية عندنا تارة بن معقل وأخرى بعاثم بن معقل فصححناه بما في البصائر وامالي الصدوق وقد يوجد في كامل ابن قولويه راجع الباب 28 ص 91. (5) الكرة الرجعة، والمراد بأهل الكرة الذين رجعوا بعد النبي صلى الله عليه وآله عن الايمان

[ 10 ]

7 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن خالد الميثمي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين بن المستنير [ قال: حدثنا الحسين بن محمد بن الحسين بن مصعب (1) ] قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي، عن كثير النواء (2)، عن أبي مريم الخولاني، عن مالك بن ضمرة، قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيدي فقال: من تابع هؤلاء الخمس ثم مات وهو يحبك فقد قضى نحبه (3)، ومن مات وهو يبغضك فقد مات ميتة جاهلية يحاسب بما يعمل في الاسلام (4)، ومن عاش بعدك وهو يحبك ختم الله له بالامن والايمان حتى يرد علي الحوض.


(1) ما بين المعقوفين كان في نسخة مخطوطة عندنا وهو من مشايخ ابي علي ابن همام. ومذكور في تاريخ بغداد مع راويه ج 2 ص 243. (2) هو كثير بن قاروند أبو إسماعيل النواء الكوفي، والنواء نسبة إلى بيع النواى. بترى عامي ضعيف. (3) المراد الصلوات الواجبة الخمسة وقوله: ” فقد قضى نحبه ” اشارة إلى قوله تعالى: ” فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا الاحزاب 23 ” أي نذره والنحب النذر، استعير للموت لانه كنذر لازم في الرقبة، أي عمل بوظيفته وأدى ما عليه من التكليف. وقد مر في الحديث الثاني أن قبول الاعمال مشروط بالاقرار بولاية الائمة المعصومين عليهم السلام فمن أنكرهم وأبغضهم فلن تقبل منه أعماله وهو في الاخرة من الخاسرين. (4) قال في النهاية: ” قد تكرر في الحديث ذكر الجاهلية وهي الحال التي كانت عليها العرب قبل الاسلام من الجهل بالله ورسوله وشرايع الدين، والمفاخرة بالانساب والكبر وتجبر وغير ذلك، انتهى “، فالمعنى انه مات على ما مات عليه الكفار من الضلال والجهل والعمى. وكان في بعض النسخ ” بما عمل في الاسلام ” وهما على صيغة المجهول، أي بكل الواجبات الشرعية التي يعمل بها في الاسلام من الصلاة والزكوة والصوم وغيرها فانه و ان مات على عدم معرفة الله ورسوله وشرايع دينه لكنه مأخوذ بها ومسئول عنها.

[ 11 ]

8 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من خطوة أحب إلى الله من خطوتين: خطوة يسد بها [ مؤمن ] (1) صفا في سبيل الله، وخطوة يخطوها [ مؤمن ] (2) إلى ذي رحم قاطع يصلها، وما من جرعة أحب إلى الله من جرعتين: جرعة غيظ يردها مؤمن بحلم (3)، وجرعة جزع يردها مؤمن بصبر، وما من قطرة أحب إلى الله من قطرتين: قطرة دم في سبيل الله، وقطرة دمع في سواد الليل من خشية الله. 9 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد (4)، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حماد بن عثمان، عن ربعي بن عبد الله، والفضيل بن يسار (5)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال: انظر قلبك فان أنكر صاحبك فقد أحدث أحدكما (6).


(1) و (2) ما بين المعقوفين ليس في بعض النسخ فميزناه حتى لا يخلط بالمتن. (3) شبه صلى الله عليه وآله جرع غيظه ورده والحلم عليه بتجرع الماء، وهي أحب جرعة يتجرعها العبد وأعظمها ثوابا، ولا يحصل هذا الحب الا بعد كونه قادرا على الانتقام ويكون غيظه لله تعالى. (4) هو جعفر بن محمد جعفر بن قولويه من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه، روى عن أبيه وأخيه عن سعد، وهو استاد الشيخ المفيد رحمهما الله تعالى، وعنه حمل، وكل ما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه [ صه جش، مختصرا ]. (5) في البحار: ” عن ربعي عن الفضيل ” وكلاهما يرويان عن أبي عبد الله عليه السلام بلا واسطة، وأيضا يروى كل واحد منها عن الاخر وهما ثقتان جليلا القدر. (6) لعل المراد: اعلم أن صاحبك أيضا أبغضك وسبب البغض اما شئ من قبلك أو توهم فاسد من قبله. (المرآة).

[ 12 ]

10 قال: أخبرني الشريف الزاهد أبو محمد الحسن بن حمزة، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عمرو الافرق (1) وحذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: صدقة يحبها الله إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقريب بينهم إذا تباعدوا. 11 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد الحسن، عن أبيه، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي قال: قال حماد بن عيسى: قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: جعلت فداك ادع الله أن يرزقني ولدا ولا يحرمني الحج ما دمت حيا، قال: فدعا لي فرزقني الله ابني هذا، وربما حضرت أيام الحج ولا أعرف للنفقة فيه وجها، فيأتي الله بها من حيث لا أحتسب. 12 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن الحارث بن بهرام (2)، عن عمرو بن جميع، قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: من جاءنا يلتمس الفقه والقرآن والتفسير فدعوه، ومن جاءنا يبدي عورة قد سترها الله (3) فنحوه. فقال له رجل من القوم: جعلت فداك أذكر حالي لك ؟ قال: إن شئت، قال: والله إني لمقيم على ذنب منذ دهر، أريد


(1) في بعض النسخ: عمر الافرق وكلاهما واحد، وهو ابن خالد الافرق الحناط الكوفي ثقة. (2) مهمل، ذكره صاحب جامع الرواة فيمن روى عن عمرو بن جميع. (3) أي سرا من أسرار بعض الجهال من الناس عندنا أو عند اعدائنا الذين يتفرسون كشفها، أو عيبا من عيوب نفسه أو عيوب أصحابه التي قد سترها الله تعالى حبا واشفاقا وفضلا على عباده، والاظهر المعنى الاخير

[ 13 ]

أن أتحول منه إلى غيره فما أقدر عليه. قال له: إن تكن صادقا فإن الله يحبك، وما يمنعك من الانتقال عنه إلا أن تخافه (1). المجلس الثاني يوم الاربعاء لخمس خلون منه (2)، قال الشيخ الاجل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم. 1 قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمر الزيات، قال، حدثني علي بن إسماعيل (3)، قال: حدثنا محمد بن خلف، قال: حدثنا الحسين الاشقر (4)، قال: حدثنا قيس، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله وهو يحبنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفتنا (5).


(1) أي وما يمنعك الله من الانتقال عن الذنب الا لكي تخافه وأن لا يدخلك العجب، وهذا دليل على محبة الله تعالى عبده، ويفهم منه أن الذنب خير من العجب والله هو المستعان. ورواه في الكافي باب اللمم 2 / 442 الا أن فيه: ” وما يمنعه أن ينقلك منه إلى غيره الا لكي تخافه “. (2) أي من شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة لما تقدم. (3) هو على بن اسماعيل الاطروش الاتى ذكره في المجلس السادس. (4) هو الحسين بن الحسن الاشقر الفزارى الكوفى، يروى عن قيس بن الربيع الاسدي أبي محمد الكوفي، وروى عنه محمد بن خلف أبو بكر الرازي. (5) سيأتي مثله بهذا السند من طريق الجعابي في المجلس السادس وبسند آخر في السابع عشر. وتقدم ما يحتاج إليه من البيان في ذيل الخبر الثاني من المجلس الاول.

[ 14 ]

2 قال: حدثني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي (1)، قال: حدثني إسحاق بن محمد قال: حدثنا زيد بن المعدل (2)، عن سيف بن عمر، عن محمد بن كريب، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الامر، فإنه نظام الاسلام (3). 3 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن سالم، قال: حدثني أبو جعفر محمد بن عيسى العجلي قال: حدثنا مسعود بن يحيى النهدي (4)، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن أبيه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في جماعة من أصحابه إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أراد أن ينظر إلى آدم في خلقه (5)، وإلى نوح في حكمته، وإلى إبراهيم في حلمه فلينظر إلى علي بن ابي طالب. 4 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني (6)، قال: حدثنا


(1) هو أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سالم بن البراء التيمى البغدادي المعروف بالجعابي بكسر الجيم وكان من الحفاظ والاجلاء راجع ترجمته الشافية في الغدير الاغر ج 1 ص 153 له كتاب كبير في طبقات أصحاب الحديث من الشيعة. (2) لم نجد بهذا العنوان أحدا في الرجال وقد ذكر في امالي ابن الشيخ الجزء السابع في سند خبر، وروى عنه هناك محمد بن اسماعيل. (3) يدل على وجوب طاعة الامام الذي نصبه الله تعالى ووجوب وجوده. (4) كذا. وكانه ” معمر ” أو ” مسعر بن يحيى ” الذي سيأتي في سند ح 1 من المجلس 28. (5) الكلمة يحتمل وجهين الضم والفتح، ولما لم نعلم المراد أحلنا فهمه على عبقرية القارئ. وللخبر لفظ آخر رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق قسم علي (ع) تحت رقم 804. (6) أبو عبيدالله محمد بن عمران بن موسى بن عبيدالله المرزباني الخراساني الاصل البغدادي المولد، صاحب التصانيف المشهورة وهو من مشايخ المفيد (ره) واستاد الشريف المرتضى علم الهدى وشيخه الذي يروي عنه، وتوفى سنة 378. له كتاب ” ما نزل من القرآن في علي (ع) وكتاب المفصل في علم البيان في نحو ثلاثمائة =

[ 15 ]

محمد بن الحسين الجوهري قال: حدثنا علي بن سليمان، قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال: أخبرني علي بن صالح قال: حدثني عبد الله بن مصعب، عن أبيه قال: حضر عبد الله بن عباس مجلس معاوية بن أبي سفيان، فأقبل عليه معاوية فقال: يا ابن عباس إنكم تريدون أن تحرزوا الامامة كما اختصصتم بالنبوة ؟ ! والله لا يجتمعان أبدا، إن حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، إنكم تقولون: نحن أهل بيت النبي [ ص ] فما بال خلافة النبوة في غيرنا ؟ وهذه شبهة لانها تشبه الحق وبها مسحة من العدل، وليس الامر كما تظنون، إن الخلافة تتقلب (1) في أحياء قريش برضى العامة وشورى الخاصة، ولسنا نجد الناس يقولون: ليت بني هاشم ولونا، ولو ولونا كان خيرا لنا في دنيانا واخرانا. ولو كنتم زهدتم فيها أمس كما تقولون ما قاتلتم عليها اليوم، و والله لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم. فقال ابن عباس رحمه الله: أما قولك يا معاوية: إنا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة فهو والله كذلك، فإن لم يستحق الخلافة بالنبوة فبم يستحق (2)


= ورقة، قيل: هو أول من اسس علم البيان ودونه. قال ابن خلكان: كان راوية للادب صاحب أخبار، وتآليفه كثيرة، وكان ثقة في الحديث ومائلا إلى التشيع في المذهب الخ، ونقل الخطيب البغدادي عن علي بن أيوب القمى أنه قال: دخلت يوما على أبي علي الفارسي النحوي فقال: من أين أقبلت ؟ قلت من عند أبي عبيدالله المرزباني فقال: أبو عبيدالله من محاسن الدنيا. وقال: حدثني القاضي الصيمري قال: سمعت المرزباني يقول: كان في دارى خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لاهل العلم الذين يبيتون عندي. (1) في جل النسخ: ” ينقلب ” ولعل الصحيح ما في المتن. والاحياء جمع الحي. (2) في بعض النسخ في الموضعين ” نستحق ” على صيغة المتكلم، ولعله تصحيف ” تستحق ” بصيغة المؤنث. ويستحق على صيغة المجهول في الموضعين فلا تغفل. (*)

[ 16 ]

وأما قولك: إن الخلافة والنبوة لا يجتمعان لاحد، فأين قول الله عزوجل: ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ” (1) فالكتاب هو النبوة، والحكمة هي السنة، والملك هو الخلافة، فنحن آل إبراهيم، والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة. وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة، فليس كذلك، وحجتنا أضوء من الشمس، وأنور من القمر، كتاب الله معنا وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فينا، وإنك لتعلم ذلك ولكن ثنى عطفك وصعرك (2) قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك، فلا تبك على أعظم حائلة، وأرواح في النار هالكة، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك، وأحلها الكفر، ووضعها الدين. وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا، وعدولهم عن الاجماع علينا (3)، فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله. وأما افتخارك بالملك الزائل الذي توصلت إليه بالمحال الباطل، فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله. وما تملكون يوما يا بني أمية إلا ونملك بعدكم يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين. وأما قولك: إنا لو ملكنا كان ملكنا أهلك للناس من ريح عاد و


(1) النساء: 54. (2) قال الجوهري: ” يقال ثنى فلان عنى عطفه إذا أعرض عنك. وقال: صعر خده وصاعر: اي أماله من الكبر “. نقول: ومنه قوله تعالى: الحج: 8: ” ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق “. (3) في نسخة: ” عن الاجتماع علينا “.

[ 17 ]

صاعقة ثمود (1)، فقول الله يكذبك في ذلك قال الله عزوجل: ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ” (2) فنحن أهل بيته الادنون [ ورحمة الله خلقه كرحمته بنبيه خلقه ] (3) ظاهر، والعذاب بتملكك رقاب المسلمين ظاهر للعيان، و سيكون من بعدك تملك ولدك وولد أبيك أهلك للخلق من الريح العقيم، ثم ينتقم الله بأوليائه ويكون العاقبة للمتقين (4). 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد القرشي إجازة، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا الحسين بن نصر (5) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الغفار بن القاسم، قال: حدثنا المنهال بن عمرو، قال: سمعت أبا القاسم محمد ابن علي ابن الحنفية (6) رضي الله عنه يقول: مالك من عيشك إلا لذة تزولف بك إلى حمامك، وتقربك إلى نومك، فأية أكلة ليست معها غصص ؟ أو


(1) في جل النسخ: ” انا لو ملكنا لم يكن ملكنا بأهلك للناس من ريح عاد و صاعقة ثمود فقول الله يكذبك في ذلك الخ ” ولكنه تصحيف وهو خلاف السياق ولا يناسبها فصححناه بالنسخة المطبوعة وقابلناه مع ما في البحار. (2) الانبياء: 107. (3) ما بين المعقوفين موجود في النسخ وساقط في البحار وأظنه من زيادة النساخ زادوه توضيحا، والمعنى ان ملكنا على الناس رحمة لهم من الله، لانا أتباع الرسول و أهل بيته الادنون والرسول رحمة الله للناس. فكيف يكون ملكنا أهلك لهم من ريح عاد وصاعقة ثمود ؟. (4) أورده العلامة المجلسي (ره) في البحار الطبعة الحديثة ج 44 ص 117 118 باب أحوال أهل زمانه وعشائره واصحاب الحسن عليه السلام. (5) هو الحسين بن نصر بن مزاحم المنقرى، وأبوه يروى عن عبد الغفار بن القاسم في كتابه ” الصفين “، وصحف في النسخ تارة بالحسن بن نصير ومرة بالحسين بن نصير و أخرى بالحسن بن نصر. (6) هو محمد بن علي بن أبي طالب (ع) أمه خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية.

[ 18 ]

شربة ليست (1) معها شرق ؟ فتأمل أمرك فكأنك قد صرت الحبيب المفقود و الخيال المخترم (2). أهل الدنيا أهل سفر، لا يحلون عقد رحالهم إلا في غيرها. 6 وبهذا الاسناد، عن أبي القاسم محمد بن علي ابن الحنفية رحمه الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا و يعرف حقنا (3). 7 قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن مظفر الوراق (4)، حدثنا أبو بكر محمد بن أبي الثلج (5)، قال: أخبرني الحسين بن أيوب من كتابه، عن محمد بن غالب، عن علي ابن الحسن (6)، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح المحاربي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، عن أبيه، عن جده قال: إن الله جل جلاله بعث جبرئيل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وآله أن يشهد لعلي بن أبي طالب عليه السلام بالولاية في حياته، و يسميه بإمرة المؤمنين قبل وفاته، فدعا نبي الله صلى الله عليه وآله تسعة رهط (7)، فقال: إنما دعوتكم لتكونوا شهداء الله في الارض أقمتم أم كتمتم.


(1) في البحار والنسخة المطبوعة ” ليس ” في الموضعين. (2) الخرم: الثقب والفصم، أي صرت بعد موتك عند من يعرفك صورة تشبه لهم في المنام، كان لم تكن لهم أنيسا وصاحبا ورفيقا ولانك تكون نسيا منسيا. (3) أي ليس من أهل ديننا أو أهل سنتنا أو طريقتنا الاسلامية. والواو بمعنى ” أو ” فالتحذير من كل منها. وفي السند ارسال. (4) كونه أبا الحسين محمد بن المظفر بن موسى البزاز المعنون في تاريخ الخطيب محتمل. (5) هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن اسماعيل أبو بكر الكاتب البغدادي المعروف بابن أبي الثلج ثقة عين كثير الحديث، وأبو الثلج كنية جده عبد الله بن اسماعيل. (6) هو علي بن الحسن الطاطري يكنى أبا الحسن واقفى، وكان فقيها ثقة في حديثه ولا يمكن أن يكون علي بن الحسن بن فضال لاختلاف الطبقة، وعدم روايته عن عبد الله بن جبلة. (7) في جل النسخ والبحار: ” بسبعة رهط ” والرهط: عشيرة الرجل وأهله، ومن الرجال ما دون العشرة.

[ 19 ]

ثم قال: يا أبا بكر قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقال: أعن أمر الله ورسوله ؟ قال: نعم، فقام فسلم عليه بإمرة المؤمنين. ثم قال: قم يا عمر فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقال: أعن أمر الله ورسوله نسميه أمير المؤمنين ؟ قال: نعم، فقام فسلم عليه. ثم قال للمقداد بن الاسود الكندي: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم، ولم يقل مثل ما قال الرجلان من قبله. ثم قال لابي ذر الغفاري: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين، فقام فسلم عليه. ثم قال لحذيفة اليماني: قم فسلم على أمير المؤمنين، فقام فسلم عليه (1). ثم قال لعمار بن ياسر: قم فسلم على أمير المؤمنين، فقام فسلم عليه، ثم قال لعبدالله بن مسعود: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقام فسلم عليه. ثم قال لبريدة: قم فسلم على أمير المؤمنين وكان بريدة أصغر القوم سنا فقام فسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما دعوتكم لهذا الامر لتكونوا شهداء الله أقمتم أم تركتم (2). 8 قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن المظفر، قال: حدثنا محمد بن جرير (3)، قال: حدثني أحمد بن إسماعيل، عن عبد الرزاق بن همام قال: أخبرنا معمر (4)، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس رحمه الله قال: نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: سيد في الدنيا وسيد في الآخرة.


(1) في حاشية نسخة: في نسخة ليس فيها حذيفة والسبعة تتم بدون حذيفة. (2) قال بعض الاعلام: قد سقط من الحديث ذكر تسليم تاسعهم وهو سلمان الفارسي ولم يعد الا ثمانية. (3) الظاهر كونه محمد بن جرير بن يزيد الطبري أبو جعفر صاحب التفسير والتاريخ لا ابن جرير بن رستم أبا جعفر الطبري الاملي الامامي صاحب كتابي ” غريب القرآن ” و ” المسترشد ” بقرينة راويه أبو الحسين بن المظفر راجع تاريخ بغداد ج 3 ص 262. (4) هو معمر بسكون الثانية ابن راشد الازدي الحداني أبو عروة البصري.

[ 20 ]

9 قال: أخبرني أبو غالب الزراري (1)، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن خالد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: حدثنا صفوان، عن سيف التمار، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: سمعته يقول: عليكم بالدعاء فإنكم لا تتقربون بمثله، ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تسلوها (2) فإن صاحب الصغار هو صاحب الكبار. المجلس الثالث مجلس يوم السبت لثمان خلون منه، حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم. 1 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، قال: حدثني عبد الله بن إسحاق، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي، قال: حدثنا أبو قطن (3)، قال: حدثنا هشام الدستوائي (4)، عن يحيى بن أبي كثير، عن عروة (5)، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، وإذا لم يبق عالم اتخذ


(1 () هو أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبو غالب الزراري كان شيخ أصحابنا في عصره وكان جليل القدر ثقة ولد 285 ومات 368. (2) سلا الشئ وعنه: طابت نفسه عنه وذهل عن ذكره. وفي بعض النسخ والبحار ” أن تسئلوها ” وهو تصحيف. ورواه في الكافي 2 / 467 باختلاف ما في اللفظ فراجع. (3) الظاهر هو عمرو بن الهيثم بن قطن بفتح قاف والمهملة القطعي بضم القاف وفتح المهملة أبو قطن البصري الذي مات على رأس المائتين. وفي جل النسخ والبحار ” أبو قطر ” وهو تصحيف، والصحيح ما في المتن كما في المطبوعة سابقا. وراويه اسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن أبو يعقوب البغوي الملقب بلؤلؤء. (4) هو هشام بن أبي عبد الله سنبر على وزان جعفر أبو بكر الدستوائي، مات سنة 154 وله ثمان وسبعون سنة. (5) يعني عروة بن الزبير بن العوام الاسدي أبا عبد الله.

[ 21 ]

الناس رؤساء جهالا، فسألوهم فقالوا بغير علم فضلوا وأضلوا (1). 2 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن أحمد بن علوية، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، قال: أخبرنا توبة بن الخليل (2) قال: أخبرنا عثمان بن عيسى (3)، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن، عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر إذ نزل فسجد خمس سجدات، فلما ركب قال له بعض أصحابه: رأيناك يا رسول الله صنعت ما لم تكن تصنعه ؟ قال: نعم، أتاني جبرئيل عليه السلام فبشرني أن عليا في الجنة، فسجدت شكرا لله تعالى، فلما رفعت رأسي قال: وفاطمة في الجنة، فسجدت شكرا لله تعالى، فلما رفعت رأسي قال: والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فسجدت شكرا لله تعالى، فلما رفعت رأسي قال: ومن يحبهم في الجنة، فسجدت لله تعالى شكرا، فلما رفعت رأسي قال: ومن يحب من يحبهم في الجنة [ فسجدت شكرا لله تعالى ]. 3 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا، ومحمد ابن عبد الله بن محمد بن سالم في آخرين قالا: حدثنا عبد الله بن سالم قال: حدثنا هشام بن مهران، عن خاله محمد بن زيد العطار وكان من كبار أصحاب


(1) قوله: ” انتزاعا ” اي محوا من الصدور. وهو مصدر ل‍ ” يقبض ” من غير لفظه لبيان النوع نحو رجع القهقرى. (2) لم نعثر عليه في الرجال، انما كان فيها ” محمد بن الخليل الثقفي المكنى بأبي عبد الله وهو ثقة له نوادر. وفي أمالي الصدوق في سند خبر عن الثقفي عن توبه بن الخليل. (3) هو عثمان بن عيسى أبو عمرو العامري الكلابي. وأبو عبد الرحمن كنية لجمع من أصحاب الصادق عليه السلام أشهرهم محمد بن الفضيل بن غزوان الضبي. واسماعيل ابن علي المسلى، وعبيدالله بن زياد الهراء الهمداني الكوفي. وأيوب بن عطية الحذاء الاعرج الكوفي وكونه أحد الاخيرين قريب. والاول أقرب.

[ 22 ]

الاعمش قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا منذر بن جيفر قال: حدثنا محمد بن يزيد الباني قال: كنت عند جعفر بن محمد عليهما السلام فدخل عليه عمر بن قيس الماصر وأبو حنيفة وعمر بن ذر (1) في جماعة من أصحابهم فسألوه عن الايمان، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يزني الزاني وهو مؤمن، ولا يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن، فجعل بعضهم ينظر إلى بعض فقال له عمر بن ذر: بم نسميهم (2) ؟ فقال عليه السلام: بما سماهم الله وبأعمالهم، قال الله عزوجل: ” والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما (3) ” وقال: ” الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة (4) ” فجعل بعضهم ينظر إلى بعض. فقال محمد بن يزيد: وأخبرني بشر بن عمر بن ذر وكان معهم قال: لما خرجنا قال عمر بن ذر لابي حنيفة: ألا قلت: من عن رسول الله (5) ؟ قال: ما أقول لرجل يقول: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله “. 4 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي، قال: أخبرنا محمد بن إدريس قال: حدثنا الحسن بن عطية قال: حدثنا رجل يقال [ له ]: إسرائيل (6)،


(1) عمر بن ذر بن عبد الله بن زرارة الهمداني المرهبي أبو ذر الكوفي قال ابن حجر ثقة. ولا يخفى ما في السند من الاعضال ولا يسعنا تصحيحه. (2) بناء سؤاله على أنه لا واسطة بين الايمان والكفر، فإذا لم يكونوا مؤمنين فهم كفار. وبناء الجواب على الواسطة كما عرفت. (البحار). (3) المائدة: 38. (4) النور: 2. (5) أي لم لم تسأله من أخبرك بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله فأجاب بأنه إذا ادعى العلم ونسب القول إليه كيف أستطيع أن أسأله من أخبرك. (6) هو اسرائيل بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي الهمداني الكوفي روى عن ميسرة بن حبيب النهدي أبو حازم الكوفي، وروى عنه الحسن بن عطية بن نجيح القرشي أبو على البزاز الكوفي.

[ 23 ]

عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال، عن زر بن حبيش، عن حذيفة قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله: أما رأيت الشخص الذي اعترض لي ؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ذاك ملك لم يهبط قط إلى الارض قبل الساعة، استأذن الله عزوجل في السلام على علي، فأذن له فسلم عليه، وبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. 5 قال: أخبرني الحسين بن أحمد بن المغيرة (1) قال: أخبرني أبو محمد حيدر بن محمد السمرقندي قال: أخبرني أبو عمرو محمد بن عمرو الكشي قال: حدثنا حمدويه بن نصير قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن المغيرة قال: كنت أنا ويحيى بن عبد الله بن الحسن عند أبي الحسن عليه السلام فقال له يحيى، جعلت فداك إنهم يزعمون أنك تعلم الغيب، فقال: سبحان الله، ضع يدك على رأسي فوالله ما بقيت شعرة فيه و [ لا ] في جسدي إلا قامت، ثم قال: لا والله ما هي إلا وراثة عن رسول الله صلى الله عليه وآله (2). 6 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إبراهيم والفضل الاشعريين، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر أو أبي عبد الله عليهما السلام قال: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعيبه (3) بها يوما ما. 7 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد


(1) هو الحسين بن أحمد بن المغيرة أبو عبد الله البوشنجي العراقي، ولعله ابن المغيرة الذي روى عنه أبو غالب الزراري في رسالته، يروي عن أبي محمد حيدر بن محمد ابن نعيم السمرقندي الذي من غلمان العياشي والراوي عن الكشي كما يأتي في السند. (2) أراد عليه السلام أن ما عندي ليس بعلم الغيب بل هو شئ أخذته عن آبائي عن رسول الله صلى الله عليه وآله والغيب هو الذي لا يعلمه الا الله تبارك وتعالى. (3) في بعض النسخ ” ليعنفه بها الخ “.

[ 24 ]

ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن الحكم بن عتيبة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده ما يكفرها ابتلاه الله تعالى بالحزن فيكفر عنه ذنوبه. 8 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن مستورد قال: حدثنا محمد بن منير قال: حدثني إسحاق بن وزير (1) قال: حدثنا محمد بن الفضيل بن عطاء مولى مزينة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، عن محمد بن علي ابن الحنفية [ رضي الله عنه ] قال: كان اللواء معي يوم الجمل وكان أكثر القتلى في بني ضبة (2)، فلما انهزم الناس أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر رضي الله عنهما فانتهى إلى الهودج وكأنه شوك القنفذ مما فيه من النبل، فضربه بعصا ثم قال: هيه (3) يا حميراء أردت أن تقتليني كما قتلت ابن عفان ؟ ! أبهذا أمرك الله أو عهد به إليك رسول الله صلى الله عليه وآله قالت، ملكت فاسجح (4)، فقال عليه السلام لمحمد بن أبي بكر: انظر هل نالها شئ من السلاح ؟


(1) كذا ولم نجده، انما روى محمد بن منير عن اسحاق بن سيار النصيبى. (2) بنو ضبة بطن من طابخة من العدنانية وبنو ضبة بن أد بن طابخة، كان ديارهم بجوار بني غنم بالنواحي الشمالية التهامية من نجد ثم انتقلوا في الاسلام إلى العراق للجزيرة الفراتية وبها قتلوا المتنبي الشاعر. (3) ” هيه ” بمعنى ” ايه ” فأبدل من الهمزة هاء، وايه اسم سمى به الفعل ومعناه الامر، تقول للرجل: ايه، بغير تنوين إذا استزدته من الحديث المعهود. وأيضا يقال لشئ يطرد هيه هيه بالكسر. ثم اعلم انه كان في صحيح البخاري باسناده عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله أيام الجمل، فأقاتل معهم. قال: لما بلغ رسول صلى الله عليه وآله أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: ” لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة “. (4) الاسجاح: حسن العفو أي ظفرت فأحسن وقدرت فسهل وأحسن العفو. =

[ 25 ]

فوجدها قد سلمت، لم يصل إليها الا سهم خرق في ثوبها خرقا، وخدشها خدشا ليس بشئ. فقال ابن أبي بكر: يا أمير المؤمنين قد سلمت من السلاح إلا سهما قد خلص إلى ثوبها فخدش منه شيئا. فقال علي عليه السلام: احتملها فأنزلها دار ابني خلف الخزاعي (1)، ثم أمر مناديه فنادى: لا يدفف (2) على جريح ولا يتبع مدبر، ومن أغلق بابه فهو آمن (2).


= قال ابن أبي الحديد في شرح قوله عليه السلام: ” واصفح مع الدولة تكن لك العاقبة ” ما هذا لفظه: ” هذه كانت شيمة رسول الله صلى الله عليه وآله وشيمة علي (ع) أما شيمة رسول الله صلى الله عليه وآله فظفر بمشركي مكة وعفا عنهم كما سبق القول فيه عام الفتح، وأما علي (ع) فظفر باصحاب الجمل وقد شقوا عصا الاسلام عليه وطعنوا فيه وخلافته، فعفا عنهم مع علمه بأنهم يفسدون عليه امره فيما بعد ويصيرون إلى معاوية اما بأنفسهم أو بآرائهم ومكتوباتهم وهذا أعظم من الصفح عن أهل مكة لان لم يبق لهم لما فتحت فئة يتحيزون إليها ويفسدون الدين عندها “. (1) يعني عبد الله وعثمان ابني خلف، وقال الطبري: هي أعظم دار بالبصرة. (2) في القاموس: اففته أجهزت عليه كدففته، ومنه داف ابن مسعود أبا جهل يوم بدر. (3) في تحف العقول عن امام الهادي عليه السلام في جواب مسائل يحيى بن أكثم عن سؤاله عن قتل علي (ع) أهل صفين وعفوه عن أهل الجمل لما هزموا ودخلوا بابهم انه قال: ” فان أهل الجمل قتل امامهم ولم تكن لهم فئة يرجعون إليها، وانما رجع القوم إلى منازلهم غير محاربين ولا مخالفين ولا منابذين، رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيهم رفع السيف عنهم والكف عن أذاهم، إذ لم يطلبوا عليه أعوانا. وأهل صفين كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة، وامام يجمع لهم السلاح والدروع والرماح والسيوف ويسنى لهم العطاء، يتهيئ لهم الانزال، ويعود مريضهم، ويجبر كسيرهم، ويداوى جريحهم، ويحمل راجلهم، ويكسو حاسرهم، ويردهم فيرجعون إلى محاربتهم وقتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم في قتال أهل التوحيد، لكنه شرح =

[ 26 ]

9 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن التيملي (1) قال: وجدت في كتاب أبي: حدثنا محمد بن مسلم الاشجعي، عن محمد بن نوفل بن عائذ الصيرفي قال: كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي فدخل علينا أبو حنيفة النعمان بن ثابت، فذكرنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ودار بيننا كلام في غدير خم (2)، فقال أبو حنيفة: قد قلت لاصحابنا: لا تقروا لهم بحديث غدير خم فيخصموكم، فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي وقال له: لم لا يقرون به أما هو عندك يا نعمان ؟ قال: بلى هو عندي وقد رويته، قال: (3) فلم لا يقرون به وقد حدثنا بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل (4) عن زيد بن أرقم أن


= ذلك لهم، فمن رغب عرض على السيف أو يتوب من ذلك “. نقول: في بعض نسخ الحديث: ” الا يجهز على جريح، ولا يتبع مول، ولا يطعن في وجه مدبر، ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن، ثم آمن الاسود والاحمر “. وفي كنز العمال للمتقى الهندي زيادة بعد قوله ” الاحمر ” وهي: ” ولا يستحلن فرج ولا مال “، وانظروا ما حضر به الحرب من آنية فاقبضوه، وما كان سوى ذلك فهو لورثته، ولا يطلبن عبدا خارجا من العسكر، وما كان من دابة أو سلاح فهو لكم، وليس لكم أم ولد، والمواريث على فريضة الله، وأى امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا. قالوا: يا أمير المؤمنين تحل لنا دماؤهم ولا تحل لنا نساؤهم ؟ فقال: كذلك السيرة في أهل القبلة، فخاصموه، قال: فهاتوا سهامكم وأقرعوا على عائشة فهي رأس الامر وقائدهم، فعرفوا وقالوا: نستغفر الله، فأفحمهم علي عليه السلام “. (1) هو علي بن الحسن بن علي بن فضال التيملى الكوفي أبو الحسن كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجهم وثقتهم. روى عن أخويه عن أبيهما (صه). وفي بعض النسخ علي بن الحسين وهو تصحيف. (2) في بعض النسخ: ” كلام في الولاية “. (3) يعني الهيثم بن حبيب. (4) هو عامر بن واثلة بن الاسقع الكناني أبو الطفيل، أدرك ثمان سنين من حياة =

[ 27 ]

عليا عليه السلام نشد الله في الرحبة (1) من سمعه، فقال أبوحينفة: أفلا ترون أنه قد جرى في ذلك خوض حتى نشد على الناس لذلك (2) ؟ فقال الهيثم: فنحن نكذب عليا أو نرد قوله ؟ فقال أبو حنيفة: ما نكذب عليا ولا نرد قولا قاله ولكنك تعلم أن الناس قد غلا منهم قوم (3). فقال الهيثم: يقوله رسول الله صلى الله عليه وآله ويخطب به ونشفق نحن منه ونتقيه بغلو غال أو قول قائل ؟. ثم جاء من قطع الكلام بمسألة سأل عنها، ودار الحديث بالكوفة، و كان معنا في السوق حبيب بن نزار بن حيان (4) فجاء إلى الهيثم فقال له: قد بلغني ما دار عنك في علي [ عليه السلام ] وقول من قال (5) وكان حبيب مولى لبني هاشم


(= رسول الله صلى الله عليه وآله وكان كيسانيا ممن يقول بحياة محمد ابن الحنفية وله في ذلك شعر وخرج تحت راية المختار بن أبي عبيدة. وفي (صه) عد من خواص علي عليه السلام. (1) في النهاية: يقال: نشدتك الله وأنشدك الله وبالله، وناشدتك الله وبالله: أي سألتك وأقسمت عليك. والرحبة:: بالضم: موضع بقرب القادسية على مرحلة من الكوفة. وبالفتح: الموضع المتسع بين أفنيه البيوت. وفي الكوفة محلات. (2) في بعض النسخ ” حتى يشد على الناس لذلك ” والمتن أنسب. (3) أي كان منهم غالون يقولون بغلو فيه فالصواب أن نسكت عن رواية خبر الغدير والولاية حتى يكون نسيا منسيا ولا يبقى لغلو أحد فيه مجال. وهيهات انه قد أخطأ الطريق وضل السبيل لانه متى جاز لنا أن نسكت عن الحق لبعض ما يلزمه من الباطل من بعض المنحرفين فالواجب علينا الصموت عن التوحيد والنبوة لوجود المنتحل والمبتدع، وهذا خلاف قوله تعالى: ” واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ” وقوله تعالى: ” ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون “. (4) في الخطية والبحار ” بن حسان ” وهو تصحيف. وهو حبيب بن نزار الهاشمي مولاهم الصيرفي، عده الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق عليه السلام. (5) في المطبوع والبحار: ” في علي وقوله. “.

[ 28 ]

فقال له الهيثم: النظر يمر (1) فيه أكثر من هذا، فخفض الامر. فحججنا بعد ذلك ومعنا حبيب فدخلنا على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فسلمنا عليه، فقال له حبيب: يا أبا عبد الله كان من الامر كذا وكذا، فتبين الكراهية في وجه أبي عبد الله عليه السلام: فقال له حبيب: هذا محمد بن نوفل حضر ذلك، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أي حبيب كف، خالقوا الناس بأخلاقهم (4) وخالفهوهم بأعمالكم، فإن لكل امرئ ما اكتسب وهو يوم القيامة مع من أحب، لا تحملوا الناس عليكم وعلينا، وادخلوا في دهماء الناس، فإن لنا أياما ودولة يأتي بها الله إذا شاء، فسكت حبيب، فقال عليه السلام: افهمت يا حبيب ؟ لا تخالفوا أمري فتندموا، [ ف‍ ] قال: لن أخالف أمرك. قال أبو العباس (3): وسألت علي بن الحسن عن محمد بن نوفل فقال: كوفي، قلت: ممن ؟ قال: أحسبه مولى لبني هاشم، وكان حبيب بن نزار بن حيان مولى لبني هاشم، وكان الخبر فيما جرى بينه وبين أبي حنيفة حين ظهر أمر بني العباس فلم يمكنهم إظهار ما كان عليه آل محمد عليهم السلام. 10 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي، عن أبي العباس أحمد ابن محمد، عن محمد بن سالم الازدي، عن موسى بن القاسم، عن محمد بن عمران البجلي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من لم يجعل لله له من نفسه واعظا فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا. المجلس الرابع ومما أملاه في مجلس يوم السبت النصف منه ولم احضره ولكن استنسخته وقرأته عليه، وسمع ولدي أبو الفوارس أبقاه الله يوم الخميس لخمس خلون من شوال من هذه السنة. أخبرنا الشيخ الاجل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه قراءة عليه في هذا اليوم.


(1) كذا. (2) خالقه: عاشره بخلق حسن، يقال: خالص المؤمن وخالق الفاجر. (3) يعني ابن عقدة أحمد بن محمد بن سعيد.

[ 29 ]

1 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أبو موسى هارون بن عمرو المجاشعي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن [ آبائه عليهم السلام، عن ] جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: العالم بين الجهال كالحي بين الاموات، وإن طالب العلم ليستغفر له كل شئ حتى حيتان البحر وهوام (1) الارض وسباع البر وأنعامه، فاطلبوا العلم فإنه السبب بينكم وبين الله عزوجل، وإن طلب العلم فريضة على كل مسلم. 2 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن هارون بن عبد الرحمن الحجازي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عيسى بن أبي الورد، عن أحمد بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يقل مع التقوى عمل، وكيف يقل ما يتقبل (2). 3 قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسن الجواني (3) قال: أخبرني أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري، عن جعفر بن محمد بن مسعود [ عن أبيه ] (4) قال: حدثنا نصر بن أحمد قال: حدثنا علي بن


(1) الهوام جمع الهامة وهي كل ذات سم يقتل، فأما ما يسم ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور. (2) سيأتي الحديث في المجلس الثالث والعشرين بسند آخر، وفي الرابع و الثلاثين بهذا السند. (3) الظاهر كونه محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن عبيدالله مولى الحسين بن علي بن الحسن عليهما السلام. وفي بعض النسخ ” محمد بن الحسين ” وهو من أهل آمل طبرستان وكان فقيها وسمع الحديث وله كتاب ثواب الاعمال علي ما في فهرس النجاشي. (4) قال الصدوق ره في مشيخته ” وما كان فيه عن محمد بن مسعود العياشي فقد = (*)

[ 30 ]

حفص. (1) قال: حدثنا خالد القطواني (2) قال: حدثنا يونس بن أرقم قال: حدثنا عبد الحميد بن أبي الخنسا، عن زياد بن يزيد، عن أبيه، عن جده فروة الظفاري قال: سمعت سلمان رحمه الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تفترق أمتي ثلاث فرق: فرقة على الحق لا ينقض الباطل منه شيئا، يحبوني ويحبون أهل بيتي، مثلهم كمثل الذهب الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا جودة. وفرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئا، يبغضوني ويبغضون أهل بيتي، مثلهم مثل الحديد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا شرا. وفرقة مدهدهة (3) على ملة السامري، لا يقولون: لا مساس لكنهم يقولون: لا قتال، إمامهم عبد الله بن قيس الاشعري (4). 4 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا عمر بن عيسى بن عثمان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا خالد بن عامر بن عباس، عن محمد بن سويد الاشعري قال: دخلت أنا و فطر بن خليفة (5) على جعفر بن محمد عليهما السلام، فقرب إلينا تمرا فأكلنا وجعل


= رويته عن المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي رضى الله عنه عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر محمد بن مسعود العياشي رضي الله عنه “. (1) في بعض النسخ: ” علي بن جعفر ” وبكلى العنوانين مشترك والتميز مشكل. (2) هو خالد بن مخلد القطواني أبو الهيثم البجلى مولاهم المتوفى 213، أو 14، أو 15. (3) دهدهدت الحجرة أي دحرجته، ولعله كناية عن اضطرابهم في الدين وتزلزلهم بشبهات المضلين. (البحار) (4) هو عبد الله بن قيس أبو موسى الاشعري المشهور أحد الحكمين في قضية صفين. (5) فطر بن خليفة المخزومي من رجال العامة ذكروه في معاجمهم واختلفوا فيه، وثقه ابن معين، وقال العلجي: ثقة حسن الحديث وكان فيه تشيع قليل، وقال ابن سعد كان =

[ 31 ]

يناول فطرا منه، ثم قال له: كيف الحديث الذي حدثتني عن أبي الطفيل (1) رحمه الله في الابدال ؟ فقال فطر: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت عليا أمير المؤمنين عليه السلام يقول: الابدال من أهل الشام والنجباء (2) من أهل الكوفة، يجمعهم الله لشر يوم لعدونا (3). فقال جعفر الصادق عليه السلام: رحمكم الله بنا يبدأ البلاد ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، رحم الله من حببنا إلناس ولم يكرهنا إليهم. 5 قال: أخبرني علي بن محمد القرشي إجازة قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال قال: حدثنا الحسين بن نصر (4) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الملك قال: حدثنا أبو [ عبد الله ] عبد الرحمن المسعودي، عن عمرو بن حريث الانصاري، عن الحسين بن سلمة البناني، عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من تغسيل رسول الله صلى الله عليه وآله وتكفينه وتحنيطه أذن للناس وقال: ليدخل منكم عشرة عشرة ليصلوا عليه، فدخلوا وقام أمير المؤمنين عليه السلام بينه وبينهم و قال: ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما (5) ” وكان الناس يقولون كما يقول. قال أبو جعفر عليه السلام: وهكذا


= ثقة ان شاء الله، ومن الناس من يستضعفه وكان لا يدع أحدا يكتب عنه، وقال الساجى: صدوق ثقة ليس بمتقن كان أحمد بن حنبل يقول: ” هو خشبي مفرط ” وكان يقدم عليا على عثمان. وقال صاحب جامع الرواة شيعي جلة. (1) هو عامر بن واثلة الكناني وقد تقدم. (2) قال في النهاية: في حديث علي رضى الله عنه ” الابدال بالشام ” هم الاولياء والعباد. سموا بذلك لانهم كلما مات واحد منهم أبدل بآخر. والنجيب [ جمعه النجباء ] الفاضل من كل حيوان وقد نجب ينجب نجابة: إذا كان نفيسا في نوعه. (3) أي يوم ظهور القائم عليه السلام. (4) تقدم الكلام فيه ص 17 فراجع. (5) الاحزاب: 56.

[ 32 ]

كانت الصلاة عليه صلى الله عليه وآله (1). 6 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري قال: حدثنا أبو القاسم حميد بن زياد قال: حدثنا الحسن بن محمد (2)، عن محمد بن الحسن بن العطار، عن أبيه الحسن بن زياد قال: لما قدم زيد بن علي الكوفة (3) دخل قلبي من ذلك بعض ما يدخل. قال: فخرجت إلى مكة ومررت بالمدينة فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام وهو مريض فوجدته على سرير مستلقيا عليه وما بين جلده وعظمه شئ (4)، فقلت: إني أحب أن أعرض عليك ديني، فانقلب على جنبه ثم نظر إلي فقال: يا حسن ما كنت أحسبك إلا وقد استغنيت عن هذا، ثم قال: هات فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، فقال عليه السلام: معي مثلها. فقلت: وأنا مقر بجميع ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فسكت، قلت: وأشهد أن عليا إمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرض طاعته، من شك فيه كان ضالا ومن جحده كان كافرا، قال: فسكت. قلت: وأشهد أن الحسن والحسين عليهما السلام بمنزلته حتى انتهيت إليه عليه السلام فقلت: وأشهد أنك بمنزلة الحسن والحسين ومن تقدم من الائمة. فقال: كف، قد عرفت الذي تريد، ما تريد إلا أن أتولاك على هذا، قال: قلت: فإذا توليتني على هذا فقد بلغت الذي أردت، قال: قد توليتك


(1) قال العلامة المجلسي (ره): الظاهر أن أمير المؤمنين عليه السلام كان صلى على النبي صلى الله عليه وآله قبل ذلك، واكتفى في صلاة الناس عليه بذلك، اما لعدم تقدم أبي بكر للصلاة أو لغير ذلك انتهى وفيه مالا يخفى. (2) هو الحسن بن محمد بن سماعة أبو محمد الكندى الصيرفي من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة [ جشن صه ]. (3) يعني حين خروجه على حكومة وقته في أيام هشام بن عبد الملك الاموى. (4) كناية عن شدة الهزال والتحول.

[ 33 ]

عليه، فقلت: جعلت فداك إني قد هممت بالمقام، قال: ولم ؟ قال: قلت: إن ظفر زيد [ أ ] وأصحابه فليس أحد أسوأ حالا عندهم منا، وإن ظفر بنو أمية فنحن عندهم بتلك المنزلة، قال: فقال لي: انصرف ليس عليك بأس من أولى ولا من أولى (1). 7 قال: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة الطبري قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حاتم القزويني قال: حدثنا أبو العباس محمد بن جعفر المخزومي قال: حدثنا محمد بن شمون البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمن (2). قال، حدثني الحسين بن زيد (3)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: من أعاننا بلسانه على عدونا أنطقه الله بحجته يوم موقفه بين يديه عزوجل. 8 قال: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة قال: حدثنا أحمد بن عبد الله (4)، عن جده أحمد بن عبد الله قال: حدثني أبي، عن داود بن النعمان، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن الحسن بن علي عليهما السلام إنه قال: من أحبنا بقلبه ونصرنا بيده ولسانه فهو معنا في الغرفة التي نحن فيها، ومن أحبنا بقلبه ونصرنا بلسانه فهو دون ذلك بدرجة، ومن أحبنا بقلبه وكف بيده ولسانه


(1) في بعض النسخ: ” من إلى ولا من إلى ” وهو مخفف أولى، وأولى اسم اشارة أي ليس عليك بأس من زيد واصحابه ولا من بني أمية وأنت في سلم من هؤلاء وهؤلاء. (2) محمد بن الحسن بن شمون البصري أبو جعفر بغدادي واقف ثم غلا وكان ضعيفا جدا فاسد المذهب (صه جش). وعبد الله بن عبد الرحمن الاصم المسمعى بصرى ضعيف غال ليس بشئ (صه جش). (3) هو الحسين بن زيد بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وصحف في المطبوعة والبحار بالحسين بن يزيد. (4) ما نعرفه الا أنه قد يخطر بالبال كونه أحمد بن عبد الله الكوفي صاحب ابراهيم ابن اسحاق الاحمري. أو رجل في طبقته.

[ 34 ]

فهو في الجنة (1). 9 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن سالم (2) قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن يزيد (3) قال: حدثنا أحمد بن رزق، عن أبي زياد الفقيمي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من حسن إسلام المرء تركه الكلام فيما لا يعنيه (4). المجلس الخامس ومما أملاه في يوم الاثنين السابع عشر منه وسمعه أبو الفوارس أبقاه الله تعالى: أخبرني الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد النعمان أدام الله حراسته وتوفيقه قراءة عليه. 1 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن سالم الجعابي قال: حدثنا أبو عبد الله


(1) أي من أحبنا بقلبه فقط ولم ينصرنا بيده ولسانه فهو في الجنة. (2) هو أبو بكر الجعابي المعروف وقد تقدم ترجمته. يروى عن ابن عقدة. (3) هو محمد بن يزيد النخعي. وراويه أحمد بن يوسف الجعفي، وشيخه أحمد بن رزق الغمشاني البجلى، وهو يروى عن الفقيمى بضم الفاء وفتح القاف وهو لقب معمر بن عطية الكوفى، وعباس بن عمرو، والحسن بن عمرو الكوفي وكلهم في طبقة واحدة ولم تذكر لاحدهم كنية حتى نتميز من هو. (4) أي ما لا يهمه ولا ينفعه في معاشه ومعاده، من عناه الامر إذا تعلقت عنايته به، وعد بعض العلماء مما لا يعني العبد: تركه تعلم العلم الذي فيه صلاح نفسه واشتغاله بتعلم ما يصلح به غيره كعلم الجدل مثلا وربما يعتذر في نفسه بأني اريد بذلك نفع الناس و أرشاد الخلق، مع أنه يعلم من نفسه خلاف ذلك، بل لا يريد الا التطاول على الاقران و التراوس عليهم، ولو كان صادقا لاشتغل قبل كل شئ باصلاح نفسه من اخراج هذه الصفة الملعونة الحابطة للاعمال.

[ 35 ]

جعفر بن محمد الحسني (1) قال: حدثنا الفضل بن القاسم قال: حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن جده عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال: سمعت علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يقول: ما اختلج عرق ولا صدع مؤمن إلا بذنبه، وما يعفو الله عنه أكثر، وكان إذا رأى المريض قد برئ قال: ليهنئك الطهر من الذنوب، فاستأنف العمل. 2 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة الجوهري قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي (2) قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا أبي، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة وفد الجن (3) قال: فحط على (4)، ثم ذهب فلما رجع تنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: أبا بكر، قال: (5) فمشى ساعة ثم تنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود،


(1) هو جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن المثنى. (2) هو أحمد بن منصور بن سيار البغدادي الرمادي أبو بكر ثقة حافظ (التقريب) والرمادي ينسب إلى رمادة بفتح الراء والميم وهو موضع باليمن، وليس منسوبا إلى رمادة فلسطين، على ما في اللباب، والمراد بعبد الرزاق الحافظ أبو بكر بن همام بن نافع الحميري مولاهم الصنعاني صاحب التصانيف، المعنون في تهذيب التهذيب والتذكرة وكذا أبوه همام بن نافع، وقال ابن حجر: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابنه عبد الرزاق: حج أبي أكثر من سنين حجة. وقال الذهبي في الميزان نقموا على عبد الرزاق التشيع، وما كان يغلو فيه، بل كان يحب عليا رضي الله عنه ويبغض من قاتله. (3) هذه القصة وقعت في مسيره صلى الله عليه وآله إلى غزوة تبوك كما ذكره الواقدي في مغازيه. (4) العلى بالضم والقصر: موضع من ناحية وادى القرى، نزله رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم في طريقه إلى تبوك وفيه مسجد (النهاية). (5) يعني عبد الله بن مسعود.

[ 36 ]

فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: عمر، فسكت، ثم مشى ساعة وتنفس وقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله. قال: من ؟ قلت: عثمان، فسكت، ثم مشى ساعة فقال: نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود، فقلت: استخلف يا رسول الله قال: من ؟ قلت: علي بن أبي طالب ؟ فتنفس ثم قال: والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين (1). 3 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة الجوهري قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة (2) قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن العباس قال: لما حضرت النبي صلى الله عليه وآله الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ؟ فقال عمر: لا تأتوه بشئ فانه قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله (3).


(1) أكتع مرادف لاجمع، ولا يستعمل الا معها يقال: ” رأيتهم أجمعين أكتعين “. والخبر رواه الخوارزمي في مناقبه. (2) هو عنبسة بن خالد بن يزيد أبي النجاد الاموي مولاهم الايلى الذي ذكره ابن حبان في الثقات. روى عن عمه يونس بن يزيد، وروى عنه أحمد بن صالح أبو جعفر المصرى الحافظ الذي يعرف بابن الطبري، وكان جامعا، يعرف الفقه والحديث والنحو ويذاكر بحديث الزهري محمد بن مسلم بن شهاب. (3) لا يخفى على اللبيب ان هذا القول (غلبه الوجع) في هذا المقام لا يكون الا بمعنى ” أهجر في كلامه وخلط وهذى ” ولا يفوه به الا من له غرض سياسي له المام به، والا فقوله صلى الله عليه وآله: ” هلموا اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ” يدل على كمال عقله وشدة اهتمامه بامور الامة. وفي قباله ” حسبنا كتاب الله ” كلام باطل لا طائل تحته الا.، لانه معلوم بالمشاهدة أن آيات الاحكام في القرآن لا يتجاوز الخمسمائة تقريبا وجلها في مقام التشريع لا بيان الحكم، كما قال عز من قائل: ” وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل =

[ 37 ]

فاختلف أهل البيت واختصموا (1)، فمنهم من يقول: قوموا (2) يكتب لكم رسول الله، ومنهم من يقول ما قال عمر. فلما كثر اللغط والاختلاف (3) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قوموا عني. قال عبيدالله بن عبد الله بن عتبة: وكان ابن عباس رحمه الله يقول: الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وبين أن يكتب لنا ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم (4). 4 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن سالم الجعابي قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا أبو موسى عيسى بن مهران المستعطف (5) قال: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا وهيب (6) قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إني على الحوض أنظر من يرد علي منكم، وليقطعن برجال دوني، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما عملوا بعدك،


= إليهم ” فلو كان الكتاب بنفسه كافيا فلم يقول قائله غير مرة: ” لولا علي لهلك عمر “. ثم لم يكتف النبي صلى الله عليه وآله قبل بالكتاب وأوصى بالكتاب والعترة. (1) في نسخة: ” فتخاصموا “. (2) في البحار: ” قربوا ” وجعل ” قوموا ” نسخة بدل عنه. (3) اللغط: صوت وضجة لا يفهم معناها. (4) قال العلامة المجلسي (ره): ” خبر طلب رسول الله صلى الله عليه وآله الدواة والكتف ومنع عمر عن ذلك مع اختلاف ألفاظه متواتر بالمعنى، وأورده البخاري و مسلم وغيرهما من محدثي العامة في صحاحهم، وقد أورده البخاري في مواضع من صحيحه منها في الصحفة الثانية من مفتتحه “. انتهى. (5) هو أبو موسى عيسى بن مهران المستعطف البغدادي بضم الميم وسكون السين المهملة. يروى عن عفان بن مسلم الباهلى الصفار البصري. وقيل: له كتب في جرح بعض الصحابة. وقال السمعاني: هو رجل سوء من شياطين الرافضة. (6) هو وهيب بن خالد بن عجلان الباهلى المعنون في التقريب. (*)

[ 38 ]

إنهم ما زالوا يرجعون على أعقابهم القهقرى (1). 5 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن سالم قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير (2) قال: حدثنا الاعمش، عن شقيق (3)، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله قال: دخل عليها عبد الرحمن بن عوف (4) فقال: يا أمه قد خفت أن تهلكني كثرة مالي، أنا أكثر قريش مالا، قالت: يا بني فأنفق، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه. قال: فخرج عبد الرحمن فلقي عمر بن الخطاب فأخبره بالذي قالت أم سلمة


(1) الاخبار في ذلك كثيرة جدا من طرق الفريقين ومتواترة معنى، وتبين حكم الصحابة في العدالة وعدمها. وفي لفظ البخاري ” اصيحابي اصيحابي “. وقال المجلسي (ره): ” اعلم أن أكثر العامة على أن الصحابة كلهم عدول، وقيل: هم كغيرهم مطلقا، وقيل: هم كغيرهم إلى حين ظهور الفتن بين علي عليه السلام ومعاوية، وأما بعدها فلا يقبل الداخلون فيها مطلقا، وقالت المعتزلة: هم عدول الا من علم أنه قاتل عليا عليه السلام فانه مردود. وذهبت الامامية إلى أنهم كساير الناس من أن فيهم [ العادل، وفيهم ] المنافق والفاسق والضال بل كان أكثرهم كذلك، ولا أظنك ترتاب بعد ملاحظة تلك الاخبار المأثورة من الجانبين المتواترة بالمعنى في صحة هذا القول “. (2) هو محمد بن خازم أبو معاوية الضرير الكوفي، عمى وهو صغير، ثقة، أحفظ الناس لحديث أعمش (التقريب). (3) هو أبو وائل شقيق بن سلمة الاسدي الكوفى، أدرك النبي (ص) ولم يرو عنه، قال الاعمش: قال لي أبو وائل: يا سليمان لو رأيتني ونحن هراب من خالد بن الوليد فوقعت عن البعير فكادت عنقي تندق فلو مت يومئذ كانت النار، وكنت يومئذ ابن احدى عشرة سنة. (4) نقل ابن قتيبة عن أبى اليقظان عثمان بن عمير أنه قال: مات عبد الرحمن في خلافة عثمان وقسم ميراثه على ستة عشر سهما فبلغ نصيب كل امرأة ثمانين ألف درهم.

[ 39 ]

فجاء يشتد حتى دخل عليها، فقال: يا أمه أنا منهم ؟ فقالت: لا أعلم ولن أبرئ بعدك أحدا. 6 قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر الموسوي (1) قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا يحيى بن زكريا ابن شيبان قال: حدثنا محمد بن سنان قال: أخبرني أحمد بن سليمان القمي الكوفي قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن كان النبي من الانبياء ليبتلى بالجوع حتى يموت جوعا، وإن كان النبي من الانبياء ليبتلى بالعطش حتى يموت عطشا، وإن كان النبي من الانبياء ليبتلى بالعراء (2) حتى يموت عريانا، وإن كان النبي من الانبياء ليبتلى بالسقم والامراض حتى تتلفه، وإن كان النبي من الانبياء ليأتي قومه فيقوم فيهم، يأمرهم بطاعة الله ويدعوهم إلى توحيد الله وما معه مبيت ليلة (3) فما يتركونه يفرغ من كلامه و لا يستمعون إليه حتى يقتلوه، وإنما يبتلي الله تبارك وتعالى عباده على قدر منازلهم عنده. 7 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا يحيى بن زكريا قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن أحمد بن سليمان، وعمران بن مروان، عن سماعة بن مهران قال:


(1) لم نجده غير أنه في أول باب زيادات مزار التهذيب عن المفيد عنه عن ابن عقدة معنعنا عن أبى عبد الله عليه السلام يقول: ” لا يمكث جثة نبي ولا وصي نبي في الارض أكثر من أربعين يوما “. ووقع في جامع الرواة في ترجمة ابن عقدة سهو أو تصحيف وذكر فيمن روى عن ابن عقدة: محمد بن أحمد بن طاهر الموسوي. (2) العراء: المكان الخالي من نبت يستتر به كما قال الله تعالى في الصافات: ” فنبذ بالعراء وهو سقيم ” في قصة يونس (ع)، أي بالمكان الخالي من نبت يستره من يومه أو بعد ثلاثة أيام أو أكثر ” وهو سقيم ” أي كفرخ لا ريش عليه. (3) يعنى ليس معه من القوت ما يبيت به ليلة، أو لم يمهلوه أن يبيت ليلة واحدة بل ساعة حتى يفرغ من كلامه.

[ 40 ]

سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن الذي قال الله في كتابه: ” و اذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ” (1) سلط الله عليه قومه، فكشطوا وجهه وفروة رأسه (2) فبعث الله إليه ملكا فقال له: إن رب العالمين يقرئك السلام ويقول: [ إنه ] قد رأيت ما صنع بك قومك، فسلني ما شئت. فقال: يا رب العالمين لي بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام أسوة، قال أبو عبد الله عليه السلام: وليس هو إسماعيل بن إبراهيم على نبينا وعليهما السلام. 8 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: أخبرنا أبو عبد الله [ جعفر بن ] محمد بن جعفر الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران، عن يونس، عن عبد الله بن محمد بن سليمان الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن زينب بنت علي ابن أبي طالب عليهما السلام قالت: لما اجتمع رأي أبي بكر على منع فاطمة عليهما السلام فدك (3) والعوالي، وأيست من إجابته لها عدلت إلى قبر أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله


(1) مريم: 54. (2) الكشط: النزع والقلع. والفروة: جلدة الرأس بشعرها. (3) قال في معجم البلدان: ” فدك بالتحريك وآخره كاف قرية بالحجارة، بينها وبين المدينة يومان، وقيل ثلاثة. أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وآله في سنة سبع صلحا وذلك: أن النبي صلى الله عليه وآله لما نزل خيبر وفتح حصونها، ولم يبق الا ثلاث واشتد بهم الحصار، راسلوا رسول الله صلى الله عليه وآله يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل، وبلغ ذلك أهل فدك، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم، فأجابهم إلى ذلك، فهي مما لم يوچف عليها بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وآله “. قيل: لما نزلت قوله تعالى: ” وآت ذا القربى حقه ” استوضح رسول الله صلى الله عليه وآله من جبرئيل مراد الاية فقال له: أعط فاطمة فدك لتكون بلغة لها ولاولادها وذلك عوض عما بذلته أمها خديجة من أموال وجهود في سبيل الاسلام. وبقيت عندها حتى توفى أبوها صلى الله عليه وآله فانتزعها الخليفة الاول حسب زعمه وردها إلى بيت المال. راجع البحار الطبعة القديمة ج 8 الباب العاشر فانه (ره) قد استوفى البحث في المقام وكتاب فدك العلامة المرحوم السيد حسن الموسوي القزويني، وكتاب فدك في =

[ 41 ]

فألقت نفسها عليها وشكت إليه ما فعله القوم بها وبكت حتى بلت تربته عليه السلام بدموعها وندبته، ثم قالت في آخر ندبتها (1): قد كان بعدك أنباء وهنبثة (2) * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب (3) إنا فقدناك فقد الارض وابلها (4) * واختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا (5) قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا * فغبت عنا فكل الخير محتجب فكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك ينزل من ذي العزة الكتب تجهمتنا رجال (6) واستخف بنا * بعد النبي وكل الخير مغتصب سيعلم المتولي ظلم حامتنا * يوم القيامة أني سوف ينقلب (7) فقد لقينا الذي لم يلقه أحد * من البرية لا عجم ولا عرب فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت * لنا العيون بتهمال له سكب (8).


= التاريخ للعلامة الفذ السيد محمد الباقر الصدر، والنص والاجتهاد للسيد شرف الدين العاملي رحمهم الله. (1) في بعض النسخ ” في آخر ندبه ” من باب اضافة المصدر إلى المفعول، أي ندبتها اياه. (2) الهنبثة: واحدة الهنابث وهي الامور الشدايد المختلفة، والهنبثة: الاختلاط في القول، والنون زائدة. (3) الخطب كزفر جمع الخطب بالفتح والسكون وهو الامر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن والحال، والامر صغر أو عظم وغلب استعماله للامر العظيم المكروه. وفي بعض النسخ ” لم يكثر الخطب ” على المفرد، وفي بعضها: لم يكبر. (4) الوابل: المطر الشديد. (5) النكب والنكوب: الاعراض والعدول. تريد (ع) الذين نكبوا عن الايمان ورجعوا عن الدين. وفي بعض النسخ الحديث ” ولم تغب “. (6) أي لقونا بالغلظة والوجه الكريه. (7) حامة الانسان: خاصته ومن يقرب منه. والكلام في موضع قوله تعالى: ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” سورة الشعراء: 227. (8) هملت عينه: فاضت دموعا. والسكب: الهطلان والتقاطر الدائم والسقوط المتتابع.

[ 42 ]

9 قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد، عن أحمد بن يوسف الجعفي، عن الحسين بن محمد، قال: حدثنا أبي، عن آدم بن عيينة بن أبي عمران الهلالي الكوفي قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا طويلا وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنا طويلا (1). 10 قال أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد القمي رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله (2) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثني هارون بن مسلم، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لابي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام: إذا حدثتني بحديث فأسنده لي، فقال: حدثني أبي، عن جدي (3)، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن جبرئيل عليه السلام، عن الله عزوجل، وكل ما أحدثك بهذا الاسناد. وقال: يا جابر لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها. 11 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن موسى بن بكر قال: حدثني من سمع أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على سراب بقيعة (4) لا تزيده سرعة سيره إلا بعدا.


(1) المراد من الصبر هو الصبر عن المعصية، ومن اللذة هو اللذة منها. (2) كذا والظاهر هنا سقط والصواب: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله. لانه يروى عن سعد بواسطة أبيه أو أخيه. وروى عنه أنه قال: ما سمعت من سعد الا أربعة أحاديث. وفي المطبوعة والبحار: ” ابن قولويه عن ابن عيسى ” فهو كما ترى. (3) في البحار: ” حدثني أبى، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله “. (4) قال العلامة المجلسي (ره): السراب: هو ما يرى في الفلاة من لمعان الشمس عليها وقت الظهيرة فيظن أنه ماء. يسرب أي يجري. والقيعة بمعنى القاع وهو الارض المستوية، وقيل: جمعه كجار وجيرة. وهو اشارة إلى ما ذكره الله تعالى في أعمال =

[ 43 ]

المجلس السادس ومما أملاه في يوم الاربعاء التاسع عشر منه، وسمعه أبو الفوارس أبقاه الله تعالى أخبرنا الشيخ الجليل المفيد محمد بن محمد النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه قراءة عليه. 1 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي الحسين (1) قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام أنه قال يوما لاصحابه: إخواني ! أوصيكم بدار الآخرة، ولا أوصيكم بدار الدنيا فإنكم عليها حريصون وبها متمسكون، أما بلغكم ما قال عيسى ابن مريم عليها السلام للحواريين ؟ قال لهم: الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها. وقال (2): أيكم يبني على موج البحر دارا ؟ تلكم الدار الدنيا فلا تتخذوها قرارا. 2 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثني علي بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن خلف (3) قال: حدثنا حسين الاشقر قال:


(= الكفار وعدم انتفاعهم بها حيث قال: ” والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ” اه‍. والاية في سورة نور: 39. والخبر رواه الصدوق (ره) في اماليه المجلس الخامس والستين عن أبيه، عن سعد، عن البرقى، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد عنه (ع). (1) أبو جعفر الصدوق بابويه (ره) وأمره أشهر من أن يعرف. (2) الظاهر أن الضمير راجع إلى عيسى عليه السلام. (3) هو محمد بن خلف الحدادى أبو بكر البغدادي المقرى يروى عن الحسين بن الحسن الاشقر الفزارى الكوفى. المعنون هو وراويه في التهذيب وتذهيب الكمال وقد تقدم.

[ 44 ]

حدثنا قيس (1)، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الزموا مودتنا أهل البيت فإنه من لقي الله وهو يحبنا دخل الجنة بشفاعتنا. والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفته بحقنا (2). 3 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: المروة مروتان: مروة الحضر ومروة السفر. فأما مروة الحضر فتلاوة القرآن، و حضور المساجد، وصحبة أهل الخير والنظر في الفقة. وأما مروة السفر: فبذل الزاد، والمزاح في غير ما يسخط الله، وقلة الخلاف على من تصحبه، وترك الرواية عليهم إذ أنت فارقتهم. 4 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن سالم قال: حدثني علي بن إسماعيل أبو الحسن الاطروش قال: حدثنا محمد بن خلف المقري قال: حدثنا حسين الاشقر قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أنس ادع لي سيد العرب، فقال: يا رسول الله ألست سيد العرب ؟ قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب (3)، فدعا عليا فلما جاء علي عليه السلام، قال: يا أنس ادع لي الانصار، فجاؤا فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا معشر الانصار هذا علي سيد العرب فأحبوه لحبي وأكرموه لكرامتي، فإن جبرئيل عليه السلام أخبرني


(1) هو قيس بن ربيع الاسدي أبو محمد الكوفي من ولد بن الحارث الاسدي الذي أسلم وعنده ثمان نسوة. (2) تقدم مثله في المجلس الثاني من طريق الجعابي وفيه ” الا بمعرفتنا “. (3) روى الصدوق في أماليه المجلس العاشر عن عائشة في حديث أنها قالت: فقلت: وما السيد ؟ قال صلى الله عليه وآله: ” من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي “.

[ 45 ]

عن الله عزوجل ما أقول لكم. 5 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله عن أبيه عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن بشير الكناسي، عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام: يا أبا خالد لتأتين فتن كقطع الليل المظلم، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم، ينجيهم الله من كل فتنة مظلمة، كأني بصاحبكم (1) قد علا فوق نجفكم بظهر كوفان (2) في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله (3)، وإسرافيل أمامه (4)، معه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نشرها، لا يهوي بها (5) إلى قوم إلا أهلكهم الله عزوجل. 6 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا (6) جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا يونس بن محمد


(1) يعني الحجة المهدي الموعود صاحب الزمان سلام الله عليه. (2) كوفان: موضعان أحدهما اسم للكوفة والاخر قرية بهراة، والمراد هنا الاول. (3) في بعض النسخ: ” يساره “. (4) فيه اشارة إلى حفظ الله وحراسته له بملائكته المقربين الحافين به وهم يؤيدونه و ينصرونه ويدفعون عنه الاعداء ويكشفون عن وجهه الكروب حتى يقضى الله أمره فيحصد به فروع الغى والشقاق ويكون الدين كله لله. وفيه اشارة أيضا إلى أن كل من يرفع الراية ويدعى الاصلاح في البسيطة ولم يكن كذلك فليس من الامر في شئ. (5) الباء للتعدية أي لا يسقطها أولا يميلها وأهوى بيده إليه أي مدها نحوه. (6) في النسخ ” أخبرنا ” ويظهر مما يأتي كونه ” حدثنا ” فصحف بأخبرنا. والفرق بينهما أن ” أخبرنا ” يطلق غالبا إذا كان النقل عن الكتاب باجازة مؤلفه، و ” حدثنا ” يعم النقل سماعا واجازة.

[ 46 ]

قال: حدثنا عبد الرحمن ابن الغسيل (1) قال: أخبرني عبد الرحمن بن خلاد الانصاري، عن عكرمة، عن عبد الله بن عباس قال: إن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فقالوا: يا رسول الله هذه الانصار في المسجد تبكي رجالها ونساؤها عليك. فقال: وما يبكيهم ؟ قالوا: يخافون أن تموت، قال: أعطوني أيديكم فخرج في ملحفة وعصابة حتى جلس على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ” أما بعد، أيها الناس ! فما تنكرون من موت نبيكم ؟ ألم أنع (2) إليكم وتنع إليكم أنفسكم ؟ لو خلد أحد قبلي ثم بعث إليه (3) لخلدت فيكم. ألا إني لاحق بربي، وقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله تعالى بين أظهركم، تقرؤونه صباحا ومساء، فلا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا إخوانا كما أمركم الله، وقد خلفت فيكم عترتي أهل بيتي وأنا أوصيكم بهم، ثم أوصيكم بهذا الحي من الانصار (4)، فقد عرفتم


(1) هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الانصاري، أبو سليمان المدني، المعروف بابن الغسيل. والغسيل: جد أبيه غسيل الملائكة حنظلة بن أبى عامر، يروى عن عبد الرحمن بن خلاد الذي ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه يونس بن محمد المؤدب البغدادي المعنون في تاريخ بغداد والتذهيب والتهذيب. (2) نعى لنا فلانا بناء للفاعل: أخبرنا بوفاته. (3) يعنى ثم بعث إليه ملك الموت. والخلود بمعنى الدوام لا البقاء أبدا سرمدا. قال الراغب في مفرداته: ” الخلود تبرى الشئ من اعتراض الفساد، وبقاؤه على الحالة التي هو عليها، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد، تصفه العرب بالخلود، كقولهم للاثافى: خوالد، وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها “. (4) عد أهل اللغة طبقات الانساب ست طبقات: الشعب والقبيلة والعمارة والبطن والفخذ والفصيلة. وربما عبر عن كل واحد من الطبقات الست بالحي، اما على العموم مثل أن يقال: حى من العرب، واما على الخصوص مثل أن يقال: حى من بني فلان. =

[ 47 ]

بلاهم (1) عند الله عزوجل وعند رسوله وعند المؤمنين، ألم يوسعوا في الديار ويشاطروا الثمار (2)، ويؤثروا وبهم الخصاصة ؟ فمن ولي منكم أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسن الانصار، وليتجاوز عن مسيئهم ” (3). وكان آخر مجلس جلسه حتى لقي الله عزوجل. 7 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد (4) قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر ابن محمد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: أخبرنا حفص بن عمر الفرا قال: أخبرنا أبو معاذ الخزاز (5)، عن عبيدالله بن أحمد الربعي قال: بينا ابن عباس يخطب الناس بالبصرة، إذ أقبل عليهم بوجهه فقال: أيها الامة المتحيرة


= ثم اعلم: الظاهر أن ” من ” فيه للتبيين لا للتبعيض ليشمل جميع الانصار محسنهم و مسيئهم كما سيأتي. (1) المراد بالبلاء هنا المحنة والمشقة، وسمى الغم بلاء من حيث انه يبلى الجسم، قال الله تعالى: ” وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم “. (2) أي يقاسموا، وفي اللغة ” قاسمه المال “: أخذ كل واحد منهما قسمه. (3) أي فليرفق بمن كان من الانصار محسنا كان أو مسيئا، فالمحسن فلاستحقاقه الرفق والمسيئ لخدمته السابقة وتحملله المشاق في ايواء المهاجرين عند الهجرة إليهم والانصار هم الذين قال الله تعالى فيهم: ” والذين تبوؤا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ” والاية في سورة الحشر: 9. (4) في أمالي ابن الشيخ: ” عن المفيد قال: أخبرني المظفر بن أحمد البلخي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا الخ “. (5) في أمالي ابن الشيخ: ” معاذ الخزاز قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه قال: بينا “. ولم نجد حفص بن عمر الفرا، ويحتمل بعيدا كونه حفص بن عمر بن حكيم الملقب بالكفر أو الكبر المعنون في تاريخ الخطيب، والعلم عند الله.

[ 48 ]

في دينها، أما لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلهما الله (1) لما عال سهم من فرائض الله (2)، ولا عال ولي الله (3)، ولا اختلف اثنان في حكم الله، ولا تنازعت الامة في شئ من كتاب الله (4). فذوقوا وبال ما فرطتم [ فيه ] بما قدمت أيديكم، ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” (5). 8 قال، أخبرني أبو حفص عمر بن محمد قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: حدثنا مخول (6) قال: حدثنا الربيع


(1) كذا في المطبوعة وفي جميع النسخ الخطية وفي البحار: جعلها الله. (2) العول والتعصيب مسئلتان في فرائض الارث، فالعول عبارة من قصورة التركة عن سهام ذوي الفرائض ولن تقصر الا بدخول الزوج والزوجة، وهو في الشرع ضد التعصيب الذي هو توريث العصبة ما فضل عن ذوي السهام، وهما باطلان عند الشيعة الامامية وفي ذلك مسائل من كتاب الارث. والمراد هنا انه ليؤتى كل ذي حق حقه ولم ينقص من نصيبه شئ. (3) عال الرجل: كثر عياله، ولعل المراد هنا الفقر. (4) لان الامام ميزان في تمييز الحق والصواب عن الباطل والفساد، وانه يفصل بين الامة فيما هم فيه يختلفون. (5) الشعراء: 227 والحديث يأتي بسند آخر في المجلس الرابع والثلاثين من الكتاب ان شاء الله. (6) وزان ” محمد ” وقيل بكسر أوله وزان ” مخنف ” ولم نجد في كتب الرجال ” مخولا ” الا مخول بن راشد الكوفي الحناط وهو عامى نسب إلى التشيع، والظاهر هو غير هذا لما في أمالي ابن الشيخ في غير موضع ” مخول بن ابراهيم، عن الربيع ابن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن علي الخ ” راجع أواخر المجلس الرابع منه، ولم نجد أيضا ” الربيع بن المنذر ” فيما عندنا من كتب الرجال.

[ 49 ]

ابن المنذر، عن أبيه قال: سمعت الحسن بن علي عليهما السلام يقول: إن أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الامر وهو لنا كله (1)، فأخذاه دوننا وجعلا لنا فيه سهما كسهم الجدة (2)، أما والله لتهمنهما (3) أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا. 9 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا سعيد بن عفير (4) قال: حدثني ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، عن مروان بن عثمان قال: لما بايع الناس أبا بكر دخل علي عليه السلام والزبير و المقداد بيت فاطمة عليها السلام، وأبوا أن يخرجوا، فقال عمر بن الخطاب: اضرموا عليهم البيت نارا (5)، فخرج الزبير ومعه سيفه، فقال أبو بكر: عليكم بالكلب، فقصدوا نحوه، فزلت قدمه وسقط إلى الارض ووقع السيف من يده، فقال


(1) عمدا إلى هذا الامر أي قصداه ونوياه. وقوله ” هو لنا كله ” على ما أوصى النبي صلى الله عليه وآله وبلغ عن الله رسالته في خبر الغدير وغيره. (2) سهم الجدة من الميراث السدس، روى الجمهور عن قبيصة بن ذويب قال: جاءت الجدة أم الام، أو أم الاب إلى أبى بكر فسألته ميراثها من ابن ابنها أو ابن بنتها، فقال لها: مالك في كتاب الله شئ وما علمت لك في سنة رسول الله شيئا فارجعي حتى أسأل الناس، فقال المغيرة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك ؟ فقام محمد بن مسلمة وقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر. راجع سنن النسائي وابن ماجه والترمذي. ومرادها (ع) أن زعمه في أمرنا كزعمه في سهم الجدة. (3) أهمه الامر: أقلقه وأحزنه. (4) هو سعيد بن كثير بن عفير مصغرا ابن مسلم الانصاري مولاهم أبو عثمان المصرى، يروى عن عبد الله بن لهيعة بفتح اللام وكسر الهاء أبي عبد الرحمن القاضي و روى هو عن خالد بن يزيد المصري وهو عن سعد بن أبي هلال المصرى الليثى مولاهم وهو عن مروان بن عثمان بن أبي سعيد الانصاري. (5) راجع الامامة والسياسة أوائل الجزء الاول.

[ 50 ]

أبو بكر: اضربوا به الحجر، فضرب بسيفه الحجر حتى انكسر. وخرج علي ابن أبي طالب عليه السلام نحو العالية (1) فلقيه ثابت بن قيس بن شماس (2)، فقال: ما شأنك يا أبا الحسن ؟ فقال: أرادوا أن يحرقوا علي بيتي وأبو بكر على المنبر يبايع له ولا يدفع عن ذلك ولا ينكره، فقال له ثابت: ولا تفارق كفي يدك حتى أقتل دونك، فانطلقا جميعا حتى عادا إلى المدينة وإذا فاطمة عليها السلام واقفة على بابها، وقد خلت دارها من أحد من القوم وهي تقول: لا عهد لي بقوم أسوا محضرا منكم، تركتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا (3) وصنعتم بنا ما صنعتم ولم تروا لنا حقا. 10 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد (4)، عن يحيى بن سعيد، عن عاصم ابن عبيدالله، عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه، عن عثمان بن عفان قال: أنا آخر الناس عهدا بعمر بن الخطاب، دخلت عليه ورأسه في حجر


(1) كل ما كان من جهة نجد من المدينة من قراها وعمائرها إلى تهامة فهو العالية وكل ما كان دون ذلك فهو السافلة. (2) صحابي انصاري خزرجي وكان خطيب النبي صلى الله عليه وآله، واستشهد باليمامة فنفذت وصيته بمنام رآه خالد بن الوليد. (3) أي اتفقتم فيما بينكم ثم قضيتم أن لا تعطونا أمرا ويكون لكم الملك والحكم خاصة دوننا، أو لم تطلبوا منا الامر والامير ولم تشاورونا. وفي بعض النسخ والبحار: ” لم تستأمروه ” اي قطعتم أمرا لاحظ لكم فيه ولم يطلب منكم فيه أمر. وفي بعض النسخ: ” لمن تستأمروه ” أي شاورتم ثم جزمتم رأيكم على أنكم لمن وليتم هذا الامر دوننا. (4) هو حماد بن زيد بن درهم الازدي أبو اسماعيل الجهضمي البصري الازرق روى عن يحيى بن سعيد الانصاري. وروى عنه سليمان بن حرب الازدي البصري القاضي.

[ 51 ]

ابنه عبد الله وهو ملول (1) فقال له: ضع خدي بالارض، فأبى عبد الله، فقال له: ضع خدي بالارض لا أم لك (2) فوضع خده على الارض، فجعل يقول: ويل أمي، ويل أمي إن لم تغفر لي، فلم يزل يقولها حتى خرجت نفسه. 11 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن أبي الصهبان، (3) عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره (4). 12 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حماد بن عثمان، عن زرارة بن أعين قال قال لي أبو جعفر محمد بن علي عليهم السلام: يا زرارة إياك وأصحاب القياس في الدين (5)، فإنهم تركوا علم ما وكلوا به وتكلفوا ما قد كفوه (6)، يتأولون الاخبار،


(1) في بعض النسخ: ” هو يولول “. (2) هذا ذم وسب، أي أنت لقيط لا تعرف لك أم. (3) يعنى محمد بن عبد الجبار القمى. (4) أي لاجل أمر غير حاضر بل غائب عن حس البصر. (5) قال في المعالم: القياس هو الحكم على معلوم بمثل الحكم الثابت لمعلوم آخر، لاشتراكهما في علة الحكم. فموضع الحكم الثابت يسمى أصلا، وموضع الاخر يسمى فرعا، والمشترك جامعا وعلة، وهي اما مستنبطة أو منصوصة. وقد أطبق أصحابنا على منع العمل بالمستنبطة الا من شذ، وحكى اجماعهم فيه غير واحد منهم، وتواتر الاخبار بانكاره عن أهل البيت عليهم السلام. وبالجملة فمنعه يعد من ضروريات المذهب، واما المنصوصة ففي العمل بها خلاف بينهم، فظاهر كلام المرتضى كلام المرتضى (ره) المنع منه أيضا. (6) قال بعض الافاضل: لعل المراد انهم تركوا علم ما يجب معرفته أي معرفة =

[ 52 ]

ويكذبون على الله عزوجل، وكأني بالرجل منهم ينادي من بين يديه فيجيب من خلفه، وينادي من خلفه فيجيب من بين يديه، قد تاهوا وتحيروا في الارض والدين. 13 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لعن الله أصحاب القياس، فإنهم غيروا كلام الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم واتهموا الصادقين في دين الله عزوجل (1). 14 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثني محمد بن أحمد بن خاقان النهدي قال: حدثني سليم الخادم في درب الحب، (2) عن إبراهيم بن عقبة بن جعفر، عن محمد بن نضر بن قرواش النهدي الجمال الكوفي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إن صاحب الدين فكر فعلته السكينة، واستكان فتواضع، وقنع فاستغنى ورضي بما أعطي، وانفرد فكفي الاخوان، ورفض الشهوات فصار حرا، وخلع الدنيا فتحامى الشرور (3)، واطرح الحسد فظهرت المحبة، ولم يخف الناس فلم يخفهم، ولم يذنب إليهم فسلم منهم، وسخت نفسه عن كل شئ ففاز (4) واستكمل الفضل، وأبصر العافية فأمن الندامة (5).


= الامام ومن يحب الرجوع إليه في أمر الدين وتكلفوا ما قد بينه الائمة (ع) ومن عنده علم الكتاب. (1) لانهم لم يقبلوا من الصادقين (ع) ما نقلوه عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فيلجئون إلى القياس والرأي زعما منهم عدم ورود النص منه صلى الله عليه وآله. (2) لم نعرفه، ويحتمل كونه سليم مولى علي بن يقطين. (3) في الخطية: ” فتحامى السرور ” بالسين المهلمة. (4) في البحار: ” وسخط نفسه ” واحتمل (ره) تصحيفه كما يأتي. (5) قوله: ” فكر ” أي في خساسة أصله ومعائب نفسه وعاقبة أمره أوفى الدنيا = (*)

[ 53 ]

15 قال أخبرني أبو جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن مروان، عن [ زيد بن ] أبان بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر عليهما السلام قال: لما حضر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة نزل جبرئيل عليهم السلام فقال له جبرئيل: يا رسول الله هل لك في الرجوع ؟ قال: لا، قد بلغت رسالات ربي. ثم قال له: [ يا رسول الله ] أتريد الرجوع إلى الدنيا ؟ قال: لا، بل الرفيق الاعلى. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمسلمين وهم مجتمعون حوله: أيها الناس [ إنه ] لا نبي بعدي، ولا سنة بعد سنتي، فمن ادعى ذلك فدعواه وبدعته في النار، ومن ادعى ذلك فاقتلوه، ومن اتبعه فانهم في النار (1). أيها الناس أحيوا القصاص، وأحيوا الحق، ولا تفرقوا، وأسلموا وسلموا تسلموا، ” كتب الله لاغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز ” (2). 16 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس


=) وفنائها ومعايبها. ” فعلته ” أي غلبت عليه السكينة واطمئنان النفس وترك العلو والفساد. ” واستكان ” أي خضع فذلت نفسه وترك التكبر فتواضع عند الخالق والخلق. ” وانفرد ” أي عن الناس واعتزل عنهم أو عن علائق الدنيا. وفي بعض النسخ ” كفى أحزانه ” أي فارتفعت عنه أحزانه التي كانت تلزم لتحصيلها. ” فصار حرا ” اي من رق الشهوات. ” فتحامى الشرور ” أي احترز عن الشرور ومنع نفسه منها فان الشرور كلها تابعة لحب الدنيا، وفي بعض النسخ بالسين المهملة أي السرور بلذات الدنيا والاول أظهر. ” ولم يخف الناس ” على بناء الافعال ” فلم يخفهم ” على بناء المجرد. ” عن كل شئ ” ” عن ” للبدل، أي بدلا عن سخط كل شئ، ولا يبعد أن يكون ” وسخت نفسه ” بالتاء المنقوط فصحف منهم. ” وأبصر العافية ” أي عرف أن العافية في أي شئ واختارها فلم يندم على شئ (البحار). (1) يدل على أمرين: 1 أن سنة النبي صلى الله عليه وآله حجة. 2 أن الاجتهاد الذي في مقابل النصح وما وضح من السنة باطل وحرام وبدعة، وكل بدعة ضلالة، وصاحبها في النار وكذا تابعه وحاميه ومحبه كلهم في النار. (2) اقتباس من سورة المجادلة، الاية 21.

[ 54 ]

أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن عبد الله (1) قال: حدثني أخي محمد بن عبد الله قال: حدثنا إسحاق بن جعفر بن محمد، عن محمد بن هلال المذحجي قال: قال لي أبوك جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: إذا كانت لك حاجة فاغد فيها، فإن الارزاق تقسم قبل طلوع الشمس، وإن الله تعالى بارك لهذه الامة في بكورها، وتصدق بشئ عند البكور، فإن البلاء لا يتخطى الصدقة. المجلس السابع ومما أملاه في يوم السبت الثاني والعشرين منه، وسمعه أبو الفوارس أبقاه الله تعالى، أخبرنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي أدام الله تأييده وتوفيقه قراءة عليه. 1 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن صالح بن يزيد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: سمعته يقول: تبحروا قلوبكم (2) فإن أنقاها الله من حركة الواجس لسخط شئ من صنعه (3) فإذا وجدتموها كذلك. فاسألوه ما شئتم (4).


(1) جعفر بن عبد الله المحمدي العلوى كان فقيها وأوثق الناس في حديثه. (2) التبحر في الشئ: التعمق فيه والتوسع كما في اللغة، وفي ثالث الاقرب: ” تبحر الخبر: تطلبه “، ولعل المراد هنا الاستخبار. وقوله: ” أنقاها الله ” يعني نظفه واختاره. وقد يخطر بالبال أن قوله ” تبحروا ” مصحف ” تخبروا ” بالشد بمعنى استخبروا. (3) في نسخة: ” فان أنقاها من حركة الواحش لسخط شئ من صنع الله ” وما اخترناه في المتن اصح لعدم مرجع الضمير في ” أنقاها ” في النسخة. والمراد بحركة الواجس اضطراب الرجل الذي أحس من قلبه الفزع والخوف. قال الله تعالى: ” وأوجس في نفسه خيفة موسى “. (4) يعني استخبروا قلوبكم وتأملوا فان وجدتموها نقية من الاضطراب والوحشة في قبول ما شاء الله أو يشاء وذا طمأنينة عندما فعل أو يفعل سبحانه بكم فاسألوه ما شئتم عند ذاك.

[ 55 ]

2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان الغزال (1) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبيد بن خنيس العبدي (2) قال: حدثنا صباح بن يحيى المزني عن عبد الله بن شريك، عن الحارث بن ثعلبة قال: قدم رجلان يريدان مكة والمدينة في الهلال أو قبل الهلال، فوجد الناس ناهضين إلى الحج. قال: [ قالا: ] (3) فخرجنا معهم فإذا نحن بركب فيهم رجل كأنه أميرهم، فانتبذ منهم (4) فقال: كونا عراقيين، قلنا: نحن عراقيان، قال: كونا كوفيين، قلنا: نحن كوفيان، قال: ممن أنتما ؟ قلنا: من بني كنانة، قال: من أي بني كنانة ؟ قلنا: من بني مالك بن كنانة، قال: رحب على رحب وقرب على قرب (5)، أنشدكما بكل كتاب منزل ونبي مرسل أسمعتما علي بن أبي طالب يسبني أو يقول: إنه معادي ومقاتلي ؟ قلنا: من أنت ؟ قال: أنا سعد بن أبي وقاص، قلنا: لا، ولكن سمعناه يقول: ” اتقوا فتنة الاخينس ” (6). قال: الخنيس كثير ولكن سمعتماه يضني باسمي ؟ قالا: [ قلنا ] لا، قال: الله أكبر، الله أكبر، قد ضللت إذن، وما أنا من المهتدين إن أنا قاتلته بعد أربع سمعتهن من


(1) عنونه الخطيب بترجمة اسحاق بن مروان أخيه، وقال: وهو أخو جعفر بن محمد بن مروان. وهما عن أبيهما راجع ج 6 ص 393. (2) لم نجده ويحتمل بعيدا كونه عبيد بن الحسن الكوفي المعنون في الرجال. (3) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ أضفناه ليستقيم المعنى ههنا وفيما يأتي. (4) الركب جمع الراكب. وانتبذ عن القوم: تنحى ناحية، وانتبذ مكانا أي اتخذه بمعزل يكون بعيدا. (5) يعني أتيتم أهلا على أهل وصادفتم سعة على سعة، أو صادفت سعة على سعة وقربا على قرب. (6) الخنس بالتحريك: تأخر الانف عن الوجه مع ارتقاع في الارنبة. والرجل أخنس والجمع خنس بالضم.

[ 56 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه، لان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها أعمر فيها عمر نوح. قلنا: سمهن [ لنا ]، قال: ما ذكرتهن إلا وأنا أريد أن أسميهن: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ببراءة لينبذ إلى المشركين، فلما سار ليله أو بعض ليله بعث بعلي بن أبي طالب نحوه فقال: اقبض ببراءة منه واردده إلي. فمضى إليه أمير المؤمنين عليه السلام فقبض براءة منه ورده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما مثل بين يديه عليه السلام بكى (1)، وقال: يا رسول الله أحدث في شئ أم نزل في قرآن ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” لم ينزل فيك قرآن [ و ] لكن جبرئيل عليه السلام جاءني عن الله عزوجل فقال: لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، وعلي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا علي ” (2). قلنا له: وما الثانية ؟ قال: كنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وآل علي وآل أبي بكر وآل عمر وأعمامه، قال: فنودي فينا ليلا اخرجوا من المسجد إلا آل رسول الله وآل علي، قال: فخرجنا نجر قلاعنا (3)، فلما أصبحنا أتاه عمه حمزة فقال: يا رسول الله أخرجتنا وأسكنت هذا الغلام، ونحن عمومتك ومشيخة أهلك ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” ما أنا أخرجتكم، ولا أنا أسكنته ولكن الله عزوجل أمرني بذلك “. قلنا له: فما الثالثة ؟ قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برايته إلى خيبر مع أبي بكر فردها، فبعث بها مع عمر فردها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ” لاعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، كرارا


(1) يعنى أبا بكر. (2) وذلك لما كان المعاهدة بين رسول الله صلى الله عليه وآله نفسه وبين المشركين بامضاء الطرفين فلا يمكن عندهم الغاؤها وابطالها لغيرهما الا لمن يكون هو بمنزلتهما، وعلى عليه السلام هو بمنزلة نفس النبي صلى الله عليه وآله دون أبي بكر وغيره من الصحابة: (3) قال الجزري: ” وفي حديث سعد قال: لما نودي: ليخرج من في المسجد الا آل رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وآل على، خرجنا من المسجد نجر قلاعنا ” أي كنفنا وأمتعتنا، واحدها: قلع بالفتح، وهو الكنف يكون فيه زاد الراعى ومتاعه “.

[ 57 ]

غير فرار (1)، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه “. قال: فلما أصبحنا جثونا على الركب (2) فلم نره يدعو أحدا منا، ثم نادي أين علي بن أبي طالب ؟ فجئ به وهو أرمد (3). فتفل في عينه، وأعطاه الراية ففتح الله على يد [ ي‍ ] ه. قلنا: فما الرابعة ؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج غازيا إلى تبوك واستخلف عليا على الناس فحسدته قريش، وقالوا: إنما خلفه لكراهية صحبته قال: فانطلق في أثره حتى لحقه فأخذ بغرز ناقته (4)، ثم قال: إني لتابعك، قال: ما شأنك ؟ فبكى وقال: إن قريشا تزعم أنك إنما خلفتني لبغضك لي وكراهيتك صحبتي (5). قال: فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مناديه فنادى في الناس، ثم قال: أيها الناس افيكم أحد إلا وله من أهله خاصة ؟ قالوا: أجل، قال: فإن علي بن أبي طالب خاصة أهلي وحبيبي إلى قلبي. ثم أقبل على أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (6) ؟ ! فقال علي عليه السلام: رضيت عن الله ورسوله. ثم قال سعد: هذه أربعة، وإن شئتما حدثتكما بخامسة. قلنا: قد شئنا ذلك. قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع، فلما عاد نزل


(1) الكرة: الرجعة والجمع كرات مثل مرة ومرات، أي يرجع إلى قتل الاعداء مرة بعد مرة ولا يفر من الزحف أبدا. (2) جثا يجثو: جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه. (3) الرمد: هيجان العين، كل ما يؤلمها، والرجل رمد وأرمد. (4) الغرز بالفتح: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب. (5) لا يقال: ان عليا عليه السلام هو الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، فكيف انزعج من القول الزور فيه، فربما فعل ذلك حتى ينص رسول الله صلى الله عليه وآله عليه نصا يفحم بذلك المقلقين ويكون ذلك له معتصما لاثبات خلافته عنه صلى الله عليه وآله فيما بعد. (6) لنا معاشر الامامية في اثبات امامته عليه السلام بذلك كلام أورده المحدثون =

[ 58 ]

غدير خم، وأمر مناديه فنادى في الناس: ” من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله “. 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي القلانسي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن (1) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسحاق بن يزيد قال: حدثنا خالد بن مختار (2) قال: حدثنا الاعمش، عن حبة العرني قال: سمعت حذيفة بن اليمان قبل أن يقتل عثمان بن عفان بسنة وهو يقول: كأني بأمكم الحميراء قد سارت يساق بها على جمل وأنتم آخذون بالشوى والذنب، معها الازد (3) ادخلهم الله النار، وأنصارها بنوضبة (4) جد الله أقدامهم. قال: فلما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض نادى منادي أمير المؤمنين


= والمتكلمون في كتبهم وأشبعوا القول فيه، ولولا خوف الملال وضيق المجال لنورده هناك وان اردت الاطلاع فراجع: معاني الاخبار للصدوق (ره): 74 والاقتصاد للطوسي (ره): 222 وكنز الفوائد للكراجكي (ره): 274. (1) لم نعرفه، وفي أوائل المجلس الخامس من أمالي ابن الشيخ في سند: عن المراغى، عن الحسن بن علي بن الحسين الكوفي بدون الكنية. ولا يبعد اتحادهما، وفي موضع آخر: عن المراغى، عن أبي القاسم علي بن الحسن الكوفي، كما ذكر في هذا الكتاب كرارا. وهو غير ابن فضال ظاهرا لاختلاف الكنية. (2) لم نجده وكانه خالد بن مخلد القطواني والعلم عند الله. (3) الشوى بفتح الشين المعجمة: الاطراف والجوانب. والازد قبيلة نسبوا إلى أزد شنوءة بفتح الالف والسكون الزاى وهو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ. (4) بنو ضبة بطن من طابخة من العدنانية وقد تقدم. والجد بالجيم المعجمة والدال المهملة المشددة: القطع، ومثله ” الجذ ” بالمعجمة، وهذا دعاء عليهم.

[ 59 ]

صلوات الله عليه: لا يبدأن أحد منكم بقتال حتى آمركم (1). قال: فرموا فينا: فقلنا: يا أمير المؤمنين قد رمينا، فقال: كفوا، ثم رمونا فقتلوا منا، قلنا يا أمير المؤمنين قد قتلونا، فقال: احملوا على بركة الله. قال: فحملنا عليهم فأنشب بعضنا في بعض الرماح حتى لو مشي ماش لمشي عليها، ثم نادي منادي علي عليه السلام: عليكم بالسيوف فجعلنا نضرب بها البيض فتنبوا لنا، فنادي منادي أمير المؤمنين عليه السلام: عليكم بالاقدام. قال: فما رأينا يوما كان أكثر قطع أقدام منه. قال: فذكرت حديث حذيفة ” أنصارها بنو ضبة جد الله أقدامهم ” فعلمت أنها دعوة مستجابة. ثم نادى منادي أمير المؤمنين عليه السلام: عليكم بالبعير فإنه شيطان. قال: فعقره رجل برمحه، وقطع إحدى يديه رجل آخر فبرك ورغا (2) وصاحت عائشة صيحة شديدة، فولى الناس منهزمين، فنادى منادي أمير المؤمنين عليه السلام: لا تجيزوا على جريح (3)، ولا تتبعوا مدبرا، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن. 4 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا محمد بن همام الاسكافي قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى


(1) انظر إلى سيرته عليه السلام مع مخالفيه واجتنابه عن اهراق الدماء، واثارة نار الحرب وهو مع قدرته وصولته لا يبسط يدا ولا يقدم رجلا ولا يلفظ بكلمة كيلا تنشب نار الحرب بين المسلمين، وصبر على مضض الالم حتى انفصلت حبل البيعة والوفاء بأيديهم ورمى سهم البغى من أوتارهم، فعند ذاك أجاز عليه السلام الركوب إليهم، وبعد ما غلب وانهزم القوم أمر بأن لا يجهز على جريح ولا يتبع مدبر وقال: من أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن. (2) برك البعير: استناخ وهو أن يلصق صدره بالارض. ورغا: أي صوت وضج. (3) أجاز على الجريح لغة في أجهز، يقال: أجهز على الجريح إذا شد عليه وأتم قتله.

[ 60 ]

الاشعري، عن علي بن النعمان، عن فضيل بن عثمان (1)، عن محمد بن شريح قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن الله فرض ولايتنا، و أوجب مودتنا. والله ما نقول بأهوائنا، ولا نعمل بآرائنا، ولا نقول إلا ما قال ربنا عزوجل. 5 قال: أخبرني أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن إسماعيل بن أبان الوراق، عن الربيع بن بدر، عن أبي حاتم، عن أنس بن مالك قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا أنس أكثر من الطهور يزد الله في عمرك، وإن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على الطهارة شهيدا (2). وصل صلاة الزوال فإنها صلاة الاوابين (3). وأكثر من التطوع (4) تحبك الحفظة. وسلم على من لقيت يزد الله في حسناتك، وسلم في بيتك يزد الله في بركتك، ووقر كبير المسلمين، وارحم صغيرهم أجئ أنا وأنت يوم القيامة كهاتين، وجمع بين الوسطى والمسبحة (5).


(1) هو فضيل بن عثمان الاعور المرادى الذي يروى عنه علي بن النعمان، ثقة. (2) في بعض النسخ: ” على طهارة “. قال العلامة المجلسي (ره): يدل على ما ذكره الاصحاب من استحباب الوضوء للكون على طهارة، لكن الخبر ضعيف عامى و روى ما هو أقوى منه، ولعلها مع انضمام الشهرة بين الاصحاب تصلح مستندا للاستحباب، لكن الاحوط عدم الاكتفاء به في الصلاة. (3) صلاة الزوال هي صلاة الضحى عند ارتفاع النهار وشدة الحر. والاوابين جمع أواب وهو الكثير الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة، وقيل: هو المطيع، وقيل: المسبح. (4) يعني التطوع بالصلاة، أي أكثر من الصلاة المندوبة. (5) قال في النهاية: السباحة والمسبحة: الاصبع التي تلى الابهام، سميت بذلك لانها يشاربها التسبيح.

[ 61 ]

6 قال: أخبرني ابو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن محمد الطوسي (1) قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سمينة (2) قال: حدثنا عبيدالله بن موسى قال: حدثنا مطر الاسكاف (3) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أخي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي، يقضي ديني (4) وينجز بوعدي علي بن أبي طالب. 7 قال أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال حدثنا أبو الفضل عبد الله بن محمد الطوسي [ رحمه الله ] قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا علي بن حكيم الاودي قال: أخبرنا شريك (5)، عن عثمان بن أبي زرعة، عن سالم بن أبي الجعد قال: سئل جابر بن عبد الله الانصاري وقد سقط حاجباه


(1) معنون في تاريخ بغداد ج 10 ص 119 بعنوان عبد الله بن محمد أبو الفضل الفقيه الطوسي. (2) صحف في ما عندنا من النسخ ” أبي سمينة ” وهو مهران البغدادي بأبي شيبة. وشيخه عبيدالله بن موسى كوفى حافظ. (3) هو مطر بن ميمون المحاربي، الاسكاف أبو خالد الكوفى. فصحف في النسخ ب‍ ” فطر الاسكاف ” وفي بعضها ب‍ ” الاسكافي “. (4) دينه صلى الله عليه وآله هو بعض ما كلفه الله تعالى وأمره به لكن ضاق عليه المجال حتى وصل بالرفيق الاعلى ولم يف به كقوله تعالى في التوبة: 73 ” يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ” فان أمير المؤمنين عليا عليه السلام قضى ذلك حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين. (5) هو شريك بن عبد الله النخعي أبو عبد الله الكوفى القاضي، ولي القضاء سنة 155 بواسط ثم ولي قضاء الكوفة ومات بها، عامى وقد ينسب إلى التشيع لقوله بتقدم على عليه السلام على عثمان. يروى عن عثمان بن أبي المغيرة الكوفى الاعشى ويقال له: عثمان بن أبي زرعة. وروى عن شريك علي بن حكيم بن ذبيان الاودي أبو الحسن الكوفى.

[ 62 ]

على عينيه فقيل له: أخبرنا عن علي بن أبي طالب عليه السلام. [ قال ] فرفع حاجبيه بيديه، ثم قال: ذاك خير البرية، لا يبغضه إلا منافق، ولا يشك فيه إلا كافر. 8 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا أبو الحسين العباس بن المغيرة الجوهري قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي أبو بكر قال: حدثني أحمد بن صالح قال: حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس، عن ابن شهاب، عن ابن مخرمة (1) الكندي قال: إن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم فإذا هو بمجلس فيه علي [ بن أبي طالب ] عليه السلام وعثمان وعبد الرحمن وطلحة و الزبير، فقال عمر: أكلكم يحدث نفسه بالامارة بعدي ؟ فقال الزبير: كلنا يحدث نفسه بالامارة بعدك ويراها له أهلا (2)، فما الذي أنكرت ؟ فقال عمر: أفلا أحدثكم بما عندي فيكم ؟ فسكتوا. فقال عمر: ألا أحدثكم عنكم ؟ فسكتوا، فقال له الزبير: حدثنا وإن سكتنا. فقال: أما أنت يا زبير فمؤمن الرضا كافر الغضب، تكون يوما شيطانا ويوما إنسانا، أفرأيت اليوم الذي تكون فيه شيطانا من يكون الخليفة يومئذ ؟ وأما أنت يا طلحة فوالله لقد توفي رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] وإنه عليك لعاتب (3).


(1) هو مسور بن مخرمة بن نوفل، وقال الزبيري: كان يلزم عمر بن الخطاب و كان من أهل الفضل والدين. وكأن ” الكندي ” مصحف ” الكلابي ” لان نوفل هو ابن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. (2) في بعض النسخ: ” لانا لا نراها له أهلا ” والظاهر أنه تصحيف والصواب: ” لانا لا نرى لها أهلا ” يعني سوى أنفسنا. (3) أشار إلى كلامه على ما نقل: ” أينكح محمد نساءنا ولا ننكح نساءه ؟ والله لئن مات لنكحنا نساءه “. وقالوا: هذا الكلام منه صار سببا لنزول قوله تعالى: ” ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا الاية الاحزاب: 53 “. راجع التفاسير.

[ 63 ]

وأما أنت يا علي فإنك صاحب بطالة ومزاح (1). وأما أنت يا عبد الرحمن فوالله إنك لما جاءك من خير أهل. وإن منكم لرجلا لو قسم إيمانه بين جند من الاجناد لوسعهم وهو عثمان (2). 9 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر الحسني قال: حدثنا أبو موسى عيسى بن مهران قال: حدثنا أبو يشكر البلخي (3) قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم: يا ليتني قد لقيت إخواني، فقال له أبو بكر وعمر: أو لسنا إخوانك ؟ آمنا بك وهاجرنا معك ؟ قال صلى الله عليه وآله: قد آمنتم وهاجرتم وياليتني قد لقيت إخواني، فأعادا القول ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنتم أصحابي [ و ] لكن إخواني الذين يأتون من بعدكم يؤمنون بي ويحبوني وينصروني ويصدقوني وما رأوني، فياليتني قد لقيت إخواني. 10 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثني أبو الحسن محمد بن يحيى التميمي [ قال: حدثنا الحسن بن بهرام ] قال: حدثني الحسن بن يحيى قال:


(1) في نهج البلاغة: ” عجبا لابن النابغة أراد عمرو بن العاص يزعم لاهل الشام أن في دعابة، وأني امرؤ تلعابة، أعافس وأمارس ! لقد قال باطلا، ونطق آثما ” إلى أن قال: ” أما والله اني ليمنعني من اللعب ذكر الموت الخ “. (2) لا يخفى على النبيه ما في هذا الكلام من شدة حبه إلى تولية عثمان بعده و النص عليها تلويحا. وان أردت أن تقف على صحة هذا القول بمبلغ ايمانه فانظر إلى أعماله بعد خلافته من ضرب عمار، وابن مسعود، ونفيه أبا ذر، وتوليته الفساق من أقربائه، واختصاصه اياهم بغارة بيت مال المسلمين وفيئهم. (3) كذا في بعض النسخ وفي بعضها ” أبو الشكر ” وفي بعضها ” أبو شكر ” والظاهر هو تصحيف ” أبو السكن مكي بن ابراهيم بن بشر الحنظلي البلخي الحافظ “.

[ 64 ]

حدثني الحسن بن حمدون (1)، عن محمد بن إبراهيم بن عبد الله قال: حدثني سدير الصيرفي قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام وعنده جماعة من أهل الكوفة، فأقبل عليهم وقال لهم: حجوا قبل أن لا يحجوا. حجوا قبل أن يمنع البر جانبه (2). حجوا قبل هدم مسجد بالعراق‍ [ – ين ] (3) بين نخل وأنهار. حجوا


(1) أبو الحسن محمد بن يحيى التميمي لم نجده وذكر في مشايخ الجعابي أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد التميمي كما في تاريخ الخطيب. والحسن بن حمدون أيضا لم نجده. وراويه الحسن بن يحيى مشترك ولا تمييز، وراوي راويه اما نسخة بدل عن الحسن بن يحيى كما ليس في بعض النسخ أو ساقط عن بعضها، وكونه الحسن بن محمد بن بهرام المعنون في الرجال ليس بمعلوم. والعلم عند الله. (2) أي يكون البر محفوظا مصدودا لا يمكن قطعه. وهو اشارة إلى خروج سليمان بن الحسن القرمطى على المكتفى بالله سنة 312 ومنعه الناس عن الحج. وفي بعض النسخ: البرجانية وهو تصحيف. وما نقل عن بعض أن الكلمة معرب ” بريطانيا ” وينتظر وقوع منع الحج منهم فتأويل خال عن التحقيق. ويمكن أن يقرأ ” البرجائيه “. (3) يعني مسجد براثا الواقع في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول وروى أنه صلى فيه عيسى وأمه وابراهيم الخليل عليهم السلام، وهي أرض أقام فيها أمير المؤمنين عليه السلام أربعا مع جيشه حين رجع من النهروان، وله (ع) كلام مع راهب هناك يسمى الحباب. روى علي بن طاووس رحمه الله عن السليلى باسناده عن ابن عمر قال: هدم المنافقون مسجدا بالمدينة ليلا، فاستعظم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تنكروا ذلك فان هذا المسجد يعمر ولكن إذا هدم مسجد براثا بطل الحج، قيل له: وأين مسجد براثا هذا ؟ قال: في غربي الزوراء من أرض العراق، صلى فيه سبعون نبيا ووصيا، وآخر من يصلي فيه هذا وأشار بيده إلى مولانا علي بن أبي طالب (ع). قال السليلى: فرأيت مسجد براثا وقد هدمه الحنبليون وحفروا وأخذوا أقواما =

[ 65 ]

قبل أن تقطع سدرة بالزوراء نبتت على عسل عروق النخلة التي اجتنت منها مريم عليها السلام رطبا جنيا، فعند ذلك تمنعون الحج، وتنقص الثمار، وتجدب البلاد، وتبتلون بغلاء الاسعار، وجور السلطان، ويظهر فيكم الظلم والعدوان، مع البلاء والوباء والجوع، وتظلكم الفتن من جميع الآفاق، فويل لكم يا أهل العراق إذا جاءتكم الرايات من خراسان (1)، وويل لاهل الري من الترك، وويل لاهل العراق من أهل الري، وويل لهم ثم ويل لهم من الثط (2). قال سدير: فقلت: يا مولاي من الثط ؟ قال: قوم آذانهم كآذان الفأر صغرا، لباسهم الحديد، كلامهم [ ك‍ ] كلام الشياطين، صغار الحدق، مردجرد (3)، استيعذوا بالله من شرهم، اولئك يفتح الله على أيديهم الدين، ويكونون سببا لامرنا. (4) 11 قال أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد قال: حدثني جدي محمد بن


(= قد حفر لهم قبور فغلبوا أهل الميت ودفنوهم فيه ارادة قبور فيه تعطيل المسجد وتصييره مقبرة، وكان فيه نخل فقطع وأحرق جذوعه وسقوفه، وذلك في سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة، فعطل تلك السنة الحج. وقد كان خرج سليمان بن الحسن يعني القرمطى في أول هذه السنة فقطع على الحاج وقتلهم وعطل الحج، ووقع الثلج ببغداد فاحترق نخلهم من البرد فهلك. (1) لعله اشارة إلى ثورة أبي مسلم الخراساني. والعلم عند الله والعسيلة: التسل. (2) قال في القاموس: ” الثط: الكوسج أو القليل شعر اللحية والحاجبين “. (3) المرد بالضم: جمع الامرد، وهو الذي ليس على بدنه شعر. والاجرد: ما لا شعر عليه، قصير الشعر. (4) في هامش نسخة: ” اعلم أن الثط موت تتار، والحديث اخبار عن واقعة هلاكوخان وانقراض دولة بني العباس وانتشار مذهب التشيع وقوته بذلك بتقوية المحقق السعيد نصير الملة والدين الطوسي قدس سره القدوسي، وجزاه عن الاسلام خير الجزاء محمد تقي الشريف “.

[ 66 ]

سليمان (1)، قال: أبو جعفر محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن سنان، عن حمزة بن محمد الطيار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنما قدر الله عون العباد على قدر نياتهم، فمن صحت نيته تم عون الله له، ومن قصرت نيته قصر عنه العون بقدر الذي قصر. 12 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن سليمان الزراري قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى (2)، عن غياث بن إبراهيم قال: حدثنا خارجة بن مصعب، عن محمد بن أبي عمير العبدي قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ما أخذ الله ميثاقا من أهل الجهل بطلب تبيان العلم حتى أخذ ميثاقا من أهل العلم ببيان العلم للجهال، لان العلم كان قبل الجهل (3). 13 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الهاشمي، عن عبد المؤمن (4)، عن محمد بن علي بن الباقر عليهما السلام قال: حدثني جابر بن عبد الله الانصاري قال: قال


(1) هو محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين، والظاهر أن المراد بمحمد بن الحسين هو أبو جعفر الزيات. (2) هو محمد بن يحيى الخزاز الكوفى الثقة، له كتاب، عنه يحيى بن زكريا اللؤلوئى، يروى عن غياث بن ابراهيم أبى محمد التميمي الاسدي ويروى هو عن خارجة بن مصعب ابن خارجة الضبعي الخراساني السرخسى المعنون في تهذيب التهذيب. (3) في المطبوعة: ” تبيان العلم للجهال ” قال العلامة المجلسي (ره): ” وهذا دليل على سبق أخذ العهد على العالم ببذل العلم على أخذ العهد على الجاهل بالتعلم أو بيان لصحته، والمراد أن الله خلق الجاهل من العباد بعد وجود العالم كالقلم واللوح وسائر الملائكة، وكخليفة الله آدم بالنسبة إلى أولاده “. (4) الظاهر كونه عبد المؤمن بن القاسم بن قيس بن فهد الكوفى أبو عبد الله الانصاري، أخو أبى مريم الانصاري، وهو ثقة.

[ 67 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقربكم مني في الموقف غدا أصدقكم حديثا، وآداكم أمانة، وأوفاكم بالعهد، وأحسنكم خلقا، وأقربكم إلى الناس (1). المجلس الثامن مجلس يوم الاثنين الرابع والعشرين منه، سماعي من إملائه دام توفيقه حدثنا الشيخ الاجل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم. 1 قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقابا البغي، وكفى بالمرء عيبا أن ينظر من الناس إلى ما يعمي عنه من نفسه (2)، أو يعير الناس بما لا يستطيع تركه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه. 2 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: طوبي لشخص نظر إليه الله يبكي (3) على ذنب من خشية الله، لم يطلع على ذلك الذنب غيره. 3 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن علي،


(1) في أمالي ابن الشيخ: ” من الناس “. (2) في أمالي الطوسي (ره): ” أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه “. (3) الجملة حال عن شخص، أي نظر إليه الله حالكونه يبكي. و ” طوبى ” تأنيث ” أطيب ” أي راحة وطيب عيش حاصل له، وقال الطيبي: ” طوبى ” فعلى من الطيب، قلبوا الياء واوا للضمة قبلها، قيل معناه أصيب خيرا على الكناية، لان اصابة الخير تستلزم طيب العيش فأطلق اللازم وأريد الملزوم.

[ 68 ]

عن عمه محمد بن أبي القاسم (1)، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد بن سنان، عن أبي النعمان (2)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال لي: يا أبا النعمان لا يغرنك الناس من نفسك، فإن الامر يصل إليك دونهم، و لا تقطع نهارك بكذا وكذا فإن معك منه يحصي عليك، وأحسن فإني لم أر أشد طلبا ولا أسرع دركا من حسنة محدثة لذنب قديم، إن الله جل وعز يقول: ” إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ” (3). 4 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال: ذروة الامر (4)


محمد بن علي هو ماجيلويه القمي وعمه محمد بن أبى القاسم عبيدالله وقيل: عبد الله بن عمران الخبابي البرقى أبو عبد الله الملقب بماجيلويه، وأبو القاسم يلقب بندار، سيد من أصحابنا القميين ثقة عالم فقيه عارف بالادب والشعر (صه). (2) يعنى الحارث بن حصيرة العجلى الكوفى الازدي. (3) هود: 114. أورده العلامة المجلسي (ره) في باب الحسنات بعد السيئات، ويأتي مثله مع زيادة في المجلس الثالث والعشرين من هذا الكتاب بسند آخر عن ابن أبي يعفور عنه (ع). والحديث برمته يحث على اغتنام الفرص، والاجتهاد في العمل، وترك ما لا يعني الانسان في دنياه وأخراه، وعدم يأسه من روح الله لذنب صدر منه في الماضي، واتيانه بقدر ما يمكن من الحسنات، ولا يصغر شيئا من طاعة الله لان الحسنات يذهبن السيئات. وقال العلامة المجلسي (ره): قوله: ” ولا يغرنك الناس من نفسك ” المراد بالناس المادحون الذين لم يطلعوا على عيوبه، والواعظون الذين يبالغون في ذكر الرحمة ويعرضون عن ذكر العقوبات، تقربا عند الملوك والامراء والاغنياء. ” فان الامر ” أي الجزاء والحساب والعقوبات متعلقة بأعمالك ” يصل اليك ” لا إليهم وان وصل إليهم عقاب هذا الاضلال. ” بكذا وكذا ” اي بقول اللغو والباطل فان معك من يحفظ عليك عملك فان القول من جملة العمل (المرآة). (4) ذروة الامر بالضم وبالكسر: أعلاه، والامر الايمان أو جميع الامور =

[ 69 ]

وسنامه، ومفتاحة، وباب الاشياء (1) ورضا الرحمن تعالى: طاعة الامام بعد معرفته، ثم قال: إن الله تعالى يقول: ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ” (2). 5 قال. أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب (3) قال: حدثنا


(= الدينية، أو الاعم منها والدنيوية، وسنامه بالفتح أي أشرفه وأرفعه مستعارا من سنام البعير لانه أعلى عضو منه (المرآة). (1) في العياشي ” باب الانبياء ” وهذا أنسب. (2) النساء: 80. وطاعة الامام عبارة عن التصديق بامامته والاذعان بولايته والاقرار بتقدمه على جميع الخلق بأمره تعالى والمتابعة لامره ونهيه ووعظه ونصيحته. وهي ذروة أمر الايمان بملاحظة أنها بمنزلة المركب يوصل راكبها إلى سائر منازل العرفان، ومفتاحه من حيث انه ينفتح بها أقفال أبواب العدل والاحسان، وباب الاشياء والشرايع النبوية والاسرار الالهية من حيث أنه لا يجوز لاحد الدخول في الدين ومشاهدة ما فيه بعين اليقين الا بالوصول إلى سدنتها والعكوف على عتبتها، ورضى الرحمن تبارك وتعالى من حيث انها توجب القرب إليه والاستحقاق لما وعده للمطيع من الاجر الجميل والثواب الجزيل. وقال: ” بعد معرفته ” للتنبيه على أن أصل معرفته تعالى أفضل منها وهي أصل لها. وبالجملة نظام الطاعة موقوف على أصل المعرفة، وكمال المعرفة موقوف على نظام الطاعة. والاستدلال بالاية تأييد لما مر، وحيث ان طاعة الرسول نفس طاعته تعالى، ومن البين أن طاعة الامام نفس طاعة الرسول فطاعة الامام نفس طاعة الله تعالى (شرح المولى صالح للكافى) نقول: ورواه العياشي في تفسيره ج 1 ص 259 وتمامه فيه هكذا: ” أما لو أن رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق جميع ماله وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالة منه إليه ما كان له على الله حق في ثوابه ولا كان من أهل الايمان، ثم قال: أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضله ورحمته “. (3) كذا. والظاهر كونه علي بن محمد بن عبد الله أبا الحسن المعروف بابن حبش الكاتب المعنون في تاريخ بغداد الخطيب ج 12 ص 87. والله العالم.

[ 70 ]

الحسن بن علي الزعفراني (1) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا الحسن بن علي اللؤلؤي قال: حدثنا يحيى بن المغيرة، عن سلمة بن الفضل (2)، عن علي بن صبيح الكندي، عن أبي يحيى مولى معاذ بن عفراء الانصاري (3) قال: إن عثمان بن عفان بعث إلى الارقم بن عبد الله وكان خازن بيت مال المسلمين فقال له: أسلفني (4) مائة ألف [ ألف ] درهم، فقال له الارقم: أكتب عليك بها صكا (5) للمسلمين ؟ قال: وما أنت وذاك لا أم لك، إنما أنت خازن لنا. قال: فلما سمع الارقم ذلك خرج مبادرا إلى الناس فقال: أيها الناس عليكم بمالكم، فإني ظننت أني خازنكم و لم أعلم أني خازن عثمان بن عفان حتى اليوم، ومضى فدخل بيته. فبلغ ذلك عثمان، فخرج إلى الناس حتى دخل المسجد (6) ثم رقي المنبر وقال: أيها الناس إن أبا بكر كان يؤثر بني تيم على الناس، وإن عمر كان يؤثر بني عدي على


(1) هو الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني الذي ذكره الشيخ في الفهرست فيمن روى عن ابراهيم الثقفي صاحب الغارات. (2) في بعض النسخ: ” الفضيل ” وكأنه تصحيف وهو سلمة بن الفضل الابرش قاضى الرى. (3) هو مصدع بكسر الاول كمنبر أبويحيى الاعرج المعرقب، عرقبه الحجاج لامتناعه عن سب علي (ع)، مولى معاذ بن حارث بن رفاعة الانصاري البخاري، المعروف بابن عفراء بفتح المهملة وسكون الفاء وهي أمه، ومعاذ صحابي، عاش إلى خلافة علي عليه السلام، وقيل: بعدها، وقيل: بل استشهد في زمن النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم (التهذيب). وفي النسخ والبحار: ” معاذ بن عفرة ” وهو تصحيف. ولم نعثر على عنوان راويه ” علي بن صبيح الكندي “. (4) أسلفه مالا: أقرضه اياه. (5) الصك: كتاب الاقرار بالمال أو غير ذلك. وكأنه معرب ” چك “. (6) في المطبوعة: ” حتى أتى المسجد “.

[ 71 ]

كل الناس، وإني أوثر والله بني أمية على من سواهم. ولو كنت جالسا بباب الجنة ثم استطعت أن ادخل بني أمية جميعا الجنة لفعلت، وإن هذا المال لنا، فإن احتجنا إليه أخذناه وإن رغم أنف اقوام (1). فقال عمار بن ياسر رحمه الله: معاشر المسلمين اشهدوا أن ذلك مرغم لي، فقال عثمان: وأنت ههنا، ثم نزل من المنبر فجعل يتوطاه برجله حتى غشي على عمار، واحتمل وهو لا يعقل إلى بيت أم سلمة. فأعظم الناس ذلك وبقي عمار مغمى عليه لم يصل يومئذ الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق، قال: الحمد لله، فقديما أوذيت في الله وأنا أحتسب ما أصابني في جنب الله، بيني وبين عثمان العدل الكريم يوم القيامة. قال: وبلغ عثمان أن عمارا عند أم سلمة، فأرسل إليها فقال: [ م‍ ] ما هذه الجماعة في بيتك مع هذا الفاجر ؟ أخرجيهم من عندك، فقالت: والله ما عندنا مع عمار إلا بنتاه فاجتنبنا يا عثمان واجعل سطوتك حيث شئت، وهذا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يجود بنفسه من فعالك به. قال: فندم عثمان على ما صنع، فبعث إلى طلحة والزبير فسألهما أن يأتيا عمارا فيسألاه أن يستغفر له. فأتياه فأبى عليهما، فرجعا إليه فأخبراه، فقال عثمان: من حكم الله يا بني أمية يا فراش النار وذباب الطمع شنعتم علي وألبتم (2) على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ثم إن عمارا رحمه الله صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة فقال: إن أبا ذر مات بالزبدة وحيدا، ودفنه قوم سفر (3)، فاسترجع عثمان وقال: رحمه الله، فقال عمار: رحم الله


(1) في نسخة: ” وانى أرغم أنف أقوام “. (2) في اللغة: ألب من باب ” نصر ” بمعنى تجمع وتحشد بشد الميم والشين. (3) يقال رجل وقوم سفر بالفتح والسكون اي ذو سفر. وهم أحنف بن قيسى التميمي، وصعصعة بن صوحان العبدي، وخارجة بن الصلت التميمي، وهلال بن مالك المزني، وجرير بن عبد الله البجلى، وأسود بن يزيد النخعي، وعلقمة بن قيس النخعي، ومالك الاشتر النخعي.

[ 72 ]

أبا ذر من كل أنفسنا، فقال له عثمان: وإنك لهناك بعد، يا عاض أير أبيه (1)، أتراني ندمت على تسييري إياه ؟ [ ف‍ ] قال له عمار: لا والله ما أظن ذاك، قال: وأنت ايضا فالحق بالمكان الذي كان فيه أبو ذر فلا تبرحه (2) ماحيينا. قال عمار: أفعل، والله لمجاورة السباع أحب إلي من مجاورتك. قال فتهيأ عمار للخروج وجاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسألوه أن يقوم معهم إلى عثمان يستنزله عن تسيير عمار (3)، فقام فسأله فيهم ورفيق به حتى أجابه إلى ذلك. 6 قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن الحسن الجواني قال: أخبرني المظفر بن جعفر العلوي العمري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، أبيه، عن محمد بن حاتم قال: حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثني محمد بن عبد الرحيم اليماني، عن ابن ميناء (4، عن أبيه، عن عائشة قالت: جاء علي بن أبي طالب عليه السلام يستأذن على النبي صلى الله عليه وآله: فلم يأذن له، فاستأذن دفعة أخرى فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادخل يا علي فلما دخل قام إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاعتنقه وقبل بين عينيه وقال: بأبي الشهيد، بأبي الوحيد الشهيد. 7 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسحاق بن يزيد قال: حدثنا سليمان بن قرم (5)، عن أبي


(1) في بعض النسخ ” ما تبرأت منه ” وهو تصحيف. (2) برح من باب علم المكان ومنه: زال عنه. (3) استنزله عن رأيه: طلب نزوله عنه. (4) في الرجال جماعة بهذا العنوان وهم: حكم بن ميناء، وعباس بن عبد الرحمن بن ميناء، وسعيد بن ميناء، وميناء هو ابن أبي ميناء الزهري الخزاز المعنون في التقريب. والظاهر أن المراد هنا سعيد بن ميناء، عن أبيه ميناء بن أبي ميناء الزهري. (5) هو سليمان بن قرم بفتح القاف وسكون الراء ابن معاذ، أبو داود =

[ 73 ]

الجحاف، عن عمار الدهني قال: حدثنا أبو عثمان مؤذن بني أفصى (1) قال: سمعت علي بن أبي طالب عليه السلام حين خرج طلحة والزبير لقتاله يقول: عذيري (2) من طلحة والزبير، بايعاني طائعين غير مكرهين ثم نكثا بيعتي من غير حدث، ثم تلا هذه الآية: ” وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ” (3).


= البصري النحوي، سيئ الحفظ يتشيع. (التقريب). وشيخه داود بن أبي عوف سويد التميمي البرجمى بضم الموحدة والجيم مولاهم أبو جحاف بالجيم وتشديد المهملة مشهور بكنيته، وهو صدوق شيعي، ربما أخطأ. وقال في الجامع: وثقة ابن عقدة. (1) بنو أفصى بالفاء والصاد المهملة بطون من القحطانية من أنمار وجذام وخزاعة والاول بنو أفصى بن نذير، والثاني بنو أفصى بن سعد، والثالث بنو أفصى بن حارثة. وفيمن روى عن أمير المؤمنين عليه السلام رجلان بهذه الكنية احدهما أبو عثمان بن سنة الخزاعى، والاخر أبو عثمان الخراساني. (2) قال الجزري: ” عذيرك من فلان. بالنصب أي هات من يعذرك فيه، فعيل بمعنى فاعل ” أي فليأتيا بعذرهما في نكث بيعتهم اياى. (3) التوبة: 12. قال المفيد رحمه الله في الجمل: اجتمعت الشيعة على الحكم بكفر محاربي أمير المؤمنين عليه السلام ولكنهم لم يخرجوهم بذلك عن حكم ملة الاسلام إذ كان كفرهم من طريق التأويل كفر ملة، ولم يكفروا كفر ردة عن الشرع مع اقامتهم على الجملة منه واظهار الشهادتين والاعتصام به عن كفر الردة المخرج عن الاسلام، وان كانوا بكفرهم خارجين عن الايمان، مستحقين اللعنة والخلود والنار. انتهى. ولكل من الفرق الاسلامية أقوال وآراء في ذلك، فراجع الفصل الاول من كتاب الجمل للمفيد (ره). وقال أبو حنيفة ” ما قاتل أحد عليا الا وعلي أولى بالحق منه، ولولا ما سار علي عليه السلام فيهم ما علم أحد كيف السيرة في المسلمين، ولا شك أن عليا انما قاتل طلحة والزبير بعد أن بايعاه وخالفاه. وفي يوم الجمل سار علي (ع) فيهم =)

[ 74 ]

8 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن عبد الله بن محمد (1)، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة محرمة على الانبياء حتى أدخلها، و محرممة على الامم كلها حتى تدخلها شيعتنا أهل البيت. 9 قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن جعفر بن محمد الكوفي النحوي التميمي (2) قال: حدثنا هشام بن يونس النهشلي (3): قال: حدثنا يحيى بن


(= بالعدل، وهو علم المسلمين، فكانت السنة في قتال أهل البغي. (مناقب أبي حنيفة للخوارزمي 2 / 83 طبع حيدر آباد). وقال ابن العربي في أحكام القرآن 2 / 224: ” فكل من خرج على علي (ع) باغ وقتال الباغي واجب حتى يفئ إلى الحق وينقاد إلى الصلح، وان قتاله لاهل الشام الذين أبوا الدخول في البيعة، وأهل الجمل، والنهروان، والذين خلعوا بيعته حق، وكان حق الجميع أن يصلوا بين يديه ويطالبوه بما رأوا، فلما تركوا ذلك بأجمعهم صاروا بغاة، فتناولهم قوله تعالى: ” فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله “. نقول: وعن الثوري والعسقلاني وابن همام الحنفي ما يجري مجرى ذينك. (تعليق تلخيص الشافي للعلامة بحر العلوم). (1) الظاهر هو عبد الله بن محمد الجعفي الراوي عن جابر بن يزيد كتبه. (2) هو من مشايخ المفيد (ره) ويروى عنه أيضا أبو القاسم علي بن محمد بن على الخزاز القمى صاحب ” كفاية الاثر “. ولد هو بالكوفة سنة 302 أو 311 وتوفى سنة 402، يروى عنه النجاشي اجازة، وترجمه السيوطي في ” بغية الوعاة ” نقلا عن معجم ياقوت. (3) في السند سقط لان هشام بن يونس النهشلي المتوفى 252 كيف يروى عنه من ولد بعده بازيد من خمسين سنة، وليس في كتب الرجال هشام النهشلي غيره والظاهر أن الساقط جملة [ اسحاق بن ابراهيم بن هشام النهشلي قال: حدثنا ]. =

[ 75 ]

يعلى، عن حميد الاعرج (1)، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: عجب لغافل وليس بمغفول عنه، وعجب لطالب الدنيا والموت تطلبه، وعجب لضاحك ملء فيه، وهو لا يدري أرضي الله [ عنه ] أم سخط له. 10 قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن جعفر (2) قال: حدثنا هشام بن يونس النهشلي قال: حدثنا أبو محمد الانصاري قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن محمد بن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك قال: نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا علي من أبغضك أماته الله ميتة جاهلية وحاسبه بما عمل يوم القيامة. 11 قال: أخبرني أبو الحسن محمد بن جعفر قال: حدثنا هشام قال: حدثني يحيى بن يعلى، عن حميد، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المتحابون في الله عزوجل على أعمدة من ياقوت أحمر في الجنة، يشرفون على أهل الجنة، فإذا أطلع أحدهم ملأ حسنه بيوت أهل الجنة، فيقول أهل الجنة: اخرجوا ننظر المتحابين في الله عزوجل، قال: فيخرجون وينظرون إليهم، أحدهم وجهه مثل القمر في ليلة البدر، على جباههم (3): ” هؤلاء المتحابون في الله عزوجل “.


(= وهو معنون في تاريخ بغداد، وقال: يروى عن جده هشام بن يونس النهشلي. وهكذا الكلام فيما يأتي في سند الحديث العاشر. (1) هو حميد بن عطاء الاعرج الكوفى القاص الملائى، روى عن عبد الله بن الحارث الزبيدي الكوفي المكتب، وروى عنه يحيى بن يعلى الاسلمي الكوفي أبو زكريا القطواني. (2) تقدم الكلام فيه. (3) أي مكتوب عليها.

[ 76 ]

المجلس التاسع مجلس يوم السبت التاسع والعشرين منه سماعي: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده وتوفيقه في هذا اليوم: 1 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر بن سالم بن البراء الجعابي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن بريد البجلي قال: حدثنا محمد بن ثواب الهباري (1) قال: حدثنا محمد بن علي بن جعفر، عن أبيه، قال: حدثني أخي موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أربع من كن فيه كتبه الله من أهل الجنة: من كان عصمته شهادة أن لا إله إلا الله (2) وأني محمد رسول الله، ومن إذا أنعم الله عليه بنعمة قال: الحمد لله، ومن إذا أصاب ذنبا قال: أستغفر الله، ومن إذا اصابته مصيبة قال: ” إنا لله وإنا إليه راجعون “. 2 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن زياد المقري (3) من كتابه قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن الحسن الحوبي (4) قال: حدثنا نصر بن حماد قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر


(1) محمد بن ثواب الهبارى بتشديد الباء الموحدة الكوفي صدوق، مات 260 كما في التقريب. وفي النسخ صحف ب‍ ” بواب ” وصحف في البحار تارة ب‍ ” بواب ” واخرى ب‍ ” أيوب ” ورواية الجعابي عنه بواسطة واحدة غريب فانه توفى سنة 355. وأما أبو محمد البجلى ففي بعض النسخ ” عبد الله بن يزيد العجلى ” وبكلا العنوانين لم نجده وقد يخطر بالبال كونه أبا محمد عبد الله بن زيد المستملى المتوفى سنة 326، فصحف في النسخ. والعلم عند الله عزوجل. (2) أي ما يعصمه من المهالك يوم القيامة (النهاية). (3) المعروف بابن جمال المتوفى 323. وفي بعض النسخ بدل ” من كتابه “: ” بن كنانة “. (4) كذا. وفي امالي ابن الشيخ ” أحمد بن عيسى بن الحسن الجرمى ” وكأنه أحمد بن عيسى بن الحسن أو السكن السكوني المعنون في تاريخ الخطيب ج 4 ص 275. والله يعلم.

[ 77 ]

الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: نزل جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن الله يأمرك أن تقوم بتفضيل علي بن أبي طالب عليه السلام خطيبا على أصحابك ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، وقد أمر جميع الملائكة أن تسمع ما تذكره، والله يوحي إليك يا محمد إن من خالفك في أمره فله النار (1)، ومن أطاعك فله الجنة. فأمر النبي صلى الله عليه وآله مناديا فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس وخرج حتى علا المنبر، وكان أول ما تكلم به: ” أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم “، ثم قال: أيها الناس ! أنا البشير، وأنا النذير، وأنا النبي الامي، إني مبلغكم عن الله تعالى في أمر رجل لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة العلم (2)، وهو الذي انتجبه الله من هذه الامة واصطفاه وتولاه وهداه، وخلقني وإياه من طينة واحدة، ففضلني بالرسالة، وفضله بالتبليغ عني. وجعلني مدينة العلم وجعله الباب، وجعله خازن العلم، والمقتبس منه الاحكام، وخصه بالوصية، وأبان أمره، وخوف من عداوته، وأوجب موالاته، وأمر جميع الناس بطاعته (3)، وإنه عزوجل يقول: من عاداه عاداني، ومن والاه والاني، ومن ناصبه ناصبني، ومن خالفه خالفني، ومن عصاه عصاني، ومن آذاه [ فقد ] آذاني، ومن أبغضه [ فقد ] أبغضني، ومن أحبه [ فقد ] أحبني، ومن أطاعه [ فقد ] أطاعني، ومن أرضاه [ فقد ] أرضاني، ومن حفظه حفظني، ومن حاربه حاربني، ومن أعانه أعانني، ومن أراده أرادني، ومن كاده [ فقد ] كادني.


(1) في أمالي ابن الشيخ ” دخل النار “. (2) العيبة بالفتح: ما تجعل فيه الثياب كالصندوق. (3) في البحار وأمالي الطوسي: ” وأزلف من والاه وغفر لشيعته و أمر الناس جميعا بطاعته “.

[ 78 ]

أيها الناس ! اسمعوا لما آمركم به وأطيعوه، فإني أخوفكم عقاب الله عزوجل (1) ” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه ” (2). ثم أخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام فقال: معاشر الناس هذا مولى المؤمنين، وقاتل الكافرين، وحجة الله على العالمين. اللهم إني قد بلغت، وهم عبادك، وأنت القادر على صلاحهم فأصلحهم برحمتك يا أرحم الراحمين. ثم نزل على المنبر، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد [ إن ] الله يقرئك السلام ويقول لك: جزاك الله عن تبليغك خيرا، فقد بلغت رسالات ربك، ونصحت لامتك، وأرضيت المؤمنين، وأرغمت الكافرين (3). يا محمد إن ابن عمك مبتلى ومبتلى به ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (4) “. 3 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال، حدثنا أحمد بن محمد بن زياد قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان (5)، عن يزيد بن هارون، عن حميد (6)، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


(1) في بعض النسخ ” عذاب الله عزوجل “. (2) آل عمران: 30. (3) أرغمه: أذله، أسخطه. (4) الشعراء: 227. يأتي هذا الحديث في المجلس الحادى والاربعين من الكتاب مع اختلاف في بعض الالفاظ وزيادة بعض الفقرات. (5) هو العامري، أبو محمد الكوفى، صدوق، وقيل: ان أبا داود روى عنه (التقريب). (6) هو حميد بن أبي حميد الطويل أبو عبيدة الخزاعي المتوفى سنة 142 وروايته عن جابر بلا واسطة غريب، وراويه يزيد بن هارون ويقال ” زاذان ” بن ثابت السلمي مولاهم أبو خالد الوسطى أحد الاعلام والحفاظ المشاهير.

[ 79 ]

آخذا بيد الحسن والحسين عليهما السلام فقال: إن ابني هذين ربيتهما صغيرين، ودعوت لهما كبيرين، وسألت الله تعالى لهما ثلاثا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة. سألت الله لهما أن يجعلهما طاهرين مطهرين زكيين، فأجابني إلى ذلك، وسألت الله أن يقيهما وذريتهما وشيعتهما النار فأعطاني ذلك، وسألت الله أن يجمع الامة على محبتهما فقال: يا محمد إني قضيت قضاء وقدرت قدرا، وإن طائفة من أمتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس، وسيخفرون ذمتك في ولدك (1)، وإني أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك الا أحله محل كرامتي، ولا أسكنه جنتي، ولا أنظر إليه بعين رحمتي إلى [ يوم القيامة ]. 4 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، قال، حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن زكريا (2)، عن عبد الله بن الضحاك، عن هشام بن محمد (3) قال: لما ورد الخبر على أمير المؤمنين عليه السلام بمقتل محمد بن أبي بكر رضي الله عنه (4)


(1) خفر العهد: نقضه، أي يوفون بما عاهدت عليه أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمجوس وينقضون ما عاهدتهم عليه من المحبة لولدك والاتباع لاوامرهم والتفويض إليهم في دينهم ودنياهم ونصرتهم على من عاداهم، والتمسك بهم وعدم مفارقتهم عنهم حتى يردوا عليك الحوض. (2) الظاهر كونه محمد بن زكريا الجوهري الغلابي. (3) الظاهر هو هشام بن أبي النضر محمد بن السائب الكلبي الكوفي. (4) قال العلامة المجلسي (ره) بعد تمام الخبر: ” في رواية الثقفي في كتابه إلى الاشتر: ” وهو غلام حدث السن ” وليس فيه ذكر شهادة محمد، فلا ينافى ما يظهر من روايته أن بعث الاشتر كان قبل شهادته، وما أورده السيد [ يعني الرضى (ره) في نهج البلاغة قسم الرسائل تحت رقم 34 ] من الاعتذار من محمد لبعث الاشتر يدل على ذلك أيضا وهو أشهر عند أرباب التواريخ، ولكن =

[ 80 ]

كتب إلى مالك بن الحارث الاشتر رحمه الله وكان مقيما بنصيبين (1): أما بعد فإنك ممن استظهر (2) به على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الاثيم (3)، وأسد به الثغر المخوف (4). وقد كنت وليت محمد بن أبي بكر رحمه الله مصر، فخرج عليه خوارج، وكان حدثا لا علم له بالحروب، فاستشهد رحمه الله، فاقدم علي لننظر في أمر مصر، واستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة من أصحابك. فاستخلف مالك رضي الله عنه على عمله شبيب بن عامر الازدي (5)، وأقبل حتى ورد على أمير المؤمنين عليه السلام، فحدثه حديث مصر، وأخبره عن أهلها، وقال له: ليس لهذا الوجه غيرك، فاخرج فإني إن لم أوصك اكتفيت برأيك، واستعن بالله على


(= رواية الاختصاص أيضا مؤيدة لهذه الرواية “. نقول: رواه الثقفى في الغارات ج 1 ص 258، والشريف الرضي (ره) في النهج قسم الرسائل تحت رقم 46. (1) نصيبين بالفتح، ثم الكسر، ثم ياء مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من موصل إلى الشام، وبينها وبين سنجار تسعة فراسخ، وعليها سور، وهي كثيرة المياه، والماء جار في وسطها، وبها جامع كبير حسن العمارة (المراصد). (2) أي أستعين به. (3) أقمع أي أكثر. والنخوة بالفتح: الكبر. والاثيم: فاعل الاثم، ومرتكب الخطايا والاثام. (4) الثغر: المكان الذي يظن طروق الاعداء له على الحدود. والمخوف: الذي يخشى جانبه ويرهب. (5) هو جد الكرماني الذي كان بخراسان. والكرماني هو علي بن جديع الازدي، عرف بهذا الاسم ولم يكن من كرمان وهو صاحب الفتنة بخراسان مع نصر بن سيار ودخل بينهما أبو مسلم الخراساني والقصة مشهورة في التواريخ. (*)

[ 81 ]

ما أهمك، واخلط الشدة باللين، وارفق ما كان الرفق أبلغ، واعتزم (1) على الشدة متى لم تغن عنك إلا الشدة. قال: فخرج مالك الاشتر رضي الله عنه فأتى رحله، وتهيأ للخروج إلى مصر، وقدم أمير المؤمنين عليه السلام أمامه كتابا إلى أهل مصر: بسم الله الرحمن الرحيم، سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله الصلاة على نبيه محمد وآله، وإني قد بعثت إليك عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل (2) عن الاعداء حذار الدوائر (3). من أشد عبيدالله بأسا (4)، وأكرمهم حسبا، أضر على الفجار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار، وهو مالك بن الحارث الاشتر، لا نابي الضرس ولا كليل الحد، حليم في الحذر (5)،


(1) في بعض النسخ: ” واعترم ” واعترم الفرس: سطا ومال. أي إذا جد بك الجد فدع اللين ومل عنه إلى الشدة، فان في حال الشدة لا يغنى الا الشدة. قال الفند الرماني: فلما صرح الشر فأمسى وهو عريان * ولم يبق سوى العدوا * ن دناهم كما دانوا (2) نكل عنه كضرب ونصر وعلم: نكص وجبن. (3) الدوائر جمع الدائرة وهنا بمعنى النائبة أي صروف الدهر، وفي الكتاب العزيز: ” عليهم دائرة السوء “. ويقال: ” دارت عليهم الدوائر “. و ” حذار ” اسم فعل بمعنى أحذر كقوله ” وحذار ثم حذار محاربا ” والمعنى لا ينكل حين الحذار من الدوائر. وقال العلامة المجلسي (ره): في أكثر النسخ ” حراز الدوائر ” أي الحارس في الدوائر أو جلابها من قولهم: احرز الاجر إذا حازه انتهى. وزاد في الغارات: ” لا ناكل عن قدم، ولا واه في عزم “. (4) في بعض النسخ: ” عباد الله ” مكان ” عبيدالله “. (5) الضرس: السن. وحد السيف: مقطعه. والظاهر أن هنا سقطا والصحيح ما في نهج البلاغة وهو: ” فانه سيف من سيوف الله لا كليل الظبة، ولا نابى الضريبة ” والكليل: الذي لا يقطع. والظبة بضم الظاء وفتح المخففة: حد =

[ 82 ]

رزين في الحرب، ذو رأي أصيل، وصبر جميل، فاسمعوا له وأطيعوا أمره، فإن أمركم بالنفير فانفروا، وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا، فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري (1)، فقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم، وشدة شكيمة على عدوكم (2). عصمكم الله بالهدى، وثبتكم التقوى، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ولما تهيأ مالك الاشتر للرحيل إلى مصر كتب عيون معاوية (3) بالعراق إليه يرفعون خبره، فعظم ذلك على معاوية وقد كان طمع في مصر فعلم أن الاشتر إن قدمها فاتته، وكان أشد عليه من ابن أبي بكر، فبعث إلى دهقان من أهل الخراج بالقلزم (4) أن عليا قد بعث بالاشتر إلى مصر وإن كفيتنيه سوغتك (5) خراج ناحيتك ما بقيت، فاحتل في قتله بما قدرت عليه. ثم جمع معاوية أهل الشام وقال لهم: إن عليا قد


= السيف أو السنان ونحوه. والنابى من السيوف: الذي لا يقطع. والضريبة: المضروب بالسيف. وتقديره: ولا نابى ضارب الضريبة. وضارب الضريبة هو حد السيف. وفي الغارات: ” حليم في الجد “. والرزين: الوقور. (1) أحجم عنه: كف أو نكص هيبة. (2) الشكيمة في اللجام: الحديدة المعترضة في فم الفرس، ويعبر بشدتها عن قوة النفس وشدة البأس. والى هنا أورده الشريف الرضى في النهج قسم الرسائل تحت رقم 38، وفيه تقديم وتأخير واختلاف في بعض الالفاظ. (3) أي الجواسيس ويقال للجاسوس: عين. (4) القلزم بالضم ثم السكون ثم زاى مضمومة وميم مدينة على ساحل بحر اليمن من جهة مصر ينسب البحر إليها. وفي هذا البحر بقرب القلزم غرق فرعون، وبينها وبين مصر ثلاثة أيام (المراصد). (5) سوغ له كذا: أعطاه اياه وأجازه له.

[ 83 ]

بعث بالاشتر إلى مصر، فهلموا ندعو الله عليه يكفينا أمره، ثم دعا ودعوا معه (1). وخرج الاشتر حتى أتى القلزم، فاستقبله ذلك الدهقان فسلم عليه وقال [ له ]: أنا رجل من أهل الخراج ولك ولاصحابك علي حق في ارتفاع أرضي (2)، فانزل علي أقم بأمرك، وأمر أصحابك، وعلف دوابك، واحتسب بذلك لي من الخراج. فنزل عليه الاشتر، فأقام له ولاصحابه بما احتاجوا إليه، وحمل إليه طعاما دس في جملته عسلا جعل فيه سما، فلما شربه الاشتر قتله ومات من ذلك. وبلغ معاوية خبره، فجمع أهل الشام وقال لهم: أبشروا فإن الله تعالى قد أجاب دعاءكم، وكفاكم الاشتر وأماته، فسروا بذلك واستبشروا به. ولما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام وفاة الاشتر جعل يتلهف (3) ويتأسف عليه ويقول: لله در مالك لو كان من جبل لكان أعظم أركانه، ولو كان من حجر [ ل‍ ] كان صلدا (4). أما والله ليهدن موتك عالما، فعلى مثلك فلتبك البواكي. ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، والحمد لله رب العالمين، إني أحتسبه عندك فإن موته من مصائب الدهر، فرحم الله مالكا فقد وفى


(1) لا يخفى على كل من له الامام بالامور السياسية ان الرجل كيف اغتنم الفرصة واستفاد من عمه الناس وبلاهتهم وايمانهم الضعضاع ونزعتهم الدينية المبنية على المزعمة من غير برهان عقلي، ولعمرك أن هذه الطايفة وأضرابهم أضر على الدين وأهله من الجيش الكافر الغائر في عقر دار المسلمين. (2) اي في زكاة أرضى. وارتفاع الزرع: حمله إلى البيدر. (3) تلهف عليه: حزن عليه وتحسر. (4) الصلد بفتح الصاد والسكون اللام من الارض والحجارة: الصلب الاملس، كناية عن شدة مقاومته وتصلبه في الحق.

[ 84 ]

بعهده، وقضى نحبه، ولقي ربه، مع أنا قد وطنا أنفسنا أن صبر على كل مصيبة بعد مصابنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنها أعظم المصيبة. 5 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن الحسن بن علي، عن زكريا (1)، عن محمد بن سنان، ويونس بن يعقوب، عن عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ” أولنا دليل على آخرنا، وآخرنا مصدق لاولنا، والسنة فينا سواء. إن الله تعالى إذا حكم حكما أجراه ” (2). الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما (3). حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تمكينه يوم الاثنين سلخ شوال سنة أربع وأربعمائة (4). 6 قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: من قال إذا اصبح قبل أن تطلع الشمس [ وإذا أمسى قبل أن تغرب الشمس ]: ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن الدين كما شرع، والاسلام كما وصف، والقول كما حدث، والكتاب كما أنزل، وأن الله هو الحق المبين “


(1) هو زكريا المؤمن ويقال: زكريا بن محمد أبو عبد الله المؤمن، وراويه الحسن بن علي أما ابن النعمان أو ابن كيسان. وفي بعض النسخ ” الحميري، عن الحسن بن علي بن الحسن بن زكريا ” وفي بعضها ” عن الحسن بن علي، عن الحسن بن زكريا “. (2) في بعض النسخ ” إذا حكم بحكم أجراه “. (3) و (4) كذا.

[ 85 ]

وذكر محمدا وآل محمد بخير، وحيا (1) محمدا وآل محمد بالسلام، فتح الله له ثمانية أبواب الجنة، وقيل له: أدخل من أي أبوابها شئت ومحي عنه خنا ذلك اليوم (2). المجلس العاشر مجلس يوم الاربعاء لليلتين خلتا من رجب سنة سبع وأربعمائة. حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده في مسجده بدرب رياح. 1 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: قال موسى بن عمران على نبينا و [ آله و ] عليه السلام: إلهي من اصفياؤك من خلقك ؟ قال: الري الكفين، الري القدمين (3)، يقول صادقا، ويمشي


(1) قال في النهاية: ” معنى حياك: أبقاك، من الحياة وقيل: ملكك وفرحك، وقيل: سلم عليك، وهو من التحية: السلام. (2) في بعض النسخ: ” ومحا الله عنه “. وخنى الدهر: نوائبه. (3) كذا في النسخ، والظاهر أنه من ” روى ” بمعنى السقى، وعين رية: كثيرة الماء. وهذا كناية عن بركتهما وسعيهما في نفع الناس. وفي بعض النسخ: ” البزي ” في الموضعين. وفي البحار: ” الندى الكفين، البرى القدمين “، وقال المجلسي (ره) في بيانه: ” الندى الكفين أي كثير السخاء، قال الجوهري: يقال: فلان ندى الكف إذا كان سخيا، وقال الفيروزآبادى: تندى: تسخى وأفضل، كأندى فهو ندى الكف. وأندى: كثر عطاياه انتهى. وفي بعض النسخ: الندى القدمين، كناية عن بركتهما وسعيهما في نفع الناس، وفي بعضها: البرى القدمين أي أنهما بريئان من الخطأ. ويحتمل الرسى أي الثابت القدمين في الخير، في =

[ 86 ]

هونا (1)، فأولئك يزول الجبال ولا يزولون. قال: إلهي فمن ينزل دار القدس عندك ؟ قال: الذين لا ينظر أعينهم إلى (الدينا) ؟، ولا يذيعون أسرارهم في الدين، ولا يأخذون على الحكومة الرشا. الحق في قلوبهم، والصدق على ألسنتهم، فأولئك في ستري في الدنيا وفي دار القدس عندي في الآخرة. 2 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا عبد الله بن داهر (2)، عن الاعمش، عن عباية الاسدي، عن ابن عباس رحمه الله قال: سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عن قوله تعالى: ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (3) ” فقيل له: من هؤلاء الاولياء ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هم قوم أخلصوا لله تعالى في عبادته، ونظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها، فعرفوا آجلها حين غر الخلق سواهم بعاجلها، فتركوا ما علموا أنه سيتركهم، وأماتوا منها ما علموا


= القاموس: رسا رسوا ورسوا: ثبت وكغني: العمود الثابت وسط الخباء، والراسخ في الخير والشر “. نقول: الصواب ما في البحار. (1) في بعض النسخ المطبوعة: ” يقول صدقا “. والهون بالفتح: السكينة والوقار، والرفق واللين، والمراد أنهم يمشون من غير تكبر وتبختر. وفي المجمع: ” قال أبو عبد الله عليه السلام: هو الرجل يمشى بسجيته التي جبل عليها لا يتكلف ولا يتبختر “. (2) المرزباني والكاتب وأحمد بن أبي خيثمة كلهم مذكورون في تاريخ الخطيب وأما عبد الله بن داهر بن يحيى أبو سليمان أو أبويحيى الرازي المعروف بالاحمرى شيخ صدوق كما نقله في التاريخ مسندا عن صالح بن محمد الاسدي. وفي بعض النسخ ” عبد الملك بن داهر “. (3) يونس: 62.

[ 87 ]

أنه سيميتهم (1). ثم قال: أيها المعلل نفسه بالدنيا، الراكض على حبائلها (2)، المجتهد في عمارة ما سيخرب منها (3). ألم تر إلى مصارع آبائك في البلى، ومصارع أبنائك تحت الجنادل والثرى ؟ كم مرضت بيديك، وعللت بكفيك تستوصف لهم الاطباء، وتستعتب لهم الاحباء، فلم يغن عنهم غناؤك، ولا ينجع فيهم دواؤك (4).


(1) باطن الدنيا ما خفى عن أعين الناس من مضارها ووخامة عاقبتها للراغبين إليها، فالمراد بالنظر إليه التفكر فيه وعدم الغفلة عنه، أو ما لا يلتفت الناس إليه من تحصيل المعارف والقرابات فيها، فالمراد بالنظر إليه الرغبة وطموح البصر إليه، وانما سماه باطنا لغفلة أكثر الناس عنه، ولكونه سر الدنيا وحقيقتها وغايتها التي خلقت لاجلها. والمراد بظاهرها شهواتها التي تغر أكثر الناس عن التوجه إلى باطنها. والمراد بآجل الدنيا ما يأتي من نعيم الاخرة بعدها، اضيف إليها لنوع من الملابسة، أو المراد بآجلها ما يظهر ثمرتها في الاجل من المعارف والطاعات، وأطلق الاجل عليه مجازا. وقوله: ” فتركوا ” أي ما يتركه من الاموال والاولاد وملاذ الدنيا. والاماتة الاهلاك المعنوي بحرمان الثواب وحلول العقاب عند الاياب، وما يميتهم اتباع الشهوات النفسانية والاتصاف بالصفات الذميمة الدنية. (2) علله بكذا: شغله ولهاه به. والركض: تحريك الرجل. والحبائل جمع الحبالة وهي التي يصاد بها. اي تركض لاخذ ما وقع في الحبائل التي نصبتها في الدنيا، كناية عن شدة الحرص في تحصيل متمنياتها، أو المعنى نصب لك الشيطان مصائد فيها ليصطادك بها، وأنت تركض إليها حتى تقع فيها جهلا وغرورا. (3) أي تسعى بغاية جهدك في عمارة ما تعلم أنه آئل إلى الخراب ولا تنتفع به. (4) صرعه أي طرحه على الارض، والموضع مصرع. وبلى الميت أفنته الارض، وكأنه حال عن آبائك. و ” أبنائك ” أي أبناء نوعك. والجنادل جمع جندل كجعفر =

[ 88 ]

3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن قال: حدثنا الحسين بن نصر بن مزاحم قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن عبد الملك (1)، عن يحيى بن سلمة، عن أبيه سلمة بن كهيل، عن أبي صادق (2) قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: ديني دين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحسبي حسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمن تناول (3) ديني وحسبي فقد تناول دين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحسبه. 4 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة بن أعين [ عن الحسن البزاز ] (4)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال: ألا أخبرك بأشد ما فرض الله على خلقه ؟ قلت: بلى، قال: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة أخيك (5)، وذكر الله في كل حال. أما إني لا أريد بالذكر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وإن كان هذا من ذلك ولكن ذكر الله في كل موطن تهجم فيه على طاعة الله، أو معصية له.


= وهي الحجارة. والثرى بالفتح التراب الندى. ومرضته تمريضا إذا قمت عليه في مرضه. وعلله اي قام عليه في علته يطلب دواءه وصحته ويتكفل بأموره. واستوصفت الطبيب لدائي إذا سألته أن يصف لك ما تتعالج به. والاستعتاب: الاسترضاء، كناية عن طلب الدعاء أو رضاهم إذا كانت لهم عنده موجدة، وفي بعض النسخ: ” تستغيث ” وهو أظهر. وأغنى عنه كذا إذا اكتفاه. ونجع الوعظ والخطاب فيه دخل فأثر. (1) لم نعثر عليه بهذا العنوان في ما عندنا من التراجم والرجال. (2) اسمه عبد الله أو عبد خير بن ناجد الازدي الكوفى، وفي سماعه كلام عند بعض، لكن نص عليه الخطيب وقال: قيل اسمه أسلم بن يزيد. (3) نال من عرض فلان أي سبه. (4) على ما في البحار. (5) يدل على أن أحمز الفرائض وآكدها وأوجبها هو الانصاف مع الناس، =

[ 89 ]

5 أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقري قال: حدثنا أبو عبد الله الاسدي (1) قال: حدثنا جعفر بن عبد الله بن جعفر العلوي المحمدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني (2) قال: حدثنا غياث بن إبراهيم قال: حدثنا جعفر بن محمد عليهما السلام، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: علمت سبعا من المثاني (3)، ومثلت لي أمتي [ في الطين ] حتى نظرت إلى صغيرها وكبيرها، ونظرت في السماوات كلها، فلما رأيت رأيتك يا علي [ ف‍ ] استغفرت لك ولشيعتك إلى يوم القيامة.


(= والانصاف هو أن يكون الانسان في معاشرته مع الناس في جميع الشئون الحياتية ينزل نفسه منزلة صاحبه، فما يكرهه لنفسه يكرهه لصاحبه، وما يحب لها يحبه له. فان كان بايعا ينزل نفسه منزلة المشتري، وان كان اشترى شيئا ينزلها منزلة البائع، وان كان قاضيا يحسب نفسه متهما والمتهم قاضيا، وان كان متهما يحسب كونه قاضيا والقاضي متهما، وهكذا ان كان مدعيا على أحد ينزل نفسه منزلة المدعى عليه، وان كان يدعى عليه ينزل نفسه منزلة المدعى، وقس على ذلك. فإذا كان أفراد المجتمع كلهم يعرف هذا، واستحكمت بينهم هذه الرابطة لن يحتاجوا إلى ما يحتاجون إليه اليوم من سلطان القوى القهرية، وانتظم جل أمورهم بدون ذلك. وإذا استقامت هذه الرابطة واجتمعت مع فكرة المساواة والايثار والتوجه في جميع ذلك إلى الله بحيث لا ينسى ذكره في أي واحد منها يصير الاجتماع اجتماعا الهيا والحياة حياة طيبة سعيدة نائية عن الفساد والتبار، وفي ضوء ذلك تبرز الاستعدادات وتبلغ النفوس إلى رشدهم المقدر لهم. وهذا هو الوجه في كون الامور المذكورة في الخبر أشد فروض الله تعالى علينا. (1) يحتمل كونه أبا عبد الله الحسين بن عبيدالله الزراري الاتى. (2) عنونه الخطيب في تاريخه تحت رقم 7479 بعنوان يحيى بن هاشم بن كثير بن قيس الغساني أبو زكريا السمسار. وراويه جعفر بن عبد الله رأس المدرى ابن جعفر الثاني بن عبد الله بن جعفر بن محمد (ع). (3) المثاني من التثنية، وسبع من المثاني هي فاتحة الكتاب وهي سبع آيات =

[ 90 ]

6 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقري قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن عبيدالله الزراري قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله العلوي المحمدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن معاذ بن رفاعة (1)، عن شهر بن حوشب قال: سمعت أبا امامة الباهلي يقول: والله لا يمنعني مكان معاوية أن أقول الحق في علي عليه السلام، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: علي أفضلكم، وفي الدين أفقهكم، وبسنتي أبصركم، ولكتاب الله أقرؤكم. اللهم إني أحب عليا فأحبه، اللهم إني أحب عليا فأحبه. 7 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد البصري البزاز قال: حدثنا أبو بشر أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي (2) قال: حدثنا عبد الجبار قال: حدثنا سفيان، عن الوليد بن كثير، عن ابن الصياد (3)،


= منها بسم الله الرحمن الرحيم، وانما سميت المثاني لانها تثنى في الركعتين، كما هو المروي عن أئمتنا المعصومين سلام الله عليهم. وفي التوحيد والعياشي والقمى عن الباقر عليه السلام: نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا صلى الله عليه وآله. قال الصدوق (ره): أي نحن الذين قرننا النبي صلى الله عليه وآله إلى القرآن وأوصى بالتمسك بالقرآن وبنا وأخبر أمته أنا لا نفترق حتى نرد حوضه. (1) هو وراويه اسماعيل وشيخه شهر بن حوشب معنونون في تهذيب التهذيب. (2) هو أبو يعلى الساجي البصري، والنسبة إلى الساج: خشب معروف يصنعه ويبيعه، فقيه سكن بغداد ومات 307، ويروى عن عبد الجبار بن العلاء البصري، عن سفيان بن عيينة، عن الوليد بن كثير أبي محمد المدني المخزومي. ويروى عنه أبو بشر أحمد بن ابراهيم بن أحمد مستملى أبي أحمد الجلودي الاتي ذكره في الخبر الثامن وله كتاب محن الانبياء والاوصياء والاولياء، وغير ذلك كما في فهرست ابن النديم. (3) في بعض النسخ ” أبى الصياد ” والصواب ظاهرا ” ابن الضبار ” وكان من أصحاب زيد.

[ 91 ]

عن سعيد بن المسيب قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ارتجت (1) مكة بنعيه، فقال أبو قحافة: ماهذا ؟ قالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: فمن ولي الناس بعده ؟ قالوا: إبنك، قال: فهل رضيت بنو عبد شمس وبنو المغيرة (2) ؟ قالوا: نعم، قال: لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع الله، ما أعجب هذا الامر، تنازعون النبوة، وتسلمون الخلافة، إن هذا لشئ يراد (3). 8 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين قال: حدثني أبو علي أحمد بن محمد الصولي (4) قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا الحسين ابن حميد قال: حدثنا مخول بن إبراهيم قال: حدثنا صالح بن أبي الاسود قال: حدثنا محفوظ بن عبيدالله (5)، عن شيخ من أهل حضرموت (6)،


(1) اي اهتز وتحرك، والنعى: الاخبار بالموت. (2) لعل المراد ببني عبد شمس بنوامية، وببني المغيرة بنو المغيرة بن عبد الله بن عمرو المخزومى الذي فيه بيت بني مخزوم، وعددهم: هشام، والوليد، وأبو حذيفة، وأبو أمية ووو، ومن أولاد هشام أبو جهل. ويحتمل المراد بهما أولاد الحارث بن عبد المطلب بن هاشم عبد شمس بن الحارث والمغيرة بن الحارث. (3) قال العلامة المجلسي (ره): اي ما أعجب منازعة بني عبد شمس وبني المغيرة في النبوة الحقة وتسليمهم الخلافة الباطلة، ” ان هذا لشئ يراد ” أي هذا الامر من ريب الزمان يراد بنا فلا مرد له، أو أن تولى أمر الخلافة شئ يتمنى أو يريده كل أحد، أو أن دينكم يطلب ليؤخذ منكم كما قيل في الاية، والاخير هنا أبعد. (4) هو أحمد بن محمد بن جعفر الصولى بغدادي سكن الاهواز في آخر عمره وقال الخطيب: أظنه مات بها. وأبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن احمد الجلودى كان شيخ أهل البصرة وثقه النجاشي. (5) لم نجده بهذه النسبة وانما في الرجال ” محفوظ بن عبد الله ” وبقية رجال السند مذكورة في تاريخ بغداد. (6) حضر موت بالفتح ثم السكون وفتح الراء والميم اسمان مركبان: ناحية واسعة في شرقي عدن، بقرب البحر، وحولها رمال كثيرة تعرف بالاحقاف. =

[ 92 ]

عن محمد ابن الحنفية عليه الرحمة قال: بينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يطوف بالبيت إذا رجل متعلق بالاستار وهو يقول: ” يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يغلطه السائلون (1)، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين (2)، أذقني برد عفوك، وحلاوة رحمتك “، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هذا دعأوك ؟ قال له الرجل: وقد سمعته ؟ قال: نعم، قال: فادع به في دبر كل صلاة، فوالله ما يدعو به أحد من المؤمنين في أدبار الصلاة إلا غفر الله له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء وقطرها، وحصباء الارض وثراها (3). فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن علم ذلك عندي، والله واسع كريم. فقال له الرجل وهو الخضر عليه السلام: صدقت والله يا أمير المؤمنين، ” وفوق كل ذي علم عليم ” (4). وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. المجلس الحادى عشر مجلس يوم الاثنين لسبع خلون من رجب سنة سبع وأربعمائة. حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده في مسجده بدرب رياح في هذا الشهر. 1 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا الفضل بن


وقيل: هو مخلاف باليمن (المراصد). والمخلاف الكورة من البلاد ومنه مخاليف اليمن. (1) أغلطه: أوقعه في الغلط. (2) أبرمه: أمله وأضجره. والالحاح: الاصرار والتشديد في السؤال. (3) الحصباء: الحصى وهو صغار الحجارة، والواحدة حصبة. والثرى: الندى ورطوبة الارض. (4) يوسف: 76.

[ 93 ]

الحباب الجمحي (1) قال: حدثنا مسلم بن عبد الله البصري قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن النهدي قال: حدثنا شعبة (2)، عن سلمة بن كهيل، عن حبة بن العرني قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: إني أخشى عليكم اثنتين: طول الامل، واتباع الهوى. فأما طول الامل فينسى الآخرة، وأما اتباع الهوى، فيصد عن الحق، وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة، والآخرة قد جاءت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا. فإن اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل (3). 2 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثني أبي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إن فيما ناجى الله به موسى بن عمران عليه السلام أن يا موسى ما خلقت خلقا هو أحب إلي. من عبدي المؤمن، وإني إنما أبتليه لما هو خير له [ وأزوي (4) عنه ما يشتهيه لما هو خير له، وأعطيه لما هو خير له ] (5) وأنا أعلم بما يصلح عبدي، فليصبر على بلائي، وليشكر نعمائي، وليرض


(1) هو الفضل بن الحباب أبو خليفة الجمحي، عنونه أبو نعيم في تاريخ اصبهان وقال: قدم اصبهان وكتب عن أبى مسعود. وأما مسلم بن عبد الله ففي هذه الطبقة مسلم بن عبد الله بن مكرم أبو عبد الله المؤدب خراساني الاصل فان كان هو فهو مترجم في تاريخ الخطيب ج 13 ص 105 والا فلم نعثر عليه فيما عندنا من كتب الرجال. (2) أي شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى الازدي مولاهم. (3) يأتي أيضا بسندين آخرين في المجلس الثالث والعشرين والملجس الحادى والاربعين. (4) زويت الشئ: قبضته وجمعته. (5) ما بين المعقوفين ليس في البحار وواحدة من الخطية أصلا واستدركه نسختان من الخطية، والظاهر وجوده في الاصل كما يظهر من الكافي والتوحيد والتمحيص.

[ 94 ]

بقضائي، أكتبه في الصديقين عندي إذا عمل بما يرضيني، واطاع أمري. 3 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي (1) قال: حدثنا الشيخ الصالح أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن حنبل قال: أخبرت عن عبد الرحمن بن شريك، عن أبيه قال: حدثنا عروة بن عبد الله بن قشير الجعفي (2) قال: دخلت على فاطمة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام وهي عجوز كبيرة، وفي عنقها خرز [ ة ]، وفي يدها مسكتان (3)، فقالت: يكره للنساء أن يتشبهن بالرجال، ثم قالت: حدثتني أسماء بنت عميس قالت: أوحى الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله فتغشاه الوحي فستره علي بن أبي طالب صلوات الله عليه بثوبه حتى غابت الشمس، فلما سري عنه عليه السلام (4) قال: يا علي ما صليت العصر ؟ قال: لا يارسول الله شغلت عنها بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم اردد الشمس على علي بن أبي طالب عليه السلام، وقد كانت غابت، فرجعت حتى بلغت الشمس حجرتي ونصف المسجد. 4 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الكاتب الاسكافي (5) قال: حدثنا محمد بن القاسم المحاربي قال:


(1) عنونه الخطيب في التاريخ، ونقل عن الدارقطني أنه قال: لا بأس به. وشيخه أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حنبل البغدادي عنونه ابن حجر في تهذيب التهذيب وأطراه. (2) هو عروة بن عبد الله بن قشير بالقاف والمعجمة، مصغرا الجعفي أبو مهل بفتح الميم والهاء وتخفيف اللام ثقة (التقريب). وصحف في النسخ ب‍ ” عروة بن عبيدالله بن بشير الجعفي “. وفي الجامع: ” عروة بن عبد الله بن بشير “. (3) الخرز بفتحتين: ما ينظم في السلك من الجذع والودع، والواحدة ” خرزة “. والمسكة بالتحريك: السوار والخلخال. (4) أي زال عنه بالبناء المجهول. (5) محمد بن همام بن سهيل بن بيزان أبو على الكاتب الاسكافي أحد شيوخ =

[ 95 ]

حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي قال: حدثنا محمد بن علي (1)، عن محمد ابن الفضيل الازدي، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي عليهما السلام، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني قال: أخبرني إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا أبو إسماعيل العطار قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن أبي الاسود (2)، عن عروة بن الزبير قال: لما بايع الناس أبا بكر خرجت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله وسلم فوقفت على بابها وقالت: ما رأيت كاليوم قط، حضروا أسوء محضر، تركوا نبيهم صلى الله عليه وآله جنازة بين أظهرنا واستبدوا بالامر دوننا. 6 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن


= الشيعة الامامية، وكان رحمه الله كثير الحديث، جليل القدر، ثقة، له منزلة عظيمة. عنونه الشيخ والعلامة في رجاليهما، وقال الخطيب في تاريخ بغداد: مات أبو علي محمد بن همام بن سهيل في جمادى الاخرة سنة 332، وكان يسكن سوق العطش ودفن في مقابر قريش. وهو يروى عن محمد بن القاسم بن زكريا المحاربي أبي عبد الله الكوفى السوداني. (1) هو محمد بن علي أبو سمينة الصيرفي، ولم نعثر على عنوان راويه في التراجم الا أن في الفقيه باب طلاق الحامل: اسماعيل بن اسحاق، عن محمد بن علي الصيرفي. (2) تقدم أن المراد بابن لهيعة عبد الله بن لهيعة بن عقبة أبو عبد الرحمن المصرى، وأما أبو الأسود فهو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الاسود المدنى. وأما أبو إسماعيل العطار فلم نجده بهذا العنوان ولا يبعد كونه أبا اسحاق اسماعيل بن عيسى العطار المعنون في تاريخ بغداد وفهرست ابن النديم الذي هو صاحب كتاب الفتوح، والجمل، وصفين، والولاية، والفتن، وغيرها.

[ 96 ]

محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: أما إنه ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب إلا شئ أخذوه منا أهل البيت، ولا أحد من الناس يقضي بحق ولا عدل إلا ومفتاح ذلك القضاء وبابه وأوله وسننه (1) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. فإذا اشتبهت عليهم الامور كان الخطأ من قبلهم إذا أخطأوا، والصواب من قبل علي بن أبي طالب عليه السلام إذا أصابوا. 7 قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار (2) بجامع المنصور في المحرم سنة سبع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الانباري قال: حدثنا أحمد بن يحيى (3) قال: حدثنا ابن الاعرابي، عن حبيب بن بشار، عن أبيه (4) قال: حدثني علي بن عاصم، عن الشعبي قال: لما وفد شداد بن أوس (5) على معاوية بن أبي سفيان أكرمه، وأحسن قبوله، ولم يعتبه


السنن مثلثة السين المهملة: الطريقة، ومن الطريق: نهجه وجهته ومعظمه. (2) الظاهر هو الحسين بن علي بن محمد أبو الطيب التمار النحوي المعنون في في تاريخ الخطيب والنسبة إلى الجد. وكأن السند معلق أو في أوله سقط لان المفيد رحمه الله ولد في آخر سنة 336 وحينذاك ابن عشر سنين والتحمل في هذا السن غريب وان لم يغرب في مثل هذا الشيخ رضوان الله عليه. (3) هو أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار أبو العباس النحوي الشيباني مولاهم المعروف بثعلب، امام الكوفيين في النحو واللغة، وشيخه محمد بن زياد ابن الاعرابي مولى بني هاشم صاحب اللغة. (4) كأن المراد بن بشار بن موسى أبو عثمان الخفاف فانه يروى عمن في طبقة على بن عاصم الواسطي عن الشعبى. ولعل حبيب بن بشار المعنون في منهج المقال هو ابنه. والعلم عند الله تعالى. (5) شداد بن أوس بن ثابت الانصاري، أبو يعلى، صحابي، مات بشام قبل =

[ 97 ]

على شئ كان منه، ووعده ومناه. ثم إنه أحضره في يوم حفل (1) فقال له: يا شداد قم في الناس واذكر عليا وعبه لاعرف بذلك نيتك في مودتي. فقال له شداد: أعفني من ذلك، فإن عليا قد لحق بربه، وجوزي بعمله، وكفيت ما كان يهمك منه، وانقادت لك الامور على إيثارك، فلا تلتمس من الناس ما لا يليق بحلمك. فقال له معاوية: لتقومن بما أمرتك به وإلا فالريب فيك واقع. فقام شداد فقال: الحمد لله الذي فرض طاعته على عباده، وجعل رضاه عند أهل التقوى آثر من رضا خلقه. على ذلك مضى أولهم، و عليه يمضي آخرهم. أيها الناس ! إن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر، وإن الدنيا أجل حاضر يأكل منها البر والفاجر، وإن السامع المطيع لله لا حجة عليه، وإن السامع العاصي لا حجة له، وإن الله إذا أراد بالعباد خيرا عمل عليهم صلحاءهم، وقضى (3) بينهم فقهاءهم، وجعل المال في أسخيائهم. وإذا أراد بهم شرا عمل عليهم سفهاءهم، وقضى بينهم جهلاءهم، وجعل المال عند بخلائهم، وإن من صلاح الولاة أن يصلح قرناؤها. ونصحك يا معاوية من أسخطك بالحق، وغشك من أرضاك بالباطل، وقد نصحتك بما قدمت، وما كنت أغشك بخلافه. فقال له معاوية: اجلس يا شداد، فجلس، فقال له: إني قد أمرت لك بمال يغنيك، الست من السمحاء الذين جعل الله المال عندهم لصلاح خلقه ؟ ! فقال له شداد: إن كان ما عندك من المال هو لك دون ما للمسلمين فعمدت لجمعه مخافة تفرقه فأصبته حلالا وأنفقته حلالا، فنعم، وإن كان مما شاركك


= الستين أو بعدها، وهو ابن أخي حسان بن ثابت (التقريب). وقال في التهذيب: قال ابن حبان: قبره ببيت المقدس ومات سنة 58. (1) الحفل: الجمع، يقال عنده حفل من الناس. (2) عمله من باب التفعيل: جعله عاملا أو حاكما. وقضى فلانا: جعله قاضيا.

[ 98 ]

فيه المسلمون فاحتجبته دونهم فاصبته اقترافا (1) وأنفقته إسرافا، فإن الله جل اسمه يقول: ” إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ” (2) فقال معاوية: أظنك قد خولطت (3) يا شداد ! أعطوه ما أطلقناه له (4) ليخرج إلى أهله قبل أن يغلبه مرضه. فنهض شداد وهو يقول: المغلوب على عقله بهواه سواي، وارتحل ولم يأخذه من معاوية شيئا. 8 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي عليهما السلام قال: في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام: ثلاث خصال لا يموت صاحبهن حتى يرى وبالهن: البغي، وقطيعة الرحم، واليمين الكاذبة. وإن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم، إن القوم ليكونون فجارا فيتواصلون فتنمى أموالهم، ويثرون (5)، وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم تدع الديار بلاقع من أهلها (6). وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما.


(1) الاقتراف: الاكتساب. (2) الاسراء: 27. (3) خولط في عقله: اضطرب عقله واختل. وهذا الكلام فرية بلا مرية من ذي عناد وغباوة، والحق أنه ما خولط في عقله بل خالطه أمر عظيم وهو الخوف الشديد من الله تعالى حتى منعه أن يقول غير الحق. (4) طلق الشئ فلانا: أعطاه اياه. (5) أثرى اثراء: كثر ماله فهو ثرى ومثر وأثرى. (6) ” تدع ” كذا في النسخ، والقياس ” تدعان ” وفي الكافي ” ليذران “. والبلقع والبلقعة: الارض القفر، والجمع: بلاقع كمساجد. راجع لشرح الخبر ” البحار ” ج 74 ص 99 و 134.

[ 99 ]

المجلس الثاني عشر مجلس يوم السبت الثاني عشر من رجب سنة سبع وأربعمائة سماعي. حدثنا الشيخ الجليل أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا أبو الحسن علي ابن مهرويه القزويني سنة اثنتين وثلاثمائة قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي (1) قال: حدثنا علي بن موسى عليهما السلام، عن أبيه العبد الصالح موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر محمد بن علي، عن أبيه زين العابدين علي ابن الحسين، عن أبيه الشهيد الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الاعمال عند الله إيمان لا شك فيه، وغزو لاغلول (2) فيه، وحج مبرور. وأول من يدخل الجنة عبد مملوك أحسن عبادة ربه (3)، ونصح لسيده، ورجل عفيف متعفف ذوعبادة. 2 قال، أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن


(1) داود بن سليمان الغازي الظاهر كونه داود بن سليمان بن جعفر أبا أحمد القزويني المعنون في تدوين الرافعي، وراويه أيضا أبا الحسن على بن محمد بن مهرويه القزويني، وقال الخطيب: قدم بغداد وحدث بها عن يحيى بن عبدك القزويني و داود بن سليمان الغازي نسخة عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام. (2) قال الجزري: قد تكرر ذكر ” الغلول ” في الحديث، وهو الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة، وسميت غلولا لان الايدي فيها مغلولة، أي ممنوعة مجعول فيها غل. (3) في صحيفة الرضا (ع) ” وأول من يدخل الجنة شهيد وعبد مملوك الخ ” وتمام الخبر كما في البحار: ” وأول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل، وذو ثروة من المال لم يعط المال حقه، وفقير فخور “.

[ 100 ]

حديد بن حكيم الازدي (1) قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: اتقوا الله وصونوا دينكم بالورع، وقووه بالتقية والاستغناء بالله عزوجل عن طلب الحوائج إلى صاحب سلطان الدنيا، واعلموا أنه من (2) خضع لصاحب سلطان الدنيا أو من يخالفه في دينه طلبا لما في يديه من دنياه أخمله الله ومقته عليه (3) ووكله إليه، فإن هو غلب على شئ من دنياه فصار إليه منه شئ نزع الله البركة منه، ولم يؤجره على شئ ينفقه منه في حج ولا عتق ولا بر.


(1) هو أبو على المدائني ثقة وجه متكلم روى عن أبى عبد الله وأبى الحسن عليهما السلام (2) في ثواب الاعمال: ” أيما مؤمن خضع “. (3) خمل ذكره أو صوته: خفى وضعف، وأخمله جعله خاملا. ومقته: أبغضه أشد البغض. وضمير ” عليه ” راجع إلى عمله أي يبغضه الله على هذا العمل القبيح و الفعل الشنيع، والخبر يدل على وجوب الاجتناب عن اتيان أبواب السلاطين والدخول عليهم والحشر معهم خوفا من أن يكون ذلك عونا لهم على آثامهم وإذا كان كذلك فلا شبهة في حرمته لقوله تعالى ” ولا تعاونوا على الاثم والعدوان “. و ” روى في المناقب عن علي ابن أبى حمزة قال: كان لي صديق من كتاب بني أمية فقال لي: استأذن لي على أبي عبد الله (ع)، فاستأذنت له، فلما دخل سلم وجلس ثم قال: جعلت فداك اني كنت في ديوان هؤلاء القوم، فأصبت من دنياهم مالا كثيرا وأغمضت في مطالبه، فقال أبو عبد الله [ ع ]: لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبى لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا الا ما وقع في أيديهم الخبر ” ويستفاد منه أيضا أن اتيانهم لابلاغ حاجة من لا يستطيع ابلاغ حاجته إليهم لا لاصابة شئ منهم لنفسه جايز بل هو اولى. ” روى الديلمى عن الرضا عليه السلام قال: ان لله بأبواب السلاطين من نور الله سبحانه وتعالى وجهه بالبرهان ومكن له في البلاد، ليدفع عن أوليائه، ويصلح به أمور المسلمين، إليه يلجأ المؤمنون من الضرر، ويفزع ذو الحاجة من شيعتنا الخ “.

[ 101 ]

3 قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي (1) رحمه الله يوم الجمعة لليلتين (2) بقيتا من شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد ابن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي قال: حدثنا سليمان بن الربيع النهدي (3) قال: حدثنا نصر بن مزاحم المنقري قال: حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي، عن علي ابن الحزور (4)، عن الاصبغ بن نباتة رحمه الله قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالبصرة فقال: يا أمير المؤمنين هؤلاء القوم الذين نقاتلهم، الدعوة واحدة، والرسول واحد، والصلاة واحدة، والحج واحد، فبم نسميهم ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سمهم بما سماهم الله عزوجل [ به ] في كتابه (5)، أما سمعته تعالى يقول: ” تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات


(1) أبو الحسن المهلبي علي بن بلال بن أبى معاوية الازدي من فقهاء الشيعة، ذكره الشيخ في رجاله وقال: له كتاب الغدير أخبرنا أحمد بن عبدون عنه، وذكره النحاشي وقال: شيخ أصحابنا بالبصرة ثقة سمع الحديث فأكثر وصنف كتاب المتعة، كتاب المسح على الخفين، كتاب المسح على الرجلين، كتاب البيان عن خيرة الرحمن في ايمان أبى طالب وآباء النبي صلى الله عليه وآله (الكنى). وعنونه ابن النديم وذكر من كتبه كتاب الرشد والبيان. (2) في الخطية ” مضتا “. (3) محمد بن الحسين بن حميد مصغرا اللخمى بالمعجمة معنون في تاريخ الخطيب كان شيخا وراقا على باب جامع الكوفة. وأما سليمان بن الربيع فلعله أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الكوفى المتوفى 274 على ما في تاريخ بغداد. (4) هو علي بن الحزور بفتح المهملة والزاى والواو المشددة بعدها راء الكوفي الكناسي المعنون في التقريب. (5) في أمالي الطوسي بعد في كتابه: ” فقال: ما كل ما في كتاب الله أعلمه، قال. “.

[ 102 ]

ولكن اختلفوا، فمنهم من آمن ومنهم من كفر ” (1). فلما وقع الاختلاف كنا أولى بالله، وبدينه، وبالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبالكتاب، وبالحق. فنحن الذين آمنوا، وهم الذين كفروا، وشاء الله منا قتالهم فقاتلناهم بمشيئته وأمره و إرادته (2). 4 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقري البصير قال: حدثنا عبد الله بن يحيى القطان قال: حدثنا أحمد بن الحسين بن سعيد القرشي (3) قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسين بن مخارق، عن عبد الصمد بن علي (4) عن أبيه، عن عبد الله بن العباس رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تولى غسله [ أمير المؤمنين ] علي بن أبي طالب عليه السلام، والعباس معه والفضل بن العباس، فلما


(1) البقرة: 253، وتمامها: ” ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد “. (2) لا يذهب عليك أنه لما وقع الخلاف والقتال بين طائفتين للذين آمن كلاهما ظاهرا بالله ورسوله ودين الحق أن يدعى واحد منهما أن الحق معه تمسكا بأدلة قوية عنده و واهية عند خصمه، فان الحق لا يكون مع أحد بالاماني والظنون، وانما كان للحق ميزان، والميزان هو الكتاب والسنة المأثورة عن الائمة عليهم السلام، فمن كان عمله موافقا لكتاب الله وسنة رسوله كان الحق معه ويكون من يقابله أو يقاتله على الباطل. غير أن الامر في أمير المؤمنين (ع) شئ آخر لان الحق معه قطعا على ما صح النص عليه من رسول الله صلى الله عليه وآله وجعله معيارا لتمييز الحق عن الباطل والايمان عن الكفر، وعد سلمه سلمه وحربه حربه، وعلى أنه معصوم. فكل من قاتله فهو على حد الكفر، وبين الامرين بعد بعيد فتأمل. (3) في بعض النسخ ” أحمد بن الحسن بن سعيد القرشي ” وهو بكلا العنوانين معنون في جامع الرواة وهو ابن الحسين أو الحسن بن سعيد الاهوازي، وأما راويه عبد الله بن يحيى القطان فلم نجده بهذا العنوان ويحتمل كونه تصحيف عبد الله بن عمر القطان المعنون في تاريخ بغداد، والعلم عند الله. (4) هو عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب عداده في الكوفيين، كما في الجامع.

[ 103 ]

فرغ علي عليه السلام من غسله كشف الازار عن وجهه ثم قال: بأبي أنت وأمي طبتت حيا وطبت ميتا، انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد ممن سواك من النبوة والانباء (1)، خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك، وعممت حتى صار الناس فيك سواء (2) ولولا أنك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لانفدنا عليك ماء الشؤون (3) [ ولكن ما لا يرفع كمد وغصص محالفان، وهما داء الاجل وقلا لك ] (4)، بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك، واجعلنا من


(1) إذ في موت غيره من الانبياء صلوات الله عليهم كان يرجى نزول الوحى على غيره فأما هو صلى الله عليه وآله فلما كان خاتم الانبياء لم يرج ذلك (البحار). (2) في الخطية: ” حتى صارت المصيبة فيك. ” قوله: ” خصصت ” أي في المصيبة، أي اختصت وامتازت مصيبتك في الشدة بين المصائب حتى صار تذكرها مسليا عما سواها، وعمت مصيبتك الانام بحيث لا يختص بها أحد دون غيره (البحار)، وقال شارح النهج: ” النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم خص أقاربه وأهل بيته حتى كان فيه الغنى والسلوة لهم عن جميع من سواه، وهو برسالته عام للخلق فالناس في النسبة إلى دينه سواء “. (3) أي لافنينا على فراقك ماء عيوننا الجارى من شؤونه وهي منابع الدمع من الرأس. (4) الكمد: الحزن الشديد، والمحالف: المعاهد والملازم. وفي بعض النسخ: ” مخالقان ” والمخالق: المعاشر بالحسن. و ” قلا ” فعل ماض متصل بالالف التثنية اي الكمد والغصص قليلان في جنب مصيبتك. وما أوردناه في المعقوفين هو في النسخ والبحار، و الظاهر أن فيه تصحيف كما نبه عليه العلامة المجلسي (ره) وأورده في النهج قسم الخطب تحت رقم 235 وفيه بعد كلمة الشؤون: ” ولكان الداء مماطلا والكمد محالفا وقلا لك ولكنه ما لا يملك رده ولا يستطاع دفعه “. ومماطلا أي يماطل في الذهاب ولا يذهب. والضمير في ” لكنه ” للموت أو الحزن. (*)

[ 104 ]

همك (1). ثم أكب عليه فقبل وجهه ومد الازار عليه. 5 قال: حدثني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي ابن عبد الله بن أسد الاصفهاني (2) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا إسماعيل بن يسار (3) قال: حدثنا عبد الله بن ملح، عن عبد الوهاب بن إبراهيم الازدي، عن أبي صادق، عن مزاحم بن عبد الوارث، عن محمد بن زكريا، عن شعيب بن واقد المزني، عن محمد بن سهل مولى سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، عن أبيه، عن قيس مولى علي بن أبي طالب عليه السلام قال: إن عليا أمير المؤمنين عليه السلام


(1) في النهج: ” من بالك ” والبال: القلب، أي اجعلنا ممن حضر بالك، وتهتم بشأنه وتدعو وتشفع له (البحار). (2) تقدم أنه على بن عبد الله بن كوشيد الاصفهانى. وله رواية عن الثقفى في التهذيب باب الدعاء بين الركعات. (3) كذا، ولم نجده في الرجال، ويمكن أن يكون تصحيف ” اسماعيل بن أبان الوراق ” الذي يروى عنه الثقفي كثيرا، وأما شيخه ” عبد الله بن ملح ” فلم نعثر عليه، و كونه ” عبد الله بن مفلح ” المترجم في تاريخ الخطيب ج 10 ص 181 وتاريخ أبى نعيم الاصبهاني ج 2 ص 96 غير معلوم، وأما عبد الوهاب الازدي فلم نجد له عنوانا فيما عندنا من كتب الرجال والتراجم، واما ” أبو صادق ” فان كان هو عبد خير بن ناجذ المتقدم ذكره فهو من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ورواية الثقفى المتوفى سنة 283 عنه بثلاث وسائط بعيدة جدا، كما أن روايته عن محمد بن زكريا الغلابى الجوهرى مع الواسطة أبعد منها، وان كان غيره فلم نعرفه. وبالجملة في السند اعضال بلا ريب، و لم نعثر على عنوان مزاحم بن عبد الوارث في الرجال. والمظنون أن فيه سقطا، ولعل الصواب أن الثقفى أو علي بن عبد الله الاصفهاني رواه تارة باسناده عن أبي صادق، و أخرى عن مزاحم بن عبد الوارث عن محمد بن زكريا، عن شعيب بن واقد معنعنا عن قيس بن سعد بن عبادة. هذا ما عندنا، والعلم عند الله. وشعيب بن واقد مذكور في مشيخة الصدوق (ره).

[ 105 ]

كان قريبا من الجبل بصفين (1) فحضرت صلاة المغرب، فأمعن (2) بعيدا، ثم أذن، فلما فرغ من أذانه إذا رجل مقبل نحو الجبل، أبيض الرأس واللحية والوجه، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، مرحبا بوصي خاتم النبيين، قائد الغر المحجلين (3)، والاغر المأمون (4)، والفاضل الفائز بثواب الصديقين، وسيد الوصيين. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: وعليك السلام كيف حالك ؟ فقال: بخير، أنا منتظر روح القدس، ولا أعلم أحدا أعظم في الله عزوجل اسمه بلاء، ولا أحسن ثوابا منك، ولا أرفع عند الله مكانا، اصبر يا أخي على ما أنت فيه حتى تلقى الحبيب، فقد رأيت أصحابنا ما لقوا بالامس من بني إسرائيل، نشروهم بالمناشير، وحملوهم على الخشب، ولو يعلم هذه الوجوه التربة الشايهة (5) وأومأ بيده إلى أهل الشام ما أعد لهم في قتالك من عذاب وسوء نكال لاقصروا، ولو تعلم هذه الوجوه المبيضة وأومأ بيده


(1) ما بين أعالي العراق والشام تقع الصفين، تلك البلدة التي خلدها التاريخ، وخلدت هي تاريخا ظاهرا في حياة الامة العربية والخلافة الاسلامية، وألوان المذاهب الدينية والسياسية التي ولدتها حرب صفين، ونشرت أطيافها في ربوع الدولة الاسلامية، تلك الحرب التي استنفدت من تاريخ الدم المهراق مائة يوم وعشرة أيام، بلغت فيها الوقائع تسعين وقعة فيما يذكر المؤرخون (معجم البلدان). (2) أي فأبعد. (3) قال في النهاية: ” ومنه الحديث ” غر محجلون من آثار الوضوء ” الغرة جمع الاغر، من الغرة: بياض الوجه، يريد بياض وجوهم بنور الوضوء يوم القيامة “. (4) قال في النهاية: ” فيه المؤمن غر كريم ” أي ليس بذي نكر فهو ينخدع لانقياده ولينه، ويريد أنه المحمود من طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلا ولكنه كرم وحسن خلق “. أقول: في بعض النسخ والبحار، ” الاعز المأمون “. (5) التربة: الفقيرة، كأنها لصقت بالتراب. الشائهة: القبيحة المتنكرة.

[ 106 ]

إلى أهل العراق ماذا لهم من الثواب في طاعتك لودت أنها قرضت بالمقاريض، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. ثم غاب من موضعه. فقام عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان، وأبو أيوب الانصاري وعبادة بن الصامت، وخزيمة بن ثابت، وهاشم المرقال (1) في جماعة من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام وقد كانوا سمعوا كلام الرجل فقالوا: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل ؟ فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: هذا شمعون وصي عيسى عليه السلام، بعثه الله يصبرني على قتال أعدائه، فقالوا له: فداك آباؤنا وامهاتنا والله لننصرنك نصرنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا يتخلف عنك من المهاجرين والانصار إلا شقي، فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام معروفا. 6 قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا أبو أحمد العباس بن الفضل بن جعفر الازدي المكي بمصر قال: حدثنا علي بن سعيد ابن بشير الرازي قال: حدثنا علي بن عبد الواحد، عن محمد بن أبان (2) قال: حدثنا محمد بن تمام بن سابق قال: حدثنا عامر بنسيار، عن أبي الصباح، عن أبي تمام، عن كعب الخير قال: جاء عبد الله بن سلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن يسلم فقال: يا رسول الله [ ص ] ما اسم علي فيكم ؟ فقال له النبي [ صلى الله عليه وآله وسلم ]: علي عندنا الصديق الاكبر، فقال عبد الله: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن


(1) هو هاشم بن عتبة بن سعد بن مالك، وسمى مرقالا لان عليا عليه السلام أعطاه الرابعة بصفين فكان يرقل بها أي يسرع بها مع كونه اعور فقال: ” ارقل ليمون ” وكان شجاعا بطلا، ارتجز ذاك اليوم ويقول: أعور يبغى أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا لا بد أن يغل أو يغلا (2) هو محمد بن أبان العلاف ولم نعثر على شيخه الا في جامع الرواة وقال: كوفى، وأما عامر بن سيار الحلبي فهو المذكور في مشايخ محمد بن أبان العلاف. راجع تاريخ الخطيب ج 2 ص 81.

[ 107 ]

محمدا رسول الله، [ و ] إنا لنجد في التوراة: ” محمد نبي الرحمة، وعلي مقيم الحجة “. 7 قال: حدثنا أبو الحسن علي بن مالك النحوي قال: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا يموت بن المزرع (1) قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل قال: حدثنا الاصمعي قال: حدثنا عيسى بن عمر قال: كان ذوالرمة الشاعر (2) يذهب إلى النفي في الافعال، وكان رؤبة بن العجاج (3) يذهب إلى الاثبات فيها، فاجتمعا في يوم من أيامهما عند بلال بن أبي بردة وهو والي البصرة، وبلال يعرف ما بينهما من الخلاف، فحضهما على المناظرة فقال رؤبة: والله ما يفحص طايرا أفحوصا، ولا يقرمص سبع قرموصا (4) إلا كان ذلك بقضاء الله وقدره.


(1) يموت بن المزرع أبو بكر العبدي معنون في تاريخ بغداد توفى 303 بطبرية. نقل انه قال: بليت باسمي الذي سماني أبي به فأني قد عدت مريضا فاستأذنت عليه، فقيل من ذا ؟ قلت: أنا ابن المزرع واسقطت اسمي. وذلك خوفا من أن يتأشم المريض باسمى ” يموت “. وراويه هو محمد بن أحمد الكاتب الحكيمي الذي تقدم ذكره. (2) اسمه غيلان بن عقبة، وكنيته أبو الحارث، أورد ذكره وأخباره ومن أشعاره أبو الفرج في الاغاني ج 16 ص 110، توفى في خلافة هشام بن عبد الملك، وله أربعون سنة (هامش البحار). وقال الشريف المرتضى (ره): وممن كان من مشهوري الشعراء ومتقدميهم على مذاهب أهل العدل ذوالرمة. (3) اسم العجاج عبد الله بن رؤبة، ينتهي نسبه إلى زيد بن المناة الراجز المشهور من مخضرمي الدولتين ومن أعراب البصرة، سمع من أبى هريرة والنسابة البكري، وعداده في التابعين، روى عنه معمر بن المثنى والنضر بن شميل، مات في زمن المنصور سنة 145، قاله ياقوت في ارشاد الاريب ج 4 ص 214 (هامش البحار). (4) في أمالي السيد (ره): ” ما فحص ” و ” لا تقرمص ” كلاهما على صيغة الماضي. قال الجزري: افحوص القطاة: موضعها الذي تجثم فيه [ أي تلبد وتقيم فيه ] =

[ 108 ]

فقال له ذوالرمة: والله ما أذن الله للذئب أن يأخذ حلوبة عالة عيائل ضرائك (1). فقال له رؤبة: أفبمشيئته أخذها أم بمشيئة الله ؟ فقال: ذوالرمة: بل بمشيئته وإرادته. فقال رؤبة: هذا والله الكذب على الذئب (2) ! فقال ذوالرمة: والله الكذب على الذئب أهون من الكذب على رب الذئب (3). فقال (4): وأنشدني أبو الحسن علي بن مالك النحوي في أثر هذا الحديث لمحمود الوراق: أعاذل (5) لم آت الذنوب على جهل * ولا أنها من فعل غيري ولا فعلي ولا جرأة مني على الله جئتها * ولا أن جهلي لا يحيط به عقلي ولكن يحسن الظن مني بعفو من * تفرد بالصنع الجميل وبالفضل فإن صدق الظن الذي قد ظننته * ففي فضله ما صدق الظن من مثلي


(= وتبيض كأنها تفحص عنه التراب أي تكشفه، والفحص: البحث والكشف. وقال: في مناظرة ذي الرمة ورؤبة: ما تقرمص.، القرموص: حفرة يحفرها الرجل يكتن فيها من البرد، يأوى إليها الصيد، وهي واسعة الجوف ضيقة الرأس، وقرمص وتقرمص: إذا دخلها، وتقرمص السبع: إذا دخلها للاصطياد (البحار). (1) الحلوبة: التي بها لبن يحلب، وأكثر ذلك في النوق، وقد تستعمل في غيرها. والعالة: جمع عائل، وهو الفقير. والعيائل: جمع عيل بتشديد الياء وهو ذو العيال. والضرائك: جمع ضريك وهو الفقير سيئ الحال. (2) وفي رواية السيد: ” هذا كذب على الذئب ثان ” فالمعنى انه كذب ثان على الذئب بعد ما كذب عليه في قصة يوسف (البحار). أقول: وذكر له معنى آخر فراجع هامش الغرر ج 1 ص 20. (3) إلى هنا رواه السيد المرتضى (ره) في الغرر بسند آخر عن أبى عبيدة مع اختلاف في بعض الالفاظ. (4) يعني الشيخ المفيد (ره). (5) عذله: لامه فهو عاذل.

[ 109 ]

وإن نالني منه العقاب فإنما * أتيت من الانصاف في الحكم والعدل 8 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي قال: حدثنا محمد بن الفضل بإسناده الاول إلى الاصمعي، عن عيسى بن عمر (1) قال: سأل رجل أبا عمرو بن العلاء (2) حاجة فوعده، ثم إن الحاجة تعذرت على أبي عمرو، فلقيه الرجل بعد ذلك، فقال له: يا أبا عمرو وعدتني وعدا فلم تنجزه ! قال أبو عمرو: فمن أولى بالغم أنا أو أنت ؟ فقال الرجل: أنا، فقال أبو عمرو: لا والله بل أنا، فقال له الرجل: وكيف ذاك ؟ فقال: لانني وعدتك وعدا فابت (3) بفرح الوعد، وأبت بهم الانجاز، وبت فرحا مسرورا، وبت ليلتي مفكرا مغموما، ثم عاق القدر عن بلوغ الارادة، فلقيتني مذلا، ولقيتك محتشما (4). 9 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي يوم الاثنين لخمس بقين


(1) هو عيسى بن عمر النحوي أبو عمر البصري الثقفى المتوفى سنة 147، ومات قبل أبي عمرو بن العلاء. (2) هو أبو عمرو بن العلاء المازنى البصري، قيل: ان كنيته اسمه وقيل: اسمه زبان بن العلاء، أحد القراء السبعة، كان أعلم الناس بالقرآن الكريم والعربية والشعر وهو في النحو في الطبقة الرابعة بل الثالثة. وكان أبو عمرو ومن أشراف العرب ووجوهها، مدحه الفرزدق وغيره، وكان أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب، وكان دفاتره إلى السقف ثم تنسك فأحرقها. وعنه أخذ أبو زيد الانصاري وابو عبيدة والاصمعى واكثر نحاة ذلك العصر. وينقل من تقواه: انه كان لما يدخل شهر رمضان لا يقرأ شعرا ولا ينشد بيتا حتى يذهب الشهر، مات سنة 154، ودفن بالكوفة (راجع الكنى والالقاب للمحدث القمي ره). (3) آب أوبا ومآبا: رجع، والاول مخاطب والثاني متكلم. (4) احتشم: انقبض واستحيا. أي لقيتك خجلانا لعدم انجازي ما وعدتك.

[ 110 ]

من شعبان سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو جعفر (1) محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: حدثني الرضا علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي بكم يفتح هذا الامر، وبكم يختم (2)، عليكم بالصبر، فإن العاقبة للمتقين، أنتم حزب الله، وأعداؤكم حزب الشيطان، طوبى لمن أطاعكم، وويل لمن عصاكم، أنتم حجة الله على خلقه، والعروة الوثقى، من تمسك بها اهتدى، ومن تركها ضل. أسأل الله لكم الجنة، لا يسبقكم أحد إلى طاعة الله، فأنتم أولى بها. 10 قال: أخبرني أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام يقول: ابن آدم إنك لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة لها من همك،، وما كان الخوف لك شعارا، والحزن لك دثارا (3). إنك ميت ومبعوث موقوف بين يدي الله عزوجل [ فأعد جوابا ]. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما.


(1) مهمل، الا أن النجاشي عنون أباه ” عبد الله بن علي ” وقال روى عن الرضا عليه السلام وعنه ابنه محمد. (2) ولعل هذا معنى قوله (ع) للحارث الهمداني: ” نحن الاولون ونحن الاخرون ” وهكذا في أقوال ساير الائمة عليهم السلام. (3) الشعار بفتح وكسر الشين: ما يمس الجسد من اللباس، والدثار: الثوب الذي فوق الشعار.

[ 111 ]

المجلس الثالث عشر مجلس يوم السبت التاسع عشر من رجب سنة سبع وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده في هذا اليوم. 1 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغاري قال: حدثنا الرضا علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة أخافهن على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة الفرج والبطن (1). 2 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمد بن يحيى ابن سليمان بن زياد المروزي (2) قال: حدثنا عبيدالله بن محمد العيشي قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب (4)، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة قال:


(1) في نسخة والبحار: ” وشهوة البطن والفرج “. يدل أيضا على عدم عدالة كل واحد من الصحابة لانه تنبيه على وقوع الفتن بعده صلى الله عليه وآله ولا يخفى أن في الفتن التباس الحق بالباطل ومزج بعضه ببعض وانما الغبار على من أثارها ولا يكون كلا الطرفين محقا. (2) هو أبو بكر الوراق، نزيل بغداد، وصاحب أبى عبيد، قال ابن حجر: صدوق مات سنة 298 على الصحيح وأما شيخه عبيدالله بن محمد بن عائشة، فاسم جده حفص بن عمر بن موسى بن عبيدالله بن معمر التيمى، وقيل: له: ابن عائشة، والعاشى، والعيشي، نسبة إلى عائشة بنت طلحة، لانه من ذريتها، ثقة جواد، رمى بالقدر ولم يثبت، مات سنة 228 كما في التقريب، وصحف في النسخ وفي البحار ب‍ ” العبسى “. (4) هو أيوب بن كيسان السختياني أبو بكر البصري. وأبو قلابة هو عبد الله بن زيد الجرمى.

[ 112 ]

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: شهر رمضان شهر مبارك افترض الله (1) صيامه، يفتح فيه أبواب الجنان، ويصفد فيه الشياطين، فيه ليلة [ هي ] خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم يردد ذلك ثلاث مرات. 3 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثني بكر بن صالح الرازي، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول لابي: مالي رأيتك عند عبد الرحمن بن يعقوب ؟ قال: إنه خالي، فقال له أبو الحسن عليه السلام: إنه يقول في الله قولا عظيما، يصف الله تعالى ويحده، والله لا يوصف. فإما جلست معه وتركتنا وإما جلست معنا وتركته. فقال: إن (2) هو يقول ما شاء أي شئ علي منه إذا لم أقل ما يقول ؟ فقال له أبو الحسن عليه السلام: أما تخافن أن تنزل به نقمة فتصيبكم جميعا ؟ أما علمت بالذي كان من أصحاب موسى وكان أبوه من أصحاب فرعون، فلما لحقت خيل فرعون موسى عليه السلام تخلف عنه ليعظه، وأدركه موسى وأبوه يراغمه (3) حتى بلغا طرف البحر فغرقا جميعا، فأتى موسى الخبر، فسأل جبرئيل عن حاله، فقال له: غرق رحمه الله ولم يكن على رأي أبيه، لكن النقمة إذا نزلت لم يكن لها عمن قارب المذنب (4) دفاع !. 4 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال:


(1) في بعض النسخ: ” فرض الله “. (2) في بعض النسخ: ” فقال أبى: هو يقول “، وهذا أشبه بما في الكافي. (3) المراغمة: الهجران، والتباعد، والمغاضبة، أي يبالغ في ذكر ما يبطل مذهبه ويذكر ما يغضبه (البحار). (4) في بعض النسخ: ” الذنب “، والظاهر أنه تصحيف.

[ 113 ]

بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قوم من قريش أنهم قالوا: أيرى محمد أنه قد أحكم الامر في أهل بيته، ولئن مات لنعزلنها عنهم، ولنجعلها في سواهم. فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قام في مجمعهم، ثم قال: يا معشر قريش كيف بكم وقد كفرتم بعدي ثم رأيتموني في كتيبة من أصحابي أضرب وجوهكم ورقابكم بالسيف ؟ فنزل جبرئيل عليه السلام في الحال فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: قل: إن شاء الله، [ أ ] وعلي بن أبي طالب. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن شاء الله، [ أ ] وعلي بن أبي طالب يتولى ذلك منكم (1). 5 قال: أخبرني محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى المكي (2) قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا محمد بن سعد الانصاري، عن عمر بن عبد الله ابن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده يعلى بن مرة (3) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي أنت ولي الناس بعدي، فمن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني. 6 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم المحاربي قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي قال: حدثنا محمد بن الحارث (4) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد، عن مسلم الاعور، عن


(1) فيه بيان لقوله صلى الله عليه وآله له: ” وأنت تقضى دينى وتنجز عداتي ” كما مر الايعاز إليه فيما تقدم. (2) يكنى أبا بكر وتوفى سنة 322. له ترجمة في تاريخ بغداد ج 5 ص 64، وقد تقدم. (3) يعلى بن مرة صحابي يروى عنه ابنه عبد الله وجماعة (التقريب). (4) لم نجده الا ان في الكافي عده فيمن حضر وصية أبى ابراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام للنص على ابنه، وعده الشيخ (ره) في أصحاب الكاظم (ع). وأما ” ابراهيم بن محمد ” فالظاهر كونه ابن محمد بن سعد بن أبي وقاص فانه من اتباع =

[ 114 ]

حبة العرني، عن أبي الهيثم بن التيهان الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل خلق الارواح قبل الاجساد بألفي عام وعلقها بالعرش، وأمرها بالتسليم علي والطاعة لي، وكان أول من سلم علي وأطاعني من الرجال روح علي بن أبي طالب [ عليه السلام ]. 7 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا يوسف بن سعيد الارحبي قال: حدثنا عبيدالله بن موسى العبسي (1)، عن كامل، عن حبيب ابن أبي ثابت (2) قال: لما حضر القوم الدار للشورى جاء المقداد بن الاسود الكندي رحمه الله فقال: أدخلوني معكم، فإن لله عندي نصحا ولي بكم خيرا، فأبوا، فقال: أدخلوا رأسي واسمعوا مني، فأبوا عليه ذلك، فقال: أما إذا أبيتم فلا تبايعوا رجلا لم يشهد بدرا، ولم يبايع بيعة الرضوان، وانهزم يوم أحد يوم التقى الجمعان (3).


= التابعين. وأما شيخه مسلم الاعور فهو ابن كيسان الضبى الملائى البراد الاعور، أبو عبد الله الكوفى، وضعفه القوم لتقديمه عليا عليه السلام على عثمان. (1) هو عبيدالله بن موسى بن أبي المختار، باذام العبسى الكوفى، أبو محمد، ثقة، كان يتشيع مات سنة 213 على الصحيح (التقريب) يروى عن كامل بن العلاء التميمي السعدى، قال ابن معين: ثقة. ولم نعثر على عنوان يوسف بن سعيد، انما ذكر فيمن روى عن عبيدالله بن موسى (يوسف بن موسى بن راشد أبو يعقوب القطان “. (2) حبيب بن أبي ثابت: قيس ويقال: هند بن دينار الاسدي، مولاهم أبويحيى الكوفى. قال ابن حجر: ثقة فقيه جليل القدر، وكان كثير الارسال والتدليس مات سنة 119 ولم ينص عليه أحد. ففى السند سقط أو ارسال. وعد الشيخ اياه من أصحاب أمير المؤمنين فيه شئ لاستلزام ذلك كونه من المعمرين وكان يوم الشورى سنة أربع وعشرين. (3) يوم التقى الجمعان عطف بيان ليوم أحد، أي جمع المسلمين وسيدهم رسول صلى الله عليه وآله وجمع المشركين وسيدهم أبو سفيان. ومراده بالرجل عثمان بن عفان =

[ 115 ]

فقال عثمان: أم والله لئن وليتها لاردنك إلى ربك الاول. فلما نزل بالمقداد الموت قال: أخبروا عثمان أني قد رددت إلى ربي الاول والآخر. فلما بلغ عثمان موته جاء حتى قام (1) على قبره فقال: رحمك الله كنت وإن كنت، يثني عليه خيرا، فقال له الزبير: لاعرفنك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي (2) فقال: يا زبير تقول هذا، أتراني أحب أن يموت مثل هذا من أصحاب محمد عليه السلام وهو علي ساخط ؟ ! 8 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن هشام، عن مرازم (3)، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما بال أقوام من أمتي إذا ذكر عندهم إبراهيم وآل إبراهيم استبشرت قلوبهم، وتهللت (4) وجوههم، وإذا ذكرت وأهل بيتي اشمأزت قلوبهم، وكلحت وجوههم ؟ ! والذي بعثني بالحق نبيا لو أن رجلا لقي الله بعمل سبعين نبيا ثم لم يأت (5) بولاية أولي الامر منا أهل البيت (6) ما قبل الله منه صرفا ولا عدلا (7).


= فانه لم يكن من البدريين، وكان في بيعة الرضوان بمكة، وعدوه من منهزمي أحد. (1) في المطبوعة: ” حتى وقف على قبره ” وفي البحار: ” حتى أتى قبره “. (2) البيت لعبيد بن الابرص كما في ديوانه. ونقل ذلك ابن أبى الحديد في قصة عثمان مع ابن مسعود (ره) وفيه ” لا ألفينك بعد الموت الخ ” والظاهر هو الصواب. (3) هو مرازم بن حكيم الازدي يروى عنه هشام بن ابراهيم الاحمر. (4) تهلل فلان: تلالا وجهه من السرور، وكلح وجهه: تكشر في عبوس أو عبس فأفرط في تعبسه. وقيل: الكلوح في الاصل بدو الاسنان عند العبوس. (5) في بعض النسخ: ” لم يلقه “. (6) في المطبوعة: ” اولى الامر من أهل البيت “. (7) قال في النهاية: ” قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث، فالصرف: التوبة، وقيل النافلة. والعدل: الفدية، وقيل الفريضة.

[ 116 ]

9 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا إبراهيم بن هراسة (1) قال: حدثنا جعفر بن زياد الاحمر، عن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قرأ ” وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما ” (2)، ثم قال: حفظهما ربهما لصلاح أبيهما، فمن أولى بحسن الحفظ منا ؟ رسول الله صلى الله عليه وآله جدنا، وابنته سيدة نساء الجنة أمنا، وأول من آمن بالله ووحده وصلى أبونا (3). 10 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي قال: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل، عن الاصمعي قال: سمعت أعرابيا وذكر السلطان فقال: لئن عزوا بالظلم في الدنيا ليذلن بالعدل في الآخرة، رضوا بقليل من كثير، وبيسير من خطير، وإنما يلقون العدم (4) حين لا ينفع الندم. قال: وأنشدني أبو الحسن لابي العتاهية (5): سبحان ذي الملكوت أية ليلة * مخضت بوجه صباح يوم الموقف لو أن نفسا وهمتها نفسها * ما في المعاد مصور لم تطرف كتب الفناء على البرية ربها * والناس بين مقدم ومخلف وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم.


(1) قال في القاموس: ابراهيم بن هراسة وهو متروك الحديث وقال الزبيدى: تركه الجماعة، قال الذهبي في الديوان: تكلم فيه أبو عبيدة وغيره انتهى. وفي بعض النسخ: ” ابراهيم بن أبى هراسة “. (2) الكهف: 82. (3) فإذا لا نخاف بأسهم. (4) العدم: الفقدان، وغلب فقدان المال والفقر. (5) أبو العتاهية بالتخفيف هو أبو إسحاق اسماعيل بن القاسم بن سويد =

[ 117 ]

المجلس الرابع عشر مجلس يوم السبت السادس والعشرون من رجب سنة سبع وأربعمائة. حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن علي العلوي الزيدي (1) قال: حدثنا الرضا علي بن موسى عليهما السلام قال: حدثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر قال: حدثني أبي الصادق جعفر بن محمد قال: حدثني أبي الباقر محمد بن علي قال: حدثني أبي زين العابدين علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي الشهيد قال: حدثني أبي


= العنزي، كان فريد زمانه ووحيد أوانه في طلاقة الطبع ورشاقة النظم وخصوصا في الزهديات ومذمة الدنيا فمنها قوله: الناس في غفلاتهم * ورحى المنية تطحن وقوله: هب الدنيا تساق اليك عفوا * أليس مصير ذاك إلى زوال وقوله: الا انما التقوى هي العز والكرم * وحبك للدنيا هو الذل والسقم وهو من المتقدمين في طبقة بشار وأبى نواس، وشعره كثير، ولد في سنة 130 بعين النمر وهي بليدة بالحجاز في قرب المدينة الطيبة، ونشأ بالكوفة وسكن بغداد، وكان يبيع الجرار، وكان الشعر عنده سهلا جدا، حتى يحكى أنه قال يوما: لو شئت أن أجعل كلامي كله شعرا لقلت. وكان نقش خاتمه: سيكون الذي قضى * غضب العبد أو رضى والشعر في الديوان المطبوع ببيروت: لله در أبيك أية ليلة * مخضت صبيحتها بيوم الموقف لو أن عينا شاهدت من نفسها * يوم الحساب تمثلا لم تطرف (1) هو أخو جعفر بن عبد الله رأس المدرى المتقدم ذكره.

[ 118 ]

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أدى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة. 2 قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن المظفر البزاز (1) قال: حدثنا أبو القاسم عبد الملك بن علي الدهان (2) قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن، عن الحسن بن بشير، عن أسعد بن سعيد، عن جابر قال: سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رجلا يشتم قنبرا وقد رام قنبر أن يرد عليه، فناداه أمير المؤمنين علي عليه السلام: مهلا يا قنبر، دع شاتمك مهانا ترض الرحمن، وتسخط الشيطان، وتعاقب عدوك. فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الاحمق بمثل السكوت عنه. 3 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقري قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن الصيدلاني قال: حدثنا أبو المقدام أحمد بن محمد مولى بني هاشم قال: حدثنا أبو نصر المخزومي (3)، عن الحسن بن أبي الحسن البصري (4)


(1) في بعض اسانيد الارشاد كناه بأبي بكرة، قال في الشذرات: أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن علي البغدادي، توفى 379 وله ثلاث وتسعون سنة، كان من أعيان الحفاظ. قال ابن ناصر الدين: كان محدث العراق حافظا ثقة نبيلا مكثرا متقنا يميل إلى التشيع قليلا. (2) لم نجده، وشيخه علي بن الحسن هو ابن فضال، والحسن بن بشير معنون في ” صه ” وأسعد بن سعيد معنون في منهج المقال بعنوان أسعد بن سعيد النخعي الكوفى فان كان هو فهو والا لم نعثر عليه، وفي نسخة ” اسد بن سعيد ” ولم نجده. (3) لم نعثر على أبى الحسن الصيدلاني ولا على أبى المقدم ولا على أبى نصر المخزومي بهذه العناوين فيما عندنا من كتب الرجال. وفي نسخه: ” أبو الحسن علي بن الحسن الصيدانى “. (4) هو الحسن بن يسار البصري المعروف، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عمر، و توفى سنة 110 وفي هامش خلاصة تذهيب الكمال: ” قال يونس بن عبيد: قلت له: انك تقول: ” قال رسول الله ” ولم تدركه ؟ قال: يا ابن أخي أنا في زمان كما ترى =

[ 119 ]

قال: لما قدم علينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام البصرة مر بي وأنا أتوضأ، فقال: يا غلام أحسن وضوءك يحسن الله إليك. ثم جازني فأقبلت أقفو إثره، فحانت (1) مني التفاته فنظر إلي فقال: يا غلام ألك إلي حاجة ؟ قلت: نعم، علمني كلاما ينفعني الله به. فقال: يا غلام من صدق الله نجا، ومن أشفق على دينه سلم من الردى، ومن زهد في الدنيا قرت عينه بما يرى من ثواب الله عزوجل. ألا أزيدك يا غلام ؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: ثلاث خصال من كن فيه سلمت له الدنيا والآخرة، من أمر بالمعروف وائتمر به، ونهى عن المنكر وانتهى عنه، وحافظ على حدود الله. يا غلام أيسرك أن تلقى الله يوم القيامة وهو عنك راض ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: كن في الدنيا زاهدا، وفي الآخرة راغبا، وعليك بالصدق في جميع امورك، فإن الله تعبدك (2) وجميع خلقه بالصدق. ثم مشى حتى دخل سوق البصرة، فنظر إلى الناس يبيعون ويشترون، فبكى عليه السلام بكاء شديدا، ثم قال: يا عبيد الدنيا وعمال أهلها إذا كنتم بالنهار تحلفون، وبالليل في فرشكم تنامون (3)، وفي خلال ذلك عن الآخرة تغفلون فمتى تحرزون (4) الزاد، وتفكرون في المعاد ؟ فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إنه لا بد لنا من المعاش، فكيف نصنع ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن طلب المعاش من حله لا يشغل عن عمل الآخرة، فإن


= (وكان في عمل الحجاج) وكل شى سمعتني أقول: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله ” فهو عن علي ابن أبى طالب غير انى في زمان لا استطيع أن أذكر عليا “. (1) كذا في النسخ وفي بعضها ” فحانت منه التفاته ” والصواب ما في النهاية وهو: ” فكانت مني لفته، هي المرة الواحدة من الالتفات “. (2) تعبده أي دعاه للطاعة أو اتخذه عبدا له. وفي النسخ: ” يعبدك “. (3) في بعض النسخ والبحار: ” فراشكم تنامون “. (4) في البحار: ” تجهزون ” وهذا أنسب.

[ 120 ]

قلت: لا بد لنا من الاحتكار لم تكن معذورا. فولى الرجل باكيا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أقبل علي أزدك بيانا، فعاد الرجل إليه، فقال له: اعلم يا عبد الله أن كل عامل في الدنيا للآخرة لا بد أن يوفى أجر عمله في الآخرة، وكل عامل دينا للدنيا عمالته (1) في الآخرة نار جهنم. ثم تلا أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالى: ” فأما من طغى * وآثر الحيوة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى ” (2). 4 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمد بن الحسين الجوهري قال: حدثنا هارون بن عبيدالله المقري قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا أبويحيى التميمي (3)، عن كثير، عن أبي مريم الخولاني، عن مالك بن ضمرة قال: سمعت عليا أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ألا إنكم معرضون على لعني ودعاي كذابا (4)، فمن لعنني كارها مكرها يعلم الله أنه كان مكرها وردت أنا وهو على محمد صلى الله عليه وآله معا. ومن أمسك لسانه فلم يلعني سبقني كرمية سهم أو لمحة بالبصر. ومن لعنني منشرحا صدره بلعني فلا حجاب بينه وبين الله (5)، ولا حجة له عند محمد صلى الله عليه وآله، ألا إن محمدا صلى الله عليه وآله أخذ بيدي يوما


(1) العمالة بالضم والكسر أجر العامل، رزقه. (2) النازعات: 39 37. (3) كذا في النسخ ولم نجده وقد يخطر بالبال أن فيه سقطا وتصحيفا وكونه أبا حيان يحيى بن سعيد التيمى. و ” كثير ” هو ابن النواء المتقدم ذكره. (4) يظهر مما في نهج البلاغة أنه (ع) يريد زمان معاوية على أنه أمر الناس بالعراق والشام وغيرهما بسبه ولعنه والبراءة منه (ع) وخطب بذلك على منابر الاسلام وصار ذلك بدعة أموية في أيام الخلفاء إلى أن قام عمر بن عبد العزيز فأزاله. (5) قال العلامة المجلسي (ره): ” أي لا يحجبه شئ عن عذاب الله تعالى “. نقول: الاظهر أنه تصحيف ” حجة ” وفي الكتاب العزيز: ” لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم “.

[ 121 ]

فقال: من بايع هؤلاء الخمس (1) ثم مات وهو يحبك فقد قضى نحبه، ومن مات وهو يبغضك مات ميتة جاهلية يحاسب بما عمل في الاسلام، وإن عاش بعدك وهو يحبك ختم الله له بالامن والايمان كلما طلعت شمس أو غربت. 5 قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله ابن أسد الاصفهاني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن أبي الجهضم الازدي، عن أبيه (2) وكان من أهل الشام قال: لما سير عثمان أبا ذر من المدينة إلى الشام كان يقص علينا، فيحمد الله فيشهد شهادة الحق، ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويقول: أما بعد فإنا كنا في جاهليتنا قبل أن ينزل علينا الكتاب، ويبعث فينا الرسول ونحن نوفي بالعهد، ونصدق الحديث، ونحسن الجوار، ونقري الضيف (3)، ونواسي الفقير [ ونبغض المتكبر ]. فلما بعث الله تعالى فينا رسول الله (4) [ صلى الله عليه وآله ]، وأنزل علينا كتابه كانت تلك الاخلاق يرضاها الله ورسوله، وكان أحق بها أهل الاسلام، وأولى أن يحفظوها، فلبثوا بذلك ما شاء الله أن يلبثوا. ثم إن الولاة قد أحدثوا أعمالا قباحا ما نعرفها: من سنة تطفى، وبدعة تحيى (5)، وقائل بحق مكذب، وأثرة بغير


(1) هؤلاء الخمس اشارة إلى أصابعه صلى الله عليه وآله. وفي بعض النسخ: ” تابع ” بالتاء المثناة الفوقانية فالمراد الصلوات الخمس (البحار). وتقدم مثله في المجلس الاول تحت رقم 7 وتقدم الكلام فيه. (2) الظاهر هو نصر بن علي بن صهبان الازدي الجهضمى، وابنه علي بن أبى الجهضمي الازدي المتوفى سنة 187 ومات أبوه ” نصر ” في أيام خلافة المنصور كما في التقريب. (3) قرى الضيف أي أضافه وأكرمه. (4) في نسخة: ” رسوله “. (5) كذا في بعض النسخ والبحار، وفي المخطوطة ” ما يزال سنة تطفى وبدعة تحيى “.

[ 122 ]

تقى (1)، وأمين مستأثر عليه من الصالحين. اللهم إن كان ما عندك خيرا لي فاقبضني إليك غير مبدل ولا مغير. وكان يعيد هذا الكلام ويبديه، فأتى حبيب بن مسلمة معاوية بن أبي سفيان فقال: إن أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله كيت وكيت (2)، فكتب معاوية إلى عثمان بذلك، فكتب عثمان: أخرجه إلي. فلما صار إلى المدينة نفاه إلى الربذة. 6 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن الحسن قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول وعنده ناس من أهل كوفة: عجبا للناس يقولون: أخذوا علمهم كله عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعملوا به واهتدوا، ويرون أنا أهل البيت لم نأخذ علمه، ولم نهتد به ونحن


(1) الاثرة بفتح الهمزة والثاء: الاسم من آثر يؤثر ايثارا، إذا اعطى، وقوله ” أمين ” لا يبعد كونه تصحيف ” من “. ويكون كذا: ” ومن مستأثر عليه من الصالحين “. (2) القارئ جد عليم بأن هذا العمل وهذا القول من مثل هذا الصحابي العظيم الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنه: ” ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبى ذر ” وقال فيه أبو الدرداء: ” لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد هذا الكلام الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله “، وقال صلى الله عليه وآله فيه: ” من أحب أن ينظر إلى المسيح عيسى بن مريم إلى بره وصدقه وجده فلينظر إلى أبى ذر ” إلى غير ذلك من الكثير الطيب ليس الا التعريض بالقوم لما يرى من بدعهم وخروجهم عن سنن الحق والتعيير عليهم، عملا بالتكليف لما ورد عن النبي الاقدس صلى الله عليه وآله: ” من رأى سلطانا جائرا، مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قوله: فلم يعير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله “، وقال أيضا ” إذا ظهرت البدع فللعالم أن يظهر علمه والا فعليه لعنة الله “.

[ 123 ]

أهله وذريته، في منازلنا أنزل الوحي، ومن عندنا خرج إلى الناس العلم. أفتراهم علموا واهتدوا، وجهلنا وضللنا ؟ ! إن هذا محال. 7 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي قال: حدثني محمد بن الفضل الكاتب قال: حدثنا عيسى بن حميد قال: سمعت أبا عبد الله الربعي (1) يقول: حدثنا الاصمعي قال: دخلت البصرة، فبينا أنا أمشي بشارعها إذ بصرت بجارية أحسن الناس وجها، وإذا هي كالشن البالي (2) فلم أزل أتبعها وأحبس نفسي عنها حتى انتهت من المقابر إلى قبر فجلست عنده، ثم أنشأت تقول بصوت ما يكاد يبين: هذا والله المسكن لا ما به نغر أنفسنا، هذا والله المفرق بين الاحباب، والمقرب من الحساب، وبه عرفان الرحمة من العذاب. يا أبه فسح الله لك في قبرك، وتغمدك بما تغمد به نبيك، أما إني لا أقول خلاف ما أعلم، كان علمي بك جوادا، إذا أتيت أتيت وسادا، وإذا اعتمدت وجدت عمادا. ثم قالت: يا ليت شعري كيف غيرك البلى * أم كيف صار جمال وجهك في الثرى لله درك أي كهل غيبوا * تحت الجنادل، لا تحس ولا ترى لبا وحلما بعد حزم زانه * بأس وجود حين يطرق للقرى لما نقلت إلى المقابر والبلى * دنت الهموم فغاب عن عيني الكرى (3) وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما.


(1) أبو عبد الله الربعي يطلق على محمد بن يزيد ابن ماجة القزويني، ومحمد بن سلمة بن قربا نزيل عسقلان، والثانى مترجم في تاريخ الخطيب ج 5 ص 346. (2) الشن بالفتح: القربة الخلق الصغيرة يكون الماء فيها أبرد من غيرها. (3) كرى الرجل: نعس.

[ 124 ]

المجلس الخامس عشر مجلس يوم السبت الثالث من شعبان سنة سبع وأربعمائة. حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: حدثني أبو حفص عمر بن محمد قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثنا الرضا علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني ملك فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إن شئت جعلت لك بطحاء (1) مكة ذهبا. قال: فرفعت رأسي إلى السماء وقلت: يا رب أشبع يوما فأحمدك، وأجوع يوما فأسألك. 2 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى المكي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثني الحسين بن الحسن (2) قال: حدثنا شريك، عن أبي ربيعة الايادي (3) ورأينا معمرا يسمع منه عن ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أمرني بحب أربعة من أصحابي، وأخبرني أنه يحبهم،


(1) البطحاء أصله المسيل الواسع فيه دقاق الحصى، وهو موضع بعينه قريب من ذى قار. وبطحاء مكة ممدود (المراصد). (2) يعني الحسين بن الحسن الاشقر وقد تقدم ذكره. (3) أبو ربيعة الايادي، اسمه عمر بن ربيعة. قال ابن مندة: روى عن عبد الله بن بريدة [ وعبد الله ثقة ] وعن الحسن البصري، وروى عنه شريك بن عبد الله النخعي، وقال ابن معين: شريك صدوق ثقة، وقال الساجي: ينسب إلى التشيع المفرط. نقول: الخير رواه ابن عبد البر في الاستيعاب عن سليمان وعبد الله ابني بريدة مختصرا.

[ 125 ]

قلنا: من هم يا رسول الله ؟ وليس منا أحد إلا أن يكون منهم. فقال صلى الله عليه وآله: ألا إن عليا منهم يقولها ثلاثا والمقداد بن الاسود، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي. 3 قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثني الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا الحسن بن الحسين الانصاري قال: حدثنا سفيان، عن فضيل بن الزبير قال: حدثني فروة بن مجاشع، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: جاءت عائشة إلى عثمان فقالت له: أعطني ما كان يعطيني أبي وعمر بن الخطاب (1)، فقال لها: لا أجد (2) لك موضعا في الكتاب ولا في السنة، وإنما كان أبوك و عمر بن الخطاب يعطيانك بطيبة من أنفسهما، وأنا لا أفعل. قالت له: فأعطني ميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لها: أو لم تجئني أنت ومالك بن أوس النصري (3) فشهدتما ان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يورث، حتى منعتما فاطمة ميراثها، وأبطلتما حقها، فكيف تطلبين اليوم ميراثا من النبي صلى الله عليه وآله ؟ فتركته وانصرفت. وكان عثمان إذا خرج إلى الصلاة أخذت قميص رسول الله صلى الله عليه وآله على قصبة (4) فرفعته عليها، ثم قالت: إن عثمان قد خالف صاحب هذا القميص


(1) راجع سيرة الخلفاء في بيت مال المسلمين وكيفية ايثارهم أهل بيتهم الادنين ثم الامثل فالامثل ممن يقرب منهم، المجلد الثامن من البحار وكتاب الغدير لشيخنا الاميني (ره). (2) في المطبوعة: ” لم أجد له موضعا الخ “. (3) مالك بن اوس النصرى هو أبو سعيد المدنى وفي رؤيته النبي اختلاف وأنه توفى سنة اثنتين أو احدى وتسعين فلم يكن يومذاك في سن من يقبل شهادته، نعم ذكره ابن سعد في طبقة من ادرك النبي صلى الله عليه وآله ورآه وقال: لم يحفظ عنه شيئا، ويقولون أنه ركب الخيل في الجاهلية، قال: وكان قديما ولكنه تأخر اسلامه. (3) القصبة: واحدة القصاب وهي بالكسر مسناة تبنى في اللحف لئلا يستجمع السيل فينهدم عراق الحائط.

[ 126 ]

وترك سنته. 4 قال: أخبرني أبو الحسين محمد بن المظفر البزاز قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا إدريس بن زياد الكفرثوثي قال: حدثنا حنان بن سدير، عن سديف المكي قال: حدثني محمد بن علي عليهما السلام وما رأيت محمديا قط يعدله قال: حدثني جابر بن عبد الله الانصاري قال: نادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المهاجرين والانصار، فحضروا بالسلاح وصعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا معاشر المسلمين من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا. قال جابر: فقمت إليه فقلت: يا رسول الله وإن شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله ؟ فقال: وإن شهد أن لا إله إلا الله، فإنما احتجز من سفك دمه، أو يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر (1). ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا، فإن أدرك الدجال كان معه (2)، وإن هو لم يدركه بعث في قبره فآمن به. إن ربي عزوجل مثل لي أمتي في الطين، وعلمني أسماءهم كما علم آدم الاسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت الله لعلي وشيعته. قال حنان بن سدير: فعرضت هذا الحديث على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فقال لي: أنت سمعت هذا من سديف ؟ فقلت: الليلة سبع منذ سمعته منه، فقال: إن هذا الحديث ما ظننت (3) أنه خرج من في أبي إلى أحد.


(1) يدل على أن الاسلام وهو الاقرار بالشهادتين باللسان يحقن به الدم ويمنع به من الجزية وانما الثواب على الايمان ومن جملتها الولاية لاهل البيت عليهم السلام. (2) قد كثر ذكر الدجال في الروايات وهو كل خداع ويلبس على الناس امورهم ولا سيما في دينهم ومعتقداتهم، وأصل الدجل: الخلط، يقال: دجل إذا لبس وموه. وأما الذى ذكر في الروايات باسمه ونعته وأنه يظهر في آخر الزمان يدعى الالوهية فهو أحد مصاديقه وأتمها. (3) في البحار: ” ما طننته “. (*)

[ 127 ]

5 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني محمد بن موسى بن حماد قال: حدثنا محمد بن سهل قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبي مخنف لوط بن يحيى، عن الحارث بن حصيرة، عن عبد الرحمن ابن عبيد بن الكنود (1) قال: قدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من البصرة إلى الكوفة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب (2)، فأقبل حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فالحمد لله الذي نصر وليه، وخذل عدوه، وأعز الصادق المحق، وأذل الكاذب المبطل (3). عليكم يا أهل هذا المصر بتقوى الله، وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم [ صلى الله عليه وآله وسلم ] الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه من المنتحلين المدعين المقابلين إلينا (4) يتفضلون بفضلنا ويجاحدوناه (5)، وينازعونا حقنا ويدفعونا عنه (6)، وقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا. إنه قد قعد عن نصرتي رجال منكم فأنا عليهم عاتب زار (7)، فاهجروهم، وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا (8) أو نرى


(1) هو عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود الذي يعرف في الاسناد بأبى الكنود. (2) سنة ست وثلاثين. (3) في بعض النسخ: ” وأذل الناكث المبطل “. (4) في بعض النسخ: ” القائلين الينا ” وكأنه تصحيف. (5) في الارشاد وبعض نسخ الحديث: ” ويجاحدونا أمرنا “. (6) في بعض نسخ الحديث: ” يباعدوننا عنه “. نقول: وردت الافعال الثلاثة هنا بحذف نون الرفع من غير ناصب وجازم وهي لغة صحيحة، أنظر خزانة الادب: 3 / 525، 526. (7) عتب عليه: وجد عليه موجدة وأنكر منه شيئا من فعله، وزرى عمله عليه: عابه عليه وعاتبه. (8) كذا في النسخ، والصواب كما في الارشاد ” يعتبونا “، قال الجوهري: اعتبني فلان إذا عاد إلى مسرتي راجعا عن الاساءة. وفي بعض نسخ الحديث بعد هذا: ” ليعرف بذلك حزب لله عند الفرقة “.

[ 128 ]

منهم ما نرضى (1). فقام إليه مالك بن حبيب التميمي اليربوعي وكان صاحب شرطته فقال: والله إني لارى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا (2)، والله لئن أمرتنا لنقتلنهم. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا مال جزت المدى، وعدوت الحد، وأغرقت في النزع (3). فقال: يا أمير المؤمنين. لبعض الغشم أبلغ في أمور * تنوبك من مهادنة الاعادي (4) فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ليس هكذا قضى الله يا مال، قال الله تعالى: ” النفس بالنفس ” (5) فما بال بعض الغشم ؟ وقال الله سبحانه: ” ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا ” (6).


(1) في الارشاد: ” ونرى منهم ما نحب “. (2) في بعض النسخ: ” وسماع الكره “. أي ان هذا لا يروعهم عن المخالفة ولا يدفعهم إلى رضانا فلا بد لنا من الحرب معهم والضرب بالاعناق. وفي بعض نسخ الحديث. ” والله لو أمرتنا لنقتلنهم “. (3) المدى: الغاية، وفي بعض النسخ: ” وعدوت الحق “. وأغرق النازع في القوس: استوفى مدها، والنزع: الرمي، والكلام يقال لمن بالغ في الشئ. (4) كذا في النسخ وشرح النهج، وقيل: يمكن أن يكون ” تنوء بك ” وناء به الحمل: أثقله. والصواب ما في المتن من نابه الامر أي أصابه. والمراد أن اعمال بعض الظلم على الاعداء والمخالفين في امور تصيبك وتزلزل اركان حكومتك ويصدك عن النيل بالمقصود الحق أبلغ إلى المراد من المهادنة والرفق وكف التضييق عليهم. (5) وفي بعض النسخ الحديث: ” فما بال ذكر الغشم “. أجاب عليه السلام بان المقصود مهما عظم وتقدس لا يسوغ الظلم والتعدى في سبيل نيله ولا يوجهه مهما قل وصغر، بل يكون خلاف المقصود وانما لنا المشى على مهيع الحق فان نلنا فهو، والا لم يكن بنا بأس، وما على الرسول الا البلاغ المبين. والاية في المائدة: 45. (6) الاسراء: 33. زاد في شرح النهج الحديدي هنا نقلا عن نصر بن مزاحم: =

[ 129 ]

فقام إليه أبو بردة بن عوف الازدي وكان عثمانيا تخلف عنه يوم الجمل وحضر معه صفين على ضعف نية في نصرته فقال: يا أمير المؤمنين أرأيت القتلى حول عائشة وطلحة والزبير بم قتلوا ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام بما قتلوا شيعتي وعمالي، وبقتلهم أخا ربيعة العبدي رحمه الله في عصابة من المسلمين قالوا: لا ننكث البيعة [ كما نكثتم ]، ولا نغدر كما غدرتم، فوثبوا عليهم فقتلوهم ظلما وعدوانا، فسألتهم أن يدفعوا إلي قتلة إخواني منهم اقتلهم بهم (1)، ثم كتاب الله حكم بيني وبينهم، فأبوا علي وقاتلوني وفي أعناقهم بيعتي ودماء نحو ألف من شيعتي فقتلتهم بذلك (2)، أفي شك أنت من ذلك ؟ فقال: قد كنت في شك، فأما الآن فقد عرفت، واستبان لي خطأ القوم، فإنك أنت المهتدي المصيب. ثم إن عليا عليه السلام تهيأ لينزل، فقام رجال ليتكلموا، فلما رأوه قد نزل جلسوا ولم يتكلموا. قال: أبوالكنود: وكان أبو بردة مع حضوره صفين ينافق أمير المؤمنين عليه السلام ويكاتب معاوية سرا، فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة (3)، وكان عليه كريما.


(= ” والاسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك فقد نهى الله عنه وذلك هو الغشم “. (1) في بعض النسخ: ” لنقتلهم بهم “. (2) في بعض نسخ الحديث: ” فقتلتهم بهم “. وينبه (ع) أن سبب قتاله اياهم أمران: أحدهما نكث البيعة وقد أوجب الله الوفاء بها، والاخر اجراء حكم المحارب أو القصاص، قال الله تعالى: ” ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب لعلكم تتقون “. (3) أقطع الامير فلانا قطيعة: جعل له غلة أرض رزقا له. والفلوجة كما في المراصد بالفتح ثم التشديد وواو ساكنة وجيم قال الليث: فلاليج السواد: قراها. والفلوجة الكبرى والفلوجة الصغرى: قريتان كبيرتان من سواد بغداد والكوفة قرب عين التمر. قلت: والمشهور هي هذه التي على شاطئ الفرات، عندها فم نهر الملك من الجانب الشرقي “.

[ 130 ]

6 قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين في صعيد واحد ثم أمر مناديا فنادى (1): غضوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الصراط. قال: فتغض الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمة عليها السلام على نجيب من نجب الجنة يشيعها سبعون ألف ملك، فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة، ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي عليهما السلام بيدها مضمخا بدمه، وتقول: يا رب هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به. فيأتيها النداء من قبل الله عزوجل: يا فاطمة لك عندي الرضا، فتقول: يا رب انتصر لي من قاتله، فيأمر الله تعالى عنقا (2) من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي عليهما السلام كما يلتقط الطير الحب، ثم يعود العنق بهم (3) إلى النار فيعذبون فيها بأنواع العذاب، ثم تركب فاطمة عليها السلام نجيبها حتى تدخل الجنة، ومعها الملائكة المشيعون لها، وذريتها بين يديها، وأولياءهم من الناس عن يمينها وشمالها. 7 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو علي الحسين ابن محمد الكندي (4) قال: حدثنا عمرو بن محمد بن الحارث، عن أبيه محمد بن الحارث


(1) في المطبوعة والبحار: ” في صعيد واحد فينادى مناد الخ ” والجملة ساقطة في أكثر النسخ. (2) أي قطعة وطائفة منها. (3) الظاهر أن الباء هنا للمعية أي معهم، ويمكن أن يكون ” يعود ” تصحيف ” يقود ” ولكن لا يناسبه الباء. (3) كذا، ولم نعثر عليه وليس هو تصحيف ” أبي على الحسن بن محمد بن سماعة الكندى ” لانه توفى سنة 263 وولد الجعابى سنة 284. وفي نسخة ” أبو علي بن الحسين =

[ 131 ]

قال: أخبرني الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن أبيه قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لشيعته: كونوا في الناس كالنحلة في الطير، ليس شئ من الطير إلا وهو يستضعفها (1)، ولو يعلمون ما في أجوافها من البركة لم يفعلوا ذلك بها (2). خالطوا الناس بألسنتكم وأجسادكم، وزايلوهم بقلوبكم وأعمالكم، لكل امرء ما اكتسب، وهو يوم القيامة مع من أحب (3). 8 قال: أخبرني أبو الحسن [ علي بن ] أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي قال: حدثني محمد بن أحمد الترمذي قال: حدثنا عبيدالله بن عمر القواريري قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال: سمعت مالك بن دينار يقول: أتيت الجبانة (4) فوقفت عليها ثم قلت: أتيت القبور فناديتها * فأين المعظم والمحتقر وأين الملبي (5) إذا ما دعي * وأين العزيز إذا ما افتخر


ابن محمد الكندى “. ويمكن أن يكون في السند سقط بين الجعابى والكندي والعلم عند الله. وأما شيخه ” عمرو بن محمد بن الحارث ” ففى بعض النسخ ” عمر بن محمد بن الحارث ” ولم نجده. (1) في البحار: ” يستخفها “. (2) كذا ورواه أبو عبد الله النعماني (ره) في ” الغيبة ” عن الحارث بن حصيرة، عن الاصبغ بن نباته عنه عليه السلام وفيه: ” ولو علمت الطير ما في أجوافها من البركة لم تفعل بها ذلك “. نقول: أي أنها لم تفعل بها ما تفعل من عدم التعرض لها، وقال العلامة المجلسي (ره): ” كالنحل في الطير، أمر بالتقية أي لا تظهروا لهم ما في أجوافكم من دين الحق كما أن النحل لا يظهر ما في بطنها على الطيور، والا لافنوها “. (3) له تتمة في معنى التمحيص والامتحان، فراجع كتاب الغيبة للنعماني طبع مكتبة الصدوق ص 25 وص 210. (4) الجبانه بالفتح والتشديد: المقبرة والصحراء. (5) أي المجيب، من التلبية.

[ 132 ]

وأين المدل (1) بسلطانه * وأين القوي إذا ما قدر قال: فأجابني صوت من ناحية المقابر ولا أرى له صورة: تفانوا جميعا فما مختبر * فماتوا جميعا ومات الخبر تروح وتغدو بنات الثرى * فتمحو محاسن تلك الصور فيا سائلي عن أناس مضوا * أما لك فيما ترى معتبر وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وسلم تسليما. المجلس السادس عشر مجلس يوم السبت العاشر من شعبان سنة سبع وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله عزه. 1 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا الحسين ابن محمد البزاز (2) قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن عبد الله العلوي المحمدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، عن أبي عاصم النبيل (3)، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، عن نوف البكالي قال: بت ليلة عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فرأيته يكثر الاختلاف من منزله وينظر إلى السماء، قال: فدخل كبعض ما كان يدخل، فقال: أنائم أنت أم رامق (4) ؟


(1) الا دلال بفتح المهملة التدلل والتغنج والاجتراء، وأدل عليه أي اجترأ. (2) هو الحسين بن محمد أبو عبد الله البزاز المعروف بابن المطبقى العلوى، وصحف في بعض النسخ بالزرارى. (3) هو الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم الشيباني البصري، قال ابن حجر: ثقة ثبت مات سنة 212 أو بعدها. روى عنه يحيى بن هاشم بن كثير بن قيس أبو زكريا السمسار، وروى هو عن سفيان الثوري، عن ابى اسحاق السبيعى. (4) أراد عليه السلام بالرامق اليقظان في قبال النائم، يقال: رمقه، إذا لحظه لحظا خفيفا.

[ 133 ]

فقلت: بل رامق يا أمير المؤمنين، ما زلت أرمقك منذ الليلة بعيني وأنظر ما تصنع. قال: يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة، قوم يتخذون أرض الله بساطا، وترابه وسادا، وكتابه شعارا، ودعاءه دثارا (1)، وماءه طيبا، يقرضون الدنيا قرضا على منهاج المسيح عليه السلام (2). إن الله تعالى أوحى إلى عيسى عليه السلام: يا عيسى عليك بالمنهاج الاول تلحق ملاحق المرسلين، قل لقومك يا أخا المنذرين: أن لا يدخلوا بيتا من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأيد نقية، وأبصار خاشعة، فإني لا أسمع من داع دعاني (3) ولاحد من عبادي عنده مظلمة، ولا استجيب له دعوة ولي قبله حق لم يرده إلي. فإن استطعت يا نوف أن لا تكون عريفا (4)، ولا شاعرا (5)، ولا صاحب كوبة، ولا صاحب عرطبة فافعل (6). فإن داود عليه السلام رسول رب العالمين خرج ليلة من الليالي فنظر


(1) الوساد مثلثة المتكأ وكل ما يتوسد به من قماش وتراب وغير ذلك. وأصل الشعار ما يلى البدن من الثياب، أي يقرؤونه سرا للاعتبار بمواعظه والتفكر في دقائقه، والدثار ما يعلو البدن من الثياب، والمراد منه جهرهم به اظهارا للذلة والخشوع لله تعالى. (2) أي مزقوها كما يمزق الثوب المقراض على طريق المسيح عليه السلام في الزهادة. وفي النهج ” اولئك قوم اتخذوا الارض بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، والقرآن شعارا، والدعاء دثارا، ثم قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح “. (3) في البحار: ” دعاءه “. (4) العريف: القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الامير منه أحوالهم. (5) كذا في جميع النسخ والبحار، وفي نهج البلاغة: ” شرطيا ” بضم فسكون نسبة إلى الشرطة واحد الشرط كرطب وهم أعوان الحاكم. (6) الكوبة: بفتح فسكون: الطبل، والعرطبة: الطنبور. وقد قيل أيضا: ان العرطبة الطبل، والكوبة الطنبور. (*)

[ 134 ]

في نواحي السماء ثم قال: والله رب داود إن هذه الساعة لساعة ما يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه، إلا أن يكون عريفا، أو شاعرا، أو صاحب كوبة، أو صاحب عرطبة (1). 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا عبد الله بن راشد الاصفهاني (2) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا أحمد بن شمر (3) قال: حدثنا عبد الله بن ميمون المكي مولى بني مخزوم، عن جعفر الصادق بن محمد الباقر، عن أبيه عليهم السلام: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أتي بخبيص (4) فأبى أن يأكله، فقالوا له: أتحرمه ؟ قال: لا، ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي فأطلبه (5)، ثم تلا هذه الآية: ” اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ” (6). 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني أبو عمرو


(1) أورده الرضى ره في النهج قسم الحكم تحت رقم 104 باختصار. (2) كذا في النسخ، والظاهر كونه هنا وفيما يأتي ” علي بن عبد الله بن أسد أو كوشيد أو راشد الاصفهانى المتقدم ذكره الراوي عن الثقفى كثيرا وسقط ” على بن ” من النسخ. (3) كذا ولم نجد بهذا العنوان أحدا فيما عندنا من كتب الرجال والتراجم ويحتمل ضعيفا كونه تصحيف أحمد بن بشير المخزومى أبى بكر الكوفى. وأما عبد الله بن ميمون فهو عبد الله بن ميمون المكى القداح المخزومي. وقد يروى عن القداح أحمد بن شيبان ويحتمل قويا كون ” شمر ” تصحيف شيبان حيث انهم يكتبون عثمان ” عثمن ” وسفيان ” سفين ” وهكذا يكتبون شيبان ” شيبن ” فإذا كتبت النون بالخط الديواني الترسلى واتصلت النقطة بالكلمة تصير صورتها صورة ” شمر ” ومثل هذا كثير في المخطوطات. (4) الخبيص: طعام معمول من التمر والزبيب والسمن، والحلواء. (5) تاق إليه اي اشتاق. (6) الاحقاف: 20. وتمام الاية ” فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون “.

[ 135 ]

حفص بن عمر الفرا (1) قال: حدثنا زيد بن الحسن الانماطي (2)، عن معروف ابن خربوذ قال: سمعت أبا عبيدالله (3) مولى العباس يحدث أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: إن آخر خطبة خطبنا بها رسول الله صلى الله عليه وآله لخطبة خطبنا في مرضه الذي توفي فيه، خرج متوكئا على علي بن أبي طالب عليه السلام وميمونة مولاته، فجلس على المنبر، ثم قال: يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين وسكت، فقام رجل فقال: يا رسول الله ما هذان الثقلان ؟ فغضب حتى احمر وجهه ثم سكن، وقال: ما ذكرتهما إلا وأنا أريد أن أخبركم بهما ولكن ربوت (4) فلم أستطع، سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم، تعملون فيه كذا وكذا (5)، ألا وهو القرآن والثقل الاصغر أهل بيتي، ثم قال: وايم الله إني لاقول لكم هذا ورجال في أصلاب أهل الشرك أرجى عندي من كثير منكم، ثم قال: والله لا يحبهم عبد إلا أعطاه الله نورا يوم القيامة حتى يرد علي الحوض، ولا يبغضهم عبد إلا احتجب الله (6) عنه يوم القيامة. فقال أبو جعفر


(1) تقدم الكلام فيه ص 47 واحتمال كونه حفص بن عمر أبا عمرو الضرير الازدي بعيد. (2) هو زيد بن الحسن ابو الحسين القرشى الكوفى الانماطى المترجم في تاريخ بغداد ج 8 ص 442. (3) في المطبوعة ” أبا عبد الله “. (4) الربو: التهيج وتواتر النفس الذي يعرض للمسرع في مشيه وحركته. (5) أخبر صلى الله عليه وآله عن الفتن التي أحدثت الامة بعده صلوات الله عليه من البدع والتحريفات في دينه وكتابه وتأويل الكلم من بعد مواضعه لاغراضهم الفاسدة التي جلها سياسية كما فعلت اليهود والنصارى في دينهم وكتبهم. وقد ورد عنه صلى الله عليه وآله أنه قال: ” لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة “. (6) كذا في جل النسخ والمطبوعة والبحار وفي بعض النسخ ” الا احتجبه الله عنه “.

[ 136 ]

عليه السلام: إن أبا عبيدالله يأتينا بما يعرف (1). 4 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: مر سلمان رضي الله عنه على الحدادين بالكوفة، فرأى شابا صعق والناس قد اجتمعوا حوله، فقالوا له: يا أبا عبد الله هذا الشاب قد صرع، فلو قرأت في أذنه (2). قال: فدنا منه سلمان، فلما رآه الشاب أفاق، وقال: يا أبا عبد الله ليس بي ما يقول هؤلاء القوم، ولكني مررت بهؤلاء الحدادين وهم يضربون بالمرزبات (3)، فذكرت قوله تعالى: ” ولهم مقامع من حديد (4) ” فذهب عقلي خوفا من عقاب الله تعالى، فاتخذه سلمان أخا، ودخل قلبه حلاوة محبته في الله تعالى، فلم يزل معه حتى مرض الشاب، فجاءه سلمان فجلس عند رأسه وهو يجود بنفسه، فقال: يا ملك الموت ارفق بأخي، فقال: يا أبا عبد الله إني بكل مؤمن رفيق. 5 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة أن أحمد بن يحيى بن زكريا حدثهم قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا أبو بدر، عن عمرو بن يزيد بن مرة (5)، عن سويد بن غفلة، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من عبد اهتم بمواقيت الصلاة ومواضع الشمس إلا ضمنت له الروح عند الموت، وانقطاع الهموم والاحزان، والنجاة من النار. كنا مرة رعاة الابل فصرنا اليوم رعاة الشمس.


(1) في هامش البحار: ” بما نعرف خ ل “. (2) في الكشى: ” فلو جئت فقرأت في أذنه “. (3) المرزبات جمع المرزبة: المطرقة الكبيرة التي تكون للحداد. (4) الحج: 21. (5) السند هكذا والمظنون أن فيه تصحيفا من قبل النساخ وكأن الصواب ” أحمد =)

[ 137 ]

6 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن أحمد بن إبراهيم الكاتب قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثني أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثني القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اعلموا أن الله تعالى يبغض من خلقه المتلون، فلا تزولوا عن الحق وأهله، فإن من استبد بالباطل وأهله هلك، وفاتته الدنيا وخرج منها [ صاغرا ] (1). 7 قال: حدثني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن الحسين الصوفي (2) قال: حدثنا عبد الله بن مطيع قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن ابن أبي ليلى، عن عطية، عن كعب الاحبار قال: مكتوب في التوراة: من صنع معروفا إلى أحمق فهي خطيئة تكتب عليه. وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما.


= ابن يحيى بن زكريا، عن محمد بن العلاء، عن أبى بدر، عن عمر بن محمد بن زيد، عن ميسرة، عن سويد ” وأبو بدر هو شجاع بن الوليد، وميسرة هو أبو صالح مولى كندة، وكلهم معنونون في التهذيب والتاريخ. (1) اعلم أن معرفة الحق وتمييزه والملازمة له من أركان الايمان وأحمزها أيضا، وأن الحق له آية يعرف بها ولا ربط له بالكثرة والقلة والاقبال والادبار، فربما يكون الحق وأهله في الخمول بحيث لا يعبؤ به وبهم ولا يسلك سبيله، كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: ” أيها الناس لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله فان الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل انتهى. ولفظة ” صاغرا ” غير موجودة في النسخ وصححناه من البحار. (2) هو أبو الحسن احمد بن الحسين الصوفى العطشى من كبار مشايخ البغداديين، روى عن عبد الله بن مطيع بن راشد البكري، وهو عن خالد بن عبد الله الواسطي المزني مولاهم، وهو عن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن عطية بن سعد بن جنادة العوفى.

[ 138 ]

المجلس السابع عشر مجلس يوم السبت السابع عشر من شعبان سنة سبع وأربعمائة، مما سمعه أبو الفوارس وحده وسمعته وأبو محمد عبد الرحمن أخي والحسين بن علي النيشابوري بقراءة سيدنا الشيخ الجليل المفيد أدام الله تأييده حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله عزه. 1 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي (1) قال: حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني قال: أخبرني سليمان بن أيوب قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: مرض رجل من الانصار فأتاه النبي صلى الله عليه وآله يعوده، فوافقه وهو في الموت، فقال: كيف تجدك ؟ قال: أجدني أرجو رحمة ربي، وأتخوف من ذنوبي، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما اجتمعتا في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله رجاءه، وآمنه مما يخافه. 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا المسعودي (2) قال: حدثنا يحيى بن سالم العبدي قال: حدثنا ميسرة (3)، عن المنهال بن عمرو، عن زر بن حبيش قال: مر علي بن أبي طالب عليه السلام على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسلمان في ملأ، فقال سلمان رحمة الله عليه: ألا


(1) عنونه الخطيب بعنوان محمد بن أحمد بن ابراهيم بن قريش الكاتب. وقد تقدم، روى عن محمد بن اسحاق الصاغانى الحافظ المعنون في التقريب، عن سليمان بن أيوب ابن سليمان البصري، عن جعفر بن سليمان الضبعى أبى سليمان البصري، عن ثابت البنانى. (2) هو كما في الغارات ج 1 ص 20 يوسف بن كليب المسعودي ولم نعثر على عنوانه في الكتب الرجالية والتراجم، وكذا يحيى بن سالم العبدى. (3) هو ميسرة بن حبيب النهدي أبو خازم الكوفى.

[ 139 ]

تقومون تأخذون بحجزته تسألونه ؟ فو [ الله ] الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يخبركم بسر نبيكم أحد غيره، وإنه لعالم الارض وزرها (1)، وإليه تسكن، ولو فقدتموه لفقدتم العلم، وأنكرتم الناس (2). 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا عبد الله بن راشد الاصفهاني (3) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا إسماعيل بن صبيح قال: حدثنا سالم بن أبي سالم المصري (4)، عن أبي هارون العبدي قال: كنت أرى رأي الخوارج لا رأي لي غيره حتى جلست إلى أبي سعيد الخدري رحمه الله فسمعته يقول: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة، فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الاربع التي عملوا بها ؟ قال: الصلاة، والزكاة والحج، وصوم شهر رمضان. قال: فما الواحدة التي تركوها ؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، قال الرجل: وإنها المفترضة معهن ؟ قال أبو سعيد: نعم ورب الكعبة، قال الرجل: فقد كفر الناس إذن ! قال أبو سعيد: فما ذنبي ؟. 4 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرى قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد البزاز (5) قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله العلوي


(1) قال في النهاية: ” وفي حديث أبى ذر، قال يصف عليا: وانه لعالم الارض وزرها الذي تسكن إليه ” أي قوامها، وأصله من زر القلب [ بالكسر ] وهو عظم صغير يكون قوام القلب به. وأخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان “. (2) يأتي شطر من هذا الحديث بسند آخر في آخر الكتاب. (3) كذا في بعض النسخ وفي بعضها ” عبد الله بن أسد ” وقلنا فيما تقدم لم نجد بهذا العنوان أحدا، ويمكن أن يكون فيه سقط والاصل علي بن عبد الله بن أسد أو كوشيد أو راشد الاصفهانى كما تقدم ذكره، وصحف جده كوشيد تارة بأسد وأخرى براشد أو بالعكس. (4) هو سالم بن أبي سالم الجيشاني المصري، يروى عنه اسماعيل بن صبيح اليشكرى الكوفى. (5) تقدم كونه الحسين بن محمد البزاز المعروف بابن المطبقى العلوى.

[ 140 ]

المحمدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني، عن معمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أيها الناس لزموا مودتنا أهل البيت، فإنه من لقي الله بودنا دخل الجنة بشفاعتنا، فوالذي نفس محمد بيده لا ينفع عبدا عمله إلا بمعرفتنا وولايتنا. 5 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الوليد رحمه الله، عن أبيه عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وهو قائم عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسأل [ الله ] الذي انتجبك واصطفاك وأصفاك وهداك وهدى بك أن يصلي عليك، ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ” (1). 6 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن موسى بن طلحة، عن أبي محمد أخي يونس بن يعقوب، عن أخيه يونس قال: كنت بالمدينة، فاستقبلني جعفر ابن محمد عليهما السلام في بعض أزقتها، فقال: اذهب يا يونس فإن بالباب رجلا منا أهل البيت، قال: فجئت إلى الباب فإذا عيسى بن عبد الله جالس، فقلت له: من أنت ؟ قال: [ أنا ] رجل من أهل قم. قال: فلم يكن بأسرع من أن أقبل أبو عبد الله عليه السلام على حمار، فدخل على الحمار الدار، ثم التفت إلينا فقال: ادخلا، ثم قال: يا يونس أحسب أنك أنكرت قولي لك ” أن عيسى بن عبد الله منا أهل البيت ” ؟ قال: قلت: إي والله جعلت فداك، لان عيسى بن عبد الله رجل من أهل قم، فكيف يكون منكم أهل البيت ؟ قال: يا يونس عيسى بن عبد الله رجل منا حيا، وهو منا ميتا (2).


(1) الاحزاب: 56. (2) في اختيار رجال الكشي ” وهو منا حي وهو منا ميت “. ونقل عن حمدويه بن نصير، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن أبي نصر، عن يونس بن يعقوب

[ 141 ]

7 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين القلاء، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن فقراء المؤمنين ينقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا (1)، ثم قال: سأضرب لك مثال ذلك، إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر (2) فنظر في إحديهما فلم يجد فيها شيئا، فقال: أسربوها (3)، ونظر في الاخرى فإذا هي موقرة (4)، فقال: احبسوها. 8 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا معشر من آمن بلسانه ولم يصل الايمان إلى قلبه لا تتبعوا عورات المؤمنين، ولا تذموا المسلمين، فإنه من تتبع عورات المؤمنين تتبع الله عوراته، ومن تتبع الله عوراته فضحه في جوف بيته (5).


= قال: دخل عيسى بن عبد الله القمى على أبى عبد الله عليه السلام فأوصاه باشياء ثم ودعه وخرج عنه، فقال عليه السلام لخادمه: ادعه، فانصرف فخرج إليه فأوصاه بأشياء ثم ودعه وخرج عنه، فقال لخادمة: ادعه، فانصرف إليه فأوصاه بأشياء ثم قال: يا عيسى بن عبد الله ان الله عزوجل يقول: ” وأمر أهلك بالصلاة ” وانك منا أهل أهل البيت، فإذا كانت الشمس من ههنا من العصر فصل ست ركعات، قال: ثم ودعه وقبل ما بين عينى عيسى فانصرف “. نقول: هو عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك الاشعري نزيل قم، والمدفون بها ظاهرا. (1) الخريف: الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء. ويريد به أربعين سنة لان الخريف لا يكون في السنة الا مرة واحدة، فإذا انقضى أربعون خريفا فقد مضت أربعون سنة. (2) العاشر من نصبه الحاكم على الطريق لاخذ صدقة التجار وأمنهم من اللصوص، وتقدم آنفا في الحديث النهى عن ذلك. (3) السرب بالفتح: الطريق، يقال: خل له سربه أي طريقه. (4) أوقر النخلة: كثر حملها فهي موقرة. وفي بعض النسخ ” موفرة ” بالفاء. (5) رواه الصدوق في ثواب الاعمال بأدنى اختلاف في اللفظ.

[ 142 ]

9 قال، أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا الحسن بن علي بن الحسن قال: حدثنا محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عبيدالله القصباني، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن ولايتنا ولاية الله عزوجل التي لم يبعث نبي قط إلا بها، إن الله عز اسمه عرض ولايتنا على السماوات والارض والجبال والامصار (1) فلم يقبلها قبول أهل الكوفة، وإن إلى جانبهم لقبرا (2) ما لقاه مكروب إلا نفس الله كربته، وأجاب دعوته، وقلبه إلى أهله مسرورا. 10 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا حنظلة أبو غسان قال: حدثنا أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب، عن محرز، عن جعفر مولى أبي هريرة (3) قال: دخل أرطاة بن سهية (4) على عبد الملك بن مروان وقد أتت عليه مائة وثلاثون سنة فقال له عبد الملك: ما بقي من شعرك يا أرطاة ؟ قال: والله يا أمير المؤمنين ما أطرب ولا أغضب ولا اشرب، ولا يجيئني الشعر إلا على هذه [ الخصال ]، غير أني الذي أقول: رأيت المرء يأكله الليالي * كأكل الارض ساقطة الحديد وما تبقي المنية (5) حين تأتي * على نفس ابن آدم من مزيد وأعلم أنها ستكر حتى * توفى نذرها بأبي الوليد قال: فارتاع عبد الملك وكان يكنى أبا الوليد فقال له أرطاة: إنما


(1) أي بقبولها وتبليغها إلى أممهم، ولمولانا الفيض (ره) كلام في هذا المقام فراجع تفسير الصافى المقدمة الثالثة. (2) المراد مضجع أمير المؤمنين علي عليه السلام وتربته الشريفة المقدسة. (3) لم نجده ولا راويه، وفي بعض النسخ ” محرز بن جعفر “. (4) هو أرطاة بن زفر بضم الزاى وفتح الفاء ابن عبد الله بن مالك بن شداد بن غطفان بن أبى حارثة، و ” سهية ” مصغرا اسم امه، وكان شاعرا مشهورا. (5) المنية: الموت.

[ 143 ]

عنيت نفسي يا أمير المؤمنين وكان يكنى أرطاة بأبي الوليد فقال عبد الملك: وأنا والله سيمر بي الذي يمر بك. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الامي وآله وسلم. المجلس الثامن عشر مجلس يوم السبت الرابع والعشرين من شعبان سنة سبع وأربعمائة مما سمعه أبو الفوارس وحده وسمعته وأبو عبد الرحمن أخي وسمع الحسين بن علي النيشابوري من لفظ الشيخ الجليل. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مروان، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: سمعته يقول: ما اغرورقت (1) عين بمائها من خشية الله عزوجل إلا حرم الله جسدها على النار، ولا فاضت (2) دمعة على خد صاحبها فرهق وجهه قتر (3) ولا ذلة يوم القيامة (4)، وما من شئ من أعمال الخير إلا وله وزن أو أجر إلا الدمعة من خشية الله، فإن الله يطفئ بالقطرة منها بحارا من نار يوم القيامة، وإن الباكي ليبكي من خشية الله في أمة فيرحم الله تلك الامة ببكاء ذلك المؤمن فيها.


(1) اغرورقت عيناه دمعا كأنهما غرقتا في دمعهما. (2) فاض الماء فيضا: كثر حتى سال كالوادى، وضمير ” فاضت ” اما راجع إلى الدموع أو إلى العين للاسناد المجازى كالفياض. (3) رهقه رهقا: غشيه. والقتر: الغبار. وضمير وجهه راجع إلى صاحب العين. (4) كذا في النسخ ومنقوله في البحار، وفيه عن العياشي: ” وما فاضت عين من خشية الله الا لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة “.

[ 144 ]

2 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن موسى الحضرمي قال: حدثنا مالك بن عبد الله بن سيف (1) قال: حدثنا علي بن معبد قال: حدثنا إسحاق بن يحيى الكعبي (2)، عن سفيان الثوري، عن منصور (3)، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يميز الله أولياءه وأصفياءه حتى تطهر الارض من المنافقين والضالين وأبناء الضالين (4)، وحتى تلتقي بالرجل يومئذ خمسون امرأة، هذه تقول: يا عبد الله اشترني، وهذه تقول: يا عبد الله آوني. 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو عبد الله الاسدي قال: حدثنا جعفر بن عبد الله العلوي المحمدي قال: حدثنا يحيى بن هاشم السمسار الغساني قال: حدثنا أبو الصباح عبد الغفور الواسطي (5)، عن عبد الله بن محمد القرشي، عن أبي علي الحسن بن علي الراسبي، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس [ رحمه الله ] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشاك في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام يحشر يوم القيامة من قبره وفي عنقه طوق من نار، فيه ثلاثمائة


(1) هو مالك بن عبد الله بن سيف التجيبى أبو سعيد البصري المعنون في التهذيب. (2) لم نجد بهذا العنوان أحدا وفي بعض النسخ ” اسحاق بن أبى يحيى ” والمظنون أنه تصحيف ” اسحاق بن يحيى الكاهلى ” أو ” اسحاق بن سليمان أبى يحيى العبدى الكوفى ” المعنون في الرجال، وراويه على بن معبد العبدي هو أبو الحسن الرقى. (3) هو منصور بن المعتمر أبو عتاب الكوفى روى عن ربعى بن حراش. (4) في بعض النسخ: ” والقتالين وأبناء القتالين ” وكأنه تصحيف من الكتاب. (5) روى الخطيب باسناده عن علي بن الحسين بن حيان قال ” وجدت في كتاب بخط أبى قال: أبو زكريا عبد الغفور الواسطي شيخ كان ههنا في رحبة أبي القاسم، حديثه ليس بشئ ” ثم قال الخطيب لا أعرف عبد الغفور هذا الا أن يكون أبا الصباح الواسطي ويغلب على ظنى أنه اياه فان كان هو فهو عبد الغفور بن سعيد “. وفي بعض النسخ ” أبو الصباح عن عبد الغفور “

[ 145 ]

شعبة، على كل شعبة منها شيطان يكلح في وجهه (1) ويتفل فيه. 4 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثني إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا فضل بن الزبير، عن عمران بن ميثم (2)، عن عباية الاسدي قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: أنا سيد الشيب، وفي سنة من أيوب، [ و ] والله ليجمعن الله لي أهلي كما جمعوا ليعقوب. 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله ابن أسد الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا الصباح بن يحيى المزني، عن الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله قال: قدم رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن قوله تعالى: ” أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه (3) ” ؟ قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان على بينة من ربه، وأنا الشاهد له ومنه، والذي نفسي بيده ما أحد جرت عليه المواسي (4) من قريش إلا وقد أنزل الله فيه من كتابه طائفة، والذي نفسي بيده لان يكونوا يعلمون ما قضى الله لنا أهل البيت على لسان النبي الامي أحب إلي من أن يكون لي ملء هذه الرحبة (5) ذهبا، والله ما مثلنا في هذه الامة إلا كمثل سفينة نوح، [ أ ] وكباب حطة في بني إسرائيل. 6 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب قال: حدثنا


(1) يكلح في وجهه: يفزعه. (2) الظاهر كونه عمران بن ميثم التمار. (3) هود: 17. (4) جمع موسى وهي آلة من فولاد يحلق بها، وفى اشتقاقه أقوال. (5) رحبة المكان محركة وتخفف: ساحته ومتسعه يقال: ” كان علي عليه السلام يقضى بين الناس في رحبة مسجد الكوفة ” أي صحنته.

[ 146 ]

الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، عن زيد بن المعدل، عن يحيى بن صالح (1)، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن جندب بن عبد الله الازدي قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول لاصحابه وقد استنفرهم أياما إلى الجهاد فلم ينفروا (2): أيها الناس إني قد استنفرتكم فلم تنفروا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، فأنتم شهود كأغياب (3)، وصم ذوو أسماع. أتلو عليكم الحكمة، وأعظكم بالموعظة الحسنة، وأحثكم على جهاد عدوكم الباغين، فما آتي على آخر منطقي حتى أراكم متفرقين، أيادي سبأ (4)، فإذا أنا كففت عنكم عدتم إلى مجالسكم حلقا عزين (5)، تضربون الامثال، وتتناشدون الاشعار، وتسألون عن الاخبار، قد نسيتم الاستعداد للحرب، وشغلتم قلوبكم بالاباطيل، تربت أيديكم (6) اغزوا القوم [ من ] قبل أن يغزوكم، فوالله ماغزي قوم قط في عقر


(1) هو يحيى بن صالح أبو زكريا الحريري الوحاظى. ولم نعثر على عنوان راويه زيد وكونه زيد النميري المعنون في الرجال غير ثابت لاختلاف الطبقة. (2) وذلك بعد أن أغار سفيان بن عوف الغامدى على الانبار بأمر معاوية وقتل بها أشرس بن حسان البكري وجميع من معه وهو عامل أمير المؤمنين (ع) على الانبار. (3) كذا في النسخ والبحار، والصواب: ” كغياب ” جمع الغائب كما في الغارات، وفي النهج ” شهود كغياب وعبيد كارباب، أتلو عليكم الحكم فتنفرون منها وأعظكم بالموعظة البالغة فتتفرقون عنها. الخ ” مع اختلاف كثير. (4) قالوا: ان سبأ هو أبو عرب اليمن كان له عشرة أولاد، جعل منهم ستة يمينا له، وأربعة شمالا تشبيها لهم باليدين، ثم تفرق اولئك الاولاد أشد التفرق. (5) الحلق بفتح الحاء، وكسرها، وفتح اللام جمع حلقة، وقال الجوهري: ” العزة الفرقة من الناس، والهاء عوض من الياء والجمع عزى على فعل [ بكسر الفاء ] وعزون وعزون أيضا بالضم، ومنه قوله تعالى: ” عن اليمين وعن الشمال عزين ” قال الاصمعي: يقال: في الدار عزون اي اصناف من الناس “. (6) قال في الاقرب: ” تربت يداك ” هذه من الكلمات التي جاءت عن العرب، صورتها =

[ 147 ]

ديارهم إلا ذلوا. وأيم الله ما أراكم تفعلون حتى يفعلوا، ولوددت أني لقيتهم على نيتي وبصيرتي فاسترحت من مقاساتكم. فما أنتم إلا كإبل جمة ضلت راعيها (1) فكلما ضمت من جانب انتشرت من جانب آخر، والله لكأني بكم (2) لو حمس الوغى، وأحم البأس (3) قد انفرجتم عن علي بن أبي طالب [ انفراج الرأس و ] انفراج المرأة عن قبلها (4). فقام إليه الاشعث بن قيس الكندي فقال له: يا أمير المؤمنين فهلا فعلت كما فعل ابن عفان (5) ؟ فقال عليه السلام له: يا عرف النار (6) ! ويلك إن فعل


= الدعاء ولا يراد بها الدعاء بل المراد الحث والتحريض ومنه ” فعليك بذات الدين تربت يداك ” وفى الصحاح ” وهو على الدعاء اي لا أصبت خيرا ” والاول هو الصواب. (1) في بعض النسخ: ” أضل راعيها “. قال في البحار: ” قال ابن السكيت: أضللت بعيرى إذا ذهب منك، وضللت المسجد والدار إذا لم تعرف موضعهما، وفي الحديث لعلى أضل الله، يريد أضل عنه اي أخفى عليه “. وقوله ” انتشرت من جانب ” في اللغة: انتشرت الابل: تفرقت عن غرة من راعيها. (2) زاد هنا في النهج ” فيما أخالكم أن. “. (3) حمس كفرح: اشتد. والوغى: الحرب، وأصلها الاصوات والجلبة وسميت الحرب نفسها وغى لما فيها من ذلك. وحم الشئ وأحم: قدر، وأحمه أمر: أهمه، وأحم خروجنا: دنا، وفي سائر الروايات: ” وحمى البأس “، وحمى الشمس أو النار: اشتد حرهما. (4) أي كما ينفلق الرأس فلا يلتئم، وهو مثل لشدة التفرق. قيل: اول من تكلم به أكثم بن صيفي في وصية له: يا بنى لا تنفرجوا عند الشدائد انفراج الرأس الخ. ” وانفراج المرأة عن قبلها ” أي وقت الولادة، أو عندما يشرع عليها سلاح. وفيه كناية عن العجز والدناءة في العمل والتفرق عند هجوم الاعداء. (5) أي سيرته في تقسيم الاموال واختصاصه أياها ببعض دون بعض. (6) لعله (ع) شبهه بعرف الديك [ وهي لحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك ] =

[ 148 ]

ابن عفان لمخزاة على من لا دين له، ولا حجة معه، فكيف وأنا على بينة من ربي، [ و ] الحق في يدي، والله إن أمرءا يمكن عدوه من نفسه يخذع لحمه ويهشم عظمه، ويفري (1) جلده، ويسفك دمه لضعيف ما ضمت عليه جوانح صدره (2)، أنت فكن كذلك إن أحببت (3)، فأما أنا فدون أن أعطى ذلك ضرب بالمشرفي (4)، يطير منه فراش الهام، وتطيح منه الاكف والمعاصم (5)، ويفعل بعد ما يشاء. فقام أبو أيوب الانصاري خالد بن زيد صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أيها الناس ! إن أمير المؤمنين قد أسمع من كانت له أذن واعية وقلب حفيظ، إن الله قد أكرمكم بكرامة لم تقبلوها حق قبولها، إنه ترك بين أظهركم ابن عم نبيكم، وسيد المسلمين من بعده، يفقهكم في الدين، و يدعوكم إلى جهاد المحلين، فكأنكم صم لا تسمعون، أو على قلوبكم غلف مطبوع عليها فأنتم لا تعقلون، أفلا تستحيون ؟.


= لكونه رأسا فيما يوجب دخول النار، أو المعنى أنك من القوم الذين يتبادرون دخول النار من غير روية كقوله تعالى: ” والمرسلات عرفا ” (البحار)، وفي التاج ” عرف الارض ” ما ارتفع منها. كأن المراد شعلة النار. (1) خذع اللحم ومالا صلابة فيه كمنع: خرزه وقطعه في مواضع (القاموس)، وهشم الشئ: كسره، وفرى الشئ: قطعه وشقه، مزقه. (2) يعني القلب وما يتبعه من الاوعية الدموية، والجوانح: الضلوع تحت الترائب. وفي نسخة ” جوارح صدره “. (3) لابن أبى الحديد هنا كلام، راجع شرح النهج شرح الخطبة الرابعة والثلاثين. (4) المشرفى بفتح الميم والراء سيوف منسوبة إلى مشارف اليمن. وفي نسخة ” ضربا بالمشرفى “. (5) فراش الهام: العظام الرقيقة التي تلى القحف. وتطيح: تسقط. والمعاصم: جمع المعصم وهو موضع السوار من الساعد وقيل: اليد.

[ 149 ]

عباد الله أليس إنما عهدكم بالجور والعدوان أمس ؟ قد شمل البلاء، وشاع في البلاد، فذو حق محروم، وملطوم وجهه، وموطوء بطنه (1) وملقى بالعراء، تسفى عليه الاعاصير (2)، لا يكنه من الحر والقر وصهر الشمس والضح (3) إلا الاثواب الهامدة (4)، وبيوت الشعر البالية، حتى جاءكم الله (5) بأمير المؤمنين عليه السلام فصدع بالحق، ونشر العدل، وعمل بما في الكتاب ؟ ! يا قوم فاشكروا نعمة الله عليكم ولا تولوا مدبرين، ” ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون (6) “. اشحذوا السيوف، واستعدوا لجهاد عدوكم، فإذا دعيتم فأجيبوا، وإذا أمرتم فاسمعوا وأطيعوا، وما قلتم فليكن، وما أمرتم فكونوا بذلك من الصادقين (7). 7 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إبراهيم الكرخي قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: لا يجمع الله


(1) في الغارات والبحار: ” موطأ ” من التفعيل وكلاهما بمعنى واحد. (2) سفت الريح التراب: ذرته أو حملته. والاعصار: ريح ترتفع بتراب بين السماء والارض والجمع: أعاصير. (3) القر بالضم: البرد. وصهر الشمس: حرارتها. والضح بالكسر: الشمس وضوؤها. (4) الهمود: الموت، وتقطع الثوب من طول الطى، والهامد البالى المسود المتغير. (5) أي من الله تعالى عليكم بوجوده وقبوله ملتمسكم. وفي الغارات: ” حباكم الله “، وحبا فلان فلانا كذا وبكذا: أعطاه، وحباه عن كذا: منعه. (6) الانفال: 21. (7) كذا في النسخ، ولكن في الغارات والبحار هكذا: ” وما قلتم فليكن ما أضمرتم عليه تكونوا بذلك من الصادقين “. ثم اعلم أن معظم هذه الخطبة مذكور في موضعين من قسم الخطب من النهج تحت رقم 34 و 97 من طبعة الدكتور صبحى الصالح.

[ 150 ]

لمؤمن الورع والزهد في الدنيا إلا رجوت له الجنة، ثم قال: وإني لاحب للرجل المؤمن منكم إذا قام في صلاته أن يقبل بقلبه إلى الله تعالى ولا يشغله بأمر الدنيا، فليس من مؤمن يقبل بقلبه في صلاته إلى الله إلا أقبل الله إليه بوجهه، وأقبل بقلوب المؤمنين إليه بالمحبة له بعد حب الله إياه. 8 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا محمد بن همام الكاتب الاسكافي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا محمد بن عيسى الاشعري قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم (1) قال: حدثني الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المؤمنون إخوة، يقضي بعضهم حوائج بعض، فبقضاء بعضهم حوائح بعض يقضي الله حوائجهم يوم القيامة (2). وصلى الله على سيدنا محمد والنبي وآله وسلم.


(1) الظاهر هو ابن أبى عمرو الغفاري الانصاري المعنون في جامع الرواة، وفي بعض النسخ: ” محمد بن ابراهيم ” فان كان هو فالظاهر أنه الرفاعي الكوفى الذي يروى عن الحسين بن زيد. (2) أمر عليه السلام بالتعاون والتعاضد، وأقل مراتب ذلك أن تعين غيرك حرصا على أن تعان، وأكمل مراتبه أن تندفع في هذا الامر وأنت غير متوقع منه فائدة ولا راج منه عائدة، ولا مرهون له بنعمة قال الله تعالى: ” وسيجنبها الاتقى. الذي يؤتى ماله يتزكى. وما لا حد عنده من نعمة تجزى. الا ابتغاء وجه ربه الاعلى. ولسوف يرضى “.

[ 151 ]

المجلس التاسع عشر مجلس يوم السبت مستهل شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، وحضره الاخ أبو محمد أبقاه الله. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الوليد، أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن سعيد الاعرج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال: إن من أوثق عرى الايمان (1) أن تحب في الله، وتبغض في الله، وتعطي في الله، وتمنع في الله تعالى. 2 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقرى قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الاسدي (2) قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن عبد الله العلوي قال: حدثنا يحيى بن هاشم الغساني قال: حدثني أبو المقوم يحيى بن ثعلبة الانصاري (3)، عن عاصم بن أبي النجود (4)، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال:


(1) جمع العروة وهى من الدلو والكوز المقبض والمراد بها هنا الاحكام والاخلاق والاداب اللازمة للايمان. (2) كذا، وفى غير موضع من الكتاب أبو عبد الله الحسين بن على الاسدي وفى مواضع أبو عبد الله الاسدي، والظاهر كونه الحسين بن محمد بن سعيد أبو عبد الله البزاز المعروف بابن المطبقى العلوى المترجم في تاريخ الخطيب، أو الحسين بن على أبو عبد الله الاسدي الدهان ظاهرا، والعلم عند الله. (3) لم نعثر على هذا العنوان في ما عندنا من الرجال، واحتمال كونه يحيى بن سعيد بن قيس بن ثعلبة الانصاري المقرى غير بعيد. (4) هو عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبى النجود الاسدي، مولاهم الكوفى أبو بكر المقرى، قال ابن حجر: صدوق، له أوهام، حجة في القراءة مات سنة 128.

[ 152 ]

كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره إذ هتف بنا أعرابي بصوت جهوري فقال: يا محمد ! فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ما تشاء ؟ فقال: المرء يحب القوم ولا يعمل بأعمالهم (1) ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: المرء مع من أحب. فقال: يا محمد اعرض علي الاسلام، فقال: اشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحج البيت، فقال: يا محمد تأخذ على هذا أجرا ؟ فقال: لا إلا المودة في القربى، قال: قرباي أو قرباك ؟ قال: بل قرباي، قال: هلم يدك حتى ابايعك، لا خير فيمن لا يودك، ولا يود قرباك. 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا القناد قال: حدثنا علي بن هاشم (2)، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت يحيى بن ام الطويل (3) يقول: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: مابين لوحي المصحف من آية إلا وقد علمت فيمن نزلت، وأين نزلت، في سهل أو جبل، وإن بين جوانحي لعلما جما، فسلوني قبل أن تفقدوني، فإنكم إن فقدتموني لم تجدوا من يحدثكم مثل حديثي. 4 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبد الكريم بن عمرو (4)،


(1) أي هل ينفعه ذلك وهل يغنى عنه شيئا ؟ وأجاب صلى الله عليه وآله بأن المحبة نافعة، وذلك بأنها يدفع المحب إلى رضا المحبوب والعمل بفعاله، ولقد أجاد من قال: أحب الصالحين ولست منهم * لعل الله يرزقنى صلاحا (2) القناد هو عمرو بن حماد بن طلحة أبو محمد الكوفى، قال ابن حجر: ” قد ينسب إلى جده، صدوق رمى بالرفض، مات سنة 222 روى عن على بن هاشم بن بريد “. (3) كذا ويحيى بن ام الطويل من حوارى على بن الحسين عليهما السلام. (4) هو عبد الكريم بن عمرو الخثعمي. واما قرينه ابراهيم فلم نعثر على عنوانه ولا =

[ 153 ]

وإبراهيم بن راحة البصري جميعا قالا: حدثنا ميسر قال: لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: ما تقول فيمن لا يعصي الله في أمره ونهيه، إلا أنه يبرأ منك ومن أصحابك على هذا الامر ؟ قال: قلت: وما عسيت أن أقول وأنا بحضرتك ؟ قال: قل ! فإني أنا الذي آمرك أن تقول. قال: قلت: هو في النار. قال: يا ميسر ! ما تقول فيمن يدين الله بما تدينه به، وفيه من الذنوب ما في الناس إلا أنه مجتنب الكبائر ؟ قال: قلت: وما عسيت أن أقول وأنا بحضرتك ؟ قال: قل ! فإني أنا الذي آمرك أن تقول. قال: قلت: في الجنة. قال: فلعلك تحرج أن تقول: هو في الجنة ؟ قال: قلت: لا، قال: فلا تحرج، فإنه في الجنة، إن الله عزوجل يقول: ” إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ” (1). 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني المسعودي (2) قال: حدثنا الحسن بن حماد، عن أبيه قال: حدثني رزين بياع الانماط قال: سمعت زيد بن علي بن الحسين عليه السلام يقول: حدثني أبي، عن أبيه، قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يخطب الناس فقال في خطبته: والله لقد بايع الناس أبا بكر وأنا أولى الناس بهم مني بقميصي هذا، فكظمت غيظي، وانتظرت أمر ربي، وألصقت كلكلي بالارض، ثم إن أبا بكر هلك، واستخلف عمر، وقد علم والله أني أولى الناس بهم مني بقميصي هذا، فكظمت غيظي، وانتظرت أمر ربي.


= يبعد كونه تصحيف ابراهيم بن رجا البصري، وفى بعض النسخ ” ابراهيم بن ذاحة “. وفى بعضها ” ابراهيم بن ناحة “، وفي امالي الطوسى ” ابراهيم بن داحة “. (1) النساء: 31. (2) المراد به يوسف بن كليب الراوى عن الحسن بن حماد الطائى.

[ 154 ]

ثم إن عمر هلك، وقد جعلها شورى، فجعلني سادس ستة كسهم الجدة، وقال: اقتلوا الاقل، وما أراد غيري، فكظمت غيظي، وانتظرت أمر ربي، وألصقت كلكلي بالارض، ثم كان من أمر القوم بعد بيعتهم لي ماكان، ثم لم أجد إلا قتالهم أو الكفر بالله (1). 6 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن علوية (2)، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا محمد بن عمرو الرازي (3) قال: حدثنا الحسين بن المبارك قال: حدثنا الحسن بن سلمة (4) قال: لما بلغ أمير المؤمنين صلوات الله عليه مسير طلحة والزبير وعائشة من مكة إلى البصرة نادى: الصلاة جامعة، فلما اجتمع الناس حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن الله تبارك وتعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم قلنا: نحن أهل بيته، وعصبته، وورثته، وأولياؤه، وأحق خلائق الله به، لا ننازع حقه


(1) ذلك لان ترك قتال الناكث المحارب والكف عنه حالكونه محاربا تقرير لنكثه وتجويز لاراقة الدماء بغير حق وترك لما أمر الله به من قتال الباغى، فقال عز من قائل: ” فقاتلوا التي تبغى ” الحجرات: 9. والخبر رواه العامة بطرق اخر، راجع تاريخ دمشق قسم علي بن أبى طالب ج 3 ص 175. وجاء في بعضها ” والكفر بما انزل على محمد “. (2) هو أحمد بن علوية الاصفهانى المعروف بابن الاسود الكاتب. (3) هو محمد بن عمرو بن عتبة الرازي كما في امالي الطوسى والجرح والتعديل لابن أبي حاتم. وشيخه ” الحسين أو الحسن بن المبارك ” لم نجده غير أن في فهرست الشيخ ورجال النجاشي ” الحسين بن المبارك ” له كتاب روى عنه محمد بن خالد البرقى، وكون محمد بن عمرو الرازي محمد بن عمرو بن بكر أبا غسان الطيالسي المعروف بزنيخ المعنون في التقريب وتهذيب التهذيب بعيد. (4) لم نعثر عليه بهذا العنوان، وان قلنا بتصحيف ” الحسين ” بالحسن فلابد من الارسال أو الاضمار لان الحسين بن سلمة المعنون في الرجال من اصحاب الصادق عليه السلام.

[ 155 ]

وسلطانه، فبينما نحن على ذلك إذ نفر المنافقون، فانتزعوا سلطان نبينا صلى الله عليه وآله وسلم منا، وولوه غيرنا، فبكت لذلك والله العيون والقلوب منا جميعا، وخشنت والله الصدور، وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين وأن يعودوا إلى الكفر، ويعور الدين (1) لكنا قد غيرنا ذلك ما استطعنا. وقد ولي ذلك ولاة، ومضوا لسبيلهم، ورد الله الامر إلي. وقد بايعني هذان الرجلان طلحة والزبير فيمن بايعني (2)، وقد نهضا إلى البصرة ليفرقا جماعتكم، ويلقيا بأسكم بينكم. اللهم فخذهما بغشهما لهذه الامة، وسوء نظرهما للعامة. فقام أبو الهيثم بن التيهان رحمه الله وقال: يا أمير المؤمنين إن حسد قريش إياك على وجهين: أما خيارهم فحسدوك منافسة في الفضل، وارتفاعا في الدرجة، وأما أشرارهم فحسدوك حسدا أحبط الله به أعمالهم، وأثقل به أوزارهم، وما رضوا أن يساووك حتى أرادوا أن يتقدموك، فبعدت عليهم الغاية، وأسقطهم المضمار، وكنت أحق قريش بقريش، نصرت نبيهم حيا، وقضيت عنه الحقوق ميتا، والله ما بغيهم إلا على أنفسهم، ونحن أنصارك وأعوانك، فمرنا بأمرك، ثم أنشأ يقول: إن قوما بغوا عليك وكادوك * وعابوك بالامور القباح ليس من عيبها جناح بعوض * فيك حقا ولا كعشر جناح أبصروا نعمة عليك من الله و * قرما يدق قرن النطاح (3) وإماما تأوي الامور إليه * ولجاما يلين غرب الجماح (4)


(1) في بعض نسخ الحديث: ” وان يعود الكفر ويبور الدين ” وفي بعضها: ” يعود الدين ” أي ارتد إلى ما كان عليه في الجاهلية بعد ما كان أعرض عنها. (2) في الارشاد هذه الزيادة: ” على الطوع منهما والايثار “. (3) القرم: السيد أو العظيم على التشبيه بالفحل والنطاح بالكسر الكباش الناطحة بالقرن، استعيرت هذا للشجعان. وفي بعض النسخ بالنون. (4) الغرب: الحدة وجماح الفرس امتناعه من راكبه.

[ 156 ]

حاكما تجمع الامامة فيه * هاشميا له عراض البطاح (1) حسدا للذي أتاك من الله * وعادوا إلى قلوب قراح (2) ونفوس هناك أوعية البغ‍ * – ض على الخير للشقاء شحاح (3) من مسر يكنه حجب الغيب * ومن مظهر العداوة لاح يا وصي النبي نحن من الح‍ * – ق على مثل بهجة الاصباح فخذ الاوس والقبيل من الخز * رج بالطعن في الوغى والكفاح (4) ليس منا من لم يكن لك في الل‍ * – ه وليا على الهدى والفلاح فجزاه أمير المؤمنين عليه السلام خيرا، ثم قام الناس بعده فتكلم كل واحد بمثل مقاله. 7 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بينما موسى بن عمران عليه السلام جالس إذ أقبل [ عليه ] إبليس وعليه برنس ذو ألوان، فلما دنا من موسى خلع البرنس، وأقبل عليه السلام فسلم عليه، فقال موسى: من أنت ؟ قال: أنا إبليس، قال موسى: فلا قرب الله دارك (5) فيم جئت ؟ قال: إنما جئت لاسلم عليك لمكانك من الله عزوجل


(1) العراض بالكسر: الناحية، والبطاح: جمع الابطح، يعني بها أبطح مكة وهو مسيل واديها. (2) أي مقروحة بالحسد. (3) في بعض النسخ: ” للشفاء شحاح “. وشحاح نعت لنفوس. (4) فخذ القوم بالتخفيف أي خذهم بالطعن، وأما بالتشديد ففي الاقرب: ” فخذ القوم عن فلان: خذلهم، وفخذ بينهم: فرقهم “. وقال الاصمعي: ” كافحوهم إذا استقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها ترس ولا غيره “. والوغى: الحرب. (5) دعاء عليه، اي لا قربك الله منا أو من أحد.

[ 157 ]

فقال له موسى: فما هذا البرنس ؟ قال: أختطف به قلوب بني آدم (1). قال له موسى: أخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذت عليه (2) ؟ فقال: إذا أعجبته نفسه، واستكثر عمله، وصغر في عينه ذنبه. ثم قال له: أوصيك بثلاث خصال يا موسى ! لا تخل بامرأة، ولا تخل بك، فإنه لا يخلو رجل بامرأة ولا تخلو به إلا كنت صاحبه دون أصحابي. وإياك أن تعاهد الله عهدا (3)، فإنه ما عاهد الله أحد إلا كنت صاحبه دون أصحابي حتى أحول بينه وبين الوفاء به. وإذا هممت بصدقة فامضها، فإنه إذا هم العبد بصدقة كنت صاحبه دون أصحابي، أحول بينه وبينها. ثم ولى إبليس ويقول: يا ويله ويا عوله علمت موسى ما يعلمه بني آدم. 8 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال سمعته يقول: لا تستكثروا كثير الخير، ولا تستقلوا قليل الذنوب، فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يكون كثيرا، وخافوا الله عزوجل في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف (4)، وسارعوا إلى طاعة الله، واصدقوا الحديث، وأدوا الامانة، فإنما ذلك لكم، ولا تدخلوا فيما لا يحل فانما ذلك عليكم. 9 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن أبي جعفر محمد بن


(1) اختطف: استلب، وكأن الالوان في البرنس كانت صورة شهوات الدنيا وزينتها. (2) استحواذه غلبته واستمالته إلى ما يريد منه. (3) أي إذا عاهدته تعالى فامض على الفور فانه قلما عاهد الله أحد فأدعه حتى يفى به. (4) النصف والنصفة بفتحين اسم من الانصاف، هو لزوم العدل في المعاملات مع الرب وغيره (مولى صالح). نقول: ومن خاف الله عزوجل في السر وعلم أنه مطلع على ذات صدره وخفي سريرته وأنه تعالى محاسبه في كل ما دق وجل يعطى من من نفسه النصف للرب تعالى وغيره. (*)

[ 158 ]

يعقوب الكليني رحمه الله عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين (1). وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم. المجلس العشرون مجلس يوم السبت لثمان خلون من شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، سمعه أبو الفوارس سماع أخي أبي محمد أبقاه الله، والحسين بن علي النيشابوري من أهل المجلس الذي قبل هذا. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله عزه. 1 قال: [ أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: ] حدثنا عبد الله بن جعفر


(1) قال شيخ العارفين بهاء الملة والدين: ” ليس المراد بالفقه الفهم ولا العلم بالاحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية فانه معنى مستحدث، بل المراد به البصيرة في أمر الدين، والفقه أكثر ما يأتي في الحديث بهذا المعنى، والفقيه هو صاحب هذه البصيرة، (إلى أن قال:) ثم هذه البصيرة اما موهبية وهي التي دعا بها النبي صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين (ع) حين أرسله إلى اليمن بقوله: ” اللهم فقهه في الدين ” أو كسبية وهى التي اشار إليها أمير المؤمنين (ع) حيث قال لولده الحسن (ع): ” وتفقه يا بني في الدين ” إلى آخر ما قال (ره). (راجع شرح الكافي للمولى صالح ره). فالفقيه بالمعنى الذي ذكره هو الذي شرح الله صدره للاسلام كما قال عز من قائل: ” أفمن شرح الله صدره للاسلام فهو على نور من ربه الاية ” وبهذا النور يعرف الحق فيلتزمه، والباطل فيجتنبه، فيصون عن الانحراف بتمام معنى الكلمة. وقد ذكر صلى الله عليه وآله صفات للفقيه وقال في جملتها: ” أن لا يدع القرآن رغبة عنه إلى ما سواه “. (*)

[ 159 ]

ابن محمد بن أعين البزاز قال: أخبرني زكريا بن [ يحيى بن ] صبيح (1) قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة الوالبي، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى حد لكم حدودا فلا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض فلا تضيعوها، وسن لكم سننا فاتبعوها، وحرم عليكم حرمات فلا تهتكوها (2)، وعفا لكم عن أشياء رحمة منه [ لكم ] من غير نسيان فلا تتكلفوها. 2 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرنا أحمد بن محمد المكي (3) قال: حدثنا أبو العيناء، عن محمد بن الحكم، عن لوط بن يحيى، عن الحارث بن كعب، عن مجاهد قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ازهدوا في هذه الدنيا التي لم يتمتع بها أحد كان قبلكم، ولا تبقى لاحد من بعدكم، سبيلكم فيها سبيل الماضين، قد تصرمت (4)، وآذنت بانقضاء، وتنكر معروفها، فهي تخبر (5) أهلها بالفناء، وسكانها بالموت. وقد أمر منها ما كان


(1) عبد الله بن جعفر البزاز لم نجده واحتمال كون شيخه زكريا بن يحيى بن صبيح الواسطي قريب ومعنون في الجرح والتعديل. وخلف بن خليفة بن صاعد الاشجعى يكنى أبا أحمد له عنوان في تاريخ الخطيب ج 8 ص 318. وبقية رجال السند معنونون في التقريب والتهذيب. (2) في النسخ كلها والبحار: ” فلا تنتهكوها ” والصواب ما أثبتناه في الصلب، وهتك الستر وغيره: خرقه، وهتك من التفعيل بمعناه للكثرة. (3) تقدم في سند الحديث الثالث من الباب الحادي عشر بعنوان أحمد بن محمد ابن عيسى المكى، وشيخه محمد بن القاسم أبو العيناء كنيته أبو عبد الله واشتهر بأبى العيناء له ترجمة ضافية في تاريخ بغداد ج 3 ص 170 تحت رقم 1215. (4) تصرم الشئ: تقطع، والسنة: انقضت. (5) ” تنكر معروفها ” أي معروفها مجهول، وبعبارة أخرى جهل منها ما كان معروفا. و ” تخبر أهلها ” وفي النهج ” فهي تخفر بالفناء سكانها، وتحدو بالموت جيرانها ” و ” تخفر الخ ” اي تعجلهم وتسوقهم.

[ 160 ]

حلوا، وكدر منها ما كان صفوا، فلم تبق منها إلا سملة كسملة الاداوة (1)، أو جرعة كجرعة الاناء (2)، لو تمززها العطشان لم ينقع بها (3). فأزمعوا (4) بالرحيل عن هذه الدار المقدور على أهلها الزوال، الممنوع أهلها من الحياة، المذللة فيها أنفسهم بالموت، فلا حي يطمع في البقاء، ولا نفس إلا مذعنة بالمنون (5)، ولا يعللكم (6) الامل، ولا يطول عليكم الامد، ولا تغروا منها بالآمال. ولو حننتم حنين الوله العجال (7)، ودعوتم مثل حنين الحمام، وجأرتم


(1) السملة بالتحريك: ما بقي في الاناء من الماء القليل بعد استخراجه. والاداوة: المطهرة، اناء صغير من جلد يشرب منه ويتطهر به. (2) في النهج: ” وجرعة كجرعة المقلة “، والمقلة: الحصاة، كانوا إذا اعوزهم الماء في الاسفار يضعونها في الاناء ثم يصبون عليها الماء إلى أن يغمرها، يقدرون بذلك ويقتسمون الماء بينهم ليشربوا من أولهم إلى آخرهم. (3) التمزز: تمصص الشراب قليلا قليلا كأنه يتذوقه ولا يريد أن يشربه، والنقع: سكون العطش والرى من الماء. (4) يقال: أزمع الامر وبه وعليه: أجمع أو ثبت عليه، أي اعزموا عليه. والمراد من العزم على الرحيل مراعاته والعمل له. وفي البحار: ” فآذنوا بالرحيل “. (5) المنون بالفتح: الدهر، يقال: ريب المنون أي حوادث الدهر وأوجاعه والمنون بالضم: الموت. (6) علله بكذا: شغله ولهاه به، أي اياكم وأن يشغلكم الامل عن الامور الواجبة الالهية فيطول عليكم الامد فتكونوا كمن قال سبحانه: ” فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون “. وفي النهج: ” ولا يغلبنكم فيها الامل “. (7) حن إليه: اشتاق. الوله بضم الواو وتشديد اللام: جمع الوالهة، يطلق على الناقة إذا اشتد وجدها على ولدها. العجال: جمع عجلى، وهي الناقة السريعة كأنها تسرع حيارى لتفقد ولدها ولا تجده.

[ 161 ]

جأر متبتل الرهبان (1)، وخرجتم إلى الله تعالى من الاموال والاولاد (2) التماس القربة إليه في ارتفاع درجة (3) عنده، أو غفران سيئة أحصتها كتبته، وحفظتها ملائكته لكان قليلا فيما أرجو لكم من ثوابه، وأتخوف عليكم من عقابه. جعلنا الله وإياكم من التائبين العابدين (4). 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد الاصفهاني، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي هاشم قال: حدثني يحيى بن الحسين البجلي، عن أبي هارون العبدي، عن زاذان، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفة فقال: أيها الناس إن الله باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة، ويغفر لعلي خاصة، ثم قال: أدن مني يا علي، فدنا منه، فأخذ بيده، ثم قال: إن السعيد، كل السعيد، حق السعيد من أطاعك وتولاك من بعدي، وإن الشقي، كل الشقي، حق الشقي من عصاك ونصب لك عداوة من بعدي. 4 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: أخبرني علي بن عبد الله الاصفهاني قال: حدثني إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن أبي جهضم الازدي (5)،


(1) الحنين: الانين. الحمام: طائر معروف، وفي النهج: ” دعوتم بهديل الحمام ” والهديل صوت الحمام في بكائه لفقد الفه. والجأر و: الجؤار: الصوت المرتفع. والمتبتل: المنقطع للعبادة، أي تضرعتم واستغثتم إلى الله بارفع أصواتكم كما يفعله الرهبان المنقطعون للعبادة. (2) في نسخة: ” بالاموال والاولاد “. (3) في بعض النسخ والبحار: ” الدرجة ” ولكن لا يناسبها ” سيئة ” بعدها. (4) لتمام الكلام راجع نهج البلاغة قسم الخطب الرقم: 52. (5) تقدم ص 121 ذكره.

[ 162 ]

عن أبيه قال: لما أخرج عثمان أبا ذر الغفاري رحمه الله من المدينة إلى الشام كان يقوم في كل يوم، فيعظ الناس، ويأمرهم بالتمسك بطاعة الله، ويحذرهم من ارتكاب معاصيه، ويروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما سمعه منه في فضائل أهل بيته عليه وعليهم السلام، ويحضهم على التمسك بعترته. فكتب معاوية إلى عثمان: أما بعد فإن أبا ذر يصبح إذا أصبح، ويمسي إذا أمسى وجماعة من الناس كثيرة عنده فيقول كيت وكيت، فإن كان لك حاجة في الناس قبلي فأقدم أبا ذر إليك، فإني أخاف أن يفسد الناس عليك، والسلام (1). فكتب إليه عثمان: أما بعد فأشخص إلي أبا ذر حين تنظر في كتابي هذا، والسلام. فبعث معاوية إلى أبي ذر فدعاه، وأقرأه كتاب عثمان، وقال له: النجا (2) الساعة. فخرج أبو ذر إلى راحلته، فشدها بكورها، وأنساعها (3)، فاجتمع إليه الناس فقالوا له: يا أبا ذر رحمك الله أين تريد ؟ قال: أخرجوني إليكم غضبا علي، وأخرجوني منكم إليهم الآن عبثا بي، ولا يزال هذا الامر


(1) قال ابن بطال (كما في عمدة القارى للعينى 4: 291): ” انما كتب معاوية يشكو أبا ذر لانه كان كثير الاعتراض عليه والمنازعة له، وكان في جيشه ميل إلى أبي ذر فأقدمه عثمان خشية الفتنة لانه كان رجلا لا يخاف في الله لومة لائم “. هذا والحق أنه لما بنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال له أبو ذر: يا معاوية ان كانت هذه من مال الله فهى الخيانة، وان كانت من مالك فهو الاسراف. فكتب معاوية ذلك إلى عثمان، فكتب عثمان إليه: أما بعد، فاحمل إلى جندبا يعني أبا ذر على اغلظ مركب وأوعره، فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها قتب، بحيث لما قدم المدينة ليس على فخذيه لحم. (2) النجا بالمد والقصر: مصدر، ومنصوب على الاغراء أي اسرع. (3) الكور بالضم: الرحل. والانساع جمع النسع بالكسر وهو سير ينسج عريضا على هيئة أعنة البغال، تشد به الرحال.

[ 163 ]

فيما أرى شأنهم فيما بيني وبينهم حتى يستريح بر، أو يستراح من فاجر، ومضى. وسمع الناس بمخرجه فأتبعوه حتى خرج من دمشق، فساروا معه حتى انتهى إلى دير مران (1)، فنزل، ونزل معه الناس، فاستقدم فصلى بهم، ثم قال: أيها الناس إني موصيكم بما ينفعكم، وتارك الخطب والتشقيق (2)، احمدوا الله عزوجل، قالوا الحمد لله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، فأجابوه بمثل ما قال، فقال: أشهد أن البعث حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأقر بما جاء من عند الله، فاشهدوا علي بذلك، قالوا: نحن على ذلك من الشاهدين. قال: ليبشر من مات منكم على هذه الخصال برحمة الله وكرامته ما لم يكن للمجرمين ظهيرا، ولا لاعمال الظلمة مصلحا، ولا لهم معينا. أيها الناس أجمعوا مع صلاتكم وصومكم غضبا لله عزوجل إذا عصي في الارض، ولا ترضوا ائمتكم بسخط الله، وإن أحدثوا (3) ما لا تعرفون فجانبوهم، وأزرؤا عليهم وإن عذبتم وحرمتم وسيرتم حتى يرضى الله عزوجل، فإن الله أعلا وأجل لا ينبغي أن يسخط برضى المخلوقين، غفر الله لي ولكم، أستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام ورحمة الله. فناداه الناس أن سلم الله عليك ورحمك يا أبا ذر، يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ألا نردك إن كان هؤلاء القوم أخرجوك، ألا نمنعك (4) ؟ فقال لهم: ارجعوا رحمكم الله فإني أصبر منكم على البلوى، وإياكم والفرقة


(1) بضم أوله تثنية مر، بالقرب من دمشق، على تل مشرف على مزارع الزعفران (المراصد). (2) شقق الكلام: أخرجه أحسن مخرج. (3) في نسخة: ” وإذا أحدثوا “. (4) في نسخة: ” انا لا نردك أن كان هؤلاء القوم أخرجوك ولا نمنعك “.

[ 164 ]

والاختلاف. فمضى حتى قدم على عثمان، فلما دخل عليه قال له: لا قرب الله بعمرو عينا (1)، فقال أبو ذر: والله ما سماني أبواي عمرا ولكن لا قرب الله من عصاه، وخالف أمره، وارتكب هواه. فقام إليه كعب الاحبار فقال له: ألا تتقي الله يا شيخ تجيب (2) أمير المؤمنين بهذا الكلام ؟ ! فرفع أبو ذر عصى كانت في يده فضرب بها رأس كعب، ثم قال له: يا ابن اليهوديين ما كلامك مع المسلمين ؟ فوالله ما خرجت اليهودية من قلبك بعد (3). فقال عثمان: والله لا جمعتني وإياك دار، قد خرفت، وذهب عقلك، أخرجوه من بين يدي حتى تركبوه قتب ناقته بغير وطاء، ثم انخسوا (4) به الناقة وتعتعوه حتى توصلوه الربذة، فنزلوه بها من غير أنيس حتى يقضي الله فيه ما هو قاض، فأخرجوه متعتعا ملهوزا بالعصي (5).


(1) في شرح النهج عن الواقدي ” أن أبا ذر لما دخل على عثمان، قال له: ” لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب، فقال أبو ذر: أنا جنيدب وسماني وسماني به رسول الله صلى الله عليه وآله إلى آخر ما قال “. (2) أي تستقبله بهذا الكلام ؟ وفي نسخة: ” وتجيب “. (3) ما هذه الشنشنة في الخليفة انه يطرد أبا ذر ويردفه بصلحاء آخرين، ثم يستجلب حوله من يهواه من الامويين ومن انضوى إليه من رواد النهم من أبناء اليهود المعاندين للاسلام والمسلمين ؟ وكان من صالح الخليفة أن يدنى إليه أبا ذر فيستفيد بعلمه وخلقه ونسكه وأمانته وثقته وتقواه وزهده، لكنه لم يفعل، وماذا كان يجديه لو فعل ؟ نعوذ بالله من الخذلان والاستدراج. (4) في الاساس: ” نخسوا بفلان: نخسوا دابته وطردوه “، وفي البحار: ” ثم انجوا ” وقال المجلسي (ره): ” قوله: ثم انجوا، أي أسرعوا، وقال: تعتعه: أقلقه وأزعجه “. (5) لهزه بالمرح: طعنه في صدره، واللهز: الضرب بجميع اليد في الصدر.

[ 165 ]

وتقدم أن لا يشيعه أحد من الناس، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبى طالب عليه السلام فبكى حتى بل لحيته بدموعه، ثم قال: أهكذا يصنع بصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم نهض ومعه الحسن والحسين عليهما السلام، وعبد الله بن العباس، والفضل، وقثم، وعبيدالله حتى لحقوا أبا ذر، فشيعوه. فلما بصر بهم أبو ذر رحمه الله حن إليهم، وبكى عليهم، وقال: بأبي وجوه إذا رأيتها ذكرت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وشملتني البركة برؤيتها. ثم رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إني أحبهم، ولو قطعت إربا إربا في محبتهم ما زلت عنها ابتغاء وجهك والدار الآخرة، فارجعوا رحمكم الله، والله أسأل أن يخلفني فيكم أحسن الخلافة. فودعه القوم ورجعوا وهم يبكون على فراقه. 5 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الهاشمي قال: حدثنا عبد المؤمن، عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسرع الاشياء عقوبة رجل تحسن إليه ويكافيك على إحسانك بإساءة، ورجل عاهدته فمن شأنك الوفاء له ومن شأنه أن يكذبك، ورجل لا تبغي عليه وهو دائما يبغي عليك، ورجل تصل قرابته فيقطعك. 6 قال: حدثنا أبو علي أحمد بن محمد الصولي بمسجد براثا سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثني


والعصى بالكسر العظام التي في الجناح، وفي نسخة: ” موهونا بالعصا “. قال قاضى القضاة في مغنيه: ” أن أبا ذر خرج إلى الربذة مختارا كما رواه بعض “. ونحن لا ننكر ذلك النقل لكن التمسك بهذا النقل الشاذ، وترك القول المستفيض الذي جاء بخلافه مع العلم بأن نقل الشاذ النادر والاحتجاج به في مقابل المتواتر المستفيض فعل الجاهل الغبي ليس الا عمل من باع دينه بدنيا غيره. نستجير بالله ونعوذ به من الخذلان.

[ 166 ]

محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا قيس بن حفص الدارمي قال: حدثنا الحسين الاشقر، عن عمر [ و ] بن عبد الغفار (1)، عن إسحاق بن الفضل الهاشمي قال: كان من دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: ” اللهم إني أعوذ بك أن أعادي لك وليا، أو أوالي لك عدوا، أو أرضى لك سخطا أبدا. اللهم من صليت عليه فصلواتنا عليه، ومن لعنته فلعنتنا عليه. اللهم من كان في موته فرح لنا ولجميع المسلمين فأرحنا منه، وأبدل لنا به من هو خير لنا منه حتى ترينا من علم الاجابة ما نتعرفه في أدياننا ومعايشنا يا أرحم الراحمين “. وصلى الله عليه سيدنا محمد النبي وآله وسلم. المجلس الحادي والعشرون مجلس يوم السبت النصف من شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، سمعه أبو الفوارس. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي رحمه الله عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي عليهما السلام قال: سمعته يقول: أربع من كن فيه كمل إسلامه، وأعين على إيمانه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض ولو كان فيما بين قرنه إلى قدمه ذنوب حطها الله عنه، وهي: الوفاء بما


(1) تقدم أن المراد بالاشقر الحسين بن الحسن الاشقر، وأما قيس بن حفص أبو محمد الدارمي التميمي البصري مولاهم فمعنون في التقريب. وأما عمرو بن عبد الغفار فالظاهر كونه عمرو بن عبد الغفار بن عمرو الفقيمى الكوفى. وهو وشيخه اسحاق بن الفضل معنونان في الرجال. (*)

[ 167 ]

يجعل لله على نفسه (1)، وصدق اللسان مع الناس، والحياء مما يقبح عند الله وعند الناس (2)، وحسن الخلق من الاهل والناس. وأربع من كن فيه من المؤمنين أسكنه الله في أعلى عليين، في غرف فوق غرف، في محل الشرف كل الشرف: من آوى اليتيم ونظر له فكان له أبا [ رحيما ]، ومن رحم الضعيف وأعانه وكفاه، ومن أنفق على والديه ورفق بهما وبرهما ولم يحزنهما، ومن لم يخرق بمملوكه، وأعانه على ما يكلفه، ولم يستسعه (3) فيما لا يطيق. 2 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمد بن أحمد الحكيمي قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: أخبرنا يحيى بن معين قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر (4)، عن ثابت، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما كان الفحش (5) في شئ قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شئ قط إلا زانه. 3 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقري قال: حدثنا أبو عبد الله


(1) يأتي الحديث بدون ذيله في المجلس الخامس والثلاثين وفيه: ” من وفى لله بما جعل على نفسه للناس “. (2) يشعر بأن المؤمن التقى ينبغي أن يواظب ما هو معمول به أو منهى عنه في عرف الناس ما لم يخالف حكم الله تعالى فان من لم يراع ذلك سقط من أعين الناس ويخرج مهابته من قلوبهم. (3) استسعى العبد استسعاء: كلفه من العمل ما يؤدى به عن نفسه إذا اعتق بعضه ليعتق ما بقي منه. (4) هو معمر بن راشد الذى يروى عن ثابت البنانى، وروى عنه عبد الرزاق ابن همام الحافظ. (5) أراد بالفحش التعدي في القول والجواب، لا الفحش الذي من قذع الكلام ورديئه، وقد يكون الفحش بمعنى الزيادة والكثرة (راجع النهاية).

[ 168 ]

الحسين بن علي الرازي قال: حدثنا جعفر بن محمد الحنفي (1) قال: حدثني يحيى بن هاشم السمسار قال: حدثنا عمرو بن شمر قال: حدثنا حماد، عن أبي الزبير (2)، عن جابر بن عبد الله بن حرام الانصاري قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله من وصيك ؟ قال: فأمسك عني عشرا لا يجيبني، ثم قال: يا جابر ألا أخبرك عما سألتني ؟ فقلت: بأبي وأمي أنت، أم والله لقد سكت عني حتى ظننت أنك وجدت علي (3). فقال: ما وجدت عليك يا جابر، ولكن كنت أنتظر ما يأتيني من السماء، فأتاني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن ربك [ يقرئك السلام و ] يقول لك: إن علي بن أبي طالب وصيك وخليفتك على أهلك وأمتك، والذائد عن حوضك، وهو صاحب لوائك، يقدمك إلى الجنة (4). فقلت: يا نبي الله أرأيت من لا يؤمن بهذا أقتتله ؟ قال: نعم يا جابر، ما وضع هذا الموضع إلا ليتابع عليه (5)، فمن تابعه كان معي غدا، ومن خالفه


(1) كذا، وهو جعفر بن عبد الله بن جعفر بن عبد الله بن جعفر بن محمد (ابن الحنفية) ابن على بن أبى طالب وقد يقال له جعفر بن عبد الله المحمدى أو جعفر بن عبد الله رأس المدرى، والنسبة إلى جده الاعلى أو ” محمد ” تصحيف ” عبد الله “. وراويه أبو عبد الله الحسين بن علي الرازي يمكن أن يكون هو أبا عبد الله الاسدي الذي تقدم في غير مورد روايته عن جعفر بن عبد الله العلوي لكن تقدم أنه الحسين بن محمد أبو عبد الله. ويمكن أن يكون هو الحسين بن علي الدينارى أبو عبد الله المعنون في الجرح والتعديل. (2) هو محمد بن مسلم بن تدرس بضم الراء الاسدي مولاهم أبو الزبير المكى، روى عن جابر بن عبد الله الانصاري، وروى عنه فضيل بن عثمان ومعاوية بن عمار، قال ابن حجر: صدوق الا انه يدلس، مات سنة 126. (3) أي غضبت على. (4) قدم فلان القوم: سبقهم وفي البحار: ” يتقدمك “. (5) في البحار: ” ليبايع عليه “.

[ 169 ]

لم يرد علي الحوض أبدا. 4 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا عمر بن أسلم قال: حدثنا سعيد بن يوسف البصري، عن خالد بن عبد الرحمن المدايني (1)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد ضرب كتف علي بن أبي طالب عليه السلام بيده وقال: يا علي من أحبنا فهو العربي، ومن أبغضنا فهو العلج (2)، شيعتنا أهل البيوتات والمعادن والشرف (3) ومن كان مولده صحيحا، وما على ملة إبراهيم عليه السلام إلا نحن وشيعتنا، وساير الناس منها برآء، وإن لله ملائكة يهدمون سيئات شيعتنا كما يهدم القدوم البنيان (4). 5 قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه قال: حدثنا لوط بن يحيى قال: حدثني عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه قال: لما بويع عثمان سمعت المقداد بن الاسود الكندي رحمه الله يقول لعبد الرحمن بن عوف: والله يا عبد الرحمن ما رأيت مثل ما أتي إلى أهل (5) هذا البيت بعد نبيهم [ صلى الله عليه وآله وسلم ]، فقال له عبد الرحمن:


(1) كذا، والظاهر كونه اما خالد بن أبى كريمة أبا عبد الرحمن المدائني وهو اصفهاني الاصل له ترجمة ضافية في تاريخ بغداد وتاريخ أبى نعيم وتهذيب ابن حجر، واما خالد بن عبد الرحمن الخراساني المعنون فيها، ولم نجد راويه، وكذا عمر بن أسلم. (2) العلج بالكسر فالسكون: الرجل الضخم من كفار العجم، وبعضهم يطلقه على الكافر مطلقا. (3) المراد بأهل البيوتات والمعادن القبائل الشريفة والانساب الصحيحة (البحار). (4) القدوم بفتح القاف: آلة ينحت بها الخشب. وفي البحار: ” كما يهدم القوم البنيان “. (5) كذا، وفي اللغة أتى فلان مجهولا وهى وتغير وأشرف عليه العدو، =

[ 170 ]

وما أنت وذاك يا مقداد ؟ ! قال: إني والله أحبهم لحب رسول الله لهم ويعتريني والله وجد لا أبثه بثة، لتشرف قريش على الناس بشرفهم (1) واجتماعهم على نزع سلطان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أيديهم. فقال له عبد الرحمن: ويحك والله لقد اجتهدت نفسي لكم، فقال له المقداد: أما والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم يوم بدر واحد. فقال له عبد الرحمن: ثكلتك أمك يا مقداد لا يسمعن هذا الكلام منك الناس، أما والله إني لخائف أن تكون صاحب فرقة وفتنة. قال جندب: فأتيته بعد ما انصرف من مقامه، وقلت له: يا مقداد أنا من أعوانك، فقال: رحمك الله إن الذي نريد لا يغني (2) فيه الرجلان والثلاثة. فخرجت من عنده، فدخلت على علي بن أبي طالب عليه السلام فذكرت له ما قال وما قلت. قال: فدعا لنا بالخير. 6 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي (3) قال:


والقياس ” اتى على فلان ” واتى فلان من مأمنه أي جاءه الهلاك من جهة أمنه. (1) أي أصابني والله حزن شديد لا أقدر على اظهاره وذلك لان تشرف قريش على الناس كان من أجل شرفهم ومع ذلك اجتمعوا على نزع الخلافة عنهم. (2) في بعض النسخ ” لا يكفى “. (3) الظاهر كونه اسماعيل بن اسحاق الازدي الذي ولى قضاء الجانب الشرقي ببغداد سنة ست وأربعين ومأتين. يروى عن سعيد بن يحيى بن سعيد الاموى، عن عمه محمد بن سعيد. وسقط عن بعض النسخ ” سعيد بن يحيى عن “، وفي أمالي الطوسى ” سعيد بن يحيى قال: حدثنا يحيى بن سعيد ” وهو أبوه.

[ 171 ]

حدثنا سعيد بن يحيى، عن محمد بن سعيد قال: حدثنا عبد الملك بن عمير اللخمي (1) قال: قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية ومع معاوية على السرير الاحنف بن قيس والحباب المجاشعي، فقال له معاوية: من أنت ؟ فقال: أنا جارية بن قدامة، قال: وكان نبيلا فقال له معاوية: ما عسيت أن تكون (2)، هل أنت إلا نحلة ؟ فقال: لا تفعل يا معاوية، قد شبهتني بالنحلة وهي والله حامية اللسعة، حلوة البصاق (3)، ووالله ما معاوية إلا كلبة تعاوى الكلاب، وما أمية إلا تصغير أمة. فقال معاوية: لا تفعل، قال: إنك فعلت ففعلت. قال له: فادن اجلس معي على السرير، فقال: لا أفعل، قال: ولم ؟ قال: لاني رأيت هذين قد أما طاك عن مجلسك فلم أكن لاشاركهما. قال: له معاوية: أدن اسارك، فدنا منه، فقال له: يا جارية إني اشتريت من هذين [ الرجلين ] دينهما. قال: ومني فاشتر يا معاوية، قال له: لا تجهر. 7 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا محمد بن أحمد الحكيمي قال: حدثنا محمد بن إسحاق (4) قال: أخبرنا داود بن


(1) هو عبد الملك بن عمير بن سويد اللخمى الفقيه الكوفى المتوفى سنة 136 وله يومئذ مائة وثلاث سنين. (2) كذا في امالي الطوسى والبحار، وفي النسخ: ” وكان قليلا ما عسيت أن تكون “. (3) النحلة: واحدة النحل بالفتح وهو ذباب العسل، يقع على الذكر والانثى. والحامية من قولهم حمى النار حموا كعتو: إذا اشتد حرها، فالنحلة شديد حر لسعتها، حلوة لعابها وهو العسل (هامش البحار). نقول: تشبيهه اياه بالنحلة كأنه لضعف بدنه، ثم ان الكلمة في نسخة البحار كانت ” النخلة ” وجرى في بيانه على قلم الشارح ما جرى. (4) الظاهر كونه محمد بن اسحاق أبا بكر الصاغانى المتقدم ذكره.

[ 172 ]

المحبر قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي (1) قال: حدثنا خالد بن يزيد اليماني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم. المجلس الثاني والعشرون مجلس يوم السبت الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، سمعه أبو الفوارس. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن سالم بن البراء المعروف بابن الجعابي رحمه الله قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني المعروف بابن عقدة قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان قال: حدثنا محمد بن مروان الذهلي، عن عمرو بن سيف الازدي قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: لا تدع طلب الرزق من حله فإنه عون لك على دينك (2)، واعقل


(1) كذا وقال في فيض القدير: أخرجه ابن أبى الدنيا في كتاب الصمت عن أبى عبيدة بن عبد الوارث بن عبد الصمد، عن أبيه، عن عتبة بن عبد الرحمن القرشى، عن خالد بن يزيد اليماني، عن أنس بن مالك، وحكم ابن الجوزى بوضعه وقال: عتبة متروك وتعقبه المؤلف بأن البيهقى أخرجه في الشعب، عن عتبة ه‍. نقول: مراد ابن الجوزى تضعيف السند لا الخبر. وأما ” عنبسة ” فهو ابن عبد الرحمن بن عيينة بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، وقال ابن حجر: ” وقال بعضهم: عنبسة بن أبي عبد الرحمن الاموى ” فالصواب ” عنبسة ” لا ” عتبة “، وعتبة بن عبد الرحمن لم نعثر على عنوانه. (2) في أمالي ابن الشيخ: ” فانه أعون لك على دينك “.

[ 173 ]

راحلتك وتوكل. 2 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن غالب قال: حدثنا الحسين بن علي بن رباح (1)، عن سيف بن عميرة قال: حدثنا محمد بن مروان قال: حدثنا عبد الله ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة: عبد آبق من مواليه حتى يرجع إليهم فيضع يده في أيديهم، ورجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة تبيت وزوجا عليها ساخط. 3 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي، عن عبد الله بن إبراهيم (2) قال: حدثني الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لما أسري بي إلى السماء [ و ] انتهيت إلى سدرة المنتهى (3) نوديت: يا محمد استوص بعلي خيرا، فإنه سيد المسلمين (4)، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين يوم القيامة.


(1) الظاهر كونه ” الحسن بن علي بن بقاح ” وصحف في النسخ، والعلم عند الله. (2) الحسن بن على هو ابن فضال التيملى مولى تيم الله بن ثعلبة جليل القدر عظيم المنزلة وكان فطحيا استبصر في آخر عمره. وعبد الله بن ابراهيم هو ابن أبي عمرو الغفاري حليف الانصار فتارة يقال له الانصاري واخرى الغفاري، له كتاب روى عنه الحسن بن علي بن فضال. (3) في النهاية ” في حديث الاسراء: ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ” السدر: شجر النبق وسدرة المنتهى: شجرة في أقصى الجنة إليها ينتهى علم الاولين والاخرين ولا يتعداها. (4) في المطبوعة: ” سيد الوصيين ” وفي بعض النسخ: ” سند المسلمين “.

[ 174 ]

4 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن علي الزعفراني قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة (1)، عن عمرو بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على منبر الكوفة: أيها الناس إنه كان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله عشر خصال، هن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة، وأنت أقرب الخلائق إلي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة مواجه منزلي كما يتواجه منازل الاخوان في الله عزوجل، وأنت الوارث مني، وأنت الوصي من بعدي في عداتي وأمري، وأنت الحافظ لي في أهلي عند غيبتي، وأنت الامام لامتي، والقائم بالقسط في رعيتي، وأنت وليي، ووليي ولي الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله. 5 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أحمد بن عبد الحميد بن خالد (2) قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة، عن الحسين الاشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي


(1) هو عثمان بن محمد بن ابراهيم بن عثمان العبسى أبو الحسن بن أبى شيبة الكوفى، قال ابن حجر: ” ثقة حافظ شهير، وله أوهام، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، مات سنة 239 وله ثلاث وثمانون سنة “. نقول: روى ابن أبى الحديد في شرحه عن الثقفي، عنه، الا أن في مشيخة صاحب الغارات وأسناده أيضا: عبد الله بن محمد بن أبى شيبة العبسى. (2) لم نجد بهذا العنوان أحدا فيما عندنا من الرجال، واما شيخه ففي بعض النسخ ” محمد بن عمر بن عتبة “. وفي أمالى الطوسى في غير موضع ” محمد بن عمرو بن عتبة ” وهو معنون في الجرح والتعديل وقال: يكنى أبا جعفر مجهول الحال.

[ 175 ]

قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: من دمعت عينه فينا (1) دمعة لدم سفك لنا (2)، أو حق لنا نقصناه، أو عرض انتهك لنا أو لاحد من شيعتنا بوأه الله تعالى بها في الجنة حقبا. 6 قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن أسد الاصفهاني قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن عثمان قال: حدثني علي بن أبي سيف (3)، عن أبي حباب (4)، عن ربيعة (5) وعمارة وغيرهما: أن طائفة من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام مشوا إليه عند تفرق الناس عنه وفرار كثير منهم إلى معاوية طلبا لما في يديه من الدنيا، فقالوا له: يا أمير المؤمنين أعط هذه الاموال، وفضل هؤلاء الاشراف من العرب وقريش على الموالي (6) والعجم، ومن


(1) في نسخة: عيناه فينا “. (2) في المطبوعة: ” سفك منا “. (3) هو أبو الحسن المدائني المؤرخ المعروف. (4) في بعض النسخ وأمالى ابن الشيخ وفي المستدرك نقلا عن مجالس المفيد: ” على بن أبى حباب ” لكن في الغارات: ” أبى حباب “. ولم نجد ” علي بن أبى حباب ” وأما أبو حباب فالظاهر كونه سعيد بن يسار ففى التقريب: ” أبو الحباب بضم أوله وموحدتين الاولى خفيفة سعيد بن يسار المدنى المتوفى سنة 117. والذي يخطر بالبال تصحيف النسخ والصواب ظاهرا هو أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبى الذي روى عن ربيعة غير مرة كما في كتاب نصر ابن مزاحم وشرح ابن أبي الحديد على النهج، وهو معنون في التقريب والتهذيب. (5) الظاهر كونه ربيعة الجرمى أو ابن ناجذ الكوفى الاسدي وأما عمارة فهو اما عمارة بن ربيعة الجرمى أو عمارة بن عمير والعلم عند الله. (6) قال العلامة المجلسي (ره) في المرآة: ” قال المطرزى في المغرب: أن الموالى بمعنى العتقاء، لما كانت غير غرب في الاكثر غلبت على العجم حتى قالوا: الموالى أكفاء بعضها لبعض، والعرب أكفاء بعضها لبعض، وقال عبد الملك في الحسن =

[ 176 ]

تخاف (1) خلافه عليك من الناس وفراره إلى معاوية. فقال لهم أمير المؤمنين عليه السلام: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور ؟ لا والله لا أفعل (2) ما طلعت شمس، و [ ما ] لاح في السماء نجم. [ والله ] لو كانت أموالهم (3) لي لواسيت بينهم، فكيف وإنما هي أموالهم ؟ ! قال: ثم أرم (4) أمير المؤمنين عليه السلام طويلا ساكتا، ثم قال: من كان له مال فإياه والفساد، فإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف، وهو وإن كان ذكرا لصاحبه في الدنيا فهو يضيعه عند الله عزوجل، ولم يضع رجل ماله في غير حقه وعند غير أهله إلا حرمه الله شكرهم و [ إن ] كان لغيره ودهم، فإن بقي معه من يوده ويظهر له الشكر فإنما هو ملق وكذب، يريد التقرب به إليه لينال منه مثل الذي كان يأتي إليه من قبل، فإن زلت بصاحبه النعل (5) واحتاج إلى معونته أو مكافأته فشر خليل وألام خدين (6). ومن صنع المعروف فيما آتاه [ الله ] فليصل به القرابة، وليحسن فيه الضيافة، وليفك به العاني (7)، وليعن به الغارم وابن السبيل والفقراء والمجاهدين


البصري: أمولى هو أم عربي ؟ فاستعملوها استعمال الاسمين المتقابلين “. راجع تعليقة 55 لكتاب الغارات. (1) في النسخ: ” من يخاف خلافه عليك ” وعلى هذا يكون قراءته على صيغة المجهول. (2) في البحار: ” لا أضل “. (3) في المخطوط ” كان ما لهم “. (4) كذا في النسخ: ” ارم ” بالراء المهملة والميم المشددة أي سكت وأمسك عن الكلام، ويروى ” ازم ” بالتخفيف وهو بمعناه. (5) يقال: ” زلت به نعله ” مثل يضرب لمن نكب وزالت نعمته. (6) الخدين: الصديق. (7) أي ليطلق الاسير والعانى الاسير، من عنا يعنو عنوة أي أخذ قهرا.

[ 177 ]

في سبيل الله، وليصبر نفسه علي النوائب والخطوب، فإن الفوز بهذه الخصال أشرف مكارم الدنيا ودرك فضائل الآخرة (1). 7 قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن إسحاق بن عمار قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا إسحاق كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت ؟ قلت: يأتوني إلى المنزل فأعطيهم، فقال لي: ما اراك يا إسحاق إلا [ و ] قد أذللت المؤمن (2)، فإياك إياك، إن الله تعالى يقول: من اذل لي وليا فقد أرصد لي بالمحاربة. 8 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فذكر عنده المؤمن وما يجب من حقه، فالتفت إلي أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا الفضل ألا أحدثك بحال المؤمن عند الله ؟ قلت: بلى فحدثني جعلت فداك. فقال: إذا قبض الله روح المؤمن صعد ملكاه إلى السماء فقالا: يا رب عبدك ونعم العبد، فيقول الجليل الجبار: اهبطا إلى الدنيا فكونا عند قبر


(1) رواه الثقفى في الغارات ج 1 ص 77، والطوسي في أماليه الجزء السابع، وأورده الشريف الرضى في النهج قسم الخطب تحت رقم 124 مع اختلاف يسير، ونقله العلامة المجلسي في البحار ج 8 باب النوادر. وقال ابن أبى الحديد: ” اعلم ان هذه مسألة فقهية ورأى علي عليه السلام وأبى بكر فيها واحد وهو التسوية بين المسلمين في قسمة الفئ والصدقات، والى هذا ذهب الشافعي رحمه الله وأما عمر فانه لما ولي الخلافة فضل بعض الناس على بعض ففضل السابقين على غيرهم، وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين، وفضل المهاجرين كافة على الانصار كافة، وفضل العرب على العجم، وفضل الصريح على المولى إلى آخر ما قال “. (2) في أمالى الطوسى: ” الا قد ذللت المؤمنين “.

[ 178 ]

عبدي، ومجداني وسبحاني وهللاني وكبراني، واكتبا ذلك لعبدي حتى أبعثه من قبره. ثم قال لي: ألا أزيدك ؟ قلت: بلى زدني، قال: إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه (1)، فكلما رأى المؤمن هولا من أهوال القيامة قال له المثال: لا تجزع ولا تحزن وأبشر بالسرور والكرامة من الله عزوجل، قال: فما يزال يبشره بالسرور والكرامة من الله عزوجل حتى يقف بين يدي الله سبحانه فيحاسبه حسابا يسيرا، ويأمر به إلى الجنة والمثال أمامه، فيقول له المؤمن: رحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري، ما زلت تبشرني بالسرور والكرامة من الله عزوجل حتى كان ذلك، فمن أنت ؟ فيقول له المثال: أنا السرور الذي أدخلته (2) على أخيك المؤمن في الدنيا، خلقني الله منه (3) لابشرك.


(1) يقدم وزان يكرم أي يقويه ويشجعه، من الاقدام في الحرب وهو الشجاعة وعدم الخوف. ويجوز أن يقرأ على وزن ينصر، وماضيه قدم كنصر أي يتقدمه، كما قال الله تعالى: ” يقدم قومه يوم القيامة ” ولفظ أمامه حينئذ تأكيد (البحار نقلا عن الشيخ البهائي قدس سره). (2) كذا والظاهر فيه سقط والصواب: ” كنت أدخلته ” كما في الكافي وثواب الاعمال. قال في البحار نقلا عن البهائي (ره): ” أنا السرور الذى كنت أدخلته ” فيه دلالة على تجسم الاعمال في النشأة الاخروية، وقد ورد في بعض الاخبار تجسم الاعتقادات أيضا. فالاعمال الصالحة والاعتقادات الصحيحة تظهر صورا نورانية مستحسنة موجبة لصاحبها كمال السرور والابتهاج، والاعمال السيئة والاعتقادات الباطلة تظهر صورا ظلمانية مستقبحة توجب له غاية الحزن والتألم كما قاله جماعة من المفسرين عند قوله تعالى: ” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ” ويرشد إليه قوله تعالى: ” يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم “. ومن جعل التقدير ” ليروا جزاء أعمالهم ” ولم يرجع ضمير ” يره ” إلى العمل فقد أبعد “. (3) لفظ ” منه ” ليس في بعض النسخ، وهى اما سببية أو للابتداء.

[ 179 ]

9 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن أبيه، عن سعد ابن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد الجعفي، عن أبيه قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني ؟ فشكوت ذلك إلى أبي عبد الله عليه السلام فقال: الا أعلمك دعاء لدنياك وآخرتك، وتكفي به وجع عينك ؟ قلت: بلى، قال: تقول في دبر الفجر ودبر المغرب: ” اللهم إني أسالك بحق محمد وآل محمد عليك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تجعل النور في بصري، والبصيرة في ديني، واليقين في قلبي، والاخلاص في عملي، والسلامة في نفسي، والسعة في رزقي، والشكر لك أبدا ما أبقيتني “. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الامي وآله وسلم تسليما. المجلس الثالث والعشرون حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي أدام الله حراسته (1): 1 قال: حدثني أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد القمي عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد الاهوازي، عن النضر بن سويد، وابن أبي نجران جميعا، عن عاصم (2)، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر صلوات الله عليهما إنه قال: إن أبا ذر – رحمه الله – كان يقول: يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إلا عملا ينفع خيره، ويضر شره إلا من رحم الله. يا مبتغي العلم لا يشغلك أهل ولا مال عن نفسك، أنت يوم تفارقهم


(1) كذا في جميع النسخ بدون ذكر زمان المجلس ومكانه. (2) هو عاصم بن حميد الحناط الكوفي.

[ 180 ]

كضيف بت فيهم ثم غدوت من عندهم إلى غيرهم، والدنيا والآخرة كمنزل نزلته ثم عدلت عنه إلى غيره، وما بين الموت والبعث إلا كنومة نمتها ثم استيقظت منها. يا مبتغي العلم قدم لمقامك بين يدي الله فإنك مرتهن بعملك، وكما تدين تدان. يا مبتغي العلم صل قبل أن لا تقدر على ليل ولا نهار تصلي فيه، إنما مثل الصلاة لصاحبها بإذن كمثل رجل دخل على سلطان فأنصت له حتى فرغ من حاجته، كذلك المرء المسلم ما دام في صلاته لم يزل الله ينظر إليه حتى يفرغ من صلاته. يا مبتغي العلم تصدق قبل ألا تقدر أن تعطي شيئا ولا تمنع منه، إنما مثل الصدقة لصاحبها كمثل رجل طلبه القوم بدم فقال: لا تقتلوني واضربوا لي أجلا لا سعى في مرضاتكم، كذلك المرء المسلم بإذن الله، كلما تصدق بصدقة حل عقدة من رقبته (1) حتى يتوفى الله أقواما وقد رضي عنهم، ومن رضي الله عنه فقد عتق من النار. يا مبتغي العلم إن قلبا ليس فيه من الحق شئ كالبيت الخراب الذي لا عامر له. يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ومفتاح شر فاختم على فمك (2) كما تختم على ذهبك وورقك. يا مبتغي العلم إن هذه الامثال ضربها الله للناس، وما يعقلها إلا العالمون. 2 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن النضر ابن سويد، عن ابن سنان (3)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله


(1) في البحار: ” في رقبته “. (2) في أكثر النسخ والبحار: ” قلبك ” وهو تصحيف. (3) يعني عبد الله بن سنان بن طريف مولى بني هاشم ثقة لا يطعن عليه.

[ 181 ]

عليهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في خطبته: ألا أخبركم بخير خلائق الدنيا والآخرة (1) ؟: العفو عمن ظلمك، وأن تصل من قطعك، والاحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك، وفي التباغض الحالقة، لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين (2). 3 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الله بن زيد، عن ابن أبي يعفور قال: قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما: لا يغرك (3) الناس عن نفسك فإن الامر يصل إليك دونهم، ولا يقطع (4) عنك النهار بكذا وكذا فإن معك من يحفظ عليك، ولا تستقل قليل الخير فانك تراه غدا حيث يسرك، ولا تستقل قليل الشر فإنك تراه غدا بحيث يسوؤك (5)، وأحسن فإني لم أر شيئا أشد طلبا ولا أسرع دركا من حسنة لذنب قديم، إن الله جل اسمه يقول: ” إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين (6) “. 4 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن


(1) الخلائق جمع الخليقة وهي الطبيعة، والمراد هنا الملكات النفسانية الراسخة في النفس (المرآة). (2) قال في النهاية: ” الحالقة: الخصلة التي من شأنها أن تحلق اي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر “. (3) في المطبوعة والبحار: ” لا يغرنك “. (4) في البحار: ” ولا تقطع ” على صيغة المخاطب. (5) يدل على أيضا – كما قدمنا عن شيخنا البهائي – على تجسم الاعمال في النشأة الاخرة. (6) هود: 114. تقدم مثله في المجلس الثامن تحت رقم 3 عن أبي النعمان، وسيأتي في هذا المجلس تحت رقم 5 عنه أيضا. ورواء أبو جعفر الصدوق (ره) في العلل عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام.

[ 182 ]

عن عجلان أبي صالح (1) قال: قال [ لي ] أبو عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما: أنصف الناس من نفسك، وواسهم في مالك (2)، وارض لهم بما ترضى لنفسك، واذكر الله كثيرا، وإياك والكسل والضجر (3)، فإن أبي بذلك كا يوصيني، وبذلك كان يوصيه أبوه، وكذلك في صلاة الليل، إنك إذا كسلت (4) لم تؤد إلى الله حقه، وإن ضجرت لم تود إلى أحد حقا، وعليك بالصدق والورع وأداء الامانة، وإذا وعدت فلا تخلف. 5 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، عن علي ابن النعمان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي النعمان العجلي (5) قال: قال أبو جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما: يا أبا النعمان لا تحققن علينا كذبا فتسلب الحنيفية (6)، يا أبا النعمان لا تستأكل بنا الناس فلا يزيدك الله بذلك


(1) كذا في جميع النسخ والظاهر هنا سقط لاختلاف الطبقة، وفضالة يروى عن عجلان بواسطة بشير الهذلي أو أبان بن عثمان كما في أسانيد الكافي والتهذيب، وعجلان هو أبو صالح المدايني. (2) في البحار: ” وأسهمهم ” والظاهر أنه نقل بالمعنى من قبل الكاتب. (3) ضجر – من باب علم -: قلق وتبرم. (4) في نسخة: ” تكاسلت ” وهما بمعنى واحد. (5) هو الحارث بن حصيرة أبو النعمان الازدي، كوفى تابعي، وهو كما في مقدمة صحيح مسلم شيخ طويل السكوت. (6) الكذب عليهم يشمل افتراء الحديث عليهم وصرف حديثهم إلى غير مرادهم والجزم به، ونسبة فعل لا ينبغي لهم إليهم ونفى الولاية عنهم، ويفهم منه أن الكذب عليهم يوجب سلب الحنيفية أي الملة المستقيمة والسنة النبوية ويورث زوال الايمان والخروج من الدين، ولعل السر فيه أن استقرار الدين والايمان في القلب موقوف على استقامة اللسان، فمتى لم يستقم اللسان في نطقه، ونسب إلى رؤساء الدين ما لا يليق بهم علم أن القلب سقيم ولم يستقم في مراقبة الدين وأهله (مولى صالح – ره -).

[ 183 ]

إلا فقرا (1). يا أبا النعمان لا ترأس فتكون ذنبا (2)، يا أبا النعمان إنك موقوف ومسئول لا محالة، فإن صدقت صدقناك، وإن كذبت كذبناك. يا أبا النعمان لا يغرك (3) الناس عن نفسك فإن الامر يصل إليك دونهم، ولا تقطعن نهارك بكذا وكذا فإن معك من يحفظ عليك، وأحسن فلم أر شيئا أسرع دركا ولا أشد طلبا من حسنة لذنب قديم (4). 6 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، عن علي بن النعمان رفعه قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: ويح من غلبت واحدته عشرته (5)، وكان أبو عبد الله صلوات الله عليهما يقول: المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة، وكان علي بن الحسين صلوات الله عليهما يقول: أظهر اليأس من الناس


(1) أي في الدنيا والاخرة. قال الاستاذ الشعراني (ره): ترغيب في أن لا يجعل العلماء علمهم وسيلة إلى رزقهم لان من احتاج إلى ما في أيدي الناس يفتى مطابقا لهواهم ولا يبين لهم حقائق أمر الدين إذا أحس منهم عدم الرضا، وربما يتكلف لتوجيه أعمالهم الفاسدة وابداء حيل لتصحيحها. (2) لا ترأس أي لا تطلبن أن تكون رأسا كما هو لفظ الحديث في الكافي. قال المولى صالح (ره): مدخول الفاء (فتكون) متفرع على الطلب، ولعل الذنب كناية عن الذل والهوان عند الله تعالى وعند الصالحين من عباده لكثرة مفاسد الرئاسة الموجبة لفساد الدين – انتهى. ولعل المراد: لا تطلبن الرئاسة لانها مكتوبة من قبل الله تعالى على صاحبها اما منا أو ابتلاء أو خذلانا فانك ان طلبتها لا تجدها وأنت تركض خلف الرجال للتوصل بها فحينئذ تكون ذنبا لا رأسا. (3) في نسخة: ” لا يغرنك “. (4) رواه في الكافي ج 2 ص 338 باب الكذب. (5) كناية عن السيئة والحسنة فان الحسنة بعشرة، والسيئة بواحدة.

[ 184 ]

فإن ذلك هو الغنى (1)، وأقل طلب الحوائج إليهم فإن ذلك فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه، وصل صلاة مودع، وإن استطعت أن تكون اليوم خيرا منك أمس، وغدا خيرا منك اليوم فافعل. 7 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار [ عن علي بن حديد ]، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد الزهري، عن أحدهما عليهما السلام إنه قال: ويل لقوم لا يدينون الله بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال: من قال: لا إله إلا الله فلن يلج ملكوت السماء (2) حتى يتم قوله بعمل صالح، ولا دين [ لمن دان الله بتقوية باطل، ولا دين ] لمن دان الله بطاعة الظالم، ثم قال: وكل القوم ألهاهم التكاثر حتى زاروا المقابر (3). 8 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن النضر، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: احذروا سطوات الله (4) بالليل والنهار، فقلت: وما سطوات الله ؟ فقال: أخذه على المعاصي (5). 9 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول: من عمل بما افترض الله


(1) في بعض النسخ والبحار: ” فال ذلك من الغنى “. (2) في نسخة ” السموات “. (3) أي شغلهم التباهي بالكثرة حتى إذا استوعبوا عدد الاحياء صاروا إلى المقابر فتكاثروا بالاموات، عبر عن انتقالهم إلى ذكر الموتى بزيارة المقابر. ويمكن أن يكون معناه: ألهاهم التكاثر بالاموال والاولاد إلى أن ماتوا وقبروا مضيعين أعمارهم في طلب الدنيا عما هو أهم لهم وهو السعي لاخرتهم فيكون زيارة القبور كناية عن الموت. وفي نهج البلاغة ما يؤيد المعنى الاول، وفي روضة الواعظين عن النبي صلى الله عليه وآله ما يدل على المعنى الثاني، راجع تفسير الصافي ذيل الاية من سورة التكاثر. (4) السطوات: الشدائد، وساطاه: شدد عليه، وفي المصباح هو الاخذ بالشدة. (5) في بعض النسخ ” بالمعاصى “. (*)

[ 185 ]

عليه فهو من خير الناس، ومن اجتنب ما حرم الله عليه فهو من أعبد الناس ومن أورع الناس، ومن قنع بما قسم الله له فهو من أغنى الناس. 10 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن مصعب، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما إنه قال: صانع المنافق بلسانك، وأخلص ودك للمؤمن، وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته (1). 11 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن أبان، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن النعمان، عن ابي جعفر صلوات الله عليه إنه قال: من تفقد (2) تفقد، ومن لا يعد الصبر لفواجع الدهر يعجز، وإن قرضت الناس قرضوك (3) وإن تركتهم لم يتركوك، قال: فكيف أصنع ؟ قال: اقرضهم من عرضك ليوم فاقتك وفقرك (4). 12 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، عن


(1) هذا هو أدب الدين، ادب الاسلام، أدب التشيع، قال الله تعالى: ” لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين، انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فاولئك هم الظالمون “. (2) أي عن الاخوان وأحوالهم. (3) قرض فلانا – من باب التفعيل -: مدحه أو ذمه. أوان ذممت أو سببت الناس يسبوك وان تركتهم بعدم سبك اياهم فانهم لا يتركونك فمهما نالوا منك فاصبر على ذلك وادخره ليوم فقرك وهو يوم القيامة حتى يجازيك الله بحسناته. وهذا ارشاد إلى اعمال الرفق والمجاملة والمداراة في العشرة مع الناس. (4) أي إذا نال أحد من عرضك فلا تجازه، ولكن اجعله قرضا في ذمته لتأخذه منه يوم حاجتك إليه، يعنى يوم القيامة (النهاية).

[ 186 ]

مرازم قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما: عليكم بالصلاة في المساجد، وحسن الجوار للناس، وإقامة الشهادة، وحضور الجنايز، إنه لا بد لكم من الناس (1)، إن أحدا لا يستغني عن الناس حياته (2)، فأما نحن نأتي جنائزهم، وإنما ينبغي لكم أن تصنعوا مثل ما يصنع من تأتمون به، والناس لا بد لبعضهم من بعض ما داموا على هذه الحال حتى يكون ذلك (3)، ثم ينقطع كل قوم إلى أهل أهوائهم. ثم قال: عليكم بحسن الصلاة، واعملوا لآخرتكم، واختاروا لانفسكم، فإن الرجل قد يكون كيسا في أمر الدنيا فيقال: ما أكيس فلانا، وإنما الكيس كيس الآخرة. 13 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي خالد القماط، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما إنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم منى فقال: نضر الله (4) عبدا سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم يسمعها (5)، فكم حامل فقه غير فقيه، وكم من حامل فقه إلى من هو أفقه منه (6).


(1) أي من مخالطتهم ومعاشرتهم ومعاملتهم. (2) في النسخ المخطوطة: ” بجنازته “. وفي الكافي مثل المتن. (3) أي ينقضى العمر ويأتي الموت. (4) نضره ونضره وأنضره: أي نعمه، ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة: وهي في الاصل حسن الوجه والبريق وانما أراد: حسن خلقه وقدره – (النهاية). (5) قال العلامة المجلسي (ره): ” وفي بعض الروايات: ” = فأداها كما سمعها ” اما بعدم التغيير أصلا، أو بعدم التغيير المخل بالمعنى، وقوله: ” فكم من حامل فقه ” بهذه الرواية أنسب “. (6) أن ينبغي أن ينقل اللفظ، فرب حامل رواية لم يعرف معناها أصلا، ورب حامل رواية يعرف بعض معناها وينقلها إلى من هو أعرف بمعناها منه – (البحار).

[ 187 ]

ثلاثة لا يغل (1) عليهن قلب عبد مسلم: إخلاص العمل لله (2)، والنصيحة لائمة المسلمين (3)، واللزوم لجماعتهم (4)، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم (5). المؤمنون إخوة، تتكافى دماؤهم، وهم يد على من سواهم (6)، يسعى بذمتهم أدناهم (7). 14 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار [ عن محمد بن إسماعيل ]، عن منصور بن أبي يحيى (7) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: صعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


(1) الغل: الخيانة والحقد. ويروى ” يغل ” بالتخفيف من الوغول في الشر، والمعنى: أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب، فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل والشر. و ” عليهن ” في موضع الحال، نقديره لا يغل عليهن قلب مؤمن – البحار “. نقول: ويمكن أن يقرأ على صيغة النهى، أي ثلاثة لا ينبغي لاى عبد مسلم أن يغل عليها ويضن بها ويفرط فيها. (2) اخلاص العمل هو أن يجعل عمله خالصا عن الشرك الجلى من عبادة الاوثان وكل معبود دون الله واتباع الاديان الباطلة، والشرك الخفى من الرياء بأنواعها والعجب – (البحار). (3) هي متابعتهم وبذل الاموال والانفس في نصرتهم. (4) المراد جماعة الحق وان قلوا، كما ورد به الاخبار الكثيرة – (البحار). (5) اي تحوطهم وتكفهم وتحفظهم من جوانبهم. (6) أي يقاد لكل من المسلمين من كل منهم، ولا يترك قصاص الشريف لشرفه إذا قتل أو جرح وضيعا. وقال الجزري: أي هم يجتمعون على أعدائهم لا يسع التخاذل، بل يعاون بعضهم بعضا على جميع الاديان والملل، كأنه جعل أيديهم يدا واحدة وفعلهم فعلا واحدا – (البحار). (7) سئل الصادق عليه السلام عن معناه فقال عليه السلام: لو أن جيشا من المسلمين حاصروا قوما من المشركين فأشرف رجل منهم فقال: أعطوني الامان حتى ألقى صاحبكم أناظره، فأعطاهم أدناهم الامان وجب على أفضلهم الوفاء به – (مجمع البحرين). (7) هو منصور بن يونس القرشي أبويحيى يقال له: بزرج كما في السند السابق.

[ 188 ]

المنبر فتغيرت وجنتاه والتمع لونه (1)، ثم أقبل [ على الناس ] بوجهه فقال: يا معشر المسلمين إني إنما بعثت أنا والساعة (2) كهاتين، قال: ثم ضم السباحتين (3)، ثم قال: يا معشر المسلمين إن أفضل الهدى هدى محمد، وخير الحديث كتاب الله، وشر الامور محدثاتها (4). ألا وكل بدعة ضلالة، ألا وكل ضلالة ففي النار، أيها الناس من ترك مالا فلاهله ولورثته، ومن ترك كلا أو ضياعا فعلي وإلي (5). 15 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن رفاعة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما إنه قال: أربع في التوراة وأربع إلى جنبهن: من أصبح على الدنيا حزينا [ فقد ] أصبح ساخطا على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو ربه، ومن أتى غنيا فتضعضع له [ ليصيب من دنياه ] (6) ذهب ثلثا دينه، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن


(1) الوجنة: ما ارتفع من الخدين. والتمع لونه: ذهب وتغير. (2) لا يجوز فيه الا النصب والواو فيه بمعنى ” مع ” والمراد به المقارنة. (3) في المطبوعة: ” السبابتين “. والغرض بيان كون دينه صلى الله عليه وآله متصلا بقيام الساعة لا ينسخه دين آخر، وأن الساعة قريبة – (البحار). (4) الهدى – بفتح وسكون -: الطريقة. والمراد من المحدثات مالا أصل له في الدين مما أحدث بعده صلى الله عليه وآله. (5) قال الجزرى: ” الكل: العيال “. وقال: ” الضياع: العيال. وأصله مصدر ضاع يضيع ضياعا، فسمى العيال بالمصدر، كما تقول: من مات وترك فقرا: أي فقراء. وان كسرت الضاد كان جمع ضائع، كجائع وجياع “. وقيل: روى أنه ما كان سبب اسلام أكثر اليهود الا ذلك القول. نقول: سيأتي الحديث في أول المجلس الرابع والعشرين بسند آخر مع اختلاف في الالفاظ. (6) كذا في أمالي ابن الشيخ عن أبيه، عن المفيد.

[ 189 ]

فإنما هو ممن اتخذ (1) آيات الله هزوا ولعبا. والاربع الاخر: من ملك استأثر، ومن يستشر لا يندم، وكما تدين تدان، والفقر الموت الاكبر (2). 16 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن إسماعيل بن عباد، عن الحسن بن محمد، عن سليمان بن سابق (3)، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير (4)، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس – بعد كلام تكلم به – عليكم بالصلاة، عليكم بالصلاة فإنها عمود دينكم، كابدوا الليل بالصلاة، واذكروا الله كثيرا يكفر عنكم سيئاتكم. إنما مثل هذه الصلوات الخمس مثل نهر جار بين يدي باب أحدكم يغتسل منه في اليوم خمس اغتسالات، فكما ينقى بدنه من الدرن بتواتر الغسل، فكذا ينقى من الذنوب مع مداومته الصلاة، فلا يبقى من ذنوبه شئ. أيها الناس ما من عبد إلا وهو يضرب عليه بحزائم معقودة (5)، فإذا


(1) في الامالى ” كان يتخذ “. (2) رواه ابن الشيخ في أماليه عن أبيه، عن المفيد، عن ابن قولويه، عن الكليني، عن علي بن ابراهيم، عن ابن عيسى، عن يونس، عن محمد بن زياد، عن رفاعة عنه عليه السلام، وفيه: ” والاربع التي الي جنبهن: كما تدين تدان، ومن ملك استأثر، ومن لم يستشر ندم، والفقر هو الموت الاكبر “. والاستئثار: الانفراد بالشئ. (3) لم نجد بهذا العنوان أحدا الا أن في التقريب عنون سليمان بن سلم بن سابق البلخى وقال توفى سنة 238. فان كان هو فلا يبعد كون راويه الحسن بن محمد البلخي المعنون في التقريب بعنوان الحسين بن محمد البلخي ناقلا عن المزى أنه قال ذكره ابن عساكر فيمن اسمه الحسن، وقال: قال الخطيب: انه مجهول. واما شيخه أحمد بن محمد فمشترك والظاهر كونه أحمد بن محمد بن عقيل ابو الحسين الفقيه الشافعي البلخي – والعلم عند الله. (4) هو محمد بن مسلم بن تدرس المكى، المتوفى 126. (5) الحزام والحزامة – بالكسر -: ما يشد به وسط الدابة.

[ 190 ]

ذهب ثلثا الليل وبقي ثلثه، أتاه ملك، فقال له: قم فاذكر الله فقد دنى الصبح. قال: فإن هو تحرك وذكر الله انحلت عنه عقدة، وإن هو قام فتوضأ، ودخل في الصلاة انحلت عنه العقد كلهن، فيصبح حين يصبح قرير العين. 17 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب، عن شعيب العرقوفي قال: قلت لابي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما: سمعت من يروي عن أبي ذر إنه كان يقول: ثلاثة يبغضها الناس وأنا أحبها: أحب الموت، وأحب الفقر، وأحب البلاء. فقال عليه السلام: إن هذا ليس على ما يذهب، إنما عني بقوله أحب الموت أن الموت (1) في طاعة الله أحب إلي من الحياة في معصية الله، والبلاء في طاعة الله أحب إلي من الصحة في معصية الله، والفقر في طاعة الله أحب إلي من الغنى في معصية الله (2). 18 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن ابن فضال، عن يونس ابن يعقوب، عن أبي مريم (3) عن أبي عبد الله أو عن أبي جعفر عليهما السلام صلوات الله و رحمته، عن جابر بن عبد الله قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خمروا (4) آنيتكم، وأوكوا أسقيتكم (5)، وأجيفوا أبوابكم، وأحبسوا مواشيكم وأهاليكم


(1) في اكثر النسخ والمطبوعة: ” أي الموت ” ولا يناسبه ” انما عنى بقوله… “. (2) في بعض النسخ: ” في معصيته ” ويؤيد هذا المعنى ما أخرجه أبو نعيم في الحلية ج 1 ص 162 من طريق سفيان بن عيينة باسناده عن أبي ذر قال: ان بني أمية تهددني بالفقر والقتل، وليطن الارض أحب إلى من ظهرها، وللفقر أحب إلى من الغنى – الخ. (3) هو عبد الغفار بن القاسم بن قيس الانصاري اخو عبد المؤمن. قال النجاشي: ثقة له كتاب وقوله: ” عن أبي عبد الله ” سهو وقع هنا خطأ لانه لم يدرك جابر بن عبد الله المتوفى 77 فانه عليه السلام ولد سنة 83. ويمكن أن يكون ” أو ” تصحيف ” عن “. (4) التخمير: التغطية. (5) أي شدوا رؤوسها بالوكاء، لئلا يدخلها حيوان، أو يسقط فيها شئ، وقوله: ” اجيفوا – الخ “. أي ردوها وفي بعض النسخ ” أثوابكم “.

[ 191 ]

من حيث تجب الشمس إلى أن يذهب فحمة العشاء (1). إن الشياطين لا تكشف غطاء، ولا تحل وكاء، وإن الشياطين ترسل من حيث تجب الشمس، واطفؤوا سرجكم، فإن الفويسقة (2) تضرم البيت على أهله. 19 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن أحمد بن محمد، عن حماد بن عثمان قال: قال إسماعيل الجعفي (3): سمعت أبا جعفر محمد بن علي صلوات الله عليهما يقول: من سن سنة عدل فاتبع كان له مثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص (4) من أجورهم شئ، ومن سن سنة جور فاتبع كان عليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شئ. 20 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن بكر بن صالح قال: كتب صهر لي إلى أبي جعفر الثاني صلوات الله عليه: إن أبي ناصب خبيث – الرأي، وقد لقيت منه شدة وجهدا، فرأيك – جعلت فداك – في الدعاء لي، وما ترى – جعلت فداك – ؟ أفترى أن أكاشفه (5) أم أداريه ؟ فكتب عليه السلام: قد فهمت كتابك وما ذكرت من أمر أبيك، ولست أدع الدعاء لك إن شاء الله، والمداراة خير لك من المكاشفة، ومع العسر يسر، فاصبر فإن العاقبة للمتقين. ثبتك الله على ولاية من توليت، نحن وأنتم في وديعة الله الذي لا تضيع ودائعه. قال بكر: فعطف الله بقلب أبيه [ عليه ] (6) حتى صار لا يخالفه في شئ.


(1) وجب الشمس: غابت. وفحمة العشاء: اقباله وأول سواده. (2) الفويسقة: مصغر الفاسقة، الفارة، وسمى الفارة بها لخروجها من جحرها على الناس وافسادها. (3) هو اسماعيل بن جابر الخثعمي الكوفى المعنون في الجامع ثقة ممدوح. (4) في بعض النسخ ” ينتقص ” هنا وفيما يأتي. (5) كاشفه بالعداوة: جاهره وبادره بها. (6) عطف عليه أي رجع عليه بما يريد.

[ 192 ]

21 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن جعفر بن محمد الهاشمي، عن أبي حفص العطار (1) قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام يحدث عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: جاءني جبرئيل في ساعة لم يكن يأتيني فيها، وفي يوم لم يكن يأتيني فيه (2)، فقلت له: يا جبرئيل لقد جئتني في ساعة ويوم لم تكن تأتيني فيهما ؟ لقد أرعبتني. قال: وما يروعك يا محمد، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ ! قال (3): بماذا بعثك ربك ؟ قال: ينهاك (4) ربك عن عبادة الاوثان، وشرب الخمور، وملاحاة – الرجال (5)، وأخرى هي للآخرة والاولى، يقول لك ربك: يا محمد ما أبغضت وعاء قط كبغضي بطنا ملآنا. 22 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن جعفر بن محمد، عن إسماعيل بن عباد، عن [ عبد الله بن ] بكير (6)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما أنه قال: إنا لنحب من شيعتنا من كان عاقلا، فهما، فقيها، حليما، مداريا، صبورا، صدوقا، وفيا. ثم قال: إن الله تبارك وتعالى خص الانبياء عليهم السلام بمكارم الاخلاق، فمن كانت فيه فليحمد الله على ذلك، ومن لم تكن


(1) شيخ من أهل المدينة، له رواية في الكافي في باب دخول المساجد. (2) كذا في نسخة وهو الصواب وفي بعض النسخ: ” جاءني جبرئيل في ساعة ويوم لم يكن يأتيني فيه ” وفيه سقط. (3) كذا. يعنى قال: قلت. ولعله سقط. (4) في بعض النسخ: ” فنهاك ربك “. (5) اي مقاولتهم ومخاصمتهم. يقال: لحيت الرجل ألحاه لحيا، إذا لمته وعذلته – (النهاية). (6) كذا، وصححناه من الكافي. والخبر يدل على أن العقل والفهم والتفقه في الدين والحلم والمداراة والصبر والصدق والوفاء من كرائم الاخلاق.

[ 193 ]

فيه فليتضرع إلى الله وليسأله [ إياه ] (1). قال: قلت: جعلت فداك وما هي ؟ قال: الورع، والقنوع (2)، والصبر، والشكر، والحلم، والحياء، والسخاء، والشجاعة، والغيرة، والبر، وصدق الحديث، واداء الامانة. 23 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، [ عن الحسن بن علي بن فضال ] (3) عن علي بن عقبة، عن جارود بن المنذر (4) قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: أشد (5) الاعمال ثلاثة: إنصافك الناس من نفسك حتى لا ترضى لها بشئ منهم إلا رضيت لهم منها مثله، ومؤاساتك الاخ (6) في المال، وذكر الله على كل حال، [ و ] ليس أن تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فقط، ولكن إذا ورد عليك شئ نهى الله عنه


(1) ما بين المعقوفين أصفناه من الكافي لتتم المعنى. (2) قنع قنوعا – كمنع -: سأل وتذلل. وفي الكافي: ” القناعة ” وهي رضا الانسان بما قسم له أو باليسير من العطاء. (3) ما بين المعقوفين ساقط في النسخ وانما أصفناه لعدم رواية ابن مهزيار عن علي بن عقبة بلا واسطة، وفي الكافي: ” محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة – الخ ” ورواه أيضا في الخصال اسناده: عن البرقى، عن ابن فضال – الخ. (4) هو الجارود بن المنذر أبو المنذر الكندي النخاس كوفى، روى عن أبي عبد الله عليه السلام ثقة ثقة – (صه – جش). (5) في الكافي: ” سيد الاعمال “. (6) المؤاساة – بالهمزة – بين الاخوان عبارة عن اعطاء النصرة بالنفس والمال وغيرهما في كل ما يحتاج إلى النصرة فيه. يقال: آسيته بمالى مؤاساة: أي جعلته شريكي فيه على سوية، وبالواو لغة وفي القاموس في فصل الهمزة: ” آساه بماله مؤاساة: أنا له منه، ولا يكون الا من كفاف فان كان من فضلة فليس بمؤاساة ” وجعلها بالواو لغة ردية (الوافى).

[ 194 ]

تركته (1). 24 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن (2)، عن محمد ابن سنان، عن الفضيل بن عثمان، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر صلوات الله عليهما قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: لا يقل عمل مع التقوى (3)، وكيف يقل ما يتقبل ؟ ! (4). 25 – وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار [ عن الحسن ]، عن علي بن عقبة (5) عن أبي كهمس، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال: قلت لابي عبد الله صلوات الله عليه: أوصني. قال: أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد (6)، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه، وانظر إلى من هو دونك، ولا تنظر


(1) رواه في الكافي ج 2 ص 144 وفيه: ” ولكن إذا ورد عليك شئ أمر الله عزوجل به أخذت به، أو إذا ورد عليك شئ نهى الله عزوجل عنه تركته “. والصدوق رواه أيضا في الخصال الا أن فيه: ” شى من أمر الله “. وقد تقدم ما في معناه في المجلس العاشر تحت رقم 4 مع بيان منافى معنى الانصاف مع الناس فراجع. (2) يعنى ابن فضال، وفي نسخة: ” عن علي بن عقبة، عن الحسن ” وقد عرفت آنفا أن الصحيح عكس هذا والظاهر سقوط ” علي بن عقبة ” بين الحسن وابن سنان، و الحسن الذي روى عن محمد بن سنان بلا واسطة هو اما ابن سعيد أو ابن محبوب، و المراد هنا الثاني. (3) في نسخة والكافي: ” مع تقوى “. (4) تقدم بسند آخر في المجلس الرابع تحت رقم 2، ويأتي أيضا بالسند المتقدم في المجلس الرابع والثلاثين تحت رقم 1. (5) كذا في النسخ، وروى شطره الاول في الكافي ج 2 ص 78 وفيه: ” محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة “. (6) الورع: كف النفس عن المعاصي ومنعها عما لا ينبغي. والاجتهاد: تحمل المشقة في العبادة أو بذل الوسع في طلب الامر، والمراد هنا المبالغة في الطاعة.

[ 195 ]

إلى من هو فوقك، فلكثيرا ما قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله: ” فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم (1) ” وقال: ” ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا (2) “. وإن نازعتك نفسك إلى شئ من ذلك فاعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان قوته الشعير، وحلواه التمر إذا وجده، ووقوده السعف (3)، وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه وآله فإن الناس لن يصابوا بمثله أبدا. 26 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار: عن علي بن النعمان، عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما يقول: إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه كما يبعث الرجل غلامه فيفرش له. ثم قرأ: ” وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلانفسهم يمهدون ” (4). 27 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن محمد بن سنان (5) عن الحسن بن أبي سارة قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليهما يقول: لا يكون [ المؤمن ] مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو (6).


(1) التوبة: 55. (2) طه: 131. (3) السعف – بالتحريك -: جريد النخل وغصنه. (4) مضمون مأخوذ من الاية 44 في سورة الروم. (5) كأن فيه سقطا وفى الكافي ” محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الحسن بن أبى سارة “. (6) أي ليس الايمان الترجح في الامانى بل هو العمل بمقتضى ما يوجب دخول الجنة ويمنع من الدخول في النار، وأول الصفات التي هذا شأنها هو الخوف من الله، وأسبابه على كثرتها اما أمور مكروهة لذاتها كعذاب القبر وهول المطلع وكشف السر والمناقشة في الحساب، أو أمور مكروهة لانها تؤدى إلى ما هو مكروه لذاته

[ 196 ]

28 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن محمد، عن علي (1) قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله عزوجل: ” والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة (2) “، قال: من شفقتهم ورجائهم يخافون أن ترد إليهم أعمالهم إذا لم يطيعوا، وهم يرجون أن يتقبل منهم. 29 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن (3)، عن عثمان ابن عيسى، عن سماعة قال: سمعته (4) يقول: ما لكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! فقال رجل: جعلت فداك وكيف نسوؤه ؟ فقال: أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية الله ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول الله صلى الله عليه وآله وسروه. 30 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن [ محمد خ ] بن سنان، عن أبي معاذ السدي، عن أبي أراكة (5) قال: صليت خلف أمير المؤمنين علي


= كنقض التوبة والموت قبلها وسوء الخاتمة ونحوها. وان شئت التفصيل فراجع شرح الكافي للمولى صالح والبحار للعلامة المجلسي عليهما الرحمة باب الخوف والرجاء. (1) القاسم بن محمد هو الجوهري، وعلى هو ابن أبي حمزة البطائني، وكان أكثر روايته عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه السلام واحتمال السقط قريب. (2) المؤمنون: 60. (3) الظاهر بقرينة ما تقدم هو ابن فضال أو ابن محبوب، والاخير أظهر. (4) كذا مضمرا، وفى الكافي ” عنه عن أبى عبد الله عليه السلام “. (5) كأنه أبواراكة بن مالك بن عامر القسرى الذي فارق عليا عليه السلام مع جرير بن عبد الله، وأما أبو معاذ السدى فلم نتحقق من هو و ” أبو معاذ ” كنية لجماعة من تابعي التابعين لم يلقب أحدهم بالسدى. وكأن في السند سقطا أو ارسالا، لان المراد بابن سنان ” محمد ” كما جعل في المخطوطة عندنا نسخة وعد في أصحاب الكاظم عليه السلام وروايته مع واسطتين عن أمير المؤمنين عليه السلام بعيد.

[ 197 ]

ابن أبي طالب صلوات الله عليه الفجر في مسجدكم هذا، فانفتل (1) على يمينه و كان عليه كآبة، ومكث حتى طلعت الشمس على حائط مسجدكم هذا قيد رمح وليس هو على ما هو [ عليه ] اليوم (2). ثم أقبل على الناس فقال: أما والله لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وهم يكابدون هذا الليل (3)، يراوحون بين جباههم وركبهم (4)، كأن زفير النار في آذانهم، فإذا أصبحوا أصبحوا غبرا صفرا، بين أعينهم شبه ركب المعزى، فإذا ذكر الله تعالى مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وانهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم. قال: ثم نهض وهو يقول: والله لكأنما بات القوم غافلين. ثم لم ير مفترا (5) حتى كان من أمر ابن ملجم لعنه الله ما كان. 31 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، [ عن جابر ] (6)، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عندكم بالكوفة يغتدي [ في ] كل يوم من القصر، فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ومعه الدرة على عاتقه و


(1) فتل وجهه عنهم: صرفه، وانفتل مطاوعه. وفي بعض النسخ: ” فالتفت عن يمينه ” وفي بعضها: ” فالتفت على يمينه “. (2) ” قيد رمح ” بالكسر وقاده: قدره، و ” وليس هو ” أي لم يكن ارتفاع الحائط في ذلك الزمان بهذا المقدار (البحار). (3) مكابدة الشئ: تحمل المشاق في فعله. (4) راوح بين العملين أي اشتغل بهذا مرة وبهذا اخرى، أي يسجدون مرة و يقومون اخرى في صلاتهم. (5) افتر: ضحك ضحكا حسنا. (6) ما بين المعقوفين سقط من قلم بعض النساخ وأصفناه طبقا للكافى وسند الخبر الاتى، والمراد الجعفي.

[ 198 ]

كان لها طرفان وكان تسمى السبيبة (1). قال: فيقف على أهل كل سوق فينادي فيهم: يا معشر التجار قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة (2)، و اقتربوا من المبتاعين (3)، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم، وأنصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل و الميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الارض مفسدين. قال: فيطوف في جميع الاسواق أسواق الكوفة (4)، ثم يرجع فيقعد للناس. قال: وكان إذا نظروا إليه قد أقبل إليهم [ و ] قال: ” يا معشر الناس أمسكوا أيديهم، وأصغوا إليه بآذانهم، ورمقوه بأعينهم حتى يفرغ عليه السلام من كلامه، فإذا فرغ قالوا: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين. 32 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام [ بالكوفة ] إذا صلى بالناس العشاء الآخرة ينادي بالناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد: أيها الناس تجهزوا يرحمكم الله فقد نودي فيكم


(1) قوله: ” وكانت تسمى السبيبة ” السب بمعنى الشق ووجه تسمية درته بذلك لكونها ذا سبابتين وذا شفتين (كذا في هامش الكافي). وفي البحار: ” وكانت تسمى السبيتة “. (2) أي اطلبوا الخير من الله تعالى في أوله وابتغوا البركة أيضا منه تعالى بالسهولة في البيع والشراء أي بكونكم سهل البيع والشراء والقضاء والاقتضاء (عن هامش الكافي). (3) أي لا تغالوا في الثمن فينفروا. (4) أورده في البحار عن أمالي الصدوق (ره) إلى هنا وفيه: ” يطوف في جميع أسواق الكوفة فيقول هذا، ثم يقول: تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها * من الحرام ويبقى الاثم والعار تبقى عواقب سوء في مغبتها * لا خير في لذة من بعدها النار

[ 199 ]

بالرحيل، فما التعرج على الدنيا (1) بعد النداء فيها بالرحيل ؟ ! تجهزوا رحمكم الله وانتقلوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى، واعلموا أن طريقكم إلى المعاد (2)، وممركم على الصراط، والهول الاعظم أمامكم، وعلى طريقكم عقبة كؤدد (3)، ومنازل مهولة (4) مخوفة لابد لكم من الممر عليها والوقوف عندها، فإما رحمة الله (5) [ جل جلاله ] فنجاة من هولها و عظم خطرها، وفظاظة منظرها (6)، وشدة مخبرها (7) وإما مهلكة ليس بعدها انجبار. 33 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين عليهما السلام إلا ما بلغني عن علي بن بن أبي طالب صلوات الله عليه. ثم قال أبو حمزة: كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا تكلم في الزهد، ووعظ أبكى


(1) تعرج على المكان: حبس مطيته عليه وأقام فيه. وفي النهج، ” وأقلوا العرجة على الدنيا ” والعرجة بالضم اسم من التعرج. (2) كذا في البحار عن أمالى الصدوق وفى بعض النسخ: ” في المعاد “. (3) الكؤود: الصعبة المرتقى. وفي البحار: ” عقبة كؤودة “. (4) كذا في المطبوعة والنهج والبحار، وفيما عندنا من النسخ: ” مهوبة ” أي مخوفة، يعنى سكرات الموت وحزازته وهول المطلع والمسائلة وضغطة القبر وبلاء الجسد بحيث لا يبقى له لحم ولا عظم، ثم زلزلة الساعة والخروج من الاجداث والايفاض كما قال تعالى ” كأنهم إلى نصب يوفضون ” ثم الحشر في الصعيد جردا مردا والوقوف عند عقبات المحشر والسؤال عند كل عقبة، ثم نشر الدواوين ونصب الموازين وحضور الانبياء و شهادتهم على الامم ثم نصب الصراط جسرا على الجحيم والعبور منه. (5) في البحار: ” فاما برحمة من الله.. واما بهلكة “. (6) الفظاظة: الخشونة، وفي البحار: ” وفظاعة منظرها ” وهو الصواب. (7) في البحار والمطبوعة: ” مختبرها “. (*)

[ 200 ]

من بحضرته. قال أبو حمزة: فقرأت صحيفة فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين عليهما السلام فكتبت ما فيها، وأتيته به، فعرضته عليه، فعرفه وصححه وكان فيها: بسم الله الرحمن الرحيم كفانا الله وإياكم كيد الظالمين، وبغي الحاسدين، وبطش الجبارين. أيها المؤمنون مصيبتكم الطواغيت من أهل الرغبة في الدنيا (1)، المائلون إليها، المفتونون بها، المقبلون عليها وعلى حطامها الهامد وهشيمها البائد غدا (2)، فاحذروا ما حذركم الله منها، وازهدوا فيما زهدكم الله فيه منها، ولا تركنوا إلى ما في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان، وبالله إن لكم مما فيها عليها دليلا من زينتها (3)، وتصرف أيامها، وتغير انقلابها ومثلاتها (4)، وتلاعبها بأهلها. إنها لترفع الخميل (5) وتضع الشريف، وتورد النار أقواما غدا، ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر للنبيه (6). إن الامور الواردة عليكم في كل يوم وليلة من مضلات الفتن (7)، و حوادث البدع، وسنن الجور، وبوائق الزمان، وهيبة السلطان، ووسوسة


(1) كذا في ما عندنا من النسخ والظاهر أنه تصحيف والصحيح ما في روضة الكافي وهو: ” لا يفتننكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا الخ “، و هكذا في تحف العقول. (2) الحطام: ما يكسر من اليبس. والهامد: البالى المسود المتغير، واليابس من النبات. والهشيم من النبات: اليابس المتكسر. والبائد: الذاهب المنقطع أو الهالك. (3) كذا وفي الروضة: ” دليلا وتنبها من تصريف أيامها “. (4) كذا في الروضة وبعض النسخ وهو الصواب وفي المطبوعة ” وسيلانها “. (5) الخامل: الساقط الذي لا نباهة له. (6) في الروضة: ” لمتنبه ” وفي التحف: ” لمنتبه ” وهو الاصوب. (7) في بعض نسخ الحديث: ” من مظلمات الفتن “.

[ 201 ]

الشيطان ليدرأ القلوب عن تنبهها (1)، وتذهلها عن موجود الهدى (2)، و معرفة أهل الحق إلا قليلا ممن عصم الله، وليس يعرف تصرف أيامها (3)، وتقلب حالاتها، وعاقبة ضرر فتنتها إلا من عصمه الله، ونهج سبيل الرشد، وسلك سبيل القصد ممن استعان على ذلك بالزهد، فكرر التفكر (4)، و اتعظ بالعبر (5) فازدجر، وزهد في عاجل بهجة الدنيا، فتجافى عن لذاتها (6)، ورغب في دائم نعيم الآخرة (7)، وسعى لها سعيها، وراقب الموت، وسئم الحياة مع القوم الظالمين (8)، فعند ذلك نظر إلى ما في الدنيا بعين نيرة حديدة النظر (9) فأبصر حوادث الفتن، وضلال البدع، وجور الملوك الظلمة. فقد لعمري استدبرتم [ من ] الامور الماضية في الايام الخالية من الفتن المتراكمة والانهماك فيها ما تستدلون (10) به على تجنب الغواة وأهل البدع والبغي و


(1) في الروضة: ” لتثبط القلوب ” والتثبيط: التعويق والشغل عن المراد. وفى البحار: ” لتدبير القلوب عن نيتها ” والمراد تعويقها عن نيتها أو صرفها، وفي المطبوعة: ” ليذر القلوب عن تنبيهها “. (2) في المطبوعة: ” من وجود الهدى “. (3) في بعض النسخ: ” آنائها ” وبعضها: ” آياتها “. (4) في الروضة والبحار: ” فكرر الفكر “. وكذا في التحف. (5) في الروضة: ” واتعظ بالصبر ” وكأنه تصحيف. (6) في بعض النسخ: ” وتجافى “. (7) في بعض النسخ: ” ورغب في دائم نعم الاخرة ” وفي بعضها: ” في نعيم دار القرار ” وفي بعضها: ” في دار نعيم الاخرة “. (8) كذا في النسخ، وسئم: مل، ولكن لا يناسب المتن، والصواب ما في الروضة والتحف: ” وشنأ الحياة “. (9) في الروضة: ” حديدة البصر “. (10) في الروضة: ” والانهماك فيما تستدلون به ” والانهماك: التمادي في الشئ واللجاج فيه.

[ 202 ]

الفساد في الارض بغير حق. فاستعينوا بالله، وارجعوا إلى طاعة الله، وطاعة من هو أولى بالطاعة ممن اتبع وأطيع (1). فالحذر الحذر من قبل الندامة والحسرة، والقدوم على الله، والوقوف بين يديه. وتالله ما صدر قوم قط عن معصية الله إلا إلى عذابه، وما آثر (2) قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم وساء مصيرهم. وما العلم بالله و العمل بطاعته إلا إلفان مؤتلفان، [ ف‍ ] من عرف الله خافه، فحثه الخوف على العمل بطاعة الله. وإن أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له (3) و رغبوا إليه، وقد قال الله تعالى: ” إنما يخشى الله من عباده العلماء ” (4). فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله، واغتنموا أيامها، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله، فإن ذلك أقل للتبعة، وأدنى من العذر، وأرجى للنجاة. فقدموا أمر الله وطاعته وطاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الامور كلها، ولا تقدموا الامور الواردة عليكم من الطواغيت، من فتن زهرة الدنيا (5) بين يدي أمر الله وطاعته وطاعة أولي الامر منكم. واعلموا أنكم ونحن عباد الله (6)، يحكم علينا وعليكم سيد حاكم غدا، وهو موقفكم ومسائلكم، فأعدوا الجواب قبل الوقوف والمسألة والعرض على رب العالمين، يومئذ لا تكلم نفس إلا بإذنه (7).


(1) في البحار والمطبوعة: ” من طاعة من اتبع وأطيع “. (2) في بعض النسخ: ” ولا آثر “. (3) اي هم الذين عرفوا الله وآمنوا به وعملوا بدينه. (4) الفاطر: 28. (5) في الروضة والبحار: ” وفتنة زهرة الدنيا ” وهكذا في التحف. (6) في التحف وبعض نسخ الحديث: ” واعلموا أنكم عبيدالله ونحن معكم “. (7) اقتباس من قوله تعالى في سورة هود: 105: ” يوم يأت لا تكلم نفس الا باذنه “.

[ 203 ]

واعلموا أن الله تعالى لا يصدق يومئذ كاذبا، ولا يكذب صادقا، ولا يرد عذر مستحق، ولا يعذر غير معذور، بل له الحجة على خلقه بالرسل وبالاوصياء بعد الرسل. فاتقوا الله عباد الله، واستقبلوا من إصلاح أنفسكم (1) وطاعة الله وطاعة من تولونه فيها، لعل نادما [ و ] قد ندم على ما قد فرط (2) بالامس في جنب الله، وضيع من حقوق الله (3)، فاستغفروا الله وتوبوا إليه، فإنه يقبل التوبة، ويعفو عن السيئة، ويعلم ما تفعلون. وإياكم وصحبة العاصين (4)، ومعونة الظالمين، ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم، وتباعدوا من ساحتهم، واعلموا أنه من خالف أولياء الله، ودان بغير دين الله، واستبد بأمره دون أمر ولي في نار تلتهب، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها وغلبت عليها شقوتها، فهم موتى لا يجدون حر النار (5) فاعتبروا يا أولي الابصار، واحمدوا الله على ما هداكم، واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله


(1) في الروضة: ” في اصلاح انفسكم ” وفي بعض نسخه: ” في طاعة الله ” وهو الاظهر. (2) في بعض النسخ ” مما قد فرط “. وقال العلامة المجلسي رحمه الله: قوله ” لعل نادما ” على سبيل المماشاة، ويمكن أن يندم نادم يوم القيامة على ما قصر بالامس أي في الدنيا أي في قربه وجواره أو في أمره وطاعته أو طاعة مقربى جنابه اعني الائمة عليهم السلام، والحاصل ان امكان وقوع ذلك الندم كاف في الحذر فكيف مع تحققه. (3) في المطبوعة والبحار: ” من حق الله “. وفي الكافي ” واستغفروا “. (4) في بعض النسخ: ” وصحبة الغاصبين “. (5) زاد في الروضة: ” لو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار ” وقال في المرآة: الظاهر أن المراد انهم في الدنيا في نار البعد والحرمان والسخط والخذلان، لكنهم لما كانوا بمنزلة الاموات لعدم العلم واليقين لم يستشعروا ألم هذه النار ولم يدركوها كما قال تعالى: ” وان جهنم لمحيطة بالكافرين ” وقال: ” اموات غير احياء ولكن لا يشعرون “. ويحتمل أن يكون المراد بالنار اسباب دخولها تسمية للسبب باسم المسبب انتهى.

[ 204 ]

إلى غير قدرته، وسيرى الله عملكم (1) ثم إليه تحشرون، فانتفعوا بالعظة، وتادبوا بآداب الصالحين. 34 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن، عن علي بن الحكم (2)، عن أبي حفص الاعشى. ومحمد بن سنان، عن رجل من بني أسد (3) جميعا، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال: خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط، فاتكأت عليه فإذا رجل عليه ثوبان أبيضان (4)، فنظر في تجاه وجهي (5)، ثم قال: يا علي بن الحسين مالي أراك كئيبا حزينا ؟ أعلى الدنيا ؟ فرزق الله حاضر للبر والفاجر، قال: قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول. قال: على الآخرة ؟ فهو وعد صادق (6)، يحكم فيه ملك قاهر. قلت: ما على هذا أحزن وإنه لكما تقول. قال: فما حزنك (7) ؟ قلت: مما نتخوف من فتنة ابن الزبير (8)، قال: فضحك، ثم قال: يا علي بن الحسين هل رأيت قط أحدا خاف الله فلم ينجه ؟


(1) في المطبوعة ونسخة: ” أعمالكم “. وفي الروضة: ” سيرى الله عملكم ورسوله “. (2) الحسن هو ابن محبوب. واما علي بن الحكم فهو اما الانباري الذي هو ابن أخت على بن النعمان وتلميذ ابن أبى عمير، أو على بن الحكم الكوفي الثقة. وفي الكافي: ” عن ابن محبوب، عن أبى حفص الاعشى ” بلا واسطة. (3) الظاهر هو عمرو بن خالد الاسدي مولاهم الاعشى الكوفى من أصحاب الصادق عليه السلام. (4) قيل: لعل الرجل كان هو الخضر على نبينا وآله وعليه السلام. (5) في الكافي: ” ينظر في تجاه وجهى “. قال في القاموس: ” وجاهك وتجاهك مثلثتين: تلقاء وجهك “. (6) كذا وفي الكافي: ” قال: فعلى الاخرة ؟ فوعد صادق “. (7) في الكافي: ” مم حزنك ” وهو الصواب. (8) يعني عبد الله، راجع ترجمته مجملا الكافي ج 2 ص 44 الطبعة الحروفية لدار الكتب الاسلامية.

[ 205 ]

قال: قلت: لا، قال: يا علي بن الحسين هل رأيت أحدا توكل على الله فلم يكفه ؟: قال: قلت: لا، ثم نظرت فإذا ليس قدامي أحد (1). 35 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن عروة، عن رجل، عن أحدهما عليهما السلام في معنى قوله جل وعز: ” كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم (2) ” قال: الرجل يكسب مالا فيحرم أن يعمل فيه خيرا فيموت، فيرثه غيره، فيعمل فيه عملا صالحا، فيرى الرجل ما كسب حسنات (3) في ميزان غيره. 36 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن هشام ابن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إذا هممت بخير فلا تؤخره، فإن الله تبارك وتعالى ربما اطلع (4) على عبده وهو على الشئ من طاعته (5)، فيقول: وعزتي وجلالي لا أعذبك بعدها أبدا، وإذا هممت بمعصية فلا تفعلها (6)، فإن الله تبارك وتعالى ربما اطلع على العبد وهو على شئ من معاصيه، فيقول: وعزتي وجلالي لا أغفر لك أبدا. 37 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن علي بن حديد، عن علي بن النعمان، عن حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا هم أحدكم بخير فلا يؤخره، فإن العبد ربما صلى الصلاة وصام اليوم (7)،


(1) للخبر زيادة راجع الارشاد للمؤلف رحمه الله. (2) البقرة: 167. (3) كذا في ما عندي من النسخ وكذا أيضا في منقوله في البرهان، والظاهر وان كان له معنى انه تصحيف والصواب ما في المجمع وفيه بعد قوله ” صالحا “: ” فيرى الاول ما كسبه حسرة في ميزان غيره “. (4) اطلع على افتعل: أشرف عليه وعلم به. وبصيغة أفعل أيضا بمعناه. (5) في الكافي: ” على شئ من طاعته ” وهو الصواب. (6) في الكافي: ” فلا تعملها “. (7) في بعض نسخ الكافي: ” وصام الصوم ” وفي البحار أيضا.

[ 206 ]

فيقال له: اعمل ما شئت بعدها فقد غفر [ الله ] لك (1). 38 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار [ عن علي بن حديد ] (2) قال: أخبرني أبو إسحاق الخراساني صاحب كان لنا قال (3): كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يقول: لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لانفسكم فتدهنوا، ولا تداهنوا في الحق فتخسروا، [ و ] إن الحزم (4) أن تتفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه. من يطع الله يأمن ويرشد (5)، ومن يعصه يخب ويندم. واسألوا الله اليقين، وارغبوا إليه في العافية (6)، وخير ما دار


(1) يعنى أن العبادة التى توجب المغفرة التامة والقرب الكامل من جناب الحق تعالى مستورة على العبد لا يدرى أيها هي، فكلما هم بخير فعليه اتيانها قبل أن تفوته فلعلها تكون هي تلك العبادة، كما روى عن النبي صلى الله عليه وآله: ” ان لربكم في أيام دهركم نفحات، ألا فتعرضوا لها “. وقوله: ” اعمل ما شئت ” فان قيل: هذا اغراء بالقبيح، قلت: الاغراء بالقبيح انما يكون إذا علم العبد صدور مثل ذلك العمل عنه، وأنه أي عمل هو، وهو مستور عنه. وهذا الخبر منقول من طرق العامة، وقال القرطبى: الامر في قوله: ” اعمل ما شئتت ” أمر اكرام كما في قوله تعالى: ” ادخلوها بسلام آمنين ” واخبار عن الرجل بأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه، ومحفوظ في الاتى. وقال الابي: يريد بأمر الاكرام أنه ليس اباحه لان يفعل ما يشاء (انتهى بيان البحار ملخصا). (2) كذا في نسخة، ولعل الصواب: على بن اسباط كما يظهر من موضعين من الكافي. (3) فيه ارسال أو اضمار بأن يكون ضمير قال راجعا إلى الصادق أو الرضا عليهما السلام. (4) في الكافي: ” وان من الحق أن تفقهوا “. (5) في الكافي: ” يأمن ويستبشر “. (6) في النسخ والبحار: ” العاقبة “.

[ 207 ]

في القلب اليقين. أيها الناس إياكم والكذب، فإن كل راج طالب، وكل خائف هارب (1). 39 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: قربوا على أنفسكم البعيد، وهونوا عليها الشديد، واعلموا أن عبدا وإن ضعفت حيلته، ووهنت مكيدته إنه لن ينقص مما قدر الله له، وإن قوي في شدة الحيلة، وقوة المكيدة إنه لن يزاد (2) على ما قدر الله له. 40 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يقول للناس بالكوفة: يا أهل الكوفة أتروني (3) لا أعلم ما يصلحكم ؟ ! بلى ولكني أكره أن اصلحكم بفساد نفسي. 41 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن عاصم (4)، عن فضيل الرسان، عن يحيى بن عقيل قال: قال علي عليه السلام: إنما أخاف عليكم اثنتين: اتباع الهوى، وطول الامل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الامل فينسي الآخرة. ارتجلت الآخرة مقبلة، وارتحلت الدنيا


(1) أخرجه في الكافي متفرقا في باب استعمال العلم، وباب الكذب، وباب الشك. وأورد ما في معناه الشريف الرضى (ره) في النهج قسم الخطب تحت رقم 84. ثم للمولى صالح المازندرانى (ره) شرح واف للحديث، فراجع ج 2 ص 177 إلى 180 من شرحه على الكافي. (2) في المطبوعة: ” لن يزداد ” وهو بمعنى ” زاد ” لازما ومتعديا. (3) ” أتروني ” بحذف النون تخفيفا. (4) هو عاصم بن حميد الحناط الكوفى من أصحاب الصادق عليه السلام قالوا: ثقة، ولم نعثر على رواية ابن مهزيار عنه بلا واسطة والظاهر سقط الراوى بينهما، وفضيل الرسان هو أخو عبد الله بن الزبير.

[ 208 ]

مدبرة، ولكل بنون، فكونوا من بني الآخرة، ولا تكونوا من بني الدنيا (1)، اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل (2). 42 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن فضالة، عن إسماعيل (3)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نبه بالتفكر قلبك، وجاف عن النوم جنبك (4)، واتق الله ربك. 43 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن واصل بن سليمان، عن ابن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان المسيح عليه السلام يقول لاصحابه: إن كنتم أحبائي وإخواني فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس، فإن لم تفعلوا فلستم بإخواني، إنما اعلمكم لتعملوا (5)، ولا أعلمكم لتعجبوا. إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون وبصبركم على ما تكرهون (6). وإياكم والنظرة فإنها تزرع في قلب صاحبها الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة. يا طوبى لمن يرى بعينيه (7) الشهوات، ولم يعمل بقلبه المعاصي. ما أبعد


(1) في بعض نسخ الحديث: ” من أبناء الدنيا “. (2) تقدم مثله في المجلس الحادى عشر، ويأتى في المجلس الحادى والاربعين بطريقين المختلفين. وكثيرا ما يقوله عليه السلام ومنها ما قاله عند قدومه من البصرة إلى الكوفة كما في كتاب الصفين. (3) هو اسماعيل بن أبى زياد السكوني. (4) في نسخة وفي الكافي: ” عن الليل جنبك “. (5) في بعض النسخ: ” لتعلموا “. (6) أشار عليه السلام بأن الطريق الوحيد إلى الوصول بالمقام الامين ترك الشهوات وتعديل القوتين الشهوية والغضبية والمقاومة عندهما. (7) في نسخة: ” بعينه “.

[ 209 ]

ما قد فات، [ ما ] أدنى ما هو آت ! ويل للمغترين لو قد أزفهم (1) ما يكرهون، وفارقهم ما يحبون، وجاءهم ما يوعدون، [ و ] في خلق هذا الليل والنهار معتبر. ويل لمن كانت الدنيا همه والخطايا عمله كيف يفتضح غدا عند ربه ؟ ! ولا تكثروا الكلام في غير ذكر الله، فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون (2). لا تنظروا إلى عيوب الناس كأنكم رئايا عليهم (3)، ولكن انظروا في خلاص أنفسكم، فإنما أنتم عبيد مملوكون. إلى كم يسيل الماء على الجبل لا يلين ؟ ! إلى كم تدرسون الحكمة لا يلين عليها قلوبكم ؟ ! عبيد السوء فلا عبيد اتقياء (4)، ولا أحرار كرام، إنما مثلكم كمثل الدفلى (5) يعجب بزهرها من يراها، ويقتل من طعمها، والسلام. 44 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي نجران، عن الحسن بن بحر، عن فرات بن أحنف، عن رجل من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه قال: سمعته يقول: تبذل ولا تشهر (6)، وأخف شخصك لئلا تذكر وتعلم، واكتم واصمت تسلم. وأومى بيده إلى صدره تسر الابرار وتغيظ الفجار وأومأ بيده إلى العامة. 45 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن علي بن


(1) أي أعجلهم. وفي نسخة: ” لزمهم ” وهذا أنسب لما بعده. (2) فيه دلالة على أن كثرة الكلام في الامور المباحة يوجب قساوة القلب، وأما الكلام في الامور الباطلة فقليله كالكثير في ايجاب القساوة والنهى عنه (المرآة). (3) أي عيونا وجواسيس عليهم. (4) في المطبوعة والبحار: ” لا عبيد أتقياء “. (5) الدفل بالكسر وكذكرى: نبت مر، فارسيته: ” خرزهرة ” قتال، زهره كالورد الاحمر، وحمله كالخرنوب (البحار). وخرنوب بالضم: نبت معروف، فارسيته: جنك جنكك، كما في بحر الجواهر. (6) التبذل: ترك الاحتشام والتصون، وترك التزين والتهيى بالهيئة الحسنة الجميلة.

[ 210 ]

فضال قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام (1) يقول: ما التقت فئتان [ قتالا ] قط إلا نصر الله أعظمها عفوا (2). 46 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: إن في التوراة مكتوبا فيما ناجى الله تعالى به موسى عليه السلام أن قال له: يا موسى خفني في سر أمرك أحفظك من وراء عورتك، واذكرني في خلوتك وعند سرور لذتك (3) أذكرك عند غفلاتك، وأملك غضبك عمن ملكتك عليه أكف عنك غضبي، واكتم مكنون سري في سريرتك، وأظهر في علانيتك المدارأة عني (4) لعدوي وعدوك من خلقي، ولا تستسب لي عندهم (5) بإظهارك مكنون سري فتشرك عدوي وعدوك في سبي. 47 وبالاسناد الاول عن علي بن مهزيار، عن ابن محبوب، عن الفضل ابن يونس، عن أبي الحسن الاول عليه السلام إنه قال: أبلغ خيرا، وقل خيرا، ولا تكونن إمعة. قلت: وما الامعة ؟ قال: لا تقل أنا مع الناس وأنا كواحد من الناس (6)، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أيها الناس هما نجدان: نجد خير


(1) هو على بن موسى الرضا عليه السلام. (2) في الكافي: ” الا نصر أعظمهما عفوا “، وقال العلامة المجلسي (ره): يدل على أن نية العفو تورث الغلبة على الخصم (البحار). (3) في البحار في الموضعين على صيغة الجمع أي خلواتك ولذاتك. (4) في المطبوعة: ” منى “، وقال الفيض (ره): لما كان أصل الدرء الدفع وهو مأخوذ في المدارأة عديت بعن. (5) أي لا تطلب سبى فان من لم يفهم السر يسب من تكلم به، ” فتشرك ” أي تكون شريكا له لانك أنت الباعث له عليه (الوافى). وفي بعض نسخ الكافي: ” ولا تسبب “. (6) الامعة بكسر الهمزة وتشديد الميم هو الذي لا رأى له، فهو يتابع كل أحد على رأيه، والهاء فيه للمبالغة، ويقال فيه: ” امع ” أيضا. ولا يقال للمرأة: امعة، =

[ 211 ]

ونجد شر، فما بال نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير ؟ !. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعترته الطاهرين وسلم تسليما. المجلس الرابع والعشرون مجلس يوم الاربعاء الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وأربعمائة، وهو أول مجلس أملى فيه في هذا الشهر. حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله حراسته في مسجده بدرب رياح في اليوم المؤرخ فيه. 1 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري قال: حدثني أبو طاهر محمد بن سليمان الزراري قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد صلوات الله عليهما، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خطب حمد الله وأثنى عليه ثم قال (1): أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأفضل الهدى هدى محمد، وشر الامور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. ويرفع صوته، وتحمار وجنتاه (2)، ويذكر الساعة وقيامها حتى كأنه منذر جيش (3)، يقول: صبحتكم الساعة، مستكم الساعة (4)، ثم يقول: بعثت


وهمزته أصلية لانه لا يكون أفعل وصفا. وقيل: هو الذى يقول لكل أحد: أنا معك. (1) كذا والقياس ” ثم يقول “. (2) تحمار: تصير أحمر على التدريج. والوجنة: ما ارتفع من الخدين. وفي المطبوعة: ” تجمر وجنتاه “. (3) هو الذي يجئ مخبرا للقوم بما قد دهمهم من عدو أو غيره. (4) أي نزلت بكم الساعة صباحا ومساء، والمراد ستنزل وصيغة الماضي للتحقق، =

[ 212 ]

أنا والساعة كهاتين ويجمع بين سبابتيه، من ترك مالا فلاهله، ومن ترك دينا فعلي وإلي (1). 2 [ قال: ] أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقري قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد البجلى قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا زيد بن المعدل، عن أبان بن عثمان الاجلح، عن زيد بن على بن الحسين، عن أبيه عليهما السلام قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذى توفى فيه رأسه في حجر أم الفضل واغمي عليه، فقطرت قطرة من دموعها على خده، ففتح عينيه وقال لها: مالك يا أم الفضل ؟ قالت: نعيت (2) إلينا نفسك، وأخبرتنا أنك ميت، فإن يكن الامر لنا (3) فبشرنا، وإن يكن في غيرنا فأوص بنا. قال: فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: أنتم المقهورون المستضعفون من بعدي (4). 3 [ قال: ] أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو طالب محمد بن أحمد بن البهلول قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن الضرير قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا إسماعيل بن أبان قال: حدثني يونس بن أرقم قال: حدثني أبو هارون العبدي، عن أبي عقيل (5) قال: كنا عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فقال:


= والساعة القيامة، وفي النسخ: ” صحبتكم الساعة ” وهو تصحيف. (1) كذا والصواب: ” ومن ترك دينا أو ضياعا فعلى والى “، وقال السيوطي: فيه لف ونشر مرتب، ف‍ ” على ” راجع إلى الدين، و ” إلى ” راجع إلى الضياع اه‍. والخبر تقدم في المجلس السابق تحت رقم 14 بسند آخر مع اختلاف يسير. (2) النعى: خبر الموت. (3) في المطبوعة: ” فينا “. (4) أخبر صلى الله عليه وآله عما يجرى القضاء لاهل بيته بما يرجى له حسن المثوبة، من اجتماع الامة على خضد شوكتهم وغصب حقهم. (5) أبو هارون اسمه عمارة بن جوين، وأبو عقيل يروى عن علي أمير المؤمنين =

[ 213 ]

لتفرقن (1) هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة، والذي نفسي بيده أن الفرق كلها ضالة إلا من اتبعني وكان من شيعتي. 4 [ قال: ] حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي أنت مني وأنا منك: وليك وليي ووليي ولي الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله. يا علي أنا حرب لمن حاربك، وسلم لمن سالمك. يا علي لك كنز في الجنة وأنت ذو قرنيها (2). يا علي أنت قسيم الجنة والنار، لا يدخل الجنة إلا من عرفك وعرفته (3)، ولا يدخل النار إلا من أنكرك وأنكرته. يا علي أنت والائمة من ولدك (4) على الاعراف يوم القيامة تعرف المجرمين بسيماهم، والمؤمنين بعلاماتهم. يا علي لولاك لم يعرف المؤمنون بعدي.


عليه السلام في الغارات ص 585 حديث افتراق الامة قريب المضمون لحديثنا هذا وهو مشترك. قال الاستاذ الارموى (ره): لم نتمكن من تعيينه ويمكن أن ينطبق على من ذكره ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل بهذه العبارة: ” أبو عقيل مولى لبنى زريق، سمع عائشة، روى عنه أبو بكر بن عثمان، سمعت أبى يقول ذلك “. (1) في المطبوعة: ” لتفترقن “. (2) قال في النهاية: ” انه قال لعلى: ” ان لك بيتا في الجنة، وانك ذوقرنيها ” أي طرفي الجنة وجانبيها “. (3) أي عرفك بالامامة وعرفته بالاطاعة لك وللائمة من ولدك وهكذا الانكار. وفي كثير من الاحاديث أنه عليه السلام يعرف شيعته باسمهم واسم أبيهم وكذا بجملة نعوتهم. (4) في المطبوعة: ” من بعدك “.

[ 214 ]

5 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله عن أبيه قال: حدثنا محمد بن يحيى، وأحمد بن إدريس جميعا، عن علي بن محمد بن علي بن سعد الاشعري، عن الحسين بن نصر بن مزاحم العطار، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: سمعت جابر بن عبد الله بن حرام الانصاري يقول: لو نشر سلمان وأبو ذر رحمهما الله لهؤلاء الذين ينتحلون مودتكم أهل البيت لقالوا: هؤلاء الكذابون (1) ولو رأى هؤلاء أولئك لقالوا: مجانين. 6 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد بن ياسين قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: ما ينفع العبد يظهر حسنا ويسر سيئا، أليس إذا رجع إلى نفسه علم أنه ليس كذلك، والله تعالى يقول: ” بل الانسان على نفسه بصيرة (2) “، إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الامي وآله الطاهرين وسلم تسليما.


(1) في المطبوعة: ” لهؤلاء الكذابون “. والمعنى انه لو نشرا مناقبكم أو ما في مودتكم أهل البيت في الذين انتحلوها لرموهما بالكذب. ولو رآهم هؤلاء يعني سلمان وأضرابه لقالوا: اولئك الذين لا يعقلون. (2) القيامة: 14.

[ 215 ]

المجلس الخامس والعشرون مجلس يوم الاثنين السابع والعشرين من شهر رمضان سنة ثمان وأربعمائة. حدثنا الجليل الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثني أبي قال: حدثنا أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام قال: قام أبو ذر الغفاري رضي الله عنه عند الكعبة فنادى: أنا جندب بن السكن، فاكتنفه الناس، فقال: معاشر الناس لو أن أحدكم أراد السفر لاعد ما يصلحه، أفما تريدون لسفر يوم القيامة ما يصلحكم ؟ فقام إليه رجل وقال له: أرشدنا رحمك الله، فقال أبو ذر رحمه الله صوم يوم شديد الحر (1) للنشور، وحج البيت الحرام لله تعالى لعظائم الامور، وصلاة ركعتين في سواد الليل لوحشه القبور. اجعلوا الكلام كلمتين: كلمة خير تقولونها، وكلمة شر تسكتون عنها، وصدقة منك على مسكني لعلك تنجو بها يا مسكين (2) من يوم عسير. اجعل الدنيا درهمين اكتسبتهما: درهما تنفقه على عيالك، ودرهما تقدمه لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع فلا ترده. اجعل الدنيا كلمتين: كلمة في طلب الحلال، وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع فلا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا أدركه. 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا عبد الكريم


(1) في الخصال: ” صم يوما شديد الحر للنشور ” بلفظ الامر وكذا فيما يأتي. (2) في الخصال ” يا مستكين “.

[ 216 ]

ابن محمد البجلي قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني (1) قال: حدثنا الاوزاعي قال: حدثنا شداد أبو عمار، عن واثلة بن الاسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم. 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا علي بن سليمان (2) قال: حدثنا محمد بن الحسن النهاوندي قال: حدثنا أبو الخزرج الاسدي قال: حدثنا محمد بن الفضيل (3) قال: حدثنا أبان بن أبي عياش قال: حدثنا جعفر بن إياس، عن أبي سعيد الخدري قال: وجد قتيل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج عليه السلام مغضبا حتى رقى المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: يقتل رجل من المسلمين لا يدري من قتله ؟ ! والذي نفسي بيده لو أن أهل السماوات والارض اجتمعوا على قتل مؤمن (4) أو رضوا به لادخلهم الله في النار. والذي نفسي بيده لا يجلد أحد أحدا ظلما (5) إلا جلد غدا في نار جهنم


(1) محمد بن مصعب بن صدقة القرقسائى، بقافين المضمومين وسين مهملة، قال ابن حجر: صدوق كثير الغلط، وقال ابن الاثير: كان حافظا الا أنه كثير الغلط فضعف لذلك، مات سنة 208. (2) كأنه علي بن سليمان أبو عبد الله الحكيمي المترجم في تاريخ بغداد، وأما محمد بن الحسن النهاوندي فلم نجد بهذا العنوان أحدا واحتمال كونه محمد بن الحسن ابن كوثر بن علي البربهارى المتوفى سنة 266 وتصحيف النسخ لمشاكلة الخط قريب. (3) هو محمد بن الفضيل بن غزوان المعنون في الرجال. وأما راويه فلم نعرف من هو. (4) ينبغي أن يحمل على قتله بسبب ايمانه، ويدل عليه حسنة سماعة، راجع الفقيه ج 4 ص 97 طبع مكتبة الصدوق تحت رقم 5171. (5) خرج به من أقيم به الحدود فانه بأمر الله تعالى. (*)

[ 217 ]

مثله. والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أكبه الله على وجهه في نار جهنم (1). 4 قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي أنا وأنت وابناك الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين أركان الدين ودعائم الاسلام، من تبعنا نجا، ومن تخلف عنا فإلى النار. 5 قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن داود الحتمي إجازة قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الاشعث (2) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبدان قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا سعيد بن داود بن [ أبي ] زنبر (3) قال: حدثنا مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك (4)، عن أبيه قال: إني لواقف مع المغيرة بن شعبة عند نهوض علي بن أبي طالب عليه السلام من المدينة إلى البصرة إذ


(1) كب الاناء كبا لازم متعد وأكب اكبابا: قلبه وصرعه. (2) هو أبو بكر بن أبي داود السجستاني المعنون في تاريخ بغداد ج 7 ص 464، يروى عن أحمد بن محمد بن عبدان بن فضال أبو الطيب الاسدي الصفار، وهو يروى عن ابراهيم بن اسحاق بن ابراهيم أبى اسحاق الحربى الذى كان اماما في العلم، رأسا في الزهد. راجع تاريخ الخطيب ج 4 ص 58 وج 6 ص 27. (3) هو أبو عثمان سعيد بن داود بن أبي زنبر الزنبرى المترجم في التهذيب، سكن بغداد وحدث بها عن مالك. وصحف في النسخ بسعيد بن داود بن الزبير. وفي اللباب: الزنبرى ” بفتح الزاى وسكون النون وفتح الباء الموحدة وفي آخرها الراء. (4) هو نافع بن مالك بن أبى عامر الاصبحي أبو سهيل التيمى المدنى، يروى عنه ابن أخيه مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر المدنى أحد الائمة الاربعة الفقهاء.

[ 218 ]

أقبل عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال له: هل لك في الله عزوجل يا مغيرة (1) ؟ فقال: وأين هو [ لي ] يا عمار ؟. قال: تدخل في هذه الدعوة فتلحق بمن سبقك وتسود من خلفك. فقال له المغيرة: أو خير من ذلك يا أبا اليقظان ؟ قال عمار: وما هو ؟ قال: ندخل بيوتنا، ونغلق علينا أبوابنا حتى يضئ لنا الامر فنخرج ونحن مبصرون، ولا نكون كقاطع السلسلة أراد الضحك فوقع في الغم، فقال له عمار: هيهات هيهات أجهل بعد علم، وعمى بعد استبصار ؟ ! ولكن اسمع قولي، فوالله لن تراني إلا في الرعيل الاول (2). قال: فطلع عليهما أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: يا أبا اليقظان ما يقول لك الاعور فإنه والله دائبا يلبس الحق بالباطل، ويموه فيه (3)، ولن يتعلق من الدين إلا بما يوافق الدنيا، ويحك يا مغيرة إنها دعوة تسوق من يدخل فيها إلى الجنة. فقال له المغيرة: صدقت يا أمير المؤمنين إن لم أكن معك فلن أكون عليك. 6 قال: حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر القصباني، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن يحيى ابن أبي العلاء، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنه إذا كان يوم القيامة، وسكن أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، مكث عبد في النار سبعين خريفا والخريف سبعون سنة، ثم إنه يسأل الله عزوجل ويناديه فيقول: يا رب أسألك بحق محمد وأهل بيته لما رحمتني.


(1) كذا. (2) الرعيل: اسم كل قطعه متقدمة من خيل ورجال. (3) موه الخبر على فلان: أخبره بخلاف ما سأله وزوره عليه ولبسه.

[ 219 ]

فيوحي الله جل جلاله إلى جبرئيل عليه السلام [ أن ] اهبط إلى عبدي فأخرجه، فيقول جبرئيل: وكيف لي بالهبوط في النار ؟ فيقول الله تبارك وتعالى: إنه قد أمرتها أن تكون عليك بردا وسلاما. قال: فيقول: يا رب فما علمي بموضعه ؟ فيقول: إنه في جب من سجين. فيهبط جبرئيل عليه السلام إلى النار فيجده معقولا على وجهه فيخرجه. فيقف بين يدي الله عزوجل، فيقول الله تعالى: يا عبدي كم لبثت في النار تناشدني ؟ فيقول: يا رب ما أحصيته. فيقول الله عزوجل له: أما وعزتي وجلالي لولا ما (1) سألتني بحقهم عندي لاطلت هوانك في النار، ولكنه حتم على نفسي أن لا يسألني (2) عبد بحق محمد وأهل بيته إلا غفرت له ما كان بيني وبينه (3)، وقد غفرت لك اليوم، ثم يؤمر به إلى الجنة (4). 7 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن على ماجيلويه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان بالمدينة رجل بطال يضحك أهل المدينة من كلامه، فقال يوما لهم: قد أعياني هذا الرجل يعني علي بن الحسين عليهما السلام فما يضحكه مني شئ (5) ولا بد من أن أحتال (6) في


(1) في بعض النسخ: فلولا من سألتنى بحقهم ” وفي بعض نسخ الحديث: ” لولا ما سألتنى به ” و ” ما ” في الصلب مصدرية وهنا موصولة. (2) في ثواب الاعمال: ” ولكني حتمت على نفسي “. (3) أي دون ما بينه وبين الناس. (4) رواه الصدوق (ره) في المعاني ص 226 وثواب الاعمال ص 185 والخصال ص 484 كلها طبع مكتبة الصدوق، وأيضا في الامالى ص 398 كما في البحار ج 94 ص 2. (5) في نسخة: ” فما يضحكه من شئ “. (6) في نسخة: ” من أن يحتال “.

[ 220 ]

أن اضحكه. قال: فمر علي بن الحسين عليهما السلام ذات يوم ومعه موليان له، فجاء ذلك [ الرجل ] البطال حتى انتزع رداءه من ظهره، واتبعه الموليان فاسترجعا الرداء منه وألقياه عليه، وهو مخبت (1) لا يرفع طرفه من الارض. ثم قال لمولييه: ما هذا ؟ فقالا له: رجل بطال يضحك أهل المدينة ويستطعم منهم بذلك. قال: فقولا له: يا ويحك إن لله يوما يخسر فيه البطالون. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما. المجلس السادس والعشرون مجلس يوم الاثنين الثاني من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعه أبو الفوارس وحده. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: حدثني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الصيرفي المعروف بابن الزيات قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك (2) قال: حدثنا أحمد بن سلامة الغنوي قال: حدثنا محمد بن الحسين العامري (3) قال: حدثنا أبو معمر، عن أبي بكر بن عياش، عن الفجيع العقيلي قال: حدثني الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: لما حضرت


(1) في المطبوعة: ” وهو محتب ” من الاحتباء وهو نوع جلوس. وفي نسخة: ” وهو مخبت ” وهذا أنسب، والاخبات: الاطمئنان والانصات. (2) هو جعفر بن محمد بن مالك بن عيسى بن سابور أبو عبد الله الكوفى مولى وكان ضعيفا لا يحتج به. (3) الظاهر كونه محمد بن الحسين بن ابراهيم العامري المعروف بابن اشكاب المعنون في تاريخ الخطيب وتهذيب التهذيب.

[ 221 ]

أبي الوفاة أقبل يوصي فقال: هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول الله وابن عمه ووصيه و صاحبه. وأول وصيتي أني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسوله وخيرته، اختاره بعلمه، وارتضاه لخيرته (1)، وأن الله باعث من في القبور، وسائل الناس عن أعمالهم، وعالم بما في الصدور. ثم إني أوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وآله، فإذا كان ذلك يا بني فالزم بيتك، وابك (2) على خطيئتك، ولا تكن الدنيا أكبر همك. واوصيك يا بني بالصلاة عند وقتها، والزكاة في أهلها عند محلها، والصمت عند الشبهة، والاقتصاد في العمل، والعدل في الرضا والغضب، وحسن الجوار، وإكرام الضيف، ورحمة المجهود (3) وأصحاب البلاء، وصلة الرحم، وحب المساكين ومجالستهم، والتواضع فإنه من أفضل العبادة، وقصر الامل، وذكر الموت، والزهد في الدنيا فإنك رهن موت، وغرض بلاء، وطريح سقم (4). وأوصيك بخشية الله في سر أمرك وعلانيته (5)، وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل، وإذا عرض شئ من أمر الآخرة فابدأ به، وإذا عرض شئ


(1) في بعض النسخ: ” وارتضاه بخيرته “. (2) في الخطية: ” فابك “. (3) يقال: جهد الرجل فهو مجهود: إذا وجد مشقة. وجهد الناس فهم مجهودون: إذا أجدبوا (النهاية). (4) في أمالى الطوسى: ” واذكر الموت، وازهد في الدنيا “. وفي بعض نسخ الحديث: ” رهين موت “. قال الجزرى: ” الرهينة: الرهن. والهاء للمبالغة كالشتيمة والشتم، ثم استعملا بمعنى المرهون “. والطريح: المطروح، وطرحه: رماه وقذفه. وفى الامالي: ” وصريع سقم “، وصرعه أي طرحه على الارض. (5) في الامالى: ” علانيتك “.

[ 222 ]

من أمر الدنيا فتأنه (1) حتى تصيب رشدك فيه. وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء، فإن قرين السوء يغير جليسه. وكن لله يا بني عاملا، وعن الخنا (2) زجورا، وبالمعروف آمرا، وعن المنكر ناهيا، وواخ الاخوان في الله، وأحب الصالح لصلاحه، ودار الفاسق عن دينك، وأبغضه بقلبك، وزايله بأعمالك لئلا تكون مثله. وإياك والجلوس في الطرقات، ودع المماراة (3) ومجاراة من لا عقل له ولا علم. واقتصد يا بني في معيشتك، واقتصد في عبادتك، وعليك فيها بالامر الدائم الذي تطيقه. والزم الصمت تسلم، وقدم لنفسك تغنم (4)، وتعلم الخير تعلم، وكن لله ذاكرا على كل حال، وارحم من أهلك الصغير، ووقر منهم الكبير، ولا تأكلن طعاما حتى تصدق منه قبل أكله. وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لاهله، وجاهد نفسك، واحذر جليسك، واجتنب عدوك، وعليك بمجالس الذكر، وأكثر من الدعاء فإني لم آلك يا بني نصحا، وهذا فراق بيني وبينك. وأوصيك بأخيك محمد خيرا فإنه شقيقك وابن أبيك، وقد تعلم حبي له. وأما أخوك الحسين فهو ابن أمك، ولا أزيد الوصاة بذلك (5)، والله الخليفة عليكم، وإياه أسأل أن يصلحكم، وأن يكف الطغاة البغاة عنكم،


(1) تأنى في الامر: ترفق وتنظر. وفي المطبوعة: ” فتأن “. (2) الخنا: الفحش في القول. (3) المماراة: المجادلة وللجاجة والطعن في القول تزييفا للقول وتصغيرا للقائل، والمجاراة: الجرى مع الناس في المناظرة والجدال. وفي النسخ: ” ومجازاة من لا عقل له ولا علم ” وكأنه تصحيف وان كان له معنى مناسب في الجملة. (4) في المطبوعة: ” وقدر لنفسك “. (5) في بعض النسخ: ” ولا أريد الرضاة بذلك ” وفي البحار: ” ولا أريد الوصاة بذلك ” وفي أمالى الشيخ: ” ولا أزيد الوطأة بذلك “.

[ 223 ]

والصبر الصبر حتى يتولى الله الامر (1)، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 2 أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثنا الحسن بن علي الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا المسعودي قال: حدثنا محمد بن كثير، عن يحيى بن حماد القطان قال: حدثنا أبو محمد الحضرمي، عن أبي علي الهمداني (2): إن عبد الرحمن بن أبي ليلى قام إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إني سائلك لآخذ عنك، وقد انتظرنا أن تقول من أمرك شيئا فلم تقله، الا تحدثنا عن أمرك هذا أكان بعهد [ من ] رسول الله صلى الله عليه وآله أو شئ رأيته ؟ فإنا قد أكثرنا فيك الاقاويل، وأوثقه عندنا ما قبلناه عنك وسمعناه من فيك. إنا كنا نقول: لو رجعت (3) إليكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينازعكم فيها أحد، والله ما أدري إذا سئلت ما أقول ؟ ! أزعم أن القوم كانوا أولى بما كانوا فيه منك ؟ فإن قلت ذلك، فعلى م نصبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد حجة الوداع، فقال: ” أيها الناس من كنت مولاه فعلي مولاه (4) “، وإن تك أولى منهم بما كانوا فيه فعلى م نتولاهم ؟. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا عبد الرحمن إن الله تعالى قبض نبيه صلى الله عليه وآله وسلم


(1) في البحار: ” حتى ينزل الله الامر “. (2) الظاهر كونه ثمامة بن شفى الهمداني الاصبحي الذى توفى في خلافة هشام بن عبد الملك، وثقه النسائي. وقال ابن حجر: ” أبو محمد الحضرمي، غلام أبي أيوب الانصاري، قيل: هو أفلح. فان يكن المراد هو فهو والا فلم نعثر على عنوانه. (3) يعني الخلافة. (4) يدل أولا على أن المسلمين في صدر الاسلام والذين شهدوا القول من رسول الله صلى الله عليه وآله فهموا من لفظ المولى الولاية (بمعنى الحكومة والاولى بالتصرف) لا غير، وثانيا يعطينا خبرا بان الشكوك والتشكيك في اللفظ انما حدثت بعد لتلبيس الامر واخفاء الحق و اعذار من تقمصها وارتدى بها.

[ 224 ]

وأنا يوم قبضه أولى بالناس مني بقميصي هذا، وقد كان من نبي الله إلي عهد لو خزمتموني بأنفي (1) لاقررت سمعا لله وطاعة، وإن أول ما انتقصنا [ ه ] بعده إبطال حقنا في الخمس، فلما رق أمرنا طمعت رعيان البهم (2) من قريش فينا، وقد كان لي على الناس حق لو ردوه إلي عفوا (3) قبلته وقمت به وكان إلى أجل معلوم، وكنت كرجل له على الناس حق إلى أجل فإن عجلوا له ماله أخذه وحمدهم عليه، وإن أخروه أخذه غير محمودين، وكنت كرجل يأخذ السهولة وهو عند الناس محزون (4). وإنما يعرف الهدى بقلة من يأخذه من الناس، فإذا سكت فاعفوني فإنه لو جاء أمر تحتاجون فيه إلى الجواب أجبتكم، فكفوا عني ما كففت عنكم. فقال عبد الرحمن: يا أمير المؤمنين فأنت لعمرك كما قال الاول: لعمرك لقد أيقظت من كان نائما * وأسمعت من كانت له اذنان 3 قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد النحوي قال: حدثنا محمد بن الحسن (5) قال: حدثنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة قال: كان نابغة الجعدي


(1) خزم أنف فلان: أذله وتسخره. وفي بعض نسخ الحديث: ” لو خرمتمونى “، وخرم فلانا: شق وترة أنفه. (2) الرعيان بالضم وقد يكسر جمع الراعى، وهو معروف. (3) أي بغير مسألة، وذلك انما ينفذ حكم الوالى ويجرى إذا كان له مضافا إلى مشروعيته بالنص من الله تعالى ورسوله القبول من قبل العامة والا وان أثموا في عدم ردهم إليه لا يكون الحكومة بالعنف والتحميل، ولا رأى لمن لا يطاع. (4) قال العلامة المجلس (ره): ” قوله: وهو عند الناس محزون لعل الاصوب ” حرون ” وهو الشاة السيئة الخلق، ولما لم يمكنه عليه السلام في هذا الوقت التصريح يجور الغاصبين أفهم السائل بالكناية التي هي أبلغ “. (5) الظاهر كونه محمد بن الحسن بن دريد الازدي القحطاني البصري المتولد سنة 223 والمتوفى سنة 321 يروى عن أبى حاتم سهل بن محمد السجستاني النحوي =

[ 225 ]

ممن يتأله في الجاهلية، وأنكر الخمر والسكر، وهجر الاوثان والازلام، وقال في الجاهلية كلمته التي قال فيها: الحمد لله لا شريك له * من لم يقلها لنفسه ظلما وكان يذكر دين إبراهيم عليه السلام والحنيفية، ويصوم ويستغفر. ويتوقى أشياء لغوا فيها، ووفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى * ويتلو كتابا كالمجرة (1) نشرا وجاهدت حتى ما أحس ومن معي * سهيلا إذا ما لاح ثم تغورا (2) وصرت إلى التقوى ولم أخش كافرا * وكنت من النار المخوفة أزجرا وقال: وكان النابغة علوي الرأي، وخرج بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى صفين، فنزل ليلة فضاق به وهو يقول: قد علم المصران والعراق * إن عليا فحلها العتاق (3) أبيض جحجاح (4) له رواق * وأمه غالا بها الصداق أكرم من شد به نطاق * إن الاولى جاروك لا أفاقوا


= المتوفى سنة 248. وفي بعض النسخ ” محمد بن الحسين ” فعليه فهو محمد بن الحسين اليشكرى كما هو في أمالى السيد المرتضى. وفي بعض النسخ ” محمد بن الحسن السكرى “. وأبو عبيدة هو معمر بن المثنى البصري النحوي اللغوى كان متبحرا في اللغة وأخبار العرب، وأول من صنف كتابا في غريب الحديث وهو يرى رأى الخوارج كما في فهرست ابن النديم وغيره، وبلغ نحوا من مائة سنة وتوفى سنة 209 وقيل: لم يحضر جنازته أحد من الناس حتى اكترى له من يحملها. يروى عن قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة بن جعدة نابغة الجعدى. راجع ترجمته في أمالى السيد المرتضى (ره). (1) المجرة: نجوم كثيرة لا تدرك بمجرد البصر يقال لها بالفارسية ” كهكشان “. (2) يريد: انى كنت بالشام، وسهيل لا يكاد يرى هناك. (الغرر) (3) العتاق بالكسر من الخيل: النجائب. (4) الجحجاح: السيد المسارع إلى المكارم. وفي المطبوعة: ” الحجاج “.

[ 226 ]

لكم سباق ولهم سباق * قد علمت ذلكم الرفاق سقتم إلى نهج الهدى وساقوا * إلى التي ليس لها عراق في ملة عادتها النفاق 4 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثنا علي بن الحسين بن موسى بن بابويه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن يزيد ابن إسحاق، عن الحسين بن عطية (1)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: المكارم عشر فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن، فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في ابنه (2) ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر. قيل: وما هن يا ابن رسول الله ؟. قال: صدق اللسان، وصدق اليأس (3)، وأداء الامانة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف (4)، وإطعام السائل، والمكافأة على الصنايع، والتذمم للجار،


(1) في بعض النسخ والخصال: ” الحسن بن عطية “. (2) كذا في النسخ. وفى الكافي: ” وتكون في الولد ” وفي الخصال: ” و تكون في ولده ” وفي أمالى الطوسى: ” في الابن “. (3) كذا في النسخ والخصال، وفي نسخة وأمالى الطوسى المطبوع أيضا: ” وصدق الناس “. و ” اليأس ” بالياء المثناة كما في بعض نسخ الكتاب ومجالس الشيخ وغيره، وفي بعض النسخ ” الباس ” بالباء الموحدة، فعلى الاول المراد به اليأس عما في أيدى الناس وقصر النظر على فضله تعالى ولطفه. والمراد بصدقه عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره. وعلى الثاني المراد بالبأس اما الشجاعة والشدة في الحرب وغيره أي الشجاعة الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل الله، واظهار الحق، والنهى عن المنكر، أو من البؤس والفقر كما قيل: أريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره واخباته لخشوع باطنه واخباته، لا يرى التخشع في الظاهر أكثر مما في باطنه (البحار) (4) ” اقراء الضيف ” كذا في جميع النسخ والاظهر ” قراء الضيف ” كما في اللغة يعنى حسن الضيافة.

[ 227 ]

والتذمم للصاحب (1)، ورأسهن الحياء. 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا القاسم ابن محمد بن حماد قال: حدثنا عبيد بن يعيش (2) قال: حدثنا يونس بن بكير قال: أخبرنا يحيى بن أبي حية أبو جناب الكلبي (3)، عن أبي العالية قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ست من عمل بواحدة منهن جادلت عنه يوم القيامة حتى تدخله (4) الجنة، تقول: أي رب قد كان يعمل بي في الدنيا: الصلاة، والزكاة، والحج، والصيام، وأداء الامانة، وصلة الرحم. 6 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد قال: حدثني محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وقد سئل عن قوله تعالى: ” فلله الحجة البالغة (5) “


(1) الصنايع جمع صنيعة وهي العطية والاكرام والاحسان. وقوله ” التذمم للصاحب ” هو أن يحفظ ذمامه ويطرح عن نفسه ذم الناس ان لم يحفظ. والذمة بمعنى العهد والامان والضمان والحرمة والحق. كما في النهاية وفي القاموس: ” التذمم: الاستنكاف “. وحاصل المعنى دفع الضرر عن الصاحب حضرا وسفرا. (2) هو عبيد بن يعيش المحاملى أبو محمد الكوفى العطار. قال ابن حجر: ثقة مات سنة 228 أو بعدها بسنة اه‍. ولم نجد راويه ويمكن تصحيف النسخة والصواب القاسم بن محمد بن حميد وهو المعمرى المعاصر لعبيد بن يعيش المعنون في تاريخ بغداد والتهذيب، أو القاسم بن محمد بن عباد الازدي والعلم عند الله. (3) هو يحيى بن أبى حية الكلبى أبو جناب كما تقدم ذكره، قال ابن حجر: مشهور بها إلى أن قال مات سنة 150 أو قبلها اه‍. وصحف أبو جناب في النسخ ب‍ ” أبو الحباب ” و ” أبو الحسنات “. (4) كذا الصواب كما في المطبوعة، وفي النسخ هذا وما بعده بصيغة المذكر، وهما ظاهرا التصحيف. (5) الانعام: 149.

[ 228 ]

فقال: إن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم، قال له: أفلا عملت بما علمت (1) ؟ وإن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت حتى تعمل ؟ فيخصمه، وذلك (2) الحجة البالغة. وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد النبي وعترته وسلم تسليما. المجلس السابع والعشرون مجلس يوم السبت السابع من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعه أبو الفوارس وحده. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله حراسته. 1 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمد بن مدرك ابن تمام الشيباني قال: حدثنا زكريا بن الحكم أبويحيى الراسبي قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا بكر بن حبيش، عن أبي شيبة، عن عبد الملك ابن عمر، عن أبي قرة، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا سلمان إذا أصبحت فقل: ” اللهم أنت ربي لا شريك لك، أصبحنا وأصبح الملك لله، لا شريك له ” تقولها ثلاثا، وإذا أمسيت فقل ذلك، فإنهن يكفرن ما بينهن من خطيئة. 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن الحسن المراغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان


(1) في النسخ: ” مما علمت “. (2) كذا: والصواب كما في أمالى ابن الشيخ: ” فتلك “، ويأتي مكررا بالسند و المتن في المجلس الخامس والثلاثين، وفيه: ” فتلك الحجة البالغة لله عزوجل على خلقه “.

[ 229 ]

قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن عيسى قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد ابن علي، عن أبيه عليهم السلام قال: فقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من أصحابه، ثم رآه بعد ذلك، فقال [ له ]: ما أبطأ بك عنا (1) ؟ فقال: السقم والفقر يا رسول الله، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أعلمك دعوات تدعو بهن فيذهب الله عنك السقم و ينفي عنك الفقر ؟ قال له: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قل: (2) ” لا حول ولا قوة إلا بالله، توكلت على الحي الذي لا يموت، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، (3) ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيرا “. 3 قال: حدثنا أبو الطيب الحسين بن محمد التمار قال: حدثنا جعفر بن أحمد الشاهد قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أبي مسلم قال: حدثنا أحمد بن جليس الرازي قال: حدثنا القاسم بن الحكم العرني قال: حدثنا هشام بن الوليد، عن حماد بن سليمان السدوسي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السيرافي (4) قال: حدثنا الضحاك بن مزاحم، عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب أنه سمع


(1) أي ما أخرك عنا. (2) في نسخة: ” قال: تقول “. (3) في المطبوعة: ” لم يتخذ صاحبة ولا ولدا “. (4) رجال السند إلى هنا كلهم مجهولون ولم نجد عنوانا لاحدهم في ما عندنا من كتب الرجال الا القاسم بن الحكم العرني، فانه أبو أحمد الكوفى قاضى همدان صدوق، فيه لين مات سنة 228 كما في التقريب. والخبر رواه الصدوق رحمه الله في فضائل الاشهر الثلاثة ح 133 عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الاسوارى الفقيه، عن مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعى، عن أحمد بن عبد الله الفقيه، عن أبي عمرو يعقوب بن يوسف القزويني حدثه ببغداد عن القاسم بن حكم العرني، عن هشام بن الوليد، عن حماد بن سليمان السدوسى، عن شيخ يكنى أبا الحسن، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس.

[ 230 ]

النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الجنة لتنجد (1) وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان. فإذا كان أول ليلة منه هبت ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة، تصفق ورق أشجار الجنان وحلق المصاريع (2) فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه، وتبرزن الحور العين (3) حتى يقفن بين شرف الجنة فينادين هل من خاطب إلى الله [ عزوجل ] فيزوجه ؟ ثم يقلن (4): يا رضوان ما هذه الليلة ؟ فيجيبهن بالتلبية (5)، ثم يقول: يا خيرات حسان هذه أول ليلة من شهر رمضان قد فتحت أبواب الجنان للصائمين من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. [ قال: ] ويقول له عزوجل: يا رضوان افتح أبواب الجنان، يا مالك أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين (6) من أمة محمد، يا جبرئيل اهبط إلى الارض فصفد مردة الشياطين وغلهم بالاغلال ثم اقذف بهم في لجج البحار حتى لا يفسدوا على أمة حبيبي صيامهم. قال: ويقول الله تبارك وتعالى في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات (7): هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ من يقرض الملئ غير المعدم والوفي غير الظالم (8) ؟.


(1) نجد البيت: زينه، وتنجد الشئ: ارتفع. (2) المصاريع: جمع مصراع، والمراد مصراع الباب. (3) كذا في النسخ والقياس ” تبرز ” وفى الفضائل ” فتتزين الحور العين “. (4) في الفضائل ” فتزوجه ثم قالت الملائكة “. (5) في الفضائل ” فيلبيهن بالتلبية. (6) زاد هنا في الفضائل ” القائمين “. (7) في الفضائل ” قال: وينزل الله عزوجل ملائكته في كل ليلة من شهر رمضان ثلاث مرات يقول الله عزوجل: هل من سائل “. (8) في الفضائل ” غير الظلوم “. والملئ: الغنى والمقتدر يعني من يقرض الغنى الوفى الذي لا يظلم الناس مثقال ذرة في الارض ولا في السماء.

[ 231 ]

قال: وإن لله تعالى في آخر كل يوم من شهر رمضان عند الافطار ألف ألف عتيق من النار (1)، فإذا كانت ليلة الجمعة ويوم الجمعة أعتق في كل ساعة منهما ألف ألف عتيق من النار وكلهم قد استوجبوا العذاب، فإذا كان في آخر [ يوم من ] شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بعدد ما أعتق من أول الشهر إلى آخره. فإذا كانت ليلة القدر أمر الله عزوجل جبرئيل عليه السلام فهبط في كتيبة من الملائكة إلى الارض ومعه لواء أخضر، فيركز اللواء على ظهر الكعبة، وله ستمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلا في ليلة القدر، فينشرهما تلك الليلة، فيجاوزان (2) المشرق والمغرب، ويبث جبرئيل عليه السلام الملائكة في هذه الليلة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر، ويصافحونهم ويؤمنون على دعائهم حتى يطلع الفجر. فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل عليه السلام: يا معشر الملائكة الرحيل الرحيل، فيقولون: يا جبرئيل فماذا صنع الله تعالى في حوائج المؤمنين من أمة محمد ؟ فيقول: إن الله تعالى نظر إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهؤلاء الاربعة (3): مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والقاطع الرحم، والمشاحن (4).


(1) في الفضائل ” فان لله تبارك وتعالى في كل يوم من شهر رمضان عند الافطار عتيق من النار “. (2) في نسخة: ” فيتجاوزان “. في الفضائل: ” فيتجاوز ” وكان الضمير المفرد راجع إلى اللواء. (3) في الفضائل ” الا أربعة، فقيل: يا رسول الله من هؤلاء الاربعة قال: رجل مدمن خمر، وعاق والديه، وقاطع رحم، ومشاخن ” وفي نسخة منه ” وشاطن، قيل يا رسول الله وما الشاطن ؟ قال: هو المصارم “. (4) المشاحن: المباغض الممتلئ عداوة. والشاطن المتباعد عن الحق. ولم نجد

[ 232 ]

فإذا كانت ليلة الفطر وهي تسمى ليلة الجوائز أعطى الله العاملين أجرهم بغير حساب. فإذا كانت غداة يوم الفطر (1) بعث الله الملائكة في كل البلاد فيهبطون إلى الارض، ويقفون على أفواه السكك فيقولون: يا أمة محمد اخرجوا إلى رب كريم، يعطي الجزيل، ويغفر العظيم. فإذا برزوا إلى مصلاهم قال الله عزوجل للملائكة: ملائكتي ! (2) ما جزاء الاجير إذا عمل عمله ؟ قال: فتقول الملائكة: إلهنا وسيدنا جزاؤه أن توفي أجره. قال: فيقول الله عزوجل: فإني أشهدكم ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم عن صيامهم شهر رمضان وقيامهم فيه رضاي ومغفرتي. ويقول: يا عبادي سلوني، فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم لآخرتكم ودنياكم إلا أعطيتكم (3)، وعزتي لاسترن عليكم عوراتكم ما راقبتموني، وعزتي لاجرتكم ولا أفضحكم (4) بين يدي أصحاب الخلود، انصرفوا مغفورا لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم. قال: فتفرح الملائكة وتستبشر ويهنئ بعضها بعضا بما يعطى [ الله ] هذه الامة إذا أفطروا. 4 قال حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه القمي رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عاصم بن حميد الحناط، عن أبي حمزة


= المشاخن في اللغة في ” شخن ” بالمعجمة معنى يناسب ذلك. ولعل الصواب ” الساطن ” بالسين والطاء المهملتين بمعنى الخبيث. والعلم عند الله. (1) في الفضائل ” فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة، فإذا كانت غداة الفطرة الخ “. (2) في نسخة: ” قال الله عزوجل لملائكته: ما جزاء الخ “. (3) في الفضائل ” في جمعكم لاخرتكم الا أعطيتكم ولدنياكم الا نظرت لكم “. (4) اجاره الله من العذاب: أنقذه. ويمكن أن يقرأ: ” لاجرتكم ” من الاجر. وفي الفضائل ” لا أخزيتكم ولا أفضحتكم بين يدى الخ ” وفى البحار:: ” لاجيرنكم “.

[ 233 ]

الثمالي، عن حنش بن المعتمر (1) قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو في الرحبة متكئا، فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، كيف أصبحت ؟ قال: فرفع رأسه ورد علي وقال: أصبحت محبا لمحبنا، صابرا على بغض من يبغضنا (2)، إن محبنا ينتظر الروح والفرج في كل يوم وليلة، وإن مبغضنا بنى بناء (3) فأسس بنيانه على شفا جرف هار، فكان بنيانه [ قد ] هار فانهار به في نار جهنم (4). يا أبا المعتمر إن محبنا لا يستطيع أن يبغضنا، وإن مبغضنا (5) لا يستطيع أن يحبنا. إن الله تبارك وتعالى جبل قلوب العباد على حبنا وخذل من يبغضنا (6)، فلن يستطيع محبنا بغضنا، ولن يستطيع مبغضنا حبنا، ولن يجتمع حبنا وحب عدونا في قلب واحد ” ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ” يحب بهذا قوما، ويحب بالآخر أعداءهم (7). 5 قال أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد النحوي التمار قال: حدثنا


(1) هو حنش بن المعتمر ويقال: ابن ربيعة الكنانى، تابعي من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وثقه العجلى كما في التهذيب. (2) في المطبوعة والبحار: ” محبا لمحبنا ومبغضا لمبغضنا “. (3) في المطبوعة: ” بنى بناه “. (4) اقتباس من الاية 109 من سورة التوبة. قال الراغب: شفا البئر والنهر: طرفه، ويضرب به المثل في القرب من الهلكة. ويقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه أي يذهب به: جرف، ويقال: هار البناء يهور: إذا سقط، نحو انهار. (5) هكذا الصحيح، وصحف في النسخ والبحار ب‍ ” قال: ومبغضنا “. (6) خذله وعنه خذلا وخذلانا: ترك نصرته واعانته. ويدل على أن كل من يتحزب وينحرف عنهم ويظهر البغض عليهم انما خرج عن الحنيفية البيضاء وتحرف عن جبلته التي فطره الله عليها. (7) في نسخة: ” ويحب بهذا أعداءهم ” قال في البحار: ” الخبر يدل على أن

[ 234 ]

محمد بن الحسن، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا صالح بن عبد الله، قال: حدثنا هشام (1)، عن أبي مخنف، عن الاعمش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الاصبغ ابن نباتة رحمه الله قال: قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام خطب ذات يوم، فحمد الله وأنثى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال: أيها الناس اسمعوا مقالتي، وعوا كلامي، إن الخيلاء من التجبر، والنخوة من التكبر (2)، وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل، الا إن المسلم أخو المسلم، فلا تنابزوا، ولا تخاذلوا (3)، فإن شرايع الدين واحدة، وسبله قاصدة، من أخذ بها لحق، ومن تركها مرق (4)، ومن فارقها محق. ليس المسلم بالخائن إذا ائتمن، ولا بالمخلف إذا وعد، ولا بالكذوب إذا نطق. نحن أهل بيت الرحمة، وقولنا الحق، وفعلنا القسط، ومنا خاتم النبيين، وفينا قادة الاسلام وأمناء الكتاب، ندعوكم إلى الله ورسوله وإلى جهاد عدوه، والشدة في أمره، وابتغاء رضوانه (5)، وإلى إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، وحج البيت، وصيام شهر رمضان، وتوفير الفئ لاهله. ألا وإن أعجب العجب أن معاوية بن أبي سفيان الاموي وعمرو بن


(= المراد بعدم القلبين عدم أمرين متضادين في انسان واحد، كالايمان والكفر، وحب رجل وبغضه أو ما يسلتزم بغضه “. (1) أما أبو نعيم فالظاهر هو الفضل بن دكين أبو نعيم الملائى الكوفى الاحول المترجم في التهذيب، وأما هشام فهو هشام بن محمد بن السائب الكلبى النسابة، وأما صالح بن عبد الله فهو صالح بن عبد الله بن ذكوان الباهلى ظاهرا. والعلم عند الله. (2) في بعض النسخ: ” والتموه من التكبر ” والتموه التلبيس. (3) في بعض النسخ: ” ولا تجادلوا “. (4) في بعض النسخ: ” غرق ” وقوله ” مرق ” اي من الدين كما يخرج السهم من الرمية. (5) في نسخة ” مرضاته “.

[ 235 ]

العاص السهمي يحرضان الناس على طلب دم ابن عمهما (1)، وإني والله لم أخالف رسول الله صلى الله عليه وآله قط ولم أعصه في أمر قط، أقيه بنفسي في المواطن التي تنكص فيها الابطال، وترعد منها الفرائص بقوة أكرمني الله بها، فله الحمد، ولقد قبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن رأسه لفي حجري، ولقد وليت غسله بيدي، تقلبه الملائكة المقربون معي، وايم الله ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر باطلها على حقها إلا ما شاء الله. قال: فقام عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال: أما أمير المؤمنين فقد أعلمكم أن الامة لم تستقم عليه، فتفرق الناس وقد نفذت بصائرهم. 6 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد قال: حدثنا زيد بن الحسين الكوفي قال: حدثنا جعفر بن نجيح قال: حدثنا جندل بن والق التغلبي قال: حدثنا محمد بن عمر المازني (2)، عن أبي زيد الانصاري، عن سعيد بن بشير (3)، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب قال: سمعت رجلا يسأل ابن عباس عن علي ابن أبي طالب عليه السلام فقال له ابن عباس: إن علي بن أبي طالب صلى القبلتين، وبايع البيعتين، ولم يعبد صنما ولا وثنا، ولم يضرب على رأسه بزلم ولا قدح (4)،


(1) يعني عثمان بن عفان الخليفة الاموى، وفي أمالي الطوسي ومنقوله في البحار: ” على الدين بزعمهما “. (2) في أمالي ابن الشيخ ” قال: حدثنا جندل بن والق التغلبي قال: حدثنا محمد بن محمد بن عمر المازنى عن أبي زيد “. وأما جندل بن والق فهو معنون في التهذيب والتقريب، واما محمد المازنى فلم نجذه بكلا العنوانين وفي نسخة ” محمد بن عمر المارى ” ولا يبعد كونه محمد بن محمد الواقدي المدنى فصحف المدنى بالمارى ثم المارى بالمازنى. والعلم عند الله. (3) هو الازدي أو البصري مولاهم أبو عبد الرحمن، وراويه سعيد بن أوس أبو زيد الانصاري. (4) الزلم والزلم بالضم والفتح واحد الازلام وهي سهام كانوا يستقسمون بها =

[ 236 ]

ولد على الفطرة، ولم يشرك بالله طرفة عين. فقال الرجل: إني لم أسألك عن هذا، وإنما سألتك عن حمله سيفه على عاتقة يختال به حتى أتى البصرة فقتل بها أربعين ألفا (1)، ثم سار إلى الشام فلقي حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم، ثم أتى النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آخرهم. فقال له ابن عباس: أعلي أعلم عندك (2) أم أنا ؟ فقال: لو كان علي أعلم عندي منك لما سألتك ! قال: فغضب ابن عباس [ رضي الله عنه ] حتى اشتد غضبه ثم قال: ثكلتك أمك علي علمني، كان علمه من رسول الله صلى الله عليه وآله و رسول الله صلى الله عليه وآله علمه الله من فوق عرشه، فعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الله، وعلم علي من النبي، وعلمي من علم علي، وعلم أصحاب محمد كلهم في علم علي عليه السلام كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر. 7 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: أوحى الله تعالى إلى عيسى


= في الجاهلية، وفي الكتاب العزيز: ” انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان “. والقدح بالكسر السهم قبل أن ينصل ويراش، وسهم الميسر. (1) قال المسعودي: ” وقتل فيها أي في وقعة الجمل من أصحاب الجمل من أهل البصرة وغيرهم ثلاثة عشر ألفا، وقتل من أصحاب على خمسة آلاف، وقد تنازع الناس في مقدار من قتل من الفريقين: فمن مقلل ومكثر، فالمقلل يقول: قتل منهم سبعة آلاف والمكثر يقول: عشرة آلاف على حسب ميل الناس وأهوائهم إلى كل فريق منهم، وكانت وقعة واحدة في يوم واحد إلى أن قال: وقتل بصفين سبعون ألفا: من أهل الشام خمسة وأربعون ألفا، ومن أهل العراق خمسة وعشرون ألفا الخ “. (2) في نسخة ” اعلم عندكم ” وفي أمالى ابن الشيخ كما في المتن.

[ 237 ]

ابن مريم عليه السلام: يا عيسى هب لي من عينيك الدموع، ومن قلبك الخشوع، واكحل عينيك (1) بميل الحزن إذا ضحك البطالون، وقم على قبور الاموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم، وقل: إني لاحق بهم في اللاحقين. وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين. المجلس الثامن والعشرون مجلس يوم الاثنين لتسع ليال خلون من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعه أبو الفوارس. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: حدثني أبو حفص عمر بن محمد بن علي الزيات قال: حدثنا عبيدالله بن جعفر بن محمد بن أعين (2) قال: حدثنا مسعر بن يحيى النهدي قال: حدثنا شريك بن عبد الله القاضي قال: حدثنا أبو إسحاق الهمداني، عن أبيه، عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ثلاثة من الذنوب تعجل عقوبتها ولا تؤخر إلى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، وكفر الاحسان.


(1) في بعض النسخ في الموضعين: ” عينك “. وفي أمالى ابن الشيخ كما في المتن. (2) هو عبيدالله بن جعفر بن محمد بن أعين أبو العباس البزاز المتوفى 309 المعنون في تاريخ الخطيب. وأما شيخه ” مسعر ” أو ” معمر ” كما في بعض النسخ وأمالي ابن الشيخ فلم نجده بهذا العنوان، وقد تقدم في ص 14 بعنوان مسعود بن يحيى النهدي. وشريك بن عبد الله القاضى أبو عبد الله الكوفى النخعي عنونه ابن حجر في تقريبه وتهذيبه وقال: توفى سنة 177 أو 178، وأبو إسحاق هو السبيعى المتوفى 129 أو 132.

[ 238 ]

2 قال: أخبرني أبو الحسين أحمد بن الحسين بن اسامة البصري إجازة قال: حدثنا عبيدالله بن محمد الواسطي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يحيى (1) قال: حدثنا هارون بن مسلم بن سعدان قال: حدثنا مسعدة بن صدقة قال: حدثنا جعفر ابن محمد، عن أبيه عليهما السلام إنه قال: أرسل النجاشي (2) ملك الحبشة إلى جعفر بن أبي طالب وأصحابه، فدخلوا عليه وهو في بيت له جالس على التراب وعليه خلقان الثياب (3). قال: فقال جعفر بن أبي طالب فأشفقنا منه حين رأيناه على تلك الحال، فلما أن رأى ما بنا وتغير وجوهنا قال: الحمد لله الذي نصر محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وأقر عيني به، ألا أبشركم ؟ فقلت: بلى أيها الملك، فقال: إنه جاء في الساعة من نحو أرضكم عين من عيوني هناتك فأخبرني أن الله قد نصر نبيه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وأهلك عدوه واسر فلان وفلان وفلان، وقتل فلان وفلان وفلان، التقوا بواد يقال له بدر، لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي


(1) كذا والظاهر كونه العطار القمى ولم نعثر على روايته عن هارون، ويمكن أن يكون فيه سقط وهو محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري. (2) النجاشي بفتح النون وتخفيف الجيم والشين المعجمة لقب ملك الحبشة، والمراد هنا الذي أسلم وآمن بالنبي صلى الله عليه وآله واسمه أصحمة بن بحر، أسلم قبل الفتح، ومات قبله، صلى عليه النبي صلى الله عليه وآله لما جاء خبر موته، وجعفر بن أبى طالب هو أخو أمير المؤمنين عليه السلام وكان أكبر منه بعشر سنين، وهو من كبار الصحابة، ومن الشهداء الاولين، وهو صاحب الهجرتين، هجرة الحبشة وهجرة المدينة، واستشهد يوم موتة سنة ثمان وله احدى وأربعون سنة، فوجد فيما أقبل من جسده تسعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف، وقطعت يداه في الحرب، فأعطاه الله جناحين يطير بهما في الجنة فلقب ذا الجناحين (البحار). (3) قال الجوهرى: ثوب خلق أي بال، يستوى فيه المذكر والمؤنث لانه في الاصل مصدر الاخلق وهو الاملس، والجمع خلقان. وقال في البحار: ” فأشفقنا منه ” أي خفنا من حاله ومما رأيناه أن يكون أصابه سوء.

[ 239 ]

هناك وهو رجل من بني ضمرة (1). فقال له جعفر: أيها الملك الصالح فمالي أراك جالسا على التراب وعليك هذه الخلقان ؟ فقال: يا جعفر إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى صلى الله عليه: إن من حق الله على عباده أن يحدثوا له تواضعا عندما يحدث لهم من النعمة، فلما أحدث الله لي نعمة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم (2) أحدثت لله هذا التواضع. قال: فلما بلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك قال لاصحابه: إن الصدقة تزيد صاحبها كثرة، فتصدقوا يرحمكم الله، وإن التواضع يزيد صاحبه رفعة (3) فتواضعوا يرفعكم الله، وإن العفو يزيد صاحبه عزة فاعفوا يعزكم الله. 3 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام أن يعلمني دعاء أدعو به في المهمات، فأخرج إلي أوراقا من صحيفة عتيقة، فقال: انتسخ ما فيها فهو دعاء جدي علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام للمهمات. فكتبت ذلك على وجهه، فما كربني شئ قط واهمني إلا دعوت به، ففرج الله همي، وكشف غمي وكربي، وأعطاني سؤلي وهو: ” اللهم هديتني فلهوت، ووعظت فقسوت، وأبليت الجميل (4) فعصيت، وعرفت فأصررت، ثم عرفت فاستغفرت فأقلت، فعدت فسترت، فلك الحمد إلهي تقحمت أودية هلاكي، وتخللت شعاب تلفي، فتعرضت


(1) قال في البحار: ” أهلك عدوه ” أي السبعين الذين قتلوا منهم أبو جهل وعتبة وشيبة، واسر أيضا سبعون. وبنو ضمرة بفتح الضاد وسكون الميم رهط عمرو بن أمية الضمرى. (2) في الكافي: ” نعمة بمحمد صلى الله عليه وآله “. (3) في نسخة: ” يزيد صاحبه منزلة رفيعة “. (4) أي أعطيت العطاء الجميل.

[ 240 ]

فيها لسطواتك، وبحلولها لعقوباتك، ووسيلتي إليك التوحيد، وذريعتي أني لم أشرك بك شيئا ولم أتخذ معك إلها، قد فررت إليك من نفسي، وإليك يفر المسئ، وأنت مفزع المضيع حظ نفسه. فلك الحمد إلهي، فكم من عدو انتضى علي سيف عداوته (1)، وشحذ لي ظبة مديته، وأرهف لي شبا حده، وداف لي قواتل سمومه، وسدد نحوي صوائب سهامه، ولم تنم عني عين حراسته، وأضمر أن يسومني المكروه (2)، ويجر عني زعاف مرارته، فنظرت يا إلهي إلى ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن الانتصار ممن قصدني بمحاربته، ووحدتي في كثير عدد من ناواني، وأرصد لي البلاء فيما لم أعمل فيه فكري، فابتدأتني بنصرك، وشددت أزري بقوتك، ثم فللت لي حده (3) وصيرته من بعد جمع (4) وحده، وأعليت كعبي عليه، وجعلت ما سدده مردودا عليه، فرددته لم يشف غليله (5)، ولم يبرد حرارة غيظه، قد عض على شواه وأدبر موليا


(1) يقال: انتضى سيفه: استله من غمده. وشحذ السكين ونحوه: أحده، وبمعناه الارهاف. والمدية: الشفرة. والظبة والشبا: حد السيف والسكين ونحوهما، وفي بعض النسخ: ” شباة حده ” وهي واحدها والجمع: شبا. والدوف: خلط الدواء ومزجها. والصوائب جمع الصائب وهو من السهام: الذي لا يخطئ في الاصابة. (2) يقال: سامه خسفا: أولاه اياه وأراده عليه، وفلانا الامر: كلفه اياه، وأكثر ما يستعمل في العذاب والشر. وفي بعض النسخ: ” وأظهر الخ “. والزعاف كالذعاف: السم القاتل سريعا. والفادح: الثقيل من البلاء. (3) أي كسرت لى سورته وشدته، والفل ضد الشحذ. (4) كذا في النسخ وفي البحار: ” من بعد جمعه “. والصحيح كما في الصحيفة الكاملة: ” من بعد جمع عديد وحده “. (5) حال للضمير المفعول في ” رددته “. والشوى كالفتى: اليدان والرجلان والاطراف وما كان غير مقتل من الاعضاء. (*)

[ 241 ]

قد أخلفت سراياه. وكم من باغ بغاني بمكائده، ونصب لي أشراك مصائده، ووكل بي تفقد رعايته، وأضبأ (1) إلي إضباء السبع لمصائده، انتظارا لانتهاز [ الفرصة ] لفريسته (2). فناديتك يا إلهي مستغيثا بك، واثقا بسرعة إجابتك، عالما أنه لم يضطهد من أوى إلى ظل كنفك، ولن يفزع من لجأ إلى معاقل انتصارك، فحصنتني من بأسه بقدرتك. وكم من سحائب مكروه قد جليتها، وغواشي كربتها كشفتها، لا تسأل عما تفعل، ولقد سئلت فأعطيت، ولم تسأل فابتدأت، واستميح فضلك فما أكديت (3)، أبيت إلا إحسانا، وأبيت إلا تقحم حرماتك وتعدي حدودك، والغفلة عن وعيدك. فلك الحمد إلهي من مقتدر لا يغلب، وذي أناة لا يعجل، هذا مقام من اعترف لك بالتقصير (4)، وشهد على نفسه بالتضييع. اللهم إني أتقرب إليك بالمحمدية الرفيعة، وأتوجه إليك بالعلوية البيضاء، فأعذني من شر ما خلقت، وشر من يريد بي سوءا، فإن ذلك لا يضيق عليك في وجدك (5)، ولا يتكأدك في قدرتك، وأنت على كل شئ قدير (6).


(1) أظبأ الصائد: استتر واختبا ليختل صيده. وفي الصحيفة ” السبع لطريدته “. (2) في الصحيفة الكاملة ههنا اضافات فليراجع. (3) أكدى الرجل عن الشئ: رده عنه. (4) في الصحيفة: اعترف لسبوغ النعم وقابلها بالتقصير “. (5) أي فيما تجده وتقدر عليه، ولا يتكأدك أي لا يشق عليك ولا يقلك. (6) إلى هنا مذكور في الصحيفة الكاملة السجادية على منشئها آلاف التحية والسلام تحت رقم 48، أو 49 على اختلاف النسخ. مع زيادات.

[ 242 ]

اللهم ارحمني بترك المعاصي ما أبقيتني، وارحمني بترك تكلف (1) مالا يعنيني، أرزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، وألزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، واجعلني أتلوه على ما يرضيك [ به ] عني، ونور به بصري، وأوعه سمعي، واشرح به صدري، وفرج به عن قلبي، وأطلق به لساني، واستعمل به بدني، واجعل في من الحول والقوة ما يسهل ذلك علي، فإنه لا حول ولا قوة إلا بك. اللهم اجعل ليلي ونهاري ودنياي وآخرتي ومنقلبي ومثواي عافية منك، ومعافاة وبركة منك. اللهم أنت ربي ومولاي وسيدي وأملي وإلهي وغياثي وسندي وخالقي وناصري وثقتي ورجائي، لك محياي ومماتي، ولك سمعي وبصري، وبيدك رزقي، وإليك أمري في الدنيا والآخرة. ملكتني بقدرتك، وقدرت علي بسلطانك، لك القدرة في أمري، وناصيتي بيدك، لا يحول أحد دون رضاك، برأفتك أرجو رحمتك، وبرحمتك أرجو رضوانك، لا أرجو ذلك بعملي، فقد عجز عني عملي، وكيف أرجو ما قد عجز عني (2)، أشكو إليك فاقتي، وضعف قوتي، وإفراطي في أمري، وكل ذلك من عندي و ما أنت أعلم به مني فاكفني ذلك كله. اللهم اجعلني من رفقاء محمد حبيبك وإبراهيم خليلك، ويوم الفزع الاكبر من الآمنين، فآمني، وببشرك فبشرني (3)، وفي ظلالك فأظلني، وبمفازة من النار فنجني، ولا تسمني السوء ولا تخزني، ومن الدنيا فسلمني، وحجتي يوم القيامة فلقني، وبذكرك فذكرني، ولليسرى فيسرني، وللعسرى فجنبني، والصلاة والزكاة ما دمت حيا فألهمني، ولعبادتك فوفقني، وفي الفقه ومرضاتك فاستعملني، ومن فضلك فارزقني، ويوم


(1) في المطبوعة: ” بترك تكلفى ما لا يعنينى “. (2) في منقوله في البحار ” فقد عجزت عن عملي فكيف أرجو ما عجز عنى “. (3) في بعض نسخ الحديث: ” وبيسارك فيسر لي ” وفي بعضها: ” فيسرني “.

[ 243 ]

القيامة فبيض وجهي، وحسابا يسيرا فحاسبني، وبقبيح عملي فلا تفضحني، وبهداك فاهدني، وبالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة فثبتني. وما أحببت فحببه إلي، وما كرهت فبغضه إلي، وما أهمني من الدنيا والآخرة فاكفني، وفي صلاتي وصيامي ودعائي ونسكي وشكري ودنياي وآخرتي فبارك لي، والمقام المحمود فابعثني، وسلطانا نصيرا فاجعل لي، وظلمي وجهلي وإسرافي في أمري فتجاوز عني، ومن فتنة المحيا والممات فخلصني، ومن الفواحش ما ظهر منها وما بطن فنجني، ومن أوليائك يوم القيامة فاجعلني، وأدم لي صالح الذي آتيني، وبالحلال عن الحرام فأغنني، وبالطيب عن الخبيث فاكفني. أقبل بوجهك الكريم إلي، ولا تصرفه عني، وإلى صراطك المستقيم فاهدني، ولما تحب وترضى فوفقني. اللهم إني أعوذ بك من الرياء والسمعة والكبرياء والتعظم والخيلاء والفخر والبذخ ” (1) والاشر والبطر والاعجاب بنفسي والجبرية رب فنجني، وأعوذ بك من العجز (2) والبخل والشح والحسد والحرص والمنافسة والغش، وأعوذ بك من الطمع والطبع (3) والهلع والجزع والزيغ والقمع، وأعوذ بك من البغي والظلم والاعتداء والفساد والفجور والفسوق، وأعوذ بك من الخيانة والعدوان والطغيان. رب وأعوذ بك من المعصية والقطيعة والسيئة والفواحش والذنوب، وأعوذ بك من الاثم والمأثم والحرام والمحرم والخبيث وكل ما لا تحب.


(1) البذخ: التكبر، وهو من المجاز، أصله بمعنى الطول والرفعة. (2) في البحار: ” من الفجر “. (3) الطبع: الدنس والدناءة، وفي الحديث: ” أعوذ من طمع يهدى إلى طبع “. والهلع: الحرص. والجزع: عدم التصبر. والزيغ: الميل والاعوجاج. والقمع: الذلة والتحير كما في هامش البحار.

[ 244 ]

رب وأعوذ بك من شر الشيطان ومكره وبغيه وظلمه وعداوته وشركه وزبانيته وجنده، وأعوذ بك من شر ما خلقت من دابة وهامة أو جن أو إنس مما يتحرك، وأعوذ بك من شر ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، ومن شر ما ذرء في الارض وما يخرج منها، وأعوذ بك من شر كل كاهن و ساحر وراكز (1) ونافث وراق، رب وأعوذ بك من شر كل حاسد وطاغ وباغ ونافس وظالم ومعتد وجائر، وأعوذ بك من العمى والصمم والبكم والبرص والجذام والشك والريب، وأعوذ بك من الكسل والفشل والعجز والتفريط والعجلة والتضييع والتقصير والابطاء، وأعوذ بك من شر ما خلقت في السماوات والارض وما بينهما وما تحت الثرى. رب وأعوذ بك من الفقر والحاجة والفاقة والمسألة والضيعة (2) والعائلة، وأعوذ بك من القلة والذلة، وأعوذ بك من الضيق والشدة والقيد والحبس والوثاق والسجون والبلاء وكل مصيبة لا صبر لي عليها، آمين رب العالمين. اللهم أعطنا كل الذي سألناك، وزدنا من فضلك على قدر جلالك وعظمتك، بحق لا إله إلا أنت العزيز الحكيم (3). 4 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي قال: حدثنا علي بن هامان قال: سمعت فضل بن سعد يقول: سمعت الرياشي (4) يقول: سمعت


(1) كذا، وركز الرمح غرزها في الارض ولعله كناية عن الخادع، وفي البحار وامالي ابن الشيخ: ” وزاكن ” وهو المتفرس الفطن الذى يطلع على الاسرار فيؤذي الناس. والراقى: النفاث في العقد. (2) أي أن أضاع وأتلف والضيعة في الاصل: المرة من الضياع. وفي أمالى الطوسى: ” المسألة والضيقة، والعائلة، وأعوذ بك من القيلة والذلة “. (3) أورده العلامة المجلسي (ره) في البحار ج 95 ص 180 إلى 184 نقلا عن أمالى الطوسي (ره)، وفيه اختلاف يسير في بعض الالفاظ. (4) هو العباس بن الفرج أبو الفضل الرياشى البصري النحوي المعنون في التقريب =

[ 245 ]

محمد بن سلام يقول: سمعت شريحا القاضي يقول: من سال أخاه حاجة فقد عرض نفسه على الرق، فإن قضاها استرقه، وإن لم يقضها فقد أذله، وكانا ذليلين، هذا بذل الرد، وهذا بذل المسألة، ثم أنشد: ليس يعتاظ باذل الوجه من * بذل [ ماء ] وجهه عوضا كيف يعتاض من أتاك وقد * صير الذل وجهه عرضا 5 قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد الابهري قال: حدثنا علي بن أحمد بن الصباح قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله ابن أخي عبد الرزاق قال: حدثني عمي عبد الرزاق بن همام بن نافع قال، أخبرني أبي همام بن نافع قال: أخبرني مينا مولى عبد الرحمن بن عوف الزهري قال: قال لي عبد الرحمن: يا مينا ألا أحدثك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قلت: بلى، قال: سمعته يقول، أنا شجرة، وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرتها، ومحبوهم من أمتي ورقها (1) [ رضوان الله عليهم أجمعين ]. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم.


(= وتهذيب التهذيب. وقال الجزرى في اللباب: قتل بالبصرة أيام العلوى البصري صاحب الزنج سنة 257 وكان ثقة. (1) ولقد أجاد الشاعر في قوله: يا حبذا دوحة في الخلد نابتة * ما مثلها نبتت في الخلد من شجر المصطفى أصلها والفرع فاطمة * ثم اللقاح على سيد البشر والهاشميان سبطاه لها ثمر * والشيعة الورق الملتف بالثمر انى بحبهم أرجو النجاة غدا * والفوز في زمرة من أفضل الزمر هذا مقال رسول الله جاء به * أهل الرواية في العالي من الخبر

[ 246 ]

المجلس التاسع والعشرون مجلس يوم الاربعاء الحادي عشر من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي القاضي قال: حدثني محمد بن علي بن إبراهيم (1) قال: حدثنا محمد بن أبي العنبر قال: حدثنا علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن أبي عمرو بن العلاء، عن عبد الله بن بريدة، عن بشير بن كعب (2)، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا إله إلا الله نصف الميزان، والحمد لله تملأه (3). 2 قال: أخبرني أبو محمد [ بن ] عبد الله بن أبي شيخ إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الحكيمي قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله أبو سعيد البصري قال: حدثنا وهب بن جرير، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن يسار المدني قال: حدثنا سعيد بن مينا، عن غير واحد من أصحابه: أن نفرا من قريش اعترضوا لرسول الله صلى الله عليه وآله منهم عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة، والعاص بن سعيد فقالوا: يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، ونشترك نحن وأنت في الامر، فإن يكن الذي نحن عليه الحق


(1) الظاهر كونه محمد بن على بن ابراهيم الهمداني وكيل الناحية. ولم نجد محمد بن أبى العنبر في كتب الرجال بهذا العنوان ولعله محمد بن خليفة بن صدقة أبو جعفر المعروف بابن العنبر راجع ترجمته تاريخ بغداد ج 5 ص 251. وأما على بن الحسين بن واقد فمعنون في التقريب وكذا أبوه. (2) بشير مصغرا ابن كعب بن أبى الحميرى العدوى أبو أيوب البصري، ثقة مخضرم (التقريب). (3) في البحار عن أمالى الطوسي: ” والحمد لله تملا ملاه “.

[ 247 ]

فقد أخذت بحظك منه، وإن يكن الذي أنت عليه الحق فقد أخذنا بحظنا منه، فأنزل الله تبارك وتعالى: ” قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد ” إلى آخر السورة، ثم مشى إليه أبي بن خلف بعظم رميم ففته بيده (1)، ثم نفخه فقال: يا محمد أتزعم أن ربك يحيي هذا بعد ما ترى ؟ فأنزل الله تعالى: ” وضرب لنا مثلا ونسي خلقه، قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم (2) ” إلى آخر السورة. 3 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمد بن علي الصيرفي، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن سعد، عن فضيل بن خديج (3)، عن كميل بن زياد النخعي قال: كنت مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في مسجد الكوفة، وقد صلينا العشاء الآخرة، فأخذ بيدي حتى خرجنا من المسجد، فمشى حتى خرج إلى ظهر الكوفة لا يكلمني بكلمة، فلما أصحر (4) تنفس ثم قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها، احفظ عني ما أقول، الناس ثلاثة: عالم رباني (5)، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع


(1) أي دقه وكسره بالاصابع. (2) يس: 78، 79. (3) قال الذهبي في المشتبه ص 222: ” حديج (بالمهملة مصغرا) كثير، وبمعجمة مفتوحة رافع بن خديج وفضيل بن خديج شيخ لابي مخنف لوط الاخباري ” راجع هامش الغارات ج 1 ص 71. (4) أي خرج إلى الصحراء. (5) منسوب إلى الرب بزيادة الالف والنون على خلاف القياس كالرقيانى، قال الجوهرى: الربانى: المتأله العارف بالله تعالى، وقال في الكشاف: الربانى: هو شديد التمسك بدين الله وطاعته.

[ 248 ]

كل ناعق (1)، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق. يا كميل العلم خير من المال: العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الانفاق (2). يا كميل محبة العالم خير يدان الله به (3)، تكسبه الطاعة في حياته، وجميل الاحدوثة بعد موته (4).


(1) الهمج بالتحريك جمع همجة وهى ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم والحمير وأعينها، كذلك ذكره الجوهرى. والرعاع بالفتح: الاحداث الطغام من العوام والسفلة وأمثالها. والنعيق: صوت الراعى بغنمه، ويقال لصوت الغراب أيضا. والمراد أنهم لعدم ثباتهم على عقيدة من العقائد وتزلزلهم في أمر الدين يتبعون كل داع، ويعتقدون بكل مدع، ويخبطون خبط العشواء من غير تمييز بين المحق والمبطل، ولعل في جمع هذا القسم وافراد القسمين الاولين ايماء إلى قلتهما وكثرته، كما ذكره الشيخ البهائي (ره). (2) أي ينمو ويزيد به، اما لان كثرة المدارسة توجب وفور الممارسة وقوة الفكر، أو لان الله تعالى يفيض من خزائن علمه على من لا يبخل به. قال الشيخ البهائي (ره): كلمة ” على ” يجوز أن تكون بمعنى ” مع ” كما قالوه في قوله تعالى: ” وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ” وأن تكون للسببية والتعليل كما قالوه في قوله تعالى: ” ولتكبروا الله على ما هداكم “. (3) في بعض نسخ الحديث: ” دين يدان به “، أي محبة العالم وهو الامام دين وملة يعبد الله بسببه، ولا تقبل الطاعات الا به. وفى بعض نسخه: ” صحبة العالم “، وفى بعضها: ” محبة العلم خير ما يدان الله به “، وفى النهج: ” معرفة العلم الخ ” ولابن أبى الحديد كلام فيه فليراجع. (4) الضمير المفعولى في تكسبه راجع إلى صاحب العلم. قال الجوهرى: ” الكسب: الجمع، وكسبت أهلى خيرا وكسبت الرجل مالا فكسبه، وهذا مما جاء =

[ 249 ]

يا كميل منفعة المال تزول بزواله. يا كميل مات خزان الاموال، والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة (1). هاه هاه إن ههنا وأشار بيده إلى صدره لعلما جما لو أصبت له حملة (2)، بلى أصيب له لقنا غير مأمون، يستعمل آلة الدين في الدنيا، ويستظهر بحجج الله على خلقه، وبنعمه على عباده، ليتخذه الضعفاء وليجة دون ولي الحق (3)، أو منقادا للحكمة (4) لا بصيرة له في أحنائه فقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك (5).


(= فعلته ففعل “. وجميل الاحدوثة أي الكلام الجميل والثناء، والاحدوثة مفرد الاحاديث. والمعنى هو أن محبة العلم والعالم تكسب لطالب العلم وصاحبه طاعة الله تعالى في حياته وحسن القول فيه بعد وفاته. وفي النهج: ” به يكسب الانسان الطاعة “. (1) أي أشباهم وصورهم متمثلة في قلوب المحبين لهم، أو حكمهم ومواعظهم محفوظة عند أصحابهم يعملون بها. (2) حملة بالفتحات جمع حامل أي من يكون أهلا له، وجواب ” لو ” محذوف أي لاظهرته، أو لبذلته له، مع أن كلمة ” لو ” إذا كانت للتمني لا تحتاج إلى الجزاء عند كثير من النحاة. (3) اللقن بفتح اللام وكسر القاف: الفهم، من اللقانة وهى حسن الفهم. ” غير مأمون ” أي يذيعه إلى غير أهله، ويضعه في غير موضعه. والوليجة: الدخيلة، وخاصتك من الرجال أو من تتخذه معتمدا عليه من غير أهلك. (4) كذا وفى بعض نسخ الحديث: ” أو منقادا لحملة العلم ” وفى بعضها: ” لجملة العلم “. (5) الاحناء: الاطراف والجوانب. وفى بعض النسخ: ” احيائه ” وفي بعض نسخ الحديث: ” يقدح الشك ” على بناء المجهول أي يشتعل نار الشك في قلبه بسبب أول شبهة تعرض له. ” لاذا ” اشاره إلى المنقاد، و ” لا ذاك ” اشارة إلى اللقن. ويجوز أن يكون المعنى: لا هذا المنقاد محمود عند الله ناج، ولا ذاك اللقن، أو ليس المنقاد العديم البصيرة أهلا لتحمل العلم ولا اللقن الغير المأمون.

[ 250 ]

فمنهوم باللذات (1)، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بالجمع والادخار، ليس من رعاة الدين، أقرب شبها بهؤلاء الانعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه. اللهم بلى لا تخلي الارض (2) من قائم بحجة ظاهر مشهور، أو مستتر مغمور، لئلا تبطل حجج الله وبيناته، فإن أولئك الاقلون (3) عددا الاعظمون خطرا، بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباهم، هجم بهم العلم على حقائق الامور، فباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون (4)، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الاعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه، والدعاة إلى دينه. هاه هاه شوقا إلى رؤيتهم، وأستغفر الله لي ولكم. ثم نزع يده من يدي وقال: انصرف إذا شئت (5).


(1) أي لما لم يكن ذانك الفريقان أهلا لتحمل العلم فلا يبقى الا من هو منهوم باللذات، سلس القياد للشهوات، أو مغرى بالجمع والادخار. والمنهوم: الحريص والذي لا يشبع من الطعام. وسلس القياد: أي سهل الانقياد. ومغري من الاغراء، وفى النهج: ” مغرما ” أي مولعا. (2) كذا في نسخ الكتاب والظاهر أنه تصحيف لان كلمة ” اللهم ” للاستدراك لا للنداء حتى تكون جملة ” لا تخلى ” مخاطبا مع الله تعالى، والصواب كما في سائر نسخ الحديث: ” لا تخلو الارض “. (3) كذا في الخطية، وفي سائر النسخ: ” وكم ذا وأين ؟ اولئك [ والله ] الاقلون عددا الاعظمون خطرا “. (4) الروح بالفتح: الراحة والرحمة والنسيم، أي وجدوا لذة اليقين. والوعر من الارض: ضد السهل، والمترف: المتنعم، أي استسهلوا ما استصعبه المتنعمون من رفض الشهوات وقطع التعلقات. (5) قال ابن أبي الحديد: ثم قال لكميل: انصرف إذا شئت، وهذه الكلمة من =

[ 251 ]

4 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثني علي بن إسحاق المخرمي (1) قال: حدثنا عثمان بن عبد الله الشامي قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي زرعة الحضرمي، عن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسل: يا علي إن بنا ختم الله الدين (2) كما بنا فتحه، وبنا يؤلف الله بين قلوبكم بعد العداوة والبغضاء. 5 قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار قال: سمعت أبا بكر ابن الانباري (3) يقول: سمعت علي بن هامان ينشد للمازني: إذا أنا لم أقبل من الدهر كل ما * تكرهت منه طال عتبى على الدهر تعودت مس الضر حتى ألفته * فأسلمني حسن العزاء إلى الصبر ووسع قلبي للاذي الانس بالاذى * وقد كنت أحيانا يضيق به صدري وصيرني يأسي من الناس راجيا * لسرعة صنع الله من حيث لا أدري وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما. =


محاسن الاداب ومن لطائف الكلم، لانه لم يقتصر على أن قال انصرف، كيلا يكون أمرا أو حكما بالانصراف لا محالة فيكون فيه نوع علو عليه، فاتبع ذلك بقوله ” إذا شئت ” ليخرجه من ذل الحكم وقهر الامر إلى عزة المشيئة والاختيار اه‍. والخبر مروى في الغارات ج 1 ص 148، والتحف، والخصال وكمال الدين وأمالى الطوسى والنهج باختلاف في الالفاظ ونقله البحار في كتاب فضل علمه وشرحه شرحا وافيا. (1) هو على بن اسحاق بن زاطيا أبو الحسن المخرمى المتوفى سنة 306 يروى عن عثمان بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن ويكنى أبا عمرو القرشى الاموى، وهو عن عبد الله بن لهيعة. (2) في أمالى ابن الشيخ: ” يختم الله “. (3) اسمه محمد بن القاسم.

[ 252 ]

المجلس الثلاثون مجلس يوم السبت الرابع عشر من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة. مما سمعه أبو الفوارس وحده. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن مروان، عن محمد بن عجلان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: طوبى لمن لم يبدل نعمة الله كفرا، طوبى للمتحابين في الله (1). 2 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا عبد الكريم ابن محمد قال: حدثنا سهل بن زنجلة الرازي (2) قال: حدثنا ابن أبي أويس قال: حدثني أبي، عن حميد بن قيس، عن عطاء (3)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم أن يعلم جاهلكم،


(1) اشار عليه السلام به إلى الذين لم يبدلوا نعمة الامامة، قال الله عزوجل ” ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار ” ابراهيم: 28. والمراد بالمتحابين الذين اعتقدوا الامامة فيهم عليهم السلام. (2) هو سهل بن زنجلة بن أبى الصغدى الرازي أبو عمرو الخياط الامير الحافظ، صدوق، مات حدود سنة 240. وشيخه هو اسماعيل بن عبد الله بن أويس بن مالك بن أبي عامر الاصبحي، أبو عبد الله بن أبى أويس المدنى، صدوق، مات سنة 226 كما في التقريب. وأما راويه عبد الكريم بن محمد فالظاهر كونه عبد الكريم بن محمد بن عبيدالله أبا القاسم الخلال المعنون في تاريخ الخطيب ج 11 ص 80. (3) هو عطاء بن أبى رباح أسلم القرشي مولاهم أبو محمد المكى. وراويه حميد ابن قيس الاعرج المكى أبو صفوان القارئ الاسدي مولاهم وقيل: مولى عفراء. وثقه غير واحد من الاعلام.

[ 253 ]

وأن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يجعلكم نجداء (1) جوداء رحماء، أما والله لو أن رجلا صف قدميه بين الركين والمقام مصليا ولقي الله ببغضكم أهل البيت لدخل النار. 3 قال: أخبرني الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي الحسيني الطبري رحمه الله قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد الكوفي، عن محمد بن زيد الطبري قال: كنت قائما على رأس الرضا علي بن موسى عليهما السلام بخراسان وعنده جماعة من بني هاشم منهم إسحاق بن العباس بن موسى (2)، فقال له: يا إسحاق بلغني أنكم تقولون: أنا نقول: إن الناس عبيد لنا، لا وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله ما قلته قط، ولا سمعته من أحد من آبائي، ولا بلغني عن أحد منهم قاله، لكنا نقول: الناس عبيد لنا في الطاعة (3)، موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب. 4 قال: وبهذا الاسناد قال: سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام يتكلم في توحيد الله سبحانه فقال: أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله جل اسمه توحيده، ونظام توحيده نفي التحديد عنه، لشهادة العقول أن كل محدود


(1) النجيد: الشجاع الماضي فيما يعجز غيره، جمعه نجداء وزان شعراء. وجوداء أيضا جمع الجواد: السخى للمذكر والمؤنث. (2) كذا، والظاهر كونه اسحاق بن موسى بن عيسى العباسي كما في الكافي (في باب فرض طاعة الائمة عليهم السلام) فصحف، وهو اسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس. (3) قال المولى صالح المازندرانى (ره): يعنى وجب عليهم طاعتنا كما وجب على العبد طاعة السيد، فهم عبيد لنا بهذا الاعتبار لا بالمعنى المعروف، واطلاق العبد على التابع شائع كما يقال: فلان عبد للشيطان وعبد لهواه. والمراد بالموالى هنا الناصر كما في قوله تعالى: ” ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا ” سورة محمد صلى الله عليه وآله: 11.

[ 254 ]

مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقا ليس بمخلوق، الممتنع من الحدث هو القديم في الازل. فليس الله عبد من نعت ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه (1)، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه بشئ من الحواس (2)، ولا إياه عني من شبهه، ولا له عرف (3) من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه. كل معروف بنفسه مصنوع (4)، وكل قائم في سواه معلول، بصنع الله يستدل عليه، وبالعقول تعتقد معرفته، وبالفطرة تثبت حجته (5). خلقه تعالى الخلق حجاب بينه وبينهم (6)، ومباينته إياهم مفارقته لهم (7)، وابتداؤه لهم دليل على أن لا ابتداء له لعجز كل مبتدء منهم عن


(1) أي وصفه وشبهه تعالى بشئ من الممكنات. والاكتناه طلب الكنه، فان من طلب كنهه تعالى لم يوحده بل شبهه بالممكنات التى يمكن اكتناهها. (2) التنهية جعل الشئ ذا نهاية بحسب الاعتقاد أو الخارج. قوله: ” ولا صمد صمده الخ ” أي لا قصد نحوه ولم يتوجه إليه بل توجه إلى موجود آخر لانه أينما تولوا فثم وجه الله، فليس له جهة خاصة حتى يشار إليه في تلك الجهة. (3) كذا. وفى التوحيد: ” ولا له تذلل الخ “. (4) أي كل ما عرف بذاته وتصور ماهيته فهو مصنوع، وهذا لا ينافى المحكى عن أمير المؤمنين عليه السلام: ” يا من دل على ذاته بذاته ” ولا قول الصادق عليه السلام: ” اعرفوا الله بالله ” لان معنى ذلك أنه ليس في الوجود سبب لمعرفة الله تعالى الا الله لان الكل ينتهى إليه، فالباء هنا للالصاق والمصاحبة، أي كل معروف بلصوق ذاته ومائيته ومصاحبتها لذات العارف بحيث أحاط به ادراكا فهو مصنوع، وهنالك للسببية. (5) أي لولا الفطرة التي فطر الناس عليها لم تنفع دلالة الادلة وحجية الحجج. (6) الكلام في الحجاب بينه وبين خلقه طويل عريض لا يسعه التعليق، وفى تضاعيف أحاديث كتاب التوحيد للصدوق (ره) مذكور ببيانات مختلفة فليراجع. (7) في التوحيد وأمالى الشيخ: ” مفارقته أن يتهم “.

[ 255 ]

ابتداء مثله (1)، فأسماؤه تعالى تعبير، وأفعاله سبحانه تفهيم. قد جهل الله تعالى من حده، وقد تعداه من اشتمله (2)، وقد أخطأه من اكتنهه، ومن قال: ” كيف هو ” فقد شبهه، ومن قال فيه: ” لم ” فقد علله، ومن قال: ” متى ” فقد وقته، ومن قال: ” فيم ” فقد ” ضمنه “، ومن قال: ” إلى م ” فقد نهاه، ومن قال: ” حتى م ” فقد غياه (3)، ومن غياه فقد حواه، ومن حواه فقد ألحد فيه. لا يتغير الله بتغاير المخلوق (4)، ولا يتحدد بتحدد المحدود، واحد لا بتأويل عدد، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، باطن لا بمزايلة، مباين لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف (5) لا بتجسم، موجود لا عن عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بفكرة، مدبر لا بحركة، مريد لا بعزيمة، شاء لا بهمة، مدرك لا بحاسة، سميع لا بآلة، بصير لا بأداة.


(1) في التوحيد: ” لعجز كل مبتدء عن ابتداء غيره “. (2) الاشتمال هو الاحاطة، أي من أحاط بشئ تصور أو توهم انه الله تعالى فقد تجاوز عن مطلوبه. وفى بعض النسخ: ” أشمله ” من باب الافعال. وفى بعض نسخ العيون: ” استمثله “، أي تجاوز حقه ولم يعرفه من طلب له مثالا من خلقه. (3) أي من توهم أنه تعالى ذونهايات وسأل عن حدوده ونهاياته فقد جعل له غايات ينتهى إليها، ومن جعل له غايات فقد جعله محويا ومحاطا ومحدودا، ومن توهمه كذلك فقد وصفه بصفة المخلوق، ومن وصفه بها فقد ألحد فيه، والالحاد هو الطعن في أمر من أمور الدين بالقول المخالف للحق المستلزم للكفر، والخروج عن مهيع الحق والميل عنه. والمراد ههنا الثاني. (4) في التوحيد ” بانغيار المخلوق “. وفى المخطوط ” بتغير المخلوق “. (5) قد ورد في الاخبار أنه يقال له: ” اللطيف ” للخلق اللطيف ولعلمه بالشئ اللطيف.

[ 256 ]

لا تصحبه الاوقات، ولا تضمنه الاماكن، ولا تأخذه السنات (1)، ولا تحده الصفات، ولا تفيده (2) الادوات، سبق الاوقات كونه، والعدم وجوده والابتداء أزله، بخلقه الاشباه (3) علم أن لا شبه له، وبمضادته بين الاشياء علم أن لا ضد له، وبمقارنته بين الامور عرف أن لا قرين له. ضاد النور بالظلمة، والصر بالحرور (4)، مؤلف بين متباعداتها، ومفرق بين متدانياتها، بتفريها دل على مفرقها، وبتأليفها على مؤلفها (5)، قال الله عزوجل: ” ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (6) “. له معنى الربوبية إذ لا مربوب، وحقيقة الالهية إذ لا مألوه (7)، ومعنى العالم ولا معلوم، ليس منذ خلق استحق معنى الخالق، ولا من حيث


(1) جمع السنة وهى النعاس، وفى بعض نسخ التوحيد: ” السبات ” بالباء الموحدة على وزان الغراب وهو النوم، أو أوله أو الراحة من الحركات فيه. (2) الكلمة غير المقروءة في النسخ، ففى التوحيد: ” لا تقيده الادوات ” وجعلها في الحاشية كالمتن. والافعال الاربعة في النسخ على صيغة المذكر. (3) في النسخ: ” الاشياء ” وهو تصحيف. (4) الصر بالكسر: شدة البرد وقيل البرد عامة. وفى التوحيد: ” الصرد ” وهو البرد معرب سرد بالفارسية. (5) في النسخ: ” وبتأليفها علم مؤلفها ” وبناء على الصحة يكون الواو للاستيناف. وفى نسخ الحديث ” على مؤلفها ” والمعنى واضح. (6) الذاريات: 49. والاية اما استشهاد للمضادة فالمعنى: ومن كل شئ خلقنا ضدين كالامثلة المذكورة بخلافه تعالى فانه لا ضد له، أو استشهاد للمقارنة فالمعنى: ومن كل شئ خلقنا قرينين فان كل شئ له قرين من سنخه أو مما يناسبه بخلاف الحق تعالى، والاول أظهر بحسب الكلام هنا، والثانى أولى بحسب الايات المذكور فيها لفظ الزوجين. (7) كل كلام نظير هذا على كثرتها في أحاديث ائمتنا سلام الله عليهم يرجع معناه =

[ 257 ]

أحدث استفاد معنى المحدث، لا تغيبه ” منذ ” (1)، ولا تدنيه ” قد “، ولا تحجبه ” لعل “، ولا توقته ” متى “، ولا تشمله (2) ” حين “، ولا تقارنه ” مع “، كل ما في الخلق من أثر غير موجود في خالقه، وكل ما أمكن فيه ممتنع من صانعه، لا تجرى عليه الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه ؟ أو يعود فيه ما هو ابتدأه ؟ إذا لتفاوتت ذاته، ولامتنع من الازل معناه، ولما كان للبارئ معنى غير المبروء (3).


(= إلى أن كل صفة كمالية في الوجود ثابتة له تعالى بذاته، لا أنها حاصلة له من غيره، وهذا مفاد قاعدة ” أن الواجب الوجود لذاته واجب لذاته من جميع الوجوه “. والالهية أن أخذت بمعنى العبادة لله فالله مألوه والعبد آله متأله، وأما بمعنى ملك التأثير والتصرف خلقا وأمرا كما هنا وفى كثير من الاحاديث فهو تعالى اله والعبد مألوه، وعلى هذا فسر الامام عليه السلام ” الله ” في الحديث الرابع من الباب الحادى والثلاثين من كتاب التوحيد للصدوق (ره). (1) أي كيف لا يستحق معنى الخالق والبارئ قبل الخلق والحال أنه لا تغيبه منذ [ مذ ] التى هي لابتداء الزمان عن فعله، أي لا يكون فعله وخلقه متوقفا على زمان حتى يكون غائبا عن فعله بسبب عدم الوصول بذلك الزمان، منتظرا لحضور ابتدائه. ولا تدنيه ” قد ” التى هي لتقريب زمان الفعل، فلا يقال: قد قرب وقت فعله، لانه لا ينتظر وقتا ليفعل فيه، بل كل الاوقات سواء النسبة إليه، ولا تحجبه عن مراده ” لعل ” التى هي للترجي، أي لا يترجى شيئا لشئ مراد له، بل ” انما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون “. ولا توقته في مبادى أفعاله ” متى ” أي لا يقال: متى علم أو متى قدر أو متى ملك، لان له صفات كماله ومبادي أفعاله لذاته من ذاته أزلا كأزلية وجوده تعالى. ولا تشمله ولا تحدده ذاتا وصفة وفعلا ” حين ” لانه فاعل الزمان، ولا تقارنه بشئ ” مع ” أي ليس معه شئ ولا في مرتبته شئ في شئ، ومن كان كذلك فهو خالق بارئ قبل الخلق لعدم تقيد خلقه وايجاده بشئ غيره، فصح أن يقال: له معنى الخالق إذ لا مخلوق. (2) كذا في التوحيد وفي بعض النسخ ” ولا تشتمله “. (3 () في النسخ ” غير المبرئ ” وهو تصحيف.

[ 258 ]

لوحد له وراء لحد له أمام، ولو التمس له التمام للزمه النقصان، كيف يستحق الازل من لا يمتنع من الحدث ؟ وكيف ينشئ الاشياء من لا يمتنع من الانشاء ؟، لو تعلقت به المعاني لقامت فيه آية المصنوع، ولتحول عن كونه دالا إلى كونه مدلولا عليه (1)، ليس في محال القول حجة (2)، ولا في المسألة عنه جواب، لا إله إلا الله العلي العظيم، [ وصلى الله على محمد النبي وآله الطاهرين ] (3). 5 قال: أنشدني أبو الحسن علي بن مالك النحوي قال: أنشدني أبو الحسين محمد بن عبد الله المأموني (4) قال: أنشدني أبي للمأمون: كن للمكاره بالعزاء (5) مدافعا * فلعل يوما لا ترى ما تكره فلربما استتر الفتى فتنافست * فيه العيون وإنه لمموه ولربما خزن الاديب لسانه * حذر الجواب وإنه لمفوه (6) ولربما ابتسم الوقور من الاذى * وضميره من حره يتأوه وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.


(1) كذا في النسخ وفى التوحيد بعد قوله ” من الانشاء ” ” إذا لقامت فيه آية المصنوع، ولتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه ” وهذا هو الصواب. (2) من اضافة الصفة إلى الموصوف، والقول المحال هو القول المخالف للحق الواقع، والباطل. (3) أوردها العلامة المجلسي (ره) في البحار أبواب التوحيد مع شرح واف عن التوحيد والعيون، وقال: قد روى في التحف والنهج مثل هذه الخطبة عن أمير المؤمنين عليه السلام مع زيادات وقد أوردتها في أبواب خطبه عليه السلام انتهى. والخطبة منقولة مرسلة في الاحتجاج ج 2 ص 174 وبعض فقراته عن أمير المؤمنين عليه السلام ج 1 ص 398، وكذا رواها ابن الشيخ في أماليه بالسند المذكور، ثم أعلم أن جل ما قلنا في بيانها مأخوذ بلفظه من تعليقات الاستاذ الشريف البارع المحقق السيد هاشم الحسينى الطهراني دام ظله على كتاب التوحيد ط مكتبة الصدوق. (4) في نسخة ” أبو الحسن محمد بن عبيدالله المازني “. (5) العزاء: الصبر، يقال: ” أحسن الله عزاءك ” أي رزقك الله الصبر الحسن. (6) المفوه: المنطيق.

[ 259 ]

المجلس الحادي والثلاثون مجلس يوم الاثنين السادس عشر من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة، مما سمعته أنا وأبو الفوارس. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري رحمه الله قال: حدثني خالي أبو العباس محمد بن جعفر الرزاز القرشي (1) قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن بريد بن معاوية العجلي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسل: يقول الله تعالى: المعروف هدية مني إلى عبدي المؤمن، فإن قبلها مني فبرحمتي ومني، وإن ردها علي فبذنبه حرمها، ومنه لا مني، وأيما عبد خلقته فهديته إلى الايمان، وحسنت خلقه، ولم أبتله بالبخل فإني اريد به خيرا. 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المرغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان الغزال قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن الحسن الاحمسي قال: حدثنا خالد بن


(1) محمد بن جعفر الرزاز هو أحد رواة الحديث ومشايخ الشيعة وله عندهم منزلة سامية، وكان الوافد عنهم إلى المدينة عند وقوع الغيبة سنة 260 وأقام بها سنة، وعاد ووفد من أمر الصاحب عليه السلام ما احتاج إليه، وكان مولده سنة 236 ومات سنة 316، كذا ذكره سبطه أبو غالب أحمد بن محمد الزرارى في رسالته في آل اعين، وصرح فيها بأن محمد بن جعفر المذكور جده لامه وخال أبيه محمد، فما ذكره الشيخ (في الفهرست) من كونه خاله لعله أراد أنه خاله الاعلى لا الادنى فلاحظ (هامش الفهرست المطبوع).

[ 260 ]

عبد الله، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: سمعت سعد بن مالك يعني ابن أبي وقاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: فاطمة بضعة مني، من سرها فقد سرني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعز البرية علي. 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني قال: أخبرني أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان (1) قال: حدثنا علي بن محمد بن أبي سعيد (2)، عن فضيل بن الجعد، عن أبي إسحاق الهمداني قال: لما ولي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام محمد بن أبي بكر مصر وأعمالها كتب له كتابا، وأمره أن يقرأه على أهل مصر وليعمل بما وصاه به فيه فكان الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى أهل مصر ومحمد بن


(1) الظاهر كونه عبد الله بن محمد بن أبى شيبة ابراهيم بن عثمان الواسطي الاصل أبو بكر بن شيبة الكوفى، وهو ثقة حافظ، صاحب تصانيف، مات سنة 235، كما التقريب، وفى غير موضع من كتاب الغارات محمد بن عبد الله بن عثمان. (2) كذا في النسخ والصواب قويا كونه على بن محمد بن عبد الله بن أبى سيف المدائني المورخ المشهور. وأما شيخه فضيل بن الجعد فلم نجده والظاهر قويا كونه تصحيف فضيل بن خديج وقد تقدم الكلام فيه 247. والخبر رواه أبو إسحاق الثقفى في الغارات ج 1 ص 233، وابن شعبة في التحف ص 124، والطوسي في الامالى ج 1 ص 24، والشريف الرضى في النهج باب الكتب تحت رقم 27 بالاختصار، والعلامة المجلسي في البحار ج 77 باب مواعظه عليه السلام نقلا عن هذه الكتب وعن كتاب بشارة المصطفى ص 52. والخبر مختلفة الالفاظ قريبة المعاني ولم نشر إلى جميع موارد الاختلاف خوف التطويل والاملال.

[ 261 ]

أبي بكر: سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون (1)، وإليه تصيرون، فإن الله تعالى يقول: ” كل نفس بما كسبت رهينة (2) “، ويقول: ” ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير (3)، ويقول: ” فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون (4) “. فاعلموا يا عباد الله إن الله جل وعز سائلكم عن الصغير من عملكم والكبير، فإن يعذب فنحن أظلم، وإن يعف فهو أرحم الراحمين (5). يا عباد الله إن أقرب ما يكون العبد إلى المغفرة والرحمة حين يعمل لله بطاعته، وينصحه في التوبة. عليكم بتقوى الله، فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها (6)، ويدرك بها من الخير مالا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة، قال الله عزوجل: ” وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين (7) “.


(1) في الغارات زاد هنا: ” فأنتم به رهن ” والظاهر ان هذا سقط من النسخ لوجودها في الاية الدالة عليه. (2) المدثر: 38. (3) آل عمران: 28. وقوله ” نفسه ” أي عقابه وأخذه. (4) الحجر: 92، 93. (5) كذا في ساير نسخ الحديث، وفى النهج: ” فان يعذب فأنتم أظلم وان يعف فهو أكرم “. والمظنون أن لفظة ” الراحمين ” زيادة من الكتاب. والمعنى: فأنتم أظلم من أن لا تعذبوا، أو لا تستحقوا العقاب، وأن يعف فهو أكرم من أن لا يعفو أو يستغرب منه العفو، أو المعنى أنه سبحانه أن عذب فظلمكم أكثر من عذابه ولا يعاقبكم بمقدار الذنب، وان يعف فكرمه أكثر من ذلك العفو ويقدر على أكثر منه وربما يفعل أعظم منه (هامش الغارات نقلا عن معالم الزلفى ص 74). (6) كذا صححناه من الغارات وفى النسخ: ” فانها تجمع من الخير ولا خير غيرها “. وفى بعضها ” من الخير ما لا خير غيرها “. (7) النحل: 30.

[ 262 ]

اعلموا يا عباد الله إن المؤمن يعمل لثلاث من الثواب: إما لخير (1) [ الدنيا ] فإن الله يثيبه بعمله في دنياه، قال الله سبحانه لابراهيم: ” وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين (2) “. فمن عمل لله تعالى أعطاه أجره في الدنيا والآخرة، وكفاه المهم فيهما، وقد قال الله عزوجل: ” يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (3) “. فما أعطاهم الله في الدنيا لم يحاسبهم به في الآخرة، قال الله عزوجل: ” للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ” (4) فالحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا (5)، [ وإما لخير الآخرة ] (6) فإن الله عزوجل يكفر بكل حسنة سيئة، قال الله عزوجل: ” إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ” (7)، حتى إذا كان يوم القيامة حسبت لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله عزوجل: ” جزاء من ربك عطاء حسابا (8) “، وقال: ” أولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون (9) “، فارغبوا في هذا رحمكم الله واعملوا له


(1) كذا في النسخ، وفى أمالى الطوسى: ” ان المؤمن من يعمل الثلاث من الثواب، اما الخير الخ “. (2) العنكبوت: 27. (3) الزمر: 10. ” بغير حساب ” أي أجرا لا يهتدى إليه حساب الحساب. (4) يونس: 26. (5) في نسخ الكتاب: ” والزيادة في الدنيا “. (6) الزيادة من نسخة الغارات تتميما للمعنى. (7) هود: 114. (8) النبأ: 36. أي أعطاهم كذلك بعد حسابه حسناتهم لهم رأسا. (9) السبأ: 37. وليعلم أن الخصلة الثالثة المشار إليها في صدر العبارة غير مذكور في جميع نسخ الحديث فتفطن.

[ 263 ]

وتحاضوا عليه. واعملوا يا عباد الله إن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم، أباحهم الله من الدنيا ما كفاهم وبه أغناهم، قال الله عز اسمه: ” قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (1) “. سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، شاركوا أهل الدنيا في دنياهم، فأكلوا معهم من طيبات ما يأكلون، وشربوا من طيبات ما يشربون، ولبسوا من أفضل ما يلبسون، وسكنوا من أفضل ما يسكنون، وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون، وركبوا من أفضل ما يركبون، أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا (2) وهم غدا جيران الله، يتمنون عليه فيعطيهم ما تمنوه، ولا يرد لهم دعوة، ولا ينقص لهم نصيبا من اللذة. فإلى هذا يا عباد الله يشتاق إليه من كان له عقل، ويعمل له بتقوى الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. يا عباد الله إن اتقيتم الله، وحفظتم نبيكم في أهل بيته فقد عبدتموه بأفضل ما عبد، وذكرتموه بأفضل ما ذكر، وشكرتموه بأفضل ما شكر، وأخذتم بأفضل الصبر والشكر، واجتهدتم بأفضل الاجتهاد، وإن كان غيركم أطول منكم صلاة، وأكثر منكم صياما، فأنتم أتقى لله عزوجل منهم، وأنصح لاولى الامر (3). احذروا يا عباد الله الموت وسكرته، وأعدوا له عدته فإنه يفجأكم بأمر عظيم: بخير لا يكون معه شر أبدا، أو بشر لا يكون معه خير أبدا. فمن أقرب إلى الجنة من عاملها ؟ ومن أقرب من النار من عاملها ؟ إنه ليس


(1) الاعراف: 32. (2) في النهج: ” أصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم “. (3) في الغارات: ” وأنصح لاولياء الامر من آل محمد وأخشع “.

[ 264 ]

أحد من الناس تفارق روحه جسده حتى يعلم أي المنزلتين يصل، إلى الجنة أم إلى النار ؟ أعدو هو لله أم ولي [ له ]، فإن كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرعت له طرقها، ورأى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل، وإن كان عدو الله فتحت له أبواب النار وشرعت له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه، وترك كل سرور، كل هذا يكون عند الموت، وعنده يكون اليقين. قال الله عز اسمه: ” الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون (1) “، ويقول: ” الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون * فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين (2) “. يا عباد الله إن الموت ليس منه فوت، فاحذروه قبل وقوعه، وأعدوا له عدته، فإنكم طراد الموت (3)، إن أقمتم له أخذكم، وإن فررتم منه أدرككم، وهو ألزم لكم من ظلكم، الموت معقود بنواصيكم، والدنيا تطوى [ من ] خلفكم، فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم أنفسكم إليه من الشهوات (4)، فكفى بالموت واعظا، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرا ما يوصي [ أصحابه ] بذكر الموت، فيقول: أكثروا ذكر الموت فإنه هاذم اللذات، حائل بينكم وبين الشهوات. يا عباد الله ما بعد الموت لمن لم يغفر له أشد من الموت، القبر، فاحذروا ضيقه وضنكه وظلمته وغربته، إن القبر يقول كل يوم: أنا بيت الغربة،


(1) النحل: 32. (2) النحل: 28، 29. (3) قال في النهاية: ” فيه: كنت أطارد حية أي أخادعها لا صيدها ومنه طراد الصيد “. وفى النهج: ” طرداء الموت “. (4) نازعتنى نفسي إلى كذا: اشتاقت إليه.

[ 265 ]

أنا بيت التراب، أنا بيت الوحشة، أنا بيت الدود والهوام. والقبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار (1). إن العبد المؤمن إذا دفن قالت الارض له: مرحبا وأهلا، قد كنت ممن احب أن يمشي على ظهري، فإذا توليتك فستعلم كيف صنعي بك (2)، فتتسع له مد البصر، وإن الكافر إذا دفن قالت الارض له: لا مرحبا ولا أهلا، قد كنت من أبغض من يمشي على ظهري، فإذا توليتك فستعلم كيف صنعي بك، فتضمنه حتى تلتقي أضلاعه. وإن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر، أن يسلط الله على الكافر في قبره تسعة وتسعين تنينا، فينهشن لحمه، ويكسرن عظمه، يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث. لو أن تنينا منها نفخ في الارض لم تنبت زرعا أبدا. اعلموا يا عباد الله إن أنفسكم الضعيفة، وأجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير [ من العقاب ] تضعف عن هذا، فإن استطعتم أن تجزعوا لاجسادكم وأنفسكم (3) مما لا طاقة لكم به ولا صبر لكم عليه فاعملوا بما أحب الله، واتركوا ماكره الله. يا عباد الله إن بعد البعث ما هو أشد من القبر، يوم يشيب فيه الصغير، ويسكر فيه الكبير، ويسقط فيه الجنين، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، يوم عبوس قمطرير، يوم كان شره مستطيرا. إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم، وترعد منه السبع الشداد، والجبال الاوتاد، والارض المهاد، وتنشق السماء فهي يومئذ واهية، وتصير وردة كالدهان (4)، وتكون


(1) في بعض النسخ: ” من حفر النيران “. (2) في بعض النسخ هنا وفيما يأتي: ” صنيعى بك “. (3) في الغارات: ” أن ترحموا أنفسكم وأجسادكم “، وفى المطبوعة: ” أن تنزعوا الاجساد أنفسكم “. (4) أي حمراء كالوردة، وكالدهان في الذوبان جمع دهن أو اسم لما يدهن =

[ 266 ]

الجبال كثيبا مهيلا بعد ما كانت صما صلابا، وينفخ في الصور فيفزع من في السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله، فكيف من عصى (1) بالسمع والبصر واللسان واليد والرجل والفرج والبطن إن لم يغفر الله له ويرحمه من ذلك اليوم (2) لانه يقضى ويصير إلى غيره، إلى نار قعرها بعيد، وحرها شديد، وشرابها صديد، وعذابها جديد، ومقامعها حديد، لا يفتر عذابها، ولا يموت سكانها، دار ليس فيها رحمة، ولا يسمع لاهلها دعوة. واعلموا يا عباد الله أن مع هذا رحمة الله التي لا تعجز عن العباد (3)، جنة عرضها كعرض السماء والارض اعدت للمتقين [ خير ] لا يكون معها شر أبدا، لذاتها لا تمل، ومجتمعها لا يتفرق، سكاتها قد جاوروا الرحمن، وقام بين أيديهم الغلمان، بصحاف من الذهب فيها الفاكهة والريحان. ثم اعلم يا محمد بن أبي بكر إني قد وليتك أعظم أجنادي في نفسي: أهل مصر، فإذا وليتك ما وليتك من أمر الناس فأنت حقيق أن تخاف منه على نفسك، وأن تحذر منه على دينك، فإن استطعت أن لا تسخط ربك عزوجل برضا أحد من خلقه فافعل، فإن في الله عزوجل خلفا من غيره، وليس في شئ سواه خلف منه. اشتد على الظالم، وخذ عليه، ولن لاهل الخير، وقربهم، واجعلهم بطانتك وإخوانك. وانظر إلى صلاتك كيف هي، فإنك إمام القوم، [ ينبغي لك ] (4) أن


= به، أو كالاديم الاحمر. والكثيب. الرمل المجتمع الكثير، والمهيل: المنشور بعد اجتماعه. (1) كذا في النسخ، والظاهر فيه تصحيف والصواب ” فكيف بمن عصى “. (2) وفى الغارات: ” واعلموا عباد الله أن ما بعد ذلك اليوم أشد وأوهى على من لم يغفر الله له من ذلك اليوم “. (3) في الغارات: ” أن مع هذا رحمة الله التى وسعت كل شئ لا تعجز عن العباد “. (4) ما بين المعقوفين هنا وما يأتي زيادة اضفناها طبقا للغارات لاحتمال سقطها من قلم النساخ جدا.

[ 267 ]

تتمها ولا تخففها، فليس من إمام يصلي بقوم يكون في صلاتهم نقصان إلا كان [ إثم ذلك ] عليه ولا ينقص من صلاتهم شئ. وتممها وتحفظ فيها يكن لك مثل أجورهم ولا ينقص ذلك من أجرهم شيئا. ثم انظر إلى الوضوء فإنه من تمام الصلاة، وتمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا، واغسل وجهك، ثم يدك اليمنى، ثم يدك اليسرى، ثم امسح رأسك ورجليك، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع ذلك، واعلم أن الوضوء نصف الايمان. ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها ولا تعجل بها قبله لفراغ، ولا تؤخرها عنه لشغل، فإن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أوقات الصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتاني جبرئيل عليه السلام فأراني وقت الصلاة [، فصلى الظهر ] حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الايمن، ثم أراني وقت العصر فكان ظل كل شئ مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق، ثم صلى الصبح فغلس بها (1) والنجوم مشتبكة، فصل لهذه الاوقات، والزم السنة المعروفة والطريق الواضح (2). ثم انظر ركوعك وسجودك، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أتم الناس صلاة، وأخفهم عملا فيها (3). واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلاتك، فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع. أسأل الله الذي يرى ولا يرى وهو بالمنظر الاعلى أن يجعلنا وإياك ممن يحب ويرضى، حتى يعيننا وإياك على


(1) الغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، وجاء فعله من باب الافعال والتفعيل. (2) ذلك لان من لزم الطريق الواضح أمن العثار، وكانت عاقبة أمره السلامة، وللذين أحسنوا الحسنى وزيادة. والعاقل من اعتنق التوسط في الامور والاعتدال في الاحوال، واحترز عن طرفي الافراط والتفريط في الاقوال والاعمال. فمن مال عن ذلك وترك السنة المعروفة تلعب به الاهواء فتدفعه من سنن الحق إلى الردى وكان عاقبة الذين اساؤا السوأى، وتحمله على مركب الهوان وتعود أعماله عليه بالخسران. (3) في بعض النسخ ” وأحقهم بها “.

[ 268 ]

شكره وذكره وحسن عبادته واداء حقه، وعلى كل شئ اختار لنا في دنيانا وآخرتنا. وأنتم يا أهل مصر فليصدق قولكم فعلكم، وسركم علانيتكم، ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم، واعلموا أنه لا يستوي إمام الهدى وإمام الردى، ووصي النبي عليه السلام وعدوه. إنني لا أخاف عليكم مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيحجزه الله عنكم بشركه، لكن أخاف عليكم المنافق، يقول ما تعرفون، ويفعل ما تنكرون (1). يا محمد بن أبي بكر اعلم أن أفضل الفقه الورع في دين الله، والعمل بطاعته، وإني أوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيتك وعلى أي حال كنت عليه، الدنيا دار بلاء، والآخرة دار الجزاء ودار البقاء، فاعمل لما يبقى، واعدل عما يفنى، ولا تنس نصيبك من الدنيا (2). إني اوصيك بسبع (3) هن جوامع


(1) ذلك لان المنافق هو العدو الرابض في قلب الامة، والامة لا تعرف من هو لتحذر شره، ومن أين يأتيها لتقاومه، وكيف يدب في النفوس دبيبه وكيده لتدفعه، وهى حيرى مما يصيبها، وولهى من الشر الذى أصابها، وهو راصد لا يزال ينتظر الفرصة لتخدير عقول العامة وربما يتخذ الدين شركا يصطاد به فكرتهم ليثبطهم عن نصرة المصلحين ومتابعة العلماء الراسخين، ويحلل ويحرم ويكفر ويفسق، ويبيج دماء الابرار ومن يريد أن ينهض بالامة من دركات الجهل والغفلة والعبودية إلى مستوى الفضيلة والتنبيه والحرية، نستجير بالله من شر هذا الداء الوبيل ونسأله أن يعرفنا تلكم الجراثيم الموبوءة المعجبة في الظاهر حتى نسعى لابادتها ونتمكن من تلخيص الامة منها. (2) اشارة إلى الاية 77 من سورة القصص التي حكى الله تعالى فيها ما قال قوم قارون له. وفى المعاني باسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لا تنس صحتك وقوتك وفراغك وشبابك ونشاطك أن تطلب بها الاخرة. (3) كذا في جميع نسخ الحديث ومن المحتمل أن الصواب ” بتسع ” فصحف، كما يظهر من التوضيح.

[ 269 ]

الاسلام: تخشى الله عزوجل ولا تخشى الناس في الله، وخير القول ما صدقه العمل، ولا تقض في أمر واحد بقضاءين مختلفين فيختلف أمرك وتزيغ عن الحق، وأحب لعامة رعيتك ما تحب لنفسك وأهل بيتك، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك فإن ذلك أوجب للحجة وأصلح للرعية، وخض الغمرات إلى الحق، ولا تخف في الله لومة لائم، وانصح المرء إذا استشارك، واجعل نفسك أسوة لقريب المسلمين وبعيدهم، جعل الله عزوجل مودتنا في الدين، وحلانا وإياكم حلية المتقين، وأبقى لكم طاعتكم حتى يجعلنا وإياكم بها إخوانا على سرر متقابلين. أحسنوا أهل مصر مؤازرة محمد أميركم، واثبتوا على طاعتكم تردوا حوض نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم، أعاننا الله وإياكم على ما يرضيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 4 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو نصر محمد بن عمر النيشابوري قال: حدثنا محمد بن [ أبي ] السري (1) قال: حدثني أبي قال: حدثنا حفص بن غياث، عن برد بن سنان (2)، عن مكحول، عن واثلة بن الاسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تظهر الشماتة لاخيك [ فيعافيه الله ] ويبتليك. وصلى الله عليه سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما.


(1) في النسخ: ” محمد بن السرى ” والظاهر كونه محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الهاشمي مولاهم العسقلاني المعروف بابن أبى السرى، مات سنة 238 كما في التقريب. (2) هو برد بن سنان الشامي أبو العلاء الدمشقي سكن البصرة، ووثقة ابن معين. يروى عن مكحول الشامي أبى عبد الله الفقيه توفى في العشر الاول أو الثاني بعد المائة.

[ 270 ]

المجلس الثاني والثلاثون مجلس يوم الاربعاء الثالث عشر من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعناه جميعا. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله تأييده. 1 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال: حدثني أبي قال: حدثني سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن (1)، عن كليب بن معاوية الاسدي قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: أما والله إنكم لعلى دين الله وملائكته، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، عليكم بالصلاة والعبادة، عليكم بالورع. 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي الكوفي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا مسيح بن محمد قال: حدثني أبو علي بن أبي عمرة الخراساني، عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي إسحاق السبيعي قال: دخلنا على مسروق بن الاجدع (2) فإذا عنده ضيف له لا نعرفه وهما يطعمان من طعام لهما، فقال الضيف: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحنين (3) فلما قالها عرفنا أنه كانت له


(1) كذا ولم نجد رواية أحمد بن محمد عنه الا أن محمد بن عيسى يروى عنه، فالظاهر سقط كلمة ” عن أبيه ” بينهما. (2) هو مسروق بن الاجدع بن مالك الهمداني الوادعى، أبو عائشة الكوفى، ثقة فقيه عابد، مخضرم، مات سنة 62 أو 63 كما في التقريب. والمخضرم يقال لكل من أدرك الجاهلية والاسلام ولكن لم يتشرف بصحبة النبي صلى الله عليه وآله، وله وجه تسمية، فراجع النهاية لابن اثير. (3) كذا في أمالى ابن الشيخ: وفى النسخ ” بخيبر ” وهو تصحيف.

[ 271 ]

صحبة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: فجاءت صفية بنت حيى بن أخطب (1) إلى النبي صلى الله عليه وآله وسل فقالت: يا رسول الله إني لست كأحد من نسائك، قتلت الاب والاخ والعم، فإن حدث بك حدث فإلى من ؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إلى هذا، وأشار إلى علي بن أبي طالب عليه السلام. قال: ألا أحدثكم بما حدثني به الحارث الاعور ؟ قال: قلنا: بلى، قال: دخلت على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: ما جاء بك يا أعور ؟ قال: قلت: حبك يا أمير المؤمنين، قال: الله ؟ قلت: الله، فناشدني ثلاثا، ثم قال: أما إنه ليس عبد من عباد الله ممن امتحن الله قلبه للايمان إلا وهو يجد مودتنا على قلبه فهو يحبنا، وليس عبد من عباد الله ممن سخط الله عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه فهو يبغضنا، فأصبح محبنا ينتظر الرحمة، وكان أبواب الرحمة قد فتحت له، وأصبح مبغضنا على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم، وتعسا لاهل النار مثواهم (2). 3 قال أخبرني أبو علي الحسن بن علي بن فضل الرازي (3) قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن بشر العسكري، قال: حدثنا أبو إسحاق محمد بن هارون بن عيسى الهاشمي (4) قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن مهدي


(1) هي أم المؤمنين من بنى النجار من سبط هارون النبي (ع) كانت تحت كنانة بن ربيع اليهودي، فاسرت يوم خيبر واصطفاها رسول الله صلى الله عليه وآله وأعتقها و تزوجها، قال ابن حجر: ” ماتت سنة 36، وقيل في زمن معاوية وهو الصحيح “. (2) الخبر يدل بشطريه على أن أمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله بلا فصل وانه هو المتولي لاموره صلى الله عليه وآله وأيضا على أن حبه ايمان وبغضه كفر كما ورد في سائر الاخبار كثيرا فتبصر. (3) في المخطوط ونسخة مخطوطة من أمالى الطوسى ” الداوودى ” مكان ” الرازي “. (4) معنون في تاريخ الخطيب بعنوان محمد بن هارون بن عيسى بن ابراهيم بن عيسى بن أبى جعفر المنصور يعرف بابن بريه، وشيخه معنون في تهذيب التهذيب بعنوان =

[ 272 ]

الابلي قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الهاشمي (1) قال: حدثني أبي قال: حدثني هارون الرشيد قال: حدثني أبي المهدي قال: حدثني المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي قال: حدثني أبي، عن جدي علي بن عبد الله بن العباس، عن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: يا أيها الناس نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا (2)، فقال له قائل: بأبي أنت وأمي يا رسول الله من الركبان ؟ قال: أنا على البراق، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه، وابنتي فاطمة على ناقتي العضباء، وعلي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة خطامها من لؤلؤ رطب، وعيناها من ياقوتتين حمراوين، وبطنها من زبرجد أخضر، عليها قبة من لؤلؤة بيضاء يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، ظاهرها من رحمة الله، وباطنها من عفو الله، إذا أقبلت زفت، وإذا أدبرت زفت (3)، وهو أمامي. على رأسه تاج من نور، يضئ لاهل الجمع ذلك التاج، له سبعون ركنا كل ركن يضئ كالكوكب الدري في أفق السماء، وبيده لواء الحمد، وهو ينادي في القيامة، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فلا يمر بملأ من الملائكة إلا قالوا: نبي مرسل (4) ولا يمر بنبي مرسل إلا قال: ملك مقرب، فينادي مناد من بطنان العرش:


(= ابراهيم بن مهدي بن عبد الرحمن الابلى وقال: قال الازدي: يضع الحديث مشهور بذاك، ولم نجد راويه. (1) هو اسحاق بن سليمان بن على بن عبد الله بن العباس أبو يعقوب الهاشمي كان من اولى الاقدار العالية، والى المدينة والبصرة من قبل هارون الرشيد. (2) ” غيرنا ” يحتمل وجهين من الاعراب وهو اما اسم أو خبر وأيما كان فالاخر محذوف. (3) زف البرق: لمع والقوم: أسرعوا، فعلى الاول الضمير الفاعلى راجع إلى القبة، وعلى الثاني إلى الناقة. وفى مخطوطة من أمالى ابن الشيخ ” إذا اقبلت رقت وإذا ادبرت زفت “. (4) كذا في البحار وهو الصحيح، وفى النسخ ” نبى مقرب “.

[ 273 ]

يا أيها الناس ليس هذا ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، ولا حامل عرش، هذا علي بن أبي طالب، وتجئ شيعته من بعده فينادي مناد لشيعته: من أنتم ؟ فيقولون: نحن العلويون، فيأتيهم النداء: أيها العلويون أنتم آمنون، ادخلوا الجنة مع من كنتم توالون. 4 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام يدعو بكلمات فحفظتها عنه، فما دعوت بها في شدة إلا فرج الله عني، وهي: ” اللهم أنت ثقتي في كل كرب (1)، وأنت رجائي في كل شديدة (2)، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة (3)، كم من كرب يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، وتعيى فيه الامور، ويخذل فيه القريب والبعيد والصديق (4)، ويشمت فيه العدو، أنزلته بك، وشكوته إليك راغبا إليك فيه عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حاجة، ومنتهى كل رغبة. فلك الحمد كثيرا، ولك المن فاضلا، بنعمتك تتم الصالحات، يا معروفا بالمعروف (5) معروف، ويامن هو بالمعروف موصوف، أنلني من معروفك معروفا تغنيني به عن معروف من سواك، برحمتك يا أرحم الراحمين “. 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن علي، عن جعفر بن محمد بن مروان، عن أبيه قال: حدثنا أحمد بن عيسى


(1) في أمالى ابن الشيخ: ” كربة “، وهما بمعنى الحزن والغم يأخذ بالنفس. (2) في بعض النسخ ” شدة “. (3) في المطبوعة: ” وأنت لى في كل أمر ينزل بى ثقتى وعدتي “. (4) في نسخة ” واللصيق ” مكان ” والصديق “. (5) متعلق بمعروف بعده، أي يا من هو معروف وكان معروفيته بأفعاله الحسنة المعروفة واحسانه القديم.

[ 274 ]

قال: حدثنا محمد بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلتان لا تجتمعان في منافق: فقه في الاسلام، وحسن سمت في الوجه (1). وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما. المجلس الثالث والثلاثون مجلس يوم السبت الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة تسع وأربعمائة مما سمعناه جميعا. حدثنا الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله حراسته. 1 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن محمد القاشاني، عن الاصفهاني (2)، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: إذا أراد أحدكم ألا يسأل الله شيئا إلا أعطاء فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عزوجل (3)، فإذا علم الله ذلك من قلبه لم يسأل شيئا إلا أعطاه، فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن في القيامة خمسين موقفا كل موقف مثل ألف سنة (4) مما تعدون، ثم


(1) السمت بالفتح: هيئة أهل الخير والصلاح. (2) كذا في المطبوعة فقط وهو اما نفس سليمان بن داود المنقرى لانه ملقب بالاصفهاني على ما في جامع الرواة، أو كونه القاسم بن محمد الاصفهانى المعروف بكاسام أو كاسولا الراوى عن سليمان كثيرا في الاصول الاربعة والثانى أظهر. (3) أهل المعرفة يعبرون عن ذلك بحالة الانقطاع، ويقولون: المراد من اسم الله الاعظم الذى إذا دعى الله به أجاب لا محالة، هذه الحالة. (4) في البحار: ” مقام ألف سنة “. (*)

[ 275 ]

تلا هذه الآية: ” في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (1) “. 2 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي المالكي قال: حدثنا أبو الصلت الهروي قال: حدثنا الرضا علي بن موسى عليهما السلام، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين زين العابدين، عن أبيه الحسين بن علي الشهيد، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الايمان قول مقول، وعمل معمول، وعرفان العقول (2). قال أبو الصلت: فحدثت بهذا الحديث في مجلس أحمد بن حنبل، فقال لي أحمد: يا أبا الصلت لو قرء هذا الاسناد على المجانين لافاقوا. 3 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني أحمد بن سليمان الطوسي، عن الزبير بن بكار قال: حدثني عبد الله بن وهب، عن السدي، عن عبد خير، عن قبيصة بن جابر الاسدي قال: قام رجل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: فسأله عن الايمان، فقام عليه السلام خطيبا فقال: الحمد لله الذي شرع الاسلام فسهل شرايعه لمن ورده، وأعز أركانه على من جاز به (3)، وجعله عزا لمن والاه، وسلما لمن دخله، وهدى لمن ائتم به، وزينة لمن تحلى به، وعصمة لمن اعتصم به، وحبلا لمن تمسك به، وبرهانا لمن تكلم به، ونورا لمن استضاء به، وشاهدا لمن خاصم به، وفلجا


(1) المعارج: 4. وفى البحار: ” في يوم كان مقداره ألف سنة ” فالاية في سورة السجدة: 5. (2) يدل على أن العمل جزء الايمان وأن الايمان مبثوث على الجوارح والاعضاء. والمراد بعرفان العقول ادركها الحقيقة. (3) اعزاز أركانه حمايتها ورفعها على من قصد هدمه وتضييعه واطفاء نوره. وفى بعض النسخ: ” على من جاء به “، وفى النهج ” غالبه ” وفي التحف: ” جانبه “، وفى بعض نسخ الكافي: ” جأر به “.

[ 276 ]

لمن حاج به (1)، وعلما لمن وعاه، وحديثا لمن رواه، وحكما لمن قضى به، وحلما لمن جرب (2)، ولبا لمن تدبر، وفهما لمن فطن، ويقينا لمن عقل، وبصيرة لمن عزم، وآية لمن توسم (3)، وعبرة لمن اتعظ، ونجاة لمن صدق، ومودة من الله لمن أصلح (4)، وزلفى لمن ارتقب (5)، وثقة لمن توكل، وراحة لمن فوض، وجنة لمن صبر. الحق سبيله، والهدى صفته، والحسنى مأثرته، فهو أبلج المنهاج، مشرف المنار (6)، مضئ المصابيح، رفيع الغاية، يسير المضمار، جامع الحلبة، (7) متنافس السبقة، كريم الفرسان. التصديق منهاجه، والصالحات مناره، والفقه مصابيحه، والموت غايته، والدنيا مضماره، والقيامة حلبته، والجنة سبقته (8)،


(1) في النهج ” لمن خاصم عنه “، وقوله: ” فلجا لمن حاج به ” أي ظفرا وغلبة لمن احتج به. (2) المراد بالحلم هنا العقل، قال الله عزوجل ” أم تأمرهم أحلامهم بهذا ” قالوا: أي عقولهم. (3) المتوسم: المتفرس والذى يرتاد الحق. (4) في الكافي: ” وتؤدة لمن أصلح “، والتؤدة بفتح الهمزة وسكونها: الرزانة والتأنى. (5) كذا في النسخ والتحف، و ” في سائر نسخ الحديث: ” اقترب “. (6) في بعض النسخ: ” مشرق المنار “، والمأثرة بفتح الميم وسكون الهمزة وضم الثاء وفتحها الراء: واحدة المآثر وهى المكارم من الاثر وهو النقل والرواية لانها تؤثر وتروى. (7) قال ابن أبى الحديد: ” الحلبة: الخيل المجموعة للمسابقة، والمضمار: موضع تضمير الخيل أو زمان تضميرها، والغاية: الراية المنصوبة وهو هاهنا خرقة تجعل على قصبة وتنصب في آخر المدى الذي تنتهى إليه المسابقة “. (8) إلى هنا أورده الشريف الرضى (ره) في النهج مع اسقاطه بعض الفقرات.

[ 277 ]

والنار نقمته، والتقوى عدته، والمحسنون فرسانه. فبالايمان يستدل على الصالحات، وبالصالحات يعمر الفقه، وبالفقه يرهب الموت، وبالموت تختم الدنيا، [ وبالدنيا تجوز القيامة (1) ] وبالقيامة تزلف الجنة للمتقين، وتبرز الجحيم للغاوين. فالايمان على أربع دعائم: الصبر، واليقين، والعدل، والجهاد. والصبر من ذلك أربع شعب: الشوق والاشفاق (2) والزهادة والترقب. ألا من اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات (3)، [ ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. واليقين على أربع شعب: على تبصرة الفطنة، وتأول الحكمة (4)، و موعظة العبرة، وسنة الاولين. فمن تبصر في الفطنة تبين الحكمة، ومن تبين الحكمة عرف السنة، ومن عرف السنة فكأنما كان في الاولين. والعدل على أربع شعب: على غامض الفهم (5)، وغمرة العلم، وزهرة الحكم


(1) هذه الفقرة موجودة في المطبوعة وفيه ” تحوز ” وليست في النسخ الخطية وفى الغارات: ” تحذر القيامة “. (2) في النسخ: ” والشفق “. (3) إلى هنا مضبوط في النسخ الخطية وفى المطبوعة سابقا، وتمام الحديث موجود في نسخة واحدة نقلناه وجعلناه بين المعقوفين تمييزا عن سائر النسخ. (4) أي جعلها مكشوفة بالتدبر فيها. و ” موعظة العبرة ” في الكافي ” معرفة العبرة ” أي المعرفة بأنه كيف ينبغى أن يعتبر من الشئ أي يتعظ به وينتقل منه إلى ما يناسبه. (5) الغامض خلاف الواضح من الكلام ونسبته إلى الفهم مجاز، وكان المعنى فهم الغوامض، أو هو من قولهم: أغمض حد السيف أي رققة. وفى النهج والتحف: ” غائص ” من الغوص، قال الكيدرى: وهو من اضافة الصفة إلى الموصوف للتأكيد. وغمر العلم: كثرته، والزهرة بالفتح: البهجة والنضارة والحسن، والحكم بالضم: القضاء والعلم والحكمة والفقه.

[ 278 ]

وروضة الحلم. فمن فهم فسر جمل العلم (1)، ومن علم عرف شرايع الحكم، ومن عرف شرايع الحكم لم يضل، ومن حلم لم يفرط [ في ] (2) أمره وعاش في الناس حميدا. والجهاد على أربع شعب: على الامر بالمعروف، والنهى عن المنكر، والصدق في المواطن، وشنآن الفاسقين. فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الكافر، ومن صدق في المواطن قضى ما عليه، ومن شنئ الفاسقين غضب لله، ومن غضب لله تعالى فهو مؤمن حقا. فهذه صفة الايمان ودعائمه. فقال له السائل: لقد هديت يا أمير المؤمنين وأرشدت، فجزاك الله عن الدين خيرا ] (3). 4 قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد الزراري قال: حدثني جدي محمد بن سليمان قال: حدثنا محمد بن خالد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن اسرع الخير ثوابا البر، وأسرع الشر عقابا البغي، وكفى بالمرء


(1) في الخطية: ” نشر جميل العلم “. (2) كأن ” في ” سقط من قلم النساخ وأضفناه من سائر نسخ الحديث. (3) رواه أبو إسحاق الثقفى في الغارات ج 1 ص 138 والكليني في الكافي ج 2 ص 51 49، والصدوق في الخصال شطره الاخر ص 231، وابن شعبة في التحف ص 114، والطوسي في الامالى ص 35، والشريف الرضى في موضعين من النهج: قسم الخطب تحت رقم 104 وقسم الحكم تحت رقم 30، والعلامة المجلسي في البحار ج 68 ص 351 وشرحه شرحا وافيا وأشار فيه إلى اختلاف النسخ. وليعلم أن نسخ الحديث في هذا الخبر مختلفة كثيرة الاختلاف جدا والاشارة إليها خارج عن وضع هذه التعليقة ومن أراد الاطلاع فليراجع شرح الخبر في البحار وهامش الغارات.

[ 279 ]

عيبا أن يبصر من الناس ما يعمي عنه من نفسه، وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه، وأن يؤذي جليسه بما يعنيه (1). 5 قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد المعروف بابن الزيات رحمه الله قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عيسى قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عمر بن يزيد (2)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله بطن قديد (3) قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي إني سألت الله عزوجل أن يوالي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يواخي بيني وبينك ففعل، وسألته أن يجعلك وصيي ففعل. فقال رجل من القوم: والله لصاع من تمر في شن بال (4) خير مما سأل محمد ربه ! هلا سأله ملكا يعضده على عدوه، أو كنزا يستعين به على فاقته (5) ؟ ! فأنزل الله تعالى: ” فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شئ وكيل ” (6).


(1) تقدم في المجلس الثامن تحت رقم 1 من طريق الصدوق (ره) عن أبى حمزة عنه عليه السلام. (2) في بعض نسخ الحديث: ” عمار بن يزيد “، وفى روضة الكافي: ” عن عمار ابن سويد، وفى تفسير على بن ابراهيم: ” عمارة بن سويد ” وكلهم معنونون في الرجال في عداد أصحاب الصادق عليه السلام. (3) كزبير: اسم موضع قرب مكة. (4) الشن بالفتح: القربة البالية. وفى الروضة: ” فقال رجلان من قريش “. (5) في الروضة: ” يستغنى به عن فاقته، والله ما دعاه إلى حق ولا باطل الا أجابه إليه الخ “. (6) هود: 12. ورواه في تفسير البرهان عن أمالى الشيخ بزيادة مع تفسير عدة آيات بعد هذه الاية. ولعل الاية نزلت مكررا، فان نزوله عليه السلام قديدا، وكذا =

[ 280 ]

6 قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابه، عن أبي حمزة الثمالي قال: حدثني من حضر عبد الملك ابن مروان وهو يخطب الناس بمكة، فلما صار إلى موضع العظة من خطبته قام إليه رجل فقال: مهلا مهلا، إنكم تأمرون ولا تأتمرون، وتنهون ولا تنتهون، وتعظون ولا تتعظون، أفاقتداء بسيرتكم ؟ أم طاعة لامركم ؟ فإن قلتم: اقتدوا بسيرتنا فكيف نقتدي بسيرة الظالمين ؟ وما الحجة في اتباع المجرمين الذين اتخذوا مال الله دولا، وجعلوا عباد الله خولا، وإن قلتم: أطيعوا أمرنا واقبلوا نصحنا، فكيف ينصح غيره من يغش نفسه ؟ أم كيف تجب طاعة من لم تثبت له عدالة. وإن قلتم: خذوا الحكمة من حيث وجدتموها، واقبلوا العظة ممن سمعتموها، فلعل فينا من هو أفصح بصنوف العظات، وأعرف بوجوه اللغات منكم، فزحزحوا عنها، أطلقوا أقفالها، وخلوا سبيلها، ينتدب (1) لها الذين شردتموهم في البلاد، ونقلتموهم عن مستقرهم إلى كل واد، فوالله ما قلدناكم أزمة أمورنا، وحكمناكم في أبداننا وأموالنا وأدياننا لتسيروا فيها بسيرة الجبارين، غير أنا نصبر [ أنفسنا ] (2) لاستيفاء المدة، وبلوغ الغاية، وتمام المحنة، ولكل قائل منكم يوم لا يعدوه، وكتاب لا بد أن يتلوه (3)، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (4) “.


= وجود المنافقين وظهورهم كانا بعد الهجرة والاية مكية. (1) أي يتعرض، أو هو مأخوذ من معنى الاجابة. (2) الزيادة من أمالى الشيخ. (3) أي صحيفة أعماله التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصتها. (4) الشعراء: 227.

[ 281 ]

قال: فقام إليه بعض أصحاب المسالح فقبض عليه، وكان ذلك آخر عهدنا به، ولا ندري ما كانت حاله. 7 قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن أدريس قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار، عن القاسم بن محمد الرازي، عن علي بن محمد الهرمزاني (1)، عن علي بن الحسين بن علي، عن أبيه الحسين عليهم السلام قال: لما مرضت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وعليها السلام وصت إلى علي صلوات الله عليه أن يكتم أمرها، ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها، ففعل ذلك. وكان يمرضها بنفسه، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استسرار بذلك كما وصت به. فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين عليه السلام أن يتولى أمرها، ويدفنها ليلا، ويعفي قبرها (2). فتولى ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ودفنها، وعفى موضع قبرها. فلما نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خديه، وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ” السلام عليك يا رسول الله مني، والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك والمختار لها الله سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلدي (3 ()، إلا أن في التأسي لي بسنتك والحزن الذي حل بي بفراقك موضع التعزي،


(1) السند في الكافي عن أحمد بن ادريس إلى هنا كذلك وفيه الهرمزانى عن أبى عبد الله الحسين بن على عليهما السلام، وفى بعض نسخ الكافي وكذا في الجامع: ” الهرمزاى “، وفى بعض نسخ البحار: ” الهروي “. (2) العفو: المحو والانمحاء، وينبغى جدا البحث والفحص عن علة ذلك. (3) التجلد: القوة. وقوله ” على أن في التأسي لي بسنتك ” أي بسنة فرقتك، والمعنى ان المصيبة بفراقك كانت أعظم، فكما صبرت على تلك مع كونها أشد فلان أصبر على هذه أولى (البحار). (*)

[ 282 ]

فلقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري، وغمضتك بيدي (1)، وتوليت أمرك بنفسي، نعم وفي كتاب الله أنعم القبول (2): ” إنا لله وإنا إليه راجعون “. لقد استرجعت الوديعة (3)، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء، يا رسول الله ! أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج، سرعان ما فرق بيننا، وإلى الله أشكو. وستنبئك ابنتك بتضافر امتك (4) علي وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا وستقول، ويحكم الله وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله سلام مودع، لا سئم ولا قال، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، [ و ] الصبر أيمن


(1) أي غيبتك بيدى في لحدك تحت الثرى. (2) كذا في الكافي والبحار، أي فيه ما يصير سببا لقبول المصائب أنعم القبول. وفى النسخ: ” أتم القول “. (3) يمكن أن يقرأ هذا وقرائنه على بناء المعلوم والمجهول، وخلس الشئ: أخذه في نهزة ومخاتلة، والاختلاس أسرع من الخلس، والسهود: قلة النوم، و ” أو ” بمعنى ” إلى أن “، والكمد بالفتح والتحريك: الحزن الشديد. (4) التضافر والتظافر: التعاون، وفى نسخ عندنا: ” بتظاهر امتك “. وهضم فلانا: ظلمه وغصبه. أي أعان بعضهم بعضا على اخراج الامر ونزع سلطانك من يدى وعلى عدم وصوله إلى. وفى الكافي والنهج: ” فأحفها السؤال واستخبرها الحال “. والحال منصوب بنزع الخافض، أي عن الحال، أي عن قضايا التي مرت علينا من عدم ايتاء حقنا ايانا، والتوثب علينا واخراجنا إلى المسجد للبيعة مكرهين، ثم استبدادهم بالامر وعدم الالتفات إلى ما نصصت على امرتنا وايفاء حقنا ولزوم مودتنا وغير ذلك.

[ 283 ]

وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام (1) عند قبرك لزاما، وللبثت (2) عنده معكوفا، ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا، وتهتضم حقها قهرا، وتمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد، ولم يخل (3) منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك أجمل العزاء، وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته (4) “. 8 قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابيه، عن محمد بن سنان، عن محمد بن عطية، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الموت كفارة لذنوب المؤمنين. 9 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: حدثنا أبو القاسم يحيى بن زكريا الكتنجي (5) قال: حدثني أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري رحمه الله قال: سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام يقول: إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال لكميل بن زياد فيما قال: يا كميل أخوك دينك، فاحتط لدينك بما شئت. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.


(1) في النسخ ” لجعلنا المقام ” ولا يناسب السياق. (2) في بعض نسخ الحديث: ” والتلبث ” وفى بعضها: ” واللبث “. (3) كذا وفى الكافي والامالي: ” ولم يخلق ” أي ان عهودك إلى أمتك من التمسك بالثقلين ولزوم الحق باللزوم معى وغير ذلك من النصوص والعهود والوصايا لم ينس ولم يخلق. (4) رواه في الكافي ج 1 ص 458 وفى النهج قسم الخطب تحت رقم 200 مختضرا. (5) هو يحيى بن زكريا المعروف بالكتنجى كما في الجامع نقلا عن رجال الشيخ، يكنى أبا القاسم، ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم (ع) قال: ولقى العسكري. وفى النسخ: ” زكريا بن يحيى ” مقلوبا وهو تصحيف.

[ 284 ]

المجلس الرابع والثلاثون ” بسم الله الرحمن الرحيم ” مجلس يوم السبت السادس والعشرين من شعبان سنة عشرة وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أدام الله حراسته. 1 قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا محمد بن هارون بن عبد الرحمن الحجازي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عيسى بن أبي الورد (1)، عن أحمد بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: لا يقل مع التقوى عمل، وكيف يقل ما يتقبل (2) ؟ !. 2 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقري قال: حدثنا أبو القاسم علي بن محمد قال: حدثنا أبو العباس الاحوص بن علي بن مرداس قال: حدثني محمد بن الحسن بن عيسى الرواسي (3) قال: حدثنا سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إن من اليقين ألا ترضوا الناس بسخط الله عزوجل، ولا تلوموهم على ما لم يؤتكم الله من فضله، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا ترده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما


(1) لم نجده ولا راويه، وشيخه أحمد بن عبد العزيز كأنه الجوهرى المعروف صاحب كتاب السقيفة. (2) تقدم في المجلس الرابع تحت رقم 2 بهذا السند وفى المجلس الثالث والعشرين تحت رقم 24 بسند آخر. (3) في أمالى الطوسى (ره) ” محمد بن الحسين بن عيسى الرواسى ” ولم نجده بكلا العنوانين وكذا راويه.

[ 285 ]

يفر من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت (1). 3 قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي عليه السلام، فيأتي النداء من عند الله عزوجل: لسنا إياك أردنا وإن كنت لله خليفة، ثم ينادي ثانية: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فيأتي النداء من قبل الله عزوجل: يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه وحجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم ليستضئ بنوره، وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان. قال: فيقوم أناس قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة، ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: الا من ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث [ شاء و ] (2) يذهب به، فحينئذ ” يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرأوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار (3) “.


(1) رواه الكليني (ره) في الكافي ج 2 ص 57 بسند آخر مع اختلاف يسير في اللفظ وتمامه: ” ثم قال: ان الله بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط “. (2) ما بين المعقوفين موجود في المطبوعة فقط. (3) اقتباس من البقرة: 166، 167. والخبر يدل على ان كل اناس يدعى بامامهم وبالذي يقتدون به ويسلكون طريقته ويسيرون بسيرته أو يحبونه بقلوبهم ويودونه في سر أنفسهم، فالواجب على المسلم المرتاد للحق اتخاذ سيرة الامام المعصوم الذي قد نصبه الله جل =

[ 286 ]

4 قال: أخبرني أبو المظفر محمد بن أحمد البلخي (1) قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا عيسى بن مهران قال: حدثنا حفص بن عمر الفراء قال: حدثنا أبو معاذ الخزاز قال: حدثني يونس بن عبد الوارث، عن أبيه قال: بينا ابن عباس يخطب عندنا على منبر البصرة إذ أقبل على الناس بوجهه ثم قال: أيتها الامة المتحيرة في دينها أم والله لو قدمتم من قدم الله وأخرتم من أخر الله وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ما عال سهم من فرائض الله، ولا عال ولي الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (2) “. 5 قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا عبيد بن حمدون الرواسي قال: حدثنا الحسن ابن ظريف (3) قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: ما رأيت عليا


(= وعز لنفسه حتى يكون المصاب في أفعاله وسيره إلى الله تعالى. (1) كذا وفى بعض النسخ: ” أبو المظفر بن أحمد البلخى ” والظاهر وقع التصحيف والصواب: المظفر بن محمد بن أحمد أبو الجيش الوراق متكلم مشهور الامر، سمع الحديث فاكثر، له كتب كثيرة قاله النجاشي وذكر كتبه إلى قوله: أخبرنا بكتبه شيخنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان، ومات أبو الجيش 367 وفى معالم العلماء أنه قرأ المفيد على أبى القاسم على بن محمد الرفا وعلى أبى الجيش البلخى وهو يروى عن أبى بكر محمد بن أحمد بن أبى الثلج راجع طبقات الاعلام في القرن الرابع للعلامة الطهراني (ره) ص 318. (2) الشعراء: 227. وقد تقدم الخبر في المجلس السادس تحت رقم 7، ومر كلامنا في رجاله وألفاظه. (3) كذا وفى أمالى ابن الشيخ أيضا والظاهر أن فيه سقطا فان الحسن بن ظريف ذكر في أصحاب الهادى عليه السلام، ولا يبعد تعدده وكونه مشتركا.

[ 287 ]

قضى قضاء (1) إلا وجدت له أصلا في السنة. قال: وكان علي عليه السلام يقول: لو اختصم إلي رجلان فقضيت بينهما ثم مكثا أحوالا (2) كثيرة ثم أتياني في ذلك الامر لقضيت بينهما قضاء واحدا لان القضاء لا يحول ولا يزول أبدا. 6 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير المقري قال: أخبرني أبو القاسم علي بن محمد قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثني الحسن بن علي بن يوسف (3)، عن أبي عبد الله زكريا بن محمد المؤمن، عن سعيد بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله حضر شابا عند وفاته، فقال له: قل: لا إله إلا الله، قال: فاعتقل لسانه مرارا، فقال لامرأة عند رأسه: هل لهذا أم ؟ قالت: نعم، أنا أمه، قال: أفساخطة أنت عليه ؟ قالت: نعم، ما كلمته منذ ست حجج (4). قال لها: ارضي عنه، قالت: رضي الله عنه يا رسول الله برضاك عنه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: قل: لا إله إلا الله، فقالها، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: ما ترى ؟ قال: أرى رجلا أسود الوجه، قبيح المنظر، وسخ الثياب، نتن الريح (5)، قد وليني الساعة، وأخذ بكظمي (6)، فقال له


(1) في أمالى الشيخ: ” لا نجد عليا يقضى بقضاء الخ “. (2) جمع حول بالفتح أي لسنة لانها تحول أي تمضى. (3) هو المعروف بابن بقاح كوفى ثقة مشهور صحيح الحديث كما في الخلاصه ورجال النجاشي وراويه هو ابن فضال وراوي راويه هو على بن محمد بن يعقوب بن اسحاق ابن عمار الصيرفى الكسائي الكوفى العجلى الذي روى عنه التلعكبرى وسمع منه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. (4) في بعض النسخ: ” ستة حجج ” وتأنيثه باعتبار تذكير اللفظ. (5) في المخطوطة ” منتن الريح “. (6) الكظم محركة وكقفل: الحلق ومخرج النفس.

[ 288 ]

النبي صلى الله عليه وآله: قل: ” يا من يقبل اليسير، ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير، واعف عني الكثير، إنك أنت الغفور الرحيم “. فقالها الشاب، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: انظر ماذا ترى ؟ قال: أرى رجلا أبيض اللون، حسن الوجه، طيب الريح، حسن الثياب، قد وليني، وأرى الاسود قد تولى عني. فقال له: أعد، فأعاد، فقال له: ما ترى ؟ قال: لست أرى الاسود، وأرى الابيض قد وليني، ثم طفى على تلك الحال (1). 7 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين البغدادي (2) قال: حدثنا الحسين بن عمر المقري، عن علي بن الازهر عن علي بن صالح المكي (3)، عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن جده عليه السلام قال لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ” إذا جاء نصر الله والفتح ” قال لي: يا علي إنه قد جاء نصر الله والفتح، فإذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا. يا علي إن الله قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي كما كتب عليهم جهاد المشركين معي، فقلت: يا رسول الله وما الفتنة التي كتب علينا


(1) طفى الرجل: مات. (2) هو أحمد بن الحسين بن عباد البغدادي أبو العباس البزاز المعنون في الجرح والتعديل لابن أبى حاتم الرازي وكنيته كما في تاريخ الخطيب ” أبو العباس السمسار “. (3) رجال السند في أمالى الطوسى هكذا أيضا وما عثرنا على الحسين بن عمر المقرى ويحتمل كونه ” الحسين بن عمرو العنقزى أو الصقرى ” فصحف فان كان هو فهو مترجم في الجرح والتعديل ج 3 تحت رقم 278. وأما على بن الازهر فهو الاهوازي الرامهرمزى صدوق معنون في الجرح والتعديل ج 6 تحت رقم 959. وعلى بن صالح المكى العابد مقبول معنون في التقريب، ومحمد بن عمر بن على بن أبى طالب المكنى بأبى عبد الله أيضا معنون في الجرح والتعديل ج 8 تحت رقم 81.

[ 289 ]

فيها الجهاد ؟ قال: فتنة قوم يشهدون أن لا إله إلا الله، وإني رسول الله [ وهم ] مخالفون لسنتي وطاعنون في ديني (1). فقلت: فعلام نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون: أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ؟ فقال: على إحداثهم في دينهم، وفراقهم لامري، واستحلالهم دماء عترتي. قال: فقلت: يا رسول الله إنك كنت وعدتني الشهادة، فسل الله تعالى أن يعجلها [ لي ] (2)، فقال: أجل، قد كنت وعدتك الشهادة، فكيف صبرك إذا خضبت هذه من هذا وأومي إلى رأسي ولحيتي ؟ فقلت: يا رسول الله أما إذا بينت لي ما بينت (3) فليس بموطن صبر، [ و ] لكنه موطن بشرى وشكر، فقال: أجل، فأعد للخصومة، فإنك مخاصم أمتي. قلت: يا رسول الله أرشدني الفلج، قال: إذا رأيت قوما (4) قد عدلوا عن الهدى إلى الضلال فخاصمهم، فإن الهدى من الله، والضلال من الشيطان. يا علي إن الهدى هو اتباع أمر الله دون الهوى والرأي: وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن، وأخذوا بالشبهات، واستحلوا الخمر بالنبيذ، والبخس بالزكاة (5)، والسحت بالهدية. قلت: يا رسول الله فما هم إذا فعلوا ذلك، أهم أهل ردة أم أهل فتنة ؟ قال: هم أهل فتنة، يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا ؟ فقال: بل منا، بنا يفتح الله،


(1) اشارة إلى فتنة الناكثين والقاسطين والمارقين. (2) في أمالى ابن الشيخ: ” تعجيلها لى “. (3) في البحار: ” أما إذا ثبت لي ما ثبت “. (4) في المطبوعة والبحار: ” قومك “. (5) لعل المراد به أنهم يبخسون المكيال والميزان وأموال الناس ثم يتداركون ذلك بالزكوات والصدقات من المال الحرام. ” والسحت بالهدية ” أي يأخذون الرشوة بالحكم ويسمونه الهدية (البحار).

[ 290 ]

وبنا يختم (1)، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك، وبنا يولف الله بين القلوب بعد الفتنة، فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله. 8 قال: حدثني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، عن معلي بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور العمي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب قال: سمعت أبا محمد الوابشي رواه عن أبي الورد (2) قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الاولين والآخرين عراة حفاة، فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا ويشتد أنفاسهم، فيمكثون بذلك ما شاء الله، وذلك قوله [ تعالى ]: ” فلا تسمع إلا همسا (3) “. قال: ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبي الامي ؟ قال: فيقول الناس: قد أسمعت [ كلا ] (4)، فسم باسمه. قال: فينادي: أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله ؟ قال: فيقوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيقف (5) أما الناس كلهم حتى ينتتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة وصنعاء، فيقف عليه، ثم ينادي بصاحبكم،


(1) لعله اشارة إلى قيام صاحبنا المهدى عليه السلام لانه (ع) صاحب الولاية الختمية وبه يملا الله الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ولا شك أنه لما يؤلف بعد بين القلوب بل ما زالت تشتد الفتن حتى يكفر بعض المسلمين بعضا ويتفل بعضهم في وجوه بعض ولا تزول تلك الفتن حتى تطفأ نارها بصيوب عدله (ع) عجل الله تعالى فرجه وسهل مخرجه. (2) لم نعرف في هذه الطبقة غير أبى الورد بن ثمامة بن حزن القشيرى البصري. (3) طه: 108. والهمس: الصوت الخفى. (4) كذا، وفى بعض النسخ ” قد أبهت ” أي نبهت. ويمكن أن يكون ” قد أسمعت ” تصحيف ” قد أشمعت ” من أشمع السراج أي سطع نوره. ولفظة ” كلا ” كانت في بعض النسخ دون بعض. (5) في أمالى الطوسى ” فيتقدم “.

[ 291 ]

فيقوم أمام الناس، فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون. قال أبو جعفر عليه السلام: فبين وارد يومئذ وبين مصروف، فإذا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى وقال: يا رب شيعة علي، يا رب شيعة علي. قال: فيبعث الله إليه ملكا فيقول [ له ]: ما يبكيك يا محمد ؟ قال: وكيف لا أبكي لاناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب، أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار، ومنعوا من ورود حوضي ؟ ! قال: فيقول الله عزوجل: يا محمد إني قد وهبتهم لك، وصفحت لك عن ذنوبهم، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون من ذريتك، وجعلتهم في زمرتك، وأوردتهم حوضك، وقبلت شفاعتك فيهم، وأكرمتك بذلك. ثم قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام: فكم من باك يومئذ وباكية ينادون يا محمداه إذا رأو ذلك، فلا يبقى أحد يومئذ كان يتولانا ويحبنا إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا. 9 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي قال: حدثنا عبد الله بن العلاء قال: حدثنا أبو سعيد الآدمي (1) قال: حدثني عمر بن عبد العزيز المعروف بزحل، عن جميل بن دراج، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن صالح الاعمال البر بالاخوان، والسعي في حوائجهم، وفي ذلك مرغمة للشيطان، وتزحزح عن النيران، ودخول الجنان. يا جميل أخبر بهذا الحديث غرر أصحابك، قلت: من غرر أصحابي ؟ قال: هم البارون بالاخوان في العسر واليسر. ثم قال: أما إن صاحب الكثير يهون عليه ذلك، وقد مدح الله صاحب القليل فقال: ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (2) “.


(1) هو سهل بن زياد الرازي، ضعفه الشيخ رحمه الله. (2) الحشر: 9.

[ 292 ]

وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله وسلم تسليما. المجلس الخامس والثلاثون مجلس يوم السبت لثلاث ليال خلون من شهر رمضان سنة عشر وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثني أبي قال: حدثني هارون بن مسلم قال: حدثني مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام وقد سئل عن قوله تعالى: ” فلله الحجة البالغة (1) ” فقال: إذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد: أكنت عالما ؟ فإن قال: نعم، قال له: افلا عملت بما علمت ؟ و إن قال: كنت جاهلا، قال له: أفلا تعلمت (2) ؟ فيخصمه، فتلك الحجة البالغة لله عزوجل على خلقه (3). 2 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني الحسين بن محمد بن عامر، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: كان فيما وعظ لقمان ابنه أن قال له: يا بني اجعل في أيامك ولياليك وساعاتك


(1) الانعام: 149. (2) في المطبوعة وفيما تقدم: ” أفلا تعلمت حتى تعمل “. (3) تقدم مثله بهذا السند في آخر المجلس السادس والعشرين. ويدل على أن الجاهل بأمر الدين لم يكن في كل الازمان وفى أي شرائط معذورا بل الاكثر منهم مقصرون مفرطون في جنب الله تعالى ولا يكونون قاصرين لا سيما في زماننا هذا الذى تكون فيه الالات الرابطة بين افراد الجوامع وافرة كثيرة، والاخذ بالمعالم سهلا يسيرا.

[ 293 ]

نصيبا لك في طلب العلم، فإنك لن تجد له تضييعا مثل تركه. 3 قال: أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد المعروف بابن السماك (1) قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن صالح التمار قال: حدثنا محمد بن مسلم الرازي قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة قال: كنت جالسا عند أبي بكر فأتاه رجل فقال: يا خليفة رسول الله إن رسول الله صلى الله عليه وآله وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات (2) من تمر، فقال أبو بكر: ادعوا لي عليا، فجاء علي عليه السلام، فقال أبو بكر: يا أبا الحسن إن هذا يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وعده أن يحثو له ثلاث حثيات من تمر، فاحثها له، فحثى له ثلاث حثيات من تمر، فقال أبو بكر: عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة، فقال أبو بكر: صدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسل، سمعته ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقول: يا أبا بكر كفي وكف علي في العدل سواء (3). 4 قال: أخبرني أبو علي الحسن بن عبد الله القطان قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن الحسين قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن بسام، عن علي بن الحكم، عن الليث بن سعد، عن أبي سعيد الخدري قال:


(1) هو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن يزيد أبو عمرو الدقاق الذى قيل: انه كتب الكتب الطوال بخطه وقال: ما استكتبت شيئا قط غير جزء واحد، وقال الازهري: كان كل ما عنده بخطه وتوفى سنة 344 وحضر جنازته خمسون ألف انسان، وأما شيخه فهو أحمد بن محمد بن صالح أبو بكر التمار المعنون في تاريخ الخطيب وهو يروى عن محمد بن مسلم بن وارة الرازي. (2) في بعض النسخ: ” ثلاث حثوات ” وكلاهما صحيح يائيا وواويا. (3) في المخطوطة ” في العدد سواء ” وهو أيضا صواب، والخبر رواه الخطيب في تاريخه ذيل ترجمة أحمد بن محمد بن صالح التمار مع اختلاف يسير في اللفظ بهذا السند بعينه.

[ 294 ]

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: معاشر الناس أحبوا عليا فإن لحمه لحمي، ودمه دمي، لعن الله أقواما من أمتي ضيعوا فيه عهدي ونسوا فيه وصيتي، ما لهم عند الله من خلاق (1). 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسن البغدادي قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن الصلت (2) قال: حدثنا أبو كدينة، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله ابن العباس قال: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” إنا أعطيناك الكوثر “، قال له علي بن أبي طالب عليه السلام: ما هو الكوثر يا رسول الله ؟ قال: نهر أكرمني الله به، قال علي عليه السلام: إن هذا النهر شريف، فأنعته لنا يا رسول الله، قال: نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله عزوجل، مأوه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، حصاؤه الزبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الاذفر، قواعده تحت عرش الله عزوجل. ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على جنب أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا علي إن هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي (3).


(1) الخلاق: النصيب الوافر من الخير. (2) هو أبو جعفر محمد بن الصلت بن الحجاج الاسدي مولاهم الكوفى الاصم وثقه أبو حاتم، روى عن أبى كدينة مصغرا يحيى بن المهلب البجلى، وروى عنه محمد بن اسماعيل البخاري، ويعني بعطاء ابن السائب. (3) قال في المجمع: الكوثر فوعل وهو الشئ الذي من شأنه الكثرة، والكوثر الخير الكثير. وقال في الدر المنثور: أخرج البخاري وابن جرير والحاكم من طريق أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الكوثر الخير الذى أعطاه الله أياه، قال أبو بشر: قلت لسعيد بن جبير: فان اناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ قال: النهر الذى في الجنة من الخير الذى أعطاه الله اياه. وقال العلامة صاحب الميزان بعد نقله الاقوال في معنى الكوثر وأنها تبلغ إلى =

[ 295 ]

6 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرنا إسماعيل بن أبان قال: حدثنا عمرو بن شمر قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام يقول: حدثني أبي، عن جدي عليهما السلام قال: لما توجه أمير المؤمنين عليه السلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة نزل الربذة، فلما ارتحل منها لقيه عبد الله بن خليفة الطائي (1) وقد نزل بمنزل يقال له قديد (2) فقربه أمير المؤمنين عليه السلام، فقال له عبد الله: الحمد لله الذي رد الحق إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره ذلك قوم أوسروا به، فقد والله كرهوا محمدا عليه السلام ونابذوه وقاتلوه، فرد الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السوء عليهم، ووالله لنجاهدن معك في كل موطن حفظا لرسول صلى الله عليه وآله وسلم. فرحب به أمير المؤمنين عليه السلام وأجلسه إلى جنبه وكان له حبيبا ووليا وأخذ يسائله عن الناس إلى أن سأله عن أبي موسى الاشعري، فقال: والله ما أنا أثق به، ولا آمن عليك خلافه إن وجد مساعدا على ذلك. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: والله ما كان عندي مؤتمنا ولا ناصحا، ولقد كان الذين تقدموني استولوا على مودته، وولوه وسلطوه بالامرة على الناس (3)،


(= ستة وعشرين: وكيفما كان فقوله في آخر السورة: ” ان شانئك هو الابتر ” وظاهر الابتر هو المنقطع نسله وظاهر الجملة انها من قبيل قصر القلب ان كثرة ذريته صلى الله عليه وآله هي المرادة وحدها بالكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وآله، أو المراد بها الخير الكثير وكثرة الذرية مرادة في ضمن الخير الكثير، ولولا ذلك لكان تحقيق الكلام بقوله: ” ان شانئك هو الابتر ” خاليا عن الفائدة إلى آخر ما أفاده رحمه الله. (1) في شرح الحديدي نقلا عن أبى مخنف ” المحل بن خليفة الطائى “. (2) كذا في المطبوعة، وقديد تصغير ” قد “: اسم موضع قرب مكة، وقد تقدم. وفى النسخ وأمالى ابن الشيخ: ” فايد ” وهو جبل في طريق مكة على ما في المراصد. (3) يعنى عمر وعثمان، لانه كان واليا على البصرة في أيامهما، وكان عامل =

[ 296 ]

ولقد أردت عزله فسألني الاشتر فيه أن أقره فأقررته على كره مني له، وتحملت على صرفه من بعد (1). قال: فهو مع عبد الله في هذا ونحوه إذ أقبل سواد كبير من قبل جبال طي، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنظروا ما هذا [ السواد ] ؟ فذهبت الخيل تركض فلم تلبث أن رجعت، فقيل: هذه طي قد جاءتك تسوق الغنم والابل والخيل، فمنهم من جاءك بهداياه وكرامته، ومنهم من يريد النفور معك إلى عدوك. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: جزى الله طيا خيرا، ” وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما (2) “. فلما انتهوا إليه سلموا عليه، قال عبد الله بن خليفة: فسرني والله ما رأيت من جماعتهم وحسن هيئتهم، وتكلموا فأقروا، والله [ ما رأيت ] بعيني خطيبا أبلغ من خطيبهم، وقام عدي بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني كنت أسلمت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأديت الزكاة على عهده، وقاتلت أهل الردة من بعده (3)، أردت بذلك ما عند الله، وعلى الله ثواب من أحسن واتقى، وقد بلغنا أن رجالا من أهل مكة نكثوا بيعتك، وخالفوا عليك ظالمين، فأتيناك لننصرك بالحق، فنحن بين يديك، فمرنا بما


= أمير المؤمنين عليه السلام على الكوفة، فعزله وولى عليها قرظة بن كعب الانصاري راجع الكنى والالقاب ج 1 ص 158. (1) في أمالى الطوسى ” وعملت على صرفه من بعد “. (2) النساء: 95. (3) قال اليعقوبي:.. وتنبأ جماعة من العرب، وارتد جماعة، ووضعوا التيجان على رؤوسهم، وامتنع قوم من دفع الزكاة إلى أبى بكر إلى أن قال: وتجرد أبو بكر لقتال من ارتد، وكان ممن ارتد وممن وضع التيجان على رأسه من العرب النعمان ابن المنذر بن ساوى التميمي بالبحرين، فوجه العلاء بن الحضرمي فقتله، ولقيط بن مالك ذو التاج بعمان، وجه إليه حذيفة بن محصن فقتله بصحار من أرض عمان الخ.

[ 297 ]

أحببت، ثم أنشا يقول: ونحن نصرنا الله من قبل ذاكم * وأنت بحق جئتنا فستنصر سنكفيك دون الناس طرا بأسرنا * وأنت به من سائر الناس أجدر فقال أمير المؤمنين عليه السلام: جزاكم الله من حي عن الاسلام وأهله خيرا، فقد أسلمتم طائعين، وقاتلتم المرتدين، ونويتم نصر المسلمين. وقام سعيد بن عبيد البحتري من بني بحتر (1) فقال: يا أمير المؤمنين إن من الناس من يقدر أن يعبر بلسانه عما في قلبه، ومنهم من لا يقدر أن يبين ما يجده في نفسه بلسانه، فإن تكلف ذلك شق عليه، وإن سكت عما في قلبه برح به الهم والبرم (2)، وإني والله ما كل ما في نفسي أقدر أن أؤديه إليك بلساني، ولكن والله لاجهدن على أن أبين لك، والله ولي التوفيق. أما أنا فإني ناصح لك في السر والعلانية، ومقاتل معك الاعداء في كل موطن، وأرى لك من الحق ما لم أكن أراه لمن كان قبلك، ولا لاحد اليوم من أهل زمانك، لفضيلتك في الاسلام وقرابتك من الرسول، ولن أفارقك أبدا حتى تظفر (3) أو أموت بين يديك. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يرحمك الله، فقد أدى لسانك مايجن (4) ضميرك لنا، ونسأل الله أن يرزقك العافية، ويثيبك الجنة. وتكلم نفر منهم،


(1) بنو بحتر بضم الباء وسكون الحاء المهملة وضم التاء المثناة بطن من طى من القحطانية، والبحترفى اللغة: القصير المجتمع الخلق، ومنهم أبو عبادة البحترى الشاعر الاسلامي المشهور، اعترف له المتنبي بالتقدم فقال: أنا وأبو تمام حكيمان والشاعر البحترى انتهى ملخصا (نهاية الارب). (2) برح مشددا به الامر: جهده وآذاه أذى شديدا. والبرم بالتحريك: الضجر. (3) في بعض النسخ: ” تظهر ” وفى المطبوعة: ” تظفر ” وهو الصواب ظاهرا. (4) في المطبوعة: ” ما يجد ” وفى الامالى: ” ما يكن “.

[ 298 ]

فما حفظت غير كلام هذين الرجلين ثم ارتحل أمير المؤمنين عليه السلام: فأتبعه منهم ستمائة رجل حتى نزل ذا قار، فنزلها في ألف وثلاثمائة رجل. 7 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين المقري قال: حدثنا عمر بن محمد الوراق قال: أخبرنا علي بن العباس البجلي قال: حدثنا حميد بن زياد قال: حدثنا محمد بن تسنيم الوراق قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قول الله عزوجل: ” السابقون السابقون * أولئك المقربون * في جنات النعيم (1) “، فقال: قال لي جبرئيل: ذاك علي وشيعته هم السابقون إلى الجنة، المقربون إلى الله تعالى بكرامته لهم. 8 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري رحمه الله قال: أخبرني عمي أبو الحسن علي بن سليمان بن الجهم (2) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثنا العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام عن قول الله عزوجل: ” فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما (3) ” ؟ فقال عليه السلام: يؤتي بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يقام بموقف الحساب، فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه، لا يطلع على حسابه أحدا من الناس، فيعرفه ذنوبه حتى إذا أقر بسيئاته قال الله عزوجل للكتبة: بدلوها حسنات، وأظهروها للناس، فيقول الناس حينئذ: أما كان لهذا العبد سيئة


(1) الواقعة: 10 – 12، أي السابقون بالخيرات من الاعمال أو إلى كل ما دعا الله إليه وهم السابقون إلى الجنة، والى المغفرة والرحمة. (2) المراد عمه الاعلى وهو عم أبيه، كما في الفهرست في ترجمة اسماعيل بن مهران وأحمد بن أبى نصر، ولان أبا غالب هو أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الجهم فيكون علي بن سليمان عم أبيه والله العالم. (3) الفرقان: 70.

[ 299 ]

واحدة ؟ ! ثم يأمر الله [ عزوجل ] به إلى الجنة، فهذا تأويل الآية، وهي في المذنبين من شيعتنا خاصة. 9 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام قال: كان أبي علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أربع من كن فيه كمل إيمانه، ومحصت عنه ذنوبه، ولقي ربه وهو عنه راض: من وفى لله بما جعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، واستحيى من كل قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله (1). 10 قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد النحوي صاحب أبي بكر محمد بن القاسم [ الانباري قال: حدثني أبو بكر محمد بن القاسم ] قال: أخبرني العباس بن الحسين اللهبي قال: حدثنا ابن حسان، عن قبيصة اللهبي قال: كتب علي بن حفص بن عمر إلى أبي جعفر المنصور أنه وجد في خان بالمولتان (2) يقول عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (3) [ عليهما السلام ] قلت لما انتهيت إلى هذا الموضع وقد انقلب الدم (4):


(1) تقدم في المجلس الحادى والعشرين بهذا السند مع زيادة واختلاف في الالفاظ. (2) مولتان بضم أوله ولام يلتقى فيها ساكنان وأكثر ما يسمع فيه ملتان بغير واو: بلد من بلاد الهند على سمت غزنة، ويسمى فرج بيت الذهب (المراصد). (3) يلقب بالاشتر، قال أبو الفرج الاصفهانى: كان عبد الله بن محمد بن مسعدة المعلم أخرجه بعد قتل أبيه إلى بلد الهند فقتل بها، ووجه برأسه إلى أبى جعفر المنصور. (4) قال في المقاتل: فحدثت أن رجلا جاء إلى أبى جعفر فقال له: مررت بأرض السند فوجدت كتابا في قلعة من قلاعها، فيه كذا وكذا الخ. نقول: الظاهر أن المكتوب فيه هذه الاشعار ولم يذكروها. ولعل قوله ” انقلب الدم ” أي نجوت من أن أهريق دمى بأيدى الظالمين.

[ 300 ]

عسى مشرب يصفو فيروي ظماءه * أطال صداها المنهل المتكدر (1) عسى بالجنوب العاريات ستكتسى * وبالمستذل المستضام سينصر (2) عسى جابر العظم الكسير بلطفه * سيرتاح للعظم الكسير فيجبر عسى الله أن لا ييأس العبد إنه * يهون عليه ما يجل ويكبر قال الشيخ: وأنشدني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار لابي بكر العرزمي: أرى عاجزا يدعى جليدا لغشمه * ولو كلف التقوى لكلت مضاربه وعفا يسمى عاجزا لعفافه * ولولا التقى ما أعجزته مذاهبه وأحمق مصنوعا له في أموره * يسوده إخوانه وأقاربه على غير حزم في الامور ولا تقى * ولا نابل جزل تعد مواهبه (3) ولكنه قبض الاله وبسطه * فلاذا يحاربه ولاذا يغالبه إذا أكمل الرحمن للمرء عقله * فقد كملت أخلاقه ومآربه 11 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن محمد بن همام، عن عبيدالله بن العلاء، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن حماد بن عيسى، عن إسماعيل بن [ أبي ] خالد (4) قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: جمعنا أبو جعفر عليه السلام فقال: يا بني إياكم والتعرض للحقوق، واصبروا على


(1) الظماء: جمع ظمئ للمذكر والمؤنث والضمير المؤنث في ” صداها ” راجع إلى الظماء باعتبار الجمع، والمنهل بمعنى المشرب فاعل ” أطال ” والضمير المؤنث مفعوله. (2) في بعض النسخ ” العاديات ” بالدال وفى بعضها ” الغازيات والجنوب جمع الجنب، والمعنى واضح. والمستضام: المستخف المظلوم. (3) النبل بالضم والنبالة: الذكاء والنجابة والفضل، والنابل بصيغة اسم الفاعل. والجزل بالفتح: الكثير العطاء، الاصيل الرأى. (4) هو اسماعيل بن أبى خالد محمد بن مهاجر الازدي الكوفى، روى أبوه عن أبى جعفر، وروى هو عن أبى عبد الله عليهما السلام.

[ 301 ]

النوائب، وإن دعاكم بعض قومكم إلى أمر ضرره عليكم أكثر من نفعه لكم فلا تجيبوه (1). وصلى الله عليه سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. المجلس السادس والثلاثون مجلس يوم السبت العاشر من شهر رمضان سنة عشرة وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمد بن يحيى ابن سليمان المروزي قال: حدثنا عبد الله بن محمد العيشي قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا شهر رمضان شهر مبارك افترض [ الله ] صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان (2)، ويصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم يردد صلى الله عليه وآله وسلم ذلك ثلاث مرات 2 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا جعفر بن عبد الله قال: حدثنا سعدان بن سعيد قال: حدثنا سفيان بن إبراهيم الغامدي القاضي. قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: بنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، والذي يحلف به لينتصرن الله بكم كما انتصر بالحجارة (3). 3 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا النعمان


(1) لا يخفى ما فيه من التعريض للزيد ومحمد النفس الزكية وأبيه وأخيه. (2) في النسخ: ” افترض صيامه، يفتح الله فيه أبواب الجنان ” والصواب ما أثبتناه كما في الخبر الذي تقدم بعين السند والمتن في المجلس الثالث عشر، والظاهر أن لفظة الجلالة قلب مكانه من قبل النساخ. (3) أي في قصة الفيل كما في الكتاب العزيز: ” ترميهم بحجارة من سجيل “.

[ 302 ]

ابن أحمد القاضي الواسطي ببغداد، قال: وأخبرنا إبراهيم بن عرفة النحوي قالا: حدثنا أحمد بن رشد بن خثيم الهلالي قال: حدثنا عمي سعيد بن خثيم (1) قال: حدثنا مسلم الغلابي قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه عليه وآله وسلم قال: فقال: والله يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير يئط (2)، ولا غنم يغط، ثم أنشأ يقول: أتيناك يا خير البرية كلها * لترحمنا مما لقينا من الازل (3) أتيناك والعذراء يدمى لبانها (4) * وقد شغلت أم الصبي عن الطفل وألقى بكفيه الفتى استكانة * من الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي ولا شئ مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل (5) وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لاصحابه: إن هذا الاعرابي يشكو قلة المطر وقحطا شديدا، ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه،


(1) هو سعيد بن خثيم بن رشد الهلالي أبو معمر الكوفى شيعي زيدي وثقه العامة وضعفه ابن الغضائري، ارخ ابن الاثير وفاته سنة 180، يروى عنه ابن أخيه أحمد بن رشد بن خثيم. ويروى عن أحمد، ابراهيم بن محمد بن عرفة أبو عبد الله العتكى النحوي وأما أحمد بن رشد بفتحتين فمعنون في الجرح والتعديل لابن أبى حاتم. (2) أي يحن ويصيح، وأطيط الابل: أصواتها وحنينها، قال في النهاية: ” يريد ما لنا بعير أصلا، لان البعير لا بد أن يئط “. والغطيط: الصوت الذى يخرج مع نفس النائم. وغط البعير: إذا هدر في الشقشقة. (3) الازل بسكون الزاى: الشدة والضيق والجدب. (4) قال في النهاية: ” أي يدمى صدرها لامتهانها نفسها في الخدمة، حيث لا تجد ما تعطيه من يخدمها من الجدب وشدة الزمان “. (5) الحنظل العامي هو منسوب إلى العام، لانه يتخذ في عام الجدب، كما قالوا للجدب: السنة. والعلهز: شئ يتخذونه في سنى المجاعة، يخلطون الدم بأوبار الابل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه. والفسل: الردئ الرذل من كل شئ.

[ 303 ]

وكان مما حمد ربه أن قال: ” الحمد لله الذي علا في السماء فكان عاليا، و في الارض قريبا دانيا، اقرب إلينا من حبل الوريد ” ورفع يديه إلى السماء وقال: ” اللهم اسقنا غيثا مغيثا، مريئا، مريعا، غدقا، طبقا، عاجلا غير رائث (1) نافعا غير ضائر، تملا به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيى به الارض بعد موتها ” فما رد يديه إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالاكليل (2) والتقت السماء بأردافها، وجاء أهل البطاح (3) يضجون يا رسول الله: الغرق الغرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” اللهم حوالينا ولا علينا ” (4)، فانجاب السحاب عن السماء (5)، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: لله در أبي طالب لو كان حيا


(1) المرئ هو محمود العاقبة. والمريع من الريع وهو الزيادة والنماء. والغدق بفتح الدال: المطر الكبار القطر. وغيث طبق أي عام واسع مالئ للارض مغط لها. والرائت: البطئ المتأخر. (2) الاكليل: التاج، وشبه عصابة مزينة بالجوهر. والارداف جمع الردف بمعنى الراكب بعد الراكب والمراد تراكم السحاب. (3) البطاح بالكسر: جمع بطحاء، وهى بطاح مكة، والبطاح بالضم: ماء في ديار بنى أسد بن خزيمة، والمراد هنا الاول. (4) فيه حذف أي أمطر في الاماكن التي حوالينا ولا تمطر علينا، وقيل: في ادخال الواو في قوله ” ولا علينا ” معنى دقيق:، وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقيا للاكام والظراب ونحوها مما لا يستسقى له لقلة الحاجة إلى الماء هنالك، وحيث أدخل الواو آذن بان طلب المطر على هذه الجهات ليس مقصودا بنفسه، بل ليكون وقاية من اذى المطر على نفس المدينة. فالمراد انزل المطر حوالينا حيث لا نستضر به ولا تنزله علينا حيث نستضر به، فلم يطلب منع الغيث بالكلية وهو من حسن الادب في الدعاء لان الغيث رحمة من الله ونعمة مطلوبة فكيف يطلب منه رفع نعمته وكشف رحمته، وانما يسئل سبحانه كشف البلاء والمزيد في النعماء. (4) أي انجمع وتقبض بعضه إلى بعض وانكشف عنها.

[ 304 ]

لقرت عيناه، من ينشدنا قوله ؟ فقام عمر بن الخطاب فقال: عسى أردت يا رسول الله: وما حملت من ناقة فوق رحلها * أبر وأوفى ذمة من محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليس هذا من قول أبي طالب، بل من قول حسان ابن ثابت (1)، فقام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: كأنك أردت يا رسول الله [ قوله ]: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ربيع اليتامى عصمة للارامل (2) يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت الله نبزي محمدا * ولما نماصع دونه ونقاتل (3) ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل (4)


(1) في نسخة: ” هو من قول حسان بن ثابت “. وللحسان أشعار يمدح فيها النبي صلى الله عليه وآله ويرثيه ولكنا ثم نعثر عليه في ديوانه المطبوع في دار كرم بدمشق والظاهر أنها سقط منه. (2) في النهاية: ” وفى حديث الدعاء: ” اللهم اجعل القرآن ربيع قلبى ” جعله ربيعا له لان الانسان يرتاح قلبه في الربيع من الازمان ويميل إليه “. والارامل جمع الارملة وهى المرأة التى مات زوجها وهى فقيرة. (3) نبزى محمدا: أي نسلبه ونغلب عليه. ورواية اللسان والنهاية: ” يبزى محمد ” أي يقهر ويغلب، أراد ” لا يبزى ” فحذف ” لا ” من جواب القسم وهى مرادة. و ماصع القوم: قاتلوا وجالدوا. وفى المطبوعة وسائر الروايات: ” ولما نطاعن دونه ونناضل ” أي نرامى بالسهام. (4) الحلائل: الزوجات، واحدتها: حليلة. ثم اعلم أن هذه الابيات شطر من قصيدة طويلة له عليه السلام. قال ابن هشام: ” فلما خشى أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه، قال قصيدته التى تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه فيها، وتودد فيها أشراف قومه، وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله =

[ 305 ]

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أجل، فقام رجل من بني كنانة فقال: لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة * وأشخص منه إليه البصر ولم يك إلا كقلب الرداء (1) * وأسرع حتى أتانا المطر دفاق العزائل (2) وجم البعاق * أغاث به الله عليا مضر فكان كما قاله عمه * أبو طالب ذا رواء غزر به الله يسقي صيوب الغمام (3) * فهذا العيان وذاك الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بوأك الله يا كناني بكل بيت قلته بيتا في الجنة. 4 أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن عبد الكريم الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال:


= عليه وآله ولا تاركه لشئ أبدا حتى يهلك دونه ” ثم ذكر القصيدة بطولها. راجع ج 1 ص 291 إلى 300 من سيرته. وليعلم أن له عليه السلام ديوانا جمعه أبو هفان عبد الله بن أحمد المهزمى العبدى وطبع غير مرة. (1) أي مقدار زمان قلب الرداء مثل ” طرفة العين “. وفى جل النسخ ” كالقى الرداء ” وهو تصحيف الا أن نقول كالقا بدون الهمزة. (2) الدفاق بالضم: المطر الواسع الكثير. والعزائل: مقلوب العزالى، جمع العزلاء وهو مخارج الماء من المزادة، شبه اتساع المطر واندفاقه بالذى يخرج من فم المزادة. وبعق المطر الارض: نزل عليها بغزارة فشقها. (3) الصيوب: الكثير الاصابة، وغيث صيب: منهمر متدفق. ثم اعلم أنه ذكر الابيات الامام الديار بكرى في تاريخ الخميس ج 2 ص 14، وزاد آخرها بيتا: فمن يشكر الله يلق المزيد * ومن يكفر الله يلق العبر ثم لا يخفى أن في بعض أبيات هذا الخبر اختلافا في بعض الالفاظ، فليراجع السيرة والتاريخ كما أشرنا.

[ 306 ]

حدثنا جعفر بن محمد الوراق (1) قال: حدثنا عبد الله بن الازرق الشيباني قال: حدثنا أبو الجحاف (2)، عن معاوية بن ثعلبة قال: لما استوثق الامر لمعاوية بن أبي سفيان أنفذ بسر بن أرطاة (3) إلى الحجاز في طلب شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان على مكة عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب، فطلبه فلم يقدر عليه، فأخبر أن له ولدين صبيين (4)، فبحث عنهما فوجدهما وأخذهما فأخرجهما من الموضع الذي كانا فيه (5)، ولهما ذؤابتان كأنهما درتان، فأمر بذبحهما، وبلغ أمهما الخبر، فكادت نفسها تخرج، ثم أنشأت تقول: ها من أحس بنيي اللذين هما * كالدرتين تشظى عنهما الصدف (6) ها من أحس بنيي اللذين هما * سمعي وعيني فقلبي اليوم مختطف نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا * من قولهم ومن الافك الذي اقترفوا (7)


(1) هو جعفر بن محمد الواسطي الوراق المفلوج، نزيل بغداد، قال ابن حجر: صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة 265. (2) داود بن أبى عوف البرجمى. (3) هو بسر بن أرطاة، ويقال: ابن أبى أرطاة، واسمه عمير بن عويمر بن عمران القرشى العامري نزيل الشام مات سنة 86 له عنوان في كتب الرجال وعدوه من الرواة. وهو أحد فراعنة الشام، وقيل هو رجل سوء وذلك لما ارتكب في الاسلام من الامور العظام. والكتب التي ترجمته أو ذكرت نبذة من أموره الشنيعة كثيرة. ذكر أساميها في تعليقة 66 من كتاب الغارات فليراجع. (4) هما قثم وعبد الرحمن كما في شرح النهج أو كونهما سليمان وداود، وأمهما جويرية أم حكيم ابنة خالد بن قارظ الكنانية وهم حلفاء بنى زهرة كما في الغارات، وليعلم أن في اسم أمهما وكنيتها واسم أبيها وجدها اختلافا فليراجع مظانه. (5) قال ابن عبد البر: وقد قيل أنه قتلهما بالمدينة، والاكثر على أن ذلك كان منه باليمن. (6) في المطبوعة والبحار هنا وفيما يأتي: ” يا بنى “. والشظية: كل فلقة من شئ، وتشظى: انشق، تفرق. (7) في الغارات قبل هذا البيت: = (*)

[ 307 ]

أضحت على ودجي طفلي مرهفة * مشحوذة وكذاك الظلم والسرف من دل والهة عبرى مفجعة * على صبيين فاتا إذ مضى السلف قال: ثم اجتمع عبيدالله بن العباس من بعد وبسر بن أرطاة عند معاوية، فقال معاوية لعبيدالله: أتعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين ؟ فقال بسر: نعم، أنا قاتلهما فمه (1) ؟ فقال عبيدالله: لو أن لي سيفا ! قال بسر: فهاك سيفي وأومأ بيده إلى سيفه فزبره معاوية وانتهره وقال: اف لك من شيخ، ما أحمقك ! تعمد إلى رجل قد قتلت ابنيه، تعطيه سيفك ؟ كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم ! والله لو دفعته إليه لبدأ بك وثنى بي. فقال عبيدالله: بل والله كنت أبدأ بك ثم أثني به. 5 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مروان قال: حدثني أبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم، عن المسعودي قال: حدثنا الحارث بن حصيرة، عن عمران بن حصين (2) قال: كنت أنا وعمر بن الخطاب جالسين عند النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام جالس إلى جنبه إذ قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أمن يجيب المضطر


(= ها من أحس بنيى اللذين هما * مخ العظام فمخي اليوم مزدهف والاشعار لفروة بنت أبان كما في تاج العروس والبيت الرابع في الغارات هكذا ” أنحى على ودجى ابني مرهفة ” والمرهف: السيف المحدد المرقق، والمشحوذ بمعناه. (1) كأن المخذول يفتخر بظلمه وجنايته ولم يندم على فجيعته وربما عد ذلك من حسن عاقبته وذلك لتقدسه وحماقته نعم هو من رواة حديث النبي صلى الله عليه وآله بل عده الشاميون من صحابته، وهو الذى روى دعاءه صلى الله عليه وآله ” اللهم أحسن عاقبتنا في الامور كلها ” ولا تعجب من سوء خاتمته فان هذه مصير جل حمقاء أهل القبلة الذين جعلوا الدين آلة للوصول إلى ما يكمن في نفوسهم من حب الرئاسة، عصمنا الله شرهم، وتقبل منا لعنهم. (2) هو عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي أبو نجيد مصغرا أسلم عام خيبر، وصحب، وكان فاضلا، وقضى بالكوفة، مات سنة 52 بالبصرة (التقريب).

[ 308 ]

إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارضءإله مع الله قليلا ما تذكرون (1) ” قال: فانتفض علي عليه السلام انتفاضة العصفور، فقال له النبي صلى الله عليه وآله ما شأنك تجزع ؟ فقال: مالي لا أجزع والله يقول إنه يجعلنا خلفاء الارض ! فقال له النبي صلى الله عليه وآله: لا تجزع فوالله لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق (2). 6 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثني جعفر بن محمد بن سليمان أبو الفضل (3) قال: حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا محمد بن إسحاق الثعلبي الموصلي أبو نوفل (4) قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: نحن خيرة الله من خلقه، وشيعتنا خيرة الله من أمة نبيه صلى الله عليه وآله. 7 قال: أخبرني أبو غالب أحمد بن محمد الزراري رحمه الله قال: حدثني عمي علي بن سليمان قال: حدثنا محمد بن خالد الطيالسي قال: حدثني العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم الثقفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن


(1) النمل: 62. أي الذى يجيب دعوة المضطر معبود أم من لا يسمع دعاء ولا نداء. (2) لعل انتفاضته (ع) كان من استماع ذكر الخلافة لما علم أن الخلافة والحكومة مما يتنافس فيه القوم وهي موضع النزاع والشقاق، فينتج التفرقة والفشل، وكأنه يشاهد الدماء المهراقة والقتلى المطروحة على الارض والفروج المستحلة في سبيل الرياسة واستيفاء القدرة والقوة، فلذلك أخذه عليه السلام شبه جزع وخيفة لا من جهة شقة أقامة العدل والعمل بالقسط، فانه (ع) أبو حسنة وابن بجدته، ولذلك ترى رسول الله صلى الله عليه وآله يتسلاه بأن لا يجزع، فان الحق في التنازع معه، وأعداءه ومخالفيه على شتى فرقهم كلهم على الباطل، وعلى ذلك لم يخف في الله لومة لائم فجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين. (3) هو جعفر بن محمد بن سليمان أبو الفضل الخلال الدوري المترجم في تاريخ بغداد، يروى عن داود بن رشيد مصغرا المعنون في التقريب. (4) لم نجد بهذه النسبة أحدا وفى بعض النسخ ” التغلبي ” مكان ” الثعلبي “.

[ 309 ]

علي عليهما السلام يقول: لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله، ولا دين لمن دان بفرية باطل على الله، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله. 8 قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد المعروف بابن الزيات قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: حدثنا الرضا علي بن موسى عليهما السلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لابغض الامل وترك طلب الدنيا. قال: وأنشدني أبو الفرج البرقي الداودي قال: أنشدني شيخ كان منقطعا إلى الله تعالى ببيت المقدس: ومنتظر للموت في كل ساعة * يشيد ويبني دائبا ويحصن له حين تبلوه حقيقة موقن * وأفعاله أفعال من ليس يوقن عيان وإنكار وكالجهل علمه * بمذهبه في كل ما يتيقن (1) وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.


(1) الاشعار مضمون حديث مروى عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ” ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت “.

[ 310 ]

المجلس السابع والثلاثون مجلس يوم السبت السابع عشر من شهر رمضان سنة عشر وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي الوراق قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي الكاتب قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: لا يزال المؤمن في صلاة ما كان في ذكر الله عزوجل قائما كان أو جالسا أو مضطجعا، إن الله تعالى يقول: ” الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والارض ربنا ماخلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ” (1). 2 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ياسر، عن أبي الحسن الرضا علي بن موسى عليهما السلام قال: إذا كذب الولاة حبس المطر (2)، وإذا جار السلطان هانت الدولة (3)، وإذا حبست


(1) آل عمران: 191. (2) في بعض النسخ: ” حبس القطر “، وبين هذه المعصية وعقوبتها ربط لا نعرفه. قال الله عزوجل: ” ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم “. (3) أي لما كان الجور من السلطان انما يصدر منه لاقامة الدولة واستيفاء القدرة فيعكس الله الامر فيصرف عنه نصرة الملة التى هي من أقوم أركان الحكومة، أو سلط عليه العدو والخصم الغشوم فتهون الدولة ويضعف القوة. وهذا معنى ما اشتهر من قوله صلى الله عليه وآله: ” الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم ” وقال آية الحق المبين وأمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه السلام في عهده إلى الاشتر (ره): ” اياك والدماء وسفكها بغير حلها، =

[ 311 ]

الزكاة ماتت المواشي (1). 3 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم (2) قال: حدثنا عبد الله ابن محمد الفزاري، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، وقال: حدثني جعفر بن محمد الحسني قال: حدثنا أحمد بن عبد المنعم قال: حدثنا عمرو بن شمر (3)، عن جابر [ الجعفي ]، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن أبي طالب عليه السلام: ألا أبشرك ؟ ألا أمنحك ؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: فإنني خلقت أنا وأنت من طينة واحدة، ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا، فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأمهاتهم إلا شيعتك فإنهم يدعون بأسماء آبائهم لطيب مولدهم. 4 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن أبي أيوب بساحل الشام قال: حدثنا جعفر بن هارون المصيصي قال: حدثنا


= فانه ليس شئ أدنى لنقمة، ولا أعظم لتبعة، ولا أحرى بزوال نعمة، وانقطاع مدة، من سفك الدماء بغير حقها، والله سبحانه مبتدئ بالحكم بين العباد، فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة، فلا تقوين سلطانك بسفك دم حرام، فان ذلك مما يضعفه ويوهنه، بل يزيله وينقله الخ “. (1) أي ولما كان غرضهم توفير المال وتوسيع المعيشة من منع الزكاة أمات الله مواشيهم ويحبس عنهم القطر والمطر كما في بعض الروايات فيذهب رأس المال من أيديهم فيصيرون عالة مساكين. (2) هو مجهول الحال، ذكره الخطيب فيمن روى عنه جعفر بن محمد الحسنى، وشيخه عبد الله بن محمد الفزارى بهذا اللقب مجهول الشخص عندنا ولم نعرفه. (3) ضعيف جدا زيد أحاديث في كتب جابر ينسب بعضها إليه، قال النجاشي: لا أعتمد على شئ مما رواه.

[ 312 ]

خالد بن يزيد القسري (1) قال: حدثني أمي الصيرفي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام يقول: برئ الله ممن تبرأ منا (2)، لعن الله من لعننا، أهلك الله من عادانا، اللهم إنك تعلم أنا سبب الهدى لهم، وإنما يعادونا [ لك ] فكن أنت المنفرد بعذابهم. 5 قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي قال: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الربعي (3) قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري قال: حدثنا محمد بن جمهور العمي قال: حدثنا جعفر بن بشير قال: حدثني سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم (4)، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: لما قصد أبرهة بن الصباح (5) ملك الحبشة مكة لهدم البيت، تسرعت الحبشة (6) فأغاروا عليها وأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد المطلب إلى الملك فاستأذن عليه، فأذن له وهو في قبة ديباج على سرير له فسلم عليه، فرد أبرهة السلام وجعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه وجماله وهيئته (7). فقال له الملك: هل كان في آبائك مثل هذا النور الذي أراه


(1) كأنه خالد بن عبد الله بن يزيد القسرى المعنون في الرجال، وشيخه امى بن أبو القاسم ربيعة المرادى الصيرفى أبو عبد الرحمن الكوفى معنون في التقريب والتهذيب. (2) في نسخة والبحار: ” ممن يبرأ منا “. (3) الظاهر كونه عبد الواحد بن عبد الله الموصلي أخا عبد العزيز بن عبد الله، كنيته أبو القاسم يروى عن الحسين بن محمد بن عمران بن عامر الاشعري. (4) هو الحضرمي يعرف بالبطل واقفى، يروى عنه سليمان بن سماعة الضبى. (5) هو أبرهة بن الصباح بن الاشرم، وقيل: كنيته أبو يكسوم. قال الواقدي: هو صاحب النجاشي جد النجاشي الذى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله راجع مجمع البيان، وذكر فيه السبب الذى جر أصحاب الفيل إلى مكة. (6) أي جندها لهدم الكعبة. والسرح: الماشية. (7) راق الشئ فلانا روقا أي أعجبه.

[ 313 ]

لك والجمال ؟ قال: نعم أيها الملك، كل آبائي كان لهم هذا النور والجمال والبهاء، فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا، ويحق لك أن تكون سيد قومك. ثم أجلسه معه على سريره، وقال لسائس فيله الاعظم وكان فيلا أبثض عظيم الخلق (1) له نابان مرصعان بأنواع الدر والجوهر، وكان الملك يباهي به ملوك الارض: ايتني به، فجاء به (2) سائسه، وقد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له ولم يك يسجد لملكه، واطلق الله لسانه بالعربية، فسلم على عبد المطلب. فلما رأى الملك ذلك ارتاع له (3)، وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه، ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت ؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيئتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكة فقال له عبد المطلب: إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به، فمرهم برده علي. قال: فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الارض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك ؟ ! فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، وأولى به منهم. فقال الملك: ردوا عليه سرحه، وازحفوا إلى البيت فانقضوه حجرا حجرا، فأخذ عبد المطلب سرحه وانصرف إلى مكة، وأتبعه الملك بالفيل الاعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا إذا


(1) في نسخة: ” وكان فيلا أعظم أبيض الخ “. (2) في المطبوعة: ” فجاءه به “. (3) أي فزع منه.

[ 314 ]

حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب لغلمانه: أدعوا لي ابني، فجاؤا بالعباس، فقال: ليس هذا اريد، ادعوا لي ابني، فجاؤا بأبي طالب، فقال: ليس هذا اريد، ادعوا لي ابني، فجاؤا بعبدالله أبي النبي صلى الله عليه وآله فلما أقبل إليه قال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر أي شئ يجئ من هناك وخبرني به. قال: فصعد عبد الله أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل (1) مثل السيل والليل فسقط على أبي قبيس، ثم صار إلى البيت، فطاف به سبعا، ثم صار إلى إلى الصفا والمروة، فطاف بهما سبعا، فجاء عبد الله رضي الله عنه إلى أبيه فأخبره الخبر (2)، فقال: انظر يا بني ما يكون من أمر هؤلاء (3) بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب [ رحمه الله ] وهو يقول: يا أهل مكة اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم. قال: فأتوا العسكر وهم أمثال الخشب النجرة (4)، وليس من الطير إلا [ و ] معه ثلاثة أحجار في منقاره ويديه، يقتل بكل حصاة منها واحدا من القوم، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير ولم ير قبل ذلك الوقت ولا بعده. فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال: يا حابس الفيل بذي المغمس * حبسته كأنه مكركس (5)


(1) أبو قبيس: جبل بمكة. وأبابيل: اسم جمع لا واحد له وهو بمعنى جماعات في تفرقة، زمرة زمرة، أي أقاطيع يتبع بعضها بعضا. (2) في نسخة: ” فجاء عبد الله رضى الله عنه فأخبره به “. (3) في المطبوعة: ” من أمرها بعده “. (4) النجرة: المنحوتة، وفى بعض النسخ: ” النخرة ” أي البالية. (5) قال الفيروز آبادى: المغمس كمعظم ومحدث: موضع بطريق الطائف، فيه قبر أبى رغال دليل أبرهة ويرجم. ومكركس: المنكس الذى قلب على رأسه، وفى =

[ 315 ]

في محبس تزهق فيه الانفس وانصرف وهو يقول في فرار قريش وجزعهم من الحبشة: طارت قريش إذ رأت خميسا * فظلت فردا لا رأى أنيسا ولا أحس منهم حسيسا * إلا أخا لي ماجدا نفيسا مسودا في أهله رئيسا 6 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي قال: حدثنا ثوابة ابن يزيد (1) قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى، عن محمد بن المثنى (2)، عن شبابة بن سوار قال: حدثني المبارك بن سعيد، عن خليل الفراء، عن أبي المجبر (3) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربع مفسدة للقلوب: الخلوة بالنساء، والاستماع منهن، والاخذ برأيهن، ومجالسة الموتى، فقيل له: يا رسول الله وما مجالسة الموتى ؟ قال: مجالسة كل ضال عن الايمان وجائر في الاحكام (4). 7 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا عبد الله بن خراش (5) قال: حدثنا أحمد بن


= المطبوعة والبحار: ” مكوس ” بشد الواو وهو بمعناه، ونقل في بيانه عن القاموس: ” المكوس كمعظم: حمار ” وهو غير مناسب. (1) هو أبو بكر ثوابة بن يزيد بن ثواب المعنون في تاريخ الخطيب. (2) الظاهر كونه محمد بن المثنى بن قيس بن دينار أبا موسى العنزي البصري ولم نجد راويه، وشيخه معنون في التهذيب والتقريب. (3) أبو المجبر بالجيم أو المهملة دكره في الاصابة ج 4 ص 172 وروى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله خبر ” من عال ابنتين الخ ” كما في هامش البحار. (4) في بعض النسخ والبحار: ” وحائر في الاحكام ” بالمهملة. (5) الظاهر هو عبد الله بن خراش بن حوشب ابن أخى العوام بن حوشب يروى عن أحمد بن محمد بن الوليد بن برد الانطاكي وهو عن محمد بن جعفر بن محمد بن علي عليهم السلام.

[ 316 ]

برد قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عليهم السلام، عن أبي لبابة بن عبد المنذر أنه جاء يتقاضى أبا اليسر (1) دينا له عليه، فسمعه يقول: قولوا له: ليس هو هنا، فصاح أبو لبابة: يا أبا اليسر اخرج إلي، فخرج إليه، [ قال: ] فقال: ما حملك على هذا ؟ قال: العسر يا أبا لبابة، قال: الله ؟ قال: الله، قال أبو لبابة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أحب أن يستظل من فور جهنم (2) ؟ قلنا: كلنا نحب ذلك يا رسول الله، قال: فلينظر غريما له أو فليدع المعسر (3). 8 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد الزيات قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازي قال: سمعت الرضا علي بن موسى عليهما السلام يقول: من استفاد أخا في الله فقد استفاد بيتا في الجنة. قال: وأنشدني أبو الحسن الرحبي النحوي للحجاج بن يوسف التميمي: وإن امرؤ قد عاش خمسين حجة * إلى منهل من ورده لقريب إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل علي رقيب إذا ما انقضى القرن الذي أنت فيهم * وخلفت في قرن فأنت غريب والحمد لله وصلاته على سيدنا محمد النبي وآله الطيبين الطاهرين.


(1) هو كعب بن عمرو بن عباد السلمى بفتحتين الانصاري، أبو اليسر بفتحتين أيضا صحابي بدرى. قال ابن حجر: جليل، مات بالمدينة سنة 55، وقد زاد على المائة. (2) فارت القدر: جاشت وغلت. (3) الترديد من الراوى. وفى أمالى ابن الشيخ ” أو ليدع لمعسر “.

[ 317 ]

المجلس الثامن والثلاثون مجلس يوم السبت لست ليال بقين من شهر رمضان سنة عشر وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أطال الله بقاءه. 1 قال: حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا جدي أحمد بن أبي عبد الله البرقي (1)، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: قال: ألا أخبرك بأشد ما افترض الله على خلقه ؟: إنصاف الناس من أنفسهم، ومواساة الاخوان في الله عزوجل.، وذكر الله على كل حال، فإن عرضت له طاعة لله عمل بها، وإن عرضت له معصية له تركها (2). 2 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح القاضي قال: حدثنا مسروق بن المرزبان (3) قال: حدثنا حفص، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وإن أبخل الناس من بخل بالسلام. 3 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثني الحسن بن حماد بن حمزة أبو علي (4) من أصل كتابه قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن


(1) هو جده لامه كما في جامع الرواة. (2) تقدم مثله بألفاظ أخر في موضعين من الكتاب ومر كلامنا في شرح صدر الخبر. (3) بسكون الراء وضم الزاى، الكندى أبو سعيد الكوفى مات سنة 240، وراويه محمد بن صالح بن ذريح أبو جعفر العكبرى، وشيخه حفص بن غياث وهو عن عاصم بن سليمان الاحوال، وهو عن أبى عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل. (4) لم نجد أحدا في هذه الطبقة بهذا العنوان وشيخه معنون في الجرح والتعديل، وأما محمد بن سليمان الاصفهانى فهو يروى عن عمه عبد الرحمن الاصفهانى كما في التهذيب.

[ 318 ]

ابن أبي ليلى قال: حدثنا محمد بن سليمان [ بن عبد الله ] (1) الاصفهاني [ عن عبد الرحمن الاصفهاني ]، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (2)، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: دعاني النبي صلى الله عليه وآله وأنا أرمد، فتفل في عيني، وشد العمامة على رأسي، وقال: ” اللهم اذهب عنه الحر والبرد “، فما وجدت بعدها حرا ولا بردا (3). 4 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي رحمه الله قال: حدثني أحمد بن عيسى بن أبي موسى بالكوفة قال: حدثنا عبدوس بن محمد الحضرمي قال: حدثنا محمد بن فرات، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأتينا كل غداة فيقول: الصلاة رحمكم الله الصلاة ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (4) “. 5 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي (5) قال: حدثنا عبد الكريم


(1) في بعض نسخ الكتاب ” محمد بن سليمان الاصفهانى، عن عبد الرحمن الاصفهانى “. (2) في أمالى الطوسى ” الجعابى، عن الحسن بن الهاد بن حمزة أبو على، عن الحسن ابن عبد الرحمن بن أبى ليلى، عن محمد بن سليمان الاصفهانى، عن عبد الله الاصفهانى، عن عبد الرحمن بن أبى ليلى ” وكان عبد الله هنا وعبد الرحمن في الصلب زيادة وقع سهوا من النساخ. (3) وكان ذلك يوم خيبر، راجع الخصائص للنسائي ص 52. (4) الاحزاب: 33. وقد استمر على هذا ستة أشهر في رواية أنس، وعن ابن عباس سبعة أشهر، وفى رواية ذكرها النبهاني وغيره ثمانية أشهر، راجع الفصول المهمة للسيد شرف الدين العاملي (ره) ص 209. (5) هو الحسن بن عليل مصغرا ابن الحسين بن على بن حبيش بن سعد أبو على العنزي كان صاحب أدب وأخبار، وكان اسم أبيه عليا ولقبه عليل وهو الغالب عليه، وتوفى بسر من رأى سنة 290 سلخ المحرم، يروى عنه أحمد بن محمد بن عبد الله أبو بكر =

[ 319 ]

ابن محمد قال: حدثنا علي بن سلمة، عن أبي أسلم محمد بن فخار (1)، عن أبي هياج عبد الله بن عامر قال: لما أتي نعي الحسين عليه السلام إلى المدينة خرجت أسماء بنت عقيل بن أبي طالب رضي الله عنها في جماعة من نسائها حتى انتهت إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلاذت به، وشهقت عنده، ثم التفتت إلى المهاجرين والانصار وهي تقول: ماذا تقولون إن قال النبي لكم * يوم الحساب وصدق القول مسموع خذلتم عترتي أو كنتم غيبا * والحق عند ولي الامر مجموع أسلتموهم بأيدي الظالمين فما * منكم له اليوم عند الله مشفوع ما كان عند غداة الطف إذ حضروا * تلك المنايا ولا عنهن مدفوع قال: فما رأينا باكيا ولا باكية أكثر مما رأينا ذلك اليوم. 6 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمر المرزباني قال: حدثنا أحمد بن محمد الجوهري قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي، عن عبد الكريم بن محمد قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، عن عبد العظيم بن عبد الله العلوي، عن الحسن بن الحسين العرني، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: أصبحت يوما أم سلمة رحمها الله تبكي، فقيل لها: مم بكاؤك ؟ فقالت: لقد قتل ابني الحسين [ عليه السلام ] الليلة، وذلك إنني ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ قبض إلا الليلة، فرأيته شاحبا (2) كئيبا [ قالت ] فقلت: مالي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا ؟ قال: ما زلت الليلة أحفر قبورا للحسين وأصحابه عليهم السلام.


الجوهرى المعنون في تاريخ الخطيب. ولم نجد شيخه عبد الكريم بن محمد الا أن في الجرح والتعديل لابن أبى حاتم ” عبد الكريم بن محمد روى عن سالم الخياط عن الحسن البصري، روى عنه ابن المبارك “. (1) لم نجده وفى أمالى الطوسى ” محمد بن مخلد ” ولعله العطار، ولم نجد أيضا راويه ولا شيخه، وعنون ابن أبى حاتم ” عبد الله بن هياج ” وقال: روى عن أبيه. (2) الشاحب: المهزول، وقيل: المتغير اللون، وشحب جسمه: تغير.

[ 320 ]

7 قال: أخبرني أبو حفص عمر بن محمد قال: حدثنا علي بن العباس قال: حدثنا عبد الكريم بن محمد قال: حدثنا سليمان بن مقبل الحارثي قال: حدثني محفوظ بن المنذر قال: حدثني شيخ من بني تميم كان يسكن الرابية (1) قال: سمعت أبي يقول: ما شعرنا بقتل الحسين عليه السلام حتى كان مساء ليلة عاشوراء، فإني [ ل‍ ] جالس بالرابية ومعي رجل من الحي، فسمعنا هاتفا يقول: والله ما جئتكم حتى بصرت به * بالطف منعفر الخدين منحورا وحوله فتية تدمى نحورهم * مثل المصابيح يعلون الدجى نورا وقد حثثت قلوصي (2) كي أصادفهم * من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحورا (3) فعاقني قدر والله بالغه (4) * وكان أمرا قضاه الله مقدورا كان الحسين سراجا يستضاء به * الله يعلم (5) أني لم أقل زورا صلى الاله على جسم تضمنه * قبر الحسين حليف الخير مقبورا مجاورا لرسول الله في غرف * وللوصي وللطيار مسرورا فقلنا له: من أنت يرحمك الله ؟ قال: أنا وأبي من جن نصيبين، أردنا مؤازرة الحسين عليه السلام ومؤاساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج فأصبناه قتيلا. 8 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني


(1) الرابية هي المرتفع من الارض، والسياق يحكى أنه اسم مكان خاص ولم نجده في المراصد والمعجم للياقوت وكذا بالزاى، ولعله ” الزاوية ” وهى قرية بالبصرة. ثم لم نجد بعض رجال السند فيما عندنا من كتب التراجم والرجال. (2) القلوص بالفتح: الناقة الطويلة القوائم خاص بالاناث. (3) الخريد والخرود: الخفرة الطويلة السكوت الخافضة الصوت المتسترة، والمراد الحور العين. (4) في بعض النسخ: ” فعاقنى قدر الله بالغة “. (5) في بعض النسخ: ” الله أعلم “.

[ 321 ]

أحمد بن محمد الجوهري قال: حدثنا محمد بن مهران قال: حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، عن عمر بن عبد الواحد، عن إسماعيل بن راشد، عن حذلم بن ستير (1) قال: قدمت الكوفة في المحرم سنة إحدى وستين [ عند ] منصرف علي بن الحسين عليهما السلام بالنسوة من كربلاء ومعهم الاجناد محيطون بهم (2) وقد خرج الناس للنظر إليهم، فلما أقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء أهل الكوفة يبكين وينتدبن (3)، فسمعت علي ببن الحسين عليهما السلام وهو يقول بصوت ضئيل وقد نهكته العلة وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة إلى عنقه: الا إن هؤلاء النسوة يبكين، فمن قتلنا ؟ قال: ورأيت زينب بنت علي عليهما السلام (4) ولم أر خفرة (5) قط أنطق منها كأنها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين عليه السلام. قال: وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا، فارتدت الانفاس وسكتت الاصوات (6) فقالت: الحمد لله والصلاة على أبي رسول الله، أما بعد يا أهل الكوفة، ويا


(1) كذا، وفى بعض نسخ الحديث: ” حذلم بن بشير “، وفى الاحتجاج: ” حذيم ابن شريك الاسدي ” وعنونه في الجامع من أصحاب الامام الحسين عليه السلام وعده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام على بن الحسين عليهما السلام، وفى البحار في قصة نزول أهل البيت عليهم السلام قرب المدينة: ” بشير بن حذلم “، وفى بلاغات النساء لابن طيفور مرة ” حذام الاسدي ” وأخرى: ” حذيم “، وفى اللهوف: ” بشير بن خزيم الاسدي “، وقال في هامش البحار: ” والصحيح: حذيم بن بشير “. (2) في المطبوعة: ” يحيطون بهم “. (3) في نسخة: ” ويندبن ويلطمن “. (4) هي زينب الصغرى المكناة بام كلثوم. (5) أي امرأة مستحيية. (6) في المطبوعة: ” وسكنت الاصوات “، وفى ساير نسخ الحديث: ” و سكنت الاجراس “.

[ 322 ]

أهل الختل والخذل (1)، فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنة (2)، فما مثلكم إلا ” كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، تتخذون أيمانكم دخلا بينكم (3) “. ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف، والصدر الشنف (4) ؟ خوارون (5) في اللقاء، عاجزون عن الاعداء، ناكثون للبيعة، مضيعون للذمة، فبئس ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم، وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون ؟ ! إي والله فابكوا كثيرا، واضحكوا قليلا، فلقد فزتم بعارها وشنارها، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبدا. فسليل خاتم الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجتكم، ومدرجة حجتكم (6) خذلتم، وله فتلتم (7) ؟ ! ألا ساء ما تزرون، فتعسا


(1) في بعض النسخ: ” الختر ” وهما بمعنى الخداع والغدر. والخذل: ترك النصرة والاعانة. (2) رقأت: جفت. وهدأت: سكنت. والرنة: الصوت مع بكاء. (3) اقتباس من الاية 92 من سورة النحل. ودخلا أي خيانة وخديعة. (4) الصلف بفتح اللام مصدر بمعنى التملق، وبكسرها: الذى يكثر مدح نفسه ولا خير عنده. والنطف بفتح الطاء: التلطخ بالريب والعار، وبكسرها بمعنى النجس. والشنف بفتح المعجمة: العداوة والبغض، وبكسرها المبغض. (5) رجل خوار أي جبان. (6) المدرجة: الطريق ومعظمه وسننه. وفى نسخة وساير نسخ الحديث: ” المدرة ” وهى بالكسر زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عنهم. (7) كذا، وفى غير هذا الكتاب بعد قوله ” أبدا “: ” وأنى ترحضون ؟ قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ حربكم ومعاذ حزبكم ومقر سلمكم وآسى كلمكم ومفزع نازلتكم والمرجع إليه عند مقاتلتكم ومدرة حججكم ومنار محجتكم، ألا ساء أما قدمت لكم نفسكم وساء ما تزرون ليوم بعثكم، فتعسا تعسا الخ “.

[ 323 ]

ونكسا، فلقد خاب السعي، وتربت الايدي (1)، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة. ويلكم أتدرون أي كبد لمحمد فريتم (2)، وأي دم له سفكتم، وأي كريمة له أصبتم (3) ؟ ” لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا (4) “، ولقد أتيتم بها (5) خرقاء شوهاء طلاع الارض والسماء (6). افعجبتم أن قطرت السماء دما ؟ ! ولعذاب الآخرة أخزى، فلا يستخفنكم المهل، فإنه لا يحفزه البدار (7)، ولا يخاف عليه فوت الثار، كلا إن ربك لبالمرصاد. قال: ثم سكتت (8)، فرأيت الناس حيارى، قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا قد بكى حتى اخضلت لحيته وهو يقول:


(1) أي ما أصابت خيرا أبدا. (2) الفرى: القطع، قال في البحار: ” وفى بعض النسخ والروايات: ” فرثتم ” بالثاء المثلثة، قال في النهاية: في حديث أم كلثوم بنت علي (ع) لاهل الكوفة: أتدرون أي كبد فرثتم لرسول الله صلى الله عليه وآله ؟ الفرث: تفتيت الكبد بالغم والاذى “. (3) كريمة الرجل: أنفه وكل جارحة شريفة كالاذن واليد. (4) مريم: 89 – 90. و ” ادا ” أي منكرا. (5) الضمير في قولها: ” أتيتم بها ” راجع إلى الفعلة القبيحة، والقضية الشنيعة التى أتوا بها. (6) الخرقاء: الحمقاء، أو من الخرق ضد الرفق. والشوهاء: القبيحة. وطلاع الارض بالكسر: ملؤها. (7) الحفز: الحث والاعجال. (8) في الاحتجاج: أن السجاد (ع) قال لها: يا عمة اسكتي، ففى الباقي من الماضي اعتبار، وأنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة، ان البكاء والحنين لا يردان من قد أباده الدهر، فسكتت.

[ 324 ]

كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى (1) 9 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعيد الوراق قال: حدثني مسعود ابن عمرو الجحدري قال: حدثني إبراهيم بن داحة (2) قال: أول شعر رثي به الحسين بن علي عليهما السلام قول عقبة بن عمرو السهمي من بني سهم بن عوف ابن غالب: إذا العين قرت في الحياة وأنتم * تخافون في الدنيا فأظلم نورها مررت على قبر الحسين بكربلا * ففاض عليه من دموعي غزيرها فما زلت أرثيه وأبكي لشجوه * ويسعد عيني دمعها وزفيرها (3) وبكيت من بعد الحسين عصائب * أطافت به من جانبيها قبورها سلام على أهل القبور بكربلا * وقل لها مني سلام يزورها سلام بآصال العشي وبالضحى * تؤديه نكباء الرياح ومورها (4) ولا برح الوفاد زوار قبره * يفوح عليهم مسكها وعبيرها 1 0 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني عبد الله بن يحيى العسكري قال: حدثني أحمد بن زيد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أكثم أبو عبد الله قال: حدثني أبي يحيى بن أكثم المروزي


(1) روى هذه الخطبة أصحاب المقاتل والمحدثون في كتبهم مع زيادات و اختلاف في بعض الالفاظ فمنها: الاحتجاج ج 2 ص 29 واللهوف ص 62 وبلاغات النساء ص 23 والبحار ج 45 ص 164. (2) هو ابراهيم بن سليمان بن أبى داحة المعنون في الرجال. (3) الشجو: الهم والحزن. وأسعده عليه: أعانه. (4) النكباء: الريح الناكبة التى تنكب عن مهاب الريح القوم، ذكره الجوهرى، وقال الفيروزآبادى: ريح انحرفت ووقعك بين ريحين أو بين الصبا والشمال. والمور بالضم: الغبار بالريح (البحار).

[ 325 ]

قال: أقدم المأمون دعبل بن علي الخزاعى (1) رحمه الله وآمنه على نفسه، فلما مثل بين يديه، وكنت جالسا بين يدي المأمون، فقال (2) له: أنشدني قصيدتك الكبير، فجحدها دعبل، وأنكر معرفتها، فقال له: لك الامان عليها كما أمنتك على نفسك، فأنشده: تأسفت جارتي لما رأت زوري * وعدت الحلم ذنبا غير مغتفر (3) ترجو الصبى بعد ما شابت ذوائبها * وقد جرت طلقا في حلبة الكبر (4) أجارتي إن شيب الراس يعلمني * ذكر المعاد وإرضاي عن القدر (5) لو كنت أركن للدنيا وزينتها * إذا بكيت على الماضين من نفر أخنى الزمان على أهلي فصدعهم * تصدع الشعب لاقى صدمة الحجر (6) بعض أقام وبعض قد أصات به * داعي المنية والباقي على الاثر (7) أما المقيم فأخشى أن يفارقني * وليست أوبة من ولى بمنتظر


(1) راجع ترجمته الضافية في الغدير الاغر ج 2 ص 363. (2) كذا والسياق يقتضى ” قال ” بدون الفاء. (3) الجارة: زوجة الرجل. وقوله: ” زورى ” أي ازوارى وبعدي عن النساء. و ” الحلم “: الاناة والعقل. وفى نسخة ” وعدت الشيب ذنبا “. (4) ” ترجو الصبى ” أي ترجو منى أن أتصابى لها. و ” الذؤابة ” الناصية، الجمع ذوائب. وفي نسخة: ” ذوابتها ” وهو بمعناه مفرد. و ” الحلبة ” بالتسكين: خيل للسباق من كل أوب، لا تخرج من اصطبل واحد. والطلق محركة مصدر وبمعنى الشوط الواحد في جرى الخيل. (5) في المطبوعة ” ان شيب الرأس أقلقني ” وفيها: ” وأرضاني عن القدر “. (6) أخنى عليه الدهر: أتى عليه وأهلكه. و ” الشعب ” الصدع في الشئ واصلاحه أيضا. (7) ” أصات به ” أي صوت به ودعاه، وفي البحار: ” أصات بهم “. وفى المطبوعة: = قد أهاب به “، وأهاب بالخيل أي دعاها أو زجرها يعني يا خيل أقبلي واقدمي.

[ 326 ]

أصبحت أخبر عن أهل وعن ولدي * كحالم قص رؤيا بعد مدكر لولا تشاغل عيني بالاولى سلفوا * من أهل بيت رسول الله لم أقر (1) وفي مواليك للخدين مشغلة * من أن يبيت لمفقود على أثر (2) كم من ذراع لهم بالطف بائنة * وعارض بصعيد الترب منعفر أمسى الحسين ومسراهم بمقتله * وهم يقولون هذا سيد البشر (3) يا أمة السوء ما جازيت أحمد عن * حسن البلاء على التنزيل والسور خلفتموه على الابناء حين مضى * خلافة الذئب في إنقاذ ذي بقر (4) قال يحيى: وأنفذني المأمون في حاجة، أقمت وعدت إليه وقد انتهى دعبل إلى قوله: لم يبق حي من الاحياء نعلمه * من ذي يمان ولا بكر ولا مضر إلا وهم شركاء في دمائهم * كما تشارك أيسار على جزر (5) قتلا وأسرا وتخويفا ومنهبة * فعل الغزاة بأرض الروم والخزر أرى أمية معذورين إن قتلوا * ولا أرى لبني العباس من عذر قوما قتلتم على الاسلام أولهم * حتى إذا استملكوا جازوا على الكفر


(1) ” لم أقر ” من وقر يقر بمعنى جلس. (2) في البحار: ” وفي مواليك للتحزين مشغلة “، وقال العلامة المجلسي (ره): أي لمواليك بسبب مظلوميتكم وحزنهم لها شغل من أن يبيتوا، لانهم يتذكرون مفقودا على أثر مفقود منكم، وفى بعض النسخ ” للخدين ” ويؤل حاصل المعنى إلى ما ذكرناه، وعلى التقديرين لا يخلو من تكلف، وأثر التصحيف والتحريف فيه ظاهر “. (3) قوله: ” ومسراهم بمقتله ” أي صاروا ورجعوا بالليل مخبرين بقتله، أو مع صدور هذا الفعل عنهم. (4) ذوبقر: واد بين أخيلة الحمى حمى الربذة، وهذا اشارة إلى مثل (البحار). (5) ” الايسار ” القوم المجتمعون على الميسر، وهو جمع الياسر أيضا وهو الذى يلى قسمة جزور الميسر.

[ 327 ]

أبناء حرب ومروان واسرتهم * بنو معيط ولاة الحقد والوغر (1) اربع بطوس على قبر الزكي بها * إن كنت تربع من دين على وطر (2) هيهات كل امرئ رهن بما كسبت * له يداه فخذ ما شئت أو فذر قال: فضرب المأمون بعمامته الارض، وقال: صدقت والله يا دعبل. 11 قال: أخبرني [ أبو القاسم ] جعفر بن محمد رحمه الله قال: حدثني جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه أبي النضر العياشي قال: حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثني محمد بن معاذ قال: حدثني زكريا بن عدي قال: حدثنا عبيدالله ابن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن [ صهيب، عن ] (3) أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إن رحم رسول الله لا ينفع يوم القيامة ؟ بلى والله إن رحمي لموصولة في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل: يا رسول الله أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته،


(1) الوغر بفتح وسكون، وبفتحتين: الحقد والضغن والعداوة. (2) ربع الرجل: وقف وانتظر. والوطر: الحاجة، أي ان كانت لك حاجة في الدين فأقم على القبر الزكي بطوس واسأل الله تعالى اياها. ولم يذكر في الاغانى البيت الخامس وهو ” قوما قتلتم الخ ” وكذلك البيت السادس وهو ” أبناء حرب الخ ” ولم يذكر البيت السادس أيضا في أمالى الصدوق (ره) ص 590 المجلس 94 وعيونه ج 2 ص 251 الباب 65، وذكرا بيتين بعد قوله ” اربع بطوس الخ ” وانهما مكملان للبيت الاخر وهما: قبران في طوس خير الناس كلهم * وقبر شرهم هذا من العبر ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا * على الزكي بقرب الرجس من ضرر ثم ليعلم ان جعل ما ذكرناه في الهامش من شرح المفردات مأخوذ من البحار. (3) ما بين المعقوفين ساقط من جل النسخ، وحمزة بن صهيب معنون في الرجال ومذكور فيمن روى عن أبى سعيد.

[ 328 ]

لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال، وارتددتم على أعقابكم القهقرى. 12 حدثني المظفر بن محمد الوراق (1) قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن زكريا البصري قال: حدثنا عمر بن المختار (2) قال: حدثنا أبو محمد البرسي، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر [ محمد ] الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف بك يا علي إذا وقفت على شفير جهنم، وقد مد الصراط، وقيل للناس: جوزوا، وقلت لجهنم: هذا لي، وهذا لك ؟ فقال علي عليه السلام يا رسول الله: ومن أولئك ؟ قال: أولئك شيعتك، معك حيث كنت (3). 13 حدثني الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة رحمه الله قال: حدثني أبو الحسن علي بن الفضل قال: حدثني أبو تراب عبيدالله بن موسى (4)


(1) كأنه المظفر بن محمد الخراساني المكنى بأبى الجيش، قال الشيخ في فهرسه: كان شيخنا أبو عبد الله رحمه الله قرأ عليه وأخذ عنه، يروى عن محمد بن همام أبى على الكاتب. قال الخطيب: قرأت بخط محمد بن أحمد بن مهدى الاسكافي: مات أبو على محمد بن همام بن سهيل بن بيزان الاسكافي في جمادى الاخرة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة وكان يسكن في سوق العطش ودفن في مقابر قريش. (2) لم نجده وفى بعض النسخ ” عمر بن المخارق ” وشيخه في بعض النسخ وأمالي الطوسى ” أبو محمد الترسى “.، ولم نتحقق من هو. (3) يدل على أن تسمية من اتبع عليا وسلك مسلكه وتولاه شيعة كان في حياة الرسول صلى الله عليه وآله بل سماهم هو عليه السلام بذلك. راجع تفسير سورة البينة ذيل آية ” ان الذين آمنوا وعمل الصالحات أولئك هم خير البرية ” في التفاسير التى فسرت الايات بالمأثور. (4) ذكر في ترجمة عبد العظيم بن عبد الله الحسني فيمن روى عنه ولقب بالرويانى. وراويه يحتمل كونه على بن فضل بن طاهر بن نصر بن محمد أبو الحسن البلخى المعنون في تاريخ الخطيب ولم نجد في هذه الطبقة غيره معنونا.

[ 329 ]

قال: حدثني أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله الحسني رحمه الله قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم السلام يقول: ملاقاة الاخوان نشرة وتلقيح للعقل (1) وإن كان نزرا قليلا. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم. المجلس التاسع والثلاثون مجلس يوم السبت الثالث عشر من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا علي بن محمد القاساني، عن الاصفهاني، عن المنقري، عن حفص بن غياث القاضي قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: إذا أراد أحدكم أن لا يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه، فلييأس من الناس كلهم، ولا يكون له رجاء إلا من عند الله عزوجل، فإنه إذا علم الله تعالى ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه. قال: ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإن أمكنة القيامة خمسون موقفا كل موقف مقام ألف سنة، ثم تلا هذه الآية: ” في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (2) “. 2 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد بن حبيش الكاتب، عن الحسن ابن علي الزعفراني، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي، عن حبيب بن


(1) النشرة بالضم الرقية والعوذة. ويخبر بأن الاعتزال عن الاخوان وعدم ملاقاتهم يوجب اختلال العقل. والنزر القليل أيضا. (2) تقدم مثله بالسند والمتن في المجلس الثالث والثلاثين تحت رقم 1 مع اختلاف يسير في آخره. والاية في المعارج: 4.

[ 330 ]

نصر (1)، عن أحمد بن بشير بن سليمان، عن هشام بن محمد، عن أبيه محمد بن السائب، عن إبراهيم بن محمد اليماني (2)، عن عكرمة قال: سمعت عبد الله بن عباس (3) يقول لابنه علي بن عبد الله: ليكن كنزك الذي تذخره (4) العلم، كن به أشد اغتباطا منك بكنز الذهب الاحمر، فإني مودعك كلاما إن أنت وعيته أجمع لك به أمر الدنيا والآخرة (5). لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويؤخر التوبة لطول الامل، ويقول في الدنيا قول الزاهدين، ويعمل فيها عمل الراغبين، إن اعطي فيها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ويأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض الجاهلين وهو أحدهم، ويقول: لم أعمل فأتعني (6)، ألا أجلس فأتمني، وهو يتمني المغفرة وقد دأب في المعصية.


(1) الظاهر كونه حبيب بن نصر بن زياد المهلبى المعنون في تاريخ بغداد، يروى عن أحمد بن بشير أبى جعفر المؤدب. (2) كذا في النسخ وأمالى الشيخ ولم نجده ويخطر بالبال كونه ابراهيم بن عمر اليماني أبا اسحاق الصنعانى وصحف ” عمر ” ب‍ ” محمد ” لتشاكل الخط. (3) ذكر هذا الكلام مع نقصان وزيادة واختلاف في بعض الالفاظ عن أمير المؤمنين عليه السلام في التحف ص 157 طبع مكتبة الصدوق والنهج الصبحى قسم الحكم تحت رقم 150. (4) يمكن أن يقرأ: ” تدخره “. (5) في بعض النسخ: ” اجتمع لك به من أمر الدنيا والاخرة ” وفى المطبوعة والبحار: ” اجتمع لك به خير الدنيا والاخرة “. (6) في التحف: ” كم أعمل فأتعنى ؟ ” وفى أمالى الشيخ: ” ولا أجلس “. وأتعنى: أتعب نفسي، من العناء أي ألقيت نفسي في التعب والمشقة. وفى بعض النسخ: ” فهو يتمنى “.

[ 331 ]

قد عمر ما يتذكر فيه من تذكر، يقول فيما ذهب: لو كنت عملت ونصبت كان ذخرا لي، ويعصي ربه عز اسمه فيما بقي غير مكترث (1)، إن سقم لم يندم على العمل (2) وإن صح أمن واغتر وأخر العمل، معجب بنفسه ما عوفي، وقانط إذا ابتلي (3). إن رغب أشر (4)، وإن بسط له هلك، تغلبه نفسه على ما يظن، ولا يغلبها على ما يستيقن (5)، لا يثق من الرزق بما قد ضمن له، ولا يقنع بما قسم له. لم يرغب قبل أن ينصب، ولا ينصب فيما يرغب. إن استغنى بطر، وإن افتقر قنط، فهو يبتغي الزيادة وإن لم يشبع (6)، ويضيع من نفسه ما هو أكره (7). يكره الموت لاساءته، ولا يدع الاساءة في حياته. إن عرضت شهوته واقع الخطيئة ثم تمنى التوبة، وإن عرض له عمل الآخرة دافع. يبلغ في الرغبة حين يسأل، ويقصر في العمل حين


(1) أي لا يعبأ به ولا يباليه. (2) كذا، وفى التحف: ” ان سقم ندم على التفريط في العمل “. أي يتأوه ويتأسف على ما فرط في العمل فيما مضى لسقم الذى اعترضه، ولما عوفي من سقمه ويقدر على العمل أمن من مكر الله تعالى ويغتر ويؤخره. (3) في البحار: ” معجبا، وقانطا “. (4) أي طغى بالنعمة أو عندها. (5) أي هو يستيقن الحساب والثواب والعقاب، ولا يغلب نفسه على مجانبة ومتاركة ما يفضى به إلى ذلك الخطر العظيم، وتغلبه نفسه على السعي إلى ما يظن أن فيه لذة عاجلة، فواعجبا ممن يترجح عنده جانب الظن على جانب العلم وما ذاك الا لضعف يقين الناس وحب العاجل (ابن أبى الحديد). (6) كذا، وفيه تحريف والصواب كما في ساير نسخ الحديث ” يبتغى الزيادة ولا يشكر ” وفى بعضها ” وان لم يشكر “. (7) كذا وفيه سقط والصواب: ” يتكلف من الناس مالا يعنيه، ويضيع من نفسه ما هو أكثر ” كما في التحف وفيه ” يصنع من نفسه ” وهو تصحيف.

[ 332 ]

يعمل، فهو بالطول مدل، وفي العمل مقل. يبادر في الدنيا تعبا لمرض (1)، فإذا أفاق واقع الخطايا ولم يعرض. يخشى الموت ولا يخاف الفوت، يخاف على غيره بأقل من ذنبه، ويرجو لنفسه بدون عمله، وهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن. يرجو الامانة ما رضي، ويرى الخيانة إن سخط. إن عوفي ظن أنه قد تاب، وإن ابتلي طمع في العافية وعاد. لا يبيت قائما، ولا يصبح صائما (2)، يصبح وهمه الغذاء، ويمسي ونيته العشاء وهو مفطر. يتعوذ بالله منه من هو فوقه، ولا ينجو بالعوذة [ منه ] من هو دونه (3). يهلك في بغضه إذا أبغض، ولا يقصر في حبه إذا أحب. يغضب من اليسير، ويعصي على الكثير، فهو يطاع ويعصي (4)، والله المستعان. 3 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي (5) قال: حدثنا هارون بن حاتم قال: حدثنا إسماعيل بن


(1) كذا في النسخ، وفى أمالى الطوسى: ” يبادر في الدنيا تعبا يمرض ” كما في الخطية وفى مطبوعه: ” يتبادر في الدنيا ثعبا لمرض “، ولا ندرى لها معنى محصلا والصواب ما في التحف: ” يبادر من الدنيا إلى ما يفنى ويدع جاهلا ما يبقى ” بدون ما بعده إلى قوله ” ولم يعرض “. (2) أي لا يناجى ربه ليلة ولا يصوم له يوما. (3) قوله: ” يتعوذ الخ ” أي من كان فوقه يتعوذ بالله من شره، ولا ينجو من هو دونه من شره مع تعوذه بالله. ولفظة ” منه ” في نسخة دون النسخ، وفى التحف: ” يتعوذ بالله ممن هو دونه ولا يتعوذ ممن هو فوقه ” وهو الصواب. (4) في البحار: ويعصى الله “. (5) هو اما أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الازدي الواسطي المعروف بابن الباغندى وكان عارفا حافظا للحديث توفى في ذى الحجة سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة، أو أخوه أبو عبد الله محمد بن محمد الباغندى الذين عنونهما الخطيب في التاريخ وأيضا ابن الاثير في اللباب. وشيخه هارون بن حاتم معنون في الجرح والتعديل واختلفوا فيه.

[ 333 ]

توبة، ومصعب بن سلام (1)، عن أبي إسحاق، عن ربيعة السعدي (2) قال: أتيت حذيفة بن اليمان رحمه الله فقلت له: حدثني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله أو رأيته لاعمل به. قال: فقال لي: عليك بالقرآن، فقلت له: قد قرأت القرآن، وإنما جئتك لتحدثني بما لم أره ولم أسمعه، [ اللهم إني اشهدك على حذيفة أني أتيته ليحدثني بما لم أره ولم أسمعه ] (3) من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنه قد منعنيه وكتمنيه. فقال حذيفة: يا هذا قد أبلغت في الشدة، ثم قال: خذها قصيرة من طويلة (4)، وجماعة لكل أمرك. إن آية الجنة في هذه الامة لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم إنه يأكل الطعام ويمشي في الاسواق، فقلت له: بين لي آية الجنة [ في هذه الامة ] أتبعها، وبين لي آية النار فأتقيها (5). فقال لي، والذي نفسي بيده إن آية الجنة والهداة إليها إلى يوم القيامة وأئمة الحق لآل محمد عليهم السلام، وإن آية النار وائمة الكفر والدعاة إلى النار إلى يوم القيامة لغيرهم.


(1) مصعب بن سلام التميمي الكوفى نزيل بغداد معنون في التقريب والتهذيب، وراويه اسماعيل بن توبة شيعي معنون في التقريب والتهذيب أيضا وشيخه أبو إسحاق هو السبيعى الهمداني. (2) هو ربيعة بن شيبان أبو الحوراء السعدى البصري. (3) ما بين المعقوفين ساقط في النسخ وموجود في المطبوعة وبه تمام المعنى. (4) أي تمرة من نخلة، يضرب في اختصار الكلام وقد تقدم. وجماع الشئ بالكسر: جمعه، يقال: الخمر جماع الاثم. (5) بناء السؤال على أن النبي صلى الله عليه وآله وان كان آية للحق والجنة لكن اليوم لم يكن منه عندنا غير ما روى في آدابه وسننه وهى على حسب ما تقتضيه آراء القوم مع اختلافهم فيها، وليس في ذلك ما تطمئن إليه النفس ويلمسنا الحقيقة بل لا بد من وجود ميزان كي نجعله قطبا تدور عليه رحى أفعالنا وأفكارنا وعقائدنا، أو ملجأ ومقتد معصوم نلتجئ إليه ونقتدى به في أمورنا، وبناء الجواب على تعيين الشخص لا الوصف.

[ 334 ]

4 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن خالد المراغي رحمه الله قال: حدثنا القاسم بن محمد الدلال قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا أبو الحسن التميمي، عن سبرة بن زياد (1)، عن الحكم بن عتيبة، عن حنش بن المعتمر (2) قال: دخلت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، كيف أمسيت ؟ قال: أمسيت محبا لمحبنا، مبغضا لمبغضنا، وأمسى محبنا مغتبطا برحمة من الله كان ينتظرها، وأمسى عدونا يرمس (3) بنيانه على شفا جرف هار فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكان أبواب الجنة قد فتحت لاهلها، فهنيئا لاهل الرحمة رحمتهم، والتعس لاهل النار والنار لهم. يا حنش من سره أن يعلم أمحب لنا أم مبغض فليمتحن قلبه، فإن كان يحب ولينا فليس بمبغض لنا، وإن كان يبغض ولينا فليس بمحب لنا، إن الله تعالى أخذ مياقا لمحبنا بمودتنا، وكتب في الذكر اسم مبغضنا، نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء (4). 5 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف بن راشد (5) قال: حدثنا عبد السلام بن عاصم قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل


(1) لم نجده وفى بعض النسخ ” ميسرة بن زياد ” وفى بعضها ” ميسر بن زياد ” وكأنه ” مسعدة بن زياد ” المعنون في الرجال فصحف بيد النساخ. (2) تقدم الكلام فيه، وقد يضبط ” حبش أو حبيش بن المعتمر ” وأنما جعلناه كذلك لاتفاق الكتب الرجالية وذكره مكررا في الحديث. (3) كذا والظاهر أنه تصحيف ” يؤسس ” كما في أمالى الطوسى، أو الصواب بثيابه. (4) الفرط: المتقدم، ومنه الحديث: ” أنا فرطكم على الحوض “. وقد تقدم ما في معناه بسند آخر عنه، عن على عليه السلام في المجلس السابع والعشرين. (5) هو موسى بن يوسف بن راشد أبو عوانة القطان الكوفى الرازي، قال =

[ 335 ]

حمويه قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو قال: أخبرني رجل من بني تميم قال: كنا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بذي قار ونحن نرى أنا سنختطف في يومنا، فسمعته يقول: والله لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين يعني طلحة والزبير، ولنستبيحن (1) عسكرهما. قال التميمي: فأتيت عبد الله بن العباس فقلت له: أما ترى إلى ابن عمك وما يقول ؟ فقال: لا تعجل حتى ننظر ما يكون. فلما كان من أمر البصرة ما كان، أتيته فقلت: لا أرى ابن عمك إلا قد صدق [ في مقاله ]، فقال: ويحك ! إنا كنا نتحدث أصحاب محمد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عهد إليه ثمانين عهدا لم يعهد شيئا منها إلى أحد غيره، فلعل هذا مما عهده إليه. 6 قال: أخبرني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه قال: حدثني من سمع حنان بن سدير الصيرفي يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يرى النائم وبين يديه طبق مغطى بمنديل، فدنوت منه وسلمت عليه، فرد علي السلام، ثم كشف المنديل عن الطبق فإذا فيه رطب، فجعل يأكل منه، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله ناولني رطبة، فناولني واحدة فأكلتها، ثم قلت يا رسول الله ناولني أخرى، فناولنيها فأكلتها، وجعلت كلما أكلت واحدة سألت أخرى حتى أعطاني


= ابن أبى حاتم: صدوق. يروى عن عبد السلام بن عاصم الهسنجانى بكسر الهاء وفتح السين الجعفي الرازي وصحف اسم أبيه في الجرح والتعديل وطبع فيه ” تمام ” مكان ” عاصم ” وهو يروى عن اسحاق بن اسماعيل حمويه الرازي المعنون في الجرح والتعديل، وبعنوان اسحاق بن اسماعيل الطالقاني في تاريخ الخطيب والتقريب والتهذيب لابن حجر، واتحادهما عندنا مسلم. (1) استباح القوم: استأصلهم.

[ 336 ]

ثمان رطبات، فأكلتها ثم طلبت منه اخرى، فقال لي: حسبك. قال: فانتبهت من منامي، فلما كان من الغد دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وبين يديه طبق مغطى بمنديل كأنه الذي رأيته في المنام بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسلمت عليه فرد علي السلام، ثم كشف عن الطبق فإذا فيه رطب فجعل يأكل منه، فعجبت لذلك وقلت: جعلت فداك ناولني رطبة، فناولني فأكلتها، ثم طلبت أخرى فناولني فأكلتها، وطلبت أخرى حتى أكلت ثمان رطبات (1)، ثم طلبت منه اخرى، فقال لي: لو زادك جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزدناك، فأخبرته الخبر، فتبسم تبسم عارف بما كان. 7 قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثني الشيخ الصالح عبد الله بن محمد بن عبيدالله بن ياسين (2) قال: سمعت العبد الصالح علي بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام بسر من رأى يذكر عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: العلم وراثة كريمة، والآداب حلل حسان، والفكرة مرآة صافية، والاعتبار منذر ناصح (3)، وكفى بك أدبا لنفسك تركك ما كرهته من غيرك. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين.


(1) في نسخة والمطبوعة: ” قلت: جعلت فداك ناولنى رطبة، فناولني فأكلتها، ثم طلبت (وطلبت خ ل) أخرى حتى طلبت ثمان رطبات الخ “. (2) الظاهر أنه عبد الله بن محمد بن ياسين الفقيه الدوري المكنى بأبى الحسن المتوفى سنة 302 أو 303 كما في تاريخ بغداد. (3) في النسخ ” والاعتذار منذر ناصح ” وتكلف العلامة المجلسي رحمه الله في بيانه في البحار مع استظهاره صحة لفظ ” الاعتبار “.

[ 337 ]

المجلس الاربعون مجلس يوم الاربعاء الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة. حدثنا محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد القمي رحمه الله قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: ابن آدم ! لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وما كانت المحاسبة لها من همك، وما كان الخوف لك شعارا، والحزن [ لك ] دثارا. ابن آدم ! إنك ميت ومبعوث وموقوف بين يدي الله عزوجل ومسئول، فأعد جوابا (1). 2 قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد الجرجرائي (2) قال: حدثنا إسحاق بن عبدوس قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الاحمسي (3) قال: حدثنا المحاربي، عن ابن أبي ليلى،


(1) تقدم بعينه في آخر المجلس الثاني عشر. (2) في بعض النسخ ” الجرجاني ” ولم نقف عليه غير الذى عنونه النجاشي وقال: له كتاب ايمان أبى طالب وكان هو معاصرا للنجاشي وكنيته أبو الحسين، و ” الجرجرائى ” نسبة إلى جرجرايا، بلدة قريبة من دجلة بين بغداد وواسط. واما شيخه اسحاق بن عبدوس فالظاهر كونه اسحاق بن عبدوس بن عبد الله بن الفضيل أبا الحسن البزاز المتوفى سنة 345 كما في تاريخ بغداد. (3) هو محمد بن اسماعيل بن سمرة الاحمسي أبو جعفر الكوفى السراج المعنون في تهذيب التهذيب المتوفى سنة 260 وقال: صدوق. وشيخه أبو محمد عبد الرحمن ابن محمد بن زياد المحاربي وثقه ابن معين والنسائي، وراويه محمد بن عبد الله الحضرمي =

[ 338 ]

عن الحكم بن عتيبة، عن ابن أبي الدرداء، عن أبيه قال: نال رجل من عرض رجل (1) عند النبي صلى الله عليه وآله فرد رجل من القوم عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار. 3 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثنا سليمان ابن سلمة الكندي، عن محمد بن سعيد بن غزوان وعيسى بن أبي منصور، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: يجب أن يكتب هذا الحديث بالذهب. 3 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى الاودي قال: حدثنا إسماعيل بن أبان (2) قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه، عن عبد الرزاق بن قيس الرحبي (3) قال: كنت


= معنون في الجرح والتعديل وهو معروف بالمطين كوفى. والمراد بابن أبى ليلى عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى لا عبد الرحمن لكونه شيخ الحكم بن عتيبه لا راويه. (1) نال من عرض فلان: سبه. (2) هو اسماعيل بن أبان الوراق الازدي الكوفى أبو إسحاق المعنون في التقريب والتهذيب المتوفى 216، وراويه هو أحمد بن يحيى بن زكريا أبو جعفر الاودى الكوفى العابد المتوفى 264 وشيخه أبو الحسن على بن هاشم البريدى العائذي بالولاء الكوفى الخزاز المعنون في الرجال المتوفى 181. (3) كذا في النسخ، وفى أمالى الطوسى: ” عبد الرحمن بن قيس الرحبى ” وكذا في بشارة المصطفى الا أن فيه ” الارحبي ” وقال ابن حجر في اللسان ج 3 ص 326: ” عبد الرحمن بن قيس الارحبي يروى عنه هاشم بن بريد الخ “. وفى اللباب لابن الاثير وتهذيب التهذيب ” أبو على الحسين بن قيس الرحبى ” وكيف كان لم نقف على عنوان عبد الرزاق.

[ 339 ]

جالسا مع علي بن أبي طالب عليه السلام على باب القصر، حتى ألجأته الشمس إلى حائط القصر، فوثب ليدخل، فقام رجل من همدان فتعلق بثوبه وقال: يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به، قال: أو لم يكن في حديث كثير (1) ؟ قال: بلى ولكن حدثني حديثا جامعا [ ينفعني الله به ]. قال: حدثني خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2): ” إني أرد أنا وشيعتي الحوض رواء مرويين، مبيضة وجوههم، ويرد عدونا ظماء مظمئين (3)، مسودة وجوههم “. خذها إليك قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت، أرسلني يا أخا همدان. ثم دخل القصر. 5 قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرني الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن يوسف بن كليب، عن معاوية بن هشام، عن الصباح بن يحيى المزني، عن الحارث بن حصيرة قال: حدثني جماعة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال يوما: ادعوا [ لي ] (4) غنيا وباهلة (5) وحيا آخر قد سماهم فليأخذوا عطاياهم، فوالذي


(1) الظاهر معناه: أو لم يكن ما تنتفع به في كثير من الاحاديث حتى تسأل عن حديث جامع لذلك ؟ وفى بعض النسخ ” لم تكن “. وفى بعضها ” لم نكن “. (2) في نسخة ” سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: انى ” كأنه تصحيف ” انه “. (3) الرواء بالكسر ” جمع الريان وهو ضد العطشان. والظماء بالكسر جمع ظمآن وهو العطشان وظمآنة للمذكر والمؤنث. وينبغى التدبر في الحديث جدا حيث أنه عليه السلام لم يرو له حديثا من مكارم الاخلاق أو خبرا متضمنا لبعض آداب الاعمال بل حدثه بحديث الولاية التي هي الحجر الاساسى لقوام الاسلام ورأس كل أمر من اموره فمن لم يكن له نصيب منها فليس من حقيقة الاسلام في شئ وماله في الاخرة من خلاق. (4) ساقط في النسخ، وموجود في الغارات. (5) غنى على وزان فعيل حى من غطفان، وباهلة قبيلة من عيلان وهو في الاصل =

[ 340 ]

فلق الحبة (1) وبرأ النسمة ما لهم في الاسلام نصيب، وإني شاهد ومنزلي (2) عند الحوض وعند المقام المحمود أنهم أعداء في الدنيا والآخرة، ولآخذن غنيا أخذة تضرط باهلة (3)، ولئن ثبتت قدماي لاردن قبائل إلى قبائل، وقبائل إلى قبائل، ولابهرجن ستين قبيلة ما لها في الاسلام نصيب (4). 6 قال: أخبرني أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق إجازة قال: (5) أخبرنا جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا أحمد بن يحيى الاودي قال: حدثنا مخول ابن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن الحسين بن علي عليهما السلام قال:


= اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان، فنسب ولده إليها، وكان العرب يستنكفون من الانتساب إلى باهلة، كأنها ليست فيما بينهم من الاشراف حتى قال قائلهم: وما ينفع الاهل من هاشم * إذا كانت النفس من باهلة وقال آخر: ولو قيل للكلب: يا باهلي * عوى الكلب من لؤم هذا النسب (1) في الغارات وأمالي الشيخ: ” فليأخذوا أعطياتهم فوالذي فلق الحبة الخ “، وهى جمع أعطية وهى جمع العطاء. قال في الاقرب: قيل: العطاء ما يخرج للجندي في كل سنة أو شهر والرزق يوما بيوم. (2) في بعض النسخ ” ومتولي “، وفى أمالى الطوسى والبحار: ” واني شاهد في منزلي عند الحوض الخ “. وفى الغارات: وانى شاهد لهم في منزلي عند الحوض الخ “. (3) قال في البحار: ” تضرط باهله لعله كناية عن شدة الخوف كما هو المعروف، أي تخاف من تلك الاخذة قبيلة باهلة، ويمكن أن يقرأ بأهله باضافة الاهل إلى الضمير. ويقال: بهرج دمه، أي أبطله “. (4) رواه في الغارات ج 1 ص 20 – 22، وليراجع في تحقيق كلامه (ع) فيهما تعليقة 7 منه للاستاذ المرحوم المحدث الارموى. (5) كأن فيه سقطا والساقط ابن عقدة.

[ 341 ]

ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بوأه الله بها في الجنة حقبا. قال أحمد بن يحيى الاودي: فرأيت الحسين بن علي عليهما السلام في المنام، فقلت: حدثني مخول بن إبراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عنك أنك قلت: ما من عبد قطرت عيناه فينا قطرة، أو دمعت عيناه فينا دمعة إلا بؤاه الله بها في الجنة حقبا ؟ قال: نعم، قلت: سقط الاسناد بيني وبينك. 7 قال: أخبرني أبو الطيب الحسين بن محمد التمار قال: حدثنا محمد بن القاسم الانباري قال: حدثنا أبو الحسن حميد بن محمد بن حميد التميمي (1) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن نعيم العبدي قال: حدثنا أبو علي الرؤاسي بن عبد الله قال: حدثني أبو مسعود عبيد بن سميع، عن الكلبي، عن أبي صالح (2)، عن ابن عباس قال: لما قدم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفد أياد، قال لهم: ما فعل قس بن ساعدة (3) ؟ [ قالوا: مات يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله قس بن ساعدة ] كأني أنظر إليه بسوق عكاظ على جمل أورق (4) وهو يتكلم بكلام عليه حلاوة ما أجدني أحفظه (5). فقال رجل من القوم: أنا أحفظه


(1) كذا ولم نقف عليه، ويخطر بالبال كونه حميد بن فيد بن حميد التميمي الخشاب المعنون في تاريخ الخطيب وصحف في النسخ ” فيد ” بمحمد. (2) هو بأذام أو بأذان مولى أم هانئ، معنون في الجرح والتعديل. (3) هو قس بضم القاف وشد السين المهملة بن ساعدة بن عمرو بن شمر بن عدى بن مالك بن أيدعان بن النمر بن وائلة بن الطمثان بن عوذ مناة بن يقدم بن أفصى ابن دعمى بن أياد، الحكيم المشهورة، راجع لترجمته مروج الذهب. (4) الاورق من الابل: ما في لونه بياض إلى سواد وهو من أطيب الابل لحما لا سيرا وعملا. (5) في المطبوعة: ” ما أجدني حفظه ” والظاهر أن كلامه لما كان متضمنا لاشعار لا يهمه صلى الله عليه وآله حفظه ولا يجديه، فراجع تفصيله البحار الحروفى ج 15 ص 229.

[ 342 ]

يا رسول الله، سمعته وهو يقول بسوق عكاظ. أيها الناس اسمعوا، وعوا، واحفظوا: من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، ليل داج، وسماء ذات أبراج، وبحار ترجرج (1) ونجوم تزهر، ومطر ونبات، وآباء وأمهات، وذاهب وآت، وضوء وظلام، وبر وآثام، ولباس ورياش ومركب، ومطعم ومشرب. إن في السماء لخبرا، وإن في الارض لعبرا ! مالي أرى الناس يذهبون ولا يرجعون ؟ أرضوا بالمقام هناك فأقاموا ؟ أم تركوا فناموا (2) ؟ يقسم بالله قس بن ساعدة قسما برا لا إثم فيه، ما لله على الارض دين أحب إليه من دين قد أظلكم زمانه، وأدرككم أوانه، طوبى لمن أدرك صاحبه فتابعه (3)، وويل لمن أدركه ففارقه، ثم أنشأ يقول: في الذاهبين الاول‍ * – ين من القرون لنا بصائر لما رأيت مواردا * للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها * تمضي الاصاغر والاكابر (4) لا يرجع الماضي إليك * ولا من الماضين غابر (5) أيقنت أني لا محا * لة حيث صار القوم صائر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يرحم الله قس بن ساعدة، إني لارجو أن يأتي يوم القيامة امة وحده (6). فقال رجل من القوم: يا رسول الله لقد رأيت من


(1) أي تحرك واضطرب، وفى جل النسخ: ” تزخر “، وزخر البحر: طمى و تملا. وفى البيان والتبيين للجاحظ ” ونجوم تمور ” أي تذهب وتجئ. (2) في نقل الجاحظ ” أم حبسوا فناموا “. (3) في نسخة والبحار: ” فبايعه “. (4) في مروج الذهب وعقد الفريد ” تمضى الاوائل والاواخر “. (5) في المروج والعقد: لا يرجع الماضي ولا * يبقى من الباقين غابر (6) في المطبوعة: ” أمة واحدة “.

[ 343 ]

قس عجبا، قال: وما الذي رأيت ؟ قال: بينما أنا يوما بجبل في ناحيتنا يقال له: سمعان، في يوم قائظ شديد الحر (1)، إذا أنا بقس بن ساعدة في ظل شجرة عندها عين ماء، وإذا حوله سباع كثيرة (2)، وقد وردت حتى تشرب من الماء، وإذا زأر سبع منها على صاحبه، ضربه بيده، وقال (3): كف حتى يشرب الذي ورد قبلك، فلما رأيته وما حوله من السباع هالني ذلك، ودخلني رعب شديد، فقال لي: لا بأس عليك، لا تخف إن شاء الله، وإذا أنا بقبرين بينهما مسجد، فلما آنست به قلت: ما هذان القبران ؟ قال: قبر أخوين كانا لي يعبدان الله في هذا الموضع معي، فماتا، فدفنتهما في هذا الموضع، واتخذت فيما بينهما مسجدا (4) أعبد الله فيه حتى ألحق بهما، ثم ذكر أيامهما وفعالهما، فبكى، ثم قال: خليلي هبا طال ما قد رقدتما * أجدكما لا تقضيان كراكما (5) ألم تعلما أني بسمعان مفرد * ومالي بها ممن حببت سواكما أقيم على قبريكما لست بارحا * طوال الليالي أو يجيب صداكما (6)


(1) قاظ اليوم: اشتد حره، ويوم قائظ: شديد الحر. (2) في البحار: ” وإذا حواليه سباع كثيرة “. (3) في نسخة: ” وإذا زأر سبع منها على صاحبه فضربه بيده وقال له الخ “، وزأر الاسد: صات من صدره. (4) في المطبوعة: ” ما بينهما “. (5) الهب: الانتباه من النوم، ونشاط كل ساير وسرعته. والكرى: النوم. (6) قال الجوهرى: الصدى: الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، يقال: صم صداه، وأصم الله صداه أي أهلكه، لان الرجل إذا مات لم يسمع الصدى منه شيئا فيجيبه. وقال الفيروزآبادى: الصدى: الجسد من الادمى بعد موته، وطائر يخرج من رأس المقتول إذا بلى بزعم الجاهلية انتهى. وما في البيت يحتمل المعنيين، = (*)

[ 344 ]

أبكيكما طول الحياة وما الذي * يرد على ذي عولة إن بكاكما كأنكما والموت أقرب غاية * بروحي في قبري كما قد أتاكما فلو جعلت نفس لنفس وقاية * لجدت بنفسي أن أكون فداكما 8 قال: أخبرني أبو نصر محمد بن الحسين البصير قال: حدثنا علي بن أحمد بن سيابة قال: حدثنا عمر بن عبد الجبار قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لاصحابه: ألا إنه قد دب إليكم داء الامم من قبلكم وهو الحسد، ليس بحالق الشعر، لكنه حالق الدين (1)، وينجي منه أن يكف الانسان يده، ويخزن لسانه، و لا يكون ذا غمز على أخيه المؤمن. وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما.


= وعلى التقديرين ” أو ” بمعنى ” إلى أن ” أي أقيم على قبريكما إلى أن تحييا وتجيبانى (البحار). (1) قال الشريف الرضى (ره) في المجازات النبوية ص 112 تحت رقم 139: هذه استعارة، والمراد بالحالقة ههنا المبيرة المهلكة، أي هذه الحالة المذمومة تهلك الدين، وتستأصله كما تستأصل الموسى الشعر، والمقراض الوبر، وعلى هذا قول الشاعر: أرسل عليهم سنة قاشورة * تحتلق الناس احتلاق النورة أي تبير الناس، فتأتى على نفوسهم، أو تأتى على أموالهم من الابل والشياه، فتكون كأنها قد أتت على نفوسهم باتيانها على ما هو قوام نفوسهم، وانما جعل عليه الصلاة والسلام البغضاء حالقة الدين لانها سبب التفاني والتهالك والايقاع في المعاطب والمهالك، والداعى إلى سفك الدم الحرام واحتمال أعباء الاثام. (*)

[ 345 ]

المجلس الحادي والاربعون مجلس يوم السبت لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا محمد بن الوليد (1) قال: حدثنا غندر محمد قال: حدثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني رحمه الله قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن أخوف ما أخاف عليكم طول الامل، واتباع الهوى، فأما طول الامل فينسي الآخرة، وأما اتباع الهوى فيصد عن الحق. الا وإن الدنيا قد تولت مدبرة، والآخرة قد أقبلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون، فكونوا من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، والآخرة حساب ولا عمل. 2 قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن زياد بن كنانة (2) قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن الحسن الحوبي (3) قال: حدثنا نصر بن حماد قال: حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام، عن جابر بن عبد الله الانصاري


(1) تقدم مثله في المجلس الحادى عشر والثالث والعشرين بسندين آخرين. ومحمد بن الوليد هو البسرى القرشى البصري المعنون في الجرح والتعديل، وقال: صدوق، يروى عن محمد بن جعفر المدنى البصري المعروف بغندر الثقة وهو عن شعبة بن الحجاج. (2) تقدم الخبر بعينه سندا ومتنا مع اختلاف يسير في بعض الالفاظ في المجلس التاسع تحت رقم 2، ومر الكلام في سنده. (3) في جل النسخ ” الجرمى “.

[ 346 ]

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن جبرئيل عليه السلام نزل علي وقال: إن الله يأمرك أن تقوم بتفضيل علي بن أبي طالب عليه السلام خطيبا على أصحابك ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، ويأمر جميع الملائكة أن تسمع ما تذكره، والله يوحي إليك يا محمد أن من خالفك في أمره فله النار (1)، ومن أطاعك فله الجنة. فأمر النبي صلى الله عليه وآله مناديا فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، وخرج حتى علا المنبر، فكان أول ما تكلم به: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم. ثم قال: ” أيها الناس ! أنا البشير، وأنا النذير، وأنا النبي الامي، إني مبلغكم عن الله جل اسمه في أمر رجل لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة العلم، وهو الذي انتجبه الله من هذه الامة، واصطفاه، وهداه، وتولاه، وخلقني وإياه (2)، وفضلني بالرسالة، وفضله بالتبليغ عني، وجعلني مدينة العلم، وجعله الباب، وجعلني خازن العلم (3) والمقتبس منه الاحكام، وخصه بالوصية، وأبان أمره، وخوف من عداوته، وأزلف من والاه (4)، وغفر لشيعته، وأمر الناس جميعا بطاعته، وأنه عزوجل يقول: من عاداه عاداني، ومن والاه والاني، ومن ناصبه ناصبني، ومن خالفه خالفني، ومن عصاه عصاني، ومن آذاه آذاني، ومن أبغضه أبغضني، ومن أحبه أحبني، ومن أراده أرادني، ومن كاده كادني، ومن نصره نصرني. يا أيها الناس اسمعوا لما أمركم به، وأطيعوه، فإني اخوفكم عقاب الله (5)


(1) في أمالى ابن الشيخ: ” دخل النار “. (2) في الخبر المتقدم: ” وهداه، وخلقني واياه من طينة واحدة “. وكأنه سقطت الجملة ههنا. (3) في الخبر المتقدم والامالي ونسخة: ” وجعله خازن العلم الخ “. (4) في المطبوعة: ” وأزلف مثواه “. (5) في المطبوعة: ” عباد الله ” فعليه جملة ” يوم تجد كل نفس الخ ” بأسره في محل النصب بأخوفكم، والا فالقياس: أخوفكم يوما تجد كل نفس الخ.

[ 347 ]

” يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء، تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه (1) “. ثم أخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام فقال: معاشر الناس ! هذا مولى المؤمنين، وحجة الله على الخلق أجمعين، والمجاهد للكافرين، اللهم إني قد بلغت، وهم عبادك، وأنت القادر على صلاحهم، فأصلحهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أستغفر الله تعالى لي ولكم “. ثم نزل عن المنبر: فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد إن الله عزوجل يقرئك السلام، ويقول لك: جزاك الله عن تبليغك خيرا، فقد بلغت رسالات ربك، ونصحت لامتك، وأرضيت المؤمنين، وأرغمت الكافرين، يا محمد إن ابن عمك مبتلى ومبتلى به، يا محمد ! قل في كل أوقاتك: ” الحمد لله رب العالمين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “. 3 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الرحيم السجستاني، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن عبد الله بن عاصم، عن محمد بن بشر قال: لما سير ابن الزبير ابن عباس رحمه الله إلى الطائف (2)، كتب إليه محمد بن الحنفية رحمه الله: أما بعد فقد بلغني أن ابن الكاهلية سيرك إلى الطائف، فرفع الله جل اسمه لك بذلك ذكرا، وعظم لك أجرا، وحط به عنك وزرا (3). يا ابن عم إنما يبتلى الصالحون،


(1) آل عمران: 30. (2) كان ابن الزبير وهو عبد الله كثير البغض على بني أبى طالب، تحامل عليهم تحاملا شديدا وأظهر لهم العداوة والبغضاء حتى بلغ ذلك منه أن ترك الصلاة على محمد في خطبته، فقيل له: لم تركت الصلاة على النبي ؟ فقال: ان له أهل سوء يشرئبون لذكره ويرفعون رؤوسهم إذا سمعوا به. ولما لم يكن به قوة عليهم وعجز عما دبره فيهم أخرجهم عن مكة وأخرج محمد بن الحنفية إلى ناحية رضوى، وأخرج عبد الله بن عباس إلى الطائف اخراجا قبيحا راجع تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 261، 262 ونقل هناك هذا الكتاب بالاختصار. (3) الافعال الثلاثة للدعاء، كما يظهر من جواب ابن عباس له.

[ 348 ]

وإنما تهدى الكرامة للابرار، ولو لم توجر إلا فيما تحب إذا قل أجرك، قال الله جل وعز: ” وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم (1) ” وهذا ما لست أشك أنه خير لك عند بارئك، عظم الله لك الصبر على البلوى (2) والشكر في النعماء إنه على كل شئ قدير. فلما وصل الكتاب إلى ابن عباس أجاب عنه فقال: [ أما بعد فقد ] أتاني كتابك، تعزيني فيه على تسييري، وتسأل ربك جل اسمه أن يرفع لي به ذكرا، وهو تعالى قادر على تضعيف الاجر، والعائدة بالفضل، والزيادة بالاحسان. ما أحب أن الذي ركب مني ابن الزبير كان ركبه مني أعداء خلق الله لي احتسابا في حسناتي ولما أرجو أن أنال به رضوان ربي (3). يا أخي ! إن الدنيا تولت وإن الآخرة قد أظلت، فاعمل صالحا، جعلنا الله وإياك ممن يخافه بالغيب، ويعمل لرضوانه في السر والعلانية، إنه على كل شئ قدير. 4 قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الانباري الكاتب قال: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الازدي قال: حدثنا شعيب بن أيوب قال: حدثنا معاوية بن هشام (4)، عن سفيان، عن هشام بن حسان (5) قال: سمعت أبا محمد


(1) البقرة: 216. (2) في بعض النسخ ” عزم الله لك على الصبر في البلوى “. (3) ضمير به راجع إلى ابن الزبير، أي لما أرجو أن يكون هو وسيلة لنيلى رضوان ربى ولكن كثيرا ما يؤيد الرجل المؤمن بالرجل الفاسق. (4) هو معاوية بن هشام القصار الاسدي بالولاء يكنى أبا الحسن يروى عن سفيان الثوري، وروى عنه شعيب بن أيوب بن زريق الصريفينى القاضى وأصله من واسط وسكن صريفين بلدة بقرب بغداد. (5) هو هشام بن حسان القردوسى بضم القاف الازدي أبو عبد الله بصرى وكان من العباد والصالحين البكائين، كما في اللباب.

[ 349 ]

الحسن بن علي عليهما السلام يخطب الناس بعد البيعة له بالامر، فقال، نحن حزب الله الغالبون، وعترة رسوله الاقربون، وأهل بيته الطيبون الطاهرون، وأحد الثقلين اللذين خلفهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمته، والتالي كتاب الله فيه تفصيل كل شئ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فالمعول علينا في تفسيره لا نتظني (1) تأويله بل نتيقن حقائقه، فأطيعونا فإن طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله عزوجل ورسوله مقرونة، قال الله عزوجل: ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول (2) “، ” ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم (3) “. وأحذركم الاصغاء لهتاف الشيطان بكم فإنه لكم عدو مبين، فتكونوا كأوليائه الذين قال لهم: ” لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون (4) “، فتلقون إلى الرماح وزرا، وإلى السيوف جزرا، وللعمد حطما، وللسهام غرضا (5) ثم ” لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها


(1) التظنى: اعمال الظن، وأصله التظنن ابدل من احدى النونات ياء. (2) و (3) النساء: 59، 83. (4) الانفال: 48. (5) الوزر بالتحريك: الجبل المنيع وكل معقل والملجأ والمعتصم، أي تكونون معاقل للرماح تأوى اليكم. والجزور من الابل يقع على الذكر والانثى والجمع الجزر، وجزر السباع: اللحم الذى تأكله، يقال: تركوهم جزرا بالتحريم إذا قتلوهم. والعمد بالتحريك وبضمتين: جمع العمود. والحطم: الكسر، أي تحطمكم وتكسركم العمد. والغرض. الهدف الذي يرمى إليه، ونصب الجميع بالحالية ان قرئ فتلقون على بناء المجهول، ويحتمل التميز، وبالمفعولية ان قرئ على بناء المعلوم راجع البحار ج 43 ص 360.

[ 350 ]

خيرا (1) “. 5 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي الحسن العبدي، عن أبي عبد الله الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: ما كان عبد ليحبس نفسه على الله إلا أدخله الله الجنة. وصلى الله عليه سيدنا محمد النبي وآله وسلم. المجلس الثاني والاربعون مجلس يوم السبت السابع والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة. حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان أيد الله تمكينه. 1 قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي قال: حدثنا محمد بن همام أبو علي قال: حدثنا حميد بن زياد (2) قال: حدثنا إبراهيم بن عبيدالله بن حيان قال: حدثنا الربيع بن سليمان، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اعمل بفرائض الله تكن من أتقى الناس، وارض بقسم الله تكن من أغنى الناس، وكف عن محارم الله تكن أورع الناس، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا، وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مسلما.


(1) الانعام: 158. (2) هو عالم جليل القدر واسع العلم كثير التصانيف وكان من أهل نينوى قرية إلى جنب الحائر. وشيخه ابراهيم بن عبيدالله لم نقف عليه بهذه النسبة وفى بعض النسخ ” ابراهيم بن عبد الله ” والصواب ابراهيم بن عبد الحميد وهو الاسدي. وبقية رجال السند معنونة في الرجال.

[ 351 ]

2 قال: أخبرني أبو عبيدالله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني أحمد بن محمد الجوهري قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي قال: حدثنا عبد الكريم ابن محمد [ قال: حدثنا محمد بن علي ] بن علي قال: حدثنا محمد بن منقر (1)، عن زياد بن المنذر قال: حدثنا شرحبيل، عن أم الفضل بن العباس (2) قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي توفي فيه أفاق إفاقة ونحن نبكي حوله، فقال: ما الذي يبكيكم ؟ قلنا: يا رسول الله نبكي لغير خصلة، نبكي لفراقك إيانا، ولانقطاع خبر السماء عنا، ونبكي للامة من بعدك، فقال صلى الله عليه وآله: أما إنكم المقهورون [ و ] المستضعفون بعدي (3). 3 قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي قال: حدثنا محمد بن سليمان المقري الكندي، عن عبد الصمد بن علي النوفلي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الاصبغ بن نباتة العبدي قال: لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام غدونا عليه نفر من أصحابنا أنا، والحارث (4)، وسويد بن غفلة، وجماعة معنا، فقعدنا على الباب، فسمعنا البكاء فبكينا، فخرج إلينا الحسن بن علي عليهما السلام فقال: يقول لكم أمير المؤمنين: انصرفوا إلى منازلكم، فانصرف القوم غيري، واشتد البكاء من منزله، فبكيت، فخرج الحسن عليه السلام فقال: ألم أقل لكم انصرفوا ؟ ! فقلت: لا والله يا ابن رسول الله


(1) ما بين المعقوفين زيادة كان في بعض النسخ ولم نقف عليه وكذا ” محمد بن منقر ” واما زياد بن المنذر فهو أبو الجارود الاعمى. (2) هي لبابة بن الحارث بن حزن بفتح المهملة وسكون الزاى الهلالية، اخت ميمونة ام المؤمنين، ام الفضل بن العباس بن عبد المطلب. وقيل هو اول امرأة أسلمت بعد خديجة عليها السلام وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يزورها، وراويه شرحبيل تابعي مشترك. (3) تقدم ما بمعناه ص 212. (4) يعنى الحارث بن عبد الله الاعور.

[ 352 ]

ما تتابعني نفسي، ولا تحملني رجلي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين صلوات الله عليه. قال: فتلبث، فدخل، ولم يلبث أن خرج، فقال لي: ادخل، فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء، قد نزف (1) واصفر وجهه، ما أدري وجهه أصفر أو العمامة، فأكببت عليه، فقبلته و بكيت، فقال لي: لا تبك يا أصبغ، فإنها والله الجنة، فقلت له: جعلت فداك إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين، جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإني أراني لا أسمع منك حديثا بعد يومي هذا أبدا. فقال: نعم يا أصبغ، دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما فقال لي: يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي، ثم تصعد على منبري، ثم تدعو الناس إليك، فتحمد الله عزوجل وتثني عليه، وتصلي علي صلاة كثيرة، ثم تقول: أيها الناس ! إني رسول الله إليكم، وهو يقول لكم: [ ألا ] إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه (2) أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره. فأتيت مسجده، وصعدت منبره، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي، فحمدت الله، وأثنيت عليه وصليت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة كثيرة، ثم قلت: أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم، وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيرا أجره. قال: فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب فإنه قال: قد أبلغت


(1) نزف الدم فلانا: خرج منه دم كثير حتى يضعف فهو نزيف. (2) أي انتسب واعتزى.22

[ 353 ]

يا أبا الحسن ولكنك جئت بكلام غير مفسر، فقلت: أبلغ [ ذلك ] رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته الخبر، فقال: ارجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري، فاحمد الله، واثن عليه، وصل علي، ثم قل: أيها الناس ما كنا لنجيئكم (1) بشئ إلا وعندنا تأويله وتفسيره، ألا وإني أنا أبوكم، ألا وإني أنا مولاكم، ألا وإني أنا أجيركم. 4 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قال: بني الاسلام على خمسة دعائم: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان، وحج البيت الحرام، والولاية لنا أهل البيت (2). 5 وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يزول قدم عبد يوم القيامة من بين يدي الله عزوجل حتى يسأله عن أربع خصال: عمرك فيما أبليته، ومالك من أين اكتسبته وأين وضعته، وعن حبنا أهل البيت. فقال رجل من القوم: وما علامة حبكم يا رسول الله ؟ فقال: محبة هذا، ووضع يده على رأس علي بن أبي طالب عليه السلام. 6 قال: أخبرني أبو الحسن على بن خالد المراغى قال: حدثنا القاسم ابن محمد الدلال قال: حدثنا إسماعيل بن محمد المزني قال، حدثنا عثمان بن سعيد قال: حدثنا علي بن غراب (3)، عن موسى بن قيس الحضرمي، عن


(1) في نسخة: ” ما كنا نجيئكم “. (2) روى الكليني (ره) كثيرا من الاحاديث في هذا الباب ج 2 ص 2418، وفيه عن زرارة قال: قلت: وأى شئ من ذلك أفضل ؟ فقال: الولاية أفضل، لانها مفتاحهن، والوالى هو الدليل عليهن، اه‍. (3) هو على بن عبد العزيز أبو الحسن القاضى الفزارى الكوفى و ” غراب ” لقب أبيه. (*)

[ 354 ]

سلمة بن كهيل: عن عياض بن عياض (1)، عن أبيه قال: مر علي بن أبي طالب عليه السلام بملا فيهم سلمان رحمة الله عليه فقال لهم سلمان: قوموا، فخذوا بحجزة هذا، فوالله لا يخبركم بسر نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم غيره (2). 7 قال: أخبرني المظفر بن محمد البلخي قال: حدثنا أبو علي محمد بن همام الاسكافي قال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن ما بندار، عن منصور بن العباس القصباني حدثهم عن الحسن بن علي الخزاز، عن علي بن عقبة، عن سالم بن أبي حفصة قال: لما هلك أبو جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام قلت لاصحابي: انتظروني حتى أدخل على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام فأعزيه، فدخلت عليه فعزيته، ثم قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب والله من كان يقول: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” فلا يسأل عمن بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا والله لا يرى مثله أبدا. قال: فسكت أبو عبد الله عليه السلام ساعة، ثم قال: قال الله عزوجل: إن من عبادي من يتصدق بشق تمرة فأربيها له فيها كما يربي أحدكم فلوه (3) حتى أجعلها له مثل احد. فخرجت إلى أصحابي، فقلت: ما رأيت أعجب من هذا ! كنا نستعظم قول أبي جعفر عليه السلام: ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” بلا واسطة، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: ” قال الله عزوجل ” بلا واسطة !. 8 قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبي سعيد القماط، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن


(1) كذا وهو معنون في الجرح والتعديل وذكر كنيته ” أبو قيلة ” وقال: روى عن أبيه، وعنه سلمة بن كهيل، والظاهر اتحاده مع عياض بن عبد الله الكوفى المعنون في التقريب والتهذيب لابن حجر وقال كوفى روى عن أبيه، وعنه سلمة بن كهيل. (2) تقدم مثله بسند آخر مع زيادة في المجلس السابع عشر تحت رقم 2. (3) الفلو بالفتح ثم الضم وتشديد الواو: العظيم من أولاد ذوات الحافر.

[ 355 ]

محمد عليهما السلام يقول: لا يكمل إيمان العبد حتى يكون فيه أربع خصال: يحسن خلقه (1)، ويسخي نفسه (2)، ويمسك الفضل من قوله، ويخرج الفضل من ماله، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما. [ تمام الامالي في مجالس هذا الشهر وهو شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وحسبنا الله ونعم الوكيل ].


(1) في بعض النسخ: ” حسن خلقه “. (2) سخيت نفسي وبنفسى عن الشئ: تركته ولم تنازعني إليه نفسي. وفى البحار عن أمالى الطوسى وهذا الكتاب: ” ويستخف نفسه “، وفى المحاسن ج 1 ص 8: ” وتسخو نفسه “. ثم تعاليقنا على هذا الاثر القيم الفخم النفيس، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لخدمة الحنيفية البيضاء بنشر آثار أعلام الدين وعمد المذهب ومآثرهم، ويسددنا في سبيل ذلك ويحفظنا من كل خطأ وزلة أو مسامحة أو اهمال، انه ولى التوفيق والتسديد فله الحمد والمنة والتأييد. الحسين استاد ولى على اكبر الغفاري يوم الخميس 17 شوال المكرم 1403 ق 6 / 5 / 62 ش (*) والتهذيب لابن حجر وقال كوفى روى عن أبيه، وعنه سلمة بن كهيل. (2) تقدم مثله بسند آخر مع زيادة في المجلس السابع عشر تحت رقم 2. (3) الفلو بالفتح ثم الضم وتشديد الواو: العظيم من أولاد ذوات الحافر.

[ 355 ]

محمد عليهما السلام يقول: لا يكمل إيمان العبد حتى يكون فيه أربع خصال: يحسن خلقه (1)، ويسخي نفسه (2)، ويمسك الفضل من قوله، ويخرج الفضل من ماله، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين وسلم تسليما. [ تمام الامالي في مجالس هذا الشهر وهو شهر رمضان سنة إحدى عشرة وأربعمائة، وحسبنا الله ونعم الوكيل ].


(1) في بعض النسخ: ” حسن خلقه “. (2) سخيت نفسي وبنفسى عن الشئ: تركته ولم تنازعني إليه نفسي. وفى البحار عن أمالى الطوسى وهذا الكتاب: ” ويستخف نفسه “، وفى المحاسن ج 1 ص 8: ” وتسخو نفسه “. ثم تعاليقنا على هذا الاثر القيم الفخم النفيس، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لخدمة الحنيفية البيضاء بنشر آثار أعلام الدين وعمد المذهب ومآثرهم، ويسددنا في سبيل ذلك ويحفظنا من كل خطأ وزلة أو مسامحة أو اهمال، انه ولى التوفيق والتسديد فله الحمد والمنة والتأييد. الحسين استاد ولى على اكبر الغفاري يوم الخميس 17 شوال المكرم 1403 ق 6 / 5 / 62 ش (*)

اترك تعليقاً