الكافي

الشيخ الكليني ج 1


[ 1 ]

الاصول من الكافي تأليف ثقة الاسلام أبى جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني الرازي رحمه الله المتوفى سنة 328 / 329 ه‍ مع تعليقات نافعة مأخوذة من عدة شروح صححه وعلق عليه على اكبر الغفاري نهض بمشروعه الشيخ محمد الاخوندى الناشر دار الكتب الاسلامية مرتضى آخوندى تهران – بازار سلطاني الجزء الاول الطبعة الثالثة (1388)


[ 2 ]

بسمه الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع والتقليد بهذه الصورة الموشحة بالتعاليق والتقدمة محفوظة نام كتاب: الاصول من الكافي تأليف: الكليني الرازي ناشر: دار الكتب الاسلاميه تيراژ: 3000 نوبت چاپ: پنجم تاريخ انتشار: تابستان 1363 چاپ از: چاپخانه حيدري آدرس ناشر: تهران – بازار سلطاني – دار الكتب الاسلاميه تلفن 520410


[ 3 ]

(تنبيه) تمتاز هذه الطبعة عن سابقتها بأمور: 1 – بذل غاية الوسع في التصحيح والتنميق والضبط. 2 – العرض والمقابلة على النسخ المخطوطة المصححة المقروءة على الأعاظم المزدانة بخطوطهم كالعلامة المجلسي والشيخ محمد الحر العاملي وغيرهما من الأعلام – رضوان الله تعالى عليهم -. 3 – النظرة الثانية في التعاليق وإصلاح ما تنبهنا عليه بعد. 4 – رعاية الاسلوب الفني العصري مع حسن الطباعة. نسأل الله تعالى أن يتقبل منا هذا المشروع المقدس وأن يوقعه عند الفطاحل وحملة الحديث ورواد الفضل موقع القبول ولرجالات الفضيلة الذين وازرونا في هذا العمل الفادح شكر متواصل غير مقطوع. – الغفاري –


[ 4 ]

تفضل بهذه التقدمة الاستاذ الدكتور (حسين على محفوظ) وهى معربة عن مكانة الاستاذ في الثقافة الاسلامية وشموخه في الادب وتضلعه وبراعته في الدارية والحديث فزينا الكتاب بمقاله تقديرا ” لسعيه واكبارا ” لمقامه بسم الله الرحمن الرحيم الحديث عند الشيعة (1) إن أول كتاب – في الحديث – ألف في الاسلام، كتاب علي عليه السلام أملاه رسول الله صلى الله عليه وآله وخطه علي عليه السلام على صحيفة، فيها كل حلال وحرام (2). وله كذلك صحيفة في الديات، كان يعلقها بقراب سيفه (3)، وقد نقل البخاري منها (4) ثم دون أبو رافع القبطي الشيعي، مولى الرسول صلى الله عليه وآله كتاب السنن والأحكام


(1) راجع للزيادة تأسيس الشيعة ص 278 – 91، واعيان الشيعة ج 1 ص 147 – 8. (2) راجع الرجال للنجاشي ص 255، في ترجمة محمد بن عذافر بن عيسى الصيرفى، و أعيان الشيعة ج 1 ص 169 – 70. (3) راجع تأسيس الشيعة ص 279، وصحيفة الرضا عليه السلام ص 118 (الحديث 135). (4) الجامع الصحيح: ج 1 ص 40 (باب كتابة العلم) وج 4 ص 289 (باب اثم من تبرأ من مواليه).

[ 5 ]

والقضايا (1) ثم صنف علماء الطبقات كتبأ كثيرة، وأصولا ” قيمة (2) جمعها، وهذبها، ورتبها، طائفة من ثقات المحدثين، في مجموعات حديثية، ربما كان أجلها، الكافي (3) للكليني المتوفى سنة 329 ه‍، وفقيه من لا يحضره الفقيه (4)، لابن بابويه، المتوفى سنة 381 ه‍. وتهذيب الأحكام (5)، والاستبصار (6)، للشيخ الطوسي، المتوفى سنة 460 ه‍ ثم جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار (7) للشيخ عبد اللطيف ابن أبى جامع الحارثي الهمداني، العاملي، تلميذ الشيخ البهاء العاملي، المتوفى سنة 1050 ه‍، والوافي (8) للفيض، المتوفى سنة 1091 ه‍. وتفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة (9)، لمحمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة 1104 ه‍، وبحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار (10)، للمجلسي المتوفى سنة 1110 ه‍، والعوالم (11)، في 100 مجلد، للشيخ عبد الله بن نور الله البحراني، المعاصر للمجلسي، والشفافى حديث آل المصطفى (12) للشيخ محمد رضا بن عبد اللطيف التبريزي، المتوفى


(1) الرجال للنجاشي الطبعة الاولى ص 4، وراجع في (أول من ألف في الاسلام) أعيان الشيعة ج 1 ص 147 – 8 (2) هي أربعمائة كتاب تسمى الاصول، راجع، الوجيزة للشيخ البهاء ص 183، والذريعة ج 2 ص 125 – 70 وج 6 ص 301 – 374 (مادة كتاب الحديث) وأعيان الشيعة ج 1 ص 262 – 3. (3) راجع الفصل الخاص بالكافي ص 24 من هذه الرسالة. (4) طبع بطهران سنة 1324، وفى الهند سنة 1306 ه‍. (5) طبع بطهران سنة 1318 في مجلدين. (6) طبع بلكهنو سنة 1307 في مجلدين. (7) راجع كشف الحجب والاستار ص 150، وتأسيس الشيعة ص 290 والذريعة ج 5 ص 37 – 8. (8) طبع بطهران سنة 1310 ه‍، 1324 ه‍. (9) طبع بطهران سنة 1324 ه‍ في 3 مجلدات وكان طبع أيضا ” من قبل. (10) طبع في ايران في 26 جزءا. (11) تأسيس الشيعة ص 290. (12) تأسيس الشيعة ص 291

[ 6 ]

سنة 1158 ه‍. وجامع الأحكام في 25 مجلدا ” (1) للسيد عبد الله شبر، المتوفى سنة 1246 ه‍. ومستدرك الوسائل ومستنبط المسائل (2) للحاج الميرزا حسين النوري الطبرسي، المتوفى سنة 1320 ه‍، وكثير من أمثالها. وقد كان علماء الشيعة ورواة أخبار آل محمد – ولا يزالون – يتوارثون العناية برواية الحديث، وحمله، ونقده وجمعه، وترتيبه، وفنون داريته (3)، وتعديل رواته، وتحقيق تواريخ وطبقات رجاله (4) وإجازاتهم المبسوطة، في هذا الباب جمة، وقد بلغ بعضها مقدار بضع مجلدات، أما المقتضبة، فأشتات كثيرة لا تحصى، قيدت طائفة منها في مجموعات مشهورة، حافلة بالفوائد والنوادر (5). وأكتفي في الدلالة – على عناية الشيعة بالحديث – بما رواه أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري. في كتاب دلائل الإمامة قال (جاء رجل إلى فاطمة عليها السلام فقال: يا ابنة رسول الله. هل ترك رسول الله – عندك – شيئا ” تطرفينيه (6) فقالت: يا جارية هات تلك الحريرة (7) فطلبتها، فلم تجدها. فقالت: ويحك (8) اطلبيها فإنها تعدل عندي حسنا ” وحسينا “، فطلبتها فإذا هي قد قممتها في قمامتها، فإذا فيها: قال محمد النبي: ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذي جاره. ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا “، أو يسكت، إن الله يحب الخير، الحليم، المتعفف، ويبغض الفاحش، والضنين (9)


(1) تأسيس الشيعة ص 290 (2) طبع بطهران سنة 1321 ه‍ في 3 مجلدات (3) راجع تأسيس الشيعة ص 294 – 5. (4) تأسيس الشيعة ص 232 – 75 (5) الذريعة ج 1 ص 123 – 266. (6) في سفينة البحار: تطوقينيه. (7) في سفينة البحار: الجريدة. (8) في سفينة البحار: ويلك. (9) في سفينة البحار: العينين.

[ 7 ]

السئال، الملحف، وإن الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، وإن الفحش من البذاء، والبذاء في النار (1)). وقد قال الباقر عليه السلام: (يا جابر – والله – لحديث تصيبه من صادق، في حلال وحرام. خير لك مما طلعت عليه الشمس حتى تغرب (2)). وقال الصادق عليه السلام -: (حديث في حلال وحرام. تأخذه من صادق، خير من الدنيا وما فيها من ذهب أو فضة (3)). وفي الأخبار ما يفيد اهتمام أصحاب الأئمة، بحمل الحديث عنهم (4)، والرحلة في طلبه من أصحابه (5)، وتفضيله والتحريص عليه. والأحاديث في الحث على طلب العلم، وفرضه، والتثبت، والاحتياط في الدين والأخذ بالسنة، كثيرة جدا “. وكان الباقر عليه السلام يقول: (لوا تيت بشاب من شباب الشيعه، لا يتفقه في الدين لأوجعته (6)). ومن محاسن ما نقل عن مولانا الباقر عليه السلام أيضا “، مما يدل على عظيم تواضع أهل البيت، وعجيب عنايتهم، التي لا تبلغ غايتها، ولا يدرك غورها – بحفظ سنن الله، وسنن رسوله، قصة معارضة محفوظة عليه السلام بالأصل الذي كان عند مولاهم، جابر بن عبد الله الأنصاري، على أنهم عيبة الروايت، ومنشأ جميع فنون الفضائل، فانما عنهم يؤثر العلم الالهي، ومنهم ظهر مكنون الآثار النبوية، وقد أوتوا فضيلة العصمة، التي لم يكن لأحد فيها مغمز، وقد عمد لذلك، إرشادا ” للناس، وتعليما ” للشيعة، لحذوا على أمثلتهم ويأخذوا عنهم قوانين توارث تلك الأمانة المذخورة،


(1) دلائل الامامة ص 1، وسفينة البحار ج 1 ص 231 (2) المحاسن ج 1 ص 227 (3) المحاسن ج 1 ص 229. (4) سفينة البحار ج 1 ص 231 (5) سفينة البحار ج 1 ص 532 – 3. (6) المحاسن ج 1 ص 228.

[ 8 ]

والقصة، هذا نصها: (.. عن أبى عبد الله عليه السلام قال: قال أبي لجابر بن عبد الله الأنصاري: إن لي إليك حاجة. فمتى يخف عليك أن أخلو بك، فأسألك عنها؟ فقال له جابر: أي الأوقات أحببته، فخلا به في بعض الأيام. فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أخبرتك به أمي أنه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين، ورأيت في يديها لوحا ” أخضر، ظننت أه من زمرد، ورأيت فيه كتابا ” أبيض شبه لون الشمس، فقلت لها: بأبي وأمي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله إلى رسوله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بعلي: واسم ابني، واسم الأوصياء من ولدي، وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك، قال جابر: فأعطتنيه امك فاطمة عليها السلام فقرأته، واستنسخته، فقال له أبي: فهل لك يا جابر أن تعرضه علي؟ قال: نعم. فمشى معه أبي إلى منزل جابر، فأخرج صحيفة من رق، فقال: يا جابر انظر في كتابك لأقرأ [ أنا ] عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا “، فقال جابر: فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا “… الخ (1) “. * (سيرة الكليني) * سيرة الكليني معروفة في التواريخ، وكتب الرجال، والمشيخات الحديثية. وكتابه النفيس الكبير الكافي، مطبوع، رزق فضيلة الشهرة، والذكر الجميل، وانتشار الصيت. فلا يبرح أهل الفقه ممدودي الطرف إليه، شاخصي البصر نحوه، ولا يزال حملة الحديث عاكفين على استيضاح غرته، والاستصباح بأنواره، وهو مدد رواة آثار النبوة، ووعاة علم آل محمد – صلى الله عليه وآله – وحماة شريعة أهل البيت. ونقله أخبار الشيعة، وما انفكوا يستندون في استنباط الفتيا إليه، وهو قمن أن


(1) اصول اكافي ج 1 ص 527، ” الحديث 3 من باب ما جاء في الاثنى عشر و النص عليهم، عليهم السلام، من كتاب الحجة “.

[ 9 ]

يعتمد عليه في استحراج الأحكام. خليق أن يتوارث، حقيق أن يتوفر على تدارسه، جدير، أن يعنى بما تضمن من محاسن الأخبار، وجواهر الكلام، و طرائف الحكم. * (كلين) * في إيران – الآن – عدة مواضع يقال لكل واحد منها: كلين منها: ده كلين (1) قرية في دهستان فشاپويه من ناحية الري (2) وهي التي قال السمعاني في ضبط النسبة إليها: ” الكليني بضم الكاف وكسر اللام، وبعدها الياء المنقوطة باثنتين من تحتها، في آخرها النون، هذه النسبة إلى كلين، وهي من قرى العراق، قرية بالري (3) ” وجاء ذكرها في ” سياست نامه ” (4) وقال ياقوت الحموي: ” كلين: المرحلة الاولى من الري لمن يريد خوار على طريق الحاج (5) “. وهي على 38 كيلومترا، جنوب غربي بليدة الري الحالية، شرقي طريق قم، بينها وبين الطريق خمسة كيلومترات (6). وكلين – أيضا ” – بكسر الكاف واللام (7) ثلاث قرى في دهستان بهنام سوخته. من نواحى ورامين، هي: قلعهء كلين، وكلين خالصه، وده كلين (8) (9) وكلين – أيضا ” – قرية في دهستان رودبار، بناحية معلم كلايه، من أعمال قزوين (10)


(1) وهم يلفظونها – الان – Kulain (2) أسامي دهات كشور ص 78. (3) الانساب ورقة 486 ب. (4) سياست نامه ص 158. (5) معجم البلدان ج 4 ص 303. (6) فرهنك جغرافيائى ايران ج 1 ص 183. (7) كما يلفظها أهل ورامين الان، أي: Kileen (8) ويقال لها كلين سادات، كما ذكر لى بعض أهل ورامين (9) أسامي دهات كشور ص 81. (10) فرهنگ جغرافيائى ايران ج 1 ص 182

[ 10 ]

والكليني – ولا شك – من كلين فشاپويه بالري، كما يدل انتسابه إلى الري (1) وكونه شيخ أصحابنا في وقته بها (2). قال العلامة الحلي: ” الكليني مضموم الكاف، مخفف اللام. منسوب إلى كلين قرية بالري (3) “. وقال السيد محمد مرتضى الزبيدي: ” الكليني ضبطه ابن السمعاني، كزبير. قلت: وهو المشهور على الألسن، والصواب بضم الكاف، وإمالة اللام، كما ضبطه الحافظ في التبصير (4) ة، (5) بالري، (6) منها، أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني… (7) “. وقد اختلف المتأخرون في ضبط الكليني، اختلافا ” كبيرا (8). نقل الميرزا محمد عن الشهيد الثاني أن الكليني مخفف اللام المفتوحة (9). وقال الساروي، في ترجمة أحمد بن إبراهيم، المعروف بعلان الكليني: ” مضموم الكاف، مخفف اللام المفتوحة، منسوب إلى قرية من الري ” وقال في الهامش: ” كلين كأمير ينسب إليه محمد بن يعقوب الكليني، بضم الكاف، وفتح اللام.


(1) لسان الميزان ج 5 ص 433، وروضات الجنات ص 551 نقلا من شرح مصابيح البغوي للطيبى، وجامع الاصول لابن الاثير. (2) الرجال للنجاشي ص 266 (3) خلاصة الاقوال ص 11 في ترجمة أحمد بن ابراهيم العروف بعلان (4) وابن الاثير – أيضا ” – في الكامل ج 8 ص 128 قال: ” بالياء المعجمة باثنتين من تحت، ثم بالنون، وهو ممال ” وابن حجر في لسان الميزان ج 5 ص 433. (5) ة، أي: قرية. (6) في روضات الجنات ص 551 نقلا من التبصير: ” وهو منسوب إلى كلين. من قرى العراق “. (7) تاج العروس ج 9 ص 322 مادة ” ك ل ن “. (8) راجع تنقيح المقال ج 1 ص 48 في ترجمة بن ابراهيم المعروف بعلان الكليني، وهامش ص 127 أواخر ج 3 (9) منهج المقال ص 329

[ 11 ]

على ما هو المشهور بين ألسنة المحدثين – وقد يغير اللفظ في النسبة، ولعله من ذلك.. (منه) (1) ” وقال الشيخ عبد النبي الكاظمي: ” وفي التحرير (2): والذي سمعته من فضلاء الري، أن هناك قريتين كلين كأمير، وكلين – مصغرا ” – وفيها قبر الشيخ محمد (3) بن يعقوب الكليني. وأما ولده فقبره ببغداد ” ثم قال بعد نقل ما ورد في التحرير: ” بل المعروف فيما بين علمائنا. وأهل عصرنا. أنه قبره في بغداد.. (4) ” وقال الميرزا عبد الله الأفندي. بعد نقل ضبط العلامة الحلي. المذكور آنفا “: ” وقال الشيخ البهائي، في تعليقاته على هذا الموضع. إن الأولى، أن يقال: كلين بفتح الكاف لكن غلب استعمال كلين بضم الكاف ” وقد رد مقالة البهاء العاملي. قال: ” ثم أقول: الذي سمعناه من أهل طهران، الذي هو المعهود من بلاد الري قريتين (5) اسم أحدهما (6) كلين على وزن أمير، والاخرى، كلين – مصغرا ” – و – ح – (7): لا يبقى نزاع في المقام ولكن لا يعلم – ح – (7) أن محمد بن يعقوب، من أي القريتين، و – أيضا ” – لا يظهر وجه تصحيح السمعاني هذه النسبة، بأنها بضم الكاف، وكسر اللام، إذ لم أجد في موضع آخر، كون كلين، بضم الكاف وكسر


(1) توضيح الاشتباه ورقة 7 أ (2) أي: تحرير وسائل الشيعة وتحبير مسائل الشريعة للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، راجع كشف الحجب والاستار ص 101. (3) كذا. وهو من السهو، ولعله من غلط النساخ. وقد نقل السيد محمد باقر الخوانسارى في روضات الجنات ص 551 قول صاحب (التحرير لوسائل الشيعة) صحيحا، قال: ” والذى سمعته من جماة من فضلاء الرى أن هناك قريتين كلين كأمير، وكلين مصغرا ” وفيها قبر الشيخ يعقوب الكليني. وأما ولده محمد فقبره ببغداد ” فقوله ” بل المعروف… الخ ” تنبيه لا يحتاج إليه فان الشيخ الحر يريد أباه يعقوب. (4) تكلمة الرجال ورقة 179 ب. (5) كذا، والصحيح قريتان وهو من غلط النساخ (ظ؟). (6) كذا، والصحيح احداهما وهو من غلط النساخ. (7) أي، حينئذ.

[ 12 ]

اللام، قرية بالري، ولعلها في غير الري، فلا حظ، ولو صح ذلك أعني القول بأن الكليني، بضم الكاف، وكسر اللام فلعله نسبة إلى إحدى القريتين المذكورتين ويكون كسر اللام، فيه من باب التغييرات للنسب – كما أو مأنا إليه أولا ” أيضا ” – فلا حظ (1) “. وقال الشيهد في إجازته لابن الخازن الحائري ” الكليني بتشديد اللام (2) “. وقال محمد باقر بن محمد أكمل: ” وفي حاشية البلغة: ضبطه بعض الفضلاء بكسر الكاف، وتشديد اللام المكسورة (3) “. وقال الشيخ أحمد النراقي: ” الكليني، بضم الكاف. وتخفيف اللام، منسوب إلى كلين، قرية من قرى ري (4) ونحوه في بعض لغات الفرس (5) وحكى عن الشهيد الثاني أنه ضبط في إجازته لعلى بن حارث الحائري (6) الكليني بتشديد اللام، وفي القاموس (7) كلين كأمير قرية بالري. منها محمد بن يعقوب، من فقهاء الشيعة أقول: القرية موجودة الآن في الري. في قرب الوادي المشهور بوادي الكرج وعبرت عن قرية (8) ومشهورة عند أهلها، وأهل تلك النواحي جميعا “، بكلين بضم الكاف، وفتح اللام المخففة، وفيها قبر الشيخ يعقوب، والد محمد (9) “.


(1) رياض العلماء ص 238 (2) بحار الانوار ج 25 ص 39. (3) تعليقات محمد باقر ورقة 164 ب. (4) كذا. (5) كذا (؟). (6) كذا، وهو تحريف على بن الخازن الحائري (ظ) المذكور آنفا. (7) راجع القاموس المحيط ج 4 ص 265 ” ك ل ن “. (أقول) قال السيد محمد باقر الخوانسارى معقبا على رواية التحرير السالف ايراد ذكرها: ” نعم كلين كأمير قرية بورامين من اعمال الرى، وليس منها محمد بن يعقوب ” راجع روضات الجنات ص 551 (8) كذا (؟) (9) عوائد الايام (أواخر العائدة 88).

[ 13 ]

وقال المجلسي: كلين كزبير – أيضا ” – قرية بالري، ومحمد بن يعقوب منها، كذا سمعت بعض المشايخ، يذكر عن أهل الري ” (1). * (الكليني) * هو محمد بن يعقوب (2) بن إسحاق، الكليني الرازي (4) ويعرف أيضا ” بالسلسلي (5)، (6) البغدادي: أبو جعفر، الأعور (7)، ينتسب إلى بيت طيب الأصل في كلين. أخرج عدة من أفاضل رجالات الفقه والحديث (8) منهم، خاله علان (9) وكان هو شيخ الشيعة في وقته بالري ووجههم (10) ثم سكن بغداد (11) في درب السلسلة (12) بباب الكوفة (13) وحدث بها ه‍ (14) وقد انتهت إليه رئاسة فقهاء الإمامية في أيام المقتدر (15) وقد أدرك زمان سفراء المهدي عليه السلام وجمع الحديث


(1) مرآة العقول ج 2 ص 2. (2) من كامل ابن الاثير ج 8 ص 128 وقيل محمد بن على (؟). (3) الرجال للنجاشي ص 266. (4) لسان الميزان ج 5 ص 433. (5) لنزوله درب السلسلة ببغداد، راجع تاج العروس ج 9 ص 322. (6) تاج العروس ج 9 ص 322. (7) معالم العلماء ص 88. (8) راجع رياض العلماء ص 289، وتنقيح المقال ج 3 ص 202 (9) راجع تنقيح المقال ج 1 ص 48 ج 2 ص 56 ” باب الميم ” والرجال النجاشي ص 266. (10) الرجال للنجاشي ص 266. (11) لسان الميزان ج 5 ص 433. (12) تاج العروس ج 9 ص 322، والاستنصار ج 2 ص 353 الطبعة الاولى. (13) الاستبصار ج 2 ص 353. (14) الاستبصار ج 2 ص 352. (15) تاج العروس ج 9 ص 322

[ 14 ]

من مشرعه ومورده وقد انفرد بتأليف كتاب الكافي في أيامهم (1) إذ سأله بعض رجال الشيعة أن يكون عنده ” كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين. ما يكتفي به المتعلم ويرجع إليه المسترشد (2) “. وكان مجلسه مثابة أكابر العلماء الراحلين في طلب العلم. كانوا يحضرون حلقته لمذاكرته، ومفاوضته والتفقه عليه. وكان – رحمة الله عليه – عالما ” متعمقا ” محدثا ” ثقة حجة عدلا “، سديد القول، يعد من أفاضل حملة الأدب، وفحول أهل العلم. وشيوخ رجال الفقه. وكبار أئمة الاسلام مفاضا ” إلى أنه من أبدال الزهادة والعبادة والمعرفة والتأله والإخلاص. والكافي – والحق أقول – جؤنة حافلة بأطائب الأخبار، ونفيس الأعلاق من العلم، والدين، والشرائع، والأحكام، والأمر، والنهي، والزواجر، والسنن، و الآداب، والآثار. وتنم مقدمة ذلك الكتاب القيم، وطائفة من فقره التوضيحية، في أثناء كل باب من الأبواب، على علو قدره في صناعة الكتابة، وارتفاع درجته في الانشاء، و وقوفه على سر العربية، وبسطته في الفصاحة. ومنزلته في بلاغة الكلام. وكان مع ذلك عارفا ” بالتواريخ. والطبقات، صنف كتاب الرجال، كلمانيا ” بارعا “، ألف كتاب الرد على القرامطة، وأما عنايته بالآداب، فمن أمارتها كتاباه: رسائل الأئمة – عليهم السلام – وما قيل في الأئمة من الشعر، ولعل كتابه تفسير الرؤيا خير كتاب أخرج في باب التعبير. * (أشياخه) * روى الكليني ” عمن لا يتناهى كثرة من علماء أهل البيت عليهم السلام ورجالهم و محدثيهم ” (3) منهم:


(1) كشف المحجة ص 159. (2) أصول الكافي ص 8. (3) بحار الانوار ج 25 ص 67 اجازة المحقق الكركي، وراجع عين الغزال ص 4.

[ 15 ]

1 – أبو علي، أحمد بن إدريس بن أحمد، الأشعري، القمي، المتوفى سنة 306 ه‍ (1). 2 – أحمد بن عبد الله بن أمية (2). 3 أبو العباس، أحمد بن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الهمداني المعروف بابن عقدة المتوفى سنة 333 ه‍ (3). 4 – أبو عبد الله. أحمد بن عاصم. العاصمي، الكوفي (4). 5 – أبو جعفر، أحمد بن ممد بن عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص ابن السائب بن مالك بن عامر. الأشعري، القمي (5). 6 – أحمد بن مهران (6). 7 – إسحاق بن يعقوب (7). 8 – الحسن بن خفيف (8). 9 – الحسن بن الفضل بن يزيد (9) اليماني (10). 10 – الحسين بن الحسن، الحسيني، الأسود (11). 11 – الحسين بن الحسن. الهاشمي. الحسني. العلوي (12).


(1) له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 49. (2) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 65. (3) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 85 – 6. (4) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 87 – 8. (5) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 90 – 2. (6) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 98 (7) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 122. (8) ذكره في عين الغزال ص 5. (9) في عين الغزال ص 5: زيد. (10) له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 302. (11) راجع تنقيح المقال ج 1 ص 325. (12) له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 325.

[ 16 ]

12 – الحسين بن علي العلوي (1). 13 – أبو عبد الله. الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر، الأشعري، القمي المعروف بابن عامر (2). 14 – حميد بن زياد، من أهل نينوى، المتوفى سنة 310 ه‍ (3) 15 – أبو سليمان، داود بن كورة، القمي (4). 16 – أبو القاسم، سعد بن عبد الله بن أبي خلف، الأشعري، القمي، المتوفى 27 شوال سنة 300 ه‍ (5). 17 – أبو دادو، سليمان بن سفيان، (6). 18 – أبو سعيد، سهل بن زياد، الأدمي، الرازي (7)، 19 – أبو العباس عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع، الحميري القمي (8). 20 – أبو الحسن، علي بن إبراهيم بن هاشم، القمي، صاحب التفسير المعروف (9) المتوفى بعد سنة 307 ه‍. 21 – علي بن الحسين السعد آبادي (10). 22 – أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن عاصم الخديجي، الأصغر (؟) (11)


(1) ذكره في عين الغزال ص 6. (2) له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 342. (3) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 378 – 9. (4) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 415 – 6. (5) له ترجمة مفصلة في المرجع المذكور ج 2 ص 16 – 20. (6) راجع عين الغزال ص 6. (7) له ترجمة مفصلة في المرجع المذكور ج 2 ص 75 – 7. (8) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 174. (9) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 260 (10) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 281 (11) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 296.

[ 17 ]

23 – أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان، الرازي، الكليني. المعروف بعلان (1). 24 – علي بن محمد بن أبي القاسم بندار (2). 25 – أبو الحسن، علي بن محمد بن أبي القاسم عبد الله بن عمران، البرقي، القمي ابن بنت أحمد بن محمد بن خالد البرقي، المعروف (3). 26 – علي بن موسى بن جعفر الكمنداني (4). 27 – أبو محمد، القاسم بن العلاء من أهل اذربايجان (ظ؟) (5). 28 – أبو الحسن، محمد بن إسماعيل، النيسابوري، الملقب بندفر (6). 29 – أبو العباس، محمد بن جعفر، الرزاز، المتوفى سنة 301 ه‍ (7). 30 – أبو الحسن، محمد بن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن عون، الأسدي، الكوفي ساكن الري (8). 31 – أبو جعفر، محمد بن الحسن بن فروخ، الصفار، الأعرج القمي، صاحب كتاب بصائر الدرجات، المتوفى سنة 290 ه‍ (9) مولى عيسى بن موسى بن جعفر الأعرج. 32 – محمد بن الحسن، الطائي (10).


(1) له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص 302. (2) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 303. (3) راجع تنقيح المقال ج 2 ص 306. (4) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 310. (5) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 22. (6) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 80 – 1. (7) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 93. (8) له ترجمة في المرجع المذكور ج 2 ص 95 – 6. (9) له ترجمة في المرجع المذكور ج 3 ص 103. (10) ذكره في عين الغزال ص 10.

[ 18 ]

33 – أبو جعفر، محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك، الحميري، القمي (1). 34 – محمد بن عقيل، الكليني (2). 35 – أبو الحسين، محمد بن علي بن معمر، الكوفي، صاحب الصبيحي (3). 36 – أبو جعفر، محمد بن يحيى، العطار، الأشعري القمي (4). * (تلاميذه والرواة عنه (ه)) * يروي عن الكليني فئة كثيرة، منهم: 1 – أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم، المعروف بابن أبي رافع الصيمري (6). 2 – أبو الحسين أحمد بن أحمد الكاتب الكوفي (7). 3 – أبو الحسين أحمد بن علي بن سعيد الكوفي (8). (4) أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي الكوفي (9).


(1) له ترجمة في تنقيح المقال ج 3 ص 139 – 40. (2) له ترجمة في المرجع المذكور ج 3 ص 151. (3) له ترجمة في المرجع المذكور ج 3 ص 160. (4) له ترجمة في المرجع المذكور ج 3 ص 199. (5) راجع الفهرست للشيخ الطوسي ص 135 – 6 ومستدرك الوسائل ج 3 ص 527 و 666 وتهذيب الاحكام ج 2 ص 480 والاستبصار ج 2 ص 353 وعدة الرجال، ورقة 175 أ – ب وورقة 162 أ، وروضات الجنات ص 554، وشرح مشيخة من لا يحضره الفقيه. ورقة 267 أ، والرجال للنجاشي ص 267، والوافى ج 3 ص 149 من الخاتمة وتفصيل وسائل الشيعة ج 3 ص 516 و 519 وخلاصة الاقوال ص 136 ومقابيس الانوار ص 7. (6) له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 46. (7) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 49، وراجع عين الغزال ص 12. (8) له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 73. (9) له ترجمة في المرجع المذكور ج 1 ص 89.

[ 19 ]

5 – أبو غالب أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين بن سنسن الزراري (285 – 368 ه‍) (1). 6 – أبو القاسم جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه، المتوفى سنة 368 ه‍ (2). 7 – أبو الحسن عبد الكريم بن عبد الله بن نصر البزاز التنيسى (3). 8 على بن أحمد بن موسى، الدقاق (4). 9 – أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر، الكاتب، النعماني، المعروف بابن زينب (5) ” كان خصيصا ” به، يكتب كتابه الكافي ” (6) (7). 10 – أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن قضاعة بن صفوان بن مهران الجمال الصفواني، نزيل بغداد (8). ” كان تلميذه الخاص به، يكتب كتابه الكافي وأخذ عنه العلم والأدب، وأجاز [ الكليني ] له، في قراءة الحديث (9) “. 11 – أبو عيسى محمد بن أحمد بن محمد بن سنان، السناني. الزاهري نزيل الري (10) 12 – أبو المفضل محمد بن عبد الله بن المطلب، الشيباني (11). 13 – محمد بن علي ما جيلويه (12).


(1) له ترجمة في تنقيح المقال ج 1 ص 493. (2) له ترجمة في المرجع نفسه ج 1 ص 223. (3) راجع الفهرست للشيخ الطوسى ص 136. (4) له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص 267، وراجع عين الغزال ص 12. (5) له ترجمة في المرجع نفسه ج 2 ص 55 – 6. (6) راجع مرآة العقول ج 1 ص 396. (7) عين الغزال ص 12. (8) له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص 71 – 2. (9) عين الغزال ص 12. (10) له ترجمة في تنقيح المقال ج 2 ص 73. (11) له ترجمة في المرجع المذكور ج 3 ص 146. (12) له ترجمة في المرجع نفسه ج 3 ص 159 – 60.

[ 20 ]

14 – محمد بن محمد بن عاصم الكليني (1). 15 – أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد بن سعيد، الشيباني، التلعكبري، المتوفى سنة 385 ه‍ (2). * (مدحه) * قال النجاشي: ” شيخ أصحابنا في وقته بالري، ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث، وأثبتهم (3) “. ونقل هذه الكلمة العلامة الحلي (4) وابن داود (5) مع تغيير يسير. وقال الطوسي: ” ثقة، عارف بالأخبار (6) “. وقال أيضا “: ” جليل القدر، عالم بالأخبار (7) “. وقال ابن شهر اشوب ” عالم بالأخبار (8) “. وقال السيد رضي الدين ابن طاووس: ” الشيخ المتفق على ثقته. وأمانته، محمد بن يعقوب الكليني (9) “. وقال أيضا “: ” محمد بن يعقوب، أبلغ فيما يرويه، وأصدق في الدراية (10) “.


(1) له ترجمة في تنقيح المقال ج 3 ص 179. (2) له ترجمة في المرجع نفسه ج 3 ص 286. (3) الرجال للنجاشي ص 266. (4) خلاصة الاقوال ص 71. (5) الرجال لابن داود، ظهر الورقة 48. (6) الفهرست للشيخ الطوسى ص 135. (7) الرجال للشيخ الطوسى، ظهر الورقة 119. (8) معالم العلماء ص 88. (9) كشف المحجة ص 158. (10) فرج المهموم ص 90.

[ 21 ]

وقال ابن الأثير: “.. وهو من أئمة الامامية وعلمائهم (1) “. وقال أيضا ” – وقد عده من مجددي الامامية على رأس المائة الثالثة -: ” أبو جعفر محمد بن يعقو الرازي، الامام على مذهب أهل البيت، عالم في مذهبهم، كبير، فاضل عندهم مشهور… (2) “. وعده الطيبي من مجددي الامة على رأس تلك المائة: قال: “.. ومن الفقهاء… أبو جعفر الرازي الامامي (3) “. وقال ابن حجر: ” وكان من فقهاء الشيعة، والمصنفين على مذهبهم (4) “. وقال أيضا “: “.. أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني، من رؤساء فضلاء الشيعة، في أيام المقتدر (5) “. وقال الفيروز ابادي: “.. محمد بن يعقوب الكليني، من فقهاء الشيعة (6) “. وقال الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني: “… محمد بن يعقوب الكليني – ره – شيخ عصره في وقته، ووجه العلماء والنبلاء، كان أوثق الناس في الحديث وأنقدهم له أعرفهم به (7) “. وقال القاضي الشوشتري: ” رئيس المحدثين الشيح الحافظ (8) “. وقال المولى خليل بن الغازي القزويني: ” اعترف المؤالف والمخالف بفضله،


(1) كامل ابن الاثير ج 8 ص 128 في حوادث سنة 328. (2) منتهى المقال ص 298، وروضات الجنات ص 551، ولؤلؤة البحر بن ص 237، والوجيزة للبهاء العاملي ص 184، نقلا من جامع الاصول. (3) روضات الجنات ص 551 نقلا من شرح مصابيح البغوي للطيبى. (4) لسان الميزان ج 5 ص 433. (5) روضات الجنات ص 551 نقلا من التبصير. (6) القاموس المحيط ج 4 ص 265 (ك ل ن). (7) وصول الاختيار ص 69. (8) مجالس المؤمنين ص 194.

[ 22 ]

قال أصحابنا: وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، وأغورهم في العلوم (1) “. وقال محمد تفي المجلسي: ” والحق أنه لم يكن مثله، فيما رأيناه في علمائنا، وكل من يتدبر في أخباره، وترتيب كتابه، يعرف أنه كان مؤيدا من عند الله – تبارك وتعالى – جزاه الله عن الاسلام والمسلمين، أفضل جزاء المحسنين (2) “. وقال محمد باقر المجلسي: ” الشيخ الصدوق، ثقة الاسلام، مقبول طوائف الأنام ممدوح الخاص والعام، محمد بن يعقوب الكليني (3) “. وقال الميرزا عبد الله الأفندي: ثقة الإسلام، هو في الأغلب يراد منه أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني، الرازي، صاحب الكافي وغيره، الشيخ الأقدم المسلم بين العامة والخاصة والمفني لكلا الفريقين (4) “. وقال الشيخ حسن الدمستاني: ” ثقة الاسلام. وواحد الأعلام، خصوصا ” في الحديث فإنه جهينه الأخبار وسابق هذا المضمار، الذي لا يشق له غبار، ولا يعثر له على عثار (5) “. وقال السيد محمد مرتضى الزبيدي: “.. من [ فقهاء الشيعة ] (6) ورؤساء فضلائهم، في أيام المقتدر (7) “. وقال المحدث النيسابوري في كتاب منية المرتاد في ذكر نقاة الاجتهاد، ” ومنهم، ثقة الإسلام، فدوة الأعلام، والبدر التمام، جامع السنن والآثار، في حضور سفراء الامام، عليه أفضل السلام، الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي محيي


(1) الشافي: الورقة 2 ب. (2) شرح مشيخة من لا يحضره الفقيه، الورقة 267 ب. (3) مرآة العقول ج 1 ص 3. (4) رياض العلماء ص 226. (5) الانتخاب الجيد، الورقة 137 ” باب الكفارة عن خطأ المحرم “. (6) ما بين المضادتين قول الفيروز ابادى، ” راجع القاموس المحيط ج 4 ص 265. (7) تاج العروس ج 9 ص 322.

[ 23 ]

طريقة أهل البيت على رأس المائة الثالثة.. (1) “. وقال الشيخ أسد الله الشوشتري “.. ثقة الإسلام. وقدوة الأنام. وعلم الأعلام، المقدم المعظم عند الخاص والعام. الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني (2) “. وقال السيد أحمد الحسيني “: ” كذا الصدوق ثقة الاسلام * وقدوة الأماثل الأعلام نور المهيمن الذي لا يخبو * وصارم العلم الذي لا ينبو العالم العلامة السامي المحل * أعني الكليني بن يعقوب الاجل ” (3) وقال أيضا “: ” والشيخ والصدوق والكليني * وكلهم عدل بغير مين ” (4) وقال: ” واسم الكليني محمد الأبر * سليل يعقوب المعظم الخطر ” (5) وقال السيد محمد باقر الخوانساري: ” هو في الحقيقة أمين الإسلام، وفي الطريقة دليل الأعلام، وفي الشريعة جليل الأقدام، ليس في وثاقته لأحد كلام، ولا في مكانته عند أئمة الأنام (6) “.


(1) روضات الجنات ص 553. (2) مقابس الانوار ص 6. (3) الارجوزة المختصرة، الورقة 76 ب. (4) المرجع المذكور، الورقة 89 أ. (5) المرجع المذكور الورقة 109 ب. (6) روضات الجنات ص 522.

[ 24 ]

* (تآليفه) * 1 – كتاب تفسير الرؤيا (1). 2 – كتاب الرجال (2). 3 – كتاب الرد على القرامطة (3). 4 – كتاب الرسائل (4)، رسائل الأئمة عليهم السلام (5) (6). 5 – كتاب الكافي (7). 6 – كتاب ما قيل في الأئمة – عليهم السلام – من الشعر (8). * (الكافي) * كان هذا الكتاب معروفا ” بالكليني (9)، ويسمى أيضا ” الكافي (10) قال الكليني ” وقلت، إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف، يجمع من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم


(1) الفهرست للطوسي ص 135 وفى الرجال للنجاشي ص 267، ومعالم العلماء ص 88: تعبير الرؤيا، وراجع الذريعة ج 4 ص 208. (2) الرجال للنجاشي ص 267. (3) الرجال للنجاشي ص 267، والفهرست للطوسي ص 135. ومعالم العلماء ص 88 وكشف الحجب والاستار ص 442. (4) الفهرست للطوسي ص 135، ومعالم العلماء ص 88 وكشف الحجب ص 291. (5) الرجال للنجاشي ص 267. (6) نقل منه السيد رضى الدين ابن طاووس في كشف المحجة ص 153، 159. 173، 189. (7) راجع كشف الحجب والاستار ص 418 – 20. (8) الرجال للنجاشي ص 267. (9) الرجال للنجاشي ص 266، (10) الرجال للنجاشي ص 266، والفهرست للطوسي ص 135، ومعالم العلماء ص 88.

[ 25 ]

الدين، والعمل به بالآثار الصحيحة. عن الصادقين عليهم السلام – (1) ” وقد يسر الله له تأليف هذا الكتاب الكبير في عشرين سنة (2) ” وقد سأله بعض الشيعة من البلدان النائية تأليف كتاب الكافي لكونه بحضرة من يفاوضه ويذاكره. ممن يثق بعلمه ” (3) ويعتقد بعض العلماء أنه ” عرض على القائم – صلوات الله عليه – فاستحسنه (4) ” و قال: ” كاف لشيعتنا (5) “. روى الكليني ” عمن لا يتناهى كثرة من علماء أهل البيت عليهم السلام ورجالهم ومحدثيهم (6) فكتابه خلاصة آثار الصادقين عليهم السلام وعيبة سننهم القائمة. وقد كان شيوخ أهل عصره يقرؤونه عليه، ويروونه عنه، سماعا ” وإجازة (7). كما قرؤوه على تلميذه أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي الكاتب (8) ورواه جماعة من أفاضل رجالات الشيعة عن طائفة من كلمة حملته، ومن رواته الأقدمين: النجاشي (9).


(1) أصول الكافي ص 8. (2) الرجال للنجاشي ص 266. (3) روضات الجنات 553 نقلا من منية المرتاد في ذكر نقاة الاجتهاد للمحدث النيسابوري. (4) راجع منتهى المقال ص 298، والصافى مج 1 ص 4. ومستدرك الوسائل ج 3 ص 532 – 3 ونهاية الدراية ص 219 لنقد هذا المأثور. (5) روضات الجنات ص 553 نقلا من سنية المرتاد وكانها قصة روائية. (6) بحار الانوار ج 25 ص 67 ” اجازة المحقق الكركي ” ومقابس الانوار ص 7 (7) الرجال للنجاشي ص 167 والاستبصار ج 2 ص 353. (8) الرجال للنجاشي ص 267. (9) الرجال للنجاشي ص 167.

[ 26 ]

والصدوق (1) وابن قولويه (2)، والمرتضى (3) والمفيد (4) والطوسي (5)، والتلعكبري (6) والزراري (7) وابن أبي رافع (8) وغيرهم. وقد ظل حجة المتفقهين عصورا ” طويلة، ولا يزال موصول الإسناد والرواية، مع تغير الزمان، وتبدل الدهور. وقد اتفق أهل الإمامة وجمهور الشيعة، على تفضيل هذا الكتاب والأخذ به، والثقة بخبره، والأكتفاء بأحكامه، وهم مجمعون على الإقرار بارتفاع درجته وعلو قدره – على أنه – القطب الذي عليه مدار روايات الثقات المعروفين بالضبط والاتقان إلى اليوم وهو عندهم ” أجمل وأفضل (9) من سائر أصول الأحاديث. * (الثناء عليه) * قال الشيخ المفيد: “.. الكافي، وهو من أجل كتب الشيعة، وأكثرها فائدة (10) “. وقال الشهيد محمد بن مكي في إجازته لابن الخازن: “.. كتاب الكافي في الحديث


(1) الوافى ج 3 ص 149 من الخاتمة، ومستدرك الوسائل ج 3 ص 666، وتفصيل وسائل الشيعة ج 3 ص 516. (2) الرجال للنجاشي 267. (3) مقابس الانوار ص 7. (4) تفصيل وسائل الشيعه ج 3 ص 519. (5) راجع تهذيب الاحكام ج 2 ص 480، والاستبصار ج 2 ص 253 وتفصيل وسائل الشيعة ج 3 ص 519، وخلاصة الاقوال ص 136. (6) الفهرست للطوسي ص 136. (7) الفهرست للطوسي ص 139. (8) الفهرست للطوسي ص 135. (9) كشف المحجة ص 159. (10) تصحيح الاعتقاد ص 27.

[ 27 ]

الذي لم يعمل الإمامية مثله (1) “. وقال المحقق علي بن عبدالعالي الكركي في إجازته للقاضي صفي الدين عيسى: ” الكتاب الكبير في الحديث، المسمي بالكافي، الذي لم يعمل مثله… وقد جمع هذا الكتاب من الأحاديث الشرعية، والأسرار الدينية، مالا يوجد في غيره (2) “. وقال أيضا ” – في إجازته لأحمدبن أبي جامع العاملي – ” الكافي في الحديث الذي لم يعمل الأصحاب مثله (3) “. وقال الفيض: ” الكافي… أشرفها وأوثقها وأتمها وأجمعها، لا شتماله على الاصول من بينها، وخلوه من الفضول وشينها (4) “. وقال الشيخ علي بن محمد بن حسن بن الشهيد الثاني: ” الكتاب الكافي والمنهل العذب الصافي. ولعمري، لم ينسج ناسج على منواله، ومنه يعلم قد منزلته (5) و جلالة حاله (6) “. وقال المجلسي، كتاب الكافي.. أضبط الاصول وأجمعها، وأحسن مؤلفات الفرقة الناجية، وأعظمها (7) “. وقال المولى محمد أمين الاسترابادي في الفوائد المدنية ” وقد سمعنا عن مشائخنا وعلمائنا أنه لم ينصف في الاسلام كتاب يوازيه أو يدانيه (8) “. وقال بعض الأفاضل: ” اعلم أن الكتاب الجامع للأحاديث، في جميع فنون


(1) بحار الانوار ج 25 ص 67. (2) بحار الانوار ج 25 ص 67. (3) بحار الانوار ج 25 ص 63. (4) الوافى ج 1 ص 6 طبعة طهران 1324 (5) منزلته، أي: منزلة الكليني، مؤلفه. (6) الدر المنظوم ورقة 1 ب. (7) مرآة العقول ج 1 ص 3. (8) مستدرك الوسائل ج 3 ص 532.

[ 28 ]

العقائد، والأخلاق، والآداب، والفقه – من أوله إلى آخره – مما لم يوجد في كتب أحاديث العامة. وأنى لهم بمثل الكافي في جميع فنون الاحاديث، وقاطبة أقسام العلوم الإلهية، الخارجة من بيت العصمة ودار الرحمة (1) “. وهو “.. يحتوي على مالا يحتوي غيهر، مما ذكرناه، من العلوم حتى أن فيه ما يزيد على ما في الصحاح الست للعامة متونا ” وأسانيد (2) ” فإن عدة أحاديث الكافي 16199 حديثا ” (3) وجملة ما في كتاب البخاري الصحيح 7275 حديثا “، بالأحاديث المكررة، وقد قيل: ” إنها بإسقاط المكررة 4000 حديث (4) “. قال ابن تيمية: إن أحاديث البخاري ومسلم سبعة آلاف حديث وكسر (5). * (مزيته) * خصائص الكافي التي لا تزال تحث على الاهتمام به كثيرة، منها: أن مؤلفه كان حيا ” في زمن سفراء المهدي عليه السلام، قال السيد ابن طاووس: ” فتصانيف هذا الشيخ محمد بن يعقوب، ورواياته في زمن الو كلاء المذكورين، يجد طريقا ” إلى تحقيق منقولاته (6) “. وهو ” ملتزم في الكافي أن يذكر في كل حديث إلا نادرا ” جميع سلسلة السند بينه وبين المعصوم وقد يحذف صدر السند ولعله لنقله عن أصل المروي عنه، من غير


(1) نهاية الدراية ص 218 – 9. (2) وصول الاخيار ص 70 وذكرى الشيعة ص 6. (3) نهاية الدراية ص 219، ولؤلؤة البحرين ص 238 أقول: وأما حسب ما رقم في هذه الطبعة فهى 15176 حديثا ولعلهم عدوا أسانيدها المكررة فبلغت 16199 حديثا. (4) منهاج السنة ج 4 ص 59. (5) مقدمة ابن الصلاح ص 10، وراجع نهاية الدراية ص 220، وكشف الظنون ج 1 ص 543 (4. (6) كشف الحجة ص 159. وراجع مستدرك الوسائل ج 3 ص 532 – 3، و ص 546، والشافي، ورقة 2 ب.

[ 29 ]

واسطة، أو لحوالته على ما ذكره قريبا، وهذا في حكم المذكور (1) “. ” ومما يعلم في هذا المقام نقلا ” عن بعض محققينا الأعلام، أن من طريقة الكليني – ره – وضع الأحاديث المخرجة، الموضوعة على الأبواب، على الترتيب بحسب الصحة والوضوح. ولذلك أحاديث أواخر الأبواب في الأغلب – لا تخ (2) من إجمال وخفاء (3) “. وقد أسلفت إيراد كونه جمع فنون العلوم الإلهية، واحتوى على الاصول و الفروع، وأنه يزيد على ما في الصحاح الستة. عد عن التأني في تأليفه الذي بلغ عشرين سنة. قال الوحيد البهبهاني: ” ألا ترى أن الكليني – ره – مع بذل جهده في مدة عشرين سنة، ومسافرته إلى البلدان والأقطار، وحرصه في جمع آثار الأئمة، وقرب عصره إلى الاصول الأربعمائة والكتب المعلول عليها، وكثرة ملاقاته، و مصاحبته مع شيوخ الإجازات، والماهرين في معرفة الأحاديث ونهاية شهرته في ترويج المذهب، وتأسيسه… (4) “. وقال السيد حسن الصدر: ” ومنها اشتماله على الثلاثيات.. (5) ” ” ومنها أنه غالبا “، لا يورد الأخبار المعارضة. بل يقتصر على ما يدل على الباب الذي عنونه، وربما ذل ذلك على ترجيحه لما ذكر، على ما لم ذكر (6)، (7) “.


(1) الوافى ج 1 ص 13. (2) لا تخ: أي، لا تخلو. (3) روضات الجنات ص 553، ونهاية الدراية ص 222. (4) نهاية الدراية ص 220. (5) نهاية الدراية ص 220 – 1. (6) نهاية الدراية ص 222. (7) وراجع للزيادة المرجع نفسه ص 219 -.

[ 30 ]

* (شروحه (1)) * وهي كثيرة، منها: 1 – جامع الأحاديث والأقوال، للشيخ قاسم بن محمد بن جواد بن الوندي المتوفى بعد سنة 1100 ه‍ (2). 2 – الدر المنظوم من كلام المعصوم، للشيخ علي بن محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني العاملي الجبعي، المتوفى سنة 1104 ه‍. وهو مخطوط، و منه نسخة (3) بخزانة كتب السيد محمد المشكاة الموقوفة بجامعة طهران. 3 – الرواشح السماوية في شرح الأحاديث الإمامية (4) لمحمد باقر الداماد الحسيني، المتوفى ص 1040 ه‍. وهو مطبوع سنة 1311 ه‍ بطهران. 4 – الشافي. للشيخ خليل بن الغازي القزويني، المتوفى سنة 1089 ه‍. وهو مخطوط، ومنه نسخة (5) بخزانة كتب السيد محمد المشكاة. 5 – شرح الميرزا رفيع الدين محمد النائيني، المتوفى سنة 1082 ه‍ (6). 6 – شرح المولى صدرا. الشيرازي، المتوفى سنة 1050 ه‍ (7). 7 – شرح محمد أمين الاسترابادي الأخباري. المتوفى سنة 1036 ه‍ (8) 8 شرح المولى محمد صالح المازندراني، المتوفى سنة 1080 ه‍ (9) وهو – عند


(1) راجع للزيادة، باب الكاف، وباب ” شرح ” من الذريعة، المخطوطة، (2) الذريعة ج 5 ص 39 – 40. (3) برقم 926، وراجع الذريعة ج 6 ص 183 وج 8 ص 79: وكشف الحجب والاستار ص 212، ص 348. (4) وراجع كشف الحجب والاستار ص 293، ص 348. (5) برقم 915، وراجعع كشف الحجب والاستار ص 316، 348. (6) كشف الحجب والاستار ص 348. (7) كشف الحجب والاستار ص 347 (8) كشف الحجب والاستار ص 348. (9) كشف الحجب والاستار ص 347 – 8.

[ 31 ]

أفاضل المتفقهين – من خيار الشروح. 9 – كشف الكافي، لمحمد بن محمد الملقب شاه محمد الاصطهباناتي الشيرازي، من أفاضل أوائل القرن الثاني عشر (1) ألفه للشاه السلطان حسين الموسوي الصفوي. وهو مخطوط، ومنه نسخة (2) بخزانة كتب السيد محمد المشكاة. 10 – مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول (3) لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي المتوفى سنة 1110 ه‍. وهو مطبوع سنة 1321 ه‍ بطهران، في 4 مجلدات ضخمة. 11 – هدى العقول في شرح أحاديث الاصول، لمحمد بن عبد علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عبد الجبار، القطيفي، من علماء أوائل القرن الثالث عشر، وهو مخطوط، ومنه نسخة في خزانة كتب مدرسة عالي سپهسالار (4). 12 – الوافي، للفيض الكاشاني (5) المتوفى سنة 1091 ه‍ وهو مطبوع سنة 1310 و 1324 ه‍ بطهران في 3 مجلدات.


(1) له تريجمة في ريحانة الادب ج 2 ص 295. (2) برقم 634. (3) وراجع كشف الحجب والاستار ص 348، ص 500. (4) رقم 1700، راجع برو كلمن ج 1 ص 187، وفهرست كتابخانه مدرسه عالى سپهسالار 1 ص 260 – 1. (5) وراجع كشف الحجب والاستار ص 598. وللوافي شرح ألفه السيد بحر العلوم المتوفى سنة 1212 ه‍. راجع مستدرك الوسائل ج 3 ص 539. ولطائفة من العلماء حواش على الوافى منهم: أ – السيد ابراهيم بن محمد القمى (راجع الذريعة ج 6 ص 229) ب – الميرزا حسن بن عبد الرزاق اللاهيجى القمى، المتوفى سنة 1121 ه‍ (راجع الذريعة ج 6 ص 229). ج – الميرزا عبد الله الافندي، المتوفى سنة 1131 ه‍ (راجع الذريعة ج 6 ص 229). د – السيد عبد الله بن نور الدين الجزائري، المتوفى سنة 1173 ه‍ (راجع الذريعة ج 6 ص 229).

[ 32 ]

* (تعاليقه وحواشيه (1)) * وهي كثيرة جدا “، منها: 1 – حاشية الشيخ إبراهيم بن الشيخ قاسم الكاظمي. الشهير بابن الوندي (2) 2 – حاشية أبي الحسن الشريف الفتونى العاملي، المتوفى سنة 1138 ه‍ (3). 3 – حاشية السيد المير أبي طالب بن الميرزا بيك الفندرسكي من أفاضل أوائل القرن الثاني عشر (4). 4 – حاشية الشيخ أحمد بن إسماعيل الجزائري، المتوفى سنة 1149 ه‍ (5). 5 – حاشية السيد بدر الدين أحمد الأنصاري العاملي، تلميذ البهاء العاملي (6). 6 – حاشية محمد أمين بن محمد شريف الاسترابادي الأخباري. المتوفى سنة 1036 ه‍ (7). 7 – حاشية محمد باقر بن محمد تقي المجلسي (8).


ه‍ فضل الله بن محمد شريف (راجع الذريعة ج 6 ص 229 – 30). و – السيد محسن الاعرجي الكاظمي، المتوفى سنة 1227 ه‍ (راجع الذريعة ج 6 ص 230). ز – محمد باقر بن محمد أكمل البهبهانى المتوفى سنة 1206 ه‍ (راجع كشف الحجب والاستار ص 191، والذريعة ج 6 ص 229). ح – الفيض نفسه (راجع الذريعة ج 6 ص 230) (1) راجع الذريعة ج 6 ص 179 – 84. (2) الذريعة ج 6 ص 180. (3) الذريعة ج 6 ص 180. (4) الذريعة ج 6 ص 181. (5) الذريعة ج 6 ص 180. (6) الذريعة ج 6 ص 181، وكشف الحجب والاستار ص 184. (7) الذريعة ج 6 ص 181. (8) الذريعة ج 6 ص 181 وكشف الحجب والاستار ص 185.

[ 33 ]

8 – حاشية محمد باقر الداماد الحسيني (1). 9 – حاشية محمد حسين بن يحيى النوري، تلميذ المجلسي (2). 10 – حاشية حيدر علي بن الميرزا محمد بن حسن الشيرواني (3). 11 – حاشية المولى رفيع الجيلاني. المعروفة بشواهد الإسلام (4). 12 – حاشية السيد شبر بن محمد بن ثنوان الحويزي، النجفي (5). 13 – حاشية السيد نور الدين علي بن أبي الحسن الموسوي العاملي – المتوفى سنة 1068 ه‍ (6). 14 – حاشية الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن الشيخ حسن صاحب المعالم (7). 15 – حاشية الشيخ علي الصغير بن زيد الدين بن محمد بن الحسن بن زيد الدين الشهيد الثاني (8). 16 – حاشية الشيخ علي الكبير بن محمد بن الحسن بن زيد الدين الشهيد الثاني (9). 17 – حاشية الشيخ قاسم بن محمد بن جواد الكاظمي، المشهور بابن الوندي. المتوفى بعد سنة 1100 ه‍ (10).


(1) الذريعة ج 6 ص 182 (2) الذريعة ج 6 ص 182. (3) الذريعة ج 6 ص 182. (4) الذريعة ج 6 ص 182 (5) الذريعة ج 6 ص 182. (6) الذريعة ج 6 ص 182. (7) الذريعة ج 6 ص 182 – 3 (8) الذريعة ج 6 ص 183 (9) الذريعة ج 6 ص 183 (10) الذريعة ج 6 ص 183

[ 34 ]

18 – حاشية الشيخ محمد بن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني. المعروف بالشيخ محمد السبط العاملي المتوفى سنة 1030 ه‍ (1). 19 – حاشية الميرزا رفيع الدين محمد بن حيد النائيني، المتوفى سنة 1080 ه‍ (2) (3). 20 – حاشية الشيخ محمد بن قاسم الكاظمي (4). 21 – حاشية نظام الدين بن أحمد الدشتكي (؟). * (ترجمة بالفارسية) * – 1 تحفة الأولياء، لمحمد علي بن الحاج محمد حسن الأردكاني، المعروف بالنحوي تلميذ السيد بحر العلوم. وهو مخطوط، ومنه نسخة (6) بخزانة كتب السيد محمد المشكاة. 2 – الصافي شرح اصول الكافي (7) للشيخ خليل بن الغازي القزويني، وهو مطبوع سنة 1308 ه‍ / 1891 بلكهنو في مجلدين ضخمين. 3 – شرح فروع الكافي. له أيضا “، وهو مخطوط في عدة مجلدات ومنه نسخة (8). بخزانة كتب السيد محمد المشكاة.


(1) الذريعة ج 6 ص 183 – 4 وكشف الحجب والاستار ص 184. (2) الذريعة ج 6 ص 184، وكشف الحجب والاستار ص 184. (3) وللامير محمد معصوم القزويني، المتوفى سنة 1091 ه‍. حاشية على هذه الحاشية. راجع الذريعة ج 6 ص 80. (4) الذريعة ج 6 ص 184. (5) الذريعة ج 6 ص 184. (6) برقم 634. (7) وراجع كشف الحجب والاستار ص 348، ص 365. (8) برقم 671 – 682، 914.

[ 35 ]

* (شروح بعض أحاديثه) * 1 – حثيث الفلجة في شرح حديث الفرجة (1) للسيد بهاء الدين محمد بن محمد باقر الحسني المختاري. النائيني، السبزواري، الاصفهاني، من علماء أوائل القرن الثاني عشر (2). ولهذا الحديث شروح كثيرة (3). 2 – هداية النجدين وتفصيل الجندين، رسالة في شرح حديث الكافي في جنود العقل وجنود الجهل (4) للسيد حسن الصدر المتوفى سنة 1354 ه‍ (5). * (اختصاره) * اختصر الكافي، محمد جعفر بن محمد صفي الناعسي الفارسي. ومن هذا المختصر نسخة (6) (مخطوطة سنة 1273) بخزانة كتب السيد محمد المشكاة.


(1) راجع أصول الكافي ج 1 ص 80 – 1 ” الحديث 5 من كتاب التوحيد، باب حدوث العالم “. (2) الذريعة ج 6 ص 248. (3) راجع الذريعة ج 6 هامش 248. (4) راجع اصول الكافي ج 1 ص 20 – 23 ” الحديث 14 من كتاب العقل والجهل. (5) تأسيس الشيعة ص 17. (6) قوامها 65 ورقة راجع ورقة 298 ب – 363 ب من نسخة الكافي ذات العدد 630 بخزانة كتب السيد محمد المشكاة.

[ 36 ]

* (تحقيقه) * عنى كثير من الأقدمين والمتأخرين بتحقيق بعض أمور الكافي: ومن آثارهم: 1 – الرواشح السماوية في شرح أحاديث الإمامية، للداماد (1). 2 – رموز التفاسير الواقعة في الكافي والروضة، لمولى خليل بن الغازي القزويني (2). 3 – نظام الأقوال في معرفة الرجال، رجال الكتب الأربعة، لنظام الدين محمد بن الحسين القرشي الساوجي (ظ؟) (3) تلميذ الشيخ البهاء العاملي ” ذكر فيه أسماء الذين روى عنهم المحمدون الثلاثة، من الكتب الأربعة، أو ذكر واحدا ” من أصحابنا، وقال: إنه ثقة أو عالم أو فاضل، أوما شابه ذلك. أو قال: روى عن أحد وروى عنه أحد ” (4). 4 – جامع الرواة (5) لحاجي محمد الاردبيلي تلميذ المجلسي. 5 – رسالة الأخبار والاجتهاد، في صحة أخبار الكافي لمحمد باقر بن محمد أكمل البهبهاني (6). 6 – معرفة أحوال العدة الذين يروي عنهم الكليني، للسيد حجة الإسلام محمد باقر الشفتي الإصفهاني المتوفى سنة 1260 ه‍ طبع مع مجموعته الرجالية ص 114 – 25 بطهران سنة 1314 ه‍ (7).


(1) راجع ص 30 من هذه الرسالة. (2) روضات الجنات ص 267. (3) احوال واشعار فارسي شيخ بهائي ص 88. (4) كشف الحجب والاستار ص 582. (5) الذريعة ج 5 ص 54 – 7. (6) مستدرك الوسائل ج 3 ص 536. (7) الذريعة ج 4 ص 57

[ 37 ]

7 – الفوائد الكاشفة عن سلسلة مقطوعة وأسماء في بعض أسانيد الكافي مستورة للسيد محد حسين الطباطبائي التبريزي (1). قال في مقدمته: ” لما كان بعض الرواة بين ثقة الاسلام الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني وبين بعض من روى عنه من الأصحاب، كأحمد بن محمد بن عيسى. وأحمد بن محمد بن خالد، وسهل بن زياد، غير مذكورين في كتابه الملسمى بالكافي. مشيرا ” إليهم فيه، بعدة من أصحابنا، فأحببت توضيحا “، بل لزوما، حيث يحتاج العلم بالرواية إلى معرفة أحوال الراوي. من الصحة وغيرها من الأوصاف، أن أكتب رسالة جامعة لما وصل إلينا من أسمائهم. وجامعة لأحوالهم، ووافية لبيان أوصافهم، ليكون الطالب العامل بها على بصيرة ” (2). 8 – ترجمة علي بن محمد المبدوء به بعض أسانيد الكافي، للشيخ الميرزا أبي المعالي ابن الحاج محمد إبراهيم بن الحاج محمد حسن الكاخي الخراساني الإصفهاني، الكلباسي المتوفي سنة 1315 ه‍ (3). 9 – البيان البديع في أن محمد بن إسماعيل المبدوء به في أسانيد الكافي إنما هو


(1) هو محمد حسين بن الحاج الميرزا على اصغر شيخ الاسلام بن الميرزا محمد تقى القاضى الطباطبائى الحسنى التبريزي من آل شيخ الا سالم سراج الدين عبد الوهاب الطباطبائى كان من افاضل تلاميذ صاحب الجواهر، والشيخ موسى آل كاشف الغطاء. والمولى محمد جعفر الاسترابادي، وقد أوازواله ورد النجف سنة 1244 ه‍. ولبث فيها سنين، ثم رجع الى تبريز، وتوفى بها سنة 1294 ه‍ عن اكثر من ثمانين سنة، ودفن بالنجف، له تآليف منها: (1) منهج الرشاد في شرح الارشاد في الفقه كمل منه طائفة من ” مباحث العبادات ” في نحو من 12 مجلدا “. (2) رسالة في الجماعة (3) حاشية على القوانين في الاصول (4) رسالة في حجية الظن الخاص. (5) رسالة في سند فقه الامام (6) الفوائد الكاشفة عن سلسلة مقطوعة وأسماء في بعض أسانيد الكافي مستورة. (7) سند الفقه. (8) المشيخة المرتبة. (2) الفوائد الكاشفة، ورقة 1 ب. (3) الذريعة ج 4 ص 161.

[ 38 ]

بزيع (1) للسيد حسن الصدر المتوفى 11 ربيع الأول سنة 1354 ه‍ (2). 10 – رجال الكافي. جداول لفقيه آل محمد ورئيس الطائفة، شيخ علماء قم اليوم الحاج السيد حسين الطباطبائي البروجردي، وهو مخطوط، سمعت به. أما عدد أحاديث الكافي (3) وتحقيق رجاله. واختلاف رواته. وأسناده، فقد عنى بها أكثر علماء، الحديث والطبقات في المشيخات وكتب الرجال (4). * (طبعاته) * طبع الكافي عدة مرار (5) منها: أصول الكافي: شيراز (؟) سنة 1278 ه‍. تبريز سنة 1281 ه‍ في 494 صفحة (6). طهران سنة 1311 ه‍ في 627 صفحة مع حواش في الهامش. طهران سنة 1311 ه‍ في 468 صفحة مع حواش أيضا “.


(1) هذا رأى السيد حسن الصدر (ظ؟) أما أكثر علماء الرجال، فيرون أنه أبو الحسين محمد بن اسماعيل النيسابوري بندفر، راجع توضيح المقال ص 27، والوافى ج 1 ص 10 والرواشح السماوية ص 70 – 4 وتنقيح المقال ج 3 ص 95 – 9 من الخاتمة. (2) تأسيس الشيعة ص 18. [ وقد توفى – رضوان الله عليه – صبيحة يوم الخميس لاثنى عشر يوما ” خلون من شهر شوال سنة 1380 ه‍ ]. (3) راجع – مثلا، منتهى المقال ص 370 وتوضيح المقال ص 21 – 5، والوافى ج 1 ص 13 – 5 عين الغزال 10 – 11، ومستدرك الوسائل ج 3 ص 541 – 6. وخلاصة الاقوال ص 133، وتنقيح المقال ج 3 ص 83 – 4 من الخاتمة. (4) راجع الوافي ج 1 ص 10 – 11، ومرآة العقول ج 1 ص 396، ومستدرك الوسائل ج 3 ص 534 – 41. (5) وراجع تكملة برو كلمن ج 1 ص 320. (6) إلى آخر كتاب الايمان والكفر،

[ 39 ]

[ طهران سنة 1374 الطبعة الأولى من هذه الطبعة ]. لكهنوا سنة 1302 ر 1885. فروع الكافي: طهران سنة 1315 ه‍. في مجلدين توأم أولهما 427 صفحة، والآخر 375. صفحة مع حراش في الهامش. [ طبع دار الكتب الإسلامية في خمس مجلدات ]. لكهنو سنة 1302 / 1885. الروضة: طهران سنة 1303 ه‍ في 142 صفحة (1)، مع تحف العقول، ومنهاج النجاة. لكهنو سنة 1302 / 1885. [ طبع دار الكتب مستقلا ” ]. * (وفاته) * مات – كما يقول النجاشي – ببغداد سنة 329 ه‍. سنة تناثر النجوم (2) وتاريخ وفاته عند الشيخ الطوسي – سنة 328 (3) ثم وافق في كتاب الرجال (4) الذي ألفه من بعد، النجاشي. وقال السيد رضي الدين ابن طاؤوس: ” وهذا الشيخ محمد بن يعقوب كان حياته في زمن وكلاء المهدي عليه السلام – عثمان بن سعيد العمري، وولده أبي جعفر محمد وأبي القاسم حسين بن روح، وعلي بن محمد السمري – وتوفي محمد بن يعقوب قبل وفاة علي بن محمد السمري، لأن علي بن محمد السمري توفي في شعبان سنة 329 ه‍


(1) من ص 132 – 274. (2) الرجال للنجاشي ص 726، وخلاصة الاقوال ص 71. (3) الفهرست للشيخ الطوسى ص 136. (4) الرجال للشيخ الطوسى ظهر الورقة 119.

[ 40 ]

وهذا محمد بن يعقوب الكليني توفي ببغداد سنة 328 ه‍ (1) ” وذكر ابن الأثير (2). وابن حجر (3) أنه توفي في تلك السنة. وفي الوجيزة للشيخ البهاء العاملي: توفي ببغداد سنة 30 أو 329 (4) “. والصحيح – عندي – أن تاريخ الوفاة هو شهر شعبان سنة 329 (5) والنجاشي أقدم وأقرب إلى عصر الكليني، وقد أيده الشيخ الطوسي، والعلامة الحلي، وهم أدرى من ابن الأثير وابن حجر بتواريخ علماء الشيعة، وهذا لا ينافي وفاته قبل علي بن محمد السمري الذي توفي في شعبان سنة 329 ه‍، وفاقا ” للسيد ابن طاووس. وصلى عليه محمد بن جعفر الحسني المعروف بأبي قيراط (6). * (قبره ببغداد) * دفن الكليني بباب الكوفة بمقبرتها (7) في الجانب الغربي، وكان ابن عبدون (8) يعرف قبره (9) قال: ” رأيت قبره في صراة الطائي، وعليه لوح مكتوب فيه اسمه،


(1) كشف المحجة ص 159. (2) كامل ابن الاثير ج 8 ص 128 في حوادث سنة 328 ه‍. (3) لسان الميزان ج 5 ص 433. (4) الوجيزة ص 184. (5) الرجال الشيخ الطوسى، الورقة 120 وراجع لؤلؤة البحرين ص 237. وقال في نخبة المقال ص 98: ثم أبو جعفر الكليني * هو ابن يعقوب بغيرمين قد جمع الكافي بهذا النظم * وقد توفى لسقوط النجم (6) الرجال النجاشي ص 267 وخلاصة الاقوال ص 71. (7) الرجال للنجاشي ص 267، والفهرست للطوسي ص 136، وخلاصة الاقوال ص 71. (8) هو أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن البزاز، المعروف بابن عبدون، وابن الحاشر توفى سنة 423 ه‍. له ترجمة مفصلة في تنقيح المقال ج 2 ص 66 – 7 (9) الرجال للنجاشي ص 267.

[ 41 ]

واسم أبيه (1) ” ” وقد درس (2) ” في أواخر القرن الرابع الهجري (ظ؟) وقبره – اليوم – قائم في الجانب الشرقي، على شاطئ دجلة عند باب الجسر العتيق ” جسر المأمون الحالي ” بالقرب منه، على يسار الجائي من جهة المشرق، وهو قاصد الكرخ قال الميرزا عبد الله الأفندي: ” قبره ببغدا ولكن ليس في المكان الذي يعرف الآن بقبره (3) “. وقال محمد تقي المجلسي ” قبره ببغداد في مولوي خانه، معروف بشيخ المشايخ ويزوره العامة والخاصة، وسمعت من جماعه من أصحابنا ببغداد، أنه قبر محمد بن يعقوب الكليني، وزرته هناك (4) “. وقال الشيخ يوسف البحراني: ” وقبر هذا الشيخ الآن، بل قبل هذا الزمان في بغداد مزار مشهور، وعلى قبة عالية (5) “. وقال الشيخ أسد الله الشوشتري: ومزاره معروف الآن، قريبا ” من الجسر (6) “. وقال الشيخ عبد النبي الكاظمي: ” المعروف فيما بين علمائنا، وأهل عصرنا، أن قبره في بغداد في مكان يقال له المولى خانه. قريبا ” من باب الجسر، وقبره إلى الآن مشهور، يزوره الخاصة والعامة (7) “. وقال السيد محمد باقر الخوانساري: ” والقبر المطهر الموصوف، معروف في بغداد الشرقية، مشهور، تزوره الخاصة والعامة، في تكية المولوية، وعليه شباك من


(1) الفهرست للشيخ الطوسى ص 136. (2) الرجال للنجاشي ص 267 نقلا عن ابن عبدون. (3) رياض العلماء ص 226، وراجع هامش الفهرست للطوسي ص 136. (4) شرح مشيخة من لا يحضره الفقيه، ورقة 267 ب (5) لؤلؤة البحرين ص 236. (6) مقابس الانوار ص 7. (7) تكملة الرجال، ورقة 179 ب.

[ 42 ]

الخارج إلى يسار العابر من الجسر (1) “. وحاول السيد محمد مهدي الإصفهاني، إثبات كون قبر الكليني في الجانب الشرقي (2)، وقد رد عليه الاستاذ الدكتور مصطفى جواد (3) وخطأ ” أ القبر الذي قرب رأس الجسر من الشرق، هو قبر الكليني (4) “. وقد تعود الشيعة زيارة هذا القبر الحالي، منذ قرون متعاقبة، معتقدين أن صاحبه هو الكليني، والفريقان مجتمعان على تعظيم هذا القبر، وتبجيل صاحبه و قصة نبش قبره سائرة (5). وطريقة سلفنا، وآبائنا المتقدمين، واستمرار سيرتهم، في زيارة الموضع المعروف المنسوب إليه في ” جامع الآصفية ” قرب رأس الجسر من الشرق، يضطرنا إلى احترام هذا المزار ك‍ ” تمثال الجندي المجهول عند الأوربيين ” وإن كان في الحقيقة لم يرمس فيه، وذلك، إحياء لذكره. وإخلاد لاسمه، و استبقاء له. قال أبو علي: ” وقبره – قدس سره – معروف في بغداد الشرقية – مش‍ – (6) تزوره الخاصة والعامة، في تكية المولوية، وعليه شباك من الخارج، إلى يسار العابر من الجسر (7) “. خادم أهل البيت حسين على محفوظ عفا الله عنه (1374)


(1) روضات الجنات ص 533. (2) أحسن الوديعة ج 2 ص 226 – 8. (3) مجلة العرفان مج 23 ج 4، ص 539 – 49. (4) المرجع المذكور ص 549. (5) راجع لؤلؤة البحرين ص 236 – 7، ومنتهى المقال ص 298، وروضات الجنات ص 553 (6) مش‍: أي مشهور. (7) منتهى المقال ص 298

[ 43 ]

مراجعنا في التعليق ورموزها 1 – مرآة العقول، للمجلسي – ره – [ آت ] 2 – الوافي، للفيض الكاشاني – ره – [ في ] 3 – شرح الكافي: للمولى صالح المازندرانى – ره – [ لح ] 4 – شرح الكافي، للميرزا رفيعا النائيني – ره – [ رف ] 5 – الرواشح السماوية، للمحقق الداماد – ره – [ شح ] 6 – ولسيدنا العلامة الشريف الحاج السيد محمد حسين الطباطبائي نزيل قم المشرفة تعاليق على الكتاب نرمز إليها ب‍ (الطباطبائي).


[ 44 ]

مراجع تصحيح في الطبعة الاولى 1 – نسخة مصححة مخطوطة في سنة 1076 ه‍، عليها تعاليق جمة لطائفة من الأكابر 2 – نسخة مصححة مخطوطة في القرن 11 ه‍، عليها تعاليق وحواش كثيرة مفيدة. 3 – نسخة مخطوطة، عليها تعاليق ثمينة وتصحيحات بخط السيد الداماد – ره – 4 – نسخة مصححة مخطوطة في سنة 1057 ه‍، عليها تعاليق مأخوذة من الشروح. 5 – نسخة مطبوعة في سنة 1331 ه‍، عليها تعاليق مأخوذة من الشروح. 6 – نسخة مطبوعة في سنة 1311 ه‍، عليها تعاليق مأخوذ من الشروح. 7 – نسخة مطبوعة في سنة 1282 ه‍ مراجع التصحيح في الطبعة الثانية 1 – نسخة مخطوطة مصححة مقروءة على العلامة المجلسي كتابتها سنة 1071 ه‍ 2 – نسخة مخطوطة مصححة موشحة بالتعاليق الكثيرة مزدانة بخط الشيخ محمد الحر العاملي تاريخها 1092 ه‍. 3 – نسخة مخطوطة مصححة عليها كثير من شرح المولى صالح شارح الكافي. وقد تفضل بارسال هذه النسخ الثلاثة سماحة آية الله العلامة السيد شهاب الدين النجفي المرعشي نزيل قم المشرفة – دامت بركاته – راجع صورها الفتوغرافية تحت رقم 1 و 2 و 3.


[ 45 ]

1 – النسخة الاولى


[ 46 ]

2 – النسخة الثانية


[ 47 ]

3 – النسخة الثالثة


[ 48 ]

* (تنبيه) * كل ما كان في الكتاب. الكافي – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى. فهم: 1 – أبو جعفر محمد بن يحيى العطار القمي. 2 – علي بن موسى بن جعفر الكمنداني. 3 – أبو سليمان داود بن كورة القمي. 4 – أبو علي أحمد بن إدريس بن أحمد الأشعري القمي، المتوفى سنة 306 ه‍. 5 – أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي. وكل ما كان فيه: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي فهم: 1 – أبو الحسن علي بن إبراهيم بن هاشم القمي. 2 محمد بن عبد الله بن أذينة. 3 – أحمد بن عبد الله بن أمية. 4 – علي بن الحسين السعد آبادي. وكل ما كان فيه: عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد فهم: 1 – أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي، المعروف بعلان الكليني. 2 – أبو الحسين محمد بن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن عون الأسدي الكوفي، ساكن الري. 3 – محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي، المتوفى سنة 290 ه‍. مولى عيسى بن موسى بن جعفر الأعرج. 4 – محمد بن عقيل الكليني وكل ما كان فيه: عدة من أصحابنا، عن جعفر بن محمد، بن الحسن بن علي بن فضال، فمنهم: أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عمران بن أبي بكر الأشعري القمي


[ 1 ]

الاصول من الكافي تأليف ثقة الاسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب بن اسحاق الكليني الرازي رحمه الله المتوفى سنة 328 / 329 ه‍ مع تعليقات نافعة مأخوذة من عدة شروح صححه وعلق عليه علي اكبر الغفاري نهض بمشروعه الشيخ محمد الاخوندي الجزء الاول * الطبعة الثالثة 1388 ه‍ الناشر: دار الكتب الاسلامية مرتضى آخوندى تهران – بازار سلطاني


[ 2 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله المحمود لنعمته (1) المعبود لقدرته، المطاع في سلطانه (2) المرهوب لجلاله، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في جميع خلقه، علا فاستعلى (3) ودنا فتعالى، وارتفع فوق كل منظر (4)، الذي لا بدء لأوليته، ولا غاية لأزليته، القائم قبل الأشياء، والدائم الذي به قوامها، والقاهر الذي لا يؤوده حفظها (5) والقادر الذي بعظمته تفرد بالملكوت (6) وبقدرته توحد بالجبروت، وبحكمته أظهر حججه على خلقه. اخترع الأشياء إنشاء، وابتدعها ابتداء، بقدرته وحكمته، لا من شئ فيبطل الإختراع (7) ولا لعلة فلا يصح الابتداع، خلق ما شاء كيف شاء، متوحدا ” بذلك لإظهار حكمته، وحقيقة ربوبيته، لا تضبطه العقول، ولا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأبصار، ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة، وكلت دونه الأبصار، وضل فيه تصاريف الصفات (8). احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور، عرف بغير


(1) في بعض النسخ ” بنعمته ” واللام في قوله لقدرته لام التعليل أي يعبده العابدون لكونه قادرا ” على الاشياء فاعلا لما يشاء في حقهم فيعبدونه اما خوفا ” وطمعا ” أو إجلالا وتعظيما “. (شح). (2) أي: فيما أراده منا على وجه القهر والسلطنة لا فيما أراده منا وأمرنا به على وجه الاقدار والاختيار. أو بسبب سلطنته وقدرته على ما يشاء. (آت). (3) الاستعلاء اما مبالغة في العلو أو بمعنى اظهاره (آت). (4) المنظر مصدر نظرت إليه، والموضع المرتفع، فالمعنى انه ارتفع عن أنظار العباد، أو عن كل ما يمكن أن ينظر إليه. (آت) (5) ” لا يؤوده ” أي: لا يثقله ولا يشق عليه حفظ الاشياء. (شح). (6) ” الملكوت ” فعلوت من الملك كالرغبوت من الرغبة والرهبوت من الرهبة والرحموت من الرحمة والجبروت من الجبر من صيغ التكثير وابنية المبالغة. (شح). (7) ” لا من شئ “: قال بعض الافاضل: الاختراع في الايجاد لا بالاخذ من شئ يماثل الموجد ويشابهه والابتداع في الايجاد لا لمادة وعلة فقوله لامن شئ اي لا بالاخذ من شئ فيبطل الاختراع، ولا لمادة فيبطل الابتداع. آت. (8) أي ضل في طريق نعته نعوت الناعتين، وصفات الواصفين بفنون تصاريفها، وأنحاء تعبيراتها (شح).

[ 3 ]

رؤية، ووصف بغير صورة، ونعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال، ضلت الأوهام عن بلوغ كنهه، وذهلت العقول أن تبلغ اية نهايته، لا يبلغه حدوهم، (1) ولا يدركه نفاذ بصر، وهو السميع العليم، احتج على خلقه برسله، وأوضح الأمور بدلائله، وابتعث الرسل مبشرين ومنذرين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وليعقل العباد عن ربهم ما جهلوه، فيعرفوه بربوبيته بعدما أنكروه، ويوحدوه بالإلهية بعد ما أضدوه (2) أحمده، حمدا ” يشفي النفوس، ويبلغ رضاه ويؤدي شكر ما وصل إلينا، من سوابغ النعماء، وجزيل الآلاء وجميل البلاء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إلها ” واحدا ” أحدا ” صمدا ” لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ” وأشهد أن محمدا ” صلى الله عليه وآله عبد انتجبه، ورسول ابتعثه، على حين فترة من الرسل وطول هجعة من الامم (3) وانبساط من الجهل، واعتراض من الفتنة وانتقاض من المبرم (4) وعمى عن الحق، واعتساف من الجور (5) وامتحاق من الدين. وأنزل إليه الكتاب، فيه البيان والتبيان، قرآنا ” عربيا ” غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه، بعلم قد فصله، ودين قد أوضحه، وفرائض قد أوجبها، وامور قد كشفها لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة، ومعالم تدعو إلى هداه. فبلغ صلى الله عليه وآله ما ارسل به، وصدع بما امر، (6) وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه، وجاهد في سبيله، ونصح لامته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على


(1) اي: حدة الاوهام أو نهاية معرفة الاوهام (آت) وفي بعض النسخ [ عدوهم ]. (2) أي: جعلوا له أضدادا “. (3) بالفتح: طائفة من الليل. قال الجوهري: أتيت بعد هجعة من الليل أي: بعد نومة خفيفة. واستعيرت هنا لغفلة الامم عما يصلحهم في الدارين. (آت). (4) الانتقاض: الانحلال، والمبرم المحكم. ” وعمى عن الحق ” في بعض النسخ [ من الحق ]. (5) الاعتساف: الاخذ على غير الطريق. والامتحاق: البطلان. (6) أي: أظهره وتكلم به جهارا ” أو فرق بين الحق والباطل (آت). [ * ]

[ 4 ]

الذكر ودلهم على سبيل الهدى من بعده بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها (1) ومنائر رفع لهم أعلامها، لكيلا يضلوا من بعده، وكان بهم رؤوفا ” رحيما “. فلما انقضت مدته واستكملت أيامه، توفاه الله وقبضه إليه، وهو عند الله مرضي عمله، وافر حظه، عظيم خطره، فمضى صلى الله عليه وآله وخلف في امته كتاب الله ووصيه أمير المؤمنين، وإمام المتقين صلوات الله عليه، صاحبين مؤتلفين، يشهد كل واحد منهما لصاحبه بالتصديق، ينطق الامام عن الله في الكتاب، بما أوجب الله فيه على العباد، من طاعته، وطاعة الإمام وولايته، وواجب حقه، الذي أراد من استكمال دينه، وإظهار أمره، والاحتجاج بحججه، والاستضاءة بنوره، في معادن أهل صفوته ومصطفى أهل خيرته فأوضح الله بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا صلى الله عليه وآله عن دينه وأبلج بهم عن سبيل مناهجه (2) وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، وجعلهم مسالك لمعرفته، ومعالم لدينه، وحجابا ” بينه وبين خلقه، والباب المؤدي إلى معرفة حقه واطلعهم على المكنون من غيب سره. كلما مضى منهم إمام، نصب لخلقه من عقبه إماما ” بينا “، وهاديا ” نيرا ” وإماما ” قيما ” (3)، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته، ورعاته على خلقه، يدين بهديهم العباد (4)، ويستهل بنورهم البلاد، جعلهم الله حياة للأنام، ومصابيح للظلام ومفاتيح للكلام، ودعائم للاسلام، وجعل نظام طاعته وتمام فرضه التسليم لهم فيما علم، والرد إليهم فيما جهل، وحظر على غيرهم التهجم على القول بما يجهلون (5) ومنعهم جحد ما لا يعلمون، لما أراد تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خلقه، من ملمات


(1) الضمير راجع إلى المناهج والدواعي، والمراد بسبيل الهدى منهج الشرع القويم وبالمناهج والدواعي أوصياؤه عليهم السلام وبالتأسيس نصب الادلة على خلافتهم. (آت). (2) أبلج: أي أوضح من البلوج وهو الظهور والاشراق والمراد بالمناهج كل ما يتقرب به إليه سبحانه (آت). (3) أي: قائما ” بأمر الامة وقيل مستقيما ” (آت). (4) الهدى بفتح الهاء وكسرها وتسكين الدال المهملة: السيرة والطريقة وفي المغرب: السيرة السوية (شح) أو بضم الهاء أي: تعبد العباد بهدايتهم (آت). (5) ” التهجم “: الدخول في الامر بغتة من غير روية. (آت). وفي بعض النسخ [ التعجم ] من العجمة وهي اللكنة في اللسان. (شح).

[ 5 ]

الظلم (1) ومغشيات البهم. (2) وصلى الله على محمد وأهل بيته الأخيار الذين أذهب الله عنهم الرجس [ أهل البيت ] وطهرهم تطهيرا “. أما بعد، فقد فهمت يا أخي ما شكوت من اصطلاح أهل دهرنا على الجهالة (3) وتوازرهم وسعيهم في عمارة طرقها، ومباينتهم العلم وأهله، حتى كاد العلم معهم أن يأزر كله (4) وينقطع مواده، لما قد رضوا أن يستندوا إلى الجهل، ويضيعوا العلم وأهله. وسألت: هل يسع الناس المقام على الجهالة والتدين بغير علم، إذا كانوا داخلين في الدين، مقر ين بجميع اموره على جهة الاستحسان، والنشوء عليه (5)، والتقليد للآباء، والأسلاف والكبراء، والاتكال على عقولهم في دقيق الأشياء وجليلها، فاعلم يا أخي رحمك الله أن الله تبارك وتعالى خلق عباده خلقة منفصلة من البهائم في الفطن والعقول المركبة فيهم، محتملة للأمر والنهي، وجعلهم (6) جل ذكره صنفين: صنفا ” منهم أهل الصحة والسلامة، وصنفا ” منهم أهل الضرر والزمانة، (7) فخص أهل الصحة والسلامة بالأمر والنهي، بعد ما أكمل لهم آلة التكليف، ووضع التكليف عن أهل الزمانة والضرر، إذ قد خلقهم خلقة غير محتملة للأدب والتعليم وجعل عز وجل سبب بقائهم أهل الصحة والسلامة، وجعل بقاء أهل الصحة والسلامة بالأدب والتعليم، فلو كانت الجهالة جائزة لأهل الصحة والسلامة لجاز وضع التكليف عنهم، وفي جواز ذلك بطلان الكتب والرسل والآداب، وفي رفع الكتب والرسل والآداب


(1) جمع ملمة وهي: النازلة. (2) أي: مستورات البهم. والبهم كصرد جمع بهمة بالضم وهو الامر الذي لا يهتدى لوجهه اي: الامور المشكلة التي خفى على الناس ما هو الحق فيها وستر عنهم (آت). (3) أي: تصالحهم وتوافقهم. والتوازر: التعاون: (آت). (4) الازر بتقديم المنقوطة جاء بمعنى القوة والضعف وهنا بمعنى الثاني. ويحتمل أن يكون يأرز بتقديم المهملة من أرز يأرز وهو التجمع والتضأم. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” ان الاسلام ليأرزالى المدينة كما تأرز الحية الى جحرها ” وفي الحديث: ” ان العلم يأرز كما تأرز الحية في جحرها ” (5) من قولهم نشأت في بني فلان نشأ ونشوء ا، إذا شببت فيهم وفي أكثر النسخ [ والسبق عليه ] وفي بعضها [ والنشق ]. (6) في بعض النسخ [ خلقهم ]. (7) المراد بأهل الضرر مكفوفوا البصر. وفي الصحاح رجل ضرير أي ذاهب البصر، ورجل زمن أي مبتلى. والزمانة آفة في الحيوانات وفي المغرب: الزمن الذي طال مرضه زمانا ” (شح). [ * ]

[ 6 ]

فساد التدبير، والرجوع إلى قول أهل الدهر، فوجب في عدل الله عزوجل وحكمته أن يخص من خلق من خلقه خلقة محتملة للأمر والنهي، بالأمر والنهي، لئلا يكونوا سدى مهملين، وليعظموه ويوحدوه، ويقر واله بالربوبية، وليعلموا أنه خالقهم ورازقهم، إذ شواهد ربوبيته دالة ظاهرة، وحججه نيرة واضحة، وأعلامه لائحة تدعوهم إلى توحيد الله عز وجل، وتشهد على أنفسها لصانعها بالربوبية والإلهية، لما فيها من آثار صنعه، وعجائب تدبيره، فندبهم إلى معرفته لئلا يبيح لهم أن يجهلوه ويجهلوا دينه وأحكامه، لأن الحكيم لا يبيح الجهل به، والانكار لدينه، فقال جل ثناؤه: ” ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق ” (1) وقال: ” بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه (2) “، فكانوا محصورين بالأمر والنهي، مأمورين بقول الحق، غير مرخص لهم في المقام على الجهل، أمرهم بالسؤال، والتفقه في الدين فقال: ” فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم ” (3) وقال: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” (4). فلو كان يسع أهل الصحة والسلامة، المقام على الجهل، لما أمرهم بالسؤال، ولم يكن يحتاج إلى بعثة الرسل بالكتب والآداب، وكادوا يكونون عند ذلك بمنزلة البهائم، ومنزلة أهل الضرر والزمانة، ولو كانوا كذلك لما بقوا طرفة عين، فلما لم يجز بقاؤهم إلا بالأدب والتعليم، وجب أنه لا بد لكل صحيح الخلقة، كامل الآلة من مؤدب، ودليل، ومشير، وآمر، وناه، وأدب، وتعليم، وسؤال، ومسألة. فأحق ما اقتبسه العاقل، والتمسه المتدبر الفطن، وسعى له الموفق المصيب، العلم بالدين، ومعرفة ما استعبد الله به خلقه من توحيده، وشرائعه وأحكامه، وأمره ونهيه وزواجره وآدابه، إذ كانت الحجة ثابتة، والتكليف لازما “، والعمر يسيرا “، والتسويف غير مقبول، والشرط من الله جل ذكره فيما استعبد به خلقه أن يؤدوا جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة، ليكون المؤدي لها محمودا ” عند ربه، مستوجبا ” لثوابه، وعظيم جزائه، لأن الذي يؤدي بغير علم وبصيرة، لا يدري ما يؤدي، ولا يدري إلى من يؤدي،


(1) الاعراف: 169. (2) يونس، 39. (3) التوبة: 122. (4) النحل: 43. [ * ]

[ 7 ]

وإذا كان جاهلا ” لم يكن على ثقة مما أدى، ولا مصدقا “، لأن المصدق لا يكون مصدقا ” حتى يكون عارفا ” بما صدق به من غير شك ولا شبهة، لأن الشاك لا يكون له من الرغبة والرهبة والخضوع والتقرب مثل ما يكون من العالم المستيقن، وقد قال الله عزوجل: ” إلا من شهد بالحق وهم يعلمون (1) ” فصارت الشهادة مقبولة لعلة العلم بالشهادة، ولولا العلم بالشهادة، لم تكن الشهادة مقبولة، والأمر في الشاك المؤدي بغير علم وبصيرة، إلى الله جل ذكره، إن شاء تطول عليه فقبل عمله، وإن شاء رد عليه، لأن الشرط عليه من الله أن يؤدي المفروض بعلم وبصيرة ويقين، كيلا يكونوا ممن وصفه الله فقال تبارك وتعالى: ” ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين (2) ” لأنه كان داخلا ” فيه بغير علم ولا يقين، فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين، وقد قال العالم عليه السلام: ” من دخل في الإيمان بعلم ثبت فيه، ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه “، وقال عليه السلام: ” من أخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردته الرجال “، وقال عليه السلام: ” من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن (3) “. ولهذه العلة انبثقت على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة، (4) والمذاهب المستشنعة (5) التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلها، وذلك بتوفيق الله تعالى وخذلانه، فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتا ” مستقرا “، سبب له الأسباب


(1) الزخرف: 87. (2) الحج: 12. و ” على حرف ” اي على طرف من الدين لا في وسطه. وهذا مثل لكونه على قلق واضطراب في دينه كالذي يكون على طرف من العسكر، ان احس بظفر وغنيمة اطمأن وقر والا انهزم وفر. (3) ” لم يتنكب ” في القاموس: نكب عنه كنصر وفرح نكبا ونكبا ونكوبا: عدل. كنكب وتنكب. (4) ” انبثقت ” يقال بثق الماء بثوقا ” فتحه بأن خرق الشط وانبثق هو إذا جرى بنفسه من غير فجر. والبثق بالفتح والكسر: الاسم. كذا في المغرب. وفي بعض النسخ انبسقت بالمهملة. والبثوق في الكلام فاعل انبثقت. اي: انفرجت على اهل دهرنا شقوق هذه الاديان. (آت). (5) ” المستشنعة ” أي: المستقبحة. وفي بعض النسخ ” متشنعة “. وفي بعضها ” مستبشعة “. [ * ]

[ 8 ]

التي توديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله عليه وآله بعلم ويقين وبصيرة، فذاك أثبت في دينه من الجبال الرواسي، ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معارا ” مستودعا ” – نعوذ بالله منه – سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة، فذاك في المشيئة إن شاء الله تبارك وتعالى أتم إيمانه، وإن شاء سلبه إياه، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمنا ” ويمسي كافرا “، أو يمسي مؤمنا ” ويصبح كافرا “، لأنه كلما رأى كبيرا ” من الكبراء مال معه، وكلما رأى شيئا ” استحسن ظاهره قبله، وقد قال العالم عليه السلام: ” إن الله عزوجل خلق النبيين على النبوة، فلا يكونون إلا أنبياء، وخلق الأوصياء على الوصية، فلا يكونون إلا أوصياء، وأعار قوما ” إيمانا ” فإن شاء تممه لهم، وإن شاء سلبهم إياه. قال: وفيهم جرى قوله: فمستقر ومستودع “. وذكرت أن امورا ” قد أشكلت عليك، لا تعرف حقائقها لاختلاف الرواية فيها، وأنك تعلم أن اختلاف الرواية فيها لاختلاف عللها وأسبابها، وأنك لا تجد بحضرتك من تذاكره وتفاوضه (1) ممن تثق بعلمه فيها، وقلت: إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع [ فيه ] من جميع فنون علم الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدي فرض الله عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وقلت: لو كان ذلك رجوت أن يكون ذلك سببا ” يتدارك الله [ تعالى ] بمعونته وتوفيقه إخواننا وأهل ملتنا ويقبل بهم إلى مراشدهم. فاعلم يا أخي أرشدك الله أنه لا يسع أحدا ” تمييز شئ مما اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهم السلام برأيه، إلا على ما أطلقه العالم بقوله عليه السلام: ” اعرضوها على كتاب الله فما وافى كتاب الله عزوجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه ” و قوله عليه السلام: ” دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم ” وقوله عليه السلام ” خذوا بالمجمع


(1) مفاوضة العلماء: محادثتهم ومذاكرتهم في العلم: مفاعلة من التفويض بمعنى المشاركة. (شح). [ * ]

[ 9 ]

عليه، فإن المجمع عليه لا ريب فيه ” ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلا أقله (1) ولا نجد شيئا ” أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم عليه السلام وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله عليه السلام: ” بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم “. وقد يسر الله – وله الحمد – تأليف ما سألت، وأرجو أن يكون بحيث توخيت (2) فمهما كان فيه من تقصير فلم تقصر نيتنا في إهداء النصيحة، إذ كانت واجبة لإخواننا وأهل ملتنا، مع ما رجونا أن نكون مشاركين لكل من اقتبس منه، وعمل بما فيه دهرنا هذا، وفي غابره (3) إلى انقضاء الدنيا، إذ الرب عزوجل واحد والرسول محمد خاتم النبيين – صلوات الله وسلامه عليه وآله – واحد، والشريعة واحدة وحلال محمد حلال وحرامه حرام إلى يوم القيامة، ووسعنا قليلا ” كتاب الحجة وإن لم نكمله على استحقاقه، لأنا كرهنا أن نبخس (4) حظوظه كلها. وأرجو أن يسهل الله عزوجل إمضاء ما قدمنا من النية، إن تأخر الأجل صنفنا كتابا ” أوسع وأكمل منه، نوفيه حقوقه كلها إن شاء الله تعالى وبه الحول والقوة وإليه الرغبة في الزيادة في المعونة والتوفيق. والصلاة على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين (5) الأخيار. وأول ما أبدأ به وأفتتح به كتابي هذا كتاب العقل، وفضائل العلم، وارتفاع درجة أهله، وعلو قدرهم، ونقص الجهل، وخساسة أهله، وسقوط منزلتهم، إذ كان العقل هو القطب الذي عليه المدار (6) وبه يحتج وله الثواب، وعليه العقاب، [ والله الموفق ].


(1) ” أقله ” اي: أقل ذلك الجميع، يعنى انا لا نعرف افراد التمييز الحاصل من جهة تلك القوانين المذكورة الا الاقل. (لح). (2) توخيت اي تحريت وقصدت. (لح) (3) الغابر: الماضي والمستقبل هو من الاضداد والمراد منه هنا الثاني. (لح) (4) (نبخس) اي ننقص ونترك، والحظوظ: جمع كثرة للحظ وهو النصيب. (لح). (5) في بعض النسخ [ الطيبين ]. (6) أي: مدار التكليف والحكم بين الحق والباطل من الافكار وبين الصحيح والسقيم من الانظار. (لح). [ * ]

[ 10 ]

(كتاب العقل والجهل) 1 – أخبرنا (1) أبو جعفر محمد بن يعقوب قال: حدثني عدة من أصحابنا منهم محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خلق الله العقل (2) استنطقه ثم قال له: أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر (3) ثم قال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا ” هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن احب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى وإياك اعاقب، وإياك اثيب. 2 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن مفضل بن صالح، عن سعد بن طريف (4)، عن الأصبغ بن نباته، عن علي عليه السلام قال: هبط جبرئيل على آدم عليه السلام فقال: يا آدم إني امرت أن اخيرك واحدة من ثلاث فاخترها ودع اثنتين فقال له آدم: يا جبرئيل وما الثلاث؟ فقال: العقل والحياء والدين، فقال آدم: إني قد اخترت العقل فقال جبرئيل للحياء والدين: انصرفا ودعاه


(1) الظاهر أن قائل أخبرنا: أحد رواة الكافي كالنعماني أو الصفواني أو غيرهما ويحتمل أن يكون القائل هو المصنف رضوان الله عليه كما هو دأب القدماء. (آت). (2) ان العقل هو تعقل الاشياء وفهمها في اصل اللغة واصطلح اطلاقه على امور: الاول: قوة ادراك الخير والشر والتمييز بينهما والتمكن من معرفة أسباب الامور ذوات الاسباب وما يؤدي إليها وما يمنع منها. والعقل بهذا المعنى مناط التكليف والثواب والعقاب. الثاني: ملكة وحالة في النفس تدعو الى اختيار الخيرات والمنافع، واجتناب الشرور والمضار الثالث: القوة التي يستعملها الناس في نظام امور معاشهم، فان وافقت قانون الشرع واستعملت في ما استحسنه الشارع تسمى بعقل المعاش وهو ممدوح وإذا استعملت في الامور الباطلة والحيل الفاسدة تسمى بالنكراء والشيطنة في لسان الشرع. الرابع: مراتب استعداد النفس لتحصيل النظريات وقربها وبعدها عن ذلك، وأثبتوا لها مراتب أربع سموها بالعقل الهيولاني: والعقل بالملكة، والعقل بالفعل: والعقل المستفاد. الخامس: النفس الناطقة الانسانية التي بها يتميز عن سائر البهائم. السادس: ما ذهب إليه الفلاسفة من أنه جوهر قديم لا تعلق له بالمادة ذاتا ولا فعلا. (آت). (3) الامر بالاقبال والادبار يمكن أن يكون حقيقيا لظهور انقياد الاشياء لما يريده تعالى منها. و أن يكون امرا ” تكوينيا لتكون قابلة للامرين، اي: الصعود إلى الكمال والقرب والوصال، و الهبوط الى النقص وما يوجب الوبال. (آت) (4) وزان أمير على ما في القاموس. [ * ]

[ 11 ]

فقالا: يا جبرئيل إنا امرنا أن نكون مع العقل حيث كان، قال: فشأنكما وعرج. (1) 3 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قال: قلت: فالذي (2) كان في معاوية؟ فقال: تلك النكراء! تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل، وليست بالعقل. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: صديق كل امرء عقله، وعدوه جهله. 5 – وعنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن الجهم قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: إن عندنا قوما ” لهم محبة، وليست لهم تلك العزيمة (3) يقولون بهذا القول؟ فقال: ليس اولئك ممن عاتب الله إنما قال الله: فاعتبروا يا أولي الأبصار. 6 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن أبي محمد الرازي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من كان عاقلا ” كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنة. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما يداق الله العباد (4) في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا. 8 – علي بن محمد بن عبد الله (5)، عن إبراهيم بن إسحاق الأحمر، عن محمد بن


(1) الشأن بالهمزة: الامر والحال أي الزما شأنكما أو شأنكما معكما ويحتمل ان يكون الاشارة تمثيلية وان الله تعالى خلق صورة مناسبة لكل واحد منها وبعثها مع جبرئيل عليه السلام (آت) (1) في بعض النسخ [ فما الذي ]. (2) ” النكراء “: الدهاء والفطنة وهي جودة الرأي وحسن الفهم وإذا استعملت في مشتهيات جنود الجهل يقال لها الشيطنة: ونبه (ع) عليه بقوله تلك الشيطنة بعد قوله تلك النكراء. (آت) (3) يعني الرسوخ في الدين أو الاعتقاد الجازم بالامامة اعتقادا ” ناشيا من الحجة والبرهان، وعلى التقديرين المراد بهم المستضعفون الذين لا يمكنهم التمييز التام بين الحق والباطل. (آت) (4) ” المداقة “: المناقشة في الحساب. (5) الظاهر أنه ابن بندار أو على بن محمد بن عبد الله القمي كما أن الظاهر اتحاد الرجلين. وقال الفيض – رحمه الله كانه ابن اذينة الذي هو من مشايخ الكليني ويحتمل ابن عمران البرقي. [ * ]

[ 12 ]

سليمان الديلمي، عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: فلان من عبادته ودينه وفضله؟ فقال: كيف عقله؟ قلت: لا أدري، فقال: إن الثواب على قدر العقل، إن رجلا من بني إسرائيل كان يعبد الله في جزيرة من جزائز البحر، خضراء نضرة، كثيرة الشجر ظاهرة الماء وإن ملكا ” من الملائكة مر به فقال يا رب أرني ثواب عبدك هذا، فأراه الله [ تعالى ] ذلك، فاستقله الملك، فأوحى الله [ تعالى ] إليه: أن اصحبه فأتاه الملك في صوره إنسي فقال له: من أنت؟ قال: أنا رجل عابد بلغني مكانك وعبادتك في هذا المكان فأتيتك لأ عبد الله معك، فكان معه يومه ذلك فلما أصبح قال له الملك: إن مكانك لنزه، وما يصلح إلا للعبادة، فقال له العابد: إن لمكاننا هذا عيبا ” فقال له: وما هو؟ قال: ليس لربنا بهيمة فلو كان له حمار رعيناه في هذا الموضع، فإن هذا الحشيش يضيع، فقال له [ ذلك ] الملك: وما لربك حمار؟ فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع مثل هذا الحشيش، فأوحى الله إلى الملك: إنما اثيبه على قدر عقله. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله، فإنما يجازي بعقله (1) 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان قال: ذكرت لأبي عبد الله عليه السلام رجلا ” مبتلى بالوضوء والصلاة (2) وقلت: هو رجل عاقل، فقال: أبو عبد الله وأي عقل له وهو يطيع الشيطان؟ فقلت له: وكيف يطيع الشيطان؟ فقال سله هذا الذي ياتيه من أي شئ هو؟ فإنه يقول لك من عمل الشيطان (3) 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما قسم الله للعباد شيئا ” أفضل من العقل، فنوم العاقل


(1) اي يجازى على اعماله بقدر عقله فكل من كان عقله أكمل كان ثوابه أجزل (آت) (2) أي بالوسواس في نيتهما أو أفعالهما أو شرائطهما وسببه فساد العقل أو الجهل بالشرع. (3) فهو يعلم ان الوسوسة من عمل الشيطان لما في قوله تعالى ” من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس ” ولكنه لا يتمكن من طرده حين العمل. [ * ]

[ 13 ]

أفضل من سهر الجاهل، وإقامة العاقل أفضل من شخوص الجاهل (1) ولا بعث الله نبيا ” ولا رسولا ” حتى يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من جميع عقول أمته وما يضمر النبي صلى الله عليه وآله في نفسه أفضل من اجتهاد المجتهدين، وما أدى العبد فرائض الله حتى عقل عنه، ولا بلغ جميع العابدين في فضل عبادتهم ما بلغ العاقل، والعقلاء هم أولو الألباب، الذين قال الله تعالى: ” وما يتذكر إلا اولو الألباب ” (2). 12 – أبو عبد الله الأشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال: فبشر عباد * الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولو الألباب ” (3). يا هشام إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، ونصر النبيين بالبيان، ودلهم على ربوبيته بالأدلة، فقال: ” وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم * إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيى به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ” (4). يا هشام قد جعل الله ذلك دليلا ” على معرفته بأن لهم مدبرا “، فقال: ” وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ” (5). وقال: ” هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ” ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا ” مسمى ولعلكم تعقلون (6) ” وقال: ” إن في اختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيى به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح


(1) اي خروجه من بلده طلبا للخير والثواب كالحج والجهاد أو تحصيل العلم ونحو ذلك (في) (2) البقرة: 269 وفيها ” وما يذكر الا اولو الالباب “. (3) الزمر: 20. (4) البقرة: 160. (5) النحل: 12. (6) المؤمن: 70. [ * ]

[ 14 ]

[ والسحاب المسخر بين السماء والأرض ] لآيات لقوم يعقلون (1) ” وقال: ” يحيي الأرض بعد موتها، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون (2) “. وقال: وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (3) “. وقال: ” ومن آياته يريكم البرق خوفا ” وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها. إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (4) “. وقال: ” قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا ” وبالوالدين إحسانا ” ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصيكم به لعلكم تعقلون (5) “. وقال: ” هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم، كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون (6) “. يا هشام ثم وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال: ” وما الحيوة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (7) “. يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عقابه فقال تعالى: ” ثم دمرنا الآخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون (8) “. وقال: ” إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا ” من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون (9) “. يا هشام إن العقل مع العلم فقال: ” وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (10) “. يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال: ” وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباء نا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ” ولا يهتدون (11) ” وقال: ” ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم


(1) مضمون مأخوذ من الاية الرابعة الواردة في سورة الجاثية لا لفظها. (2) الحديد: 16. (3) الرعد: 5. (4) الروم: 24. (5) الانعام: 153. (6) الروم: 28. (7) الانعام: 33. (8) الصافات: 138. (9) العنكبوت: 35. (10) العنكبوت: 43. (11) البقرة: 16 6. [ * ]

[ 15 ]

عمي فهم لا يعقلون (1) “. وقال: ” ومنهم من يستمع إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون (2) ” وقال: ” أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا (3) “. وقال: ” لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون (4) “. وقال: ” وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون (5) “. يا هشام ثم ذم الله الكثرة فقال: ” وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله (6) “. وقال: ” ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون (7) “. وقال: ” ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيى به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون (8) “. يا هشام ثم مدح القلة فقال: ” وقليل من عبادي الشكور (9) “. وقال: ” و قليل ما هم (10) “. وقال: ” وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله (11) “. وقال: ” ومن آمن وما آمن معه إلا قليل (12) “. وقال: ” ولكن أكثرهم لا يعلمون (13) “. وقال: ” وأكثرهم لا يعقلون ” (14). وقال: ” وأكثرهم لا يشعرون “. يا هشام ثم ذكر اولي الألباب بأحسن الذكر، وحلاهم بأحس الحلية، فقال: ” يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا اولو الألباب (15) “. وقال: ” والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا اولو الألباب (16) ” وقال: ” إن في خلق السموات والأرض


(1) البقرة: 171. (2) يونس: 43. وفيها ” يستمعون إليك “. (3) الفرقان: 44. (4) الحشر: 15 (5) البقرة: 42. (6) الانعام: 117. (7) لقمان: 25. وفي بعض النسخ مكان لا يعلمون ” لا يعقلون “. (8) العنكبوت: 63. (9) سبأ: 13. (10) ص: 28. (11) المؤمن: 29. (12) هود: 40. (13) الانعام: 38. (14) المائدة: 103. (15) البقرة: 269. (16) آل عمران: 7. [ * ]

[ 16 ]

واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب (1) “. وقال: ” أفمن يعلم أنما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر اولو الألباب (2) ” وقال: ” أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب (3) “. وقال: ” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب (4) “. وقال: ” ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب هدى وذكرى لاولي الألباب (5) ” وقال: ” وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين (6) “. يا هشام إن الله تعالى يقول في كتابه: ” إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب (7) ” يعني: عقل: ” وقال ” ولقد آتينا لقمان الحكمة (8) “، قال: الفهم والعقل. يا هشام إن لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس، وإن الكيس لدى الحق يسير، يا بني إن الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها (9) عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها الإيمان (10) وشراعها التوكل، وقيمها العقل ودليلها العلم، وسكانها الصبر. يا هشام إن لكل شئ دليلا ودليل العقل التفكر، ودليل التفكر الصمت، و لكل شئ مطية ومطية العقل التواضع (11) وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه. يا هشام ما بعث الله أنبياء ه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا، وأكملهم عقلا أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة. يا هشام إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة – عليهم السلام -، وأما الباطنة فالعقول. يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره.


(1) آل عمران: 190. (2) الرعد: 20. (3) الزمز: 9. (4) ص: 29. (5) المؤمن: 57. (6) الذاريات: 55. (7) ق: 37. (8) لقمان: 12. (9) في بعض النسخ ” فيه ” (10) ” وحشوها ” اي مع ما يحشى فيها وتملاء منها. والشراع ككتاب: الملاءة الواسعة فوق خشبة تصفقها الريح فتمضى بالسفينة. والقيم: مدبر أمر السفينة. (آت) (11) المطية: الناقة التي يركب مطاها اي ظهرها ومطية العقل التواضع اي التذلل والانقياد. [ * ]

[ 17 ]

يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان على هدم عقله: من أظلم نور تفكره بطول أمله، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه (1)، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه، فكأنما أعان هواه على هدم عقله، ومن هدم عقله، أفسد عليه دينه ودنياه. يا هشام كيف يزكو (2) عند الله عملك، وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك. يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله (3) اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند الله، وكان الله انسه في الوحشة، وصاحبه في الوحدة، وغناه في العيلة (4)، ومعزه من غير عشيرة. يا هشام نصب الحق لطاعة الله (5)، ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم والعلم بالتعلم، والتعلم بالعقل يعتقد (6)، ولا علم إلا من عالم رباني، ومعرفة العلم بالعقل. يا هشام قليل العمل من العالم مقبول مضاعف، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود. يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا، فلذلك ربحت تجارتهم. يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب، وترك الدنيا من


(1) والسبب في ذلك أن بطون الامل يقبل إلى الدنيا ولذاتها فيشغل عن التفكر، أو يجعل مقتضى طول الامل ماحيا لمتقضى فكره الصائب. والطريف: الامر الجديد المستغرب الذي فيه نفاسة، و محو الطرائف بالفضول اما لانه إذا اشتغل بالفضول شغل عن الحكمة في زمان التكلم بالفضول، أو لانه لما سمع الناس منه الفضول لم يعبأوا بحكمته أو لانه إذا اشتغل به محى الله عن قلبه الحكمة. (آت) (2) الزكاة تكون بمعنى النمو وبمعنى الطهارة وهنا يحتملهما. (آت) (3) أي حصل له معرفة ذاته وصفاته وأحكامه وشرائعه، أو أعطاه الله العقل. أو علم الامور بعلم ينتهى إلى الله بأن يأخذه عن أنبيائه وحججه عليهم السلام إما بلا واسطة أو بواسطة، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر (آت). (4) اي: مغنيه، أو كما أن اهل الدنيا غناهم بالمال هو غناه بالله وقربه ومناجاته. والعيلة الفقر. والعشيرة: القبيلة. (آت) (5) ” نصب ” اما مصدر أو فعل مجهول وقرائته على المعلوم بحذف الفاعل أو المفعول كما توهم بعيد، انما نصب الله الحق والدين بارسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في اوامره ونواهيه. (آت) (6) اي يشد ويستحكم وفي بعض النسخ ” يعتقل “. [ * ]

[ 18 ]

الفضل، وترك الذنوب من الفرض. يا هشام إن العاقل نظر إلى الدنيا وإلى أهلها فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة ونظر إلى الآخرة فعلم أنها لا تنال إلا بالمشقة، فطلب بالمشقة أبقاهما. يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة، لأنهم علموا أن الدنيا طالبة مطلوبة (1) والآخرة طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت، فيفسد عليه دنياه وآخرته. يا هشام من أراد الغنى بلا مال، وراحة القلب من الحسد، والسلامة في الدين فليتضرع إلى الله عزوجل في مسألته بأن يكمل عقله، فمن عقل قنع بما يكفيه، ومن قنع بما يكفيه استغني، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغني أبدا. يا هشام إن الله حكى عن قوم صالحين: أنهم قالوا: ” ربنا لا تزغ قلوبنا (2) بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ” حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها. إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا، وسره لعلانيته موافقا، لأن الله تبارك اسمه لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه، وناطق عنه. يا هشام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ما عبد الله بشئ أفضل من العقل، وما تم عقل امرء حتى يكون فيه خصال شتى: الكفر والشر منه مأمونان، والرشد والخير


(1) طالبية الدنيا عبارة عن ايصالها الرزق المقدر إلى من هو فيها ليكونوا فيها إلى الاجل المقرر، ومطلوبيتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على احسن احوالها، وطالبية الاخرة عبارة عن بلوغ الاجل وحلول الموت لمن هو في الدنيا ليكونوا فيها، ومطلوبيتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على احسن احوالها، ولا يخفى أن الدنيا طالبة بالمعنى المذكور لان الرزق فيها مقدر مضمون يصل إلى الانسان لا محالة، طلبه أو لا ” وما من دابة في الارض الا على الله رزقها ” وأن الاخرة طالبة أيضا لان الاجل مقدر كالرزق مكتوب ” قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تتمعون الا قليلا “. (في) (2) ” الزيغ ” هو الميل والعدول عن الحق. والردى: الهلاك والضلال. (آت) [ * ]

[ 19 ]

منه مأمولان، وفضل ماله مبذول، وفضل قوله مكفوف، ونصيبه من الدنيا القوت، لا يشبع من العلم دهره، الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره، والتواضع أحب إليه من الشرف، يستكثر قليل المعروف من غيره، ويستقل كثير المعروف من نفسه، ويرى الناس كلهم خيرا منه، وأنه شرهم في نفسه، وهو تمام الأمر. (1) يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه. يا هشام لا دين لمن لا مروة له (2)، ولا مروة لمن لا عقل له، وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا (3) أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة (4) فلا تبيعوها بغيرها. يا هشام إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: إن من علامة العاقل ان يكون فيه ثلاث خصال: يجيب إذا سئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي يكون فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلاث شئ فهو أحمق. إن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه هذه الخصال الثلاث أو واحدة منهن، فمن لم يكن فيه شئ منهن فجلس فهو أحمق. وقال الحسن بن علي عليهما السلام: إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها، قيل


(1) اي: كل أمر من امور الدين يتم به أو كأنه جميع امور الدين مبالغة. (آت) (2) وذلك لان من لا عقل له لا يكون عارفا بما يليق به ويحسن، وما لا يليق به ولا يحسن، فقد يترك اللائق ويجيئ بما لا يليق ومن يكون كذلك لا يكون ذا دين. (رف) والمروة: الانسانية وكمال الرجولية وهي الصفة الجامعة لمكارم الاخلاق ومحاسن الاداب. (آت) (3) الخطر: الحظ والنصيب والقدر والمنزلة والسبق الذي يتراهن عليه. (آت) (4) اي: ما يليق أن يكون ثمنا لها الا الجنة، شبه (ع) استعمال البدن في المكتسبات الباقية ببيعها بها، وذلك لان الابدان في التناقص يوما فيوما لتوجه النفس منها إلى عالم آخر فان كانت النفس سعيدة كانت غاية سعيه في هذه الدنيا وانقطاع حياته البدنية إلى الله سبحانه والى نعيم الجنة لكونه على منهج الهداية والاستقامة فكأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع الله تعالى ولهذا خلقه الله عزوجل. وان كانت شقية كانت غاية سعيه وانقطاع اجله وعمره إلى مقارنة الشيطان وعذاب النيران لكونه على طريق الضلالة فكأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية واللذات الحيوانية التي ستصير نيرانات محرقة مؤلمة وهي اليوم كامنة مستورة عن حواس اهل الدنيا وستبرز يوم القيامة ” وبرزت الجحيم لمن يرى ” معاملة مع الشيطان وخسر هنالك المبطلون (في كذا نقل عن استاذه صدر المتألهين ره) [ * ]

[ 20 ]

يا ابن رسول الله ومن أهلها؟ قال: الذين قص الله (1) في كتابه وذكرهم، فقال: ” إنما يتذكر أولو الألباب ” قال: هم اولو العقول. وقال علي بن الحسين عليهما السلام (2): مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح، وآداب العلماء زيادة في العقل، وطاعة ولاة العدل تمام العز، واستثمار المال تمام المروة (3) وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة، وكف الأذى من كمال العقل، وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا. يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه، ولا يسأل من يخاف منعه ولا يعد ما لا يقدر عليه، ولا يرجو ما يعنف برجائه (4)، ولا يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه. (5) 13 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: العقل غطاء ستير (6)، والفضل جمال ظاهر (7) فاستر خلل خلقك بفضلك (8) وقاتل هواك بعقلك، تسلم لك المودة، وتظهر لك المحبة. 14 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن سماعة بن مهران


(1) في بعض النسخ ” نص الله “. (2) في كلامه عليه السلام ترغيب إلى المعاشرة مع الناس والمؤانسة بهم، واستفادة كل فضيلة من أهلها، وزجر عن الاعتزال والانقطاع اللذين هما منبت النفاق ومغرس الوسواس والحرمان عن المشرب الاتم المحمدي صلى الله عليه وآله والمقام المحمود، والموجب لترك كثير من الفضائل و الخيرات وفوت السنن الشرعية وآداب الجمعة والجماعات وانسداد أبواب مكارم الاخلاق (في ملخصا). (3) اي: استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الانسانية وموجب له أيضا لانه لا يحتاج إلى غيره ويتمكن من أن يأتي بما يليق به. (آت) (4) اي العاقل لا يرجو فوق ما يستحقه. (في) (5) اي لا يفعل فعلا قبل أو انه مبادرا إليه. وفي بعض النسخ ” ولا يتقدم “. (في) (6) الغطاء ما يستتر به والستير فعيل بمعنى الفاعل اي ساتر للعيوب الباطنة أو يستر صاحبه عما يدنسه. (7) الفضل ما يعد من المحاسن والمحامد والجمال يطلق على حسن الخلق والخلق والفعل (آت) (8) اي: بفضائلها وكمالاتها فان من الاخلاق الرذيلة ما لا يمكن ازالته بالكلية لكونه معجونا في جبلة صاحبه وخلقه بفتح الخاء فالمجبول على صفة الجبن مثلا لا يصير شجاعا مقداما في الحروب سيما إذا تأكدت في نفسه بالنشوء عليها مدة من العمر فغاية سعيه في معالجتها أن يمنعها من الظهور بمقتضاها ولا يمهلها أن يمضى افعالها ولهذا امر بالستر. (في). [ * ]

[ 21 ]

قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل فقال أبو عبد الله عليه السلام: اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا، قال سماعة: فقلت: جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله عزوجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين (1) عن يمين العرش من نوره فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي، قال: ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فلم يقبل فقال له: استكبرت فلعنه، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل: يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال: نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال: قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: (2) الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل، والايمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط، والعدل وضده الجور، والرضا وضده السخط، والشكر وضده الكفران، والطمع وضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدها القسوة، والرحمة وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة (3) وضدها التهتك، والزهد وضده الرغبة، والرفق (4) وضده الخرق، والرهبة وضدها الجرأه، والتواضع وضده الكبر، والتؤدة (5) وضدها التسرع، والحلم وضدها السفه،


(1) يطلق الروحاني على الاجسام اللطيفة وعلى الجواهر المجردة ان قيل بها. (آت) (2) المذكور فيما يلى ثمانية وسبعون جندا ولكنه قد تكرر ذكر بعض الجنود فافهم. (3) العفة هي منع البطن والفرج عن المحرمات والشبهات ومقابلها التهتك وعدم المبالات بهتك ستره في ارتكاب المحرمات (آت). أو، هي اعتدال القوة الشهوية في كل شئ من غير ميل الى الافراط والتفريط. (في) (4) الرفق هو حسن الصنيعة والملائمة وضده الخرق – بالضم وبالتحريك (آت). (5) التؤدة هي: بضم التاء وفتح الهمزة وسكونها: الرزانة والتأني اي: عدم المبادرة إلى الامور بلا تفكر فانها توجب الوقوع في المهالك. (آت) [ * ]

[ 22 ]

والصمت (1) وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار (2)، والتسليم وضده الشك، والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر، والتذكر (3) وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمؤاساة وضدها المنع، والمودة وضدها العداوة والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع وضده التطاول (4)، والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والأمانة وضدها الخيانة، والاخلاص وضده الشوب، والشهامة وضدها البلادة، والفهم (5) وضده الغباوة، والمعرفة وضدها الانكار، والمداراة وضدها المكاشفة، وسلامة الغيب وضدها المماكرة، والكتمان وضده الإفشاء، والصلاة وضدها الاضاعة، والصوم وضده الإفطار، والجهاد وضده النكول، والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين وضده العقوق، والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج (6)، والتقية وضدها الإذاعة، والإنصاف وضده الحمية، والتهيئة (7) وضدها البغي، والنظافة وضدها القذر، والحياء (8) وضدها الجلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق (9)، والعافية وضدها البلاء، والقوام (10) وضده المكاثرة، والحكمة وضدها الهواء، والوقار وضده الخفة، والسعادة وضدها الشقاوة، والتوبة وضدها الإصرار،


(1) الصمت هو السكوت عما لا يحتاج إليه وضده الهذر بالتحريك وهو التكلم بما لا ينبغي. (2) الاستسلام هو الطاعة والانقياد لكل ما هو حق والاذعان للحق من غير تزلزل واضطراب (في). (3) في بعض النسخ ” التفكر “. (4) التطاول: التكبر والترفع. (5) كذا في النسخ والصحيح الفطنة كما في العلل. (6) التبرج: اظهار الزينة. (7) التهيئة: الموافقة والمصالحة بين الجماعة وامامهم. (آت) (8) الجلع: هو قلة الحياء وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة وهو بمعنى النزع. (في). (9) المحق هو النقص والمحو والابطال. (في) (10) القوام بفتح القاف كسحاب العدل وما يعاش به، والمكاثرة المغالبة في الكثرة اي تحصيل متاع الدنيا زائدا على قدر الحاجة للمباهات والمغالبة وفي بعض النسخ المكاشرة وهي المضاحكة (آت) [ * ]

[ 23 ]

والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والفرح وضده الحزن، والالفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل. فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي، أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل، وينقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته. 15 – جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي ابن فضال، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما كلم رسول الله صلى الله عليه وآله العباد بكنه عقله قط، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنا معاشر الأنبياء امرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم. 16 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني (1)، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن قلوب الجهال تستفزها الأطماع (2)، وترتهنها المنى، وتستعلقها الخدائع. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبيد الله الدهقان، عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام أكمل الناس عقلا أحسنهم خلقا. 18 – علي، [ عن أبيه ]، عن أبي هاشم الجعفري قال: كنا عند الرضا عليه السلام


(1) ” السكوني ” بفتح السين نسبة إلى حى من اليمن وهو اسماعيل بن أبي زياد ويعرف بالشعيري (2) اي تستخفها وتخرجها من مقرها. وترتهنها المنى اي إرادة ما لا يتوقع حصوله، أو المراد بها ما يعرض للانسان من أحاديث النفس وتسويل الشيطان، اي تأخذها وتجعلها مشغولة بها ولا تتركها الا بحصول ما تتمناه كما أن الرهن لا ينفك الا بأداء المال. وتستعلقها بالعين المهملة ثم القاف اي: تصيدها وتربطها بالحبال من قولهم: علق الوحش بالحبالة إذا تعوق وتشب فيها. وفي بعض النسخ بالقافين اي تجعلها الخدائع منزعجة منقلعة من مكانها، وفي بعضها بالغين المعجمة ثم القاف من قولهم: استغلقني في بيعه اي لم يجعل لي خيارا في رده. (آت) [ * ]

[ 24 ]

فتذاكرنا العقل والأدب فقال: يا أبا هاشم العقل حباء من الله والأدب كلفة، فمن تكلف الأدب قدر عليه، ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إلا جهلا. 19 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك إن لي جارا كثير الصلاة، كثير الصدقة، كثير الحج لا بأس به (1) قال: فقال: يا إسحاق كيف عقله؟ قال: قلت له: جعلت فداك ليس له عقل، قال: فقال: لا يرتفع بذلك منه. 20 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن محمد السياري، عن أبي يعقوب البغدادي قال: قال ابن السكيت لأبي الحسن عليه السلام لماذا بعث الله موسى بن عمران عليه السلام بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر؟ وبعث عيسى بآلة الطب؟ وبعث محمدا – صلى الله عليه وآله وعلى جميع الأنبياء – بالكلام والخطب؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: إن الله لما بعث موسى عليه السلام كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به الحجة عليهم، وإن الله بعث عيسى عليه السلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات (3) واحتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم الموتى، وأبرء الأكمه والأبرص بإذن الله، وأثبت به الحجة عليهم. وإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله في وقت كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام


(1) أي لم يظهر منه عداوة لاهل الدين وشدة على المؤمنين أو لم يطلع منه على معصية. (2) ابن السكيت بكسر السين وشد الكاف هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدورقي الاهوازي الشيعي احد أئمة اللغة والادب، ذكره كثير من المؤرخين وأثنوا عليه وكان ثقة جليلا من عظماء الشيعة ويعد من خواص الامامين التقيين عليهما السلام وكان حامل لواء علم العربية والادب والشعر واللغة والنحو، له تصانيف كثيرة مفيدة منها كتاب تهذيب الالفاظ وكتاب إصلاح المنطق قتله المتوكل في خامس شهر رجب سنة 244 وسببه أن المتوكل قال له يوما: ايما أحب إليك ابناي هذان اي المعتز والمؤيد ام الحسن والحسين عليهما السلام؟ فقال ابن السكيت: والله إن قنبرا خادم علي بن أبي طالب خير منك ومن ابنيك فقال المتوكل للاتراك: سلوا لسانه من قفاء ففعلوا فمات، و قيل: أثنى على الحسن والحسين عليهما السلام ولم يذكر ابنيه فامر المتوكل الاتراك فداسوا بطنه فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم رحمة الله عليه. (3) ” الزمانات ” الافات الواردة على بعض الاعضاء فيمنعها عن الحركة كالفالج واللقوة، ويطلق المزمن على مرض طال زمانه. [ * ]

[ 25 ]

وأظنه قال: الشعر فأتاهم من عند الله من واعظه وحكمه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجة عليهم، قال: فقال ابن السكيت: تالله ما رأيت مثلك قط فما الحجة على الخلق اليوم؟ قال: فقال عليه السلام: العقل، يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه، قال: فقال ابن السكيت: هذا والله هو الجواب. 21 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء (1) عن المثنى الحناط، عن قتيبة الأعشى، عن ابن أبي يعفور، عن مولى لبني شيبان، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد (2) فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم. 22 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن علي بن إبراهيم عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حجة الله على العباد النبي، والحجة فيما بين العباد وبين الله العقل. 23 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد مرسلا قال: قال أبو عبد الله: دعامة الإنسان العقل، والعقل منه الفطنة والفهم والحفظ والعلم، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصره ومفتاح أمره، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالما، حافظا، ذاكرا فطنا، فهما، فعلم بذلك كيف ولم وحيث، وعرف من نصحه ومن غشه، فإذا عرف ذلك عرف مجراه وموصوله ومفصوله، وأخلص الوحدانية لله، والإقرار بالطاعة فإذا فعل ذلك كان مستدركا لما فات، وواردا على ما هو آت، يعرف ما هو فيه، ولأي شئ هو ههنا، ومن أين يأتيه، وإلى ما هو صائر، وذلك كله من تأييد العقل. 24 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العقل دليل المؤمن. 25 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن السري بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي لا فقر


(1) ” الوشاء ” بالشد والمد بياع الثوب الوشي والمراد منه الحسن بن علي بن زياد الوشاء الجبلي الكوفي من أصحاب الرضا عليه السلام اي زاد الله في دماغهم فأكمل شعورهم وفكرهم بقدرته الواسعة. [ * ]

[ 26 ]

أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل (1). 26 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن أبي نجران، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما خلق الله العقل قال له: أقبل فأقبل. ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك إياك آمر وإياك أنهي، وإياك اثيب وإياك اعاقب. 27 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسين بن خالد، عن إسحاق بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الرجل آتيه واكلمه ببعض كلامي فيعرفه كله، ومنهم من آتيه فاكلمه بالكلام فيستوفي كلامي كله ثم يرده علي كما كلمته، ومنهم من آتيه فاكلمه فيقول: أعد علي؟! فقال: يا إسحاق! وما تدرى لم هذا؟ قلت: لا، قال: الذي تكلمه ببعض كلامك فيعرفه كله فذاك من عجنت نطفته بعقله، وأما الذي تكلمه فيستوفى كلامك ثم يجيبك على كلامك فذاك الذى ركب عقله فيه في بطن امه، وأما الذي تكلمه بالكلام فيقول: أعد علي، فذاك الذي ركب عقله فيه بعدما كبر، فهو يقول لك: أعد علي. 28 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن بعض من رفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا رأيتم الرجل كثير الصلاة كثير الصيام فلا تباهوا به حتى تنظروا كيف عقله؟. 29 – بعض أصحابنا، رفعه عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يا مفضل لا يفلح من لا يعقل، ولا يعقل من لا يعلم، وسوف ينجب من يفهم (2)، و يظفر من يحلم، والعلم جنة، والصدق عز، والجهل ذل، والفهم مجد، والجود


(1) أي: أنفع من العائدة وهي المنفعة اي الرجل ينال بالعقل من المنافع والخيرات ما لا ينال بالمال وبالجهل يفوته من ذلك ما لا يفوته بالفقر، وبالعقل يمكن الوصول إلى المال وبالمال لا يمكن الوصول إلى العقل. (في) (2) النجيب: الفاضل النفيس في نوعه. والمراد انه من يكون ذا فهم فهو قريب من أن يصير عالما بما يجب عليه وما ينبغي، بعقله والتدبر فيه. (آت) [ * ]

[ 27 ]

نجح (1) وحسن الخلق مجلبة للمودة، والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس و الحزم مسائة الظن (2)، وبين المرء والحكمة نعمة العالم، والجاهل شقي بينهما (3) والله ولي من عرفه وعدو من تكلفه (4) والعاقل غفور والجاهل ختور (5) وإن شئت أن تكرم فلن وإن شئت أن تهان فاخشن، ومن كرم أصله لان قلبه، ومن خشن عنصره غلظ كبده ومن فرط تورط (6) ومن خاف العاقبة تثبت عن التوغل فيما لا يعلم و من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه، ومن لم يعلم لم يفهم، ومن لم يفهم لم يسلم، ومن لم يسلم لم يكرم، ومن لم يكرم يهضم (7) ومن يهضم كان ألوم، ومن كان كذلك كان أحرى أن يندم. 30 – محمد بن يحيى، رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من استحكمت (8) لي فيه خصلة من خصال الخير احتملته عليها واغتفرت فقد ما سواها ولا أغتفر فقد عقل ولا دين، لأن مفارقة الدين مفارقة الأمن فلا يتهنأ بحياة مع مخافة، وفقد العقل فقد الحياة، ولا يقاس إلا بالأموات. 31 – علي بن إبراهيم بن هشام، عن موسى بن إبراهيم المحاربي، عن الحسن ابن موسى، عن موسى بن عبد الله، عن ميمون بن علي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله. 32 – أبو عبد الله العاصمي، عن علي بن الحسن، عن علي بن أسباط، عن الحسن ابن الجهم، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ذكر عنده أصحابنا وذكر العقل قال: فقال عليه السلام: لا يعبأ (9) بأهل الدين ممن لا عقل له، قلت: جعلت فداك إن ممن يصف


(1) النجح بالضم: الظفر بالحوائج. (2) الحزم: احكام الامر وضبطه والاخذ بالثقة، والمساءة مصدر ميمي (في). (3) في بعض النسخ ” يسعى بينهما “. (4) من تكلفه أي أظهر من معرفته ما ليس له. (5) ختور من الختر بمعنى المكر والخديعة. (6) اي من قصر في طلب الحق وفعل الطاعات أوقع نفسه في ورطات المهالك. (7) في بعض النسخ ” تهضم ” من باب التفعل. (8) أي: اثبتت وصارت ملكة راسخة فيه، واحتملته عليها اي قبلته ورحمته على تلك الخصلة (في) وقوله: ” لا يقاس الا بالاموات ” اي لعدم اطلاعه على وجوه مفاسده ومصالحه وعدم اهتدائه إلى دفع مضاره وجلب منافعه. (لح). (9) لا يعبأ اي: لا يبالى بمن لا عقل له ولم يعد شريفا. [ * ]

[ 28 ]

هذا الأمر قوما لا بأس بهم عندنا وليست لهم تلك العقول فقال: ليس هؤلاء ممن خاطب الله إن الله خلق العقل فقال له: أقبل فأقبل وقال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت شيئا أحسن منك أو أحب إلي منك، بك آخذ وبك اعطي. 33 – علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس بين الايمان والكفر إلا قلة العقل (1) قيل: وكيف ذاك يا ابن رسول الله؟ قال: إن العبد يرفع رغبته (2) إلى مخلوق فلو أخلص نيته لله لأتاه (3) الذي يريد في أسرع من ذلك. 34 – عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عبد الله الدهقان، عن أحمد بن عمر الحلبي، عن يحيى بن عمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: بالعقل استخرج غور الحكمة (4) وبالحكمة استخرج غور العقل، وبحسن السياسة يكون الأدب الصالح. قال: وكان يقول: التفكر حياة قلب البصير كما يمشي الماشي في الظلمات بالنور بحسن التخلص وقلة التربص. [ * الف عدة من أصحابنا، عن عبد الله البزاز، عن محمد بن عبد الرحمن بن حماد


(1) يعني ان قليل العقل متوسط بين المؤمن والكافر، فليس مؤمنا حقيقيا كاملا لما فيه من قصور العقل الموجب لبعده عنه تعالى في الجملة ولا كافرا حقيقيا محضا لما فيه شئ من نور العقل الموجب لقربه في الجملة. (لح) (2) أي يرفع مرغوبه ومراده من حوائجه إلى مخلوق لقلة عقله واعتقاده بأن الحصول لا يكون الا بالرفع إليه فيعظمه ويذلل له ويتخذه ربا معطيا ولو كان عاقلا كامل العقل لعرف أن اخلاص النية لله والرفع إليه دون غيره أسرع للوصول الى المطلوب. (رف) (3) اما على بناء المجرد فالموصول فاعله أو على بناء الافعال ففاعله الضمير الراجع إلى الله والموصول مفعوله. (آت) (4) غور الحكمة أي قعرها وفي بعض النسخ بالعين المهملة والزاى المعجمة وهو بمعنى النقص والقلة ولعله تصحيف وقوله: ” بالحكمة استخرج غور العقل ” اي استخرج نهاية ما في قوته من الوصول إلى العلوم والمعارف. (آت) هاتان الروايتان المرموزتان، ” الف، ب ” لم نجدهما في أكثر النسخ التي بايدينا وانما وجدناهما في نسختين مخطوطتين (في حدود القرن العاشر) أثبتناهما هنا مزيدا للفائدة واقتفاء بالمحدث الكبير المجلسي (قدس سره) حيث قال في باب حدوث العالم في شرحه للكافي (مرآة العقول) ص 50 عند ذكر الحديث الثالث ما نصه: وليس هذا الحديث في أكثر النسخ لكنه موجود في توحيد الصدوق ورواه عن الكليني.. الخ. [ * ]

[ 29 ]

عن الحسن بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل: أن أول الامور ومبدأها وقوتها وعمارتها التي لا ينتفع شئ إلا به، العقل الذي جعله الله زينة لخلقه ونورا لهم، فبالعقل عرف العباد خالقهم، وأنهم مخلوقون، وأنه المدبر لهم، وأنهم المدبرون، وأنه الباقي وهم الفانون، واستدلوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه، من سمائه وأرضه، وشمسه وقمره، وليلة ونهاره، وبأن له ولهم خالقا ومدبرا لم يزل ولا يزول، وعرفوا به الحسن من القبيح، وأن الظلمة في الجهل، وأن النور في العلم، فهذا ما دلهم، عليه العقل. قيل له: فهل يكتفي العباد بالعقل دون غيره؟ قال: إن العاقل لدلالة عقله الذي جعله الله قوامه وزينته وهدايته، علم أن الله هو الحق، وأنه هو ربه، وعلم أن لخالقه محبة، وأن له كراهية، وأن له طاعة، وأن له معصية، فلم يجد عقله يدله على ذلك (1) وعلم أنه لا يوصل إليه إلا بالعلم وطلبه، وأنه لا ينتفع بعقله، إن لم يصب ذلك بعلمه، فوجب على العاقل طلب العلم والأدب الذي لا قوام له إلا به. ب علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن ابن أبي عمير، عن النضر بن سويد، عن حمران وصفوان بن مهران الجمال قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا غنى أخصب من العقل، ولا فقر أحط من الحمق، ولا استظهار في أمر بأكثر من المشورة فيه ]. وهذا آخر كتاب العقل [ والجهل ] والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما


(1) أي لم يجد عقله يدله على ما يحبه الله ولا على ما يكرهه الله حتى يعرف العصيان من الطاعة. [ * ]

[ 30 ]

(كتاب فضل العلم) بسم الله الرحمن الرحيم * (باب فرض العلم ووجوب طلبه والحث عليه) * 1 – أخبرنا محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم بن هشام [ عن أبيه ] عن الحسن ابن أبي الحسين الفارسي، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله عليه السلام: طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا إن الله يحب بغاة العلم (1). 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله، عن عيسى بن عبد الله العمري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: طلب العلم فريضة. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه قال: سئل أبو الحسن عليه السلام: هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون إليه؟ فقال: لا. 4 – علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، جميعا، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي عمن حدثه قال: سمعت أمير المؤمنين يقول: أيها الناس اعلموا أن كمال الدين طلب العلم والعمل به، ألا وإن طلب العلم أوجب عليكم من طلب المال، إن المال مقسوم مضمون لكم، قد قسمه عادل بينكم، وضمنه وسيفي لكم، والعلم مخزون عند أهله، وقد امرتم بطلبه من أهله فاطلبوه. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن يعقوب بن يزيد، عن


(1) أي طلابه، جمع باغ كهداة جمع هاد. (آت) (2) يعني: الانبياء والائمة عليهم السلام والعلماء الذين أخذوا منهم. (آت) [ * ]

[ 31 ]

أبي عبد الله رجل من أصحابنا رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طلب العلم فريضة. وفي حديث آخر قال قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: طلب العلم فريضة على كل مسلم ألا وإن الله يحب بغاة العلم. 6 – علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى عن على بن أبي حمزة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: تفقهوا في الدين فإنه من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي (1) إن الله يقول [ في كتابه ]: ” ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (2) “. 7 – الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن الربيع، عن مفضل ابن عمر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعرابا (3) فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة (4) ولم يزك له عملا. 8 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لوددت أن أصحابي ضربت رؤوسهم بالسياط (5) حتى يتفقهوا. 9 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل: جعلت فداك رجل عرف هذا الأمر، لزم بيته ولم يتعرف إلى أحد من إخوانه؟ قال: فقال: كيف يتفقه هذا في دينه!؟.


(1) الاعرابي منسوب إلى الاعراب ولا واحد له والمراد الذين يسكنون البادية ولا يتعلمون الاحكام الشرعية. (لح) (2) التوبه: 122. (3) أي لا تكونوا كالاعراب جاهلين بالدين، غافلين عن أحكامه، معرضين عن تعلمها. (لح) (4) كناية عن سخطه وغضبه عليه. وعدم الاعتداد به وسلب رحمته وفيضه واحسانه واكرامه عنه، وحرمانه عن مقام القرب. (لح) (5) جمع سوط وهو ما يجلد به. [ * ]

[ 32 ]

(باب) * (صفة العلم وفضله وفضل العلماء) * 1 – محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست (1) الواسطي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله المسجد فإذا جماعة قد أطافوا برجل فقال: ما هذا؟ فقيل: علامة فقال: وما العلامة؟ فقالوا له: أعلم الناس بأنساب العرب ووقائعها، وأيام الجاهلية، والأشعار العربية، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: ذاك علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: إنما العلم ثلاثة: آية محكمة، أو فريضة عادلة، أو سنة قائمة، وما خلاهن فهو فضل (2). 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن أبي البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وانما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا، فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد ابن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين. 4 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان (3)، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: الكمال كل الكمال التفقه في الدين، والصبر على النائبة (4) وتقدير المعيشة.


(1) بضم الدال والراء المهملتين وسكون السين المهملة والتاء وقيل بفتح الدال والراء. (2) فالعلم في نظر الشارع الاقدس حيث يذكر العلم ويقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم هو العلم باحدى هذه الثلاثة اما معرفة آية محكمة من القرآن ترشده، أو معرفة فريضة من فرائض القرآن وهي الاحكام التي لا مندوحة عن معرفتها والعمل بها، أو سنة صالحة قائمة على اصولها (كالسنن النبوية) يكون العمل بها سببا لتزكية المرء وأدبه في الدين والدنيا وأما باقي المعارف فانما هو فضل وصاحبه في الشرع فاضل لا عالم. (3) ويأتي في ج 5 ص 87 وفيه: عن ابن ابي عمير، عن ربعي. (4) النائبة: الحادثة. وتقدير المعيشة ترك الاسراف. [ * ]

[ 33 ]

5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل ابن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العلماء امناء، والأتقياء حصون، والأوصياء سادة. وفي رواية أخرى: العلماء منار، والأتقياء حصون، والأوصياء سادة. 6 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن إدريس بن الحسن، عن أبي إسحاق الكندي، عن بشير الدهان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا خير فيمن لا يتفقه من أصحابنا يا بشير! إن الرجل منهم إذا لم يستغن بفقهه احتاج إليهم (1) فإذا احتاج إليهم أدخلوه في باب ضلالتهم وهو لا يعلم. 7 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا خير في العيش إلا لرجلين عالم مطاع، أو مستمع واع. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، ومحمد بن يحيى، عن أحمد ابن محمد، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد. 9 – الحسين بن محمد، عن أحمد بن اسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية ابن عمار قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: رجل راوية لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدده في قلوبهم وقلوب شيعتكم ولعل عابدا من شيعتكم ليست له هذه الرواية أيهما أفضل؟ قال: الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد. (باب أصناف الناس) 1 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي اسامة، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عمن حدثه ممن يوثق به قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن الناس آلوا (2) بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ثلاثة: آلوا إلى عالم على هدى من الله قد أغناه الله بما علم عن علم غيره وجاهل مدع للعلم لا علم له معجب بما عنده، قد فتنته الدنيا


(1) أي إلى المخالفين. (2) آلوا: أي رجعوا. [ * ]

[ 34 ]

وفتن غيره ومتعلم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة ثم هلك من ادعى وخاب من افترى. 2 – الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الناس ثلاثة: عالم ومتعلم وغثاء (1). 3 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي حمزة الثمالي (2) قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: اغد عالما أو متعلما أو أحب أهل العلم، ولا تكن رابعا فتهلك ببغضهم. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول يغدوا الناس على ثلاثة أصناف: عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء. (باب ثواب العالم والمتعلم) 1 – محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به (3) طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به (4) وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر.


(1) غثاء: بضم الغين المعجمة والثاء المثلثة والمد، ما يحمله السيل من الزبد والوسخ وغيره. (2) بضم المثلثة، هو ثابت بن دينار، الثقة الجليل صاحب التفسير وراوي الدعاء المعروف في أسحار شهر رمضان كان من زهاد أهل الكوفة ومشايخها وكان عربيا أزديا، خدم على بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد عليهم السلام. (3) الباء للتعدية اي أسلكه الله في طريق موصل إلى الجنة. (آت) (4) رضا به: مفعول لاجله ويحتمل أن بكون حالا بتأويل: اي راضين غير مكرهين. (آت). [ * ]

[ 35 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح. عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الذي يعلم العلم منكم له أجر مثل أجر المتعلم وله الفضل عليه، فتعلموا العلم من حملة العلم وعلموه إخوانكم كما علمكموه العلماء 3 – علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من علم خيرا فله مثل أجر من عمل به، قلت: فان علمه غيره (1) يجري ذلك له؟ قال: إن علمه الناس كلهم جرى له، قلت: فإن مات؟ قال: وإن مات. 4 – وبهذا الإسناد، عن محمد بن عبد الحميد، عن العلاء بن رزين، عن أبي عبيدة الحذاء (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ولا ينقص اولئك من اجورهم شيئا ومن علم باب ضلال كان عليه مثل أوزار من عمل به ولا ينقص اولئك من أوزارهم شيئا. 5 – الحسين بن محمد، عن علي بن محمد بن سعد رفعه، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليه السلام قال: لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج (3) وخوض اللجج (4) إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى دانيال أن أمقت عبيدي إلى الجاهل المستخف بحق أهل العلم، التارك للاقتداء بهم، وأن أحب عبيدي إلي التقي الطالب للثواب الجزيل، اللازم للعلماء، التابع للحلماء، القابل عن الحكماء. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري (5) عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: من تعلم العلم وعمل به وعلم لله دعي في ملكوت السماوات عظيما فقيل: تعلم لله وعمل لله وعلم لله.


(1) أي علمه المتعلم ثالثا وقوله: يجرى ذلك له؟ أي أيجرى للاول أجر تعليم الثاني كما يجرى له أجر عمله؟ قال: إن علمه الناس كلهم يعني ولو بوسائط، وقوله عليه السلام: ” وإن مات ” أي ذلك المعلم (في). (2) بالشد والمد هو زياد بن عيسى، كوفي ثقة روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ومات في حياة الصادق عليه السلام. بالمدينة رحمة الله عليه. (3) جمع مهجة وهي الدم أو دم القلب خاصة أي بما يتضمن اراقة دمائهم. (4) جمع لجة وهي معظم الماء. (5) بكسر الميم وسكون النون وفتح القاف وزان منبر. [ * ]

[ 36 ]

(باب صفة العلماء) 1 – محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اطلبوا العلم وتزينوا معه بالحلم والوقار، وتواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم، ولا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد بن عثمان، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” إنما يخشى الله من عباده العلماء (1) ” قال: يعني بالعلماء من صدق فعله قوله، ومن لم يصدق فعله قوله فليس بعالم. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه؟ من لم يقنط الناس من رحمة الله، ولم يؤمنهم من عذاب الله، ولم يرخص لهم في معاصي الله، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره، ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفكر، وفي رواية اخرى: ألا لا خير في علم ليس فيه تفهم، ألا لا خير في قراءة ليس فيها تدبر، ألا لا خير في عبادة لا فقه فيها، ألا لا خير في نسك لا ورع فيه. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان النيسابوري جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إن من علامات الفقه (2) الحلم والصمت. 5 – أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد البرقي، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا يكون السفه والغرة في قلب العالم (3).


(1) الفاطر: 28. (2) في بعض النسخ: [ الفقيه ]. (3) الغرة بكسر الغين المعجمة: الغفلة. وفي بعض النسخ بالمهملة والزاى المعجمة وهي التكبر. [ * ]

[ 37 ]

6 – وبهذا الإسناد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، رفعه قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام: يا معشر الحواريين لي إليكم حاجة اقضوها لي، قالوا: قضيت حاجتك يا روح الله، فقام فغسل أقدامهم (1) فقالوا: كنا نحن أحق بهذا يا روح الله! فقال: إن أحق الناس بالخدمة العالم إنما تواضعت هكذا لكيما تتواضعوا بعدي في الناس كتواضعي لكم، ثم قال عيسى عليه السلام: بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبر، وكذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عمن ذكره، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: يا طالب العلم! إن للعالم ثلاث علامات: العلم والحلم والصمت، وللمتكلف ثلاث علامات: ينازع من فرقه بالمعصية، ويظلم من دونه بالغلبة، ويظاهر (2) الظلمة. (باب حق العالم) 1 – علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن من حق العالم أن لا تكثر عليه السؤال ولا تأخذ بثوبه وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلم عليهم جميعا وخصه بالتحية دونهم، واجلس بين يديه ولا تجلس خلفه ولا تغمز بعينك ولا تشر بيدك (3)، ولا تكثر من القول: قال فلان وقال فلان خلافا لقوله ولا تضجر بطول صحبته فإنما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتى يسقط عليك منها شئ، والعالم أعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله.


(1) في بعض النسخ: [ فقبل ]. (2) يظاهر الظلمة: اي يعاونهم في الظلم. (3) لعل المراد بالجلوس بين يديه جلوسه بحيث لا يحوجه إلى الالتفات حين الخطاب وبالخلف ما يقابله. والغمز بالعين الاشارة بها وحذف المفعول لعله للتعميم أي سواء تغمز وتشير إليه أو إلى غيره في حضوره لان ذلك ينافي التعظيم والحرمة (في) [ * ]

[ 38 ]

(باب فقد العلماء) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن أبي حمزة قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام يقول: إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة و بقاع الأرض (1) التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله، وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شئ لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن سور المدينة لها. 4 – وعنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب الخزاز، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من أحد يموت من المؤمنين أحب إلى إبليس من موت فقيه. 5 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن داود بن فرقد (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن أبي كان يقول: إن الله عزوجل لا يقبض العلم بعد ما يهبطه ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم فتليهم الجفاة (3) فيضلون ويضلون ولا خير في شئ ليس له أصل. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي، عمن ذكره، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: إنه يسخي (4) نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول الله: ” أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها (5) ” وهو ذهاب العلماء.


(1) بقاع بكسر الباء: جمع بقعة وهي قطعة من الارض. (2) بالفاء المفتوحة والراء المهملة الساكنة والقاف المفتوحة والدال المهملة. (3) اي تتصرف في امورهم من الولاية بالكسر وهي الامارة، والجفاة: البعداء عن الاداب الحسنة وأهل النفوس الغليظة والقلوب القاسية التي ليست قابلة لاكتساب العلم والكمال. (آت) (4) يعني ان مفاد هذه الاية يجعل نفسي سخية في سرعة الموت أو القتل فينا أهل البيت فتجود نفسي بهذه الحياة اشتياقا إلى لقاء الله تعالى (في). وفي بعض النسخ ” تسخى ” وفي بعضها ” يسخى ” (5) الرعد 41. [ * ]

[ 39 ]

(باب مجالسة العلماء وصحبتهم) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس رفعه قال: قال لقمان لابنه: يا بني اختر المجالس على عينك فإن رأيت قوما يذكرون الله عزوجل فاجلس معهم فإن تكن عالما نفعك علمك، وإن تكن جاهلا علموك، ولعل الله أن يظلهم برحمته فيعمك معهم، وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم، فإن تكن عالما لم ينفعك علمك، وإن كنت جاهلا يزيدوك جهلا، ولعل الله أن يظلهم بعقوبة فيعمك معهم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى جميعا، عن ابن محبوب، عن درست بن أبي منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى ابن جعفر عليه السلام قال: محادثة العالم على المزابل خير من محادثة الجاهل على الزرابي (1). 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن شريف بن سابق، عن الفضل ابن أبي قرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قالت الحواريون لعيسى: يا روح الله! من نجالس؟ قال من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه ويرغبكم في الآخرة عمله. 4 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الإصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة (2) عن مسعر بن كدام (3) قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لمجلس أجلسه إلى من أثق به، أوثق في نفسي من عمل سنة.


(1) الزرابي: جمع زربى وهي ما بسط واتكئ عليه. (2) بالعين المضمومة واليائين أولهما مفتوحة والاخرى ساكنة والنون المفتوحة والتاء مصغرا. (3) مسعر بكسر الميم وسكون السين وفتح العين وكدام بكسر أوله وتخفيف ثانيه. [ * ]

[ 40 ]

(باب سؤال العالم وتذاكره) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن مجدور أصابته جنابة فغسلوه فمات قال: قتلوه ألا سألوا فإن دواء العي السؤال. (1) 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن حريز عن زرارة ومحمد بن مسلم وبريد (2) العجلي قالوا: قال أبو عبد الله عليه السلام لحمران بن أعين (3) في شئ سأله: إنما يهلك الناس لأنهم لا يسألون. 3 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عن أبي جعفر الأحول، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يسع الناس حتى يسألوا ويتفقهوا ويعرفوا إمامهم. ويسعهم أن يأخذوا بما يقول وإن كان تقية. 5 – علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اف لرجل لا يفرغ نفسه في كل جمعة لأمر دينه فيتعاهده ويسأل عن دينه، وفي رواية اخرى لكل مسلم. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن


(1) المجدور: المصاب بالجدرى بضم الجيم وفتح الدال وكسر الراء وهو داء معروف، وقوله: ” قتلوه ” اي كان فرضه التيمم فمن أفتى بغسله أو تولى ذلك منه فقد أعان على قتله. وقوله: ” ألا ” في ” الا سألوا ” بتشديد اللام حرف تحضيض وإذا استعمل في الماضي فهو للتوبيخ واللوم ويمكن أن يكون بالتخفيف استفهاما توبيخيا. والعى بفتح المهملة وتشديد الياء الجهل وعدم الاهتداء لوجه المراد والعجز عنه. آت (2) بالباء المضمونة والراء المفتوحة والياء الساكنة والدال مصغرا. (3) بفتح الهمزة وسكون العين المهملة وفتح الياء بعدها النون. [ * ]

[ 41 ]

أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل يقول: تذاكر العلم بين عبادي مما تحيى عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا فيه إلى أمري. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: رحم الله عبدا أحيا العلم قال: قلت: وما إحياؤه؟ قال: أن يذاكر به أهل الدين وأهل الورع. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن محمد الحجال (1) عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تذاكروا وتلاقوا وتحدثوا فإن الحديث جلاء للقلوب، إن القلوب لترين (2) كما يرين السيف جلاؤها الحديث (3). 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان، عن منصور الصيقل قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: تذاكر العلم دراسة والدراسة صلاة حسنة. (باب بذل العلم) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن حازم، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قرأت في كتاب علي عليه السلام إن الله لم يأخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال، لأن العلم كان قبل الجهل. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة ومحمد بن سنان، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام في هذه الآية: ” ولا تصعر خدك للناس (4) ” قال: ليكن الناس عندك في العلم سواء. 3 – وبهذا الإسناد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: زكاة العلم أن تعلمه عباد الله.


(1) بتقديم المهملة على المعجمة المشددة. (2) الرين: الدنس والوسخ. (3) في بعض النسخ [ جلاؤه الحديد ]. (4) لقمان: 18. [ * ]

[ 42 ]

4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قام عيسى بن مريم عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فقال: يا بني إسرائيل لا تحدثوا الجهال بالحكمة فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلوهم. (باب النهي عن القول بغير علم) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن مفضل بن يزيد (1) قال: قال [ لي ] أبو عبد الله عليه السلام: أنهاك عن خصلتين فيهما هلاك الرجال: أنهاك أن تدين الله بالباطل، وتفتي الناس بما لا تعلم. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام إياك وخصلتين ففيهما هلك من هلك: إياك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من أفتى الناس بغير علم ولا هدى لعنته ملائكة الرحمة، وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان الأحمر، عن زياد بن أبي رجاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما علمتم فقولوا، و ما لم تعلموا فقولوا: الله أعلم، إن الرجل لينتزع الآية (2) من القرآن يخر فيها أبعد ما بين السماء والأرض. 5 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: للعالم إذا سئل عن شئ وهو لا يعلمه أن يقول: الله أعلم، وليس لغير العالم أن يقول ذلك. 6 – علي بن إبراهيم، عن أحمد بن خالد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا سئل الرجل


(1) في بعض النسخ: مزيد. (2) اي: يستخرجها ليستدل بها على مطلوبه. [ * ]

[ 43 ]

منكم عما لا يعلم فليقل: لا أدري ولا يقل: الله أعلم، فيوقع في قلب صاحبه شكا و إذا قال المسؤول: لا أدري فلا يتهمه السائل. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن جعفر بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان، عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الله على العباد؟ قال: أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس [ بن عبد الرحمن ] عن أبي يعقوب إسحاق بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خص عباده بآيتين من كتابه: أن لا يقولوا حتى يعلموا ولا يردوا ما لم يعلموا وقال عزوجل: ” ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ” (1) وقال:: ” بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ” (2). 9 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن داود بن فرقد، عمن حدثه، عن ابن شبرمة (3) قال: ما ذكرت حديثا سمعته عن جعفر بن محمد عليه السلام إلا كاد أن يتصدع قلبي، قال: حدثني أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وآله. قال ابن شبرمة: واقسم بالله ما كذب أبوه على جده ولا جده على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس بغير علم وهو لا يعلم الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك. (باب من عمل بغير علم) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن سنان عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعدا.


(1) الاعراف: 169. (2) يونس: 40. (3) بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء وقيل بفتح المعجمة وربما يكسر وسكون الموحدة وضم الراء، وهو عبد الله بن شبرمة الكوفي كان قاضيا لابي جعفر المنصور على سواد الكوفة وكان شاعرا. [ * ]

[ 44 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن حسين الصيقل (1) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يقبل الله عملا إلا بمعرفة ولا معرفة إلا بعمل، فمن عرف دلته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، ألا إن الإيمان بعضه من بعض. 3 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح. (باب استعمال العلم) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يحدث عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في كلام له: العلماء رجلان: رجل عالم آخذ بعلمه فهذا ناج وعالم تارك لعلمه فهذا هالك، وإن أهل النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعلمه، وإن أشد أهل النار ندامة وحسرة رجل دعا عبدا إلى الله فاستجاب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الله الجنة وأدخل الداعي النار بتركه علمه واتباعه الهوى وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق وطول الامل ينسي الآخرة. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العلم مقرون إلى العمل، فمن علم عمل، ومن عمل علم، و العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل عنه. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن محمد القاساني، عمن ذكره، عن عبد الله بن القاسم الجعفري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن علي بن هاشم بن البريد، عن أبيه قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين عليه السلام فسأله عن مسائل فأجاب ثم عاد ليسأل عن مثلها فقال علي بن الحسين عليه السلام: مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا


(1) في بعض النسخ: [ عن حسن الصيقل ]. [ * ]

[ 45 ]

علم ما لا تعلمون ولما تعملوا بما علمتم، فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا كفرا ولم يزدد من الله إلا بعدا. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: بم يعرف الناجي؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا فأثبت (1) له الشهادة ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع. (2) 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في كلام له خطب به على المنبر: أيها الناس! إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم تهتدون، إن العالم العامل بغيره كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق (3) عن جهله، بل قد رأيت أن الحجة عليه أعظم، والحسرة أدوم على هذا العالم المنسلخ من علمه، منها على هذا الجاهل المتحير في جهله، وكلاهما حائر بائر، لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا، ولا تدهنوا في الحق فتخسروا، وإن من الحق أن تفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا (4)، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه، ومن يطع الله يأمن ويستبشر ومن يعص الله يخب ويندم. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إذا سمعتم العلم فاستعملوه، ولتتسع قلوبكم، فإن العلم إذا كثر في قلب رجل لا يحتمله، قدر الشيطان عليه، فإذا خاصمكم الشيطان فأقبلوا عليه بما تعرفون، فإن كيد الشيطان كان ضعيفا، فقلت: وما الذي نعرفه؟ قال خاصموه بما ظهر لكم من قدرة الله عزوجل.


(1) بصيغة الامر وفي بعض النسخ [ فانما بث ] من البث بمعنى النشر وفي بعضها: [ فانما بت ] من البت بمعنى القطع، وفي بعضها: [ فانما أثبت ] وفي بعضها: [ فانما له الشهادة ] وسيأتي هذا الحديث في باب المستودع والمعار وفي بعض نسخة فاتت له الشهادة بالنجاة واستظهرها المجلسي رضوان الله عليه. (2) اي إيمانه غير مستقر وغير ثابت في قلبه بل يزول بادنى شبهة فهو كالوديعة. (آت) (3) الاستفاقة: الرجوع إلى ما شغل عنه وشاع استعماله في الرجوع عن السقم إلى الصحة. (آ ت) (4) في بعض النسخ. ” تفتروا “. [ * ]

[ 46 ]

(باب المستأكل بعلمه والمباهي به) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: منهومان لا يشبعان (1) طالب دنيا وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك، إلا أن يتوب أو يراجع، ومن أخذ العلم من اهله وعمل بعلمه نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظه. 2 – الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب، ومن أراد به خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الإصبهاني، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم، عن المنقري، عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا رأيتم العالم محبا لدنياه فاتهموه على دينكم، فإن كل محب لشئ يحوط ما أحب (2)، وقال صلى الله عليه وآله: أوحى الله إلى داود عليه السلام: لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي، فإن اولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم. 5 – علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا قيل يا رسول الله: وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم.


(1) المنهوم: الحريص. (2) أي يحفظ ويتعهد. [ * ]

[ 47 ]

6 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد الله، عمن حدثه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: من طلب العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، فليتبوء مقعده من النار، إن الرئاسة لا تصلح إلا لأهلها. (باب) * (لزوم الحجة على العالم وتشديد الامر عليه) * 1 – علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: يا حفص يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل ان يغفر للعالم ذنب واحد. 2 – وبهذا الإسناد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال عيسى ابن مريم على نبينا وآله وعليه السلام: ويل للعلماء السوء كيف تلظى عليهم النار؟!. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا بلغت النفس ههنا – وأشار بيده إلى حلقه – لم يكن للعالم توبة، ثم قرأ: ” إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ” (1). 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي سعيد المكاري، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” فكبكبوا فيها هم والغاوون (2) ” قال: هم قوم وصفوا عدلا بألسنتهم (3) ثم خالفوه إلى غيره.


(1) النساء: 17. (2) الشعراء: 94، يقال: كبه على وجهه اي صرعه فأكب والكبكبة تكرير الكب، جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى. (آت) (3) العدل كل امر حق يوافق للعدل والحكمة من العقائد المحقة والعبادات والاخلاق الحسنة. (آت) [ * ]

[ 48 ]

(باب النوادر) (1) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، رفعه قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: روحوا أنفسكم ببديع الحكمة، فإنها تكل كما تكل الأبدان. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عروة بن أخي شعيب العقرقوفي (2) عن شعيب، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، وعينه البراءة من الحسد، واذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية، وعقله معرفة الأشياء والامور، ويده الرحمة، ورجله زيارة العلماء، وهمته السلامة، وحكمته الورع، ومستقره النجاة، وقائده العافية، ومركبه الوفاء، و سلاحه لين الكلمة (3)، وسيفه الرضا، وقوسه المداراة، وجيشه محاورة العلماء، و ماله الأدب، وذخيرته اجتناب الذنوب، وزاده المعروف، وماؤه الموادعة، ودليله الهدى، ورفيقه محبة الأخيار. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم وزير الإيمان العلم، ونعم وزير العلم الحلم، ونعم وزير الحلم الرفق، ونعم وزير الرفق الصبر (4). 4 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعدر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ما العلم؟ قال: الانصات، قال: ثم مه؟ قال: الاستماع، قال: ثم مه؟ قال: الحفظ، قال: ثم مه؟ قال: العمل به، قال: ثم مه يا رسول الله؟ قال: نشره.


(1) اي أخبار متفرقة مناسبة للابواب السابقة ولا يمكن ادخالها فيها ولا عقد باب لها لانها لا يجمعها باب ولا يمكن عقد باب لكل منها. (آ ت) (2) بالعين المهملة والقاف المثناة المفتوحتين ثم الراء المهملة الساكنة ثم القاف والواو ثم الفاء الموحدة ثم الياء والظاهر عروة ابن اخت شعيب كما في جامع الرواة عنوان شعيب. (3) في بعض النسخ: [ الكلام ]. (4) في بعض النسخ: [ العبرة ]. [ * ]

[ 49 ]

5 – علي بن إبراهيم رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: طلبة العلم ثلاثة فاعرفهم بأعيانهم وصفاتهم: صنف يطلبه للجهل والمراء، وصنف يطلبه للاستطالة والختل، وصنف يطلبه للفقه والعقل، فصاحب الجهل والمراء موذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم، قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من هذا خيشومه، وقطع منه حيزومه (1) وصاحب الاستطالة والختل، ذو خب (2) وملق، ويستطيل على مثله من أشباهه، ويتواضع للأغنياء، من دونه، فهو لحلوائهم هاضم، ولدينه حاطم، فأعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء أثره، وصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن وسهر، قد تحنك في برنسه (3)، وقام الليل في حندسه، يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا، مقبلا على شأنه، عارفا بأهل زمانه، مستوحشا من أوثق إخوانه، فشد الله من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه. وحدثني به محمد بن محمود أبو عبد الله القزويني (4)، عن عدة من أصحابنا منهم جعفر بن محمد الصيقل (5) بقزوين، عن أحمد بن عيسى العلوي، عن عباد بن صهيب البصري، عن أبي عبد الله عليه السلام. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن رواة الكتاب كثير، وإن رعاته قليل، وكم من مستنصح للحديث مستغش للكتاب، فالعلماء يحزنهم ترك الرعاية، والجهال يحزنهم حفظ الرواية، فراع يرعى حياته، وراع يرعى هلكته، فعند ذلك اختلف الراعيان، و تغاير الفريقان. 7 – الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من حفظ من أحاديثنا أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة عالما فقيها. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عمن ذكره، عن


(1) الحيزوم: وسط الصدر. (2) بالكسر الخدعة. (3) أي: تعمد للعبادة وتوجه إليها وصار في ناحيتها وتجنب الناس وصار في ناحية منهم. (4) في بعض النسخ محمد بن محمود بن عبد الله القزويني. (5) في بعض النسخ [ جعفر بن أحمد الصيقل ] [ * ]

[ 50 ]

زيد الشحام (1) عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” فلينظر الإنسان إلى طعامه (2) ” قال: قلت ما طعامه؟ قال: علمه الذي يأخذه، عمن يأخذه. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن عبد الله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد الزهري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه. 1 0 – محمد، عن أحمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة، بن الطيار أنه عرض على أبي عبد الله عليه السلام بعض خطب أبيه حتى إذا بلغ موضعا منها قال له: كف واسكت ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلا الكف عنه والتثبت والرد إلى أئمة الهدى حتى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى، و يعرفوكم فيه الحق، قال الله تعالى: ” فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (3) “. 11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد عن المنقري عن سفيان بن عيينة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وجدت علم الناس كله في أربع أولها أن تعرف ربك والثاني أن تعرف ما صنع بك والثالث أن تعرف ما أراد منك و الرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك 12 – علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما حق الله على خلقه؟ فقال: أن يقولوا ما يعلمون، ويكفوا عما لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدوا إلى الله حقه. 13 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن سنان، عن محمد بن عمران العجلي، عن علي بن حنظلة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا. 14 – الحسين بن الحسن، عن محمد بن زكريا الغلابي، عن ابن عائشة البصري رفعه أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في بعض خطبه: أيها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من


(1) بالشين المعجمة المفتوحة والحاء المهملة المشددة: بياع الشحم. (2) عبس، 24. (3) النحل: 42 والانبياء: 7. [ * ]

[ 51 ]

انزعج من قول الزور فيه، ولا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون، وقدر كل أمرء ما يحسن، فتكلموا في العلم تبين أقداركم. 15 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن عبد الله بن سليمان قال: سمعت أبا جفعر عليه السلام يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له: عثمان الأعمى وهو يقول: إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار، فقال أبو جعفر عليه السلام: فهلك إذن مؤمن آل فرعون! ما زال العلم مكتوما منذ بعث الله نوحا عليه السلام فليذهب الحسن يمينا وشمالا، فوالله ما يوجد العلم إلا ههنا. (باب رواية الكتب والحديث) * (وفضل الكتابة والتمسك بالكتب) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام قول الله جل ثناؤه: ” الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه (1) “؟ قال: هو الرجل يسمع الحديث فيحدث به كما سمعه لا يزيد فيه ولا ينقص منه. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص؟ قال: إن كنت تريد معانيه فلا بأس. 3 – وعنه، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أسمع الكلام منك فاريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيئ قال: فتعمد (2) ذلك؟ قلت: لا، فقال: تريد المعاني؟ قلت: نعم، قال: فلا بأس. 4 – وعنه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الحديث أسمعه منك أرويه عن أبيك أو أسمعه من أبيك أرويه عنك؟ قال: سواء إلا أنك ترويه عن أبي أحب إلي: وقال أبو عبد الله عليه السلام لجميل: ما سمعت مني فاروه عن أبي. 5 – وعنه، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن


(1) الزمز: 18. (2) في بعض النسخ ” فتتعمد “. [ * ]

[ 52 ]

سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام يجيئني القوم فيستمعون مني حديثكم فأضجر ولا أقوى، قال: فاقرأ عليهم من أوله حديثا ومن وسطه حديثا ومن آخره حديثا. 6 – عنه، بإسناده عن أحمد بن عمر الحلال قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: الرجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول: اروه عني يجوز لي أن أرويه عنه؟ قال: فقال: إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن أحمد بن محمد بن خالد، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم فإن كان حقا فلكم وإن كان كذبا فعليه. 8 – علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبي أيوب المدني، عن ابن أبي عمير، عن حسين الأحمسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: القلب يتكل على الكتابة. 9 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اكتبوا فانكم لا تحفظون حتى تكتبوا. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال عن ابن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن بعض أصحابه، عن أبي سعيد الخيبري، عن المفضل بن عمر، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن مت فأورث كتبك بنيك، فإنه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم. 12 – وبهذا الإسناد، عن محمد بن علي رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إياكم والكذب المفترع، قيل له: وما الكذب المفترع؟ قال: أن يحدثك الرجل بالحديث فتتركه وترويه عن الذي حدثك عنه. 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن جميل بن دراج قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أعربوا حديثنا فإنا قوم فصحاء.


[ 53 ]

14 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وحديث رسول الله قول الله عزوجل. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال: قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة فكتموا كتبهم ولم ترو (1) عنهم فلما ماتوا صارت الكتب إلينا فقال: حدثوا بها فإنها حق. (باب التقليد) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عبد الله بن يحيى، عن ابن مسكان، عن ابي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله ” (2)؟ فقال: ” أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم ما أجابوهم، ولكن أحلوا لهم حراما، وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون. 2 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إبراهيم بن محمد الهمداني، عن محمد بن عبيدة قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام، يا محمد أنتم أشد تقليدا أم المرجئة؟ قال: قلت قلدنا وقلدوا، فقال: لم أسألك عن هذا، فلم يكن عندي جواب أكثر من الجواب الأول فقال أبو الحسن عليه السلام: إن المرجئة نصبت رجلا لم تفرض طاعته وقلدوه وأنتم نصبتم رجلا وفرضتم طاعته ثم لم تقلدوه فهم أشد منكم تقليدا. 3 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد الله، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله (2) ” فقال: والله ما صاموا لهم ولا صلوا لهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم.


(1) في بعض النسخ ” لم يرووا “. (2) التوبة: 31. [ * ]

[ 54 ]

(باب البدع والرأي والمقائيس) 1 – الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، و عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال جميعا، عن عاصم بن حميد، عن محمد ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس فقال: أيها الناس إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، يتولى فيها رجال رجالا، فلو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، ولو أن الحق خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث (1) فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي يرفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا ظهرت البدع في امتي فليظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله. 3 – وبهذا الإسناد، عن محمد بن جمهور رفعه قال (2): من أتى ذا بدعة فعظمه فإنما يسعى في هدم الاسلام. 4 – وبهذا الإسناد عن محمد بن جمهور رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة، قيل: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: إنه قد اشرب قلبه حبها. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإيمان وليا من أهل بيتي موكلا به يذب عنه، ينطق بإلهام من الله ويعلن الحق وينوره، ويرد كيد الكائدين، يعبر عن الضعفاء فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله. 6 – محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، وعلي بن إبراهم [ عن أبيه ] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب


(1) بالكسر قبضة من حشيش مختلط فيها الرطب باليابس. (2) كذا. [ * ]

[ 55 ]

رفعه، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن من أبغض الخلق إلى الله عزوجل لرجلين: رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشعوف (1) بكلام بدعة، قد لهج بالصوم والصلاة فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من كان قبله (2)، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته، حمال خطايا غيره، رهن بخطيئته. ورجل قمش رجلا في جهال الناس، عان (3) بأغباش الفتنة، قد سماه أشباه الناس عالما ولم يغن (4) فيه يوما سالما، بكر (5) فاستكثر، ما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن (6) واكتنز من غير طائل (7) جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، وإن خالف قاضيا سبقه، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شئ مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا، إن قاس شيئا بشئ لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به، لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال له: لا يعلم، ثم جسر فقضى، فهو مفتاح عشوات (8)، ركاب شبهات، خباط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ولا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم (9)


(1) في بعض النسخ بالغين المعجمة وفي بعضها بالمهملة وبهما قرء قوله تعالى: ” قد شغفها حبا ” وعلى الاول معناه: دخل حب كلام البدعة شغاف قلبه أي حجابه وقيل سويداء ه وعلى الثاني غلبه حبه وأحرقه فان الشعف بالمهملة شدة الحب واحراقه القلب. (آ ت) (2) بفتح الهاء وسكون المهملة أي السيرة والطريقة. (3) كذا في أكثر النسخ من قولهم عنى فيهم أسيرا أي اقام فيهم على اسارة واحتبس وعناه غيره حبسه والعاني: الاسير، أو من عنى بالكسر بمعنى تعب، أو من عنى به فهو عان أي اهتم به واشتغل وفي بعض النسخ بالغين المعجمة من الغنى بالمكان كرضى اي: أقام به، أو من غنى بالكسر أيضا بمعنى عاش. والغبش بالتحريك ظلمة آخر الليل. (آ ت). (4) أي لم يلبث يوما تاما. (5) أي خرج للطلب بكرة وهي كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كل يوم أو في اول العمر الى جمع الشبهات والاراء الباطلة. (6) أي شرب حتى ارتوى، والاجن: الماء المتغير المتعفن. (7) أي عد ما جمعه كنزا وهو غير طائل. أي ما لا نفع فيه. (8) العشوة: الظلمة أي يفتح على الناس ظلمات الشبهات، والخبط المشي على غير استواء. (9) أي كما أن الريح في حمل الهشيم وتبديده لا تبالي بتمزيقه واختلال نسقه كذلك هذا الجاهل تفعل بالروايات ما تفعل الريح بالهشيم، والهشيم ما يبس من النبت وتفتت. [ * ]

[ 56 ]

تبكي منه المواريث، وتصرخ منه الدماء، يستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم بقضائه الفرج الحلال، لا ملئ بإصدار ما عليه ورد (1)، ولا هو أهل لما منه فرط، من ادعائه علم الحق. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبان ابن عثمان، عن أبي شيبة الخراساني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أصحاب المقائيس طلبوا العلم بالمقائيس فلم تزدهم المقائيس من الحق إلا بعدا وإن دين الله لا يصاب بالمقائيس. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان رفعه، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار. 9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم قال: قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام: جعلت فداك فقهنا في الدين وأغنانا الله بكم عن الناس حتى أن الجماعة منا لتكون في المجلس ما يسأل رجل صاحبه تحضره المسألة و يحضره جوابها فيما من الله علينا بكم فربما ورد علينا الشئ لم يأتنا فيه عنك ولا عن آبائك شئ فنظرنا إلى أحسن ما يحضرنا وأوفق الأشياء لما جاء نا عنكم فنأخذ به؟ فقال هيهات هيهات، في ذلك والله هلك من هلك يا ابن حكيم، قال: ثم قال: لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي، وقلت. قال محمد بن حكيم لهشام بن الحكم: والله ما أردت إلا أن يرخص لي في القياس 10 – محمد بن أبي عبد الله رفعه، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: بما أوحد الله؟ فقال: يا يونس لا تكونن مبتدعا، من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها؟ فقال: لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل. 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن


(1) الملئ بالهمزة: الثقة والغنى. والاصدار: الارجاع. [ * ]

[ 57 ]

عمر بن أبان الكلبي، عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. 13 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سماعة بن مهران، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت: أصلحك الله إنا نجتمع فنتذاكر ما عندنا فلا يرد علينا شئ إلا وعندنا فيه شئ مسطر (1) وذلك مما أنعم الله به علينا بكم، ثم يرد علينا الشئ الصغير ليس عندنا فيه شئ فينظر بعضنا إلى بعض، وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه؟ فقال: ومالكم وللقياس؟ إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس، ثم قال: إذا جاء كم ما تعلمون، فقولوا به وإن جاءكم ما لا تعلمون فها – وأهوى بيده إلى فيه – ثم قال: لعن الله أبا حنيفة كان يقول: قال علي وقلت أنا، وقالت الصحابة وقلت، ثم قال: أكنت تجلس إليه؟ فقلت: لا ولكن هذا كلامه، فقلت: أصلحك الله أتى رسول الله صلى الله عليه وآله الناس بما يكتفون به في عهده؟ قال: نعم وما يحتاجون إليه إلى يوم القيامة، فقلت: فضاع من ذلك شئ؟ فقال: لا هو عند أهله. 14 – عنه، عن محمد، عن يونس، عن أبان، عن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ضل علم ابن شبرمة عند الجامعة (2) إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام بيده إن الجامعة لم تدع لأحد كلاما، فيها علم الحلال والحرام إن أصحاب القياس طلبوا العلم بالقياس فلم يزدادوا من الحق إلا بعدا، إن دين الله لا يصاب بالقياس. 15 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبان بن تغلب (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن السنة لا تقاس ألا ترى أن امرأة تقضي صومها ولا تقضي صلاتها يا أبان! إن السنة إذا قيست محق الدين. 16 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس فقال: مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم. 17 – علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة (4) بن صدقة قال: حدثني


(1) في بعض النسخ ” مسطور ” وفي بعضها ” مستطر ” (2) أي ضاع وبطل واضمحل علمه في جنب كتاب الجامعة الذي لم يدع لاحد كلاما. (في) (3) بفتح المثناة من فوق المفتوحة والغين المعجمة الساكنة واللام المكسورة وزان تضرب. (4) بفتح الميم وسكون السين المهملة وفتح العين والدال المهملتين. [ * ]

[ 58 ]

جعفر، عن أبيه عليهما السلام أن عليا صلوات الله عليه قال: من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس، قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضاد الله حيث احل وحرم فيما لا يعلم. 18 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن يقطين، عن الحسين بن مياح (1)، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن إبليس قاس نفسه بآدم فقال: خلقتني من نار وخلقته من طين، ولو قاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم بالنار، كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار. 19 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن حريز عن زرارة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحلال والحرام فقال: حلال محمد حلال أبدا إلى يوم القيامة، وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة، لا يكون غيره ولا يجيى غيره، وقال: قال علي عليه السلام: ما أحد ابتدع بدعة إلا ترك بها سنة. 20 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن عبد الله العقيلي، عن عيسى بن عبد الله القرشي قال: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال له: يا أبا حنيفة! بلغني أنك تقيس؟ قال: نعم قال: لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال: خلقتني من نار وخلقته من طين، فقاس ما بين النار والطين، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين، وصفاء أحدهما على الآخر. 21 – علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن قتيبة قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل: أرأيت إن كان كذا وكذا ما يكون (2) القول فيها؟ فقال له: مه ما أجبتك فيه من شئ فهو عن رسول الله صلى الله عليه وآله لسنا من: ” أرأيت (3) ” في شئ.


(1) بفتح الميم وتشديد الياء المثناة من تحت والالف والحاء المهملة. (2) في بعض النسخ ” ما كان يكون “. (3) لما كان مراده أخبرني عن رأيك الذي تختاره بالظن والاجتهاد نهاه عليه السلام عن هذا الظن وبين له أنهم لا يقولون شيئا إلا بالجزم واليقين وبما وصل إليهم من سيد المرسلين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين. (آ ت). [ * ]

[ 59 ]

22 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه مرسلا قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تتخذوا من دون الله وليجة (1) فلا تكونوا مؤمنين فإن كان سبب ونسب وقرابة ووليجة وبدعة وشبهة منقطع إلا ما أثبته القرآن. (باب) * (الرد إلى الكتاب والسنة وأنه ليس شئ من الحلال والحرام) * * (وجميع ما يحتاج الناس إليه إلا وقد جاء فيه كتاب أو سنة) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد، عن مرازم (2) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شئ حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا انزل في القرآن؟ إلا وقد أنزله الله فيه. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حسين بن المنذر، عن عمر بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله تبارك وتعالى لم يدع شيئا يحتاج إليه الامة إلا أنزله في كتابه وبينه لرسوله صلى الله عليه وآله وجعل لكل شئ حدا وجعل عليه دليلا يدل عليه، وجعل على من تعدى ذلك الحد حدا. 3 – علي، عن محمد، عن يونس، عن أبان، عن سليمان بن هارون قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حد كحد الدار، فما كان من الطريق فهو من الطريق، وما كان من الدار فهو من الدار حتى أرش الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة. 4 – علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: ما من شئ إلا وفيه كتاب أو سنة.


(1) وليجة الرجل بطانته وخاصته ومن يعتمد عليه في اموره والمراد هنا المعتمد عليه في أمر الدين، ومن اعتمد في أمر الدين وتقرير الشريعة على غير الله يكون متعبدا لغير الله فلا يكون مؤمنا بالله واليوم الاخر وذلك لان كل ما لم يثبته القرآن من النسب والقرابة والوليجة والبدعة منقطع لا تبقى ولا ينتفع بها في الاخرة فلا يجامع الايمان بالله واليوم الاخر الاعتماد عليها في أمر الدين. (آت) (2) بالميم المضمومة والراء المهملة والالف والزاي المكسورة والميم. [ * ]

[ 60 ]

5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي الجارود قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إذا حدثتكم بشئ فاسألوني من كتاب الله، ثم قال في بعض حديثه، إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن القيل والقال، وفساد المال، وكثرة السؤال، فقيل له: يا ابن رسول الله أين هذا من كتاب الله؟ قال: إن الله عزوجل يقول: ” لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس (1) ” وقال: ” ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما (2) ” وقال: ” لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم (3) “. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عمن حدثه، عن المعلى بن خنيس قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عزوجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال. 7 – محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أيها الناس إن الله تبارك وتعالى أرسل إليكم الرسول صلى الله عليه وآله وأنزل إليه الكتاب بالحق وأنتم اميون عن الكتاب ومن أنزله، وعن الرسول ومن أرسله، على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الامم (4)، وانبساط من الجهل، واعتراض من الفتنة، وانتقاض من المبرم (5)، وعمى عن الحق، و اعتساف من الجور (6)، وامتحاق من الدين، وتلظ [ ي ] من الحروب (7)، على حين اصفرار من رياض جنات الدنيا، ويبس من أغصانها، وانتثار من وقها، ويأس من ثمرها، واغورار من مائها (8) قد درست أعلام الهدى، فظهرت أعلام الردى، فالدنيا متهجمة (9).


(1) النساء: 114. (2) النساء: 5. (3) المائدة: 10 1. (4) بالفتح والتسكين نومة خفيفة من أول الليل وهي هنا بمعنى الغفلة والجهالة. (شح). (5) ” المبرم ” المحكم وأشار بانتقاضه إلى زوال ما كان الناس عليه قبلهم من نظام أحوالهم بسبب الشرائع السابقة. (في) (6) الاعتساف: الاخذ على غير الطريق والامتحاق البطلان. (7) التلظى: اشتعال النار وقوله ” على حين اصفرار ” إلى قوله: ” أيامها ” استعارات و ترشيحات لبيان خلو الدنيا حينئذ عن آثار العلم والهداية وما يوجب السعادات الاخروية. (8) إغورار الماء ذهابه في باطن الارض، والردي الهلاك. (9) في بعض النسخ بتقديم الجيم على الهاء يقال فلان يتجهمني أي يلقانى بغلظة ووجه كريه، وفي اكثر النسخ بتقديم الهاء وهو الدخول بغتة وانهدام البيت ولا يخلوان من مناسبة. [ * ]

[ 61 ]

في وجوه أهلها مكفهرة، (1) مدبرة غير مقبلة، ثمرتها الفتنة، وطعامها الجيفة، و شعارها الخوف، ودثارها السيف، مزقتم كل ممزق وقد أعمت عيون أهلها، وأظلمت عليها أيامها، قد قطعوا أرحامهم، وسفكوا دمائهم، ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم (2) من أولادهم، يجتاز دونهم طيب العيش (3) ورفاهية خفوض الدنيا (4)، لا يرجون من الله ثوابا ولا يخافون والله منه عقابا، حيهم أعمى نجس (4) وميتهم في النار مبلس (6)، فجاء هم بنسخة ما في الصحف الاولى (7)، وتصديق الذي بين يديه، وتفصيل الحلال من ريب الحرام. ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، اخبركم عنه، إن فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيه تختلفون، فلو سألتموني عنه لعلمتكم. 8 – محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن حماد بن عثمان، عن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أعلم كتاب الله وفيه بدء الخلق، وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر الجنة وخبر النار، وخبر ما كان، و [ خبر ] ما هو كائن، أعلم ذلك كما أنظر إلى كفي، إن الله يقول: ” فيه تبيان كل شئ “. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم ونحن نعلمه.


(1) المكفهر من الوجوه القليل اللحم الغليظ الذي لا يستحيى والمتعبس. (آت) (2) هي البنت المدفونة حية وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية لخوف الاملاق أو العار (3) في أكثر النسخ بالجيم والزاى من الاجتياز بمعنى المرور وفي بعض النسخ بالحاء المهملة والزاى من الحيازة وفي بعضها بالخاء المعجمة والراء المهملة أي كان من يختار طيب العيش و الرفاهية يجتنبهم ولا يجاورهم وقيل: يعني أرادوا بدفن البنات طيب العيش وفي بعض النسخ [ طلب العيش ] بدل طيب العيش. (4) الخفوض جمع الخفض وهو الدعة والراحة والسكون. (5) بالنون والجيم وفي بعض النسخ بالحاء المهملة من النحوسة وربما يقرء بالباء الموحدة و الخاء المعجمة المكسورة من البخس بمعنى نقص الحظ وهو تصحيف. (آت). (6) الابلاس الغم والانكسار والحزن والاياس من رحمة الله تعالى. (في) (7) أي: التوراة والانجيل والزبور وغيرها مما نزل على الانبياء عليهم السلام. (آت). [ * ]

[ 62 ]

1 0 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة، عن أبي المغرا (1)، عن سماعة، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: أكل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله؟ أو تقولون فيه؟ قال: بل كل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله. (باب اختلاف الحديث) 1 – علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت. لأمير المؤمنين عليه السلام: إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئا من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلى الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟ قال: فأقبل علي فقال: قد سألت فافهم الجواب. إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة (2) فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام (3)


(1) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة بعدها راء مهملة مقصورة وقد يمد. (2) بكسر الكاف وتخفيف الذال مصدر كذب يكذب اي كثرت على كذبة الكذابين، ويصح أيضا جعل الكذاب بمعنى المكذوب والتاء للتأنيث أي الاحاديث المفتراة أو بفتح الكاف وتشديد الذال بمعنى الواحد الكثير الكذب والتاء لزيادة المبالغة والمعنى: كثرت على اكاذيب الكذابة أو التاء للتأنيث والمعنى كثرت الجماعة الكذابة ولعل الاخير أظهر وعلى التقادير الظاهر أن الجار متعلق بالكذابة ويحتمل تعلقه بكثرت على تضمين اجمعت ونحوه. وهذا الخبر على تقديري صدقه وكذبه يدل على وقوع الكذب عليه صلى الله عليه وآله وقوله: فليتبوء على صيغة الامر ومعناه الخبر. (آت) (3) اي: متكلف له ومتدلس به غير متصف به في نفس الامر. (آت). [ * ]

[ 63 ]

لا يتأثم ولا يتحرج (1) أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب، لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلى الله عليه وآله ورآه وسمع منه، وأخذوا عنه، وهم لا يعرفون حاله، وقد أخبره الله عن المنافقين بما أخبره (2) ووصفهم بما وصفهم فقال عزوجل: ” وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم (3) ” ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال (4)، وحملوهم على رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة. ورجل سمع من رسول الله شيئا لم يحمله على وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذبا فهو في يده، يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله شيئا أمر به ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ، ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولم علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه. وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله، مبغض للكذب خوفا من الله و تعظيما لرسول الله صلى الله عليه وآله، لم ينسه (5)، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ فإن أمر النبي صلى الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ [ وخاص وعام ] ومحكم ومتشابه قد كان يكون (6) من رسول الله صلى الله عليه وآله الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص مثل


(1) ” لا يتأثم ” اي: لا يكف نفسه عن موجب الاثم، أو لا يعد نفسه آثما بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وكذا قوله لا يتحرج اي لا يتجنب الاثم. (2) أي كان ظاهرا حسنا وكلامهم كلاما مزيفا مدلسا يوجب اغترار الناس بهم ووتصديقهم فيما ينقلونه عن النبي صلى الله عليه وآله ويرشد إلى ذلك انه سبحانه خاطب نبيه صلى الله عليه وآله بقوله: ” إذا ” رأيتهم تعجبك أجسامهم أي لصباحتهم وحسن منظرهم ” وان يقولوا تسمع لقولهم ” أي تصغي إليهم لذلاقة السنتهم. (3) المنافقون: 3. (4) اي ائمة الضلال بسبب وضع الاخبار اعطوا هؤلاء المنافقين الولايات وسلطوهم على الناس. (5) في بعض النسخ [ لم يسه ]. (6) اسم كان ضمير الشأن و ” يكون ” تامة وهي مع اسمها الخبر وله وجهان: نعت للكلام لانه في حكم النكرة أو حال منه وإن جعلت ” يكون ” ناقصة فهو خبرها. (آت) [ * ]

[ 64 ]

القرآن وقال الله عزوجل في كتابه: ” ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا (1) ” فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيئ الأعرابي والطاري (2) فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسمعوا. وقد كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر ذلك في بيتي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه. فلا يبقى عنده غيري وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بني، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها، وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه علي وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئا علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل على أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنس حرفا واحدا، ثم وضع يده على صدري ودعا الله لي أن يملا قلبي علما وفهما وحكما ونورا، فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وامي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئا ولم يفتني شئ لم أكتبه أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟ فقال: لا لست أتخوف عليك النسيان والجهل. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول الله صلى الله عليه وآله لا يتهمون بالكذب، فيجيئ منكم خلافه؟ قال: إن


(1) الحشر: 7. (2) ” الطاري ” الغريب لذي اتاه عن قريب من غير انس به وبكلامه. (على ما فسره المجلسي ره) ثم قال: وإنما كانوا يحبون قدومهما اما لاستفهامهم وعدم استعظامهم أو لانه صلى الله عليه وآله كان يتكلم على وفق عقولهم فيوضحه حتى يفهم غيرهم. (آت). [ * ]

[ 65 ]

الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن منصور بن حازم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب، ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر؟ فقال: إنا نجيب الناس على الزيادة والنقصان، قال: قلت: فأخبرني عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله صدقوا على محمد صلى الله عليه وآله أم كذبوا؟ قال: بل صدقوا، قال: قلت: فما بالهم اختلفوا؟ فقال: أما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله صلى الله عليه وآله فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب ثم يجيبه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب، فنسخت الأحاديث بعضها بعضا. 4 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال لي: يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشئ من التقية؟ قال: قلت له: أنت أعلم جعلت فداك، قال: إن أخذ به فهو خير له وأعظم أجرا. وفي رواية أخرى إن أخذ به اوجر، وإن تركه والله أثم. 5 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن علي، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مسألة فأجابني ثم جاء ه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني، ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني وأجاب صاحبي، فلما خرج الرجلان قلت: يا ابن رسول الله رجلان من اهل العراق من شيعتكم قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به صاحبه؟ فقال: يا زرارة! إن هذا خير لنا وأبقى لنا ولكن ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدقكم الناس علينا ولكان أقل لبقائنا وبقائكم. قال: ثم قلت لأبي عبد الله عليه السلام: شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار (1) لمضوا وهم يخرجون من عندكم مختلفين، قال: فأجابني بمثل جواب أبيه. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن نصر الخثعمي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من عرف أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما


(1) جمع سنان. اي: على أن يمضوا مقابل الاسنة أو في النار. (آت). [ * ]

[ 66 ]

يعلم منا فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه (1). 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، والحسن بن محبوب جميعا عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه: أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه، كيف يصنع؟ فقال: يرجئه (2) حتى يلقي من يخبره، فهو في سعة حتي يلقاه، وفي رواية اخرى بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك (3).


(1) اي قولنا بخلاف ما يعلمه منا دفع للضرر والفتنة منا عنه فليرض بذلك ويعمل به. (آت) (2) أي: يؤخر العمل والاخذ باحدهما. (3) قال العلامة المجلسي رحمة الله، اعلم أنه يمكن دفع الاختلاف الذي يترائى بين الخبرين بوجوه قد أومأنا إلى بعضها الاول: أن يكون الارجاء في الحكم والفتوى والتخيير في العمل كما يومي إليه الخبر الاول. الثاني: ان يكون الارجاء فيما إذا أمكن الوصول إلى الامام عليه السلام والتخيير فيما إذا لم يمكن كهذا الزمان. الثالث أن يكون الارجاء في المعاملات والتخيير في العبادات إذ بعض اخبار التخيير ورد في المعاملات. الرابع: أن يخص الارجاء فيه بأن لا يكون مضطرا إلى العمل باحدهما والتخيير بما إذا لم يكن له بد من العمل باحدهما ويؤيده ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد الله (ع) قلت: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالاخذ به والاخر ينهانا عنه؟ قال: لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله قال: قلت: لابد من أن يعمل باحدهما؟ قال: خذ بما فيه خلاف العامة. الخامس: يحمل الارجاء على الاستحباب والتخيير على الجواز وروى الصدوق (ره) في كتاب عيون اخبار الرضا عن ابيه ومحمد بن الحسن بن احمد بن الوليد عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الله المسمعي عن احمد بن الحسن الميثمي عن الرضا (ع) في حديث طويل ذكر في آخره: وان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن اشياء ليس نهى حرام بل اعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس أمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين ثم رخص فيه في ذلك للمعلول وغير المعلول فما كان عن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى اعافة أو امر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخص إذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه من يرويه في النهي ولا ينكره وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الاخذ بأحدهما أو بهما جميعا أو بأيهما شئت واحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله والرد إليه والينا وكان تارك ذلك من باب العناد والانكار وترك التسليم لرسول الله مشركا بالله العظيم فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب وما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهى حرام أو مأمورا به عن رسول صلى الله عليه وآله امر الزام فاتبعوا ما وافق نهى رسول الله وامره وما كان في السنة نهى اعافة أو كراهة ثم كان الخبر الاخر خلافه فذلك رخصة فيما عافة رسول الله صلى الله عليه وآله وكرهه ولم يحرمه فذلك الذي يسع الاخذ بهما جميعا أو بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وما لم تجدوه في شئ من هذه الوجوه فردوا الينا علمه فنحن اولى بذلك ولا تقولوا فيه بآرائكم وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وانتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا ومن هذا الخبر يظهر وجه جمع آخر (آت). [ * ]

[ 67 ]

8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بأيهما كنت تأخذ؟ قال: قلت: كنت آخذ بالأخير، فقال لي: رحمك الله. 9 – وعنه، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن داود بن فرقد عن المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم بأيهما نأخذ؟ فقال: خذوا به حتى يبلغكم عن الحي، فإن بلغكم عن الحي فخذوا قوله، قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم، وفي حديث آخر خذوا بالأحدث. 10 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا، وإن كان حقا ثابتا له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به قال الله تعالى: ” يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد امروا أن يكفروا به ” (1). قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران [ إلى ] من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فانما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد الشرك بالله. قلت: فإن كان كل رجل اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما، واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم؟


(1) النساء: 60. والطاغوت مشتق من الطغيان وهو الشيطان والمراد هنا من يحكم بالباطل ويتصدي للحكم ولا يكون اهلا له سمى به لفرط طغيانه أو لتشبيهه بالشيطان، والاية بتأييد الخبر تدل على عدم جواز الترافع إلى حكام الجور مطلقا وربما قيل بجواز التوسل بهم إلى اخذ الحق المعلوم اضطرارا مع عدم امكان الترافع إلى الفقيه العدل. (آت – ملخصا). [ * ]

[ 68 ]

قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما (1) ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر، قال: قلت: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا لا يفضل واحد منهما على الآخر (2)؟ قال: فقال: ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي حكما به المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه، وإنما الامور ثلاثة: أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم. قلت: فإن كان الخبران عنكما (3) مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة، قلت: جعلت فداك أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ قال: ما خالف العامة ففيه الرشاد. فقلت: جعلت فداك فإن وافقهما الخبران جميعا. قال: ينظر إلى ماهم إليه أميل، حكامهم وقضاتهم فيترك (4) ويؤخذ بالآخر. قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال: إذا كان ذلك فارجه (5) حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.


(1) في الجواب اشعار بأنه لابد من كونها عادلين فقيهين صادقين ورعين. والفقه هو العلم بالاحكام الشرعية. (آت). (2) وفي بعض النسخ: [ على صاحبه ]. (3) يعني الباقر والصادق عليهما السلام. (آت). (4) أي ينظر إلى ما حكامهم وقضاتهم إليه أميل. وحكامهم بدل من الضمير المنفصل في قوله: ماهم. (5) أي: قف. [ * ]

[ 69 ]

(باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب) 1 علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه. 2 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: وحدثني حسين بن أبي العلاء (1) أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا تثق به؟ قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى الله عليه وآله (2) وإلا فالذي جاء كم به أولى به. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلى الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف (3). 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب بن راشد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما لم يوافق من الحديث القرآن فهو زخرف. 5 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم وغيره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب النبي صلى الله عليه وآله بمنى فقال: أيها الناس ما جاء كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاء كم يخالف كتاب الله فلم أقله.


(1) هذا الكلام يحتمل وجوها الاول أن يكون كلام علي بن الحكم يقول: حدثني حسين بن ابي العلاء انه أي الحسين حضر ابن أبي يعفور في المجلس الذي سمع منه أبان. الثاني أن يكون: كلام أبان بأن يكون الحسين حدثه انه كان حاضرا في مجلس سؤال ابن أبي يعفور عنه (ع). الثالث أن يكون أيضا من كلام أبان وحدثه الحسين أن ابن أبي العفور حضر مجلس السؤال عنه (ع) وكان السائل غيره، ولعل الاوسط اظهر. (آت). (2) جزاء الشرط محذوف أي: فاقبلوه وقوله فالذي جاءكم به اولى به أي: ردوه عليه ولا تقبلوا منه أولى بروايته وأن يكون عنده لا يتجاوزه. (آت) (3) اي المموه المزور والكذب المحسن. (في). [ * ]

[ 70 ]

6 وبهذا الإسناد، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من خالف كتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وآله فقد كفر. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن يونس رفعه قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: إن أفضل الأعمال عند الله ما عمل بالسنة وإن قل. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي سعيد القماط وصالح بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن مسألة فأجاب فيها، قال: فقال الرجل: إن الفقهاء لا يقولون هذا، فقال: يا ويحك (1) وهل رأيت فقيها قط؟! إن الفقيه حق الفقيه (2) الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، المتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وآله. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي إسماعيل إبراهيم بن إسحاق الأزدي، عن أبي عثمان العبدي، عن جعفر، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: ما من أحد إلا وله شرة وفترة (3)، فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى بدعة فقد غوى. 11 – علي بن محمد، عن أحمد بن محمد البرقي. عن علي بن حسان ومحمد بن يحيى


(1) قوله عليه السلام: ويحك كلمة ترحم، ونصبه بتقدير: الزمك ويحا، وقد يطلق ويح مكان ويل في العذاب. (آت). (2) منصوب على انه بدل الكل من الفقيه وحاصل الحديث ان من استقر العلم في قلبه كان عاملا بمقتضى علمه والعلم يقتضي الزهد في الدنيا والرغبة في الاخرة والتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وآله سواء كان بلا واسطة أو بها. (آت). (3) الشرة اما بكسر وتشديد الراء والتاء بمعنى النشاط والرغبة كما في الحديث ” لكل عابد شرة واما بالفتح والتخفيف والهاء بمعنى غلبة الحرص على شئ والفترة في مقابلها يعني ان كل واحد من أفراد الناس له قوة وسورة وحركة ونشاط وحرص على تحصيل كماله اللائق به في وقت من أوقات عمره كما يكون للاكثرين في ايام شبابهم وله فتور وضعف وسكون واستقرار وتقاعد عن ذلك في وقت آخر كما يكون للاكثرين في أوان شيخوختهم فمن كان فتوره وقراره واطمئنانه وسكونه وختام أمره في عبادته إلى سنة فقد اهتدى ومن كان سكونه وختام أمره إلى بدعة فقد غوى. (في). [ * ]

[ 71 ]

عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن موسى بن بكر، عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل من تعدى السنة رد إلى السنة (1). 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: السنة سنتان: سنة في فريضة (2) الأخذ بها هدى، وتركها ضلالة، وسنة في غير فريضة الأخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة (3). تم كتاب فضل العلم (4) والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


(1) اي يجب على العلماء اظهار بدعته ونهيه عن تلك البدعة لينتهى عنها ويعمل بما يوافق السنة. (آت). (2) السنة في الاصل الطريقة ثم خصت بطريقة الحق التى وضعها الله للناس وجاء بها الرسول صلى الله عليه واله ليتقربوا بها إلى الله تعالى ويدخل فيها كل عمل شرعي واعتقاد حق و يقابلها البدعة وينقسم السنة إلى واجب وندب وبعبارة أخرى إلى فرض ونفل وبثالثة إلى فريضة وفضيلة والفريضة ما يثاب بها فاعلها ويعاقب على تركها والفضيلة ما يثاب باتيانها ولا يعاقب بتركها كما فسرهما عليه السلام وقد يطلق السنة على قول النبي وفعله وهي مقابلة الكتاب ويحتمل ان يكون هو المراد بها ههنا كما يشعر بها لفظة (في) المنبئة عن الورود. (في). وقال المحصلين: بل المراد بالسنة في اصطلاح الاصحاب ومتون الاخبار هي السيرة المسنونة بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله الثابتة بالاجماع أو الاخبار المسلمة (عند الفريقين) ولذلك امرنا ان نعرض الحديثين المتخالفين على السنة وانما تقابل الكتاب أو الفرض من حيث ان الكتاب دليل يثبت بظاهره احكاما بعنوان الفرائض وأساس الدين (لا يجوز تركها لا عمدا ولا سهوا) والسنة دليل يثبت بظاهره احكاما بعنوان السنن المتفرعة على الفرائض (وان كانت موجودة في اشارات القرآن). وتلك السنن اما داخلة في الفرائض كقوله عليه السلام في الصلاة: ” التكبير سنة والقراءة سنة والتشهد سنة ” ولذلك لا يجوز تركها إلا في غير عمد واما غير داخلة في الفرائض كالاذكار المسنونة عقيب الصلوات وابتداره وتسارعه صلى الله عليه وآله بالسلام كلما لقى مؤمنا، ولذلك يجوز تركها تركا للفضيلة من دون عصيان وانما يكون ” تركها إلى غيرها خطيئة ” فانه اعراض عن السنة اقبال إلى ما يخالفها من البدع. (انتهى ملخص كلامه مشافهة). (3) ” قوله: ” تركها إلى غير خطيئة ” أي ينتهى إلى غير خطيئة، أو هو من غير خطيئة، أو هو غير خطيئة. (آت) وفي بعض النسخ [ تركها إلى غيرها خطيئة. ] (4) في بعض النسخ [ هذا آخر كتاب فضل العلم ]. [ * ]

[ 72 ]

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التوحيد (1) * (باب) * حدوث العالم (2) وإثبات المحدث 1 – أخبرنا أبو جعفر محمد بن يعقوب قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن عبد الرحمن، عن علي بن منصور قال: قال لي هشام بن الحكم: كان بمصر زنديق تبلغه عن أبي عبد الله عليه السلام أشياء فخرج إلى المدينة ليناظره فلم يصادفه بها وقيل له إنه خارج بمكة فخرج إلى مكة ونحن مع أبي عبد الله فصادفنا ونحن مع أبي عبد الله عليه السلام في الطواف وكان اسمه عبد الملك وكنيته أبو عبد الله (3) فضرب كتفه كتف أبي عبد الله عليه السلام، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما اسمك؟ فقال: اسمي عبد الملك، قال: فما كنيتك؟ قال: كنيتي أبو عبد الله، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فمن هذا الملك الذي أنت عبده؟ أمن ملوك الأرض أم من ملوك السماء؟ وأخبرني عن ابنك عبد إله السماء أم عبد إله الأرض؟ قل: ما شئت تخصم (4) قال هشام بن الحكم: فقلت


(1) إن التوحيد يطلق على معان: احدها: نفي الشريك في الالهية اي استحقاق العبادة وهي أقصى غاية التذلل والخضوع ولذلك لا يستعمل إلا في التذلل لله تعالى لانه المولى لاعظم النعم بل جميعها فهو المستحق لاقصى الخضوع وغايته، والمخالف في ذلك مشركوا العرب وأضرابهم فانهم بعد علمهم بأن صانع العالم واحد كانوا يشركون الاصنام في عبادته. ثانيها: نفي الشريك في صانعية العالم والمخالف في ذلك الثنوية واضرابهم. ثالثها ما يشمل المعنيين المتقدمين وتنزيهه عما لا يليق بذاته وصفاته تعالى من النقص والعجز والجهل والتركيب والاحتياج والمكان وغير ذلك من الصفات السلبية وتوصيفه بالصفات الثبوتية الكمالية. رابعها: ما يشمل تلك المعاني و تنزيهه سبحانه عما توجب النقص في أفعاله ايضا من الظلم وترك اللطف وغيرها وبالجملة كل ما يتعلق به سبحانه ذاتا وأفعالا إثباتا ونفيا. والظاهر ان المراد هنا هذا المعنى. (آت) (2) أراد بالعالم ما سوى الله تعالى والمراد بحدوثه كونه مسبوقا بالعدم وكون زمان وجوده متناهيا في جانب الاول. (آت). (3) كذا. (4) على بناء المفعول أي: ان تقل ما شئت تصير مخصوصا مغلوبا بقولك. (آت). [ * ]

[ 73 ]

للزنديق أما ترد عليه، قال: فقبح قولي (1) فقال أبو عبد الله: إذا فرغت من الطواف فأتنا فلما فرغ أبو عبد الله أتاه الزنديق فقعد بين يدي أبي عبد الله ونحن مجتمعون عنده، فقال أبو عبد الله عليه السلام للزنديق: أتعلم أن للأرض تحتا وفوقا؟ قال: نعم، قال فدخلت تحتها؟ قال: لا، قال: فما يدريك ما تحتها؟ قال: لا أدري إلا أني أظن أن ليس تحتها شئ، فقال: أبو عبد الله عليه السلام فالظن عجز، لما لا تستيقن؟ (2) ثم قال أبو عبد الله: أفصعدت السماء؟ قال: لا، قال: أفتدري ما فيها؟ قال: لا، قال: عجبا لك لم تبلغ المشرق ولم تبلغ المغرب ولم تنزل الأرض ولم تصعد السماء ولم تجز هناك فتعرف ما خلفهن وأنت جاحد بما فيهن وهل يجحد العاقل ما لا يعرف؟! قال الزنديق: ما كلمني بهذا أحد غيرك، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فأنت من ذلك في شك فلعله هو ولعله ليس هو؟ فقال الزنديق: ولعل ذلك، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيها الرجل! ليس لمن لا يعلم حجة على من يعلم ولا حجة للجاهل يا أخا أهل مصر! تفهم عني فإنا لا نشك في الله أبدا أما ترى الشمس (3) والقمر والليل والنهار يلجان فلا يشتبهان و يرجعان، قد اضطرا ليس لهما مكان إلا مكانهما، فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلم يرجعان؟ وإن كانا غير مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا والنهار ليلا؟ اضطرا والله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما والذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر، فقال الزنديق: صدقت، ثم قال: أبو عبد الله عليه السلام يا أخا أهل مصر (4) إن الذي تذهبون إليه وتظنون أنه الدهر إن كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم؟ القوم مضطرون يا أخا أهل مصر لم السماء مرفوعة (5) والأرض موضوعة


(1) على بناء المجرد أي كان كلامي في حضوره (ع) بغير اذنه قبيحا. أو على بناء التفعيل أي: عد الزنديق قولي قبيحا. ويحتمل حينئذ ارجاع ضمير الفاعل إليه (ع). (آت). (2) في بعض النسخ [ لمن لا يستيقن ]. (3) استدل عليه السلام على اثبات الصانع المجرد المنزه عن مشابهة المصنوعات بوجوه ثلاثة هذا أولها وهو لبيان ابطال ما زعموه من استناد الحوادث السفلية إلى الدورات الفلكية وعدم احتياجها إلى علة اخرى سوى ذواتها. (آت). (4) هذا هو الوجه الثاني وهو مشتمل على ابطال مذهب الخصم القائل بمبدئية الدهر للكائنات الفاسدات كقولهم ” ان يهلكنا الا الدهر ” (آت). (5) هذا هو الوجه الثالث وهو مبنى على الاستدلال بأحوال جميع اجزاء العالم من العلويات والسفليات وارتباط بعضها ببعض وتلازمها وكون جميعها على غاية الاحكام والاتقان. (آت) [ * ]

[ 74 ]

لم لا يسقط السماء على الأرض، لم لا تنحدر الأرض فوق طباقها ولا يتماسكان (1) ولا يتماسك من عليها؟ قال الزنديق: أمسكهما الله ربهما وسيدهما، قال: فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله عليه السلام، فقال له حمران: جعلت فداك إن آمنت الزنادقة على يدك فقد آمن الكفار على يدي أبيك، فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبد الله عليه السلام: اجعلني من تلامذتك، فقال أبو عبد الله: يا هشام بن الحكم خذه إليك وعلمه، فعلمه هشام فكان معلم (2) اهل الشام وأهل مصر الايمان وحسنت طهارته حتى رضي بها أبو عبد الله. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي (3) عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي هشام، عن أحمد بن محسن الميثمي قال: كنت عند أبي منصور المتطبب فقال: أخبرني رجل من أصحابي قال: كنت أنا وابن أبي العوجاء وعبد الله بن المقفع في المسجد الحرام فقال ابن المقفع، ترون هذا الخلق – وأومأ بيده إلى موضع الطواف – ما منهم أحد اوجب له اسم الانسانية إلا ذلك الشيخ الجالس – يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام – فأما الباقون فرعاع وبهائم (4) فقال له ابن أبي العوجاء: وكيف أوجبت هذا الاسم لهذا الشيخ دون هؤلاء؟ قال: لاني رأيت عنده ما لم أره عندهم فقال له ابن أبي العوجاء: لابد من اختبار ما قلت فيه منه، قال: فقال ابن المقفع: لا تفعل فإني أخاف أن يفسد عليك ما في يدك (5)، فقال: ليس ذا رأيك ولكن تخاف أن يضعف


(1) أي: في صورتي السقوط والانحدار والمراد انه ظهر انه لا يمكنها التماسك بل لابد من ماسك يمسكهما والمراد بالانحدار الحركة المستديرة (آت). (2) الظاهر رجوع الضمير إلى هشام ويحتمل إرجاعه إلى المؤمن أي صار كاملا بحيث صار بعد ذلك معلم أهل الشام وأهل مصر (آت). (3) هو محمد بن على الكوفي أبو سمينة الصيرفي عينه الصدوق رحمة الله في كتاب التوحيد في اسناد هذا الحديث. وابن أبي العوجاء هو عبد الكريم كان من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد فقيل له تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة؟ فقال: ان صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر وطورا بالجبر وما اعلمه اعتقد مذهبا دام عليه وابن المقفع هو عبد الله ابن المقفع الفارسي المشهور الماهر في صنعة الانشاء والادب كان مجوسيا اسلم على يد عيسى بن على عم المنصور بحسب الظاهر وكان كابن أبي العوجاء وابن طالوت وابن الاعمى على طريق الزندقة وهو الذي عرب كتاب كليلة ودمنة. (4) الرعاع بالمهملات وفتح اوله: الاحداث الطغام الرذال. (في). (5) اي من العقائد. [ * ]

[ 75 ]

رأيك عندي في إحلالك (1) إياه المحل الذي وصفت، فقال ابن المقفع: أما إذا توهمت علي هذا فقم إليه وتحفظ ما استطعت من الزلل ولا تثني عنانك إلى استرسال (2) فيسلمك إلى عقال (3) وسمه مالك أو عليك؟ قال: فقام ابن أبي العوجاء وبقيت أنا وابن المقفع جالسين فلما رجع إلينا ابن أبي العوجاء قال: ويلك يا ابن المقفع ما هذا ببشر وإن كان في الدنيا روحاني يتجسد إذا شاء ظاهرا ويتروح إذا شاء باطنا فهو هذا، فقال له: وكيف ذلك؟ قال: جلست إليه فلما لم يبق عنده غيري ابتدأني فقال: إن يكن الامر على ما يقول هؤلاء – وهو على ما يقولون (4) – يعني اهل الطواف – فقد سلموا وعطبتم وان يكن الامر علي ما تقولون – وليس كما تقولون – فقد استويتم وهم، فقلت له: يرحمك الله وأي شئ نقول وأي شئ يقولون؟ ما قولي وقولهم إلا واحدا، فقال: وكيف يكون قولك وقولهم واحدا؟ وهم يقولون: إن لهم معادا وثوابا وعقابا ويدينون بأن في السماء إلها وأنها عمران وأنتم تزعمون أن السماء خراب ليس فيها أحد، قال: فاغتنمتها (5) منه فقلت له: ما منعه إن كان الامر كما يقولون أن يظهر لخلقه ويدعوهم إلى عبادته حتى لا يختلف منهم اثنان ولم احتجب عنهم وأرسل إليهم الرسل؟ ولو باشرهم بنفسه كان أقرب إلى الايمان به؟ فقال لي: ويلك وكيف احتجب عنك من أراك قدرته في نفسك: نشوءك ولم تكن وكبرك بعد صغرك وقوتك بعد ضعفك وضعفك بعد قوتك وسقمك بعد صحتك وصحتك بعد سقمك ورضاك بعد غضبك وغضبك بعد رضاك وحزنك


(1) احلالك بالمهملة وفي بعض النسخ بالمعجمة وهو تصحيف. (آت) (2) ” ولا تثنى ” نفي في معنى النهي وفي توحيد الصدوق لا تثن بصيغة النهي وهو أظهر و على التقديرين مشتق من الثنى وهو العطف والميل أي: لا ترخ عنانك إليك بأن تميل إلى الرفق والاسترسال والتساهل فتقبل منه بعض ما يلقى إليك. (آت). (3) ” فيسلمك ” من التسليم أو الاسلام ” إلى عقال ” وهي ككتاب ما يشد به يد البعير أي: يعقلك بتلك المقدمات التي تسلمت منه بحيث لا يبقى لك مفر كالبعير المعقول. ” وسمه مالك أو عليك ” على صيغة الامر أي اجعل على ما تريد ان تتكلم علامة لتعلم أي شئ لك أو عليك ونقل عن الشيخ البهائي قدس سره: انه من السوم من سام البايع السلعة يسوم سوما إذا عرضها على المشتري وسامها المشتري بمعنى استامها والضمير راجع إلى الشيخ على طريق الحذف والايصال والموصول مفعوله. (آت) (4) اعترض (ع) الجملة الحالية بين الشرط والجزاء للاشارة إلى ما هو الحق ولئلا يتوهم انه (ع) في شك من ذلك وقوله: ” كلام ابن أبي العوجاء. (آت) وعطبتم أي: هلكتم. (في). (5) اي اعددت اقواله غنيمة إذ من مدعياته انفتح لى باب المناظرة معه عليه السلام. [ * ]

[ 76 ]

بعد فرحك وفرحك بعد حزنك وحبك بعد بغضك وبغضك بعد حبك وعزمك بعد أناتك وأناتك (1) بعد عزمك وشهوتك بعد كراهتك وكراهتك بعد شهوتك ورغبتك بعد رهبتك ورهبتك بعد رغبتك ورجاءك بعد يأس ويأسك بعد رجائك، وخاطرك (2) بما لم يكن في وهمك وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك (3) وما زال يعدد علي قدرته التي هي في نفسي التي لا أدفعها حتى ظننت أنه سيظهر فيما بيني وبينه. * – [ عنه عن بعض أصحابنا رفعه وزاد في حديث ابن أبي العوجاء حين سأله أبو عبد الله عليه السلام قال: عاد ابن أبي العوجاء في اليوم الثاني إلى مجلس أبي عبد الله عليه السلام فجلس وهو ساكت لا ينطق فقال أبو عبد الله عليه السلام: كأنك جئت تعيد بعض ما كنا فيه؟ فقال: أردت ذلك يا ابن رسول الله فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما أعجب هذا تنكر الله وتشهد أني ابن رسول الله! فقال: العادة تحملني على ذلك، فقال له العالم عليه السلام فما يمنعك من الكلام؟ قال: إجلالا لك ومهابة ما ينطلق لساني بين يديك فإني شاهدت العلماء وناظرت المتكلمين فما تداخلني هيبة قط مثل ما تداخلني من هيبتك، قال: يكون ذلك ولكن أفتح عليك بسؤال وأقبل عليه فقال له: أمصنوع أنت أو غير مصنوع؟ فقال عبد الكريم بن أبي العوجاء بل أنا غير مصنوع فقال له العالم عليه السلام: فصف لي لو كنت مصنوعا كيف كنت تكون؟ فبقي عبد الكريم مليا لا يحير جوابا (4) وولع بخشبة كانت بين يديه وهو يقول طويل عريض عميق قصير متحرك ساكن كل ذلك صفة خلقه، فقال له العالم: فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعا لما تجد في نفسك مما يحدث من هذه الامور، فقال له


(1) اسم من التأني وفي بعض النسخ [ انائك ] بالنون والهمزة بمعنى الفتور والتأخر والابطاء وفي بعضها [ ابائك ] بالباء الموحدة بمعنى الامتناع. (2) الخاطر من الخطور وهو حصول الشئ مشعورا به في الذهن. (آت) (3) حاصل استدلاله عليه السلام انك لما وجدت في نفسك آثار القدرة التي ليست من مقدوراتك ضرورة علمت أن لها بارئا قادرا وكيف يكون غائبا عن الشخص من لا يخلو الناس ساعة عن آثار كثيرة تصل منه إليه. (آت) توجد الرواية في غير واحد من النسخ المخطوطة الموجودة عندنا ورواها الصدوق (ره) في التوحيد قال: حدثنا علي بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق قال: حدثنا محمد بن يعقوب باسناده رفع الحديث (ان ابن أبي العوجاء…) وذكرها المجلسي في مرآت العقول وشرحها مجملا. (4) بالمهملة أي: لا ينطق ولا يقدر عليه: والولوع بالشئ الحرص عليه والمبالغة في تناوله. (آت). [ * ]

[ 77 ]

عبد الكريم: سألتني عن مسأله لم يسألني عنها أحد قبلك ولا يسألني أحد بعدك عن مثلها، فقال أبو عبد الله عليه السلام: هبك (1) علمت أنك لم تسأل فيما مضى فما علمك أنك لا تسأل فيما بعد، على أنك يا عبد الكريم نقضت قولك لانك تزعم أن الاشياء من الاول سواء فكيف قدمت وأخرت، ثم قال: يا عبد الكريم أزيدك وضوحا أرأيت لو كان معك كيس فيه جواهر فقال لك قائل: هل في الكيس دينار فنفيت كون الدينار في الكيس، فقال لك صف لي الدينار وكنت غير عالم بصفته هل كان لك أن تنفي كون الدينار عن الكيس وأنت لا تعلم؟ قال: لا، فقال: أبو عبد الله عليه السلام فالعالم أكبر وأطول وأعرض من الكيس فلعل في العالم صنعة من حيث لا تعلم صفة الصنعة من غير الصنعة، فانقطع عبد الكريم وأجاب إلى الاسلام بعض أصحابه وبقي معه بعض. فعاد في اليوم الثالث فقال: أقلب السؤال فقال له أبو عبد الله عليه السلام: سل عما شئت فقال: ما الدليل على حدث الاجسام؟ فقال: إني ما وجدت شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا وإذا ضم إليه مثله صار أكبر وفي ذلك زوال وانتقال عن الحالة الاولى ولو كان قديما ما زال ولا حال لان الذي يزول ويحول يجوز أن يوجد ويبطل فيكون بوجوده بعد عدمه دخول في الحدث وفي كونه في الازل دخوله في العدم ولن تجتمع صفة الازل والعدم و الحدوث والقدم في شئ واحد، فقال عبد الكريم: هبك علمت في جري الحالتين والزمانين على ما ذكرت واستدللت بذلك على حدوثها فلو بقيت الاشياء على صغرها من أين كان لك أن تستدل على حدوثهن؟ فقال العالم عليه السلام: إنما نتكلم على هذا العالم الموضوع فلو رفعناه ووضعنا عالما آخر كان لا شئ أدل على الحدث من رفعنا إياه ووضعنا غيره ولكن اجيبك من حيث قدرت أن تلزمنا فنقول: إن الاشياء لو دامت على صغرها لكان في الوهم أنه متى ضم شئ إلى مثله كان أكبر وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم كما أن في تغييره دخوله في الحدث ليس لك وراء ه شئ يا عبد الكريم فانقطع وخزي. فلما كان من العام القابل التقي معه في الحرم فقال له بعض شيعته: إن ابن أبي العوجاء قد أسلم فقال العالم عليه السلام: هو أعمى من ذلك لا يسلم، فلما بصر بالعالم قال:


(1) هبك: اي افرض نفسك انك علمت ما مضى وسلمنا ذلك لك. (آت). [ * ]

[ 78 ]

سيدي ومولاي، فقال له العالم عليه السلام: ما جاء بك إلى هذا الموضع؟ فقال: عادة الجسد وسنة البلد ولننظر ما الناس فيه من الجنون والحلق ورمي الحجارة؟ فقال له العالم عليه السلام أنت بعد على عتوك وضلالك يا عبد الكريم فذهب يتكلم فقال له عليه السلام: لا جدال في الحج ونفض ردائه من يده وقال: إن يكن الامر كما تقول وليس كما تقول نجونا ونجوت وإن يكن الامر كما نقول وهو كما نقول نجونا وهلكت، فأقبل عبد الكريم على من معه فقال: وجدت في قلبي حزازة (1) فردوني فردوه فمات لا رحمة الله ]. 3 – حدثني محمد بن جعفر الاسدي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي الرازي عن الحسين بن الحسن بن برد (2) الدينوري، عن محمد بن علي (3) عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا عليه السلام قال: دخل رجل من الزنادقة علي أبي الحسن عليه السلام وعنده جماعة فقال أبو الحسن عليه السلام: أيها الرجل أرأيت إن كان القول قولكم وليس هو كما تقولون ألسنا وإياكم شرعا سواء، لا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا وأقررنا؟ فسكت الرجل، ثم قال أبو الحسن عليه السلام: وإن كان القول وهو قولنا ألستم قد هلكتم ونجونا؟. فقال رحمك الله أوجدني (4) كيف هو وأين هو؟ فقال: ويلك إن الذي ذهبت إليه غلط هو أين الاين بلا أين وكيف الكيف بلا كيف فلا يعرف بالكيفوفية ولا باينونية ولا يدرك بحاسة ولا يقاس بشئ. فقال الرجل: فإذا أنه لا شئ إذا لم يدرك بحاسة من الحواس؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته؟! ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا أنه ربنا بخلاف شئ من الاشياء. قال الرجل: فأخبرني متى كان؟ قال أبو الحسن عليه السلام: أخبرني متى لم يكن فاخبرك متى كان قال الرجل: فما الدليل عليه؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: إني لما نظرت إلى جسدي ولم يمكني فيه زيادة ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره عنه وجر المنفعة إليه علمت أن لهذا البنيان بانيا فأقررت به مع ما أرى من دوران الفلك بقدرته وإنشاء


(1) الحزازة وجع في القلب. (2) بضم الباء الموحدة وسكون الراء المهملة والدال. (3) الظاهر انه هو أبو سمينة الكوفي كما صرح به الصدوق (ره) في التوحيد. (4) يقال أوجده الله مطلوبه أي: أظفره به يعني أفدني كيفيته ومكانه وأظفرني بمطلبي الذي هو العالم بالكيفية. (آت). [ * ]

[ 79 ]

السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الآيات العجيبات المبينات علمت ان لهذا مقدرا ومنشئا. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن إسحاق الخفاف أو عن أبيه، عن محمد بن إسحاق قال: إن عبد الله الديصاني (1) سأل هشام بن الحكم فقال له: ألك رب؟ فقال: بلى، قال أقادر هو؟ قال: نعم قادر قاهر قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلها البيضة لا تكبر البيضة ولا تصغر الدنيا؟ قال هشام: النظرة (2) فقال له: قد أنظرتك حولا، ثم خرج عنه فركب هشام إلى أبي عبد الله عليه السلام فاستأذن عليه فأذن له فقال له: يا ابن رسول الله أتاني عبد الله الديصاني بمسألة ليس المعول فيها إلا على الله وعليك، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: عماذا سألك؟ فقال: قال لي: كيت وكيت، فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا هشام كم حواسك؟ قال خمس قال: أيها أصغر؟ قال الناظر قال: وكم قدر الناظر قال: مثل العدسة أو أقل منها فقال له: يا هشام! فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى، فقال: أرى سماء وأرضا ودورا وقصورا و براري وجبالا وأنهارا فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إن الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو اقل منها قادر أن يدخل الدنيا كلها البيضة (3) لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة، فأكب هشام عليه وقبل يديه ورأسه ورجليه وقال: حسبي يا ابن رسول الله وانصرف إلى منزله، وغدا عليه الديصاني فقال له: يا هشام إني جئتك مسلما ولم أجئك متقاضيا للجواب، فقال له هشام: إن كنت جئت متقاضيا فهاك الجواب، فخرج الديصاني عنه حتى أتى باب أبي عبد الله عليه السلام فاستأذن عليه فأذن له فلما قعد قال له: يا جعفر بن محمد! دلني على معبودي؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟ قال: لو كنت قلت له: عبد الله، كان يقول: من هذا الذي أنت له عبد، فقالوا: له عد إليه وقل له: يدلك على معبودك ولا


(1) بالتحريك من داص يديص ديصانا إذا زاغ ومال، معناه الملحد: (آت). (2) النظرة أي المهلة. (3) هذه مجادلة بالتي هي أحسن وجواب جدلي مسكت يناسب فهم السائل والجواب البرهاني أن يقال ان عدم تعلق قدرته تعالى على ذلك ليس من نقصان في قدرته تعالى ولا القصور في عمومها وشمولها كل شئ بل انما ذاك من نقصان المفروض وامتناعه الذاتي وبطلانه الصرف وعدم حظه من الشيئية. (في). [ * ]

[ 80 ]

يسألك عن اسمك، فرجع إليه فقال له: يا جعفر بن محمد دلني على معبودي ولا تسألني عن اسمي؟ فقال له أبو عبد الله عليه السلام: اجلس وإذا غلام له صغير في كفه بيضة يلعب بها فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ناولني يا غلام البيضة فناوله إياها فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا ديصاني: هذا حصن مكنون له جلد غليظ وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضة ذائبة فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضة الذائبة ولا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة فهي على حالها لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها لا يدري للذكر خلقت أم للانثى، تنفلق (1) عن مثل ألوان الطواويس أترى لها مدبرا؟ (2) قال: فأطرق مليا (3) ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأنك إمام وحجة من الله على خلقه وأنا تائب مما كنت فيه. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عباس بن عمر والفقيمي (4) عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي أتى أبا عبد الله عليه السلام وكان من قول أبي عبد الله عليه السلام: لا يخلو قولك (5): إنهما اثنان من أن يكونا قديمين قويين أو يكونا ضعيفين أو يكون أحدهما


(1) أي تنشق. والطواويس جمع طاووس: (2) استفهام تقرير أو إنكار، أي لا ترى لها مدبرا من أمثالنا فلا بد لها من مدبر غير مرئي ولا جسم ولا جسماني لا يحتاج علمه بالاشياء إلى الدخول فيها والدنو منها مطلقا. (آت). (3) أي: سكت ناظرا إلى الارض زمانا طويلا. (آت). (4) بضم الفاء وفتح القاف وسكون الياء مصغرا. (5) قوله عليه السلام: ” لا يخلو قولك إنهما اثنان ” تحرير هذا الدليل انه لو كان المبدأ الاول الموجود بذاته اثنين فلا يخلو من ان يكونا قديمين قويين أو ضعيفين أو يكون احدهما قويا والاخر ضعيفا والمراد بالقوي ان يكون قادرا على فعل الكل وفاعلا له بالارادة مع استبداده به والمراد بالضعيف الذي لا يقوى على فعل الكل ولا يستبد به ولا يقاوم القوي فان كانا قويين فلم لا يدفع كل منهما صاحبه ويتفرد به اي يلزم منه عدم وقوع الفعل وإن كان أحدهما ضعيفا فليلزم من ضعف وجوده احتياجه إلى العلة الموجدة لانه لا يتصور الا بجواز خلو المهية عن الوجود وهو معنى الامكان وإن كانا ضعيفين بأن يقدر ويقوي كل منهما على بعض أو على الكل لكن فعل بعضا بالارادة فلا يخلو من أن يكونا متفقين في الحقيقة من كل جهة بحيث لا يكون لكل منهما جهة تشخص يتعين بها عن صاحبه فمعناه وحدتهما وهذا خلف أو يكونا مفترقين من كل جهة فانتظام الخلق وائتلاف الامر يدل على وحدة المدبر ثم إن فرض الاثنينية ولو من جهة يستلزم أن يكون بينهما مميز فاصل عبر عنه الامام (ع) بالفرجة حيث أنها الفاصل بين الاجسام تنبيها على ان اولئك الزنادقة لا يدركون غير المحسوسات ولا ينبغي مخاطبتهم إلا بما يليق استعماله في المحسوسات وهو المميز لابد ان يكون قديما موجودا بذاته وإلا لزم وحدتهما كما ذكرنا فيلزم أن يكون المبدء ثلاثة وفرض التثليث يقتضي المميز بينهما وهكذا إلى ما لا نهاية له. (رف ملخصا). [ * ]

[ 81 ]

قويا والآخر ضعيفا، فإن كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه ويتفرد بالتدبير وإن زعمت أن أحدهما قوي والآخر ضعيف ثبت أنه واحد كما نقول، للعجز الظاهر في الثاني، فإن قلت: إنهما اثنان، لم يخل من أن يكونا متفقين من كل جهة (1) أو مفترقين من كل جهة فلما رأينا الخلق منتظما، والفلك جاريا، والتدبير واحدا والليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الامر والتدبير وائتلاف الامر على أن المدبر واحد ثم يلزمك إن ادعيت اثنين فرجة ما بينهما حتى يكونا اثنين فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة، فإن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلت في الاثنين حتى نكون بينهم فرجة فيكونوا خمسة ثم يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة، قال هشام: فكان من سؤال الزنديق أن قال: فما الدليل عليه (2)؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: وجود الافاعيل دلت على أن صانعا صنعها ألا ترى أنك إذا نظرت إلى بناء مشيد مبني علمت أن له بانيا وإن كنت لم تر الباني ولم تشاهده، قال: فما هو (3)؟ قال: شئ بخلاف الاشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شئ بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس، لا تدركه الاوهام ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الازمان. 6 – محمد بن يعقوب قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان عن داود بن فرقد، عن أبي سعيد


(1) في بعض النسخ [ من كل وجه ] وكذا في الثاني. (2) يعني بما ذكرت قد ثبت وحدة المبدء الاول للعالم على تقدير وجوده، فما الدليل على وجوده؟ فأجاب عليه السلام بأن وجود الافاعيل وهي جمع افعولة وهي الفعل العجيب الذي روعى فيه الحكمة كخلق الانسان وعروقه وأحشائه وعضلاته وآلات القبض والبسط ونحو ذلك مما لا يتأتى الا من قادر حكيم. (آت). (3) ” قوله: فما هو ” إما سؤال عن حقيقة بالكنه ففي الجواب إشارة إلى أنه لا يمكن معرفته بالكنه وإنما يعرف بوجه يمتاز به عن جميع ما عداه، أو سؤال عن حقيقته بالوجه الذي يمتاز به عن جميع ما عداه وعلى التقديرين فالجواب بيان الوجه الذي يمتاز عما عداه وهو أنه شئ بخلاف الاشياء، أي لا يمكن تعقل ذاته الا بهذا الوجه وهو أنه موجود بخلاف سائر الموجودات في الذات والصفات وفي نحو الاتصاف بها، وقوله: ” ارجع ” على صيغة الامر أو المتكلم وحده. (آت). (4) وزان سبحان هو عبد الله بن مسكان الكوفي كان من أجلاء أصحاب الصادق عليه السلام وأحد من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، وروى أنه كان لا يدخل على أبي عبد الله عليه السلام شفقة من أن لا يوفيه حق اجلاله وكان يسمع من أصحابه ويأبى أن يدخل عليه اجلالا له عليه السلام. [ * ]

[ 82 ]

الزهري، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كفى لاولي الالباب بخلق الرب المسخر، وملك الرب القاهر، وجلال الرب الظاهر، ونور الرب الباهر (1) وبرهان الرب الصادق، وما أنطق به ألسن العباد، وما أرسل به الرسل، وما أنزل على العباد دليلا على الرب. (باب اطلاق القول بأنه شئ) 1 – محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن عبد الرحمن ابن أبي نجران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن التوحيد (2) فقلت: أتوهم شيئا؟ فقال: نعم، غير معقول ولا محدود، فما وقع وهمك عليه من شئ فهو خلافه، لا يشبهه شئ ولا تدركه الاوهام، كيف تدركه الاوهام وهو خلاف ما يعقل، وخلاف ما يتصور في الاوهام؟! إنما يتوهم شئ غير معقول ولا محدود. 2 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل (3)، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسين بن سعيد (4) قال: سئل أبو جعفر الثاني عليه السلام: يجوز أن يقال لله: إنه شئ؟ قال: نعم، يخرجه من الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه (5). 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي المغرا (6) رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكلما وقع عليه اسم شئ فهو مخلوق ما خلا الله. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله


(1) البهر الاضائة أو الغلبة، يقال: بهر القمر إذا أضاء حتى غلب ضوؤه ضوء الكواكب. (آت). (2) أي معرفته متوحدا بحقيقته وصفاته، وقوله ” أتوهم شيئا ” أي أدركه وأتصوره شيئا وأصفه بالشيئية؟ وقوله: ” نعم غير معقول ” أي نعم توهمه وتصوره شيئا غير معقول أي: غير مدرك بالعقل بكنهه إدراكا كليا (رف). (3) محمد بن اسماعيل هذا هو صاحب الصومعة، عينه الصدوق (ره) في التوحيد. (4) في بعض النسخ [ الحسن بن سعيد ]. (5) حد التعطيل هو عدم اثبات الوجود أو الصفات الكمالية والفعلية والاضافية له، وحد التشبيه الحكم بالاشتراك مع الممكنات في حقيقة الصفات وعوارض الممكنات. (آت). (6) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة والراء، مقصورا وهو حميد بن المثنى الكوفي العجلى الصيرفي. [ * ]

[ 83 ]

عليه السلام يقول: إن الله خلو من خلقه (1) وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه شئ ما خلا الله فهو مخلوق والله خالق كل شئ، تبارك الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير. عن علي بن عطية، عن خيثمة (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله خلو من خلقه، وخلقه خلو منه، وكل ما وقع عليه اسم شئ ما خلا الله تعالى فهو مخلوق والله خالق كل شئ. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للزنديق حين سأله: ما هو؟ قال: هو شئ بخلاف الاشياء ارجع بقولي إلى إثبات معنى وأنه شئ بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس لا تدركه الاوهام ولا تنقصه الدهور ولا تغيره الازمان، فقال له السائل: فتقول: إنه سميع بصير؟ قال: هو سميع بصير: سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه، ليس قولي: إنه سميع يسمع بنفسه وبصير يبصر بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ولكن أردت عبارة عن نفسي (4) إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا، فأقول: إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك الا إلى أنه السميع


(1) الخلو بالكسر الخالي، والسر في خلو كل منهما عن الاخر أن الله سبحانه وجود بحت خالص لا مهية له سوى الانية والخلق مهيات صرفة لا إنية لها من حيث هي وانما وجدت به سبحانه و بانيته فافترقا (في) (2) بتقديم المثناة. روى الصدوق (ره) هذا الحديث في كتاب التوحيد باسناده عن الكليني لكن مع زوائد و اختلاف في غير موضع منه ولعل في نسخ الكافي سقطا وتصحيفا من قبل النساخ ولذلك أشرنا الي موارد الاختلاف في ذيل الصفحة ولاجل شموله على بعض ما يحتاج إلى التوضيح أوردناه مع شرحه في آخر هذا المجلد والمطالب ان يراجع هناك. (3) قوله ” فتقول: انه سميع ” ايراد على قوله عليه السلام: لا جسم: يعني ان له سمعا وبصرا فكيف لا يكون جسما؟ أو قلت: انه لابد من العلم به بمحض الشيئية وقلت: لا تدركه الاوهام فهل تثبت له من الصفات شيئا أم لا؟ فأجاب عليه السلام بانا نثبت الصفات على وجه لا يشابه بها المخلوقات ولا يوجب له الاشتراك مع غيره لا في الذات ولا في حقيقة الصفات لان غيره سميع بجارحة بصير بآلة وهو تعالى يسمع ويبصر أي يعلم المسموعات والمبصرات لا بجارحة ولا بآلة ولا بصفة زائدة على ذاته ليلزم علينا أن يكون له مجانس أو مشابه بل هو سميع بنفسه بصير بنفسه. (آت). (4) أي: عبارة عما في نفسي بما يناسب ذاتي إذ كنت مسؤولا وافهامك الامر بما يناسب ذاتك إذ كنت سائلا. (في) [ * ]

[ 84 ]

البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى. قال له السائل: فما هو؟ قال أبو عبد الله عليه السلام: هو الرب وهو المعبود وهو الله وليس قولي: الله إثبات هذه الحروف: ألف ولام وهاء، ولا راء، ولا باء ولكن ارجع إلى (1) معنى وشئ خالق الأشياء وصانعها ونعت هذه الحروف وهو المعنى سمي به الله والرحمن والرحيم والعزيز وأشباه ذلك من أسمائه وهو المعبود عزوجل. قال له السائل: فإنا لم نجد موهوما إلا مخلوقا، قال أبو عبد الله عليه السلام: لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا لأنا لم نكلف غير موهوم (2) ولكنا نقول: كل موهوم بالحواس مدرك به تحده الحواس وتمثله فهو مخلوق، إذ كان النفي (3) هو الإبطال والعدم، والجهة الثانية: التشبيه إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار إليهم (4) أنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد إذ لم يكونوا وتنقلهم من صغر إلى كبر وسواد إلى بياض وقوة إلى ضعف وأحوال موجودة لا حاجة بنا إلى تفسيرها لبيانها (5) ووجودها. قال له السائل: فقد حددته إذ أثبت وجوده، قال أبو عبد الله عليه السلام: لم أحده ولكني أثبته إذا لم يكن بين النفي والإثبات منزلة. قال له السائل: فله إنية ومائية؟ قال: نعم لا يثبت الشئ إلا بإنية ومائية. قال له السائل: فله كيفية؟ قال: لا لأن الكيفية جهة الصفة والإحاطة ولكن لابد


(1) في التوحيد كذا: ” لكني ارجع إلى معنى هو شئ خالق الاشياء وصانعها وقعت عليه هذه الحروف وهو معنى الذي يسمى به الله ” (2) في التوحيد كذا: ” لانا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم ولكنا نقول كل موهوم بالحواس مدرك مما تحده الحواس.. ” وفي بعض النسخ التوحيد ” مدرك بها تحده الحواس. ” (3) لعل في العبارة سقطا وفي التوحيد كذا ” فهو مخلوق ولا بد لنا من اثبات صانع الاشياء خارج من الجهتين المذمومتين احداهما النفي إذ كان النفي هو الابطال “. (4) في التوحيد كذا ” والاضطرار منهم إليه “. (5) في التوحيد كذا ” لا حاجة بنا إلى تفسيرها لثباتها ووجودها “. [ * ]

[ 85 ]

من الخروج من جهة التعطيل والتشبيه لأن من نفاه فقد أنكره ودفع ربوبيته وأبطله ومن شبهه بغيره فقد أثبته بصفة المخلوقين المصنوعين الذين لا يستحقون الربوبية ولكن لابد من إثبات أن له كيفية (1) لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره. قال السائل: فيعاني الأشياء بنفسه؟ قال أبو عبد الله عليه السلام: هو أجل من أن يعاني الأشياء بمباشرة ومعالجة لان ذلك صفة المخلوق الذي لا تجيئ الاشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة، وهو متعال نافذ الإرادة والمشيئة، فعال لما يشاء. 7 – عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عيسى، عمن ذكره قال: سئل أبو جعفر عليه السلام: أيجوز أن يقال: إن الله شئ؟ قال: نعم يخرجه من الحدين: حد التعطيل وحد التشبيه. (باب أنه لا يعرف الا به) 1 – علي بن محمد، عمن ذكره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد حمران، عن الفضل بن السكن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة واولي الأمر بالأمر بالمعروف والعدل والإحسان. ومعنى قوله عليه السلام: اعرفوا الله بالله (2) يعني أن الله خلق الأشخاص والأنوار والجواهر والأعيان، فالأعيان: الأبدان، والجواهر: الأرواح، وهو عزوجل لا يشبه جسما ولاروحا وليس لأحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر ولا سبب، هو المتفرد بخلق الأرواح والأجسام فإذا نفى عنه الشبهين: شبه الابدان وشبه الارواح فقد عرف الله بالله وإذا شبهه بالروح أو البدن أو النور فلم يعرف الله بالله. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن علي ابن عقبة (3) بن قيس بن سمعان بن أبي ربيحة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سئل


(1) في التوحيد كذا: ” اثبات ذات بلا كيفية “. (2) هذا من كلام الكليني كما أورده الصدوق (ره) باسناده عن الدقاق قال: سمعت محمد بن يعقوب يقول: معنى قوله: اعرفوا الله بالله يعني ان الله خلق الاشخاص.. الخ. (3) بضم العين المهملة وسكون القاف وفتح الباء الموحدة والتاء. كذا قيل ويحتمل بالفتحات الثلاث وربيحة بالراء المضمومة والباء الموحدة ثم الياء المثناة من تحت ثم حاء مهملة، وفي بعض النسخ بالزاي والجيم. [ * ]

[ 86 ]

أمير المؤمنين عليه السلام: بم عرفت ربك؟ قال: بما عرفني نفسه، قيل: وكيف عرفك نفسه، قال: لا يشبهه صورة ولا يحس بالحواس ولا يقاس بالناس، قريب في بعده، بعيد في قربه، فوق كل شئ ولا يقال شئ فوقه، أمام كل شئ ولا يقال له أمام، داخل في الاشياء لا كشئ داخل في شئ، وخارج من الاشياء لا كشئ خارج من شئ، سبحان من هو هكذا ولا هكذا غيره ولكل شئ مبتدء. 3 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني ناظرت قوما فقلت لهم: إن الله جل جلاله أجل وأعز وأكرم من أن يعرف بخلقه بل العباد يعرفون بالله، فقال: رحمك الله. (باب أدنى المعرفة) 1 – محمد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي، وعلي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني جميعا، عن الفتح بن يزيد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن أدنى المعرفة فقال: الاقرار بأنه لا إله غيره ولا شبه له ولا نظير وأنه قديم مثبت موجود غير فقيد وأنه ليس كمثله شئ. 2 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن طاهر بن حاتم في حال استقامته (1) أنه كتب إلى الرجل: ما الذي لا يجتزء في معرفة الخالق بدونه؟ فكتب إليه: لم يزل عالما وسامعا وبصيرا وهو الفعال لما يريد. وسئل أبو جعفر عليه السلام عن الذي لا يجتزء بدون ذلك من معرفة الخالق فقال: ليس كمثله شئ ولا يشبهه شئ، لم يزل عالما سميعا بصيرا. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين عن الحسن بن علي بن يوسف بن بقاح (2) عن سيف بن عميرة، عن إبراهيم بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام: يقول إن أمر الله كله عجيب الا ” 3 ” انه قد احتج عليكم بما قد عرفكم من نفسه.


(1) انما قال: ” في حال استقامة لانه كان مستقيما ثم تغير وأظهر القول بالغلو ولعل المراد بالرجل الرضا عليه السلام لانه عد من رجاله. والاجتزاء الاكتفاء. (في) (2) بالباء الموحدة المفتوحة والقاف المشددة والالف والحاء المهملة: كوفي ثقة مشهور كان من أصحاب الصادق عليه السلام. (3) قرء بوجهين حرف استثناء وحرف تنبيه. [ * ]

[ 87 ]

(باب المعبود) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب وعن غير واحد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من عبد الله بالتوهم فقد كفر (1) ومن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك، ومن عبد المعنى بإيقاع الاسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سرائره وعلانيته (2) فأولئك أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام حقا. وفي حديث آخر: اولئك هم المؤمنون حقا. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ قال: فقال لي: يا هشام الله مشتق من إله والاله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد أفهمت يا هشام؟ قال: فقلت: زدني قال: إن لله تسعة وتسعين اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الاسماء وكلها غيره، يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل به (3) أعداء نا والمتخذين مع الله عزوجل غيره؟ قلت: نعم، قال: فقال: نفعك الله به وثبتك يا هشام، قال هشام فوالله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا. 3 – علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام أو قلت له: جعلني الله فداك نعبد الرحمن الرحيم الواحد


(1) أي من غير أن يكون على يقين في وجوده تعالى وصفاته، أو بأن يتوهمه محدودا مدركا بالوهم وانما كفر لان الشك كفر ولان كل محدود ومدرك بالوهم غيره سبحانه فمن عبده كان عابدا لغيره فهو كافر. (آت) (2) في بعض النسخ في [ سر امره ]. (3) أي تدافع به أعداء نا، وأصل المناضلة: المرامات، يقال: ناضلة أي: رماه، ثم اتسع فيه فقيل فلان يناضل عن فلان إذا تكلم عنه بعذره ودفع عنه. (4) في اكثر النسخ [ الملحدين ]. [ * ]

[ 88 ]

الأحد الصمد؟ قال: فقال: إن من عبد الاسم دون المسمى بالاسماء أشرك وكفر و جحد ولم يعبد شيئا بل ا عبد الله الواحد الاحد الصمد المسمى بهذه الاسماء دون الاسماء إن الاسماء صفات وصف بها نفسه. (باب الكون والمكان) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة قال: سأل نافع بن الازرق أبا جعفر عليه السلام فقال: أخبرني عن الله متى كان؟ فقال: متى لم يكن حتى اخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: جاء رجل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام من وراء نهر بلخ فقال: إني أسألك عن مسألة فإن أجبتني فيها بما عندي قلت بإمامتك، فقال أبو الحسن عليه السلام: سل عما شئت فقال: أخبرني عن ربك متى كان؟ وكيف كان؟ وعلى أي شئ كان اعتماده؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أين الاين بلا أين وكيف الكيف بلا كيف وكان اعتماده على قدرته، فقام إليه الرجل فقبل رأسه وقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن عليا وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والقيم بعده بما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وأنكم الائمة الصادقون وأنك الخلف من بعدهم. 3 – محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم ابن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: جاء رجل إلى أبي جعفر عليه السلام فقال له: أخبرني عن ربك متى كان؟ فقال: ويلك إنما يقال لشئ لم يكن: متى كان، إن ربي تبارك وتعالى كان ولم يزل (1) حيا بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكونه كون، كيف ولا كان له أين، ولا كان في شئ، ولا كان على شئ، ولا ابتدع لمكانه مكانا ولا قوي بعد ما كون الاشياء ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا ولا كان مستوحشا


(1) في توحيد الصدوق (ره) [ كان لم يزل ] باسقاط الواو. [ * ]

[ 89 ]

قبل أن يبتدع شيئا ولا يشبه شيئا مذكورا ولا كان خلوا من الملك قبل إنشائه (1) ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه، لم يزل حيا بلا حياة وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا وملكا جبارا بعد إنشائه للكون، فليس لكونه كيف ولا له أين ولا له حد ولا يعرف بشئ يشبهه ولا يهرم لطول البقاء ولا يصعق (2) لشئ بل لخوفه تصعق الاشياء كلها كان حيا بلا حياة حادثة ولا كون موصوف ولا كيف محدود ولا أين موقوف عليه ولا مكان جاور شيئا، بل حي يعرف وملك لم يزل له القدرة والملك أنشأ ما شاء حين شاء بمشيئته، لا يحد ولا يبعض ولا يفنى، كان أولا بلا كيف ويكون آخرا بلا أين وكل شئ هالك إلا وجهه، له الخلق والامر (3) تبارك الله رب العالمين، ويلك أيها السائل إن ربي لا تغشاه الاوهام ولا تنزل به الشبهات ولا يحار (4) ولا يجاوزه شئ ولا ينزل به الاحداث ولا يسأل عن شئ ولا يندم على شئ ولا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه رفعه قال: اجتمعت اليهود إلى رأس الجالوت (5) فقالوا له: إن هذا الرجل عالم – يعنون أمير المؤمنين عليه السلام – فانطلق بنا إليه نسأله، فأتوه فقيل لهم: هو في القصر فانتظروه حتى خرج، فقال له رأس الجالوت: جئناك نسألك فقال: سل يا يهودي عما بدا لك، فقال: أسألك عن ربك متى كان؟ فقال: كان بلا كينونية، كان بلا كيف، كان لم يزل بلا كم وبلا كيف كان ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل ولا غاية ولا منتهى، انقطعت عنه الغاية وهو غاية كل غاية، فقال رأس الجالوت: امضوا بنا فهو أعلم مما يقال فيه. 5 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء حبر من الاحبار إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين


(1) أي قبل انشاء الملك في الناس ولا بعد ذهابه عنهم. (2) أي لا يغشى عليه لخوف وتصعق الاشياء كلها أي تهلك أو تضعف (آت). (3) المراد بالخلق: عالم الاجسام وبالامر: المجردات، والمستفاد من كلامهم عليهم السلام تفسير الاول بخلق الممكنات مطلقا وتفسير الثاني بوضع الشرايع. (4) في بعض النسخ [ ولا يجار من شئ ولا يجاوره ] وفي بعضها [ ولا يحاوره ]. (5) هو مقدم علماء اليهود وجالوت اعجمي (آت). [ * ]

[ 90 ]

متى كان ربك؟ فقال له: ثكلتك أمك ومتى لم يكن؟ حتى يقال: متى كان، كان ربي قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنده فهو منتهى كل غاية، فقال: يا أمير المؤمنين! أفنبي أنت؟ فقال: ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد صلى الله عليه وآله. وروي أنه سئل عليه السلام: أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء وأرضا؟ فقال عليه السلام: أين سؤال عن مكان؟! وكان الله ولا مكان. 6 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رأس الجالوت لليهود: إن المسلمين يزعمون أن عليا عليه السلام من أجدل (1) الناس وأعلمهم اذهبوا بنا إليه لعلي أسأله عن مسألة، واخطئه فيها فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين إني اريد أن أسأله عن مسألة، قال: سل عما شئت، قال: يا أمير المؤمنين متى كان ربنا؟ قال له: يا يهودي إنما يقال: متى كان لمن لم يكن، فكان متى كان، هو كائن بلا كينونية كائن كان بلا كيف يكون، بلى يا يهودي ثم بلى يا يهودي كيف يكون له قبل؟! هو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى غاية ولا غاية إليها، انقطعت الغايات عنده، هو غاية كل غاية فقال: أشهد أن دينك الحق وأن ما خالفه باطل. 7 – علي بن محمد رفعه، عن زرارة قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أكان الله ولا شئ قال: نعم كان ولا شئ قلت: فأين كان يكون؟ قال: وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: أحلت (1) يا زرارة وسألت عن المكان إذ لا مكان. 8 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي (3)، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى حبر من الاحبار أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟ قال: ويلك إنما يقال: متى كان لما لم يكن فأما ما كان فلا يقال: متى كان، كان قبل القبل بلا قبل وبعد البعد بلا بعد ولا منتهى غاية لتنتهي غايته، فقال له: أنبي أنت؟ فقال: لامك الهبل إنما أنا عبد من عبيد رسول الله صلى الله عليه وآله.


(1) أي أقواهم في المخاصمة والمناظرة وأعرفهم بالمعارف اليقينية. (آت). (2) أي تكلمت بالمحال. (3) في بعض النسخ [ عن أبي ابراهيم الموصلي ]. [ * ]

[ 91 ]

(باب النسبة) 1 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: انسب (1) لنا ربك فلبث ثلاثا لا يجيبهم ثم نزل قل هو الله أحد إلى آخرها. ورواه محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن حماد بن عمرو النصيبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألت أبا عبد الله عن قل هو الله أحد فقال: نسبة الله إلى خلقه أحدا صمدا أزليا صمديا لا ظل له يمسكه وهو يمسك الاشياء بأظلتها، عارف بالمجهول، معروف عند كل جاهل، فردانيا، لا خلقه فيه ولا هو في خلقه، غير محسوس ولا محسوس، لا تدركه الابصار، علا فقرب ودنا فبعد، وعصي فغفر واطيع فشكر، لا تحويه (2) أرضه ولا تقله سماواته، حامل الاشياء بقدرته ديمومي (3) أزلي لا ينسى ولا يلهو ولا يغلط ولا يلعب ولا لارادته فصل (4) وفصله جزاء وأمره واقع، لم يلد فيورث ولم يولد فيشارك ولم يكن له كفوا أحد. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد قال: قال: سئل علي بن الحسين عليه السلام عن التوحيد فقال: إن الله عزوجل علم أنه يكون في آخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل الله تعالى قل هو الله أحد والآيات من سورة الحديد إلى قوله: ” وهو عليم بذات الصدور ” فمن رام وراء ذلك فقد هلك. 4 – محمد بن أبي عبد الله رفعه، عن عبد العزيز بن المهتدي قال: سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد فقال: كل من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التوحيد، قلت: كيف يقرؤها؟ قال: كما يقرؤها الناس وزاد فيه كذلك الله ربي [ كذلك الله ربي ].


(1) اي اذكر نسبه وقرابته فالجواب بنفي النسب والقرابة، أو نسبته إلى خلقه فالجواب بيان كيفية النسبة. (آت). (2) أي: لا تضمه ولا تجمعه الارض التي هي من مخلوقاته ولا تقله أي لا تحمله. (آت). (3) منسوب إلى مصدر دام يدوم ديمومة. (آ ت). (4) في بعض النسخ [ فضل وفضله جزاء ]. [ * ]

[ 92 ]

(باب النهي عن الكلام في الكيفية) 1 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر عليه السلام: تكلموا (1) في خلق الله ولا تتكلموا في الله فإن الكلام في الله لا يزداد صاحبه إلا تحيرا. وفي رواية اخرى عن حريز: تكلموا في كل شئ ولا تتكلموا في ذات الله. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله عزوجل يقول: ” وأن إلى ربك المنتهى (2) ” فإذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن ابي عمير عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا محمد إن الناس لا يزال بهم (3) المنطق حتى يتكلموا في الله فإذا سمعتم (4) ذلك فقولوا: لا إله إلا الله الواحد الذي ليس كمثله شئ. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبي عبيدة الحذاء قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا زياد إياك والخصومات فإنها تورث الشك وتحبط العمل وتردي صاحبها وعسى أن يتكلم بالشئ فلا يغفر له إنه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم ما كفوه حتى انتهى كلامهم إلى الله فتحيروا حتى ان كان الرجل ليدعي من بين يديه فيجيب من خلفه ويدعي من خلفه فيجيب من بين يديه. وفي رواية اخرى: حتى تاهوا في الارض (5).


(1) قوله: ” تكلموا في خلق الله ” هو امر اباحة والنهي في لا تتكلموا للتحريم، وقوله (ع): ” فان الكلام في الله ” اي في كنه ذاته وصفاته وكيفيتهما. (آت). (2) النجم: 43. والمنتهى مصدر ميمي بمعنى الانتهاء والمراد انتهاء التفكر والتكلم إليه تعالى. (3) في بعض النسخ [ لهم المنطق ] ولعل الصحيح: لا يزل بهم المنطق. (4) قوله: ” فإذا سمعتم ذلك ” أي: إذا سمعتم الكلام في الله فاقتصروا على التوحيد ونفي الشريك منبها على انه لا يجوز الكلام وتبيين معرفته الا بسلب التشابه والتشارك بينه وبين غيره. (رف). (5) اي تحيروا ولم يهتدوا إلى الطريق الواضح في المحسوسات والمبصرات فضلا عن الخفايا من المعقولات. (ف). [ * ]

[ 93 ]

5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه، عن الحسين ابن المياح، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من نظر في الله كيف هو؟ هلك. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير عن زرارة بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن ملكا عظيم الشأن كان في مجلس له فتناول الرب تبارك وتعالى ففقد فما يدري أين هو (1). 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن عبد الحميد، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إياكم والتفكر في الله ولكن إذا أردتم أن تنظروا إلى عظمته فانظروا إلى عظيم خلقه (2). 8 – محمد بن أبي عبد الله رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والارض، إن كنت صادقا فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملا عينيك منها فهو كما تقول. (3)


(1) فتناول الرب: أي أخذ وتكلم في ذات الله سبحانه بما لا يليق بجناب قدسه ” ففقد ” أي: صار مفقودا عن مجلسه فما يدري أين هو أو فقد ما كان واجدا فما يدري أين هو لحيرته (رف). (2) في بعض النسخ [ عظم خلقه ]. (3) أراد بالقلب: اللحم الصنوبري المعروف ولهذا جعله ماكولا وظاهر انه لا يصح ان يعرف به ملكوت السماوات والارض كما لا يصح أن يعرف بالبصر لانهما من عالم الملك فكيف يعرف بهما الملكوت؟ فالخطاب خاص ممن لا يتجاوز درجة الحس والمحسوس من افراد بني آدم المشار إليهم بقوله سبحانه: ” لهم قلوب لا يفقهون بها ” فأما من جاوزها منهم وبلغ إلى درجة العقل والمعقول وهم أصحاب القلوب الملكوتية المشار إليهم بقوله عزوجل: ” ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ” فلهم أن يعرفوا بقلوبهم ملكوت السماوات والارض لان قلوبهم من الملكوت ولهذا حث الله تعالى على النظر في الملكوت في غير موضع من كتابه، قال: سبحانه: ” أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والارض وما خلق الله من شئ وان عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون ” وقال تعالى: ” وكذلك ترى ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين ” إلى غير ذلك من الايات بلى ان ذاته تعالى لا يجوز أن تكتنه بالقلب كما لا يجوز أن يدرك بالبصر انما يجوز أن يطلع بالقلب على شئ من عظمته فحسب. قيل كما يعترى العين الظاهرة التي هي بصر الجسد عند التحدق في جرم الشمس عمش يثبطه عن تمام الابصار فكذلك يعترى العين الباطنة التي هي بصر العقل عند ادراك البارئ القدوس تعالى دهش يكمهه عن اكتناه ذاته تعالى. (في). [ * ]

[ 94 ]

9 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي (1)، عن بعض أصحابنا، عن عبد الاعلى مولى آل سام، عن أبي عبد الله عليه السلام: قال ان يهوديا يقال له: سبحت جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله! جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه وإلا رجعت، قال: سل عما شئت، قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان وليس في شئ من المكان المحدود (2): قال: وكيف هو؟ قال: وكيف أصف ربي بالكيف (3) والكيف مخلوق والله لا يوصف بخلقه، قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلم بلسان عربي مبين يا سبحت إنه رسول الله. صلى الله عليه وسلم فقال سبحت: ما رأيت كاليوم امرا أبين من هذا، ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن يحيى الخثعمي عن عبد الرحمن بن عتيك القصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من الصفة فرفع يده إلى السماء ثم قال: تعالى الجبار، من تعاطي ما ثم هلك (4).


(1) اليعقوبي هنا بالمثناة على ما في أكثر النسخ والصحيح بالموحدة نسبة إلى بعقوبا وهي قصبة في ساحل نهر الديالة ببغداد وهو أبو علي داود بن علي البعقوبي الهاشمي من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام، وسبحت في بعض النسخ [ سبخت ] بضم الخاء. (2) اي المعين أو المحدود بالحدود مع انه تعالى غير محدود والحاصل ان القرب والحضور على قسمين قرب المفارقات والمجردات وحضورها بالاحاطة العلمية بالاشياء وقرب المقارنات وذوات الاوضاع وحضورها بالحصول الاينى والمقارنة الوضعية في الامكنة ومع المتمكنات والمتحيزات وحضور الحق تعالى من الاول دون الثاني. (آت). (3) أي بصفة زائدة على ذاته وكل ما يغاير ذاته فهو مخلوق والله لا يوصف بخلقه لانه لا يجوز حلول غيره فيه لانه يوجب استكماله بغيره وكونه في مرتبة ايجاده ناقصا. وأيضا لا يتحقق الحلول الا بقوة في المحل وفعلية بالحال وهو سبحانه لا يصح عليه قوة الوجود، لان قوة الوجود عدم وهو برئ في ذاته من كل وجه من العدم. (آت). (4) أي من تناول بيان ما هنالك من صفاته الحقيقية العينية هلك وضل ضلالا بعيدا وفي القاموس التعاطي التناول وتناول ما لا بحق والتنازع في الاخذ وركوب الامر. (آت). [ * ]

[ 95 ]

(باب في ابطال الرؤية (1)) 1 – محمد بن أبي عبد الله، عن علي بن أبي القاسم، عن يعقوب بن إسحاق (2) قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله: كيف يعبد العبد ربه وهو لا يراه؟ فوقع عليه السلام: يا أبا يوسف جل سيدي ومولاي والمنعم علي وعلى آبائي أن يرى، قال: وسألته: هل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ربه؟ فوقع عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أرى رسوله بقلبه من نور عظمته ما أحب. 2 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال: سألني


(1) اعلم أن الامة اختلفوا في رؤية الله سبحانه وتعالى عن ذلك على أقوال فذهب المشبهة و الكرامية إلى جواز رؤيته تعالى في الدارين في الجهة والمكان لكونه تعالى عندهم جسما وذهب الاشاعرة إلى جواز رؤيته تعالى في الاخرة منزها عن المقابلة والجهة والمكان وذهب المعتزلة والامامية إلى امتناعها في الدنيا والاخرة وقد دلت الايات الكريمة والبراهين العقلية والاخبار المتواترة عن أهل بيت الرسول صلوات الله عليهم على امتناعها مطلقا كما ستعرف وقد أفرد العلامة المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي رحمة الله كتابا أسماه: (كلمة حول الرؤية) فجاء شكر الله سعيه – وافيا كما يهواه الحق ويرتضيه الانصاف ونحن نذكر منه بعض الادلة العقلية: منها: أن كل من استضاء بنور العقل يعلم أن الرؤية البصرية لا يمكن وقوعها ولا تصورها إلا أن يكون المرئي في جهة ومكان ومسافة خاصة بينه وبين رائيه، ولا بد أن يكون مقابلا لعين الرائي وكل ذلك ممتنع على الله تعالى مستحيل باجماع أهل التنزيه من الاشاعرة وغيرهم. ومنها: ان الرؤية التي يقول الاشاعرة بامكانها ووقوعها اما ان تقع على الله كله فيكون مركبا محدودا متناهيا محصورا يشغل فراغ الناحية المرئي فيها فتخلو منه بقية النواحي واما أن تقع على بعضه فيكون مبعضا مركبا متحيزا وكل ذلك مما يمنعه ويبرأ منه أهل التنزيه من الاشاعرة وغيرهم. ومنها: ان كل مرئي بجارحة العين مشار إليه بحدقتها وأهل التنزيه من الاشاعرة وغيرهم ينزهون الله تعالى عن أن يشار إليه بحدقة كما ينزهونه عن الاشارة إليه بأصبع أو غيرها. ومنها أن الرؤية بالعين الباصرة لا تكون في حيز الممكنات ما لم تتصل اشعة البصر بالمرئي ومنزهو الله تعالى من الاشاعرة وغيرهم مجمعون على امتناع اتصال شئ ما بذاته جل وعلا. ومنها: ان الاستقرار يشهد أن كل متصور لابد أن يكون اما محسوسا أو متخيلا من أشياء محسوسة، أو قائما في نفس المتصور بفطرته التي فطر عليها فالاول كالاجرام وألوانها المحسوسة بالبصر وكالحلاوة والمرارة ونحوهما من المحسوسة بافذائقة، والثاني كقول القائل: أعلام ياقوت نشرن على رماح من زبرجد ونحوه مما تدركه المخيلة مركبا من عدة اشياء أدركه البصر، والثالث: كالالم واللذة والراحة والعناء والسرور والحزن ونحوها مما يدركه الانسان من نفسه بفطرته، وحيث ان الله سبحانه متعال عن هذا كله لم يكن تصوره ممكنا. (2) ” يعقوب بن اسحاق ” ظن اصحاب الرجال انه هو ابن السكيت والظاهر انه غيره لان ابن السكيت قتله المتوكل في زمان الهادي ولم يدرك أبا محمد العسكري عليه السلام (آت). [ * ]

[ 96 ]

أبو قرة المحدث أن ادخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والاحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية، فقال أبو الحسن عليه السلام: فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والانس ” لا تدركه الابصار ولا يحيطون به علما. وليس كمثله شئ ” أليس محمد؟ قال: بلى قال: كيف يجيئ رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول: ” لا تدركه الابصار ولا يحيطون به علما وليس كمثله شئ ” ثم يقول أنا رأيته بعيني وأحطت به علما وهو على صورة البشر؟! أما تستحون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون ياتي من عند الله بشئ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر؟! قال أبو قرة: فإنه يقول: ” ولقد رآه نزلة اخرى ” فقال أبو الحسن عليه السلام: إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى. حيث قال: ” ما كذب الفؤاد ما رأى ” يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأى فقال ” لقد رأى من آيات ربه الكبرى (1) ” فآيات الله غير الله وقد قال الله: ” ولا يحيطون به علما (2) ” فإذا رأته الابصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة، فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها. وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما ولا تدركه الابصار وليس كمثله شئ؟. 3 – أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن محمد بن عبيد قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام أسأله عن الرؤية وما ترويه العامة والخاصة وسألته أن يشرح لي ذلك، فكتب بخطه: اتفق الجميع لا تمانع بينهم أن العرفة من جهة الرؤية ضرورة فإذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة ضرورة ثم لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان لانها ضده، فلا يكون في الدنيا مؤمن لانهم لم يروا الله عز ذكره وإن لم تكن تلك المعرفة التي من جهة


(1) الايات في سورة النجم 11 – 18. (2) طه: 109. [ * ]

[ 97 ]

الرؤية إيمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول ولا تزول في المعاد (1) فهذا دليل على أن الله عزوجل لا يرى بالعين إذ العين تؤدي إلى ما وصفناه. 4 – وعنه، عن أحمد بن إسحاق قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس فكتب: لا تجوز الرؤية، ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء [ لم ] (2) ينفذه البصر فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية، وكان في ذلك الاشتباه، لان الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان ذلك التشبيه لان الاسباب لابد من اتصالها بالمسببات. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن عبد الله بن سنان، عن أبيه قال: حضرت أبا جعفر عليه السلام فدخل عليه رجل من الخوارج فقال له: يا أبا جعفر أي شئ تعبد؟ قال: الله تعالى، قال: رأيته؟ قال: بل لم تره العيون بمشاهدة الابصار (3) ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، لا يعرف بالقياس ولا يدرك بالحواس ولا يشبه بالناس، موصوف بالآيات، معروف بالعلامات، لا يجور في حكمه، ذلك الله، لا إله إلا هو، قال: فخرج الرجل وهو يقول: ” الله أعلم حيث يجعل رسالته ” (4). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر،


(1) إذ يلزم أن يحشروا بلا ايمان وفي توحيد الصدوق: أو لا تزول. (2) كلمة ” لم ” في بعض النسخ موجودة وليست في بعضها فعلى الاول يكون قوله ” لا تجوز الرؤية ” بيانا للمدعى وقوله: ” ما لم يكن ” ابتداء الدليل وعلى الثاني قوله: ” لا تجوز ” ابتداء الدليل وعلى التقديرين حاصل الكلام أنه (ع) استدل على عدم جواز الرؤية بأنها تستلزم كون المرئي جسمانيا ذا جهة وحيز، وبين ذلك بأنه لابد أن يكون بين الرائي والمري هواء ينفذه البصر وظاهره كون الرؤية بخروج الشعاع وان أمكن أن يكون كناية عن تحقق الابصار بذلك وتوقفه عليه فإذا لم يكن بينهما هواء وانقطع الهواء وعدم الضياء الذي هو أيضا من شرائط الرؤية عن الرائي و المرئي لم تصح الرؤية بالبصر، وكان في ذلك أي في كون الهواء بين الرائي والمرئي، الاشتباه يعنى شبه كل منهما بالاخر لان الرائي متى ساوى المرئي وماثله في النسبة إلى السبب الذي أوجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه ومشابهة أحدهما الاخر في توسط الهواء بينهما وكان في ذلك التشبيه أي كون الرائي والمرئي في طرفي الهواء الواقع بينهما يستلزم الحكم بمشابهة المرئي بالرائي من حيث الوقوع في جهة ليصح كون الهواء بينهما فيكون متحيزا ذا صورة وضعية فان كون الشئ في طرف مخصوص من طرفي الهواء وتوسط الهواء بينه وبين شئ آخر سبب عقلي للحكم بكونه في جهة ومتحيزا و ذا وضع وهو المراد بقوله: لان الاسباب لابد من اتصالها بالمسببات ويحتمل أن يكون ذلك تعليلا لجميع ما ذكر من كون الرؤية متوقفة على الهواء إلى آخر ما ذكر. (آت) (3) في توحيد الصدوق [ العيان ] مكان ” الابصار “. (4) في بعض النسخ [ رسالاته ]. [ * ]

[ 98 ]

عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: جاء حبر إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك حين عبدته؟ قال: فقال: ويلك ما كنت أعبد ربا لم أره، قال: وكيف رأيته؟ قال: ويلك لا تدركه العيون في مشاهدة الابصار ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان (1). 7 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم ابن حميد، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ذاكرت أبا عبد الله عليه السلام فيما يروون من الرؤية فقال: الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي والكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش والعرش جزء من سبعين جزءا من نور الحجاب والحجاب جزء من سبعين جزءا من نور الستر فإن كانوا صادقين فليملاوا أعينهم من الشمس ليس دونها سحاب. 8 – محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء بلغ بي جبرئيل مكانا لم يطأه قط جبرئيل فكشف له فأراه الله من نور عظمته ما أحب. * (في قوله تعالى:) * * (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار (2)) * 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ” لا تدركه الابصار ” قال: إحاطة الوهم ألا ترى إلى قوله: ” قد جاء كم بصائر من ربكم ” ليس يعني بصر العيون ” فمن أبصر فلنفسه ” ليس يعني من البصر بعينه ” ومن عمي فعليها ” ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم كما يقال: فلان بصير بالشعر، وفلان بصير بالفقه، وفلان بصير بالدراهم، وفلان بصير بالثياب، الله أعظم من أن يرى بالعين. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الله هل يوصف؟ فقال: أما تقرء القرآن؟ قلت: بلى


(1) حقائق الايمان أي أركانه من التصديق بالله وبوحدانيته واعتبارات أسمائه وصفاته جل وعز، ولرؤية الله تعالى بالقلوب مراتب بحسب درجات الايمان قوة وضعفا. (في) (2) من كلام المؤلف (ره) ذكره عنوانا لما يأتي بعده من الاخبار في باب الرؤية. (آت) [ * ]

[ 99 ]

قال: أما تقرء قوله تعالى: ” لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار “؟ قلت: بلى، قال: فتعرفون الابصار؟ قلت: بلى، قال: ماهي؟ قلت: أبصار العيون، فقال إن أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون فهو لا تدركه الاوهام وهو يدرك الاوهام. 11 – محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن محمد بن عيسى، عن داود بن القاسم أبي هاشم الجعفري قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار؟ فقال: يا ابا هاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العيون، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها، ولا تدركها ببصرك وأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون؟! 12 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن هشام بن الحكم (1) قال: الاشياء [ كلها ] لا تدرك إلا بأمرين: بالحواس والقلب، والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراكا بالمداخلة وإدراكا بالمماسة وإدراكا بلا مداخلة ولا مماسة، فأما الادراك الذي بالمداخلة فالاصوات والمشام والطعوم وأما الادراك بالمماسة فمعرفة الاشكال من التربيع والتثليث ومعرفة اللين والخشن والحر والبرد، وأما الادراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر فانه يدرك الاشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه، وإدراك البصر له سبيل وسبب، فسبيله الهواء وسببه الضياء فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائم أدرك ما يلاقي من الالوان والاشخاص فإذا حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رجع راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة فإذا لم يكن له سبيل رجع راجعا يحكي ما وراء ه وكذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعا فيحكي ما ورائه إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره، فأما القلب فإنما سلطانه على الهواء فهو يدرك جميع ما في الهواء ويتوهمه، فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا فحكى ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل


(1) هذا الحديث موقوف لم يسنده إلى معصوم. ولعله لما ورد الاحاديث المروية عن اهل البيت عليهم السلام عن نفي الابصار بالعيون وأوهام القلوب ذيل الباب بما نقل عن هشام بن الحكم الذي هو رأس أصحاب الصادق (ع) وإنما يظن به ان كلامه مأخوذ من أحاديثهم عليهم السلام (رف) [ * ]

[ 100 ]

أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد جل الله وعز فانه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا ما في الهواء موجود كما قلنا في أمر البصر تعالى الله أن يشبهه خلقه. (باب) * (النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى) * 1 – علي بن إبراهيم، عن العباس بن معروف، عن ابن أبي نجران، عن حماد ابن عثمان، عن عبد الرحيم بن عتيك القصير قال: كتبت على يدي عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليه السلام: أن قوما بالعراق يصفون الله بالصورة وبالتخطيط فإن رأيت – جعلني الله فداك – أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد؟ فكتب إلي: سألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك فتعالى الله الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، تعالى عما يصفه الواصفون المشبهون الله بخلقه المفترون على الله، فاعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله جل وعز فانف عن الله تعالى البطلان والتشبيه فلا نفي ولا تشبيه (1) هو الله الثابت الموجود تعالى الله عما يصفه الواصفون ولا تعدوا القرآن فتضلوا بعد البيان. 2 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن ابي عمير، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن ابي حمزة قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام: يا أبا حمزة إن الله لا يوصف بمحدودية، عظم ربنا عن الصفة فكيف يوصف بمحدودية من لا يحد ولا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير؟ 3 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن إبراهيم بن محمد الخزاز ومحمد بن الحسين قالا: دخلنا على أبي الحسن الرضا عليه السلام فحكينا له أن محمد صلى الله عليه وآله رأى ربه في صورة


(1) أمر (ع) بنفي البطلان والتشبيه لان جماعة أرادوا تنزيه الله سبحانه عن مشابهة المخلوقات فوقعوا في البطلان والتعطيل وأخرى أرادوا أن يصفوه بصفات ليعرفوه فأثبتوا له صفات غير لائقة بذاته فشبهوه بخلقه فهم بين معطل ومشبه فالواجب على المسلم أن لا يقول بنفي الصفات رأسا ولا باثباتها على وجه التشبيه، قوله: ” هو الله الثابت الموجود ” إشارة إلى نفي البطلان وقوله: ” تعالى الله عما يصفه الواصفون ” إشارة إلى نفي التشبيه ” ولا تعدوا القرآن ” أي لا تجاوزوا ما فيه. (في) [ * ]

[ 101 ]

الشاب الموفق (1) في سن أبناء ثلاثين سنة وقلنا: إن هشام بن سالم (2) وصاحب الطاق والميثمي يقولون: إنه أجوف إلى السرة والبقية صمد (2)؟ فخر ساجدا لله (4) ثم قال: سبحانك ما عرفوك ولا وحدوك فمن أجل ذلك وصفوك، سبحانك لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك، سبحانك كيف طاوعتهم أنفسهم أن يشبهوك بغيرك، اللهم لا أصفك إلا بما وصفت به نفسك ولا اشبهك بخلقك، أنت أهل لكل خير، فلا تجعلني من القوم الظالمين، ثم التفت إلينا فقال: ما توهمتم من شئ فتوهموا الله غيره ثم قال: نحن آل محمد النمط (5) الاوسط الذي لا يدركنا الغالي ولا يسبقنا التالي، يا محمد إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق


(1) الموفق الذي وصل في الشباب إلى الكمال وجمع بين تمام الخلقة وكمال المعنى في الجمال أو الذي هيأت له أسباب الطاعة والعبادة (في) وقيل وهو المستوي، وفي بعض النسخ [ مرهق ] و الصمد يقابل الاجوف يعنى به المصمت. (في) (2) هو من أصحاب أبي عبد الله وأبي الحسن موسي عليه السلام. وصاحب الطاق هو أبو جعفر محمد ابن النعمان الاحول المعروف بمؤمن الطاق والميثمي هو أحمد بن الحسن بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم بن عبد الله التمار. ونسبة هذا القول: (انه اجوف. الخ) إلى هؤلاء الثلاثة عند أكابر الشيعة غير صحيح وسيأتي الكلام فيه في باب النهي عن الجسم والصورة عند ذكر الحديث الخامس ص 105. (3) هذا هو قول الذين زعموا أن العالم كله شخص واحد وذات واحدة له جسم وروح فجسمه جسم الكل اعني الفلك الاقصى بما فيه وروحه روح الكل والمجموع صورة الحق الا له، فقسمة الاسفل الجسماني أجوف لما فيه من معنى القوة الامكانية والظلمة الهيولوية الشبيهة بالخلاء و (الجسم؟) وقسمة الاعلى الروحاني صمد لان الروح العقلي موجود فيه بالفعل بلا جهة امكان استعدادي ومادة ظلمانية تعالى الله عن التشبيه والتمثيل. (4) لما سمع عليه السلام مقالتهم الناشئة عن عدم العرفان وجرأتهم في حق الله الصادرة عن الجهل و العصيان سقط ساجدا لله تعظيما له واستبعادا عما وقع منهم من الاجتراء والافتراء في حقه تعالى و تحاشيا عن ذلك ثم سبحه تعالى تنزيها له وتقديسا ثم تعجب من انسلاخ نفوسهم عما فطرهم الله عليه من التوحيد ثم خاطب الله وناداه ببراءة نفسه القدسية عن مثل ما يصفه المشبهون ثم مهد قاعدة كلية بقوله عليه السلام: ” ما توهمتم من شئ فتوهموا الله غيره ” وهو ما مر مرارا في كلامهم عليه السلام. (في) (5) النمط بالتحريك الطريقة والنوع من الشئ والجماعة من الناس أمرهم واحد [ وفي النهاية: في حديث على عليه السلام. خير هذه الامة النمط الاوسط ” ] أراد عليه السلام نحن على الطريقة الوسطى من امر الدين وعلى النوع الوسط منه والجماعة الاوسط فيه القائمون بالقسط والعدل لا نفرط ولا نفرط ولا نغلوا ولا نقصر أما الغالى فقد جاوزنا بغيا وعدوا ولا يدركنا الا أن يرجع الينا وأما التالى فلم يصل بعد الينا وليس له أن يسبقنا، قال الله تعالى: ” وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ” (في) [ * ]

[ 102 ]

وسن أبناء ثلاثين سنة يا محمد عظم ربي عز وجل أن يكون في صفة المخلوقين، قال قلت: جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة؟ قال: ذاك محمد كان إذا نظر إلى ربه بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب، إن نور الله منه أخضر ومنه أحمر ومنه أبيض ومنه غير ذلك يا محمد ما شهد له الكتاب والسنة فنحن القائلون به. 4 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن بشر البرقي قال: حدثني عباس بن عامر القصباني، قال: أخبرني هارون بن الجهم، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: قال: لو اجتمع أهل السماء والارض أن يصفوا الله بعظمته لم يقدروا (1). 5 – سهل، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى الرجل عليه السلام (2): أن من قبلنا من مواليك قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول: جسم، ومنهم من يقول: صورة، فكتب عليه السلام بخطه: سبحان من لا يحد ولا يوصف، ليس كمثله شئ وهو السميع العليم – أو قال -: البصير. 6 – سهل، عن محمد بن عيسى، عن إبراهيم، عن محمد بن حكيم قال: كتب أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى أبي: أن الله أعلا وأجل وأعظم من أن يبلغ كنه صفته، فصفوه بما وصف به نفسه، وكفوا عما سوى ذلك. 7 – سهل، عن السندي بن الربيع، عن ابن أبي عمير، عن حفص اخي مرازم، عن المفضل قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن شئ من الصفة فقال: لا تجاوز ما في القرآن. 8 – سهل، عن محمد بن علي القاساني (3) قال: كتبت إليه عليه السلام أن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد قال: فكتب عليه السلام: سبحان من لا يحد ولا يوصف، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. 9 – سهل، عن بشر بن بشار النيسابوري قال: كتبت إلى الرجل عليه السلام: إن من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد، فمنهم من يقول: [ هو ] جسم ومنهم من يقول:


(1) يعني أن يصفوه على ما هو عليه من العظمة (في). (2) المراد بالرجل هنا وفي الحديث التاسع من الباب أبو الحسن الثالث عليه السلام. (3) لعله علي بن محمد فصحف، وعلي من أصحاب الهادي عليه السلام. (آت) [ * ]

[ 103 ]

[ هو ] صورة، فكتب إلي: سبحان من لا يحد ولا يوصف ولا يشبهه شئ وليس كمثله شئ وهو السميع البصير. 10 – سهل، قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام سنة خمس وخمسين ومأتين: قد اختلف يا سيدي أصحابنا في التوحيد، منهم من يقول: هو جسم ومنهم من يقول: هو صورة فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه فعلت متطولا على عبدك، فوقع بخطه عليه السلام: سألت عن التوحيد وهذا عنكم معزول (1)، الله واحد، أحد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، خالق وليس بمخلوق يخلق تبارك وتعالى ما يشاء من الاجسام وغير ذلك وليس بجسم ويصور ما يشاء وليس بصورة جل ثناؤه وتقدست أسماؤه أن يكون له شبه، هو لا غيره، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. 11 – محمد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد الله، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله لا يوصف، وكيف يوصف؟ وقد قال في كتابه: ” وما قدروا الله حق قدره (2) ” فلا يوصف بقدر إلا كان أعظم من ذلك. 12 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، وعن غيره، عن محمد بن سليمان، عن علي ابن إبراهيم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الله عظيم رفيع لا يقدر العباد على صفته ولا يبلغون كنه عظمته، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير ولا يوصف بكيف ولا أين وحيث، وكيف أصفه بالكيف؟! وهو الذي كيف الكيف (3) حتى صار كيفا فعرفت الكيف بما كيف لنا من الكيف


(1) أي لستم مكلفين بأن تخوضوا فيه بعقولكم بل اعتقدوا ما نزل الله تعالى إليكم من صفاته، أو ليس لكم السؤال بل بين الله تعالى لكم (آت). (2) أي ما عظموا الله حق تعظيمه فلا يوصف بقدر ولا يعظم تعظيما الا كان أعظم من ذلك (آت) (3) أي هو موجد الكيف ومحقق حقيقته في موضعه حتى صار كيفا له فعرفت الكيف بما أوجده فينا وجعله حالا لنا من الكيف فالمعلوم لنا من الكيف ما نجده فينا منه وأمثالها ولا نعرف كيفا سوى أنواع هذه المقولة التي نجدها من حقائق صفاتنا وطبايعنا والله تعالى أجل من أن يوصف بها بالاتحاد أو القيام أو الحلول وكذا الكلام في الاين والمراد به كون الشئ في المكان والهيئة الحاصلة للمتمكن باعتبار كونه في المكان وهو أيضا مما اوجده سبحانه وحقق حقيقته في موضعه حتى صار أينا له فعرفت الاين بما أوجده فينا وجعله حالا لنا من الاين فالمعلوم لنا من الاين – [ * ]

[ 104 ]

أم كيف أصفه بأين؟! وهو الذي أين الاين حتى صار أينا فعرفت الاين بما أين لنا من الاين، أم كيف أصفه بحيث؟! وهو الذي حيث الحيث حتى صار حيثا فعرفت الحيث بما حيث لنا من الحيث، فالله تبارك وتعالى داخل في كل مكان وخارج من كل شئ، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار؟ لا إله إلا هو العلي العظيم و هو اللطيف الخبير. (باب النهي عن الجسم والصورة) 1 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن علي بن أبي حمزة، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: سمعت هشام بن الحكم يروي عنكم أن الله جسم، صمدي نوري، معرفته ضرورة، يمن بها على من يشاء من خلقه، فقال عليه السلام: سبحان من لا يعلم أحد كيف هو إلا هو، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، لا يحد ولا يحس ولا يجس ولا تدركه [ الابصار ولا ] الحواس ولا يحيط به شئ ولا جسم ولا صورة ولا تخطيط ولا تحديد (1). 2 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن حمزة بن محمد قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن الجسم والصورة فكتب: سبحان من ليس كمثله شئ لا جسم ولا صورة، ورواه محمد بن أبي عبد الله (2) إلا أنه لم يسم الرجل.


ما نجده فينا وما هو من هذه المقولة من جنس حقائق صفاتنا وطبائعنا والله سبحانه أجل من أن يوصف بها. وكذا الكلام في حيث وهو اسم لمكان الشئ والله سبحانه موجده ومحقق حقيقته وجاعله مكانا للمتمكن فيه فعرفت الحيث بما أوجده مكانا لنا فالمعلوم لنا من حيث، ما نجده مكانا لنا وهو من جنس حقيقة وطبيعة والله سبحانه أجل من أن يوصف به وبسائر ما لا يفارق الامكان فالله تعالى داخل في كل مكان أي حاضر بالحضور العقلي غير غائب فلا يعزب عنه المكان ولا المتمكن فيه ولا يخلو عنه مكان بأن لا يحضره بالحضور العقلي والشهود العلمي وأما الدخول كالمتمكن في المكان و الجزء العقلي والخارجي في الكل فهو سبحانه منزه عنه وخارج من كل شئ، وقوله: ” لا تدركه الابصار ” دليل على نفي التمكن في المكان فان كل متمكن في المكان مما يصح عليه الادراك بالاوهام، وقوله: ” وهو يدرك الابصار ” على حضوره عقلا وشهوده علما وقوله: ” لا إله الا هو العلي العظيم ” على عدم كونه داخلا في شئ دخول الجزء العقلي فيه والخارجي فيه وقوله: ” وهو اللطيف الخبير ” يدل على جميع ذلك. (رف) (1) أي تشكل. (في). (2) هو محمد بن جعفر بن عون وقوله: لم يسم الرجل أي الراوي. (آت) [ * ]

[ 105 ]

3 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن زيد قال: جئت إلى الرضا عليه السلام أسأله عن التوحيد فأملى علي: الحمد لله فاطر الاشياء إنشاء، ومبتدعها ابتداعا بقدرته وحكمته (1)، لا من شئ فيبطل الاختراع ولا لعلة فلا يصح الابتداع، خلق ما شاء كيف شاء، متوحدا بذلك لاظهار حكمته وحقيقة ربوبيته، لا تضبطه العقول ولا تبلغه الاوهام ولا تدركه الابصار ولا يحيط به مقدار، عجزت دونه العبارة وكلت دونه الابصار وضل فيه تصاريف الصفات، احتجب بغير حجاب محجوب واستتر بغير ستر مستور، عرف بغير رؤية ووصف بغير صورة ونعت بغير جسم، لا إله إلا الله الكبير المتعال. 4 – محمد بن أبي عبد الله، عمن ذكره، عن علي بن العباس، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن حكيم قال: وصفت لابي إبراهيم عليه السلام قول هشام بن سالم الجواليقي وحكيت له: قول هشام بن الحكم إنه جسم فقال: إن الله تعالى لا يشبهه شئ، أي فحش أو خنى (2) أعظم من قول من يصف خالق الاشياء بجسم أو صورة أو بخلقة (3) أو بتحديد وأعضاء، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. 5 – علي بن محمد رفعه، عن محمد بن الفرج الرخجي (4) قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عما قال هشام بن الحكم في الجسم وهشام بن سالم في الصورة فكتب: دع عنك حيرة الحيران واستعذ بالله من الشيطان، ليس القول ما قال الهشامان (5).


(1) متعلق بالابتداع أو به وبالفطر والانشاء (آت). وقد مر شرح بعض تلك الفقرات في شرح خطبة الكتاب. (2) الخنى بالخاء المعجمة والنون: الفحش والفساد. (3) أي مخلوقية أو باعضاء المخلوقين. (آت). وفي بعض النسخ [ بخلقه ]. (4) الرخجي بالراء المهملة المضمومة والخاء المعجمة المفتوحة مخففا وقد يشدد والجيم (5) المراد بالهشامين هشام بن الحكم وهشام بن سالم الجواليقي وهما من أجلاء أصحاب أبي عبد الله وأبي الحسن موسى عليهما السلام وأما ما نسب إليهما من القول بالتشبيه والتجسيم فغير صحيح عند عظماء أصحابنا كما أن السيد المرتضى قدس سره بالغ في براءة ساحتهما عن مثل هذه الاقوال في كتاب الشافي مستدلا بدلائل شافية ومن أراد الاطلاع فليراجع هناك ونقول: ان بعضها ناش من عدم فهم كلامهما كما مر في الحديث الثالث من باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه ص 101. وبعضها ناش من خلط كلام المخالفين بكلامهما عند الاحتجاج وبعضها تقول عليهم من المخالفين فنسبوا اليهما هذه الاراء التافهة كما نسبوا المذاهب الشنيعة إلى زرارة ومؤمن الطاق والميثمي و غيرهم من أكابر الشيعة: وأما قول الامام في الحديث السابع قاتله الله لمصالح ذكروها في كتب التراجم. [ * ]

[ 106 ]

6 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن محمد بن زياد قال: سمعت يونس بن ظبيان يقول: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: إن هشام بن الحكم يقول قولا عظيما إلا أني أختصر لك منه أحرفا فزعم أن الله جسم لان الاشياء شيئان: جسم وفعل الجسم فلا يجوز أن يكون الصانع بمعنى الفعل ويجوز أن يكون بمعنى الفاعل فقال أبو عبد الله عليه السلام: ويحه أما علم أن الجسم محدود متناه والصورة محدودة متناهية فإذا احتمل الحد احتمل الزيادة والنقصان وإذا احتمل الزيادة والنقصان كان مخلوقا قال: قلت: فما أقول؟ قال: لا جسم ولا صورة وهو مجسم الاجسام ومصور الصور، لم يتجزء ولم يتناه ولم يتزايد ولم يتناقص، لو كان كما يقولون لم يكن بين الخالق والمخلوق فرق ولا بين المنشئ والمنشأ لكن هو المنشئ فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه، إذ كان لا يشبهه شئ ولا يشبه هو شيئا: 7 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن العباس، عن الحسن ابن عبد الرحمن الحماني قال: قلت لابي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام: إن هشام بن الحكم زعم أن الله جسم ليس كمثله شئ (1)، عالم، سميع، بصير، قادر، متكلم، ناطق، والكلام والقدرة والعلم يجري مجرى واحد، ليس شئ منها مخلوقا فقال: قاتله الله أما علم أن الجسم محدود والكلام غير المتكلم معاذ الله وأبرء إلى الله من هذا القول، لا جسم ولا صورة ولا تحديد وكل شئ سواه مخلوق، إنما تكون الاشياء بإرادته ومشيئته من غير كلام ولا تردد في نفس ولا نطق بلسان. 8 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن حكيم قال: وصفت لابي الحسن عليه السلام قول هشام الجواليقي وما يقول في الشاب الموفق ووصفت له قول هشام بن الحكم فقال: إن الله لا يشبهه شئ.


(1) قوله ليس كمثله شئ يومي إلى أنه لم يقل بالجسمية الحقيقية بل أخطا في اطلاق لفظ الجسم عليه تعالى ونفى عنه صفات الاجسام كلها، فنفى عليه السلام اطلاق هذا اللفظ عليه تعالى بأن الجسم انما يطلق على الحقيقة التي يلزمها التقدر والتحدد فكيف يطلق عليه، وقوله ” يجري مجرى واحد ” اشارة إلى عينية الصفات وكون الذات قائمة مقامها فنفى عليه السلام كون الكلام كذلك ولم ينفه في سائر الصفات. (آت). [ * ]

[ 107 ]

(باب صفات الذات) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لم يزل الله عز وجل ربنا والعلم ذاته ولا معلوم والسمع ذاته ولا مسموع والبصر ذاته ولا مبصر والقدرة ذاته ولا مقدور، فلما أحدث الاشياء وكان المعلوم (1) وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور، قال: قلت: فلم يزل الله متحركا؟ قال: فقال: تعالى الله [ عن ذلك ] إن الحركة صفة محدثة بالفعل، قال: قلت: فلم يزل الله متكلما؟ قال: فقال: إن الكلام صفة محدثة ليست بأزلية كان الله عز وجل ولا متكلم. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: كان الله عز وجل ولا شئ غيره ولم يزل عالما بما يكون، فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن الكاهلي قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام في دعاء: الحمد لله منتهى علمه، فكتب إلي لا تقولن منتهى علمه فليس لعلمه منتهى ولكن قل: منتهى رضاه. 4 – محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن أيوب بن نوح أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الله عز وجل أكان يعلم الاشياء قبل أن خلق الاشياء وكونها أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عندما خلق وما كون عند ما كون؟ فوقع بخطه: لم يزل الله عالما بالاشياء قبل أن يخلق الاشياء كعلمه بالاشياء بعد ما خلق الاشياء. 5 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد بن حمزة قال: كتبت


(1) ” وكان المعلوم ” أي وجد، وقوله: ” وقع العلم على المعلوم ” أي وقع على ما كان معلوما في الازل وانطبق عليه وتحقق مصداقه وليس المقصود تعلقه به تعلقا لم يكن قبل الايجاد والمراد بوقوع العلم على المعلوم العلم به على أنه حاضر موجود وكان قد تعلق العلم به قبل ذلك على وجه الغيبة وانه سيوجد والتغير يرجع إلى المعلوم لا إلى العلم. (آت) [ * ]

[ 108 ]

إلى الرجل عليه السلام أسأله: أن مواليك اختلفوا في العلم فقال بعضهم: لم يزل الله عالما قبل فعل الاشياء، وقال بعضهم: لا نقول: لم يزل الله عالما لان معنى يعلم يفعل فإن أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الازل معه شيئا فإن رأيت جعلني الله فداك أن تعلمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه؟ فكتب عليه السلام بخطه: لم يزل الله عالما تبارك وتعالى ذكره. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الصمد بن بشير، عن فضيل بن سكرة، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك إن رأيت أن تعلمني هل كان الله جل وجهه يعلم قبل أن يخلق الخلق أنه وحده؟ فقد اختلف مواليك فقال بعضهم: قد كان يعلم قبل أن يخلق شيئا من خلقه، وقال بعضهم: إنما معنى يعلم يفعل فهو اليوم يعلم أنه لا غيره قبل فعل الاشياء فقالوا: إن أثبتنا أنه لم يزل عالما بأنه لا غيره فقد أثبتنا معه غيره. في أزليته؟ فإن رأيت يا سيدي أن تعلمني ما لا أعدوه إلى غيره؟ فكتب عليه السلام: ما زال الله عالما تبارك وتعالى ذكره. (باب آخر وهو من الباب الاول) 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في صفة القديم: إنه واحد صمد أحدي المعنى ليس بمعاني كثيرة مختلفة، قال: قلت: جعلت فداك يزعم قوم من أهل العراق أنه يسمع بغير الذي يبصر ويبصر بغير الذي يسمع، قال: فقال: كذبوا وألحدوا وشبهوا تعالى الله عن ذلك، إنه سميع بصير يسمع بما يبصر ويبصر بما يسمع، قال: قلت: يزعمون أنه بصير على ما يعقلونه (1)، قال، فقال: تعالى الله إنما يعقل ما كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم قال في


(1) أي من الابصار بآلة البصر فيكون نقلا لكلام المجسمة أو باعتبار صفة زائدة قائمة بالذات فيكون نقلا لمذهب الاشاعرة والجواب: يعقل بهذا الوجه من كان بصفة المخلوق والمراد تعالى الله أن يتصف بما يحصل ويرتسم في العقول والاذهان والحاصل انهم يثبتون لله تعالى ما يعقلون من صفاتهم والله منزه عن مشابهتهم ومشاركتهم في تلك الصفات الامكانية. (آت). [ * ]

[ 109 ]

حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليه السلام: أنه قال له: أتقول: إنه سميع بصير؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه وليس قولي: إنه سميع بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول يسمع بكله لا أن كله له بعض لان الكل لنا [ له ] بعض ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك كله الا أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى. (باب) * (الارادة انها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل) * 1 – محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، عن الحسين ابن سعيد الاهوازي، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: لم يزل الله مريدا؟ قال: إن المريد لا يكون إلا لمراد معه، لم يزل [ الله ] عالما قادرا ثم أراد. 2 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم عن بكير بن أعين قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: علم الله ومشيئته هما مختلفان أو متفقان؟ فقال: العلم ليس هو المشيئة ألا ترى أنك تقول: سأفعل كذا إن شاء الله ولا تقول: سأفعل (1) كذا إن علم الله فقولك إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء وعلم الله السابق للمشيئة. 3 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال: قلت لابي الحسن عليه السلام، أخبرني عن الارادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: الارادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل وأما من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك لانه لا يروي (2) ولا يهم ولا يتفكر، وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق، فإرادة


(1) في بعض النسخ [ سأعلم ]. (2) رويت في الامر نظرت وفكرت والاسم الروية. [ * ]

[ 110 ]

الله، الفعل، لا غير ذلك يقول له: كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشيئة. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن محمد بن عيسى، عن المشرقي حمزة بن المرتفع (1) عن بعض أصحابنا قال: كنت في مجلس أبي جعفر عليه السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له: جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى: ” ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى (2) ” ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: هو العقاب (3) يا عمرو إنه من زعم أن الله قد زال من شئ إلى شئ فقد وصفه صفة مخلوق وإن الله تعالى لا يستفزه (4) شئ فيغيره. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله عليه السلام فكان من سؤاله أن قال له: فله رضا وسخط؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: نعم ولكن ليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين وذلك أن الرضا حال تدخل عليه فتنقله (5) من حال إلى حال، لان المخلوق أجوف معتمل (6) مركب، للاشياء فيه مدخل، وخالقنا لا مدخل للاشياء فيه لانه واحد واحدي الذات واحدي المعنى فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شئ يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال لان ذلك من صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: المشيئة محدثة.


(1) المشرقي بضم الميم وشد الراء المفتوحة أو بفتح المهملة وكسر الراء المخففة. (2) طه: 84. وقوله فقد هوى أي: هلك. (3) أي ليس فيه سبحانه قوة تغير عن حالة إلى حالة تكون احداهما رضاءه والاخرى غضبه انما اطلق عليه الغضب باعتبار صدور العقاب عنه فليس التغير الا في فعله و ” صفة مخلوق ” من اضافة المصدر إلى المفعول. (آت) (4) اي لا يستخفه ولا يزعجه، (5) في التوحيد والبحار [ ان الرضا والغضب دخال يدخل عليه فينقله إلى ]. (6) بالكسر أي يعمل باعمال صفاته وآلاته أو بالفتح أي مصنوع ركب فيه الاجزاء والقوى. (آت). [ * ]

[ 111 ]

* (جملة القول في صفات الذات وصفات الفعل (1)) * إن كل شيئين وصفت الله بهما وكانا جميعا في الوجود فذلك صفة فعل، وتفسير هذه الجملة: أنك تثبت في الوجود ما يريد وما لا يريد وما يرضاه وما يسخطه وما يحب وما يبغض فلو كانت الارادة من صفات الذات مثل العلم والقدرة كان ما لا يريد ناقضا لتلك الصفة ولو كان ما يحب من صفات الذات كان ما يبغض ناقضا لتلك الصفة ألا ترى انا لا نجد في الوجود ما لا يعلم وما لا يقدر عليه وكذلك صفات ذاته الازلي لسنا نصفه بقدرة وعجز [ وعلم وجهل وسفه وحكمة وخطاء وعز ] وذلة ويجوز أن يقال: يحب من أطاعه ويبغض من عصاه ويوالي من أطاعه ويعادي من عصاه وإنه يرضا ويسخط ويقال في الدعاء: اللهم ارض عني ولا تسخط علي وتولني ولا تعادني ولا يجوز أن يقال: يقدر ان يعلم ولا يقدر ان لا يعلم ويقدر ان يملك ولا يقدر أن لا يملك ويقدر أن يكون عزيزا حكيما ولا يقدر أن لا يكون عزيزا حكيما ويقدر أن يكون جوادا ولا يقدر أن لا يكون جوادا ويقدر أن يكون غفورا ولا يقدر أن لا يكون غفورا ولا يجوز أيضا أن يقال: أراد أن يكون ربا وقديما وعزيزا وحكيما ومالكا وعالما وقادرا لان هذه من صفات الذات والارادة


(1) هذا التحقيق للمصنف وليس من تتمة الخبر وغرضه الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل وأبان ذلك بوجوه الاول: أن كل صفة وجودية لها مقابل وجودي فهي من صفات الافعال لا من صفات الذات لان صفاته الذاتية كلها عين ذاته وذاته مما لا ضد له ثم بين ذلك في ضمن الامثلة وان اتصافه سبحانه بصفتين متقابلتين ذاتيتين محال والثاني: ما اشار إليه بقوله: ولا يجوز أن يقال: يقدر أن يعلم. والحاصل أن القدرة صفة ذاتية تتعلق بالممكنات لا غير فلا تتعلق بالواجب ولا بالممتنع فكل ما هو صفة الذات هو أزلي غير مقدور وكل ما هو صفة الفعل فهو ممكن مقدور وبهذا يعرف الفرق بين الصفتين وقوله: ” ولا يقدر أن لا يعلم ” الظاهر أن ” لا ” لتأكيد النفي السابق أي لا يجوز أن يقال: يقدر أن لا يعلم ويمكن أن يكون من مقول القول الذي لا يجوز وتوجيهه أن القدرة لا ينسب إلا إلى الفعل نفيا أو إثباتا فيقال يقدر أن يفعل أو يقدر أن لا يفعل ولا ينسب إلى ما لا يعتبر الفعل فيه لا إثباتا ولا نفيا مما تكون من صفة الذات التي لا شائبة للفعل فيها كالعلم والقدرة وغيرهما لا يجوز أن ينسب إليها القدرة انما يصح استعمالها مع الفعل والترك فلا يقال، يقدر أن يعلم ولا يقال ولا يقدر أن لا يعلم لان العلم لا شائبة فيه من الفصل الثالث: ما أشار إليه بقوله: ولا يجوز أن يقال أراد أن يكون ربا. والحاصل أن الارادة لما كانت فرع القدرة فما لا يكون مقدورا لا يكون مرادا وقد علمت أن الصفات الذاتية غير مقدورة فهي غير مرادة أيضا ولكونها غير مرادة وجه آخر وهو قوله: ” لان هذه من صفات الذات الخ ” ومعناه أن الارادة لكونها من صفات الفعل فهي حادثة وهذه الصفات يعنى الربوبية والقدرة وأمثالهما لكونهما من صفات الذات فهي قديمة ولا يؤثر الحادث في القديم فلا تعلق للارادة لشئ منها. (آت) [ * ]

[ 112 ]

من صفات الفعل، ألا ترى أنه يقال: أراد هذا ولم يرد هذا وصفات الذات تنفى عنه بكل صفة منها ضدها، يقال: حي وعالم وسميع وبصير وعزيز وحكيم، غني، ملك، حليم عدل، كريم فالعلم ضده الجهل والقدرة ضدها العجز والحياة ضدها الموت والعزة ضدها الذلة والحكمة ضدها الخطاء وضد الحلم العجلة والجهل وضد العدل الجور والظلم. (باب حدوث الاسماء) 1 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف غير متصوت، وباللفظ غير منطق وبالشخص غير مجسد والتشبيه غير موصوف وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الاقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر (1) غير مستور فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل آخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون، فهذه الاسماء التي ظهرت، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه الاسماء أربعة أركان، فذلك اثنا عشر ركنا، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها فهو الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، الخالق البارئ، المصور، الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم، العليم، الخبير، السميع، البصير، الحكيم، العزيز، الجبار، المتكبر، العلي، العظيم، المقتدر القادر، السلام، المؤمن، المهيمن (2) [ البارئ ]، المنشئ، البديع، الرفيع، الجليل، الكريم، الرازق، المحيي، المميت، الباعث، الوارث، فهذه الاسماء (3) وما كان من الاسماء الحسنى حتى تتم ثلاث مائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الاسماء الثلاثة وهذه الاسماء الثلاثة أركان، وحجب الاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الاسماء الثلاثة وذلك قوله تعالى: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الاسماء الحسنى (4).


(1) في بعض النسخ [ مستر ]: (2) المهيمن أي القائم على خلقه بأعمالهم وأرزاقهم وآجالهم باطلاعه واستيلائه وحفظه (3) راجع مفصل شرح هذه الاسماء في كتاب المصباح للكفعمي (ره) وعلم اليقين في اصول الدين للفيض القاساني (ره) ص 26 إلى 36 وعدة الداعي لابن فهد الحلي (ره) (4) الاسراء: 110. [ * ]

[ 113 ]

2 – أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن محمد بن عبد الله وموسى بن عمر، والحسن بن علي بن عثمان، عن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام: هل كان الله عز وجل عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟ قال: نعم، قلت: يراها ويسمعها؟ قال: ما كان محتاجا إلى ذلك لانه لم يكن يسألها ولا يطلب منها، هو نفسه ونفسه هو، قدرته نافذة فليس يحتاج أن يسمي نفسه، ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها لانه إذا لم يدع باسمه لم يعرف، فأول ما اختار لنفسه: العلي العظيم لانه أعلى الاشياء كلها، فمعناه الله واسمه العلي العظيم، هو أول أسمائه، علا على كل شئ. 3 – وبهذا الاسناد عن محمد بن سنان قال: سألته عن الاسم ما هو؟ قال: صفة لموصوف. 4 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن بكر بن صالح، عن علي بن صالح، عن الحسن بن محمد بن خالد بن يزيد، عن عبد الاعلى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اسم الله غيره، وكل شئ وقع عليه اسم شئ (1) فهو مخلوق ما خلا الله فأما ما عبرته الالسن أو عملت الايدي، فهو خلوق، والله غاية من غاياته (2) والمغيى غير الغاية، والغاية موصوفة وكل موصوف مصنوع وصانع الاشياء غير موصوف بحد مسمى، لم يتكون فيعرف كينونيته بصنع غيره، ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره، لا يزل (3) من فهم هذا الحكم أبدا، وهو التوحيد الخالص، فارعوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله (4)،


(1) أي لفظ الشئ أو هذا المفهوم المركب والاول أظهر، ثم بين المغايرة بأن اللفظ الذي يعبر به الالسن والخط الذي تعمله الايدي فظاهر أنه مخلوق. (آت) (2) أي المفهوم من اسم الله حد من حدود، ما عبرته الالسن أو عملته الايدي ينتهيان إليه. و المغيى ان كانت بالمعجمة والمثناة من تحت كما توجد في النسخ التي رأيناها بمعنى ذي الغاية فالمراد بقوله عليه السلام: والمغيى غير الغاية أن ما عبرته الالسن أو عملته الايدي غير المفهوم منها والمفهوم منهما موصوف بهما وكل موصوف مصنوع لانه يصنعه الواصف في ذهنه، وان كانت بالمهملة والنون كما هو الاظهر فالمراد أن المقصود باسم الله يعنى ذاته سبحانه وتعالى غير الغاية أي الاسم ولم يتناه إلى غاية أي لم يحد بحد ومفهوم وعلاقة ” هذا الحكم ” أي الحكمة أو القضاء والحكم جاء بالمعنيين (في) (3) في بعض النسخ [ لا يذل ] اي لا يذل ذل الجهل والضلال من فهم هذا الحكم وعرف سلب جميع ما يغايره عنه وعلم أن كل ما يصل إليه افهام الخلق فهو غيره تعالى. (آت) (4) فارعوه اما بالوصل من الرعاية بمعنى الحفظ واما بالقطع من الارعاء بمعنى الاصغاء. (في). [ * ]

[ 114 ]

من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك لان حجابه ومثاله و صورته غيره وإنما هو واحد متوحد فكيف يوحده من زعم أنه عرفه بغيره، وإنما عرف الله من عرفه بالله، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يعرف غيره، ليس بين الخالق والمخلوق شئ، والله خالق الاشياء لا من شئ كان، والله يسمى بأسمائه وهو غير أسمائه والاسماء غيره. (باب معاني الاسماء واشتقاقها) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تفسير بسم الله الرحمن الرحيم قال: الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله، وروى بعضهم: الميم ملك الله، والله إله كل شئ، الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصة (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ فقال: يا هشام الله مشتق من إله وإله يقتضي مألوها والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا، ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد، أفهمت يا هشام؟! قال: قلت: زدني قال: لله تسعة وتسعون اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلها (2) ولكن الله معنى يدل عليه بهذه الاسماء وكلها غيره، يا هشام الخبز اسم للمأكول، والماء اسم للمشروب، والثوب اسم للملبوس، والنار اسم للمحرق، أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل به أعداءنا المتخذين مع الله عز وجل غيره؟ قلت: نعم، فقال: نفعك الله [ به ] وثبتك يا هشام قال: فوالله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا (2). 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن القاسم بن يحيى، عند جده


(1) يظهر من كثير من الاخبار أن للحروف المفردة أوضاعا ومعاني متعددة لا يعرفها الا حجج الله (ع). (آت) (2) راجع بيان لغات الحديث ص 87. [ * ]

[ 115 ]

الحسن بن راشد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام قال: سئل عن معنى الله فقال: استولى على ما دق وجل (1). 4 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن العباس بن هلال قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله: ” الله نور السماوات والارض ” فقال: هاد لاهل السماء، وهاد لاهل الارض، وفي رواية البرقي هدى من في السماء وهدى من في الارض. 5 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن فضيل ابن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” هو الاول والآخر ” وقلت: أما الاول فقد عرفناه وأما الآخر فبين لنا تفسيره فقال: إنه ليس شئ إلا يبيد أو يتغير، أو يدخله التغير والزوال، أو ينتقل من لون إلى لون، ومن هيئة إلى هيئة، ومن صفة إلى صفة، ومن زيادة إلى نقصان، ومن نقصان إلى زيادة إلا رب العالمين فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة، هو الاول قبل كل شئ وهو الآخر على ما لم يزل، ولا تختلف عليه الصفات والاسماء كما تختلف على غيره، مثل الانسان الذي يكون ترابا مرة، ومرة لحما ودما، ومرة رفاتا و رميما، وكالبسر الذي يكون مرة بلحا، ومرة بسرا، ومرة رطبا، ومرة تمرا، فتتبدل عليه الاسماء والصفات والله عز وجل بخلاف ذلك (2).


(1) استظهر المجلسي (ره) أن الخبر سقط منه شئ لان الكليني رواه عن البرقي والبرقي رواه بهذا السند بعينه في المحاسن هكذا: ” سئل عن معنى قول الله: ” الرحمن على العرش استوى ” فقال استولى على مادق وجل ” وهكذا رواه الطبرسي في الاحتجاج والمعنى: ” استولى على الاشياء دقيقها وجليلها ” ولكن الصدوق رواه في معاني الاخبار عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد ابن عيسى عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن أبي جعفر عليه السلام كما في المتن بلفضه و محصل المعنى على ما ذكره المجلسي (ره) هو من قبيل تفسير الشئ بلازمه لان من لوازم الالوهية الاستيلاء على جميع الاشياء دقيقها وجليلها. (2) قوله: يبيد: يهلك، والرفاة ما دق وكسر وتفتت كالفتات، والرميم ما بلى من العظام والبسر بضم الموحدة والمهملتين ما لم ينضج بعد من الرطب واول ما يبدو من النخلة يقال له: طلع ثم: خلال: بلح بالموحدة والمهملة وفتح اللام ثم: بسر ثم: رطب ثم: تمر، أراد عليه السلام أن الله سبحانه لم يستفد من خلقة العالم كما لا كان فاقدا له قبل الخلق بل انه كما كان في الازل يكون في الابد من غير تغير فيه فهو الاول وهو بعينه الاخر يكون كما كان بخلاف غيره من الاشياء فانها انما خلقت لغايات وكمالات تستفيدها إلى نهاية آجالها فالاول منها غير الاخر. (في) [ * ]

[ 116 ]

6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن محمد ابن حكيم، عن ميمون البان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام وقد سئل عن ” الاول والآخر ” فقال: الاول لا عن أول قبله، ولا عن بدء سبقه، والآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين، ولكن قديم أول آخر، لم يزل ولا يزول بلا بدء ولا نهاية لا يقع عليه الحدوث ولا يحول من حال إلى حال، خالق كل شئ (1). 7 – محمد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات (2) في كتابه؟ وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول: هي هو أي أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك وإن كنت تقول: هذه الصفات والاسماء لم تزل فإن ” لم تزل ” محتمل معنيين فان قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم، وإن كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شئ غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه، يتضرعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره (3) وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل. والاسماء والصفات مخلوقات، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف، وإنما يختلف وتأتلف المتجزئ فلا يقال: الله مؤتلف ولا الله قليل ولا كثير ولكنه القديم في ذاته، لان ما سوى الواحد متجزئ والله واحد لا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له. فقولك. إن الله قدير


(1) قوله عليه السلام: ” اول آخر ” بدون العطف اشارة إلى أن أوليته عين آخريته ليدل على أن كونه قديما ليس بمعنى القدم الزماني أي الامتداد الكمي بلا نهاية إذ وجوده ليس بزماني بل هو فوق الزمان والدهر، نسبته إلى الازل كنسبته إلى الابد فهو بما هو أزلي أبدي وبما هو أبدي أزلي، فهو وان كان مع الازل والابد لكن ليس في الازل ولا في الابد حتى يتغير ذاته واليه الاشارة بقوله: لا يقع عليه الحدوث (في). (2) الظاهر أن المراد بالاسماء ما دل على الذات من غير ملاحظة صفة وبالصفات ما دل على الذات مع ملاحظة الاتصاف بصفة. (آت) (3) وهي ذكره – بالضمير أي يذكر بها والمذكور بالذكر قديم والذكر حادث. (آت). [ * ]

[ 117 ]

خبرت أنه لا يعجزه شئ، فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه، وكذلك قولك: عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه وإذا أفنى الله الاشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ولا يزال من لم يزل عالما. فقال الرجل: فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال: لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالابصار، من لون أو شخص أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة المعين، وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشئ اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل والشهوة للفساد والحدب على نسلها (1)، وإقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف، وإنما الكيفية للمخلوق المكيف، وكذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزا، فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية ولا تبصار بصر، ومحرم على القلوب أن تمثله، وعلى الاوهام أن تحده وعلى الضمائر أن تكونه، جل وعز عن أدات خلقه وسمات بريته وتعالى عن ذلك علوا كبيرا. 8 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رجل عنده: الله أكبر، فقال: الله أكبر من أي شئ؟ فقال: من كل شئ فقال أبو عبد الله عليه السلام: حددته (2) فقال الرجل: كيف أقول؟ قال: قل: الله أكبر من أن يوصف.


(1) اي لعلمه بموضع النشوء منها من نشأ ينشأ بمعنى النماء والسفاد بكسر السين نزو الذكر على الانثى والحدب باهمال الحاء والدال وبالتحريك العطف والشفقة، وإقام بعضها بكسر الهمزة أي: كونه مقيما قواما قويا عليه قائما بأموره حافظا لاحواله. (في) [ * ] (2) حددته بالتشديد من التحديد أي جعلت له حدا محدودا وذلك لانه جعله في مقابلة الاشياء ووضعه في حد والاشياء في حد آخر ووزان بينهما مع انه محيط بكل شئ لا يخرج عن معيته و قيوميته شئ كما اشار إليه بقوله عليه السلام في الحديث الاتي: وكان ثم شئ يعنى مع ملاحظة ذاته الواسعة واحاطته بكل شئ ومعيته للكل لم يبق شئ تنسبه إليه بالاكبرية بل كل شئ هالك عند وجهه الكريم وكل وجود مضمحل في مرتبة ذاته ووجوده القديم. (في). [ * ]

[ 118 ]

9 – ورواه محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن مروك بن عبيد، عن جميع ابن عمير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أي شئ الله أكبر؟ فقلت: الله أكبر من كل شئ فقال وكان ثم شئ فيكون أكبر منه؟ فقلت: وما هو؟ قال: الله أكبر من أن يوصف. 10 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن هشام ابن الحكم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سبحان الله فقال: أنفة [ ا ] لله. (1) 11 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط عن سليمان مولى طربال عن هشام الجواليقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” سبحان الله ” ما يعني به؟ قال تنزيهه. 12 – علي بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن أبي هشام الجعفري قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام: ما معنى الواحد؟ فقال: إجماع الالسن عليه بالوحدانية كقوله تعالى: ” ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله “. (باب آخر وهو من الباب الاول) * (الا ان فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء الله) * * (وأسماء المخلوقين) * 1 – علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني، ومحمد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن عليه السلام (2) قال: سمعته يقول: وهو اللطيف الخبير السميع البصير الواحد الاحد الصمد، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، لو كان كما يقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق (3)


(1) يعني تنزيه لذاته الاحدية عن كل ما لا يليق بجنابه يقال: انف من الشئ إذا استنكف عنه وكرهه وشرف نفسه عنه. (في) (2) المراد بابي الحسن عليه السلام هنا الثاني على ما صرح به الصدوق ويحتمل الثالث كما في كشف الغمة. (3) قوله: ” لم يعرف الخالق ” لعل فيه سقطا وفي توحيد الصدوق هكذا ” ولم يكن له كفوا أحد منشئ الاشياء ومجسم الاجسام ومصور الصور لو كان كما تقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق “. [ * ]

[ 119 ]

ولا المنشئ من المنشأ، لكنه المنشئ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شئ ولا يشبه هو شيئا، قلت: أجل جعلني الله فداك لكنك قلت: الاحد الصمد وقلت: لا يشبهه شئ والله واحد والانسان واحد أليس قد تشابهت الوحدانية؟ قال: يا فتح أحلت (1) ثبتك الله إنما التشبيه في المعاني، فأما في الاسماء فهي واحدة وهي دالة (2) على المسمى وذلك أن الانسان وإن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين والانسان نفسه ليس بواحد لان أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة ومن ألوانه مختلفة غير واحد وهو اجزاء مجزاة، ليست بسواء، دمه غير لحمه ولحمه غير دمه وعصبه غير عروقه وشعره غير بشره وسواده غير بياضه وكذلك سائر جميع الخلق، فالانسان واحد في الاسم ولا واحد في المعنى والله جل جلاله هو واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان، فأما الانسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى غير أنه بالاجتماع شئ واحد (3) قلت: جعلت فداك فرجت عني فرج الله عنك فقولك: اللطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد فاني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل (4) غير أني احب أن تشرح ذلك لي، فقال: يا فتح إنما قلنا: اللطيف للخلق اللطيف [ و ] لعلمه بالشئ اللطيف أو لا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف ومن الخلق اللطيف ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس (5) وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الانثى والحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه وما في لجج البحار (6) وما في لحاء الاشجار والمفاوز والقفار وإفهام بعضها


(1) أي أتيت بالمحال (2) في بعض النسخ [ دلالة ] (3) فالوحدة في المخلوق هي الوحدة الشخصية التي تجتمع مع أنواع التكثرات وليست الا اجتماع امور متكثرة ووحدته سبحانه هي نفي التجزي والكثرة عنه سبحانه مطلقا. (آت) (4) بالصاد المهملة أي: للفرق الظاهر بينه وبين خلقه، أو بالمعجمة أي لما بينت من فضله على المخلوق. (آت) (5) الجرجس بكسر المعجمتين البعوض الصغار فهو من قبيل عطف الخاص على العام. (6) لجة البحر: معظمه. واللحاء بالكسر والمد: قشر الشجر. وافهام اما بالكسر أو بالفتح. (آت). [ * ]

[ 120 ]

عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة وأنه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها (1) لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة وأن كل صانع شئ فمن شئ صنع والله الخالق اللطيف الجليل خلق و صنع لا من شئ. (*) 2 – علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال: اعلم علمك الله الخير أن الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفته التي دلت العاقل على أنه لا شئ قبله ولا شئ معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة (2) أنه لا شئ قبل الله ولا شئ مع الله في بقائه وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شئ وذلك أنه لو كان معه شئ في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لانه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه ولو كان قبله شئ كان الاول ذلك الشئ لا هذا، وكان الاول أولى بأن يكون خالقا للاول (3) ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى أن يدعوه بها فسمى نفسه سميعا، بصيرا، قادرا، قائما، ناطقا، ظاهرا، باطنا لطيفا، خبيرا، قويا، عزيزا، حكيما، عليما وما أشبه هذه الاسماء، فلما رأى ذلك من أسمائه القالون المكذبون وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شئ مثله ولا شئ من الخلق في حاله قالوا: أخبرونا – إذا زعمتم أنه لا مثل لله ولا شبه له – كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟ فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض إذ جمعتم الاسماء الطيبة (4)؟ قيل لهم: إن الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني


(1) الدميم بفتح الدال: الحقير يقال رجل دميم وبه دمامة إذا كان قصير الجثة حقير الجثمان. (آت) هذا الخبر رواه الصدوق (ره) في التوحيد والعيون مسندا عن الكليني مع اختلاف و زوائد في مواضع كثيرة منه وكان فيه سقطا وتصحيفا ربما كانا من نساخ الكافي ولكيلا يقع الناظر في التكلف في توجيهه أشرنا إلى بعض مواردها في الذيل. (2) في التوحيد والعيون: ” مع معجزة الصفة “. (3) في التوحيد والعيون: ” خالقا للثاني “. (4) في التوحيد والعيون: ” إذ جمعتكم الاسماء “. [ * ]

[ 121 ]

وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع وهو الذي خاطب الله به الخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا (1) فقد يقال للرجل: كلب وحمار وثور وسكرة وعلقمة وأسد كل ذلك على خلافه وحالاته لم تقع الاسامي على معانيها التي كانت بنيت عليه، لان الانسان ليس بأسد ولا كلب فافهم ذلك رحمك الله. وإنما سمي الله تعالى بالعلم (2) بغير علم حادث علم به الاشياء، استعان به على حفظ ما يستقبل من أمره والروية فيما يخلق من خلقه، ويفسد (3) ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه (4) كان جاهل ضعيفا، كما أنا لو رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث (5) إذ كانوا فيه جهلة، وربما فارقهم العلم بالاشياء فعادوا إلى الجهل، وإنما سمي الله عالما لانه لا يجهل شيئا، فقد جمع الخالق والخلوق اسم العالم واختلف المعنى على ما رأيت. وسمي ربنا سميعا لا بخرت فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به، كما أن خرتنا الذي به نسمع لا نقوى به على البصر (6) ولكنه أخبر أنه لا يخفى عليه شئ من الاصوات، ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسمع واختلف المعنى. وهكذا البصر لا بخرت منه أبصر، كما أنا نبصر بخرت منا لا ننتفع به في غيره ولكن الله بصير لا يحتمل شخصا (7) منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى. وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الاشياء ولكن قائم (8) يخبر أنه حافظ كقول الرجل: القائم بأمرنا فلان، والله هو القائم على كل نفس بما كسبت، والقائم أيضا في كلام الناس: الباقي والقائم أيضا يخبر عن


(1) في التوحيد والعيون هكذا: (تصنيع ما صنعوا). (2) في التوحيد والعيون هكذا: (وانما يسمى الله بالعالم). (3) في التوحيد والعيون هكذا: (بعينه) وفى بعضهما: (يفنيه) وفى نسخ التوحيد (تعينه). (4) في التوحيد والعيون هكذا: (يعينه) وفى بعضها (يعنه) وفى بعض نسخ العيون (تيقنه) (5) في التوحيد والعيون هكذا: (سموا بالعالم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة). (6) في التوحيد والعيون هكذا: (النظر). (7) في التوحيد والعيون هكذا: (لا يجهل شخصا) وفى بعض نسخ الكافي [ شقصا ]. (8) في التوحيد والعيون هكذا: (ولكن أخبر أنه قائم يخبر انه حافظ). [ * ]

[ 122 ]

الكفاية كقولك للرجل: قم بأمر بني فلان، أي اكفهم، والقائم منا قائم على ساق، فقد جمعنا الاسم ولم نجمع المعنى. وأما اللطيف فليس على قلة وقضافة وصغر، ولكن ذلك على النفاذ في الاشياء والامتناع من أن يدرك، كقولك للرجل: لطف عني هذا الامر ولطف فلان في مذهبه وقوله: يخبرك أنه غمض فيه العقل (1) وفات الطلب وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم فكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف واللطافة منا الصغر والقلة، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى. وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شئ ولا يفوته (2) ليس للتجربة ولا للاعتبار بالاشياء فعند التجربة والاعتبار علمان ولولاهما ما علم لان من كان كذلك كان جاهلا والله لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى. وأما الظاهر فليس من أجل أنه علا الاشياء بركوب فوقها وقعود عليها و تسنم لذراها ولكن ذلك لقهره ولغلبته الاشياء وقدرته عليها كقول الرجل: ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي يخبر عن الفلج والغلبة، فهكذا ظهور الله على الاشياء ووجه آخر أنه الظاهر لمن أراده ولا يخفى عليه شئ وأنه مدبر لكل ما برأ فأي ظاهر أظهر وأوضح من الله تبارك وتعالى، لانك لا تعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى. وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للاشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للاشياء علما وحفظا وتدبيرا، كقول القائل: أبطنته يعني خبرته و علمت مكتوم سره، والباطن (3) منا الغائب في الشئ المستتر وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى. وأما القاهر فليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر، كما


(1) في التوحيد والعيون: (غمض فبهر العقل). (2) في التوحيد والعيون: (لا يفوته شئ ليس للتجربة ولا للاعتبار بالاشياء فيفيده التجربة و الاعتبار علما لولا هما ما علم). (3) في التوحيد والعيون: (والباطن منا بمعنى الغائر في الشئ). [ * ]

[ 123 ]

يقهر العباد بعضهم بعضا والمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملبس (1) به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين (2) أن يقول له: كن فيكون والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وهكذا جميع الاسماء وإن كنا لم نستجمعها (3) كلها فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك والله عونك وعوننا في إرشادنا وتوفيقنا. (باب تأويل الصمد (4)) 1 – علي بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد ولقبه شباب الصيرفي، عن داود بن القاسم الجعفري قال: قلت لابي جعفر الثاني عليه السلام: جعلت فداك ما الصمد؟ قال: السيد المصمود إليه في القليل والكثير. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن يونس ابن عبد الرحمن، عن الحسن بن السرى، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من التوحيد، فقال: إن الله تباركت أسماؤه التي يدعا بها وتعالى في علو كنهه واحد توحد بالتوحيد في توحده (5)، ثم أجراه على خلقه فهو واحد، صمد،


(1) في التوحيد والعيون هكذا (متلبس). (2) في التوحيد والعيون هكذا (طرفة عين غير انه يقول). (3) في التوحيد والعيون هكذا (لم نسمها كلها) (4) الصمد فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده وهو السيد الذى يصمد إليه في الحوائج فهو عبارة عن وجوب الوجود والاستغناء المطلق واحتياج كل شئ في جميع اموره إليه وهو الذى يكون عنده ما يحتاج إليه كل شئ ويكون رفع حاجة الكل إليه ولم يفقد في ذاته شيئا مما يحتاج إليه الكل واليه يتوجه كل شئ بالعبادة والخضوع وهو المستحق لذلك، وروى الصدوق في التوحيد ومعانى الاخبار خبرا طويلا مشتملا على معاني كثيرة للصمد ونقل بعض المفسرين عن الصحابة والتابعين والائمة واللغويين قريبا من عشرين معنى ويمكن ادخال جميعها فيما ذكرنا لانه لاشتماله على الوجوب الذاتي يدل على جميع السلوب ولدلالته على كونه مبدأ للكل يدل على اتصافه بجميع الصفات الكماليه وبه يمكن الجمع بين الاخبار المختلفة الواردة في هذا المعنى. (آت ملخصا) (5) أي لم يكن في الازل أحد يوحده فهو كان يوحد نفسه فكان متفردا بالوجود متوحدا بتوحيد نفسه ثم بعد الخلق عرفهم نفسه وأمرهم ان يوحدوه، أو المراد ان توحده لا يشبه توحد غيره فهو متفرد بالتوحيد أو كان قبل الخلق كذلك واجري سائر انواع التوحد على خلقه إذا الوحدة تساوق الوجود أو تستلزمه لكن وحداتهم مشوبة بانواع الكثرة كما عرفت. (آت) [ * ]

[ 124 ]

قدوس، يعبده كل شئ ويصمد إليه كل شئ ووسع كل شئ علما. فهذا هو المعنى الصحيح (1) في تأويل الصمد، لا ما ذهب إليه المشبهة:: أن تأويل الصمد: المصمت الذي لا جوف له، لان ذلك لا يكون إلا من صفة الجسم والله جل ذكره متعال عن ذلك، هو أعظم واجل من أن تقع الاوهام على صفته أو تدرك كنه عظمته ولو كان تأويل الصمد في صفة الله عز وجل المصمت، لكان مخالفا لقوله عز وجل: ” ليس كمثله شئ ” لان ذلك من صفة الاجسام المصمتة التي لا أجواف لها، مثل الحجر والحديد وسائر الاشياء المصمتة التي لا أجواف لها، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. فاما ما جاء في الاخبار ذلك فالعالم عليه السلام أعلم بما قال وهذا الذي قال عليه السلام أن الصمد هو السيد المصمود إليه هو معنى صحيح موافق لقول الله عز وجل: ” ليس كمثله شئ ” والمصمود إليه: المقصود، في اللغة قال أبو طالب في بعض ما كان يمدح به النبي صلى الله عليه وآله من شعره: وبالجمرة القصوى إذا صمدوا لها * يؤمون رضخا (2) رأسها بالجنادل يعني قصدوا نحوها يرمونها بالجنادل يعني الحصا الصغار التي تسمى بالجمار وقال بعض شعراء الجاهلية [ شعرا ]: ما كنت أحسب أن بيتا ظاهرا * لله في أكناف مكة يصمد يعني يقصد، وقال ابن الزبرقان: ولا رهيبة الا سيد صمد (3). وقال شداد بن معاوية في حذيفة بن بدر: علوته بحسام ثم قلت له * خذها حذيف فأنت السيد الصمد ومثل هذا كثير والله عز وجل هو السيد الصمد الذي جميع الخلق من الجن والانس إليه يصمدون في الحوائج، وإليه يلجأون عند الشدائد، ومنه يرجون الرخاء ودوام النعماء، ليدفع عنهم الشدائد.


(1) قوله: (فهذا المعنى الصحيح) من كلام الكليني – رحمه الله – وقوله: (فالعالم) يعنى المعصوم (ع). والجمرة بالتحريك والفتح واحدة جمرات المناسك والقصوى العقبة. (آت) (2) في بعض النسخ [ قذفا ]. (3) اوله: (ما كان عمران ذا غش ولا حسد) والزبرقان كزبرجان لقب حصين بن بدر. و رهيبة اسم رجل و (علوته بحسام) الحسام السيف أي رفعته فوق رأسه. وحذيف منادى مرخم. [ * ]

[ 125 ]

(باب الحركة والانتقال) 1 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن عباس الخراذيني، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا. فقال: إن الله لا ينزل ولا يحتاج إلى أن ينزل، إنما منظره (1) في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه قريب، ولم يقرب منه بعيد، ولم يحتج إلى شئ بل يحتاج إليه وهو ذو الطول لا إله إلا هو العزيز الحكيم، أما قول الواصفين: إنه ينزل تبارك وتعالى فانما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة، وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به، فمن ظن بالله الظنون هلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا (2) له على حد تحدونه بنقص أو زيادة، أو تحريك أو تحرك، أو زوال أو استنزال، أو نهوض أو قعود، فإن الله جل وعز عن صفة الواصفين، ونعت الناعتين وتوهم المتوهمين، وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين. 2 – وعنه، رفعه عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيم عليه السلام أنه قال: لا أقول: إنه قائم فازيله عن مكانه، ولا أحده بمكان يكون فيه ولا أحده أن يتحرك في شئ من الاركان والجوارح، ولا أحده بلفظ شق فم، ولكن كما قال [ الله ] تبارك وتعالى: ” كن فيكون ” بمشيئته من غير تردد في نفس، صمدا فردا، لم يحتج إلى شريك يذكر له ملكه، ولا يفتح له أبواب علمه. 3 – وعنه، عن محمد بن أبى عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن داود بن عبد الله عن عمرو بن محمد، عن عيسى بن يونس قال: قال بان أبي العوجاء لابي عبد الله عليه السلام في بعض ما كان يحاوره: ذكرت الله فأحلت على غائب، فقال أبو عبد الله: ويلك كيف


(1) أي نظره وعلمه واحاطته بان يكون مصدرا ميميا، أو ما ينظر إليه في القرب والبعد منه (سواء) أي لا يختلف اطلاقه على الاشياء بالقرب والبعد لانهما انما يجريان في المكانيات بالنسبة إلى أمثالها وهو سبحانه متعال عن المكان إذ يوجب الحاجة إلى مكان وهو لم يحتج إلى شئ (بل يحتاج إليه) على المجهول أي كل شئ غيره محتاج إليه والطول الفضل والانعام. (آت) [ * ]

[ 126 ]

يكون غائبا من هو مع خلقه شاهد، وإليهم أقرب من حبل الوريد (1)، يسمع كلامهم، ويرى أشخاصهم، ويعلم أسرارهم؟ فقال ابن أبي العوجاء: أهو في كل مكان أليس إذا كان في السماء كيف يكون في الارض؟ وإذا كان في الارض كيف يكون في السماء؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما وصفت المخلوق الذي إذا انتقل عن مكان اشتغل به مكان؟ وخلا منه مكان، فلا يدري في المكان الذي صار إليه ما يحدث في المكان الذي كان فيه، فأما الله العظيم الشأن الملك الديان فلا يخلو منه مكان، ولا يشتغل به مكان، ولا يكون إلى مكان أقرب منه إلى مكان. 4 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى قال: كتبت إلى أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام: جعلني الله فداك يا سيدي قد روي لنا: أن الله في موضع دون موضع على العرش استوى، وأنه ينزل كل ليلة في النصف الاخير من الليل إلى السماء الدنيا، وروي: أنه ينزل عشية عرفة ثم يرجع إلى موضعه، فقال بعض مواليك في ذلك: إذا كان في موضع دون موضع، فقد يلاقيه الهواء ويتكنف عليه والهواء جسم رقيق يتكنف على كل شئ بقدره، فكيف يتكنف عليه جل ثناؤه على هذا المثال؟ فوقع عليه السلام: علم ذلك عنده (2) وهو المقدر له بما هو أحسن تقديرا واعلم أنه إذا كان في السماء الدنيا فهو كما هو على العرش، والاشياء كلها له سواء علما وقدرة وملكا وإحاطة. وعنه، عن محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى مثله. * (في قوله تعالى: ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم (3)) * 5 – عنه، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن يعقوب بن يزيد


(1) لعل فيه اشارة إلى ان قربه سبحانه قرب العلية والتأثير والتدبير إذ عرق العنق سبب للحياة وبانقطاعه يكون الموت والفناء أي هو تعالى ادخل في حياة الشخص من عرق العنق (آت) (2) قوله (ع): علم ذلك عنده أي علم كيفية نزوله عنده سبحانه وليس عليكم معرفة ذلك ثم أشار اشارة خفية إلى ان المراد بنزوله نزول رحمته، وانزالها بتقديره بقوله: (وهو المقدر له بما هو احسن تقديرا) ثم افاد ان ما عليكم علمه انه لا يجرى عليه احكام الاجسام والمتحيزات من المجاورة والقرب المكانى والتمكن في الامكنة بل حضوره سبحانه حضور وشهود علمي واحاطة بالعلم والقدرة والملك بقوله عليه السلام: واعلم انه.. الخ. (آت) (3) المجادلة: 7 وهذا كلام المؤلف رحمه الله، أي روى في بيان الاية هذه الرواية الاتية [ * ]

[ 127 ]

عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ” فقال، هو واحد واحدي الذات، بائن من خلقه، وبذاك وصف نفسه، ” وهو بكل شئ محيط ” بالاشراف والاحاطة والقدرة ” لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الارض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ” بالاحاطة والعلم لا بالذات لان الاماكن محدودة تحويها حدود أربعة فإذا كان بالذات لزمها الحواية. * (في قوله: الرحمن على العرش استوى (1)) * 6 – علي بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن [ موسى ] الخشاب عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن قول الله عز وجل: ” الرحمن على العرش استوى ” فقال استوى على كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ.


(1) طه: 5 وقال العلامة المجلسي (ره) اعلم ان الاستواء يطلق على معان: الاول: الاستقرار والتمكن على الشئ، الثاني: قصد الشئ والاقبال إليه. الثالث الاستيلاء على الشئ قال الشاعر: قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق. الرابع: الاعتدال يقال سويت الشئ فاستوى. الخامس: المساواة في النسبة، فأما المعنى الاول فيستحيل على الله تعالى لما ثبت بالبراهين العقلية والنقلية من استحالة كونه تعالى مكانيا فمن المفسرين من حمل الاستواء في هذه الاية على الثاني أي اقبل على خلقه وقصد إلى ذلك وقد ورد انه سئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن هذه الاية فقال: الاستواء الاقبال على الشئ ونحو هذا قال الفراء والزجاج في قوله عز وجل: ثم استوى إلى السماء والاكثرون منهم حملوها على الثالث أي استوى عليه وملكه ودبره، قال الزمخشري: (لما كان الاستواء على العرش وهو سرير الملك لا يحصل الا مع الملك جعلوه كناية عن الملك فقالوا استوى فلان على السرير يريدون ملكه وان لم يقعد البتة وانما عبروا عن حصول الملك بذلك لانه أصرح وأقوى في الدلالة من ان يقال: فلان ملك ونحوه قولك: يد فلان مبسوطة ويد فلان مغلولة بمعنى انه جواد أو بخيل لا فرق بين العبارتين الا فيما قلت حتى ان من لم يبسط يده قط بالنوال أو لم يكن له يد رأسا وهو جواد قيل فيه يده مبسوطة لانه لا فرق عندهم بينه وبين قولهم جواد) انتهى. ويحتمل أن يكون المراد المعنى الرابع بان يكون كناية عن نفى النقص عنه تعالى من جميع الوجوه فيكون قوله تعالى: على العرش حالا ولكنه بعيد. وأما المعنى الخامس فهر الظاهر مما مر من الاخبار فاعلم ان العرش قد يطلق على الجسم العظيم الذى احاط بسائر الجسمانيات وقد يطلق على جميع المخلوقات وقد يطلق على العلم ايضا كما وردت به الاخبار الكثيرة فإذا عرفت هذا فاما ان يكون عليه السلام فسر العرش بمجموع الاشياء وضمن الاستواء ما يتعدى بعلى كالاستيلاء والاستعلاء والاشراف فالمعنى استوت نسبته إلى كلشئ حالكونه مستوليا عليها أو فسره بالعلم ويكون متعلق الاستواء مقدرا أي: تساوت نسبته إلى من كل شئ حالكونه متمكنا على عرش العلم فيكون اشارة إلى بيان نسبته تعالى وانها بالعلم والاحاطة، أو المراد بالعرش عرش العظمة والجلال والقدرة كما فسر بها ايضا في بعض الاخبار أي – [ * ]

[ 128 ]

7 – وبهذا الاسناد، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن مارد أن أبا عبد الله عليه السلام سئل عن قول الله عز وجل: ” الرحمن على العرش استوى ” فقال: استوى من كل شئ فليس شئ أقرب إليه من شئ 8 – وعنه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: ” الرحمن على العرش استوى ” فقال: استوى في كل شئ فليس شئ أقرب إليه من شئ، لم يبعد منه بعيد، ولم يقرب منه قريب، استوى في كل شئ. 9 – وعنه، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من زعم أن الله من شئ أو في شئ أو على شئ فقد كفر، قلت: فسر لي؟ قال: أعني بالحواية من الشئ له أو بامساك له أو من شئ سبقه. وفي رواية اخرى: من زعم ان الله من شئ فقد جعله محدثا، ومن زعم أنه في شئ فقد جعله محصورا، ومن زعم أنه على شئ فقد جعله محمولا. * (في قوله تعالى: وهو الذي في السماء اله وفي الارض اله (1)) * 10 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم قال: قال أبو شاكر الديصاني: إن في القرآن آية هي قولنا، قلت: ماهي؟ فقال: ” وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله ” فلم أدر بما اجبه، فحججت فخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال:


استوى من كل شئ مع كونه في غاية العظمة ومتمكنا على عرش التقدس والجلالة والحاصل ان علو قدره ليس مانعا في دنوه بالحفظ والتربية والاحاطة وكذا العكس وعلى التقادير فقوله: استوى خبر وقوله: على العرش حال ويحتمل ان يكونا خبرين على بعض التقادير ولا يبعد على الاحتمال الاول جعل قوله: على العرش متعلقا بالاستواء بان تكون كلمة على بمعنى إلى ويحتمل على تقدير حمل العرش على العلم ان يكون قوله: على العرش خبرا وقوله: استوى حالا عن العرش ولكنه بعيد وعلى التقادير يمكن ان يقال: ان النكتة في ايراد الرحمن بيان ان رحمانيته توجب استواء نسبته ايجادا وحفظا وتربية و علما إلى الجميع بخلاف الرحيمية، فانها تقتضي افاضة الهدايات الخاصة على المؤمنين فقط وكذا كثير من أسمائه الحسنى تخص جماعة ويؤيد بعض الوجوه التى ذكرنا ما ذكره الصدوق (ره) في كتاب العقائد حيث قال: اعتقادنا في العرش انه جملة جميع الخلق والعرش في وجه آخر هو العلم وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: (الرحمن على العرش استوى) فقال: استوى من كل شئ فليس شئ اقرب إليه من شئ. (1) الزخرف: 83. [ * ]

[ 129 ]

هذا كلام زنديق خبيث، إذا رجعت إليه فقل له: ما اسمك بالكوفة؟ فانه يقول فلان فقل له: ما اسمك بالبصرة؟ فإنه يقول: فلان، فقل، كذلك الله ربنا، في السماء إله، وفي الارض إله، وفي البحار إله، وفي القفار إله، وفي كل مكان إله. قال: فقدمت فأتيت أبا شاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز. (باب العرش والكرسي) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي رفعه، قال: سأل الجاثليق (1) أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن الله عز وجل يحمل العرش أم العرش يحمله؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله عز وجل حامل العرش والسماوات والارض وما فيهما وما بينهما وذلك قول الله عز وجل: ” إن الله يمسك السماوات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا (2) “، قال: فأخبرني عن قوله: ” ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية (3) ” فكيف قال ذلك؟ وقلت: إنه يحمل العرش والسماوات والارض؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن العرش خلقه الله تعالى من أنوار أربعة: نور أحمر، منه احمرت الحمرة ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أبيض منه [ ابيض ] البياض وهو العلم الذي حمله الله الحملة وذلك نور من عظمته، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون (4)، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والارض من جميع خلائقه إليه الوسيلة، بالاعمال المختلفة والاديان المشتبهة، فكل محمول يحمله الله بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا


(1) كان اسما لعالم النصارى. (2) فاطر: 41. وقوله تعالى: (أن تزولا) أي يمسكهما كراهة ان تزولا بالعدم والبطلان أو يمنعهما ويحفظهما أن تزولا، فان الامساك متضمن للمنع والحفظ وفيه دلالة على ان الباقي في البقاء محتاج إلى المؤثر، ان أمسكهما أي ما أمسكهما، من بعده أي من بعد الله أو من بعد الزوال أو (من) الاولى زايدة للمبالغة في الاستغراق والثانية للابتداء (آت) (3) الحاقة: 17. (4) لان النور مساوق الظلمة التى هي ضد النور والمعاداة انما تكون بين الضدين كذا قيل والاظهر عندي ان المراد أن ظهوره صار سببا لخفائه، كما قيل: يا خفيا من فرط الظهور. (آت) [ * ]

[ 130 ]

حياة ولا نشورا، فكل شئ محمول والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شئ (1) وهو حياة كل شئ ونور كل شئ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. قال له: فأخبرني عن الله عز وجل أين هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: هو ههنا وههنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا وهو قوله: ” ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ” فالكرسي محيط بالسماوات والارض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول، فإنه يعلم السر وأخفى وذلك قوله تعالى: ” وسع كرسيه السماوات والارض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ” فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه وليس يخرج عن هذه الاربعة شئ خلق الله في ملكوته الذي أراه الله أصفياءه وأراه خليله عليه السلام فقال: ” وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين (2) ” وكيف يحمل حملة العرش الله وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى معرفته؟!. 2 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى قال: سألني أبو قرة المحدث أن ادخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأستأذنته فأذن لي، فدخل فسأله عن الحلال والحرام ثم قال له: أفتقر أن الله محمول؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: كل محمول مفعول به مضاف إلى غيره محتاج، والمحمول اسم نقص في اللفظ والحامل فاعل وهو في اللفظ مدحة وكذلك قول القائل: فوق وتحت وأعلا وأسفل وقد قال الله: ” وله الأسماء الحسنى فادعوه بها ” ولم يقل في كتبه، إنه المحمول بل قال: إنه الحامل في البر والبحر والممسك السماوات والارض أن تزولا والمحمول ما سوى الله ولم يسمع أحد آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه: يا محمول، قال أبو قرة، فإنه قال: ” ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ” وقال: ” الذين يحملون العرش “


(1) ضمير التثنية راجع إلى السماوات والارض. (2) الانعام: 75. (3) ليس المراد ان كل ما ورد على صيغة المفعول اسم نقص والا لانتقض بالموجود والمعبود و المحمود بل ما دل على وقوع تأثير من غيره كالمحفوظ والمربوب والمحمول وامثالها. (آت) [ * ]

[ 131 ]

فقال أبو الحسن عليه السلام: العرش ليس هو الله والعرش اسم علم وقدرة، وعرش فيه كل شئ ثم أضاف الحمل إلى غيره: خلق من خلقه (1)، لانه استعبد خلقه بحمل عرشه وهم حملة علمه وخلقا يسبحون حول عرشه وهم يعملون بعلمه وملائكة يكتبون أعمال عباده؟ واستعبد أهل الارض بالطواف حول بيته والله على العرش استوى كما قال (2) والعرش ومن يحمله ومن حول العرش والله الحامل لهم، الحافظ لهم، الممسك القائم على كل نفس وفوق كل شئ وعلى كل شئ ولا يقال: محمول ولا أسفل، قولا مفردا لا يوصل بشئ (3) فيفسد اللفظ والمعنى، قال أبو قرة: فتكذب بالرواية التي جاءت أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرون سجدا، فإذا ذهب الغضب خف ورجعوا إلى مواقفهم؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: أخبرني عن الله تبارك وتعالى منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه، فمتى رضي؟ وهو في صفتك (4) لم يزل غضبان عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال وأنه يجري عليه ما يجري


(1) قوله: (خلق) بالجر بدل من غيره واشار بذلك إلى ان الحامل لما كان من خلقه فيرجع الحمل إليه تعالى (وهم حملة علمه) أي وقد يطلق حملة العرش على حملة العلم ايضا أو حملة العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا. (آت). (2) أي استواؤه سبحانه على العرش على النحو الذى قال واراد من استواء النسبة أو الاستيلاء كما مر تزعمه المشبهة. (آت). (3) أي لا يوصل بقرينة صارفة عن ظاهره أو ينسب إلى شئ آخر على طريقة الوصف بحال المتعلق بأن يقال: عرشه محمول أو أرضه تحت كذا وجحيمه أسفل ونحو ذلك والا فيفسد اللفظ لعدم الاذن الشرعي، واسماؤه توقيفية وايضا هذا اسم نقص كما مر والمعنى لانه يوجب نقصه وعجزه تعالى عن ذلك علوا كبيرا. (آت). (4) أي وصفك إياه انه لم يزل غضبان على الشيطان وعلى أوليائه، والحاصل انه لما فهم من كلامه ان الملائكة الحاملين للعرش قد يكونون قائمين وقد يكونون ساجدين بطريان الغضب وضده وحمل الحديث على ظاهره نبه عليه السلام على خطائه إلزاما عليه بقدر فهمه بأنه لا يصح ما ذكرت إذ من غضبه تعالى ما علم انه لم يزل كغضبه على ابليس فيلزم أن يكون حملة العرش منذ غضب على ابليس إلى الان سجدا غير واقفين إلى مواقفهم فعلم ان ما ذكرته وفهمته خطاء والحديث على تقدير صحته محمول على ان المراد بغضبه سبحانه إنزال العذاب وبوجدان الحملة ثقل العرش اطلاعهم عليه بظهور مقدماته وأسبابه وبسجودهم خضوعهم وخشوعهم له سبحانه خشية وخوفا من عذابه فإذا انتهى نزول العذاب وظهرت مقدمات رحمته اطمأنوا ورغبوا في طلب رحمته ثم بعد الزامه عليه السلام بذلك شرع في الاستدلال على تنزيهه سبحانه مما فهمه فقال: كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال وهو من صفات المخلوقات والممكنات. (آت) [ * ]

[ 132 ]

على المخلوقين؟! سبحانه وتعالى، لم يزل مع الزائلين (1) ولم يتغير مع المتغيرين ولم يتبدل مع المتبدلين، ومن دونه يده وتدبيره، وكلهم إليه محتاج وهو غني عمن سواه. 3 – محمد بن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد الله، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل وعز: ” وسع كرسيه السماوات والارض ” فقال: يا فضيل كل شئ في الكرسي، السماوات والارض وكل شئ في الكرسي (2). 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة [ بن ميمون ] عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل وعز: ” وسع كرسيه السماوات والارض ” السماوات والارض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السماوات والارض؟ فقال: بل الكرسي وسع السماوات والارض والعرش، وكل شئ وسع الكرسي. (3) 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” وسع كرسيه السماوات والارض ” السماوات والارض وسعن الكرسي أو الكرسي وسع السماوات والارض؟ فقال: إن كل شئ في الكرسي. 6 – محمد [ بن يحيى ]، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: حملة العرش – والعرش: العلم ثمانية: أربعة منا وأربعة ممن شاء الله. (4) 7 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” وكان عرشه على


(1) لم يزل بضم الزاء من زال يزول وليس من الافعال الناقصة. (آت) (2) في توحيد الصدوق كذا: (يا فضيل السماوات والارض وكل شئ في الكرسي). (3) لعله سأل عن قراءه اهل البيت عليهم السلام. (4) عن الكاظم عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة كان حملة العرش: ثمانية اربعة من الاولين نوح وابراهيم وموسى وعيسى واربعة من الاخرين: محمد وعلى والحسن والحسين. (في) [ * ]

[ 133 ]

على الماء (1) ” فقال ما يقولون؟ قلت: يقولون: إن العرش كان على الماء والرب فوقه، فقال: كذبوا، من زعم هذا فقد صير الله محمولا ووصفه بصفة المخلوق ولزمه أن الشئ الذي يحمله أقوى منه، قلت: بين لي جعلت فداك؟ فقال: إن الله حمل دينه وعلمه الماء قبل أن يكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر، فلما أراد الله أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم: من ربكم؟ فأول من نطق: رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والائمة صلوات الله عليهم فقالوا: أنت ربنا، فحملهم العلم والدين، ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة ديني وعلمي وامنائي في خلقي وهم المسؤولون، ثم قال لبني آدم: أقروا لله بالربوبية ولهؤلاء النفر بالولاية والطاعة، فقالوا: نعم ربنا أقررنا، فقال الله للملائكة: أشهدوا. فقالت الملائكة شهدنا على ان لا يقولوا غدا: ” إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ” يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق. (باب الروح) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن الاحول قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الروح التي في آدم عليه السلام، قوله: ” فإذا سويته ونفخت فيه من روحي (2) “؟: قال: هذه روح مخلوقة والروح التي في عيسى مخلوقة. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة، عن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله الله عز وجل: ” وروح منه ” قال: هي روح الله مخلوقة خلقها الله في آدم وعيسى. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” ونفخت فيه من روحي ” كيف هذا النفخ؟ فقال: إن الروح متحرك كالريح وإنما سمي روحا لانه اشتق اسمه من الريح وإنما أخرجه عن لفظة الريح، لان الارواح


(1) هود: 8 (2) الحجر: 29. [ * ]

[ 134 ]

مجانسة الريح وإنما أضافه إلى نفسه لانه اصطفاه على سائر الارواح، كما قال لبيت من البيوت: بيتي، ولرسول من الرسل: خليلي، وأشباه ذلك وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبر. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن بحر، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عما يروون أن الله خلق آدم على صورته، فقال هي: صورة، محدثة، مخلوقة واصطفاها الله واختارها على سائر الصور المختلفة، فأضافها إلى نفسه، كما أضاف الكعبة إلى نفسه، والروح إلى نفسه، فقال: ” بيتي “، ” ونفخت فيه من روحي “. (باب جوامع التوحيد) 1 – محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا رفعاه إلى أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية، فلما حشد الناس (1) قام خطيبا، فقال: الحمد لله الواحد الاحد الصمد المتفرد الذي (2) لا من شئ كان، ولا من شئ خلق ما كان، قدرة (3) بان بها من الاشياء وبانت الاشياء منه، فليست له صفة تنال ولا حد تضرب له فيه الامثال، كل دون صفاته (4) تحبير اللغات وضل هناك تصاريف الصفات وحار في ملكوته (5) عميقات مذاهب التفكير، وانقطع دون الرسوخ في علمه جوامع التفسير


(1) أي جمع وفى بعض النسخ بالراء بمعناه. (2) أي في الخلق والتدبير أو بسائر الكمالات، ولا من شئ خلق: أي ليس احداثه للاشياء موقوفا على مادة أو شئ ليس هو موجده. (آت) (3) قوله: (قدرة) أي له قدرة أو هو عين القدرة. وفى التوحيد قدرته. (آت) (4) أي وهن دون صفاته قبل الوصول إليها، والتحبير التزيين والحبرة المبالغة فيما وصف بالجميل، وضل هناك تصاريف الصفات: أي لم يهتد إليه وصف الواصفين بأنحاء تصاريفهم الصفات (في) (5) ملكوت فعلوت من الملك وقد يخص بعالم الغيب وعالم المجردات والملك بعالم الشهادة و عالم الماديات، وافكر في شئ وفكر فيه وتفكر بمعنى: أي تحير في ادراك حقائق ملكوته وخواصها وآثارها وكيفية نظامها وصدورها عنه تعالى الافكار العميقة الواقعة في مذاهب التفكير العميقة. (آت) [ * ]

[ 135 ]

وحال دون غيبه المكنون حجب من الغيوب (1)، تاهت في أدنى أدانيها طامحات العقول في لطيفات الامور. فتبارك الله الذي لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن وتعالى الذي ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود، سبحان الذي ليس له أول مبتدا ولا غاية منتهى ولا آخر يفنى، سبحانه هو كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته، وحد الاشياء كلها عند خلقه، إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها، لم يحلل فيها فيقال: هو فيها كائن ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن ولم يخل منها فيقال له: أين، لكنه سبحانه أحاط بها علمه وأتقنها صنعه وأحصاها حفظه، لم يعزب عنه خفيات غيوب الهواء ولا غوامض مكنون ظلم الدجى ولا ما في السماوات العلى إلى الارضين السفلى، لكل شئ منها حافظ ورقيب وكل شئ منها بشئ محيط، والمحيط بما أحاط منها. الواحد الاحد الصمد الذي لا يغيره صروف الازمان ولا يتكأده (2) صنع شئ كان، إنما قال لما شاء: كن فكان، ابتدع ما خلق بلا مثال سبق ولا تعب ولا نصب وكل صانع شئ فمن شئ صنع والله لا من شئ صنع ما خلق وكل عالم فمن بعد جهل تعلم والله لم يجهل ولم يتعلم أحاط بالاشياء علما قبل كونها، فلم يزدد بكونها علما، علمه بها قبل ان يكونها كعلمه بعد تكوينها، لم يكونها لتشديد سلطان ولا خوف من زوال ولا نقصان ولا استعانة على ضد مناو، ولا ند مكاثر، ولا شريك مكابر، لكن خلائق مربوبون وعباد داخرون (3). فسبحان الذي لا يؤوده خلق ما ابتدأ ولا تدبير ما برأ، ولا من عجز ولا من فترة


(1) دون غيبه أي قبل الوصول إلى غيبه، والتيه الحيرة، والضمير في أدانيها راجع إلى الحجب: والطامح المرتفع وطامحات العقول العقول المرتفعة ولا يبلغه بعد الهمم أي الهمم البعيدة والهمة العزم الجازم وبعدها تعلقها بالامور العلية دون محقراتها أي لا تبلغه النفوس ذوات الهمم البعيدة وان امعنت في الطلب كنه حقيقتها قدم الصفة للعناية بها، واستعار وصف الغوص لتعمق الافهام الثاقبة في مجارى صفات جلاله التى لا قرار لها ولا غاية واعتبار نعوت كماله التى لا تقف عند حد ونهاية، ووقعت معدود أي داخل في العد ولا نعت محدود أي ليس لما يعتبره عقولنا من الصفات نهاية معقولة تكون حدا لها عند خلقه أي عند تقديره وايجاده. (في) (2) من باب التفعل أي لا يثقله. (3) مناو: أي معاد وفى التوحيد مثاور أي مواثب، داخرون أي صاغرون، لا يؤوده أي لا يثقله (في) [ * ]

[ 136 ]

بما خلق اكتفى، علم ما خلق وخلق ما علم، لا بالتفكير في علم حادث أصاب ما خلق، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، لكن قضاء مبرم وعلم محكم وأمر متقن، توحد بالربوبية وخص نفسه بالوحدانية واستخلص بالمجد والثناء وتفرد بالتوحيد والمجد والسناء وتوحد بالتحميد وتمجد بالتمجيد وعلا عن اتخاذ الابناء وتطهر وتقدس عن ملامسة النساء وعز وجل عن مجاورة الشركاء، فليس له فيما خلق ضد ولا له فيما ملك ند ولم يشركه في ملكه أحد، الواحد الاحد الصمد المبيد للابد (1) والوارث للامد، الذي لم يزل ولا يزال وحدانيا أزليا، قبل بدء الدهور وبعد صروف الامور، الذي لا يبيد ولا ينفد، بذلك أصف ربي فلا إله إلا الله، من عظيم ما أعظمه؟! ومن جليل ما أجله؟! ومن عزيز ما أعزه؟! وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وهذه الخظبة من مشهورات خطبه عليه السلام حتى لقد ابتذلها العامة (2) وهي كافية لمن طلب على التوحيد إذا تدبرها وفهم ما فيها، فلو اجتمع ألسنة الجن والانس ليس فيها لسان نبي على أن يبينوا التوحيد بمثل ما أتى به – بأبي وامي – ما قدروا عليه و لولا إبانته عليه السلام ما علم الناس كيف يسلكون سبيل التوحيد، ألا ترون إلى قوله: ” لا من شئ كان ولا من شئ خلق ما كان ” فنفى بقوله ” لا من شئ كان ” معنى الحدوث، وكيف أوقع على ما أحدثه صفة الخلق والاختراع بلا أصل ولا مثال، نفيا لقول من قال: إن الاشياء كلها محدثة بعضها من بعض وإبطالا لقول الثنوية الذين زعموا أنه لا يحدث شيئا إلا من أصل ولا يدبر إلا باحتذاء مثال، فدفع عليه السلام بقوله: ” لا من شئ خلق ما كان ” جميع حجج الثنوية وشبههم، لان أكثر ما يعتمد الثنوية (3) في حدوث العالم أن يقولوا لا يخلو من أن يكون الخالق خلق الاشياء من شئ أو من لا شئ فقولهم: من شئ خطأ وقولهم من لا شئ مناقضة وإحالة، لان ” من ” توجب شيئا ” ولا شئ ” تنفيه، فأخرج أمير المؤمنين عليه السلام هذه اللفظة على أبلغ الالفاظ وأصحها فقال: لا من شئ خلق ما كان، فنفى ” من ” إذ كانت


(1) أي المهلك للدهر. وفى بعض النسخ [ المؤبد للابد ]. (2) أي اشتهرت بينهم فكأنها صارت مبتذلة، (ولولا ابانته) أي تمييزه الحق عن الباطل. (3) لعل المراد بالثنوية غير المصطلح من القائلين بالنور والظلمة بل القائلين بالقدم وانه لا يوجد شئ الا عن مادة، لان قولهم بمادة قديمة إثبات لاله آخر إذ لا يعقل التأثير في التقديم. (آت). [ * ]

[ 137 ]

توجب شيئا ونفى الشئ إذ كان كل شئ مخلوقا محدثا لا من أصل أحدثه الخالق، كما قالت الثنوية: إنه خلق من أصل قديم، فلا يكون تدبير إلا باحتذاء مثال. ثم قوله عليه السلام: ” ليست له صفة تنال ولاحد تضرب له فيه الامثال، كل دون صفاته تحبير اللغات ” فنفى عليه السلام أقاويل المشبهة حين شبهوه بالسبيكة والبلورة وغير ذلك من أقاويلهم من الطول والاستواء وقولهم: ” متى ما لم تعقد القلوب منه على كيفية ولم ترجع إلى إثبات هيئة لم تعقل شيئا فلم تثبت صانعا ” ففسر أمير المؤمنين عليه السلام أنه واحد بلا كيفية وأن القلوب تعرفه بلا تصوير ولا إحاطة. ثم قوله عليه السلام: ” الذي لا يبلغه بعد الهمم ولا يناله غوص الفطن وتعالى الذي ليس له وقت معدود ولا أجل ممدود ولا نعت محدود “، ثم قوله عليه السلام: ” لم يحلل – في الاشياء – فيقال: هو فيها كائن ولم ينأ عنها فيقال: هو منها بائن ” فنفى عليه السلام بهاتين الكلمتين صفة الاعراض والاجسام لان من صفة الاجسام التباعد والمباينة ومن صفة الاعراض الكون في الاجسام بالحلول على غير مماسة، ومباينة الاجسام على تراخي المسافة. ثم قال عليه السلام: ” لكن أحاط بها علمه وأتقنها صنعه ” أي هو في الاشياء بالإحاطة والتدبير وعلى غير ملامسة. 2 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي ابن أبي حمزة، عن إبراهيم (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك اسمه وتعالى ذكره وجل ثناؤه، سبحانه وتقدس ونفرد وتوحد ولم يزل ولا يزال وهو الاول والآخر و الظاهر والباطن فلا أول لاوليته، رفيعا في أعلى علوه، شامخ الاركان، رفيع البنيان عظيم السلطان، منيف الآلاء، سني العلياء، الذي عجز الواصفون عن كنه صفته، ولا يطيقون حمل معرفة إلهيته، ولا يحدون حدوده، لانه بالكيفية لا يتناهى إليه. 3 – علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن، عن عبد الله ابن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني قال: ضمني وأبا الحسن عليه السلام (2)


(1) ابراهيم هذا يحتمل الصيقل والكرخي والبصرى. (2) يعنى ابا الحسن الثاني عليه السلام كما يظهر من العيون أو الثالث كما يظهر من كشف الغمة وغيره. [ * ]

[ 138 ]

الطريق في منصرفي من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق، فسمعته يقول: من اتقى الله يتقى ومن أطاع الله يطاع، فتلطفت الوصول إليه، فوصلت فسلمت عليه، فرد علي السلام ثم قال: يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق ومن أسخط الخالق فقمن (2) أن يسلط الله عليه سخط المخلوق وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه و أنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه والاوهام أن تناله والخطرات أن تحده والابصار عن الاحاطة به، جل عما وصفه الواصفون وتعالى عما ينعته الناعتون، نأى في قربه وقرب في نأيه فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال: كيف؟ وأين الاين فلا يقال: أين؟ إذ هو منقطع الكيفوفية والاينونية. 4 – محمد بن أبي عبد الله رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام يخطب على منبر الكوفة إذ قام إليه رجل يقال له ذعلب (3) ذو لسان بليغ في الخطب، شجاع القلب، فقال: يا أمير المؤمنين هل رأيت ربك؟ قال: ويلك يا ذعلب ما كنت أعبد ربا لم أره، فقال: يا أمير المؤمنين كيف رأيته؟ قال: ويلك يا ذعلب لم تره العيون بمشاهدة الابصار (4) ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان ويلك يا ذعلب! إن ربي لطيف اللطافة (5) لا يوصف باللطف، عظيم العظمة لا يوصف بالعظم، كبير الكبرياء لا يوصف بالكبر، جليل الجلالة لا يوصف بالغلظ، قبل كل شئ، لا يقال شئ قبله، وبعد كل شئ، لا يقال له بعد، شاء الاشياء لا بهمة، دراك لا بخديعة (5) في الاشياء كلها غير متمازج بها ولا بائن منها، ظاهر لا بتأويل المباشرة، متجل لا باستهلال رؤية، ناء لا بمسافة، قريب لا بمداناة، لطيف


(1) يتقى أي يخافه كل شئ. فتلطفت أي ذهبت إليه بحيث لم يشعر به احد، يقال: لطف فلان في مذهبه أي لم يدر احد مذهبه لغموضه. (2) القمن: الخليق والجدير. (3) بكسر المعجمة واسكان المهملة بعدها ثم اللام المكسورة قبل الموحدة. (4) اضافة المشاهدة إلى الابصار اما بيانية أو تصحيحية. (5) اللطيف النافذ في الاشياء الممتنع من ان يدرك وايضا العالم بدقائق المصالح وغوامضها السالك في ايصالها إلى المستصلح سبيل الرفق دون العنف واضافته إلى اللطافة مبالغة في اللطف (لا يوصف باللطف) أي اللطف الذى من صفات الاجسام وهو الصغر والدقة والقلة والنحافة ورقة القوام ونحوها وكذلك العظم المنفى ونظائره (في) (6) كأنه اراد به انه سبحانه عالم بما في الضمائر والمكامن من غير مكر وحيلة يتوسل بهما إلى الوصول إلى ذلك كما قد يفعله بعض الناس. (في) [ * ]

[ 139 ]

لا بتجسم، موجود لا بعد عدم، فاعل لا باضطرار، مقدر لا بحركة مريد لا بهمامة سميع لا بآلة، بصير لا بأداة، لا تحويه الاماكن ولا تضمنه الاوقات ولا تحده الصفات ولا تأخذه السنات، سبق الاوقات كونه والعدم وجوده والابتداء أزله، بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له (1) وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له وبمضادته بين الاشياء عرف ان لا ضد له وبمقارنته بين الاشياء عرف ان لا قرين له، ضاد النور بالظلمة واليبس بالبلل والخشن باللين والصرد بالحرور (2)، مؤلف بين متعادياتها ومفرق بين متدانياتها، دالة بتفريقها على مفرقها وبتأليفها على مؤلفها وذلك قوله تعالى: ” ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون (3) ” ففرق بين قبل و بعد ليعلم أن لا قبل له ولا بعد له، شاهدة بغرائزها أن لا غريزة لمغرزها، مخبرة بتوقيتها أن لا وقت لموقتها، حجب بعضها عن بعض ليعلم أن لا حجاب بينه وبين خلقه كان ربا إذ لا مربوب وإلها إذ لا مألوه وعالما إذ لا معلوم وسميعا إذ لا مسموع. 5 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن شباب الصيرفي واسمه محمد بن الوليد، عن علي ابن سيف بن عميرة قال: حدثني إسماعيل بن قتيبة قال: دخلت أنا وعيسى شلقان (4) على أبي عبد الله عليه السلام فابتدأنا فقال: عجبا لاقوام يدعون على أمير المؤمنين عليه السلام ما لم يتكلم به قط، خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس بالكوفة فقال: الحمد لله الملهم عباده حمده وفاطرهم على معرفة ربوبيته، الدال على وجوده بخلقه وبحدوث خلقه على أزله وباشتباههم على أن لا شبه له، المستشهد بآياته على قدرته، الممتنعة من الصفات ذاته ومن الابصار رؤيته ومن الاوهان الاحاطة به، لا أمد لكونه (5) ولا غاية لبقائه، لا تشمله


(1) أي بايجادها وافاضة وجوداتها وكونها ممكنة بوجوده، بالايجاد عرف انها مخلوقة ولا يستكمل بها ولا يكون مناط علمه الذاتي فلا يكون مشاعر له، وبتجهره الجواهر أي بتحقيق حقائقها عرف انها ممكنة وكل ممكن محتاج إلى مبدء فمبدء المبادى لا يكون حقيقة من هذه الحقائق. (رف) (2) الصرد البرد فارسي معرب (سرد). (3) الذاريات: 49 والغرائز: الطبائع. (4) شلقان بفتح المعجمة واللام ثم القاف لقب عيسى بن ابى منصور، ما لم يتكلم به قط كأنه عليه السلام اراد بذلك شيئا من الغلو أو عن تشبيه الله تعالى وادعاه الوهيته وامثال ذلك. (5) لان كونه وجود صرف متمجد عن الليالى والايام والشهور والاعوام والحدود والانات والاوقات والساعات، ولا غاية لبقائه لان بقاءه بقاء حقيقي متقدس عن الاستمرار الامتدادي و الكون الزمانى. (في) [ * ]

[ 140 ]

المشاعر ولا تحجبه الحجب، والحجاب بينه وبين خلقه خلقه إياهم، لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ولامكان (1) مما يمتنع منه، ولافتراق الصانع من المصنوع، والحاد من المحدود، والرب من المربوب، الواحد بلا تأويل عدد (2) والخالق لا بمعنى حركة والبصير لا بأداة والسميع لا بتفريق آلة والشاهد لا بمماسة والباطن لا باجتنان (3) والظاهر البائن لا بتراخي مسافة، أزله نهية لمجاول الافكار ودوامه ردع لطامحات العقول قد حسر كنهه نوافذ الابصار وقمع وجوده جوائل الاوهام، فمن وصف الله فقد حده ومن حده فقد عده ومن عده فقد أبطل أزله ومن قال: أين؟ فقد غياه ومن قال: علام؟ فقد أخلا منه ومن قال فيم؟ فقد ضمنه. 6 – ورواه محمد بن الحسين، عن صالح بن حمزة، عن فتح بن عبد الله مولى بني هاشم قال: كتبت إلى أبي إبراهيم عليه السلام أسأله عن شئ من التوحيد، فكتب إلي بخطه: الحمد لله الملهم عباده حمده – وذكره مثل ما رواه سهل بن زياد إلى قوله -: و قمع وجوده جوائل الاوهام – ثم زاد فيه -: أول الديانة به معرفته وكمال معرفته توحيده وكمال توحيده نفي الصفات عنه، بشهادة كل صفة أنها غير الموصوف وشهادة الموصوف أنه غير الصفة وشهادتهما جميعا بالتثنية الممتنع منه الازل (4)، فمن وصف الله فقد حده ومن حده فقد عده، ومن عده فقد أبطل أزله ومن قال: كيف؟ فقد استوصفه ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه ومن قال على م؟ فقد جهله ومن قال:


(1) ولامكان – بالتنوين بحذف المضاف إليه – أي لامكان ذواتهم وفى توحيد الصدوق هكذا (ولا مكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته) وهو الصواب وكان اللفظتين سقطتا من قلم النساخ (في) (2) بلا تأويل عدد بأن يكون له تعالى ثان من نوعه أو يكون مركبا فيطلق عليه الواحد بتأويل انه واحد من نوع مثلا، (ولا بمعنى حركة) أي جسمانية أو نفسانية، ولا بتفريق آلة أي لا بآلة مغايرة لذاته أو بادخال شئ فيها فانه يتضمن التفريق وفى التوحيد (السميع لا باداة البصر البصير لا بتفريق آلة). (آت) (3) الاجتنان الاستتار أي انه باطن بمعنى ان العقول والافهام لا تصل إلى كنهه لا باستثاره بستر وحجاب أو علم البواطن لا بالدخول فيها والاستتار بها، والنهية بضم النون وسكون الهاء وفتح الياء اسم من نهاه ضد امره، والمجاول بالجيم جمع مجول بفتح الميم وهو مكان الجولان أو زمانه أو مصدر، والردع المنع: والقمع: القلع، والجوائل جمع جائل أو جائلة من الجولان. (آت) (4) في بعض النسخ [ الممتنعة من الازل ]. [ * ]

[ 141 ]

أين؟ فقد أخلا منه، ومن قال ما هو؟ فقد نعته ومن قال: إلى م؟ فقد غاياه، عالم إذ لا معلوم وخالق إذ لا مخلوق ورب إذ لا مربوب وكذلك يوصف ربنا وفوق ما يصفه الواصفون. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أحمد بن النضر وغيره، عمن ذكره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه، عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث الاعور قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكره من تعظيم الله جل جلاله، قال أبو إسحاق: فقلت للحارث: أو ما حفظتها؟ قال: قد كتبتها فأملاها علينا من كتابه: الحمد الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لانه كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن، الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا ولم يولد فيكون موروثا هالكا، ولم تقع عليه الاوهام فتقدره شبحا ماثلا ولم تدركه الابصار فيكون بعد انتقالها حائلا (1)، الذي ليست في أوليته نهاية ولا لآخريته حد ولا غاية، الذي لم يسبقه وقت ولم يتقدمه زمان، ولا يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولا يوصف بأين ولا بم (2) ولا مكان، الذي بطن من خفيات الامور وظهر في العقول بما يرى في خلقه من علامات التدبير، الذي سئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا ببعض، بل وصفته بفعاله ودلت عليه بآياته، لا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لان من كانت السماوات والارض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته، الذي نأى من الخلق فلا شئ كمثله، الذي خلق خلقه لعبادته وأقدرهم على طاعته، بما جعل فيهم وقطع عذرهم بالحجج، فعن بينة هلك من هلك وبمنه نجا من نجا ولله الفضل مبدءا ومعيدا، ثم إن الله وله الحمد افتتح الحمد لنفسه وختم أمر الدنيا ومحل الآخرة (3) بالحمد لنفسه، فقال: وقضى بينهم بالحق، وقيل: الحمد لله رب العالمين.


(1) حائلا من حال الشئ يحول إذا تغير عن حاله. (2) أي لا يوصف بما هو بل يوصف بفعاله كما قال الخليل: (ربى الذى يحيى ويميت) وكما قال الكليم: (رب السماوات والارض وما بينهما). (3) محل الاخرة مصدر ميمى أي حلولها والاخرة عبارة عن القرار في الجنة أو النار وحلولها انما يكون عند الفراغ من القضاء بين الخلائق الذى هو من امر الدنيا، فختم الدنيا وحلول الاخرة كلاهما انما يكونان بالحمد المقول بعد الفراغ من القضاء بينهم ولهذا فرع عليه السلام عليه ذكر الاية بقوله: وقيل الايه. (في) [ * ]

[ 142 ]

الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد (1) والمرتدي بالجلال بلا تمثيل والمستوي على العرش بغير زوال والمتعالي على الخلق بلا تباعد منهم ولا ملامسة منه لهم، ليس له حد ينتهى إلى حده ولا له مثل فيعرف بمثله، ذل من تجبر غيره، وصغر من تكبر دونه وتواضعت الاشياء لعظمته وانقادت لسلطانه وعزته وكلت عن إدراكه طروف العيون، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق، الاول قبل كل شئ ولا قبل له والآخر بعد كل شئ ولا بعد له، الظاهر على كل شئ بالقهر له والمشاهد لجميع الاماكن بلا انتقال إليها، لا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة، هو الذي في السماء إله وفي الارض إله وهو الحكيم العليم، أتقن ما أراد من خلقه من الاشباح كلها، لا بمثال سبق إليه ولا لغوب (1) دخل عليه في خلق ما خلق لديه، ابتدأ ما أراد ابتداءه وأنشأ ما أراد إنشاءه على ما أراد من الثقلين الجن والانس، ليعرفوا بذلك ربوبيته وتمكن فيهم طاعته. نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها، ونستهديه لمراشد امورنا ونعوذ به من سيئات أعمالنا، ونستغفره للذنوب التي سبقت منا، ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، بعثه بالحق نبيا دالا عليه وهاديا إليه، فهدى به من الضلالة واستنقذنا به من الجهالة، من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما و نال ثوابا جزيلا ومن يعص الله ورسوله فقد خسر خسرانا مبينا واستحق عذابا اليما فأنجعوا (2) بما يحق عليكم من السمع والطاعة وإخلاص النصيحة وحسن المؤازرة (3) وأعينوا على أنفسكم بلزوم الطريقة المستقيمة وهجر الامور المكروهة، وتعاطوا الحق بينكم وتعاونوا به دوني، وخذوا على يد الظالم السفيه، ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر، واعرفوا لذوي الفضل فضلهم، عصمنا الله وإياكم بالهدى وثبتنا وإياكم على التقوى وأستغفر الله لي ولكم.


(1) في بعض النسخ [ تجسد ] (2) اللغوب: التعب. (2) انجعوا من قولهم انجع أي افلح أي افلحوا بما يجب عليكم من السمع والطاعة. (آت) وفى بعض النسخ بالباء الموحدة ثم الخاء المعجمة (أبخعوا) أي فبالغوا في اداء ما يجب عليكم، دوني: أي من غير مراجعة إلى في كل امر امر (في) (4) الموازرة: المعاونة أي المعاونة الحسنة على الحق، واعينوا على انفسكم أي على اصلاحها وذللوها واقهروها فالمراد النفس الامارة بالسوء وفى توحيد الصدوق (أعينوا أنفسكم) أي على الشيطان. (آت) [ * ]

[ 143 ]

(باب النوادر) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن النعمان، عن سيف ابن عميرة، عمن ذكره، عن الحارث بن المغيرة النصري قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: ” كل شئ هالك إلا وجهه (1) “: فقال: ما يقولون فيه؟ قلت: يقولون: يهلك كل شئ إلا وجه الله فقال: سبحان الله لقد قالوا قولا عظيما، إنما عني بذلك وجه الله الذي يؤتى منه. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” كل شئ هالك إلا وجهه ” قال: من أتى الله بما امر به من طاعة محمد صلى الله عليه وآله فهو الوجه الذي لا يهلك و كذلك قال: ومن يطع الرسول فقد أطاع الله (2) “. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام النحاس، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نحن المثاني (3) الذي أعطاه الله نبينا محمدا صلى الله عليه وآله ونحن وجه الله نتقلب في الارض بين أظهركم ونحن عين الله في خلقه ويده المبسوطة بالرحمة على عباده، عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا وإمامة المتقين (4). 4 – الحسين بن محمد الاشعري ومحمد بن يحيى جميعا، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” ولله الاسماء


(1) القصص: 88. (2) النساء: 79. (3) اشارة إلى قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم) والمثاني جمع مثناة من التثنية أو جمع من الثناء قال الصدوق رحمه الله معنى قوله: نحن المثانى أي نحن الذين قرننا النبي صلى الله عليه وآله إلى القرآن واوصى بالتمسك بالقرآن وبنا، واخبر امته انا لا نفرق حتى نرد عليه حوضه إنتهى. وإنما كانوا عليه السلام عين الله لان الله سبحانه بهم ينظر إلى عباده نظر الرحمة ويده لانه بهم يربيهم. (في) (4) وامامة بالنصب عطفا على ضمير المتكلم في جهلنا ثانيا أي جهلنا وجهل امامة المتقين وفى التوحيد (أمامه اليقين) أي الموت على التهديد أو المراد انه يتيقن بعد الموت ورفع الشبهات. (آت) [ * ]

[ 144 ]

الحسنى فادعوه بها ” قال: نحن والله الاسماء الحسنى (1) التي لا يقبل الله من العباد عملا إلا بمعرفتنا. 5 – محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن الحسين بن الحسن، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن سعيد، عن الهيثم بن عبد الله، عن مروان بن صباح قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله خلقنا فأحسن صورنا وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق (2) في خلقه ويده المبسوطة على عباده، بالرأفة والرحمة ووجهه الذي يؤتى منه وبابه الذي يدل عليه وخزانه في سمائه وأرضه (3)، بنا أثمرت الاشجار وأينعت الثمار، وجرت الانهار وبنا ينزل غيث السماء وينبت عشب الارض وبعبادتنا عبد الله ولولا نحن ما عبد الله. 6 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” فلما آسفونا انتقمنا منهم (4) ” فقال: إن الله عز وجل لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه، لانه جعلهم الدعاة إليه والادلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك وليس أن ذلك يصل إلى خلقه، لكن هذا معنى ما قال من ذلك وقد قال: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها ” وقال ” من يطع الرسول فقد أطاع الله (5) ” وقال: ” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم (6) ” فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من


(1) كما ان الاسم يدل على المسمى ويكون علامة له كذلك هم عليهم السلام أدلاء على الله يدلون الناس عليه سبحانه وهم علامة لمحاسن صفاته وافعاله وآثاره. (في) (2) لما كان اللسان يعبر عما في الضمير يبين ما اراد الانسان اضهاره اطلق عليهم عليه السلام لسان الله لانهم المعبرون عن الله مبينين حلاله وحرامه ومعارفه وسائر ما يريد بيانه للخلق وبابه الذى يدل عليه وانما سموا ابواب الله لانه لابد لمن يريد معرفته سبحانه وطاعته من ان يأتيهم ليدلوه عليه و على رضاه (آت) (3) وخزانه في سمائه وارضه حيث انه عندهم مفاتيح الخبر من العلوم والاسماء الحسنى التى بها ينفتح ابواب الحود على العالمين. (رف) وبهم اثمرت الاشجار واينعت الثمار لكونهم المقصودين من الوجود والايجاد. (في). و (بعبادتنا عبد الله) أي بمعرفتنا وعبادتنا اياه تعالى التى نعرفه ونعبده ونهدى عباده إليها ونعلمها اياهم عبد الله. (4) الزخرف. 55 (5) النساء: 79. (6) الفتح: 10. [ * ]

[ 145 ]

الاشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى الله الاسف والضجر، وهو الذي خلقهما وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد يوما ما، لانه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغيير، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الابادة، ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه، ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا، بل هو الخالق للاشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم إن شاء الله تعالى. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن محمد بن حمران عن أسود بن سعيد قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأنشأ يقول ابتداء منه من غير أن أسأله: نحن حجة الله، ونحن باب الله، ونحن لسان الله، ونحن وجه الله، ونحن عين الله في خلقه، ونحن ولاة أمر الله في عباده. 8 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حسان الجمال قال: حدثني هاشم بن أبي عمارة الجنبي قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: أنا عين يا لله، وأنا يد الله، وأنا جنب الله، وأنا باب الله. 9 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن عمه حمزة بن بزيع، عن علي بن سويد، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام في قول الله عز وجل: ” يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله (1) ” قال: جنب الله: أمير المؤمنين عليه السلام وكذلك ما كان بعده من الاوصياء بالمكان الرفيع إلى أن ينتهي الامر إلى آخرهم (2). 10 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن علي بن الصلت، عن الحكم وإسماعيل إبني حبيب، عن بريد العجلي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: بنا عبد الله، وبنا عرف الله، وبنا وحد الله تبارك وتعالى، ومحمد حجاب الله تبارك وتعالى (3).


(1) الزمر: 55. (2) الجنب القرب وقوله: يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) أي في قرب الله وجواره ومنه قوله تعالى: (والصاحب بالجنب) وهو الرفيق في السفر الذى يصحب الانسان، وكنى عنه بالجنب لكونه قريبا منه ملاصقا له واول الجنب بعلى عليه السلام لشدة قربه من الله تعالى وكذا الائمة الهادون من ولده عليهم السلام فانهم من أكمل افراد المقربين. (3) يعنى بسبب تعليمنا وارشادنا للناس وكوننا بينهم وبين الله يعبدونه ويعرفونه، ومحمد حجاب الله يعنى انه متوسط بينه وبين عباده به يصل الرحمة والهداية من الله إلى عباده (في). [ * ]

[ 146 ]

11 – بعض أصحابنا، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الوهاب بن بشر، عن موسى ابن قادم، عن سليمان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ” قال: إن الله تعالى أعظم وأعز وأجل وأمنع من أن يظلم ولكنه خلطنا بنفسه، فجعل ظلمنا ظلمه، وولايتنا ولايته، حيث يقول: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ” يعني الائمة منا. ثم قال في موضع آخر: ” وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ” ثم ذكر مثله. (باب البداء) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن أبي إسحاق ثعلبة، عن زرارة بن أعين، عن أحدهما عليهما السلام قال: ما عبد الله بشئ مثل البداء. وفي رواية ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام ما عظم الله بمثل البداء (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبى عبد الله عليه السلام قال في هذه الآية: ” يمحو الله ما يشاء ويثبت “


(1) البداء من الاوصاف التى ربما تتصف بها افعالنا الاختيارية من حيث صدورها عنا بالعلم و الاختيار فانا لا نريد شيئا من افعالنا الاختيارية الا بمصلحة داعية إلى ذلك تعلق بها علمنا وربما تعلق العلم بمصلحة فقصدنا الفعل ثم تعلق العلم بمصلحة اخرى توجب خلاف المصلحة الاولى فحينئذ نريد خلاف ما كنا نريده قبل وهو الذى نقول بدا لنا ان نفعل كذا أي ظهر لنا بعد ما كان خفيا عنا كذا والبداء الظهور فالبداء ظهور ما كان خفيا من الفعل لظهور ما كان خفيا من العلم بالمصلحة ثم توسع في الاستعمال فاطلقنا البداء على ظهور كل فعل كان الظاهر خلافه، فيقال بدا له ان يفعل كذا أي ظهر من فعله ما كان الظاهر منه خلافه، ثم ان وجود كل موجود من الموجودات الخارجية له نسبة إلى مجموع علته التامة التى يستحيل معها عدم الشئ وعند ذلك يجب وجوده بالضرورة وله نسبة إلى مقتضيه الذى يحتاج الشئ في صدوره منه إلى شرط وعدم مانع فإذا وجدت الشرائط و عدمت الموانع تمت العلة التامة ووجب وجود الشئ وإذا لم يوجد الشرط أو وجد مانع لم يؤثر المقتضى اثره وكان التأثير للمانع وحينئذ يصدق البداء فان هذا الحادث إذا نسب وجوده إلى مقتضيه الذى كان يظهر بوجوده خلاف هذا الحادث كان موجودا ظهر من علته خلاف ما كان يظهر منها، ومن المعلوم ان علمه تعالى بالموجودات والحوادث مطابق لما في نفس الامر من وجودها فله تعالى علم بالاشياء من جهة عللها التامة وهو العلم الذى لا بداء فيه اصلا وله علم بالاشياء من جهة مقتضياتها التى موقوفة التأثير على وجود الشرائط وفقد الموانع وهذا العلم يمكن ان يظهر خلاف ما كان ظاهرا منه بفقد شرط أو وجود مانع وهو المراد بقوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) الاية (الطباطبائى). [ * ]

[ 147 ]

قال: فقال: وهل يمحى إلا ما كان ثابتا وهل يثبت إلا ما لم يكن؟. 3 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بعث الله نبيا حتى ياخذ عليه ثلاث خصال: الاقرار له بالعبودية، وخلع الانداد، وأن الله يقدم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” قضى أجلا و أجل مسمى عنده ” قال: هما أجلان: أجل محتوم وأجل موقوف. 5 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: ” أو لم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ” قال: فقال: لا مقدرا ولا مكونا، قال: وسألته عن قوله: ” هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ” فقال: كان مقدرا غير مذكور. 6 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: العلم علمان: فعلم عند الله مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه وعلم وملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله فإنه سيكون، لا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله، وعلم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء، ويؤخر منه ما يشاء، ويثبت ما يشاء. 7 – وبهذا الاسناد، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من الامور امور موقوفة عند الله يقدم منها ما يشاء ويؤخر منها ما يشاء. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن ابي عمير، عن جعفر ابن عثمان، عن سماعة، عن ابي بصير، ووهيب بن حفص، عن ابي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن لله علمين: علم مكنون مخزون، لا يعلمه إلا هو، من ذلك يكون البداء وعلم علمه ملائكته ورسله وأنبياءه فنحن نعلمه.


[ 148 ]

9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما بدا لله في شئ إلا كان في علمه قبل أن يبدو له. 10 – عنه، عن أحمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن داود بن فرقد، عن عمرو بن عثمان الجهني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله لم يبد له من جهل. 11 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن منصور بن حازم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله بالامس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله، قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟ قال: بلى قبل أن يخلق الخلق. 12 – علي، عن محمد، عن يونس، عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لو علم الناس ما في القول بالبداء من الاجر ما فتروا عن الكلام فيه. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن عمرو الكوفي أخي يحيى، عن مرازم بن حكيم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما تنبأ نبي قط، حتى يقر لله بخمس خصال: بالبداء والمشيئة والسجود والعبودية والطاعة. 14 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن محمد عن يونس، عن جهم ابن أبي جهمة، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل أخبر محمدا صلى الله عليه وآله بما كان منذ كانت الدنيا، وبما يكون إلى انقضاء الدنيا، وأخبره بالمحتوم من ذلك واستثنى عليه فيما سواه. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر وأن يقر لله بالبداء. 16 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد قال: سئل العالم عليه السلام كيف علم الله؟ قال: علم وشاء وأراد وقدر وقضى وأمضى، فأمضى ما قضى، وقضى ما قدر، وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشيئة، وبمشيئته كانت الارادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء، وبقضائه كان الامضاء، والعلم متقدم على المشيئة، والمشيئة


[ 149 ]

ثانية، والارادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء. فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء، وفيما أراد لتقدير الاشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء، فالعلم في المعلوم قبل كونه، والمشيئة في المنشأ قبل عينه، والاراده في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا ووقتا، والقضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات، ذوات الاجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس. فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء، والله يفعل ما يشاء، فبالعلم علم الاشياء قبل كونها، وبالمشيئة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها، وبالارادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها، وبالتقدير قدر أقواتها وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها، وبالامضاء شرح عللها وأبان أمرها وذلك تقدير العزيز العليم. (باب) * (في أنه لا يكون شئ في السماء والارض الا بسبعة) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد، جميعا عن فضالة بن أيوب عن محمد بن عمارة، عن حريز بن عبد الله وعبد الله بن مسكان جميعا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لا يكون شئ في الارض ولا في السماء إلا بهذه الخصال السبع: بمشيئة و إرادة وقدر وقضاء وإذن وكتاب وأجل، فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة فقد كفر. ورواه علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن حفص، عن محمد بن عمارة، عن حريز بن عبد الله وابن مسكان مثله. 2 – ورواه أيضا، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عن زكريا بن عمران، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: لا يكون شئ في السماوات ولا في الارض


[ 150 ]

إلا بسبع: بقضاء وقدر وإرادة ومشيئة وكتاب وأجل وإذن، فمن زعم غير هذا فقد كذب على الله، أو رد على الله عز وجل. (باب المشيئة والارادة) 1 – علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن إبراهيم الهاشمي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: لا يكون شئ إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، قلت: ما معنى شاء؟ قال ابتداء الفعل، قلت: ما معنى قدر؟ قال: تقدير الشئ من طوله وعرضه، قلت: ما معنى قضى؟ قال: إذا قضى أمضاه، فذلك الذي لا مرد له (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن أبان عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: شاء وأراد وقدر وقضى؟ قال: نعم، قلت: وأحب؟ قال: لا، قلت: وكيف شاء وأراد وقدر وقضى ولم يحب؟ قال: هكذا خرج إلينا (2). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن واصل بن سليمان، عن


(1) لا ريب ان لنا في افعالنا الاختيارية مشيئة وارادة وتقديرا وقضاء وهو الحكم البتى وحيث عد الله سبحانه الموجودات افعالا لنفسه صادرة عن علمه وقدرته لم يكن بد من أن نذعن في فعله بالجهات التى لا يخلو عنها فعل اختياري بما انه فعل اختياري، من المشيئة والارادة والتقدير والقضاء فالمشيئة والارادة هما معنى الذى لا بد في الفعل الاختياري من تحققه في نفس الفاعل منا بعد العلم وقبل الفعل وهذا المعنى من حيث ارتباطه بالفاعل يسمى مشيئة به ومن حيث ارتباطه بالفعل يسمى ارادة والتقدير تعيين مقدار الفعل من حيث تعلق المشيئة به والقضاء هو الحكم الاخير الذى لا واسطة بينه وبين الفعل، مثلا إذا قربنا نارا من قطن والنار مقتضية للاحتراق ينتزع من المورد مشيئة الاحراق، ثم بزيادة قربها ارادة الاحراق فانكان القطن مثلا مرطوبا لا يؤثر فيه النار كان ذلك بداء لظهور ما كان خفيا من الفعل وان كان يابسا لا مانع معه من الاحتراق كان ذلك قضاء وإمضاء وهو الاحتراق والاحراق، وبذلك يتحقق في كل حادث حدث عن اسبابه من حيث تهيؤ سببه وتمام التهيؤ وتحقق محل الفعل وتحقق آخر جزء من سببه مشيئة وإرادة وقدر وقضاه هو الامضاء والاجراء (الطباطبائى). (2) الحب حبان: حب تكويني يتعلق بوجود الشئ من حيث هو وجوده وحب تشريعي يتعلق بالشئ من حيث هو حسن جميل ولا يتعلق بالقبيح ابدا وكان عدم استعداد ذهن السائل عن ادراك الفرق بينهما استدعى إضرابه عليه السلام عن جواب سؤاله. (الطباطبائى) [ * ]

[ 151 ]

عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: أمر الله ولم يشأ، وشاء ولم يأمر، أمر إبليس أن يسجد لآدم وشاء أن لا يسجد، ولو شاء لسجد، ونهى آدم عن أكل الشجرة وشاء أن يأكل منها ولو لم يشأ لم يأكل. 4 – علي بن إبراهيم، عن المختار بن محمد الهمداني ومحمد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا، عن الفتح بن يزيد الجرجاني، عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن لله إرادتين ومشيئتين: إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى، وأمر إبراهيم أن يذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى (1). 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: شاء وأراد ولم يحب ولم يرض:


(1) للمشيئة والارادة انقسام إلى الارادة التكوينية الحقيقية والارادة التشريعية الاعتبارية فان ارادة الانسان التى تتعلق بفعل نفسه نسبة حقيقية تكوينية تؤثر في الاعضاء الانبعاث إلى الفعل ويستحيل معها تخلفها عن المطاوعة الا لمانع واما الارادة التى تتعلق منا بفعل الغير كما إذا امرنا بشئ أو نهينا عن شئ فانها ارداة بحسب الوضع والاعتبار، لا تتعلق بفعل الغير تكوينيا، فان ارادة كل شخص انما تتعلق بفعل نفسه من طريق الاعضاء والعضلات ومن هنا كانت ارادة الفعل أو الترك من الغير لا تؤثر في الفعل بالايجاد والاعدام، بل تتوقف على الارادة التكوينية من الغير بفعل نفسه حتى يوجد أو يترك عن اختيار فاعله لا عن اختيار آمره وناهيه، إذا عرفت ذلك علمت ان الارادتين يمكن ان تختلفا من غير ملازمة، كما ان المعتاد بفعل القبيح ربما ينهى نفسه عن الفعل بالتلقين وهو يفعل من جهة الزام ملكته الرذيلة الراسخة، فهو يشاء الفعل بارادة تكوينية ولا يشاؤه بارادة تشريعية ولا يقع الا ما تعلقت به الارادة التكوينية والارادة التكوينية هي التى يسميها عليه السلام بارادة حتم والتشريعية هي التى يسميها بارادة عزم. وارادته تعالى التكوينية تتعلق بالشئ من حيث هو موجود ولا موجود الا وله نسبة الايجاد إليه تعالى بوجوده بنحو يليق بساحة قدسه تعالى وارادته التشريعية تتعلق بالفعل من حيث انه حسن وصالح غير القبيح الفاسد فإذا تحقق فعل موجود قبيح، كان منسوبا إليه تعالى من حيث الارادة التكوينية بوجه ولو لم يرده لم يوجد، ولم يكن منسوبا إليه تعالى من حيث الارادة التشريعية، فان الله لا يأمر بالفحشاء. فقوله عليه السلام: ان الله نهى آدم عليه السلام عن الاكل وشاء ذلك وامر ابراهيم عليه السلام بالذبح ولم يشأه اراد بالامر والنهى التشريعيين منهما وبالمشيئة وعدمها التكوينيين منهما. واعلم ان الرواية مشتملة على كون المأمور بالذبح اسحاق دون اسماعيل وهو خلاف ما تظافرت عليه اخبار الشيعة. (الطباطبائى) [ * ]

[ 152 ]

شاء أن لا يكون شئ إلا بعلمه وأراد مثل ذلك ولم يحب أن يقال: ثالث ثلاثة، ولم يرض لعباده الكفر. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن ابى نصر قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام قال الله: [ يا ] ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا، بصيرا، قويا، ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك وذاك أني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني، وذاك أنني لا اسأل عما أفعل وهم يسألون. (باب الابتلاء والاختبار) 1 – على بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه مشيئة وقضاء وابتلاء. 2 – عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنه ليس شئ فيه قبض أو بسط مما أمر الله به أو نهى عنه إلا وفيه لله عز وجل ابتلاء وقضاء (1). (باب السعادة والشقاء) 1 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق السعادة والشقاء قبل أن يخلق خلقه فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا، وإن عمل شرا أبغض عمله ولم يبغضه، وإن كان شقيا لم يحبه أبدا وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب الله شيئا


(1) لما تحقق ان كل تكليف متعلق بقبض أو بسط ففيه ارادة تكوينية وارادة تشريعية والتشريع انما يتحقق بالمصلحة في الفعل أو الترك الاختياري فلا يخلو التشريع عن ابتلاء وامتحان ليظهر بذلك ما في كمون العبد من الصلاح والفساد بالاطاعة والمعصية، والارادة التكوينية لا يخلو من قضاء فما من تكليف الا وفيه ابتلاء وقضاء. (الطباطبائى) [ * ]

[ 153 ]

لم يبغضه أبدا وإذا أبغض شيئا لم يحبه أبدا (1) 2 – علي بن محمد رفعه، عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير قال: كنت بين يدي أبي عبد الله عليه السلام جالسا وقد سأله سائل فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم الله لهم في علمه بالعذاب على عملهم؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: أيها السائل حكم الله عز وجل لا يقوم له أحد من خلقه بحقه، فلما حكم بذلك وهب لاهل محبته القوة على معرفته، ووضع عنم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله، ووهب لاهل المعصية القوة على معصيتهم لسبق علمه فيهم ومنعهم إطاقة القبول منه فوافقوا (2) ما سبق لهم في علمه ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه، لان علمه أولى بحقيقة التصديق وهو معنى شاء ما شاء وهو سره.


(1) مما لا شك فيه ولا ريب ان التربية مؤثرة في الانسان في الجملة وعلى ذلك بناء عمل النوع الانساني في جميع ادوار حياته وانه يقرب بالتربية الجميلة إلى السعادة وبغيرها إلى غيرها بحسب ما يظن من معنى السعادة والشقاء وان ذلك بواسطة الافعال التى يرى الانسان تمكنه من فعلها وتركها (الافعال الاختيارية) فنسبة هذه الافعال إلى الانسان بالامكان (ممكن ان يفعل وان لا يفعل) وكذلك نسبة السعادة والشقاء (وهما نتيجتا تراكم الاوصاف النفسانية الحاصلة من هذه الافعال) إليه بالامكان، هذا والانسان احد أجزاء علة الفعل الصادر عنه كالاكل مثلا فان ارادة الانسان احد اجزاء العلة التى يمكن صدوره منه وإذا فرض مع ارادته وجود المادة وقرنها منه وصلاحية التناول وكذلك جميع ما يتوقف عليه وجوده من الشرائط وارتفاع الموانع من غير استثناء أصلا كان الفعل واجب الصدور ضروري الوجود (لا يمكن ان لا يقع) إذا عرفت هذا ظهر لك ان السعادة والشقاء اللذين يلحقان الانسان بواسطة افعاله االاختيارية إذا نسبا إلى الانسان فقط كانت النسبة فيها الامكان والاختيار وإذا نسبا إلى مجموع العلة التامة التى احد اجزائها الانسان كانت النسبة الضرورة والحتم وأنت تعلم ان القضاء هو علم الله الله تعالى وحكمه من جهة العلل التامة فمن هنا تعلم ان كل انسان مقضى في حقه السعادة أو الشقاء قضاء لا يرد ولا يبدل ولا ينافى ذلك امكان اختياره السعادة والشقاء، فقوله عليه السلام (ان الله خلق السعادة والشقاء قبل ان يخلق خلقه الخ) معناه انه تعالى علم ان العلل التامة ماذا يوجب في حق الانسان من سعادة وشقاء وحكم بذلك ولا ينافى ذلك كون الافعال اختيارية للانسان وكذا السعادة والشقاء اللاحقين له من جهة افعاله والله تعالى يحب الجميل ويبغض القبيح الشرير فمن كان سعيدا احب الله ذاته وان كان ربما يصدر عنه الفعل القبيح المبغوض ومن كان شقيا ابغض ذاته وان كانت ربما يصدر عنه الفعل الحسن المحبوب. وبهذا البيان يظهر معنى الروايتين التاليتين ايضا، فحكم الله تعالى وقضاؤه يتبع العلة التامة للشئ التى لا يتخلف عنه واما حكم الناس وقضاؤهم فيتبع علمهم الناقص ببعض جهات الشئ وشطرا من اجزاء علته الموجودة ولذلك ربما يتخلف فيختم لبعض من هو سعيد عندهم بالشقاء ولبعض من هو شقى عندهم بالسعادة. (الطباطبائى) (2) في بعض النسخ [ فواقعوا ]. [ * ]

[ 154 ]

3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي، عن معلى بن عثمان، عن على بن حنظلة، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: يسلك بالسعيد في طريق الاشقياء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه السعادة، وقد يسلك بالشقي طريق السعداء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم، بل هو منهم ثم يتداركه الشقاء إن من كتبه الله سعيدا وإن لم يبق من الدنيا إلا فواق ناقة ختم له بالسعادة. (باب الخير والشر) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن محبوب وعلي بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن مما أوحى الله إلى موسى عليه السلام وأنزل عليه في التوارة: أني أنا الله لا إله الا أنا، خلقت الخلق وخلقت الخير وأجريته على يدي من احب، فطوبى لمن أجريته على يديه وأنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الخلق وخلقت الشر وأجريته على يدي من اريده، فويل لمن أجريته على يديه (2). 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن في بعض ما أنزل الله من كتبه أني أنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الخير وخلقت الشر، فطوبى لمن أجريت على يديه الخير وويل لمن أجريت على يديه الشر وويل لمن يقول: كيف ذا وكيف ذا. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بكار بن كردم، عن مفضل بن عمر، وعبد المؤمن الانصاري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله عز وجل: أنا الله لا إله إلا أنا، خالق الخير والشر فطوبى لمن أجريت على يديه الخير و ويل لمن أجريت على يديه الشر وويل لمن يقول: كيف ذا وكيف هذا، قال يونس: يعني من ينكر هذا الامر بتفقه فيه.


(1) تظهر معنى الرواية من الرجوع إلى معنى الرواية الاولى من الباب السابق، فسعادة اهل السعادة مقضيا وهم محبوبون لله والخير جار على ايديهم باجراء الله وشقاء اهل الشقاء مقضى منه وهم غير محبوبين والشر جار على ايديهم بارادة من الله وان اتفق فعل شر من السعداء أو فعل خير من الاشقياء، لم يكن حب ذلك الفعل أو بغضه منافيا لبغض الذات أو حبه. (الطباطبائى) [ * ]

[ 155 ]

(باب) * (الجبر والقدر والامر بين الامرين) * 1 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمد وغيرهما رفعوه قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذ أقبل شيخ فجثا بين يديه (1)، ثم قال له: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر، فقال له الشيخ: عند الله أحتسب عنائي (2) يا أمير المؤمنين؟ فقال له: مه يا شيخ! فوالله لقد عظم الله الاجر في مسيركم وأنتم سائرون وفي مقامكم وأنتم مقيمون وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شئ من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرين. فقال له الشيخ: وكيف لم نكن في شئ من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين. وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له: وتظن أنه كان قضاء حتما وقدرا لازما؟ إنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والامر والنهي والزجر من الله وسقط معنى الوعد والوعيد فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الاوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقدرية هذه الامة ومجوسها. إن الله تبارك وتعالى كلف تخييرا ونهى تحذيرا وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يملك مفوضا ولم يخلق السماوات والارض وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا، ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (3) فأنشأ الشيخ يقول: أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النجاة من الرحمن غفرانا


(1) جثا يجثو جثوا وجثيا بضمهما جلس على ركبتيه وقام على اطراف أصابعه. والتلعة ما ارتفع من الارض (في) (2) أي منه اطلب اجر مشقتي (في) (3) مسألة القضاء والقدر من اقدم الابحاث في تاريخ الاسلام، اشتغل به المسلمون في اوائل انتشار الدعوة الاسلامية وتصادفها مع انظار الباحثين من علماء الملل والاديان، ولما كان تعلق القضاء الحتم بالحوادث ومن بينها بالافعال الاختيارية من الانسان يوجب بحسب الانظار العامية – [ * ]

[ 156 ]

أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالاحسان إحسانا 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله قال: من زعم أن الله يأمر بالفحشاء فقد كذب


الساذجة ارتفاع تأثير الارادة في الفعل وكون الانسان مجبورا في فعله غير مختار، تشعب جماعة الباحثين (وهم قليل البضاعة في العلم يومئذ) على الفريقين: احديهما وهم المجبرة اثبتوا تعلق الارادة الحتمية الالهية بالافعال كسائر الاشياء وهو القدر وقالوا بكون الانسان مجبورا غير مختار في افعاله والافعال مخلوقة لله تعالى وكذا افعال سائر الاسباب التكوينية مخلوقة له. وثانيتهما وهم المفوضة أثبتوا اختيارية الافعال ونفوا تعلق الارادة الالهية بالافعال الانسانية فاستنتجوا كونها مخلوقة للانسان، ثم فرع كل من الطائفتين على قولهم فروعا ولم يزالوا على ذلك حتى تراكمت هناك اقوال هناك اقوال وآراء يشمئز منها العقل السليم، كارتفاع العلية بين الاشياء وخلق المعاصي والارادة الجزافية ووجود الواسطة بين النفى والاثبات وكون العالم غير محتاج في بقائه إلى الصانع إلى غير ذلك من هوساتهم. والاصل في جميع ذلك عدم تفقههم في فهم تعلق الارادة الالهية بالافعال وغيرها والبحث فيه طويل الدليل لا يسعه المقام على ضيقه نوضح المطلب بمثل نضربه ونشير به إلى خطأ الفرقتين والصواب الذى غفلوا عنه فلنفرض انسانا اوتى سعة من المال والمنال والضياع والدار والعبيد والاماء ثم اختار واحدا من عبيده وزوجه احدى جواريه واعطاه من الدار والاثاث ما يرفع حوائجه المنزلية ومن المال والضياع ما يسترزق به في حياته بالكسب والتعمير، فان قلنا: إن هذا الاعطاء لا يؤثر في تملك العبد شيئا والمولى هو المالك وملكه بجميع ما اعطاه قبل الاعطاء وبعده على السواء كان ذلك قول المجبرة وان قلنا: ان العبد صار مالكا وحيدا بعد الاعطاء وبطل به ملك المولى وانما الامر إلى العبد يفعل ما يشاء في ملكه كان ذلك قول المفوضة وان قلنا كما هو الحق ان العبد يملك ما وهبه له المولى في ظرف ملك المولى وفى طوله لا في عرضه فالمولى هو المالك الاصلى والذى للعبد ملك في ملك، كما ان الكتابة فعل اختياري منسوب إلى يد الانسان والى نفس الانسان، بحيث لا يبطل احدى النسبتين الاخرى، كان ذلك القول الحق الذى يشير عليه السلام إليه في هذا الخبر. فقوله عليه السلام: لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب إلى قوله: واعطى على القليل كثيرا اه‍ اشارة إلى نفى مذهب الجبر بمحادير ذكرها (ع) ومعناها واضح وقوله: ولم يعص مغلوبا اه‍. اشارة إلى نفى مذهب التفويض بمحاديرها اللازمة فان الانسان لو كان خالقا لفعله، كان مخالفته لما كلفه الله من الفعل غلبة منه على الله سبحانه وقوله: ولم يطع مكرها اه‍. نفى للجبر ومقابلة للجملة السابقة فلو كان الفعل مخلوقا لله وهو الفاعل فقد أكره العبد على الاطاعة وقوله: ولم يملك مفوضا اه‍. بالبناء للفاعل وصيغة اسم الفاعل نفى للتفويض أي لم يملك الله ما ملكه العبد من (الفعل؟) بتفويض الامر إليه وابطال ملك نفسه وقوله عليه السلام: (ولم يخلق السماوات والارض – [ * ]

[ 157 ]

على الله ومن زعم أن الخير والشر إليه فقد كذب على الله (1) 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته فقلت: الله فوض الامر إلى العباد؟ قال: الله أعز من ذلك قلت: فجبرهم على المعاصي؟ قال: الله أعدل وأحكم من ذلك، قال: ثم قال: قال الله: يا ابن آدم أنا اولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني، عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن قال: قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام: يا يونس لا تقل بقول القدرية فإن القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنة ولا بقول أهل النار ولا بقول إبليس فإن أهل الجنة قالوا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وقال أهل النار: ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا


وما بينهما باطلا ولم يبعث النبين مبشرين ومنذرين عبثا) الجملتان يحتمل ان يشار بهما إلى نفى كل من الجبر والتفويض فان الافعال إذا كانت مخلوقة لله قائمة به سبحانه كان المعاد الذى هو غاية الخلقة امرا باطلا لبطلان الثواب والعقاب إلى آخر ما ذكره (ع) وكان بعث الرسل لاقامة الحجة وتقدمة القيامة عبثا ولا معنى لان يقيم تعالى حجة على فعل نفسه وإذا كانت مخلوقة للانسان ولا تأثير لله فيها لزم ان تكون الخلقة لغاية لا يملكها الانسان ليس لله فيها شأن وهو العبث. واعلم ان البحث عن القضاء والقدر كانت في اول الامر مسألة واحدة ثم تحولت ثلاث مسائل أصلية الاولى: مسألة القضاء وهو تعلق الارادة الالهية الحمية بكل شئ والاخبار تقضى فيها بالاثبات كما مر في الابواب السابقة الثانية: مسألة القدر وهو ثبوت تأثير ماله تعالى في الافعال والاخبار تدل فيها ايضا على الاثبات، الثالثة: مسألة الجبر والتفويض والاخبار تشير فيها إلى نفى كلا القولين وتثبت قولا ثالثا وهو الامر بين الامرين، لا ملكا لله فقط من غير ملك للانسان ولا بالعكس، بل ملكا في طول ملك وسلطنة في ظرف سلطنة. واعلم ايضا ان تسمية هؤلاء بالقدرية مأخوذة مما صح عن النبي صلى الله عليه وآله (ان القدرية مجوس هذه الامة الحديث) فأخذت المجبرة تسمي المفوضة بالقدرية لانهم ينكرون القدر ويتكلمون عليها و المفوضة تسمي المجبرة بالقدرية لانهم يثبتون القدر والذى يتحصل من اخبار ائمة اهل البيت (ع) انهم يسمون كلتا الفرقتين بالقدرية ويطبقون الحديث النبوى عليهما، أما المجبرة فلانهم ينسبون الخير والشر والطاعة والمعصية جميعا إلى غير الانسان، كما ان المجوس قائلون بكون فاعل الخير والشر جميعا غير الانسان وقوله (ع) في هذا الخبر مبنى على هذا النظر، وأما المفوضة فلانهم قائلون بخالقين في العالم هما الانسان بالنسبة إلى افعاله والله سبحانه بالنسبة إلى غيرها، كما ان المجوس قائلون باله الخير واله الشر، وقوله عليه السلام في الروايات التالية، لا جبر ولا قدر اه‍ ناظر إلى هذا الاعتبار. (الطباطبائى) (1) سيظهر معنى الرواية في الكلام على رواية حفص بن قرط عن أبى عبد الله (ع) ص 158. [ * ]

[ 158 ]

قوما ضالين. وقال إبليس: رب بما أغويتني، فقلت: والله ما أقول بقولهم ولكني أقول: لا يكون إلا بما شاء الله وأراد وقدر وقضى، فقال: يا يونس ليس هكذا لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، يا يونس تعلم ما المشيئة؟ قلت: لا، قال: هي الذكر الاول، فتعلم ما الارادة؟ قلت: لا، قال: هي العزيمة على ما يشاء، فتعلم ما القدر؟ قلت: لا، قال: هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء، قال: ثم قال: والقضاء هو الابرام وإقامة العين، قال: فاستأذنته (1) أن اقبل رأسه و قلت: فتحت لي شيئا كنت عنه في غفله. 5 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن ابي عبد الله خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه وأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى تركه ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله. 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حفص ابن قرط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله، ومن كذب على الله أدخله الله النار (2). 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن إسماعيل ابن جابر قال: كان في مسجد المدينة رجل يتكلم في القدر والناس مجتمعون، قال: فقلت: يا هذا أسألك؟ قال: سل، قلت: يكون في ملك الله تبارك وتعالى ما لا يريد؟ قال: فأطرق طويلا ثم رفع رأسه إلي فقال [ لي ]: يا هذا! لئن قلت: إنه يكون في ملكه


(1) في بعض النسخ [ فسألته أن يأذن لى ] (2) أي من زعم ان الله يأمر بالفحشاء وهو القائل بالجبر يقول: بالارادة الحتمية في المعاصي، فقد كذب على الله ونسبه إلى الكذب في قوله تعالى: (ان الله لا يأمر بالفحشاء) ومن زعم ان الخير والشر من الافعال بغير مشيئة الله وهم المفوضة يقولون: ان الافعال مخلوقة بمشيئة الانسان دون الله فقد اخرج الله من سلطانه وقد قال تعالى: (وله الملك): ومن زعم ان المعاصي بغير قوة الله بل بقوة الانسان فقد كذب على الله حيث يقول: (ما شاء الله لا قوة الا بالله). (الطباطبائى) [ * ]

[ 159 ]

ما لا يريد، إنه لمقهور ولئن قلت: لا يكون في ملكه إلا ما يريد أقررت لك بالمعاصي، قال: فقلت لابي عبد الله عليه السلام: سألت هذا القدري فكان من جوابه كذا وكذا، فقال: لنفسه نظر أما لو قال غير ما قال لهلك. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن الحسن زعلان (2)، عن أبي طالب القمي عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال: لا، قلت: ففوض إليهم الامر؟ قال: قال: لا، قال: قلت فماذا؟ قال: لطف من ربك بين ذلك (3). 9 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن غير واحد، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: إن الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال: فسئلا عليهما السلام هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: نعم أوسع مما بين السماء والارض. 10 – علي بن إبرهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن صالح ابن سهل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، سئل عن الجبر والقدر فقال: لاجبر ولا قدر ولكن منزلة بينهما، فيها الحق التي بينهما لا يعلمها إلا العالم أو من علمها إياه العالم. 11 – علي بن إبراهيم، عن محمد، عن يونس، عن عدة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له رجل: جعلت فداك أجبر الله العباد على المعاصي؟ فقال: الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها، فقال له: جعلت فداك ففوض الله إلى العباد؟ قال: فقال: لو فوض إليهم لم يحصرهم بالامر والنهي، فقال له: جعلت فداك فبينهما منزلة قال: فقال: نعم أوسع ما بين السماء والارض. 12 – محمد بن أبي عبد الله وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: إن بعض أصحابنا يقول بالجبر، وبعضهم يقول:


(1) في بعض النسخ [ احمد بن محمد، عن محمد بن الحسن [ بن ] زعلان ]. (2) قوله (لطف من ربك بين ذلك) اه‍ أي بين الجبر والقدر وقد مر توضيحه في اول الباب، واللطف هو النفوذ الدقيق عبر به عليه السلام عن تأثيره تعالى في الافعال بنحو الاستيلاء الملكى لنفوذه ودقته كما مر بيانه. (الطباطبائى). [ * ]

[ 160 ]

بالاستطاعة قال: فقال لي: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، قال علي بن الحسين: قال الله عزوجل: ” يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء وبقوتي أديت إلى فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا، بصيرا، ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وذلك أني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني وذلك أني لا اسأل عما أفعل وهم يسألون ” قد نظمت لك كل شئ تريد (1). 13 – محمد بن أبي عبد الله، عن حسين بن محمد، عن محمد بن يحيى، عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين، قال: قلت وما أمر بين أمرين؟ قال مثل ذلك: رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية. 14 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الله أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقون والله أعز من أن يكون في سلطانه ما لا يريد. (باب الاستطاعة) 1 – علي بن إبراهيم، عن الحسن بن محمد، عن علي بن محمد القاساني، عن علي ابن أسباط قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الاستطاعة، فقال: يستطيع العبد بعد أربع خصال: أن يكون مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، له سبب


(1) معنى الرواية مبنى على القدر وهو ان الانسان انما يفعل ما يفعل بمشيئة وقوة والله سبحانه هو الذى شاء ان يشاء الانسان ولو لم يشأ لم تكن من الانسان مشيئة وهو الذى ملك الانسان قوة من قوته وان القوة لله جميعا فلا استغناء للانسان في فعله عنه تعالى، ثم انهما نعمتان قوى الانسان بهما على المعصية، كما قوى على الطاعة ولازم ذلك ان تكون الحسنات لله وهو اولى بها لان الله هو المعطى للقوة عليها والامر باتيانها وفعلها، وان تكون السيئات للانسان وهو اولى بها دون الله، لانه تعالى لم يعطها الا نعمة للحسنة ونهى عن استعمالها في السيئة، فاللوم على الانسان وذلك ان الله تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لانه تعالى انما يفعل الجميل وهو افاضة النعمة والهداية إلى الحسنة والنهى عن السيئة وكل ذلك جميل ولا سؤال عن الجميل والانسان انما يفعل الحسنة بنعمة من الله والسيئة بنعمة منه فهو المسؤول عن النعمة التى اعطيها ما صنع بها، ثم اتم الله الحجة واقام المحنة بأن نظم كل ما يريده الانسان، ليعلم ماذا يصير إليه حال الانسان بفعاله، وللرواية معنى آخر أدق يطلب من مظانه (الطباطبائى). [ * ]

[ 161 ]

وارد من الله، قال: قلت: جعلت فداك فسر لي هذا قال: أن يكون العبد مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح يريد أن يزني فلا يجد امرأة ثم يجدها، فإما أن يعصم نفسه فيمتنع كما امتنع يوسف عليه السلام، أو يخلي بينه وبين إرادته فيزني فيمسى زانيا، ولم يطع الله بإكراه ولم يعصه بغلبة (1). 2 – محمد بن يحيى وعلي بن إبراهيم جميعا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم وعبد الله بن يزيد جميعا، عن رجل من أهل البصرة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستطاعة، فقال: أتستطيع أن تعمل ما لم يكون؟ قال: لا، قال: فتستطيع أن تنتهي عما قد كون؟ قال: لا، قال فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فمتى أنت مستطيع؟ قال: لا أدري، قال: فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إن الله خلق خلقا فجعل فيهم آلة الاستطاعة ثم لم يفوض إليهم، فهم مستطيعون للفعل وقت الفعل مع الفعل إذا فعلوا ذلك الفعل فإذا لم يفعلوه في ملكه لم يكونوا مستطيعين أن يفعلوا فعلا لم يفعلوه، لان الله عزوجل أعز من أن يضاده في ملكه أحد، قال البصري، فالناس مجبورون؟ قال: لو كانوا مجبورين كانوا معذورين، قال: ففوض إليهم قال: لا، قال: فما هم؟ قال: علم منهم فعلا فجعل فيهم آلة الفعل فإذا فعلوا كانوا مع الفعل مستطيعين،


(1) لا ريب ان كل امر خارجي ومنها افعال الانسان لا يوجد ما لم يوجد جميع اجزاء علته التامة وما يحتاج إليه في وجوده فإذا وجدت جميعا ولم يبق مما يحتاج إليه وجوده شئ في العدم وجب وجوده والا كان وجود علته التامة وعدمها بالنسبة إليه على السواء، مثلا إذا نسب اكل لقمة من الغذاء إلى الانسان وفرض وجود الانسان وصحة ادوات التغذى ووجود الغذاء بين يديه ووجود الارادة الحتمية وعدم شئ من الموانع مطلقا وجب تحقق الاكل وكان بالضرورة، فهذه نسبة الفعل وهو الاكل مثلا إلى مجموع علته التامة واما نسبة الفعل كالاكل مثلا إلى الانسان المجهز بآلة الفعل فقط لا إلى مجموع اجزاء العلة مع فرض وجودها فهى نسبة الامكان والاستعداد التام الذى لا يفارق الفعل لفرض وجود بقية اجزاء العلة وان لم تكن النسبة إلى جميعها بل إلى الانسان فقط وهى المسماة بالاستطاعة فالانسان مع فرض جميع ما يتوقف عليه يستطيع ان يأكل بالارادة وان لا يأكل بعدمها واما نسبة الفعل إلى الانسان مع فرض عدم وجود جميع اجزاء العلة كنسبة الاكل إلى الانسان حيث لا غذاء عنده ومباشرة النساء حيث لا مرأة فهى الامكان والاستعداد الضعيف الناقص ولا تسمى استطاعة، فالانسان لا يستطيع ان يأكل حيث لا غذاء ولا ان يباشر حيث لا مرأة، فقوله (ع) في هذه الروايات: ان الاستطاعة مع الفعل يريد به الاستعداد التام الذى لا واسطة بينه وبين الفعل والترك الا ارادة الانسان واما مطلق امكان الفعل والقدرة عليه فليس بمراد وليس هذا من قول الاشاعرة ان القدرة على الفعل توجد مع الفعل لا قبله في شئ فانه مذهب فاسد كما بين في محله وبالتأمل في ما ذكرناه يظهر معنى سائر روايات الباب والله الهادى. (الطباطبائى) [ * ]

[ 162 ]

قال البصري: أشهد أنه الحق وأنكم أهل بيت النبوة والرسالة. 3 – محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، وعلي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن علي بن الحكم، عن صالح النيلي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام: هل للعباد من الاستطاعة شئ؟ قال: فقال لي: إذا فعلوا الفعل كانوا مستطيعين بالاستطاعة التي جعلها الله فيهم، قال: قلت وماهي؟ قال: الآلة مثل الزاني (1) إذا زني كان مستطيعا للزنا حين زنى، ولو أنه ترك الزنا ولم يزن كان مستطيعا لتركه إذا ترك، قال: ثم قال: ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير ولكن مع الفعل والترك كان مستطيعا، قلت: فعلى ماذا يعذبه؟ قال: بالحجة البالغة والآلة التي ركب (2) فيهم، إن الله لم يجبر أحدا على معصيته، ولا أراد – إرادة حتم – الكفر من أحد، ولكن حين كفر كان في إرادة الله أن يكفر، وهم في إرادة الله وفي علمه أن لا يصيروا إلى شئ من الخير، قلت: أراد منهم أن يكفروا؟ قال: ليس هكذا أقول ولكني أقول: علم أنهم سيكفرون، فأراد الكفر لعلمه فيهم وليست هي إرادة حتم إنما هي إرادة اختيار. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن عبيد بن زرارة قال: حدثني حمزة بن حمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الاستطاعة فلم يجبني فدخلت عليه دخلة اخرى، فقلت: أصحلك الله إنه قد وقع في قلبي منها شئ لا يخرجه إلا شئ أسمعه منك، قال: فإنه لا يضرك ما كان في قلبك قلت: أصلحك الله إني أقول: إن الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد ما لا يستطيعون ولم يكلفهم إلا ما يطيقون وإنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله ومشيئته و قضائه وقدره، قال: فقال: هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي، أو كما قال. (باب البيان والتعريف ولزوم الحجة) 1 – محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن


(1) في بعض النسخ [ الزنى ]. (2) في بعض النسخ [ ركبها ]. [ * ]

[ 163 ]

الله احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم. محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج مثله. 2 – محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن حكيم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: المعرفة من صنع من هي؟ قال: من صنع الله، ليس للعباد فيها صنع. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ” قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه، وقال: ” فألهمها فجورها وتقويها ” قال: بين لها ما تأتي وما تترك، وقال: ” إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ” قال: عرفناه، إما آخذ وإما تارك، وعن قوله: ” وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ” قال: عرفناهم فاستحبوا العمى على الهدى وهم يعرفون؟ وفي رواية: بينا لهم. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن بكير، عن حمزة بن محمد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: ” وهديناه النجدين ” قال: نجد الخير والشر. 5 – وبهذا الاسناد، عن يونس، عن حماد، عن عبد الاعلى قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة؟ قال: فقال: لا، قلت: فهل كلفوا المعرفة؟ قال: لا، على الله البيان ” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ” ” ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها ” قال: وسألته عن قوله: ” وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ” قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه. 6 – وبهذا الاسناد، عن يونس، عن سعدان رفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله لم ينعم على عبد نعمة إلا وقد ألزمه فيها الحجة من الله، فمن من الله عليه فجعله قويا فحجته عليه القيام بما كلفه، واحتمال من هو دونه ممن هو أضعف منه، فمن من الله عليه فجعله موسعا عليه فحجته عليه ماله، ثم تعاهده الفقراء بعد بنوافله،


[ 164 ]

ومن من الله عليه فجعله شريفا في بيته، جميلا في صورته، فحجته عليه أن يحمد الله تعالى على ذلك وأن لا يتطاول على غيره، فيمنع حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله. (باب) * (اختلاف الحجة على عباده (1)) * 1 – محمد بن أبي عبد الله، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن زيد، عن درست بن أبي منصور، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ستة أشياء ليس للعباد فيها صنع: المعرفة والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة. (باب حجج الله على خلقه) 1 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أبي شعيب المحاملي، عن درست ابن أبي منصور، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس لله على خلقه، أن يعرفوا وللخلق على الله أن يعرفهم، ولله على الخلق إذا عرفهم أن يقبلوا. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الاعلى بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام من لم يعرف شيئا هل عليه شئ؟ قال: لا. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن داود بن فرقد عن أبي الحسن زكريا بن يحيى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما حجب الله عن العباد فهو موضوع عنهم. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان الاحمر عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: اكتب فأملى علي: إن من قولنا إن الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم رسولا وأنزل عليهم الكتاب فأمر فيه ونهى، أمر فيه بالصلاة والصيام فنام رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة فقال: أنا انيمك وأنا


(1) ليس هذا العنوان في بعض النسخ كما اشار إليه المجلسي (ره) في مرآة العقول. [ * ]

[ 165 ]

اوقظك فإذا قمت فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون: إذا نام عنها هلك وكذلك الصيام أنا امرضك وأنا اصحك فإذا شفيتك فاقضه، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: وكذلك إذا نظرت في جميع الاشياء لم تجد أحدا في ضيق ولم تجد أحدا إلا ولله عليه الحجة ولله فيه المشيئة ولا أقول: إنهم ما شاؤوا صنعوا، ثم قال: إن الله يهدي ويضل وقال: وما امروا إلا بدون سعتهم، وكل شئ امر الناس به فهم يسعون له، وكل شئ لا يسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم ثم تلا عليه السلام: ” ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ” فوضع عنهم ” ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم * ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ” قال: فوضع عنهم لانهم لا يجدون. (باب الهداية أنها من الله عزوجل) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن ثابت بن سعيد قال: قال أبو عبد الله: يا ثابت مالكم وللناس، كفوا عن الناس ولا تدعوا أحدا إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماوات وأهل الارضين اجتمعوا على أن يهدوا عبدا يريد الله ضلالته ما استطاعوا على أن يهدوه، ولو أن أهل السماوات وأهل الارضين اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلوه، كفوا عن الناس ولا يقول أحد: عمي وأخي وابن عمي وجاري، فإن الله إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه فلا يسمع معروفا إلا عرفه ولا منكرا إلا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة يجمع بها أمره. (1)


(1) مسألة ان (الهداية لله وليس للناس فيها صنع) مما ثبتت بالنقل والعقل وان كان مستبعدا في بادئ النظر جدا، فاستمع لما يتلى: المعارف الالهية العالية كالتوحيد والنبوة والامامة ونظائرها مما لا يكفى فيها مجرد العلم واليقين كما قال تعالى: (جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم – الاية -) وقال تعالى: (وأضله الله على علم – الاية -) بل يحتاج مع العلم النظرى إلى الايمان بها وهو مطاوعة نفسانية وانفعال قلبى خاص يوجب الجريان في الجملة بالاعمال المناسبة للعلم المفروض وكما ان العلوم النظرية معلومة للانظار والافكار الصحيحة المنتجة، كذلك هذا الاذعان والقبول القلبى معلول لملكات أو احوال قلبية مناسبة له فلا يمكن للبخيل الذى فيه ملكة راسخة من البخل ان يؤمن بحسن السخاء وبذل المال الا إذا حصل – [ * ]

[ 166 ]

2 – علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الله عزوجل إذا أراد بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكا يسدده، وإذا أراد بعبد سوء ا نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطانا يضله، ثم تلا هذه الآية: ” فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء “. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اجعلوا أمركم لله، ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله: ” إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ” وقال: ” أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ” ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله، إني سمعت أبي عليه السلام يقول: إن الله عزوجل إذا كتب على عبد أن يدخل في هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره. في نفسه من جهة حسن التربية وتراكم العمل حالة الانقياد والقبول بحسن السخاء والجود بزوال الصورة المباينة من البخل فالاستدلال للحق انما يوجب ظهوره على من كان صحيح النظر واما إيمانه به و انقياده له فله سبب تكويني هو حصول الحالة أو الملكة النفسانية الملائمة لحصوله وليس مستندا إلى اختيار الانسان حتى يوجد في نفسه أو في غيره الانقياد والايمان بالحق من دون سببه التكويني وهو الهيئة النفسانية المذكورة، فثبت ان للايمان والاهتداء وغير ذلك سببا تكوينيا غير ارادة الانسان واختياره وهو مجموع النظر الصحيح والهيئة النفسانية الملائمة الغير المنافية للحق، فهو منسوب إلى الله سبحانه دون اختيار الانسان على حد ساير الامور التكوينية المنسوبة إليه تعالى. ولذلك كانت الروايات تنسب الايمان والكفر والهداية والضلال إلى الله سبحانه وتنفى كونها باختيار الانسان وتنهى عن الاصرار في القبول والمراء والجدال في الدعوة إلى الحق كما يدل عليه قوله في رواية عقبة الاتية: (ولا تخاصموا الناس لدينكم فان المخاصمة ممرضة للقلب) الحديث فانها تثير عوامل العصبية والاباء عن الحق واما ما ورد في الكتاب والسنة من الاوامر بحسن التربية والحث على التبليغ والانذار والدعوة والتذكرة فانها مقربات للانسان من الايمان والطاعة وليست بموجبة و لا ملزمة وبالتأمل فيما ما ذكرناه يظهر معنى روايات الباب والله الهادى (الطباطبائى) [ * ]


[ 167 ]

4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن محمد بن مروان، عن فضيل بن يسار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ندعو الناس إلى هذا الامر؟ فقال: لا يا فضيل إن الله إذا أراد بعبد خيرا أمر ملكا فأخذ بعنقه فأدخله في هذا الامر طائعا أو كارها (1). تم كتاب العقل والعلم والتوحيد من كتاب الكافي ويتلوه، كتاب الحجة [ في الجزء الثاني من كتاب الكافي تأليف الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني رحمة الله عليه ].


(1) قوله: (طائعا أو كارها اه‍) أي: سواء رضيته نفسه إذا كان محلى بحلية الصفات الكريمة النفسانية وملازمة التقوى وساعدته الدنيا كالانسان الصحيح البدن والقوى إذا عرض عليه غذاء لذيذ من غير مانع فانه يتناوله برضى من نفسه، أو كرهته نفسه إذا كان في نفسه مع صفة القبول صفات اخرى لا ترضاه أو لم تساعده عليه الدنيا وكان دونه حظر خارجي كالانسان المريض يتناول الدواء الكريه الطعم على كره من شهوته ورضى من عقله الحاكم بلزوم شربه للصحة المطلوبة (الطباطبائى). [ * ]

[ 168 ]

[ كتاب الحجة ] بسم الله الرحمن الرحيم (باب الاضطرار إلى الحجة) [ قال أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني مصنف هذا الكتاب رحمه الله: حدثنا ] 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمر الفقيمي، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للزنديق الذي سأله من أين أثبت الانبياء والرسل؟ قال: إنه لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعاليا عنا وعن جميع ما خلق، وكان ذلك الصانع حكيما متعاليا لم يجز أن يشاهده خلقه، ولا يلامسوه، فيباشرهم ويباشروه، ويحاجهم ويحاجوه، ثبت أن له سفراء في خلقه، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده، ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفى تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبرون عنه جل وعز، وهم الانبياء عليهم السلام وصفوته من خلقه، حكماء مؤدبين بالحكمة (1)، مبعوثين بها، غير مشاركين للناس – على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب – في شئ من أحوالهم مؤيدين (2) من عند الحكيم العليم بالحكمة، ثم ثبت ذلك في كل دهر وزمان مما أتت به الرسل والانبياء من الدلائل والبراهين، لكيلا تخلو أرض الله من حجة يكون معه علم يدل على صدق مقالته وجواز عدالته. 2 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه، بل الخلق يعرفون بالله، قال: صدقت، قلت: إن من عرف أن له ربا، فينبغي له


(1) في بعض النسخ [ مؤدبين في الحكمة ]. (2) في بعض النسخ [ مؤيدون عند الحكيم العليم ]. [ * ]

[ 169 ]

أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فقد ينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة. وقلت للناس: تعلمون (1) أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان هو الحجة من الله على خلقه؟ قالوا: بلى قلت فحين مضى رسول الله صلى الله عليه وآله من كان الحجة على خلقه؟ فقالوا: القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي (2) والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتى يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شئ كان حقا، فقلت لهم: من قيم القرآن (3)؟ فقالوا ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا: لا، فلم أجد أحدا يقال: إنه يعرف ذلك كله إلا عليا عليه السلام وإذا كان الشئ بين القوم فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا ادرى، وقال هذا: أنا أدري، فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن، وكانت طاعته مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن ما قال في القرآن فهو حق، فقال: رحمك الله. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس بن يعقوب قال: كان عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من أصحابه منهم حمران بن أعين، ومحمد بن النعمان، وهشام ابن سالم، والطيار، وجماعة فيهم هشام بن الحكم وهو شاب فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا هشام ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته؟ فقال هشام: يا ابن رسول الله إني اجلك وأستحييك ولا يعمل لساني بين يديك، فقال أبو عبد الله: إذا أمرتكم بشئ فافعلوا. قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة فعظم


(1) في بعض النسخ مكان تعلمون [ أليس تزعمون ]. (2) المرجئة فرقة من فرق الاسلام يعتقدون انه لا يضر مع الايمان معصية ولا ينفع مع الكفر طاعة سموا مرجئة لاعتقادهم ان الله تعالى أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخر عنهم وقيل لانهم يرجئون العمل عن النية أي يؤخرونه في الرتبة عنها وعن الاعتقاد وقد تطلق المرجئة على من أخر أمير المؤمنين عليا (ع) عن مرتبته والقدري قد يطلق على الجبرى وعلى التفويضي. والزنديق هو النافي للصانع أو الثنوى. (3) في الفائق (قيم القوم من يقوم بسياسة امورهم) والمراد هنا من يقوم بأمر القرآن ويعرف ظاهره وباطنه ومجمله ومؤوله ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه بوحى الهى أو بالهام ربانى أو بتعليم نبوى (آت). [ * ]

[ 170 ]

ذلك علي فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة فأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة فيها عمرو بن عبيد وعليه شملة سوداء متزر بها من صوف، وشملة مرتد بها والناس يسألونه، فاستفرجت الناس فأفرجوا لي، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت: أيها العالم إني رجل غريب تأذن لي في مسألة؟ فقال لي: نعم، فقلت له: ألك عين؟ فقال يا بني اي شي هذا من السؤال؟ وشئ تراه كيف تسأل عنه؟ فقلت هكذا مسألتي فقال يا بني سل وان كانت مسألتك حمقاء قلت: اجبني فيه قال لي سل قلت الك عين؟ قال: نعم قلت: فما تصنع بها؟ قال: ارى بها الالوان والاشخاص، قلت: فلك انف؟ قال: نعم قلت: فما تصنع به؟ قال: أشم به الرائحة قلت: ألك فم؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أذوق به الطعم، قلت: فلك اذن؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الصوت، قلت: ألك قلب؟ قال: نعم، قلت: فما تصنع به؟ قال: أميز به كلما ورد على هذه الجوارح والحواس، قلت: أو ليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ فقال: لا، قلت: وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة، قال: يا بني إن الجوارح إذا شكت في شئ شمته أو رأته أو ذاقته أو سمعته، ردته إلى القلب فيستيقن اليقين ويبطل الشك، قال هشام: فقلت له: فإنما أقام الله القلب لشك الجوارح؟ قال: نعم، قلت: لابد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح؟ قال: نعم، فقلت له: يأ أبا مروان فالله تبارك وتعالى لم يترك جوارحك حتى جعل لها إماما يصحح لها الصحيح ويتيقن به ما شك فيه ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكهم واختلافهم، لا يقيم لهم إماما يردون إليه شكهم وحيرتهم، ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكك؟! قال: فسكت ولم يقل لي شيئا. ثم التفت إلي فقال لي: أنت هشام بن الحكم؟ فقلت: لا، قال: أمن جلسائه؟ قلت: لا، قال: فمن أين أنت؟ قال: قلت: من أهل الكوفة قال: فأنت إذا هو، ثم ضمني إليه، وأقعدني في مجلسه وزال عن مجلسه وما نطق حتى قمت، قال: فضحك أبو عبد الله عليه السلام وقال: يا هشام من علمك هذا؟ قلت: شئ أخذته


[ 171 ]

منك وألفته، فقال: هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام فقال: إني رجل صاحب كلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة أصحابك، فقال أبو عبد الله عليه السلام: كلامك من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله أو من عندك؟ فقال: من كلام رسول الله صلى الله عليه واله ومن عندي فقال أبو عبد الله: فأنت إذا شريك رسول الله؟ قال: لا، قال: فسمعت الوحي عن الله عزوجل يخبرك؟ قال: لا، قال: فتجب طاعتك كما تجب طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لا، فالتفت أبو عبد الله عليه السلام الي فقال: يا يونس بن يعقوب هذا قد خصم نفسه قبل ان يتكلم ثم قال: يا يونس لو كنت تحسن الكلام كلمته، قال يونس: فيالها من حسرة، فقلت: جعلت فداك انى سمعتك تنهى عن الكلام وتقول: ويل لاصحاب الكلام يقولون، هذا ينقاد وهذا لا ينقاد (1)، وهذا ينساق وهذا لا ينساق، وهذا نعقله وهذا لا نعقله، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إنما قلت: فويل لهم ان تركوا ما اقول وذهبوا إلى ما يريدون (2). ثم قال لى: اخرج إلى الباب فانظر من ترى من المتكلمين فادخله؟ قال: فأدخلت حمران بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الاحول وكان يحسن الكلام وادخلت هشام بن سالم وكان يحسن الكلام، وأدخلت قيس بن الماصر وكان عندي أحسنهم كلاما، وكان قد تعلم الكلام من على بن الحسين عليهما السلام فلما استقر بنا المجلس – وكان أبو عبد الله عليه السلام قبل الحج يستقر أياما في جبل في طرف الحرم في فازة له (3) مضروبة – فال: فأخرج أبو عبد الله رأسه من فازته فإذا هو ببعير يخب فقال: هشام ورب الكعبة (4)، قال: فظننا أن هشاما رجل من ولد عقيل كان شديد المحبة له. [ * ]


(1) اشارة إلى ما يقوله اهل المناظرة في مجادلاتهم: علمنا هذا ولكن لا نسلم ذلك (و هذا ينساق وهذا لا ينساق) اشارة إلى قولهم للخصم: له ان يقول كذا وليس له ان يقول كذا (في) (2) أي تركوا ما ثبت منا وصح نقله عنا من مسائل الدين واخذوا بآرائهم فيها فنصروها بمثل هذه المجادلات (في). (3) الفازة الخيمة الصغيرة و (يخب) من الخبب بالخاء المعجمة والموحدتين ضرب من العدو (4) يعنى هذا الراكب هشام (فظننا الخ) أي ظننا انه يريد بقوله: هشام، رجلا من ولد عقيل [ * ]

[ 172 ]

قال: فورد هشام بن الحكم وهو اول ما اختطت لحيته وليس فينا الا من هو اكبر سنا منه، قال: فوسع له أبو عبد الله عليه السلام وقال: ناصرنا بقلبه ولسانه و يده، ثم قال: يا حمران كلم الرجل، فكلمه فظهر عليه حمران، ثم قال: يا طاقى كلمه فكلمه فظهر عليه الاحول، ثم قال: يا هشام بن سالم كلمه، فتعارفا (2)، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام لقيس الماصر: كلمه فكلمه فأقبل أبو عبد الله عليه السلام يضحك من كلامهما مما قد أصاب الشامي. فقال للشامي: كلم هذا الغلام – يعنى هشام بن الحكم – فقال: نعم فقال لهشام: يا غلام سلني في امامة هذا، فغضب هشام حتى ارتعد ثم قال للشامي: يا هذا أربك أنظر لخلقه أم خلقه لانفسهم؟ فقال الشامي: بل ربي انظر لخلقه، قال: ففعل بنظره لهم ماذا؟ قال، أقام لهم حجة ودليلا كيلا يتشتتوا أو يختلفوا، يتألفهم و يقيم أودهم ويخبرهم بفرض ربهم قال: فمن هو؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله، قال هشام: فبعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: الكتاب والسنة، قال هشام: فهل نفعنا اليوم الكتاب والسنة في رفع الاختلاف عنا؟ قال الشامي: نعم، قال: فلم اختلفنا انا و انت وصرت الينا من الشام في مخالفتنا اياك؟ قال: فسكت الشامي، فقال أبو عبد الله عليه السلام للشامي: ما لك لا تتكلم؟ قال الشامي: إن قلت: لم نختلف كذبت، وإن قلت: ان الكتاب والسنة يرفعان عنا الاختلاف أبطلت، لانهما يحتملان الوجوه وان قلت: قد اختلفنا وكل واحد منا يدعي الحق فلم ينفعنا إذن الكتاب والسنة الا ان لي عليه هذه الحجة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: سله تجده مليا. فقال الشامي: يا هذا من انظر للخلق اربهم أو انفسهم؟ فقال هشام: ربهم أنظر لهم منهم لانفسهم، فقال الشامي: فهل أقام من يجمع لهم كلمتهم ويقيم أودهم ويخبرهم بحقهم من باطلهم؟ قال هشام: في وقت رسول الله صلى الله عليه وآله أو الساعة؟


(2) فتعارفا في اكثر النسخ بالعين والراء المهملتين والفاء أي تكلما بما عرف كل منهما صاحبه وكلامه بلا غلبة لاحدهما على الاخر، وفى بعضها بالواو والقاف أي تعوق كل منهما عن الغلبة، وفى بعضها بالفاء والراء والقاف وفى بعضها بالعين والراء والقاف [ تعارقا ] أي وقعا في العرق كناية عن طول المناظرة (آت) وفى بعضها [ فتعاركا ] أي لم يغلب أحدهما على الاخر (في). [ * ]

[ 173 ]

قال الشامي: في وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة من؟ فقال هشام: هذا القاعد الذى تشد إليه الرحال، ويخبرنا باخبار السماء [ والارض ] وراثة عن أب عن جد، قال الشامي: فكيف لى ان اعلم ذلك؟ قال هشام: سله عما بدا لك، قال الشامي، قطعت عذري فعلي السؤال. فقال أبو عبد الله عليه السلام يا شامي: اخبرك كيف كان سفرك؟ وكيف كان طريقك؟ كان كذا وكذا، فاقبل الشامي يقول: صدقت، اسلمت لله الساعة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: بل آمنت بالله الساعة، ان الاسلام قبل الايمان وعليه يتوارثون ويتناكحون، والايمان عليه يثابون، فقال الشامي: صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وانك وصى الاوصياء. ثم التفت أبو عبد الله عليه السلام إلى حمران، فقال: تجري الكلام على الاثر فتصيب (1) والتفت إلى هشام بن سالم، فقال: تريد الاثر ولا تعرفه، ثم التفت إلى الاحول، فقال: قياس رواغ (2)، تكسر باطلا بباطل الا ان باطلك اظهر، ثم التفت إلى قيس بن الماصر، فقال: تتكلم واقرب ما تكون من الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله أبعد ما تكون منه (3)، تمزج الحق مع الباطل وقليل الحق يكفي عن كثير الباطل، انت والاحول قفازان حاذقان (4)، قال يونس: فظننت والله انه يقول لهشام قريبا مما قال لهما، ثم قال: يا هشام لا تكاد تقع، تلوي رجليك إذا هممت بالارض طرت (5) مثلك فليكلم الناس، فاتق الزلة، والشفاعة من ورائها ان شاء الله..


(1) أي على الاخبار المأثورة عن النبي والائمة الهدى صلوات الله عليهم فتصيب الحق، وقيل على حيث ما يقتضى كلامك السابق فلا يختلف كلامك بل يتعاضد، ويحتمل ان يكون المراد على اثر كلام الخصم أي جوابك مطابق للسؤال والاول اظهر (آت) (2) قياس على صيغة المبالغة أي انت كثير القياس وكذلك رواغ باهمال اوله واعجام آخره أي كثير الروغان وهو ما يفعله الثعلب من المكر والحيل، ويقال للمصارعة ايضا (في). (3) أي إذا قربت من الاستشهاد بحديث رسول الله وأمكنك ان تتمسك به تركته وأخذت أمرا آخر بعيدا من مطلوبك. (في) (4) بالقاف والفاء المشددة والزاى من القفز وهو الوثوب وفى بعض النسخ [ قفاران ] بالراء من القفر وهو المتابعة والاقتفاء وفى بعضها بتقديم الفاء على القاف من فقرت البئر أي حفرته (آت) (5) أي انك كلما قربت من الارض وخفت الوقوع عليها لويت رجليك كما هو شأن الطير عند ارادة الطيران ثم طرت ولم تقع. (آت) [ * ]

[ 174 ]

5 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن على بن الحكم، عن أبان قال: أخبرني الاحول أن زيد بن علي بن الحسين عليهما السلام بعث إليه وهو مستخف قال: فأتيته فقال لي: يا أبا جعفر ما تقول ان طرقك طارق منا أتخرج معه؟ قال: فقلت له: إن كان أباك أو أخاك، خرجت معه قال: فقال لي: فأنا أريد أن أخرج أجاهد هؤلاء القوم فأخرج معى قال: قلت: لا ما افعل جعلت فداك، قال: فقال لي: أترغب بنفسك عني؟ قال: قلت له: إنما هي نفس واحدة فان كان لله في الارض حجة فالمتخلف عنك ناج والخارج معك هالك وان لا تكن لله حجة في الارض فالمتخلف عنك والخارج معك سواء. قال: فقال لي: يا أبا جعفر كنت أجلس مع أبي على الخوان فيلقمني البضعة السمينة ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد، شفقة علي، ولم يشفق علي من حر النار، إذا أخبرك بالدين ولم يخبرني به؟ فقلت له: جعلت فداك شفقته عليك من حر النار لم يخبرك، خاف عليك: أن لا تقبله فتدخل النار، وأخبرني أنا، فإن قبلت نجوت، وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار، ثم قلت له: جعلت فداك أنتم أفضل أم الانبياء؟ قال: بل الانبياء قلت: يقول يعقوب ليوسف: يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا، لم لم يخبرهم حتى كانوا لا يكيدونه ولكن كتمهم ذلك فكذا أبوك كتمك لانه خاف عليك، قال: فقال: أما والله لئن قلت ذلك لقد حدثني صاحبك بالمدينة أني اقتل واصلب بالكناسة وأن عنده لصحيفة فيها قتلي وصلبي. فحججت فحدثت أبا عبد الله عليه السلام بمقالة زيد وما قلت له، فقال: لي: أخذته من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه، ولم تترك له مسلكا يسلكه. (باب طبقات الانبياء والرسل والائمة عليهم السلام) 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، ودرست بن ابي منصور، عنه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الانبياء والمرسلون على أربع طبقات: فنبي منبأ في نفسه لا يعدو غيرها، ونبي يرى في النوم ويسمع الصوت


[ 175 ]

ولا يعاينه في اليقظة، ولم يبعث إلى أحد وعليه إمام مثل ما كان إبراهيم على لوط عليهما السلام، ونبي يرى في منامه ويسمع الصوت ويعاين الملك، وقد ارسل إلى طائفة قلوا أو كثروا، كيونس قال الله ليونس: ” وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون (1) ” قال: يزيدون: ثلاثين ألفا وعليه إمام، والذي يرى في نومه ويسمع الصوت ويعاين في اليقظة وهو إمام مثل اولي العزم وقد كان إبراهيم عليه السلام نبيا وليس بإمام حتى قال الله: ” إني جاعلك للناس إماما قال: ومن ذريتي فقال الله: لا ينال عهدي الظالمين ” من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما. 2 – محمد بن الحسن، عمن ذكره، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن زيد الشحام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك وتعالى اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه، رسولا وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يجعله إماما، فلما جمع له الاشياء قال: ” إني جاعلك للناس إماما ” قال: فمن عظمها في عين إبراهيم قال: ” ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين ” قال: لا يكون السفيه إمام التقي. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي، عن هشام عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: سادة النبيين والمرسلين خمسة وهم أولو العزم من الرسل وعليهم دارت الرحى (2): نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وعلى جميع الانبياء. 4 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسين، عن إسحاق بن عبد العزيز أبي السفاتج (3)، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا واتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا واتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا واتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما فلما جمع له هذه الاشياء – وقبض يده – (4) قال له: يا إبراهيم إني جاعلك للناس إماما، فمن عظمها في عين إبراهيم عليه السلام قال: يا رب ومن ذريتي، قال: لا ينال عهدي الظالمين.


(1) الصافات: 147. (2) أي رحى النبوة والرسالة والشريعة والدين، وساير الانبياء تابعون لهم، (3) بالسين المهملة والفاء والالف والتاء المثناة من فوق والجيم. (4) اما من كلام الراوى أي قبض الباقر عليه السلام اصابعه الخمسة حكاية عن اجتماع تلك المقامات الخمس في ابراهيم عليه السلام واما من كلام الامام عليه السلام أي قبض الله يد ابراهيم عليه السلام وهو كناية عن كمال لطفه تعالى بابراهيم حين خاطبه كما قد يخاطب الانسان خليله، وقد قبض يده وجعل كفه في كفه [ * ]

[ 176 ]

(باب) * (الفرق بين الرسول والنبي والمحدث) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” وكان رسولا نبيا ” ما الرسول وما النبي؟ قال: النبي الذي يرى في منامه ويسمع الصوت ولا يعاين الملك، والرسول الذى يسمع الصوت ويرى في المنام ويعاين الملك، قلت: الامام ما منزلته؟ قال: يسمع الصوت ولا يرى ولا يعاين الملك، ثم تلا هذه الآية: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار قال: كتب الحسن بن العباس المعروفي إلى الرضا عليه السلام: جعلت فداك أخبرني ما الفرق بين الرسول والنبي والامام؟ قال: فكتب أو قال: الفرق بين الرسول والنبي والامام أن الرسول الذي ينزل عليه جبرئيل فيراه ويسمع كلامه وينزل عليه الوحي وربما رأى في منامه نحو رؤيا إبراهيم عليه السلام، والنبي ربما سمع الكلام وربما رأى الشخص ولم يسمع والامام هو الذي يسمع الكلام ولا يرى الشخص. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الاحول قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرسول والنبي والمحدث، قال: الرسول الذي يأتيه جبرئيل قبلا (2) فيراه ويكلمه فهذا الرسول، وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرئيل عليه السلام من عند الله بالرسالة وكان محمد صلى الله عليه وآله حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرئيل ويكلمه بها قبلا، ومن الانبياء من جمع له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه، من غير أن يكون يرى في اليقظة، وأما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع، ولا يعاين ولا يرى في منامه.


(1) قوله، (ولا محدث) انما هو في قراءة اهل البيت عليهم السلام وهو بفتح الدال المشددة (في) (2) قبلا بضمتين وفتحتين وكصرد وعنب أي عيانا ومقابلة. (في) [ * ]

[ 177 ]

4 – أحمد بن محمد (1) ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن حسان عن ابن فضال، عن علي بن يعقوب الهاشمي، عن مروان بن مسلم، عن بريد، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام في قوله عز وجل: ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) ” قلت: جعلت فداك ليست هذه قراءتنا فما الرسول والنبي والمحدث؟ قال: الرسول الذي يظهر له الملك فيكلمه والنبي هو الذي يرى في منامه وربما اجتمعت النبوة والرسالة لواحد والمحدث الذي يسمع الصوت ولا يرى الصورة، قال: قلت: أصلحك الله كيف يعلم أن الذي رأى في النوم حق، وأنه من الملك؟ قال: يوفق لذلك حتى يعرفه، لقد ختم الله بكتابكم الكتب وختم بنبيكم الانبياء. (باب) * (أن الحجة لا تقوم لله على خلقه الا بامام) * 1 – محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبن أبي عمير، عن الحسن بن محبوب، عن داود الرقي، عن العبد الصالح عليه السلام قال: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام حتى يعرف (2). 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إن أبا عبد الله عليه السلام قال: إن الحجة لا تقوم لله عز وجل على خلقه إلا بإمام حتى يعرف. 3 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن سعيد بن سعد عن محمد بن عمارة، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: إن الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام حتى يعرف. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن خلف بن حماد، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق.


(1) كانه العاصمى. (آت) (2) في بعض النسخ [ حى يعرف ] وكذا في الثاني والثالث. [ * ]

[ 178 ]

(باب) * (أن الارض لا تخلو من حجة) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: تكون الارض ليس فيها إمام؟ قال: لا، قلت: يكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس وسعدان ابن مسلم، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الارض لا تخلو إلا وفيها إمام، كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردهم، وإن نقصوا شيئا أتمه لهم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن ربيع بن محمد المسلي، عن عبد الله بن سليمان العامري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما زالت الارض إلا ولله فيها الحجة، يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس إلى سبيل الله. 4 – أحمد بن مهران، عن محمد بن على، عن الحسين بن ابى العلاء، عن ابى عبد الله عليه السلام قال: قلت له: تبقى الارض بغير امام؟ قال: لا. 5 – على بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن ابى بصير بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: قال: إن الله لم يدع الارض بغير عالم ولو لا ذلك لم يعرف الحق من الباطل. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله أجل و أعظم من أن يترك الارض بغير إمام عادل. 7 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي اسامة. وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي اسامة وهشام بن سالم، عن ابي حمزة، عن أبي إسحاق، عمن يثق به من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: اللهم إنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك. 8 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة،


[ 179 ]

عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: والله ما ترك الله أرضا منذ قبض آدم عليه السلام إلا وفيها إمام يهتدي به إلى الله وهو حجته على عباده، ولا تبقى الارض بغير إمام حجة لله على عباده. 9 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أبي علي بن راشد قال: قال أبو الحسن عليه السلام (1) إن الارض لا تخلو من حجة وأنا والله ذلك الحجة. 10 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أتبقى الارض بغير إمام؟ قال: لو بقيت الارض بغير إمام لساخت (2). 11 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: أتبقى الارض بغير إمام؟ قال: لا، قلت: فانا نروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنها لا تبقى بغير إمام إلا أن يسخط الله تعالى على أهل الارض أو على العباد، فقال: لا، لا تبقى إذا لساخت. 12 – علي، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن أبي هراسة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لو أن الامام رفع من الارض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله. 13 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام هل تبقى الارض بغير إمام؟ قال: لا قلت: إنا نروي أنها لا تبقى إلا أن يسخط الله عز وجل على العباد؟ قال: لا تبقى إذا لساخت. (باب) * (أنه لو لم يبق في الارض الا رجلان لكان أحدهما الحجة) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن ابن الطيار قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لو لم يبق في الارض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة. 2 – أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى جميعا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن عيسى ابن عبيد، عن محمد بن سنان، عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو بقي اثنان لكان أحدهما الحجة على صاحبه.


(1) يعنى الثالث عليه السلام. (2) يعنى انخسف بأهلها وذهبت بهم. (في) [ * ]

[ 180 ]

محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى مثله. 3 – محمد بن يحيى، عمن ذكره، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن جعفر بن محمد عن كرام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لو كان الناس رجلين لكان أحدهما الامام وقال: إن آخر من يموت الامام، لئلا يحتج أحد على الله عز وجل أنه تركه بغير حجة لله عليه. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن علي بن إسماعيل، عن ابن سنان، عن حمزة بن الطيار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لو لم يبق في الارض إلا اثنان لكان أحدهما الحجة – أو الثاني الحجة – الشك من أحمد بن محمد. 5 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن النهدي، عن أبيه، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لو لم يكن في الارض إلا اثنان لكان الامام أحدهما. (باب) * (معرفة الامام والرد إليه) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء قال: حدثنا محمد ابن الفضيل، عن أبي حمزة قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: إنما يعبد الله من يعرف الله، فأما من لا يعرف الله فإنما يعبده هكذا ضلالا (1) قلت: جعلت فداك فما معرفة الله؟ قال: تصديق الله عز وجل وتصديق رسوله صلى الله عليه وآله وموالاة علي عليه السلام والائتمام به وبأئمة الهدى عليهم السلام والبراءة إلى الله عزوجل من عدوهم، هكذا يعرف الله عز وجل. 2 – الحسين، عن معلى، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عائذ، عن أبيه، عن ابن اذينة قال: حدثنا غير واحد، عن أحدهما عليهما السلام أنه قال: لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والائمة كلهم وإمام زمانه، ويرد إليه ويسلم له، ثم قال: كيف يعرف الآخر وهو يجهل الاول؟!. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أخبرني عن معرفة الامام منكم واجبة على


(1) كانه أشار بقوله: هكذا إلى عبادة جماهير الناس و (ضلالا) تمييز له أو بدل. (في) [ * ]

[ 181 ]

جميع الخلق؟ فقال: إن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله إلى الناس أجمعين رسولا و حجة لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله واتبعه وصدقه فإن معرفة الامام منا واجبة عليه، ومن لم يؤمن بالله وبرسوله ولم يتبعه ولم يصدقه ويعرف حقهما (1) فكيف يجب عليه معرفة الامام وهو لا يؤمن بالله ورسوله ويعرف حقهما (1)؟! قال: قلت: فما تقول فيمن يؤمن بالله ورسوله ويصدق رسوله في جميع ما أنزل الله، يجب على اولئك حق معرفتكم؟ قال: نعم أليس هؤلاء يعرفون فلانا وفلانا قلت: بلى، قال: أترى أن الله هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء؟ والله ما أوقع ذلك في قلوبهم إلا الشيطان، لا والله ما ألهم المؤمنين حقنا إلا اله عز وجل. 4 – عنه، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إنما يعرف الله عز وجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت ومن لا يعرف الله عز وجل و [ لا ] يعرف الامام منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالا. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن وهب، عن ذريح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الائمة بعد النبي صلى الله عليه وآله فقال: كان أمير المؤمنين عليه السلام إماما، ثم كان الحسن عليه السلام إماما ثم كان الحسين عليه السلام إماما، ثم كان علي بن الحسين إمام، ثم كان محمد بن علي إماما، من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم قال: قلت: ثم أنت (2) جعلت فداك؟ – فأعدتها عليه ثلاث مرات – فقال لي: إني إنما حدثتك لتكون من شهداء الله تبارك وتعالى في أرضه. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه، عمن ذكره، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنكم لا تكونون صالحين حتى


(1) (يعرف حقهما) في الموضعين على النفى عطفا على المنفى. (في) (2) قوله: (ثم انت) تصديق أو استفهام، والسكوت على الاول تقرير وعلى الثاني اما للتقية أو لامر آخر وكانه عليه السلام اشار بآخر الحديث إلى قوله سبحانه: (الذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم، لهم أجرهم ونورهم) (في) [ * ]

[ 182 ]

تعرفوا ولا تعرفوا حتى تصدقوا ولا تصدقوا حتى تسلموا أبوابا أربعة (1) لا يصلح أولها إلا بآخرها، ضل أصحاب الثلاثة وتاهوا تيها بعيدا (2) إن الله تبارك وتعالى لا يقبل إلا العمل الصالح ولا يقبل الله إلا الوفاء بالشروط والعهود، فمن وفى لله عز وجل بشرطه واستعمل ما وصف في عهده نال ما عنده واستكمل [ ما ] وعده، إن الله تبارك وتعالى أخبر العباد بطرق الهدى وشرع لهم فيها المنار (3) وأخبرهم كيف يسلكون، فقال: ” وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (4) ” وقال: ” إنما يتقبل الله من المتقين (5) ” فمن اتقى الله فيما أمره لقي الله مؤمنا بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله، هيهات هيهات فات قوم وماتوا قبل أن يهتدوا وظنوا أنهم آمنوا، وأشركوا من حيث لا يعلمون. إنه من أتى البيوت من أبوابها اهتدى، ومن أخذ في غيرها سلك طريق الردى، وصل الله طاعة ولي أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الامر لم يطع الله ولا رسوله، وهو الاقرار بما انزل من عند الله عز وجل، خذوا زينتكم عند كل مسجد والتمسوا البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فانه أخبركم أنهم رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار، إن الله قد استخلص الرسل لامره، ثم استخلصهم مصدقين بذلك في نذره، فقال: ” وإن من امة إلا خلا فيها نذير (6) ” تاه من جهل، واهتدى من أبصر وعقل، إن الله عز وجل يقول: ” فإنها لا تعمى الابصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور (7) ” وكيف يهتدي من لم يبصر؟ وكيف يبصر من لم يتدبر؟ اتبعوا رسول الله وأهل بيته وأقروا بما نزل من عند الله واتبعوا آثار الهدى، فانهم علامات الامانة والتقى واعلموا أنه لو أنكر رجل عيسى ابن مريم عليه السلام وأقر بمن سواه من الرسل لم يؤمن، اقتصوا (8) الطريق بالتماس المنار والتمسوا من وراء الحجب الآثار (9)


(1) اشار بالابواب الاربعة إلى التوبة عن الشرك والايمان بالوحدانية والعمل الصالح و الاهتداء إلى الحجج عليهم السلام كما يتبين مما ذكر بعده، واصحاب الثلاثة اشارة إلى من لم يهتد إلى الحجج (في). (2) تاهوا تيها أي حاروا حيرة والشروط والعهود كناية عن الامور الاربعة المذكورة إذ هي شروط للمغفرة وعهود (في). (3) المنار جمع منارة على ما قاله ابن الاثير وهى علم الطريق (في). (4) طه 85. (5) المائدة 31. (6) الفاطر: 22. (7) الانبياء: 46. (8) أي: اقتفوا. (9) كانه اراد به ان لم يتيسر لكم الوصول إلى الامام فالتمسوا آثاره (في). [ * ]

[ 183 ]

تستكملوا أمر دينكم وتؤمنوا بالله ربكم. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الحسين بن صغير، عمن حدثه، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أبى الله أن يجري الاشياء إلا بأسباب، فجعل لكل شئ سببا وجعل لكل سبب شرحا وجعل لكل شرح علما، وجعل لكل علم بابا ناطقا، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن (1). 8 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان الله عز وجل بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير والله شانئ (2) لاعماله، ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت (3) ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها (4) الليل بصرت بقطيع غنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فباتت معها في مربضها فلما أن ساق الراعى قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها،


(1) أي جرت عادته سبحانه على وفق قانون الحكمة والمصلحة ان يوجد الاشياء بالاسباب كايجاد زيد من الاباء والمواد والعناصر وان كان قادرا على ايجاده من كتم العدم دفعة بدون الاسباب وكذا علوم اكثر العباد ومعارفهم جعلها منوطة بشرائط وعلل واسباب اكالمعلم والامام و الرسول والملك واللوح والقلم وان كان يمكنه افاضتها بدونها وكذا ساير الامور التى تجرى في العالم ففيما هو عليه السلام بصدد بيانه من الحاجة إلى الامام الشئ: حصول النجاة والوصول إلى درجات السعادت الاخروية أو الاعم والسبب: المعرفة والطاعة، والشرح: الشريعة المقدسة، والعلم بالتحريك أي ما يعلم به الشرع أو بالكسر أي سبب علم وهو القرآن والباب الناطق الذى به يوصل إلى علم القرآن: النبي صلى الله عليه وآله في زمانه والائمة صلوات الله عليهم بعده فظهر انه لا بد في حصول النجاة و الوصول إلى الجنة الصورية والمعنوية من معرفة النبي صلى الله عليه وآله والامام عليه السلام، ويحتمل ان يكون العلم: الرسول صلى الله عليه وآله والباب: الامام فقوله: ذاك راجع اليهما معا والاول اظهر (آت). (2) أي مبغض لاعماله بمعنى انها غير مقبولة عند الله وصاحبها غير مرضى عنده سبحانه (آت). (3) أي دخلت في السعي والتعب بلا روية وعلم (ذاهبة جائية) متحيره في جميع يومها (آت). (4) أي حان حين خوفه واحاطت ظلمة الجهل به ولم يعرف من يحصل له الثقة به وطلب من يلحق به، لحق على غير بصيرة لجماعة يراهم مجتمعين على من لا يعرف حاله وحن إليهم واغتر بهم، ظنا منه انهم على ما هو عليه. قوله: مع راعيها أي الشاة وفى بعض النسخ [ مع راعية ] فالضمير راجع إلى الغنم (آت). [ * ]

[ 184 ]

فبصرت بغنم مع راعيها فحنت إليها واغترت بها (1) فصاح بها الراعي: الحقي براعيك، وقطيعك فأنت تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة، متحيرة، تائهة، لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها، فأكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عز وجل ظاهر عادل، أصبح ضالا تائها، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق، و اعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شئ، ذلك هو الضلال البعيد. 9 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن قال، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم؟ فقال نحن على الاعراف، نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الاعراف الذي لا يعرف الله عز وجل إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الاعراف يعرفنا الله عز وجل يوم القيامة على الصراط، فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه. إن الله تبارك وتعالى لو شاء لعرف العباد نفسه ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والوجه الذي يؤتى منه، فمن عدل عن ولايتنا أو فضل علينا غيرنا، فانهم عن الصراط لناكبون، فلا سواء من اعتصم الناس به (2) ولا سواء حيث ذهب الناس إلى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض، وذهب من ذهب إلينا إلى عيون صافية تجري بأمر ربها، لا نفاد لها ولا انقطاع. 10 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن محمد، عن بكر بن صالح، عن الريان بن شبيب، عن يونس، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا أبا حمزة يخرج أحدكم فراسخ فيطلب لنفسه دليلا وأنت بطرق


(1) في القاموس الحنن الشوق وتوقان النفس، والذعرة الفزع والخوف (آت). (2) يعنى ليس كل من اعتصم الناس به سواء في الهداية ولا سواء فيما يسقيهم بل بعضهم يهديهم إلى الحق والى طريق مستقيم ويسقيهم من عيون صافية وبعضهم يذهب بهم إلى الباطل والى طريق الضلال ويسقيهم من عيون كدرة كما يفسره فيما بعده، يفرغ أي يصب بعضها في بعض حتى يفرغ (في). [ * ]

[ 185 ]

السماء أجهل منك بطرق الارص، فاطلب لنفسك دليلا. 11 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أيوب بن الحر، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا (1) ” فقال: طاعة الله ومعرفة الامام. 12 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: هل عرفت إمامك؟ قال: قلت: إي والله، قبل أن أخرج من الكوفة، فقال: حسبك إذا. 13 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن بريد قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قول الله تبارك وتعالى: ” أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس (2) ” فقال: ” ميت ” لا يعرف شيئا و ” نورا يمشي به في الناس “: إماما يؤتم به ” كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها ” قال: الذي لا يعرف الامام. 14 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة ومحمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين فقال عليه السلام: يا أبا عبد الله ألا اخبرك بقول الله عز وجل: ” من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون * ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون (3) “؟ قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك، فقال: الحسنة معرفه الولاية وحبنا أهل البيت والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت، ثم قرأ عليه هذه الآية. (باب فرض طاعة الائمة) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ذروة الامر وسنامه (4) ومفتاحه وباب الاشياء ورضا الرحمن تبارك


(1) البقرة: 273. (2) الانعام: 123. (3) النمل: 91، 92. (4) ذروة الامر بالضم وبالكسر اعلاه والامر الايمان أو جميع الامور الدينية أو الاعم منها ومن الدنيوية، وسنامه بالفتح أي اشرفه وارفعه مستعارا من سنام البعير لانه اعلا عضو منه (آت). [ * ]

[ 186 ]

وتعالى الطاعة للامام بعد معرفته، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول: ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا (1) “. 2 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح قال: أشهد أني سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أشهد أن عليا إمام فرض الله طاعته وأن الحسن إمام فرض الله طاعته وأن الحسين إمام فرض الله طاعته وان علي بن الحسين إمام فرض الله طاعته وأن محمد بن علي إمام فرض الله طاعته. 3 – وبهذا الاسناد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي قال: حدثنا حماد ابن عثمان، عن بشير العطار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نحن قوم فرض الله طاعتنا وأنتم تأتمون بمن لا يعذر الناس بجهالته. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز و جل: ” وآتيناهم ملكا عظيما (2) ” قال: الطاعة المفروضة. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط عن أبي الحسن العطار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أشرك بين الاوصياء و الرسل في الطاعة. 6 – أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أبي الصباح الكناني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: نحن قوم فرض الله عز وجل طاعتنا، لنا الأنفال، ولنا صفوا المال (3) ونحن الراسخون في العلم، ونحن المحسودون الذين قال الله: ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ” (4).


(1) النساء: 83 (2) النساء: 58، والطاعة المفروضة أي الامامة التى هي رئاسة عامة على الناس، وانما فرض الطاعة من الله والانقياد لهم فانه خلافة من الله وملك وسلطنة عظيمة لا يدانيه شئ من مراتب الملك والسلطنة (آت). (3) الانفال الغنائم وما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب من الارضين ورؤس الجبال وبطون الاودية والاجام وما يجرى مجرى ذلك والصفو من الغنيمة ما اختاره الرئيس لنفسه قبل القسمة و وخالص كل شى (في). (4) النساء 58. [ * ]

[ 187 ]

7 – أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء قال: ذكرت لابي عبد الله عليه لاسلام قولنا في الاوصياء أن طاعتهم مفترضة قال: فقال: نعم، هم الذين قال الله تعالى: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم ” وهم الذين قال الله عز وجل: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (1) “. 8 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سأل رجل فارسي أبا الحسن عليه السلام فقال: طاعتك مفترضة؟ فقال: نعم، قال: مثل طاعة علي ابن أبي طالب عليه السلام؟ فقال: نعم. 9 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الائمة هل يجرون في الامر والطاعة مجرى واحد؟ قال: نعم. 10 – وبهذا الاسناد، عن مروك بن عبيد، عن محمد بن زيد الطبري قال: كنت قائما على رأس الرضا عليه السلام بخراسان وعنده عدة من بني هاشم وفيهم إسحاق بن موسى بن عيسى العباسي فقال: يا إسحاق بلغني أن الناس يقولون: إنا نزعم أن الناس عبيد لنا، لا وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله ما قلته قط ولا سمعته من آبائي قاله ولا بلغني عن أحد من آبائي قاله، ولكني أقول: الناس عبيد لنا في الطاعة، موال لنا في الدين، فليبلغ الشاهد الغائب. 11 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن أبي سلمة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: نحن الذين فرض الله طاعتنا، لا يسع الناس إلا معرفتنا ولا يعذر الناس بجهالتنا، من عرفنا كان مؤمنا، ومن أنكرنا كان كافرا، ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترض الله عليه من طاعتنا الواجبة فإن يمت على ضلالته يفعل الله به ما يشاء. 12 – علي، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن الفضيل (2) قال: سألته عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله عز وجل، قال: أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله


(1) المائدة: 61 وروى السيوطي في تفسيره الدر المنثور أخبارا كثيرة في نزول الاية في على عليه السلام واما اطلاق لفظ الجمع على الواحد تعظيما فهو شائع ذائع في اللغة والعرف (آت) (2) الظاهر انه محمد بن القاسم بن الفضيل (آ ت). [ * ]

[ 188 ]

عز وجل طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة اولي الامر، قال أبو جعفر عليه السلام: حبنا إيمان وبغضنا كفر. 13 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن فضالة بن أيوب، عن أبان، عن عبد الله بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: أعرض عليك ديني الذي أدين الله عز وجل به؟ قال: فقال: هات قال. فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما جاء به من عند الله وأن عليا كان إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده الحسن إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده الحسين إماما فرض الله طاعته، ثم كان بعده علي بن الحسين إماما فرض الله طاعته حتى انتهى الامر إليه، ثم قلت: أنت يرحمك الله؟ قال: فقال: هذا دين الله ودين ملائكته. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة، عن أبي إسحاق، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: اعلموا أن صحبة العالم (1) واتباعه دين يدان الله به، وطاعته مكسبة للحسنات ممحات للسيئات وذخيرة للمؤمنين ورفعة (2) فيهم في حياتهم وجميل بعد مماتهم (3). 15 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيى، عن منصور ابن حازم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله، قال: صدقت، قلت إن من عرف أن له ربا، فقد ينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضا وسخطا، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي أو رسول، فمن لم يأته الوحي فينبغي له أن يطلب الرسل فإذا لقيهم عرف أنهم الحجة وأن لهم الطاعة المفترضة، فقلت للناس: أليس تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان هو الحجة من الله على خلقه؟ قالوا: بلى، قلت: فحين مضى صلى الله عليه وآله من كان الحجة؟ قالوا: القرآن فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتي يغلب الرجال بخصومته، فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه


(1) العالم هنا يحتمل معنيين احدهما الامام المعصوم والثانى الاعم منه ومن كل عالم يعمل بعلمه والاول اظهر (في) (2) في بعض النسخ [ ورحمة ] (3) أي ذكر جميل أو اجر جميل (آت). [ * ]

[ 189 ]

من شئ كان حقا فقلت لهم: من قيم القرآن قالوا: ابن مسعود قد كان يعلم وعمر يعلم وحذيفة يعلم، قلت: كله؟ قالوا لا، فلم أجد أحدا يقال إنه يعلم القرآن كله إلا عليا صلوات الله عليه وإذا كان الشئ بين القوم فقال هذا: لا أدري وقال هذا: لا أدري وقال هذا لا أدري، وقال هذا: أنا أدري، فأشهد أن عليا عليه السلام كان قيم القرآن، وكانت طاعته. مفترضة وكان الحجة على الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأن ما قال في القرآن فهو حق، فقال رحمك الله، فقلت: إن عليا عليه السلام لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن الحجة بعد علي الحسن بن علي وأشهد على الحسن أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وجده وأن الحجة بعد الحسن الحسين وكانت طاعته مفترضة فقال: رحمك الله، فقبلت رأسه وقلت: وأشهد على الحسين عليه السلام أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده علي بن الحسين وكانت طاعته مفترضة، فقال: رحمك الله، فقبلت رأسه وقلت: وأشهد على علي بن الحسين أنه لم يذهب حتى ترك حجة من بعده محمد بن علي أبا جعفر وكانت طاعته مفترضة، فقال: رحمك الله، قلت: أعطني رأسك حتى أقبله فضحك، قلت: أصلحك الله قد علمت أن أباك لم يذهب حتى ترك حجة من بعده كما ترك أبوه واشهد بالله أنك أنت الحجة وأن طاعتك مفترضة، فقال: كف رحمك الله، قلت: أعطني رأسك اقبله فقبلت رأسه فضحك وقال: سلني عما شئت، فلا أنكرك بعد اليوم أبدا 16 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: الاوصياء طاعتهم مفترضة؟ قال: نعم هم الذين قال الله عز وجل: ” أطيعوا الله و أطيعوا الرسول واولي الامر منكم (1) ” وهم الذين قال الله عز وجل ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (2) “. 17 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن عن حماد، عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: السمع والطاعة أبواب الخير،


(1) النساء 63. (2) المائدة: 61. [ * ]

[ 190 ]

السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له، وإمام المسلمين تمت حجته واحتجاجه يوم يلقى الله عز وجل ثم قال: يقول الله تبارك وتعالى: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم (1) “. (باب) * (في أن الائمة شهداء الله عز وجل على خلقه) * 1 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن سماعة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا (2) ” قال: نزلت في امة محمد صلى الله عليه وآله خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد صلى الله عليه وآله شاهد علينا. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن عمر بن اذينة، عن بريد العجلي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن قول الله عز وجل: ” وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس (3) ” قال: نحن الامة الوسطى ونحن شهداء الله على خلقه وحججه في أرضه، قلت: قول الله عز وجل: ” ملة أبيكم إبراهيم ” قال: إيانا عنى خاصة ” هو سماكم المسلمين من قبل ” في الكتب التي مضت ” وفي هذا ” القرآن ” ليكون الرسول عليكم شهيدا (4) ” فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله عزوجل ونحن الشهداء على الناس فمن صدق صدقناه يوم القيامة، ومن كذب كذبناه يوم القيامة. 3 – وبهذا الاسناد عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عمر الحلال قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه (5) ” فقال: أمير المؤمنين صلوات الله عليه الشاهد على رسول الله صلى الله عليه وآله، ورسول الله صلى الله عليه وآله على بينة من ربه.


(1) الاسراء 74. (2) النساء: 45. (3) البقرة: 138. (4) الحج: 78 – 79 وفى المصحف (شهيدا عليكم). (5) هود 21. [ * ]

[ 191 ]

4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد العجلي قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: قول الله تبارك وتعالى: ” وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ” قال: نحن الامة الوسط ونحن شهداء الله تبارك وتعالى على خلقه، وحججه في أرضه، قلت: قوله تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون * وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم (1) ” قال: إيانا عنى ونحن المجتبون، ولم يجعل الله تبارك وتعالى في الدين ” من حرج ” فالحرج أشد من الضيق ” ملة أبيكم إبراهيم ” إيانا عنى خاصة و ” سماكم المسلمين ” الله سمانا المسلمين ” من قبل ” في الكتب التي مضت ” وفي هذا ” القرآن ” ليكون الرسول عليكم شهيدا (2) وتكونوا شهداء على الناس ” فرسول الله صلى الله عليه وآله الشهيد علينا بما بلغنا عن الله تبارك وتعالى، ونحن الشهداء على الناس، فمن صدق يوم القيامة صدقناه ومن كذب كذبناه. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: إن الله تبارك وتعالى طهرنا وعصمنا وجعلنا شهداء على خلقه، وحجته في أرضه، و جعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام هم الهداة) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد وفضالة بن أيوب، عن موسى بن بكر، عن الفضيل قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” ولكل قوم هاد (3) ” فقال: كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: ” إنما أنت منذر ولكل


(1) الحج: 78، 79. (2) في المصحف (شهيدا عليكم). (3) الرعد: 9. [ * ]

[ 192 ]

قوم هاد ” فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله، ثم الهداة من بعده علي ثم الاوصياء واحد بعد واحد. 3 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد ابن إسماعيل، عن سعدان، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” إنما أنت منذر ولكل قوم هاد “؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي الهادي، يا أبا محمد هل من هاد اليوم؟ قلت: بلى جعلت فداك ما زال منكم هاد بعد هاد حتى دفعت إليك، فقال: رحمك الله يا أبا محمد لو كانت إذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل، ماتت الآية، مات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن منصور، عن عبد الرحيم القصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ” فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر وعلي الهادي، أما والله ما ذهبت منا وما زالت فينا إلى الساعة. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام ولاة أمر الله وخزنة علمه) * 1 – محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نحن ولاة أمر الله، وخزنة علم الله وعيبة وحي الله (1). 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط، عن سورة بن كليب قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: والله إنا لخزان الله في سمائه وأرضه، لا على ذهب ولا على فضة إلا على علمه. 3 – علي بن موسى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد رفعه، عن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك ما أنتم؟ قال: نحن خزان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله، ونحن الحجة البالغة على من دون السماء ومن فوق الارض.


(1) العيبة زبيل من ادم ومن الرجل موضع سره (في). [ * ]

[ 193 ]

4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب (1)، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الله تبارك و تعالى استكمال حجتي على الاشقياء من امتك (2) من ترك ولاية علي والاوصياء من بعدك، فإن فيهم سنتك وسنة الانبياء من قبلك، وهم خزاني على علمي من بعدك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد أنبأني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم. 5 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن خالد، عن فضالة بن أيوب، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا ابن أبي يعفور إن الله واحد متوحد بالوحدانية، متفرد بأمره، فخلق خلقا فقدرهم لذلك الامر فنحن هم يا ابن أبي يعفور فنحن حجج الله في عباده، وخزانه على علمه، والقائمون بذلك. 6 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم بن معاوية، ومحمد بن يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله عز وجل خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا (3)، وجعلنا خزانه في سمائه وأرضه، ولنا نطقت الشجرة وبعبادتنا عبد الله عز وجل (4)، ولولانا ما عبد الله. (باب) * (أن الائمة عليه السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه وأبوابه التي منها يؤتى) * 1 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي مسعود، عن الجعفري قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: الائمة خلفاء الله عز وجل في أرضه. 2 – عنه، عن معلى، عن محمد بن جمهور، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الاوصياء هم أبواب الله عز وجل التي يؤتى منها ولولاهم ما عرف الله عزوجل وبهم احتج الله تبارك وتعالى على خلقه. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان قال:


(1) في بعض النسخ [ عن النضر بن سويد ]. (2) على الاشقياء من امتك خبر استكمال حجتى ومن ترك بدل من الاشقياء يفسره. (في) (3) في بعض النسخ [ وصورنا فاحسن صورتنا ]. (4) أي بمعرفتنا وعبادتنا اياه تعالى التى نعرفه ونعبده ونهدى عباده إليها ونعلمها اياهم عبد الله. [ * ]

[ 194 ]

سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله جل جلاله: ” وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم (1) ” قال: هم الائمة. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام نور الله عز وجل) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن مرداس قال: حدثنا صفوان ابن يحيى والحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا (2) ” فقال: يا أبا خالد النور والله الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله إلى يوم القيامة، وهم والله نور الله الذي أنزل، وهم والله نور الله في السماوات وفي الارض، والله يا أبا خالد لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار، وهم والله ينورون قلوب المؤمنين، ويحجب الله عز وجل نورهم عمن يشاء فتضللم قلوبهم، والله يا أبا خالد لا يحبنا عبد ويتولانا حتى يطهر الله قلبه ولا يطهر الله قلب عبد حتى يسلم لنا ويكون سلما لنا فإذا كان سلما لنا سلمه الله من شديد الحساب وآمنه من فزع يوم القيامة الاكبر. 2 – علي بن إبراهيم بإسناده، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ” الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث – إلى قوله – واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون (3) ” قال: النور في هذا الموضع [ علي ] أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام. 3 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي الجارود قال قلت لابي جعفر عليه السلام: لقد آتى الله أهل الكتاب خيرا كثيرا، قال: وما ذاك؟ قلت: قول الله تعالى: ” الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون – إلى قوله – اولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا (4) ” قال: فقال: قد آتاكم الله كما آتاهم، ثم تلا: ” يا أيها الذين آمنوا اتقو الله وآمنوا برسوله


(1) النور: 55. (2) التغابن: 8. (3) الاعراف: 157. (4) ص: 54، 55. [ * ]

[ 195 ]

يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به (1) ” يعني إماما تأتمون به. 4 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط والحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن أبي خالد الكابلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: ” فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا (2) ” فقال: يا أبا خالد النور والله الائمة عليهم السلام يا أبا خالد لنور الامام في قلوب المؤمنين أنور من الشمس المضيئة بالنهار وهم الذين ينورون قلوب المؤمنين، ويحجب الله نورهم عمن يشاء فتظلم قلوبهم ويغشاهم بها. 5 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن عبد الله بن القاسم، عن صالح بن سهل الهمداني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ” الله نور السماوات والارض مثل نوره كمشكوة (3) ” فاطمة عليهما السلام ” فيها مصباح ” الحسن ” المصباح في زجاجة ” الحسين ” الزجاجة كأنها كوكب دري ” فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا ” يوقد من شجرة مباركة ” إبراهيم عليه السلام ” زيتونة لا شرقية ولا غربية ” لا يهودية ولا نصرانية ” يكاد زيتها يضئ ” يكاد العلم ينفجر بها ” ولو لم تمسسه نار نور على نور ” إمام منها بعد إمام ” يهدي الله لنوره من يشاء ” يهدي الله للائمة من يشاء ” ويضرب الله الامثال للناس “، قلت: ” أو كظلمات ” قال: الاول وصاحبه ” يغشاه موج ” الثالث ” من فوقه موج ” ظلمات الثاني ” بعضها فوق بعض ” معاوية لعنه الله وفتن بني امية ” إذا أخرج يده ” المؤمن في ظلمة فتنتهم ” لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا ” إماما من ولد فاطمة عليها السلام ” فما له من نور ” إمام يوم القيامة. وقال في قوله: ” يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم (4) “: أئمة المؤمنين يوم القيامة تسعى بين يدي المؤمنين وبأيمانهم حتى ينزلوهم منازل أهل الجنة. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي ومحمد بن يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر عليه السلام، عن أخيه موسى عليه السلام مثله. 6 – أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن محمد بن الحسن وموسى بن عمر،


(1) الحديد: 29. (2) التغابن: 8. (3) النور: 35. (4) الحديد: 12. [ * ]

[ 196 ]

عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن قول الله تبارك وتعالى: ” يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم (1) ” قال يريدون ليطفؤوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم، قلت: قوله تعالى: ” والله متم نوره ” قال: يقول: والله متم الامامة والامامة هي النور وذلك قوله عز وجل: ” آمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ” قال: النور هو الامام. (باب ان الائمة هم أركان الارض) 1 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما جاء به علي عليه السلام آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد صلى الله عليه وآله ولمحمد صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله عز وجل، المتعقب عليه في شئ من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله (2) والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، كان أمير المؤمنين عليه السلام باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجري لائمة الهدى واحدا بعد واحد، جعلهم الله أركان الارض أن تميد بأهلها وحجته البالغة على من فوق الارض ومن تحت الثرى، وكان أمير المؤمنين صلوات الله عليه كثيرا ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار (3) وأنا الفاروق الاكبر وأنا صاحب العصا والميسم ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد صلى الله عليه وآله ولقد حملت على مثل حمولته (4) وهي حمولة الرب وإن رسول الله صلى الله عليه وآله يدعى (5) فيكسى، وادعى


(1) الصف: 8. (2) المتعقب الطاعن والمعترض والضمير في عليه لعلي عليه السلام. (3) أي قسيم من الله بين الجنة والنار أي اهليهما وذلك لان حبه موجب للجنة وبغضه موجب للنار، فيه يقسم الفريقان وبه يفترقان وانا الفاروق الاكبر إذ به يفرق بين الحق والباطل و أهليهما وصاحب العصا أي عصا موسى التى صارت إليه من شعيب والى شعيب من آدم يعنى هي عندي أقدر بها على ما قدر عليه موسى والميسم بالكسر: المكواة، لما كان بحبه وبغضه عليه السلام يتميز المؤمن من المنافق فكأنه كان يسم على جبين المنافق بكى النفاق. (في) (4) حملت على التكلم والبناء للمفعول والحمولة بالضم: الاحمال، يعنى كلفني الله ربى مثل ما كلف محمدا من اعباء التبليغ والهداية وهى حمولة الرب أي الاحمال التى وردت من الله سبحانه لتربية الناس وتكميلهم (في) (5) يدعى بصيغة المجهول أي في القيامة وادعى واكسى أي مثل دعائه وكسائه ويستنطق بصيغة المجهول أي للشهادة أو للشفاعة أو للاحتجاج على الامة أو الاعم والمنطق بكسر الطاء مصدر ميمى (آت) [ * ]

[ 197 ]

فأكسى ويستنطق واستنطق فأنطق على حد منطقه، ولقد اعطيت خصالا ما سبقني إليها أحد قبلي علمت المنايا والبلايا، والانساب وفصل الخطاب (1)، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، ابشر باذن الله واؤدي عنه، كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه. الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور العمي، عن محمد بن سنان قال: حدثنا المفضل قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول، ثم ذكر الحديث الاول. 2 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي قال: حدثنا سعيد الاعرج قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله عليه السلام فابتدأنا فقال: يا سليمان ما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام يؤخذ به وما نهى عنه ينتهى عنه جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله ولرسول الله صلى الله عليه وآله الفضل على جميع من خلق الله المعيب (2) على أمير المؤمنين عليه السلام في شئ من أحكامه كالمعيب على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وآله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه باب الله الذي لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وبذلك جرت الائمة عليهم السلام واحد بعد واحد، جعلهم الله أركان الارض أن تميد بهم، والحجة البالغة على من فوق الارض ومن تحت الثرى. وقال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا قسيم الله بين الجنة والنار، وأنا الفاروق الاكبر وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقرت لمحمد صلى الله عليه وآله ولقد حملت على مثل حمولة محمد صلى الله عليه وآله وهي حمولة الرب وإن محمدا صلى الله عليه وآله يدعى فيكسى ويستنطق وادعى فاكسي واستنطق فأنطق على حد منطقه، ولقد اعطيت خصالا لم يعطهن أحد قبلي، علمت علم المنايا والبلايا، والانساب و فصل الخطاب، فلم يفتني ما سبقني، ولم يعزب عني ما غاب عني، أبشر بإذن الله واؤدي عن الله عز وجل، كل ذلك مكنني الله فيه بإذنه. 3 – محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا، عن محمد بن الحسن، عن علي بن حسان


(1) المنايا والبلايا: آجال الناس ومصائبهم وفصل الخطاب الخطاب المفصول الغير المشتبه، قلم يفتنى ما سبقني أي علم ما مضى، ما غاب عنى أي علم ما يأتي. (في) (2) في بعض النسخ [ المتعقب ] في الموضعين. [ * ]

[ 198 ]

قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي، عن أبي الصامت الحلواني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: فضل أمير المؤمنين عليه السلام (1): ما جاء به آخذ به وما نهى عنه أنتهي عنه، جرى له من الطاعة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ما لرسول الله صلى الله عليه وآله والفضل لمحمد صلى الله عليه وآله، المتقدم بين يديه كالمتقدم بين يدي الله ورسوله، والمتفضل عليه كالمتفضل على رسول الله صلى الله عليه وآله والراد عليه في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله باب الله الذي لا يؤتى إلا منه وسبيله الذي من سلكه وصل إلى الله عز وجل وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام من بعده وجرى للائمة عليهم السلام واحدا بعد واحد، جعلهم الله عز وجل أركان الارض أن تميد بأهلها، وعمد الاسلام، ورابطة على سبيل هداه، لا يهتدي هاد إلا بهداهم ولا يضل خارج من الهدى إلا بتقصير عن حقهم، أمناء الله على ما أهبط من علم أو عذر أو نذر، والحجة البالغة على من في الارض، يجري لآخرهم من الله مثل الذي جرى لاولهم، ولا يصل أحد إلى ذلك إلا بعون الله. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا قسيم الله بن الجنة والنار، لا يدخلها داخل إلا على حد قسمي، وأنا الفاروق الاكبر، وأنا الامام لمن بعدي، والمؤدي عمن كان قبلي، لا يتقد مني أحد إلا أحمد صلى الله عليه وآله وإني وإياه لعلى سبيل واحد إلا أنه هو المدعو باسمه ولقد اعطيت الست: علم المنايا والبلايا، والوصايا، وفصل الخطاب، وإني لصاحب الكرات (2) ودولة الدول، وإني لصاحب العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس (3). (باب) * (نادر جامع في فضل الامام وصفاته) * 1 – أبو محمد القاسم بن العلاء – رحمه الله – رفعه، عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضا عليه السلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فأداروا


(1) أي ما اذكره هو من فضل أمير المؤمنين عليه السلام. (2) أي الرجعات إلى الدنيا، ودولة الدول: أي غلبة الغلبات. (3) اشارة إلى قوله سبحانه في سورة النمل: 82: (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون). [ * ]

[ 199 ]

أمر الامامة وذكروا كثرة أختلاف الناس فيها، فدخلت على سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم عليه السلام ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه صلى الله عليه وآله حتى اكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شئ، بين فيه الحلال والحرام، والحدود والاحكام، وجميع ما يحتاج إليه الناس كملا، فقال عز وجل: ” ما فرطنا في الكتاب من شئ (1) ” وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلى الله عليه وآله: ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا (2) ” وأمر الامامة من تمام الدين، ولم يمض صلى الله عليه وآله حتى بين لامته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق، وأقام لهم عليا عليه السلام علما وإمام وما ترك [ لهم ] شيئا يحتاج إليه الامة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به. هل يعرفون قدر الامامة ومحلها من الامة فيجوز فيها اختيارهم، إن الامامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلا مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماما باختيارهم، إن الامامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره (3)، فقال: ” إني جاعلك للناس إماما (4) ” فقال الخليل عليه السلام سرورا بها: ” ومن ذريتي ” قال الله تبارك وتعالى: ” لا ينال عهدي الظالمين “. فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة وصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال: ” ووهبنا له إسحاق و يعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين * وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين (5) “. فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله، فقال جل وتعالى: ” إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين (6) ” فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام


(1) الانعام: 38. (2) المائدة: 3. (3) الاشادة رفع الصوت بالشئ. (4) البقرة: 124. (5) الانبياء: 73. (6) آل عمران: 68. [ * ]

[ 200 ]

بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان، بقوله تعالى: ” قال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث (1) ” فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن أين يختار هؤلاء الجهال. إن الامامة هي منزلة الانبياء، وإرث الاوصياء، إن الامامة خلافة الله وخلافة الرسول صلى الله عليه وآله ومقام أمير المؤمنين عليه السلام وميراث الحسن والحسين عليهما السلام إن الامامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الامامة أس الاسلام النامي، وفرعه السامي، بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد، وتوفير الفئ والصدقات، وإمضاء الحدود والاحكام، ومنع الثغور والاطراف. الامام يحل حلال الله، ويحرم حرام الله، ويقيم حدود الله، ويذب عن دين الله، ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة، والموعظة الحسنة، والحجة البالغة، الامام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهي في الافق بحيث لا تنالها الايدي والابصار. الامام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى (2) وأجواز البلدان والقفار، ولجج البحار، الامام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى، والمنجي من الردى، الامام النار على اليفاع (3)، الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك، من فارقه فهالك، الامام السحاب الماطر، والغيث الهاطل (4) و والشمس المضيئة، والسماء الظليلة، والارض البسيطة، والعين الغزيرة، والغدير والروضة. الامام الانيس الرفيق، والوالد الشفيق، والاخ الشقيق، والام البرة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد (5) الامام أمين الله في خلقه، وحجته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله. الامام المطهر من الذنوب والمبرا عن العيوب، المخصوص بالعلم، المرسوم بالحلم، نظام الدين، وعز المسلمين وغيظ المنافقين، وبوار الكافرين.


(1) الروم: 56 (2) الغيهب: الظلمة وشدة السواد، وأجواز جمع الجوز وهو من كل شئ وسطه (آت). (3) اليفاع ما ارتفع من الارض (4) الهاطل: المطر المتتابع المتفرق العظيم القطر (في). (5) الداهية الامر العظيم والنآد كسحاب بمعناها (في). [ * ]

[ 201 ]

الامام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادله عالم، ولا يوجد منه بدل ولا له مثل ولا نظير، مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب، بل اختصاص من المفضل الوهاب. فمن ذا الذي يبلغ معرفة الامام، أو يمكنه اختياره، هيهات هيهات، ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الالباب، وخسئت العيون (1) وتصاغرت العظماء، وتحيرت الحكماء، وتقاصرت الحلماء، وحصرت الخطباء، وجهلت الالباء، وكلت الشعراء، وعجزت الادباء، وعييت البلغاء، عن وصف شأن من شأنه، أو فضيلة من فضائله، وأقرت بالعجز والتقصير، وكيف يوصف بكله، أو ينعت بكنهه، أو يفهم شئ من أمره، أو يوجد من يقوم مقامه ويغني غناه، لا كيف وأنى؟ وهو بحيث النجم من يد المتناولين، ووصف الواصفين، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول عن هذا؟ وأين يوجد مثل هذا؟! أتظنون أن ذلك يوجد في غير آل الرسول محمد صلى الله عليه وآله كذبتهم والله أنفسهم، ومنتهم الاباطيل (2) فارتقوا مرتقا صعبا دحضا، تزل عنه إلى الحضيض أقدامهم، راموا إقامة الامام بعقول حائرة بائرة ناقصة، وآراء مضلة، فلم يزدادوا منه إلا بعدا، [ قاتلهم الله أنى يؤفكون (3) ] ولقد راموا صعبا، وقالوا إفكا، وضلوا ضلالا بعيدا، ووقعوا في الحيرة، إذ تركوا الامام عن بصيرة، وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين. رغبوا عن اختيار الله واختيار رسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته إلى اختيارهم والقرآن يناديهم: ” وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون (4) ” وقال عز وجل: ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ” الآية (5) وقال: ” ما لكم كيف تحكمون * أم لكم كتاب فيه تدرسون * إن لكم فيه لما تخيرون * أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون * سلهم أيهم بذلك زعيم * أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين (6) “


(1) الحلوم كالالباب: العقول، وضلت وتاهت وحارت متقاربة المعاني وخسئت أي كلت (آت) (2) أوقعت في انفسهم الامانى الباطلة أو أضعفهم. (آت). (3) هذا على رواية الصفوانى كما اشار إليه المجلسي. (4) القصص 68 (5) الاحزاب: 36. (6) القلم: 37 إلى 42. [ * ]

[ 202 ]

وقال عز وجل: ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (1) ” أم ” طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون (2) ” أم ” قالوا سمعنا وهم لا يسمعون * إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون (3) ” أم ” قالوا سمعنا وعصينا (4) ” بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، فكيف لهم باختيار الامام؟! والامام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل (5)، معدن القدس والطهارة، والنسك والزهادة، والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول صلى الله عليه وآله ونسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولا يدانيه ذو حسب، في البيت من قريش والذروة من هاشم، والعترة من الرسول صلى الله عليه وآله والرضا من الله عز وجل، شرف الاشراف، والفرع من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالامامة، عالم بالسياسة، مفروض الطاعة، قائم بأمر الله عز وجل، ناصح لعباد الله، حافظ لدين الله. إن الانبياء والائمة صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم، فيكون علمهم فوق علم أهل الزمان في قوله تعالى: ” أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فمالكم كيف تحكمون (6) ” وقوله تبارك وتعالى: ” ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا (7) ” وقوله في طالوت: ” إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم (8) ” وقال لنبيه صلى الله عليه وآله: ” أنزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما (9) ” وقال في الائمة من أهل بيت نبيه وعترته وذريته صلوات الله عليهم: ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا (10) “. وإن العبد إذا اختاره الله عز وجل لامور عباده، شرح صدره لذلك، وأودع قلبه ينابيع الحكمة، وألهمه العلم إلهاما، فلم يعي بعده بجواب، ولا يحير فيه عن


(1) محمد: 24 (2) راجع سورة التوبة: 87. (3) الانفال: 21 إلى 23 (4) البقرة: 93. (5) راع أي حافظ وفى بعض النسخ بالدال، لا ينكل من باب ضرب ونصر وعلم أي لا يضعف ولا يجبن. (آت) (6) يونس: 35 (7) البقرة: 269. (8) البقرة: 247. (9) راجع سورة النساء: 113. (10) النساء: 53 – 54. [ * ]

[ 203 ]

الصواب، فهو معصوم مؤيد، موفق مسدد، قد أمن من الخطايا والزلل والعثار، يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده، وشاهده على خلقه، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فهل يقدرون على مثل هذا فيختارونه أو يكون مختارهم بهذه الصفة فيقدمونه، تعدوا – وبيت الله – الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، وفي كتاب الله الهدى والشفاء، فنبذوه واتبعوا أهواء هم، فذمهم الله ومقتهم وأتعسهم فقال جل وتعالى: ” ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين (1) ” وقال: ” فتعسا لهم وأضل أعمالهم (2) ” وقال: ” كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار (3) ” وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم تسليما كثيرا. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن غالب، عن أبي عبد الله عليه السلام في خطبة له يذكر فيها حال الائمة عليه السلام و صفاتهم: أن الله عز وجل أوضح بأئمة الهدى من أهل بيت نبينا عن دينه، وأبلج بهم عن سبيل منهاجه، وفتح بهم عن باطن ينابيع علمه، فمن عرف من امة محمد صلى الله عليه وآله واجب حق إمامه، وجد طعم حلاوة إيمانه، وعلم فضل طلاوة إسلامه (4)، لان الله تبارك وتعالى نصب الامام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه (5)، وألبسه الله تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء، ولا ينقطع عنه مواده، ولا ينال ما عند الله إلا بجهة أسبابه، ولا يقبل الله أعمال العباد إلا بمعرفته، فهو عالم بما يرد عليه من ملتبسات الدجى، ومعميات السنن، ومشبهات الفتن، فلم يزل الله تبارك وتعالى يختارهم لخلقه من ولد الحسين عليه السلام من عقب كل إمام، يصطفيهم لذلك ويجتبيهم، ويرضي بهم لخلقه ويرتضيهم، كل ما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما، علما بينا، وهاديا نيرا، وإماما قيما، وحجة عالما، أئمة من الله، يهدون بالحق وبه يعدلون، حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه، يدين بهديهم


(1) القصص: 50. (2) محمد صلى الله عليه وآله: 8. والتعس بالفتح الهلاك. (3) الغافر: 35. (4) الطلاوة الحسن والبهجة والقبول (في) (5) اهل مواده أي اهل زياداته المتصلة و تكميلاته المتواترة الغير المنقطعة مطيعا كان أو عاصيا وعالمه بفتح اللام. (في) [ * ]

[ 204 ]

العباد (1) وتستهل بنورهم البلاد، وينمو ببركتهم التلاد، جعلهم الله حياة للانام، ومصابيح للظلام، ومفاتيح للكلام، ودعائم للاسلام، جرت بذلك فيهم مقادير الله على محتومها. فالامام هو المنتجب المرتضى، والهادي المنتجى (2)، والقائم المترجى، اصطفاه الله بذلك واصطنعه على عينه في الذر حين ذرأه، وفي البرية حين برأه، ظلا قبل خلق نسمة عن يمين عرشه، محبوا بالحكمة (3) في علم الغيب عنده، اختاره بعلمه، وانتجبه لطهره، بقية من آدم عليه السلام وخيرة من ذرية نوح، ومصطفى من آل إبراهيم، وسلالة من إسماعيل، وصفوة من عترة محمد صلى الله عليه وآله لم يزل مرعيا بعين الله، يحفظه ويكلؤه بستره، مطرودا عنه حبائل إبليس وجنوده، مدفوعا عنه وقوب الغواسق (4) ونفوث كل فاسق، مصروفا عنه قوارف السوء، مبرءا من العاهات، محجوبا عن الآفات، معصوما من الزلات، مصونا عن الفواحش كلها، معروفا بالحلم والبر في يفاعه (5)، منسوبا إلى العفاف والعلم والفضل عند انتهائه، مسندا إليه أمر والده، صامتا عن المنطق في حياته. فإذا انقضت مدة والده، إلى أن انتهت به مقادير الله إلى مشيئته، وجاءت الارادة من الله فيه إلى محبته، وبلغ منتهى مدة والده عليه السلام فمضى وصار أمر الله إليه من بعده، وقلده دينه، وجعله الحجة على عباده، وقيمه في بلاده، وأيده بروحه، وآتاه علمه، وأنبأه فصل بيانه، واستودعه سره، وانتدبه لعظيم أمره، وأنبأه فضل بيان علمه، ونصبه علما لخلقه، وجعله حجة على أهل عالمه، وضياء لاهل دينه، والقيم على عباده، رضي الله به إماما لهم، استودعه سره، واستحفظه علمه، واستخبأه حكمته (6) واسترعاه لدينه (7) وانتدبه لعظيم أمره، وأحيا به مناهج سبيله وفرائضه وحدوده، فقام بالعدل عند تحير أهل الجهل، وتحيير أهل الجدل، بالنور الساطع،


(1) في بعض النسخ [ يدين بهم العباد ] وتستهل أي يتنور، والتلاد: المال القديم. (2) المنتجى صاحب السر، واصطنعه على عينه اختاره على شهود منه بحاله (في). (3) أي منعما عليه وهو حال مقدرة لظلا بقرينة قوله: في علم الغيب. (آت). (4) الوقوب: دخول الظلام، والغاسق الليل المظلم، والنفوث كالنفخ والقرفة التهمة (في) (5) في يفاعه: أوائل سنه يقال ايفع الغلام إذا شارف الاحتلام ولم يحتلم. (في). (6) واستخبأه بالخاء المعجمة. أودع عنده وأمره بالكتمان. (في). (7) واسترعاه أي اعتنى بشأنه وفى بعض النسخ [ واستدعاه ]. [ * ]

[ 205 ]

والشفاء النافع، بالحق الابلج، والبيان اللائح من كل مخرج، على طريق المنهج، الذي مضى عليه الصادقون من آبائه عليهم السلام، فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي، ولا يجحده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام ولاة الامر وهم الناس المحسودون) * * (الذين ذكرهم الله عز وجل) * 1 – الحسين بن محمد بن عامر الاشعري، عن معلى بن محمد قال: حدثني الحسن ابن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن اذينة. عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم (1) ” فكان جوابه: ” ألم تر إلى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا (2) ” يقولون لائمة الضلالة والدعاة إلى النار: هؤلاء أهدى من آل محمد سبيلا ” اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا * أم لهم نصيب من الملك – يعني الامامة والخلافة – فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ” نحن الناس الذين عنى الله، والنقير النقطة التي في وسط النواة ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ” نحن الناس المحسودون على ما آتانا الله من الامامة دون خلق الله أجمعين ” فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ” يقول: جعلنا منهم الرسل والانبياء والائمة، فكيف يقرون به في آل إبراهيم عليه السلام وينكرونه في آل محمد صلى الله عليه وآله ” فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا * إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت (3) جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما “.


(1) النساء: 61. (2) النساء: 55 – 58 وسئل عن معنى اولى الامر فأجاب السائل ببيان آية اخرى ليفهم منه ما يريد مع ايضاح وتشييد، والجبت اسم صنم فاستعمل في كل ما عبد دون الله والطاغوت: الشيطان. (في) (3) نضجت أي احترقت. [ * ]

[ 206 ]

2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ” قال: نحن المحسودون. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي، عن محمد الاحول، عن حمران بن أعين قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: قول الله عز وجل: ” فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب “؟ فقال: النبوة، قلت: ” الحكمة “؟ قال: الفهم والقضاء، قلت: ” وآتيناهم ملكا عظيما “؟ فقال: الطاعة. 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ” فقال: يا أبا الصباح نحن والله الناس المحسودون. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن بريد العجلي عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ” قال: جعل منهم الرسل والانبياء والائمة فكيف يقرون في آل إبراهيم عليه السلام وينكرونه في آل محمد؟! صلى الله عليه وآله قال: قلت: ” وآتيناهم ملكا عظيما “؟ قال: الملك العظيم أن جعل فيهم أئمة، من أطاعهم أطاع الله، ومن عصاهم عصى الله، فهو الملك العظيم. (باب) * (ان الائمة عليهم السلام هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه) * 1 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق قال: حدثنا داود الجصاص قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ” وعلامات و بالنجم هم يهتدون (1) ” قال: النجم رسول الله صلى الله عليه وآله والعلامات هم الائمة عليهم السلام،


(1) النحل: 16. [ * ]

[ 207 ]

2 – الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أسباط بن سالم قال: سأل الهيثم أبا عبد الله عليه السلام وأنا عنده عن قول الله عز وجل: ” وعلامات وبالنجم هم يهتدون ” فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله النجم، والعلامات هم الائمة عليهم السلام. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله تعالى: ” وعلامات وبالنجم هم يهتدون ” قال: نحن العلامات والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله. (باب) * (أن الايات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الائمة عليهم السلام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن أحمد ابن هلال، عن امية بن علي، عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: ” وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون (1) ” قال: الآيات هم الائمة، والنذر هم الانبياء عليهم السلام. 2 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن موسى بن محمد العجلي، عن يونس بن يعقوب رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: ” كذبوا بآياتنا كلها (2) ” يعني الاوصياء كلهم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن أبي عمير، أو غيره، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية ” عم يتساءلون عن النبإ العظيم (3) ” قال: ذلك إلي إن شئت أخبرتهم وإن شئت لم اخبرهم، ثم قال: لكني أخبرك بتفسيرها، قلت: ” عم يتساءلون “؟ قال: فقال: هي في أمير المؤمنين صلوات الله عليه، كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول: ما لله عز وجل آية هي أكبر مني ولا لله من نبإ أعظم مني.


(1) يونس: 101. (2) القمر: 42. (3) النبأ: 2. [ * ]

[ 208 ]

(باب) * (ما فرض الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله من الكون) * * (مع الائمة عليهم السلام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن اذينة، عن بريد بن معاوية العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (1) ” قال إيانا عنى. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” قال: الصادقون هم الائمة والصديقون بطاعتهم. 3 – أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الحميد عن منصور بن يونس، عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب أن يحيى حياة تشبه حياة الانبياء، ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن (2) فليتول عليا وليوال وليه وليقتد بالائمة من بعده، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي، اللهم ارزقهم فهمي وعلمي، وويل للمخالفين لهم من امتي، اللهم لا تنلهم شفاعتي. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى يقول: استكمال حجتي على الاشقياء من امتك (3): من ترك ولاية علي ووالى أعداءه، وأنكر فضله وفضل الاوصياء من بعده، فإن فضلك فضلهم، وطاعتك طاعتهم، وحقك حقهم، ومعصيتك معصيتهم، وهم الائمة الهداة من بعدك، جرى فيهم روحك


(1) التوبة: 120. (2) غرسها الرحمن صنع الله غرسها برحمانيته من دون غارس. (في) (3) على الاشقياء من امتك خبر استكمال حجتى، ومن ترك بدل من الاشقياء يفسره (في) [ * ]

[ 209 ]

وروحك ما جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك وقد أجرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الانبياء قبلك، وهم خزاني على علمي من بعدك، حق علي لقد اصطفيتهم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم، ونجى من أحبهم ووالاهم وسلم لفضلهم، ولقد آتاني جبرئيل عليه السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب: عن أبي المغرا، عن محمد بن سالم، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أراد أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن التي غرسها الله ربي بيده، فليتول علي بن أبي طالب وليتول وليه، وليعاد عدوه، وليسلم للاوصياء من بعده، فإنهم عترتي من لحمي ودمي، أعطاهم الله فهمي وعلمي، إلى الله أشكو [ أمر ] امتي، المنكرين لفضلهم، القاطعين فيهم صلتي، وأيم الله ليقتلن ابني (1) لا أنالهم الله شفاعتي. 6 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد القهار، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سره أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة التي وعدنيها ربي ويتمسك بقضيب غرسه ربي بيده (2) فليتول علي بن أبي طالب عليه السلام وأوصياءه من بعده، فإنهم لا يدخلونكم في باب ضلال، ولا يخرجونكم من باب هدى، فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وإني سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب حتى يردا علي الحوض هكذا – وضم بين أصبعيه – وعرضه ما بين صنعاء إلى أيلة، فيه قد حان فضة وذهب عدد النجوم (3).


(1) يعنى الحسين عليه السلام ويقره بصيغة التثنية اشارة إلى الحسن والحسين عليهما السلام (آت) (2) كأنه صلى الله عليه وآله يريد شجرة الطوبى وقد غرس الله قضيبها بيد قدرته. (3) اريد بالكتاب القرآن وبعدم التفرق بينهم وبينه عدم مزايلتهم عن علمه وعدم مزايلته عما يحتاجون إليه من العلم وبالحوض الكوثر وتأويله: العلم، وصنعاء بلد باليمن، كثيرة الاشجار والمياه تشبه دمشق، وقرية بباب دمشق، وأيلة بالفتح والمثناة التحتانية جبل بين مكة والمدينة وبلد بين ينبع ومصر وقدحان – بضم القاف وسكون الدال – جمع قدح (قاله في المهذب) وعدد النجوم أي كل من نوعي القدحان بعدد النجوم أو كلاهما معا أو كناية عن الكثرة. (في) [ * ]

[ 210 ]

7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب عن الحسن بن زياد، عن الفضيل بن يسار قال. قال أبو جعفر عليه السلام (1): وإن الروح والراحة والفلج (2) والعون والنجاح والبركة والكرامة والمغفرة والمعافاة واليسر والبشرى والرضوان والقرب والنصر والتمكن والرجاء والمحبة من الله عز وجل لمن تولى عليا وائتم به، وبرئ من عدوه، وسلم لفضله وللاوصياء من بعده، حقا علي أن ادخلهم في شفاعتي وحق على ربي تبارك وتعالى أن يستجيب لي فيهم، فإنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني. (باب) * (ان أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الائمة عليهم السلام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن عجلان، عن ابي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (3) ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الذكر أنا والائمة أهل الذكر، وقوله عز وجل: ” وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون (4) ” قال أبو جعفر عليه السلام: نحن قومه ونحن المسؤولون. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” قال: الذكر محمد صلى الله عليه وآله ونحن أهله المسؤولون، قال: قلت: قوله: ” وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ” قال: إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسؤولون. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: سألت الرضا عليه السلام فقلت له: جعلت فداك ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون “؟ فقال: ” نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون، قلت: فأنتم المسؤولون ونحن السائلون؟ قال: نعم، قلت:


(1) لعله كان عليه السلام في حديث يرويه عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما يظهر من آخر الخبر. (2) الفلج بالجيم بمعنى الغلبة وفى بعض النسخ [ الفلح ] وفى بعضها [ الفلاح ]. والنجاح: الفوز بالمطلوب والمعافاة: دفع الله تعالى عنه مكاره الدنيا والعقبى. (آت) (3) النحل: 45. (4) الزخرف: 43. [ * ]

[ 211 ]

حقا علينا أن نسألكم؟ قال: نعم، قلت: حقا عليكم أن تجيبونا؟ قال: لا (1) ذاك إلينا إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى: ” هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب (2) “. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل ” وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ” فرسول الله صلى الله عليه وآله الذكر وأهل بيته عليه السلام المسؤولون وهم أهل الذكر (3). 5 – أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ” قال: الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسؤولون. 6 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي بكر الحضرمي، قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال: جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما تحضرني منها مسألة واحدة، قال: ولا واحدة يا ورد؟ قال: بلى قد حضرني منها واحدة، قال وما هي قال: قول الله تبارك وتعالى: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” من هم؟ قال: نحن قال: قلت: علينا أن نسألكم؟ قال: نعم، قلت: عليكم أن تجيبونا؟ قال: ذاك إلينا. 7 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” أنهم اليهود والنصارى، قال: إذا يدعونكم إلى دينهم! قال: – قال بيده إلى صدره (4) – نحن أهل الذكر ونحن المسؤولون.


(1) ذلك لان كل سؤال ليس بمستحق للجواب ولا كل سائل بالحرى ان يجاب ورب جوهر علم ينبغى ان يكون مكنونا ورب حكم ينبغى ان يكون مكتوما. (في). (2) ص: 38 والاية موردها وان كان سليمان عليه السلام الا انه يجرى في سائر الولاة والائمة عليه السلام (فامنن) من المنة وهى العطاء أي فاعط منه ما شئت أو امسك مفوضا اليك التصرف فيه (في) (3) كأن في الحديث سقطا أو تبديلا لاحدى الايتين بالاخرى سهوا من الراوى أو الناسخ والعلم عند الله. (في). (4) إلى صدره متعلق ب‍ (قال) بتضمين معنى الاشارة أو القول بمعنى الفعل كما هو الشائع (آت) [ * ]

[ 212 ]

8 – عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين عليه السلام على الائمة من الفرض ما ليس على شيعتهم، وعلى شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم الله عز وجل أن يسألونا، قال: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب، إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا. 9 – أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كتبت إلى الرضا عليه السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت: قال الله عز وجل: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” وقال الله عز وجل: ” وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (1) ” فقد فرضت عليهم المسألة، ولم يفرض عليكم الجواب (2)؟ قال: قال الله تبارك وتعالى: ” فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواء هم ومن أضل ممن اتبع هواه (3) “. (باب) * (أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الائمة عليهم السلام) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد المؤمن بن القاسم الانصاري، عن سعد، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: ” هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب (4) ” قال أبو جعفر عليه السلام: إنما نحن الذين يعلمون والذين لا يعلمون عدونا وشيعتنا أولو الالباب ” 2 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عز وجل ” هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الالباب ” قال: نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا اولو الالباب.


(1) التوبة: 123. (2) ولم يفرض عليكم الجواب استفهام استبعاد كانه استفهم السر فيه فأجابه الامام بالاية ولعل المراد انه لو كنا نجيبكم عن كل ما سألتم فربما يكون في بعض ذلك ما لا تستجيبونا فيه فتكونون من اهل هذه الاية. (في). (3) القصص: 50. (4) الزمر: 9 [ * ]

[ 213 ]

(باب) * (ان الراسخين في العلم هم الائمة عليهم السلام) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن أيوب بن الحر وعمران بن علي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله. 2 – علي بن محمد، عن عبد الله بن علي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن بريد بن معاوية، عن أحدهما عليهما السلام في قوله الله عز وجل: ” وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم (1) ” فرسول الله صلى الله عليه وآله أفضل الراسخين في العلم، قد علمه الله عز وجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم (2) فيهم بعلم، فأجابهم الله بقوله ” يقولون آمنا به كل من عند ربنا ” والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الراسخون في العلم أمير المؤمنين والائمة من بعده عليهم السلام. (باب) * (ان الائمة قد أوتوا العلم واثبت في صدورهم) * 1 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في هذه الآية: ” بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم (3) ” فأومأ بيده إلى صدره.


(1) آل عمران: 6. (2) المراد بالذين لا يعلمون تأويله: الشيعة، إذا قال العالم فيهم، يعنى الراسخ في العلم الذى بين اظهرهم وفى بعض النسخ [ فيه ] أي في القرآن أو التأويل، بعلم أي بمحكم أو تأويل متشابه. (في) (3) العنكبوت: 48. [ * ]

[ 214 ]

2 – عنه، عن محمد بن علي، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم ” قال: هم الائمة عليهم السلام. 3 – وعنه، عن محمد بن علي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر عليه السلام في هذه الآية: ” بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم “.. ثم قال: أما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف؟ قلت: من هم؟ جعلت فداك؟ قال: من عسى أن يكونوا غيرنا. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر، عن هارون بن حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: ” بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم ” قال: هم الائمة عليهم السلام خاصة. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل قال: سألته عن قول الله عز وجل: ” بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم ” قال: هم الائمة عليهم السلام خاصة. (باب) * (في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الائمة عليهم السلام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى عن عبد المؤمن، عن سالم قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله (1) ” قال السابق بالخيرات: الامام، والمقتصد: العارف للامام، والظالم لنفسه: الذي لا يعرف الامام. 2 – الحسين، عن معلى، عن الوشاء، عن عبد الكريم، عن سليمان بن خالد، عن


(1) الفاطر: 29 [ * ]

[ 215 ]

أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قوله تعالى: ” ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ” فقال: ” أي شئ تقولون أنتم؟ قلت: نقول: إنها في الفاطميين؟ قال: ليس حيث تذهب ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس إلى خلاف (1)، فقلت: فأي شئ الظالم لنفسه؟ قال: الجالس في بيته لا يعرف حق الامام، والمقتصد: العارف بحق الامام، والسابق بالخيرات: الامام. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن، عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ” الآية، قال: فقال: ولد فاطمة عليها السلام (2) والسابق بالخيرات: الامام، والمقتصد: العارف بالامام، والظالم لنفسه: الذي لا يعرف الامام. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به (3) ” قال: هم الائمة عليهم السلام. (باب) * (ان الائمة في كتاب الله امامان: امام يدعو إلى الله) * * (وامام يدعو إلى النار) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن غالب، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: لما نزلت هذه الآية: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم (4) ” قال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذبون، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، فمن والاهم، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ.


(1) في بعض النسخ [ إلى ضلال ]. (2) ينبغى تخصيص ولد فاطمة بمن لا يدعو الناس بسيفه إلى خلاف ليوافق الحديث السابق (3) البقرة: 120. (4) الاسراء: 73. [ * ]

[ 216 ]

2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، ومحمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى. عن طلحة بن زيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الائمة في كتاب الله عز وجل إمامان قال الله تبارك وتعالى: ” وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا (1) ” لا بأمر الناس يقدمون أمر الله قبل امرهم، وحكم الله قبل حكمهم، قال: ” وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار (2) ” يقدمون أمرهم قبل امر الله، وحكمهم قبل حكم الله، ويأخذون بأهوائهم خلاف ما في كتاب الله عز وجل. (باب) * (ان القرآن يهدي للامام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قوله عز وجل: ” ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والاقربون والذين عقدت أيمانكم (3) ” قال: إنما عنى بذلك الائمة عليهم السلام بهم عقد الله عز وجل أيمانكم. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد عن موسى بن أكيل النميري، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى ” إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم (4) ” قال: يهدي إلى الامام،


(1) المزمل: 21 وبأمرنا أي ليس هدايتهم للناس وإمامتهم بنصب الناس وأمرهم بل هم منصوبون لذلك من قبل الله تعالى ومأمورون بأمره. (آت) (2) القصص: 41 وقال الطبرسي (ره) هذا يحتاج إلى تأويل لان ظاهره يوجب انه تعالى جعلهم أئمة يدعون إلى النار كما جعل الانبياء ائمة يدعون إلى الجنة وهذا ما لا يقول به احد فالمعنى انه اخبر عن حالهم بذلك وحكم بانهم كذلك وقد تحصل الاضافة على هذا الوجه بالتعارف ويجوز ان يكون اراد بذلك انه لما اظهر حالهم على لسان انبيائه حتى عرفوا فكأنه جعلهم كذلك ومعنى دعائهم إلى النار انهم يدعون إلى الافعال التى يستحق بها دخول النار من الكفر والمعاصي. (3) النساء: 33. (4) الاسراء: 9. أي للملة التى هي اقوم الملل والطريقة التى هي اقوم الطرائق واول في الخبر بالامام لانه الهادى إلى تلك الملة والمبين لتلك الطريقة والداعى إليها. [ * ]

[ 217 ]

(باب) * (أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الائمة عليهم السلام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان، عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الاسكاف، عن الاصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما بال أقوام غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعدلوا عن وصيه؟ لا يتخوفون أن ينزل بهم العذاب، ثم. ثلا هذه الآية: ” ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم (1) “، ثم قال: نحن النعمة التي أنعم الله بها على عباده، وبنا يفوز من فاز يوم القيامة. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد رفعه في قول الله عز وجل: ” فبأي آلاء ربكما تكذبان (2) “: أبا لنبي أم بالوصي تكذبان؟ نزلت في ” الرحمن “. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن أبي يوسف البزاز قال: تلا أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية: ” واذكروا آلاء الله (3) ” قال: أتدري ما آلاء الله؟ قلت: لا، قال: هي أعظم نعم الله على خلقه وهي ولايتنا. 4 – الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام، عن قول الله عز وجل: ” ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ” الآية، قال: عني بها قريشا قاطبة الذين عادوا رسول الله صلى الله عليه وآله ونصبوا له الحرب وجحدوا وصية وصية.


(1) ابراهيم: 34. (2) الرحمن: 12. (3) الاعراف: 68، وهى هكذا (فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون). [ * ]

[ 218 ]

(باب) * (أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الائمة) * عليهم السلام والسبيل فيهم مقيم 1 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن ابن أبي عمير قال: أخبرني أسباط بياع الزطي (1) قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن قول الله عز وجل: ” ان في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم (2) ” قال: فقال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم. 2 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن يحيى بن إبراهيم قال: حدثني أسباط بن سالم قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت (3) فقال له: أصلحك الله ما تقول في قول الله عز وجل: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين “؟ قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم. 3 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي ابن عبد الله، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله الله عز وجل: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” قال: هم الائمة عليهم السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله عز وجل في قول الله تعالى (4): ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين “. 4 – محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس بن هشام، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” فقال: هم الائمة عليهم السلام ” وإنها لبسبيل مقيم ” قال: لا يخرج منا أبدا. 5 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أسلم، عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام في قوله:


(1) الزط بالضم جيل من الهند. (2) الحجر: 75 و 76. والتوسم: التفرس. (3) الهيت بالكسر اسم بلد على شاطئ الفرات. (في). (4) قوله: في قول الله متعلق بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وآله. [ * ]

[ 219 ]

تعالى ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله: المتوسم، وأنا من بعده والائمة من ذريتي المتوسمون. وفي نسخة أخرى (1) عن أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن محمد بن أسلم (2) عن إبراهيم بن أيوب بإسناده مثله. (باب) * (عرض الاعمال على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والائمة عليهم السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تعرض الاعمال على رسول الله صلى الله عليه وآله أعمال العباد (1) كل صباح أبرارها وفجارها فاحذروها، وهو قول الله تعالى: ” اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله (4) ” وسكت. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن يعقوب بن شعيب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ” قال: هم الائمة. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: مالكم تسوؤن رسول الله صلى الله عليه وآله؟! فقال رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك، فلا تسوؤا رسول الله وسروه. 4 – علي، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن الزيات، عن عبد الله بن أبان الزيات وكان مكينا عند الرضا عليه السلام قال: قلت للرضا عليه السلام: ادع الله لي ولاهل بيتي فقال: أو لست أفعل؟ والله إن أعمالكم لتعرض علي في كل يوم وليلة، قال: فاستعظمت


(1) من كلام الجامعين لنسخ الكافي (آت) (2) في بعض النسخ [ محمد بن مسلم ] (3) عطف بيان للاعمال والابرار جمع بر وهو صالح الاعمال وفجار كقطام اسم للفجور فهو طالح الاعمال وضمير التأنيث راجع إلى الاعمال. (4) التوبة: 106. قوله: (وسكت) يعنى لم يقرء تتمة الاية وهى: (والمؤمنون) كأن الوقت كان يأبى عن ذكر عرض الاعمال على الائمة عليه السلام (في) [ * ]

[ 220 ]

ذلك، فقال لي: أما تقرء كتاب الله عز وجل: ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله والمؤمنون “؟ قال: هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام (1). 5 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي عبد الله الصامت، عن يحيى بن مساور، عن أبي جعفر عليه السلام أنه ذكر هذه الآية: ” فسيرى الله عملكم ورسوله و المؤمنون ” قال: هو والله علي بن أبي طالب عليه السلام. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء: قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إن الاعمال تعرض على رسول الله صلى الله عليه وآله أبرارها وفجارها. (باب) * ([ أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية) * * (علي عليه السلام ]) * 1 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن موسى بن محمد عن يونس بن يعقوب، عمن ذكره، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” وأن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا (2) ” قال: يعني لو استقاموا على ولاية علي بن أبي طالب أمير المؤمنين والاوصياء من ولده عليهم السلام وقبلوا طاعتهم في أمرهم ونهيهم لاسقيناهم ماء غدقا، يقول: لاشربنا قلوبهم الايمان، والطريقة هي الايمان بولاية علي والاوصياء. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب عن الحسين بن عثمان، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ” فقال أبو عبد الله عليه السلام: استقاموا على الائمة واحد بعد واحد ” تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (3) “.


(1) يعنى عليا واولاده الائمة عليهم السلام وانما خص عليا عليه السلام بالذكر لانه كان خاصة الموجود في زمان المأمورين بالعمل مشافهة والمعروف بينهم (في) (2) الجن: 16 وغد قا أي كثيرا أي لوسعنا عليهم في الدنيا. (3) فصلت: 30. [ * ]

[ 221 ]

(باب) * (أن الائمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة) * 1 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن غير واحد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي عبد الله، عن أبي الجارود قال قال علي بن الحسين عليه السلام: ما ينقم الناس منا (1)، فنحن والله شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم، ومختلف الملائكة. 2 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنا – أهل البيت – شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم. 3 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن محمد، عن الخشاب قال: حدثنا بعض أصحابنا، عن خيثمة قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا خيثمة نحن شجرة النبوة، وبيت الرحمة، ومفاتيح الحكمة، ومعدن العلم، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وموضع سر الله، ونحن وديعة الله في عباده، ونحن حرم الله الاكبر، ونحن ذمة الله، ونحن عهد الله، فمن وفي بعهدنا فقد وفى بعهد الله، ومن خفرها (2) فقد خفر ذمة الله وعهده. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث، ولن يهلك عالم إلا بقي من بعده


(1) ينقم أي ينكر. (2) خفرها أي خفر ذمتنا والخفر: نقض العهد. [ * ]

[ 222 ]

من يعلم علمه، أو ما شاء الله (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة والفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع، والعلم يتوارث، وكان علي عليه السلام عالم هذه الامة، وإنه لم يهلك منا عالم قط إلا خلفه من أهله من علم مثل علمه، أو ما شاء الله. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام إن العلم يتوارث، ولا يموت عالم إلا وترك من يعلم مثل علمه، أو ما شاء الله. 4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن موسى بن بكر، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في علي عليه السلام سنة ألف نبي من الانبياء وإن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع، وما مات عالم فذهب علمه، والعلم يتوارث. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع، وما مات عالم فذهب علمه. 6 – محمد، عن أحمد، عن علي بن النعمان رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام يمصون الثماد (2) ويدعون النهر العظيم، قيل له: وما النهر العظيم؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله والعلم الذي أعطاه الله، إن الله عزوجل جمع لمحمد صلى الله عليه وآله سنن النبيين من آدم وهلم جرا إلى محمد صلى الله عليه وآله قيل له: وما تلك السنن؟ قال: علم النبيين بأسره، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله صير ذلك كله عند أمير المؤمنين عليه السلام


(1) يعنى من يعلم مثل علمه أو ما شاء الله من العلم. (2) يمصون من باب علم ونصر. والمص: الشرب بالجذب (آت) والثمد: الماء القليل كانه عليه السلام اراد ان يبين ان العلم الذى اعطاه الله نبيه صلى الله عليه وآله ثم أمير المؤمنين عليه السلام هو اليوم عنده وهو نهر عظيم يجرى اليوم من بين ايديهم، فيدعونه ويمصون الثماد، كناية عن الاجتهادات والاهواه وتقليد الابالسة في الاراء. (في). [ * ]

[ 223 ]

فقال له رجل: يا ابن رسول الله فأمير المؤمنين أعلم أم بعض النبيين؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: اسمعوا ما يقول؟ إن الله يفتح مسامع من يشاء، إني حدثته أن الله جمع لمحمد صلى الله عليه وآله علم النبيين وأنه جمع ذلك كله عند أمير المؤمنين عليه السلام، وهو يسألني أهو أعلم أم بعض النبيين. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر عليه السلام: إن العلم يتوارث، فلا يموت عالم إلا ترك من يعلم مثل علمه، أو ما شاء الله. 8 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحارث بن المغيرة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن العلم الذي نزل مع آدم عليه السلام لم يرفع، و ما مات عالم إلا وقد ورث علمه، إن الارض لا تبقى بغير عالم. (باب) * (ان الائمة ورثوا علم النبي وجميع الانبياء والاوصياء) * * (الذين من قبلهم) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد العزيز بن المهتدي، عن عبد الله بن جندب أنه كتب إليه الرضا عليه السلام: أما بعد، فان محمدا صلى الله عليه وآله كان أمين الله في خلقه فلما قبض صلى الله عليه وآله كنا أهل البيت ورثته، فنحن امناء الله في أرضه (1)، عندنا علم البلايا والمنايا، وأنساب العرب (2)، ومولد الاسلام، وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان، وحقيقة النفاق، وإن شيعتنا لمكتوبون بأسمائهم وأسماء آبائهم، أخذ الله علينا وعليهم الميثاق، يردون موردنا ويدخلون مدخلنا، ليس على ملة الاسلام غيرنا


(1) أي على علومه واحكامه ومعارفه. (2) لعل التخصيص بهم لكونهم اشرف أو لكونهم في ذلك اهم وقد كان فيهم اولاد الحرام عادوا الائمة عليهم السلام ونصبو لهم الحرب وقتلوهم، ومولد الاسلام أي يعلمون كل من يولد هل يموت على الاسلام أو على الكفر، وقيل موضع تولده ومحل ظهوره. (آت). [ * ]

[ 224 ]

وغيرهم، نحن النجباء النجاة، ونحن أفراط الانبياء (1) ونحن أبناء الاوصياء، ونحن المخصوصون في كتاب الله عز وجل، ونحن أولى الناس بكتاب الله، ونحن أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله، ونحن الذين شرع الله لنا دينه فقال في كتابه: ” شرع لكم (يا آل محمد) من الدين ما وصى به نوحا (قد وصانا بما وصى به نوحا) والذي أوحينا إليك (يا محمد) وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى (فقد علمنا وبلغنا علم ما علمنا واستودعنا علمهم نحن ورثة اولي العزم من الرسل) أن أقيموا الدين (يا آل محمد) ولا تتفر قوا فيه (وكونوا على جماعة) كبر على المشركين (من أشرك بولاية علي) ما تدعوهم إليه (من ولاية علي) إن الله (يا محمد) يهدي إليه من ينيب (2) ” من يجيبك إلى ولاية علي عليه السلام. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن أول وصي كان على وجه الارض هبة الله بن آدم وما من نبى مضى إلا وله وصي وكان جميع الانبياء مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي، منهم خمسة اولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلام وإن علي بن أبي طالب كان هبة الله لمحمد، وورث علم الاوصياء، وعلم من كان قبله، أما إن محمدا ورث علم من كان قبله من الانبياء والمرسلين. على قائمة العرش مكتوب: ” حمزة أسد الله وأسد رسوله وسيد الشهداء، وفي ذؤابة العرش (3) علي أمير المؤمنين ” فهذه حجتنا على من أنكر حقنا، وجحد ميراثنا، وما منعنا من الكلام وأمامنا اليقين، فأي حجة تكون أبلغ من هذا. 3 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الله بن القاسم، عن زرعة بن محمد، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن سليمان ورث


(1) (نحن النجباء النجاة) النجباء جمع النجيب وهو الفاضل الكريم السخى والفاضل من كل حيوان، ذكرهما الجزرى (والنجاة) بضم النون جمع ناج كهداة وهاد، ونحن افراط الانبياء أي اولادهم أو مقدموهم في الورود على الحوض ودخول الجنة أو هداتهم أو الهداة الذين اخبر الانبياء بهم، قال في النهاية الفرط بالتحريك الذى يتقدم الواردة وفى الحديث انا فرطكم على الحوض ومنه قيل للطفل اللهم اجعله لنا فرطا أي اجرا يتقدمنا حتى نرد عليه وفى القاموس الفرط العلم المستقيم يهتدى به والجمع افرط وافراط وبالتحريك المتقدم إلى الماء للواحد والجمع وما تقدمك من اجر وعمل وما لم يدرك من الولد. (2) الشورى: 12. (3) ذؤابة العرش: اعلاه. [ * ]

[ 225 ]

داود، وإن محمدا ورث سليمان، وإنا ورثنا محمدا، وإن عندنا علم التوراة والانجيل والزبور، وتبيان ما في الالواح (1)، قال: قلت: إن هذا لهو العلم؟ قال: ليس هذا هو العلم، إن العلم الذي يحدث يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة (2). 4 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن شعيب الحداد، عن ضريس الكناسي (3) قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده أبو بصير فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن داود ورث علم الانبياء، وإن سليمان ورث داود، وإن محمدا صلى الله عليه وآله ورث سليمان، وإنا ورثنا محمدا صلى الله عليه وآله وإن عندنا صحف إبراهيم وألواح موسى، فقال أبو بصير: إن هذا لهو العلم (4)، فقال: يا أبا محمد ليس هذا هو العلم، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار، يوما بيوم وساعة بساعة (5). 5 – محمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا أبا محمد إن الله عز وجل لم يعط الانبياء شيئا إلا وقد أعطاه محمدا صلى الله عليه وآله، قال: وقد أعطى محمدا جميع ما أعطى الانبياء، وعندنا الصحف التي قال الله عز وجل: ” صحف إبراهيم وموسى (6) ” قلت: جعلت فداك هي الالواح (7)؟ قال: نعم. 6 – محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سأله عن قول الله عز وجل: ” ولقد كتبنا


(1) ما في الالواح أي الواح موسى كما في الخبر الاتى. (2) لعل المراد: ان العلم ليس ما يحصل بالسماع وقراءة الكتب وحفظها فان ذلك تقليد و انما العلم ما يفيض من عند الله سبحانه على قلب المؤمن يوما فيوما وساعة فساعة، فينكشف به من الحقائق ما تطمئن به النفس وينشرح له الصدر ويتنور به القلب ويتحقق به العالم كأنه ينظر إليه ويشاهده. (في) (3) ضريس كزبير والكناسي بضم الكاف. (4) ان هذا لهو العلم أي افضل العلوم كأنها منحصرة فيه فنفى عليه السلام كونه اشرف علومهم واعظمها. (آت) (5) يوما بيوم الباء للالصاق أي بعد يوم. (آت) (6) الاعلى 19. (7) هي الالواح أي صحف موسى. (آت) [ * ]

[ 226 ]

في الزبور من بعد الذكر (1) ” ما الزبور وما الذكر؟ قال: الذكر عند الله، والزبور الذي انزل على داود، وكل كتاب نزل فهو عند اهل العلم ونحن هم. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، أو غيره، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد ابن حماد، عن إبراهيم، عن أبيه، عن ابي الحسن الاول عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن النبي صلى الله عليه وآله ورث النبيين كلهم؟ قال: نعم، قلت: من لدن آدم حتى انتهى إلى نفسه؟ قال: ما بعث الله نبيا إلا ومحمد صلى الله عليه وآله أعلم منه، قال: قلت: إن عيسى ابن مريم كان يحيى الموتى بإذن الله، قال: صدقت وسليمان بن داود كان يفهم منطق الطير وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقدر على هذه المنازل، قال: فقال: إن سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره ” فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ” حين فقده، فغضب عليه فقال: ” لاعذبنه عذابا شديدا أو لاذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين (2) ” وإنما غضب لانه كان يدله على الماء، فهذا – وهو طائر – قد اعطي ما لم يعط سليمان وقد كانت الريح والنمل والانس والجن والشياطين [ و ] المردة له طائعين، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، وكان الطير يعرفه وإن الله يقول في كتابه: ” ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى (3) ” وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان، وتحيى به الموتى، ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون، جعله الله لنا في ام الكتاب، إن الله يقول: ” وما من غائبة في السماء والارض إلا في كتاب مبين (4) ” ثم قال: ” ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا (5) ” فنحن الذين اصطفانا الله عز وجل وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شئ.


(1) الانبياء: 10 5. (2) النمل: 21. (3) الرعد: 30 (ولو ان قرآنا سيرت به الجبال) يعنى لو كان شئ من القرآن كذلك لكان هذا القرآن كذا في تفسير على بن ابراهيم رحمه الله. وتقطيع الارض قطعها بالسير والطى، الا ان يأذن الله به أي يسهله الله بسببها مع ما يسهله مما في الكتب السالفة. (في) (4) النمل: 77. (5) فاطر: 29. [ * ]

[ 227 ]

(باب) * (ان الائمة عليهم السلام عندهم جميع الكتب التي نزلت من) * * (عند الله عز وجل وانهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن إبراهيم، عن يونس، عن هشام ابن الحكم في حديث بريه (1) أنه لما جاء معه إلى أبي عبد الله عليه السلام فلقي أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فحكى له هشام الحكايه، فلما فرغ قال أبو الحسن عليه السلام لبريه: يا بريه كيف علمك بكتابك؟ قال: أنا به عالم (2)، ثم قال: كيف ثقتك بتأويله؟ قال: ما أوثقني بعلمي فيه، قال: فابتدأ أبو الحسن عليه السلام يقرء الانجيل؟ فقال بريه: إياك كنت أطلب منذ خمسين سنة أو مثلك، قال: فآمن بريه وحسن إيمانه، وآمنت المرأة التي كانت معه. فدخل هشام وبريه والمرأة على أبي عبد الله عليه السلام فحكى له هشام الكلام الذي جرى بين أبي الحسن موسى عليه السلام وبين بريه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم، فقال بريه: أنى لكم التوراة والانجيل وكتب الانبياء؟ قال: هي عندنا وراثة من عندهم نقرؤها كما قرؤوها ونقولها كما قالوا، إن الله لا يجعل حجة في أرضه يسأل عن شئ فيقول لا أدري. 2 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر قال: أتينا باب أبي عبد الله عليه السلام ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكى فبكينا لبكائه، ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت: أصلحك الله أتيناك نريد الاذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكيت فبكينا لبكائك، فقال: نعم ذكرت إلياس النبي وكان من عباد أنبياء بني إسرائيل


(1) في بعض النسخ [ بريهة ] مكان بريه في جميع المواضع. (2) تقديم الظرف لافادة الحصر الدال على كمال العلم. و (كيف ثقتك بتأويله) أي كيف اعتمادك على نفسك في تأويله والعلم بمعانيه. و (ما أوثقني) صيغة تعجب أي انا واثق به وثوقا تاما بما اعرف من تأويله. (آت) [ * ]

[ 228 ]

فقلت كما كان يقول في سجوده، ثم اندفع فيه بالسريانية فلا والله (1) ما رأينا قسا ولا جاثليقا أفصح لهجة منه به (2) ثم فسره لنا بالعربية، فقال: كان يقول في سجوده: ” أتراك معذبي وقد أظمأت لك هواجرى (3)، أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي ” قال: فأوحى الله إليه ان ارفع رأسك فاني غير معذبك قال: فقال: ان قلت لا أعذبك ثم عذبتني ماذا؟ ألست عبدك وأنت ربي؟ [ قال ]: فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك، فإني غير معذبك، إني إذا وعدت وعدا وفيت به (باب) * (انه لم يجمع القرآن كله الا الائمة عليهم السلام وانهم) * * (يعلمون علمه كله) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ما ادعى أحد من الناس أنه جمع القرآن كله كما أنزل إلا كذاب، وما جمعه وحفظه كما نزله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والائمة من بعده عليهم السلام. 2 – محمد بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان عن المنخل (4)، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أن عنده جميع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الاوصياء (5).


(1) اندفع فيه أي شرع (فلا والله) في بعض النسخ [ فوالله ]. (2) القس بالفتح رئيس النصارى في العلم كالقسيس. والجاثليق يكون فوقه ويطلق على قاضيهم. (في). (3) الهاجرة: نصف النهار حين يستكن الناس في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا شدة الحر. (في) (4) المنخل بضم الميم وفتح النون ونشديد المعجمة المفتوحة وربما يقرء منخل بسكون النون وتخفيف الخاء. (آت) (5) قوله عليه السلام (ان عنده القرآن كله الخ) الجملة وان كانت ظاهرة في لفظ القرآن ومشعره بوقوع التحريف فيه لكن تقييدها بقوله: ظاهره وباطنه يفيد ان المراد هو العلم بجميع القرآن من حيث معانيه الظاهرة على الفهم العادى ومعانيه المستبطنة على الفهم العادى وكذا قوله في الرواية السابقة: (وما جمعه وحفظه الخ) حيث قيد الجمع بالحفظ فافهم (الطباطبائى). [ * ]

[ 229 ]

3 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن القاسم بن الربيع عن عبيد بن عبد الله بن أبي هاشم الصيرفي، عن عمرو بن مصعب، عن سلمة بن محرز قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من علم ما اوتينا تفسير القرآن وأحكامه. وعلم تغيير الزمان وحدثانه، إذا أراد الله بقوم خيرا أسمعهم (1) ولو أسمع من لم يسمع لولى معرضا كأن لم يسمع ثم امسك هنيئة، ثم قال: ولو وجدنا أوعية أو مستراحا لقلنا والله المستعان (2). 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن عن عبد الاعلى مولى آل سام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: والله إني لاعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي (3) فيه خبر السماء وخبر الارض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن، قال الله عز وجل: ” فيه تبيان كل شئ (4) “. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الخشاب، عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك (5) ” قال: ففرج أبو عبد الله عليه السلام بين أصابعه فوضعها في صدره، ثم قال: وعندنا والله علم الكتاب كله. 6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عمن ذكره جمعيا عن ابن أبي عمير، عن أبن اذينة، عن بريد بن معاوية قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ” قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب (6) “؟ قال: إيانا عنى، وعلي أولنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلى الله عليه وآله.


(1) اسمعهم أي بمسامعهم الباطنية ولو اسمع ظاهرا من لم يسمع باطنا لولى معرضا كأن لم يسمع ظاهرا (في) (2) أوعية أي حفظة لاسرارنا. (مستراحا) من تستريح إليه بايداع شئ من اسرارنا لديه. (في). (3) (في كفى) مبالغة في الاحاطة به. (آت) (4) كذا وفى المصحف سورة النحل: 91 (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ). (5) النمل: 40 وعلم من الكتاب أي شئ من علم الكتاب والقائل هو آصف بن برخيا وزير سليمان بن داود (وانا آتيك به) أي بعرش بلقيس (في) (6) الرعد: 43. [ * ]

[ 230 ]

(باب) * (ما أعطى الائمة عليهم السلام من اسم الله الاعظم) * 1 – محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن محمد بن الفضيل قال: أخبرني شريس الوابشي (1)، عن جابر، عن ابي جعفر عليه السلام قال: إن اسم الله الاعظم على ثلاثة وسبعين حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم به فخسف بالارض ما بينه وبين سرير بلقيس حتى تناول السرير بيده ثم عادت الارض كما كانت أسرع من طرفة عين ونحن عندنا من الاسم الاعظم اثنان وسبعون حرفا، وحرف واحد عند الله تعالى استأثر به في علم الغيب عنده، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد ومحمد بن خالد، عن زكريا بن عمران القمي، عن هارون بن الجهم، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام لم أحفظ اسمه قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن عيسى ابن مريم عليه السلام اعطي حرفين كان يعمل بهما واعطي موسى أربعة أحرف، واعطي إبراهيم ثمانية أحرف، واعطي نوح خمسة عشر حرفا، واعطي آدم خمسه وعشرين حرفا، وإن الله تعالى جمع ذلك كله لمحمد صلى الله عليه وآله وإن اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا، أعطى محمدا صلى الله عليه وآله اثنين وسبعين حرفا وحجب عنه حرف واحد. 3 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد النوفلي، عن أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام قال: سمعته يقول: اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا، كان عند آصف حرف فتكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه وبين سبأ فتناول عرش بلقيس حتى صيره إلى سليمان، ثم انبسطت الارض في أقل من طرفه عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا، وحرف عند الله مستأثر به في علم الغيب.


(1) شريس وزان زبير والوابشى بالواو المفتوحة والالف والباء الموحدة المكسورة والشين المعجمة والياء. نسبة إلى قبيلة بنى وابش بطن من قيس عيلان. [ * ]

[ 231 ]

(باب) * (ما عند الائمة من آيات الانبياء عليهم السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد، عن منيع بن الحجاج البصري، عن مجاشع، عن معلى، عن محمد بن الفيض، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كانت عصا موسى لآدم عليه السلام فصارت إلى شعيب، ثم صارت إلى موسى بن عمران، وإنها لعندنا وإن عهدي بها آنفا وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها، وإنها لتنطق إذا استنطقت، اعدت لقائمنا عليه السلام يصنع بها ما كان يصنع موسى وإنها لتروع وتلقف ما يأفكون (1) وتصنع ما تؤمر به، إنها حيث أقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شعبتان (2): إحداهما في الارض والاخرى في السقف، وبينهما أربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها. 2 – أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر البغدادي، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: ألواح موسى عليه السلام عندنا، وعصا موسى عندنا، ونحن ورثة النبيين. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله ابن القاسم، عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن القائم إذا قام بمكة وأراد أن يتوجه إلى الكوفة نادى مناديه: ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا، ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير، فلا ينزل منزلا إلا انبعث عين منه، فمن كان جائعا شبع ومن كان ظامئا روى، فهو زادهم حتى ينزلوا النجف من ظهر الكوفة. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن أبي الحسن الاسدي، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام ذات ليلة بعد عتمة (3) وهو يقول همهمة همهمة، وليلة مظلمة خرج عليكم الامام، عليه قميص


(1) لتروع أي لتخوف، تلقف أي تلقم. (2) في بعض النسخ [ شفتان ]. (3) العتمة محركة الثلث الاول من الليل بعد غيبوبة الشفق والهمهمة: الكلام الخفى. (في) [ * ]

[ 232 ]

آدم، وفي يده خاتم سليمان، وعصا موسى عليهما السلام. 5 – محمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن أبي إسماعيل السراج عن بشر بن جعفر، عن مفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام؟ قال: قلت: لا، قال: إن إبراهيم عليه السلام لما اوقدت له النار أتاه جبرئيل عليه السلام بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه، فلم يضره معه حر ولا برد، فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة (1) وعلقه على إسحاق، وعلقه إسحاق على يعقوب، فلما ولد يوسف عليه السلام علقه عليه، فكان في عضده حتى كان من أمره ما كان، فلما أخرجه يوسف بمصر من التميمة وجد يعقوب ريحه وهو قوله: ” إني لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون (2) ” فهو ذلك القميص الذي أنزله الله من الجنة، قلت: جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص؟ قال: إلى أهله، ثم قال: كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمد صلى الله عليه وآله. (باب) * (ما عند الائمة من سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ومتاعه) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب، عن سعيد السمان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له: أفيكم إمام مفترض الطاعة؟ قال: فقال: لا (3) قال: فقالا له: قد أخبرنا عنك الثقات أنك تفتي وتقر وتقول به (4) ونسميهم لك، فلان وفلان، وهم أصحاب ورع وتشمير (5) وهم ممن لا يكذب (6) فغضب أبو عبد الله عليه السلام فقال:


(1) التميمة: الحرزة التى تعلق على الانسان وغيره من الحيوانات ويقال لكل عوذة تعلق عليه. (2) يوسف: 94 (وتفندون) أي تنسبوني إلى الفند وهو نقصان عقل يحدث من الهرم (في) (3) (فقال: لا) قال عليه السلام ذلك تقية ولعله اراد تورية: ليس فينا امام لابد له من الخروج بالسيف بزعمكم (آت). (4) (تفتى وتقر وتقول به) أي بأن فيكم اماما مفترض الطاعة. (في) (5) التشمير رفع الثوب والتهيؤ للامر ويكنى به عن التقوى والطهارة. (في) (6) على بناء المجرد المعلوم أو بناء التفعيل المجهول. (آت) [ * ]

[ 233 ]

ما أمرتهم بهذا فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا. فقال لي: أتعرف هذين؟ قلت: نعم هما من أهل سوقنا وهما من الزيدية وهما يزعمان أن سيف رسول الله صلى الله عليه وآله عند عبد الله بن الحسن، فقال: كذبا لعنهما الله والله ما رآه (1) عبد الله بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه، اللهم إلا أن يكون رآه (1) عند علي بن الحسين، فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضة؟ وما أثر في موضع مضربه. وإن عندي لسيف رسول الله صلى الله عليه وآله وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله ودرعه ولامته ومغفره (2)، فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وإن عندي لراية رسول الله صلى الله عليه وآله المغلبة (3)، وإن عندي ألواح موسى وعصاه، وإن عندي لخاتم سليمان بن داود، وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب به القربان، وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة (4) وإن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة (5). ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل، في أي اهل بيت وجد التابوت على أبوابهم اوتوا النبوة ومن صار إليه السلاح منا اوتي الامامة، ولقد لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله فخطت على الارض خطيطا ولبستها أنا فكانت وكانت (6) وقائمنا من إذا لبسها ملاها إن شاء الله.


(1) أي عبد الله أو ابوه فالمراد انهما لم يرياه رؤية كاملة يوجب العلم بعلاماته وصفاته فضلا عن ان يكون عندهما. (آت) (2) اللامة ضرب من الدرع والمغفر نسيج الدرع يلبس تحت القلنسوة (في) (3) الغلبة اسم آلة من الغلبة كأنها اسم احدى راياته فانه صلى الله عليه وآله كان يسمى ثيابه ودوابه وأمتعته. (في) (4) النشابة بالتشديد السهم العربي. (في) (5) يعنى ما يشبه ذلك وما هو نظير له، لعله عليه السلام اشار بذلك إلى ما اخبر الله عنه في القرآن بقوله عز وجل: (فقال لهم نبيهم: إن آية ملكه ان يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة). (في) (6) أي قد يصل إلى الارض وقد لا يصل يعنى لم يختلف على وعلى ابى اختلافا محسوسا ذا قدر. [ * ]

[ 234 ]

2 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء عن حماد بن عثمان، عن عبد الاعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عندي سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله. لا انازع فيه، ثم قال إن السلاح مدفوع عنه (1) لو وضع عند شر خلق الله لكان خيرهم، ثم قال: إن هذا الامر يصير إلى من يلوى له الحنك (2) فإذا كانت من الله فيه المشيئة خرج فيقول الناس: ما هذا الذي كان (3)، ويضع الله له يدا على رأس رعيته. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر ابن سويد، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: ترك رسول الله صلى الله عليه وآله في المتاع سيفا ودرعا وعنزة ورحلا (4) وبغلته الشهباء فورث ذلك كله علي بن أبي طالب عليه السلام. 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لبس أبي درع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات الفضول (5) فخطت ولبستها أنا ففضلت. 5 – أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن ذي الفقار سيف رسول الله صلى الله عليه وآله من أين هو؟ قال: هبط به جبرئيل عليه السلام من السماء وكانت حليته من فضة وهو عندي


(1) (مدفوع عنه) أي تدفع عنه الافات مثل ان يسرق أو يغصب أو يكسر أو يستعمله غير اهله. (في) (2) (إلى من يلوى له الحنك) يقال: لويت الحبل واليد ليا فتلته ولوى رأسه وبرأسه أماله والاظهر انه اشارة إلى انكار الناس لوجوده وظهوره والاستهزاء بالقائلين به أو حك الاسنان غيظا وضيقا به بعد ظهوره وكلاهما شايع في العرف وقيل كناية عن الاطاعة والانقياد له جبرا، وعلى التقديرين المراد به القائم عليه السلام. (آت) (3) (ما هذا الذى كان) أي يتعجبون من سيرته وعدله، ووضع يده على الرعية كناية عن لطفه وإشفاقه عليهم. (في) (4) العنزة رميح بين العصا والرمح، والرحل مركب البعير والشهباء التى غلبت بياضها على سوادها. (في) (5) ذات الفضول لقب لدرعه صلى الله عليه وآله (في) [ * ]

[ 235 ]

6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن محمد ابن حكيم عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: السلاح موضوع عندنا، مدفوع عنه، لو وضع عند شر خلق الله كان خيرهم، لقد حدثني أبي أنه حيث بنى بالثقفية (1) – وكان قد شق له في الجدار – (2) فنجد البيت (3)، فلما كانت صبيحة عرسه رمى ببصره فرأى حذوه خمسة عشر مسمارا (4) ففزع لذلك وقال لها: تحولي فإني اريد أن أدعو موالي في حاجة (5) فكشطه فما منها مسمار إلا وجده مصرفا طرفه عن السيف، وما وصل إليه منها شئ. 7 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن حجر، عن حمران، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة (6) فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك (7) ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام فلما خشينا أن نغشى (8) استودعها ام سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليه السلام، قال: فقلت: نعم ثم صار إلى أبيك ثم انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك، قال: نعم. 8 – محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عمر بن أبان


(1) (لقد حدثنى ابى) نقل هذه الحكاية لتأييد كونه مدفوعا عنه (حيث بنى بالثقفية) أي تزوج الامرأة التى كانت من قبيلة ثقيف وادخلت عليه (آت) (2) كان قد شق له أي للسلاح. (3) أي زين له ظاهر الجدار بعد اخفاء السلاح فيه أو زين البيت للزفاف قال في القاموس النجد ما ينجد به البيت من فرش وبسط ووسائد والتنجيد التزيين. (آت) (4) (فرأى حذوه) أي بحذاء السلاح أو الشق، ففزع لذلك محافة ان يكون وصل إلى السيف شئ من المسامير فانكسر. (آت) (5) قال لها أي للمرأة الثقفية فكشطه كشف عن السيف، استشهد بذكر القصة على كونه مدفوعا عنه (في). (6) كأنه سأله عن المكتوب في الصحيفة المستودعة فأجابه عليه السلام بانها كانت مشتملة على علم وكان معها اشياء اخر وهذه الصحيفة غير الكتاب الملفوف والوصية الظاهرة اللذين استودعها الحسين عليه السلام عند ابنته الكبرى فاطمة بكربلا. (في) (7) وما هناك أي ما عند النبي من آثار الانبياء والاوصياء عليهم السلام وكتبهم. (آت) (8) نغشى على صيغة المتكلم المجهول بمعنى نهلك أو نغلب أو نؤتى والحاصل ان خشينا ان نستشهد في كربلا فيقع في ايدى الاعادي أو يؤخذ منا قهرا عند ضعفنا. وفى بعض النسخ [ تغشى ] وقوله: (استودعها) أي الحسين عليه السلام عند ذهابه إلى العراق. (آت) [ * ]

[ 236 ]

قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يتحدث الناس أنه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قبض ورث علي عليه السلام علمه وسلاحه وما هناك، ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهما السلام، قال: قلت: ثم صار إلى علي بن الحسين، ثم صار إلى ابنه، ثم انتهى إليك، فقال: نعم. 9 – محمد بن الحسين وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين عليه السلام فقال للعباس: يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته؟ (1)؟ فرد عليه فقال: يا رسول الله بأبي أنت وامي إني شيخ كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح (2)، قال: فأطرق صلى الله عليه وآله هنيئة ثم قال: يا عباس أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه؟ فقال بأبي أنت وامي شيخ كثير العيال قليل المال وأنت تباري الريح. قال: أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها ثم قال: يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه؟ فقال: نعم (3) بأبي أنت وامي ذاك علي ولي، قال: فنظرت إليه حتى نزع خاتمه من أصبعه فقال: تختم بهذا في حياتي، قال: فنظرت إلى الخاتم حين وضعته في أصبعي فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم (4). ثم صاح يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية والقميص وذي الفقار والسحاب والبرد والابرقة والقضيب (5) قال: فوالله ما رأيتها غير ساعتي تلك – يعني الابرقة – فجيئ بشقة كادت تخطف الابصار فإذا هي من أبرق الجنة فقال: يا علي إن جبرئيل


(1) لعل القاء هذا القول على عمه اولا ثم تكريره صلى الله عليه وآله ذلك انما هو لاتمام الحجة عليه وليظهر للناس انه ليس مثل ابن عمه في اهلية الوصية. (في) (2) أي تسابقه، كنى به عن علو همته صلى الله عليه وآله. (في) (3) في تقديم ذكر اخذ التراث على قضاء الدين وانجاز العدات في مخاطبة العباس وبالعكس في مخاطبة أمير المؤمنين عليه السلام لطف لا يخفى. (في) (4) في الكلام التفات في حكاية حال فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم كأنه اراد بذلك انه قنت في نفسي: لو لم يكن فيما ترك غير هذا الخاتم لكفاني به شرفا وفخرا وعزا ويمنا وبركة (في) (5) السحاب هو اسم عمامته، وابرقة كأنها ثوب مستطيل يصلح لان يشد بها الوسط وهى الشقة بالكسر والضم كما فسر بها وفى الكلام تقديم وتأخير والتقدير فجيئ بشقة فوالله ما رأيتها. (في) [ * ]

[ 237 ]

أتاني بها وقال: يا محمد اجعلها في حلقة الدرع واستدفر بها مكان المنطقة (1) ثم دعا بزوجي نعال عربيين جميعا أحدهما مخصوف والآخر غير مخصوف (2) والقميصين: القميص الذي اسري به فيه والقميص الذي خرج فيه يوم احد، والقلانس الثلاث: قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين والجمع، وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع أصحابه. ثم قال: يا بلال علي بالبغلتين: الشهباء والدلدل، والناقتين: العضباء والقصوى (3) والفرسين: الجناح كانت توقف بباب المسجد لحوائج رسول الله صلى الله عليه وآله يبعث الرجل في حاجته فيركبه فيركضه في حاجة رسول الله صلى الله عليه وآله وحيزوم (4) وهو الذي كان يقول: أقدم حيزوم (5) والحمار عفير فقال: أقبضها في حياتي. فذكر أمير المؤمنين عليه السلام أن أول شئ من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقباء (6) فرمى بنفسه فيها فكانت قبره. وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إن ذلك الحمار كلم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: بأبي أنت وامي إن أبي حدثنى، عن أبيه، عن جده، عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال: يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم، فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار.


(1) الاستدفار: شد الوسط بالمنطقة ونحوها (في) (2) خصف النعل خصفا كضرب خرزها وهو في النعل كالرقع في الثوب (3) العضباء بالعين المهملة والضاد المعجمة: الناقة المشقوقة الاذن والقصواء بالقاف والصاد المهملة المقطوع طرف اذنها. (في) (4) حيزوم اسم فرس جبرئيل عليه السلام أو فرس النبي صلى الله عليه وآله. (5) كأنه كان يخاطبه فيجيبه وقال ابن الاثير في نهايته في حديث بدر: (أقدم حيزوم) وهو الامر بالاقدام وهو التقدم في الحرب والاقدام الشجاعة وقد تكسر همزة اقدم ويكون امرا بالتقدم لا غير والصحيح الفتح من أقدم. (6) بنو خطمة بفتح وسكون الطاء حى من الانصار. وقبا بضم القاف مقصورا وممدودا قرية بالمدينة. (آت) [ * ]

[ 238 ]

(باب) * (أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني اسرائيل) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن معاوية ابن وهب عن سعيد السمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل، كانت بنو إسرائيل أي أهل بيت وجد التابوت على بابهم اوتوا النبوة فمن صار إليه السلاح منا اوتي الامامة (1). 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن السكين، عن نوح بن دراج، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل، حيثما دار التابوت دار الملك، فأينما دار السلاح فينا دار العلم. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل حيثما دار التابوت اوتوا النبوة (2)، وحيثما دار السلاح فينا فثم الامر، قلت: فيكون السلاح مزايلا للعلم؟ قال: لا. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إنما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل أينما دار التابوت دار الملك، وأينما دار السلاح فينا دار العلم. (باب) * (فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن الحجال، عن أحمد بن


(1) الخبر جزء من الخبر الاول من الباب المتقدم ص 232 والسند واحد. (آت) (2) أي الاستحقاق من غير قهر لا كما كان عند جالوت وما في حيثما واينما كافة، والمزايلة: المفارقة والسؤال لاستعلام انه هل يمكن ان يكون السلاح عند من لا يكون عنده علم جميع ما تحتاج إليه الامة كبنى الحسن قال: لا فكما انه دليل للامامة فهو ملزوم للعلم ايضا. (آت) [ * ]

[ 239 ]

عمر الحلبي، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: جعلت فداك إني أسألك عن مسألة، ههنا أحد يسمع كلامي (1)؟ قال: فرفع أبو عبد الله عليه السلام سترا بينه وبين بيت آخر فأطلع فيه ثم قال: يا أبا محمد سل عما بدا لك، قال: قلت: جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله علم عليا عليه السلام بابا يفتح له منه ألف باب؟ قال: فقال: يا أبا محمد علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ألف باب يفتح من كل باب ألف باب قال: قلت: هذا والله العلم قال: فنكت ساعة في الارض ثم قال: إنه لعلم وما هو بذاك. قال: ثم قال: يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة؟ قال: قلت: جعلت فداك وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وإملائه (2) من فلق فيه وخط علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شئ يحتاج الناس إليه حتى الارش في الخدش وضرب بيده إلي فقال: تأذن لي (3) يا أبا محمد؟ قال: قلت: جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت، قال: فغمزني بيده وقال: حتى أرش هذا – كأنه مغضب – قال: قلت: هذا والله العلم (4) قال إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟ قال قلت: وما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين، وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل، قال قلت: إن هذا هو العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام وما يدريهم ما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد، قال: قلت: هذا والله العلم قال: إنه لعلم وما هو بذاك.


(1) استفهام نبه به على أن مسؤوله امر ينبغى صونه عن الأجنبي. (في) (2) على المصدر والاضافة والضمير للرسول عطف على الظرف مسامحة أو في الكلام حذف أي كتب باملائه. من فلق فيه أي شق فمه. (في) (3) تأذن لى أي في غمزي اياك بيدى حتى تجد الوجع في بدنك. والارش الدية. (في) (4) يحتمل الاستفهام والحكم، وليس بذاك أي ليس بالعلم الخاص الذى هو اشرف علومنا (في) [ * ]

[ 240 ]

ثم سكت ساعة ثم قال: إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال: قلت: جعلت فداك هذا والله هو العلم، قال: إنه لعلم وليس بذاك. قلت: جعلت فداك فأي شئ العلم؟ قال: ما يحدث بالليل والنهار، الامر من بعد الامر، والشئ بعد الشئ، إلى يوم القيامة. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام، قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل فأرسل الله إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها، فشكت ذلك (1) إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شئ من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن الحسين ابن أبي العلاء قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن عندي الجفر الابيض، قال: قلت: فأي شئ فيه؟ قال: زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصحف ابراهيم عليهم السلام والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآنا، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وربع الجلدة وأرش الخدش. وعندي الجفر الاحمر، قال: قلت: وأي شئ في الجفر الاحمر؟ قال: السلاح وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل، فقال له عبد الله ابن أبي يعفور: أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن؟ فقال: إي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والانكار، ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم.


(1) لعدم حفظها وقيل: لرعبها عليها السلام من الملك حال وحدتها به وانفرادها بصحبته. (في) [ * ]

[ 241 ]

4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عمن ذكره، عن سليمان بن خالد قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن في الجفر الذي يذكرونه (1) لما يسوؤهم، لانهم لا يقولون الحق (2) والحق فيه، فليخرجوا قضايا علي وفرائضه إن كانوا صادقين، وسلوهم عن الخالات والعمات (3)، وليخرجوا مصحف فاطمة عليها السلام، فإن فيه وصية فاطمة عليها السلام، ومعه (4) سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عز وجل يقول: ” فأتوا بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين (5) “. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام بعض أصحابنا عن الجفر فقال: هو جلد ثور مملوء علما، قال: له فالجامعة؟ قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الاديم مثل فخذ الفالج (6)، فيها كل ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلا وهي فيها، حتى أرش الخدش. قال: فمصحف فاطمة عليها السلام؟ قال، فسكت طويلا ثم قال: إنكم لتبحثون (7) عما تريدون وعما لا تريدون إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاء ها على أبيها، ويطيب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي عليه السلام يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة عليها السلام. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن صالح بن سعيد، عن أحمد بن أبي بشر، عن بكر بن كرب الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن عندنا مالا


(1) يعنى الائمة الزيدية من بنى الحسن يفتخرون به ويدعون انه عندهم. (آت) (2) أي في المسائل، إذا سئلوا عنها. وقوله: والحق فيه يعنى في الجفر وهو خلاف ما يقولون وقوله: فليخرجوا الخ يعنى ليس ذلك عندهم ولا يريدون ما فيه من ذلك. (في) (3) أي عن خصوص مواريثهن (آت). (4) أي مع الجفر أو مصحف فاطمة. ((في) (5) الاحقاف: 3 والاية هكذا: (ايتونى بكتاب. الخ) لعله نقل بالمعنى أو في قراء تهم عليهم السلام. واثارة أي بقية من علم بقيت فيكم من علوم الاولين. (آت) (6) الاديم: الجلد. والفالج: الجمل العظيم ذو السنامين. (في) (7) أي تفتشون عما تريدون وعما لا تريدون. (آت) [ * ]

[ 242 ]

نحتاج معه إلى الناس، وإن الناس ليحتاجون إلينا، وإن عندنا كتابا إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وخط علي عليه السلام، صحيفة فيها كل حلال وحرام، وإنكم لتأتونا بالامر فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن فضيل بن يسار وبريد بن معاوية وزرارة أن عبد الملك بن أعين قال لابي عبد الله عليه السلام: إن الزيدية والمعتزلة قد أطافوا بمحمد بن عبد الله (1) فهل له سلطان؟ فقال: و الله إن عندي لكتابين فيهما تسمية كل نبي وكل ملك يملك الارض، لا والله ما محمد بن عبد الله في واحد منهما. 8 – محمد بن يحيى، عن احمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عبد الصمد بن بشير، عن فضيل [ بن ] سكرة قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا فضيل أتدري في أي شئ كنت انظر قبيل؟ قال: قلت: لا، قال: كنت أنظر في كتاب فاطمة عليها السلام ليس من ملك يملك الارض الا وهو مكتوب فيه بأسمه وأسم ابيه وما وجدت لولد الحسن فيه شيئا. (باب) * (في شأن انا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها) * 1 – محمد بن ابي عبد الله ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن احمد ابن محمد جميعا، عن الحسن العباس بن الحريش (2) عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: بينا أبي عليه السلام يطوف بالكعبة إذا رجل معتجر (3) قد قيض له


(1) هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن ابى طالب عليه السلام من أئمة الزيدية الملقب بالنفس الزكية، خرج على الدوانيقي وقتل كما ستأتي قصته. (2) بالحاء المهملة المفتوحة والراء المهملة المكسورة والياء المثناة من تحت الساكنة والشين المعجمة وقيل هو مصغر على وزن زبير والرجل ضعيف جدا عنونه العلامة في القسم الثاني من الخلاصة والنجاشى ايضا وقال ابن الغضائري هو أبو محمد ضعيف روى عن ابى جعفر الثاني عليه السلام فضل انا انزلناه كتابا مصنفا فاسد الالفاظ (اقول: وقد افرده الكليني في هذا الباب) تشهد مخائله على انه موضوع وهذا الرجل لا يلتفت إليه ولا يكتب حديثه. راجع جامع الروات ج 1 ص 205 (3) الاعتجار التنقب ببعض العمامة. (آت) وقوله: قيض له أي جئ به من حيث لا يحتسب (في) [ * ]

[ 243 ]

فقطع عليه اسبوعه (1) حتى ادخله إلى دار جنب الصفا، فأرسل الي فكنا ثلاثة فقال: مرحبا يا ابن رسول الله ثم وضع يده على رأسي وقال بارك الله فيك يا امين الله بعد أبائه يا أبا جعفر (2) ان شئت فأخبرني وأن شئت فأخبرتك وان شئت سلني وان شئت سألتك وان شئت فاصدقني وان شئت صدقتك؟ قال: كل ذلك أشاء، قال: فإياك ان ينطق لسانك عند مسألتي بأمر تضمر لي غيره (3) قال: انما يفعل ذلك من في قلبه علمان يخالف أحدهما صاحبه وان الله عز وجل أبى أن يكون له علم فيه اختلاف قال: هذه مسألتي وقد فسرت طرفا منها. أخبرني عن هذا العلم الذي ليس فيه اختلاف، من يعلمه؟ قال: أما جملة العلم فعند الله جل ذكره، وأما ما لا بد للعباد منه فعند الأوصياء، قال: ففتح الرجل عجيرته (4) واستوى جالسا وتهلل وجهه، وقال: هذه أردت ولها أتيت زعمت أن علم ما لا اختلاف فيه من العلم عند الأوصياء، فكيف يعلمونه؟ قال: كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه إلا أنهم لا يرون ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرى، لانه كان نبيا وهم محدثون، وأنه كان يفد إلى الله عز وجل فيسمع الوحي وهم لا يسمعون، فقال: صدقت يا ابن رسول الله سأتيك (5) بمسألة صعبة. أخبرني عن هذا العلم ماله لا يظهر؟ كما كان يظهر مع رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال فضحك أبي (6) عليه السلام وقال: أبى الله عز وجل أن يطلع على علمه إلا ممتحنا للايمان به كما قضى على رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصبر على أذى قومه، ولا يجاهدهم، إلا بأمره، فكم من اكتتام قد اكتتم به حتى قيل له: اصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين (7)


(1) فقطع اسبوعه أي طوافه (2) (يا ابا جعفر) تقدير الكلام ثم التفت إلى ابى فقال يا ابا جعفر. (3) أي اخبرني بعلم يقيني لا يكون عندك احتمال خلافه. (آت) (4) أي اعتجاره أو طرف العمامة الذى اعتجر به، والتهلل: الاضاءة والتلالؤ بالسرور (آت) (5) في بعض النسخ [ سئلتك مسألة ] والمعنى واحد. (6) لعل ضحكه عليه السلام كان لهذا النوع من السؤال الذى ظاهره الامتحان تجاهلا مع علمه بأنه عارف بحاله أو لعد المسألة صعبة وليست عنده عليه السلام كذلك. (آت) (7) الحجر 94 واصدع أي تكلم به جهارا [ * ]

[ 244 ]

وأيم الله أن لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، ولكنه إنما نظر في الطاعة، وخاف الخلاف فلذلك كف، فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الامة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والارض تعذب أرواح الكفرة من الاموات، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الاحياء (1). ثم أخرج سيفا ثم قال: ها إن هذا منها، قال: فقال: أبي إي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره وقال: أنا إلياس، ما سألتك عن أمرك وبي منه جهالة غير أني أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لاصحابك و سأخبرك بآية انت تعرفها إن خاصموا بها فلجوا (2).


(1) حاصل الجواب ان ظهور هذا العلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله دائما في محل المنع فانه كان في سنين من اول بعثه مكتتما الا عن اهله لخوف عدم قبول الخلق منه حتى امر باعلانه وكذلك الائمة عليهم السلام يكتمون عمن لا يقبل منهم حتى يؤمروا باعلانه في زمن القائم عليه السلام (آت) (2) أي ظفروا، وتقرير هذه الحجة على ما يطابق عبارة الحديث مع مقدماته المطوية ان يقال: قد ثبت ان الله سبحانه انزل القرآن في ليلة القدر على رسول الله صلى الله عليه وآله وانه كان تنزل الملائكة والروح فيها من كل امر ببيان وتأويل سنة فسنة كما يدل عليه فعل المستقبل الدال على التجدد في الاستقبال فنقول: هل كان لرسول صلى الله عليه وآله طريق إلى العلم الذى يحتاج إليه الامة سوى ما يأتيه من السماء من عند الله سبحانه اما في ليلة القدر أو في غيرها أم لا؟ والاول باطل لما اجمع عليه الامة من ان علمه ليس الا من عند الله سبحانه كما قال تعالى: (ان هو الا وحى يوحى) فثبت الثاني ثم نقول فهل يجوز ان لا يظهر هذا العلم الذى يحتاج إليه الامة ام لا بد من ظهوره لهم؟ والاول باطل لانه انما يوحى إليه ليبلغ إليهم ويهديهم إلى الله عز وجل فثبت الثاني ثم نقول: فهل في ذلك العلم النازل من السماء من عند الله جل وعلا إلى الرسول اختلاف بأن يحكم في امر في زمان بحكم ثم يحكم في ذلك الامر بعينه في ذلك الزمان بعينه بحكم آخر يخالفه ام لا؟ والاول باطل لان الحكم انما هو من عند الله جل وعز وهو متعال عن ذلك كما قال: (لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)، ثم نقول: فمن حكم بحكم فيه اختلاف هل وافق رسول الله صلى الله عليه وآله في فعله ذلك وحكمه ام خالفه؟ والاول باطل لان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن في حكمه اختلاف فثبت الثاني ثم نقول: فمن لم يكن في حكمه اختلاف فهل له طريق إلى ذلك الحكم من غير جهة الله سبحانه اما بواسطة أو بغير واسطة ومن دون ان يعلم تأويل المتشابه الذى بسببه يقع الاختلاف ام لا؟ والاول باطل فثبت الثاني ثم نقول: فهل يعلم تأويل المتشابه الذى بسببه يقع الاختلاف الا الله والراسخون في العلم الذين ليس في علمهم اختلاف ام لا؟ والاول باطل لان هذا يقول: (وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم) ثم نقول: فرسول الله صلى الله عليه وآله الذى هو من الراسخين في العلم هل مات وذهب بعلمه ذلك ولم يبلغ طريق علمه بالمتشابه إلى خليفته من بعده ام بلغه؟ والاول باطل لانه لو فعل ذلك فقد ضيع من في اصلاب الرجال ممن يكون بعده فثبت الثاني ثم نقول: فهل له خليفة من بعده كسائر آحاد الناس يجوز عليه الخطاء والاختلاف في العلم هو مؤيد من عند الله يحكم نحكم رسول الله صلى الله عليه وآله بأن يأتيه الملك ويحدثه من غير وحى ورؤية أو ما يجرى مجرى ذلك وهو مثله الا في النبوة والاول باطل لعدم إغنائه حينئذ لان من – [ * ]

[ 245 ]

قال: فقال له أبي: إن شئت أخبرتك بها؟ قال: قد شئت، قال: إن شيعتنا إن قالوا لاهل الخلاف لنا: إن الله عز وجل يقول لرسوله صلى الله عليه وآله: ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” (2) – إلى آخرها – فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم من العلم – شيئا لا يعلمه – في تلك الليلة أو يأتيه به جبرئيل عليه السلام في غيرها؟ فإنهم سيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان لما علم بد من أن يظهر؟ فيقولون: لا، فقل لهم: فهل كان فيما أظهر رسول الله صلى الله عليه وآله من علم الله عز ذكره اختلاف؟ فان قالوا: لا، فقل لهم: فمن حكم بحكم الله فيه اختلاف فهل خالف رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فيقولون: نعم – فإن قالوا: لا، فقد نقضوا أول كلامهم – فقل لهم: ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم. فإن قالوا: من الراسخون في العلم؟ فقل: من لا يختلف في علمه، فإن قالوا فمن هو ذاك؟ فقل: كان رسول الله صلى الله عليه وآله صاحب ذلك، فهل بلغ اولا؟ فإن قالوا: قد بلغ فقل: فهل مات صلى الله عليه وآله والخليفة من بعده يعلم علما ليس فيه اختلاف؟ فإن قالوا: لا، فقل: إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله مؤيد ولا يستخلف رسول الله صلى الله عليه وآله إلا من يحكم بحكمه وإلا من يكون مثله إلا النبوة، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف في علمه أحدا فقد ضيع من في أصلاب الرجال ممن يكون بعده. فإن قالوا لك فإن علم رسول الله صلى الله عليه وآله كان من القرآن (1) فقل: ” حم والكتاب المبين، إنا أنزلناه في ليلة مباركة [ إنا كنا منذرين فيها ] – إلى قوله -: إنا كنا مرسلين (2) ” فإن قالوا لك: لا يرسل الله عز وجل إلا إلى نبي فقل: هذا الامر الحكيم الذي يفرق فيه هو من الملائكة والروح التي تنزل من سماء إلى سماء، أو من سماء إلى أرض؟ فإن قالوا: من سماء إلى سماء، فليس في السماء


يجوز عليه الخطاء لا يؤمن عليه الاختلاف في الحكم ويلزم التضييع من ذلك ايضا فثبت الثاني فلا بد من خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله راسخ في العلم، عالم بتأويل المتشابه، مؤيدا من عند الله لا يجوز عليه الخطاء ولا الاختلاف في العلم يكون حجة على العباد وهو المطلوب (في – ملخصا). (1) هذا ايراد سؤال على الحجة تقريره ان علم رسول الله صلى الله عليه وآله لعله كان من القرآن فحسب ليس مما يتجدد في ليلة القدر في شئ فأجاب بان الله سبحانه يقول: (فيها يفرق كل امر حكيم امرا من عندنا انا كنا مرسلين) فهذه الاية تدل على تجدد الفرق والارسال في تلك الليلة المباركة بانزال الملائكة والروح فيها من السماء إلى الارض دائما: فلا بد من وجود من يرسل إليه الامر دائما (في). (2) الدخان: 2، 4 [ * ]

[ 246 ]

أحد يرجع من طاعة إلى معصية، فإن قالوا: من سماء إلى أرض – وأهل الارض أحوج الخلق إلى ذلك – فقل: فهل لهم بد من سيد يتحاكمون إليه؟ فإن قالوا: فإن الخليفة هو حكمهم فقل: ” الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور – إلى قوله -: خالدون (1) ” لعمري ما في الارض ولا في السماء ولي لله عز ذكره إلا و هو مؤيد، ومن ايد لم يخط، وما في الارض عدو لله عز ذكره إلا وهو مخذول، ومن خذل لم يصب، كما أن الامر لا بد من تنزيله من السماء يحكم به أهل الارض، كذلك لابد من وال، فإن قالوا: لا نعرف هذا فقل: [ لهم ] قولوا ما أحببتم، أبى الله عز وجل بعد محمد صلى الله عليه وآله أن يترك العباد ولا حجة عليهم. قال أبو عبد الله عليه السلام: ثم وقف فقال: ههنا يا أبن رسول الله باب غامض أرأيت إن قالوا: حجة الله: القرآن؟ قال: إذن أقول لهم: إن القرآن ليس بناطق يأمر وينهى، ولكن للقرآن أهل يأمرون وينهون، وأقول: قد عرضت لبعض أهل الارض مصيبة (2) ما هي في السنة والحكم الذي ليس فيه اختلاف، وليست في القرآن، أبى الله لعلمه بتلك الفتنة أن تظهر في الارض (2)، وليس في حكمه راد لها ومفرج عن أهلها. فقال: ههنا تفلجون يا أبن رسول الله، أشهد أن الله عز ذكره قد علم بما يصيب الخلق من مصيبة في الارض أو في أنفسهم من الدين أو غيره، فوضع القرآن دليلا قال: فقال الرجل: هل تدري يا ابن رسول الله دليل ما هو؟ قال أبو جعفر عليه السلام: نعم فيه جمل الحدود، وتفسيرها عند الحكم فقال أبى الله أن يصيب عبدا بمصيبة في دينه أو في نفسه أو [ في ] ماله ليس في أرضه من حكمه قاض بالصواب في تلك المصيبة. قال: فقال الرجل: أما في هذا الباب فقد فلجتهم بحجة إلا أن يفتري خصمكم على الله فيقول: ليس لله جل ذكره حجة ولكن أخبرني عن تفسير ” لكيلا تأسوا على ما فاتكم “؟ مما خص به علي عليه السلام ” ولا تفرحوا بما آتاكم (3) ” قال: في أبي فلان واصحابه واحدة مقدمة وواحدة مؤخرة ” لا تأسوا على ما فاتكم ” مما خص به علي عليه السلام ” ولا تفرحوا بما آتاكم ” من الفتنة التي عرضت لكم بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال


(1) البقرة: 258. (2) أي قضية مشكلة ومسألة معضلة. (3) الحديد: 23. [ * ]

[ 247 ]

الرجل: أشهد أنكم أصحاب الحكم الذي لا اختلاف فيه ثم قام الرجل وذهب فلم أره. 2 – عن أبي عبد الله عليه السلام (1) قال: بينا أبي جالس وعنده نفر إذا استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا ثم قال: هل تدرون ما أضحكني؟ قال: فقالوا: لا، قال زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا (2). فقلت له: هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا والآخرة، مع الامن من الخوف والحزن، قال فقال إن الله تبارك وتعالى يقول: ” إنما المؤمنون إخوة (2) ” وقد دخل في هذا جميع الامة، فاستضحكت. ثم قلت: صدقت يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله جل ذكره اختلاف قال: فقال: لا، فقلت: ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ثم ذهب وأتى رجل آخر فأطار كفه فأتى به إليك وأنت قاض، كيف أنت صانع؟ قال: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفه وأقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت وابعث به إلى ذوي عدل، قلت: جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره، ونقضت القول الاول، أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقة شيئا من الحدود [ و ] ليس تفسيره في الارض، اقطع قاطع الكف أصلا ثم أعطه دية الاصابع هكذا حكم الله ليلة تنزل فيها أمره، إن جحدتها بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فأدخلك الله النار كما أعمى بصرك يوم جحدتها علي بن ابي طالب قال: فلذلك عمي بصري، قال: وما علمك بذلك فوالله إن عمي بصري (3) إلا من صفقة جناح الملك. قال: فاستضحكت ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله، ثم لقيته فقلت: يا ابن عباس ما تكلمت بصدق مثل أمس، قال لك علي بن أبي طالب عليه السلام: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وإن لذلك الامر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: من هم؟ فقال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون، فقلت: لا أراها كانت إلا مع رسول الله فتبدا لك الملك الذي يحدثه فقال: كذبت يا عبد الله رأت عيناي


(1) اسناد الاحاديث فيما يلى إلى آخر الباب كما تقدم واغرورقت عيناه أي دمعتا كأنهما غرقتا في دمعهما. (2) فصلت: 30. (3) الحجرات: 10. (4) في بعض النسخ: [ ان عمى بصره ]. [ * ]

[ 248 ]

الذي حدثك به علي – ولم تره عيناه ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه (1) – ثم صفقك بجناحه فعميت قال فقال ابن عباس ما اختلفنا في شئ فحكمه إلى الله (2)، فقلت له: فهل حكم الله في حكم من حكمه بأمرين؟ قال: لا، فقلت: ههنا هلكت وأهلكت (3). 3 – وبهذا الاسناد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الله عز وجل في ليلة القدر ” فيها يفرق كل أمر حكيم ” يقول: ينزل فيها كل أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين، إنما هو شئ واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف، فحكمه من حكم الله عز وجل، ومن حكم بأمر فيه أختلاف فرأي أنه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت إنه لينزل في ليلة القدر إلى ولي الامر تفسير الامور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا، وإنه ليحدث لولي الامر سوى ذلك كل يوم علم الله عز وجل الخاص والمكنون العجيب المخزون، مثل ما ينزل في تلك الليلة من الامر، ثم قرأ: ” ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم (4). 4 – وبهذا الاسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يقول: ” إنا انزلناه في ليلة القدر ” صدق الله عز وجل أنزل الله القرآن في ليلة القدر ” وما أدراك ما ليلة القدر ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا أدري، قال الله عز وجل ” ليلة القدر خير من ألف شهر ” ليس فيها ليلة القدر، قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: وهل تدري لم هي خير من الف شهر؟ قال لا، قال: لانها تنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر، وإذا أذن الله عز وجل بشئ فقد رضيه ” سلام هي حتى مطلع الفجر ” يقول: تسلم عليك يا محمد ملائكتي وروحي بسلامي من أول ما يهبطون إلى مطلع الفجر. ثم قال: في بعض كتابه: ” واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة (5) ” في ” إنا أنزلناه في ليلة القدر ” وقال في بعض كتابه: ” وما محمد إلا رسول قد خلت


(1) جملة معترضة من كلام ابى عبد الله عليه السلام استدراكا لقول ابيه (فتبدا لك الملك) حيث اوهم في قلوب السامعين لهذا الحديث ان الملك ظهر على ابن عباس عيانا. (2) لقوله تعالى: (وما اختلفتم في شئ فحكمه إلى الله) (3) قد فرض المناظرة بين ابى جعفر عليه السلام وابن عباس في صغره عليه السلام وحياة ابيه السجاد فقد ولد أبو جعفر سنة 57 ومات ابن عباس سنة 68، وتوفى على بن الحسين السجاد سنة 95. (4) لقمان: 27. (5) الانفال: 25. [ * ]

[ 249 ]

من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (1) ” يقول في الآية الاولى: إن محمدا حين يموت، يقول أهل الخلاف لامر الله عز وجل: مضت ليلة القدر مع رسول الله صلى الله عليه وآله فهذه فتنة أصابتهم خاصة، وبها ارتدوا على أعقابهم، لانه إن قالوا: لم تذهب، فلابد أن يكون لله عز وجل فيها أمر، وإذا أقروا بالامر لم يكن له من صاحب بد. 5 – وعن أبي عبد الله عليه السلام قال، كان علي عليه السلام كثيرا ما يقول -: [ ما ] اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقرأ: ” إنا انزلناه ” بتخشع وبكاء فيقولان: ما أشد رقتك لهذه السورة؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله: لما رأت عيني ووعا قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي فيقولان: وما الذي رأيت وما الذي يرى قال: فيكتب لهما في التراب ” تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ” قال: ثم يقول: هل بقي شئ بعد قوله عز وجل: ” كل أمر ” فيقولان: لا، فيقول: هل تعلمان من المنزل إليه بذلك؟ فيقولان: أنت يا رسول الله، فيقول: نعم، فيقول: هل تكون ليلة القدر من بعدى؟ فيقولان: نعم، قال: فيقول: فهل ينزل ذلك الامر فيها؟ فيقولان: نعم، قال: فيقول: إلى من؟ فيقولان: لا ندري، فيأخذ برأسي ويقول: إن لم تدريا فادريا، هو هذا من بعدي قال: فإن كانا ليعرفان (2) تلك الليلة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من شدة ما يداخلهما من الرعب. 6 – وعن أبي جعفر عليه السلام قال: يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه تحلجوا، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وإنها لسيدة دينكم، وإنها لغاية علمنا، يا معشر الشيعة خاصموا ب‍ ” حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ” فإنها لولاة الامر خاصة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، يا معشر الشيعة يقول الله تبارك وتعالى: ” وإن من امة إلا خلا فيها نذير (3) ” قيل: يا أبا جعفر نذيرها محمد صلى الله عليه وآله قال: صدقت، فهل كان نذير وهو حي من البعثة في أقطار الارض، فقال السائل: لا، قال أبو جعفر عليه السلام:


(1) آل عمران: 138 (2) (وان) مخففة من المثقلة. (3) الفاطر: 22. [ * ]

[ 250 ]

أرأيت بعيثه أليس نذيره، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله في بعثته من الله عز وجل نذير، فقال: بلى، قال: فكذلك لم يمت محمد إلا وله بعيث نذير قال: فإن قلت لا فقد ضيع رسول الله صلى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من امته، قال: وما يكفيهم القرآن؟ قال: بلي إن وجدوا له مفسرا قال: وما فسره رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: بلى قد فسره لرجل واحد، وفسر للامة شأن ذلك الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام. قال السائل: يا أبا جعفر كان هذا أمر خاص لا يحتمله العامة؟ قال: أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه، كما أنه كان رسول الله مع خديجة مستترا حتى امر بالاعلان، قال السائل: ينبغي لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال: أو ما كتم علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى ظهر أمره؟ قال: بلى، قال: فكذلك أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله. 7 – وعن أبي جعفر عليه السلام قال: لقد خلق الله جل ذكره ليلة القدر أول ما خلق الدنيا ولقد خلق فيها أول نبي يكون، وأول وصي يكون، ولقد قضى أن يكون في كل سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الامور إلى مثلها من السنة المقبلة، من جحد ذلك فقد رد على الله عز وجل علمه، لانه لا يقوم الانبياء والرسل والمحدثون إلا أن تكون عليهم حجة بما يأتيهم في تلك الليلة، مع الحجة التي يأتيهم بها جبرئيل عليه السلام، قلت: والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة عليهم السلام؟ قال: أما الانبياء والرسل صلى الله عليهم فلا شك، ولا بد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الارض إلى آخر فناء الدنيا أن تكون على أهل الارض حجة ينزل ذلك في تلك الليلة إلى من أحب من عباده. وأيم الله لقد نزل الروح والملائكة بالامر في ليلة القدر على آدم، وأيم الله ما مات آدم إلا وله وصي، وكل من بعد آدم من الانبياء قد أتاه الامر فيها، ووضع لوصيه من بعده، وأيم الله إن كان النبي ليؤمر فيما يأتيه، من الامر في تلك الليلة من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله أن أوص إلى فلان، ولقد قال الله عز وجل في كتابه لولاة الامر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصة: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض


[ 251 ]

كما استخلف الذين من قبلهم – إلى قوله – فاولئك هم الفاسقون (1) ” يقول: أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلف وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه ” يعبدونني لا يشركون بي شيئا ” يقول: يعبدونني بإيمان لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وآله فمن قال غير ذلك ” فاولئك هم الفاسقون ” فقد مكن ولاة الامر بعد محمد بالعلم و نحن هم، فاسألونا فإن صدقناكم فأقروا وما أنتم بفاعلين أما علمنا فظاهر، وأما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف، فإن له أجلا من ممر الليالي والايام، إذا أتى ظهر، وكان الامر واحدا. وأيم الله لقد قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف، ولذلك جعلهم شهداء على الناس ليشهد محمد صلى الله عليه وآله علينا، ولنشهد على شيعتنا، ولتشهد شيعتنا على الناس، أبى الله عز وجل أن يكون في حكمه اختلاف، أو بين أهل علمه تناقض. ثم قال أبو جعفر عليه السلام فضل إيمان المؤمن بحمله ” إنا أنزلناه ” وبتفسيرها على من ليس مثله في الايمان بها، كفضل الانسان على البهائم، وإن الله عز وجل ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا – لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم – ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ولا أعلم أن في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة والجوار. 8 – قال: وقال رجل لابي جعفر عليه السلام: يا ابن رسول الله لا تغضب علي قال: لماذا؟ قال: لما اريد أن أسألك عنه، قال: قل، قال: ولا تغضب؟ قال: ولا أغضب قال: أرأيت قولك في ليلة القدر، وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الاوصياء، يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله قد علمه؟ أو ياتونهم بامر كان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلمه؟ وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وليس من علمه شئ إلا وعلي عليه السلام له واع، قال أبو جعفر عليه السلام: مالي ولك أيها الرجل ومن أدخلك علي؟ قال: أدخلني عليك القضاء لطلب الدين، قال: فافهم ما أقول لك. إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما


(1) النور: 55. [ * ]

[ 252 ]

قد كان وما سيكون، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر، وكذلك كان علي بن أبي طالب عليه السلام قد علم جمل العلم ويأتي تفسيره في ليالي القدر، كما كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله، قال السائل: أوما كان في الجمل تفسير؟ قال: بلى ولكنه إنما يأتي بالامر من الله تعالى في ليالي القدر إلى النبي وإلى الاوصياء: افعل كذا وكذا، لامر قد كانوا علموه، امروا كيف يعملون فيه؟ قلت: فسر لي هذا قال لم يمت رسول الله صلى الله عليه وآله إلا حافظا لجملة وتفسيره، قلت فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال: الأمر واليسر فيما كان قد علم، قال السائل: فما يحدث لهم في ليالي القدر علم سوى ما علموا؟ قال: هذا مما امروا بكتمانه، ولا يعلم تفسير ما سألت عنه إلا الله عز وجل. قال السائل: فهل يعلم الاوصياء ما لا يعلم الانبياء؟ قال: لا وكيف يعلم وصي غير علم ما اوصي إليه، قال السائل: فهل يسعنا أن نقول: إن أحدا من الوصاة يعلم ما لا يعلم الآخر؟ قال: لا لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصيه وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل، و ما كانوا علموا ذلك الحكم؟ قال: بلى قد علموه ولكنهم لا يستطيعون إمضاء شئ منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة، قال السائل: يا أبا جعفر لا أستطيع إنكار هذا؟ قال أبو جعفر عليه السلام: من أنكره فليس منا. قال السائل: يا أبا جعفر أرأيت النبي صلى الله عليه وآله هل كان يأتيه في ليالي القدر شئ لم يكن علمه؟ قال: لا يحل لك أن تسأل عن هذا، أما علم ما كان وما سيكون فليس يموت نبي ولا وصي إلا والوصي الذي بعده يعلمه، أما هذا العلم الذي تسأل عنه فإن الله عز وجل أبى أن يطلع الاوصياء عليه إلا أنفسهم، قال السائل: يا ابن رسول الله كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مائة مرة فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي سالت عنه. 9 – وقال: قال أبو جعفر عليه السلام: لما ترون (1) من بعثه الله عز وجل للشقاء


(1) اللام موطئة للقسم وجوابه (اكثر ما ترون) و (ترون) بمعنى (تزور) أو هو مصحف. [ * ]

[ 253 ]

على أهل الضلالة من أجناد الشياطين وأزواجهم (1) أكثر مما ترون خليفة الله الذي بعثه للعدل والصواب من الملائكة، قيل: يا أبا جعفر وكيف يكون شئ أكثر من الملائكة؟ قال: كما شاء الله عز وجل: قال السائل: يا أبا جعفر إني لو حدثت بعض الشيعة بهذا الحديث لانكروه قال: كيف ينكرونه؟ قال، يقولون: إن الملائكة عليهم السلام أكثر من الشياطين قال: صدقت افهم عني ما أقول: إنه ليس من يوم ولا ليلة إلا وجميع الجن والشياطين، تزور أئمة الضلالة ويزور إمام الهدى عددهم من الملائكة حتى إذا أتت ليلة القدر، فيهبط فيها من الملائكة إلى ولي الامر، خلق الله – أو قال قيض الله – عز وجل من الشياطين بعددهم ثم زاروا ولي الضلالة فأتوه بالافك والكذب حتى لعله يصبح فيقول: رأيت كذا وكذا، فلو سأل ولي الامر عن ذلك لقال رأيت شيطانا أخبرك بكذا وكذا حتى يفسر له تفسيرا ويعلمه الضلالة التي هو عليها. وأيم الله إن من صدق بليلة القدر، ليعلم أنها لنا خاصة لقول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام حين دنا موته: هذا وليكم من بعدي، فان أطعتموه رشدتم، ولكن من لا يؤمن بما في ليلة القدر منكر، ومن آمن بليلة القدر ممن على غير رأينا فانه لا يسعه في الصدق إلا أن يقول، إنها لنا ومن لم يقل فانه كاذب، إن الله عز وجل أعظم من أن ينزل الامر مع الروح والملائكة إلى كافر فاسق، فان قال: إنه ينزل إلى الخليفة الذي هو عليها فليس قولهم ذلك بشئ، وإن قالوا: إنه ليس ينزل إلى أحد فلا يكون أن ينزل شئ إلى غير شئ وإن قالوا – وسيقولون -: ليس هذا بشئ فقد ضلوا ضلالا بعيدا. (باب) * (في أن الائمة عليهم السلام يزدادون في ليلة الجمعة) * 1 – حدثني أحمد بن ادريس القمي ومحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن أيوب، عن أبي يحيى الصنعاني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لي: يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن، قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال: يؤذن لارواح الانبياء الموتى عليهم السلام وأرواح الأوصياء


(1) في بعض النسخ [ أرواحهم ]. [ * ]

[ 254 ]

الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم، يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها، فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الابدان التي كانت فيها فتصبح الانبياء والاوصياء قد ملؤا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن يوسف الابزاري، عن المفضل قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام ذات يوم وكان لا يكنيني قبل ذلك: يا ابا عبد الله قال: قلت: لبيك، قال: إن لنا في كل ليلة جمعة سرورا قلت زادك الله وما ذاك؟ قال: إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الائمة عليهم السلام معه ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا إلى أبداننا إلا بعلم مستفاد، ولولا ذلك لانفدنا. 3 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد، عن الحسين ابن أحمد المنقري، عن يونس أو المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: ما من ليلة جمعة إلا ولاولياء الله فيها سرور قلت: كيف ذلك؟ جعلت فداك قال: إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الائمة عليهم السلام ووافيت معهم فما أرجع إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ما عندي. (باب) * (لولا ان الائمة عليهم السلام يزدادون لنفد ما عندهم) * 1 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن صفوان بن يحيى قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: كان جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: لولا أنا نزداد لانفدنا. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن صفوان، عن أبي الحسن مثله. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي، عن ذريح المحاربي قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: لو لا أنا نزداد لانفدنا.


[ 255 ]

3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن ثعلبة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لولا أنا نزداد لانفدنا، قال: قلت: تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم على الائمة ثم انتهى الامر إلينا. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس يخرج شئ من عند الله عز وجل حتى يبدأ برسول الله صلى الله عليه وآله ثم بأمير المؤمنين عليه السلام ثم بواحد بعد واحد، لكيلا يكون آخرنا أعلم من أولنا. (باب) (أن الائمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والانبياء والرسل عليهم السلام) 1 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله تبارك وتعالى علمين: علما أظهر عليه ملائكته وأنبياءه ورسله، فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه، وعلما استأثر به فإذا بدا لله في شئ منه أعلمنا ذلك وعرض على الائمة الذين كانوا من قبلنا. علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم، ومحمد ابن يحيى، عن العمركي بن علي جميعا، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام مثله. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عز وجل علمين: علما عنده لم يطلع عليه أحدا من خلقه، وعلما نبذه إلى ملائكته ورسله، فما نبذه إلى ملائكته ورسله فقد انتهى إلينا. 3 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن ضريس، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن لله عز وجل علمين: علم مبذول، وعلم


[ 256 ]

مكفوف فأما المبذول فانه ليس من شئ تعلمه الملائكة والرسل إلا نحن نعلمه، وأما المكفوف فهو الذي عند الله عز وجل في ام الكتاب إذا خرج نفذ. 4 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن علي ابن النعمان، عن سويد القلا، عن أبي أيوب، عن أبي بصير، عن ابي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز وجل علمين: علم لا يعلمه إلا هو وعلم علمه ملائكته ورسله، فما علمه ملائكته ورسله عليهم السلام فنحن نعلمه. (باب) * (نادر فيه ذكر الغيب) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن معمر بن خلاد قال: سأل أبا الحسن عليه السلام رجل من أهل فارس فقال له: أتعلمون الغيب؟ فقال: قال أبو جعفر عليه السلام: يبسط لنا العلم فنعلم ويقبض عنا فلا نعلم، وقال: سر الله عز وجل أسره إلى جبرئيل عليه السلام وأسره جبرئيل إلى محمد صلى الله عليه وآله، وأسره محمد إلى من شاء الله. 2 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي قال: سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه السلام: عن قول الله عز وجل: ” بديع السماوات والارض (2) ” قال أبو جعفر عليه السلام: إن الله عز وجل ابتدع الاشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات والارضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا أرضون، أما تسمع لقوله تعالى: ” وكان عرشه على الماء (3) “. فقال له حمران: ” أرأيت قوله جل ذكره: ” عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (4) ” فقال أبو جعفر عليه السلام: ” إلا من ارتضى من رسول ” وكان والله محمد ممن ارتضاه، وأما قوله ” عالم الغيب ” فإن الله عز وجل عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ، ويقضيه في علمه قبل أن يخلقه، وقبل أن يفضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران، علم موقوف عنده، إليه فيه المشيئة، فيقضيه إذا أراد، ويبدو له فيه فلا يمضيه، فأما العلم الذي يقدره الله عز وجل فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى


(1) اراد به امير المؤمنين عليه السلام. (2) الانعام: 101. (3) هود: 9. (4) الجن: 27، 28. [ * ]

[ 257 ]

إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم إلينا. 3 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان عن أبيه، عن سدير قال: كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب، فلما أخذ مجلسه قال: يا عجبا لاقوام يزعمون أنا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي قال سدير: فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وابو بصير وميسر وقلنا له: جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا في أمر جاريتك ونحن نعلم أنك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال: فقال: يا سدير: ألم تقرء القرآن؟ قلت: بلى، قال: فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل: ” قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك (1) ” قال: قلت: جعلت فداك قد قرأته، قال: فهل عرفت الرجل؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: أخبرني به؟ قال: قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟! قال: قلت جعلت: فداك ما أقل هذا فقال: يا سدير: ما أكثر هذا، أن ينسبه الله عز وجل (2) إلى العلم الذي اخبرك به يا سدير، فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضا: ” قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب (3) قال: قلت: قد قرأته جعلت فداك قال: أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه؟ قلت: لا، بل من عنده علم الكتاب كله، قال: فأومأ بيده إلى صدره وقال: علم الكتاب والله كله عندنا، علم الكتاب والله كله عندنا. 4 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو ابن سعيد، عن مصدق بن صدقة، عن عمار الساباطي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الامام؟ يعلم الغيب؟ فقال: لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشئ أعلمه الله ذلك.


(1) النمل: 40. (2) لعل هذا رد لما يفهم من كلام سدير من تحقير العلم الذى اوتى آصف عليه السلام بانه وان كان قليلا بالنسبة إلى علم كل الكتاب فهو في نفسه عظيم كثير لانتسابه إلى علم الكتاب وفى بصائر الدرجات هكدا (ما اكثر هذا لمن لم ينسبه الله عز وجل.. الخ). (آت) (3) الرعد: 43 [ * ]

[ 258 ]

(باب) * (أن الائمة عليهم السلام إذا شاؤوا أن يعلموا علموا) * 1 – علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، عن أيوب بن نوح، عن صفوان ابن يحيى، عن ابن مسكان، عن بدر بن الوليد، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الامام إذا شاء أن يعلم علم. 2 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان عن بدر بن الوليد، عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الامام إذا شاء أن يعلم اعلم (1). 3 – محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن عمرو بن سعيد المدائني، عن أبي عبيدة المدائني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أراد الامام أن يعلم شيئا أعلمه الله ذلك. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون، وانهم لا يموتون) * * (الا باختيار منهم) * 1 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن سليمان بن سماعة وعبد الله بن محمد، عن عبد الله بن القاسم البطل، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: أي إمام لا يعلم ما يصيبه وإلى ما يصير، فليس ذلك بحجة لله على خلقه. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محمد بن بشار قال: حدثني شيخ من أهل قطيعة الربيع من العامة ببغداد ممن كان ينقل عنه، قال: قال لي: قد رأيت بعض من يقولون بفضله من أهل هذا البيت، فما رأيت مثله قط في فضله ونسكه فقلت له: من؟ وكيف رأيته، قال: جمعنا أيام السندي بن شاهك (1)


(1) كذا في جميع النسخ التى رأيناها. (2) أي ايام دولته ووزارته لهارون الرشيد. (آت) [ * ]

[ 259 ]

ثمانين رجلا من الوجوه المنسوبين إلى الخير، فأدخلنا على موسى بن جعفر عليهما السلام فقال لنا السندي: يا هؤلاء انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث؟ فإن الناس يزعمون انه قد فعل به ويكثرون في ذلك (1) وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوءا وإنما ينتظر به أن يقدم فيناظر أمير المؤمنين (2) وهذا هو صحيح موسع عليه في جميع اموره، فسلوه، قال: ونحن ليس لنا هم إلا النظر إلى الرجل والى فضله وسمته (3) فقال موسى بن جعفر عليهما السلام: أما ما ذكر من التوسعة وما أشبهها فهو على ما ذكر غير أني اخبركم أيها النفر أني قد سقيت السم في سبع تمرات وأنا غدا أخضر (4) وبعد غد أموت قال: فنظرت إلى السندي بن شاهك يضطرب ويرتعد مثل السعفة (5). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن عبد الله ابن أبي جعفر قال: حدثني أخي، عن جعفر، عن أبيه أنه أتى علي بن الحسين عليهما السلام ليلة قبض فيها بشراب فقال: يا أبت أشرب هذا فقال: يا بني إن هذه الليلة التي اقبض فيها وهي الليلة التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وآله. 4 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عبد الحميد، عن الحسن بن الجهم قال: قلت للرضا عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله والليلة التي يقتل فيها والموضع الذي يقتل فيه وقوله لما سمع صياح الاوز (6) في الدار: صوائح تتبعها نوائح، وقول ام كلثوم: لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليه السلام أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف، كان هذا مما لم يجز (7) تعرضه، فقال: ذلك كان ولكنه خير (8) في تلك الليلة، لتمضي مقادير الله عز وجل.


(1) (قد فعل به) أي ما يوجب هلاكه من سقى السم ونحوه (آت) (2) يعنى هارون الرشيد عليه اللعنة. (3) السمت: الطريق وهيئة اهل الخير. (آت) (4) بالمعجمتين من الاخضرار، يعنى يصير لوني إلى الخضرة. (آت) (5) ورق النخل الذى يتخذ منه المكنسة. (في) (6) الاوز: البط. (7) في بعض النسخ [ لم يحل ] وفى بعضها [ لم يحسن ]. (8) في بعض النسخ [ حير ] باهمال الحاء [ * ]

[ 260 ]

5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: إن الله عز وجل غضب على الشيعة (1) فخيرني نفسي أوهم، فوقيتهم والله بنفسي. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مسافر أن أبا الحسن الرضا عليه السلام قال له: يا مسافر هذا القناة فيها حيتان؟ قال: نعم جعلت فداك، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله البارحة وهو يقول: يا علي ما عندنا خير لك (2). 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال، كنت عند أبي في اليوم الذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره، فقلت: يا أباه والله ما رأيتك منذ اشتكيت (3) أحسن منك اليوم، ما رأيت عليك أثر الموت، فقال: يا بني أما سمعت علي بن الحسين عليهما السلام ينادي من وراء الجدار يا محمد تعال، عجل؟. 8 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عبد الملك بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه السلام حتى كان [ ما ] بين السماء والارض (4) ثم خير: النصر، أو لقاء الله، فاختار لقاء الله تعالى. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون وانه (5)) * * (لا يخفى عليهم الشئ صلوات الله عليهم) * 1 – أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن عبد الله بن حماد، عن سيف التمار قال كنا مع أبي عبد الله عليه السلام جماعة من


(1) لتركهم التقية أو عدم انقيادهم لامامهم وخلوصهم في متابعته. (آت) (2) أي علمي بحقيقة ما اقول كعلمى بكون الحيتان في هذا الماء. (آت) (3) أي مرضت. (4) أي انزل الله تعالى ملائكة ينصرونه على الاعداء حتى إذا صاروا بين السماء والارض خير بين الامرين. (في) (5) في بعض النسخ [ انهم ]. [ * ]

[ 261 ]

الشيعة في الحجر فقال: علينا عين؟ فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا فقلنا: ليس علينا عين فقال: ورب الكعبة ورب البنية – ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر لاخبرتهما أني أعلم منهما ولانبئتهما بما ليس في أيديهما، لان موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن الحارث بن المغيرة، وعدة من أصحابنا منهم عبد الاعلى وأبو عبيدة وعبد الله ابن بشر الخثعمي سمعوا أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لاعلم ما في السماوات وما في الارض وأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار، وأعلم ما كان وما يكون، قال: ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال: علمت ذلك من كتاب الله عز وجل، إن الله عزوجل يقول فيه تبيان كل شئ (1). 3 – علي بن محمد، عن سهل، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبد الكريم، عن جماعة بن سعد الخثعمي (2) أنه قال: كان المفضل عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له المفضل: جعلت فداك يفرض الله طاعة عبد على العباد ويحجب عنه خبر السماء؟ قال: لا، الله أكرم وأرحم وأرأف بعباده من أن يفرض طاعة عبد على العباد ثم يحجب عنه خبر السماء صباحا ومساء. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول – وعنده اناس من أصحابه -: عجبت من قوم يتولونا (3) ويجعلونا أئمة ويصفون أن طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصونا حقنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لامرنا، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والارض


(1) لعله نقل بالمعنى فان في المصاحف (تبيانا لكل شئ) أو كان في قراء تهم عليهم السلام. (2) الذى في الرجال جماعة بن سعد الجعفي (آت) (3) في بعض النسخ [ يتوالونا ]. [ * ]

[ 262 ]

ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم؟! فقال له حمران: جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره، وما اصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: يا حمران إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار (1) ثم أجراه فبتقدم علم (2) إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله قام علي والحسن والحسين عليهم السلام، وبعلم صمت من صمت منا، ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل بهم ما نزل من أمر الله عز وجل وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله عزوجل أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة ملك (3) الطواغيت وذهاب ملكهم إذا لاجابهم ودفع ذلك عنهم، ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه (4) ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله، أراد أن يبلغوها، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن هشام بن الحكم قال، سألت أبا عبد الله عليه السلام بمنى عن خمسمائة حرف من الكلام فأقبلت أقول: يقولون كذا وكذا قال: فيقول: قل كذا وكذا، قلت: جعلت فداك هذا الحلال وهذا الحرام، أعلم أنك صاحبه وأنك أعلم الناس به وهذا هو الكلام، فقال لي: ويك (5) يا هشام [ لا ] يحتج الله تبارك وتعالى على خلقه بحجة لا يكون عنده كل ما يحتاجون إليه. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا والله لا يكون عالم (6) جاهلا أبدا، عالما بشئ جاهلا بشئ، ثم قال: الله أجل وأعز وأكرم من أن يفرض طاعة عبد يحجب عنه علم سمائه وأرضه، ثم قال: لا يحجب ذلك عنه.


(1) في بعض النسخ [ الاختبار ] بالموحدة (2) كذا في نسخة المير الداماد، وهو الوجه. (3) في بعض النسخ [ تلك ]. (4) أي اكتسبوه. (5) هذه الكلمة ليست في بعض النسخ وفى بعضها [ ويحك ] وهى كلمة يستعمل في موضع رأفة. (6) يعنى العالم الذى افترض طاعته (آت) [ * ]

[ 263 ]

(باب) * (أن الله عز وجل لم يعلم نبيه علما الا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين) * * (وأنه كان شريكه في العلم) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن عبد الله ابن سليمان، عن حمران بن اعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين فأكل رسول الله صلى الله عليه وآله إحداهما وكسر الاخرى بنصفين فأكل نصفا وأطعم عليا نصفا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أخي هل تدري ما هاتان الرمانتان؟ قال: لا، قال: أما الاولى فالنبوة، ليس لك فيها نصيب وأما الاخرى فالعلم أنت شريكي فيه، فقلت: أصلحك الله كيف كان؟ يكون شريكه فيه؟ قال: لم يعلم الله محمدا صلى الله عليه وآله علما إلا وأمره أن يعلمه عليا عليه السلام. 2 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة فأعطاه إياهما فأكل واحدة وكسر الاخرى بنصفين فأعطى عليا عليه السلام نصفها فأكلها، فقال يا علي أما الرمانة الاولى التي أكلتها فالنبوة ليس لك فيها شئ، وأما الاخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن ابن اذينة، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نزل جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله برمانتين من الجنة، فلقيه علي عليه السلام فقال: ما هاتان الرمانتان اللتان في يدك؟ فقال: أما هذه فالنبوة، ليس لك فيها نصيب، وأما هذه فالعلم، ثم فلقها رسول الله صلى الله عليه وآله بنصفين فأعطاه نصفها وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله نصفها ثم قال: أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه، قال: فلم يعلم والله رسول الله صلى الله عليه وآله حرفا مما علمه الله عز وجل إلا وقد علمه عليا ثم انتهى العلم إلينا، ثم وضع يده على صدره.


[ 264 ]

(باب) * (جهات علوم الائمة عليهم السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن عمه حمزة بن بزيع، عن علي السائي (1) عن أبي الحسن الاول موسى عليه السلام قال: قال: مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه: ماض وغابر وحادث (2) فاما الماضي فمفسر، وأما الغابر فمزبور (3) وأما الحادث فقذف في القلوب، ونقر في الاسماع (4) وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن علي بن موسى، عن صفوان بن يحيى، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام [ قال ] قلت: أخبرني عن علم عالمكم؟ قال: وراثة من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن علي عليه السلام قال: قلت: إنا نتحدث أنه يقذف في قلوبكم وينكت في آذانكم (5) قال: أو ذاك (6). 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمن حدثه، عن المفضل بن عمر قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: روينا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن علمنا غابر ومزبور ونكت في القلوب ونقر في الاسماع فقال اما الغابر فما تقدم من علمنا، وأما المزبور فما يأتينا، وأما النكت في القلوب فإلهام وأما النقر في الاسماع فأمر الملك. (باب) * (ان الائمة عليهم السلام لو ستر عليهم لاخبروا كل امرئ بما له وعليه) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة ابن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن عبد الواحد بن المختار قال، قال أبو جعفر عليه السلام لو كان لالسنتكم أوكية (7) لحدثت كل امرئ بما له وعليه. 2 – وبهذا الاسناد عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن عبد الله بن مسكان


(1) السائى منسوب إلى قرية من المدينة يقال لها ساية. (2) الغابر هنا بمعنى الاتى (3) أي مكتوب. (4) يعنى من طريق الالهام وتحديث الملك ولما كان هذا القول منه عليه السلام يوهم ادعاء النبوة رد ذلك بقوله عليه السلام: لا نبى نبينا (في) (5) في بعض النسخ [ في قلوبهم وينكت في آذانهم ]. (6) يعنى قد يكون ذا وقد يكون ذاك. (في) (7) الوكاء ككساء: رباط القرية ونحوه. (في) [ * ]

[ 265 ]

قال: سمعت أبا بصير يقول: قلت لابي عبد الله عليه السلام: من أين أصاب أصحاب علي ما أصابهم مع علمهم بمناياهم وبلاياهم؟ قال: فأجابني – شبه المغضب -: ممن ذلك إلا منهم؟! فقلت: ما يمنعك جعلت فداك؟ قال: ذلك باب اغلق إلا أن الحسين بن علي صلوات عليهما فتح منه شيئا يسيرا ثم قال: يا أبا محمد، إن اولئك كانت على أفواههم أوكية. (باب) * (التفويض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله والى الائمة) * * (عليهم السلام في أمر الدين) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان ابن يحيى، عن عصام بن حميد، عن أبي إسحاق النحوي قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فسمعته يقول: إن الله عز وجل أدب نبيه على محبته فقال: ” وإنك لعلى خلق عظيم (1) ” ثم فوض إليه فقال عز وجل: ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (2) ” وقال عز وجل: ” من يطع الرسول فقد أطاع الله (3) ” قال: ثم قال وإن نبي الله فوض إلى علي وائتمنه فسلمتم وجحد الناس فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا وأن تصمتوا إذا صمتنا ونحن فيما بينكم وبين الله عز وجل، ما جعل الله لاحد خيرا في خلاف أمرنا. عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي إسحاق قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ثم ذكر نحوه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس، عن بكار بن بكر، عن موسى بن أشيم قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسأله رجل عن آية من كتاب الله عز وجل فأخبره بها ثم دخل عليه داخل فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبر [ به ] الاول فدخلني من ذلك ما شاء الله حتى كأن قلبي يشرح بالسكاكين (4) فقلت في نفسي: تركت أبا قتادة بالشام لا يخطئ في الواو وشبهه وجئت إلى هذا يخطئ هذا الخطاء كله، فبينا أنا كذلك إذ دخل عليه آخر فسأله عن تلك الآية فأخبره بخلاف ما أخبرني وأخبر صاحبي، فسكنت نفسي، فعلمت


(1) القلم: 4. (2) الحشر: 7. (3) النساء: 80. (4) جمع سكين. [ * ]

[ 266 ]

أن ذلك منه تقية، قال: ثم التفت إلي فقال لي: يا ابن أشيم إن الله عز وجل فوض إلى سليمان بن داود فقال: ” هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ” وفوض إلى نبيه، صلى الله عليه وآله فقال: ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” فما فوض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن ثعلبة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يقولان: إن الله عز وجل فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم، ثم تلا هذه الآية: ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا “. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة. عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: إن الله عز وجل أدب نبيه فأحسن أدبه فلما أكمل له الادب قال: ” إنك لعلى خلق عظيم “، ثم فوض إليه أمر الدين والامة ليسوس عباده، فقال عز وجل: ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” وإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان مسددا موفقا مؤيدا بروح القدس، لا يزل ولا يخطئ في شئ مما يسوس به الخلق، فتأدب بآداب الله ثم إن الله عز وجل فرض الصلاة ركعتين، ركعتين عشر ركعات فأضاف رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الركعتين ركعتين وإلى المغرب ركعة فصارت عديل الفريضة لا يجوز تركهن إلا في سفر وأفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر والحضر فأجاز الله عزوجل له ذلك فصارت الفريضة سبع عشرة ركعة، ثم سن رسول الله صلى الله عليه وآله النوافل أربعا وثلاثين ركعة مثلي الفريضة فأجاز الله عزوجل له ذلك والفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعد بركعة مكان الوتر وفرض الله في السنة صوم شهر رمضان وسن رسول الله صلى الله عليه وآله صوم شعبان وثلاث أيام في كل شهر مثلي الفريضة فأجاز الله عزوجل له ذلك وحرم الله عزوجل الخمر بعينها وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله المسكر من كل شراب فأجاز الله له ذلك كله وعاف رسول الله صلى الله عليه وآله أشياء وكرهها ولم ينه عنها نهي حرام إنما نهى عنها نهي اعافة وكراهة، ثم رخص فيها


[ 267 ]

فصار الاخذ برخصه (1) واجبا على العباد كوجوب ما يأخذون بنهيه وعزائمه ولم يرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وآله فيما نهاهم عنه نهي حرام ولا فيما أمر به أمر فرض لازم فكثير المسكر من الاشربة نهاهم عنه نهي حرام لم يرخص فيه لاحد ولم يرخص رسول الله صلى الله عليه وآله لاحد تقصير الركعتين اللتين ضمهما إلى ما فرض الله عزوجل، بل ألزمهم ذلك إلزاما واجبا، لم يرخص لاحد في شئ من ذلك إلا للمسافر وليس لاحد أن يرخص [ شيئا ] ما لم يرخصه رسول الله صلى الله عليه وآله، فوافق أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أمر الله عزوجل ونهيه نهي الله عزوجل ووجب على العباد التسليم له كالتسليم لله تبارك وتعالى. 5 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يقولان: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه صلى الله عليه وآله أمر خلقه لينظر كيف طاعتهم، ثم تلا هذه الآية ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا “. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة مثله. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تبارك وتعالى أدب نبيه صلى الله عليه وآله فلما انتهى به إلى ما أراد، قال له: ” إنك لعلى خلق عظيم (2) ” ففوض إليه دينه فقال: ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” وإن الله عزوجل فرض الفرائض ولم يقسم للجد شيئا وإن رسول الله صلى الله عليه وآله أطعمه السدس فأجاز الله جل ذكره له ذلك، وذلك قول الله عزوجل: ” هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب (3) “. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن حماد بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: وضع رسول الله صلى الله عليه آله دية العين ودية النفس وحرم النبيذ وكل مسكر، فقال له رجل: وضع رسول الله صلى الله عليه وآله من غير أن يكون جاء فيه شئ؟ قال: نعم ليعلم من يطع الرسول ممن يعصيه. 8 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن قال: وجدت في نوادر محمد بن سنان


(1) في بعض النسخ [ برخصته ]. (2) القلم: 4. (3) ص: 38. [ * ]

[ 268 ]

عن عبد الله بن سنان، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا والله ما فوض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى الائمة، قال عزوجل: ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أريك الله (1) ” وهي جارية في الاوصياء عليهم السلام. 9 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن زياد، عن محمد بن الحسن الميثمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله عز و جل أدب رسوله حتى قومه على ما أراد، ثم فوض إليه فقال عز ذكره: ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” فما فوض الله إلى رسوله صلى الله عليه وآله فقد فوضه إلينا. 10 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن صندل الخياط، عن زيد الشحام قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب ” قال: أعطى سليمان ملكا عظيما ثم جرت هذه الآية في رسول الله صلى الله عليه وآله فكان له أن يعطي ما شاء من شاء ويمنع من شاء، وأعطاه [ الله ] أفضل مما أعطى سليمان لقوله: ” ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا “. (باب) * (في أن الائمة بمن يشبهون ممن مضى وكراهية القول) * * (فيهم بالنبوة) * 1 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن حمران بن أعين قال قلت لابي جعفر عليه السلام: ما موضع العلماء (2)؟ قال: مثل ذي القرنين وصاحب سليمان وصاحب موسى عليهم السلام. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن أبي العلاء قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنما الوقوف علينا في الحلال فأما النبوة فلا (3).


(1) النساء: 160. (2) اريد بالعلماء الائمة المعصومون صلوات الله عليهم وبذي القرنين العبد الصالح الذى سد الباب على يأجوج ومأجوج وقد قيل انه كورس الكبير وبصاحب سليمان آصف ابن برخيا وبصاحب موسى يوشع بن نون (3) يعنى انما عليكم ان تقفوا علينا في اثبات علم الحلال والحرام لنا وليس لكم ان تتجاوزوا بنا إلى اثبات النبوة لنا. (في) [ * ]

[ 269 ]

3 – محمد بن يحيى الاشعري، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن النضر بن سويد عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله عز ذكره ختم بنبيكم النبيين فلا نبي بعده أبدا، وختم بكتابكم الكتب فلا كتاب بعده أبدا، وأنزل فيه تبيان كل شئ وخلقكم وخلق السماوات والارض ونبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم وأمر الجنة والنار وما أنتم صائرون إليه. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن عليا عليه السلام كان محدثا فقلت: فتقول: نبي؟ قال: فحرك بيده هكذا (1)، ثم قال: أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين أو ما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله؟. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن بريد ابن معاوية، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: قلت له: ما منزلتكم؟ ومن تشبهون ممن مضى؟ قال: صاحب موسى وذو القرنين، كانا عالمين ولم يكونا نبيين. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن البرقي، عن أبي طالب، عن سدير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن قوما يزعمون أنكم آلهة، يتلون بذلك علينا قرآنا: ” وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله (2) ” فقال: يا سدير سمعي وبصري وبشري ولحمي ودمي وشعري من هؤلاء براء وبرئ الله منهم، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة إلا وهو ساخط عليهم، قال: قلت: وعندنا قوم يزعمون أنكم رسل يقرؤون علينا بذلك قرآنا ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم (3) ” فقال: يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي من هؤلاء براء وبرئ الله منهم ورسوله، ما هؤلاء على ديني ولا على دين آبائي والله لا يجمعني الله وإياهم يوم القيامة الا وهو ساخط عليهم، قال: قلت: فما أنتم؟ قال نحن خزان علم الله، نحن تراجمة أمر الله (4)، نحن قوم معصومون، أمر الله


(1) كأنه رفع يده واشار برفع يده إلى نفى النبوة واشار بلفظة (أو) التى بمعنى بل إلى ان تحديث الملك ما كان للنبى كذلك قد يكون للوصي. (في). (2) الزخرف: 83. (3) المؤمنون: 51. (4) جمع ترجمان وهو المفسر للسان. [ * ]

[ 270 ]

تبارك وتعالى بطاعتنا ونهى عن معصيتنا، نحن الحجة البالغة على من دون السماء و فوق الارض. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن بحر، عن ابن مسكان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: الائمة بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أنهم ليسوا بأنبياء ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي صلى الله عليه وآله فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله صلى الله عليه وآله. (باب) * (أن الائمة عليهم السلام محدثون مفهمون) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن القاسم بن محمد، عن عبيد بن زرارة قال: أرسل أبو جعفر عليه السلام إلى زرارة أن يعلم الحكم بن عتيبة أن أوصياء محمد عليه وعليهم السلام محدثون. 2 – محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زياد بن سوقة، عن الحكم بن عتيبة قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام يوما فقال: يا حكم هل تدري الآية التي كان علي بن أبي طالب عليه السلام يعرف قاتله بها ويعرف بها الامور العظام التي كان يحدث بها الناس؟ قال الحكم: فقلت في نفسي: قد وقعت على علم من علم علي بن الحسين، أعلم بذلك تلك الامور العظام، قال: فقلت: لا والله لا أعلم، قال: ثم قلت: الآية تخبرني بها يا ابن رسول الله؟ قال: هو والله قول الله عز ذكره: ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي (ولا محدث) ” وكان علي بن أبي طالب عليه السلام محدثا فقال له رجل يقال له: عبد الله بن زيد، كان أخا علي لامه، سبحان الله محدثا؟! كأنه ينكر ذلك، فأقبل علينا أبو جعفر عليه السلام فقال: أما والله إن ابن امك بعد قد كان يعرف ذلك، قال: فلما قال ذلك سكت الرجل، فقال: هي التي هلك فيها أبو الخطاب (1) فلم يدر ما تأويل المحدث والنبي.


(1) هو محمد بن مقلاص الاسدي الكوفى كان غاليا ملعونا، كان يقول: ان الائمة انبياء لما سمع انهم محدثون ولم يفرق بين المحدث والنبى ثم عدل عنه وكان يقول: انهم آلهة (ذكره الشهرستاني في الملل والنحل) [ * ]

[ 271 ]

3 – أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن إسماعيل قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: الائمة علماء صادقون مفهمون محدثون. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن رجل، عن محمد بن مسلم قال ذكر المحدث عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: إنه يسمع الصوت ولا يرى الشخص فقلت له: جعلت فداك كيف يعلم أنه كلام الملك؟ قال: إنه يعطي السكينة والوقار حتى يعلم أنه كلام ملك. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى عن الحسين بن المختار، عن الحارث بن المغيرة، عن حمران بن أعين قال: قال أبو جعفر عليه السلام إن عليا عليه السلام كان محدثا، فخرجت إلى أصحابي فقلت: جئتكم بعجيبة، فقالوا: وما هي؟ فقلت: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول، كان علي عليه السلام محدثا فقالوا: ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه، فرجعت (1) إليه فقلت: إني حدثت أصحابي بما حدثتني فقالوا: ما صنعت شيئا ألا سألته من كان يحدثه؟، فقال لي: يحدثه ملك، قلت: تقول: إنه نبي؟ قال: فحرك يده – هكذا -: أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين، أو ما بلغكم أنه قال: وفيكم مثله (2). (باب) * (فيه ذكر الارواح التي في الائمة عليهم السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن جابر الجعفي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا جابر إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق ثلاثة أصناف وهو قول الله عزوجل: ” وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون اولئك المقربون (3) ” فالسابقون هم رسل الله عليهم السلام وخاصة الله من


(1) في بعض النسخ [ فخرجت ] وفى بعضها [ فرحت ]. (2) فقد روى انه صلى الله عليه وآله قال: ان عليا ذو قرنى هذه الامة. (3) الواقعة: 6 – 11 [ * ]

[ 272 ]

خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح أيدهم بروح القدس فبه عرفوا الاشياء، وأيدهم بروح الايمان فبه خافوا الله عزوجل وأيدهم بروح القوة فبه قدروا على طاعة الله، وأيدهم بروح الشهوة فبه اشتهوا طاعة الله عزوجل وكرهوا معصيته، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيؤون، وجعل في المؤمنين وأصحاب الميمنة روح الايمان فبه خافوا الله، وجعل فيهم روح القوة فبه قدروا على طاعة الله، وجعل فيهم روح الشهوه فبه اشتهوا طاعة الله، وجعل فيهم روح المدرج الذي به يذهب الناس ويجيؤون. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن موسى بن عمر، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن علم العالم، فقال لي: يا جابر إن في الانبياء والاوصياء خمسة أرواح: روح القدس وروح الايمان وروح الحياة وروح القوة وروح الشهوة، فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى، ثم قال: يا جابر إن هذه الاربعة أرواح يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب. 3 – الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن علم الامام بما في أقطار الارض وهو في بيته مرخى عليه ستره، فقال: يا مفضل إن الله تبارك وتعالى جعل في النبي صلى الله عليه وآله خمسة أرواح: روح الحياة فبه دب ودرج، وروح القوة فبه نهض وجاهد، وروح الشهوة فبه أكل وشرب وأتى النساء من الحلال، وروح الايمان فبه آمن وعدل، وروح القدس فبه حمل النبوة فإذا قبض النبي صلى الله عليه وآله انتقل روح القدس فصار إلى الامام، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو (2) والاربعة الارواح تنام وتغفل وتزهو وتلهو، وروح القدس كان يرى به (3).


(1) انتقال هذا الروح ان حملناه على خلق آخر غير النفس فانتقاله ظاهرة وان حملناه على النفس الكاملة، فانتقاله مجاز عن انتقال حالته وحصول شبه تلك الحالة في نفس اخرى. (آت) (2) الزهو: الرجاء الباطل والكذب والاستخفاف. (آت) (3) يعنى ما غاب عنه في اقطار الارض وما في عنان السماء وبالجملة ما دون العرش إلى ما تحت الثرى. (في). [ * ]

[ 273 ]

(باب) * (الروح التى يسدد الله بها الائمة عليهم السلام) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: ” وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان (1) ” قال: خلق من خلق الله عزوجل أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله يخبره ويسدده وهو مع الائمة من بعده. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن أسباط بن سالم قال: سأله رجل من أهل هيت (2) – وأنا حاضر – عن قول الله عزوجل: ” وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ” فقال: منذ أنزل الله عزوجل ذلك الروح على محمد، صلى الله عليه وآله ما صعد إلى السماء وإنه لفينا. 3 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي (3) ” قال: خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة، وهو من الملكوت. 4 – علي، عن ابيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ” يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ” قال: خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل، لم يكن مع أحد ممن مضى، غير محمد صلى الله عليه وآله وهو مع الائمة يسددهم، وليس كل ما طلب وجد. 5 – محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن موسى بن جعفر، عن علي بن أسباط، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العلم، أهو


(1) الشورى: 52. (2) بلد بالعراق. (3) الاسراء: 87. [ * ]

[ 274 ]

علم يتعلمه العالم من أفواه الرجال أم في الكتاب عندكم تقرؤنه. فتعلمون منه؟ قال: الامر أعظم من ذلك وأوجب، أما سمعت قول الله عزوجل: ” وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ” ثم قال: أي شئ يقول أصحابكم في هذه الآية، أيقرون أنه كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الايمان؟ فقلت: لا أدري – جعلت فداك – ما يقولون، فقال [ لي ]: بلى قد كان في حال لا يدري ما الكتاب ولا الايمان حتى بعث الله تعالى الروح التي ذكر في الكتاب، فلما أوحاها إليه علم بها العلم والفهم، وهي الروح التي يعطيها الله تعالى من شاء، فإذا أعطاها عبدا علمه الفهم. 6 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن أبي العلاء، عن سعد الاسكاف قال أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام يسأله عن الروح، أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: جبرئيل عليه السلام من الملائكة والروح غير جبرئيل، فكرر ذلك على الرجل فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم أن الروح غير جبرئيل فقال له: امير المؤمنين (ع): انك ضال تروي عن اهل الضلال، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله: ” أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون، ينزل الملائكة بالروح (1) ” والروح غير الملائكة صلوات الله عليهم. (باب) * (وقت ما يعلم الامام جميع علم الامام الذي كان قبله) * عليهم جميعا السلام 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن علي بن أسباط عن الحكم بن مسكين، عن بعض أصحابنا قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام متى يعرف الاخير ما عند الاول؟ قال: في آخر دقيقة تبقى من روحه. 2 – محمد، عن محمد بن الحسين، عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن عبيد بن زرارة وجماعة معه قالوا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول: يعرف الذي بعد


(1) النحل: 2. [ * ]

[ 275 ]

الامام علم من كان قبله في آخر دقيقة تبقى من روحه. 3 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: الامام متى يعرف إمامته وينتهي الامر إليه؟ قال: في آخر دقيقة من حياة الاول. (باب) * (في أن الائمة صلوات الله عليهم في العلم والشجاعة) * * (والطاعة سواء) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الخشاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال [ الله تعالى ] (الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ (1)) قال (الذين امنوا) النبي صلى الله عليه وآله وذريته الائمة والاوصياء صلوات الله عليهم، ألحقنا بهم ولم ننقص ذريتهم الحجة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام وحجتهم واحدة وطاعتهم واحدة. 2 – علي بن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن داود النهدي عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن عليه السلام قال: قال لي: نحن في العلم والشجاعة سواء وفي العطايا (2) على قدر ما نؤمر. 3 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن علي بن إسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نحن في الامر والفهم والحلال والحرام نجري مجرى واحد، فأما رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام فلهما فضلهما.


(1) الطور: 21. وما ألتناهم أي ما نقصناهم، وقوله ولم ننقص تفسير لقوله تعالى: وما ألتناهم من عملهم من شئ، فسر (ع) العمل بما كانوا يحتجون به على الناس من النص عليهم أو من العلم والشجاعة (في). (2) في بعض النسخ [ العطاء ] [ * ]

[ 276 ]

(باب) * (أن الامام عليه السلام يعرف الامام الذي يكون من بعده وأن) * قول الله تعالى ” ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى اهلها ” فيهم عليهم السلام نزلت 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد ابن عائذ، عن ابن اذينة، عن بريد العجلي قال: ” سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل (1) ” قال: إيانا عنى، أن يؤدي الاول إلى الامام الذي بعده الكتب والعلم السلاح ” وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم، ثم قال للناس: ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم (2) ” إيانا عنى خاصة، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا، فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى اولي الامر منكم، كذا نزلت وكيف يأمرهم الله عزوجل بطاعة ولاة الامر ويرخص في منازعتهم؟! إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم، ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم (3) “. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها ” قال: هم الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله أن يؤدي الامام الامانة (4) إلى من بعده ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه (5). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن الفضيل


(1) النساء 62 (2) النساء: 63. (3) رد عليه السلام على المخالفين حيث قالوا: معنى قوله سبحانه، (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) فان اختلفتم انتم واولو الامر منكم في شئ من امور الدين فارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة، ووجه الرد: كيف يجوز الامر باطاعة قوم مع الرخصة في منازعتهم فقال عليه السلام: ان المخاطبين بالتنازع ليسوا الا المأمورين بالاطاعة خاصة وان اولى الامر داخلون في المردود إليهم. (في) (4) في بعض النسخ [ الامامة ]. (5) زوى المال عن وارثه أي اخفاه. [ * ]

[ 277 ]

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قول الله عزوجل: ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها ” قال: هم الائمة يؤدي الامام إلى الامام من بعده، ولا يخص بها غيره ولا يزويها عنه. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن إسحاق بن عمار، عن ابن أبي يعفور، عن المعلى بن خنيس قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها ” قال: أمر الله الامام الاول أن يدفع إلى الامام الذي بعده كل شئ عنده. 5 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن عبد الله بن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يموت الامام حتى يعلم من يكون من بعده فيوصي [ إليه ]. 6 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن [ ابن ] أبي عثمان، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الامام يعرف الامام الذي من بعده فيوصي إليه. 7 – أحمد، عن محمد بن عبد الجبار، عن أبي عبد الله البرقي، عن فضالة بن أيوب عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما مات عالم حتى يعلمه الله عزوجل إلى من يوصي. (باب) * (ان الامامة عهد من الله عزوجل معهود من واحد إلى واحد عليهم السلام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء قال: حدثني عمر بن أبان، عن أبي بصير قال: كنت عند ابي عبد الله عليه السلام فذكروا الاوصياء وذكرت إسماعيل (1) فقال: لا والله يا أبا محمد ما ذاك إلينا وما هو إلا إلى الله عزوجل ينزل واحدا بعد واحد. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن


(1) يعنى باسماعيل ابنه عليه السلام. [ * ]

[ 278 ]

عثمان، عن عمرو بن الاشعث قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد؟! لا والله ولكن عهد من الله ورسوله صلى الله عليه وآله لرجل فرجل حتى ينتهي الامر إلى صاحبه (1). الحسين بن محمد عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى، عن منهال، عن عمرو بن الاشعث، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن محمد، عن بكر بن صالح، عن محمد بن سليمان، عن عيثم بن أسلم، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الامامة عهد من الله عزوجل معهود لرجال مسمين، ليس للامام أن يزويها عن الذي يكون من بعده، إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام أن اتخذ وصيا من أهلك فإنه قد سبق في علمي أن لا أبعث نبيا إلا وله وصي من أهله وكان لداود عليه السلام أولاد عدة وفيهم غلام كانت امه عند داود وكان لها محبا، فدخل داود عليه السلام عليها حين أتاه الوحي فقال لها: إن الله عزوجل أوحى إلي يأمرني أن أتخذ وصيا من أهلي فقالت له امرأته: فليكن ابني؟ قال: ذلك أريد وكان السابق في علم الله المحتوم عنده أنه سليمان، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى داود: أن لا تعجل دون أن يأتيك أمري فلم يلبث داود عليه السلام أن ورد عليه رجلان يختصمان في الغنم والكرم فأوحى الله عزوجل إلى داود أن اجمع ولدك فمن قضى بهذه القضية فأصاب فهو وصيك من بعدك، فجمع داود عليه السلام ولده، فلما أن قص الخصمان قال سليمان عليه السلام: يا صاحب الكرم متى دخلت غنم هذا الرجل كرمك؟ قال: دخلته ليلا، قال: قضيت عليك يا صاحب الغنم بأولاد غنمك وأصوافها في عامك هذا، ثم قال له داود: فكيف لم تقض برقاب الغنم وقد قوم ذلك علماء بني إسرائيل وكان ثمن الكرم قيمة الغنم؟ فقال سليمان: إن الكرم لم يجتث (2) من أصله وإنما اكل حمله (3) وهو عائد في قابل، فأوحى الله عزوجل إلى داود: أن القضاء في هذه القضية ما قضى سليمان به، يا داود أردت أمرا وأردنا أمرا غيره، فدخل داود على امرأته فقال: أردنا أمرا وأراد الله عزوجل أمرا غيره


(1) في بعض النسخ: إلى امر صاحبه. (2) الجث: انتزاع الشجرة من اصله. (في) (3) الحمل بالكسر ما يحمله الشجر من الثمرة. (في) [ * ]

[ 279 ]

ولم يكن إلا ما أراد الله عزوجل، فقد رضينا بأمر الله عز وجل وسلمنا. وكذلك الاوصياء عليهم السلام، ليس لهم أن يتعدوا بهذا الامر فيجاوزون صاحبه إلى غيره. قال الكليني معنى الحديث الاول: أن الغنم لو دخلت الكرم نهار، لم يكن على صاحب الغنم شئ لان لصاحب الغنم أن يسرح غنمه بالنهار ترعى وعلى صاحب الكرم حفظه وعلى صاحب الغنم أن يربط غنمه ليلا ولصاحب الكرم أن ينام في بيته. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير وجميل، عن عمرو بن مصعب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أترون أن الموصي منا يوصي إلى من يريد؟ لا والله ولكنه عهد من رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رجل فرجل حتى انتهى إلى نفسه (1). (باب) * (ان الائمة عليهم السلام لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون الا بعهد من الله) * * (عز وجل وأمر منه لا يتجاوزونه) * 1 – محمد بن يحيى والحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن علي بن الحسين ابن علي، عن إسماعيل بن مهران، عن أبي جميلة، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الوصية نزلت من السماء على محمد كتابا (2)، لم ينزل على محمد صلى الله عليه وآله كتاب مختوم إلا الوصية، فقال جبرئيل عليه السلام: يا محمد هذه وصيتك في امتك عند أهل بيتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أي أهل بيتي يا جبرئيل؟ قال: نجيب الله (3) منهم وذريته، ليرثك علم النبوة كما ورثه إبراهيم عليه السلام وميراثه لعلي عليه السلام و ذريتك من صلبه، قال: وكان عليها خواتيم، قال: ففتح علي عليه السلام الخاتم الاول ومضى لما فيها (4) ثم فتح الحسن عليه السلام الخاتم الثاني ومضى لما امر به فيها، فلما


(1) أي إلى نفس الموصى. (في). (2) أي مكتوبا بخط الهى مشاهد من عالم الامر كما ان جبرئيل (ع) كان ينزل عليه في صورة آدمى مشاهد من هناك. (3) أي من نجبائه بمعنى الكريم الحسيب، كنى به عن أمير المؤمنين (ع). (في) (4) (مضى لما فيها) على تضمين معنى الاداء ونحوه أي مؤديا أو ممتثلا لما امر به فيها. (في) [ * ]

[ 280 ]

توفي الحسن ومضى فتح الحسين عليه السلام الخاتم الثالث فوجد فيها أن قاتل فاقتل وتقتل واخرج بأقوام للشهادة، لا شهادة لهم إلا معك، قال: ففعل عليه السلام، فلما مضى دفعها إلى علي بن الحسين عليهما السلام قبل ذلك، ففتح الخاتم الرابع فوجد فيها أن اصمت وأطرق (1) لما حجب العلم، فلما توفي ومضى دفعها إلى محمد بن علي عليهما السلام ففتح الخاتم الخامس فوجد فيها أن فسر كتاب الله تعالى وصدق أباك وورث ابنك واصطنع الامة (2) وقم بحق الله عزوجل وقل الحق في الخوف والامن ولا تخش إلا الله، ففعل، ثم دفعها إلى الذي يليه، قال: قلت له: جعلت فداك فأنت هو؟ قال: فقال: ما بي إلا أن تذهب يا معاذ فتروي علي (3) قال: فقلت: أسأل الله الذي رزقك من آبائك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك مثلها قبل الممات، قال؟ قد فعل الله ذلك يا معاذ، قال: فقلت: فمن هو جعلت فداك؟ قال: هذا الراقد – وأشار بيده إلى العبد الصالح (4) – وهو راقد. 2 – أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الكناني، عن جعفر بن نجيح الكندي، عن محمد بن أحمد بن عبيد الله العمري (5) عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عزوجل أنزل على نبيه صلى الله عليه وآله كتابا قبل وفاته، فقال: يا محمد هذه وصيتك إلى النجبة من أهلك، قال: وما النجبة يا جبرئيل؟ فقال: علي بن أبي طالب وولده عليهم السلام، وكان على الكتاب خواتيم من ذهب فدفعه النبي صلى الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأمره أن يفك خاتما منه ويعمل بما فيه، ففك أمير المؤمنين عليه السلام خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى ابنه الحسن عليه السلام ففك خاتما وعمل بما فيه، ثم دفعه إلى الحسين عليهما السلام، ففك خاتما (6) فوجد فيه أن


(1) كناية عن عدم الالتفات إلى ما عليه الخلق من آرائهم الباطلة وافعالهم الشنيعة. (آت) (2) أي احسن إليهم وربهم بالعلم والعمل (آت) (3) أي ما بى بأس في اظهارى لك بأنى هو، إلا مخافة أن تروى ذلك على فاشتهر به. (في) (4) العبد الصالح هو موسى بن جعفر (ع). (5) في بعض النسخ [ أحمد بن عبد الله العمرى ] (6) لعل الخواتيم كانت متفرقة في مطاوى الكتاب بحيث كلما نشرت طائفة من مطاويه انتهى النشر إلى خاتم يمنع من نشر ما بعدها من المطاوى الا ان يفض الخاتم (في) [ * ]

[ 281 ]

اخرج بقوم إلى الشهادة، فلا شهادة لهم إلا معك واشر نفسك لله عزوجل، ففعل (1) ثم دفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام ففك خاتما فوجد فيه أن أطرق واصمت والزم منزلك واعبد ربك حتى يأتيك اليقين، ففعل، ثم دفعه إلى ابنه محمد بن علي عليهما السلام، ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم ولا تخافن إلا الله عزوجل، فإنه لا سبيل لاحد عليك [ ففعل ]، ثم دفعه إلى ابنه جعفر ففك خاتما فوجد فيه حدث الناس وافتهم وانشر علوم أهل بيتك وصدق آبائك الصالحين ولا تخافن إلا الله عزوجل وأنت في حرز وأمان، ففعل، ثم دفعه إلى ابنه موسى عليه السلام وكذلك يدفعه موسى إلى الذي بعده ثم كذلك إلى قيام المهدي صلى الله عليه. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن ضريس الكناسي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال له حمران: جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر علي والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز وجل وما اصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا؟ فقال أبو جعفر عليه السلام يا حمران إن الله تبارك وتعالى [ قد ] كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه، ثم أجراه فبتقدم علم ذلك إليهم من رسول الله قام علي والحسن والحسين، وبعلم صمت من صمت منا. 4 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد، عن الحارث ابن جعفر، عن علي بن إسماعيل بن يقطين، عن عيسى بن المستفاد أبي موسى الضرير قال: حدثني موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قلت لابي عبد الله: أليس كان أمير المؤمنين عليه السلام كاتب الوصية ورسول الله صلى الله عليه وآله المملي عليه وجبرئيل والملائكة المقربون عليهم السلام شهود؟ قال: فأطرق طويلا (2) ثم قال: يا أبا الحسن قد كان ما قلت (3) ولكن حين نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الامر، نزلت الوصية من عند الله كتابا مسجلا، نزل به جبرئيل مع امناء الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقال جبرئيل: يا محمد مر بإخراج من عندك إلا وصيك، ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامنا لها – يعني عليا عليه السلام – فامر النبي صلى الله عليه وآله بإخراج من كان في البيت ما خلا عليا عليه السلام،


(1) اشر نفسك أي بعها، من الشراء بمعنى البيع. (في) (2) في بعض النسخ (مليا). (3) يعنى بعد ما نزل برسول الله صلى الله عليه وآله الامر (في) [ * ]

[ 282 ]

وفاطمة فيما بين الستر والباب، فقال جبرئيل: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول: هذا كتاب ما كنت عهدت إليك وشرطت عليك وشهدت به عليك وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يا محمد شهيدا، قال: فارتعدت مفاصل النبي صلى الله عليه وآله فقال يا جبرئيل ربي هو السلام ومنه السلام. وإليه يعود السلام صدق عز وجل وبر، هات الكتاب، فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أقرأه، فقرأه حرفا حرفا، فقال: يا علي! هذا عهد ربي تبارك وتعالى إلي شرطه علي وأمانته وقد بلغت ونصحت وأديت، فقال علي عليه السلام وأنا أشهد لك [ بأبي وامي أنت ] بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي، فقال: جبرئيل عليه السلام: وأنا لكما على ذلك من الشاهدين، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها، فقال علي عليه السلام: نعم بأبي أنت وامي علي ضمانها وعلي الله عوني وتوفيقي على أدائها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إني اريد ان اشهد عليك بموافاتي بها يوم القيامة. فقال علي عليه السلام نعم أشهد، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لاشهدهم عليك، فقال: نعم ليشهدوا وأنا – بأبي أنت وامي – اشهدهم، فأشهدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وكان فيما اشترط عليه النبي بأمر جبرئيل عليه السلام فيما أمر الله عز وجل أن قال له: يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله والبراءة منهم على الصبر منك [ و ] على كظم الغيظ وعلى ذهاب حقك وغصب خمسك (1) وانتهاك حرمتك؟ فقال: نعم يا رسول الله فقال أمير المؤمنين عليه السلام: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لقد سمعت جبرئيل عليه السلام يقول للنبي: يا محمد عرفه أنه ينتهك الحرمة وهي حرمة الله وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط (2) قال أمير المؤمنين عليه السلام: فصعقت حين فهمت الكلمة من الامين جبرئيل حتى سقطت على وجهي وقلت: نعم قبلت ورضيت وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن ومزق الكتاب وهدمت الكعبة وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط صابرا محتسبا أبدا حتى أقدم عليك، ثم


(1) في بعض النسخ (وغصبك). (2) العبيط: الطرى. (في) [ * ]

[ 283 ]

دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة والحسن والحسين وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين، فقالوا مثل قوله فختمت الوصية بخواتيم من ذهب، لم تمسه النار (1) ودفعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقلت لابي الحسن عليه السلام: بأبي أنت وامي ألا تذكر ما كان في الوصية؟ فقال: سنن الله وسنن رسوله، فقلت: أكان في الوصية توثبهم (2) وخلافهم على أمير المؤمنين عليه السلام؟ فقال: نعم والله شيئا شيئا، وحرفا حرفا، أما سمعت قول الله عز وجل: ” إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في إمام مبين (3) “؟ والله لقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام: أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه؟ فقالا: بلى وصبرنا على ما ساء نا وغاظنا. ” وفي نسخة الصفواني زيادة: (4) علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن أبي عبد الله البزاز، عن حريز قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ما أقل بقاء كم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم؟! فقال: إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته، فإذا انقضى ما فيها مما امر به عرف أن أجله قد حضر فأتاه النبي صلى الله عليه وآله ينعى إليه نفسه (5) وأخبره بما له عند الله وإن الحسين عليه السلام قرأ صحيفته التي أعطيها، وفسر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال وكانت تلك الامور التي بقيت أن الملائكة سألت الله في نصرته فأذن لها ومكثت تستعد للقتال وتتأهب لذلك حتى قتل فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل عليه السلام، فقالت الملائكة: يا رب أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته، فانحدرنا


(1) ذلك لانه كان من عالم الامر والملكوت، منزها عن مواد العناصر وتراكيبها (في) (2) التوثب: الاستيلاء على الشئ ظلما (في) (3) يس: 12 (4) هذا كلام بعض رواة الكليني فان نسخ الكافي كانت بروايات مختلفة كالصفواني هذا وهو محمد بن احمد بن عبد الله بن قضاعة بن صفوان الجمال وكان ثقة فقيها فاضلا، ومحمد بن ابراهيم النعماني، وهارون بن موسى التلعكبرى وكان بين تلك النسخ اختلاف، فتصدى بعض من تأخر عنهم كالصدوق محمد بن بابويه والشيخ المفيد واضرابهما رحمة الله عليهم فجمعوا بين النسخ وأشاروا إلى الاختلاف الواقع بينهما ولما كان في نسخة الصفوانى هذا الخبر الاتى ولم يكن في سائر الروايات أشاروا إلى ذلك بهذا الكلام وسيأتى مثله في مواضع (آت) (5) أي يخبره بموته. [ * ]

[ 284 ]

وقد قبضته، فأوحى الله إليهم: أن الزموا قبره حتى تروه وقد خرج (1) فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فإنكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه، فبكت الملائكة تعزيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته، فإذا خرج يكونون أنصاره “. (باب) * (الامور التي توجب حجة الامام عليه السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: إذا مات الامام بم يعرف الذي بعده؟ فقال للامام علامات منها أن يكون أكبر ولد أبيه (2) ويكون فيه الفضل والوصية، ويقدم الركب فيقول: إلى من أوصى فلان؟ فيقال: إلى فلان، والسلاح فينا بمنزلة التابوت في بني إسرائيل، تكون الامامة مع السلاح حيثما كان. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن يزيد شعر (3) عن هارون بن حمزة عن عبد الاعلى قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: المتوثب على هذا الامر، المدعي له، ما الحجة عليه؟ قال: يسأل عن الحلال والحرام (4)، قال: ثم أقبل علي فقال: ثلاثة من الحجة لم تجتمع في أحد إلا كان صاحب هذا الامر أن يكون أولى الناس بمن كان قبله ويكون عنده السلاح ويكون صاحب الوصية الظاهرة التي إذا قدمت المدينة سألت عنها العامة والصبيان: إلى من أوصى فلان؟ فيقولون: إلى فلان بن فلان. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قيل له، بأي شئ يعرف الامام؟ قال: بالوصية الظاهرة وبالفضل، إن الامام لا يستطيع أحد ان يطعن عليه في فم ولا بطن ولا فرج، فيقال: كذاب ويأكل أموال الناس، وما أشبه هذا. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن إسماعيل، عن علي بن الحكم، عن معاوية بن


(1) (وحتى تروه وقد خرج) اشارة إلى رجعته في زمان القائم عليه السلام. (في) (2) هذه العلامة مطلقة فانها ني كلام الرضا عليه السلام واما في كلام الصادق عليه السلام فمقيدة بما لم يكن في الاكبر عاهة لما في اسماعيل ابنه. (3) هو يزيد بن اسحاق شعر باهمال العين أو باعجامه. (4) انما كان السؤال عن الحلال والحرام حجة على المدعى المتكلف إذا عجز عن الجواب أو كان السائل عالما بالمسألة لا مطلقا ولهذا اضرب عليه السلام عن ذلك وجعل الحجة أمرا آخر وقد وقع التصريح بعدم حجيته في حديث آخر كما يأتي (في) [ * ]

[ 285 ]

وهب قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: ما علامة الامام (1) الذي بعد الامام؟ فقال: طهارة الولادة وحسن المنشأ، ولا يلهو ولا يلعب. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أحمد بن عمر، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الدلالة على صاحب هذا الامر، فقال: الدلالة عليه: الكبر والفضل والوصية، إذا قدم الركب المدينة فقالوا، إلى من أوصى فلان؟ قيل: فلان بن فلان، ودوروا مع السلاح حيثما دار، فأما المسائل فليس فيها حجة. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام [ قال ]: إن الامر (2) في الكبير ما لم تكن فيه عاهة. 7 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي بصير قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك بم يعرف الامام؟ قال: فقال: بخصال: أما أولها فإنه بشئ قد تقدم من أبيه فيه بإشارة إليه (3) لتكون عليهم حجة ويسأل فيجيب وإن سكت عنه ابتدأ ويخبر بما في غد ويكلم الناس بكل لسان، ثم قال لي: يا أبا محمد اعطيك علامة قبل أن تقوم فلم ألبث أن دخل علينا رجل من أهل خراسان، فكلمه الخراساني بالعربية فأجابه أبو الحسن عليه السلام بالفارسية فقال له الخراساني: والله جعلت فداك ما منعني أن اكلمك بالخراسانية غير أني ظننت أنك لا تحسنها، فقال: سبحان الله إذا كنت لا احسن اجيبك فما فضلي عليك ثم قال لي: يا أبا محمد إن الامام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شئ فيه الروح، فمن لم يكن هذه الخصال فيه فليس هو بإمام. (باب) * (ثبات الامامة في الاعقاب وانها لا تعود في اخ ولا عم) * * (ولا غيرهما من القرابات) * 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، عن أبى عبد الله عليه السلام قال: لا تعود الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين أبدا، إنما جرت من علي بن الحسين كما قال الله تبارك وتعالى: ” واولوا الأرحام بعضهم


(1) في بعض النسخ [ ما علامات الامام ] (2) أي الامامة. (3) في بعض النسخ [ واشارة إليه ].

[ 286 ]

أولى ببعض في كتاب الله (1) ” فلا تكون بعد علي بن الحسين عليه السلام إلا في الاعقاب وأعقاب الاعقاب. 3 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول: أبى الله أن يجعلها لاخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه سئل أتكون الامامة في عم أو خال؟ فقال: لا، فقلت: ففي أخ؟ قال: لا، قلت: ففي من؟ قال: في ولدي، وهو يومئذ لا ولد له. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن ابي نجران، عن سليمان بن جفعر الجعفري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لا تجتمع الامامة في أخوين بعد الحسن والحسين إنما هي في الاعقاب وأعقاب الاعقاب. 5 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن عيسى بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن كان كون – ولا أراني الله – فبمن أئتم؟ فأومأ إلى ابنه موسى، قال: قلت: فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم؟ قال: بولده، قلت. فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا، فبمن أئتم؟ قال: بولده ثم واحدا فواحدا. ” وفي نسخة الصفواني: ثم هكذا أبدا. (باب) * (ما نص الله عز وجل ورسوله على الائمة عليهم السلام واحدا فواحدا) * 1 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس وعلي بن محمد، عن سهل ابن زياد أبي سعيد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم (2) ” فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام: فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم عليا وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عز و جل؟ قال: فقال: قولوا لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله


(1) الاحزاب: 7. (2) النساء: 59. [ * ]

[ 287 ]

لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت عليه الزكاة ولم يسم لهم من كل أربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزل الحج فلم يقل لهم: طوفوا اسبوعا حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله هو الذي فسر ذلك لهم، ونزلت ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم ” – ونزلت في علي والحسن والحسين – فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: في علي: من كنت مولاه، فعلي مولاه، وقال صلى الله عليه وآله اوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي، فإني سألت الله عز وجل أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض، فأعطاني ذلك وقال: لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة، فلو سكت رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يبين من أهل بيته، لادعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عز وجل أنزله في كتابة تصديقا لنبيه صلى الله عليه وآله ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (1) ” فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام، فأدخلهم رسول الله صلى الله عليه وآله تحت الكساء في بيت أم سلمة، ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلا وثقلا وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت ام سلمة: ألست من أهلك؟ فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي ولم يكن ليفعل أن يدخل محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحدا (2) من ولده إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي عليه السلام كان الحسن عليه السلام أولى بها لكبره، فلما توفي لم يستطع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك والله عز وجل يقول: ” واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ” فيجعلها في ولده إذا لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك و طاعة أبيك وبلغ في رسول الله صلى الله عليه وآله كما بلغ فيك وفي أبيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين عليه السلام لم يكن أحد من


(1) الاحزاب: 33. (2) في بعض النسخ [ احدا ]. [ * ]

[ 288 ]

أهل بيته يستطيع أن يدعي عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الامر عنه ولم يكونا ليفعلا ثم صارت حين أفضت إلى الحسين عليه السلام فجرى تأويل هذه الآية ” واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ” ثم صارت من بعد الحسين لعلي بن الحسين، ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن علي عليه السلام. وقال: الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبدا. محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن أيوب بن الحر وعمران بن علي الحلبي، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن عبد الرحيم بن روح القصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: ” النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ” فيمن نزلت؟ فقال: نزلت في الامرة، إن هذه الآية جرت في ولد الحسين عليه السلام من بعده، فنحن أولى بالامر وبرسول الله صلى الله عليه وآله من المؤمنين والمهاجرين والانصار، قلت: فولد جعفر لهم (1) فيها نصيب؟ قال: لا، قلت: فلولد العباس فيها نصيب؟ فقال: لا، فعددت عليه بطون بني عبد المطلب، كل ذلك يقول: لا، قال: ونسيت ولد الحسن عليه السلام، فدخلت بعد ذلك عليه، فقلت له: هل لولد الحسن عليه السلام فيها نصيب؟ فقال: لا، والله يا عبد الرحيم ما لمحمدي فيها نصيب غيرنا. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي، عن أبيه، عن أحمد بن عيسى، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا (2) ” قال: إنما يعني أولى بكم أي أحق بكم وباموركم وأنفسكم وأموالكم، الله ورسوله والذين آمنوا يعني عليا وأولاده الائمة عليهم السلام إلى يوم القيامة، ثم وصفهم الله عز وجل فقال: ” الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم


(1) يعنى به جعفر بن ابى طالب رحمه الله (2) قال الثعلبي في تفسير هذه الاية: (قال السدى وعتبة بن ابى حكيم وغالب بن عبد الله: انما عنى بهذه الاية على بن ابى طالب عليه السلام لانه مر به سائل وهو راكع في المسجد واعطاه خاتمه. ومثله قال الزمخشري في الكشاف. [ * ]

[ 289 ]

راكعون ” وكان أمير المؤمنين عليه السلام في صلاة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار، وكان النبي صلى الله عليه وآله كساه إياها، وكان النجاشي أهداها له، فجاء سائل فقال: السلام عليك يا ولي الله وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، تصدق على مسكين، فطرح الحلة إليه وأومأ بيده إليه أن احملها: فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآية وصير نعمة أولاده بنعمته (1) فكل من بلغ من أولاده مبلغ الامامة، يكون بهذه النعمة مثله (2) فيتصدقون وهم راكعون والسائل الذي سأل أمير المؤمنين عليه السلام من الملائكة، والذين يسألون الائمة من أولاده يكونون من الملائكة. 4 – علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن زرارة والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبي الجارود جميعا عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ” وفرض ولاية أولي الامر، فلم يدروا ما هي، فأمر الله محمدا صلى الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة، والزكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله صلى الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه ” يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس (3) ” فصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم، فنادى الصلاة جامعة (4) وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب. – قال عمر بن اذينة: قالوا جميعا غير أبي الجارود – وقال أبو جعفر عليه السلام: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي (5) ” قال أبو جعفر عليه السلام: يقول الله عز وجل: لا انزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض. 5 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن هارون بن


(1) أي جعل نعمة اولاده ملصقة بنعمته فأتى بصيغة الجمع. (2) في بعض النسخ [ بهذه الصفة ] (3) المائدة: 67. (4) الصلاة جامعة منصوب على الاغراء، أي الزموا الصلاة واحضروها حالكونها جامعة للناس. [ * ]

[ 290 ]

خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال كنت عنده جالسا، فقال له رجل: حدثني عن ولاية علي، أمن الله أو من رسوله؟ فغضب ثم قال: ويحك كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخوف من أن يقول ما لم يأمره به الله، بل افترضه كما افترض الله الصلاة والزكاة والصوم والحج. 6 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: فرض الله عز وجل على العباد خمسا، أخذوا أربعا وتركوا واحدا، قلت: أتسميهن لي جعلت فداك؟ فقال: الصلاة وكان الناس لا يدرون كيف يصلون، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد أخبرهم بمواقيت صلاتهم، ثم نزلت الزكاة فقال: يا محمد أخبرهم من زكاتهم ما أخبرتهم من صلاتهم، ثم نزل الصوم فكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم عاشورا بعث إلى ما حوله من القرى فصاموا ذلك اليوم فنزل شهر رمضان بين شعبان وشوال، ثم نزل الحج فنزل جبرئيل عليه السلام فقال: أخبرهم من حجهم ما أخبرتهم من صلاتهم وزكاتهم وصومهم. ثم نزلت الولاية وإنما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة، أنزل الله عز وجل ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ” وكان كمال الدين بولاية علي ابن أبي طالب عليه السلام (1) فقال عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله: امتي حديثوا عهد بالجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمي يقول قائل، ويقول قائل – فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني – فأتتني عزيمة من الله عز وجل بتلة (2) أوعدني إن لم ابلغ أن يعذبني، فنزلت ” يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين (3) ” فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام فقال: أيها الناس إنه لم يكن نبي من الانبياء ممن كان قبلي إلا وقد عمره الله، ثم دعاه فأجابه، فاوشك أن ادعى فاجيب وأنا مسؤول وأنتم مسؤولون


(1) وذلك لانه عليه السلام صار امامهم ووليهم وقيمهم من قبل الله ورسوله فيما يحتاجون إليه من امر دينهم فلم يبق لهم من امر دينهم ما لا يمكنهم الوصول إلى معرفته. (2) أي مقطوعة. (3) المائدة: 67. [ * ]

[ 291 ]

فماذا أنتم قائلون؟ فقالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت، وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين، فقال: اللهم اشهد – ثلاث مرات – ثم قال: يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب. قال أبو جعفر عليه السلام: كان والله [ علي عليه السلام ] أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله حضره الذي حضر، فدعا عليا فقال: يا علي إني اريد أن أئتمنك على ما ائتمنني الله عليه من غيبه وعلمه ومن خلقه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه فلم يشرك والله فيها يا زياد أحدا من الخلق ثم إن عليا عليه السلام حضره الذي حضره فدعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا فقال لهم: يا بني إن الله عز وجل قد أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب وإن يعقوب دعا ولده وكانوا اثنا عشر ذكرا، فأخبرهم بصاحبهم، ألا وإني أخبركم بصاحبكم، إلا إن هذين ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين عليهما السلام فاسمعوا لهما وأطيعوا، ووازروهما فإني قد ائتمنتهما على ما ائتمنني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله مما ائتمنه الله عليه من خلقه ومن غيبه ومن دينه الذي ارتضاه لنفسه، فأوجب الله لهما من علي عليه السلام ما أوجب لعلي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يكن لاحد منهما فضل على صاحبه إلا بكبره، وإن الحسين كان إذ حضر الحسن لم ينطق في ذلك المجلس حتى يقوم، ثم إن الحسن عليه السلام حضره الذي حضره فسلم ذلك إلى الحسين عليه السلام، ثم إن حسينا حضره الذي حضره فدعا ابنته الكبرى فاطمة – بنت الحسين عليه السلام – فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة و كان علي بن الحسين عليه السلام مبطونا لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين ثم صار والله ذلك الكتاب إلينا. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام مثله. 7 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى عن صباح الازرق، عن أبي بصير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: إن رجلا من المختارية لقيني فزعم أن محمد بن الحنفية إمام، فغضب أبو جعفر عليه السلام، ثم قال: أفلا قلت


[ 292 ]

له؟ قال قلت: لا والله ما دريت ما أقول، قال: أفلا قلت له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أوصى إلى علي والحسن والحسين فلما مضى علي عليه السلام أوصى إلى الحسن والحسين ولو ذهب يزويها عنهما لقالا له: نحن وصيان مثلك ولم يكن ليفعل ذلك، وأوصى الحسن إلى الحسين ولو ذهب يزويها عنه لقال: أنا وصي مثلك من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن أبي ولم يكن ليفعل ذلك، قال الله عزوجل: ” واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض ” هي فينا وفي أبنائنا. (باب) * (الاشارة والنص على أمير المؤمنين عليه السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن زيد بن الجهم الهلالي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لما نزلت ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وكان من قول رسول الله صلى الله عليه وآله: سلموا على علي بإمرة المؤمنين، فكان مما أكد الله عليهما في ذلك اليوم يا زيد قول رسول الله صلى الله عليه وآله لهما: قوما فسلما عليه بإمرة المؤمنين فقالا أمن الله أو من رسوله يا رسول الله؟ فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: من الله ومن رسوله، فأنزل الله عز وجل ” ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ” يعني به قول رسول الله صلى الله عليه وآله لهما وقولهما أمن الله أو من رسوله ” ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون ” أئمة هي أزكى من أئمتكم، قال: قلت: جعلت فداك أئمة؟ قال: إي والله أئمة قلت: فانا نقرء أربى، فقال: ما أربى؟ وأومأ بيده فطرحها – ” إنما يبلوكم الله به (يعني بعلي عليه السلام) وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون * لو شاء الله لجعلكم امة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن يوم القيامة عما كنتم تعملون * ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها (يعني بعد مقالة رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام) وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله (يعني به عليا عليه السلام) ولكم عذاب عظيم (1) “. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين وأحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن محمد بن


(1) الايات في سورة النحل: 92 – 94. [ * ]

[ 293 ]

الفضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: لما أن قضى محمد نبوته، واستكمل أيامه، أوحى الله تعالى إليه أن يا محمد قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في أهل بيتك عند علي بن أبي طالب، فإني لن أقطع العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك كما لم أقطعها من ذريات الانبياء. 3 – محمد بن الحسين وغيره، عن سهل، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا، عن محمد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الديلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أوصى موسى عليه السلام إلى يوشع ابن نون، وأوصى يوشع بن نون إلى ولد هارون، ولم يوص إلى ولده ولا إلى ولد موسى، إن الله تعالى له الخيرة، يختار من يشاء ممن يشاء، وبشر موسى ويوشع بالمسيح عليهم السلام فلما أن بعث الله عز وجل المسيح عليه السلام قال المسيح لهم: إنه سوف يأتي من بعدي نبي اسمه أحمد من ولد إسماعيل عليه السلام يجيئ بتصديقي وتصديقكم، وعذري وعذركم وجرت من بعده في الحواريين في المستحفظين، وإنما سماهم الله تعالى المستحفظين لانهم استحفظوا الاسم الاكبر وهو الكتاب الذي يعلم به علم كل شئ، الذي كان مع الانبياء صلوات الله عليهم يقول الله تعالى. ” ولقد أرسلنا رسلا قبلك وأنزلنا معهم الكتاب والميزان (1) ” الكتاب الاسم الاكبر وإنما عرف مما يدعى الكتاب التوراة والانجيل والفرقان فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم عليهم السلام فأخبر الله عز وجل: ” إن هذا لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى (2) ” فأين صحف إبراهيم، إنما صحف إبراهيم الاسم الاكبر، وصحف موسى الاسم الاكبر فلم تزل الوصية في عالم بعد عالم حتى دفعوها إلى محمد صلى الله عليه وآله. فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وآله أسلم له العقب من المستحفظين وكذبه بنو إسرائيل ودعا إلى الله عز وجل وجاهد في سبيله، ثم أنزل الله جل ذكره عليه أن أعلن فضل وصيك فقال: رب إن العرب قوم جفاة، لم يكن فيهم كتاب


(1) كذا في النسخ وفى المصحف (لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا.) الاية في سورة الحديد: 25. (2) الاعلى، 18 و 19. [ * ]

[ 294 ]

ولم يبعث إليهم نبي ولا يعرفون فضل نبوات الانبياء عليهم السلام ولا شرفهم، ولا يؤمنون بي إن أنا اخبرتهم بفضل أهل بيتي، فقال الله جل ذكره: ” ولا تحزن عليهم (1) ” ” وقل سلام فسوف يعلمون (2) ” فذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمد! ” ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ” ولكنهم يجحدون بغير حجة لهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين اعلم بموته، ونعيت إليه نفسه، فقال الله جل ذكره: ” فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب (3) ” يقول: إذا فرغت فانصب علمك، وأعلن وصيك فأعلمهم فضله علانية، فقال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه – ثلاث مرات – ثم قال: لابعثن رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ليس بفرار يعرض بمن رجع، يجبن أصحابه ويجبنونه، و قال: صلى الله عليه وآله: علي سيد المؤمنين وقال: علي عمود الدين، وقال: هذا هو الذي يضرب الناس بالسيف على الحق بعدي وقال: الحق مع علي أينما مال، وقال: إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله عز وجول أهل بيتي عترتي، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت، إنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين والثقلان: كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي، فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم. فوقعت الحجة بقول النبي صلى الله عليه وآله وبالكتاب الذي يقرأه الناس فلم يزل يلقي فضل أهل بيته بالكلام ويبين لهم القرآن: ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” وقال عز ذكره: ” واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى (4) ” ثم قال: ” وآت ذا القربى حقه (5) ” فكان علي عليه السلام وكان حقه الوصية التي جعلت له، والاسم الاكبر، ميراث العلم، وآثار علم النبوة


(1) النحل: 127. (2) الزخرف: 89. (3) الانشراح: 8. (4) الانفال: 42. (5) الاسراء: 26. [ * ]

[ 295 ]

فقال: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ” ثم قال: وإذا المودة سئلت بأي ذنب قتلت (1) ” يقول أسألكم عن المودة التي أنزلت عليكم فضلها، مودة القربى بأي ذنب قتلتموهم وقال جل ذكره: ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ” قال: الكتاب [ هو ] الذكر، وأهله آل محمد عليهم السلام أمر الله عزوجل بسؤالهم ولم يؤمروا بسؤال الجهال وسمى الله عزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: ” وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون (2) ” وقال عزوجل: “؟ وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون (3) ” وقال عزوجل: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم (4) ” وقال عزوجل: ” ولو ردوه (إلى الله و) إلى الرسول وإلى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم (5) ” فرد الامر – أمر الناس – إلى أولي الامر منهم الذين أمر بطاعتهم وبالرد إليهم. فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: ” يا أيها الرسو بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين (6) ” فنادى الناس فاجتمعوا وأمر بسمرات فقم شوكهن، ثم قال صلى الله عليه وآله: [ يا ] أيها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: الله ورسوله، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وآل من والاه، وعاد من عاداه – ثلاث مرات – فوقعت حسكة النفاق في قلوب القوم وقالوا: ما أنزل الله جل ذكره هذا على محمد قط وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه. فلما قدم المدينة أتته الانصار فقالوا: يا رسول الله إن الله جل ذكره قد أحسن إلينا وشرفنا بك وبنزولك بين ظهرانينا، فقد فرح الله صديقنا وكبت عدونا وقد يأتيك وفود، فلا تجد ما تعطيهم فيشمت بك العدو، فنحب أن تأخذ ثلث أموالنا حتى إذا قدم عليك وفد مكة وجدت ما تعطيهم، فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم شيئا وكان ينتظر ما يأتيه من ربه فنزل جبرئيل عليه السلام وقال: ” قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (5) ” ولم يقبل أموالهم، فقال المنافقون: ما أنزل الله هذا


(1) كذا. (2) النحل: 46. (3) الزخرف: 43. (4) النساء: 59 (5) النساء: 82. (6) المائدة: 68 (7) الشورى: 22. [ * ]

[ 296 ]

على محمد وما يريد إلا أن يرفع بضبع ابن عمه ويحمل علينا أهل بيته يقول أمس: من كنت مولاه فعلي مولاه واليوم: ” قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ” ثم نزل عليه آية الخمس فقالوا: يريد أن يعطيهم أموالنا وفيئنا، ثم أتاه جبرئيل فقال: يا محمد إنك قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك، فاجعل الاسم الاكبر، وميراث العلم وأثار علم النبوة عند علي عليه السلام فإني لم أترك الارض إلا ولي فيها علم تعرف به طاعتي، وتعرف به ولايتي، ويكون حجة لمن يولد بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر، قال: فأوصى إليه بالاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة، وأوصى إليه بألف كلمة وألف باب، يفتح كل كلمة وكل باب ألف كلمة وألف باب. 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه وصالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن يحيى بن معمر العطار، عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي توفي فيه: ادعوا لي خليلي، فأرسلنا إلى أبويهما فلما نظر إليهما رسول الله صلى الله عليه وآله أعرض عنهما، ثم قال: ادعوا لي خليلي، فارسل إلى علي فلما نظر إليه أكب عليه يحدثه، فلما خرج لقياه فقالا له: ما حدثك خليلك؟ فقال: حدثني ألف باب يفتح كل باب ألف باب. 5 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور ابن يونس، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: علم رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام ألف حرف كل حرف يفتح ألف حرف. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله صحيفة صغيرة، فقلت لابي عبد الله عليه السلام: أي شئ كان في تلك الصحيفة؟ قال: هي الاحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف. قال: أبو بصير: قال أبو عبد الله عليه السلام فما خرج منها حرفان حتى الساعة. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن فضيل [ بن ] سكرة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك، هل للماء الذي يغسل به الميت حد


[ 297 ]

محدود؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: إذا انامت فاستق ست قرب من ماء بئر غرس فغسلني وكفني وحنطني، فإذا فرغت من غسلي وكفني فخذ بجوامع كفني وأجلسني ثم سلني عما شئت، فوالله لا تسألني عن شئ إلا أجبتك فيه. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن ابن أبي سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله الموت دخل عليه علي عليه السلام فأدخل رأسه ثم قال: يا علي إذا أنا مت فغسلني وكفني ثم أقعدني وسلني واكتب. 9 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي، عن يونس بن رباط قال: دخلت أنا وكامل التمار على أبي عبد الله عليه السلام فقال له كامل: جعلت فداك حديث رواه فلان؟ فقال: اذكره، فقال: حدثني أن النبي صلى الله عليه وآله حدث عليا عليه السلام بألف باب يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله، كل باب يفتح ألف باب، فذلك ألف ألف باب، فقال: لقد كان ذلك، قلت: جعلت فداك فظهر ذلك لشيعتكم ومواليكم؟ فقال: يا كامل باب أو بابان فقلت [ له ] جعلت فداك فما يروى من فضلكم من ألف ألف باب إلا باب أو بابان؟ قال: وما عسيتم أن ترووا من فضلنا، ما تروون من فضلنا إلا ألفا غير معطوفة. (باب) * (الاشارة والنص على الحسن بن علي عليهما السلام) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن اذينة، عن أبان، عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أمير المؤمنين عليه السلام حين أوصى إلى ابنه الحسن عليه السلام وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن عليه السلام: يا بني أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن اوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله صلى الله عليه وآله ودفع إلى كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين عليه السلام، ثم اقبل على ابنه الحسين عليه السلام فقال،


[ 298 ]

وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك هذا، ثم أخذ بيد علي بن الحسين عليه السلام ثم قال لعلي بن الحسين: وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك محمد بن علي واقرأه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومني السلام. 2 – علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما حضره الذي حضره قال لابنه الحسن: ادن مني حتى اسر إليك ما أسر رسول اله صلى الله عليه وآله إلي، وأئتمنك على ما ائتمنني عليه، ففعل. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: حدثني الاجلح وسلمة بن كهيل وداود بن أبي يزيد وزيد اليمامي قالوا: حدثنا شهر بن حوشب: أن عليا عليه السلام حين سار إلى الكوفة استودع ام سلمة كتبه والوصية، فلما رجع الحسن عليه السلام دفعتها إليه. ” وفي نسخة الصفواني: 4 – أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف، عن أبي بكر، عن أبي عبد الله عليه السلام أن عليا صلوات الله عليه وآله حين سار إلى الكوفة، استودع ام سلمة كتبه والوصية فلما رجع الحسن دفعتها إليه “. 5 – عدة من أصحابنا. عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوصى أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن وأشهد على وصيته الحسين عليه السلام ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته، ثم دفع إليه الكتاب والسلاح، ثم قال لابنه الحسن: يا بني أمرني رسول الله أن اوصي إليك وأن أدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إلي رسول الله ودفع إلي كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرت الموت أن تدفع إلى أخيك الحسين، ثم أقبل على ابنه الحسين وقال: أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعه إلى ابنك هذا، ثم أخذ بيد ابن ابنه علي بن الحسين، ثم قال لعلي بن الحسين: يا بني وأمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تدفعه إلى ابنك محمد بن علي وأقرئه من رسول الله صلى الله عليه وآله ومني السلام، ثم


[ 299 ]

أقبل على ابنه الحسن، فقال: يا بني أنت ولي الامر وولي الدم، فإن عفوت فلك وإن قتلت فضربة مكان ضربة ولا تأثم. 6 – الحسين بن الحسن الحسني رفعه ومحمد بن الحسن، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمري رفعه قال: لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام حف به العواد وقيل له: يا أمير المؤمنين أوص فقال: اثنوا لي وسادة ثم قال: الحمد لله حق قدره متبعين أمره وأحمده كما أحب، ولا إله إلا الله الواحد الاحد الصمد كما انتسب (1)، أيها الناس كل امرء لاق في فراره ما منه يفر، والاجل مساق النفس إليه، والهرب منه موافاته، كم اطردت الايام أبحثها عن مكنون هذا الامر فأبى الله عز ذكره إلا إخفاء ه، هيهات علم مكنون، أما وصيتي فأن لا تشركوا بالله جل ثناؤه شيئا ومحمدا صلى الله عليه وآله فلا تضيعوا سنته، أقيموا هذين المعمودين وأوقدوا هذين المصباحين، وخلاكم ذم (2) ما لم تشردوا حمل كل امرئ مجهوده، وخفف عن الجهلة، رب رحيم، وإمام عليم، ودين قويم. أنا بالامس صاحبكم و [ أنا ] اليوم عبرة لكم، وغدا مفارقكم، إن تثبت الوطأة في هذه المزلة (3) فذاك المراد، وإن تدحض القدم، فإنا كنا في أفياء أغصان وذرى رياح، وتحت ظل غمامة اضمحل في الجو متلفقها (4)، وعفا في الارض محطها، وإنما كنت جارا جاوركم بدني أياما وستعقبون مني جثة خلاء، ساكنة بعد حركة، وكاظمة بعد نطق، ليعظكم هدوي وخفوف إطراقي، وسكون أطرافي، فإنه أوعظ لكم من الناطق البليغ، ودعتكم وداع مرصد للتلاقي، غدا ترون أيامي، ويكشف الله عزوجل عن سرائري، وتعرفوني بعد خلو مكاني، وقيام غيري مقامي، إن أبق فأنا ولي دمي، وإن أفن فالفناء ميعادي [ وإن أعف ] فالعفو لي قربة، ولكم حسنة، فاعفوا واصفحوا، ألا تحبون أن يعفو الله لكم، فيالها حسرة على كل ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو تؤديه أيامه إلى شقوة، جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصر به عن طاعة الله رغبة، أو تحل به بعد الموت نقمة، فإنما نحن له


(1) أي انتسب نفسه في سورة التوحيد (2) أي ليس عليكم ذم، ما لم تشردوا وتتفرقوا عن الحق. (3) كناية عن السلامة والبراءة من الجراحة. (4) يعنى المتراكم من الغمام. [ * ]

[ 300 ]

وبه، ثم أقبل على الحسن عليه السلام فقال: يا بني ضربة مكان ضربة ولا تأثم. 7 – محمد بن يحيى، عن علي بن الحسن، عن علي بن إبراهيم العقيلي يرفعه قال: قال: لما ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين عليه السلام قال للحسن: يا بني إذا أنا مت فاقتل ابن ملجم واحفر له في الكناسة (ووصف العقيلي الموضع على باب طاق المحامل موضع الشواء والرواس) ثم ارم به فيه، فإنه واد من أودية جهنم. (باب) * (الاشارة والنص على الحسين بن علي عليهما السلام) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح [ قال الكليني ] وعدة من أصحابنا، عن ابن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن هارون بن الجهم، عن محمد ابن مسلم قال سمعت ابا جفعر عليه السلام يقول: لما حضر الحسن بن علي عليهما السلام الوفاة قال للحسين عليه السلام: يا أخي إني اوصيك بوصية فاحفظها، إذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لاحدث به عهدا ثم اصرفني إلى امي عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع، واعلم أنه سيصيبني من عائشة ما يعلم الله والناس صنيعها وعداوتها لله ولرسوله وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن عليه السلام [ و ] وضع على السرير ثم انطلقوا به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز فصلى عليه الحسين عليه السلام وحمل وادخل إلى المسجد فلما اوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله ذهب ذو العوينين (1) إلى عائشة فقال لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوا مع النبي صلى الله عليه وآله فخرجت مبادرة على بغل بسرج – فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا – فقالت نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسين عليه السلام: قديما هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله وأدخلت عليه ببيته من لا يحب قربه، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة. 2 – محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن بعض أصحابنا، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حضرت


(1) الصحيح ذو العوينتين بل ذو العيينتين تثنية عينية وهو كناية عن الجاسوس [ * ]

[ 301 ]

الحسن بن علي عليهما السلام الوفاة، قال: يا قنبر انظر هل ترى من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمد عليهم السلام؟ فقال: الله تعالى ورسوله وابن رسوله أعلم به مني، قال: ادع لي محمد بن علي، فأتيته فلما دخلت عليه، قال: هل حدث إلا خير؟ قلت: أجب أبا محمد فعجل على شسع نعله، فلم يسوه وخرج معي يعدو، فلما قام بين يديه سلم، فقال له الحسن بن علي عليهما السلام: اجلس فإنه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيى به الاموات، ويموت به الاحياء، كونوا أوعية العلم، ومصابيح الهدى، فإن ضوء النهار بعضه أضوء من بعض. أما علمت أن الله جعل ولد إبراهيم عليه السلام أئمة، وفضل بعضهم على بعض، وآتى داود عليه السلام: زبورا وقد علمت بما استأثر به محمدا صلى الله عليه وآله يا محمد بن علي إني أخاف عليك الحسد وإنما وصف الله به الكافرين، فقال الله عزوجل: ” كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق (1) ” ولم يجعل الله عزوجل للشيطان عليك سلطانا، يا محمد بن علي ألا اخبرك بما سمعت من أبيك فيك؟ قال: بلى، قال: سمعت أباك عليه السلام يقول يوم البصرة: من أحب ان يبرني في الدينا والآخرة فليبر محمدا ولدي، يا محمد بن علي لو شئت أن اخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لاخبرتك، يا محمد بن علي أما علمت أن الحسين بن علي عليهما السلام بعد وفاة نفسي، ومفارقة روحي جسمي، إمام من بعدي، وعند الله جل اسمه في الكتاب، وراثة من النبي صلى الله عليه وآله أضافها الله عزوجل له في وراثة أبيه وامه فعلم الله أنكم خيرة خلقه، فاصطفى منكم محمدا صلى الله عليه وآله واختار محمد عليا عليه السلام واختارني علي عليه السلام بالامامة واخترت أنا الحسين عليه السلام، فقال له محمد بن علي: أنت إمام وأنت وسيلتي إلى محمد صلى الله عليه وآله والله لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام ألا وإن في رأسي كلاما لا تنزفه الدلاء (2) ولا تغيره نغمة الرياح، كالكتاب المعجم في الرق المنمنم (5) أهم بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل أو ما جاءت به الرسل، وإنه لكلام يكل به


(1) البقرة: 10؟ (2) النزف: النزح، النغمة: الصوت، والمنمنم: المزين. [ * ]

[ 302 ]

لسان الناطق، ويد الكاتب، حتى لا يجد قلما، ويؤتوا بالقرطاس حمما (1) فلا يبلغ إلى فضلك وكذلك يجزي الله المحسنين ولا قوة إلا بالله، الحسين أعلمنا علما، و أثقلنا حلما، وأقربنا من رسول الله صلى الله عليه وآله رحما، كان فقيها قبل أن يخلق، وقرأ الوحي قبل أن ينطق، ولو علم الله في أحد خيرا ما اصطفى محمدا صلى الله عليه وآله، فلما اختار الله محمدا واختار محمد عليا واختارك علي إماما واخترت الحسين، سلمنا ورضينا، من [ هو ] بغيره يرضى و [ من غيره ] كنا نسلم به من مشكلات أمرنا. 3 – وبهذا الاسناد، عن سهل، عن محمد بن سليمان، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لما احتضر الحسن بن علي عليهما السلام قال للحسين: يا أخي إني اوصيك بوصية فاحفظها، فإذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه السلم لاحدث به عهدا ثم اصرفني إلى امي فاطمة عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع، واعلم أنه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قبض الحسن عليه السلام [ و ] وضع على سريره فانطلقوا به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز فصلى على الحسن عليه السلام فلما أن صلى عليه حمل فادخل المسجد، فلما اوقف على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله بلغ عائشة الخبر وقيل لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله فخرجت مبادرة على بغل بسرج – فكانت أول امرأة ركبت في الاسلام سرجا – فوقفت وقالت: نحوا ابنكم عن بيتي، فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه، فقال لها الحسين بن علي صلوات الله عليهما: قديما هتكت انت وأبوك حجاب رسول الله وأدخلت بيته من لا يحب رسول الله قربه، وإن الله سائلك عن ذلك يا عائشة، إن أخي أمرني أن أقربه من أبيه رسول الله صلى الله عليه وآله ليحدث به عهدا واعلمي أن أخي أعلم الناس بالله ورسوله وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره، لان الله تبارك وتعالى يقول: ” يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم (2) ” وقد أدخلت أنت بيت رسول الله صلى الله عليه وآله الرجال بغير أذنه وقد


(1) الحمم: الرماد: وهو كناية عن تفسخها. (2) الاحزاب: 5 3. [ * ]

[ 303 ]

قال الله عزوجل ” يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ” ولعمري لقد ضربت أنت لابيك وفاروقه عند اذن رسول الله صلى الله عليه وآله المعاول، وقال الله عزوجل ” إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى (1) ” ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول الله صلى الله عليه وآله بقربهما منه الاذى، وما رعيا من حقه ما أمرهما الله به على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله، إن الله حرم من المؤمنين أمواتا ما حرم منهم أحياء، وتالله يا عائشة لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول الله صلوات الله عليهما جائزا فيما بيننا وبين الله لعلمت أنه سيدفن وإن رغم معطسك. قال: ثم تكلم محمد بن الحنفية وقال: يا عائشة يوما على بغل، ويوما على جمل، فما تملكين نفسك ولا تملكين الارض عداوة لبني هاشم، قال: فأقبلت عليه فقالت: يا ابن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلمون فما كلامك؟ فقال لها الحسين عليه السلام: وأنى تبعدين محمدا من الفواطم، فوالله لقد ولدته ثلاث فواطم: فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، وفاطمة بنت زائدة بن الاصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر، قال فقالت عائشة للحسين عليه السلام: نحوا ابنكم واذهبوا به فإنكم قوم خصمون. قال: فمضى الحسين عليه السلام إلى قبر امه ثم أخرجه فدفنه بالبقيع. (باب) * (الاشارة والنص على علي بن الحسين صلوات الله عليهما) * 1 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، وأحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس. عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الحسين بن علي عليهما السلام لما حضره الذي حضره، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليه السلام فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة وكان علي بن الحسين عليهما السلام مبطونا معهم لا يرون إلا أنه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين عليه السلام ثم صار والله ذلك الكتاب


(1) الحجرات: 3. [ * ]

[ 304 ]

إلينا يا زياد قال: قلت: ما في ذلك الكتاب جلعني الله فداك؟ قال: فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا، والله إن فيه، الحدود، حتى أن فيه أرش الخدش. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما حضر الحسين عليه السلام ما حضره، دفع وصيته إلى ابنته فاطمة ظاهرة في كتاب مدرج، فلما أن كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، دفعت ذلك إلى علي بن الحسين عليهما السلام، قلت له: فما فيه – يرحمك الله -؟ فقال: ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلى أن تفنى. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسين صلوات الله عليه لما صار إلى العراق استودع ام سلمة رضي الله عنها الكتب والوصية، فلما رجع علي بن الحسين عليه السلام دفعتها إليه. ” وفي نسخة الصفواني: 4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن فليح بن أبي بكر الشيباني، قال: والله إني لجالس عند علي بن الحسين وعنده ولده إذ جاء ه جابر بن عبد الله الانصاري فسلم عليه، ثم أخذ بيد أبي جعفر عليه السلام فخلا به، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أني سأدرك رجلا من أهل بيته يقال له: محمد بن علي يكنى أبا جعفر، فإذا أدركته فاقرء ه مني السلام، قال: ومضى جابر ورجع أبو جعفر عليه السلام فجلس مع أبيه علي بن الحسين عليهما السلام وإخوته فلما صلى المغرب قال علي بن الحسين لابي جعفر عليه السلام: أي شئ قال لك جابر بن عبد الله الانصاري؟ فقال: قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنك ستدرك رجلا من أهل بيتي اسمه محمد بن علي يكنى أبا جعفر فأقرئه مني السلام، فقال له أبوه: هنيئا لك يا بني ما خصك الله به من رسوله من بين أهل بيتك (1) لا تطلع إخوتك على هذا فيكيدوا لك كيدا، كما كادوا إخوة يوسف ليوسف عليه السلام “.


(1) في بعض النسخ [ أهل بيته ]. [ * ]

[ 305 ]

(باب) * (الاشارة والنص على أبي جعفر عليه السلام) * 1 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن أبي القاسم الكوفي، عن محمد ابن سهل، عن إبرهيم بن أبي البلاد، عن إسماعيل بن محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما حضر علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة، قبل ذلك أخرج سفطا أو صندوقا عنده، فقال: يا محمد احمل هذا الصندوق، قال: فحمل بين أربعة، فلما توفي جاء إخوته يدعون [ ما ] في الصندوق فقالوا: أعطنا نصيبنا في الصندوق فقال: والله ما لكم فيه شئ ولو كان لكم فيه شئ ما دفعه إلي وكان في الصندوق سلاح رسول الله صلى الله عليه آله. 2 – محمد بن يحيى، عن عمران بن موسى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده قال: التفت علي بن الحسين عليهما السلام إلى ولده وهو في الموت وهم مجتمعون عنده، ثم التفت إلى محمد بن علي فقال: يا محمد هذا الصندوق اذهب به إلى بيتك، قال: أما إنه لم يكن فيه دينار ولا درهم، ولكن (1) كان مملوء ا علما. 3 – محمد بن الحسن، عن سهل، عن محمد بن عيسى، عن فضالة بن أيوب، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم (2) أن يرسل إليه بصدقة علي وعمر وعثمان وإن ابن حزم بعث إلى زيد بن الحسن وكان أكبرهم، فسأله الصدقة، فقال زيد: إن الوالي (3) كان بعد علي الحسن، وبعد الحسن الحسين، وبعد الحسين علي بن الحسين، وبعد علي ابن الحسين محمد بن علي، فابعث إليه فبعث ابن حزم إلى أبي، فأرسلني أبي بالكتاب إليه حتى دفعته إلى ابن حزم. فقال له بعضنا: يعرف هذا ولد الحسن (4)؟ قال: نعم كما يعرفون أن هذا ليل


(1) في بعض النسخ [ ولكنه ]. (2) هو ابو بكر بن محمد بن عمر بن حزم الانصاري، ولى القضاء بالمدينة لعمر بن عبد العزيز. (3) يعنى الوالى بالصدقات. (4) أي الوالى. [ * ]

[ 306 ]

ولكنهم يحملهم الحسد ولو طلبوا الحق بالحق (1) لكان خيرا لهم ولكنهم يطلبون الدنيا. الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن عبد الكريم بن عمرو، عن ابن أبي يعقور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول؟ إن عمر بن عبد العزيز كتب إلى ابن حزم، ثم ذكر مثله إلا أنه قال: بعث ابن حزم إلى زيد بن الحسن و كان أكبر من أبي عليه السلام. عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمد، عن الوشاء مثله. (باب) * (الاشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق) * * (صلوات الله عليهما) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان بن عثمان، عن أبي الصباح الكناني قال: نطر أبو جعفر عليه السلام إلى أبي عبد الله عليه السلام يمشي فقال: ترى هذا؟ هذا من الذين قال الله عزوجل: ” ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين (2) “. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حضرت أبي عليه السلام الوفاة قال: يا جعفر اوصيك بأصحابي خيرا، قلت: جعلت فداك والله لادعنهم – والرجل منهم يكون في المصر – فلا يسأل أحدا. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن المثنى (3) عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن من سعادة الرجل أن يكون له الولد، يعرف فيه شبه خلقه وخلقه وشمائله، وإني لاعرف من ابني هذا شبه خلقي وخلقي وشمائلي، يعني أبا عبد الله عليه السلام. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن طاهر قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر عليه السلام: هذا خير البرية أو أخير.


(1) في بعض النسخ [ وإن طلبوا ] (2) القصص: 5. (3) الاظهر انه هاشم بن المثنى (آت) [ * ]

[ 307 ]

5 – أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن بعض أصحابنا، عن يونس بن يعقوب، عن طاهر قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر عليه السلام: هذا خير البرية. 6 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن فضيل بن عثمان، عن طاهر، قال: كنت قاعدا عند أبي جعفر عليه السلام فأقبل جعفر عليه السلام فقال أبو جعفر عليه السلام: هذا خير البرية. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سئل عن القائم عليه السلام فضرب بيده على أبي عبد الله عليه السلام فقال: هذا والله قائم آل محمد صلى الله عليه وآله، قال عنبسة: فلما قبض أبو جعفر عليه السلام دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال صدق جابر، ثم قال: لعلكم ترون أن ليس كل إمام هو القائم بعد الامام الذي كان قبله. 8 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الاعلى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أبي عليه السلام استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت له أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال: اكتب، هذا ما أوصى به يعقوب بنيه ” يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (1) ” وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره، ويرفعه أربع أصابع وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت له: يا أبت – بعد ما انصرفوا – ما كان في هذا بأن تشهد عليه (2) فقال: يا بني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص إليه، فأردت أن تكون لك الحجة. (باب) * (الاشارة والنص على أبي الحسن موسى عليه السلام) * 1 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن عبد الله القلا، عن الفيض بن المختار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام خذ بيدي من النار من لنا بعدك؟ فدخل عليه أبو إبراهيم عليه السلام – وهو يومئذ غلام – فقال: هذا صاحبكم، فتمسك به.


(1) البقرة: 132. (2) أي لم يكن لك حاجة في ذلك. (3) في بعض النسخ [ فتمسكوا به ]. [ * ]

[ 308 ]

2 عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن ثبيت عن معاذ بن كثير، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أسأل الله الذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها، فقال: قد فعل الله ذلك قال: قلت: من هو – جعلت فداك -؟ فأشار إلى العبد الصالح (1) وهو راقد فقال: هذا الراقد وهو غلام. 3 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد قال: حدثني أبو علي الارجاني الفارسي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألت عبد الرحمن في السنة التي اخذ فيها أبو الحسن الماضي عليه السلام فقلت له: إن هذا الرجل قد صار في يد هذا وما ندري (2) إلى ما يصير فهل بلغك عنه في أحد من ولده شئ؟ فقال لي: ما ظننت أن أحدا يسألني عن هذه المسأله، دخلت على جعفر بن محمد في منزله فإذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له وهو يدعو وعلى يمنيه موسى بن جعفر عليه السلام يؤمن على دعائه، فقلت له، جعلني الله فداك قد عرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك، فمن ولي الناس بعدك؟ فقال: إن موسى قد لبس الدرع وساوى عليه، فقلت له: لا أحتاج بعد هذا إلى شئ (3). 4 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن موسى الصيقل، عن المفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل أبو إبراهيم عليه السلام وهو غلام، فقال: استوص به، وضع أمره عند من تثق به من أصحابك (4). 5 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن يعقوب بن جعفر الجعفري قال: حدثني إسحاق بن جعفر قال: كنت عند أبي يوما، فسأله علي بن عمر بن علي فقال: جعلت فداك إلى من نفزع ويفزع الناس بعدك؟ فقال: إلى صاحب الثوبين الاصفرين والغديرين – يعني الذؤابتين (5) – وهو الطالع عليك من هذا الباب، يفتح البابين بيده جميعا، فما لبثنا أن طلعت علينا كفان آخذة بالبابين ففتحهما ثم دخل علينا أبو إبراهيم.


(1) هو الكاظم عليه السلام. (2) في بعض النسخ [ ما يدرى ]. (3) كذا، والذى يظهر من تتبع الاخبار ان استواء الدرع منحصر لمن قام منهم بالسيف أو قائمهم عليهم السلام. (4) ضمير قال لابي عبد الله عليه السلام وضمير به لابي ابراهيم والخطاب لمفضل. (5) الغديرة بالفتح الذؤابة بالضم مهموزا وهى ما نبت في الصدغ من الشعر: [ * ]

[ 309 ]

6 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمال، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال له منصور بن حازم: بأبي أنت وامي إن الانفس يغدا عليها ويراح، فإذا كان ذلك فمن؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كان ذلك فهو صاحبكم وضرب بيده على منكب أبي الحسن عليه السلام الايمن – في ما أعلم – وهو يومئذ خماسي وعبد الله بن جعفر جالس معنا. 7 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبي عبد الله عليه إلسلام قال: قلت له إن كان كون – ولا أراني الله ذلك – فبمن أئتم؟ قال: فأومأ إلى ابنه موسى عليه السلام قلت: فإن حدث بموسى حدث فبمن أئتم؟ قال: بولده، قلت: فإن حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا فبمن أئتم؟ قال: بولده، ثم قال: هكذا أبدا، قلت: فإن لم أعرفه ولا أعرف موضعه؟ قال: تقول: اللهم إني أتولى من بقي من حججك من ولد الامام الماضي، فإن ذلك يجزيك إن شاء الله. 8 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن عبد الله القلا، عن المفضل بن عمر قال: ذكر أبو عبد الله عليه السلام أبا الحسن عليه السلام – وهو يومئذ غلام – فقال: هذا المولود الذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه، ثم قال لي: لا تجفوا إسماعيل. 9 – محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن فيض بن المختار في حديث طويل في أمر أبي الحسن عليه السلام (1) حتى قال له أبو عبد الله عليه السلام: هو صاحبك الذي سألت عنه، فقم إليه فأقر له بحقه، فقمت حتى قبلت رأسه ويده ودعوت الله عزوجل له، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أما إنه لم يؤذن لنا في أول منك (2)، قال: قلت: جعلت فداك فاخبر به أحدا؟ فقال: نعم أهلك وولدك، وكان معي أهلي وولدي ورفقائي وكان يونس بن ظبيان من رفقائي، فلما أخبرتم حمدوا الله عزوجل وقال يونس: لا والله حتى أسمع ذلك منه وكانت به عجلة، فخرج فأتبعته، فلما انتهيت إلى الباب، سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول له: – وقد سبقني إليه – يا يونس الامر كما قال لك فيض: قال:


(1) أي في شأنه أو في امامته. (2) أي في اسبق منك. (آت) [ * ]

[ 310 ]

فقال: سمعت وأطعت، فقال لي أبو عبد الله عليه السلام: خذه إليك يا فيض. 10 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن فضيل، عن طاهر عن أبي عبد الله قال: كان أبو عبد الله عليه السلام يلوم عبد الله ويعاتبه ويعظه ويقول: ما منعك أن تكون مثل أخيك، فوالله إني لاعرف النور في وجهه؟ فقال عبد الله: لم، أليس أبي وأبوه واحدا وامي وامه واحدة (1)؟ فقال له أبو عبد الله: إنه من نفسي وأنت ابني. 1 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن سنان، عن يعقوب السراج قال: دخلت على أبي عبد الله وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد، فجعل يساره طويلا، فجلست حتى فرغ، فقمت إليه فقال لي: ادن من مولاك فسلم، فدنوت فسلمت عليه فرد علي السلام بلسان فصيح، ثم قال لي. اذهب فغير أسم ابنتك التي سميتها امس، فإنه اسم يبغضه الله، وكان ولدت لي ابنة سميتها بالحميراء، فقال أبو عبد الله عليه السلام: انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها. 12 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال دعا أبو عبد الله عليه السلام أبا الحسن عليه السلام يوما ونحن عنده فقال لنا: عليكم بهذا، فهو والله صاحبكم بعدي. 13 – علي بن محمد، عن سهل أو غيره، عن محمد بن الوليد، عن يونس، عن داود ابن زربي، عن أبي أيوب النحوي قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور في جوف الليل فأتيته فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب، قال: فلما سلمت عليه رمى بالكتاب إلي وهو يبكي، فقال لي: هذا كتاب محمد بن سليمان يخبرنا أن جعفر بن محمد قد مات، فإنا لله وإنا إليه راجعون – ثلاثا – وأين مثل جعفر؟ ثم قال لي: اكتب قال: فكتبت صدر الكتاب، ثم قال: اكتب إن كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدمه واضرب عنقه، قال: فرجع إليه الجواب أنه قد أوصى إلى خمسة واحدهم أبو جعفر المنصور ومحمد بن سليمان وعبد الله وموسى وحميدة. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد بنحو من هذا إلا أنه ذكر أنه أوصى إلى أبي جعفر المنصور وعبد الله وموسى ومحمد بن جعفر مولى لابي عبد الله


(1) كذا والظاهر ان (أمي وأمه) مصحف والصواب (أصلى وأصله) كما في اعلام الورى ص 289 نقلا عن الكليني. [ * ]

[ 311 ]

عليه السلام قال: فقال أبو جعفر: ليس إلى قتل هؤلاء سبيل. 15 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن الحسن، عن صفوان الجمال قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن صاحب هذا الامر، فقال: إن صاحب هذا الامر لا يلهو ولا يلعب، وأقبل أبو الحسن موسى – وهو صغير ومعه عناق مكية وهو يقول لها: اسجدي لربك – فاخذه أبو عبد الله عليه السلام وضمه إليه وقال: بأبي و امي من لا يلهو ولا يلعب. 1 6 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن عبيس بن هشام (1) قال: حدثني عمر الرماني، عن فيض بن المختار قال: إني لعند أبي عبد الله عليه السلام إذ أقبل أبو الحسن موسى عليه السلام – وهو غلام – فالتزمته وقبلته، فقال أبو عبد الله عليه السلام: أنتم السفينة وهذا ملاحها، قال: فحججت من قابل ومعي ألفا دينار فبعثت بألف إلى أبي عبد الله عليه السلام وألف إليه، فلما دخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال: يا فيض عدلته بي؟ قلت: إنما فعلت ذلك لقولك، فقال: أما والله ما أنا فعلت ذلك، بل الله عزوجل فعله به. (باب) * (الاشارة والنص على أبي الحسن الرضا عليه السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: كنت وأنا وهشام بن الحكم وعلي بن يقطين ببغداد، فقال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالح جالسا فدخل عليه ابنه علي فقال لي: يا علي بن يقطين هذا علي سيد ولدي، أما إني قد نحلته كنيتي، فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته، ثم قال: ويحك كيف قلت؟ فقال علي بن يقطين: سمعت والله منه كما قلت، فقال هشام: أخبرك أن الامر فيه من بعده. أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: كنت عند العبد الصالح ” وفي نسخة الصفواني ” قال: كنت أنا – ثم ذكر مثله -. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن معاوية بن حكيم، عن نعيم القابوسي عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: إن ابني عليا أكبر ولدي وأبرهم عندي


(1) في بعض النسخ [ عيسى بن هشام ]. [ * ]

[ 312 ]

وأحبهم إلي وهو ينظر معي في الجفر ولم ينظر فيه إلا نبي أو وصي نبي. 3 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان وإسماعيل بن عباد القصري جميعا، عن داود الرقي قال: قلت لابي إبراهيم عليه السلام: جعلت فداك إني قد كبر سني، فخذ بيدي من النار، قال: فأشار إلى ابنه أبي الحسن عليه السلام، فقال: هذا صاحبكم من بعدي. 4 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن الحسن عن ابن أبي عمير، عن محمد بن إسحاق بن عمار قال: قلت لابي الحسن الاول عليه السلام: ألا تدلني إلى من آخذ عنه ديني؟ فقال: هذا ابني علي إن أبي اخذ بيدي فأدخلني إلى قبر سول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا بني! إن الله عزوجل قال: ” إني جاعل في الارض خليفة (1) ” وإن الله عزوجل إذا قال قولا وفى به. 5 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن يحيى بن عمرو، عن داود الرقي قال: قلت لابي الحسن موسى عليه السلام: إني قد كبرت سني ودق عظمي وإني سألت أباك عليه السلام فأخبرني بك فأخبرني [ من بعدك ] فقال: هذا أبو الحسن الرضا. 6 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن زياد بن مروان القندي وكان من الواقفة قال: دخلت على أبي إبراهيم وعنده ابنه أبو الحسن عليه السلام، فقال لي: يا زياد هذا ابني فلان، كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي وما قال فالقول قوله. 7 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل قال: حدثني المخزومي وكانت امه من ولد جعفر بن أبي طالب عليه السلام قال: بعث إلينا أبو الحسن موسى عليه السلام فجمعنا ثم قال لنا: أتدرون لم دعوتكم؟ فقلنا: لا فقال: اشهدوا أن ابني هذا وصيي و القيم بأمري وخليفتي من بعدي، من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا، ومن كانت له عندي عدة فلينجزها منه ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني إلا بكتابه. 8 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن محمد بن سنان وعلي بن الحكم جميعا عن الحسين بن المختار قال: خرجت إلينا ألواح من أبي الحسن عليه السلام – وهو في


(1) البقرة: 30. [ * ]

[ 313 ]

الحبس -: عهدي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا وأن يفعل كذا، وفلان لا تنله شيئا حتى ألقاك أو يقضي الله علي الموت. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن المغيرة، عن الحسين بن المختار قال: خرج إلينا من أبي الحسن عليه السلام بالبصرة ألواح مكتوب فيها بالعرض: عهدي إلى أكبر ولدي، يعطى فلان كذا، وفلان كذا، وفلان كذا، وفلان لا يعطى حتى أجيئ أو يقضي الله عزوجل علي الموت، إن الله يفعل ما يشاء. 10 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن ابن محرز، عن علي بن يقطين، عن أبي الحسن عليه السلام قال: كتب إلي من الحبس أن فلانا ابني، سيد ولدي، وقد نحلته كنيتي. 11 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي علي الخزاز، عن داود بن سليمان قال: قلت لابي إبراهيم عليه السلام: إني أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك، فأخبرني من الامام بعدك؟ فقال: ابني فلان – يعي أبا الحسن عليه السلام -. 12 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن سعيد بن أبي الجهم، عن النصر بن قابوس قال: قلت لابي إبراهيم عليه السلام: إني سألت أباك عليه السلام من الذي يكون من بعدك؟ فأخبرني أنك أنت هو، فلما توفي أبو عبد الله عليه السلام ذهب الناس يمينا وشمالا وقلت: فيك أنا وأصحابي فأخبرني من الذي يكون من بعدك من ولدك؟ فقال: ابني فلان. 13 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن الضحاك بن الاشعث، عن داود بن زربي قال: جئت إلى أبي إبراهيم عليه السلام بمال، فأخذ بعضه وترك بعضه، فقلت: أصلحك الله لاي شئ تركته عندي؟ قال: إن صاحب هذا الامر يطلبه منك، فلما جاء نا نعيه بعث إلي أبو الحسن عليه السلام ابنه، فسألني ذلك المال، فدفعته إليه. 14 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي الحكم الارمني قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط الزيدي، قال أبو الحكم: وأخبرني عبد الله بن محمد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن سليط قال: لقيت أبا إبراهيم عليه السلام – ونحن نريد العمرة – في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه؟ قال: نعم فهل تثبته أنت؟ قلت: نعم إني أنا وأبي لقيناك ههنا وأنت مع أبي عبد الله عليه السلام ومعه إخوتك، فقال له أبي:


[ 314 ]

بأبي أنت وامي أنتم كلكم أئمة مطهرون، والموت لا يعرى منه أحد، فاحدث إلي شيئا احدث به من يخلفني من بعدي فلا يضل، قال: نعم يا أبا عبد الله هؤلاء ولدي وهذا سيدهم – وأشار إليك – وقد علم الحكم والفهم والسخاء، والمعرفة بما يحتاج إليه الناس، وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم وفيه حسن الخلق وحسن الجواب وهو باب من أبواب الله عزوجل وفيه اخرى خير من هذا كله. فقال له أبي: وما هي؟ – بأبي أنت وامي – قال عليه السلام: يخرج الله عزوجل منه غوث هذه الامة وغياثها وعلمها ونورها وفضلها وحكمتها، خير مولد وخير ناشئ، يحقن الله عزوجل به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل الله به القطر، ويرحم به العباد، خير كهل وخير ناشئ قوله حكم وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه، ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه، فقال له أبي: بأبي أنت و امي وهل ولد؟ قال: نعم ومرت به سنون، قال يزيد: فجاء نا من لم نستطع معه كلاما. قال يزيد: فقلت لابي إبراهيم عليه السلام: فأخبرني أنت بمثل ما أخبرني به أبوك عليه السلام، فقال لي: نعم إن أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا زمانه، فقلت له: فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة الله، قال: فضحك أبو إبراهيم ضحكا شديدا، ثم قال: اخبرك يا أبا عمارة أني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان، وأشركت معه بني في الظاهر، وأوصيته في الباطن، فأفردته وحده ولم كان الامر إلي لجعلته في القاسم ابني، لحبي إياه ورأفتي عليه ولكن ذلك إلى الله عزوجل، يجعله حيث يشاء، ولقد جاء ني بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله، ثمن أرانيه وأراني من يكون معه وكذلك لا يوصي إلى أحد منا حتى يأتي بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وجدي علي صلوات الله عليه ورأيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة، فقلت: ما هذا يا رسول الله؟ فقال لي: أما العمامة فسلطان الله عزوجل، وأما السيف فعز الله تبارك و تعالى، وأما الكتاب فنور الله تبارك وتعالى، وأما العصا فقوة الله، وأما الخاتم فجامع هذه الامور، ثم قال لي: والامر قد خرج منك إلى غيرك، فقلت: يا رسول الله أرنيه أيهم هو؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما رأيت من الائمة أحدا أجزع على فراق هذا الامر


[ 315 ]

منك ولو كانت الامامة بالمحبة لكان إسماعيل أحب إلى أبيك منك ولكن ذلك من الله عزوجل. ثم قال أبو إبراهيم: ورأيت ولدي جميعا الاحياء منهم والاموات، فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام: هذا سيدهم وأشار إلى ابني علي فهو مني وأنا منه والله مع المحسنين، قال يزيد: ثم قال أبو إبراهيم عليه السلام: يا يزيد إنها وديعة عندك قال تخبر بها إلا عاقلا أو عبدا تعرفه صادقا وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها، وهو قول الله عزوجل: ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها (1) ” وقال لنا ايضا: ” ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله (2) ” قال: فقال أبو إبراهيم عليه السلام، فأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت: قد جمعتهم لي – بأبي وامي – فأيهم هو؟ فقال: هو الذي ينظر بنور الله عزوجل ويسمع بفهمه وينطق بحكمته يصيب فلا يخطئ، ويعلم فلا يجهل، معلما حكما وعلما، هو هذا – وأخذ بيد علي ابني – ثم قال: ما أقل مقامك معه، فإذا رجعت من سفرك فأوض وأصلح أمرك وافرغ مما أردت، فإنك منتقل عنهم ومجاور غيرهم، فإذا أردت فادع عليا فليغسلك و ليكفنك، فإنه طهر لك، ولا يستقيم إلا ذلك وذلك سنة قد مضت، فاضطجع بين يديه وصف إخوته خلفه وعمومته، ومره فليكبر عليك تسعا، فإنه قد استقامت وصيته ووليك وأنت حي، ثم اجمع له ولدك من بعدهم، فأشهد عليهم وأشهد الله عزوجل وكفى بالله شهيدا، قال يزيد ثم قال لي أبو إبراهيم عليه السلام: إنى اوخذ في هذه السنة والامر هو إلى ابني علي، سمي علي وعلي: فأما علي الاول فعلي بن أبي طالب، وأما الآخر فعلي بن الحسين عليهما السلام، اعطي فهم الاول وحلمه ونصره ووده ودينه ومحنته، ومحنة الآخر وصبره على ما يكره وليس له أن يتكلم إلا بعد موت هارون بأربع سنين. ثم قال لي: يا يزيد وإذا مررت بهذا الموضع ولقيته وستلقاه فبشره أنه سيولد له غلام، أمين، مأمون، مبارك وسيعلمك أنك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أن الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول الله صلى الله عليه وآله ام إبراهيم، فان قدرت أن تبلغها مني السلام فافعل، قال يزيد؟ فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم عليه السلام عليا عليه السلام فبدأني، فقال لي يا يزيد ما تقول في العمرة؟ فقلت: بأبي أنت وأمي ذلك


(1) النساء: 58. (2) البقرة: 140. [ * ]

[ 316 ]

إليك وما عندي نفقة، فقال: سبحان الله ما كنا نكلفك ولا نكفيك، فخرجنا حتى انتهينا إلى ذلك الموضع فابدأني فقال: يا يزيد إن هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك و عمومتك، قلت. نعم ثم قصصت عليه الخبر فقال لي: أما الجارية فلم تجئ بعد، فإذا جاءت بلغتها منه السلام، فانطلقنا إلى مكة فاشتراها في تلك السنة، فلم تلبث إلا قليلا حتى حملت فولدت ذلك الغلام، قال يزيد: وكان إخوة علي يرجون أن يرتوه فعادوني إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق بن جعفر: والله لقد رأيته وإنه ليقعد من أبي إبراهيم بالمجلس الذي لا أجلس فيه أنا. 15 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن أبي الحكم قال: حدثني عبد الله بن إبراهيم الجعفري وعبد الله بن محمد بن عمارة، عن يزيد بن سليط قال: لما أوصى أبو إبراهيم عليه السلام أشهد إبراهيم بن محمد الجعفري وإسحاق بن محمد الجعفري وإسحاق بن جعفر بن محمد وجعفر ابن صالح ومعاوية الجعفري ويحيى بن الحسين بن زيد بن علي وسعد بن عمران الانصاري ومحمد بن الحارث الانصاري ويزيد بن سليط الانصاري ومحمد بن جعفر (1) بن سعد الاسلمي – وهو كاتب الوصية الاولى – أشهدهم أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث ما في القبور وأن البعث بعد الموت حق وأن الوعد حق وأن الحساب حق والقضاء حق وأن الوقوف بين يدي الله حق وأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله حق وأن ما نزل به الروح الامين حق، على ذلك أحيا و عليه أموت وعليه ابعث إن شاء الله، وأشهدهم أن هذه وصيتي بخطي وقد نسخت وصية جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ووصية محمد بن علي قبل ذلك نسختها حرفا بحرف ووصية جعفر بن محمد، على مثل ذلك وإني قد أوصيت إلى علي وبني بعد معه إن شاء وآنس منهم رشدا وأحب أن يقرهم فذاك له وإن كرههم وأحب أن يخرجهم فذاك له ولا أمر لهم معه وأوصيت إليه بصدقاتي وأموالي وموالي وصبياني الذي خلفت وولدي إلى إبراهيم والعباس وقاسم وإسماعيل وأحمد وام أحمد وإلى علي أمر نسائي دونهم و ثلث صدقة أبي وثلثي، يضعه حيث يرى ويجعل فيه ما يجعل ذو المال في ماله، فإن أحب أن يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدق بها على من سميت له وعلى غير من سميت، فذاك له


(1) في بعض النسخ [ محمد بن جعد بن سعد الاسلمي ]. [ * ]

[ 317 ]

وهو أنا في وصيتي في مالي وفي أهلي وولدي وإن يرى أن يقر إخوته الذين سميتهم في كتابي هذا أقرهم وإن كره فله أن يخرجهم غير مثرب عليه (1) ولا مردود، فإن آنس منهم غير الذي فارقتهم عليه فأحب أن يردهم في ولاية فذاك له وإن أراد رجل منهم أن يزوج اخته فليس له أن يزوجها إلا بإذنه وأمره، فإنه أعرف بمناكح قومه وأي سلطان أو أحد من الناس كفه عن شئ أو حال بينه وبين شئ مما ذكرت في كتابي هذا أو أحد ممن ذكرت، فهو من الله ومن رسوله بريئ والله ورسوله منه براء وعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين والنبيين والمرسلين وجماعة المؤمنين وليس لاحد من السلاطين أن يكفه عن شئ وليس لي عنده تبعة ولا تباعة ولا لاحد من ولدي له قبلي مال، فهو مصدق فيما ذكر، فإن أقل فهو أعلم وإن أكثر فهو الصادق كذلك وإنما أردت بإدخال الذين أدخلتهم معه من ولدي التنويه بأسمائهم والتشريف لهم وامهات أولادي من أقامت منهن في منزلها وحجابها فلها ما كان يجري عليها في حياتي إن رأى ذلك، ومن خرجت منهن إلى زوج فليس له أن ترجع إلى محواي الا أن يرى علي غير ذلك وبناتي بمثل ذلك ولا يزوج بناتي أحد من إخوتهن من امهاتهن ولا سلطان ولا عم إلا برأيه و مشورته، فإن فعلوا غير ذلك فقد خالفوا الله ورسوله وجاهدوه في ملكه وهو أعرف بمناكح قومه، فإن أراد أن يزوج زوج وإن أراد أن يترك ترك وقد أوصيتهن بمثل ما ذكرت في كتابي هذا وجعلت الله عزوجل عليهم شهيدا وهو وام أحمد [ شاهدان ] وليس لاحد أن يكشف وصيتي ولا ينشرها وهو منها على غير ما ذكرت وسميت، فمن أساء فعليه ومن أحسن فلنفسه وما ربك بظلام للعبيد وصلى الله عليه محمد وعلى آله وليس لاحد من سلطان ولا غيره أن يفض كتابي هذا الذي ختمت عليه الاسفل، فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله وغضبه ولعنة اللاعنين والملائكة المقربين وجماعة المرسلين والمؤمنين من المسلمين وعلى من فض كتابي هذا. وكتب وختم أبو إبراهيم والشهود وصلى الله على محمد وعلى آله، قال أبو الحكم: فحدثني عبد الله بن آدم (2) الجعفري عن يزيد بن سليط قال: كان أبو عمران الطلحي قاضي المدينة فلما مضى موسى قدمه إخوته إلى الطلحي القاضي فقال العباس ابن موسى: أصلحك الله وأمتع بك، إن في أسفل هذا الكتاب كنزا وجوهرا ويريد أن


(1) من التثريب: وهو التعيير. (2) كذا والظاهر (عبد الله بن ابراهيم) كما لا يخفى. [ * ]

[ 318 ]

يحتجبه ويأخذه دوننا ولم يدع أبونا رحمه الله شيئا إلا ألجأه إليه وتركنا عالة ولولا أني أكف نفسي لاخبرتك بشئ على رؤوس الملاء، فوثب إليه إبراهيم بن محمد فقال: إذا والله تخبر بما لا نقبله منك ولا نصدقك عليه، ثم تكون عندنا ملوما مدحورا، نعرفك بالكذب صغيرا وكبيرا وكان أبوك أعرف بك لو كان فيك خيرا وإن كان أبوك لعارفا بك في الظاهر والباطن وما كان ليأمنك على تمرتين، ثم وثب إليه إسحاق بن جعفر عمه فأخذ بتلبيبه فقال له: إنك لسفيه ضعيف أحمق أجمع هذا مع ما كان بالامس منك، وأعانه القوم أجمعون، فقال أبوعمران القاضي لعلي: قم يا أبا الحسن حسبي ما لعنني أبوك اليوم وقد وسع لك أبوك ولا والله ما أحد أعرف بالولد من والده ولا والله ما كان أبوك عندنا بمستخف في عقله ولا ضعيف في رأيه، فقال العباس للقاضي. أصلحك الله فض الخاتم واقرء ما تحته فقال أبوعمران: لا أفضه حسبي ما لعنني أبوك اليوم، فقال العباس: فانا أفضه، فقال: ذاك إليك، ففض العباس الخاتم فإذا فيه إخراجهم وإقرار علي لها وحده وإدخاله إياهم في ولاية علي إن أحبوا أو كرهوا وإخراجهم من حد الصدقة وغيرها وكان فتحه عليهم بلاء وفضيحة وذلة ولعلي عليه السلام خيرة وكان في الوصية التي فض العباس تحت الخاتم هؤلاء الشهود: إبراهيم بن محمد وإسحاق بن جعفر وجعفر بن صالح وسعيد بن عمران وأبرزوا وجه أم أحمد في مجلس القاضي وادعوا أنها ليست إياها حتى كشفوا عنا وعرفوها، فقالت عند ذلك: قد والله قال سيدي هذا: إنك ستؤخذين جبرا وتخرجين إلى المجالس، فزجرها إسحاق بن جعفر وقال: اسكتي فإن النساء إلى الضعف، ما أظنه قال من هذا شيئا، ثم إن عليا عليه السلام التفت إلى العباس فقال: يا اخي إني أعلم أنه إنما حملكم على هذه الغرائم والديون التي عليكم، فانطلق يا سعيد فتعين لي ما عليهم، ثم اقض عنهم ولا والله لا أدع مواساتكم وبركم ما مشيت على الارض فقولوا ما شئتم، فقال العباس: ما تعطينا إلا من فضول أموالنا وما لنا عندك أكثر، فقال: قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم (1) فإن تحسنوا فذاك لكم عند الله وإن تسيؤوا فإن الله غفور رحيم والله إنكم لتعرفوا أنه مالي يومي هذا ولد ولا وارث غيركم ولئن حبست شيئا ما تظنون أو ادخرته فإنما


(1) بالكسر فيهما وفى بعض النسخ [ فالغرض غرضكم ]. [ * ]

[ 319 ]

هو لكم ومرجعه إليكم والله ما ملكت منذ مضي أبوكم رضي الله عنه شيئا إلا وقد سيبته حيث رأيتم، فوثب العباس فقال: والله ما هو كذلك وما جعل الله لك من رأي علينا ولكن حسد أبينا لنا وإرادته ما أراد مما لا يسوغه الله إياه ولا إياك وإنك لتعرف أني أعرف صفوان بن يحيى بياع السابري بالكوفة ولئن سلمت لا غصصنه بريقه وأنت معه، فقال علي عليه السلام: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أما إني يا إخوتي فحريص على مسرتكم، الله يعلم، اللهم إن كنت تعلم أني احب صلاحهم وأني بار بهم واصل لهم رفيق عليهم أعني بامورهم ليلا ونهارا فأجزني به خيرا وإن كنت على غير ذلك فأنت علام الغيوب فأجزني به ما أنا أهله إن كان شرا فشرا وإن كان خيرا فخيرا، اللهم. أصلحهم وأصلح لهم واخسأ عنا وعنهم الشيطان وأعنهم على طاعتك ووفقهم لرشدك أما أنا يا أخي فحريص على مسرتكم، جاهد على صلاحكم، والله على ما نقول وكيل فقال العباس: ما أعرفني بلسانك وليس لمسحاتك عندي طين، فافترق القوم على هذا وصلى الله على محمد وآله. 16 – محمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن علي وعبيد الله بن المرزبان عن ابن سنان قال: دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام من قبل أن يقدم العراق بسنة وعلي ابنه جالس بين يديه، فنظر إلي فقال: يا محمد أما إنه سيكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع لذلك، قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟ فقد أقلقني ما ذكرت فقال: أصير إلى الطاغية، أما إنه لا يبداني منه سوء ومن الذي يكون بعده، قال: قلت: وما يكون جعلت فداك؟ قال: يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء، قال: قلت: وما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحد إمامته من بعدي كان كمن ظلم علي بن أبي طالب حقه وجحده إمامته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: قلت: والله لئن مد الله لي في العمر لاسلمن له حقه ولاقرن له بإمامته، قال: صدقت يا محمد يمد الله في عمرك وتسلم له حقه وتقر له بامامته من يكون من بعده، قال: قلت: ومن ذاك؟ قال محمد ابنه، قال: قلت: له الرضا والتسليم.


[ 320 ]

(باب) * (الاشارة والنص على أبي جعفر الثاني عليه السلام) * 1 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يحيى بن حبيب الزيات قال: أخبرني من كان عند أبي الحسن الرضا عليه السلام جالسا، فلما نهضوا قال لهم: القوا أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا، فلما نهض القوم التفت إلي فقال: يرحم الله المفضل إنه كان ليقنع بدون هذا. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سمعت الرضا عليه السلام وذكر شيئا فقال: ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيرته مكاني وقال: إنا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة (1). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه محمد بن عيسى قال: دخلت على أبي جعفر الثاني عليه السلام فناظرني في أشياء، ثم قال لي: يا أبا علي ارتفع الشك ما لابي غيري. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن جعفر بن يحيى، عن مالك بن أشيم، عن الحسين بن بشار (2) قال: كتب أبن قياما إلى أبي الحسن عليه السلام كتابا يقول فيه: كيف تكون إماما وليس لك ولد؟ فأجابه أبو الحسن الرضا عليه السلام – شبه المغضب -: وما علمك أنه لا يكون لي ولد والله لا تمضي الايام والليالي حتى يرزقني الله ولدا ذكرا يفرق به بين الحق والباطل. 5 – بعض أصحابنا، عن محمد بن علي، عن معاوية بن حكيم، عن ابن أبي نصر قال: قال لي ابن النجاشي: من الامام بعد صاحبك؟ فأشتهي أن تسأله حتى أعلم، فدخلت على الرضا عليه السلام فأخبرته، قال: فقال لي: الامام ابني، ثم قال: هل يتجرى أحد أن يقول ابني وليس له ولد.


(1) القذة بضم القاف وفتح الذال: ريش السهم واحدتها قذة بضم القاف، يقال: خذو القذة بالقذة إذا تساويا في المقدار، حيث يقدر كل واحد منهما على قدر صاحبتها وتقطع ثم يضربه مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان اصلا. (لح) (2) في بعض النسخ [ الحسين بن يسار ]. [ * ]

[ 321 ]

6 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن معمر بن خلاد قال: ذكرنا عند أبي الحسن عليه السلام شيئا بعد ما ولد له أبو جعفر عليه السلام، فقال: ما حاجتكم إلى ذلك، هذا أبو جعفر قد أجلسته مجلسي وصيرته في مكاني. 7 – أحمد، عن محمد بن علي، عن ابن قياما الواسطي قال: دخلت على علي بن موسى عليهما السلام فقلت له: أيكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت، ليس لك صامت – ولم يكن ولد له أبو جعفر عليه السلام بعد – فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، ويمحق به الباطل وأهله، فولد له بعد سنة أبو جعفر عليه السلام وكان ابن قياما واقفيا. 8 – أحمد، عن محمد بن علي، عن الحسن بن الجهم قال: كنت مع أبي الحسن عليه السلام جالسا، فدعا بابنه وهو صغير فأجلسه في حجري، فقال لي: جرده وانزع قميصه، فنزعته فقال لي: انظر بين كتفيه، فنظرت فإذا في أحد كتفيه شبيه بالخاتم داخل في اللحم، ثم قال: أترى هذا؟ كان مثله في هذا الموضع من أبي عليه السلام. 9 – عنه، عن محمد بن علي، عن أبي يحيى الصنعاني قال: كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فجيئ بابنه أبي جعفر عليه السلام وهو صغير، فقال: هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم بركة على شيعتنا منه. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين؟! فقال: وما يضره من ذلك فقد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين (1). 11 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن معمر بن خلاد قال: سمعت إسماعيل بن إبراهيم يقول للرضا عليه السلام: إن ابني في لسانه ثقل فأنا أبعث به إليك غدا تمسح على رأسه وتدعو له فانه مولاك، فقال: هو مولى أبي جعفر فابعث به غدا إليه.


(1) كذا في ارشاد المفيد ص 298 واعلام الورى ص 331 نقلا عن الكافي (ابن أقل من ثلاث سنين). [ * ]

[ 322 ]

12 – الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن محمد بن خلاد الصيقل، عن محمد بن الحسن بن عمار قال: كنت عند علي بن جعفر بن محمد جالسا بالمدينة و كنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما يسمع من أخيه – يعني أبا الحسن عليه السلام – إذ دخل عليه أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام المسجد – مسجد الرسول صلى الله عليه وآله – فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء فقبل يده وعظمه، فقال له أبو جعفر عليه السلام: يا عم اجلس رحمك الله فقال: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم، فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون: أنت عم أبيه وأنت تفعل به هذا الفعل؟ فقال: اسكتوا إذا كان الله عزوجل – وقبض على لحيته – لم يؤهل هذه الشيبة وأهل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه، انكر فضله؟! نعوذ بالله مما تقولون، بل أنا له عبد. 13 – الحسين بن محمد، عن الخيراني، عن أبيه قال: كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر ابني، فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، فقال أبو الحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم رسولا نبيا، صاحب شريعة مبتداة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر عليه السلام. 14 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعلي بن محمد القاساني جميعا، عن زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي قال: سمعت علي بن جعفر يحدث الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين فقال: والله لقد نصر الله ابا الحسن الرضا عليه السلام، فقال له الحسن: إي والله جعلت فداك لقد بغى عليه إخوته، فقال علي بن جعفر: إي والله ونحن عمومته بغينا عليه، فقال له الحسن: جعلت فداك كيف صنعتم فإني لم أحضركم؟ قال: قال له إخوته ونحن أيضا: ما كان فينا إمام قط حائل اللون (1) فقال لهم الرضا عليه السلام هو ابني، قالوا: فإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى بالقافة (2) فبيننا وبينك القافة، قال: ابعثوا أنتم إليهم فأما أنا فلا، ولا تعلموهم لما دعوتموهم ولتكونوا في بيوتكم. فلما جاؤوا أقعدونا في البستان واصطف عمومته وإخوته وأخواته وأخذوا


(1) حال لونه أي تغير واسود (2) جمع القائف وهو الذى يعرف الاثار والاشياء ويحكم بالنسب [ * ]

[ 323 ]

الرضا عليه السلام وألبسوه جبة صوف وقلنسوة منها ووضعوا على عنقه مسحاة وقالوا له: ادخل البستان كأنك تعمل فيه، ثم جاؤوا بأبي جعفر عليه السلام فقالوا: ألحقوا هذا الغلام بأبيه، فقالوا: ليس له ههنا أب ولكن هذا عم أبيه، وهذا عم أبيه، وهذا عمه، وهذه عمته، وإن يكن له ههنا أب فهو صاحب البستان، فإن قدميه وقدميه واحدة فلما رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه. قال علي بن جعفر: فقمت فمصصت ريق (1) أبي جعفر عليه السلام ثم قلت له: أشهد أنك إمامي عند الله، فبكى الرضا عليه السلام، ثم قال: يا عم! ألم تسمع أبي وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بابي ابن خيرة الاماء (2) ابن النوبية الطيبة الفم، المنتجبة الرحم، ويلهم لعن الله الاعيبس وذريته، صاحب الفتنة، ويقتلهم سنين وشهورا وأياما يسومهم خسفا ويسقيهم كأسا مصبرة، وهو الطريد الشريد الموتور (3) بأبيه وجده صاحب الغيبة، يقال: مات أو هلك، أي وادسلك؟! أفيكون هذا يا عم إلا مني، فقلت: صدقت جعلت فداك. (باب) * (الاشارة والنص على أبي الحسن الثالث عليه السلام) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران قال: لما خرج أبو جعفر عليه السلام من المدينة إلى بغداد في الدفعة الاولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جعلت فداك إني أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الامر بعدك؟ فكر بوجهه إلي ضاحكا وقال ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة، فلما اخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه فقلت له: جعلت فداك أنت خارج فإلى من هذا الامر من بعدك؟ فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم التفت إلي فقال: عند هذه يخاف علي، الامر من بعدي إلى ابني علي.


(1) أي قبلت فاه شفقة عليه حتى دخل في فمى. (2) يعنى به القائم من آل محمد صلى الله عليه وآله والنوبة بلاد واسعة للسودان والنسبة إليها نوبى و نوبية والمراد بالاعيبس خليفة من الخلفاء العباسية. (3) الموتور: من قتل حميمه. [ * ]

[ 324 ]

2 – الحسين بن محمد، عن الخيراني (1)، عن أبيه أنه قال: كان يلزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي كان وكل بها وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيئ في السحر في كل ليلة ليعرف خبر علة أبي جعفر عليه السلام وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليه السلام وبين أبي إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي، فخرجت ذات ليله وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام، فقال الرسول لابي: إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إني ماضي والامر صائر إلى ابني علي وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه وقال لابي ما الذي قد قال لك؟ قال: خيرا، قال: قد سمعت ما قال، فلم تكتمه؟ وأعاد ما سمع فقال له أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت لان الله تعالى يقول: ” ولا تجسسوا (2) ” فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوما ما وإياك أن تظهرها إلى وقتها. فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة وقال: إن حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها، فلما مضى أبو جعفر عليه السلام ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الامر (3)، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ويسأله أن يأتيه، فركب أبي وصار إليه، فوجد القوم مجتمعين عنده، فقالوا لابي: ما تقول في هذا الامر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع: احضروا الرقاع فأحضروها، فقال لهم: هذا ما امرت به، فقال بعضهم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الامر شاهد آخر؟ فقال لهم: قد آتاكم الله عزوجل به هذا أبو جعفر الاشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة وسأله أن يشهد بما عنده، فأنكر أحمد أن يكون سمع من هذا شيئا فدعاه أبي إلى المباهلة، فقال: لما حقق عليه، قال: قد سمعت ذلك وهذا مكرمة كنت احب أن تكون لرجل من العرب لا لرجل من العجم: فلم يبرح القوم حتى قالوا بالحق جميعا.


(1) الخيرانى وابوه كانا من الاعاجم. (2) الحجرات: 12. (3) أي يتكلمون فيه. [ * ]

[ 325 ]

” وفي نسخة الصفواني: 3 – محمد بن جعفر الكوفي، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن الحسين الواسطي أنه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنه أشهده على هذه الوصية المنسوخة (1): ” شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته وجعل أمر موسى (2) إذا بلغ إليه وجعل عبد الله بن المساور قائما على تركته من الضياع والاموال والنفقات والرقيق وغير ذلك إلى أن يبلغ علي بن محمد. صير عبد الله بن المساور (3) ذلك اليوم إليه، يقوم بأمر نفسه وأخوانه ويصير أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها وذلك يوم الاحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه وشهد الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو الجواني على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب وكتب شهادته بيده وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده. (باب) * (الاشارة والنص على أبي محمد عليه السلام) * 1 – علي بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن يحيى بن يسار القنبري (4) قال: أوصى أبو الحسن عليه السلام إلى ابنه الحسن قبل مضيه بأربعة أشهر، وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي. 2 – علي بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن بشار بن أحمد البصري، عن علي بن عمر النوفلي قال: كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره، فمر بنا محمد ابنه (5)


(1) أي المكتوبة. (2) أي ابنه الملقب بالمبرقع المدفون بقم. وقوله: إليه أي إلى موسى. (في) (3) في بعض النسخ [ عبد الله بن المشاور ]. (4) في بعض النسخ [ العنبري ]. (5) هو ابو جعفر ولده الاكبر مات قبله وكانت الشيعة تزعم انه الامام. واخباره عليه السلام بعدم امامة محمد هذا يكشف عن علمه السابق بموته وهذا من اسرارهم عليهم السلام. [ * ]

[ 326 ]

فقلت له: جلعت فداك هذا صاحبنا بعدك؟ فقال: لا، صاحبكم بعدي الحسن. 3 – عنه، عن بشار بن أحمد، عن عبد الله بن محمد الاصفهاني قال: قال أبو الحسن عليه السلام: صاحبكم بعدي الذي يصلي علي، قال: ولم نعرف أبا محمد قبل ذلك، قال: فخرج أبو محمد فصلى عليه. 4 – وعنه، عن موسى بن جعفر بن وهب، عن علي بن جعفر قال: كنت حاضرا أبا الحسن عليه السلام لما توفي ابنه محمد فقال للحسن: يا بني أحدث لله شكرا فقد أحدث فيك أمرا. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الانباري قال: كنت حاضرا عند [ مضي ] أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام فجاء أبو الحسن عليه السلام فوضع له كرسي فجلس عليه، وحوله أهل بيته، وأبو محمد قائم في ناحية، فلما فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمد عليه السلام فقال: يا بني أحدث لله تبارك وتعالى شكرا فقد أحدث فيك أمرا. 6 – علي بن محمد، عن محمد بن أحمد القلانسي، عن علي بن الحسين بن عمرو، عن علي بن مهزيار قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: إن كان كون – وأعوذ بالله – فإلى من؟ قال: عهدي إلى الاكبر من ولدي. 7 – علي بن محمد، عن أبي محمد الاسبارقيني، عن علي بن عمرو العطار قال: دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلام وابو جعفر ابنه في الاحياء وأنا أظن أنه هو، فقلت له: جعلت فداك من أخص من ولدك؟ فقال: لا تخصوا أحدا حتى يخرج إليكم أمري قال: فكتبت إليه بعد: فيمن يكون هذا الامر؟ قال: فكتب إلي في الكبير من ولدي، قال: وكان أبو محمد أكبر من أبي جعفر. 8 – محمد بن يحيى وغيره، عن سعد بن عبد الله، عن جماعة من بني هاشم منهم الحسن ابن الحسن الافطس أنهم حضروا – يوم توفي محمد بن علي بن محمد – باب أبي الحسن يعزونه وقد بسط له في صحن داره والنساء جلوس حوله، فقالوا: قدرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلا سوى مواليه وسائر الناس إذ نظر


[ 327 ]

إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب، حتى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه، فنظر إليه أبو الحسن عليه السلام بعد ساعة فقال: يا بني أحدث لله عزوجل شكرا، فقد أحدث فيك أمرا، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع، وقال: الحمد لله رب العالمين وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك (1) وإنا لله وإنا إليه راجعون، فسألنا عنه، فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة أو أرجح، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالامامة وأقامه مقامه. 9 – علي بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن محمد بن يحيى بن درياب قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام بعد مضي أبي جعفر فعزيته عنه وأبو محمد عليه السلام جالس فبكى أبو محمد عليه السلام، فأقبل عليه أبو الحسن عليه السلام فقال [ له ]: إن الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفا منه فاحمد الله. 10 – علي بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي الحسن عليه السلام بعد ما مضى ابنه أبو جعفر وإني لافكر في نفسي أريد أن أقول: كأنهما أعني أبا جعفر وأبا محمد في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر ابن محمد عليهم السلام وإن قصتهما كقصتهما، إذ كان أبو محمد المرجى بعد أبي جعفر عليه السلام فأقبل علي أبو الحسن قبل أن أنطق فقال: نعم يا أبا هاشم بدا لله في أبي محمد بعد أبي جعفر (2) ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبو محمد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الامامة (3). 1 1 – علي بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن محمد بن يحيى بن درياب، عن أبي بكر الفهفكي قال: كتب إلي أبو الحسن عليه السلام: أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزة (4) وأوثقهم


(1) أي في بقائك نعمة لنا، فكلما ازدادت تمت لنا النعمة (لح) (2) البداء بالفتح والمد ظهور الشئ بعد الخفاء وهو على الله عزوجل غير جائز والمراد به القضاء والحكم وقد يطلق عليه كما صرح به النهاية فالمعنى قضى الله جل شأنه في ابى محمد بعد موت ابى جعفر عليه السلام بما لم يكن معروفا لابي محمد عند الخلق وهو الامامة والخلافة (لح). (3) أي الكتب والسلاح وغير ذلك مما يختص بالامام ويكون علامة من علاماته. (4) أي اخلص وأصفى. غريزة أي طبيعة وفى بعض النسخ [ اصح ] بدل انصح. [ * ]

[ 328 ]

حجة وهو الاكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عرى الامامة وأحكامها (1)، فما كنت سائلي فسله عنه، فعنده ما يحتاج إليه. 12 – علي بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال: كتب إلي أبو الحسن في كتاب: أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر وقلقت (2) لذلك فلا تغتم فإن الله عزوجل ” لا يضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ” وصاحبك بعدي أبو محمد ابني وعنده ما تحتاجون إليه، يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء الله ” ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ” قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان. 13 – علي بن محمد، عمن ذكره، عن محمد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ فقال: إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد عليهم السلام. (باب) * (الاشارة والنص إلى صاحب الدار عليه السلام) * 1 – علي بن محمد، عن محمد بن علي بن بلال قال: خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثم خرج إلى من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: قلت لابي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل، قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم، فقلت: فإن بك حدث فأين أسأل عنه؟ فقال: بالمدينة. 3 – علي بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي عن جعفر بن محمد المكفوف، عن عمرو الاهوازي قال: أراني أبو محمد ابنه وقال: هذا صاحبكم من بعدي.


(1) العرى: بضم العين وفتح الراء جمع العروة بالضم والسكون معروف والاضافة لامية أو بيانية. (2) كنصرت أي اضطربت لذلك. [ * ]

[ 329 ]

4 – علي بن محمد، عن حمدان القلانسي قال: قلت للعمري: قد مضى أبو محمد؟ فقال لي: قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذه، وأشار بيده. 5 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال: خرج عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري لعنه الله (1) هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب، فكيف رأى قدرة الله فيه، وولد له ولد سماه ” م ح م د ” في سنه ست وخمسين ومائتين (2). 6 – علي بن محمد، عن الحسين ومحمد ابني علي بن إبراهيم، عن محمد بن علي بن عبد الرحمن العبدي – من عبد قيس – عن ضوء بن علي العجلي، عن رجل من أهل فارس سماه قال: أتيت سامرا ولزمت باب أبي محمد عليه السلام فدعاني، فدخلت عليه وسلمت فقال: ما الذي أقدمك؟ قال: قلت: رغبة في خدمتك، قال: فقال لي: فالزم الباب، قال: فكنت في الدار مع الخدم، ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال قال: فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت فناداني: مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج، فخرجت علي جارية معها شئ مغطى، ثم ناداني ادخل، فدخلت ونادى الجارية فرجعت إليه، فقال لها: اكشفي عما معك، فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم، ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبو محمد عليه السلام. (باب) * (في تسمية من رآه عليه السلام) * 1 – محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمه الله عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له: يا أبا عمرو إني اريد أن أسألك عن شئ وما أنا بشاك فيما اريد أن


(1) الزبيري كان لقب بعض الاشقياء من ولد الزبير كان في زمانه عليه السلام فهدده وقتله الله على يد الخليفة أو غيره وصحف بعضهم وقرء بفتح الزاء وكسر الباء من الزبير بمعنى الداهية كناية عن المهتدى العباسي حيث قتله الموالى (آت) (2) تقطيع الحروف لعدم جواز التسمية. [ * ]

[ 330 ]

أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الارض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما، فإذا كان ذلك رفعت الحجة (1) واغلق باب التوبة فلم يك ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا، فاولئك أشرار من خلق الله عز و جل وهم الذين تقوم عليهم القيامة ولكني أحببت أن أزداد يقينا وإن إبراهيم عليه السلام سأل ربه عزوجل أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أو لم تؤمن قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته وقلت: من اعامل أو عمن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي فما ادى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون، وأخبرني أبو علي أنه سأل ابا محمد عليه السلام عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعمها فإنهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك. قال: فخر أبو عمرو ساجدا وبكى ثم قال: سل حاجتك فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه السلام؟ فقال: إي والله ورقبته مثل ذا – وأومأ بيده – فقلت له: فبقيت واحدة فقال لي: هات، قلت: فالاسم؟ قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن احلل ولا احرم، ولكن عنه عليه السلام، فإن الامر عند السلطان، أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له فيه وهوذا، عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئا، وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك. قال الكليني رحمه الله: وحدثني شيخ من أصحابنا – ذهب عني اسمه – أن أبا عمرو سأل عن أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا. 2 – علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر وكان أسن شيخ من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله بالعراق فقال: رأيته بين المسجدين وهو غلام عليه السلام. 3 – محمد بن يحيى، عن الحسين بن رزق الله أبو عبد الله (2) قال: حدثني موسى بن


(1) في بعض النسخ [ وقعت الحجة ]. (2) كذا. [ * ]

[ 331 ]

محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قال: حدثتني حكيمة ابنة محمد بن علي – وهي عمة أبيه – أنها رأته ليلة مولده وبعد ذلك. 4 – علي بن محمد، عن حمدان القلانسي قال: قلت للعمري: قد مضى أبو محمد عليه السلام؟ فقال: قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذا، وأشار بيده. 5 – علي بن محمد، عن فتح مولى الزراري (1) قال: سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه قد رآه ووصف له قده. 6 – علي بن محمد، عن محمد بن شاذان بن نعيم، عن خادم لابراهيم بن عبدة النيسابوري (2) أنها قالت كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء عليه السلام حتى وقف على إبراهيم وقبض على كتاب مناسكه وحدثه بأشياء. 7 – على بن محمد، عن محمد بن علي بن إبراهيم، عن أبي عبد الله بن صالح أنه رآه عند الحجر الاسود والناس يتجاذبون عليه وهو يقول: ما بهذا امروا. 8 – علي، عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس، عن أبيه أنه قال: رأيته عليه السلام بعد مضي أبي محمد حين أيفع وقبلت يديه ورأسه. 9 – علي، عن أبي عبد الله بن صالح وأحمد بن النضر، عن القنبري – رجل من ولد قنبر الكبير – مولى أبي الحسن الرضا عليه السلام قال، جرى حديث جعفر بن على فذمه، فقلت له: فليس غيره فهل رأيته؟ فقال: لم أره ولكن رآه غيري، قلت: ومن رآه؟ قال: قد رآه جعفر مرتين وله حديث. 10 – علي بن محمد، عن أبي محمد الوجناني أنه أخبرني عمن رآه: أنه خرج من الدار قبل الحادث بعشرة أيام وهو يقول: اللهم إنك تعلم أنها من أحب البقاع لولا الطرد، أو كلام هذا نحوه. 11 – علي بن محمد، عن علي بن قيس، عن بعض جلاوذة السواد قال: شاهدت سيماء (3) آنفا بسر من رأى وقد كسر باب الدار، فخرج عليه وبيده طبرزين فقال له:


(1) في بعض النسخ [ الرازي ]. (2) في بعض النسخ [ عبيدة النيسابوري ]. (3) اسم رجل كأنه من اتباع السلطان (في). [ * ]

[ 332 ]

ما تصنع في داري؟ فقال سيماء: إن جعفرا زعم أن أباك مضى ولا ولد له، فإن كانت دارك فقد انصرفت عنك، فخرج عن الدار قال: علي بن قيس: فخرج علينا خادم من خدم الدار فسألته عن هذا الخبر، فقال لي: من حدثك بهذا؟ فقلت له: حدثني بعض جلاوزة السواد، فقال لي: لا يكاد يخفى على الناس شئ. 12 – علي بن محمد، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن جعفر بن محمد المكفوف، عن عمرو الاهوازي قال: أرانيه أبو محمد عليه السلام وقال: هذا صاحبكم (1). 13 – محمد بن يحيى، عن الحسن بن علي النيسابوري، عن إبراهيم بن محمد ابن عبد الله بن موسى بن جعفر، عن ابي نصر ظريف الخادم أنه رآه. 14 – علي بن محمد، عن محمد والحسن ابني علي بن إبراهيم أنهما حدثاه في سنة تسع وسبعين ومائتين، عن محمد بن عبد الرحمن العبدي عن ضوء بن علي العجلي عن رجل من أهل فارس سماه أن أبا محمد أراه إياه. 15 – علي بن محمد، عن أبي أحمد بن راشد عن بعض أهل المدائن قال: كنت حاجا مع رفيق لي، فوافينا إلى الموقف فإذا شاب قاعد عليه إزار ورداء، وفي رجليه نعل صفراء، قومت الازار والرداء بمائة وخمسين دينارا وليس عليه أثر السفر، فدنا منا سائل فرددنا، فدنا من الشاب فسأله، فحمل شيئا من الارض وناوله، فدعا له السائل واجتهد في الدعاء وأطال، فقام الشاب وغاب عنا، فدنونا من السائل فقلنا له ويحك ما أعطاك؟ فأرانا حصاة ذهب مضرسة قدرناها عشرين مثقالا، فقلت لصاحبي: مولانا عندنا ونحن لا ندري، ثم ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كله، فلم نقدر عليه، فسألنا كل من كان حوله من أهل مكة والمدينة، فقالوا شاب علوي يحج، في كل سنة ماشيا. (باب في النهي عن الاسم) 1 – علي بن محمد، عمن ذكره، عن محمد بن أحمد العلوي، عن داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن العسكري عليه السلام يقول: الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف؟ فقلت: ولم جعلني الله فداك؟ قال: إنكم لا ترون شخصه


(1) قد مر الخبر في الباب المتقدم ص: 328 – 329. [ * ]

[ 333 ]

ولا يحل لكم ذكره باسمه، فقلت: فكيف نذكره؟ فقال: قولوا: الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه. 2 – علي بن محمد، عن أبي عبد الله الصالحي قال: سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد عليه السلام أن أسأل عن الاسم والمكان، فخرج الجواب: إن دللتهم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلوا عليه. 3 – عدة من أصحابنا، عن جعفر بن محمد، عن ابن فضال، عن الريان بن الصلت قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول – وسئل عن القائم – فقال: لا يرى جسمه، ولا يسمى اسمه. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صاحب هذا الامر لا يسميه باسمه إلا كافر. (باب نادر في حال الغيبة) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عمن حدثه، عن المفضل ابن عمر، ومحمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض أصحابه عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أقرب ما يكون العباد من الله جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله عزوجل ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقعوا الفرج صاحبا ومساء، فإن أشد ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته ولم يظهر لهم، وقد علم أن أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنهم يرتابون ما غيب حجته عنهم طرفه عين، ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس. 2 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن علي بن مرداس، عن صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أيما أفضل: العبادة في السر مع الامام منكم المستتر في دولة الباطل، أو العبادة في ظهور الحق ودولته، مع الامام منكم الظاهر؟ فقال يا عمار الصدقة في السر والله أفضل من الصدقة في العلانية وكذلك والله عبادتكم في السر مع إمامكم


[ 334 ]

المستتر في دولة الباطل وتخوفكم من عدوكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممن يعبد الله عزوجل ذكره في ظهور الحق مع إمام الحق الظاهر في دولة الحق وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والامن في دولة الحق واعلموا أن من صلى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة، مستتر بها من عوده في وقتها فأتمها، كتب الله له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلى منكم صلاة فريضة وحده مستترا بها من عوده في وقتها فأتمها، كتب الله عزوجل بها له خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانية، ومن صلى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها، كتب الله له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب الله عزوجل له بها عشرين حسنة ويضاعف الله عزوجل حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله، ودان بالتقية على دينه وإمامه و نفسه، وأمسك من لسانه أضعافا مضاعفة إن الله عزوجل كريم. قلت: جعلت فداك قد والله رغبتني في العمل، وحثثتني عليه، ولكن احب أن اعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل اعمالا من أصحاب الامام الظاهر منكم في دولة الحق ونحن على دين واحد؟ فقال: إنكم سبقتموهم إلى الدخول في دين الله عز وجل وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كل خير وفقه وإلى عبادة الله عز ذكره سرا من عدوكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له، صابرين معه، منتظرين لدولة الحق خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة، تنتظرون إلى حق إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك، واضطروكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف مع عدوكم، فبذلك ضاعف الله عزوجل لكم الاعمال، فهنيئا لكم. قلت: جعلت فداك فما ترى إذا أن نكون من اصحاب القائم ويظهر الحق و نحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أصحاب دولة الحق والعدل؟ فقال: سبحان الله أما تحبون أن يظهر الله تبارك وتعالى الحق والعدل في البلاد ويجمع الله الكلمة ويؤلف الله بين قلوب مختلفة، ولا يعصون الله عزوجل في أرضه، وتقام حدوده في خلقه، ويرد الله الحق إلى أهله فيظهر، حتى لا يستخفي بشئ من الحق مخافة أحد من الخلق، أما والله يا عمار لا يموت منكم ميت على الحال التي أنتم عليها


[ 335 ]

إلا كان أفضل عند الله من كثير من شهداء بدر واحد فابشروا. 3 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، بن محبوب، عن أبي اسامة، عن هشام، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي حمزة عن أبي إسحاق قال: حدثني الثقة من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أنهم سمعوا أمير المؤمنين عليه السلام يقول في خطبة له: اللهم وإني لاعلم أن العلم لا يأزر كله، ولا ينقطع مواده وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع أو خائف مغمور، كيلا تبطل حججك ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم، بل أين هم وكم؟ اولئك الاقلون عددا، والاعظمون عند الله جل ذكره قدرا، المتبعون لقادة الدين: الائمة الهادين، الذين يتأدبون بآدابهم، وينهجون نهجهم، فعند ذلك يهجم بهم العلم على حقيقة الايمان، فتستجيب أرواحهم لقادة العلم، ويستلينون من حديثهم ما استوعر على غيرهم، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون، وأباه المسرفون اولئك أتباع العلماء صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه ودانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم، فأرواحهم معلقة بالمحل الاعلى، فعلماؤهم وأتباعهم خرس صمت (1) في دولة الباطل، منتظرون لدولة الحق وسيحق الله الحق بكلماته ويمحق الباطل، ها، ها، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم، وياشوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم. (باب في الغيبة) 1 – محمد بن يحيى والحسن بن محمد جميعا، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن الحسن ابن محمد الصيرفي، عن صالح بن خالد، عن يمان التمار قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جلوسا فقال لنا: إن لصاحب هذا الامر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد – ثم قال هكذا بيده – (2) فأيكم يمسك شوك القتاد بيده؟ ثم أطرق مليا، ثم قال: إن


(1) أي لا يقدرون على التكلم بالحق واعلاء كلمته في دولة الباطل (لح). (2) أي اشار بيده، والخارط من يضرب بيده على اعلى الغصن ثم يمدها إلى الاسفل ليسقط ورقه والقتاد شجر له شوك. [ * ]

[ 336 ]

لصاحب هذا الامر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه. 2 – علي بن محمد، عن الحسن بن عيسى بن محمد بن علي بن جعفر، عن أبيه عن جده، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم (1) لا يزيلكم عنها أحد، يا بني إنه لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة حتى يرجع عن هذا الامر من كان يقول به، إنما هو محنة من الله عزوجل امتحن بها خلقه، لو علم آباؤكم وأجدادكم دينا أصح من هذا لاتبعوه قال: فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني! عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن المساور عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إياكم والتنويه (2) أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم ولتمحصن حتى يقال: مات قتل، هلك، بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين، ولتكفأن (3) كما تكفأ السفن في أمواج البحر فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب في قلبه الايمان، وأيده بروح منه، ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أي من أي، قال: فبكيت ثم قلت: فكيف نصنع؟ قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفة فقال: يا أبا عبد الله ترى هذه الشمس قلت نعم، فقال: والله لامرنا أبين من هذه الشمس. 4 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن في صاحب هذا الامر شبها من يوسف عليه السلام، قال قلت له: كأنك تذكره حياته أو غيبته؟ قال: فقال لي: وما تنكر من ذلك، هذه الامة أشباه الخنازير، إن إخوة يوسف عليه السلام كانوا أسباطا أولاد الانبياء تاجروا يوسف، وبايعوه وخاطبوه، وهم إخوته، وهو أخوهم،


(1) ضمير الجمع باعتبار تعدد المخاطبين. (2) التنويه: الرفع والتشهير. (آت) (3) على بناء المجهول من المخاطب أو الغائب من قولهم: كفأت الاناء إذا كببته. كناية عن اضطرابهم وتذللهم في الدين لشدة الفتن. (آت) [ * ]

[ 337 ]

فلم يعرفوه حتى قال: أنا يوسف وهذا أخي، فما تنكر هذه الامة المعلونة أن يفعل الله عزوجل بحجته في وقت من الاوقات كما فعل بيوسف، إن يوسف عليه السلام كان إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد ان يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب عليه السلام وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الامة أن يفعل الله عزوجل بحجته كما فعل بيوسف، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له كما أذن ليوسف، قالوا: ” أئنك لانت يوسف؟ قال: أنا يوسف “. 5 – علي بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبد الله بن موسى عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل ان يقوم، قال: قلت ولم؟ قال: يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – ثم قال: يا زرارة وهو المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف ومنهم من يقول: حمل (1) ومنهم من يقول: إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله عزوجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة، [ قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شئ اعمل؟ قال: يا زرارة ] إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء ” اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ” ثم قال: يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني؟ قال: لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان (2) يجيئ حتى يدخل المدينة، فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لا يمهلون، فعند ذلك توقع الفرج إن شاء الله. 6 – محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن إسحاق بن محمد، عن يحيى بن المثنى عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يفقد


(1) أي مات ابوه وهو حمل (2) في بعض النسخ [ آل ابى فلان ]. [ * ]

[ 338 ]

الناس إمامهم، يشهد الموسم فيراهم ولا يرونه. 7 – علي بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن خالد قال: حدثني منذر بن محمد بن قابوس، عن منصور بن السندي، عن أبي داود المسترق، عن ثعلبة بن ميمون، عن مالك الجهني، عن الحارث بن المغيرة، عن الاصبغ بن نباتة قال: أتيت أمير المؤمنين عليه السلام فوجدته متفكرا ينكت في الارض، فقلت، يا أمير المؤمنين مالي أراك متفكرا تنكت في الارض، أرغبة منك فيها؟ فقال: لا والله ما رغبت فيها ولا في الدنيا يوما قط ولكني فكرت في مولود يكون من ظهري، الحادي عشر من ولدي، هو المهدي الذي يملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما، تكون له غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي فيها آخرون، فقلت: يا أمير المؤمنين! وكم تكون الحيرة والغيبة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين، فقلت: وإن هذا لكائن؟ فقال: نعم كما أنه مخلوق وأنى لك بهذا الامر يا أصبغ اولئك خيار هذه الامة مع خيار أبرار هذه العتره، فقلت: ثم ما يكون بعد ذلك فقال: ثم يفعل الله ما يشاء فإن له بداء ات وإرادات وغايات ونهايات. 8 – عي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر عليه السلام قال إنما نحن كنجوم السماء كلما غاب نجم طلع نجم، حتى إذا أشرتم بأصابعكم وملتم بأعناقكم، غيب الله عنكم نجمكم، فاستوت بنو عبد المطلب، فلم يعرف أي من أي، فإذا طلع نجمكم فاحمدوا ربكم. 9 – محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن معاوية، عن عبد الله بن جبلة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم عليه السلام غيبة قبل أن يقوم، قلت: ولم؟ قال: إنه يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – يعني القتل. 10 – على بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن بلغكم عن صاحب هذا الامر غيبة فلا تنكروها. 11 – الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن معاوية عن عبد الله بن جبلة، عن إبراهيم بن خلف بن عباد الانماطي، عن مفضل بن عمر قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام وعنده في البيت أناس فظننت أنه إنما أراد بذلك غيري، فقال: أما والله


[ 339 ]

ليغيبن عنكم صاحب هذا الامر وليخملن هذا حتى يقال: مات، هلك، في أي واد سلك؟ ولتكفأن كما تكفأ السفينة في أمواج البحر، لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، وكتب الايمان في قلبه، وأيده بروح منه ولترفعن اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي، قال: فبكيت، فقال: ما يبكيك يا ابا عبد الله؟ فقلت: جعلت فداك كيف لا ابكي وأنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبة لا يدري أي من أي!؟ قال: وفي مجلسه كوة تدخل فيها الشمس فقال: أبينة هذه؟ فقلت: نعم، قال: أمرنا أبين من هذ الشمس. 12 – الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن إسماعيل الانباري، عن يحيى بن المثنى، عن عبد الله بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: للقائم غيبتان، يشهد في إحداهما المواسم، يرى الناس ولا يرونه. 13 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن ابي حمزة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ممن يوثق به أن أمير المؤمنين عليه السلام تكلم بهذا الكلام وحفظ عنه وخطب به على منبر الكوفة: اللهم إنه لا بد لك من حجج في أرضك، حجة بعد حجة على خلقك، يهدونهم إلى دينك، ويعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك، ظاهر غير مطاع، أو مكتتم يترقب، إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم، وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة، فهم بها عاملون. ويقول عليه السلام في هذه الخطبة في موضع آخر: فيمن هذا؟ ولهذا يأزر العلم إذا لم يوجد له حملة يحفظونه ويروونه، كما سمعوه من العلماء ويصدقون عليهم فيه، اللهم فإني لاعلم أن العلم لا يأزر كله ولا ينقطع مواده وإنك لا تخلي أرضك من حجة لك على خلقك، ظاهر ليس بالمطاع، أو خائف مغمور (1) كيلا تبطل حجتك (2) ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم بل أين هم؟ وكم هم؟ اولئك الاقلون عددا، الاعظمون عند الله قدرا. 14 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم بن معاوية البجلي


في بعض النسخ [ مغمود ]. (2) في بعض النسخ [ حججك ]. [ * ]

[ 340 ]

عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين (1) ” قال: إذا غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بامام جديد. 15 – عده من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن بلغكم من عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها. 16 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لابد لصاحب هذا الامر من غيبة ولابد له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة (2) وما بثلاثين من وحشة. 17 – وبهذا الاسناد، عن الوشاء، عن علي بن الحسن (3) عن أبان بن تغلب قال: قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين، فيأرز العلم كما تأرز الحية في جحرها، واختلفت الشيعة وسمى بعضه بعضا كذابين، وتفل بعضهم في وجوه بعض؟ قلت: جعلت فداك ما عند ذلك من خير، فقال لي: الخير كله عند ذلك، ثلاثا. 18 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن عيسى، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم، إنه يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – يعني القتل. 19 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: للقائم غيبتان: إحداهما قصيرة والاخرى طويلة، الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والاخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه. 20 – محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن الحسن بن علي الكوفي، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن مفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لصاحب هذا الامر غيبتان: إحداهما يرجع منها إلى أهله والاخرى يقال: هلك، في أي واد سلك، قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك؟ قال: إذا ادعاها مدع فاسألوه عن أشياء يجيب فيها مثله.


(1) الملك: 30. (2) أي المدينة. (3) في بعض النسخ [ على بن الحسين ] وهو مجهول (آت) [ * ]

[ 341 ]

21 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب، عن أبي حمزة قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت له: أنت صاحب هذا الامر؟ فقال: لا، فقلت: فولدك؟ فقال: لا، فقلت: فولد ولدك هو؟ قال: لا، فقلت: فولد ولد ولدك؟ فقال: لا، قلت: من هو؟ قال: الذي يملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، على فترة من الائمة، كما أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث على فترة من الرسل. 22 – علي بن محمد، عن جعفر بن محمد عن موسى بن جعفر البغدادي، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الربيع، عن محمد بن إسحاق، عن اسيد ابن عن ثعلبه ام هانئ قالت: سألت أبا جعفر محمد محمد بن علي عليهما السلام، عن قول الله تعالى: ” فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس (1) قالت: فقال: إمام يخنس سنة ستين ومائتين، ثم يظهر كالشهاب يتوقد في الليلة الظلماء، فإن أدركت زمانه قرت عينك. 23 – عدة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن الحسن، عن عمر ابن يزيد، عن الحسن بن الربيع الهمداني قال: حدثنا محمد بن إسحاق، عن اسيد ابن ثعلبة، عن ام هانئ قالت: لقيت أبا جعفر محمد بن علي عليهما السلام فسألته عن هذه الآية ” فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس ” قال: الخنس إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند الناس سنة ستين ومائتين، ثم يبدو كالشهاب الواقد في ظلمة الليل، فإن أدركت ذلك قرت عينك. 24 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن أيوب بن نوح، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام قال: إذا رفع علمكم من بين أظهركم فتوقعوا الفرج من تحت أقدامكم. 25 – عدة من أصحابنا، عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: إني أرجو أن تكون صاحب هذا الامر، وأن يسوقه الله إليك بغير سيف، فقد بويع لك وضربت الدراهم باسمك، فقال: ما منا أحد اختلفت إليه الكتب، واشير إليه بالاصابع، وسئل عن المسائل، وحملت إليه الاموال، إلا اغتيل (2) أو مات على فراشه، حتى يبعث الله لهذا الامر غلاما منا،


(1) التكوير: 16 و 17. (2) غاله أي ادركه، اغتاله: أي اخذه من حيث لم يدر. [ * ]

[ 342 ]

خفي الولادة والمنشأ، غير خفي في نسبه. 26 – الحسين بن محمد وغيره، عن جعفر بن محمد، عن علي بن العباس بن عامر عن موسى بن هلال الكندي، عن عبد الله بن عطاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له: إن شيعتك بالعراق كثيرة والله ما في أهل بيتك مثلك، فكيف لا تخرج؟ قال: فقال يا عبد الله بن عطاء قد أخذت تفرش اذنيك للنوكى (1) إي والله ما أنا بصاحبكم، قال: قلت له: فمن صاحبنا؟ قال: انظروا من عمي على الناس ولادته، فذاك صاحبكم إنه ليس منا أحد يشار إليه بالاصبع ويمضغ بالالسن (2) إلا مات غيظا أو رغم أنفه. 27 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يقوم القائم وليس لاحد في عنقه عهد ولا عقد ولا بيعة. 28 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسن بن علي العطار، عن جعفر بن محمد، عن منصور، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت: إذا أصبحت وأمسيت لا أرى إماما أئتم به ما أصنع؟ قال: فأحب من كنت تحب وابغض من كنت تبغض، حتى يظهره الله عز وجل. 2 9 – الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال: قال أبو عبد الله عليه السلام، لابد للغلام من غيبة، قلت: ولم؟ قال: يخاف – وأومأ بيده إلى بطنه – وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته، فمنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: مات أبوه ولم يخلف ومنهم من يقول: ولد قبل موت أبيه بسنتين قال زرارة: فقلت: وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان؟ قال: ادع الله بهذا الدعاء: ” اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، اللهم عرفني نبيك، فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرفه قط، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ” قال أحمد بن الهلال: سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة.


(1) أي شرعت تفتح وتبسط اذنيك للحمقى تسمع منهم (2) كناية عن كثرة ذكره في المجالس. [ * ]

[ 343 ]

30 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن القاسم عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” فإذا نقر في الناقور (1) ” قال: إن منا إماما مظفرا مستترا، فإذا أراد الله عز ذكره إظهار أمره، نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر الله تبارك وتعالى. 31 – محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله عن محمد بن الفرج قال: كتب إلي أبو جعفر عليه السلام إذا غضب الله تبارك وتعالى على خلقه نحانا عن جوارهم. (باب) * (ما يضل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الامامة) * 1 – علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبن محبوب، عن سلام بن عبد الله ومحمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، وأبو علي الاشعري، عن محمد بن حسان جميعا عن محمد بن علي، عن علي بن أسباط، عن سلام بن عبد الله الهاشمي، قال محمد بن علي: وقد سمعته منه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بعث طلحة والزبير رجلا من عبد القيس يقال له: خداش إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وقالا له: إنا نبعثك إلى رجل طال ما كنا نعرفه وأهل بيته بالسحر والكهانه، وأنت أوثق من بحضرتنا من أنفسنا من أن تمتنع من ذلك، وأن تحاجه لنا حتى تقفه على أمر معلوم، واعلم أنه أعظم الناس دعوى فلا يكسرنك ذلك عنه، ومن الابواب التي يخدع الناس بها الطعام والشراب والعسل والدهن وأن يخالي الرجل، فلا تأكل له طعاما، ولا تشرب له شرابا، ولا تمس له عسلا ولا دهنا ولا تخل معه واحذر هذا كله منه، وانطلق على بركة الله، فإذا رأيته فاقرأ آيه السخرة، وتعوذ بالله من كيده وكيد الشيطان. فإذا جلست إليه فلا تمكنه من بصرك كله ولا تستأنس به. ثم قل له: إن أخويك في الدين وابني عمك في القرابة يناشدانك القطيعة، ويقولان لك: أما تعلم أنا تركنا الناس لك وخالفنا عشائرنا فيك منذ قبض الله عزوجل محمدا صلى الله عليه وآله فلما نلت أدنى منال، ضيعت حرمتنا وقطعت رجاءنا، ثم قد رأيت أفعالنا


(1) المدثر: 8. [ * ]

[ 344 ]

فيك وقدرتنا على النأي عنك (1)، وسعة البلاد دونك، وإن من كان يصرفك عنا وعن صلتنا كان أقل لك نفعا وأضعف عنك دفعا منا، وقد وضح الصبح لذي عينين، وقد بلغنا عنك انتهاك لنا ودعاء علينا، فما الذي يحملك على ذلك؟! فقد كنا نرى أنك أشجع فرسان العرب، أتتخذ اللعن لنا دينا، وترى أن ذلك يكسرنا عنك. فلما أتى خداش أمير المؤمنين عليه السلام صنع ما أمراه، فلما نظر إليه علي عليه السلام – وهو يناجي نفسه – ضحك وقال: ههنا يا أخا عبد قيس – وأشار له إلى مجلس قريب منه – فقال: ما أوسع المكان، اريد أن أؤدي إليك رسالة، قال: بل تطعم وتشرب وتحل ثيابك وتدهن ثم تؤدي رسالتك قم يا قنبر فأنزله، قال: ما بي إلى شئ مما ذكرت حاجة، قال: فأخلو بك؟ قال: كل سر لي علانية، قال: فأنشدك بالله الذي هو أقرب إليك من نفسك، الحائل بينك وبين قلبك، الذي بعلم خائنة الاعين وما تخفي الصدور، أتقدم إليك الزبير بما عرضت عليك؟ قال: اللهم نعم، قال: لو كتمت بعد ما سألتك ما ارتد إليك طرفك، فانشدك الله هل علمك كلاما تقوله إذا أتيتني؟ قال: اللهم نعم، قال علي عليه السلام: آية السخرة؟ قال نعم، قال: فاقرأها وجعل علي عليه السلام يكررها ويرددها ويفتح عليه إذا أخطأ حتى إذا قرأها سبعين مرة قال الرجل: ما يرى أمير المؤمنين عليه السلام أمره بترددها سبعين مرة ثم قال له: أتجد قلبك اطمأن قال إي: – والذي نفسي بيده – قال: فما قالا لك؟ فأخبره، فقال: قل لهما: كفى بمنطقكما حجة عليكما، ولكن الله لا يهدي القوم الظالمين، زعمتما أنكما أخواي في الدين وابنا عمي في النسب فأما النسب فلا انكره وإن كان النسب مقطوعا إلا ما وصله الله بالاسلام، وأما قولكما: إنكما أخواي في الدين، فإن كنتما صادقين فقد فارقتما كتاب الله عزوجل، وعصيتما أمره بأفعالكما في أخيكما في الدين، وإلا فقد كذبتما وافتريتما بادعائكما أنكما أخواي في الدين وأما مفارقتكما الناس منذ قبض الله محمدا صلى الله عليه وآله فإن كنتما فارقتماهم بحق فقد نقضتما ذلك الحق بفراقكما إياي أخيرا، وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الذي أحدثتما، مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن


[ 345 ]

إلا لطمع الدنيا، زعمتما وذلك قولكما: ” فقطعت رجاء نا ” لا تعيبان بحمد الله من ديني شيئا وأما الذي صرفني عن صلتكما، فالذي صرفكما عن الحق وحملكما على خلعه من رقابكما كما يخلع الحرون لجامه وهو الله ربي لا اشرك به شيئا فلا تقولا: ” أقل نفعا وأضعف دفعا ” فتستحقا اسم الشرك مع النفاق، وأما قولكما: إني أشجع فرسان العرب، وهربكما من لعني ودعائي، فإن لكل موقف عملا إذا اختلفت الاسنة و ماجت لبود الخيل وملا سحرا كما أجوافكما، فثم يكفيني الله بكمال القلب، وأما إذا أبيتما بأني أدعو الله فلا تجزعا من أن يدعو عليكما رجل ساحر من قوم سحرة زعمتما، اللهم أقعص الزبير بشر قتلة واسفك دمه على ضلالة وعرف طلحة المذلة وادخر لهما في الآخرة شرا من ذلك، إن كانا ظلماني وافتريا علي وكتما شهادتهما وعصياك وعصيا رسولك في، قل: آمين، قال خداش: آمين. ثم قال خداش لنفسه: والله ما رأيت لحية قط أبين خطأ منك، حامل حجة ينقض بعضها بعضا لم يجعل الله لها مساكا، أنا أبرأ إلى الله منهما، قال علي عليه السلام: ارجع إليهما وأعلمها ما قلت، قال: لا والله حتى تسأل الله أن يردني إليك عاجلا وأن يوفقني لرضاه فيك، ففعل فلم يلبث أن انصرف وقتل معه يوم الجمل رحمه الله. 2 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، وأبو علي الاشعري، عن محمد ابن حسان جميعا، عن محمد بن علي، عن نصر بن مزاحم، عن عمر وبن سعيد، عن جراح بن عبد الله، عن رافع بن سلمة قال: كنت مع علي بن أبي طالب صلوات الله عليه يوم النهروان فبينا علي عليه السلام جالس إذ جاء فارس فقال: السلام عليك يا علي فقال له علي عليه السلام: وعليك السلام مالك ثكلتك امك – لم تسلم علي بإمرة المؤمنين؟ قال: بلى سأخبرك عن ذلك كنت إذ كنت على الحق بصفين فلما حكمت الحكمين برئت منك وسميتك مشركا، فأصبحت لا أدري إلى أين أصرف ولايتي، والله لان أعرف هداك من ضلالتك أحب إلى من الدنيا وما فيها فقال له: علي عليه السلام: ثكلتك أمك قف مني قريبا اريك علامات الهدى من علامات الضلالة، فوقف الرجل قريبا منه فبينما هو كذلك إذ أقبل فارس يركض حتى أتى عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أبشر بالفتح أقر الله عينك، قد والله


[ 346 ]

قتل القوم أجمعون، فقال له: من دون النهر أو من خلفه؟ قال: بل من دونه، فقال: كذبت والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يعبرون أبدا حتى يقتلوا، فقال الرجل: فازددت فيه بصيرة، فجاء آخر يركض على فرس له فقال له مثل ذلك فرد عليه أمير المؤمنين عليه السلام مثل الذي رد على صاحبه، قال الرجل الشاك: وهممت أن أحمل على علي عليه السلام فأفلق هامته بالسيف ثم جاء فارسان يركضان قد أعرقا فرسيهما فقالا: أقر الله عينك يا أمير المؤمنين ابشر بالفتح قد والله قتل القوم أجمعون، فقال علي عليه السلام: أمن خلف النهر أو من دونه؟ قالا: لا بل خلفه، إنهم لما اقتحموا خيلهم النهروان وضرب الماء لبات خيولهم رجعوا فاصيبوا، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدقتما، فنزل الرجل عن فرسه فأخذ بيد أمير المؤمنين عليه السلام وبرجله فقبلهما، فقال علي عليه السلام: هذه لك آية. 3 – علي بن محمد، عن أبي علي محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف بكرد، عن محمد بن خداهي، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد الله بن هاشم، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي، عن حبابة الوالبية قالت: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام في شرطة الخميس ومعه درة لها سبابتان يضرب بها بياعي الجري والمارماهي والزمار ويقول لهم: يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان، فقام إليه فرات بن أحنف فقال: يا أمير المؤمنين وما جند بني مروان؟ قال: فقال له: أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فمسخوا فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه، ثم أتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت: له يا أمير المؤمنين ما دلالة الامامة يرحمك الله: قالت: فقال ائتيني بتلك الحصاة وأشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع لي فيها بخاتمه، ثم قال لي: يا حبابة! إذا ادعى مدع الامامة، فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة، والامام لا يعزب عنه شئ يريده، قالت ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين عليه السلام فجئت إلى الحسن عليه السلام وهو في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام والناس يسألونه فقال: يا حبابة الوالبية فقلت: نعم يا مولاي فقال: هاتي ما معك قال: فأعطيته فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين عليه السلام، قالت: ثم أتيت الحسين عليه السلام وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقرب ورحب، ثم: قال لي: إن


[ 347 ]

في الدلالة دليلا على ما تريدين، أفتريدين دلالة الامامة؟ فقلت: نعم يا سيدي، فقال: هاتي ما معك، فناولته الحصاة فطبع لي فيها، قالت: ثم أتيت علي بن الحسين عليهما السلام وقد بلغ بي الكبر إلى أن أرعشت وأنا أعد يومئذ مائة وثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا وساجدا و مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة، فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي، قالت: فقلت: يا سيدي كم مضى من الدنيا وكم بقي؟ فقال: أما ما مضى فنعم، وأما ما بقي فلا، قالت: ثم قال لي: هاتي ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا جعفر عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا عبد الله عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت أبا الحسن موسى عليه السلام فطبع لي فيها، ثم أتيت الرضا عليه السلام فطبع لي فيها. وعاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكر محمد بن هشام. 4 – محمد بن أبي عبد الله وعلي بن محمد، عن إسحاق بن محمد النخعي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت عند أبي محمد عليه السلام فاستؤذن لرجل من أهل اليمن عليه، فدخل رجل عبل، طويل جسيم، فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول وأمره بالجلوس، فجلس ملاصقا لي، فقلت في نفسي: ليت شعري من هذا؟ فقال أبو محمد عليه السلام: هذا من ولد الاعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي عليهم السلام فيها بخواتيمهم فانطبعت وقد جاء بها معه يريد أن أطبع فيها، ثم قال: هاتها فأخرج حصاة وفي جانب منها موضع أملس، فأخذها أبو محمد عليه السلام ثم أخرج خاتمة فطبع فيها فانطبع فكأني أرى نقش خاتمة الساعة ” الحسن بن علي ” فقلت لليماني: رأيته قبل هذا قط؟ قال: لا والله وإني لمنذ دهر حريص على رؤيته حتى كأن الساعة أتاني شاب لست أراه فقال لي: قم فادخل، فدخلت ثم نهض اليماني وهو يقول رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت، ذرية بعضها من بعض اشهد بالله أن حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين ثم مضى فلم أره بعد ذلك، قال إسحاق: قال أبو هاشم الجعفري: وسألته عن اسمه فقال: اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم بن أم غانم وهي الاعرابية اليمانية، صاحبة الحصاة التي طبع فيها أمير المؤمنين عليه السلام والسبط إلى وقت أبي الحسن عليه السلام


[ 348 ]

5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة وزرارة جميعا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قتل الحسين عليه السلام أرسل محمد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهما السلام فخلا به فقال له: يا ابن أخي قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفع الوصية والامامة من بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام ثم إلى الحسن عليه السلام، ثم إلى الحسين عليه السلام وقد قتل أبوك رضي الله عنه وصلي على روحه ولم يوص، وأنا عمك وصنو أبيك وولادتي من علي عليه السلام في سني وقديمي أحق بها منك في حداثتك، فلا تنازعني في الوصية والامامة ولا تحاجني، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: يا عم اتق الله ولا تدع ما ليس لك بحق إني أعظك أن تكون من الجاهلين، إن أبي يا عم صلوات الله عليه أوصى إلي قبل أن يتوجه إلى العراق وعهد إلي في ذلك قبل أن يستشهد بساعة، وهذا سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله عندي، فلا تتعرض لهذا، فإني أخاف عليك نقص العمر وتشتت الحال، إن الله عزوجل جعل الوصية والامامة في عقب الحسين عليه السلام فإذا اردت أن تعلم ذلك فانطلق بنا إلى الحجر الاسود حتى نتحاكم إليه ونسأله عن ذلك قال أبو جعفر عليه السلام: وكان الكلام بينهما بمكة، فانطلقا حتى أتيا الحجر الاسود، فقال علي بن الحسين لمحمد بن الحنفية: ابدأ أنت فابتهل إلى الله عزوجل وسله أن ينطق لك الحجر ثم سل، فابتهل محمد في الدعاء وسأل الله ثم دعا الحجر فلم يجبه، فقال علي بن الحسين عليهما السلام: يا عم لو كنت وصيا وإماما لاجابك، قال له محمد: فادع الله أنت يا ابن أخي وسله، فدعا الله علي بن الحسين عليهما السلام بما أراد ثم قال: أسألك بالذي جعل فيك ميثاق الانبياء وميثاق الاوصياء وميثاق الناس أجمعين لما أخبرتنا من الوصي و الامام بعد الحسين بن علي عليه السلام؟ قال: فتحرك الحجر حتى كاد ان يزول عن موضعه، ثم أنطقه الله عزوجل بلسان عربي مبين، فقال: اللهم إن الوصية والامامة بعد الحسين ابن علي عليهما السلام إلى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فانصرف محمد بن علي وهو يتولى علي بن الحسين عليه السلام. علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله. 6 – الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد عن محمد بن علي قال: أخبرني سماعة بن


[ 349 ]

مهران قال: أخبرني الكلبي النسابة قال: دخلت المدينة ولست أعرف شيئا من هذا الامر فأتيت المسجد فإذا جماعة من قريش فقلت: أخبروني عن عالم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبد الله بن الحسن، فأتيت منزله فاستأذنت، فخرج إلي رجل ظننت أنه غلام له، فقلت له: استأذن لي على مولاك فدخل ثم خرج فقال لي: ادخل فدخلت فإذا أنا بشيخ معتكف شديد الاجتهاد، فسلمت عليه فقال لي: من أنت؟ فقلت: أنا الكلبي النسابة، فقال: ما حاجتك؟ فقلت: جئت إسألك، فقال: أمررت بابني محمد؟ قلت: بدأت بك: فقال: سل، فقلت: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: تبنى برأس الجوزاء (1) والباقي وزر عليه وعقوبة، فقلت في نفسي: واحدة، فقلت: ما يقول الشيخ في المسح على الخفين؟ فقال: قد مسح قوم صالحون ونحن أهل البيت لا نمسح، فقلت في نفسي: ثنتان، فقلت: ما تقول في أكل الجري أحلال هو أم حرام؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت نعافه فقلت في نفسي: ثلاث، فقلت: فما تقول في شرب النبيذ؟ فقال: حلال إلا أنا أهل البيت لا نشربه، فقمت فخرجت من عنده وأنا أقول: هذه العصابة تكذب على أهل هذا البيت. فدخلت المسجد فنظرت إلى جماعة من قريش وغيرهم من الناس فسلمت عليهم ثم قلت لهم: من أعلم أهل هذا البيت؟ فقالوا: عبد الله بن الحسن، فقلت: قد أتيته فلم أجد عنده شيئا فرفع رجل من القوم رأسه فقال: ائت جعفر بن محمد عليهما السلام فهو أعلم أهل هذا البيت، فلامه بعض من كان بالحضرة – فقلت (2): إن القوم إنما منعهم من إرشادي إليه أول مرة الحسد – فقلت له: ويحك إياه أردت، فمضيت حتى صرت إلى منزله فقرعت الباب، فخرج غلام له فقال: ادخل يا أخا كلب فوالله لقد أدهشني فدخلت وأنا مضطرب ونظرت فإذا شيخ على مصلى بلا مرفقة (3) ولا بردعة، فابتدأني بعد أن سملت عليه، فقال لي: من أنت؟ فقلت في نفسي: يا سبحان الله! غلامه يقول لي بالباب: ادخل يا أخا كلب ويسألني المولى من أنت؟! فقلت له: أنا الكلبي


(1) يعنى بعدده، اراد انه يقع به ثلاث طلقات لان كل رأس من رأسي الجوزاء ثلاثة كواكب. (في) (2) في بعض النسخ [ فعلمت أن ] (3) المرفقة بالكسر المخدة، والبردعة ما يقال له بالفارسية: بلاس [ * ]

[ 350 ]

النسابة، فضرب بيده على جبهته وقال: كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا و خسروا خسرانا مبينا، يا أخال كلب إن الله عزوجل يقول: ” وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا (1) ” أفتنسبها أنت؟ فقلت: لا جعلت فداك، فقال لي: أفتنسب نفسك؟ قلت: نعم أنا فلان بن فلان بن فلان حتى أرتفعت فقال لي: قف ليس حيث تذهب، ويحك أتدري من فلان بن فلان؟ قلت: نعم فلان بن فلان، قال: إن فلان ابن فلان بن فلان الراعي الكردي إنما كان فلان الراعي الكردي على جبل آل فلان فنزل إلى فلانة امرأة فلان من جبله الذي كان يرعى غنمه عليه، فأطعمها شيئا وغشيها فولدت فلانا، وفلان بن فلان من فلانة وفلان بن فلان، ثم قال: أتعرف هذه الاسامي؟ قلت: لا والله جعلت فداك فإن رأيت أن تكف عن هذا فعلت؟ فقال: إنما قلت فقلت، فقلت: إني لا أعود، قال: لا نعود إذا واسأل عما جئت له، فقلت له: أخبرني عن رجل قال لامرأته: أنت طالق عدد نجوم السماء، فقال: ويحك أما تقرأ سورة الطلاق؟ قلت: بلى، قال: فاقرأ فقرأت: ” فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ” قال: أترى ههنا نجوم السماء؟ قلت: لا قلت: فرجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا؟ قال: ترد إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، ثم قال: لا طلاق إلا على طهر، من غير جماع بشاهدين مقبولين، فقلت في نفسي: واحدة، ثم قال: سل، قلت: ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثم قال، إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شئ إلى شيئه ورد الجلد إلى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوؤهم؟ فقلت في نفسي: ثنتان، ثم التفت إلي فقال: سل فقلت: أخبرني عن أكل الجري؟ فقال: إن الله عزوجل مسخ طائفة من بني إسرائيل فما أخذ منهم بحرا فهو الجري والمارماهي و الزمار وما سوى ذلك وما أخذ منهم برا فالقردة والخنازير والوبر والورك (2) وما سوى ذلك فقلت في نفسي: ثلاث، ثم التفت إلى فقال: سل وقم، فقلت: ما تقول في النبيذ؟ فقال: حلال، فقلت: إنا ننبذ فنطرح فيه العكر (3) وما سوى ذلك ونشر به؟ فقال: شه شه (4) تلك الخمرة المنتنة، فقلت: جعلت فداك فاي نبيذ تعني؟ فقال: إن أهل


(1) الفرقان: 38. (2) الوبر دويبة كالسنور، والورك محركة دابة كالضب أو العظيم من اشكال الوزغ طويل الذنب صغير الرأس (في) (3) العكر الدردى من كل شئ، أراد به (هنا دردى النبيذ (في) (4) كلمة تقبيح واستقذار. (آت) [ * ]

[ 351 ]

المدينة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تغيير الماء وفساد طبايعهم، فأمرهم أن ينبذوا، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له، فيعمد إلى كف من التمر فيقذف به في الشن (1) فمنه شربه ومنه طهوره، فقلت: وكم كان عدد التمر الذي [ كان ] في الكف؟ فقال: ما حمل الكف، فقلت: واحدة وثنتان؟ فقال: ربما كانت واحدة وربما كانت ثنتين فقلت: وكم كان يسع الشن؟ فقال: مابين الاربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك فقلت: بالارطال؟ فقال: نعم أرطال بمكيال العراق، قال سماعة: قال الكلبي: ثم نهض عليه السلام وقمت فخرجت وأنا أضرب بيدي على الاخرى وأنا أقول: إن كان شئ فهذا، فلم يزل الكلبي يدين الله بحب آل هذا البيت حتى مات. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم قال: كنا بالمدينة بعد وفات أبي عبد الله عليه السلام أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبد الله بن جعفر انه صاحب الامر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده وذلك أنهم رووا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: إن الامر في الكبير ما لم تكن به عاهة، فدخلنا عليه نسأله عما كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ فقال: في مائتين خمسة، فقلنا: ففي مائة؟ فقال: درهمان ونصف فقلنا: والله ما تقول المرجئة هذا، قال: فرفع يده إلى السماء فقال: والله ما أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا وأبو جعفر الاحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد؟ ونقول: إلى المرجئة؟ إلى القدرية؟ إلى الزيدية؟ إلى المعتزلة؟ إلى الخوارج؟ فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه، يومي إلي بيده فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر المنصور وذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من اتفقت شيعة جعفر عليه السلام عليه، فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم فقلت للاحول: تنح فإني خائف على نفسي وعليك، وإنما يريدني لا يريدك، فتنح عني لا تهلك وتعين على نفسك، فتنحى غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك أني ظننت


الشن: القربة من الجلد المدبوغ. [ * ]

[ 352 ]

أني لا اقدر على التخلص منه فما زلت أتبعه وقد عزمت على الموت حتى ورد بي على باب ابي الحسن عليه السلام ثم خلاني ومضى، فإذا خادم بالباب فقال لي: أدخل رحمك الله، فدخلت فإذا أبو الحسن موسى عليه السلام فقال لي أبتداء منه: لا إلى المرجئة ولا إلى القدرية ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج إلي إلي فقلت جعلت فداك مضى أبوك؟ قال: نعم، قلت: مضى موتا؟ قال: نعم، قلت: فمن لنا من بعده؟ فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قلت جعلت فداك إن عبد الله يزعم أنه من بعد أبيه، قال: يريد عبد الله أن لا يعبد الله، قال: قلت: جعلت فداك فمن لنا من بعده؟ قال: إن شاء الله أن يهديك هداك، قال: قلت: جعلت فداك فأنت هو؟ قال لا، ما أقول ذلك، قال: فقلت في نفسي لم اصب طريق المسألة، ثم قلت له: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا فداخلني شئ لا يعلم إلا الله عزوجل إعظاما له وهيبة أكثر مما كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه، ثم قلت له: جعلت فداك أسألك عما كنت أسأل اباك؟ فقال: سل تخبر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذبح، فسألته فإذا هو بحر لا ينزف، قلت: جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضلال فألقى إليهم وأدعوهم إليك؟ وقد أخذت علي الكتمان؟ قال: من آنست منه رشدا فالق إليه وخذ عليه الكتمان فإن أذاعوا فهو الذبح – وأشار بيده إلى حلقه – قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الاحول فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى فحدثته بالقصة قال: ثم لقينا الفضيل وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وساء لاه وقطعا عليه بالامامة، ثم لقينا الناس أفواجا فكل من دخل عليه قطع إلا طائفة عمار وأصحابه وبقي عبد الله لا يدخل إليه إلا قليل من الناس، فلما رأى ذلك قال: ما حال الناس؟ فأخبر أن هشاما صد عنك الناس، قال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني. 8 – علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن محمد، عن محمد بن فلان الواقفي قال: كان لي ابن عم يقال له: الحسن بن عبد الله كان زاهدا وكان من أعبد أهل زمانه وكان يتقيه السلطان لجده في الدين واجتهاده وربما استقبل السلطان بكلام صعب يعظه ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر وكان السلطان يحتمله لصلاحه، ولم تزل هذه حالته حتى كان يوم من الايام إذ دخل عليه أبو الحسن موسى عليه السلام وهو في المسجد فرآه فأومأ


[ 353 ]

إليه فأتاه فقال له: يا ابا علي، ما أحب إلي ما أنت فيه وأسرني إلا أنه ليست لك معرفة، فاطلب المعرفة، قال: جعلت فداك وما المعرفة؟ قال: اذهب فتفقه واطلب الحديث، قال: عمن؟ قال: عن فقهاء أهل المدينة، ثم اعرض علي الحديث، قال: فذهب فكتب ثم جاء ه فقرأه عليه فأسقطه كله ثم قال له: اذهب فاعرف المعرفة وكان الرجل معنيا بدينه فلم يزل يترصد أبا الحسن عليه السلام حتى خرج إلى ضيعة له، فلقيه في الطريق فقال له: جعلت فداك إني أحتج عليك بين يدي الله فدلني على المعرفة قال: فأخبره بأمير المؤمنين عليه السلام وما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وأخبره بأمر الرجلين فقبل منه، ثم قال له: فمن كان بعد أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: الحسن عليه السلام ثم الحسين عليه السلام حتى انتهى إلى نفسه ثم سكت، قال: فقال له: جعلت فداك فمن هو اليوم؟ قال: إن أخبرتك تقبل؟ قال: بلى جعلت فداك؟ قال: أنا هو، قال: فشئ أستدل به؟ قال: اذهب إلى تلك الشجرة – وأشار [ بيده ] إلى ام غيلان – فقل لها: يقول لك موسى بن جعفر: أقبلي، قال: فأتيتها فرأيتها والله تخد الارض خدا حتى وقفت بين يديه، ثم أشار إليها فرجعت قال: فأقر به ثم لزم الصمت والعبادة، فكان لا يراه أحد يتكلم بعد ذلك. محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن إبراهيم بن هشام مثله. 9 – محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن الطيب، عن عبد الوهاب بن منصور، عن محمد بن أبي العلاء قال: سمعت يحيى بن أكثم – قاضي سامراء – بعد ما جهدت به وناظرته وحاورته وواصلته وسألته عن علوم آل محمد فقال: بينا أنا ذات يوم دخلت أطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وآله فرأيت محمد بن علي الرضا عليهما السلام يطوف به، فناظرته في مسائل عندي فأخرجها إلي، فقلت له: والله إني أريد أن أسألك مسألة وإني والله لاستحيي من ذلك، فقال لي: أنا أخبرك قبل أن تسألني، تسألني عن الامام، فقلت: هو والله هذا، فقال: أنا هو، فقلت: علامة؟، فكان في يده عصا فنطقت وقالت: إن مولاي إمام هذا الزمان وهو الحجة. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد أو غيره، عن علي بن الحكم، عن الحسين


[ 354 ]

ابن عمر بن يزيد قال: دخلت على الرضا عليه السلام وأنا يومئذ واقف وقد كان ابي سأل أباه عن سبع مسائل فأجابه في ست وأمسك عن السابعة، فقلت: والله لاسألنه عما سأل أبي أباه، فإن أجاب بمثل جواب أبيه كانت دلالة، فسألته فأجاب بمثل جواب ابيه أبي في المسائل الست، فلم يزد في الجواب واوا ولا ياء وأمسك عن السابعة وقد كان أبي قال لابيه: إني أحتج عليك عند الله يوم القيامة أنك زعمت أن عبد الله لم يكن إماما، فوضع يده على عنقه، ثم قال له: نعم احتج علي بذلك عند الله عزوجل فما كان فيه من إثم فهو في رقبتي، فلما ودعته قال: إنه ليس أحد من شيعتنا يبتلي ببلية أو يشتكي فيصبر على ذلك إلا كتب الله له أجر ألف شهيد، فقلت في نفسي: والله ما كان لهذا ذكر، فلما مضيت وكنت في بعض الطريق، خرج بي عرق المديني (1) فلقيت منه شدة، فلما كان من قابل حججت فدخلت عليه وقد بقي من وجعي بقية، فشكوت إليه وقلت له: جعلت فداك عوذ رجلي وبسطتها بين يديه، فقال لي: ليس على رجلك هذه بأس ولكن أرني رجلك الصحيحة فبسطتها بين يديه فعوذها، فلما خرجت لم ألبث إلا يسيرا حتى خرج بي العرق وكان وجعه يسيرا. 11 – أحمد بن مهران، عن محمد بن علي، عن ابن قياما الواسطي – وكان من من الواقفة – قال: دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت له: يكون إمامان؟ قال: لا إلا وأحدهما صامت، فقلت له: هو ذا أنت ليس لك صامت – ولم يكن ولد له أبو جعفر بعد – فقال لي: والله ليجعلن الله مني ما يثبت به الحق وأهله، و ويمحق الباطل وأهله، فولدله بعد سنة أبو جعفر عليه السلام – فقيل لابن قياما: ألا تقنعك هذه الآية؟ فقال: أما والله إنها لآية عظيمة ولكن كيف أصنع بما قال أبو عبد الله عليه السلام في ابنه؟ 12 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: أتيت خراسان – وأنا واقف – فحملت معي متاعا وكان معي ثوب وشي في بعض الرزم (2) ولم أشعر به ولم أعرف مكانه، فلما قدمت مرو، ونزلت في بعض منازلها لم أشعر إلا ورجل مدني من بعض


(1) عرق المدينى مركب اضافي، وهو خيط يخرج من الرجل تدريجا ويشتد وجعه (آت) (2) الرزم – بالكسر جمع رزمة وهى الثياب المشدودة في ثوب واحد. [ * ]

[ 355 ]

مولديها، فقال لي: إن أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول لك: ابعث إلي الثوب الوشي الذي عندك قال: فقلت: ومن أخبر أبا الحسن بقدومي وأنا قدمت آنفا وما عندي ثوب وشي؟! فرجع إليه وعاد إلي، فقال: يقول لك: بلى هو في موضع كذا و كذا ورزمته كذا وكذا، فطلبته حيث قال: فوجدته في أسفل الرزمة، فبعثت به إليه. 13 – ابن فضال، عن عبد الله بن المغيرة قال: كنت واقفا وحججت على تلك الحال، فلما صرت بمكة خلج في صدري شئ، فتعلقت بالملتزم (1) ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وإرادتي فأرشدني إلى خير الاديان، فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السلام، فأتيت المدينة فوقفت ببابه وقلت: للغلام قل لمولاك: رجل من أهل العراق بالباب، قال: فسمعت نداء ه وهو يقول: ادخل يا عبد الله بن المغيرة، ادخل يا عبد الله بن المغيرة، فدخلت، فلما نظر إلي قال لي: قد أجاب الله دعاءك وهداك لدينه، فقلت: أشهد أنك حجة الله وأمينه على خلقه. 14 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال: كان عبد الله بن هليل (2) يقول بعبد الله (3) فصار إلى العسكر (4) فرجع عن ذلك، فسألته عن سبب رجوعه، فقال: إني عرضت لابي الحسن عليه السلام أن أسأله عن ذلك، فوافقني في طريق ضيق، فمال نحوي حتى إذا حاذاني، أقبل نحوي بشئ من فيه، فوقع على صدري، فأخذته فإذا هو رق فيه مكتوب: ما كان هنالك، ولا كذلك (5). 15 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا ذكر اسمه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا موسى بن محمد بن إسماعيل بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب قال: حدثني جعفر بن زيد بن موسى، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قالوا: جائت ام أسلم يوما إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو في منزل ام سلمة، فسألتها عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت خرج في بعض الحوائج والساعة يجيئ، فانتظرته عند ام سلمة حتى جاء صلى الله عليه وآله، فقالت


(1) هو المستجار محاذى باب الكعبة من ظهرها، يستحب إلصاق البطن والصدر بحائطه و التزامه والدعاء فيه مستجاب (آت) (2) في بعض النسخ [ عبد الله بن هلال ]. (3) أي بامامة عبد الله الافطح. [ * ] (4) أي إلى سامراء، سمى به لانه بنى للعسكر (5) أي ما كان عبد الله هناك أي في مقام الامامة، ولا كان كذلك أي مستحقا للامامة. (آت) [ * ]

[ 356 ]

أم أسلم: بأبي أنت وأمي يا رسول الله إني قد قرأت الكتب وعلمت كل نبي ووصي، فموسى كان له وصي في حياته ووصي بعد موته، وكذلك عيسى، فمن وصيك يا رسول الله؟ فقال لها: يا ام أسلم وصيي في حياتي وبعد مماتي واحد، ثم قال لها: يا أم أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، ثم ضرب بيده إلى حصاة من الارض ففركها (1) بأصبعه فجعلها شبه الدقيق، ثم عجنها، ثم طبعها بخاتمه، ثم قال: من فعل فعلي هذا فهو وصيي في حياتي وبعد مماتي، فخرجت من عنده، فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: بأبي أنت وامي أنت وصي رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم يا ام أسلم ثم ضرب بيده إلى حصاة ففركها فجعلها كهيئة الدقيق، ثم عجنها وختمها بخاتمه، ثم قال: يا ام أسلم من فعل فعلي هذا فهو وصيي، فأتيت الحسن عليه السلام وهو غلام فقلت له: يا سيدي أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم يا ام أسلم، وضرب بيده وأخذ حصاة ففعل بها كفعلهما، فخرجت من عنده فأتيت الحسين عليه السلام – وإني لمستصغرة لسنه – فقلت له: بأبي أنت وامي، أنت وصي أخيك؟ فقال، نعم يا ام أسلم ايتيني بحصاة، ثم فعل كفعلهم، فعمرت ام أسلم حتى لحقت بعلي بن الحسين بعد قتل الحسين عليه السلام في منصرفه، فسألته أنت وصي أبيك؟ فقال: نعم، ثم فعل كفعلهم صلوات الله عليهم أجمعين. 16 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسين بن الجارود، عن موسى بن بكر بن داب (2)، عمن حدثه، عن أبي جعفر عليه السلام أن زيد بن علي بن الحسين عليه السلام دخل على أبي جعفر محمد بن علي ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج، فقال له أبو جعفر عليه السلام: هذه الكتب ابتداء منهم، أو جواب ما كتبت به إليهم ودعوتهم إليه؟ فقال: بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقنا وبقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله ولما يجدون في كتاب الله عزوجل من وجوب مودتنا وفرض طاعتنا، ولما نحن فيه من الضيق والضنك و البلاء، فقال له أبو جعفر عليه السلام، إن الطاعة مفروضة من الله عزوجل وسنة أمضاها في الاولين وكذلك يجريها في الآخرين والطاعة لواحد منا والمودة للجميع، و أمر الله يجري لاوليائه بحكم موصول، وقضاء مفصول، وحتم مقضى وقدر مقدور،


(1) فرك الشئ أي دلكه. (2) في بعض النسخ [ ذئاب ]. وفى بعضها [ ذاب ]. [ * ]

[ 357 ]

وأجل مسمى لوقت معلوم، فلا يستخفنك الذين لا يوقنون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، فلا تعجل، فإن الله لا يجعل لعجلة العباد ولا تسبقن الله فتعجزك البلية فتصرعك، قال: فغضب زيد عند ذلك، ثم قال: ليس الامام منا من جلس في بيته و أرخى سترة وثبط عن الجهاد ولكن الامام منا من منع حوزته، وجاهد في سبيل الله حق جهاده ودفع عن رعيته وذب عن حريمه، قال أبو جعفر عليه السلام: هل تعرف يا أخي من نفسك شيئا مما نسبتها إليه فتجيئ عليه بشاهد من كتاب الله أو حجة من رسول الله صلى الله عليه وآله أو تضرب به مثلا، فإن الله عزوجل أحل حلالا وحرم حراما و فرض فرائض وضرب أمثالا وسن سننا ولم يجعل الامام القائم بأمره شبهة فيما فرض له من الطاعة أن يسبقه بأمر قبل محله، أو يجاهد فيه قبل حلوله، وقد قال الله عز وجل في الصيد: ” لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم (1) ” أفقتل الصيد أعظم أم قتل النفس التي حرم الله. وجعل لكل شئ محلا وقال الله عزوجل: ” وإذا حللتم فاصطادوا (2) ” وقال عزوجل: ” لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ” فجعل الشهور عدة معلومة فجعل منها أربعة حرما وقال: ” فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي (3) الله “، ثم قال تبارك وتعالى: ” فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم (4) ” فجعل لذلك محلا وقال: ” ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله (5) ” فجعل لكل شئ أجلا ولكل أجل كتابا فان كنت على بينة من ربك ويقين من أمرك وتبيان من شأنك، فشأنك وإلا فلا ترومن أمرا أنت منه في شك و شبهة، ولا تتعاط زوال ملك لم تنقض اكله، ولم ينقطع مداه، ولم يبلغ الكتاب أجله فلو قد بلغ مداه وانقطع اكله وبلغ الكتاب أجله، لانقطع الفصل وتتابع النظام و لاعقب الله في التابع والمتبوع الذل والصغار، أعوذ بالله من إمام ضل عن وقته، فكان التابع فيه أعلم من المتبوع، أتريد يا أخي أن تحيي ملة قوم قد كفروا بآيات الله وعصوا رسوله واتبعوا أهواء هم بغير هدى من الله وادعوا الخلافة بلا برهان من الله ولا عهد من رسوله؟! أعيذك بالله يا أخي أن تكون غدا المصلوب بالكناسة ثم ارفضت عيناه وسالت دموعه، ثم قال: الله بيننا وبين من هتك سترنا وجحدنا حقنا وأفشى سرنا


(1) المائدة: 95. (2) المائدة: 2. (3) التوبة: 2. (4) التوبة: 5 (5) البقرة: 236 [ * ]

[ 358 ]

ونسبنا إلى غير جدنا وقال فينا ما لم نقله في أنفسنا. 17 – بعض أصحابنا، عن محمد بن حسان، عن محمد بن رنجويه، عن عبد الله بن الحكم الارمني، عن عبد الله بن إبراهيم بن محمد الجعفري قال: أتينا خديجة بنت عمر ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام نعزيها بابن بنتها، فوجدنا عندها موسى بن عبد الله بن الحسن، فإذا هي في ناحية قريبا من النساء، فعزيناهم، ثم أقبلنا عليه فإذا هو يقول لابنة أبي يشكر الراثية: قولي (1) فقالت: اعدد رسول الله واعدد بعده * أسد الإله وثالثا عباسا واعدد علي الخير واعدد جعفرا * واعدد عقيلا بعده الرواسا فقال: أحسنت وأطربتني، زيديني، فاندفعت تقول: ومنا إمام المتقين محمد * مقدم ومؤخر الإمام المطهر ومنا علي صهره وابن عمه * وحمزة منا والمهذب جعفر فاقمنا عندها حتى كاد الليل أن يجيئ، ثم قالت خديجة: سمعت عمي محمد بن علي صلوات الله عليه وهو يقول: إنما تحتاج المرأة في المأتم إلى النوح لتسيل دمعتها ولا ينبغي لها أن تقول هجرا، فإذا جاء الليل فلا تؤذي الملائكة بالنوح، ثمن خرجنا إليها غدوة فتذاكرنا عندها اختزال منزلها (2) من دار أبي عبد الله جعفر بن محمد، فقال (3): هذه دار تسمى دار السرقة، فقالت: هذا ما اصطفى مهدينا – تعني محمد بن عبد الله بن الحسن – تمازحه بذلك – فقال موسى بن عبد الله: والله لاخبرنكم بالعجب رأيت أبي رحمه الله لما أخذ في أمر محمد بن عبد الله وأجمع على لقاء أصحابه، فقال لا أجد هذا الامر يستقيم إلا أن ألقى أبا عبد الله جعفر بن محمد، فانطلق وهو متك علي، فانطلقت معه حتى أتينا أبا عبد الله عليه السلام فلقيناه خارجا يريد المسجد فاستوقفه أبي و كلمه، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ليس هذا موضع ذلك، نلتقي إن شاء الله، فرجع أبي مسرورا، ثم أقام حتى إذا كان الغد أو بعده بيوم، انطلقنا حتى أتيناه، فدخل عليه أبي وأنا معه فابتدأ الكلام، ثم قال له فيما يقول: قد علمت جعلت فداك أن السن لي عليك وأن في قومك من هو أسن منك ولكن الله عز وجل قد قدم لك فضلا ليس هو


(1) أي انشدي مرثية. (2) الاختزال: الانقطاع. (3) يعنى موسى بن عبد الله. [ * ]

[ 359 ]

لاحد من قومك وقد جئتك معتمدا لما أعلم من برك، واعلم – فديتك – إنك إذا أجبتني لم يتخلف عني أحد من أصحابك ولم يختلف علي اثنان من قريش ولا غيرهم، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إنك تجد غيري أطوع لك مني ولا حاجة لك في، فوالله إنك لتعلم أني اريد البادية أو أهم بها فأثقل عنها، واريد الحج فما ادركه إلا بعد كد وتعب و مشقة على نفسي، فاطلب غيري وسله ذلك ولا تعلمهم أنك جئتني، فقال له: إن الناس ما دون أعناقهم إليك وإن أجبتني لم يتخلف عني أحد ولك أن لا تكلف قتالا ولا مكروها، قال: وهجم علينا ناس فدخلوا وقطعوا كلامنا، فقال أبي: جعلت فداك ما تقول؟ فقال: نلتقي إن شاء الله، فقال: أليس على ما احب؟ فقال: على ما تحب إن شاء الله من إصلاحك (1) ثم انصرف حتى جاء البيت، فبعث رسولا إلى محمد في جبل بجهينة، يقال له الاشقر، على ليلتين من المدينة، فبشره وأعلمه أنه قد ظفر له بوجه حاجته وما طلب، ثم عاد بعد ثلاثة أيام، فوقفنا بالباب ولم نكن نحجب إذا جئنا فأبطأ الرسول، ثم أذن لنا، فدخلنا عليه فجلست في ناحية الحجرة ودنا أبي إليه فقبل رأسه، ثم قال جعلت فداك قد عدت إليك راجيا، مؤملا، قد انبسط رجائي وأملي و رجوت الدرك لحاجتي، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يا ابن عم إني اعيذك بالله من التعرض لهذا الامر الذي أمسيت فيه، وإني لخائف عليك أن يكسبك شرا، فجرى الكلام بينهما، حتى أفضى إلى ما لم يكن يريد وكان من قوله: بأي شئ كان الحسين أحق بها من الحسن؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: رحم الله الحسن ورحم الحسين وكيف ذكرت هذا؟ قال: لان الحسين عليه السلام كان ينبغي له إذا عدل أن يجعلها في الاسن من ولد الحسن، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى لما أن أوحى إلى محمد صلى الله عليه وآله أوحى إليه بما شاء ولم يؤامر أحدا من خلقه وأمر محمد صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام بما شاء ففعل ما أمر به، ولسنا نقول فيه إلا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله من تبجيله وتصديقه، فلو كان أمر الحسين أن يصيرها في الاسن أو ينقلها في ولدهما – يعني الوصية – لفعل ذلك الحسين وما هو المتهم عندنا في الذخيرة لنفسه، ولقد ولي وترك ذلك ولكنه مضى لما امر به وهو جدك وعمك، فإن قلت خيرا فما أولاك به وإن قلت هجرا فيغفر الله لك، أطعني يا ابن


(1) في بعض النسخ [ إصلاح حالك ] وفى بعضها [ صلاحك ]. [ * ]

[ 360 ]

عم واسمع كلامي، فوالله الذي لا إله إلا هو لا آلوك نصحا وحرصا فكيف ولا أراك تفعل، وما لامر الله من مرد، فسر أبي عند ذلك، فقال له أبو عبد الله: والله إنك لتعلم أنه الاحول الاكشف الاخضر (1) المقتول بسدة أشجع، عند بطن مسيلها، فقال أبي: ليس هو ذلك والله ليحاربن (2) باليوم يوما، وبالساعة ساعة وبالسنة سنة وليقومن بثار بني أبي طالب جميعا، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: يغفر الله لك ما أخوفني أن يكون هذا البيت يلحق صاحبنا (4) ” منتك نفسك في الخلاء ضلالا ” لا والله لا يملك أكثر من حيطان المدينة ولا يبلغ عمله الطائف إذا أحفل – يعني إذا أجهد نفسه – وما للامر من بد أن يقع، فاتق الله وارحم نفسك وبني أبيك، فوالله إني لاراه أشأم سلحة (4) أخرجتها أصلاب الرجال إلي أرحام النساء والله إنه المقتول بسدة أشجع بين دورها والله لكأني به صريعا مسلوبا بزته (5) بين رجليه لبنة ولا ينفع هذا الغلام ما يسمع – قال موسى بن عبد الله – يعنيني – وليخرجن معه فيهزم ويقتل صاحبه، ثم يمضي فيخرج معه راية اخرى، فيقتل كبشها (6) ويتفرق جيشها، فإن أطاعني فليطلب الامان عند ذلك من بني العباس حتى يأتيه إليه بالفرج ولقد علمت بأن هذا الامر لا يتم وأنك لتعلم ونعلم أن ابنك الاحول الاخضر الاكشف المقتول بسدة اشجع بين دورها عند بطن مسيلها، فقام أبي وهو يقول: بل يغني الله عنك ولتعودن (7) أو ليقي الله بك وبغيرك وما أردت بهذا إلا امتناع غيرك وأن تكون ذريعتهم إلى ذلك، فقال أبو عبد الله عليه السلام الله يعلم ما اريد إلا نصحك ورشدك وما علي إلا الجهد، فقام أبي يجر ثوبه مغضبا فلحقه أبو عبد الله عليه السلام، فقال له: اخبرك أني سمعت عمك وهو خالك (8) يذكر أنك وبني


أي لتعلم ان ابنك محمدا هذا هو الاحول الاكشف الاخضر الذى أخبر به المخبر الصادق انه سيخرج بغير حق ويقتل صاغرا. والاكشف الذى نبتت له شعيرات في قصاص ناصيته دائرة ولا تكاد تسترسل والعرب تتشأم به والاخضر ربما يقال الاسود ايضا وفى هذا المقام يحتمله والسدة – بالضم – باب الدار وأشجع ابو قبيلة سميت بأسم ابيهم (في). (2) يعنى اعداءنا والضمير المرفوع لابنه وفى بعض النسخ [ ليجازين ] بالجيم والزاى (في). (3) يعنى البيت الذى ينشد منه بعد ذلك مصراعا وهو قوله: منتك من التمنى. أي منتك نفسك حال خلوتك من غير ان يكون في مقابلك عدو. (4) السلحة: النجو. (5) البزة السلاح والثياب وبين رجليه لبنة كناية عن ستر عورته بها. (في) (6) الكبش أمير الجيش. (7) أي في أمرنا و (ليقى) من الوقاية وفى بعض النسخ بالفاء مهموزا من الفئ أي لرجع إليه الامر (في). (8) كأنه اراد به اباه عليهما السلام (في). [ * ]

[ 361 ]

أبيك ستقتلون، فإن أطعتني ورأيت أن تدفع بالتي هي أحسن فافعل، فوالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الكبير المتعال على خلقه لوددت أني فديتك بولدي وبأحبهم إلي وبأحب أهل بيتي إلي، وما يعدلك: عندي شئ، فلا ترى أني غششتك، فخرج أبي من عنده مغضبا أسفا، قال: فما أقمنا بعد ذلك إلا قليلا – عشرين ليلة أو نحوها – حتى قدمت رسل أبي جعفر فأخذوا أبي وعمومتي سليمان بن حسن وحسن بن حسن وإبراهيم بن حسن وداود بن حسن وعلي بن حسن وسليمان بن داود بن حسن وعلي بن إبراهيم بن حسن وحسن بن جعفر بن حسن وطباطبا إبراهيم ابن إسماعيل بن حسن وعبد الله بن داود، قال: فصفدوا في الحديد، ثم حملوا في محامل أعراء لا وطاء فيها ووقفوا بالمصلى لكي يشمتهم الناس، قال: فكف الناس عنهم ورقوا لهم للحال التي هم فيها، ثم انطلقوا بهم حتى وقفوا عند باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله. قال عبد الله بن إبراهيم الجعفري: فحدثتنا خديجة بنت عمر بن علي أنهم لما اوقفوا عند باب المسجد – الباب الذي يقال له باب جبرئيل – أطلع عليهم أبو عبد الله عليه السلام وعامة ردائه مطروح بالارض، ثم أطلع من باب المسجد فقال: لعنكم الله يا معاشر الانصار – ثلاثا – ما على هذا عاهدتم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا بايعتموه، أما والله إن كنت حريصا ولكني غلبت وليس للقضاء مدفع، ثم قام وأخذ إحدى نعليه فأدخلها رجله والاخرى في يده وعامة ردائه يجره في الارض، ثم دخل بيته فحم عشرين ليلة، لم يزل يبكي فيه الليل والنهار حتى خفنا عليه، فهذا حديث خديجة. قال الجعفري: وحدثنا موسى بن عبد الله بن الحسن أنه لما طلع بالقوم في المحامل، قام أبو عبد الله عليه السلام من المسجد ثم أهوى إلى المحمل الذي فيه عبد الله بن الحسن يريد كلامه، فمنع أشد المنع وأهوى إليه الحرسي فدفعه وقال: تنح عن هذا، فإن الله سيكفيك ويكفي غيرك، ثم دخل بهم الزقاق و رجع أبو عبد الله عليه السلام إلى منزله، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتلى الحرسي بلاء شديدا، رمحته ناقته فدقت وركه فمات فيها ومضى بالقوم، فأقمنا بعد ذلك حينا، ثم أتى محمد ابن عبد الله بن حسن، فاخبر أن أباه وعمومته قتلوا – قتلهم أبو جعفر (1) – إلا حسن


(1) يعنى الدوانيقي. [ * ]

[ 362 ]

ابن جعفر وطباطبا وعلي بن إبراهيم وسليمان بن داود وداود بن حسن وعبد الله بن داود قال: فظهر محمد بن عبد الله عند ذلك ودعا الناس لبيعته، قال: فكنت ثالث ثلاثة بايعوه واستونق الناس (1) لبيعته ولم يختلف عليه قرشي ولا أنصاري ولا عربي، قال؟ وشاور عيسى بن زيد وكان من ثقاته وكان على شرطه (2) فشاوره في البعثة إلى وجوه قومه، فقال له عيسى بن زيد: إن دعوتهم دعاء يسيرا لم يجيبوك، أو تغلظ عليهم، فخلني و إياهم فقال له محمد: امضى إلى من أردت منهم، فقال: ابعث إلى رئيسهم وكبيرهم – يعني أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام – فإنك إذا أغلظت عليه علموا جميعا أنك ستمرهم على الطريق التي أمررت عليها أبا عبد الله عليه السلام، قال: فوالله ما لبثنا أن اتي بأبي عبد الله عليه السلام حتى أوقف بين يديه فقال له عيسى بن زيد: أسلم تسلم: فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أحدثت نبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم فقال له محمد: لا ولكن بايع تأمن على نفسك ومالك وولدك، ولا تكلفن حربا، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما في حرب ولا قتال ولقد تقدمت إلى ابيك وحذرته الذي حاق به ولكن لا ينفع حذر من قدر، يا ابن أخي عليك بالشباب ودع عنك الشيوخ، فقال له محمد: ما أقرب ما بيني وبينك في السن، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: إني لم اعازك (3) ولم أجئ لاتقدم عليك في الذي أنت فيه، فقال: له محمد: لا والله لابد من أن تبايع، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما في يا ابن أخي طلب ولا حرب وإني لاريد الخروج إلى البادية فيصدني ذلك ويثقل علي حتى تكلمني في ذلك الاهل غير مرة، ولا يمنعني منه إلا الضعف، والله والرحم أن تدبر عنا ونشقى بك، فقال له: يا أبا عبد الله قد والله مات أبو الدوانيق – يعني أبا جعفر – فقال له أبو عبد الله عليه السلام: وما تصنع بي وقد مات؟ قال: اريد الجمال بك، قال: ما إلى ما تريد سبيل، لا والله ما مات أبو الدوانيق إلا أن يكون مات موت النوم


(1) أي استجمعهم وفى بعض النسخ [ استوثق ] أي طلب الوثيقة منهم (في) (2) في بعض النسخ [ شرطته ]. (3) المعازة: المغالبة وفى بعض النسخ [ لم اعادك ] وفى بعضها [ لم اغازك ] بمعنى المحاربة. (4) الواو للقسم أي احذرك بالله، وبالرحم التى بينى وبينك (وان تدبر عنا) بالخطاب من الادبار أي تهلك وتقتل و (نشقى بك) أي نقع في التعب والعناء بسبب مبايعتك (في). [ * ]

[ 363 ]

قال: والله لتبايعني طائعا أو مكرها ولا تحمد في بيعتك، فأبى عليه إباء شديدا وأمر إلى الحبس، فقال له عيسى بن زيد: أما إن طرحناه في السجن وقد خرب السجن وليس عليه اليوم غلق، خفنا أن يهرب منه، فضحك أبو عبد الله عليه السلام، ثم قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أو تراك تسجنني؟ قال: نعم والذي أكرم محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة لاسجننك ولاشددن عليك، فقال عيسى بن زيد: احبسوه في المخبأ – وذلك دار ريطة اليوم (1) – فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما والله إني سأقول ثم أصدق، فقال له عيسى ابن زيد لو تكلمت لكسرت فمك، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما والله يا أكشف يا ازرق لكأني بك تطلب لنفسك جحرا تدخل فيه وما أنت في المذكورين عند اللقاء وإني لاظنك إذا صفق خلفك، طرت مثل الهيق النافر (2) فنفر عليه محمد بانتهار: احبسه و وشدد عليه واغلظ عليه، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أما والله لكأني بك خارجا من سدة أشجع إلى بطن الوادي وقد حمل عليك فارس معلم (3) في يده طرادة نصفها أبيض ونصفها أسود، على فرس كميت أقرح (4) فطعنك فلم يصنع فيك شيئا وضربت خيشوم فرسه فطرحته وحمل عليك آخر خارج من زقاق آل أبي عمار الدئليين (6) عليه غديرتان مضفورتان، وقد خرجتا من تحت بيضة، كثير شعر الشاربين، فهو والله صاحبك، فلا رحم الله رمته (7) فقال له محمد: يا أبا عبد الله، حسبت فأخطأت وقام إليه السراقي بن سلخ الحوت، فدفع في ظهره حتى أدخل السجن واصطفي ما كان له من مال وما كان لقومه ممن لم يخرج مع محمد، قال: فطلع باسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وهو شيخ كبير ضعيف، قد ذهبت إحدى عينيه وذهبت رجلاه وهو


(1) ريطة بالمثناة بنت عبد الله بن محمد بن الحنفية ام يحيى بن زيد وكانت ريطة في هذا اليوم تسكن هذه الدار وفى بعض النسخ [ ريطة ] بالموحدة وقيل المراد بها ربطة الخيل (2) التصفيق ضرب احدى اليدين بالاخرى، والهيق بالمثناة التحتانية، الذكر من النعامة، والنفر: الزجر والغلظة والانتهار: الزبر والخشونة (في) (3) اعلم الفارس جعل لنفسه علامة الشجعان فهو معلم. والطرادة. رمح قصير. (4) الاقرح: الفرس الذى في وجهه ما دون الغرة (في). (6) الدئل – بالضم فالكسر – ابو قبيلة والنسبة الدئلى، والغديرة الذؤابة، والمضفورة المنسوجة (7) الرمة – بالكسر -: العظام البالية (في) [ * ]

[ 364 ]

يحمل حملا، فدعاه إلى البيعة، فقال له: يا ابن أخي إني شيخ كبير ضعيف وأنا إلى برك وعونك أحوج، فقال له: لا بد من أن تبايع، فقال له: وأي شئ تنتفع ببيعتي والله إني لاضيق عليك مكان اسم رجل إن كتبته، قال: لابد لك أن تفعل، وأغلظ له في القول، فقال له إسماعيل: ادع لي جعفر بن محمد، فلعلنا نبايع جميعا، قال: فدعا جعفرا عليه السلام، فقال له إسماعيل: جعلت فداك إن رأيت أن تبين له فافعل، لعل الله يكفه عنا، قال: قد أجمعت الا اكلمه، أفليرفي برأيه، فقال إسماعيل لابي عبد الله عليه السلام: أنشدك الله هل تذكر يوما أتيت أباك محمد بن علي عليهما السلام وعلي حلتان صفراوان، فدام النظر إلي فبكى، فقلت له: ما يبكيك فقال لي: يبكيني أنك تقتل عند كبر سنك ضياعا، لا ينتطح في دمك عنزان، قال: قلت: فمتى ذاك؟ قال: إذا دعيت إلى الباطل فأبيته، واذإ نظرت إلى الاحول مشؤم قومه ينتمي من آل الحسن على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، يدعو إلى نفسه، قد تسمى بغير اسمه (1)، فأحدث عهدك واكتب وصيتك، فإنك مقتول في يومك أو من غد، فقال له أبو عبد الله عليه السلام نعم وهذا – ورب الكعبة – لا يصوم من شهر رمضان إلا أقله. فأستودعك الله يا أبا الحسن وأعظم الله أجرنا فيك وأحسن الخلافة على من خلفت وإنا لله وإنا إليه راجعون، قال: ثم احتمل إسماعيل ورد جعفر إلى الحبس، قال: فوالله ما أمسينا حتى دخل عليه بنو أخيه بنو معاوية بن عبد الله بن جعفر فتوطؤوه حتى قتلوه وبعث محمد بن عبد الله إلى جعفر فخلى سبيله، قال: وأقمنا بعد ذلك حتى استهللنا شهر رمضان فبلغنا خروج عيسى ابن موسى، يريد المدينة، قال: فتقدم محمد بن عبد الله، على مقدمته يزيد بن معاوية ابن عبد الله بن جعفر، وكان عى مقدمة عيسى بن موسى ولد الحسن ابن زيد بن الحسن بن الحسن وقاسم!! ومحمد بن زيد وعلي وإبراهيم بنو الحسن بن زيد، فهزم يزيد بن معاوية وقدم عيسى بن موسى المدينة وصار القتال بالمدينة، فنزل بذباب (3) ودخلت علينا المسودة من خلفنا وخرج محمد في أصحابه حتى بلغ السوق،


(1) أي باسم المهدى. (2) جبل بالمدينة. (3) هم الذين كانوا يلبسون السود من الثياب، يعنى بهم اصحاب دولة العباسية الذين كانوا مع عيسى بن موسى (في). [ * ]

[ 365 ]

فأوصلهم ومضى، ثم تبعهم حتى انتهى إلى مسجد الخوامين (1) فنظر إلى ما هناك فضاء ليس فيه مسود ولا مبيض، فاستقدم حتى انتهى إلى شعب فزارة (2) ثم دخل هذيل ثم مضى إلى أشجع، فخرج إليه الفارس الذي قال أبو عبد الله من خلفه، من سكة هذيل فطعنه، فلم يصنع فيه شيئا وحمل على الفارس، فضرب خيشوم فرسه بالسيف، فطعنه الفارس، فأنفذه في الدرع وانثنى عليه محمد، فضربه فأثخنه وخرج عليه حميد بن قحطبة وهو مدبر على الفارس يضربه من زقاق العماريين، فطعنه طعنة، أنفذ السنان فيه، فكسر الرمح وحمل على حميد فطعنه حميد بزج الرمح فصرعه، ثم نزل إليه فضربه حتى أثخنه وقتله وأخذ رأسه ودخل الجند من كل جانب واخذت المدينة واجلينا هربا في البلاد، قال موسى بن عبد الله: فانطلقت حتى لحقت بإبراهيم بن عبد الله، فوجدت عيسى بن زيد مكمنا عنده، فأخبرته بسوء تدبيره وخرجنا معه حتى اصيب رحمه الله، ثم مضيت مع ابن أخي الاشتر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حسن حتى اصيب بالسند، ثم رجعت شريدا طريدا، تضيق علي البلاد، فلما ضاقت علي الارض واشتد [ بي ] الخوف، ذكرت ما قال أبو عبد الله عليه السلام: فجئت إلى المهدي وقد حج وهو يخطب الناس في ظل الكعبة، فما شعر إلا وأني قد قمت من تحت المنبر فقلت: لي الامان يا أمير المؤمنين؟ وأدلك على نصيحة لك عندي؟ فقال نعم ما هي؟ قلت: أدلك على موسى بن عبد الله بن حسن، فقال لي: نعم لك الامان، فقلت له: أعطني ما أثق به، فأخذت منه عهودا ومواثيق ووثقت لنفسي ثم قلت: أنا موسى بن عبد الله، فقال لي: إذا تكرم وتحبا فقلت له: اقطعني إلى بعض أهل بيتك، يقوم بأمري عندك، فقال لي: انظر إلى من أردت، فقلت: عمك العباس بن محمد فقال العباس لا حاجة لي فيك، فقلت: ولكن لي فيك الحاجة، أسألك بحق أمير المؤمنين إلا قبلتني فقبلني، شاء أو أبى، وقال لي المهدي: من يعرفك؟ – وحوله أصحابنا أو اكثرهم – فقلت: هذا الحسن بن زيد يعرفني وهذا موسى بن جعفر يعرفني وهذا الحسن بن عبد الله ابن العباس يعرفني، فقالوا: نعم يا أمير المؤمنين كأنه لم يغب عنا، ثم قلت للمهدي


(1) بياعى الخام (آت) (2) فزارة وهذيل كاشجع قبائل سموا باسماء آبائهم [ * ]

[ 366 ]

يا أمير المؤمنين لقد أخبرني بهذا المقام أبو هذا الرجل وأشرت إلى موسى بن جعفر، قال موسى بن عبد الله: وكذبت على جعفر كذبة فقلت له: وأمرني أن أقرئك السلام وقال إنه إمام عدل وسخاء، قال: فأمر لموسى بن جعفر بخمسة آلاف دينار. فأمر لي منها موسى بألفي دينار ووصل عامة أصحابه ووصلني، فأحسن صلتي، فحيث ما ذكر ولد محمد بن علي بن الحسين، فقولوا صلى الله عليه وملائكته وحملة عرشه والكرام الكاتبون وخصوا أبا عبد الله بأطيب ذلك، وجزى موسى بن جعفر عني خيرا، فأنا والله مولاهم بعد الله. 18 – وبهذا الاسناد، عن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم الجعفري قال: حدثنا عبد الله بن المفضل مولى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: لما خرج الحسين بن علي المقتول بفخ (1) واحتوى على المدينة، دعا موسى بن جعفر إلى البيعة، فأتاه فقال له: يا أبن عم لا تكلفني ما كلف ابن عمك عمك أبا عبد الله فيخرج مني ما لا اريد كما خرج من أبي عبد الله ما لم يكن يريد، فقال له الحسين: إنما عرضت عليك أمرا فإن أردته دخلت فيه، وإن كرهته لم أحملك عليه والله المستعان، ثم ودعه، فقال له أبو الحسن موسى بن جعفر حين ودعه يا ابن عم إنك مقتول فأجد الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيمانا ويسترون شركا وإنا لله وإنا إليه راجعون، أحتسبكم عند الله من عصبة، ثم خرج الحسين وكان من أمره ما كان، قتلوا كلهم كما قال عليه السلام. 19 – وبهذا الاسناد، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال كتب يحيى بن عبد الله ابن الحسن إلى موسى بن جعفر عليهما السلام ” أما بعد فإني اوصي نفسي بتقوى الله وبها اوصيك فإنها وصية الله في الاولين ووصيته في الآخرين، خبرني من ورد علي من أعوان الله على دينه ونشر طاعته بما كان من تحننك مع خذلانك، وقد شاورت في الدعوة للرضا من


(1) بفتح الفاء وتشديد الخاء بئر بين التنعيم وبين مكة، وبينه وبين مكة فرسخ تقريبا والحسين هو الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن على عليهما السلام وامه زينب بنت عبد الله بن الحسن خرج في ايام موسى الهادى ابن محمد المهدى ابن ابى جعفر المنصور وخرج معه كماعة كثيرة من العلويين وكان خروجه بالمدينة في ذى القعدة سنة تسع وستين ومائة بعد موت المهدى بمكة وخلافة الهادى ابنه (آت) [ * ]

[ 367 ]

آل محمد صلى الله عليه وآله وقد احتجبتها واحتجبها أبوك من قبلك (1) وقديما ادعيتم ما ليس لكم وبسطتم آمالكم إلى ما لم يعطكم الله، فاستهويتم وأظللتم وأنا محذرك ما حذرك الله من نفسه “. فكتب إليه أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ” من موسى أبي عبد الله جعفر وعلي مشتركين في التذلل لله وطاعته إلى يحيى بن عبد الله بن حسن، أما بعد فإني احذرك الله ونفسي واعلمك إليم عذابه وشديد عقابه، وتكامل نقماته، واوصيك و نفسي بتقوى الله فإنها زين الكلام وتثبيت النعم، أتاني كتابك تذكر فيه أني مدع وأبي من قبل، وما سمعت ذلك مني وستكتب شهادتهم ويسألون ولم يدع حرص الدنيا ومطالبها لاهلها مطلبا لآخرتهم، حتى يفسد عليهم مطلب آخرتهم في دنياهم وذكرت أني ثبطت الناس عنك لرغبتي فيما في يديك وما منعني من مدخلك الذي أنت فيه لو كنت راغبا ضعف عن سنة ولا قلة بصيرة بحجة ولكن الله تبارك وتعالى خلق الناس أمشاجا وغرائب وغرائز، فأخبرني عن حرفين أسألك عنهما ما العترف في بدنك وما الصهلج في الانسان (2)، ثم اكتب إلي بخبر ذلك وأنا متقدم إليك احذرك معصية الخليفة و أحثك على بره وطاعته وأن تطلب لنفسك أمانا قبل ان تأخذك الاظفار ويلزمك الخناق من كل مكان، فتروح إلى النفس من كل مكان ولا تجده، حتى يمن الله عليك بمنه وفضله ورقة الخليفة أبقاه الله فيؤمنك ويرحمك ويحفظ فيك أرحام رسول الله والسلام على من اتبع الهدى، إنا قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى. قال الجعفري: فبلغني أن كتاب موسى بن جعفر عليه السلام وقع في يدي هارون فلما قرأه قال: الناس يحملوني على موسى بن جعفر وهو برئ مما يرمى به. تم الجزء الثاني من كتاب الكافي ويتلوه بمشيئة الله وعونه الجزء الثالث وهو باب كراهية التوقيت. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله أجمعين.


(1) لعل فيه حذفا وايصالا أي احتجبت بها والضمير للمشورة كناية عما هو مقتضى المشورة من الاجابة إلى البيعة أو الضمير راجع إلى البيعة بقرينة المقام. الدعوة أي اجابتها أو المعنى شاورت الناس في الدعوة، فاحتجبت عن مشاورتي ولم تحضرها وصار ذلك سببا لتفرق الناس عنى واحتجبها ابوك أي عند دعوة محمد بن عبد الله كما مر (آت) (2) العترف والصهلج كأنهما عضوان غير معروفين عند الاطباء ولعل السؤال عنهما من باب التعجيز. [ * ]

[ 368 ]

بسم الله الرحمن الرحيم (باب كراهية التوقيت) 1 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: يا ثابت إن الله تبارك وتعالى قد كان وقت هذا الامر في السبعين، فلما أن قتل الحسين صلوات الله عليه اشتد غضب الله تعالى على أهل الارض، فأخره إلى أربعين و ومائة، فحدثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع الستر (1) ولم يجعل الله له بعد ذلك وقتا عندنا ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. قال أبو حمزة: فحدثت بذلك أبا عبد الله عليه السلام فقال: قد كان كذلك. 2 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن كثير قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الامر الذي ننتظر، متى هو؟ فقال: يا مهزم كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمون. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن القائم عليه السلام فقال: كذب الوقاتون، إنا أهل بيت لا نوقت. 4 – أحمد باسناده قال: قال: أبى الله إلا أن يخالف وقت الموقتين. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الخزاز، عن عبد الكريم ابن عمرو الخثعمي، عن الفضل بن يسار، عن ابي جعفر عليه السلام قال: قلت: لهذا الامر وقت؟ فقال كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، كذب الوقاتون، إن موسى عليه السلام لما خرج وافدا إلى


(1) في بعض النسخ [ قناع السر ] [ * ]

[ 369 ]

ربه، واعدهم ثلاثين يوما، فلما زاده الله على الثلاثين عشرا، قال قومه: قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا، فإذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم [ به ] فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين. (1) 6 – محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن السياري، عن الحسن ابن علي بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: الشيعة تربى بالاماني منذ مأتي سنة، قال: وقال يقطين لابنه علي بن يقطين: ما بالنا قيل لنا فكان، وقيل لكم فلم يكن؟ قال: فقال له علي: إن الذي قيل لنا ولكم كان من مخرج واحد، غير أن أمركم حضر، فاعطيتم محضة، فكان كما قيل لكم، وإن أمرنا لم يحضر، فعللنا بالاماني، فلو قيل لنا: إن هذا الامر لا يكون إلا إلى مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة لقست القلوب ولرجع عامة الناس من الاسلام ولكن قالوا: ما أسرعه وما أقربه تألفا لقلوب الناس وتقريبا للفرج. 7 – الحسين بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن إسماعيل الانباري، عن الحسن بن علي، عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكرنا عنده ملوك آل فلان فقال: إنما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر، إن الله لا يعجل لعجلة العباد إن لهذا الامر غاية ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا. (باب التمحيص والامتحان) 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج وعلي بن رئاب، عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام لما بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب بخطبة ذكرها يقول فيها: ألا إن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه صلى الله عليه وآله والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة، حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سباقون كانوا قصروا، وليقصرن سباقون كانوا سبقوا، والله ما كتمت وسمة ولا كذبت كذبة، ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم.


(1) مرة للتصديق واخرى للقول بالبداء [ * ]

[ 370 ]

2 – محمد بن يحيى والحسن بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن القاسم بن إسماعيل الانباري، عن الحسن بن علي (1) عن أبي المغرا، عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ويل لطغاة العرب، من أمر قد اقترب، قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب؟ قال: نفر يسير، قلت: والله إن من يصف هذا الامر منهم لكثير، قال: لا بد للناس من أن يمحصوا ويميزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير. 3 – محمد بن يحيى، والحسن بن محمد عن جعفر بن محمد، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن جعفر بن محمد الصيقل، عن أبيه، عن منصور قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام يا منصور إن هذا الامر لا يأتيكم إلا بعد إياس ولا والله حتى تميزوا ولا والله حتى تمحصوا ولا والله حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد. 4 – عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد، عن معمر بن خلاد قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: ” الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (2) ” ثم قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جعلت فداك الذي عندنا الفتنة في الدين، فقال: يفتنون كما يفتن الذهب، ثم قال: يخلصون كما يخلص الذهب. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سليمان بن صالح رفعه عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: إن حديثكم هذا لتشمئز منه قلوب الرجال، فمن أقر به فزيدوه، ومن أنكره فذروه، إنه لا بد من أن يكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة (3) حتى يسقط فيها من يشق الشعر بشعرتين، حتى لا يبقى إلا نحن وشيعتنا. 6 – محمد بن الحسن وعلى بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سنان، عن محمد بن منصور الصيقل، عن أبيه قال: كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعة من أصحابنا جلوسا وأبو عبد الله عليه السلام يسمع كلامنا، فقال لنا في أي شئ أنتم؟ هيهات، هيهات!! لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تغربلوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تمحصوا، لا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى تميزوا


(1) في بعض النسخ [ الحسن بن على ]. (2) العنكبوت: 3. (3) الوليجة الدخيلة، وخاصتك من الرجال ومن تتخذه معتمدا عليه من غير اهلك. [ * ]

[ 371 ]

لا والله ما يكون ما تمدون إليه أعينكم إلا بعد إياس، ولا والله لا يكون ما تمدون إليه أعينكم حتى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد. (باب) * (انه من عرف امامه لم يضره تقدم هذا الامر أو تأخر) * 1 – علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اعرف إمامك فإنك إذا عرفت لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن صفوان بن يحيى عن محمد بن مروان، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك و تعالى: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم (1) ” فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فانك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل ان يقوم صاحب هذا الامر، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه، قال: وقال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله. 3 – علي بن محمد رفعه، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: يا أبا بصير وأنت ممن يريد الدنيا؟ من عرف هذا الامر فقد فرج عنه لانتظاره. 4 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن إسماعيل بن محمد الخزاعي قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام وأنا أسمع، فقال: تراني ادرك القائم عليه السلام؟ فقال: يا أبا بصير ألست تعرف إمامك؟ فقال: إي والله وأنت هو – وتناول يده – فقال: والله ما تبالي يا أبا بصير ألا تكون محتبيا بسيفك في ظل رواق القائم صلوات الله عليه. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن محمد بن مروان، عن فضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من مات وليس له إمام فميتته ميتة


(1) الاسراء: 71. [ * ]

[ 372 ]

جاهلية، ومن مات وهو عارف لامامه لم يضره، تقدم هذا الامر أو تأخر ومن مات و هو عارف لامامه، كان كمن هو مع القائم في فسطاطه. 6 – الحسين بن علي العلوي، عن سهل بن جمهور، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن الحسن بن الحسين العرني، عن علي بن هاشم، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما ضر من مات منتظرا لامرنا ألا يموت في وسط فسطاط المهدي وعسكره. 7 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اعرف العلامة (1) فإذا عرفته لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، إن الله عزوجل يقول: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المنتظر عليه السلام (باب) * (من ادعى الامامة وليس لها باهل ومن جحد الائمة أو بعضهم ومن) * * (اثبت الامامة لمن ليس لها باهل) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبي سلام، عن سورة ابن كليب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: قول الله عزوجل: ” ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة (2) “؟ قال: من قال: إني إمام وليس بامام قال: قلت: وإن كان علويا؟ قال: وإن كان علويا، قلت وإن كان من ولد علي ابن أبي طالب عليه السلام؟ قال: وإن كان. 2 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان عن الفضيل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ادعى الامامة وليس من أهلها فهو كافر. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الحسين بن المختار قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك ” ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله “؟ قال: كل من زعم أنه إمام وليس بإمام، قلت: وإن كان فاطميا علويا؟ قال وإن كان فاطميا علويا.


(1) في بعض النسخ: [ اعرف الغلام ]. (2) الزمر: 61. [ * ]

[ 373 ]

4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن داود الحمار، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيبا. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن يحيى أخي اديم، عن الوليد بن صبيح قال: سمعت أبا عبد الله يقول إن هذا الامر لا يدعيه غير صاحبه إلا تبرا لله عمره. 6 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أشرك مع إمام إمامته من عند الله من ليست إمامته من الله كان مشركا بالله. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: رجل قال لي: اعرف الآخر من الائمة ولا يضرك أن لا تعرف الاول، قال: فقال: لعن الله هذا، فاني ابغضه ولا أعرفه، وهل عرف الآخر إلا بالاول. 8 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن صفوان، عن ابن مسكان قال: سألت الشيخ (1)، عن الائمة عليه السلام قال: من أنكر واحدا من الاحياء فقد أنكر الاموات. 9 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد عن أبي وهب عن محمد بن منصور قال: سألته عن قول الله عزوجل: ” وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آبائنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون (2) ” قال فقال: هل رأيت أحدا زعم أن الله أمر بالزنا وشرب الخمر أو شئ من هذه المحارم؟ فقلت: لا، فقال: ما هذه الفاحشة التي يدعون أن الله أمرهم بها قلت: الله أعلم ووليه، قال: فإن هذا في أئمة الجور، ادعوا أن الله أمرهم بالائتمام بقوم لم يأمرهم الله بالائتمام بهم، فرد الله ذلك عليهم فأخبر أنهم قد قالوا عليه الكذب وسمى ذلك منهم فاحشة.


(1) يعنى به الكاظم عليه السلام. (2) الاعراف: 27. [ * ]

[ 374 ]

10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي وهب عن محمد بن منصور قال: سألت عبدا صالحا (1) عن قول الله عزوجل: ” قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن (2) ” قال: فقال: إن القرآن له ظهر وبطن فجميع ما حرم الله في القرآن هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الجور، وجميع ما أحل الله تعالى في الكتاب هو الظاهر، والباطن من ذلك أئمة الحق. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن ثابت، عن جابر قال: سالت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل ” ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله (3) ” قال: هم والله أولياء فلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما، فلذلك قال ” ولو ترى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هو بخارجين من النار (4) ” ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هم والله يا جابر أئمة الظلمة وأشياعهم. 12 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أبي داود المسترق، عن علي ابن ميمون، عن ابن ابي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في السلام نصيبا. (باب) * (فيمن دان الله عزوجل بغير امام من الله جل جلاله) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد [ عن ا ] بن أبي نصر، عن ابي الحسن عليه السلام في قوله الله عزوجل: ” ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله (5) ” قال: يعني من اتخذ دينه رأيه، بغير إمام من أئمة الهدى. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين


(1) يعنى به الكاظم ع (2) الاعراف: 31 (3) البقرة: 160. (4) البقرة: 163 (5) القصص: 50 [ * ]

[ 375 ]

عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير والله شانئ لاعماله (1) ومثله كمثل شاة ضلت عن راعيها وقطيعها، فهجمت (2) ذاهبة وجائية يومها، فلما جنها الليل بصرت بقطيع مع غير راعيها، فحنت (3) إليها واغترت بها، فباتت معها في ربضتها (4) فلما أن ساق الراعي قطيعه أنكرت راعيها وقطيعها، فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها، فبصرت بغنم مع راعيها، فحنت إليها واغترت بها، فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك، فإنك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك، فهجمت ذعرة متحيرة نادة (5) لا راعي لها يرشدها إلى مرعاها أو يردها، فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضيعتها فاكلها، وكذلك والله يا محمد من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عزوجل ظاهرا عادلا أصبح ضالا تائها وإن مات على هذه الحال ما ت ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلو وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد العزيز العبدي، عن عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا، لهم أمانة و صدق ووفاء، وأقوام يتولونكم، ليس لهم تلك الامانة ولا الوفاء والصدق؟ قال: فاستوى أبو عبد الله عليه السلام جالسا فأقبل علي كالغضبان، ثم قال: لا دين لمن دان الله بولاية إمام جائر ليس من الله، ولا عتب على من دان بولاية إمام عادل من الله، قلت: لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء؟! قال: نعم لا دين لاولئك ولا عتب على هؤلاء، ثم قال، ألا تسمع لقول الله عزوجل: ” الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور (6) ” يعني [ من ] ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله وقال: ” والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور


(1) أي مبغض لافعاله. (2) دخلت بلا روية (3) أي اشتاقت. (4) أي مأواها. (5) ذعرة وجلة. ند البعير ندا ونديدا وندادا شرد ونفر. (6) البقرة: 259. [ * ]

[ 376 ]

إلى الظلمات ” إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الاسلام فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله عزوجل خرجوا بولايتهم [ إياه ] من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر، فأوجب الله لهم النار من الكفار، ف‍ ” أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون “. 4 – وعنه، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: لاعذبن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام جائر ليس من الله، وإن كانت الرعية في أعمالها برة تقية، ولاعفون عن كل رعية في الاسلام دانت بولاية كل إمام عادل من الله وإن كانت الرعيه في أنفسها ظالمة مسيئة. 5 – علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: إن الله لا يستحيي أن يعذب امة دانت بإمام ليس من الله وإن كانت في أعمالها برة تقية وإن الله ليستحيي أن يعذب امة دانت بإمام من الله وإن كانت في أعمالها ظالمة مسيئة. (باب) * (من مات وليس له امام من أئمة الهدى وهو من الباب الاول) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن اذينة، عن الفضيل بن يسار قال: ابتدأنا أبو عبد الله عليه السلام يوما وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس عليه إمام فميتته ميتة جاهلية، فقلت: قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: إي والله قد قال، قلت: فكل من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية؟! قال: نعم. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: حدثني عبد الكريم ابن عمرو، عن ابن أبي يعفور قال: سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية، قال: قلت: ميتة كفر؟ قال: ميتة ضلال، قلت: فمن مات اليوم وليس له أمام، فميتته ميتة جاهلية؟ فقال: نعم.


الفرق بين البابين ان في الاول انما حكم في الاخبار الواردة فيه ببطلان عبادة من لا يعرف الامام وعدم استئهاله للمغفرة والرحمة وهنا حكم بانه يموت على الجاهلية والكفر ولما كان مالهما واحدا من الباب الاول (آت). [ * ]

[ 377 ]

3 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن الفضيل، عن الحارث بن المغيرة قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال. 4 – بعض أصحابنا، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن مالك بن عامر، عن المفضل بن زائدة، عن المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من دان الله بغير سماع عن صادق ألزمه الله – البتة (1) – إلى العناء ومن ادعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك وذلك الباب المأمون على سر الله المكنون. (باب) * (فيمن عرف الحق من أهل البيت ومن أنكر) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سليمان بن جعفر قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إن علي بن عبد الله (2) بن الحسين ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام وامرأته وبنيه من أهل الجنة، ثم قال: من عرف هذا الامر من ولد علي وفاطمة عليهما السلام لم يكن كالناس. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد قال: حدثني الوشاء قال: حدثنا أحمد ابن عمر الحلال قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: أخبرني عمن عاندك ولم يعرف حقك من ولد فاطمة؟ هو وسائر الناس سواء في العقاب؟ فقال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: عليهم ضعفا العقاب 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن راشد قال: حدثنا علي بن إسماعيل الميثمي قال: حدثنا ربعي بن عبد الله قال: قال لي عبد الرحمن ابن أبي عبد الله قلت لابي عبد الله عليه السلام: المنكر لهذا الامر من بني هاشم وغيرهم سواء؟ فقال لي: المنكر، ولكن قل: الجاحد من بني هاشم وغيرهم، قال


(1) في بعض النسخ [ الزمه النية ]. (2) في كتب الرجال (على بن عبيد الله ] وهو الظاهر. [ * ]

[ 378 ]

أبو الحسن: فتفكرت [ فيه ] فذكرت قول الله عزوجل في إخوة يوسف: ” فعرفهم وهم له منكرون (1) “. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام قلت له: الجاحد منكم ومن غيركم سواء؟ فقال: الجاحد منا له ذنبان و المحسن له حسنتان. (باب) * (ما يجب على الناس عند مضي الامام) 1 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إذا حدث على الامام حدث، كيف يصنع الناس؟ قال: أين قول الله عزوجل: ” فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قوهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (2) ” قال: هم في عذر ما داموا في الطلب وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر، حتى يرجع إليهم أصحابهم. 2 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن قال: حدثنا حماد، عن عبد الاعلى قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول العامة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية، فقال: الحق و الله، قلت: فإن إماما هلك ورجل بخراسان لا يعلم من وصيه لم يسعه ذلك؟ قال: لا يسعه إن الامام إذا هلك وقعت حجة وصيه على من هو معه في البلد وحق النفر على من ليس بحضرته إذا بلغهم، إن الله عزوجل يقول: ” فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذورن ” قلت: فنفر قوم فهلك بعضهم قبل أن يصل فيعلم؟ قال: إن الله عزوجل يقول: ” ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله (3) ” قلت: فبلغ البلد بعضه فوجدك مغلقا عليك بابك، ومرخي عليك سترك، لا تدعوهم إلى نفسك ولا يكون من يدلهم عليك فبما (4) يعرفون ذلك؟ قال:


(1) يوسف: 58. (2) التوبة: 123. (3) النساء: 101. (4) في بعض النسخ [ فبم ] [ * ]

[ 379 ]

بكتاب الله المنزل قلت: فيقول الله عزوجل كيف؟ قال: أراك قد تكلمت في هذا قبل اليوم، قلت: أجل، قال فذكر ما أنزل الله في علي عليه السلام وما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله في حسن وحسين عليهما السلام وما خص الله به عليا عليه السلام وما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله من وصيته إليه ونصبه إياه وما يصيبهم وإقرار الحسن والحسين بذلك و وصيته إلى الحسن وتسليم الحسين له بقول الله (1): ” النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم واولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله (2) ” قلت فإن الناس تكلموا في أبي جعفر عليه السلام ويقولون: كيف تخطت من ولد أبيه من له مثل قرابته ومن هو أسن منه وقصرت عمن هو أصغر منه، فقال: يعرف صاحب هذا الامر بثلاث خصال لا تكون في غيره: هو أولى الناس بالذين قبله وهو وصيه، وعنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله ووصيته وذلك عندي، لا انازع فيه، قلت: إن ذلك مستور مخافة السلطان؟ قال: لا يكون في ستر إلا وله حجة ظاهرة، إن أبي استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهودا فدعوت أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر، قال: اكتب هذا ما أوصى به يعقوب بنيه ” يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون (3) ” و أوصى محمد بن علي إلى ابنه جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمع وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع، ثم يخلي عنه، فقال: اطووه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت بعد ما انصرفوا: ما كان في هذا يا أبت أن تشهد عليه؟ فقال: إني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص، فأردت أن تكون لك حجة فهو الذي إذا قدم الرجل البلد قال: من وصي فلان، قيل فلان، قلت: فإن اشرك في الوصية؟ قال: تسألونه فإنه سيبين لكم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن بريد بن معاوية، عن محمد بن مسلم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أصلحك الله بلغنا شكواك وأشفقنا، فلو أعلمتنا أو علمتنا من؟ قال: إن عليا عليه السلام كان عالما والعلم يتوارث، فلا يهلك عالم إلا بقي من بعده من يعلم مثل علمه أو ما


(1) في بعض النسخ [ يقول الله ]. (2) الاحزاب: 6. (3) البقرة: 132. [ * ]

[ 380 ]

شاء الله، قلت: أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أما أهل هذه البلدة فلا – يعني المدينة – وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم، إن الله يقول: ” وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قوهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ” قال: قلت: أرأيت من مات في ذلك فقال: هو بمنزلة من خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله، قال: قلت: فإذا قدموا بأي شئ يعرفون صاحبهم؟ قال: يعطى السكينة والوقار والهيبة. (باب) * (في ان الامام متى يعلم ان الامر قد صار إليه) * 1 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن أبي جرير القمي قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثم إليك، ثم حلفت له: وحق رسول الله صلى الله عليه وآله وحق فلان وفلان حتى انتهيت إليه بأنه لا يخرج مني ما تخبرني به إلى أحد من الناس، وسألته عن أبيه أحي هو أو ميت؟ فقال قد والله مات، فقلت: جعلت فداك إن شيعتك يروون: أن فيه سنة أربعة أنبياء، قال: قد والله الذي لا إله إلا هو هلك، قلت: هلاك غيبة أو هلاك موت؟ قال: هلاك موت، فقلت: لعلك مني في تقية؟ فقال سبحان الله، قلت: فأوصى إليك؟ قال: نعم، قلت: فأشرك معك فيها أحدا؟ قال: لا، قلت: فعليك من إخوتك إمام؟ قال: لا، قلت: فأنت الامام؟ قال: نعم. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: إن رجلا عنى (1) أخاك إبراهيم، فذكر له أن أباك في الحياة، وأنك تعلم من ذلك ما يعلم، فقال سبحان الله يموت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يموت موسى عليه السلام قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى الله عليه واله ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الاعاجم ويصرفه عن قرابة نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء، لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجة ألف دينار بعد أن أشفى (3)


(1) في بعض النسخ [ عنى ] بتشديد النون أي اوقعه في العناء والتعب وفى بعض النسخ [ غر ] (2) اشفى على الشئ، واشفى المريض على الموت اشرف. [ * ]

[ 381 ]

على طلاق نسائه وعتق مماليكه ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من إخوته. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء قال: قلت لابي الحسن (1) عليه السلام: إنهم رووا عنك في موت أبي الحسن عليه السلام (2) أن رجلا قال لك: علمت ذلك بقول سعيد (3)، فقال: جاء سعيد بعد ما علمت به قبل مجيئه، قال: وسمعته يقول طلقت أم فروة بنت إسحاق (4) في رجب بعد موت أبى الحسن بيوم، قلت: طلقتها وقد علمت بموت أبي الحسن؟ قال: نعم، قلت: قبل أن يقدم عليك سعيد؟ قال: نعم. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان قال: قلت للرضا عليه السلام: أخبرني عن الامام متى يعلم أنه إمام؟ حين يبلغه أن صاحبه قد مضى أو حين يمضي؟ مثل أبي الحسن قبض ببغداد وأنت ههنا، قال: يعلم ذلك حين يمضي صاحبه، قلت: بأي شئ؟ قال: يلهمه الله. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن أبي الفضل الشهباني (5)، عن هارون ابن الفضل قال رأيت أبا الحسن علي بن محمد في اليوم الذي توفي فيه أبو جعفر عليه السلام فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى أبو جعفر عليه السلام، فقيل له: وكيف عرفت؟ قال: لانه تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها. 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن مسافر قال: أمر أبو إبراهيم عليه السلام – حين أخرج به – أبا الحسن عليه السلام أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيا إلى أن يأتيه خبره قال: فكنا في كل ليلة نفرش لابي الحسن في الدهليز، ثم يأتي بعد العشاء فينام فإذا أصبح انصرف إلى منزله، قال: فمكث على هذه الحال أربع سنين، فلما كان ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له فلم يأت كما كان ياتي، فاستوحش العيال وذعروا ودخلنا أمر عظيم من إبطائه، فلما كان من الغد أتى الدار ودخل إلى العيال وقصد إلى ام أحمد


(1) يعنى به الرضا عليه السلام (2) يعنى به الكاظم عليه السلام. (3) هو الناعي بموته إلى المدينة من بغداد. (4) هي احدى نساء الكاظم عليه السلام ولعل الرضا عليه السلام كان وكيلا في طلاقها من قبل ابيه وقد مضى انه عليه السلام فوض امر نسائه إليه وانما جاز له طلاقها بعد موت ابيه لان احكام الشريعة انما تجرى على ظاهر الامر دون باطنه وموت ابيه عليه السلام كان لم يتحقق بعد للناس في ظاهر الامر هناك وانما علمه عليه السلام بنحو آخر غير النعى المعهود وان قيل ما فائدة مثل هذا الطلاق الذى يجئ بعده ما يكشف عن عدم صحته قلنا أمرهم عليهم السلام ارفع من ان تناله عقولنا فلعلهم رأوا فيه مصلحة لا نعلمها. (في) (5) في بعض النسخ [ الميشاتى ]. [ * ]

[ 382 ]

فقال لها: هات التي أودعك أبي، فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها وقالت: مات والله سيدي، فكفها وقال لها لا تكلمي بشئ ولا تظهريه، حتى يجيئ الخبر إلى الوالي، فأخرجت إليه سفطا وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار، فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره وقالت: إنه قال لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة (1) عنده: احتفظي بهذه الوديعة عندك، لا تطلعي عليها أحدا حتى أموت، فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك، فادفعيها إليه واعلمي أني قدمت وقد جاء ني والله علامة سيدي، فقبض ذلك منها وأمرهم بالامساك جميعا إلى أن ورد الخبر، وانصرف فلم يعد لشئ من المبيت كما كان يعفل، فما لبثنا إلا أياما يسيرة حتى جاءت الخريطة بنعيه فعددنا الايام وتفقدنا الوقت فإذا هو قد مات في الوقت الذي فعل أبو الحسن عليه السلام ما فعل، من تخلفه عن المبيت وقبضه لما قبض. (باب) * (حالات الائمة عليهم السلام في السن) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن يزيد الكناسي، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام أكان عيسى ابن مريم عليه السلام حين تكلم في المهد حجة [ ا ] لله على أهل زمانه؟ فقال: كان يومئذ نبيا حجة [ ا ] لله غير مرسل أما تسمع لقوله حين قال: ” إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا و جعلني مباركا أينما كنت واوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا (2) ” قلت: فكان يومئذ حجة لله على زكريا في تلك الحال وهو في المهد؟ فقال: كان عيسى في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها وكان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال، ثم صمت فلم يتكلم حتى مضيت له سنتان وكان زكريا الحجة لله عزوجل على الناس بعد صمت عيسى بسنتين ثم مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبي صغير، أما تسمع لقوله عزوجل: ” يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا (3) ” فلما بلغ عيسى عليه السلام سبع سنين تكلم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله تعالى إليه، فكان عيسى الحجة على يحيى وعلى


(1) أي محبوبة مختارة. (2) مريم: 31. (3) مريم: 1 3. [ * ]

[ 383 ]

الناس أجمعين وليس تبقى الارض يا ابا خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم عليه السلام وأسكنه الارض، فقلت: جعلت فداك أكان علي عليه السلام حجة من الله ورسوله على هذه الامة في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: نعم يوم أقامه للناس ونصبه علما ودعاهم إلى ولايته وأمرهم بطاعته، قلت: وكانت طاعة علي عليه السلام واجبة على الناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وبعد وفاته؟ فقال: نعم ولكنه صمت فلم يتكلم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وآله على امته وعلى علي عليه السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت الطاعة من الله ومن رسوله على الناس كلهم لعلي عليه السلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وكان علي عليه السلام حكيما عالما. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر عليه السلام فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهب الله لك فقر عيوننا، فلا أرانا الله يومك، فإن كان كون فإلى من؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين!؟ قال، وما يضره من ذلك شئ، قد قام عيسى عليه السلام بالحجة وهو ابن ثلاث سنين (1). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: قلت له: إنهم يقولون في حداثة سنك، فقال: إن الله تعالى أوحى إلى داود أن يستخلف سليمان وهو صبي يرعى الغنم، فأنكر ذلك عباد بني إسرائيل وعلماؤهم، فأوحى الله إلى داود عليه السلام أن خذ عصا المتكلمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد، فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة، فأخبرهم داود، فقالوا: قد رضينا وسلمنا. 4 – علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن مصعب، عن مسعدة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال أبو بصير: دخلت إليه ومعي غلام يقودنى خماسي لم يبلغ، فقال لي: كيف أنتم إذا احتج عليكم بمثل سنة [ أو قال: سيلي عليكم بمثل سنه ].


(1) قد مر الحديث ص 321 فراجعه فقيه فائدة. [ * ]

[ 384 ]

5 – سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألته – يعني أبا جعفر عليه السلام – عن شئ من أمر الامام، فقلت: يكون الامام ابن أقل من سبع سنين؟ فقال: نعم وأقل من خمس سنين، فقال سهل: فحدثني علي بن مهزيار بهذا في سنة إحدى وعشرين ومائتين. 6 – الحسين بن محمد، عن الخيراني، عن أبيه قال: كنت واقفا بين يدي أبي الحسن عليه السلام بخراسان، فقال له قائل: يا سيدي إن كان كون فإلى من؟ قال: إلى أبي جعفر أبني، فكأن القائل استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، فقال أبو الحسن عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريم عليه السلام رسولا، نبيا، صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام وقد خرج علي فأخذت النظر إليه وجعلت أنظر إلى رأسه ورجليه، لاصف قامته لاصحابنا بمصر، فبينا أنا كذلك حتى قعد، فقال: يا علي إن الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال: ” وآتيناه الحكم صبيا (1) ” و ” لما بلغ أشده (2) ” ” وبلغ أربعين سنة (3) ” فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتاها وهو ابن أربعين سنة. 8 – علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: قال علي بن حسان لابي جعفر عليه السلام: يا سيدي إن الناس ينكرون عليك حداثة سنك، فقال: وما ينكرون من ذلك قول الله عزوجل؟ لقد قال الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله: ” قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني (4) ” فوالله ما تبعه إلا علي عليه السلام وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين. (باب) * (ان الامام لا يغسله الا امام من الائمة عليهم السلام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسين بن علي الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلال أو غيره، عن الرضا عليه السلام قال: قلت له: إنهم يحاجونا يقولون: إن الامام لا يغسله إلا الامام قال: فقال: ما يدريهم من غسله؟ فما قلت لهم؟ قال: فقلت: جعلت فداك قلت لهم: إن قال مولاى *


(1) مريم: 13. (2) يوسف: 22 القصص: 14. (3) الاحقاف: 15. (4) يوسف: 108 [ * ]

[ 385 ]

إنه غسله تحت عرش ربي فقد صدق وإن قال: غسله في تخوم الارض فقد صدق قال: لا هكذا [ قال ] فقلت: فما أقول لهم؟ قال: قل لهم: إني غسلته، فقلت: أقول لهم إنك غسلته؟ فقال: نعم. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور قال: حدثنا أبو معمر قال: سألت الرضا عليه السلام عن الامام يغسله الامام، قال: سنة موسى بن عمران عليه السلام (1). 3 – وعنه، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن يونس، عن طلحة قال قلت للرضا عليه السلام: إن الامام لا يغسله إلا الامام؟ فقال: أما تدرون من حضر لغسله (2) قد حضره خير ممن غاب عنه: الذين حضروا يوسف في الجب حين غاب عنه أبواه وأهل بيته. (باب) * (مواليد الائمة عليهم السلام) * 1 – علي بن محمد، عن عبد الله بن إسحاق العلوي، عن محمد بن زيد الرزامي (3) عن محمد بن سليمان الديلمي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبد الله عليه السلام في السنة التي ولد فيها ابنه موسى عليه السلام، فلما نزلنا الابواء (4) وضع لنا الغداء وكان إذا وضع الطعام لاصحابه أكثر وأطاب، قال: فبينا نحن نأكل إذا أتاه رسول حميدة فقال له: إن حميدة تقول: قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا، فقام أبو عبد الله عليه السلام فانطلق مع الرسول، فلما انصرف قال له أصحابه: سرك الله وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة؟ قال سلمها الله وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ الله في خلقه ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنت أني لا أعرف ولقد كنت أعلم به منها، فقلت: جعلت فداك وما الذي أخبرتك به حميدة عنه؟ قال: ذكرت أنه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الارض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده، فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة


(1) أي غسله وصيه في التيه وحضر حين موته (آت) (2) في بعض النسخ [ لعله قد حضره ]. (3) رزام ابوحى من تميم. (4) بفتح الهمزة وسكون الباء موضع بين الحرمين والغداء طعام الضحى. (آت) [ * ]

[ 386 ]

رسول الله صلى الله عليه وآله وأمارة الوصي من بعده؟ فقال لي: إنه لما كانت الليلة التي علق فيها بجدي أتى آت جد أبي بكاس فيه شربة أرق من الماء وألين من الزبد (1) وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن، فسقاه إياه وأمره بالجماع، فقام فجامع فعلق بجدي ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقى جد أبي وأمره بمثل الذي أمره فقام فجامع فعلق بأبي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي، ولما أن كانت الليلة التي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم ففعل بي كما فعل بهم فقمت بعلم الله وإني مسرور بما يهب الله لي، فجامعت فعلق بابني هذا المولود فدونكم فهو والله صاحبكم من بعدي، إن نطفة الامام مما أخبرتك وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وانشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال له: حيوان فكتب على عضده الايمن ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ” وإذا وقع من بطن امه وقع واضعا يديه على الارض رافعا رأسه إلى السماء فأما وضعه يديه على الارض فإنه يقبض كل علم لله أنزله من السماء إلى الارض وأما رفعه رأسه إلى السماء فان مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل رب العزة من الافق الاعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك أنت صفوتي من خلقي وموضع سري وعيبة علمي وأميني على وحيي وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاك أوجبت رحمتي ومنحت جناني وأحللت جواري، ثم وعزتي وجلالي لاصلين من عاداك أشد عذابي وإن وسعت عليه في دنياي من سعة رزقي فإذا انقضى الصوت – صوت المنادي – أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول ” شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة واولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ” قال: فإذا قال ذلك أعطاه الله العلم الاول والعلم الآخر واستحق زيارة الروح في ليلة القدر، قلت: جعلت فداك الروح ليس هو جبرئيل؟ قال: الروح هو أعظم من جبرئيل، إن جبرئيل من الملائكة وإن الروح هو خلق أعظم من


(1) الزبد وزان قفل ما يستخرج بالمخض من لبن البقرة والغنم واما لبن الابل فلا يسمى ما يستخرج منه زبدا بل يقال له: حباب. [ * ]

[ 387 ]

الملائكة، أليس يقول الله تبارك وتعالى: ” تنزل الملائكة والروح (1) “. محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن المختار ابن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير مثله. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن موسى به سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن الحسن بن راشد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تبارك و تعالى إذا أحب أن يخلق الامام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش، فيسقيها أباه فمن ذلك يخلق الامام، فيمكث أربعين يوما وليلة في بطن امه لا يسمع الصوت ثم يسمع بعد ذلك الكلام، فإذا ولد بعث ذلك الملك فيكتب بين عينيه: ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ” فإذا مضى الامام الذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى أعمال الخلائق، فبهذا يحتج الله على خلقه. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن منصور بن يونس، عن يونس بن ظبيان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله عزوجل إذا أراد أن يخلق الامام من الامام بعث ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش ثم أوقعها أو دفعها إلى الامام فشربها، فيمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام، ثم يسمع الكلام بعد ذلك، فإذا وضعته امه بعث الله إليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة، فكتب على عضده الايمن ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته ” فإذا قام بهذا الامر رفع الله له في كل بلدة منارا ينظر به إلى أعمال العباد. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الربيع بن محمد المسلي، عن محمد بن مروان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الامام ليسمع في بطن امه فإذا ولد خط بين كتفيه ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ” فإذا صار الامر إليه جعل الله له عمودا من نور، يبصر به ما يعمل أهل كل بلدة. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن ابن مسعود، عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري قال: سمعت إسحاق بن جعفر يقول: سمعت أبي يقول: الاوصياء إذا حملت بهم امهاتهم أصابها فترة شبه الغشية، فأقامت في ذلك


(1) القدر: 5. [ * ]

[ 388 ]

يومها ذلك إن كان نهارا، أو ليلتها إن كان ليلا، ثم ترى في منامها رجلا يبشرها بغلام، عليم حليم، فتفرح لذلك، ثم تنتبه من نومها، فتسمع من جانبها الايمن في جانب البيت صوتا يقول: حملت بخير وتصيرين إلى خير وجئت بخير، أبشري بغلام، حليم عليم، وتجد خفة في بدنها ثم لم تجد بعد ذلك امتناعا (1) من جنبيها وبطنها فإذا كان لتسع من شهرها سمعت في البيت حسا شديدا، فإذا كانت الليلة التي تلد فيها ظهر لها في البيت نور تراه لا يراه غيرها إلا أبوه، فإذا ولدته ولدته قاعدا وتفتحت له حتى يخرج متربعا يستدير بعد وقوعه إلى الارض، فلا يخطئ القبلة حيث كانت بوجهه، ثم يعطس ثلاثا يشير بأصبعه بالتحميد ويقع مسروا (2) مختونا ورباعيتاه من فوق وأسفل وناباه وضاحكاه ومن بين يديه مثل سبيكة الذهب نور ويقيم يومه وليلته تسيل يداه ذهبا وكذلك الانبياء إذا ولدوا وإنما الاوصياء أعلاق من الانبياء. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن حديد، عن جميل بن دراج قال روى غير واحد من أصحابنا أنه قال: لا تتكلموا في الامام فإن الامام يسمع الكلام وهو في بطن امه فإذا وضعته كتب الملك بين عينيه ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ” فإذا قام بالامر رفع له في كل بلدة منار ينظر منه إلى أعمال العباد. 7 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد قال: كنت أنا وابن فضال جلوسا إذ أقبل يونس فقال: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فقلت له: جعلت فداك قد أكثر الناس في العمود، قال: فقال لي: يا يونس ما تراه، أتراه عمودا من حديد يرفع لصاحبك؟ قال: قلت: ما أدري، قال: لكنه ملك موكل بكل بلدة يرفع الله به أعمال تلك البلدة، قال فقام ابن فضال فقبل رأسه وقال: رحمك الله يا أبا محمد لا تزال تجيئ بالحديث الحق الذي يفرج الله به عنا. 8 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن أبي عمير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: للامام عشر علامات: يولد مطهرا، مختونا، وإذا وقع على الارض وقع على راحته رافعا صوته بالشهادتين، ولا يجنب، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ولا يتثاء ب ولا يتمطى، ويرى من خلفه كما يرى من أمامه، ونجوه كرائحة المسك والارض موكلة


(1) في بعض النسخ [ اتساعا ]. (2) أي مقطوع السرة. [ * ]

[ 389 ]

بستره وابتلاعه، وإذا لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله كانت عليه وفقا وإذا لبسها غيره من الناس طويلهم وقصيرهم زادت عليه شبرا، وهو محدث إلى أن تنقضي أيامه. (باب) (خلق أبدان الائمة وارواحهم وقلوبهم عليهم السلام) 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا. 2 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن شعيب، عن عمران بن إسحاق الزعفراني، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقا وبشرا نورانيين لم يجعل لاحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا و أبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل الله لاحد في مثل الذي خلقهم منه نصيبا إلا للانبياء، ولذلك صرنا نحن وهم: الناس، وصار سائر الناس همج، للنار وإلى النار. 3 – علي بن إبراهيم، عن علي بن حسان، ومحمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب وغيره، عن علي بن حسان، عن علي بن عطية، عن علي بن رئاب رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن لله نهرا دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور نوره وإن في حافتي النهر روحين مخلوقين: روح القدس وروح من أمره وإن لله عشر طينات، خمسة من الجنة وخمسة من الارض، ففسر الجنان وفسر الارض، ثم قال: ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدى الروحين وجعل النبي صلى الله عليه وآله من إحدى الطينتين، قلت لابي الحسن الاول عليه السلام ما الجبل فقال: الخلق غيرنا أهل البيت، فإن الله عزوجل خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الروحين جميعا فأطيب بها طيبا.


[ 390 ]

وروى غيره، عن أبي الصامت قال: طين الجنان جنة عدن وجنة المأوى وجنة النعيم والفردوس والخلد وطين الارض مكة والمدينة والكوفة وبيت المقدس والحائر. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن أبي نهشل قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله خلقنا من أعلى عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا، لانها خلقت مما خلقنا، ثم تلا هذه الآية: ” كلا إن كتاب الابرار لفي عليين * وما أدراك ما عليون * كتاب مرقوم يشهده المقربون (1) ” و خلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، وأبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لانها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: ” كلا إن كتاب الفجار لفي سجين * وما أدراك ما سجين * كتاب مرقوم (2) “. (باب) * (التسليم وفضل المسلمين) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن سنان، عن ابن مسكان عن سدير قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: إني تركت مواليك مختلفين يتبرء بعضهم من بعض قال: فقال: وما أنت وذاك، إنما كلف الناس ثلاثة: معرفة الائمة، والتسليم لهم فيما ورد عليهم، والرد إليهم فيما اختلفوا فيه. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان، عن عبد الله الكاهلي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشئ صنعه الله أو صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله الا صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا هذه الآية ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (3) ” ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: عليكم بالتسليم. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى


(1) المطففين 18 – 21. (2) المطففين 7 – 9. (3) النساء 68. [ * ]

[ 391 ]

عن الحسين بن المختار، عن زيد الشحام، عن عبد الله عليه السلام قال قلت له: إن عندنا رجلا يقال له كليب، لا يجيئ عنكم شئ إلا قال: أنا اسلم، فسميناه كليب تسليم، قال: فترحم عليه، ثم قال: أتدرون ما التسليم؟ فسكتنا، فقال: هو والله الاخبات، قول الله عزوجل: ” الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم (1) “. 4 – الحسين بن محمد، عن معى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا (2) ” قال: الاقتراف التسليم لنا والصدق علينا وألا يكذب علينا. 5 – علي بن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن عبد الحميد، عن منصور بن يونس، عن بشير الدهان، عن كامل التمار قال: قال أبو جعفر عليه السلام ” قد أفلح المؤمنون ” أتدري من هم؟ قلت أنت أعلم، قال: قد أفلح المؤمنون المسلمون، إن المسلمين هم النجباء، فالمؤمن غريب فطوبى للغرباء. 6 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن الخشاب، عن العباس بن عامر، عن ربيع المسلي، عن يحيى بن زكريا الانصاري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: من سره أن يستكمل الايمان كله فليقل: القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد، فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وفيما لم يبلغني. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن زرارة أو بريد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: لقد خاطب الله أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه قال: قلت: في أي موضع؟ قال: في قوله: ” ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما * فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ” فيما تعاقدوا عليه لئن أمات الله محمدا ألا يردوا هذا الامر في بني هاشم ” ثم لا يجدوا في أنفسه حرجا مما قضيت (عليهم من القتل أو العفو) و يسلموا تسليما (3) “. 8 – أحمد بن مهران رحمه الله، عن عبد العظيم الحسني، عن علي بن أسباط، عن علي بن عقبة، عن الحكم بن أيمن، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام


(1) هود: 25. (2) الشورى 22. (3) النساء: 67 و 68. [ * ]

[ 392 ]

عن قول الله عزوجل: ” الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه (1) ” إلى آخر الآية قال: هم المسلمون لآل محمد، الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه جاؤوا به كما سمعوه. (باب) * (أن الواجب على الناس بعد ما يقضون مناسكهم أن يأتوا الامام فيسألونه) * * (عن معالم دينهم ويعلمونهم ولايتهم ومودتهم له) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اذينة، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نظر إلى الناس يطوفون حول الكعبة، فقال: هكذا كانوا يطوفون في الجاهلية، إنما امروا أن يطوفوا بها، ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم ومودتهم ويعرضوا علينا نصرتهم، ثم قرأ هذه الآية ” واجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم (2) “. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد عن علي بن أسباط، عن داود بن النعمان عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام – ورأى الناس بمكة وما يعملون – قال فقال: فعال كفعال الجاهلية أما والله ما امروا بهذا وما امروا إلا أن يقضوا تفثهم و ليوفوا نذورهم فيمروا بنا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم. 3 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال جميعا، عن أبي جميلة، عن خالد بن عمار، عن سدير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام وهو داخل وأنا خارج وأخذ بيدي، ثم


(1) الزمر: 19. (2) ابراهيم: 37 وقوله عليه السلام: هكذا يطوفون يعنى من دون معرفة لهم بالمقصود الاصلى من الامر بالاتيان إلى الكعبة والطواف فان ابراهيم عليه السلام حين بنى الكعبة وجعل لذريته عندها مسكنا قال: (ربنا اسكنت من ذريتي بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الاصلاة فاجعل افئدة من الناس تهوى إليهم) فاستجاب الله دعاء ه وامر الناس بالاتيان إلى الحج من كل فج ليتحببوا إلى ذريته ويعرضوا عليهم نصرتهم وولايتهم ليصير ذلك سببا لنجاتهم ووسيلة إلى رفع درجاتهم وذريعة إلى تعرف احكام دينهم وتقوية ايمانهم ويقينهم، وعرض النصرة ان يقولوا لهم هل لكم من حاجة في نصرتنا لكم في امر من الامور. (في) [ * ]

[ 393 ]

استقبل البيت فقال: يا سدير إنما امر الناس أن ياتوا هذه الاحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيعلمونا ولايتهم لنا وهو قول الله: ” وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (1) ” – ثم أومأ بيده إلى صدره – إلى ولايتنا. ثم قال: يا سدير فاريك الصادين عن دين الله، ثم نظر إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري في ذلك الزمان وهم حلق في المسجد، فقال: هؤلاء الصادون عن دين الله بلا هدى من الله ولا كتاب مبين، إن هؤلاء الاخابث لو جسلوا في بيوتهم فجال الناس فلم يجدوا أحدا يخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله حتى يأتونا فنخبرهم عن الله تبارك وتعالى وعن رسوله صلى الله عليه وآله. (باب) * (أن الائمة تدخل الملائكة بيوتهم وتطأ بسطهم وتأتيهم) * * (بالاخبار عليهم السلام) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن سنان، عن مسمع كردين البصري قال: كنت لا أزيد على أكلة بالليل والنهار، فربما استأذنت على أبي عبد الله عليه السلام وأجد المائدة قد رفعت (2)، لعلي لا أراها بين يديه، فإذا دخلت دعا بها فاصيب معه من الطعام ولا أتأذى بذلك وإذا عقبت بالطعام عند غيره لم أقدر على أن أقر ولم أنم من النفخة، فشكوت ذلك إليه وأخبرته بأني إذا أكلت عنده لم أتاذ به، فقال: يا أبا سيار إنك تأكل طعام قوم صالحين، تصافحهم الملائكة على فرشهم، قال: قلت ويظهرون لكم؟ قال: فمسح يده على بعض صبيانه، فقال: هم ألطف بصبياننا منا بهم. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، بن خالد، عن محمد بن القاسم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال: يا حسين – وضرب بيده إلى مساور (3) في البيت – مساور طال ما اتكت عليها الملائكة وربما التقطنا من زغبها. 3 – محمد، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم قال: حدثني مالك بن عطية


(1) طه: 82 (2) جملة حالية، يعنى استأذنت عليه والحال انى أجد في نفسي ان المائدة قد رفعت و انما فعلت ذلك لكيلا ارى المائدة بين يديه عليه السلام والمعنى كنت اتعمد الاستيذان عليه بعد رفع المائدة لئلا يلزمنى الاكل لزعمى انى اتضرر به (في) (3) المسور كمنبر متكأ من ادم كالمسورة. [ * ]

[ 394 ]

الاحمسي، عن أبي حمزة الثمالي قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فاحتبست في الدار ساعة، ثم دخلت البيت وهو يلتقط شيئا وأدخل يده من وراء الستر فناوله من كان في البيت، فقلت: جعلت فداك هذا الذي أراك تلتقطه أي شئ هو؟ فقال: فضلة من زغب الملائكة نجمعه إذا خلونا، نجعله سيحا (1) لاولادنا، فقلت: جعلت فداك وإنهم ليأتونكم؟ فقال: يا أبا حمزة إنهم ليزاحمونا على تكأتنا (2). 4 – محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن أسلم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سمعته يقول: ما من ملك يهبطه الله في أمر ما يهبطه إلا بدأ بالامام، فعرض ذلك عليه، وإن مختلف الملائكة من عند الله تبارك وتعالى إلى صاحب هذا الامر. (باب) * (أن الجن يأتيهم فيسألونهم عن معالم دينهم ويتوجهون في امورهم) * 1 – بعض أصحابنا، عن محمد بن علي، عن يحيى بن مساور، عن سعد الاسكاف قال: أتيت أبا جعفر عليه السلام في بعض ما أتيته فجعل يقول: لا تعجل حتى حميت الشمس علي وجعلت أتتبع الافياء، فما لبث أن خرج علي قوم كأنهم الجراد الصفر، عليهم البتوت (3) قد انتهكتم العبادة، قال: فوالله لانساني ما كنت فيه من حسن هيئة القوم، فلما دخلت عليه قال لي: أراني قد شققت عليك، قلت: أجل والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أر قوما أحسن هيئة منهم في زي رجل واحد كأن ألوانهم الجراد الصفر، قد انتهكتهم العبادة فقال: يا سعد رأيتهم؟ قلت: نعم قال اولئك إخوانك من الجن، قال: فقلت: يأتونك؟ قال: نعم يأتونا يسألونا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم. 2 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن حسان، عن إبراهيم بن إسماعيل عن ابن جبل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كنا ببابه فخرج علينا قوم أشباه الزط (4).


(1) بفتح المهملة وسكون المثناة التحتانية ضرب من البرود. أو [ سبحا ] بالموحدة، من السبحة. (3) بتقديم الموحدة الطيلسان. (4) بضم الزاى صنف من الهنود، معرف جت (في). [ * ]

[ 395 ]

عليهم ازر وأكسية، فسألنا أبا عبد الله عليه عنهم، فقال: هؤلاء إخوانكم من الجن. 3 – أحمد بن إدريس، ومحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن ابن فضال عن بعض أصحابنا، عن سعد الاسكاف قال: أتيت أبا جعفر عليه السلام اريد الاذن عليه، فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة، وإذا الاصوات قد ارتفعت، ثم خرج قوم معتمين بالعمائم بشبهون الزط، قال: فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت: جعلت فداك أبطأ إذنك علي اليوم ورأيت قوما خرجوا علي معتمين بالعمائم فأنكرتهم فقال: أو تدري من اولئك يا سعد؟ قال: قلت: لا، قال: فقال: اولئك إخوانكم من الجن يأتونا فيسألونا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن سدير الصيرفي قال: أوصاني أبو جعفر عليه السلام بحوائج له بالمدينة فخرجت، فبينا أنا بين فج الروحاء (1) على راحلتي إذا إنسان يلوي ثوبه (2) قال: فملت إليه وظننت أنه عطشان فناولته الاداوة (3) فقال لي: لا حاجة لي بها وناولني كتاب طينه رطب، قال: فلما نظرت إلى الخاتم إذا خاتم أبي جعفر عليه السلام، فقلت: متى عهدك بصاحب الكتاب قال: الساعة وإذا في الكتاب أشياء يأمرني بها، ثم التفت فإذا ليس عندي أحد، قال: ثم قدم أبو جعفر عليه السلام فلقيته، فقلت: جعلت فداك رجل أتاني بكتابك وطينه رطب فقال: يا سدير إن لنا خدما من الجن فإذا أردنا السرعة بعثناهم. وفي رواية اخرى قال: إن لنا أتباعا من الجن، كما أن لنا أتباعا من الانس فإذا أردنا أمرا بعثناهم. 5 – علي بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عمن ذكره، عن محمد بن جحرش (4) قال: حدثتني حكيمة بنت موسى قالت: رأيت الرضا عليه السلام واقفا على باب بيت الحطب وهو يناجي ولست أرى أحدا، فقلت: يا سيدي لمن تناجي؟ فقال: هذا عامر الزهرائي أتاني يسألني ويشكو إلي، فقلت: يا سيدي احب أن أسمع كلامه فقال لي: إنك إن سمعت به حممت سنة، فقلت: يا سيدي احب أن أسمعه،


(1) الفج الطريق الواسع والروحاء موضع بالحرمين على ثلاثين أو اربعين ميلا من المدينة (في) (2) يلوى ثوبه أي يشير به. (3) الادواة: الاناء الذى يسقى منه (4) وزان جعفر. [ * ]

[ 396 ]

فقال لي: اسمعي، فاستمعت فسمعت شبه الصفير وركبتني الحمى فحممت سنة. 6 – محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن (1) عن إبراهيم بن هشام عن عمرو بن عثمان، عن إبراهيم، بن أيوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر إذ أقبل ثعبان من ناحيه باب من أبواب المسجد، فهم الناس أن يقتلوه، فأرسل أمير المؤمنين عليه السلام أن كفوا، فكفوا وأقبل الثعبان ينساب (2) حتى انتهى إلى المنبر فتطاول فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام فأشار أمير المؤمنين عليه السلام إليه أن يقف حتى يفرغ من خطبته ولما فرغ من خطبته أقبل عليه فقال: من أنت؟ فقال: أنا عمرو بن عثمان خليفتك على الجن وإن أبي مات وأوصاني أن آتيك فأستطلع رأيك وقد أتيتك يا أمير المؤمنين فما تأمرني به وما ترى؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: اوصيك بتقوى الله وأن تنصرف فتقوم مقام ابيك في الجن، فإنك خليفتي عليهم، قال: فودع عمرو أمير المؤمنين وانصرف فهو خليفته على الجن، فقلت له: جعلت فداك فيأتيك عمرو وذاك الواجب عليه؟ قال: نعم. 7 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن محمد بن اورمة، عن أحمد بن النضر، عن النعمان بن بشير قال: كنت مزاملا لجابر بن يزيد الجعفي، فلما أن كنا بالمدينة دخل على أبي جعفر عليه السلام فودعه وخرج من عنده وهو مسرور حتى وردنا الاخيرجة (3) – أول منزل نعدل من فيد (4) إلى المدينة – يوم جمعة فصلينا الزوال، فلما نهض بنا البعير إذا أنا برجل طوال آدم معه كتبا، فناوله جابرا فتناوله فقبله ووضعه على عينيه وإذا هو: من محمد بن علي إلى جابر بن يزيد وعليه طين أسود رطب، فقال له: متى عهدك بسيدي؟ فقال: الساعة فقال له: قبل الصلاة أو بعد الصلاة؟ فقال: بعد الصلاة، ففك الخاتم وأقبل يقرؤه ويقبض وجهه حتى أتى على آخره، ثم أمسك الكتاب فما رأيته ضاحكا ولا مسرورا حتى وافى الكوفة، فلما وافينا الكوفة ليلا بت ليلتي، فلما أصبحت أتيته إعظاما له فوجدته قد


(1) في بعض النسخ [ محمد بن الحسين ]. (2) الانسباب مشى الحية وما يشبهها (في). (3) أخاريج وأخرجة والخرج إسم موضع بالمدينة. (4) قلعة في طريق مكة. [ * ]

[ 397 ]

خرج علي وفي عنقه كعاب، قد علقها وقد ركب قصبة وهو يقول: ” أجد منصور بن جمهور أميرا غير مأمور ” وأبياتا من نحو هذا فنظر في وجهي ونظرت في وجهه فلم يقل لي شيئا ولم أقل له وأقبلت أبكي لما رأيته واجتمع علي وعليه الصبيان والناس، و جاء حتى دخل الرحبة وأقبل يدور مع الصبيان والناس يقولون: جن جابر بن يزيد جن، فوالله ما مضت الايام حتى ورد كتاب هشام بن عبد الملك إلى واليه أن انظر رجلا يقال له: جار بن يزيد الجعفي فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه، فالتفت إلى جلسائه فقال لهم: من جابر بن يزيد الجعفي؟ قالوا: أصلحك الله كان رجلا له علم وفضل و حديث، وحج فجن وهو ذا في الرحبة مع الصبيان على القصب يلعب معهم قال: فأشرف عليه فإذا هو مع الصبيان يلعب على القصب، فقال الحمد لله الذي عافاني من قتله، قال ولم تمض الايام حتى دخل منصور بن جمهور الكوفة وصنع ما كان يقول جابر. (باب) * (في الائمة عليهم السلام انهم إذا ظهر أمرهم حكموا بحكم داود وآل داود) * * (ولا يسألون البينة، عليهم السلام [ والرحمة والرضوان ]) * 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور، عن فضل الاعور، عن أبي عبيدة الحذاء قال: كنا زمان أبي جعفر عليه السلام حين قبض نتردد كالغنم لا راعي لها، فلقينا سالم بن أبي حفصة، فقال لي: يا أبا عبيدة من إمامك؟ فقلت أئمتي آل محمد فقال: هلكت وأهلكت أما سمعت أنا وأنت أبا جعفر عليه السلام يقول: من مات وليس عليه إمام مات ميتة جاهلية؟ فقلت: بلى لعمري، ولقد كان قبل ذلك بثلاث أو نحوها دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فرزق الله المعرفة، فقلت لابي عبد الله عليه السلام: إن سالما قال لي كذا وكذا، قال: فقال: يا أبا عبيدة إنه لا يموت منا ميت حتى يخلف من بعده من يعمل بمثل عمله ويسير بسيرته ويدعو إلى ما دعا إليه، يا ابا عبيدة إنه لم يمنع ما اعطي داود أن اعطي سليمان، ثم قال: يا أبا عبيدة إذا قام قائم آل محمد عليه السلام حكم بحكم داود وسليمان لا يسأل بينة. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبان قال سمعت


[ 398 ]

أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل مني يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بينة، يعطي كل نفس حقها. 3 – محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: بما تحكمون إذا حكمتم؟ قال: بحكم الله وحكم داود فإذا ورد علينا الشئ الذي ليس عندنا، تلقانا به روح القدس. 4 – محمد بن أحمد (1)، عن محمد بن خالد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن عمران بن أعين، عن جعيد الهمداني، عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: سألته بأي حكم تحكمون؟ قال: حكم آل داود، فإن أعيانا شئ تلقانا به روح القدس. 5 – أحمد بن مهران رحمه الله، عن محمد بن علي، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ما منزلة الائمة؟ قال: كمنزلة ذي القرنين وكمنزلة يوشع وكمنزلة آصف صاحب سليمان، قال: فبما تحكمون؟ قال: بحكم الله وحكم آل داود وحكم محمد صلى الله عليه وآله ويتلقانا به روح القدس. (باب) * (أن مستقى العلم من بيت آل محمد عليهم السلام) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب قال: حدثنا يحيى بن عبد الله أبي الحسن صاحب الديلم (2) قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول – وعنده انا من اهل الكوفة -: عجبا للناس إنهم اخذوا علمهم كله عن رسول الله صلى الله عليه وآله، فعملوا به واهتدوا ويرون أن أهل بيته لم يأخذوا علمه، ونحن أهل بيته وذريته في منازلنا نزل الوحي، ومن عندنا خرج العلم إليهم، أفيرون أنهم علموا واهتدوا وجهلنا نحن وضللنا، إن هذا لمحال. 2 – علي بن محمد بن عبد الله، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر عن عبد الله بن حماد، عن صباح المزني، عن الحارث بن حصيرة، عن الحكم بن عتيبة قال: لقي رجل الحسين بن علي


(1) في بعض النسخ [ محمد، عن احمد ] (2) الظاهر هو يحيى بن عبد الله بن الحسن كما في كتب الرجال. [ * ]

[ 399 ]

عليهما السلام بالثعلبية وهو يريد كربلا، فدخل عليه فسلم عليه، فقال له الحسين عليه السلام: من أي البلاد أنت؟ قال: من أهل الكوفة، قال: أما والله يا أخا أهل الكوفة لو لقيتك بالمدينة لاريتك أثر جبرئيل عليه السلام من دارنا ونزوله بالوحي على جدي، يا أخا أهل الكوفة أفمستقى الناس العلم من عندنا فعلموا وجهلنا؟! هذا ما لا يكون. (باب) * (انه ليس شئ من الحق في يد الناس الا ما خرج من عند الائمة) * * (عليهم السلام وان كل شئ لم يخرج من عندهم فهو باطل) * 1 – علي بن إبراهيم بن هشام، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ليس عند أحد من الناس حق ولا صواب ولا أحد من الناس يقضي بقضاء حق إلا ما خرج منا أهل البيت وإذا تشعبت بهم الامور كان الخطاء منهم والصواب من علي عليه السلام. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نصر، عن مثنى، عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال: له رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين عليه السلام: ” سلوني عما شئتم فلا تسألوني عن شئ إلا أنبأتكم به ” قال: إنه ليس أحد عنده علم شئ إلا خرج من عند أمير المؤمنين عليه السلام، فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الامر إلا من ههنا، وأشار بيده إلى بيته. 3 – عدة من أصحابنا. عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن ثعلبة بن ميمون، عن أبي مريم قال قال: أبو جعفر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة: شرقا وغربا فلا تجدان علما صحيحا إلا شيئا خرج من عندنا أهل البيت. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيى الحلبي، عن معلى بن عثمان، عن أي بصير قال: قال لي: إن الحكم بن عتيبة ممن قال الله: ” ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين (1) “.


(1) البقرة: 7. [ * ]

[ 400 ]

فليشرق الحكم وليغرب، أما والله لا يصيب العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل. 5 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن ابان ابن عثمان، عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ فقال: لا فقلت: إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز. فقال: اللهم لا تغفر ذنبه ما قال الله للحكم ” إنه لذكر لك ولقومك (1) ” فليذهب الحكم يمينا وشمالا، فوالله لا يؤخذ العلم إلا من أهل بيت نزل عليهم جبرئيل عليه السلام. 6 – عدة من أصحابنا، عن الحسين بن الحسن بن يزيد، عن بدر (2) عن أبيه قال: حدثني سلام أبو علي الخراساني، عن سالم بن سعيد المخزومي قال: بينا أنا جالس عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه عباد بن كثير عابد أهل البصرة وابن شريح فقيه أهل مكة وعند أبي عبد الله عليه السلام ميمون القداح مولى أبي جعفر عليه السلام، فسأله عباد بن كثير فقال: يا أبا عبد الله في كم ثوب كفن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: في ثلاثة أثواب: ثوبين صحاريين وثوب حبرة، وكان في البرد قلة، فكأنما ازور عباد بن كثير من ذلك، فقال: أبو عبد الله عليه السلام إن نخلة مريم عليها السلام إنما كانت عجوة (4) ونزلت من السماء، فما نبت من أصلها كان عجوة وما كان من لقاط فهو لون، فلما خرجوا من عنده قال عباد بن كثير لابن شريح: والله ما أدري ما هذا المثل الذي ضربه لي أبو عبد الله، فقال ابن شريح: هذا الغلام يخبرك فإنه منهم – يعني ميمون – فسأله فقال ميمون: أما تعلم ما قال لك؟ قال: لا والله، قال: إنه ضرب لك مثل نفسه فأخبرك أنه ولد من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلم رسول الله عندهم، فما جاء من عندهم فهو صواب وما جاء من عند غيرهم فهو لقاط (4).


(1) الزخرف: 43. (2) في بعض النسخ [ الحسين بن الحسن عن بريد عن بدر ]. (3) العجوة: نوع من التمر. (4) قيل: اللقاط بالكسر جمع لقط بالتحريك وهو ما يلتقط من ههنا وههنا وههنا من النوى ونحوه و بالضم: الساق الردى (آت) [ * ]

[ 401 ]

(باب) * (فيما جاء ان حديثهم صعب مستصعب) * 1 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان عن جابر قال قال أبو جعفر عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلى الله عليه وآله فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشئ منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا والله ما كان هذا، والانكار هو الكفر. 2 – أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ذكرت التقية يوما عند علي بن الحسين عليهما السلام فقال: والله لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه وآله بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق، إن علم العلماء صعب مستصعب، لا يحتمله إلا نبي مرسل (1) أو ملك مقرب أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فقال: وإنما صار سلمان من العلماء لانه أمرء منا أهل البيت، فلذلك نسبته إلى العلماء. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن البرقي، عن ابن سنان أو غيره رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا صدور منيرة أو قلوب سليمة أو أخلاق حسنة، إن الله أخذ من شيعتنا الميثاق كما أخذ على بني آدم ” ألست بربكم ” فمن وفى لنا وفى الله له بالجنة ومن أبغضنا ولم يؤد إلينا حقنا ففي النار خالدا مخلدا. 4 – محمد بن يحيى وغيره، عن محمد بن أحمد، عن بعض أصحابنا قال: كتبت إلى أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام جعلت فداك ما معنى قول الصادق عليه السلام: حديثنا لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، فجاء الجواب


(1) الاحتمال: مطاوعة (الحمل) ومعناه التحمل والقبول مع الايمان به. [ * ]

[ 402 ]

إنما معنى قول الصادق عليه السلام – أي: لا يحتمله ملك ولا نبي ولا مؤمن – أن الملك لا يحتمله حتى يخرجه إلى ملك غيره والنبي لا يحتمله حتى يخرجه إلى نبي غيره والمؤمن لا يحتمله حتى يخرجه إلى مؤمن غيره فهذا معنى قول جدي عليه السلام. 5 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن منصور بن العباس، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن محمد بن عبد الخالق وأبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد إن عندنا والله سرا من سر الله، وعلما من علم الله، والله ما يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان والله ما كلف الله ذلك أحدا غيرنا ولا استعبد بذلك أحدا غيرنا وإن عندنا سرا من سر الله وعلما من علم الله، أمرنا الله بتبليغه، فبلغنا عن الله عزوجل ما أمرنا بتبليغه، فلم نجد له موضعا ولا أهلا ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواما، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريته عليهم السلام ومن نور خلق الله منه محمدا وذريته وصنعهم بفضل رحمته التي صنع منها محمدا وذريته، فبلغنا عن الله ما امرنا بتبليغه، فقبلوه و احتملوا ذلك [ فبلغهم ذلك عنا فقبلوه واحتملوه ] وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك، لا والله ما احتملوه، ثم قال: إن الله خلق أقواما لجهنم والنار، فأمرنا أن نبلغهم كما بلغناهم واشمأزوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردوه علينا ولم يحتملوه وكذبوا به وقالوا ساحر كذاب، فطبع الله على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثم أطلق الله لسانهم ببعض الحق، فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة، ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته ولولا ذلك ما عبد الله في أرضه، فأمرنا بالكف عنهم والستر والكتمان فاكتموا عمن أمر الله بالكف عنه واستروا عمن أمر الله بالستر والكتمان عنه، قال: ثم رفع يده وبكى وقال: اللهم إن هؤلاء لشرذمة قليلون فاجعل محيانا محياهم ومماتنا مماتهم ولا تسلط عليهم عدوا لك فتفجعنا بهم، فانك إن أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما.


[ 403 ]

(باب) * (ما امر النبي صلى الله عليه وآله بالنصيحة لائمة المسلمين) * * (واللزوم لجماعتهم ومن هم؟) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب الناس في مسجد الخيف فقال: نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها من لم يسمعها، فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم (1): إخلاص العمل لله، والنصحية لائمة المسلمين (2)، واللزم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المسلمون إخوة تتكافى دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم. ورواه أيضا عن حماد بن عثمان، عن أبان، عن ابن أبي يعفور مثله وزاد فيه: وهم يد على من سواهم (3) وذكر في حديثه أنه خطب في حجة الوداع بمنى في مسجد الخيف. 2 – محمد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن على بن الحكم، عن الحكم ابن مسكين، عن رجل من قريش من أهل مكة قال: قال سفيان الثوري: اذهب بنا إلى جعفر بن محمد، قال: فذهبت معه إليه فوجناه قد ركب دابته، فقال له سفيان: يا أبا عبد الله حدثنا بحديث خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف، قال: دعني حتى أذهب في حاجتى فإني قد ركبت فإذا جئت حدثتك، فقال: أسألك بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله لما حدثتني، قال: فنزل، فقال له سفيان: مر لي بدواة وقرطاس حتى اثبته فدعا به ثم قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف: ” نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، وبلغها من لم تبلغه يا أيها الناس ليبلغ الشاهد


(1) لا يغل من الغلول أو الاغلال أي لا يخون ويحتمل ان يكون من الغل بمعنى الحقد و الشحناء أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق. (في). (2) يعنى اوصياء ه الاثنى عشر المعصومين صلوات الله عليهم اجمعين، والنصح والنصيحة بمعنى ارادة الخير ويقال بالفارسية (خير خواهى) وهو خلاف الغش. (3) أي هم مجتمعون على اعدائهم لا يسعهم التخاذل بل تعاون بعضهم بعضا على اعدائهم كاجزاء واصابع اليد لا يفترق ولا يتخاذل بعضها بعضا، [ * ]

[ 404 ]

الغائب، فرب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله والنصيحة لائمة المسليمن واللزوم لجماعتهم، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون إخوة تتكافى دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ” فكتبه سفيان ثم عرضه عليه وركب أبو عبد الله عليه السلام وجئت أنا وسفيان فلما كنا في بعض الطريق قال لي كما أنت (1) حتى أنظر في هذا الحديث، قلت له: قد والله ألزم أبو عبد الله رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال: وأي شئ ذلك؟ فقلت له: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله قد عرفناه والنصيحة لائمة المسلمين، من هؤلاء الائمة الذين يجب علينا نصيحتهم؟ معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم، وكل من لا تجوز الصلاة خلفهم؟ وقوله: واللزوم لجماعتهم فأي الجماعة؟ مرجئ يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح امه فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل (2)، أو قدري يقول: لا يكون ما شاء الله عزوجل ويكون ما شاء إبليس، أو حروري يتبرأ من علي بن أبي طالب وشهد عليه بالكفر أو جهمي يقول: إنما هي معرفة الله وحده (3) ليس الايمان شئ غيرها؟!! قال: ويحك وأي شئ يقولون؟ فقلت: يقولون: إن علي بن أبي طالب عليه السلام والله الامام الذي وجب علينا نصيحته، ولزوم جماعتهم: أهل بيته، قال: فأخذ الكتاب فخرقه ثم: قال لا تخبر بها أحدا. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعا، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما نظر الله عزوجل إلى ولي له يجهد نفسه بالطاعة لامامه و النصيحة إلا كان معنا في الرفيق الاعلى. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابي جميلة، عن محمد


(1) أي قف كما انت عليه. (2) المرجئ من يقول بان الايمان لا يضر معه معصية والقدري من يقول بالتفويض والحروري الخارجي، منصوب إلى قرية بالكوفة كانت مجمع الخوارج تسمى بالحروراء والجهمي اصحاب جهم بن صفوان. (3) أي الايمان والتأنيث باعتبار الخبر. [ * ]

[ 405 ]

الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من فارق جماعة المسلمين قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه 5 – وبهذا الاسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام) قال: من فارق جماعة المسلمين و نكث صفقة الامام (1) جاء إلى الله عزوجل أجذم. (باب) * (ما يجب من حق الامام على الرعية وحق الرعية على الامام) * 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عثمان عن ابي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام ما حق الامام على الناس؟ قال حقه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا: قلت: فما حقهم عليهم؟ قال: يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية، فإذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ ههنا وههنا. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام مثله إلا أنه قال: هكذا و هكذا وهكذا يعني [ من ] بين يديه وخلفه وعن يمينه وعن شماله. 3 – محمد بن يحيى العطار، عن بعض أصحابنا، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة ابن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تختانوا ولاتكم، ولا تغشوا هداتكم، ولا تجهلوا أئمتكم، ولا تصدعوا عن حبلكم (2) فتفشلوا و تذهب ريحكم، وعلى هذا فليكن تأسيس اموركم، والزموا هذه الطريقة، فانكم لو عاينتم ما عاين من قد مات منكم (3) ممن خالف ما قد تدعون إليه، لبدرتم وخرجتم ولسمعتم ولكن محجوب عنكم ما قد عاينوا، وقريبا ما يطرح الحجاب.


(1) في بعض النسخ [ صفقة الابهام ] وهذا لمدخليتها في البيعة. والاجذم المقطوع اليد والذاهب الانامل. (2) يعنى لا تفرقوا عن عهدكم وأمانكم وبيعتكم فتفشلوا وتضعفوا وتكسلوا وتجبنوا و ريحكم أي قوتكم وغلبتكم ونصرتكم ودولتكم (في). (3) كذا والصحيح: ولو عاينتم ما قد عاين من مات. الخ [ * ]

[ 406 ]

4 – عدة من اصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمن بن حماد وغيره، عن حنان بن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نعيت إلى النبي صلى الله عليه وآله نفسه وهو صحيح ليس به وجع، قال: نزل به الروح الامين، قال: فنادى صلى الله عليه وآله الصلاة جامعة وأمر المهاجرين والانصار بالسلاح واجتمع الناس، فصعد النبي صلى الله عليه وآله المنبر فنعى إليهم نفسه ثم قال: ” اذكر الله الوالي من بعدي على امتي، الا يرحم على جماعة المسلمين فاجل كبيرهم، ورحم ضعيفهم، ووقر عالمهم (1)، ولم يضر بهم فيذلهم، ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ولم يخبزهم في بعوثهم فيقطع نسل امتي. قال: [ قد ] بلغت ونصحت فاشهدوا “. وقال أبو عبد الله عليه السلام: هذا آخر كلام تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله على منبره. 5 – محمد بن علي وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن رجل، عن حبيب بن أبي ثابت قال: جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام عسل وتين من همدان وحلوان (2) فأمر العرفاء أن يأتوا باليتامى، فأمكنهم من رؤوس الازقاق يلعقونها وهو يقسمها للناس قدحا، قدحا، فقيل له: يا أمير المؤمنين ما لهم يلعقونها؟ فقال: إن الامام أبو اليتامى وإنما ألعقهم هذا برعاية الآباء. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، وعلي بن إبراهيم، عن ابيه جميعا، عن القاسم بن محمد الاصبهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان ابن عيينة، عن ابي عبد الله عليه السلام أن النبي صلى الله عليه واله قال: أنا أولى بكل مؤمن من نفسه وعلي أولى به من بعدي، فقيل له: ما معنى ذلك؟ فقال: قول النبي صلى الله عليه وآله من ترك دينا أو ضياعا فعلي، ومن ترك مالا فلورثته، فالرجل ليست له على نفسه ولاية إذا لم يكن له مال، وليس له على عياله أمر ولا نهي إذا لم يجر عليهم النفقة والنبي وأمير المؤمنين عليهما السلام ومن بعدهما ألزمهم هذا، فمن هناك صاروا أولى بهم من أنفسهم وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلامن بعد هذا القول من رسول الله صلى الله عليه وآله وأنهم أمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم.


(1) في بعض النسخ [ عاملهم ] وفى بعضها [ عاقلهم ] وفى بعضها [ عائلهم ]. (2) همدان في النسخ بالمهملة وفى القاموس بالذال المعجمة: بلد بناه همدان بن الفلوج بن سام بن نوح وحلوان بالضم من بلاد كردستان قريبة من بغداد. [ * ]

[ 407 ]

7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن صباح بن سيابة، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أيما مؤمن أو مسلم مات وترك دينا لم يكن في فساد ولا إسراف فعلى الامام أن يقضيه فإن لم يقضه فعليه إثم ذلك، إن الله تبارك وتعالى يقول: ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين ” الآية (1) فهو من الغارمين، وله سهم عند الامام، فإن حبسه فإثمه عليه. 8 – علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن حنان، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصلح الامامة إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يملك به غضبه (2)، وحسن الولاية على من يلي حتى يكون لهم كالوالد الرحيم. وفي رواية اخرى حتى يكون للرعية كالاب الرحيم. 9 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن معاوية بن حكيم، عن محمد بن أسلم، عن رجل من طبرستان يقال له: محمد قال: قال معاوية: ولقيت الطبري محمدا بعد ذلك فأخبرني قال: سمعت علي بن موسى عليه السلام يقول المغرم إذا تدين أو استدان في حق – الوهم من معاوية – اجل سنة، فإن اتسع وإلا قضى عنه الامام من بيت المال. (باب) * (أن الارض كلها للامام عليه السلام) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن ابي خالد الكابلي، عن ابي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام ” أن الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ” أنا وأهل بيتي الذين أورثنا الله الارض ونحن المتقون والارض كلها لنا، فمن أحيا أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤد خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها فإن تركها أو أخربها وأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها وأحياها فهو أحق بها من الذي تركها، يؤدي خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما أكل منها حتى


(1) التوبة: 60. (2) في بعض النسخ [ يهلك به ]. [ * ]

[ 408 ]

يظهر القائم من أهل بيتي بالسيف، فيحويها ويمنعها ويخرجهم منها، كما حواها رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعها إلا ما كان في أيدي شيعتنا فإنه يقاطعهم على ما في أيديهم و يترك الارض في أيديهم. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد قال: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الله عمن رواه قال: الدنيا وما فيها لله تبارك وتعالى ولرسوله ولنا، فمن غلب على شئ منها فليتق الله، وليؤد حق الله تبارك وتعالى وليبر إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن برآء منه. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن عمر بن يزيد قال رأيت مسمعا بالمدينة (1) وقد كان حمل إلى أبي عبد الله عليه السلام تلك السنة مالا فرده أبو عبد الله عليه السلام فقلت له: لم رد عليك أبي عبد الله المال الذي حملته إليه؟ قال: فقال لي: إني قلت له حين حملت إليه المال: إني كنت وليت البحرين الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم وقد جئتك بخمسها بثمانين ألف درهم وكرهت أن أحبسها عنك وأن أعرض لها وهي حقك الذي جعله الله تبارك وتعالى في أموالنا، فقال: أو ما لنا من الارض وما أخرج الله منها إلا الخمس يا أبا سيار؟ إن الارض كلها لنا فما أخرج الله منها من شئ فهو لنا، فقلت له: وأنا أحمل إليك المال: كله؟ فقال: يا أبا سيار قد طيبناه لك وأحللناك منه فضم إليك مالك، وكل ما في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا فيجبيهم طسق (2) ما كان في أيديهم ويترك الارض في أيديهم وأما ما كان في أيدي غيرهم فإن كسبهم من الارض حرام عليهم حتى يقوم قائمنا، فيأخذ الارض من أيديهم ويخرجهم صغرة (3). قال عمر بن يزيد: فقال لي أبوسيار: ما أرى أحدا من أصحاب الضياع ولا ممن يلي الاعمال يأكل حلالا غيري إلا من طيبوا له ذلك. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن ابي عبد الله الرازي، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت


(1) يعنى مسمع بن عبد الملك. (2) الجباية اخذ الخراج والطسق الوظيفة من الخراج. (3) في بعض النسخ [ صفرة ]. [ * ]

[ 409 ]

له: أما على الامام زكاة؟ فقال: أحلت يا أبا محمد أما علمت أن الدنيا والآخرة للامام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء، جائز له ذلك من الله، إن الامام يا أبا محمد لا يبيت ليلة أبدا ولله في عنقه حق يسأله عنه. 5 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عبد الله بن أحمد، عن علي ابن النعمان، عن صالح بن حمزة، عن أبان بن مصعب، عن يونس بن ظبيان أو المعلى ابن خنيس قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: مالكم من هذه الارض؟ فتبسم ثم قال: إن الله تبارك وتعالى بعث جبرئيل عليه السلام وأمره أن يخرق بابهامه ثمانية أنهار في الارض، منها سيحان وجيحان (1) وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش (2) ومهران وهو نهر الهند ونيل مصر ودجلة والفرات، فما سقت أو استقت فهو لنا وما كان لنا فهو لشيعتنا وليس لعدونا منه شئ إلا ما غصب عليه وإن ولينا لفي أوسع فيما بين ذه إلى ذه – يعني بين السماء والارض – ثم تلا هذه الآية: ” قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا (المغصوبين عليها) خالصة (لهم) يوم القيامة (3) ” بلا غصب. 6 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن الريان قال: كتبت إلى العسكري عليه السلام جعلت فداك روي لنا أن ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا إلا الخمس، فجاء الجواب أن الدنيا وما عليها لرسول الله صلى الله عليه وآله. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد رفعه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الله آدم وأقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم عليه السلام فلرسول الله صلى الله عليه وآله وما كان لرسول الله فهو للائمة من آل محمد عليهم السلام. 8 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: إن جبرئيل عليه السلام كري (4) برجله خمسة أنهار ولسان الماء يتبعه: الفرات ودجلة ونيل مصر و مهران ونهر بلخ فما سقت أو سقي منها فللامام والبحر المطيف بالدنيا [ للامام ]. علي بن إبراهيم، عن السري بن الربيع قال: لم يكن ابن أبي عمير


(1) في بعض النسخ [ جيحون ]. (2) بلد بما وراء النهر. (3) الاعراف: 32. (4) كرضى استحدث نهره. [ * ]

[ 410 ]

يعدل بهشام بن الحكم شيئا وكان لا يغب إتيانه، ثم انقطع عنه وخالفه وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام ووقع بينه وبين أبن أبي عمير ملاحاة (1) في شئ من الامامة، قال ابن ابي عمير: الدنيا كلها للامام عليه السلام على جهة الملك وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم، وقال أبو مالك: [ ليس ] كذلك (2) أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للامام من الفيئ والخمس والمغنم فذلك له و ذلك أيضا قد بين الله للامام أين يضعه وكيف يصنع به، فتراضيا بهشام بن الحكم و صار إليه، فحكم هشام لابي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك. (باب) * (سيرة الامام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولى الامر) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن حماد، عن حميد وجابر العبدي قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الله جعلني إماما لخلقه، ففرض علي التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء الناس، كي يقتدي الفقير بفقري ولا يطغي الغني غناه. 2 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان عن المعلى ابن خنيس قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام يوما: جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات يا معلى أما والله أن لو كان ذاك ما كان إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل الجشب، فزوي ذلك عنا (3) فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله تعالى نعمة إلا هذه. 3 – علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد وغيرهما بأسانيد مختلفة في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام على عاصم بن زياد حين لبس العباء وترك الملاء وشكاه أخوه الربيع بن زياد إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قد غم أهله وأحزن ولده بذلك، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: علي بعاصم بن زياد، فجيئ به فلما رآه عبس في وجهه، فقال له: أما استحييت من أهلك؟ أما رحمت ولدك؟ أترى الله أحل لك


(1) لاحاه ملاحاة ولحاء: نازعه. (2) في بعض النسخ [ ليس له ]. (3) أي فصرف [ * ]

[ 411 ]

الطيبات وهو يكره أخذك منها، أنت أهون على الله من ذلك، أو ليس الله يقول: ” والارض وضعها للانام * فيها فاكهة والنخل ذات الاكمام (1) ” أو ليس [ الله ] يقول: ” مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان – إلى قوله – يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان ” فبالله لابتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال، وقد قال الله عزوجل: ” وأما بنعمة ربك فحدث (2) ” فقال: عاصم يا أمير المؤمنين فعلى ما اقتصرت في مطعمك على الجشوبة وفي ملبسك على الخشونة؟ فقال: ويحك إن الله عزوجل فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفهسم بضعفة الناس كيلا يتبيغ (3) بالفقير فقره، فألقى عاصم بن زياد العباء ولبس الملاء. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن حماد بن عثمان قال: حضرت أبا عبد الله وقال له رجل: أصلحك الله ذكرت أن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللباس الجديد، فقال له: إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر [ عليه ] ولو لبس مثل ذلك اليوم شهر به، فخير لباس كل زمان لباس أهله، غير أن قائمنا أهل البيت عليهم السلام إذا قام لبس ثياب علي عليه السلام وسار بسيرة علي عليه السلام. (باب نادر) 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن أيوب ابن نوح قال: عطس يوما وأنا عنده، فقلت: جعلت فداك ما يقال للامام إذا عطس؟ قال: يقولون: صلى الله عليك. 2 – محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري عن عمر بن زاهر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم به أحد قبله


(1) الايات في سورة الرحمن 10 – 11 و 19 – 22. (2) الضحى: 11. (3) التبيغ الهيجان والغلبة وفى بعض النسخ [ يبيغ بالفقير ] [ * ]

[ 412 ]

ولا يتسمى به بعده إلا كافر، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه؟ قال: يقولون: (1) السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ ” بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين (2) “. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عمر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام لم سمي أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: لانه يميرهم العلم، أما سمعت في كتاب الله ” ونمير أهلنا (3) “. وفي رواية اخرى قال: لان ميرة المؤمنين من عنده، يميرهم العلم. 4 – علي بن إبراهيم، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي الربيع القزاز، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: لم سمي أمير المؤمنين؟ قال: الله سماه وهكذا أنزل في كتابه ” وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم (4) ” وأن محمدا رسولي وأن عليا أمير المؤمنين. (باب) * (فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن بعض أصحابنا، عن حماد بن سدير، عن سالم الحناط قال: قلت لابي جعفر عليه السلام (5): أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى: ” نزل به الروح الامين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين (6) ” قال: هي الولاية لامير المؤمنين عليه السلام (7).


(1) في بعض النسخ [ يقول ] (2) هود: 87. (3) يوسف: 64. (4) الاعراف: 171. (5) في بعض النسخ [ لابي عبد الله ]. (6) الشعراء: 194. (7) لما اراد الله سبحانه ان يعرف نفسه لعباده ليعبدوه وكان لم يتيسر معرفته كما اراد على سنة الاسباب الا بوجود الانبياء والاوصياء إذ بهم تحصل المعرفة التامة والعبادة الكاملة دون غيرهم فامرهم بمعرفة انبيائه واوليائه وولايتهم والتبرى من اعدائهم ومما يصدهم عن ذلك، ليكونوا ذوى حظوظ من نعيمهم ووهب الكل معرفة نفسه على قدر معرفتهم الانبياء والاوصياء إذ بمعرفتهم لهم يعرفون الله وبولايتهم اياهم يتولون الله، فكلما ورد من البشارة والانذار والاوامر والنواهي والنصائح والمواعظ من الله سبحانه فانما هو لذلك ولما كان نبينا صلى الله عليه واله وسلم سيد الانبياء ووصيه صلوات الله عليه سيد الاوصياء لجمعهما كمالات سائر الانبياء والاوصياء ومقاماتهم مع مالهما من الفضل عليهم وكان كل منهما نفس الاخر صح ان ينسب إلى احدهما من الفضل ما ينسب إليهم. لاشتماله على الكل وجمعه لفضائل الكل ولذلك خص تأويل الايات بهما وبأهل البيت عليهم السلام الذين هم منهما، ذرية بعضها من بعض، وجئ بالكلمة الجامعة التى هي الولاية فانها مشتملة على المعرفة والمحبة والمتابعة وسائر ما لا بد منه في ذلك (في). [ * ]

[ 413 ]

2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمار، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا (1) ” قال: هي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (2). 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل: ” [ و ] الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم (3) ” قال: بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان، فهو الملبس بالظلم. 4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحسن بن نعيم الصحاف قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” فمنكم مؤمن ومنكم كافر (4) ” فقال: عرف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها، يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدم عليه السلام وهم ذر. 5 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن محبوب عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عزوجل: ” يوفون بالنذر (5) ” الذي اخذ عليهم من ولايتنا. 6 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبد الله، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” ولو أنهم أقاموا التوراة و الانجيل وما انزل إليهم من ربهم (6) ” قال: الولاية. 7 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى، عن زرارة، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (7) ” قال: هم الائمة عليهم السلام.


(1) الاحزاب: 71. (2) انما أبوا من حملها وأشفقوا منها لعدم قابليتهن لها إذ لم يمكن في جبلتهن إمكان الخيانة والظلم الذين بانتفائهما تظهر الامانة ولا كان فيهن معنى الجهل الذى تظهر برفعه المعرفة ولذلك قال في حق الانسان انه كان ظلوما جهولا (في) (3) الانعام: 81. (4) التغابن: 3 – والاية هكذا (هو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن – الاية -). (5) الدهر: 7. (6) المائدة: 65. (7) الشورى: 22. [ * ]

[ 414 ]

8 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” ومن يطع الله ورسوله (في ولاية علي [ وولاية ] الائمة من بعده) فقد فاز فوزا عظيما (1) ” هكذا نزلت. 9 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن النضر، عن محمد بن مروان رفعه إليهم في قول الله عزوجل: ” وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله (2) ” في علي و ” الائمة ” كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا (3) “. 10 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن السياري، عن علي بن عبد الله قال: سأله رجل عن قوله تعالى: ” فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى (4) ” قال: من قال بالائمة واتبع أمرهم ولم يجز طاعتهم. 11 – الحسين بن محمد، عن علي بن محمد (5)، عن أحمد بن محمد بن عبد الله رفعه في قوله تعالى: ” لا اقسم بهذا البلد * وأنت حل بهذا البلد * ووالد وما ولد (6) “. قال: أمير المؤمنين وما ولد من الائمة عليهم السلام. 12 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة ومحمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ” واعلموا أنما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى (7) ” قال: أمير المؤمنين والائمة عليهم السلام. 13 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان قال: سالت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” وممن خلقنا امة يهدون بالحق و به يعدلون (8) ” قال: هم الائمة. 14 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” هو الذي أنزل


(1) الاحزاب: 70. وهكذا نزلت أي بهذا المعنى نزلت وكذا الكلام في نظائره. (في) (2) الاحزاب: 53. (3) الاحزاب: 69. (4) طه: 122. (5) في بعض النسخ [ معلى بن محمد ]. (6) البلد: 1 – 3. (7) الانفال: 40 (8) الاعراف 180. [ * ]

[ 415 ]

عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب ” قال أمير المؤمنين عليه السلام والائمة ” واخر متشابهات ” قال: فلان وفلان ” فأما الذين في قلوبهم زيغ ” أصحابهم وأهل ولايتهم ” فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم (1) ” أمير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام. 15 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى، عن عبد الله ابن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة (2) ” يعني بالمؤمنين الائمة عليهم السلام، لم يتخذوا الولائج من دونهم (3). 16 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” وإن جنحوا للسلم فاجنح لها (4) ” [ قال ] قلت: ما السلم؟ قال: الدخول في أمرنا. 17 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام (5) في قوله تعالى: ” لتركبن طبقا عن طبق (6) ” قال: يا زرارة أو لم تركب هذه الامة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان. 18 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن جندب قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون (7) ” قال: إمام إلى إمام. 19 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان عن سلام، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” قولوا آمنا بالله وما انزل إلينا (8) “


(1) آل عمران: 7 (2) التوبة: 15. (3) الوليجة البطانة والخاصة وصاحب السر والمعتمد عليه في الدين والدنيا ولا ينافى ذلك اتخاذ الشيعة بعضهم بعضا وليجة لانه يرجع إلى كونهم عليهم السلام جهة الربط والجمعية بين شيعتهم (في) (4) الانفال: 62، وجنحوا أي مالوا. (5) في بعض النسخ [ عن أبى عبد الله ]. (6) الانشقاق: 18 وركوب طبقاتهم كناية عن نصيبهم اياهم الخلافة واحدا بعد واحد (في). (7) القصص: 50. (8) البقرة: 13 6. [ * ]

[ 416 ]

قال: إنما عنى بذلك عليا عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين وجرت بعدهم في الائمة عليهم السلام، ثم يرجع القول من الله في الناس فقال: ” فإن آمنوا (يعني الناس) بمثل ما آمنتم به (يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام) فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق (1) “. 20 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى، عن عبد الله ابن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا (2) ” قال: هم الائمة عليهم السلام ومن اتبعهم. 21 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن ابن اذينة، عن مالك الجهني قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: قوله عزوجل: ” و اوحي إلي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ (3) ” قال: من بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما أنذر به رسول الله صلى الله عليه وآله. 22 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مفضل بن صالح عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” ولقد عهدنا إلى أدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ” قال عهدنا إليه في محمد والائمة من بعده، فترك ولم يكن له عزم أنهم هكذا وإنما سمي أولوا العزم اولي العزم لانه عهد إليهم في محمد والاوصياء من بعده والمهدي وسيرته وأجمع عزمهم على أن ذلك كذلك والاقرار به. 23 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن جعفر بن محمد بن عبيد الله (5)، عن محمد بن عيسى القمي، عن محمد بن سليمان، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ” ولقد عهدنا إلى آدم من قبل ” كلمات في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة عليهم السلام من ذريتهم ” فنسي ” هكذا والله نزلت على محمد صلى الله عليه وآله. 24 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن خالد بن ماد،


(1) معناه ان الخطاب في قولوا آمنا انما هو لعلي وفاطمة والحسن والحسين ثم من بعدهم سائر الائمة عليهم السلام وذلك لانهم هم المؤمنون بما امروا به على بصيرة وحقيقة ومن سواهم اتبعوهم (في) (2) آل عمران: 67. (3) الانعام 18. (4) طه 114 (5) في بعض النسخ [ محمد بن عبد الله ]. [ * ]

[ 417 ]

عن محمد بن الفضل، عن الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وآله ” فاستمسك بالذي اوحي إليك إنك على صراط مستقيم (1) ” قال: إنك على ولاية علي وعلي هو الصراط المستقيم. 25 – علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان، عن منخل، عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا: ” بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله (في علي) بغيا (2) “. 26 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن جابر، قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد هكذا: ” وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا (في علي) فأتوا بسورة من مثله (3) “. 27 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن منخل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله بهذه الآية هكذا: ” يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا (في علي) نورا مبينا (4) “. 28 – علي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن أبي طالب، عن يونس بن بكار، عن ابيه، عن جابر، عن ابي جعفر عليه السلام ” ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم (5) “. 29 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن مثنى الحناط، عن عبد الله بن عجلان، عن أبي جعفر عليه السلام: في قول الله عزوجل ” يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (6) ” قال: في ولايتنا.


(1) الزخرف: 42 (2) البقرة: 90. (3) البقرة: 2 3. (4) صدر الاية في سورة النساء 45 – هكذا: – يا أيها الذين اوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم) الاية وآخرها ايضا في تلك السورة هكذا: (يا أيها الناس قد جاء كم برهان من ربكم و أنزلنا اليكم نورا مبينا) ولعله سقط من الخبر شئ. (5) النساء: 69. (6) البقرة: 208. [ * ]

[ 418 ]

30 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: قوله عزوجل: ” بل تؤثرون الحياة الدنيا ” قال: ولايتهم (1) ” والآخرة خير وأبقى ” قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ” إن هذا لفي الصحف الاولى * صحف إبراهيم وموسى (2) “. 31 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن محمد بن علي، عن عمار بن مروان، عن منخل عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: ” أفكلما جاء كم (محمد) بما لا تهوى أنفسكم (بموالاة علي) فاستكبرتم ففريقا (من آل محمد) كذبتم وفريقا تقتلون (3) “. 32 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان عن الرضا عليه السلام في قول الله عزوجل: ” كبر على المشركين (بولاية علي) ما تدعوهم إليه (4) ” يا محمد من ولاية علي هكذا في الكتاب مخطوطة (5). 33 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن هلال، عن أبيه، عن أبي السفاتج، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله (6) ” فقال: إذا كان يوم القيامة دعي بالنبي صلى الله عليه وآله وبأمير المؤمنين وبالائمة من ولده عليهم السلام فينصبون للناس فإذا رأتهم شيعتهم قالوا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله، يعني هدانا الله في ولاية أمير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام. 34 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، ومحمد بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الله بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” عم يتساء لون عن النباء العظيم (7) ” قال: النبأ العظيم الولاية، وسألته عن قوله ” هنالك الولاية لله الحق (8) ” قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام. 35 – علي بن ابراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير عن علي بن


(1) في بعض النسخ بدل ولايتهم [ ولاية شبوية ] والشبوة المقرب والنسبة إليها شبوية، كأنه شبه الجائر بالعقرب. (في) (2) الاعلى 16 – 18 (3) البقرة: 1. والاية هكذا (أفكلما جاء كم رسول بما لا تهوى. الاية). (4) الشورى: 11، 12. (5) كأنها مخطوطة في الحواشى من قبيل القيود والشروح (في) (6) الاعراف: 41 (7) النبأ: 2 (8) الكهف: 43. [ * ]

[ 419 ]

أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” فأقم وجهك للدين حنيفا (1) ” قال: هي الولاية. 36 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن إبراهيم الهمداني يرفعه إلى ابي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” ونضع الموازين القسط ليوم القيامة (2) ” قال: الانبياء والاوصياء عليهم السلام (3). 37 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن الحسين (4) بن عمر بن يزيد، عن محمد بن جمهور، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: ” ائت بقرآن غير هذا أو بدله (5) ” قال: قالوا: أو بدل عليا عليه السلام. 38 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن القمي، عن إدريس بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن تفسير هذه الآية ” ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين (6) ” قال: عنى بها لم نك من أتباع الائمة الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم: ” والسابقون السابقون اولئك المقربون (7) ” أما ترى الناس يسمون الذي يلي السابق في الحلبة (8) ” مصلي، فذلك الذي عنى حيث قال: ” لم نك من المصلين “: لم نك من أتباع السابقين. 39 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن موسى بن محمد عن يونس بن يعقوب، عمن ذكره، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عزوجل: ” و أن لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا (9) ” يقول: لاشربنا قلوبهم الايمان والطريقة هي ولاية علي بن أبي طالب والاوصياء عليهم السلام.


(1) الروم: 29. (2) الانبياء: 30 (3) ميزان كل شئ هو المعيار الذى به يعرف قدر ذلك الشئ، فميزان يوم القيامة للناس ما يوزن به قدر كل انسان وقيمته على حسب عقائده واخلاقه واعماله، ليجزى كل نفس بما كسبت وليس ذلك الا الانبياء والاوصياء إذ بهم و باقتفاء آثارهم وترك ذلك والقرب من طريقتهم والبعد عنها يعرف مقدار الناس وقدر حسناتهم و سيئاتهم، فميزان كل امة هو نبى تلك الامة ووصي نبيها والشريعة التى أتى بها (فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا انفسهم) (في) (4) في بعض النسخ [ عن عمر بن يزيد ]. (5) يونس: 16. (6) المدثر: 43 و 44 (7) الواقعة: 10. (8) الحلبة بالتسكين. خيل تجمع للسباق. في. (9) الجن: 16. والغدق الماء الكثير. [ * ]

[ 420 ]

40 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن فضالة بن أيوب، عن الحسين بن عثمان، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: سألت: أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ” فقال: أبو عبد الله عليه السلام استقاموا على الائمة واحدا بعد واحد ” تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (1) “. 41 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله تعالى: ” قل إنما أعظكم بواحدة (2) ” فقال: إنما أعظكم بولاية علي عليه السلام هي الواحدة التي قال الله تبارك وتعالى ” إنما أعظكم بواحدة “. 42 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة وعلي بن عبد الله، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا (3) ” ” لن تقبل توبتهم (4) ” قال: نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله في أول الامر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية، حين قال النبي صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنو بالبيعة لامير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الايمان شئ. 43 – وبهذا الاسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ” إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى (5) ” فلان وفلان وفلان، ارتدوا عن الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنين عليه السلام قلت: قوله تعالى: ” ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الامر (6) ” قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول الله


(1) فصلت: 30. (2) السبأ: 45. (3) النساء: 136. (4) آل عمران: 90، وهذا تنبيه على ان مورد الذم في الايتين واحد، وان كل واحد منهما مفسر للاخرى لان قوله: (لن تقبل توبتهم) وقع في موقع (لم يكن الله ليغفر لهم) لافادته مفاده. (5) محمد صلى الله عليه وآله 25. (6) محمد صلى الله عليه وآله: 28. [ * ]

[ 421 ]

عزوجل الذي نزل به جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله: ” ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله (في علي عليه السلام) سنطيعكم في بعض الامر ” قال: دعوا بني امية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الامر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ، ولم يبالوا أن يكون الامر فيهم، فقالوا: سنطيعكم في بعض الامر الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئا وقوله ” كرهوا ما نزل الله ” والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله ” أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون * أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم – الآية – (1). 44 – وبهذا الاسناد، عن ابي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” ومن يرد فيه بإلحاد بظلم (2) ” قال: نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين عليه السلام، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه فبعدا للقوم الظالمين. 45 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” فستعلمون من هو في ضلال مبين (3) ” يا معشر المكذبين حيث أنبأتكم رسالة ربي في ولاية علي عليه السلام و الائمة عليهم السلام من بعده، من هو في ضلال مبين؟ كذا انزلت وفي قوله تعالى: ” إن تلووا أو تعرضوا (4) ” فقال: إن تلووا الامر وتعرضوا عما امرتم به ” فإن الله كان بما تعملون خبيرا ” وفي قوله: ” فلنذيقن الذين كفروا (بتركهم ولاية امير المؤمنين عليه السلام) عذابا شديدا (في الدنيا) ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون (5) “. 46 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن علي بن منصور، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبد الله عليه السلام ” ذلك بأنه إذا دعي الله وحده (وأهل الولاية) كفرتم (6) “.


(1) الزخرف 79 و 80. (2) الحج: 26. (3) الملك: 29. (4) النساء: 134 (5) فصلت: 26 و 27. (6) المؤمن: 13 والاية هكذا (ذلكم بانه إذا دعى الله – الاية) والظاهر ان التغيير من النساخ. [ * ]

[ 422 ]

47 – علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن سليمان عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ” سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين (بولاية علي) ليس له دافع (1) ” ثم قال: هكذا والله نزل بها جبرئيل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وآله. 48 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سيف، عن أخيه عن ابيه، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” إنكم لفي قول مختلف * (في أمر الولاية) يؤفك عنه من افك (2) ” قال: من افك عن الولاية افك عن الجنة. 49 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن يونس قال: أخبرني من رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل: ” فلا اقتحم العقبة * وما أدراك ما العقبة * فك رقبة (3) ” يعني بقوله: ” فك رقبة ” ولاية أمير المؤمنين عليه السلام فإن ذلك فك رقبة (4). 50 – وبهذا الاسناد، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” بشر الذين آمنوا آن لهم قدم صدق عند ربهم (5) ” قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام. 51 – علي بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا (بولاية علي) قطعت لهم ثياب من نار (6). 52 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: ” هنالك الولاية لله الحق (7) ” قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام. 53 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن كثير، عن ابي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل ” صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة (8) “


(1) المعارج: 2 و 3. (2) الذاريات 8 و 9. (3) البلد 12 – 14. (4) اقتحم رمى نفسه في امر فجأة بلا روية والعقبة بالتحريك: المرقى الصعب من الجبال انما كانت الولاية فك رقبة لان بها يفك رقبة وليه من النار (في). (5) يونس: 2. (6) الحج: 20. (7) الكهف: 43. (8) البقرة: 133. [ * ]

[ 423 ]

قال: صبغ المؤمنين (1) بالولاية في الميثاق. 54 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن المفضل ابن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله عزوجل: ” رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا (2) ” يعني الولاية، من دخل في الولاية دخل في بيت الانبياء عليهم السلام، وقوله: ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (3) ” يعني الائمة عليهم السلام وولايتهم، من دخل فيها دخل في بيت النبي صلى الله عليه وآله. 55 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن محمد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام قال: قلت: ” قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون (4) ” قال: بولاية محمد، وآل محمد عليهم السلام خير مما يجمع هؤلاء من دنياهم. 56 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام – ونحن في الطريق في ليلة الجمعة -: إقرأ فإنها ليلة الجمعة قرآنا، فقرأت: ” إن يوم الفصل (كان) ميقاتهم أجمعين * يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله (5) ” فقال أبو عبد الله عليه السلام: نحن والله الذي رحم الله ونحن والله الذي استثنى الله لكنا نغني عنهم. 57 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله، عن يحيى بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما نزلت: ” وتعيها اذن واعية (6) ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هي اذنك يا علي. 58 – أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وآله هكذا ” فبدل الذين ظلموا (آل محمد حقهم) قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا


(1) في بعض النسخ [ المؤمنون ] (2) نوح: 28. (3) الاحزاب: 33. (4) يونس: 58. (5) الدخان: 40 – 42. (6) الحافه: 12. [ * ]

[ 424 ]

(آل محمد حقهم) رجزا من السماء بما كانوا يفسقون (1) “. 59 – وبهذا الاسناد، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: ” إن الذين ظلموا (آل محمد حقهم) لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها ابدا وكان ذلك على الله يسيرا (2) ” ثم قال: ” يا أيها الناس قد جاء كم الرسول بالحق من ربكم (في ولاية علي) فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا (بولاية علي) فإن لله ما في السماوات وما في الارض “. 60 – أحمد بن مهران – رحمه الله – عن عبد العظيم، عن بكار، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال هكذا نزلت هذه الآية ” ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به (في علي) لكان خيرا لهم (3) “. 61 – أحمد، عن عبد العظيم، عن ابن اذينة، عن مالك الجهني قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” واوحي إلي هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ (4) ” قال: من بلغ أن يكون إماما من آل محمد ينذر بالقرآن كما ينذر به رسول الله صلى الله عليه وآله. 62 – أحمد، عن عبد العظيم، عن الحسين بن مياح، عمن أخبره قال: قرأ رجل عند أبي عبد الله عليه السلام: ” قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون (5) ” فقال: ليس هكذا هي، إنما هي والمأمونون، فنحن المأمونون (6). 63 – أحمد، عن عبد العظيم، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ” هذا صراط مستقيم (7) “. 64 – أحمد، عن عبد العظيم، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال:


(1) البقرة: 59. (2) الاية في سورة النساء – 167 وهى هكذا (إن الذين كفروا وظلموا. الاية) (3) النساء: 66. (4) الانعام: 19. (5) التوبة: 106. (6) أي ليس المراد بالمؤمنين هنا ما يقابل الكافرين ليشمل كل مؤمن بل المراد به الكل من المؤمنين وهم المأمونون عن الخطاء المعصومون وهم الائمة عليهم السلام (آت). (7) الحجر: 40 يعنى باضافة الصراط إلى على بكسر اللام والمشهور فتحها. [ * ]

[ 425 ]

نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا: ” فأبى أكثر الناس (بولاية علي) إلا كفورا (1) ” قال: ونزل جبرئيل عليه السلام بهذه الآية هكذا: ” وقل الحق من ربكم (في ولاية علي) فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين (آل محمد) نارا (2) “. 65 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الفضيل، عن ابي الحسن عليه السلام في قوله: ” وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا (3) ” قال: هم الاوصياء. 66 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبن محبوب، عن الاحول عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني (4) ” قال: ذاك رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والاوصياء من بعدهم (5). 67 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان عن سالم الحناط قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين (6) ” فقال أبو جعفر عليه السلام: آل محمد لم يبق فيها غيرهم. 68 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن إسماعيل بن سهل، عن القاسم بن عروة، عن أبي السفاتج، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا وقيل هذا الذي كنتم به تدعون (7) ” قال: هذه نزلت في أمير المؤمنين وأصحابه الذين عملوا ما عملوا، يرون أمير المؤمنين عليه السلام في أغبط الاماكن لهم، فيسئ وجوههم ويقال لهم: هذا الذي كنتم به تدعون: الذي انتحلتم اسمه. 69 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن ابن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” وشاهد ومشهود (8) ” قال: النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام.


(1) الاسراء: 89. (2) الكهف: 2 8. (3) الجن: 18. (4) يوسف: 108. (5) في بعض النسخ [ من بعدها ] (6) الذاريات: 35 و 36. (7) الملك: 27. (8) البروج: 3. [ * ]

[ 426 ]

70 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد عن الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلال قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله تعالى: ” فاذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين (1) ” قال: المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام. 71 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن اورمة، عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد (2) ” قال: ذاك حمزة وجعفر وعبيدة وسليمان و أبو ذر والمقداد بن الاسود وعمار هدوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقوله: ” حبب إليكم الايمان وزينه في قلوبكم (يعني أمير المؤمنين) وكره إليكم الكفر والفسوق و والعصيان (3) ” الاول والثاني والثالث. 72 – محمد بن يحيى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: ” ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين (4) ” قال: عنى بالكتاب التوراة والانجيل وأثارة من علم فإنما عنى بذلك علم أوصياء الانبياء عليهم السلام. 73 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عمن أخبره، عن علي بن جعفر قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله تيما وعديا وبني امية يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله تبارك وتعالى قرآنا يتأسى به: ” وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى (5) ” ثم أوحى إليه يا محمد إني أمرت فلم اطع فلا تجزع أنت إذا امرت فلم تطع في وصيك. 74 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله: ” فمنكم كافر ومنكم مؤمن (6) ” فقال: عرف الله عزوجل إيمانهم بموالاتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذر في صلب آدم وسألته عن قوله عزوجل: ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين (7) ” فقال: أما والله ما هلك من كان قبلكم وما هلك من هلك حتى يقوم


(1) الاعراف: 42 (2) الحج: 24. (3) الحجرات: 7. (4) الاحقاف: 3. (5) طه: 115. (6) التغابن: 3. (7) التغابن: 12. [ * ]

[ 427 ]

قائمنا عليه السلام إلا في ترك ولايتنا وجحود حقنا وما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا حتى الزم رقاب هذه الامة حقنا، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم. 75 – محمد بن الحسن وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام في قوله تعالى: ” وبئر معطلة وقصر مشيد (1) ” قال: البئر المعطلة الامام الصامت والقصر المشيد الامام الناطق. ورواه محمد بن يحيى، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أبي الحسن عليه السلام مثله. 76 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحكم بن بهلول، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” ولقد اوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك (2) ” قال: يعني إن أشركت في الولاية غيره ” بل الله فاعبد وكن من الشاكرين (3) ” يعني بل الله فاعبد بالطاعة وكن من الشاكرين أن عضدتك بأخيك وابن عمك. 77 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محمد الهاشمي قال: حدثني أبي، عن أحمد بن عيسى قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام في قوله عزوجل: ” يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها (4) ” قال: لما نزلت ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (5) ” اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد المدينة، فقال: بعضهم لبعض ما تقولون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها وإن آمنا فإن هذا ذل حين يسلط علينا ابن أبي طالب، فقالوا: قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليا فيما امرنا، قال: فنزلت هذه الآية ” يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ” يعرفون يعني ولاية [ علي بن أبي طالب ] وأكثرهم الكافرون بالولاية. 78 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن محمد بن النعمان، عن سلام قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: ” الذين يمشون على الارض هونا (6) ” قال: هم الاوصياء من مخافة عدوهم.


(1) الحج: 44. (2) الزمر: 64. (3) الزمر: 65. (4) النحل: 82 (5) المائدة: 54، (6) الفرقان: 62. [ * ]

[ 428 ]

79 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن بسطام بن مرة، عن إسحاق بن حسان (1) عن الهيثم بن واقد، عن علي بن الحسين العبدي، عن سعد الاسكاف، عن الاصبغ بن نباتة أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى: ” أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير (2) ” فقال: الوالدان اللذان أوجب الله لهما الشكر، هما اللذان ولدا العلم وورثا الحكم وامر الناس بطاعتهما، ثم قال الله: ” إلي المصير ” فمصير العباد إلى الله والدليل على ذلك الوالدان، ثم عطف القول على ابن حنتمة (3) وصاحبه، فقال: في الخاص والعام ” وإن جاهداك على أن تشرك بي ” يقول في الوصية وتعدل عمن امرت بطاعته فلا تطعهما ولا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين فقال: وصاحبهما في الدنيا معروفا ” يقول: عزف الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما وذلك قوله: ” واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم ” فقال: إلى الله ثم إلينا، فاتقوا الله ولا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضى الله وسخطهما سخط الله. 80 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن سيف، عن أبيه، عن عمرو بن حريث قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: ” كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء (4) ” قال: فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله أصلها، وأمير المؤمنين عليه السلام فرعها، والائمة من ذريتهما أغصانها وعلم الائمة ثمرتها وشيعتهم المؤمنون ورقها، هل فيها فضل (5)؟ قال: قلت: لا والله، قال: والله إن المؤمن ليولد فتورق ورقة فيها وإن المؤمن ليموت فتسقط ورقة منها. 81 – محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل (يعني في الميثاق) أو كسبت في ايمانها خيرا (6) ” قال: الاقرار بالانبياء والاؤصياء وأمير المؤمنين عليه السلام خاصة، قال: لا ينفع إيمانها لانها سلبت.


(1) في بعض النسخ [ إسحاق بن حسام ]. (2) لقمان: 13. (3) حنتمة بنت ذى الرمحين ام عمر بن الخطاب وليست باخت ابى جهل كما وهموا بل بنت عم ابى جهل. (4) ابراهيم: 23. (5) في بعض النسخ [ فصل ] وفى بعضها [ شوب ]. (6) الانعام: 157. [ * ]

[ 429 ]

82 – وبهذا الاسناد، عن يونس، عن صباح المزني، عن أبي حمزة، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: ” بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته ” قال: إذا جحد إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ” فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (1) “. 83 – عدة من أصحابنا. عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان عن ابي عبيدة الحذاء قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الاستطاعة وقول الناس، فقال: وتلا هذه الآية ” ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم (2) ” يا أبا عبيدة الناس مختلفون في إصابة القول وكلهم هالك، قال: قلت: قوله: ” إلا من رحم ربك “؟ قال: هم شيعتنا ولرحمته خلقهم وهو قوله: ” ولذلك خلقهم ” يقول: لطاعة الامام، الرحمة التي يقول: ” ورحمتي وسعت كل شئ ” يقول: علم الامام ووسع علمه الذي هو من علمه كل شئ هم شيعتنا، ثم قال: ” فسأكتبها للذين يتقون (3) ” يعني ولاية غير الامام وطاعته، ثم قال: ” يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يعني النبي صلى الله عليه وآله والوصي والقائم ” يأمرهم بالمعروف (إذا قام) وينهاهم عن المنكر ” والمنكر من أنكر فضل الامام وجحده ” ويحل لهم الطيبات ” أخذ العلم من أهله ” ويحرم عليهم الخبائث ” والخبائث قول من خالف ” ويضع عنهم إصرهم ” وهي الذنوب التي كانوا فيها قبل معرفتهم فضل الامام ” والاغلال التي كانت عليهم ” والاغلال ما كانوا يقولون مما لم يكونوا امروا به من ترك فضل الامام، فلما عرفوا فضل الامام وضع عنهم إصرهم والاصر الذنب وهي الآصار، ثم نسبهم فقال: ” الذين آمنوا به (يعني الامام) وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون (4) ” يعني الذين اجتنبوا الجبت والطاغوت أن يعبدوها والجبت والطاغوت فلان وفلان وفلان والعبادة طاعة الناس لهم، ثم قال: ” انيبوا إلى ربكم وأسلموا له (5) ” ثم جزاهم فقال: ” لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة (6) ” والامام يبشرهم بقيام القائم وبظهوره وبقتل أعدائهم وبالنجاة في الآخرة والورود على محمد


(1) البقرة: 81. (2) هود: 118 وصدر الاية (ولو شاء ربك لجعل الناس امة واحدة ولا يزالون) الاية. (3) الاعراف 155. (4) الاعراف: 156. (5) الزمر: 55. (6) يونس 64. [ * ]

[ 430 ]

– صلى الله على محمد وآله الصادقين – على الحوض. 84 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال: سالت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” أفمن اتبع رضوان الله كمن باء بسخط من الله ومأواه جهنم وبئس المصير * هم درجات عند الله (1) ” فقال: الذين اتبعوا رضوان الله هم الائمة وهم والله يا عمار درجات للمؤمنين وبولايتهم و معرفتهم إيانا يضاعف الله لهم أعمالهم ويرفع [ الله ] لهم الدرجات العلى. 85 – علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القندي، عن عمار الاسدي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (2) ” ولايتنا أهل البيت – وأهوى بيده إلى صدره – فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا. 86 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” يؤتكم كفلين من رحمته ” قال: الحسن والحسين ” ويجعل لكم نورا تمشون به (3) ” قال: إمام تأتمون به. 87 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن بعض اصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله ويستنبئونك أحق هو ” قال: هو ما تقول في علي ” قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين (4) “. 88 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه عن أبان بن تغلب، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك قوله: ” فلا اقتحم العقبة (5) ” فقال: من أكرمه الله بولايتنا فقد جاز العقبة، ونحن تلك العقبة التي من اقتحمها نجا، قال: فسكت فقال لي: فهلا افيدك حرفا خير لك من الدنيا وما فيها؟ قلت: بلى جعلت فداك، قال: قوله ” فك رقبة ” ثم قال: الناس كلهم عبيد النار


(1) آل عمران: 16 3. (2) فاطر: 11. (3) الحديد: 28. (4) يونس 54 (5) البلد: 11. [ * ]

[ 431 ]

غيرك وأصحابك فإن الله فك رقابكم من النار بولايتنا أهل البيت. 89 – علي بن إبراهيم عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” وأوفوا بعهدي ” قال: بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ” اوف بعهدكم (1) اوف لكم بالجنة. 90 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا اي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ” قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله دعا قريشا إلى ولايتنا فنفروا وأنكروا، فقال الذين كفروا من قريش للذين آمنوا: الذين أقروا لامير المؤمنين ولنا أهل البيت: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا، تعييرا منهم، فقال الله ردا عليهم: ” وكم أهلكنا قبلهم من قرن – من الامم السالفة – هم أحسن أثاثا ورئيا ” قلت: قوله: ” من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا ” قال: كلهم كانوا في الضلالة لا يؤمنون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولا بولايتنا فكانوا ضالين مضلين، فيمد لهم في ضلالتهم وطغيانهم حتى يموتوا فيصيرهم الله شرا مكانا وأضعف جندا، قلت: قوله: ” حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا “؟ قال: أما قوله: ” حتى إذا رأوا ما يوعدون ” فهو خروج القائم وهو الساعة، فسيعلمون ذلك اليوم وما نزل بهم من الله على يدي قائمه، فذلك قوله: ” من هو شر مكانا (يعني عند القائم) وأضعف جندا ” قلت: قوله: ” ويزيد الله الذين اهتدوا هدى “؟ قال: يزيدهم ذلك اليوم هدى على هدى باتباعهم القائم حيث لا يجحدونه ولا ينكرونه، قلت: قوله: ” لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا “؟ قال: إلا من دان الله بولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده فهو العهد عند الله قلت: قوله: ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا “؟ قال: ولاية أمير المؤمنين هي الود الذي قال الله تعالى، قلت: ” فانما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا (2) “؟ قال: إنما يسره الله على لسانه حين أقام أمير المؤمنين عليه السلام علما، فبشر به المؤمنين وأنذر به الكافرين وهم الذين ذكرهم الله


(1) البقرة: 38. (2) الايات في اواخر سورة مريم. [ * ]

[ 432 ]

في كتابه لدا أي كفارا، قال: وسألته، عن قول الله: ” لتنذر قوما ما انذر آباؤهم فهم غافلون ” قال: لتنذر القوم الذين أنت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله و عن رسوله وعن وعيده ” لقد حق القول على أكثرهم (ممن لا يقرون بولاية أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده) فهم لا يؤمنون ” بإمامة أمير المؤمنين والاوصياء من بعده، فلما لم يقروا كانت عقوبتهم ما ذكر الله ” إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الاذقان فهم مقمحون ” في نار جهنم، ثم قال: ” وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خفلهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون ” عقوبة منه لهم حيث أنكروا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والائمة من بعده هذا في الدنيا وفي الآخرة في نار جهنم مقمحون، ثم قال: يا محمد ” وسواء عليهمء أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ” بالله وبولاية علي ومن بعده ثم قال: ” إنما تنذر من اتبع الذكر (يعني أمير المؤمنين عليه السلام) وخشي الرحمن بالغيب فبشره (يا محمد) بمغفرة وأجر كريم (1) “. 91 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي، عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: ” يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم (2) ” قال: يريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بأفواههم، قلت: ” والله متم نوره ” قال: والله متم الامامة، لقوله عزوجل: ” الذين آمنوا بالله ورسوله و النور الذي انزلنا ” فالنور هو الامام. قلت: ” هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق (3) ” قال: هو الذي أمر رسوله بالولاية لوصيه والولاية هي دين الحق، قلت: ” ليظهره على على الدين كله ” قال: يظهره على جميع الاديان عند قيام القائم، قال: يقول الله: والله متم نوره ” ولاية القائم ” ولو كره الكافرون ” بولاية علي، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم أما هذا الحرف فتنزيل وأما غيره فتأويل. قلت: ” ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا (4) ” قال: إن الله تبارك وتعالى سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيه منافقين وجعل من جحد وصيه إمامته كمن جحد محمدا وأنزل بذلك قرآنا فقال يا محمد إذا جاءك المنافقون (بولاية وصيك) قالوا: نشهد


(1) الايات في سورة يس 6 – 10 (2) الصف 8. (3) الصف: 9 (4) المنافقون: 3.

[ 433 ]

إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين (بولاية علي) لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله (والسبيل هو الوصي) إنهم ساء ما كانوا يعملون * ذلك بأنهم آمنوا (برسالتك) وكفروا (بولاية وصيك) فطبع (الله) على قلوبهم فهم لا يفقهون (1) ” قلت: ما معنى لا يفقهون؟ قال: يقول: لا يعقلون بنبوتك قلت: ” وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله “؟ قال: إذا قيل لهم ارجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم النبي من ذنوبكم ” لووا رؤوسهم ” قال الله: ” ورأيتهم يصدون (عن ولاية علي) وهم مستكبرون (2) ” عليه ثم عطف القول من الله بمعرفته بهم، فقال: ” سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين (3) ” يقول: الظالمين لوصيك. قلت: ” أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم (4) ” قال: إن الله ضرب مثل من حاد عن ولاية علي كمن يمشي على وجهه لا يهتدي لامره وجعل من تبعه سويا على صراط مستقيم، والصراط المستقيم أمير المؤمنين عليه السلام. قال: قلت: قوله: ” إنه لقول رسول كريم (5) “؟ قال: يعني جبرئيل عن الله في ولاية علي عليه السلام، قال: قلت: ” وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون “؟ قال: قالوا: إن محمدا كذاب على ربه وما أمره الله بهذا في علي، فأنزل الله بذلك قرآنا فقال: ” (إن ولاية علي) تنزيل من رب العالمين * ولو تقول علينا (محمد) بعض الاقاويل * لاخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين ” ثم عطف القول فقال: ” إن (ولاية علي (6)) لتذكرة للمتقين (للعالمين) وإنا لنعلم أن منكم مكذبين * وإن (عليا) لحسرة على الكافرين * و إن (ولايته) لحق اليقين * فسبح (يا محمد) باسم ربك العظيم ” يقول اشكر ربك العظيم الذي أعطاك هذا الفضل. قلت: قوله: ” لما سمعنا الهدى آمنا به “؟ قال: الهدى الولاية، آمنا بمولانا فمن آمن بولاية مولاه، ” فلا يخاف بخسا ولا رهقا (7) ” قلت: تنزيل؟ قال: لا تأويل، قلت:


(1) المنافقون 1 – 3 ومكان (وكفروا) (ثم كفروا). (2) المنافقون: 5. (3) المنافقون: 6. (4) الملك: 22. (5) الحاقة: 40 (6) تفسير لمرجع الضمير في (انه) ولا ينافى رجوع الضمير إلى القرآن لان المراد به الايات النازلة في ولايته (7) الجن: 13.

[ 434 ]

قوله: ” لا أملك لكم ضرا ولا رشدا (1) ” قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله دعا الناس إلى ولاية علي فاجتمعت إليه قريش، فقالوا يا محمد اعفنا من هذا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا إلى الله ليس إلي، فاتهموه وخرجوا من عنده فأنزل الله ” قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا * قل إني لن يجيرني من الله (إن عصيته) أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إلا بلاغا من الله ورسالاته (في علي) ” قلت، هذا تنزيل؟ قال: نعم، ثم قال توكيدا: ” ومن يعص الله ورسوله (في ولاية علي) فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ” قلت: ” حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا (2) ” يعني بذلك القائم وأنصاره. قلت: ” واصبر على ما يقولون (3)؟ قال يقولون فيك ” واهجرهم هجرا جميلا * وذرني (يا محمد) والمكذبين (بوصيك) اولي النعمة ومهلهم قليلا ” قلت: إن هذا تنزيل؟ قال: نعم. قلت: ” ليستيقن الذين اوتوا الكتاب (4) “؟ قال: يستيقنون أن الله ورسوله و وصيه حق، قلت: ” ويزداد الذين آمنوا إيمانا “؟ قال: ويزدادون بولاية الوصي إيمانا، قلت: ” ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب والمؤمنون ” قال بولاية علي عليه السلام قلت: ما هذا الارتياب؟ قال يعني بذلك أهل الكتاب والمؤمنين الذين ذكر الله فقال: ولا يرتابون في الولاية، قلت: ” وماهي إلا ذكرى للبشر “؟ قال: نعم ولاية علي عليه السلام، قلت: ” إنها لاحدى الكبر (5) ” قال: الولاية، قلت: ” لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر “؟ قال: من تقدم إلى ولايتنا اخر عن سقر ومن تأخر عنا تقدم إلى سقر ” إلا أصحاب اليمين (6) ” قال: هم والله شيعتنا، قلت: ” لم نك من المصلين “؟ قال: إنا لم نتول وصي محمد والاوصياء من بعده – ولا يصلون عليهم – (8)، قلت: ” فمالهم عن التذكرة معرضين “؟ قال: عن الولاية معرضين، قلت: ” كلا إنها تذكرة (9) “؟ قال: الولاية. قلت: قوله: ” يوفون بالنذر (10) “؟ قال: يوفون لله بالنذر الذي أخذ عليهم في الميثاق


(1) الجن: 21. (2) الجن: 24. (3) المزمل: 9. (4) المدثر: 31 و 32. (5) المدثر: 35. (6) المدثر: 39. (7) المدثر، 4 3. (8) التفات. (9) المدثر: 54 (10) الدهر: 7.

[ 435 ]

من ولايتنا، قلت: ” إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا (1) “؟ قال: بولاية علي عليه السلام تنزيلا، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم ذا تأويل، قلت: ” إن هذه تذكرة “؟ قال: الولاية، قلت: ” يدخل من يشاء في رحمته “؟ قال: في ولايتنا، قال: ” والظالمين أعد لهم عذابا أليما ” ألا ترى أن الله يقول: ” وما ظلمونا ولكن كانوا أنفهسم يظلمون (2) ” قال: إن الله أعز وأمنع من أن يظلم أو ينسب نفسه إلى ظلم ولكن الله خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال: ” وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (3) “، قلت: هذا تنزيل؟ قال: نعم. قلت: ” ويل يومئذ للمكذبين ” قال: يقول: ويل للمكذبين يا محمد بما أوحيت إليك من ولاية [ علي بن أبي طالب عليه السلام ] ” ألم نهلك الاولين * ثم نتبعهم الآخرين ” قال: الاولين الذين كذبوا الرسل في طاعة الاوصياء ” كذلك نفعل بالمجرمين (4) ” قال: من أجرم إلى آل محمد وركب من وصيه ما ركب، قلت: ” إن المتقين (5) “؟ قال: نحن والله وشيعتنا ليس على ملة إبراهيم غيرنا وسائر الناس منها برآء، قلت ” يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون.. (6) ” الآية قال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صوابا، قلت: ما تقولون إذا تكلمتم؟ قال: نمجد ربنا ونصلي على نبينا ونشفع لشيعتنا، فلا يردنا ربنا، قلت: ” كلا إن كتاب الفجار لفي سجين (7) ” قال: هم الذين فجروا في حق الائمة واعتدوا عليهم، قلت: ثم يقال: ” هذا الذي كنتم به تكذبون (8) “؟ قال: يعني أمير المؤمنين، قلت: تنزيل؟ قال: نعم. 92 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن عبد الرحمن، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا (9) ” قال: يعني به ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: ” و نحشره يوم القيامة أعمى “؟ قال: يعني أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قال: وهو متحير في القيامة يقول: ” لم حشرتني أعمى وقد كنت


(1) الدهر: 23. (2) البقرة: 57. (3) النحل: 119. (4) المرسلات: 15 – 18. (5) المرسلات: 41. (6) النبأ: 38. (9) المطففين: 7. (8) الم 4 ففين: 16. (9) الحج: 124.

[ 436 ]

بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها ” قال: الآيات الائمة عليهم السلام ” فنسيتها و كذلك اليوم تنسى ” يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الائمة عليهم السلام، فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم، قلت ” وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى “؟ قال: يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام غيره ولم يؤمن بآيات ربه وترك الائمة معاندة فلم يتبع آثارهم ولم يتولهم، قلت: ” الله لطيف بعباده يرزق من يشاء (1) “؟ قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، قلت: ” من كان يريد حرث الآخرة (2) “؟ قال: معرفة أمير المؤمنين عليه السلام والائمة ” نزد له في حرثه ” قال: نزيده منها، قال: يستوفي نصيبه من دولتهم ” ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ” قال: ليس له في دولة الحق مع القائم نصيب. (باب) * (فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية) * 1 محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن الحسن، وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن بكير بن أعين قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر والاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفري (3)، عن أبي جعفر عليه السلام، وعن عقبة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله خلق، فخلق ما أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة، وخلق ما ابغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار، ثم بعثهم في الظلال: فقلت: وأي شئ الظلال؟ قال: ألم تر إلى ظلك في الشمس شئ وليس بشئ، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعونهم إلى الاقرار بالله وهو قوله: ” ولئن سألتهم من خلقهم ليقولون الله (4) ” ثم دعاهم إلا الاقرار بالنبيين، فأقر بعضهم وأنكر بعضهم، ثم دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض وهو قوله: ” فما كانوا ليؤمنوا بما


(1) الشورى: 18. (2) الشورى: 19 (3) الظاهر انه الجعفي فصحف. (4) الزخرف: 87.

[ 437 ]

كذبوا به من قبل (1) ” ثم قال أبو جعفر عليه السلام: كان التكذيب ثم. 3 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ولايتنا ولاية الله التي لم يبعث نبيا قط إلا بها. 4 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن محمد بن عبد الحميد عن يونس إبن يعقوب، عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ما من نبي جاء قط إلا بمعرفة حقنا وتفضيلنا على من سوانا. 5 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: والله إن في السماء لسبعين صفا من الملائكة، لو اجتمع أهل الارض كلهم يحصون عدد كل صف منهم ما أحصوهم وإنهم ليدينون بولايتنا. 6 – محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال: ولاية علي عليه السلام مكتوبة في جميع صحف الانبياء ولن يبعث الله رسولا إلا بنبوة محمد صلى الله عليه وآله ووصية علي عليه السلام. 7 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور قال: حدثنا يونس عن حماد بن عثمان، عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عز و جل نصب عليا عليه السلام علما بينه وبين خلقه، فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا، ومن جاء بولايته دخل الجنة. 8 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عليا عليه السلام باب فتحه الله، فمن دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى: لي فيهم المشيئة. 9 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن


(1) يونس: 75.

[ 438 ]

بكير بن أعين قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر، يوم أخذ الميثاق على الذر، بالاقرار له بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة وعرض الله عزوجل على محمد صلى الله عليه وآله امته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة التي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وعرفهم عليا ونحن نعرفهم في لحن القول. (باب) * (في معرفتهم أولياء هم والتفويض إليهم) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أبن محبوب، عن صالح بن سهل، عن أبي عبد الله عليه السلام أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال له: أنا والله احبك وأتولاك، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت، قال بلى والله إني احبك وأتولاك، فكرر ثلاثا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كذبت، ما أنت كما قلت إن الله خلق الارواح قبل الابدان بألفي عام ثم عرض علينا المحب لنا، فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض، فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه. وفي رواية اخرى قال أبو عبد الله عليه السلام: كان في النار. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن عمرو بن ميمون عن عمار بن مروان، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وحقيقة النفاق. 3 – أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبيس ابن هشام، عن عبد الله بن سليمان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الامام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم. وذلك أن رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الاولين، ثم قال: ” هذا عطاؤنا فامنن أو (أعط) بغير حساب ” وهكذا هي في قراءة علي عليه السلام، قال: قلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب


[ 439 ]

يعرفهم الامام؟ قال: سبحان الله أما تسمع الله يقول: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” وهم الائمة ” وإنها لبسبيل مقيم ” لا يخرج منها أبدا، ثم قال لي: نعم إن الامام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه وإن سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، إن الله يقول: ” ومن آياته خلق السماوات والارض واختلاف ألسنتكم و ألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين (1) ” وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الامر ينطق به إلا عرفه، ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم. (أبواب التاريخ) (باب) * (مولد النبي صلى الله عليه وآله ووفاته) * ولد النبي صلى الله عليه وآله لاثنتي عشر ليلة مضت من شهر ربيع الاول في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال، وروي أيضا عند طلوع الفجر قبل أن يبعث باربعين سنة. وحملت به امه في أيام التشريق عند الجمرة الوسطى وكانت في منزل عبد الله بن عبد المطلب وولدته في شعب أبي طالب في دار محمد بن يوسف في الزاوية القصوى عن يسارك وأنت داخل الدار، وقد أخرجت الخيزران ذلك البيت فصيرته مسجدا، يصلي الناس فيه. وبقي بمكة بعد مبعثه ثلاثة عشر سنة، ثم هاجر إلى المدينة ومكث بها عشر سنين، ثم قبض عليه السلام لاثنتي عشر ليلة مضت من ربيع الاول يوم الاثنين وهو ابن ثلاث وستين سنة وتوفي أبوه عبد الله بن عبد المطلب بالمدينة عند أخواله وهو ابن شهرين، وماتت امه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وهو عليه السلام ابن أربع سنين (2) ومات عبد المطلب وللنبي صلى الله عليه وآله نحو ثمان سنين وتزوج خديجة وهو ابن بضع وعشرين سنة، فولد له منها قبل مبعثه عليه السلام القاسم، ورقية، وزينب، وام كلثوم، وولد له بعد المبعث الطيب والطاهر وفاطمة عليها السلام وروي أيضا أنه لم يولد بعد المبعث إلا فاطمة عليها السلام وأن الطيب


(1) الروم: 21. (2) في بعض النسخ (ثلاث سنين).

[ 440 ]

والطاهر ولدا قبل مبعثه، وماتت خديجة عليها السلام حين خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الشعب وكان ذلك قبل الهجرة بسنة ومات أبو طالب بعد موت خديجة بسنة فلما فقدهما رسول الله صلى الله عليه وآله شنأ المقام بمكة (1) ودخله حزن شديد وشكا ذلك إلى جبرئيل عليه السلام فأوحى الله تعالى إليه اخرج من القرية الظالم أهلها، فليس لك بمكة ناصر بعد أبي طالب وأمره بالهجرة. 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد عن ابن فضال، عن عبد الله بن محمد بن أخي حماد الكاتب، عن الحسين بن عبد الله قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله سيد ولد آدم؟ فقال: كان والله سيد من خلق الله، وما برأ الله برية خيرا من محمد صلى الله عليه وآله. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما برأ الله نسمة خيرا من محمد صلى الله عليه وآله. 3 – أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الله عن علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال الله تبارك وتعالى: يا محمد إني خلقتك وعليا نورا يعني روحا بلا بدن قبل أن أخلق سماواتي وأرضي و عرشي وبحري فلم تزل تهللني وتمجدني، ثم جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة فكانت تمجدني وتقدسني، وتهللني، ثم قسمتها ثنتين وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة محمد واحد وعلي واحد والحسن والحسين ثنتان، ثم خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحا بلا بدن، ثم مسحنا بيمينه فأفضى (2) نوره فينا. 4 – أحمد، عن الحسين، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وآله إني خلقتك و لم تك شيئا ونفخت فيك من روحي كرامة مني أكرمتك بها حين أوجبت لك الطاعة على خلقي جميعا، فمن أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني وأوجبت ذلك


(1) أي كره الاقامة فيها. (2) في بعض النسخ (فأضاء)

[ 441 ]

علي وفي نسله، ممن اختصصته منهم لنفسي. 5 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أبي الفضل عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: يا محمد إن الله تبارك وتعالى لم يزل متفردا بوحدانيته ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الاشياء، فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى، ثم قال: يا محمد هذه الديانة التي من تتدينها مرق ومن تخلف عنها محق، ومن لزمها لحق، خذها إليك يا محمد. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبن محبوب، عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه السلام أن بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأي شئ سبقت الانبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟ قال: إني كنت أول من آمن بربي وأول من أجاب حين أخذ الله ميثاق النبيين ” وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ” فكنت أنا أول نبي قال بلى، فسبقتهم بالاقرار بالله. 7 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن علي بن إبراهيم، عن علي بن حماد، عن المفضل قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: كيف كنتم حيث كنتم في الاظلة؟ فقال يا مفضل كنا عند ربنا ليس عنده أحد غيرنا، في ظلة خضراء، نسبحه و نقدسه ونهلله ونمجده وما من ملك مقرب ولا ذيروح غيرنا حتى بدا له في خلق الاشياء، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم، ثم أنهى علم ذلك إلينا. 8 – سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد قال: سمعت يونس بن يعقوب، عن سنان بن طريف، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: قال: إنا أول أهل بيت نوه الله (1) بأسمائنا إنه لما خلق السماوات والارض أمر مناديا فنادى أشهد أن لا إله إلا الله – ثلاثا – أشهد أن محمدا رسول الله – ثلاثا – أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا – ثلاثا -. 9 – أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبد الله الصغير، عن محمد بن إبراهيم


(1) أي رفع الله ذكرنا بين المخلوقات. (2) في بعض النسخ (عن الحسن بن عبد الله) وفى بعضها (عبيد الله)

[ 442 ]

الجعفري، عن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله كان إذ لا كان فخلق الكان والمكان وخلق نور الانوار الذي نورت منه الانوار وأجرى فيه من نوره الذي نورت منه الانوار وهو النور الذي خلق منه محمدا وعليا. فلم يزالا نورين أولين، إذ لا شئ كون قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مطهرين في الاصلاب الطاهرة، حتى أفترقا في أطهر طاهرين في عبد الله وأبي طالب عليهم السلام. 10 – الحسين [ عن محمد ] بن عبد الله (1)، بن محمد بن سنان، عن المفضل، عن جابر ابن يزيد قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمد صلى الله عليه وآله وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي الله، قلت: وما الاشباح؟ قال: ظل النور أبدان نورانية بلا أرواح وكان مؤيدا بروح واحدة وهي روح القدس، فبه كان يعبد الله، وعترته (2) ولذلك خلقهم حلماء، علماء، بررة، أصفياء، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل، ويصلون الصلوات ويحجون ويصومون. 11 – علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي عن مالك بن إسماعيل النهدي، عن عبد السلام بن حارث، عن سالم بن أبي حفصة العجلي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان في رسول الله صلى ثلاثة، لم تكن في أحد غيره لم يكن له فيئ وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه (3) وكان لا يمر بحجر ولا بشجر إلا سجد له. 12 – على بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن أبي نصر، عن حماد بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما عرج برسول الله صلى الله عليه وآله انتهى به جبرئيل إلى مكان فخلى عنه، فقال له: يا جبرئيل تخيلني على هذه الحالة؟ فقال: امضه (4) فوالله لقد وطئت مكانا ما وطئه بشر وما مشى فيه بشر قبلك. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة قال: سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر


(1) وفى بعض النسخ (الحسين بن محمد عن عبد الله). (2) أي وعترته ايضا كان مؤيدا بروح القدس. (3) العرف: الريح. (4) الهاء في (امضه) للسكت.

[ 443 ]

فقال: جعلت فداك كم عرج برسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقال: مرتين فأوقفه جبرئيل موقفا فقال له: مكانك يا محمد فلقد وقفت موقفا ما وقفه ملك قط ولا نبي، إن ربك يصلي فقال: يا جبرئيل وكيف يصلي؟ قال: يقول: سبوح قدوس أنا رب الملائكة و الروح، سبقت رحمتي غضبي، فقال: اللهم عفوك عفوك، قال: وكان كما قال الله ” قاب قوسين أو أدنى “، فقال له أبو بصير: جعلت فداك ما قاب قوسين أو أدنى؟ قال: ما بين سيتها (1) إلى رأسها فقال: كان بينهما حجاب يتلالا يخفق (2) ولا أعلمه إلا وقد قال: زبرجد، فنظر في مثل سم الابرة (3) إلى ما شاء الله من نور العظمة، فقال الله تبارك وتعالى: يا محمد، قال: لبيك ربي قال: من لامتك من بعدك؟ قال: الله أعلم قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين (4) قال ثم قال أبو عبد الله لابي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي عليه السلام من الارض ولكن جاءت من السماء مشافهة. 14 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: صف لي نبي الله عليه السلام قال: كان نبي الله عليه السلام أبيض مشرب حمرة، أدعج العينين، مقرون الحاجبين، شثن الاطراف (5) كأن الذهب افرغ على براثنه (6) عظيم مشاشة المنكبين، إذا التفت يلتفت جميعا من شدة استرساله، سربته سائلة، من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة و كأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب، لم ير مثل نبي الله قبله ولا بعده صلى الله عليه وآله. 15 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله مثل لي


(1) بكسر المهملة قبل المثناة التحتانية المخففة ما عطف من طرفيها (في). (2) أي يتحرك ويضطرب. (3) سم الابرة: ثقبتها. (4) الغرة – بالضم – بياض في الجبهة والتحجيل بياض في قوائم الفرس (في). (5) أي خشنها والعرب تمدح الرجال بخشونة الكف والنساء بنعومتها (في). (6) أفرغ: صب، براثنه: كفه مع الاصابع وفى بعض النسخ (ترافيه) والمشاشة: رأس العظم

[ 444 ]

امتي في الطين، وعلمني أسماء هم كما علم آدم الاسماء كلها، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة، قيل: يا رسول الله وما هي؟ قال: المغفرة لمن آمن منهم وأن لا يغادر منهم صغيرة ولا كبيرة ولهم تبدل السيئات حسنات. 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن سيف، عن أبيه، عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله الناس ثم رفع يده اليمنى قابضا على كفه ثم قال: أتدرون أيها الناس ما في كفي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: فيها أسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثم رفع يده الشمال فقال: أيها الناس أتدرون ما في كفي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال: أسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم إلى يوم القيامة، ثم قال: حكم الله وعدل، حكم الله و عدل، فريق في الجنة وفريق في السعير. 17 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق ابن غالب، عن ابي عبد الله عليه السلام في خطبة له خاصة يذكر فيها حال النبي والائمة عليهم السلام وصفاتهم: فلم يمنع ربنا لحلمه وأناته وعطفه ما كان من عظيم جرمهم وقبيح أفعالهم، أن انتجب لهم أحب أنبيائه إليه وأكرمهم عليه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله في حومة العز مولده، وفي دومة الكرم محتده، غير مشوب حسبه ولا ممزوج نسبه، ولا مجهول عند أهل العلم صفته، بشرت به الانبياء في كتبها، ونطقت به العلماء بنعتها، وتأملته الحكماء بوصفها، مهذب لا يدانى، هاشمي لا يوازى، أبطحي لا يسامى، شيمته الحياء وطبيعته السخاء، مجبول على أوقار النبوة وأخلاقها مطبوع على ااوصاف الرسالة واحلامها الى ان انتهت به أسباب مقادير الله إلى أوقاتها، وجرى بأمر الله القضاء فيه إلى نهايتها، أداه محتوم قضاء الله إلى غايتها، تبشر به كل أمة من بعدها ويدفعه كل أب إلى أب من ظهر إلى ظهر، لم يخلطه في عنصره سفاح ولم ينجسه في ولادته نكاح، من لدن ادم إلى أبيه عبد الله، في خير فرقة وأكرم سبط وأمنع رهط وأكلا حمل وأودع حجر، اصطفاه الله وارتضاه واجتباه وآتاه من العلم مفاتيحه ومن الحكم


[ 445 ]

ينابيعه، ابتعثه رحمة للعباد وربيعا للبلاد وأنزل الله إليه الكتاب فيه البيان والتبيان قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون، قد بينه للناس ونهجه بعلم قد فصله و دين قد أوضحه وفرائض قد أوجبها وحدود حدها للناس وبينها وامور قد كشفها لخلقه وأعلنها، فيها دلالة إلى النجاة ومعال تدعو إلى هداه، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله ما ارسل به، وصدع بما امر، وأدى ما حمل من أثقال النبوة، وصبر لربه وجاهد في سبيله ونصح لامته، ودعاهم إلى النجاة، وحثهم على الذكر، ودلهم على سبيل الهدى، بمناهج ودواع أسس للعباد أساسها، ومنار رفع لهم أعلامها، كيلا يضلوا من بعده وكان بهم رؤوفا رحيما. 18 – محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن جماعة من أصحابنا، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي القيسي قال: حدثني درست بن أبي منصور أنه سأل أبا الحسن الاول عليه السلام أكان رسول الله صلى الله عليه وآله محجوجا بأبي طالب (1)؟ فقال: لا ولكنه كان مستودعا للوصايا فدفعها إليه صلى الله عليه وآله، قال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به؟ فقال لو كان محجوجا به ما دفع إليه الوصية، قال: فقلت: فما كان حال أبي طالب (1)؟ قال أقر بالنبي وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات من يومه. 19 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن منصور بن العباس، عن علي بن أسباط، عن يعقوب بن سالم، عن رجل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله بات آل محمد عليهم السلام بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم ولا أرض تقلهم لان رسول الله صلى الله عليه وآله وتر الاقربين والابعدين في الله، فبينا هم كذلك إذ أتاهم آت لا يرونه ويسمعون كلامه، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل للمصيبة ونجاة من كل هلكة ودركا لما فات ” كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ” إن الله اختاركم وفضلكم وطهركم وجعلكم أهل بيت نبيه واستودعكم


(1) الظاهر ان (ابى طالب) مصحف (آبى بالط) وآبى بامالة الياء من القاب علماء النصارى وبالط سمى ذلك الرجل كما هو كذلك في نسخ كمال الدين للشيخ الصدوق رحمة الله عليه ص 373 و 374. وراجع بحار الانوار ج 17 ص 140 وج 35 ص 73 من طبعة دار الكتب.

[ 446 ]

علمه وأورثكم كتابه وجعلكم تابوت علمه وعصا، عزه وضرب لكم مثلا من نوره وعصمكم من الزلل وآمنكم من الفتن، فتعزوا بعزاء الله، فإن الله لم ينزع منكم رحمته ولن يزيل عنكم نعمته، فأنتم أهل الله عزوجل الذين بهم تمت النعمة واجتمعت الفرقة وائتلفت الكلمة وأنتم أولياؤه، فمن تولاكم فاز ومن ظلم حقكم زهق، مودتكم من الله واجبة في كتابه على عباده المؤمنين، ثم الله على نصركم إذا يشاء قدير، فاصبروا لعواقب الامور، فإنها إلى الله تصير قد قبلكم الله من نبيه وديعة واستودعكم أولياءه المؤمنين في الارض فمن أدى أمانته أتاه الله صدقه، فأنتم الامانة المستودعة ولكم المودة الواجبة والطاعة المفروضة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أكمل لكم الدين وبين لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى فعلى الله حسابه والله من وراء حوائجكم، وأستودعكم الله والسلام عليكم. فسألت أبا جعفر عليه السلام ممن (1) أتاهم التعزية، فقال: من الله تبارك وتعالى. 20 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن إسماعيل بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا رئي في الليلة الظلماء رئي له نور كأنه شقة قمر. 21 – أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن أبي عبد الله الحسين الصغير عن محمد بن إبراهيم الجعفري، عن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبي عبد الله عليه السلام. ومحمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن فضال، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نزل جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول: إني قد حرمت النار على صلب أنزلك وبطن حملك وحجر كفلك، فالصلب صلب أبيك (2) عبد الله بن عبد المطلب والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب وأما حجر كفلك فحجر أبي طالب. وفي رواية ابن فضال وفاطمة بنت أسد. 22 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن


(1) في بعض النسخ (من أبن). (2) في بعض النسخ (أبيه).

[ 447 ]

دراج، عن زرارة بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يحشر عبد المطلب يوم القيامة امة واحدة، عليه سيماء الانبياء وهيبة الملوك. 23 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم. عن اليهثم بن واقد، عن مقرن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن عبد المطلب أول من قال بالبداء، يبعث يوم القيامة امة وحده، عليه بهاء الملوك وسيماء الانبياء. 24 – بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن عبد الرحمن بن الحجاج، [ و ] عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر جميعا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يبعث عبد المطلب امة وحده، عليه بهاء الملوك وسيماء الانبياء وذلك أنه أول من قال بالبداء، قال: وكان عبد المطلب أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله إلى رعاته في إبل قد ندت له، فجمعها فأبطأ عليه فأخذ بحلقة باب الكعبة وجعل يقول: ” يا رب أتهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك ” فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله بالابل وقد وجه عبد المطلب في كل طريق وفي كل شعب في طلبه وجعل يصيح: ” يا رب أتهلك آلك إن تفعل فأمر ما بدا لك ” ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله أخذه فقبله وقال: يا بني لا وجهتك بعد هذا في شئ فإني أخاف أن تغتال فتقتل. 25 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد ابن حمران، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما أن وجه صاحب الحبشة بالخيل ومعهم الفيل ليهدم البيت، مروا بإبل لعبد المطلب فساقوها، فبلغ ذلك عبد المطلب فأتى صاحب الحبشة فدخل الاذن، فقال: هذا عبد المطلب بن هاشم قال: وما يشاء؟ قال الترجمان: جاء في إبل له ساقوها، يسألك ردها فقال ملك الحبشة لاصحابه: هذا رئيس قوم وزعيمهم جئت إلى بيته الذي يعبده لاهدمه وهو يسألني إطلاق إبله، أما لو سألني الامساك عن هدمه لفعلت، ردوا عليه إبله، فقال عبد المطلب لترجمانه: ما قال لك الملك؟ فأخبره، فقال عبد المطلب: أنا رب الابل و لهذا البيت رب يمنعه، فردت إليه إبله وانصرف عبد المطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه، فقال للفيل: يا محمود فحرك الفيل رأسه، فقال له: أتدري لم جاؤوا بك؟ فقال الفيل برأسه: لا، فقال عبد المطلب: جاؤوا بك لتهدم بيت ربك


[ 448 ]

أفتراك فاعل ذلك؟ فقال برأسه: لا، فانصرف عبد المطلب إلى منزله فلما أصبحوا غدوا به لدخول الحرم فأبى وامتنع عليهم، فقال عبد المطلب لبعض مواليه عند ذلك: اعل الجبل فانظر ترى شيئا؟، فقال: أرى سوادا من قبل البحر، فقال له: يصيبه بصرك أجمع؟ فقال له: لا ولاوشك أن يصيب، فلما أن قرب، قال: هو طير كثير ولا أعرفه يحمل كل طير في منقاره حصاة مثل حصاة الخذف أو دون حصاة الخذف فقال عبد المطلب: ورب عبد المطلب ما تريد إلا القوم، حتى لما صاروا فوق رؤوسهم أجمع ألقت الحصاة فوقعت كل حصاة على هامة رجل فخرجت من دبره فقتلته، فما انفلت منهم إلا رجل واحد يخبر الناس، فلما أن أخبرهم ألقت عليه حصاة فقتلته. 26 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن رفاعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان عبد المطلب يفرش له بفناء الكعبة لا يفرش لاحد غيره وكان له ولد يقومون على رأسه فيمنعون من دنا منه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وهو طفل يدرج حتى جلس على فخذيه، فأهوى بعضهم إليه لينحيه عنه، فقال له عبد المطلب: دع ابني فإن الملك قد أتاه. 27 – محمد بن يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن علي بن المعلى، عن أخيه محمد، عن درست بن أبي منصور، عن علي بن أبي حمزة (1) عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما ولد النبي صلى الله عليه وآله مكث أياما ليس له لبن، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبنا فرضع منه أياما حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها. 28 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: إن مثل أبي طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين. 29 – الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن بكر بن محمد الازدي، عن إسحاق بن جعفر، عن ابيه عليه السلام قال: قيل له: إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافرا؟ فقال: كذبوا كيف يكون كافرا وهو يقول:


(1) على بن ابى حمزة سالم البطائني كذاب متهم ملعون روى الكشى في ذمه اخبارا كثيره.

[ 449 ]

ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب وفي حديث آخر كيف يكون أبو طالب كافرا وهو يقول: لقد علموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعبأ بقيل الا باطل (1) وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للارامل 30 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا النبي صلى الله عليه وآله في المسجد الحرام وعليه ثياب له جدد فألقى المشركون عليه سلا ناقة فملؤوا ثيابه بها، فدخله من ذلك ما شاء الله فذهب إلى أبي طالب فقال له: يا عم كيف ترى حسبي فيكم؟ فقال له: وما ذا يا ابن أخي؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب حمزة وأخذ السيف وقال لحمزة: خذ السلا ثم توجه إلى القوم والنبي معه فأتى قريشا وهم حول الكعبة، فلما رأوه عرفوا الشر في وجهه، ثم قال لحمزة: أمر السلا على سبالهم (2) ففعل ذلك حتى أتى على آخرهم، ثم التفت أبو طالب إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا ابن أخي هذا حسبك فينا. 3 1 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي نصر، عن إبراهيم بن محمد الاشعري، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما توفى أبو طالب نزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد اخرج من مكة، فليس لك فيها ناصر، وثارت قريش بالنبي صلى الله عليه وآله، فخرج هاربا حتى جاء إلى جبل بمكة يقال له الحجون فصار إليه. 32 – علي بن محمد بن عبد الله، ومحمد بن يحيى، عن محمد بن عبد الله رفعه، عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: إن أبا طالب أسلم بحساب الجمل؟ قال: بكل لسان. 33 – محمد بن يحيى، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن أبيهما، عن عبد الله بن المغيرة، عن إسماعيل بن ابي زياد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أسلم أبو طالب بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثا وستين.


(1) في بعض النسخ (بقول) (2) في بعض النسخ (على اسبلتهم) والسلا الجلدة التى يكون فيها الولد من الناس و المواشى. وسبال جمع سبلة وهى ما على الشارب من الشعر أو مجتمع الشاربين أو ما على الذقن إلى طرف اللحية كلها.

[ 450 ]

34 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن علي بن الحزور الغنوي (1)، عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله [ ثم ] قال: أيها الناس ألا اخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله، فقام إليه أبو أيوب الانصاري فقال: بلى يا أمير المؤمنين حدثنا فإنك كنت تشهد ونغيب، فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد به إلا جاحد، فقام عمار بن ياسر – رحمه الله – فقال، يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل وإن أفضل الرسل محمد صلى الله عليه وآله وإن أفضل كل امة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي، ألا وإن أفضل الاوصياء وصي محمد عليه وآله السلام، ألا وإن أفضل الخلق بعد الاوصياء الشهداء، ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة، لم ينحل أحد من هذه الامة جناحان غيره، شئ كرم الله به محمدا صلى الله عليه وآله وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهدي عليهم السلام، يجعله الله من شاء منا أهل البيت، ثم تلا هذه الآية ” ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (1) “. 35 – محمد بن الحسين، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن علي بن النعمان عن أبي مريم الانصاري. عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: كيف كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله؟ قال: لما غسله أمير المؤمنين عليه السلام وكفنه سجاه ثم أدخل عليه عشرة فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنين عليه السلام في وسطهم فقال: ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما “، فيقول القوم كما يقول حتى صلى عليه أهل المدينة وأهل العوالي. 36 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن أبي المغرا، عن عقبة بن بشير، عن ابي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي ادفني في هذا


(1) الحزور بالفتحات وتشديد الواو. (2) النساء: 70 و 71.

[ 451 ]

المكان وارفع قبري من الارض أربع أصابع ورش عليه من الماء. 37 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أتى العباس أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا علي إن الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله صلى الله عليه وآله في بقيع المصلى وأن يؤمهم رجل منهم، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام إلى الناس فقال: يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله إمام (1) حيا وميتا وقال: إني ادفن في البقعة التي اقبض فيها، ثم قام على الباب فصلى عليه، ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون. 38 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن علي بن سيف، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض النبي صلى الله عليه وآله صلت عليه الملائكة والمهاجرون والانصار فوجا فوجا، قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في صحته وسلامته: إنما انزلت هذه الآية علي في الصلاة علي بعد قبض الله لي ” إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (2) “. 39 – بعض أصحابنا رفعه، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لابي عبد الله: ما معنى السلام على رسول الله؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الائمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أن يسلم لهم الارض المباركة والحرم الآمن وأن ينزل لهم البيت المعمور، ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم من عدوهم والارض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم لاشية فيها، قال: لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله على جميع الائمة وشيعتهم الميثاق بذلك (3)، وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله، لعله أن يعجله عزوجل ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه. 40 – ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: اللهم صلى إليه محمد صفيك وخليلك ونجيك المدبر لامرك.


(1) في بعض النسخ (إمامنا). (2) الاحزاب: 56. (3) في بعض النسخ (على جميع الامة وشيعتنا الميثاق بذلك).

[ 452 ]

(باب) * (النهي عن الاشراف على قبر النبي صلى الله عليه وآله) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن جعفر بن المثنى الخطيب قال: كنت بالمدينة وسقف المسجد الذي يشرف على القبر قد سقط والفعلة يصعدون وينزلون ونحن جماعة، فقلت لاصحابنا من منكم له موعد يدخل على أبي عبد الله عليه السلام الليلة؟ فقال مهران بن أبي نصر أنا وقال إسماعيل بن عمار الصيرفي أنا، فقلنا لهما: سلاه لنا عن الصعود لنشرف على قبر النبي صلى الله عليه وآله، فلما كان من الغد لقيناهما، فاجتمعنا جميعا، فقال إسماعيل: قد سألناه لكم عما ذكرتم، فقال: ما أحب لاحد منهم أن يعلو فوقه ولا آمنه ان يرى شيئا يذهب منه بصره أو يراه قائما يصلي أو يراه مع بعض أزواجه صلى الله عليه وآله (1). (باب) * (مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه) * ولد أمير المؤمين عليه السلام بعد عام الفيل بثلاثين سنة وقتل عليه السلام في شهر رمضان لتسع بقين منه ليلة الاحد سنة أربعين من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة، بقي بعد قبض النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين سنة وامه فاطمة بنت أسد بن هشام بن عبد مناف وهو أول هاشمي ولده هاشم مرتين. 1 – الحسين بن محمد، عن محمد بن يحيى الفارسي، عن أبي حنيفة محمد بن يحيى، عن الوليد بن أبان، عن محمد بن عبد الله بن مسكان، عن أبيه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي صلى الله عليه وآله فقال أبو طالب: اصبري سبتا (2) ابشرك بمثله إلا النبوة، وقال: السبت ثلاثون سنة وكان بين رسول الله صلى الله عليه وآله


(1) هذا الحديث مجهول وكأن في السند سقطا أو ارسالا فان جعفر بن المثنى من اصحاب الرضا عليه السلام ولم يدرك زمان الصادق عليه السلام. (آت) (2) السبت بالسين المهملة ثم الباء الموحدة ثم التاء المثناة الفوقانية وقد يزاد النون قبل الموحدة: الدهر والبرهة من الزمان وخص في الحديث بالثلاثين (في)

[ 453 ]

وأمير المؤمنين عليه السلام ثلاثون سنة. 2 – علي بن محمد بن عبد الله، عن السياري، عن محمد بن جمهور، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن فاطمة بنت أسد ام أمير المؤمنين كانت أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة على قدميها وكانت من أبر الناس برسول الله صلى الله عليه وآله، فسمعت رسول الله وهو يقول: إن الناس يحشرون يوم القيامة عراة كما ولدوا فقالت: واسوأتاه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: فإني أسأل الله أن يبعثك كاسية. وسمعته يذكر ضغطة القبر، فقالت: واضعفاه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: فإني أسأل الله أن يكفيك ذلك، وقالت لرسول الله صلى الله عليه وآله يوما: إني اريد أن أعتق جاريتي هذه، فقال لها: إن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك من النار، فلما مرضت أوصت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأمرت أنى يعتق خادمها، واعتقل لسانها فجعلت تومي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إيماء، فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وصيتها. فبينما هو ذات يوم قاعد إذ أتاه أمير المؤمنين عليه السلام وهو يبكي فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يبكيك؟ فقال: ماتت امي فاطمة، فقال رسول الله: وامي والله وقام مسرعا حتى دخل فنظر إليها وبكى، ثم أمر النساء أن يغسلنها وقال صلى الله عليه وآله: إذا فرغتن فلا تحدثن شيئا حتى تعلمنني، فلما فرغن أعلمنه بذلك، فأعطاهن أحد قميصيه الذي يلي جسده وأمرهن أن يكفنها فيه وقال للمسلمين: إذا رأيتموني قد فعلت شيئا لم أفعله قبل ذلك فسلوني لم فعلته، فلما فرغن من غسلها وكفنها دخل صلى الله عليه وآله فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها، ثم وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثم قام فأخذها على يديه حتى وضعها في القبر ثم انكب عليها طويلا يناجيها ويقول لها: ابنك، ابنك [ ابنك ] ثم خرج وسوى عليها، ثم انكب على قبرها فسمعوه يقول: لا إله إلا الله، اللهم إني أستودعها إياك ثم انصرف، فقال له المسلمون: إنا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم فقال: اليوم فقدت بر أبي طالب، إن كانت ليكون عندها الشئ فتؤثرني به على نفسها وولدها وإني


[ 454 ]

ذكرت القيامة وأن الناس يحشرون عراة، فقالت: واسوأتاه، فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية وذكرت ضغطة القبر فقالت واضعفاه، فضمنت لها أن يكفيها الله ذلك، فكفنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك، وانكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه، فإنها سئلت عن ربها فقالت وسئلت عن رسولها فأجابت وسئلت عن وليها وإمامها فارتج عليها، فقلت: ابنك، ابنك [ ابنك ]. 3 – بعض أصحابنا، عمن ذكره، عن ابن محبوب، عن عمر بن أبان الكلبي، عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما ولد رسول الله صلى عليه وآله فتح لآمنه بياض فارس وقصور الشام، فجاءت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين إلى ابي طالب ضاحكة مستبشرة، فاعلمته ما قالت آمنة، فقال لها أبو طالب: وتتعجبين من هذا إنك تحبلين وتلدين بوصيه ووزيره. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي (1)، عن أحمد ابن زيد النيسابوري قال: حدثني عمر بن إبراهيم الهاشمي، عن عبد الملك بن عمر عن اسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لما كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين عليه السلام ارتج (2) الموضع بالبكاء ودهش الناس كيوم قبض النبي صلى الله عليه وآله و جاء رجل باكيا وهو مسرع مسترجع وهو يقول: اليوم انقطعت خلافة النبوة حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: رحمك الله يا أبا الحسن كنت أول القوم إسلاما وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله، وأعظمهم عناء وأحوطهم (3) على رسول الله صلى الله عليه وآله وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقب، وأكرمهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا (4) وفعلا، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن الاسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا. قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين استكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت


(1) المراد بالبرقي هنا محمد لا ابنه احمد. (آت) (2) أي اضطرب. (3) أي اشدهم حياطة وحفظا وصيانة وتعهدا. (في) (4) الهدى: الطريقة والسيرة. والسمت هيئة اهل الخير (في).

[ 455 ]

منهاج رسول الله صلى الله عليه وآله إذ هم أصحابه، [ و ] كنت خليفته حقا، لم تنازع ولم تضرع برغم المنافقين، وغيظ الكافرين، وكره الحاسدين، وصغر الفاسقين (1). فقمت بالامر حين فشلوا، ونطقت حين تتعتعوا (2)، ومضيت بنور الله إذ وقفوا، فاتبعوك فهدوا، وكنت أخفضهم صوتا، وأعلاهم قنوتا (3) وأقلهم كلاما، وأصوبهم نطقا، وأكبرهم رأيا، وأشجعهم قلبا، وأشدهم يقينا، وأحسنهم عملا، وأعرفهم بالامور. كنت والله يعسوبا للدين، أولا وآخرا: الاول حين تفرق الناس، والآخر حين فشلوا، كنت للمؤمنين أبا رحيما، إذ صاروا عليك عيالا، فحملت أثقال ما عنه ضعفوا، وحفظت ما أضاعوا، ورعيت ما أهملوا، وشمرت إذ [ ا ] اجتمعوا، وعلوت إذ هلعوا، وصبرت إذ أسرعوا، وأدركت أوتار ما طلبوا، ونالوا بك ما لم يحتسبوا. كنت على الكافرين عذابا صبا ونهبا، وللمؤمنين عمدا وحصنا، فطرت والله بنعمائها وفزت بحبائها، وأحرزت سوابغها، وذهبت بفضائلها، لم تفلل حجتك، ولم يزغ قلبك، ولم تضعف بصيرتك، ولم تجبن نفسك ولم تخر (4). كنت كالجبل لا تحركه العواصف، وكنت كما قال: امن الناس في صحبتك وذات يدك، وكنت كما قال: ضعيفا في بدنك، قويا في امر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله، كبيرا في الارض، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز [ ولا لاحد فيك مطمع ] ولا لاحد عندك هوادة، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت، وقد نهج السبيل، وسهل العسير


(1) في بعض النسخ [ وضغن الفاسقين ] وهو الحقد. والفشل: الجبن. (2) التعتعة في الكلام: التردد فيه من حصر أوعى. (3) في بعض النسخ [ اعلاهم قدما وأطيبهم كلاما وأصوبهم منطقا ]. (4) من الخرور وهو السقوط وفى بعض النسخ [ ولم تخل ]. [ * ]

[ 456 ]

واطفئت النيران، واعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام، فظهر أمر الله ولو كره الكافرون، وثبت بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الانام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاه، وسلمنا لله أمره، فوالله لم يصاب المسلمون بمثلك أبدا. كنت للمؤمنين كهفا وصحنا، وقنة راسيا (1)، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا أحرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك، وسكت القوم حتى انقضى كلامه وبكى وبكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم طلبوه فلم يصادفوه. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن صفوان الجمال قال: كنت أنا وعامر وعبد الله بن جذاعة الازدي عند أبي عبد الله عليه السلام قال: فقال له عامر: جعلت فداك إن الناس يزعمون أن أمير المؤمنين عليه السلام دفن بالرحبة؟ قال: لا، قال: فأين دفن؟ قال: إنه لما مات احتمله الحسن عليه السلام فأتي به ظهر الكوفة قريبا من النجف يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة فدفنه بن زكوات (2) بيض، قال: فلما كان بعد ذهبت إلى الموضع، فتوهمت موضعا منه، ثم أتيته فأخبرته فقال لي: أصبت رحمك الله – ثلاث مرات -. 6 – أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن سنان قال: أتاني عمر بن يزيد فقال لي: اركب، فركبت معه، فمضينا حتى أتينا منزل حفص الكناسي فاستخرجته فركب معنا، ثم مضينا حتى أتينا الغري فانتهينا إلى قبر، فقال: انزلوا هذا قبر أمير المؤمنين عليه السلام، فقلنا من أين علمت؟ فقال: أتيته مع أبي عبد الله عليه السلام حيث كان بالحيرة غير مرة وخبرني أنه قبره. 7 – محمد بن يحيى، عن سلمة بن الخطاب، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الله بن القاسم


(1) القنة بالضم والنون: والجبل وراسيا أي ثابتا. (2) كذا في اكثر نسخ الحديث ولعله اراد التلال الصغيرة التى كانت محيطة بقبره صلوات الله عليه. شبهها لضيائها وتوقدها عند شروق الشمس عليها لاشتمالها على الحصيات البيض والدرارى بالجمرة الملتهبة كما ذكره اللغويون (آت) أو هو تصحيف (ربوات) جمع ربوة وهو التل. [ * ]

[ 457 ]

عن عيسى شلقان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن أمير المؤمنين عليه السلام له خؤولة في بني مخزوم وإن شابا منهم أتاه فقال: يا خالي إن أخي مات وقد حزنت عليه حزنا شديدا، قال: فقال له: تشتهي أن تراه؟ قال: بلى، قال: فأرني قبره، قال: فخرج ومعه بردة رسول الله صلى اله عليه وآله متزرا بها، فلما انتهى إلى القبر تلملمت (1) شفتاه ثم ركضه برجله فخرج من قبره وهو يقول بلسان الفرس، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ألم تمت وأنت رجل من العرب؟ قال: بلى ولكنا متنا على سنة فلان وفلان فانقلبت ألسنتنا. 8 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلى بن محمد، عن سهل بن زياد جميعا، عن ابن محبوب، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قبض أمير المؤمنين عليه السلام قام الحسن بن علي عليه السلام في مسجد الكوفة فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: أيها الناس إنه قد قبض في هذ الليلة رجل ما سبقه الاولون ولا يدركه الآخرون، إنه كان لصاحب راية رسول الله صلى الله عليه وآله، عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل، لا ينثني (2) حتى يفتح الله له والله ما ترك بيضاء ولا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت عن عطائه، أراد أن يشتري بها خادما لاهله. والله لقد قبض في الليلة التي فيها قبض وصي موسى يوشع بن نون والليلة التي عرج فيها بعيسى ابن مريم، والليلة التي نزل فيها القرآن. 9 – علي بن محمد رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما غسل أمير المؤمنين عليه السلام نودوا من جانب البيت إن أخذتم مقدم السرير كفيتم مؤخره، وإن أخذتم مؤخره كفيتم مقدمه. [ 10 – عبد الله بن جعفر وسعد بن عبد الله جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ولدت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله بعد مبعث رسول الله بخمس سنين وتوفيت ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما (3). ]


(1) في ب ع ضء ل ن س خ [ تململت ]. (2) لا ينثنى أي لا ينصرف من الشئ بمعنى الرجوع يعنى لا يرجع. (3) هذه الرواية موجودة ههنا فيما رأيناها من النسخ ومحلها في باب الاتى في مولد الزهراء عليها السلام وفى بعض النسخ جعلت نسخة، والظاهر انها كتبت في الطرف فكتبها النساخ هنا [ * ]

[ 458 ]

11 – سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبد الله بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه سمعه يقول: لما قبض أمير المؤمنين عليه السلام أخرجه الحسن والحسين ورجلان آخران حتى إذا خرجوا من الكوفة تركوها عن أيمانهم (1) ثم أخذوا في الجبانة (2) حتى مروا به إلى الغري فدفنوه وسووا قبره فانصرفوا. (باب) * (مولد الزهراء فاطمة عليها السلام) * ولدت فاطمة عليها وعلى بعلها السلام بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس سنين وتوفيت عليها السلام ولها ثمان عشرة سنة وخمسة وسبعون يوما وبقيت بعد أبيها صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما. 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: إن فاطمة عليها السلام مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان يأتيها جبرئيل فيحسن عزاء ها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها وكان علي عليه السلام يكتب ذلك. 2 – محمد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن علي بن جعفر أخيه، أبي الحسن عليه السلام قال: إن فاطمة عليها السلام صديقة شهيدة وإن بنات الانبياء لا يطمثن. 3 – أحمد بن مهران – رحمه الله – رفعه وأحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار الشيباني قال: حدثني القاسم بن محمد الرزاي قال: حدثنا علي بن محمد الهرمزاني (3)، عن أبي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام قال: لما قبضت فاطمة عليها السلام دفنها أمير المؤمنين سرا وعفا على موضع قبرها، ثم قام فحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: السلام عليك


(1) في بعض النسخ [ يمينهم ]. (2) الجبان والجبانة مشددتين المقبرة. (3) في بعض النسخ [ الهرمزاى ]. [ * ]

[ 459 ]

يا رسول الله عني والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك و المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي، إلا أن لي في التأسي بسنتك في فرقتك موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك وفاضت نفسك بين نحري وصدري، بلى وفي كتاب الله [ لي ] أنعم القبول، إنا لله وإنا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة واخلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله، أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد وهم لا يبرح من قلبي أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم، كمد مقيح، وهم مهيج (1) سرعان ما فرق بيننا وإلى الله أشكو وستنبئك ابنتك بتظافر امتك على هضمها فأحفها السؤال (2) واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين. سلام مودع لا قال ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن اقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، واه واها والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاما معكوفا ولاعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرا وتهضم حقها وتمنع إرثها ولم يتباعد العهد ولم يخلق منك الذكر وإلى الله يا رسول الله المشتكى وفيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك وعليها السلام والرضوان. 4 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الرحمن بن سالم، عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: من غسل فاطمة؟ قال: ذاك أمير المؤمنين – وكأني استعظمت ذلك من قوله – فقال: كأنك ضقت بما أخبرتك به؟ قال: فقلت: قد كان ذاك جعلت فداك، قال: فقال، لا تضيقن فإنها صديقة ولم يكن يغسلها إلا صديق، أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى.


(1) الكمد بالضم والفتح والتحريك الحزن الشديد والقيح المدة لا يخالطها دم. (2) الهضم: الظلم والغصب، واحفاء السؤال: استقصاؤه. [ * ]

[ 460 ]

5 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: إن فاطمة عليها السلام – لما أن كان من أمرهم ما كان – أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها ثم قالت: أما والله يا ابن الخطاب لولا أني أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أني ساقسم على الله ثم أجده سريع الاجابة. 6 وبهذا الاسناد، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما ولدت فاطمة عليها السلام أوحى الله إلى ملك فأنطلق به لسان محمد صلى الله عليه وآله فسماها فاطمة، ثم قال: إني فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: والله لقد فطمها الله بالعلم وعن الطمث في الميثاق. 7 – وبهذا الاسناد، عن صالح بن عقبة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام: يا فاطمة قومي فأخرجي تلك الصحفة (1) فقامت فأخرجت صحفة فيها ثريد وعراق يفور، فأكل النبي صلى الله عليه وآله و علي وفاطمة والحسن والحسين ثلاثة عشر يوما، ثم إن ام أيمن رأت الحسين معه شئ فقالت له: من أين لك هذا؟ قال: إنا لنأكله منذ أيام، فأتت ام أيمن فاطمة فقالت: يا فاطمة إذا كان عند ام أيمن شئ فانما هو لفاطمة وولدها وإذا كان عند فاطمة شئ فليس لام أيمن منه شئ؟ فأخرجت لها منه فأكلت منه ام أيمن و نفدت الصحفة، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: أما لولا أنك أطعمتها لاكلت منها أنت و ذريتك إلى أن تقوم الساعة، ثم قال أبو جعفر عليه السلام والصحفة عندنا يخرج بها قائمنا عليه السلام في زمانه. 8 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن علي، عن علي بن جعفر قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله حبيبي جبرئيل لم أرك في مثل هذه الصورة، قال الملك: لست بجبرئيل يا محمد بعثني الله عزوجل أن ازوج النور


(1) كالقصعة إناء مبسوطة وهى اصغر من القصعة. [ * ]

[ 461 ]

من النور، قال: من ممن؟ قال: فاطمة من علي، قال: فلما ولى الملك إذا بين كتفيه محمد رسول الله، علي وصيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟ فقال: من قبل أن يخلق الله آدم باثنين وعشرين ألف عام. 9 – علي بن محمد وغيره، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة عليها السلام فقال: دفنت في بيتها فلما زادت بنو امية في المسجد صارت في المسجد. 10 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن الخيبري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين عليه السلام لفاطمة، ما كان لها كفو على ظهر الارض من آدم ومن دونه. (باب) * (مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما) * ولد الحسن بن علي عليهما السلام في شهر رمضان في سنة بدر، سنة اثنين بعد الهجرة. وروي أنه ولد في سنة ثلاث ومضى عليه السلام في شهر صفر في آخره من سنة تسع وأربعين ومضى وهو ابن سبع وأربعين سنة وأشهر. وامه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله. 1 – محمد بن يحيى، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن الحسين ابن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عبد الله بن سنان، عمن سمع أبا جعفر عليه السلام يقول لما حضرت الحسن عليه السلام الوفاة بكى، فقيل له: يا أبن رسول الله تبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أنت به؟ وقد قال فيك ما قال، وقد حججت عشرين حجة ماشيا وقد قاسمت مالك ثلاث مرات حتى النعل بالنعل؟ فقال: إنما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الاحبة. 2 – سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي [ ابن مهزيار ]، عن الحسن بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال، قبض الحسن بن علي عليهما السلام وهو ابن سبع وأربعين سنة


[ 462 ]

في عام خمسين، عاش بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أربعين سنة. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن النعمان، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: إن جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي وسمت مولاة له، فأما مولاته فقاءت السم وأما الحسن فاستمسك في بطنه ثم انتفط به فمات (1). 4 – محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن القاسم النهدي، عن إسماعيل بن مهران، عن الكناسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسن بن علي عليهما السلام في بعض عمره (2) ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته، فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخل يابس، قد يبس من العطش، ففرش للحسن عليه السلام تحت نخلة وفرش للزبيري بحذاه تحت نخلة اخرى، قال: فقال الزبيري ورفع رأسه: لو كان في هذا النخل رطب لاكلنا منه، فقال له الحسن: وإنك لتشتهي الرطب؟ فقال الزبيري: نعم قال: فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه، فاخضرت النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا، فقال الجمال الذي اكتروا منه سحر والله، قال: فقال الحسن عليه السلام: ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبي مستجابة قال: فصعدوا إلى النخلة فصرموا ما كان فيه فكفاهم. 5 – أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الحسن عليه السلام قال: إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد وعلى كل واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة، يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما، وما عليهما حجة غيري وغير الحسين أخي.


(1) انتفط وتنفط الجسد: قرح وتجمع بين الجلد واللحم ماء والاسم منه النفطة ومثلها الجدرى ويقال لها بالفارسية (تأول) و (آبله). وفى بعض النسخ [ فانتقض به ] أي كسره وفى بعضها [ فانتفض به ] أي تفرق بعض أحشائه. (2) بضم العين وفتح الميم جمع عمرة. [ * ]

[ 463 ]

6 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي بن النعمان، عن صندل، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسن بن علي عليهما السلام إلى مكة سنة ماشيا، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك هذا الورم، فقال كلا إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسه، فقال له: بابي انت وامي ما قدمنا منزلا فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال له: بلى إنه أمامك دون المنزل فسارا ميلا فإذا هو بالاسود، فقال الحسن عليه السلام لمولاه: دونك الرجل، فخذ منه الدهن وأعطه الثمن، فقال الاسود: يا غلام لمن أردت هذا الدهن؟ فقال للحسن بن علي فقال: انطلق بي إليه، فانطلق فأدخله إليه فقال له: بأبي أنت وامي لم أعلم انك تحتاج إلى هذا أو ترى ذلك ولست آخذ له ثمنا، إنما أنا مولاك ولكن ادع الله أن يرزقني ذكرا سويا يحبكم أهل البيت، فإني خلفت أهلي تمخض، فقال: انطلق إلى منزلك فقد وهب الله لك ذكرا سويا وهو من شيعتنا. (باب) * (مولد الحسين بن على عليهما السلام) * ولد الحسين بن علي عليهما السلام في سنة ثلاث وقبض عليه السلام في شهر المحرم من سنة إحدى وستين من الهجرة وله سبع وخمسون سنة وأشهر قتله عبيد الله بن زياد لعنه الله في خلافة يزيد بن معاوية لعنه الله وهو على الكوفة وكان على الخيل التي حاربته وقتلته عمر بن سعد لعنه الله بكربلا يوم الاثنين لعشر خلون من المحرم، وامه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله. 1 – سعد وأحمد بن محمد جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قبض الحسين بن علي عليه السلام يوم عاشورا وهو ابن سبع وخمسين سنة. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الرحمن


[ 464 ]

العرزمي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان بين الحسن والحسين عليهما السلام طهر وكان بينهما في الميلاد ستة أشهر وعشرا. 3 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، والحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما حملت فاطمة عليها السلام بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: إن فاطمة عليها السلام ستلد غلاما تقتله أمتك من بعدك، فلما حملت فاطمة بالحسين عليه السلام كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه، ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: لم تر في الدنيا ام تلد غلاما تكرهه ولكنها كرهته لما علمت أنه سيقتل، قال: وفيه نزلت هذه الآية ” ووصينا الانسان بوالديه حسنا حملته امه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا (1) “. 4 – محمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمر والزيات، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جبرئيل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه وآله فقال له: يا محمد إن الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة، تقتله امتك من بعدك، فقال: يا جبرئيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة، تقتله امتي من بعدي، فعرج ثم هبط عليه السلام فقال له مثل ذلك، فقال: يا جبرئيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله امتي من بعدي، فعرج جبرئيل عليه السلام إلى السماء ثم هبط فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الامامة والولاية والوصية، فقال: قد رضيت ثم أرسل إلى فاطمة أن الله يبشرني بمولود يولد لك، تقتله أمتي من بعدي فارسلت إليه لا حاجة لي في مولود [ مني ]، تقتله امتك من بعدك، فأرسل إليها أن الله قد جعل في ذريته الامامة والولاية والوصية فارسلت إليه إن قد رضيت، ف‍ ” حملته كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي ” فلولا أنه قال: أصلح لي في ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة.


(1) الاحقاف: 15 وفى المصحف (احسانا) بدل (حسنا). [ * ]

[ 465 ]

ولم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من انثى، كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث، فنبت لحم الحسين عليه السلام من لحم رسول الله ودمه (1) ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى ابن مريم عليه السلام والحسين بن علي عليهما السلام. وفي رواية اخرى، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجزئ به ولم يرتضع من انثى. 5 – علي بن محمد رفعه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم (2) ” قال: حسب فرأى ما يحل بالحسين عليه السلام، فقال: إني سقيم لما يحل بالحسين عليه السلام. 6 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمد بن حمران قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان، ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت: يفعل هذا بالحسين صفيك وابن نبيك؟ قال: فاقام الله لهم ظل القائم عليه السلام وقال: بهذا أنتقم لهذا. 7 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميره، عن عبد الملك بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزل النصر على الحسين بن علي حتى كان بين السماء والارض ثم خير: النصر أو لقاء الله، فاختار لقاء الله. 8 – الحسين بن محمد قال: حدثني أبو كريب وأبو سعيد الاشج قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه إدريس بن عبد الله الاودي (3) قال: لما قتل الحسين عليه السلام أراد القوم أن يوطئوه الخيل، فقالت فضة لزينب: يا سيدتي إن سفينة (4) كسر به في البحر فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد، فقال: يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، فهمهم بين يديه حتى وقفه (5) على الطريق والاسد رابض في ناحية (6)، فدعيني أمضي إليه وأعلمه ما هم صانعون غدا، قال: فمضت إليه فقالت: يا أبا الحارث فرفع رأسه ثم قالت:


(1) لسيدنا العلامة الحجة السيد شرف الدين الجبل عاملي اعلى الله مقامه الشريف في هذا الخبر وامثاله نظر راجع اجوبة موسى جار الله ففيه فوائد جمة. (2) الصافات: 8 8 – 89. (3) في بعض النسخ [ الازدي ] (4) لقب مولى رسول الله صلى الله عليه واله يكنى ابا ريحانة واسمه قيس وكسر به في البحر يعنى الفلك وابو حارث كنية الاسد. (5) أي هداه (6) الربوض للاسد والشاة والبروك في الابل. (في) [ * ]

[ 466 ]

أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد الله عليه السلام؟ يريدون أن يوطئوا الخيل ظهره، قال: فمشى حتى وضع يديه على جسد الحسين عليه السلام، فأقبلت (الخيل؟) فلما نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد – لعنه الله -: فتنة لا تثيروها انصرفوا، فانصرفوا. 9 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أحمد، عن الحسن بن علي، عن يونس، عن مصقلة الطحان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما قتل الحسين عليه السلام أقامت امرأته الكلبية عليه مأتما وبكت وبكين النساء والخدم حتى جفت دموعهن و ذهبت فبينا هي كذلك إذا رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل فدعتها فقالت لها: مالك أنت من بيننا تسيل دموعك؟ قالت: إني لما أصابني الجهد شربت شربة سويق قال: فأمرت بالطعام والاسوقة فأكلت وشربت وأطعمت وسقت وقالت: إنما نريد بذلك أن نتقوى على البكاء على الحسين عليه السلام. قال: واهدي إلى الكلبية جؤنا (1) لتستعين بها على مأتم الحسين عليه السلام فلما رأت الجؤن قالت: ما هذه؟ قالوا: هدية أهداها فلان لتستعيني على مأتم الحسين فقالت: لسنا في عرس، فما نصنع بها؟ ثم أمرت بهن فاخرجن من الدار فلما اخرجن من الدار لم يحس لها حس (2) كأنما طرن بين السماء و الارض ولم ير لهن بها بعد خروجهن من الدار أثر. (باب) * (مولد علي بن الحسين عليهما السلام) * ولد علي بن الحسين عليه السلام في سنة ثمان وثلاثين وقبض في سنة خمس وتسعين وله سبع وخمسون سنة. وامه سلامة (3) بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسرى أبرويز وكان يزدجرد آخر ملوك الفرس. 1 – الحسين بن الحسن الحسني – رحمه الله – وعلي بن محمد بن عبد الله جميعا، عن إبراهيم بن إسحاق الاحمر، عن عبد الرحمن بن عبد الله الخزاعي، عن نصر بن


(1) الجؤن كصرد جمع الجؤنة بالضم وهى ظرف للطيب وكأن النساء كن من الجن أو كن من الارواح الماضيات تجسدن. (في) (2) في بعض النسخ [ لم يحس لهن حسا ] (3) في بعض النسخ [ شهربانويه ]. [ * ]

[ 467 ]

مزاحم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما اقدمت بنت يزدجرد على عمر أشرف لها عذارى المدينة وأشرق المسجد بضوئها لما دخلته، فلما نظر إليها عمر غطت وجهها وقالت: ” اف بيروج بادا هرمز ” (1) فقال عمر: أتشتمني هذه وهم بها، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ليس ذلك لك، خيرها رجلا من المسلمين واحسبها بفيئه، فخيرها فجاءت حتى وضعت يدها على رأس الحسين عليه السلام فقال لها أمير المؤمنين: ما اسمك؟ فقالت: جهان شاه، فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام: بل شهربانويه، ثم قال للحسين: يا أبا عبد الله لتلدن لك منها خير أهل الارض، فولدت علي بن الحسين عليه السلام وكان يقال لعلي بن الحسين عليه السلام: ابن الخيرتين فخيرة الله من العرب هاشم ومن العجم فارس. وروي أن أبا الاسود الدئلي قال فيه: وإن غلاما بين كسرى وهاشم * لاكرم من نيطت عليه التمائم (2) 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: كان لعلي بن الحسين عليه السلام ناقة، حج عليها اثنتين وعشرين حجة، ما قرعها قرعة قط، قال: فجاءت بعد موته وما شعرنا بها إلا وقد جاء ني بعض خدمنا أو بعض الموالي، فقال: إن الناقة قد خرجت فأتت قبر علي بن الحسين فانبركت عليه، فدلكت بجرانها القبر وهي ترغو، فقلت: أدركوها أدركوها وجيئوني بها قبل ان يعلموا بها أو يروها، قال: وما كانت رأت القبر قط. 3 – علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن عيسى، عن حفص بن البختري، عمن ذكره عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما مات أبي علي بن الحسين عليه السلام جاءت ناقة له من الرعي حتى ضربت بجرانها القبر وتمرغت عليه، فأمرت بها فردت إلى مرعاها، وإن أبي عليه السلام كان يحج عليها ويعتمر ولم يقرعها قرعة قط.


(1) كلام فارسي مشتمل على تأفيف ودعاء على ابيها هرمز تعنى لا كان لهرمز يوم فان ابنته اسرت بصغر ونظر إليها الرجال. (في) وعمرو بن شمر ضعيف جدا كما قاله النجاشي وقال العلامة في الخلاصة: لا اعتمد على شئ مما يرويه. (2) نيطت علقت: والتمائم جمع التميمة وهى العوذة تعلق في يد الطفل (في). [ * ]

[ 468 ]

” ابن بابويه (1) “. 4 – الحسين بن محمد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمارة، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما كان في الليلة التي وعد فيها علي بن الحسين عليهما السلام قال لمحمد عليه السلام: يا بني ابغني وضوء ا قال: فقمت فجئته بوضوء، قال: لا أبغي هذا فإن فيه شيئا ميتا قال: فخرجت فجئت بالمصباح فإذا فيه فارة ميتة فجئته بوضوء غيره، فقال: يا بني هذه الليلة التي وعدتها، فأوصى بناقته أن يحظر لها حظار وأن يقام لها علف فجعلت فيه. قال: فلم تلبث أن خرجت حتى أتت القبر فضربت بجرانها ورغت وهملت عيناها، فاتي محمد بن علي فقيل له: إن الناقة قد خرجت فأتاها فقال: صه الآن قومي بارك الله فيك، فلم تفعل، فقال: وإن كان ليخرج عليها إلى مكة فيعلق السوط على الرحل فما يقرعها حتى يدخل المدينة، قال: وكان علي بن الحسين عليهما السلام يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتى يأتي بابا بابا فيقرعه ثم ينيل من يخرج إليه فلما مات علي بن الحسين عليهما السلام فقدوا ذاك، فعلموا أن عليا عليه السلام كان يفعله. 5 – محمد بن أحمد، عن عمه عبد الله بن الصلت، عن الحسن بن علي بن بنت إلياس عن أبي الحسن عليه السلام قال: سمعته يقول: إن علي بن الحسين عليهما السلام لما حضرته الوفاة اغمي عليه ثم فتح عينيه وقرأ إذا وقعت الواقعة، وإنا فتحنا لك و قال: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء، فنعم أجر العاملين، ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا. 6 – سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قبض علي بن الحسين عليهما السلام وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين، عاش بعد الحسين خمسا وثلاثين سنة.


(1) هذه اشارة إلى ان هذا الحديث االاتى كان في نسخة الصدوق محمد بن بابويه (ره) إذ تبين بالتتبع ان النسخ التى رواها تلامذة الكليني بواسطة أو بدونها كانت مختلفة فعرض الافاضل المتأخرون عن عصرهم تلك النسخ بعضها على بعض فما كان فيها من اختلاف اشاروا إليه كما مر مرارا (آت). [ * ]

[ 469 ]

(باب) * (مولد ابي جعفر محمد بن علي عليه السلام) * ولد أبو جعفر عليه السلام سنة سبع وخمسين وقبض عليه السلام سنة أربع عشرة ومائة وله سبع وخمسون سنة. ودفن بالبقيع بالمدينة في القبر الذي دفن فيه أبوه علي بن الحسين عليهما السلام وكانت امه ام عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وعلى ذريتم الهادية. 1 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد، عن صالح بن مزيد، عن عبد الله بن المغيرة، عن أبي الصباح، عن أبي جعفر عليه السلام قال كانت امي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار وسمعنا هدة شديدة، فقالت بيدها: لا وحق المصطفى ما أذن الله لك في السقوط، فبقي معلقا في الجو حتى جازته فتصدق أبي عنها بمائة دينار، قال أبو الصباح: وذكر أبو عبد الله عليه السلام جدته ام أبيه يوما فقال: كانت صديقة، لم تدرك في آل الحسن امرأة مثلها. محمد بن الحسن، عن عبد الله بن أحمد مثله. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن جابر بن عبد الله الانصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله (1) وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت وكان يقعد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو معتجر (2) بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر العلم، يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر ولكني سمعت رسول الله صلى اله عليه وآله يقول: إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقرا، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول، قال: فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مر بطريق في ذاك الطريق كتاب فيه محمد بن علي فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: شمائل رسول الله صلى الله عليه وآله والذي نفسي بيده، يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي محمد بن علي بن الحسين، فأقبل عليه يقبل رأسه


(1) مات جابر بالمدينة سنة اربع وسبعين وقيل: ثمان وسبعين (آت) (2) في بعض النسخ [ معتم ]. [ * ]

[ 470 ]

ويقول: بأبي أنت وامي أبوك رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام ويقول ذلك، قال: فرجع محمد بن علي بن الحسين إلى أبيه وهو ذعر فأخبره الخبر، فقال له: يا بني وقد فعلها جابر، قال نعم قال: الزم بيتك يا بني فكان جابر يأتيه طرفي النهار و كان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يلبث أن مضى علي بن الحسين عليهما السلام فكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول الله صلى الله عليه وآله (1) قال: فجلس عليه السلام يحدثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا أجرأ من هذا، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا قط أكذب من هذا يحدثنا عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله، قال فصدقوه وكان جابر بن عبد الله يأتيه فيتعلم منه. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن مثنى الحناط عن أبي بصير قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فقلت له: أنتم ورثة رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، قلت: رسول الله صلى الله عليه وآله وارث الانبياء، علم كما علموا؟ قال لي: نعم، قلت: فأنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرؤا الاكمه والابرص؟ قال: نعم بإذن الله، ثم قال لي: ادن مني يا أبا محمد فدنوت منه فمسح على وجهي وعلى عيني فابصرت الشمس والسماء والارض والبيوت وكل شئ في البلد (2) ثم قال لي: أتحب أن تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصا؟ قالت: أعود كما كنت، فمسح على عيني فعدت كما كنت، قال: فحدثت ابن أبي عمير بهذا، فقال أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق. 4 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن علي، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عنده يوما إذ وقع


(1) هذا ينافى ما مر من تاريخي وفاتهما إذ وفاة على بن الحسين عليه السلام كانت في عام خمس أو اربع وتسعين ووفاة جابر على كل الاقوال كانت قبل الثمانين. (آت) (2) في بعض النسخ [ في الدار ]. [ * ]

[ 471 ]

زوج ورشان على الحائط وهدلا هديلهما (1) فرد أبو جعفر عليه السلام عليهما كلامهما ساعة، ثم نهضا، فلما طارا على الحائط هدل الذكر على الانثى ساعة، ثم نهضا فقلت: جعلت فداك ما هذا الطير؟ قال: يا ابن مسلم كل شئ خلقه الله من طير أو بهيمة أو شئ فيه روح فهو أسمع لنا وأطوع من ابن آدم إن هذا الورشان ظن بامرأته فحلفت له ما فعلت فقالت: ترضى بمحمد بن علي، فرضيا بي فأخبرته أنه لها ظالم فصدقها. 5 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط، عن صالح بن حمزة عن أبيه، عن أبي بكر الحضرمي قال: لما حمل أبو جعفر عليه السلام إلى الشام إلى هشام ابن عبد الملك وصار ببابه قال لاصحابه ومن كان بحضرته من بني امية: إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه ثم أمر أن يؤذن له، فلما دخل عليه أبو جعفر عليه السلام قال بيده: السلام عليكم فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير إذن، فأقبل يوبخه ويقول فيما يقول له: يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ودعا إلى نفسه وزعم أنه الامام سفها وقلة علم، ووبخه بما أراد أن يوبخه فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم، فلما سكت القوم نهض عليه السلام قائما ثم قال: أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم، بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم، فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكا مؤجلا وليس بعد ملكنا ملك لانا أهل العاقبة يقول الله عزوجل: ” والعاقبة للمتقين (2) ” فأمر به إلى الحبس فلما صار إلى الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل الا ترشفه (3) وحن إليه، فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال: يا أمير المؤمنين إني خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا، ثم أخبره بخبره، فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة وأمر أن لا يخرج لهم الاسواق وحال بينهم وبين الطعام والشراب فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا حتى انتهوا إلى مدين، فاغلق باب المدينة دونهم فشكا أصحابه


(1) الهديل صوت الحمام أو خاص بوحشيها. (آت) (2) في سورة الاعراف – 125 و استعينوا بالله واصبروا ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. أو في سورة القصص: 83. (3) ترشفه أي مصه وهو كناية عن المبالغة في اخذ العلم عنه. [ * ]

[ 472 ]

الجوع والعطش قال: فصعد جبلا ليشرف عليهم فقال بأعلى صوته: يا أهل المدينة الظالم أهلها أنا بقية الله، يقول الله: ” بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ (1) ” قال: وكان فيهم شيخ كبير فأتاهم فقال لهم: يا قوم هذه والله دعوة شعيب النبي والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالاسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني في هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فإني لكم ناصح، قال: فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه بالاسواق، فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به. 6 – سعد بن عبد الله والحميري جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي ابن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قبض محمد بن علي الباقر وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام أربع عشرة ومائة، عاش بعد علي بن الحسين عليهما السلام تسع عشرة سنة وشهرين. (باب) * (مولد ابي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام) * ولد أبو عبد الله عليه السلام سنة ثلاث وثمانين ومضى في شوال من سنة ثمان واربعين ومائة وله خمس وستون سنة ودفن بالبقيع في القبر الذي دفن فيه أبوه وجده والحسن ابن علي عليهم السلام وامه ام فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وامها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر. 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن أحمد، عن إبراهيم بن الحسن قال: حدثني وهب بن حفص، عن إسحاق بن جرير قال: أبو عبد الله عليه السلام كان سعيد ابن المسيب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين عليهما السلام قال: وكانت امي ممن آمنت واتقت وأحسنت والله يحب المحسنين، قال: وقالت امي: قال أبي: يا ام فروة إني لادعو الله لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة ألف مرة، لانا نحن فيما ينوبنا من الرزايا نصبر على ما نعلم من الثواب وهم يصبرون على ما لا يعلمون.


(1) هود: 87. [ * ]

[ 473 ]

2 – بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن المفضل بن عمر قال وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد وهو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمد داره، فألقى النار في دار أبي عبد الله الله فأخذت النار في الباب والدهليز، فخرج أبو عبد الله عليه السلام يتخطى النار ويمشي فيها ويقول: أنا ابن أعراق الثرى أنا ابن إبراهيم خليل الله عليه السلام. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن البرقي، عن أبيه، عمن ذكره عن رفيد مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة (1) قال: سخط علي ابن هبيرة وحلف علي ليقتلني فهربت منه وعذت بأبي عبد الله عليه السلام فأعلمته خبري، فقال لي: انصرف واقرأه مني السلام وقل له: إني قد آجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء، فقلت له: جعلت فداك شامي خبيث الرأي فقال: اذهب إليه كما أقول لك، فأقبلت فلما كنت في بعض البوادي استقبلني أعرابي، فقال: أين تذهب إني أرى وجه مقتول، ثم قال لي: أخرج يدك، ففعلت فقال: يد مقتول، ثم قال لي: أبرز رجلك فأبرزت رجلي، فقال: رجل مقتول، ثم قال لي: أبرز جسدك؟ ففعلت، فقال: جسد مقتول، ثم قال لي: أخرج لسانك، ففعلت، فقال لي: امض، فلا بأس عليك فإن في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال الرواسي لانقادت لك، قال: فجئت حتى وقفت على باب ابن هبيرة، فاستأذنت، فلما دخلت عليه قال: أتتك بحائن رجلاه يا غلام النطع والسيف، ثم أمر بي فكتفت وشد رأسي وقام علي السياف ليضرب عنقي فقلت: أيها الامير لم تظفر بي عنوة وإنما جئتك من ذات نفسي وههنا أمر أذكره لك ثم أنت وشأنك، فقال: قل، فقلت: أخلني فأمر من حضر فخرجوا فقلت له: جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول لك: قد آجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء فقال: والله لقد قال لك جعفر [ بن محمد ] هذه المقالة وأقرأني السلام؟! فحلفت له فردها علي ثلاثا ثم حل أكتافي، ثم قال: لا يقنعني منك حتى تفعل لي ما فعلت بك، قلت: ما تنطلق يدي بذاك ولا تطيب به نفسي، فقال: والله ما يقنعني إلا ذاك، ففعلت به كما فعل بي وأطلقته فناولني خاتمه وقال: اموري في يدك فدبر فيها ما شئت.


(1) كذا والصحيح عمر بن يزيد بن هبيرة كان والى العراق من قبل مروان بن محمد. [ * ]

[ 474 ]

4 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد العزيز، عن الخيبري عن يونس بن ظبيان ومفضل بن عمر وأبي سلمة السراج والحسين بن ثوير بن أبي فاختة قالوا كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال: عندنا خزائن الارض ومفاتيحها ولو شئت أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب لاخرجت، قال: ثم قال بإحدى رجليه فخطها في الارض خطا فانفرجت الارض ثم قال بيده: فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر ثم قال: انظروا حسنا، فنظرنا فإذا سبائك كثيرة بعضها على بعض يتلالا فقال له بعضنا: جعلت فداك اعطيتم ما اعطيتم وشيعتكم محتاجون؟ قال: فقال: إن الله سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة ويدخلهم جنات النعيم ويدخل عدونا الجحيم. 5 – الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن بعض أصحابه، عن أبي بصير قال: كان لي جار يتبع السلطان فأصاب مالا، فأعد قيانا وكان يجمع الجميع إليه و يشرب المسكر ويؤذيني، فشكوته إلى نفسه غير مرة، فلم ينته فلما أن ألححت عليه فقال لي: يا هذا أنا رجل مبتلى وأنت رجل معافى، فلو عرضتني لصاحبك رجوت أن ينقذني الله بك، فوقع ذلك له في قلبي فلما صرت إلى أبي عبد الله عليه السلام ذكرت له حاله فقال لي: إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له: يقول لك جعفر بن محمد: دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنة، فلما رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى، فاحتبسته عندي حتى خلا منزلي ثم قلت له: يا هذا إني ذكرتك لابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام فقال لي: إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له: يقول لك جعفر بن محمد: دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنة، قال: فبكى ثم قال لي: الله لقد قال لك أبو عبد الله هذا؟ قال: فحلفت له أنه قد قال لي ما قلت، فقال لي: حسبك ومضى، فلما كان بعد أيام بعث إلي فدعاني وإذا هو خلف داره عريان، فقال لي: يا أبا بصير لا والله ما بقي في منزلي شئ إلا وقد أخرجته وأنا كما ترى، قال: فمضيت إلى إخواننا فجمعت له ما كسوته به ثم لم تأت عليه أيام يسيرة حتى بعث إلي أني عليل فأتني، فجعلت أختلف إليه واعالجه حتى نزل به الموت فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه، فغشي عليه غشية ثم أفاق، فقال لي: يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا، ثم قبض – رحمة الله عليه – فلما حججت أتيت أبا عبد الله عليه السلام فاستأذنت عليه فلما دخلت قال لي ابتداء من داخل البيت وإحدى


[ 475 ]

رجلي في الصحن والاخرى في دهليز داره: يا أبا بصير! قد وفينا لصاحبك. 6 – أبو علي الاشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن محمد بن الاشعث قال: قال لي: أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الامر و معرفتنا به؟ وما كان عندنا منه ذكر ولا معرفة شئ مما عند الناس، قال: قلت له: ما ذاك؟ قال: إن أبا جعفر – يعني أبا الدوانيق – قال لابي، محمد بن الاشعث: يا محمد ابغ لي رجلا له عقل يؤدي عني فقال له أبي: قد أصبته لك هذا فلان ابن مهاجر خالي قال: فأتني به، قال: فأتيته بخالي فقال له أبو جعفر: يا ابن مهاجر خذ هذا المال وأت المدينة وأت عبد الله بن الحسن بن الحسن وعدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد فقل لهم: إني رجل غريب من أهل خراسان وبها شيعة من شيعتكم وجهوا إليكم بهذا المال، وادفع إلى كل واحد منهم على شرط كذا وكذا، فإذا قبضوا المال فقل: إني رسول واحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم، فأخذ المال وأتى المدينة فرجع إلى أبي الدوانيق ومحمد بن الاشعث عنده، فقال له أبو الدوانيق ما وراءك قال: أتيت القوم وهذه خطوطهم بقبضهم المال خلا جعفر بن محمد، فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فجلست خلفه وقلت حتى ينصرف فأذكر له ما ذكرت لاصحابه، فعجل وانصرف، ثم التفت إلي فقال: يا هذا اتق الله ولا تغر أهل بيت محمد فإنهم قريبوا العهد بدولة (1) بني مروان وكلهم محتاج، فقلت: وما ذاك؟ أصلحك الله قال: فأدنى رأسه مني وأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتى كأنه كان ثالثنا قال: فقال له أبو جعفر: يا أبن مهاجر! اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيه محدث وإن جعفر بن محمد محدثنا اليوم، وكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة. 7 – سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قبض أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام وهو ابن خمس وستين سنة، في عام ثمان وأربعين ومائة وعاش بعد أبي جعفر عليه السلام أربعا وثلاثين سنة. 8 – سعد بن عبد الله، عن أبي جعفر محمد بن عمر بن سعيد، عن يونس بن يعقوب


(1) في بعض النسخ [ من دولة ]. [ * ]

[ 476 ]

عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: سمعته يقول: أنا كفنت أبي في ثوبين شطويين (1) كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه وفي عمامة كانت لعلي بن الحسين عليهما السلام وفي برد اشتراه بأربعين دينارا. (باب) * (مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام) * ولد أبو الحسن موسى عليه السلام بالابواء سنة ثمان وعشرين ومائة وقال بعضهم. تسع وعشرين ومائة وقبض عليه السلام لست خلون من رجب من سنة ثلاث وثمانين ومائة وهو ابن أربع أو خمس وخمسين سنة وقبض عليه السلام ببغداد في حبس السندي بن شاهك وكان هارون حمله من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومائة وقد قدم هارون المدينة منصرفه من عمرة شهر رمضان، ثم شخص هارون إلى الحج وحمله معه، ثم انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر، ثم أشخصه إلى بغداد، فحبسه عند السندي بن شاهك فتوفي عليه السلام في حبسه ودفن ببغداد في مقبرة قريش وامه ام ولد يقال لها: حميدة. 1 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن علي بن السندي القمي قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: دخل ابن عكاشة بن محصن الاسدي على أبي جعفر وكان أبو عبد الله عليه السلام قائما عنده فقدم إليه عنبا، فقال: حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير وثلاثة وأربعة ياكله من يظن أنه لا يشبع وكله حبتين حبتين، فإنه يستحب فقال لابي جعفر عليه السلام: لاي شئ لا تزوج أبا عبد الله فقد أدرك التزويج؟ قال وبين يديه صرة مختومة فقال: أما إنه سيجيئ نخاس من أهل بربر فينزل دار ميمون، فنشتري له بهذه الصرة جارية، قال: فأتى لذلك ما أتى، فدخلنا يوما على أبي جعفر عليه السلام فقال: ألا اخبركم عن النخاس الذي ذكرته لكم قد قدم، فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة منه جارية، قال: فأتينا النخاس فقال: قد بعت ما كان عندي إلا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الاخرى، قلنا: فأخرجهما حتى ننظر إليهما فأخرجهما، فقلنا: بكم تبيعنا هذه المتماثلة قال: بسبعين دينارا


(1) شطا اسم قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب. [ * ]

[ 477 ]

قلنا أحسن قال: لا أنقص من سبعين دينار، قلنا له نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت ولا ندري ما فيها وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال: فكوا وزنوا، فقال النخاس: لا تفكوا فانها إن نقصت حبة من سبعين دينارا لم ابايعكم فقال الشيخ: ادنوا، فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير فإذا هي سبعون دينارا لا تزيد ولا تنقص فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر عليه السلام وجعفر قائم عنده فأخبرنا أبا جعفر بما كان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لها: ما اسمك؟ قالت: حميدة، فقال حميدة في الدنيا، محمودة في الآخرة، أخبريني عنك أبكر أنت أم ثيب؟ قالت: بكر قال: وكيف ولا يقع في أيدي النخاسين شئ إلا أفسدوه، فقالت: قد كان يجيئني فيقعد مني مقعد الرجل من المرأة فيسلط الله عليه رجلا أبيض الرأس واللحية فلا يزال يلطمه حتى يقوم عني، ففعل بي مرارا وفعل الشيخ به مرارا فقال: يا جعفر خذها إليك فولدت خير أهل الارض موسى بن جعفر عليه السلام. 2 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عبد الله بن أحمد، عن علي بن الحسين، عن ابن سنان، عن سابق بن الوليد، عن المعلى بن خنيس أن أبا عبد الله عليه السلام قال: حميدة مصفاة من الادناس كسبيكة الذهب، ما زالت الاملاك تحرسها حتى اديت إلي كرامة من الله لي والحجة من بعدي. 3 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن أبي قتادة القمي، عن أبي خالد الزبالي قال: لما اقدم بأبي الحسن موسى عليه السلام على المهدي القدمة الاولى نزل زبالة فكنت احدثه، فرآني مغموما فقال لي: يا أبا خالد مالي أراك مغموما، فقلت: وكيف لا أغتم وأنت تحمل إلى هذه الطاغية ولا أدري ما يحدث فيك، فقال: ليس علي بأس إذا كان شهر كذا وكذا ويوم كذا فوافقني في أول الميل، فما كان لي هم إلا إحصاء الشهور والايام حتى كان ذلك اليوم فوافيت الميل فما زلت عنده حتى كادت الشمس أن تغيب ووسوس الشيطان في صدري وتخوفت أن أشك فيما قال، فبينا أنا كذلك إذا نظرت إلى سواد قد أقبل من ناحية العراق، فاستقبلتهم فإذا أبو الحسن عليه السلام أمام القطار على بغلة، فقال:


[ 478 ]

إيه (1) يا أبا خالد، قلت: لبيك يا ابن رسول الله، فقال لا تشكن، ود الشيطان أنك شككت، فقلت الحمد لله الذي خلصك منهم فقال: إن لي إليهم عودة لا أتخلص منهم. 4 – أحمد بن مهران وعلي بن إبراهيم جميعا، عن محمد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر بن إبراهيم قال: كنت عند أبي الحسن موسى عليه السلام إذ أتاه رجل نصراني ونحن معه بالعريض (2) فقال له النصراني: أتيتك من بلد بعيد وسفر شاق وسألت ربي منذ ثلاثين ستة أن يرشدني إلى خير الاديان وإلى خير العباد وأعلمهم و أتاني آت في النوم فوصف لي رجلا بعليا دمشق، فانطلقت حتى أتيته فكلمته، فقال: أنا أعلم أهل ديني وغيري أعلم مني، فقلت: أرشدني إلى من هو أعلم منك فإني لا أستعظم السفر ولا تبعد علي الشقة ولقد قرأت الانجيل كلها ومزامير داود وقرأت اربعة أسفار من التوراة وقرأت ظاهر القرآن حتى استوعبته كله، فقال لي العالم: إن كنت تريد علم النصرانية فأنا اعلم العرب والعجم بها وإن كنت تريد علم اليهود فباطي بن شرحبيل السامري أعلم الناس بها اليوم، وإن كنت تريد علم الاسلام و علم التوراة وعلم الانجيل وعلم الزبور وكتاب هود وكلما انزل على نبي من الانبياء في دهرك ودهر غيرك وما انزل من السماء من خبر فعلمه أحد أو لم يعلم به احد، فيه تبيان كل شئ وشفاء للعالمين وروح لمن استروح إليه وبصيرة لمن أراد الله به خيرا وانس إلى الحق فارشدك إليه، فأته ولو مشيا على رجليك، فإن لم تقدر فحبوا (3) على ركبتيك، فإن لم تقدر فزحفا على إستك، فإن لم تقدر فعلى وجهك، فقلت: لا بل أنا أقدر على المسير في البدن والمال، قال: فانطلق من فورك حتى تأتي يثرب، فقلت: لا أعرف يثرب، قال: فانطلق حتى تأتي مدينة النبي صلى الله عليه وآله الذي بعث في العرب وهو النبي العربي الهاشمي فإذا دخلتها فسل عن بني غنم بن مالك بن النجار وهو عند باب مسجدها وأظهر بزة (4) النصرانية وحليتها فإن واليها يتشدد عليهم والخليفة أشد، ثم تسأل عن بني عمرو بن مبذول وهو ببقيع الزبير، ثم تسأل عن موسى بن جعفر وأين منزله وأين هو؟ مسافر أم حاضر فإن كان مسافرا فالحقه فإن سفره أقرب مما ضربت إليه


(1) في اكثر النسخ [ إبهمن ]. (2) عريض كزبير واد بالمدينة (في). (3) في بعض النسخ [ ولو جثوا ]. (4) البزة بالكسر: الهيئة. [ * ]

[ 479 ]

ثم أعلمه أن مطران عليا الغوطة (1) – غوطة دمشق – هو الذي أرشدني إليك وهو يقرئك السلام كثيرا ويقول لك: إني لاكثر مناجات ربي أن يجعل إسلامي على يديك، فقص هذه القصة وهو قائم معتمد على عصاه، ثم قال: إن أذنت لي يا سيدي كفرت لك (2) وجلست فقال: آذن لك ان تجلس ولا آذن لك أن تكفر، فجلس ثم ألقى عنه برنسه ثم قال: جعلت فداك تأذن لي في الكلام؟ قال: نعم ما جئت إلا له، فقال له النصراني: اردد على صحابي السلام أو ما ترد السلام، فقال أبو الحسن عليه السلام: على صاحبك أن هداه الله فأما التسليم فذاك إذا صار في ديننا، فقال النصراني: إني أسألك – أصلحك الله – قال: سل، قال: أخبرني عن كتاب الله تعالى الذي انزل على محمد ونطق به، ثم وصفه بما وصفه به، فقال: ” حم * والكتاب المبين * إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين * فيها يفرق كل أمر حكيم (3) ” ما تفسيرها في الباطن؟ فقال: أما حم فهو محمد صلى الله عليه وآله وهو في كتاب هود الذي انزل عليه وهو منقوص الحروف وأما ” الكتاب المبين ” فهو أمير المؤمنين علي عليه السلام وأما الليلة ففاطمة وأما قوله: ” فيها يفرق كل أمر حكيم ” يقول: يخرج منها خير كثير فرجل حكيم ورجل حكيم فقال الرجل: صف لي الاول والآخر من هؤلاء الرجال، فقال: إن الصفات تشتبه ولكن الثالث من القوم أصف لك ما يخرج من نسله وإنه عندكم لفي الكتب التي نزلت عليكم، إن لم تغيروا وتحرفوا وتكفروا وقديما ما فعلتم، قال له النصراني: إني لا أستر عنك ما علمت ولا أكذبك وأنت تعلم ما أقول في صدق ما أقول وكذبه والله لقد أعطاك الله من فضله، وقسم عليك من نعمه ما لا يخطره الخاطرون ولا يستره الساترون ولا يكذب فيه من كذب، فقولي لك في ذلك الحق كما ذكرت، فهو كما ذكرت (4)، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: اعجلك أيضا خبرا لا يعرفه إلا قليل ممن قرأ الكتب، أخبرني ما اسم ام مريم وأي يوم نفخت فيه مريم ولكم من ساعة من النهار، وأي يوم وضعت مريم فيه عيسى عليه السلام ولكم من ساعة من النهار؟ ققال النصراني: لا أدري، فقال أبو إبراهيم عليه السلام: أما أم مريم فاسمها مرثا وهي وهيبة بالعربية وأما


(1) الغوطة بالضم موضع بالشام كثير الماء والشجر وهو غوطة دمشق. (2) التكفير وضع اليدين على الصدر (3) الدخان: 4 1. (4) في بعض النسخ [ كلما ذكرت ]. [ * ]

[ 480 ]

اليوم الذي حملت فيه مريم فهو يوم الجمعة للزوال وهو اليوم الذي هبط فيه الروح الامين وليس للمسلمين عيد كان أولى منه، عظمه الله تبارك وتعالى وعظمه محمد صلى الله عليه وآله، فأمر أن يجعله عيدا فهو يوم الجمعة وأما اليوم الذي ولدت فيه مريم فهو يوم الثلثاء، لاربع ساعات ونصف من النهار والنهر الذي ولدت عليه مريم عيسى عليه السلام هل تعرفه؟ قال: لا، قال: هو الفرات وعليه شجر النخل والكرم وليس يساوي بالفرات شئ للكروم والنخيل، فأما اليوم الذي حجبت فيه لسانها ونادى قيدوس ولده وأشياعه فأعانوه و أخرجوا آل عمران لينظروا إلى مريم، فقالوا لها ما قص الله عليك في كتابه وعلينا في كتابه، فهل فهمته؟ قال: نعم وقرأته اليوم الا حدث، قال: إذن لا تقوم من مجلسك حتى يهديك الله، قال النصراني: ما كان اسم امي بالسريانية وبالعربية؟ فقال: كان اسم امك بالسريانية عنقالية وعنقورة كان اسم جدتك لابيك وأما اسم امك بالعربية فهو مية وأما اسم أبيك فعبد المسيح وهو عبد الله بالعربية وليس للمسيح عبد، قال: صدقت وبررت، فما كان اسم جدي؟ قال: كان اسم جدك جبرئيل وهو عبد الرحمن سميته في مجلسي هذا قال: أما إنه كان مسلما؟ قال أبو إبراهيم عليه السلام: نعم وقتل شهيدا، دخلت عليه أجناد فقتلوه في منزله غيلة والاجناد من أهل الشام، قال: فما كان اسمي قبل كنيتي؟ قال: كان اسمك عبد الصليب، قال: فما تسميني؟ قال اسميك عبد الله، قال: فإني آمنت بالله العظيم وشهدت أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فردا صمدا، ليس كما تصفه النصارى وليس كما تصفه اليهود ولا جنس من أجناس الشرك، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق فابان به لاهله وعمي المبطلون وأنه كان رسول الله إلى الناس كافة إلى الاحمر والاسود كل فيه مشترك فأبصر من أبصر واهتدى من اهتدى وعمي المبطلون وضل عنهم ما كانوا يدعون، وأشهد أن وليه نطق بحكمته وأن من كان قبله من الانبياء نطقوا بالحكمة البالغة وتوازوا على الطاعة لله وفارقوا الباطل وأهله والرجس وأهله وهجروا سبيل الضلالة ونصرهم الله بالطاعة له وعصمهم من المعصية، فهم لله أولياء وللدين أنصار، يحثون على الخير ويأمرون به، آمنت بالصغير منهم والكبير ومن ذكرت منهم ومن لم أذكر وآمنت بالله تبارك وتعالى رب العالمين، ثم قطع زناره


[ 481 ]

وقطع صليبا كان في عنقه من ذهب، ثم قال: مرني حتى أضع صدقتي حيث تأمرني فقال: ههنا أخ لك كان على مثل دينك وهو رجل من قومك من قيس بن ثعلبة وهو في نعمة كنعمتك فتواسيا وتجاورا ولست أدع أن ارود عليكما حقكما في الاسلام فقال: والله – أصلحك الله – إني لغني ولقد تركت ثلاثمائة طروق بين فرس وفرسة و تركت ألف بعير، فحقك فيها أوفر من حقي، فقال له: أنت مولى الله ورسوله وأنت في حد نسبك على حالك، فحسن إسلامه وتزوج امرأة من بني فهر وأصدقها أبو إبراهيم عليه السلام خمسين دينارا من صدقة علي بن أبي طالب عليه السلام وأخدمه وبوأه وأقام حتى اخرج أبو إبراهيم عليه السلام (2)، فمات بعد مخرجه بثمان وعشرين ليلة. 5 – علي بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعا، عن محمد بن علي، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر قال: كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام وأتاه رجل من أهل نجران اليمن من الرهبان ومعه راهبة، فاستأذن لهما الفضل بن سوار، فقال له: إذا كان غدا فأت بهما عند بئر ام خير، قال: فوافينا من الغد فوجدنا القوم قد وافوا فأمر بخصفة بواري، ثم جلس وجلسوا فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن مسائل كثيرة، كل ذلك يجيبها، وسألها أبو إبراهيم عليه السلام عن أشياء، لم يكن عندها فيه شئ، ثم أسلمت ثم أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في كل ما يسأله، فقال الراهب: قد كنت قويا على ديني وما خلفت أحدا من النصارى في الارض يبلغ مبلغي في العلم ولقد سمعت برجل في الهند، إذا شاء حج إلى بيت المقدس في يوم وليلة، ثم رجع إلى منزله بارض الهند فسألت عنه بأي أرض هو؟ فقيل لي: إنه بسبذان (3) وسألت الذي اخبرني فقال: هو علم الاسم الذي ظفر به آصف صاحب سليمان لما أتى بعرش سبأ وهو الذي ذكره الله لكم في كتابكم ولنا معشر الاديان في كتبنا، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: فكم لله من اسم لا يرد؟ فقال الراهب: الاسماء كثيرة فأما المحتوم منها الذي لا يرد سائله فسبعة، فقال له أبو الحسن عليه السلام: فأخبرني عما تحفظ منها، قال الراهب لا والله الذي أنزل التوراة على موسى وجعل عيسى عبرة للعالمين وفتنة لشكر اولي


(1) الطروق: الضراب (2) يعنى إلى بغداد بامر الخليفة. (3) في بعض النسخ [ بسندان ] وكذا فيما يأتي. [ * ]

[ 482 ]

الالباب وجعل محمدا بركة ورحمة وجعل عليا عليه السلام عبرة وبصيرة وجعل الاوصياء من نسله ونسل محمد ما أدري، ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: عد إلى حديث الهندي، فقال له الراهب: سمعت بهذه الاسماء ولا أدري ما بطانتها ولا شرايحها ولا أدري ما هي ولا كيف هي ولا بدعائها، فانطلقت حتى قدمت سبذان الهند، فسألت عن الرجل، فقيل لي: إنه بنى ديرا في جبل فصار لا يخرج ولا يرى إلا في كل سنة مرتين وزعمت الهند أن الله فجر له عينا في ديره وزعمت الهند انه يزرع له من غير زرع يلقيه ويحرث له من غير حرث يعمله، فانتهيت إلى بابه فأقمت ثلاثا، لا أدق الباب ولا اعالج الباب، فلما كان اليوم الرابع فتح الله الباب وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها، يكاد يخرج ما في ضرعها من اللبن فدفعت الباب فانفتخ فتبعتها ودخلت، فوجدت الرجل قائما ينظر إلى السماء فيبكي وينظر إلى الارض فيبكي وينظر إلى الجبال فيبكي، فقلت: سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا، فقال لي: والله ما أنا إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك، فقلت له: اخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تبلغ به في كل يوم وليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك، فقال لي: وهل تعرف بيت المقدس؟ قلت: لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام؟ قال: ليس بيت المقدس ولكنه البيت المقدس وهو بيت آل محمد صلى الله عليه وآله، فقلت له: أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس، فقال لي: تلك محاريب الانبياء، وإنما كان يقال لها: حظيرة المحاريب، حتى جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما وقرب البلاء من أهل الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الاسماء وهو قول الله تبارك وتعالى – البطن لآل محمد والظهر مثل -: ” إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ” فقلت له: إني قد ضربت إليك من بلد بعيد، تعرضت إليك بحارا وغموما وهموما وخوفا وأصبحت وأمسيت مؤيسا إلا أكون ظفرت بحاجتي، فقال لي: ما أرى امك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع بامك إلا وقد اغتسل وجاء ها على طهر ولا أزعم إلا أنه قد كان درس السفر الرابع من سحره ذلك، فختم له بخير، ارجع من حيث جئت، فانطلق حتى تنزل


[ 483 ]

مدينة محمد صلى الله عليه وآله التي يقال لها: طيبة وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب، ثم اعمد إلى موضع منها يقال له: البقيع، ثم سل عن دار يقال لها: دار مروان، فانزلها وأقم ثلاثا ثم سل [ عن ] الشيخ الاسود الذي يكون على بابها يعمل البواري وهي في بلادهم، اسمها الخصف، فالطف بالشيخ وقل له: بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية في البيت الذي فيه الخشيبات الاربع، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني وسله أين ناديه وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه (1) أو يصفه لك، فتعرفه بالصفة وسأصفه لك، قلت: فإذا لقيته فاصنع ماذا؟ قال: سله عما كان وعما هو كائن وسله عن معالم دين من مضى ومن بقي، فقال له أبو إبراهيم عليه السلام: قد نصحك صاحبك الذي لقيت، فقال الراهب ما اسمه جعلت فداك؟ قال: هو متمم بن فيروز وهو من أبناء الفرس وهو ممن آمن بالله وحده لا شريك له وعبده بالاخلاص والايقان وفر من قومه لما خافهم، فوهب له ربه حكما وهداه لسبيل الرشاد وجعله من المتقين وعرف بينه وبين عباده المخلصين وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجا ويعتمر في رأس كل شهر مرة ويجيئ من موضعه من الهند إلى مكة، فضلا من الله وعونا وكذلك يجزي الله الشاكرين، ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة، كل ذلك يجيبه فيها وسأل الراهب عن أشياء، لم يكن عند الراهب فيها شئ، فأخبره بها، ثم إن الراهب قال: أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الارض منها أربعة وبقي في الهواء منها أربعة، على من نزلت تلك الاربعة التي في الهواء ومن يفسرها؟ قال: ذاك (2) قائمنا، ينزله الله عليه فيفسره وينزل عليه ما لم ينزل على الصديقين والرسل والمهتدين، ثم قال الراهب، فأخبرني عن الاثنين من تلك الاربعة الاحرف التي في الارض ما هي؟ قال: اخبرك بالاربعة كلها، أما أولهن فلا إله إلا الله وحده لا شريك له باقيا، والثانية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله مخلصا، والثالثة نحن أهل البيت، والرابعة شيعتنا منا ونحن من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله من الله بسبب، فقال له الراهب، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن ما جاء به من عند الله حق وأنكم صفوة الله من خلقه وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون (3)


(1) الالف من اشباع الفتحة وفى بعض النسخ [ فليريكه ]. (2) في بعض النسخ [ ذلك ]. (3) في بعض النسخ [ المستدلون ]. [ * ]

[ 484 ]

ولهم عاقبة الله رب العالمين، فدعا أبو إبراهيم عليه السلام بجبة خز وقميص قوهي (1) وطيلسان وخف وقلنسوة، فأعطاه إياها وصلى الظهر وقال له: اختتن، فقال: قد اختتنت في سابعي (2). 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن المغيرة قال: مر العبد الصالح بامرأة بمنى وهي تبكي وصبيانها حولها يبكون، وقد ماتت لها بقرة، فدنا منها ثم قال لها: ما يبكيك يا أمة الله؟ قالت: يا عبد الله إن لنا صبيانا يتامى وكانت لي بقرة معيشتي ومعيشة صبياني كان منها وقد ماتت و بقيت منقطعا بي وبولدي لا حيلة لنا فقال: يا أمة الله هل لك أن أحييها لك، فالهمت أن قالت نعم يا عبد الله، فتنحى وصلى ركعتين، ثم رفع يده هنيئة وحرك شفتيه، ثم قام فصوت بالبقرة فنخسها نخسة (3) أو ضربها برجله، فاستوت على الارض قائمة، فلما نظرت المرأة إلى البقرة صاحت (4) وقالت: عيسى ابن مريم ورب الكعبة، فخالط الناس وصار بينهم ومضى عليه السلام. 7 – أحمد بن مهران – رحمه الله – عن محمد بن علي، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق ابن عمار قال: سمعت العبد الصالح ينعى إلى رجل نفسه، فقلت في نفسي: وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته!؟ فالتفت إلي شبه المغضب، فقال: يا إسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا والامام أولى بعلم ذلك، ثم قال: يا إسحاق اصنع ما أنت صانع، فان عمرك قد فني وإنك تموت إلى سنتين وإخوتك و أهل بيتك لا يلبثون بعدك إلا يسيرا حتى تتفرق كلمتهم ويخون بعضهم بعضا حتى يشمت بهم عدوهم، فكان هذا في نفسك فقلت: فإني أستغفر الله بما عرض في صدري، فلم يلبث إسحاق بعد هذا المجلس إلا يسيرا حتى مات، فما أتى عليهم إلا قليل حتى قام بنو عمار بأموال الناس فأفلسوا.


(1) معرب (كوهى) ضرب من الثياب. (2) أي اليوم السابع من ولادتي. (3) نخس الدابة غرز جنبها أو مؤخرها بعود ونحوه فهاجت. (4) في بعض النسخ [ صرخت ]. [ * ]

[ 485 ]

8 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البجلي، عن علي بن جعفر قال: جاء ني محمد بن إسماعيل (1) وقد اعتمرنا عمرة رجب ونحن يومئذ بمكة، فقال: يا عم إني أريد بغداد وقد أحببت أن اودع عمي أبا الحسن – يعني موسى بن جعفر عليه السلام – وأحببت أن تذهب معي إليه، فخرجت معه نحو أخي وهو في داره التي بالحوبة وذلك بعد المغرب بقليل، فضربت الباب فأجابني أخي فقال: من هذا فقلت: علي، فقال: هوذا أخرج – وكان بطئ الوضوء – فقلت: العجل قال: وأعجل، فخرج وعليه إزار ممشق (2) قد عقده في عنقه حتى قعد تحت عتبة الباب، فقال علي بن جعفر: فانكببت عليه فقبلت رأسه وقلت: قد جئتك في أمر إن تره صوابا فالله وفق له، وإن يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطي قال: وما هو؟ قلت: هذا ابن أخيك يريد أن يودعك ويخرج إلى بغداد، فقال لي: ادعه فدعوته وكان متنحيا، فدنا منه فقبل رأسه وقال: جعلت فداك أوصني فقال: اوصيك أن تتقي الله في دمي فقال مجيبا له: من أرادك بسوء فعل الله به وجعل يدعو على من يريده بسوء، ثم عاد فقبل رأسه، فقال: يا عم أوصني فقال: اوصيك أن تتقي الله في دمي فقال: من أرادك بسوء فعل الله به وفعل، ثم عاد فقبل رأسه، ثم قال: يا عم أوصني، فقال: اوصيك أن تتقي الله في دمي فدعا على من أراده بسوء، ثم تنحى عنه ومضيت معه فقال لي أخي: يا علي مكانك فقمت مكاني فدخل منزله، ثم دعاني فدخلت إليه فتناول صرة فيها مائة دينار فأعطانيها وقال: قل لابن أخيك يستعين بها على سره قال علي: فأخذتها فأدرجتها في حاشية ردائي ثم ناولني مائة اخرى وقال: أعطه أيضا، ثم ناولني صرة اخرى وقال: أعطه أيضا فقلت: جعلت فداك إذا كنت تخاف منه مثل الذي ذكرت، فلم تعينه على نفسك؟ فقال: إذا وصلته وقطعني قطع الله أجله، ثم تناول مخدة أدم، فيها ثلاثة آلاف درهم وضح (3) وقال: أعطه هذه أيضا قال: فخرجت إليه فأعطيته المائة الاولى ففرح بها فرحا شديدا ودعا لعمه، ثم أعطيته الثانية والثالثة ففرح بها حتى ظننت أنه سيرجع ولا يخرج، ثم أعطيته الثلاثة آلاف درهم فمضى على وجهه حتى دخل على هارون


(1) هو ابن اسماعيل بن ابى عبد الله عليه السلام. (2) ممشق مصبوغ بالمشق وهو الطين الاحمر. (3) الوضح: الدرهم الصحيح. [ * ]

[ 486 ]

فسلم عليه بالخلافة وقال: ما ظننت أن في الارض خليفتين حتى رأيت عمي موسى بن جعفر يسلم عليه فالخلافة، فأرسل هارون إليه بمائة ألف درهم فرماه الله بالذبحة (1) فما نظر منها إلى درهم ولا مسه. 9 – سعد بن عبد الله و عبد الله بن جعفر جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: قبض موسى بن جعفر عليهما السلام وهو ابن أربع وخمسين سنة في عام ثلاث وثمانين ومائة. وعاش بعد جعفر عليه السلام خمسا وثلاثين سنة. (باب) * (مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام) * ولد أبو الحسن الرضا عليه السلام سنة ثمان وأربعين ومائة وقبض عليه السلام في صفر من سنة ثلاث ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة وقد اختلف في تاريخه إلا أن هذه التاريخ هو أقصد إن شاء الله وتوفي عليه السلام بطوس في قرية يقال لها: سناباد من نوقان على دعوة، ودفن بها وكان المأمون أشخصه من المدينة إلى مرو على طريق البصرة وفارس فلما خرج المأمون وشخص إلى بغداد أشخصه معه، فتوفي في هذه القرية. وامه ام ولد يقال لها: ام البنين. 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن هشام بن أحمر قال: قال لي أبو الحسن الاول: هل علمت أحدا من أهل المغرب قدم؟ قلت: لا، قال: بلى قد قدم رجل فانطلق بنا، فركب وركبت معه حتى انتهينا إلى الرجل فإذا رجل من أهل المدينة معه رقيق، فقلت له: اعرض علينا، فعرض علينا سبع جوار، كل ذلك يقول أبو الحسن عليه السلام: لا حاجة لي فيها، ثم قال: اعرض علينا، فقال: ما عندي إلا جارية مريضة فقال له: ما عليك أن تعرضها، فأبى عليه فانصرف، ثم أرسلني من الغد، فقال: قل له: كم كان غايتك فيها فإذا قال كذا وكذا، فقل: قد أخذتها، فأتيته فقال: ما كنت اريد أن أنقصها من كذا وكذا، فقلت: قد أخذتها فقال: هي لك ولكن أخبرني من الرجل الذي كان معك بالامس؟ فقلت رجل من بني هاشم، قال: من أي بني هاشم؟ فقلت: ما عندي أكثر من هذا فقال: اخبرك عن هذه الوصيفة أني اشتريتها من أقصى المغرب


(1) الذبحة كهمزة وعنبة وجع في الحلق أو دم يخنق فيقتل. [ * ]

[ 487 ]

فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ قلت: اشتريتها لنفسي فقالت: ما يكون ينبغي أن تكون هذه عند مثلك إن هذه الجارية أن تكون عند خير أهل الارض، فلا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاما ما يولد بشرق الارض ولا غربها مثله، قال: فأتيته بها فلم تلبث عنده إلا قليلا حتى ولدت الرضا عليه السلام. 2 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عمن ذكره، عن صفوان بن يحيى قال: لما مضى أبو إبراهيم عليه السلام وتكلم أبو الحسن عليه السلام خفنا عليه من ذلك، فقيل له: إنك قد أظهرت أمرا عظيما وإنا نخاف عليك هذه الطاغية، قال: فقال: ليجهد جهده، فلا سبيل له علي. 3 – أحمد بن مهران – رحمه الله – عن محمد بن علي، عن الحسن بن منصور، عن أخيه قال: دخلت على الرضا عليه السلام في بيت داخل في جوف بيت ليلا، فرفع يده، فكانت كأن في البيت عشرة مصابيح واستأذن عليه رجل فخلى يده، ثم أذن له. 4 – علي بن محمد، عن ابن جمهور، عن إبراهيم بن عبد الله، عن أحمد بن عبد الله عن الغفاري قال: كان لرجل من آل أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وآله يقال له: طيس علي حق له، فتقاضاني وألح علي وأعانه الناس، فلما رأيت ذلك صليت الصبح في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله، ثم توجهت نحو الرضا عليه السلام وهو يومئذ بالعريض، فلما قربت من بابه إذا هو قد طلع على حمار وعليه قميص ورداء، فلما نظرت إليه استحييت منه، فلما لحقني وقف ونظر إلي فسلمت عليه – وكان شهر رمضان – فقلت: جعلني الله فداك إن لمولاك طيس علي حقا وقد والله شهرني وأنا أظن في نفسي أنه يأمره بالكف عني ووالله ما قلت له كم له علي ولا سميت له شيئا، فأمرني بالجلوس إلى رجوعه، فلم أزل حتى صليت المغرب وأنا صائم، فضاق صدري وأردت أن أنصرف فإذا هو قد طلع علي وحوله الناس وقد قعد له السؤال وهو يتصدق عليهم، فمضى ودخل بيته، ثم خرج ودعاني فقمت إليه ودخلت معه، فجلس وجلست، فجعلت احدثه عن ابن المسيب وكان أمير المدينة وكان كثيرا ما احدثه عنه، فلما فرغت قال: لا أظنك أفطرت بعد؟ فقلت: لا، فدعا لي بطعام، فوضع بين يدي وأمر الغلام أن يأكل معي فاصبت والغلام


[ 488 ]

من الطعام، فلما فرغنا قال لي: ارفع الوسادة وخذ ما تحتها فرفعتها، وإذا دنانير فأخذتها ووضعتها في كمي وأمر أربعة من عبيده أن يكونوا معي حتى يبلغوني منزلي فقلت: جعلت فداك إن طائف ابن المسيب يدور وأكره أن يلقاني ومعي عبيدك، فقال لي: أصبت أصاب الله بك الرشاد وأمرهم أن ينصرفوا إذا رددتهم، فلما قربت من منزلي و آنست رددتهم، فصرت إلى منزلي ودعوت بالسراج ونظرت إلى الدنانير وإذا هي ثمانية وأربعون دينار وكان حق الرجل علي ثمانية وعشرين دينارا وكان فيها دينار يلوح فأعجبني حسنه فأخذته وقربته من السراج فإذا عليه نقش واضح: حق الرجل ثمانية وعشرون دينارا وما بقي فهو لك: ولا والله ما عرفت ما له علي والحمد لله رب العالمين الذي أعز وليه. 5 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنه خرج من المدينة في السنة التي حج فيها هارون يريد الحج فانتهى إلى جبل عن يسار الطريق – وأنت ذاهب إلى مكة – يقال له: فارع، فنظر إليه أبو الحسن ثم قال: باني فارع وهادمه يقطع إربا إربا، فلم ندر ما معنى ذلك فلما ولى وافى هارون ونزل بذلك الموضع صعد جعفر بن يحيى ذلك الجبل وأمر أن يبنى له ثم مجلس فلما رجع من مكة صعد إليه فأمر بهدمه، فلما انصرف إلى العراق قطع إربا إربا. 6 – أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن حمزة بن القاسم عن إبراهيم بن موسى قال: ألححت على أبي الحسن الرضا عليه السلام في شئ أطلبه منه، فكان يعدني، فخرج ذات يوم ليستقبل والي المدينة وكنت معه فجاء إلى قرب قصر فلان، فنزل تحت شجرات ونزلت معه أنا وليس معنا ثالث: فقلت: جعلت فداك هذا العيد قد أظلنا ولا والله ما أملك درهما فما سواه فحك بسوطه الارض حكا شديدا ثم ضرب بيده فتناول منه سبيكة ذهب، ثم قال: انتفع بها واكتم ما رأيت. 7 – علي بن إبراهيم، عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعا قال: لما انقضى أمر المخلوع (1) واستوى الامر للمأمون كتب إلى الرضا عليه السلام يستقدمه إلى خراسان، فاعتل عليه أبو الحسن عليه السلام بعلل، فلم يزل المأمون يكاتبه في ذلك حتى علم أنه لا محيص له و


(1) اريد بالمخلوع، أخو المأمون فانه خلع عن الخلافة (في). [ * ]

[ 489 ]

أنه لا يكف عنه، فخرج عليه السلام ولابي جعفر عليه السلام سبع سنين، فكتب إليه المأمون: لا تأخذ على طريق الجبل وقم، وخذ على طريق البصرة والاهواز وفارس، حتى وافى مرو، فعرض عليه المأمون أن يتقلد الامر والخلافة، فأبى أبو الحسن عليه السلام، قال: فولاية العهد؟ فقال: على شروط أسألكها، قال المأمون له: سل ما شئت، فكتب الرضا عليه السلام: أني داخل في ولاية العهد؟ على أن لا آمر ولا أنهى ولا افتي ولا أقضي ولا أولي ولا أعزل ولا اغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله، فأجابه المأمون إلى ذلك كله، قال: فحدثني ياسر قال: فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلي ويخطب، فبعث إليه الرضا عليه السلام قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول هذا الامر، فبعث إليه المأمون إنما اريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضلك، فلم يزل عليه السلام يراده الكلام في ذلك فألح عليه، فقال: يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلي وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، فقال المأمون: اخرج كيف شئت وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا (1) إلى باب أبي الحسن. قال: فحدثني ياسر الخادم أنه قعد الناس لابي الحسن عليه السلام في الطرقات و السطوح، الرجال والنساء والصبيان، واجتمع القواد والجند على باب أبي الحسن عليه السلام فلما طلعت الشمس قام عليه السلام فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن، ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه وتشمر، ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكازا (2) ثم خرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة، فلما مشى ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات، فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه، والقواد والناس على الباب قد تهيؤوا ولبسوا السلاح وتزينوا بأحسن الزينة، فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة وطلع الرضا عليه السلام وقف على الباب وقفة، ثم قال: ” الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر [ الله أكبر ] على ما هدانا، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام والحمد لله على


(1) في بعض النسخ [ ان يركبوا ]. (2) عضادات حديدة في اسفلها. [ * ]

[ 490 ]

ما أبلانا ” نرفع بها أصواتنا – قال ياسر: فتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج والصياح لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام وسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما رأوا أبا الحسن عليه السلام حافيا وكان يمشي ويقف في كل عشر خطوات ويكبر ثلاث مرات قال ياسر: فتخيل إلينا أن السماء والارض والجبال تجاوبه، وصارت مرو ضجة واحدة من البكاء وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس والرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه فلبسه وركب ورجع. 8 – علي بن إبراهيم، عن ياسر قال: لما خرج المأمون من خراسان يريد بغداد وخرج الفضل ذو الرياستين وخرجنا مع أبي الحسن عليه السلام ورد على الفضل بن سهل ذي الرياستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل ونحن في بعض المنازل: أني نظرت في تحويل السنة في حساب النجوم فوجدت فيه أنك تذوق في شهر كذا وكذا يوم الاربعاء حر الحديد وحر النار وأرى أن تدخل أنت وأمير المؤمنين والرضا الحمام في هذا اليوم وتحتجم فيه وتصب على يديك (1) الدم ليزول عنك نحسه، فكتب ذو الرياستين إلى المأمون بذلك وسأله أن يسأل أبا الحسن ذلك، فكتب المأمون إلى أبي الحسن يسأله ذلك، فكتب إليه أبو الحسن: لست بداخل الحمام غدا ولا أرى لك ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا فأعاد عليه الرقعة مرتين، فكتب إليه أبو الحسن يا أمير المؤمنين لست بداخل غدا الحمام فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في هذه الليلة في النوم فقال لي: ” يا علي لا تدخل الحمام غدا “. ولا أرى لك ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا، فكتب إليه المأمون صدقت يا سيدي وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله لست بداخل الحمام غدا والفضل أعلم، قال: فقال ياسر: فلما أمسينا وغابت الشمس قال لنا الرضا عليه السلام: قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة، فلم نزل نقول ذلك، فلما صلى الرضا عليه السلام الصبح قال لي: اصعد (على) السطح فاستمع هل تسمع شيئا؟، فلما صعدت سمعت الضجة و التحمت (2) وكثرت فإذا نحن بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان إلى داره من دار


(1) في بعض النسخ [ بدنك ] (2) والتحمت أي بعضها ببعض وفى بعض النسخ [ والنحيب ] [ * ]

[ 491 ]

أبي الحسن وهو يقول: يا سيدي يا أبا الحسن آجرك الله في الفضل فإنه قد أبى وكان دخل الحمام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه واخذ ممن دخل عليه ثلاث نفر كان أحدهم ابن خاله الفضل ابن ذي القلمين قال: فاجتمع الجند والقواد ومن كان من رجال الفضل على باب المأمون فقالوا: هذا اغتاله وقتله – يعنون المأمون – ولنطلبن بدمه وجاؤوا بالنيران ليحرقوا الباب، فقال المأمون لابي الحسن عليه السلام يا سيدي ترى أن تخرج إليهم وتفرقهم قال: فقال ياسر: فركب أبو الحسن وقال لي: اركب فركبت فلما خرجنا من باب الدار نظر إلى الناس وقد تزاحموا، فقال لهم بيده تفرقوا تفرقوا قال ياسر: فأقبل الناس والله يقع بعضهم على بعض وما أشار إلى أحد إلا ركض ومر. 9 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن مسافر، وعن الوشاء، عن مسافر قال: لما أراد هارون بن المسيب أن يواقع محمد بن جعفر قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام: إذهب إليه وقل له: لا تخرج غذا فإنك إن خرجت غدا هزمت وقتل أصحابك فإن سألك من أين علمت هذا، فقل: رأيت في المنام: قال: فأتيته فقلت له: جعلت فداك لا تخرج غدا فإنك إن خرجت هزمت وقتل أصحابك فقال لي: من أين علمت هذا؟ فقلت: رأيت في المنام، فقال: نام العبد ولم يغسل إسته، ثم خرج فانهزم وقتل أصحابه، قال: وحدثني مسافر قال: كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السلام بمنى فمر يحيى بن خالد فغطى رأسه من الغبار فقال: مساكين لا يدرون ما يحل بهم في هذه السنة، ثم قال: وأعجب من هذا هارون وأنا كهاتين – وضم إصبعيه -، قال مسافر: فوالله ما عرفت معنى حديثه حتى دفناه معه. 10 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن محمد القاساني قال: أخبرني بعض أصحابنا أنه حمل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام مالا له خطر، فلم أره سر به قال: فاغتممت لذلك وقلت في نفسي: قد حملت هذا المال ولم يسر به، فقال: يا غلام الطست والماء، قال: فقعد على كرسي وقال بيده [ وقال ] للغلام: صب علي الماء قال: فجعل يسيل من بين أصابعه في الطست ذهب، ثم التفت إلي فقال لي: من كان هكذا [ لا ] يبالي بالذي حملته إليه. 11 – سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن


[ 492 ]

أخيه علي بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان قال: قبض علي بن موسى عليهما السلام وهو ابن تسع وأربعين (1) سنة وأشهر، في عام اثنين ومائتين عاش بعد موسى ابن جعفر عشرين سنة إلا شهرين أو ثلاثة. (باب) * (مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليه السلام) * ولد عليه السلام في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة وقبض عليه السلام سنة عشرين و مائتين في آخر ذي القعدة وهو ابن خمس وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما ودفن ببغداد في مقابر قريش عند قبر جده موسى عليه السلام وقد كان المعتصم أشخصه إلى بغداد في أول هذه السنة التي توفي فيها عليه السلام وامه ام ولد، يقال لها: سبيكة نوبية وقيل أيضا: إن اسمها كان خيزران، وروي أنها كانت من أهل بيت مارية ام إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله. 1 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن علي بن خالد – قال محمد: وكان زيديا – قال: كنت بالعسكر فبلغني أن هناك رجل محبوس أتي به من ناحية الشام مكبولا (2) وقالوا: إنه تنبأ (3)، قال علي بن خالد: فأتيت الباب وداريت البوابين والحجبة حتى وصلت إليه فإذا رجل له فهم، فقلت: يا هذا ما قصتك وما أمرك؟ قال إني كنت رجلا بالشام أ عبد الله في الموضع الذي يقال له: موضع رأس الحسين فبينا أنا في عبادتي إذ أتاني شخص فقال لي قم بنا، فقمت معه فبينا أنا معه إذا أنا في مسجد الكوفة، فقال لي: تعرف هذا المسجد؟ فقلت: نعم هذا مسجد الكوفة، قال: فصلى وصليت معه فبينا أنا معه إذ أنا في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله بالمدينة، فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمت وصلى وصليت معه وصلى على رسول الله صلى الله عليه وآله، فبينا أنا معه إذا أنا بمكة، فلم أزل معه حتى قضى مناسكه وقضيت مناسكي معه فبينا أنا معه، إذا أنا في الموضع الذي كنت أ عبد الله فيه بالشام ومضى الرجل، فلما كان العام القابل إذا أنا به فعل (4) مثل فعلته الاولى، فلما فرغنا من مناسكنا وردني إلى الشام وهم بمفارقتي قلت له: سألتك بالحق الذي أقدرك


(1) هذا مخالف لما ذكره الكليني – ره – في اول الباب. (2) أي مقيدا. (3) تنبأ أي ادعى النبوة. (4) في بعض النسخ [ ففعل ]. [ * ]

[ 493 ]

علي ما رأيت إلا أخبرتني من أنت؟، فقال: أنا محمد بن علي بن موسى، قال: فتراقى الخبر حتى انتهى إلى محمد بن عبد الملك الزيات، فعبث إلي وأخذني وكبلني (1) في الحديد وحملني إلى العراق، قال، فقلت له: فارفع القصة إلي محمد بن عبد الملك، ففعل وذكر في قصته ما كان فوقع في قصته قل للذي أخرجك من الشام في ليلة إلى الكوفة ومن الكوفة إلى المدينة ومن المدينة إلى مكة وردك من مكة إلى الشام أن يخرجك من حبسك هذا. قال علي بن خالد فغمني ذلك من أمره ورققت له وامرته بالعزاء والصبر قال: ثم بكرت عليه فإذا الجند وصاحب الحرس وصاحب السجن وخلق الله، فقلت ما هذا؟ فقالوا: المحمول من الشام الذي تنبأ (2) افتقد البارحة فلا يدري أخسفت به الارض أو اختطفه الطير. 2 – الحسين بن محمد الاشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاورا بالمدينة – مدينة الرسول صلى الله عليه وآله – وكان أبو جعفر عليه السلام يجيئ في كل يوم مع الزوال إلى المسجد فينزل في الصحن ويصير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ويسلم عليه ويرجع إلى بيت فاطمة عليها السلام، فيخلع نعليه ويقوم فيصلي فوسوس إلي الشيطان، فقال: إذا نزل فاذهب حتى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم أنتظره لافعل هذا، فلما أن كان وقت الزوال أقبل عليه السلام على حمار له، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه وجاء حتى نزل على الصخرة التي على باب المسجد ثم دخل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: ثم رجع إلى المكان الذي كان يصلي فيه ففعل هذا أياما، فقلت: إذا خلع نعليه جئت فأخذت الحصا الذي يطأ عليه بقدميه، فلما أن كان من الغد جاء عند الزوال فنزل على الصخرة ثم دخل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله ثم جاء إلى الموضع الذي كان يصلي فيه فصلى في نعليه ولم يخلعهما حتى فعل ذلك أياما، فقلت في نفسي: لم يتهيأ لي ههنا ولكن أذهب إلى باب الحمام فإذا دخل إلى الحمام أخذت من التراب الذي يطأ عليه، فسألت عن الحمام الذي يدخله، فقيل لي: إنه يدخل حماما بالبقيع لرجل من ولد طلحة فتعرفت اليوم الذي يدخل فيه الحمام وصرت إلى باب الحمام وجلست إلى الطلحي احدثه وأنا أنتظر مجيئه عليه السلام فقال الطلحي: إن


(1) مكبولا: مقيدا (والكبل؟) القيد. (2) في بعض النسخ [ فجعلت ]. [ * ]

[ 494 ]

أردت دخول الحمام فقم فادخل فإنه لا يتهيأ لك ذلك بعد ساعة، قلت ولم؟ قال: لان ابن الرضا يريد دخول الحمام، قال: قلت: ومن ابن الرضا؟ قال: رجل من آل محمد له صلاح وورع، قلت له: ولا يجوز أن يدخل معه الحمام غيره؟ قال، نخلي له الحمام إذا جاء، قال: فبينا أنا كذلك إذ أقبل عليه السلام ومعه غلمان له وبين يديه غلام معه حصير حتى أدخله المسلخ فبسطه ووافى فسلم ودخل الحجرة على حماره ودخل المسلخ ونزل على الحصير، فقلت للطلحي: هذا الذي وصفته بما وصفت من الصلاح والورع؟! فقال: يا هذا لا والله ما فعل هذا قط إلا في هذا اليوم، فقلت في نفسي: هذا من عملي أنا جنيته، ثم قلت: أنتظره حتى يخرج فلعلي أنال ما أردت إذا خرج فلما خرج وتلبس دعا بالحمار فادخل المسلخ وركب من فوق الحصير وخرج عليه السلام فقلت في نفسي: قد والله آذيته ولا أعود [ ولا ] أورم ما رمت منه أبدا وصح عزمي على ذلك، فلما كان وقت الزوال من ذلك اليوم أقبل على حماره حتى نزل في الموضع الذي كان ينزل فيه في الصحن فدخل وسلم على رسول الله صلى الله عليه وآله وجاء إلى الموضع الذي كان يصلي فيه في بيت فاطمة عليها السلام وخلع نعليه وقام يصلي. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن علي بن أسباط قال خرج عليه السلام علي فنظرت إلى رأسه ورجليه لاصف قامته لاصحابنا بمصر فبينا أنا كذلك حتى قعد وقال يا علي إن الله احتج في الامامة، بمثل ما احتج في النبوة، فقال: ” وآتيناه الحكم صبيا (1) ” قال: ” ولما بلغ أشده (2) “. ” وبلغ أربعين سنة (3) ” فقد يجوز أن يؤتى الحكم (4) صبيا ويجوز أن يعطاها وهو ابن أربعين سنة. 4 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن محمد بن الريان قال: احتال المأمون على أبي جعفر عليه السلام بكل حيلة، فلم يمكنه فيه شئ (5)، فلما اعتل وأراد أن يبنى عليه ابنته (6) دفع إلي مائتي وصيفة من أجمل ما يكون (7)، إلى كل واحدة منهن جاما فيه


(1) مريم: 13. (2) يوسف: 22 (3) الاحقاف 15. (4) في بعض [ النسخ الحكمة ] (5) كأنه أراد منه ان ينادمه وشركه معه فيما يركبه من الفسوق (في) وفى بعض النسخ [ في شئ ]. (6) يبنى عليه ابنته أي يزفها إليه. (في) (7) في بعض النسخ [ ما يكن ]. [ * ]

[ 495 ]

جوهر يستقبلن أبا جعفر عليه السلام إذا قعد في موضع الاخيار. فلم يلتفت إليهن وكان رجل يقال له: مخارق صاحب صوت وعود وضرب، طويل اللحية، فدعاه المأمون فقال: يا أمير المؤمنين إن كان في شئ من أمر الدنيا فأنا اكفيك أمره، فقعد بين يدي أبي جعفر عليه السلام فشهق مخارق شهقة اجتمع عليه أهل الدار وجعل يضرب بعوده ويغني فلما فعل ساعة وإذا أبو جعفر لا يلتفت إليه لا يمينا ولا شمالا، ثم رفع إليه رأسه وقال: أتق الله يا ذا العثنون (1) قال: فسقط المضراب من يده والعود فلم ينتفع بيديه إلى أن مات قال: فسأله المأمون عن حاله قال: لما صاح بي أبو جعفر فزعت فزعة لا افيق منها أبدا. 5 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن داود بن القاسم الجعفري قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت علي فاغتممت فتناول إحداهما وقال: هذه رقعة زياد بن شبيب، ثم تناول الثانية، فقال هذه رقعة فلان، فبهت أنا فنظر إلى فتبسم، قال: وأعطاني ثلاثمائة دينار وأمرني أن أحملها إلى بعض بني عمه وقال: أما إنه سيقول لك: دلني على حريف (2) يشتري لي بها متاعا، فدله عليه، قال: فأتيته بالدنانير فقال لي: يا أبا هاشم دلني على حريف يشتري لي بها متاعا، فقلت: نعم. قال: وكلمني جمال ان اكلمه له يدخله في بعض اموره، فدخلت عليه لاكلمه له فوجدته يأكل ومعه جماعة ولم يمكني كلامه، فقال عليه السلام: يا أبا هاشم كل ووضع بين يدي ثم قال – ابتداء منه من غير مسألة: يا غلام انظر إلى الجمال الذي أتانا به أبو هاشم فضمه إليك قال: ودخلت معه ذات يوم بستانا فقلت له: جعلت فداك إني لمولع بأكل الطين، فادع الله لي، فسكت ثم قال [ لي ] بعد [ ثلاثة ] أيام – ابتداء منه -: يا أبا هاشم قد أذهب الله عنك أكل الطين، قال أبو هاشم: فما شئ أبغض إلي منه اليوم. 6 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن علي، عن محمد بن حمزة الهاشمي


(1) العثنون – بالثاء المثلثة بعد العين المهملة ثم النونين -: اللحية أو ما فضل منها بعد العارضين أو طولها. (في) (2) الحريف المعامل. [ * ]

[ 496 ]

عن علي بن محمد، أو محمد بن علي الهاشمي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام صبيحة عرسه حيث بنى بابنة المأمون وكنت تناولت من الليل دواء فأول من دخل عليه في صبيحته أنا وقد أصابني العطش وكرهت أن أدعو بالماء فنظر أبو جعفر عليه السلام في وجهي وقال: أظنك عطشان؟ فقلت أجل، فقال: يا غلام أو جارية اسقنا ماء فقلت: في نفسي الساعة يأتونه بماء يسمونه (1) به فاغتممت لذلك فأقبل الغلام ومعه الماء فتبسم في وجهي ثم قال، يا غلام ناولني الماء فتناول الماء، فشرب ثم ناولني فشربت، ثم عطشت أيضا و كرهت أن أدعو بالماء ففل ما فعل في الاولى، فلما جاء الغلام ومعه القدح قلت: في نفسي مثل ما قلت في الاولى، فتناول القدح، ثم شرب فناولني وتبسم. قال محمد بن حمزة: فقال لي: هذا الهاشمي وأنا أظنه كما يقولون. 7 – علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: أستأذن على أبي جعفر عليه السلام قوم من أهل النواحي من الشيعة، فأذن لهم فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف مسألة فأجاب عليه السلام (2) وله عشر سنين. 8 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن الحكم، عن دعبل بن علي أنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام وأمر له بشئ فأخذه ولم يحمد الله، قال: فقال له: لم لم تحمد الله؟ قال: ثم دخلت بعد على أبي جعفر عليه السلام وأمر لي بشئ فقلت: الحمد لله فقال لي: تأدبت. 9 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن محمد بن سنان قال: دخلت على ابي الحسن عليه السلام (3) فقال: يا محمد حدث بآل فرج حدث، فقلت مات عمر فقال الحمد لله، حتى أحصيت له أربعا وعشرين مرة، عمر، فقال: الحمد لله حتى أحصيت له أربعا وعشرين مرة، فقلت: يا سيدي لو علمت أن هذا يسرك لجئت حافيا أعدو إليك قال: يا محمد أو لا تدري ما قال: لعنه الله لمحمد بن علي أبي؟ قال قلت: لا، قال: خاطبه في شئ فقال: أظنك سكران فقال أبي


(19 يسمونه به أي يجعلون فيه السم (في) (2) قيل: كأنه محمول على المبالغة في كثرة الاسؤلة والاجوبة وقيل: يمكن ان يكون في خواطر القوم اسؤلة كثيرة متفقة فلما اجاب عليه السلام عن واحد فقد اجاب عن الجميع، وقيل: إشارة إلى كثرة ما يستنبط من كلماته الموجزة المشتملة على الاحكام الكثيرة. والعلم عند الله (3) يعنى به الثالث عليه السلام. [ * ]

[ 497 ]

اللهم إن كنت تعلم أني أمسيت لك صائما فأذقه طعم الحرب وذل الاسر، فوالله إن ذهبت الايام حتى حرب ما له وما كان له ثم اخذ أسيرا وهو ذا قد مات – لا رحمه الله – وقد أدال الله عزوجل منه (1) وما زال يديل أولياء ه من أعدائه. 10 – أحمد بن إدريس، عن محمد بن حسان، عن أبي هشام الجعفري قال: صليت مع أبي جعفر عليه السلام في مسجد المسيب وصلى بنا في موضع القبلة سواء (2) وذكر أن السدرة التي في المسجد كانت يابسة ليس عليها ورق، فدعا بماء وتهيأ تحت السدرة فعاشت السدرة وأورقت وحملت من عامها. 11 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحجال وعمرو بن عثمان، عن رجل من أهل المدينة، عن المطر في قال: مضى أبو الحسن الرضا عليه السلام ولي عليه أربعة آلاف درهم، فقلت في نفسي: ذهب مالي، فأرسل إلي أبو جعفر عليه السلام إذا كان غدا فأتني وليكن معك ميزان وأوزان، فدخلت على أبي جعفر عليه السلام فقال لي: مضى أبو الحسن ولك عليه أربعة آلاف درهم؟ فقلت: نعم فرفع المصلى الذي كان تحته فإذا تحته دنانير فدفعها إلي. 12 – سعد بن عبد اله والحميري جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن سنان قال: قبض محمد بن علي وهو ابن خمس وعشرين سنة وثلاثة أشهر واثني عشر يوما، توفي بوم الثلثاء لست خلون من ذي الحجة (3) سنة عشرين ومائتين، عاش بعد أبيه تسعة عشر سنة إلا خمسا وعشرين يوما. (باب) * (مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام [ والرضوان ]) * ولد عليه السلام للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين. وروي أنه ولد عليه السلام في رجب أربع عشرة ومائتين ومضى لاربع بقين من جمادي الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين. وروي أنه قبض عليه السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وله أحد


(1) أدال الله منه أي اخذ الدولة منه واعطاه غيره (في). (2) أي من غير انحراف عن الجدار. (3) هذا مخالف لما ذكره المؤلف في اول الباب. [ * ]

[ 498 ]

واربعون سنة وستة أشهر. وأربعون سنة على المولد الآخر الذي روي، وكان المتوكل أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سر من رأى، فتوفي بها عليه السلام ودفن في داره. وامه ام ولد يقال لها: سمانة. 1 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن خيران الاسباطي قال: قدمت على أبي الحسن عليه السلام المدينة فقال لي: ما خبر الواثق عندك؟ قلت: جعلت فداك خلفته في عافية، أنا من أقرب الناس عهدا به، عهدي به منذ عشرة أيام، قال: فقال لي: إن أهل المدينة يقولون: إنه مات، فلما أن قال لي: ” الناس ” علمت أنه هو (1) ثم قال لي: ما فعل جعفر؟ قلت تركته أسوء الناس حالا في السجن، قال: فقال: أما إنه صاحب الامر، ما فعل ابن الزيات؟ قلت: جعلت فداك الناس معه والامر أمره، قال: فقال: أما إنه شؤم عليه، قال: ثم سكت وقال لي: لابد أن تجري مقادير الله تعالى وأحكامه، يا خيران مات الواثق وقد قعد المتوكل جعفر وقد قتل ابن الزيات، فقلت: متى جعلت فداك؟ قال: بعد خروجك بستة أيام. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن محمد بن يحيى، عن صالح بن سعيد قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام فقلت له: جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك، حتى انزلوك هذا الخان الاشنع، خان الصعاليك؟ فقال: ههنا أنت يا أبن سعيد؟ (2) ثم أومأ بيده وقال: انظر فنظرت، فإذا أنا بروضات آنقات وروضات باسرات (3)، فيهن خيرات عطرات وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون وأطيار وظباء وأنهار تفور، فحار بصري وحسرت عيني، فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد، لسنا في خان الصعاليك. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد، عن إسحاق الجلاب قال: اشتريت لابي الحسن عليه السلام غنما كثيرة، فدعاني فأدخلني من إصطبل داره إلى موضع واسع لا أعرفه، فجعلت افرق تلك الغنم فيمن


(1) يعنى لما نسب ذلك القول إلى اهل المدينة علمت ان القائل هو نفسه عليه السلام. (في) (2) يعنى انت في هذا المقام من معرفتنا فتظن ان هذه الامور تنقص من قدرنا. (آت) (3) الانق: الفرح والسرور: والبسر بضم الموحدة الغض من كل شئ والماء الطرى القريب العهد بالمطر والبسرة من النبات اولها وفى بعض النسخ بالياء المثناة بمعنى الحسن والجمال. [ * ]

[ 499 ]

أمرني به، فبعث إلى أبي جعفر (1) وإلى والدته وغيرهما ممن أمرني، ثم استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي وكان ذلك يوم التروية، فكتب إلي تقيم غدا عندنا ثم تنصرف قال: فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة الاضحى في رواق له، فلما كان في السحر أتاني فقال: يا إسحاق قم، قال: فقمت ففتحت عيني فإذا أنا على بابي ببغداد قال: فدخلت على والدي وأنا في أصحابي، فقلت لهم عرفت بالعسكر وخرجت ببغداد إلى العيد. 4 – علي بن محمد، عن إبراهيم بن محمد الطاهري قال: مرض المتوكل من خراج خرج به وأشرف منه على الهلاك، فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة، فنذرت امه إن عوفي أن تحمل إلى أبي الحسن علي بن محمد مالا جليلا من مالها وقال له الفتح بن خاقان: لو بعثت إلى هذا الرجل فسألته فإنه لا يخلو أن يكون عنده صفة يفرج بها عنك، فبعث إليه ووصف له علته، فرد إليه الرسول بأن يؤخذ كسب الشاة (2) فيداف بماء ورد فيوضع عليه، فلما رجع الرسول فأخبرهم أقبلوا يهزؤون من قوله، فقال له الفتح: هو والله أعلم بما قال وأحضر الكسب وعمل كما قال ووضع عليه فغلبه النوم وسكن، ثم انفتح وخرج منه ما كان فيه وبشرت امه بعافيته، فحملت إليه عشرة آلاف دينار تحت خاتمها، ثم استقل من علته (3) فسعى إليه البطحائي العلوي بأن أموالا تحمل إليه وسلاحا، فقال لسعيد الحاجب: اهجم عليه بالليل وخذ ما تجد عنده من الاموال والسلاح واحمله إلي، قال إبراهيم بن محمد: فقال لي سعيد الحاجب: صرت إلى داره بالليل ومعي سلم فصعدت السطح، فلما نزلت على بعض الدرج في الظلمة لم أدر كيف أصل إلى الدار، فناداني يا سعيد مكانك حتى يأتوك بشمعة، فلم البث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدته: عليه جبة صوف وقلنسوة منها وسجادة على حصير بين يديه، فلم أشك إنه كان يصلي، فقال لي: دونك البيوت فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئا ووجدت البدرة في بيته مختومة بخاتم


(1) هذا هو ابنه المرجو للامامة. (2) الكسب بالضم عصارة الدهن والدوف البل والخلط (في). (3) في بعض النسخ [ غلته ]. [ * ]

[ 500 ]

ام المتوكل وكيسا مختوما وقال لي: دونك المصلى، فرفعته فوجدت سيفا في جفن غير ملبس، فأخذت ذلك وصرت إليه، فلما نظر إلى خاتم امه على البدرة بعث إليها فخرجت إليه، فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت له: كنت قد نذرت في علتك لما آيست منك إن عوفيت حملت إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمي على الكيس وفتح الكيس الآخر فإذا فيه أربعمائة دنيار فضم إلى البدرة بدرة اخرى وأمرني بحمل ذلك [ إليه ] فحملته ورددت السيف والكيسين و قلت له: يا سيدي عز علي، فقال لي: ” سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “. 5 – الحسين بن محمد، عن المعلى بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي ابن محمد النوفلي قال: لي محمد بن الفرج: إن أبا الحسن كتب إليه يا محمد اجمع أمرك وخذ حذرك (1)، قال: فأنا في جمع أمري [ و ] ليس أدري ما كتب إلي حتى ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا وضرب على كل ما أملك (2) وكنت في السجن ثمان سنين. ثم ورد علي منه في السجن كتاب فيه: يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي فقرأت الكتاب فقلت: يكتب إلي بهذا وأنا في السجن، إن هذا لعجب، فما مكثت أن خلي عني والحمد لله. قال: وكتب إليه محمد بن الفرج يسأله عن ضياعه، فكتب إليه سوف ترد عليك وما يضرك أن لا ترد عليك، فلما شخص محمد بن الفرج إلى العسكر كتب إليه برد ضياعه ومات قبل ذلك، قال: وكتب أحمد بن الخضيب إلى محمد بن الفرج يسأله الخروج إلى العسكر، فكتب إلى أبي الحسن عليه السلام يشاوره، فكتب إليه: أخرج فإن فيه فرجك إن شاء الله تعالى، فخرج، فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات. 6 – الحسين بن محمد، عن رجل، عن أحمد بن محمد قال: أخبرني أبو يعقوب قال: رأيته – يعني محمدا – قبل موته بالعسكر في عشية وقد استقبل ابا الحسن عليه السلام فنظر إليه واعتل من غد، فدخلت إليه عائدا بعد أيام من علته وقد ثقل، فأخبرني أنه بعث إليه بثوب


(1) الحذر بالكسر: الاحتراز. (2) يقال ضرب على يد فلان إذا حجر عليه. [ * ]

[ 501 ]

فأخذه وأدرجه ووضعه تحت رأسه، قال: فكفن فيه. قال أحمد: قال أبو يعقوب: رأيت أبا الحسن عليه السلام مع ابن الخضيب فقال له أبن الخضيب: سر جعلت فداك فقال له: أنت المقدم فما لبث إلا أربعة أيام حتى وضع الدهق (1) على ساق ابن الخضيب ثم نعي، قال: روى عنه حين ألح عليه ابن الخضيب في الدار التي يطلبها منه، بعث إليه لاقعدن بك من الله عزوجل مقعدا لا يبقي لك باقية فأخذه الله عزوجل في تلك الايام. 7 – محمد بن يحيى، عن بعض أصحابنا قال: أخذت نسخة كتاب المتوكل إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام من يحيى بن هرثمة في سنة ثلاث وأربعين ومائتين وهذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن أمير المؤمنين عارف بقدرك، راع لقرابتك، موجب لحقك، يقدر من الامور فيك وفي أهل بيتك ما أصلح الله به حالك وحالهم وثبت به عزك وعزهم وأدخل اليمن والامن عليك وعليهم، يبتغي بذلك رضاء ربه وأداء ما افترض عليه فيك وفيهم وقد رأى أمير المؤمنين صرف عبد الله بن محمد عما كان يتولاه من الحرب والصلاة بمدينة رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان على ما ذكرت من جهالته بحقك واستخفافه بقدرك وعندما قرفك به (2) ونسبك إليه من الامر الذي قد علم أمير المؤمنين براء تك منه وصدق نيتك في ترك محاولته وأنك لم تؤهل نفسك له وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل وأمره باكرامك وتبجيلك والانتهاء إلى أمرك ورأيك والتقرب إلى الله وإلى أمير المؤمنين بذلك وأمير المؤمنين مشتاق إليك يحب إحداث العهد بك والنظر إليك، فإن نشطت لزيارته والمقام قبله ما رأيت شخصت ومن أحببت من أهل بيتك ومواليك وحشمك على مهلة وطمأنينة، ترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت وتسير كيف شئت وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومن معه من الجند مشيعين لك، يرحلون برحيلك ويسيرون بسيرك والامر في ذلك إليك حتى توافي أمير المؤمنين فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة ولا أحمد له اثرة ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفق وبهم أبر وإليهم أسكن منه إليك إن شاء الله تعالى والسلام عليك ورحمة


(1) الدهق محركة خشبتان يغمر بهما الساق، فارسيته إشكنجه. (في) (2) قرف فلانا عابه أو اتهمه. [ * ]

[ 502 ]

الله وبركاته، وكتب إبراهيم بن العباس وصلى الله على محمد وآله وسلم. 8 – الحسين بن الحسن الحسني قال: حدثني أبو الطيب المثنى يعقوب بن ياسر قال: كان المتوكل يقول: ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا (1)، أبى أن يشرب معي أو ينادمني أو أجد منه فرصة في هذا، فقالوا له: فإن لم تجد منه فهذا أخوه موسى قصاف عزاف (2) يأكل ويشرب ويتعشق، قال: ابعثوا إليه فجيئوا به حتى نموه به على الناس ونقول ابن الرضا (4)، فكتب إليه واشخص مكرما وتلقاه جميع بني هاشم والقواد والناس على انه إذا وافى أقطعه قطيعة (5) وبنى له فيها وحول الخمارين والقيان إليه ووصله وبره وجعل له منزلا سريا (6) حتى يزوره هو فيه، فلما وافى موسى تلقاه أبو الحسن في قنطرة وصيف وهو موضع تتلقا فيه القادمون، فسلم عليه ووفاه حقه، ثم قال له: إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك ويضع منك فلا تقر له أنك شربت نبيذا قط، فقال له موسى: فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي؟ قال: فلا تضع من قدرك ولا تفعل فإنما أراد هتكك، فأبى عليه فكرر عيله. فلما رأى أنه لا يجيب قال: أما إن هذا مجلس لا تجمع أنت وهو عليه أبدا، فأقام ثلاث سنين، يبكر كل يوم فيقال له: قد تشاغل اليوم فرح فيروح، فيقال: قد سكر فبكر، فيبكر فيقال: شرب دواء، فما زال على هذا ثلاث سنين حتى قتل المتوكل ولم يجتمع معه عليه. 9 – بعض أصحابنا، عن محمد بن علي قال: أخبرني زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال: مرضت فدخل الطبيب علي ليلا فوصف لي دواء بليل آخذه كذا وكذا يوما فلم يمكني، فلم يخرج الطبيب من الباب حتى ورد علي نصر بقارورة فيها ذلك الدواء بعينه فقال لي: أبو الحسن يقرئك السلام ويقول لك خذ هذا الدواء كذا وكذا يوما فأخذته فشربته فبرئت، قال محمد بن علي: قال لي زيد بن علي: يأبى الطاعن أين الغلاة عن هذا الحديث


(1) اراد بابن الرضا ابا الحسن الثالث عليه السلام. (2) كأنه موسى وهو الملقب بالمبرقع. وقصاف أي نديم مقيم في الاكل والشرب، عزاف: لعاب بالملاهى كالعود والطنبور. (3) قوله: نقول ابن الرضا يعنى نسمى موسى بابن الرضا ليزعم الناس انه ابو الحسن عليه السلام. (5) أي اعطاه ارضين ببغداد ليعمرها ويسكنها. والقيان جمع القينة وهى الجارية المغنية. (6) سريا أي عليا. [ * ]

[ 503 ]

(باب) * (مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام) * ولد عليه السلام في شهر [ رمضان وفي نسخة اخرى في شهر ] ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين. وقبض عليه السلام يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول سنة ستين ومائتين وهو ابن ثمان وعشرين سنة ودفن في داره في البيت الذي دفن فيه أبوه بسر من رأى وامه ام ولد يقال لها: حديث [ وقيل: سوسن ]. 1 – الحسين بن محمد الاشعري ومحمد بن يحيى وغيرهما قالوا: كان أحمد بن عبيد الله بن خاقان على الضياع والخراج بقم فجرى في مجلسه يوما ذكر العلوية ومذاهبهم وكان شديد النصب فقال: ما رأيت ولا عرفت بسر من رأى رجلا من العلوية مثل الحسن ابن علي بن محمد بن الرضا في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه عند أهل بيته وبني هاشم وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر وكذلك القواد والوزراء وعامة الناس، فإني كنت يوما قائما على رأس أبي وهو يوم مجلسه للناس إذ دخل عليه حجابه فقالوا: أبو محمد ابن الرضا بالباب، فقال بصوت عال: ائذنوا له، فتعجبت مما سمعت منهم أنهم جسروا يكنون رجلا على أبي بحضرته ولم يكن عنده إلا خليفة أو ولي عهد أو من أمر السلطان أن يكنى، فدخل رجل أسمر، حسن القامة، جميل الوجه، جيد البدن حدث السن له جلالة وهيبة فلما نظر إليه أبي قام يمشي إليه خطا ولا أعلمه فعل هذا بأحد من بني هاشم والقواد، فلما دنا منه عانقه وقبل وجهه وصدره وأخذ بيده وأجلسه على مصلاه الذي كان عليه وجلس إلى جنبه مقبلا عليه بوجهه وجعل يكلمه ويفديه بنفسه وأنا متعجب مما أرى منه إذ دخل [ عليه ] الحاجب فقال: الموفق (1) قد جاء وكان الموفق إذا دخل على أبي، تقدم حجابه وخاصة قواده، فقاموا بين مجلس أبي وبين باب الدار سماطين (2) إلى أن يدخل ويخرج فلم يزل أبي مقبلا على أبي محمد يحدثه حتى نظر إلى غلمان


(1) الموفق أخو الخليفة المعتمد على الله احمد بن المتوكل وكان صاحب جيشه. (2) السماط الصف من الناس. [ * ]

[ 504 ]

الخاصة قال حينئذ إذا شئت جعلني الله فداك، ثم قال لحجابه: خذوا به خلف السماطين حتى لا يراه هذا – يعني الموفق -، فقام وقام أبي وعانقه ومضى، فقلت لحجاب أبي وغلمانه: ويلكم من هذا الذي كنيتموه على أبي وفعل به أبي هذا الفعل، فقالوا: هذا علوي يقال له الحسن بن علي يعرف بابن الرضا فازددت تعجبا ولم أزل يومي ذلك قلقا متفكرا في أمره وأمر أبي وما رأيت فيه حتى كان الليل وكانت عادته أن يصلي العتمة ثم يجلس فينظر فيما يحتاج إليه من المؤامرات (1) وما يرفعه إلى السلطان، فلما صلى وجلس، جئت فجلست بين يديه وليس عنده أحد فقال لي: يا أحمد لك حاجة؟ قلت: نعم يا ابه فإن أذنت لي سألتك عنها؟ فقالك قد أذنت لك يا بني فقل ما أحببت، قلت: يا أبه من الرجل الذي رأيتك بالغداة فعلت به ما فعلت من الاجلال والكرامة والتبجيل وفديته بنفسك وأبويك؟ فقال: يا بني ذاك إمام الرافضة، ذاك الحسن بن علي المعروف بابن الرضا، فسكت ساعة، ثم قال: يا بني لو زالت الامامة عن خلفاء بني العباس ما استحقها أحد من بني هاشم غير هذا وإن هذا ليستحقها في فضله وعفافه وهديه وصيانته وزهده وعبادته وجميل أخلاقه وصلاحه ولو رأيت أباه رأيت رجلا، جزلا، نبيلا، فاضلا، فازددت قلقا وتفكرا وغيظا على أبي وما سمعت منه واستزدته في فعله وقوله فيه ما قال، فلم يكن لي همة بعد ذلك إلا السؤال عن خبره والبحث عن أمره، فما سألت أحدا من بني هاشم والقواد والكتاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس إلا وجدته عنده في غاية الاجلال والاعظام والمحل الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه فعظم قدره عندي إذ لم أر له وليا ولا عدوا إلا وهو يحسن القول فيه والثناء عليه، فقال له بعض من حضر مجلسه من الاشعريين: يا أبا بكر فما خبر أخيه جعفر؟ (2) فقال: ومن جعفر فتسأل عن خبره؟ أو يقرن بالحسن جعفر معلن الفسق فاجر ماجن (3) شريب للخمور أقل من رأيته من الرجال وأهتكهم لنفسه، خفيف قليل في نفسه، ولقد ورد على السلطان وأصحابه في وقت وفات الحسن بن علي ما تعجبت منه وما ظننت أنه يكون وذلك أنه


(1) الائتمار: المشاورة كالمؤامرة والاستئمار والتأمر. (2) هو المشهور بالكذاب. (3) الماجن من لم يبال بما قال وما صنع: والشريب كسكين: المولع بالشراب. [ * ]

[ 505 ]

لما اعتل بعث إلى أبي أن ابن الرضا قد اعتل فركب من ساعته فبادر إلى دار الخلافة ثم رجع مستعجلا ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته، فيهم نحرير (1) فأمرهم بلزم دار الحسن وتعرف خبره وحاله وبعث إلى نفر من المتطببين فأمرهم بالاختلاف إليه وتعاهده صباحا ومساء، فلما كان بعد ذلك بيومين أو ثلاثة اخر أنه قد ضعف، فأمر المتطببين بلزوم داره وبعث إلى قاضي القضاة فأحضره مجلسه وأمره أن يختار من أصحابه عشرة ممن يوثق به في دينه وأمانته وورعه، فأحضرهم فبعث بهم إلى دار الحسن وأمرهم بلزومه ليلا ونهار فلم يزالوا هناك حتى توفي عليه السلام فصارت سر من رأى ضجة واحدة وبعث السلطان إلى داره من فتشها وفتش حجرها وختم على جميع ما فيها وطلبوا أثر ولده وجاؤوا بنساء يعرفن الحمل، فدخلن إلى جواريه ينظرن إليهن فذكر بعضهن أن هناك جارية بها حمل (2) فجعلت في حجرة ووكل بها نحرير الخادم وأصحابه ونسوة معهم، ثم أخذوا بعد ذلك في تهيئته وعطلت الاسواق وركبت بنو هاشم والقواد وأبي وسائر الناس إلى جنازته، فكانت سر من رأى يومئذ شبيها بالقيامة فلما فرغوا من تهيئته بعث السلطان إلى أبي عيسى بن المتوكل فأمره بالصلاة عليه، فلما وضعت الجنازة للصلاة عليه دنا أبو عيسى منه فكشف عن وجهه فعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية والقواد والكتاب والقضاة والمعدلين وقال: هذا الحسن بن علي بن محمد بن الرضا مات حتف أنفه على فراشه (3) حضره من حضره من خدم أمير المؤمنين وثقاته فلان وفلان ومن القضاة فلان وفلان ومن المتطببين فلان وفلان، ثم غطى وجهه وأمر بحمله فحمل من وسط داره ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه فلما دفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا عن قسمة ميراثه ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل لازمين حتى تبين بطلان الحمل فلما بطل الحمل عنهن قسم ميراثه بين امه وأخيه جعفر وادعت امه وصيته وثبت ذلك عند القاضي، والسلطان على ذلك يطلب أثر ولده فجاء جعفر بعد ذلك إلى أبي فقال: اجعل لي مرتبه أخي واوصل إليك في كل سنة عشرين ألف دينار، فزبره (4) أبي وأسمعه وقال له: يا أحمق السلطان جرد


(1) كان من خواص خدم الخليفة وكان شقيا من الاشقياء. (2) في بعض النسخ [ لها حبل ]. (3) يعنى هلك من غير قتل ولا ضرب. (4) أي زجره. [ * ]

[ 506 ]

سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردهم عن ذلك، فلم يتهيأ له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك أو أخيك إماما فلا حاجة بك إلى السلطان [ أن ] يرتبك مراتبهما ولا غير السلطان وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا، واستقله أبي عند ذلك واستضعفه وأمر أن يحجب عنه، فلم يأذن له في الدخول عليه حتى مات أبي وخرجنا وهو على تلك الحال والسلطان يطلب أثر ولد الحسن بن علي. 2 – علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال: كتب أبو محمد عليه السلام إلى أبي القاسم إسحاق بن جعفر الزبيري قبل موت المعتز بنحو عشرين يوما: الزم بيتك حتى يحدث الحادث، فلما قتل بريحة كتب إليه قد حدث الحادث فما تأمرني؟ فكتب: ليس هذا الحادث [ هو ] الحادث الآخر فكان من أمر المعتز ما كان. وعنه قال: كتبت إلى رجل آخر يقتل ابن محمد بن داود عبد الله قبل قتله بعشرة أيام، فلما كان في اليوم العاشر قتل. 3 – علي بن محمد [ عن محمد ] بن إبراهيم المعروف بابن الكردي، عن محمد بن علي ابن إبراهيم بن موسى بن جعفر قال ضاق بنا الامر فقال لي أبي: امض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل يعني أبا محمد، فإنه قد وصف عنه سماحة، فقلت: تعرفه؟ فقال: ما أعرفه ولا رأيته قط، قال: فقصدناه فقال لي [ أبي ] وهو في طريقه: ما أحوجنا إلى أن يامر لنا بخمسمائة درهم مائتا درهم للكسوة ومائتا درهم للدين ومائة للنفقة، فقلت في نفسي: ليته أمر لي بثلاثمائة درهم مائة أشتري بها حمارا ومائة للنفقة ومائة للكسوة وأخرج إلى الجبل، قال: فلما وافينا الباب خرج إلينا غلامه فقال: يدخل علي بن إبراهيم ومحمد ابنه، فلما دخلنا عليه وسلمنا قال لابي: يا علي ما خلفك عنا إلى هذا الوقت؟ فقال: يا سيدي استحييت أن ألقاك على هذه الحال، فلما خرجنا من عنده جاء نا غلامه فناول أبي صرة فقال: هذه خمسمائة درهم مائتان للكسوة ومائتان للدين ومائة للنفقة وأعطاني صرة فقال: هذه ثلاثمائة درهم اجعل مائة في ثمن حمار ومائة للكسوة ومائة للنفقة ولا تخرج إلى الجبل وصر إلى سوراء فصار إلى سوراء وتزوج بامرأة، فدخله اليوم ألف دينار ومع هذا يقول بالوقف، فقال محمد بن إبراهيم: فقلت له: ويحك أتريد أمرا أبين من هذا؟ قال:


[ 507 ]

فقال: هذا أمر قد جرينا عليه. 4 – علي بن محمد، عن أبي علي محمد بن علي بن إبراهيم قال: حدثني أحمد بن الحارث القزويني قال: كنت مع أبي بسر من رأى وكان أبي يتعاطى البيطرة في مربط أبي محمد قال: وكان عند المستعين بغل لم ير مثله حسنا وكبرا وكان يمنع ظهره و اللجام والسرج، وقد كان جمع عليه الراضة (1)، فلم يمكن لهم حيلة في ركوبه، قال: فقال له بعض ندمائه: يا أمير المؤمنين ألا تبعث إلى الحسن بن الرضا حتى يجيئ فإما أن يركبه وإما أن يقتله فتستريح منه، قال: فبعث إلى أبي محمد ومضى معه أبي فقال أبي: لما دخل أبو محمد الدار كنت معه فنظر أبو محمد إلى البغل واقفا في صحن الدار. فعدل إليه فوشع بيده على كفله، قال فنظرت إلى البغل وقد عرق حتى سال العرق منه، ثم صار إلى المستعين، فسلم عليه فرحب به وقرب، فقال: يا أبا محمد ألجم هذا البغل، فقال أبو محمد لابي: ألجمه يا غلام، فقال المستعين: ألجمه أنت، فوضع طيلسانه ثم قام فألجمه ثم رجع إلى مجلسه وقعد، فقال له: يا أبا محمد أسرجه، فقال لابي: يا غلام أسرجه، فقال: أسرجه أنت فقام ثانية فأسرجه ورجع فقال له: ترى أن تركبه؟ فقال: نعم فركبه من غير أن يمتنع عليه ثم ركضه في الدار، ثم حمله على الهملجة (2) فمشى أحسن مشي يكون، ثم رجع ونزل فقال له المستعين: يا أبا محمد كيف رأيته قال: يا أمير المؤمنين ما رأيت مثله حسنا وفراهة وما يصلح أن يكون مثله إلا لامير المؤمنين قال: فقال: يا أبا محمد فإن أمير المؤمنين قد حملك عليه، فقال أبو محمد لابي: يا غلام خذه فأخذه أبي فقاده. 5 – علي، عن أبي أحمد بن راشد، عن أبي هاشم الجعفري قال: شكوت إلى أبي محمد عليه السلام الحاجة، فحك بسوطه الارض، قال: وأحسبه غطاه بمنديل وأخرج خمسمائة دينار، فقال: يا أبا هاشم: خذ وأعذرنا. 6 – علي بن محمد، عن أبي عبد الله بن صالح، عن أبيه، عن أبي علي المطهر أنه كتب إليه سنة القادسية يعلمه انصراف الناس وأنه يخاف العطش، فكتب عليه السلام


(1) جمع رائض وهو الذى يتولى تربية المواشى وفى بعض النسخ [ الرواض ]. (2) الهملجة ضرب من المشى، فارسي معرب. (في) [ * ]

[ 508 ]

امضوا فلا خوف عليكم إن شاء الله، فمضوا سالمين، والحمد لله رب العالمين. 7 – علي بن محمد، عن علي بن الحسن بن الفضل اليماني قال: نزل بالجعفري من آل جعفر خلق لا قبل له بهم فكتب إلى أبي محمد يشكو ذلك، فكتب إليه تكفون ذلك إن شاء تعالى فخرج إليهم في نفر يسير والقوم يزيدون على عشرين ألفا وهو في أقل من ألف فاستباحهم (1). 8 – علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل العلوي قال: حبس أبو محمد عند علي بن نارمش وهو أنصب الناس وأشدهم على آل أبي طالب وقيل له: افعل به وافعل (2) فما أقام عنده إلا يوما حتى وضع خديه له، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالا وإعظاما فخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحسنهم فيه قولا. 9 – علي بن محمد ومحمد بن أبي عبد الله، عن إسحاق بن محمد النخعي قال: حدثني سفيان بن محمد الضبعي قال: كتبت إلى أبي محمد أسأله عن الوليجة، وهو قول الله تعالى: ” ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة (3) ” قلت في نفسي – لا في كتاب – من ترى المؤمنين ههنا؟ (4) فرجع الجواب الوليجة الذي يقام دون ولي الامر وحدثتك نفسك عن المؤمنين: من هم في هذا الموضع؟ فهم الائمة الذين يؤمنون على الله فيجيز أمانهم. 10 – إسحاق قال: حدثني أبو هاشم الجعفري قال: شكوت إلى أبي محمد ضيق الحبس وكتل القيد (5) فكتب إلي أنت تصلي اليوم الظهر في منزلك فاخرجت في وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال عليه السلام وكنت مضيقا فأردت أن أطلب منه دنانير في الكتاب فاستحييت، فلما صرت إلى منزلي وجه إلي بمائة دينار وكتب إلي إذا كانت لك حاجة فلا تستحي ولا تحتشم واطلبها فانك ترى ما تحب إن شاء الله.


(1) أي فاسنأصلهم (2) يعنى من السوء والاذى (في) (3) التوبة: 15. (4) أي ما هو المقصود بالمؤمنين في هذه الاية؟ (5) بالمثناة الفوقانية غلظه وتلزقه وتلزجه وسوء العيش معه وفى بعض النسخ [ كلب القيد ] و هو مسماره الذى يشد به (في) [ * ]

[ 509 ]

11 – إسحاق، عن أحمد بن محمد بن الاقرع قال: حدثني أو حمزة نصير الخادم (1) قال: سمعت أبا محمد غير مرة يكلم علمانه بلغاتهم: ترك وروم وصقالبة، فتعجبت من ذلك وقلت: هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لاحد حتى مضى أبو الحسن عليه السلام ولا رآه أحد فكيف هذا؟ احدث نفسي بذلك، فأقبل علي فقال: إن الله تبارك وتعالى بين حجته من سائر خلقه بكل شئ ويعطيه اللغات ومعرفة الانساب والآجال و الحوادث ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق. 12 – إسحاق، عن الاقرع قال كتبت إلى أبي محمد أسأله عن الامام هل يحتلم؟ وقلت في نفسي بعد ما فصل الكتاب: الاحتلام شيطنة وقد أعاذ الله تبارك و تعالى أولياء ه من ذلك، فورد الجواب حال الائمة في المنام حالهم في اليقظة لا يغير النوم منهم شيئا وقد أعاذ الله أولياءه من لمة الشيطان كما حدثتك نفسك. 13 – إسحاق قال: حدثني الحسن بن ظريف قال: اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب فيهما إلى أبي محمد عليه السلام فكتبت أسأله عن القائم عليه السلام إذا قام بما يقضي وأين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس؟ وأردت أن أسأله عن شئ لحمى الربع فأغفلت خبر الحمى فجاء الجواب سألت عن القائم فإذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود عليه السلام لا يسال البينة وكنت أردت أن تسأل لحمى الربع فأنسيت، فاكتب في ورقة وعلقه على المحموم فإنه يبرأ بإذن الله إن شاء الله: ” يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم ” فعلقنا عليه ما ذكر أبو محمد عليه السلام فأفاق. 14 – إسحاق قال: حدثني إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله ابن عباس بن عبد المطلب قال: قعدت لابي محمد عليه السلام على ظهر الطريق فلما مر بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أنه ليس عندي درهم فما فوقها ولا غداء ولا عشاء قال فقال: تحلف بالله كاذبا وقد دفنت مأتي دينار، وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية أعطه يا غلام ما معك، فأعطاني غلامه مائة دينار، ثم أقبل علي فقال لي: إنك تحرمها أحوج ما تكون إليها يعني الدنانير التي دفنت وصدق عليه السلام وكان كما قال


(1) في بعض النسخ [ نصر الخادم ]. [ * ]

[ 510 ]

دفنت مأتي دينار وقلت: يكون ظهرا وكهفا لنا فاضطررت ضرورة شديدة إلى شئ أنفقه وانغلقت علي أبواب الرزق فنبشت عنها فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب فما قدرت منها على شئ. 15 – إسحاق قال: حدثني علي بن زيد (1) بن علي بن الحسين بن علي قال: كان لي فرس وكنت به معجبا اكثر ذكره في المحال فدخلت على أبي محمد يوما فقال لي: ما فعل فرسك؟ فقلت: هو عندي وهو ذا هو على بابك وعنه نزلت فقال لي: استبدل به قبل المساء إن قدرت على مشتري ولا تؤخر ذلك ودخل علينا داخل و انقطع الكلام فقمت متفكرا ومضيت إلى منزلي فأخبرت أخي الخبر، فقال: ما أدري ما أقول في هذا وشححت به ونفست على الناس ببيعة وأمسينا فأتانا السائس وقد صلينا العتمة فقال: يا مولاي نفق (2) فرسك فاغتممت وعلمت أنه عنى هذا بذلك القول قال: ثم دخلت على أبي محمد بعد أيام وأنا أقول في نفسي: ليته أخلف علي دابة إذ كنت اغتممت بقوله، فلما جلست قال: نعم نخلف دابة عليك، يا غلام أعطه برذوني الكميت، هذا خير من فرسك وأوطأ وأطول عمرا. 16 – إسحاق قال: حدثني محمد بن الحسن بن شمون قال: حدثني أحمد بن محمد قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام حين أخذ المهتدي في قتل الموالي: يا سيدي الحمد لله الذي شغله عنا، فقد بلغني أنه يتهددك ويقول والله لاجلينهم عن جديد الارض (3) فوقع أبو محمد عليه السلام بخطه: ذاك أقصر لعمره، عد من يومك هذا خمسة أيام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمر به فكان كما قال عليه السلام. 17 – إسحاق قال: حدثني محمد بن الحسن بن شمون قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله أن يدعو الله لي من وجع عيني وكانت إحدى عيني ذاهبة والاخرى على شرف ذهاب، فكتب إلي حبس الله عليك عينك فأفاقت الصحيحة ووقع في آخر الكتاب آجرك الله وحسن ثوابك، فاغتممت لذلك ولم أعرف في أهلي أحدا مات، فلما كان بعد أيام جاء تني وفاة ابني طيب فعلمت أن التعزية له.


(1) في بعض النسخ [ عن على بن الحسين ]. (2) نفق الرجل والدابة نفوقا مات. (3) جديد الارض: وجهها. [ * ]

[ 511 ]

1 8 – إسحاق قال: حدثني عمر بن أبي مسلم قال: قدم علينا بسر من رأى رجل من أهل مصر يقال له: سيف بن الليث، يتظلم إلى المهتدي في ضيعة له قد غصبها إياه شفيع الخادم وأخرجه منها فأشرنا عليه أن يكتب إلى أبي محمد عليه السلام يسأله تسهيل أمرها فكتب إليه أبو محمد عليه السلام لا بأس عليك، ضيعتك ترد عليك فلا تتقدم إلى السلطان والق الوكيل الذي في يده الضيعة وخوفه بالسلطان الاعظم الله رب العالمين فلقيه فقال له الوكيل الذي في يده الضيعة قد كتب إلي عند خروجك من مصر، أن أطلبك وأرد الضيعة عليك فردها عليه بحكم القاضي ابن أبي الشوارب وشهادة الشهود ولم يحتج إلى أن يتقدم إلى المهتدي فصارت الضيعة له وفي يده ولم يكن لها خبر (1) بعد ذلك قال: وحدثني سيف بن الليث هذا قال: خلفت ابنا لي عليلا بمصر عند خروجي عنها وابنا لي آخر أسن منه كان وصيي وقيمي على عيالي وفي ضياعي فكتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله الدعاء لابني العليل: فكتب إلي قد عوفي ابنك المعتل ومات الكبير وصيك وقيمك فاحمد الله ولا تجزع فيحبط أجرك فورد علي الخبر أن ابني قد عوفي من علته ومات الكبير يوم ورد علي جواب أبي محمد عليه السلام. 19 – إسحاق قال: حدثني يحيى بن القشيري (2) من قرية تسمى قير قال: كان لابي محمد وكيل قد اتخذ معه في الدار حجرة يكون فيها معه خادم أبيض، فأراد الوكيل الخادم على نفسه فأبى إلا يأتيه بنبيذ فاحتال له بنبيذ، ثم أدخله عليه و بينه وبين أبي محمد ثلاثة أبواب مغلقة، قال: فحدثني الوكيل قال: إني لمنتبه إذ أنا بالابواب تفتح حتى جاء بنفسه فوقف على بابى الحجرة ثم قال: يا هؤلاء اتقوا الله خافوا الله فلما أصبحنا أمر ببيع الخادم وإخراجي من الدار. 20 – إسحاق قال: أخبرني محمد بن الربيع الشائي (3) قال: ناظرت رجلا من الثنوية بالاهواز، ثم قدمت سر من رأى وقد علق بقلبي شئ من مقالته فإني لجالس على باب أحمد بن الخضيب إذ أقبل أبو محمد عليه السلام من دار العامة (4) يوم الموكب فنظر إلي وأشار بسباحته (5) أحد أحد فرد (6) فسقطت مغشيا علي.


(1) في بعض النسخ [ خير ]. (2) في بعض النسخ [ القسرى وفى بعضها [ القنبرى ]. (3) في بعض النسخ [ السائى ] وفى بعضها [ الشيباني ]. (4) أي دار الخلافة. (5) في بعض النسخ [ بسبابته ]. (6) في بعض النسخ [ أحدا، أحدا، فردا ]. [ * ]

[ 512 ]

21 – إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت على أبي محمد يوما وأنا اريد أن أسأله ما اصوغ به خاتما أتبرك به فجلست وانسيت ما جئت له، فلما ودعت ونهضت رمى إلي بالخاتم فقال: أردت فضة فأعطيناك خاتما ربحت الفص و الكرا، هناك الله يا أبا هاشم فقلت: يا سيدي أشهد أنك ولي الله وإمامي الذي أدين الله بطاعته، فقال: غفر الله لك يا أبا هاشم. 22 – إسحاق قال: حدثني محمد بن القاسم أبو العيناء الهاشمي مولى عبد الصمد ابن علي عتاقة (1) قال: كنت أدخل على أبي محمد عليه السلام فأعطش وأنا عنده فاجله أن أدعو بالماء فيقول: يا غلام اسقه وربما حدثت نفسي بالنهوض فافكر في ذلك فيقول يا غلام دابته (2). 23 – علي بن محمد، عن محمد بن اسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد عن علي بن عبد الغفار قال: دخل العباسيون على صالح بن وصيف ودخل صالح ابن علي وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمد عليه السلام، فقال لهم صالح: وما أصنع قد وكلت به رجلين من أشر من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم، فقلت: لهما ما فيه؟ فقالا: ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله، لا يتكلم ولا يتشاغل وإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا ويداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا، فلما سمعوا ذلك انصرفوا خائبين. 24 – علي بن محمد، عن الحسن بن الحسين قال: حدثني محمد بن الحسن المكفوف قال: حدثني بعض أصحابنا، عن بعض فصادي العسكر من النصارى أن أبا محمد عليه السلام بعث إلي يوما في وقت صلاة الظهر، فقال لي: أفصد هذا العرق قال: وناولني عرقا لم أفهمه من العروق التي تفصد، فقلت في نفسي: ما رأيت أمرا أعجب من هذا يأمر لي أن أفصد في وقت الظهر وليس بوقت فصد والثانية عرق لا أفهمه، ثم قال لي: انتظر وكن في الدار، فلما أمسى دعاني وقال لي: سرح الدم فسرحت ثم قال: لي أمسك فأمسكت، ثم قال لي: كن في الدار، فلما كان نصف الليل أرسل


(1) كأنه تمييز أي كان ولايته من جهة العتق. (2) أي احضر يا غلام دابته. [ * ]

[ 513 ]

إلي وقال لي: سرح الدم قال: فتعجبت أكثر من عجبي الاول وكرهت أن أسأله قال: فسرحت فخرج دم أبيض كأنه الملح، قال: ثم قال لي: احبس قال: فحبست قال ثم قال: كن في الدار، فلما أصبحت أمر قهرمانه أن يعطيني ثلاثة دنانير فأخذتها وخرجت حتى أتيت ابن بختيشوع النصراني فقصصت عليه القصة قال: فقال لي والله ما أفهم ما تقول ولا أعرفه في شئ من الطب ولا قرأته في كتاب ولا أعلم في دهرنا أعلم بكتب النصرانية من فلان الفارسي فاخرج إليه قال: فاكتريت زورقا إلى البصرة وأتيت الاهواز ثم صرت إلى فارس إلى صاحبي فأخبرته الخبر قال، وقال أنظرني أياما فأنظرته ثم أتيته متقاضيا قال: فقال لي: إن هذا الذي تحكيه عن هذا الرجل فعله المسيح في دهره مرة. 25 – علي بن محمد، عن بعض أصحابنا قال: كتب محمد بن حجر إلى أبي محمد عليه السلام يشكو عبد العزيز بن دلف ويزيد بن عبد الله، فكتب إليه أما عبد العزيز فقد كفيته وأما يزيد فإن لك وله مقاما بين يدي الله، فمات عبد العزيز وقتل يزيد محمد بن حجر. 26 – علي بن محمد، عن بعض اصحابنا قال: سلم أبو محمد عليه السلام إلى نحرير (1) فكان يضيق عليه ويؤذيه قال: فقالت له امرأته: ويلك اتق الله، لا تدري من في منزلك وعرفته صلاحه وقالت: إني أخاف عليك منه، فقال لارمينه بين السباع، ثم فعل ذلك به فرئي عليه السلام قائما يصلي وهي حوله. 27 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق قال: دخلت على أبي محمد عليه السلام فسألته أن يكتب لانظر إلى خطه فأعرفه إذا ورد، فقال: نعم، ثم قال: يا أحمد إن الخط سيختلف عليك من بين القلم الغليظ إلى القلم الدقيق فلا تشكن، ثم دعا بالدواة فكتب وجعل يستمد إلى مجرى الدواة فقلت في نفسي وهو يكتب: أستوهبه القلم الذي كتب به، فلما فرغ من الكتابة أقبل يحدثني وهو يمسح القلم بمنديل الدواة ساعة، ثم قال: هاك يا أحمد فناولنيه، فقلت: جعلت فداك إني مغتم لشئ يصيبني في نفسي وقد أردت أن أسأل أباك فلم يقض لي ذلك، فقال: وما هو يا أحمد؟ فقلت: يا سيدي روي لنا عن آبائك أن نوم الانبياء على أقفيتهم ونوم


(1) هو خادم من خدم الخليفة وكان راع سباع الخليفة وكلابه. [ * ]

[ 514 ]

المؤمنين على أيمانهم ونوم المنافقين على شمائلهم ونوم الشياطين على وجوههم، فقال عليه السلام كذلك هو، فقلت: يا سيدي فإني أجهد أن أنام علي يميني فما يمكنني ولا يأخذني النوم عليها، فكست ساعة ثم قال: يا أحمد ادن مني فدنوت منه فقال: أدخل يدك تحت ثيابك فأدخلتها فاخرج يده من تحت ثيابه وأدخلها تحت ثيابي، فمسح بيده اليمنى على جانبي الايسر وبيده اليسرى على جانبي الايمن ثلاث مرات، فقال أحمد: فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل ذلك بي عليه السلام وما يأخذني نوم عليها أصلا. (باب) * (مولد الصاحب عليه السلام) * ولد عليه السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين. 1 – الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد قال: خرج عن أبي محمد عليه السلام حين قتل الزبيري: هذا جزاء من افترى على الله في أوليائه، زعم أنه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة الله. وولد له ولد سماه ” م ح م د ” سنة ست وخمسين ومائتين. 2 – علي بن محمد قال: حدثني محمد والحسن ابنا علي بن إبراهيم (1) في سنة تسع وسبعين ومائتين قالا: حدثنا محمد بن علي بن عبد الرحمن العبدي – من عبد قيس – عن ضوء بن علي العجلي، عن رجل من أهل فارس سماه، قال: أتيت سر من رأى و لزمت باب أبي محمد عليه السلام فدعاني من غير أن أستأذن، فلما دخلت وسلمت قال لي: يا أبا فلان كيف حالك؟ ثم قال لي: اقعد يا فلان، ثم سألني عن جماعة من رجال ونساء من أهلي، ثم قال لي: ما الذي أقدمك؟ قلت: رغبة في خدمتك قال: فقال: فالزم الدار قال: فكنت في الدار مع الخدم ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق وكنت أدخل عليه من غير إذن إذا كان في دار الرجال، فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال، فسمعت حركة في البيت فناداني مكانك لا تبرح، فلم أجسر أن أخرج ولا أدخل، فخرجت علي جارية معها شئ مغطى ثم ناداني ادخل فدخلت ونادى


(1) وهو ابن موسى بن جعفر عليه السلام. [ * ]

[ 515 ]

الجارية فرجعت فقال لها: اكشفي عما معك فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه وكشفت عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود، فقال: هذا صاحبكم، ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبو محمد عليه السلام فقال ضوء بن علي: فقلت للفارسي: كم كنت تقدر له من السنين؟ قال: سنتين قال العبدي: فقلت لضوء: كم تقدر له أنت؟ قال: أربع عشرة سنة، قال أبو علي وأبو عبد الله ونحن نقدر له إحدى وعشرين سنة. 3 – علي بن محمد وعن غير واحد من أصحابنا القميين، عن محمد بن محمد العامري عن أبي سعيد غانم الهندي قال: كنت بمدينة الهند المعروفة بقشمير الداخلة وأصحاب لي يقعدون على كراسي عن يمين الملك، أربعون رجلا كلهم يقرأ الكتب الاربعة: التوراة والانجيل والزبور وصحف إبراهيم، نقضي بين الناس ونفقههم في دينهم و نفتيهم في حلالهم وحرامهم، يفزع الناس إلينا، الملك فمن دونه، فتجارينا ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلنا: هذا النبي المذكور في الكتب قد خفي علينا أمره ويجب علينا الفحص عنه وطلب أثره واتفق رأينا وتوافقنا على أن أخرج فارتاد لهم، فخرجت ومعي مال جليل، فسرت اثني عشر شهرا حتى قربت من كابل، فعرض لي قوم من الترك فقطعوا علي وأخذوا مالي وجرحت جراحات شديده ودفعت إلى مدينة كابل، فأنفذني ملكها لما وقف على خبري إلى مدينة بلخ وعليها إذ ذاك داود بن العباس بن أبي [ أ ] سود، فبلغه خبري وأني خرجت مرتادا من الهند وتعلمت الفارسية وناظرت الفقهاء وأصحاب الكلام، فأرسل إلي داود بن العباس فأحضرني مجلسه وجمع علي الفقهاء فناظروني فأعلمتهم أني خرجت من بلدي أطلب هذا النبي الذي وجدته في الكتب، فقال لي: من هو وما اسمه؟ فقلت: محمد، فقال: هو نبينا الذي تطلب، فسألتهم عن شرائعه، فأعلموني، فقلت لهم: أنا أعلم أن محمدا نبي ولا أعلمه هذا الذي تصفون أم لا فأعلموني موضعه لاقصده فاسائله عن علامات عندي ودلالات، فإن كان صاحبي الذي طلبت آمنت به، فقالوا: قد مضى صلى الله عليه وآله فقلت: فمن وصيه وخليفته فقالوا: أبو بكر، قلت: فسموه لي فإن هذه كنيته؟ قالوا: عبد الله بن عثمان ونسبوه إلى قريش، قلت: فانسبوا لي محمدا نبيكم فنسبوه لي،


[ 516 ]

فقلت: ليس هذا صاحبي الذي طلبت صاحبي الذي أطلبه خليفته أخوه في الدين وابن عمه في النسب وزوج ابنته وأبو ولده، ليس لهذا النبي ذرية على الارض غير ولد هذا الرجل الذي هو خليفته، قال: فوثبوا بي وقالوا أيها الامير إن هذا قد خرج من الشرك إلى الكفر هذا حلال الدم، فقلت لهم: يا قوم أنا رجل معي دين متمسك به لا افارقه حتى أرى ما هو أقوى منه، إني وجدت صفة هذا الرجل في الكتب التي انزلها الله على أنبيائه وإنما خرجت من بلاد الهند ومن العز الذي كنت فيه طلبا به، فلما فحصت عن أمر صاحبكم الذي ذكرتم لم يكن النبي الموصوف في الكتب فكفوا عني وبعث العامل إلى رجل يقال له: الحسين بن اشكيب (1) فدعاه فقال له: ناظر هذا الرجل الهندي، فقال له الحسين: أصلحك الله عندك الفقهاء و العلماء وهم أعلم وأبصر بمناظرته، فقال له: ناظره كما أقول لك واخل به والطف له فقال لي الحسين بن اشكيب بعد ما فاوضته: إن صاحبك الذي تطلبه هو النبي الذي وصفه هؤلاء وليس الامر في خليفته كما قالوا، هذا النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ووصيه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وهو زوج فاطمة بنت محمد وأبو الحسن والحسين سبطي محمد صلى الله عليه وآله، قال غانم أبو سعيد فقلت: الله أكبر هذا الذي طلبت، فانصرفت إلى داود بن العباس فقلت له: أيها الامير وجدت ما طلبت وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال: فبرني ووصلني، وقال للحسين تفقده، قال: فمضيت إليه حتى آنست به وفقهني فيما احتجت إليه من الصلاة والصيام والفرائض قال: فقلت له: إنا نقرأ في كتبنا أن محمدا صلى الله عليه وآله خاتم النبيين لا نبي بعده وأن الامر من بعده إلى وصيه ووارثه وخليفته من بعده، ثم إلى الوصي بعد الوصي، لا يزال أمر الله جاريا في أعقابهم حتى تنقضي الدنيا، فمن وصي وصي محمد؟ قال: الحسن ثم الحسين ابنا محمد صلى الله عليه وآله، ثم ساق الامر في الوصية حتى انتهى إلى صاحب الزمان عليه السلام، ثم أعلمني ما حدث، فلم يكن لي همة إلا طلب الناحية. فوافى قم وقعد مع أصحابنا في سنة أربع وستين ومائتين وخرج معهم حتى وافى بغداد ومعه رفيق له من أهل السند كان صحبه على المذهب، قال: فحدثني غانم قال:


(1) في بعض النسخ [ إسكيب ]. [ * ]

[ 517 ]

وأنكرت من رفيقي بعض أخلاقه، فهجرته وخرجت حتى سرت إلى العباسية أتهيأ للصلاة واصلي وإني لواقف متفكر فيما قصدت لطلبه إذا أنا بآت قد أتاني فقال: أنت فلان؟ – اسمه بالهند – فقلت: نعم فقال: أجب مولاك فمضيت معه فلم يزل يتخلل بي الطريق حتى أتى دارا وبستانا فإذا أنا به عليه السلام جالس، فقال: مرحبا يا فلان – بكلام الهند – كيف حالك؟ وكيف خلفت فلانا وفلانا؟ حتى عد الاربعين كلهم فسائلني عنهم واحدا واحدا، ثم أخبرني بما تجارينا (1) كل ذلك بكلام الهند، ثم قال: أردت أن تحج مع اهل قم؟ قلت: نعم يا سيدي، فقال: لا تحج معهم وانصرف سنتك هذه وحج في قابل، ثم ألقى إلى صرة كانت بين يديه، فقال لي: اجعلها نفقتك ولا تدخل إلى بغداد إلى فلان سماه، ولا تطلعه على شئ وانصرف إلينا إلى البلد، ثم وافانا بعض الفيوج فأعلمونا أن أصحابنا انصرفوا من العقبة ومضى نحو خراسان فلما كان في قابل حج و أرسل إلينا بهدية من طرف خراسان فأقام بها مدة، ثم مات رحمة الله. 4 – علي بن محمد، عن سعيد بن عبد الله قال: إن الحسن بن النضر وأبا صدام وجماعة تكلموا بعد مضي أبي محمد عليه السلام فيما في أيدي الوكلاء وأرادوا الفحص (2) فجاء الحسن بن النضر إلى أبي الصدام فقال: إني اريد الحج فقال له: أبو صدام أخره هذه السنة، فقال له الحسن [ ابن النضر ]: إني أفزع في المنام ولابد من الخروج وأوصى إلى أحمد بن يعلى بن حماد وأوصى للناحية بمال وأمره أن لا يخرج شيئا إلا من يده إلى يده بعد ظهور، قال: فقال الحسن: لما وافيت بغداد اكتريت دارا فنزلتها فجاء ني بعض الوكلاء بثياب ودنانير وخلفها عندي، فقلت له ما هذا؟ قال هو ما ترى، ثم جاء ني آخر بمثلها وآخر حتى كبسوا (3) الدار، ثم جاء ني أحمد بن إسحاق بجميع ما كان معه فتعجبت وبقيت متفكرا فوردت علي رقعة الرجل عليه السلام (4) إذا مضى من النهار كذا و كذا فاحمل ما معك، فرحلت وحملت ما معي وفي الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلا فاجتزت عليه وسلمني الله منه فوافيت العسكر ونزلت، فوردت علي رقعة أن احمل ما معك فعبيته (5) في صنان الحمالين، فلما بلغت الدهليز إذا فيه أسود قائم فقال: أنت الحسن


(1) فتجارينا: أجرينا فيما بيننا. (2) يعنى عن الصاحب عليه السلام. (3) كبسوا: هجموا. (4) رقعة الرجل يعنى الصاحب عليه السلام. (5) فعبيته من التعبية. والصن بالكسر شبه السلة المطبقة يجعل فيها الخبز. (في). [ * ]

[ 518 ]

ابن النضر؟ قلت: نعم، قال: ادخل، فدخلت الدار ودخلت بيتا وفرغت صنان الحمالين وإذا في زاوية البيت خبز كثير فأعطى كل واحد من الحمالين رغيفين واخرجوا وإذا بيت عليه ستر فنوديت منه: يا حسن بن النضر احمد الله على ما من به عليك ولا تشكن، فود الشيطان أنك شككت، وأخرج إلي ثوبين وقيل: خذها فستحتاج إليهما فأخذتهما وخرجت، قال سعد: فانصرف الحسن بن النضر ومات في شهر رمضان وكفن في الثوبين. 5 – علي بن محمد عن محمد بن حمويه السويداوي، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار قال: شككت عند مضي أبي محمد عليه السلام واجتمع عند أبي مال جليل، فحمله وركب السفينة وخرجت معه مشيعا، فوعك (1) وعكا شديدا، فقال: يا بني ردني، فهو الموت وقال لي: اتق الله في هذا المال وأوصى إلي فمات، فقلت في نفسي: لم يكن أبي ليوصي بشئ غير صحيح أحمل هذا المال إلى العراق وأكتري دارا على الشط ولا اخبر أحدا بشئ وإن وضح لي شئ كوضوحه [ في ] أيام أبي محمد عليه السلام أنفذته وإلا قصفت به (2)، فقدمت العراق واكتريت دارا على الشط وبقيت أياما، فإذا أنا برقعة مع رسول فيها يا محمد معك كذا وكذا في جوف كذا وكذا، حتى قص علي جميع ما معي مما لم احط به علما فسلمته إلى الرسول وبقيت أياما لا يرفع لي رأس واغتممت، فخرج إلي قد أقمناك مكان (3) أبيك فاحمد الله. 6 – محمد بن أبي عبد الله، عن أبي عبد الله النسائي (4) قال: أوصلت أشياء للمرزباني الحارثي فيها سوار ذهب، فقبلت ورد علي السوار، فأمرت بكسره، فكسرته فإذا في وسطه مثاقيل حديد ونحاس أو صفر فأخرجته وأنفذت الذهب فقبل. 7 – علي بن محمد، عن الفضل الخزاز المدائني مولى خديجة بنت محمد أبي جعفر عليه السلام قال: إن قوما من أهل المدينة من الطالبيين كانوا يقولون بالحق وكانت الوظائف ترد عليهم (5) في وقت معلوم، فلما مضى أبو محمد عليه السلام رجع قوم منهم عن القول بالولد (6) فوردت


(1) الوعك: اذى الحمى ووجعها. (2) القصوف: الاقامة على الاكل والشرب. (3) في بعض النسخ [ مقام ]. (4) في بعض النسخ [ النسابى ]. (5) يعنى من ابى محمد عليه السلام. (6) يعنى القول بان له عليه السلام ولدا يخلفه بعده. [ * ]

[ 519 ]

الوظائف على من ثبت منهم على القول بالولد وقطع عن الباقين، فلا يذكرون في الذاكرين والحمد لله رب العالمين. 8 – علي بن محمد قال: أوصل رجل من أهل السواد مالا فرد عليه وقيل له: أخرج حق ولد عمك منه وهو أربعمائة درهم وكان الرجل في يده ضيعة لولد عمه، فيها شركة قد حبسها عليهم، فنظر فإذا الذي لولد عمه من ذلك المال أربعمائة درهم فأخرجها وأنفذ الباقي فقبل. 9 – القاسم بن العلاء قال: ولد لي عدة بنين فكنت أكتب وأسأل الدعاء فلا يكتب إلي لهم بشئ، فماتوا كلهم، فلما ولد لي الحسن ابني كتبت (1) أسأل الدعاء فاجبت يبقى والحمد لله. 10 – علي بن محمد، عن أبي عبد الله بن صالح قال: [ كنت ] خرجت سنة من السنين ببغداد فاستأذنت في الخروج، فلم يؤذن لي، فأقمت اثنين وعشرين يوما وقد خرجت القافلة إلى النهروان، فاذن في الخروج لي يوم الاربعاء وقيل لي: اخرج فيه، فخرجت وأنا آيس من القافلة أن ألحقها، فوافيت النهروان والقافلة مقيمة، فما كان إلا أن أعلفت جمالي شيئا حتى رحلت القافلة، فرحلت وقد دعا لي بالسلامة فلم ألق سوء ا والحمد لله. 11 – علي، عن النضر بن صباح البجلي، عن محمد بن يوسف الشاشي (2) قال: خرج بي ناصور على مقعدتي فأريته الاطباء وأنفقت عليه مالا فقالوا: لا نعرف له دواء، فكتبت رقعة أسأل الدعاء فوقع عليه السلام إلي: ألبسك الله العافية وجعلك معنا في الدنيا والآخرة، قال: فما أتت علي جمعة حتى عوفيت وصار مثل راحتي، فدعوت طبيبا من أصحابنا و أريته إياه، فقال: ما عرفنا لهذا دواء. 12 – علي، عن علي بن الحسين اليماني، قال: كنت ببغداد فتهيأت قافلة لليمانيين فأردت الخروج معها، فكتبت ألتمس الاذن في ذلك، فخرج: لا تخرج معهم فليس لك في الخروج معهم خيرة وأقم بالكوفة، قال: وأقمت وخرجت القافلة فخرجت عليهم


(1) في بعض النسخ [ كنت ]. (2) قرية من بلاد كردستان قريبة من فارياب (لح) وفى بعض النسخ [ الشامي ] وفى بعضها [ الساشي ]. [ * ]

[ 520 ]

حنظلة (1) فاجتاحتهم وكتبت أستأذن في ركوب الماء، فلم يؤذن لي، فسألت عن المراكب التي خرجت في تلك السنة في البحر فما سلم منها مركب، خرج عليها قوم من الهند يقال لهم البوارح (2) فقطعوا عليها، قال: وزرت العسكر فأتيت الدرب مع المغيب ولم اكلم أحدا ولم أتعرف إلى أحد وأنا أصلي في المسجد بعد فراغي من الزيارة (4) إذا بخادم قد جاء ني فقال لي: قم، فقلت له: إذن إلى أين؟ فقال لي: إلى المنزل، قلت: ومن أنا لعلك ارسلت إلى غيري، فقال: لا ما ارسلت إلا إليك أنت علي بن الحسين رسول جعفر بن إبراهيم، فمر بي حتى أنزلني في بيت الحسين بن أحمد ثم ساره، فلم أدر ما قال له: حتى آتاني جميع ما أحتاج إليه وجلست عنده ثلاثة أيام واستأذنته في الزيارة من داخل فأذن لي فزرت ليلا. 13 – الحسن بن الفضل بن زيد اليماني قال: كتب أبي بخطه كتابا فورد جوابه ثم كتبت بخطي فورد جوابه، ثم كتب بخطه رجل من فقهاء أصحابنا، فلم يرد جوابه فنظرنا فكانت العلة أن الرجل تحول قرمطيا، قال الحسن بن الفضل: فزرت العراق ووردت طوس وعزمت أن لا أخرج إلا عن بينة من أمري ونجاح من حوائجي ولو احتجت أن اقيم بها حتى أتصدق (5) قال: وفي خلال ذلك يضيق صدري بالمقام وأخاف أن يفوتني الحج قال: فجئت يوما إلى محمد بن أحمد أتقاضاه فقال لي: صر إلى مسجد كذا وكذا وإنه يلقاك رجل، قال: فصرت إليه فدخل علي رجل فلما نظر إلي ضحك وقال: لا تغتم فإنك ستحج في هذ السنة وتنصرف إلى أهلك وولدك سالما، قال: فاطمأننت وسكن قلبي وأقول ذا مصداق ذلك والحمد لله، قال: ثم وردت العسكر فخرجت إلي صرة فيها دنانير وثوب فاغتممت وقلت في نفسي: جزائي عند القوم هذا واستعملت الجهل فرددتها وكتبت رقعة، ولم يشر الذي قبضها مني علي بشئ ولم يتكلم فيها


(1) قبيلة من بنى تميم والاجتياح بالجيم ثم الحاء الاهلاك والاستيصال (في). (2) البوارح بالموحدة والمهملتين يقال للشدائد والدواهي، كأنهم شبهوا بها (في). (3) في بعض النسخ [ ووردت ]. (4) لعله اراد بالزيارة زيارة الصاحب عليه السلام من خارج داره كما يدل عليه قوله من داخل الدار في آخر الحديث (في). (5) أي أسأل الصدقة وهو كلام عامى غير فصيح كما قاله ابن قتيبة (في). [ * ]

[ 521 ]

بحرف ثم ندمت بعد ذلك ندامة شديدة وقلت في نفسي: كفرت بردي على مولاي وكتبت رقعة أعتذر من فعلي وأبوء بالاثم وأستغفر من ذلك وأنفذتها وقمت أتمسح (1) فأنا في ذلك افكر في نفسي وأقول إن ردت علي الدنانير لم أحلل صرارها ولم أحدث فيها حتى أحملها إلى أبي فإنه أعلم مني ليعمل فيها بما شاء، فخرج إلى الرسول الذي حمل إلي الصرة أسأت إذ لم تعلم الرجل أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا وربما سألونا ذلك يتبركون به وخرج إلي أخطأت في ردك برنا فإذا استغفرت الله، فالله يغفر لك، فأما إذا كانت عزيمتك وعقد نيتك ألا تحدث فيها حدثا ولا تنفقها في طريقك، فقد صرفناها عنك فأما الثوب فلا بد منه لتحرم فيه، قال: وكتبت في معنيين وأردت أن أكتب في الثالث وامتنعت منه مخافة أن يكره ذلك، فورد جواب المعنيين والثالث الذي طويت مفسرا والحمد لله، قال: وكنت وافقت جعفر بن إبراهيم النيسابوري بنيسابور على أن أركب معه وازامله فلما وافيت بغداد بدا لي فاستقلته وذهبت اطلب عديلا، فلقيني ابن الوجنا بعد ان كنت صرت إليه وسالته أن يكتري لي فوجدته كارها، فقال لي: أنا في طلبك وقد قيل لي: إنه يصحبك فأحسن معاشرته واطلب له عديلا واكتر له 14 – علي بن محمد، عن الحسن بن عبد الحميد قال: شككت في أمر حاجز (2) فجمعت شيئا ثم صرت إلى العسكر، فخرج إلي ليس فينا شك ولا فيمن يقوم مقامنا بأمرنا رد ما معك إلى حاجز بن يزيد. 15 – علي بن محمد، عن محمد بن صالح قال: لما مات أبي وصار الامر لي، كان لابي على الناس سفاتج (3) من مال الغريم، فكتبت إليه اعلمه فكتب: طالبهم واستقض عليهم، فقضاني الناس إلا رجل واحد كانت عليه سفتجة بأربعمائة دينار فجئت إليه اطالبه فماطلني واستخف بي ابنه وسفه علي، فشكوت إلى أبيه فقال: وكان ماذا؟


(1) يقال فلان يتمسح أي لا شئ معه، كانه يمسح ذراعيه (في) أو هو تمسح الكف بالكف كناية عن الندامة والحسرة. (2) يعنى في وكالته للصاحب أو ديانته (في). (3) جمع السفتجة بالضم وهى ان تعطى مالا لرجل فيعطيك خطا يمكنك من استرداد ذلك المال من عميل له في مكان آخر. [ * ]

[ 522 ]

فقبضت على لحتيه وأخذت برجله وسحبته إلى وسط الدار (1) وركلته ركلا كثيرا، فخرج بانه يستغيث بأهل بغداد ويقول: قمي رافضي قد قتل والدي، فاجتمع علي منهم الخلق فركبت دابتي وقلت أحسنتم يا أهل بغداد تميلون مع الظالم على الغريب المظلوم، أنا رجل من أهل همدان من أهل السنة وهذا ينسبني إلى أهل قم والرفض ليذهب بحقي ومالي، قال: فمالوا عليه وأرادوا أن يدخلوا على حانوته حتى سكنتهم وطلب إلي صاحب السفتجة وحلف بالطلاق أن يوفيني مالي حتى أخرجتهم عنه. 16 – علي، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن الحسن والعلاء بن رزق الله، عن بدر غلام أحمد بن الحسن قال: وردت الجبل (2) وأنا لا أقول بالامامة، احبهم جملة إلى أن مات يزيد بن عبد الله فأوصى في علته أن يدفع الشهري السمند (3) وسيفه ومنطقته إلى مولاه فخفت إن أنا لم أدفع الشهري إلى إذ كوتكين (4) نالني منه استخفاف فقومت الدابة والسيف والمنطقة بسبعمائة دينار في نفسي ولم اطلع عليه أحدا فإذا الكتاب قد ورد علي من العراق: وجه السبع مائة دينار التي لنا قبلك من ثمن الشهري والسيف والمنطقة. 17 – علي، عمن حدثه قال: ولدلي ولد فكتبت أستأذن في طهره يوم السابع فورد لا تفعل فمات يوم السابع أو الثامن، ثم كتبت بموته فورد ستخلف غيره وغيره تسميه أحمد من بعد أحمد جعفرا، فجاء كما قال، قال: وتهيأت للحج وودعت الناس وكنت على الخروج فورد: نحن لذلك كارهون والامر إليك، قال: فضاق صدري واغتممت وكتبت أنا مقيم على السمع والطاعة غير أني مغتم بتخلفي عن الحج فوقع: لا يضيقن صدرك فإنك ستحج من قابل إن شاء الله، قال: ولما كان من قابل. كتبت أستأذن، فورد الاذن فكتبت أني عادلت محمد بن العباس وأنا واثق


(1) سحبته أي جررته. والركل: الضرب بالرجل. (2) الجبل بالتحريك كورة بين بغداد وآذربيجان. (3) الشهري ضرب من البرذون. والسمند فرس له لون، معروف. (4) كان من امراء الترك من اتباع بنى العباس وهو في التواريخ وبعض كتب الحديث وبعض نسخ الكتاب بالذال وفى اكثرها بالزاى. [ * ]

[ 523 ]

بديانته وصيانته، فورد: الاسدي نعم العديل فإن قدم فلا تختر عليه، فقدم الاسدي وعادلته. 18 – الحسن بن علي العلوي قال: أودع المجروح (1) مرداس بن علي مالا للناحية وكان عند مرداس مال لتميم بن حنظلة فورد على مرداس: أنفذ مال تميم مع ما أودعك الشيرازي. 19 – علي بن محمد، عن الحسن بن عيسى العريضي أبي محمد قال: لما مضى أبو محمد عليه السلام ورد رجل من أهل مصر بمال إلى مكة للناحية، فاختلف عليه فقال: بعض الناس: إن أبا محمد عليه السلام مضى من غير خلف والخلف جعفر وقال بعضهم: مضى أبو محمد عن خلف، فبعث رجل يكنى بأبي طالب فورد العسكر ومعه كتاب، فصار إلى جعفر وسأله عن برهان، فقال، لا يتهيأ في هذا الوقت، فصار إلى الباب وأنفذ الكتاب إلى أصحابنا فخرج إليه: أجرك الله في صاحبك، فقد مات وأوصى بالمال الذي كان معه إلى ثقة ليعمل فيه بما يحب واجيب عن كتابه. 20 – علي بن محمد قال: حمل رجل من أهل آبة شيئا يوصله ونسي بآبة فأنفذ ما كان معه فكتب إليه ما خبر السيف الذي نسيته 21 – الحسن بن خفيف، عن أبيه قال: بعث (2) بخدم إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وآله ومعهم خادمان وكتب إلي خفيف أن يخرج معهم فخرج معهم فلما وصلوا إلى الكوفة شرب أحد الخادمين مسكرا فما خرجوا من الكوفة حتى ورد كتاب من العسكر برد الخادم الذي شرب المسكر وعزل عن الخدمة. 22 – علي بن محمد، عن [ أحمد بن ] أبي علي بن غياث (3)، عن أحمد بن الحسن قال: اوصى يزيد بن عبد الله بدابة وسيف ومال وأنفذ ثمن الدابة وغير ذلك ولم يبعث السيف فورد: كان مع ما بعثتهم سيف فلم يصل – أو كما قال -. 23 – علي بن محمد، عن محمد بن علي بن شاذان النيسابوري قال: اجتمع عندي


(1) المجروح هو الشيرازي. (2) يعنى بعث الصاحب عليه السلام. (3) في بعض النسخ [ على بن محمد، عن احمد ابى على بن غياث ]. [ * ]

[ 524 ]

خمسمائة درهم تنقص عشرين درهما فأنفت (1) أن أبعث بخمسمائة تنقص عشرين درهما فوزنت من عندي عشرين درهما وبعثتها إلى الاسدي ولم أكتب مالي فيها، فورد: وصلت خمسمائة درهم لك منها عشرون درهما. 24 – الحسين بن محمد الاشعري قال: كان يرد كتاب أبي محمد عليه السلام في الاجراء على الجنيد قاتل فارس وأبي الحسن وآخر، فلما مضى أبو محمد عليه السلام ورد استيناف من الصاحب لاجراء أبي الحسن وصاحبه ولم يرد في أمر الجنيد بشئ قال: فاغتممت لذلك فورد نعي الجنيد بعد ذلك. 25 – علي بن محمد، عن محمد بن صالح قال: كانت لي جارية كنت معجبا بها فكتبت أستأمر في استيلادها، فورد استولدها، ويفعل الله ما يشاء، فوطئتها فحبلت ثم أسقطت فماتت. 26 – علي بن محمد قال: كان ابن العجمي جعل ثلثه للناحية وكتب بذلك وقد كان قبل إخراجه الثلث دفع مالا لابنه أبي المقدام، لم يطلع عليه أحد فكتب إليه فأين المال الذي عزلته لابي المقدام؟ (2). 27 – علي بن محمد، عن أبي عقيل عيسى بن نصر قال: كتب علي بن زياد الصيمري يسأل كفنا، فكتب إليه إنك تحتاج إليه في سنة ثمانين، فمات في سنة ثمانين وبعث إليه بالكفن قبل موته بأيام. 28 – علي بن محمد، عن محمد بن هارون بن عمران الهمداني قال: كان للناحية علي خمسمائة دينار فضقت بها ذرعا، ثم قلت في نفسي لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة وثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار ولم أنطق بها فكتب إلى محمد بن جعفر: اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بالخمسمائة دينار التي لنا عليه. 29 – علي بن محمد قال: باع جعفر (3) فيمن باع صبية جعفرية كانت في الدار يربونها، فبعث بعض العلويين وأعلم المشتري خبرها فقال المشتري: قد طابت نفسي


(1) الانفة الاستنكاف. (2) يعنى اين ثلث ذلك المال وذلك لانه جعل الثلث للناحية (في). (3) يعنى به المشهور بالكذاب. [ * ]

[ 525 ]

بردها وأن لا أرزأ (1) من ثمنها شيئا، فخذها، فذهب العلوي فأعلم أهل الناحية الخبر فبعثوا إلى المشتري بأحد وأربعين دينارا وأمروه بدفعها إلى صاحبها. 30 – الحسين بن الحسن العلوي قال: كان رجل من ندماء روز حسني (2)، وآخر معه فقال له: هو ذا يجبي الاموال وله وكلاء وسموا جميع الوكلاء في النواحي وأنهى ذلك إلى عبيد الله بن سليمان الوزير، فهم الوزير بالقبض عليهم فقال السلطان: اطلبوا أين هذا الرجل فإن هذا أمر غليظ، فقال عبيد الله بن سليمان: نقبض على الوكلاء، فقال السلطان: لا ولكن دسوالهم قوما لا يعرفون بالاموال، فمن قبض منهم شيئا قبض عليه، قال: فخرج بأن يتقدم إلى جميع الوكلاء أن لا يأخذوا من أحد شيئا وأن يمتنعوا من ذلك ويتجاهلوا الامر، فاندس لمحمد بن أحمد رجل لا يعرفه وخلا به فقال: معي مال اريد أن اوصله فقال له محمد: غلطت أنا لا أعرف من هذا شيئا، فلم يزل يتلطفه ومحمد يتجاهل عليه وبثوا الجواسيس وامتنع الوكلاء كلهم لما كان تقدم إليهم. 3 1 – علي بن محمد قال: خرج نهي عن زيارة مقابر قريش والحير (3)، فلما كان بعد أشهر دعا الوزير الباقطائي فقال له: الق بني الفرات والبرسيين (4) وقل لهم: لا يزوروا مقابر قريش فقد أمر الخليفة أن يتفقد كل من زار فيقبض [ عليه ]. (باب) * (ما جاء في الاثنى عشر والنص عليهم، عليهم السلام) * 1 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي عليه السلام وهو متكئ على يد سليمان فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن


(1) أي لا أنقص، من الرزه بتقديم المهملة (2) كأنه كان واليا بالعسكر وفى بعض النسخ. [ بدر حسنى ] (3) في بعض النسخ [ الحائر ] وفى بعضها [ الحيرة ]. (4) البرس بلدة بين الكوفة والحلة. [ * ]

[ 526 ]

ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم وأن ليسوا بمأمونين في دنياهم وآخرتهم وإن تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع سواء. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام سلني عما بدالك، قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال؟ فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن فقال: يا أبا محمد أجبه، قال: فأجابه الحسن عليه السلام فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بها وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله والقائم بحجته – وأشار إلى أمير المؤمنين – ولم أزل أشهد بها وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته – وأشار إلى الحسن عليه السلام – وأشهد أن الحسين بن علي وصي أخيه والقائم بحجته بعده وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين وأشهد على جعفر بن محمد بأنه القائم بأمر محمد وأشهد على موسى أنه القائم بأمر جعفر بن محمد وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي ابن موسى وأشهد على علي بن محمد بأنه القائم بأمر محمد بن علي وأشهد على الحسن بن علي بأنه القائم بأمر علي بن محمد وأشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملاها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى، فقال أمير المؤمنين: يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي عليهما السلام فقال: ما كان إلا أن وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر عليه السلام. 2 – وحدثني محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي هاشم مثله سواء. قال محمد بن يحيى: فقلت لمحمد بن الحسن: يا أبا جعفر وددت أن هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبد الله (1) قال: فقال: لقد حدثني


(1) فيه ذم لاحمد بن خالد البرقى وكان من افاخم المحدثين وثقاتهم وله تصانيف كثيرة مشهورة، لم يبق منها الا كتاب المحاسن. راجع للزيادة والنقد، مقدمة الجزء الاول من محاسن البرقى المطبوع بعناية السيد المفضال جلال الدين المحدث أدام الله تأييده. [ * ]

[ 527 ]

قبل الحيرة بعشر سنين. 3 – محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله، عن عبد الله بن جعفر، عن الحسن بن ظريف وعلي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن بكر بن صالح، عن عبد الرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبي لجابر بن عبد الله الانصاري إن لي إليك حاجة فمتى يخف عليك أن أخلو بك فأسألك عنها، فقال له جابر: أي الاوقات أحببته فخلا به في بعض الايام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أمي فاطمة عليها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما أخبرتك به امي أنه في ذلك اللوح مكتوب؟ فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على امك فاطمة عليها السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فهنيتها بولادة الحسين ورأيت في يديها لوحا أخضر، ظننت أنه من زمرد ورأيت فيه كتابا أبيض، شبه لون الشمس، فقلت لها: بأبي وامي يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا لوح أهداه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني واسم الاوصياء من ولدي وأعطانيه أبي ليبشرني بذلك، قال جابر فأعطتنيه امك فاطمة عليها السلام فقرأته واستنسخته، فقال له أبي: فهل لك يا جابر: أن تعرضه علي قال: نعم، فمشى معه أبي إلى منزل جابر فأخرج صحيفة من رق (1)، فقال: يا جابر انظر في كتابك لاقرأ [ أنا ] عليك، فنظر جابر في نسخته فقرأه أبي فما خالف حرف حرفا، فقال جابر: فأشهد بالله أني هكذا رأيته في اللوح مكتوبا. بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نبيه ونوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الامين من عند رب العالمين، عظم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي، إني أنا الله إله إلا أنا قاصم الجبارين ومديل المظلومين وديان الدين، إني أنا الله لا إله إلا أنا، فمن رجا غير فضلي أو خاف غير عدلي، عذبته عذابا لا اعذبه (2) أحدا من العالمين فإياي فاعبد وعلي فتوكل، إني لم أبعث نبيا فأكملت أيامه و انقضت مدته إلا جعلت له وصيا وإني فضلتك على الانبياء وفضلت وصيك على الاوصياء وأكرمتك بشبليك (3) وسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسنا معدن علمي،


(1) في بعض النسخ [ ورق. (2) في بعض النسخ [ اعذب به ]. (3) في بعض النسخ [ بسليلك ]. [ * ]

[ 528 ]

بعد انقضاء مدة أبيه وجلعت حسينا خازن وحيي وأكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد وأرفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامة معه و حجتي البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب، أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الماضين (1) وابنه شبه جده المحمود محمد الباقر علمي والمعدن لحكمتي سيهلك المرتابون في جعفر، الراد عليه كالراد علي، حق القول مني لاكرمن مثوى جعفر ولاسرنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، اتيحت (2) بعده موسى فتنة عمياء حندس لان خيط فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وأن أوليائي يسقون بالكأس الاوفى، من جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى علي، ويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة موسى عبدي وحبيبي وخيرتي في علي وليي وناصري و من أضع عليه أعباء النبوة وأمتحنه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح (3) إلى جنب شر خلقي حق القول مني لاسرنه بمحمد ابنه وخليفته من بعده ووارث علمه، فهو معدن علمي وموضع سري وحجتي على خلقي لا يؤمن عبد به إلا جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي وأميني علي وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن واكمل ذلك بابنه ” م ح م د ” رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب فيذل أوليائي في زمانه وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون و يكونون خائفين، مرعوبين، وجلين، تصبغ الارض بدمائهم ويفشو الويل والرنا في نسائهم أولئك أوليائي حقا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس وبهم أكشف الزلازل وأدفع الآصار والاغلال اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون. قال عبد الرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك، إلا هذا الحديث لكفاك، فصنه إلا عن أهله.


(1) في بعض النسخ [ وزين اولياء الله الماضين ]. (2) في بعض النسخ [ ابيحت ] وفى بعضها [ انتجبت ]: (3) هو ذو القرنين لان طوس من بنائه كما صرح به في رواية النعماني لهذا الخبر. (آت). [ * ]

[ 529 ]

4 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، وعلي بن محمد، عن أحمد بن هلال، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، عن [ أبان ] بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول: كنا عند معاوية، أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن ام سلمة واسامة بن زيد، فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابني الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي (1)، ثم ابنه محمد بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا حسين، ثم تكمله اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين، قال عبد الله بن جعفر: واستشهدت الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن ام سلمة واسامة بن زيد، فشهدوا لي عند معاوية، قال سليم: وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى عليه وآله. 5 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن حنان بن السراج (2)، عن داود بن سليمان الكسائي، عن أبي الطفيل قال: شهدت جنازة أبي بكر يوم مات وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه السلام جالس ناحية فأقبل غلام يهودي جميل [ الوجه ] بهئ، عليه ثياب حسان وهو من ولد هارون حتى قام على رأس عمر فقال: يا أمير المؤمنين أنت أعلم هذه الامة بكتابهم وأمر نبيهم؟ قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إياك أعني وأعاد عليه القول، فقال له عمر: لم ذاك؟ قال إني جئتك مرتادا لنفسي، شاكا في ديني، فقال: دونك هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول الله صلى الله عليه وآله وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله،


(1) شهادته عليه السلام في سنة الاربعين وولادة على بن الحسين (ع) في سنة ثمان وثلاثين. (2) كأنه تصحيف والاظهر حيان السراج بالمثناة التحتانية بدون ابن (آت). [ * ]

[ 530 ]

فأقبل اليهودي على علي عليه السلام فقال: أكذاك أنت؟ قال: نعم، قال: إني اريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة، قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام من غير تبسم وقال: يا هاروني ما منعك أن تقول سبعا؟ قال: أسألك عن ثلاث فإن أجبتني سألت عما بعدهن وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم، قال علي عليه السلام: فإني أسألك بالاله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني؟ قال: ما جئت إلا لذاك، قال: فسل قال: أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الارض أي قطرة هي؟ وأول عين فاضت على وجه الارض، أي عين هي؟ وأول شئ اهتز على وجه الارض أي شئ هو؟ فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: أخبرني عن الثلاث الاخر، أخبرني عن محمد كم له من إمام عدل؟ وفي أي جنة يكون؟ ومن ساكنه معه في جنته؟ فقال: يا هاروني إن لمحمد اثني عشر إمام عدل، لا يضرهم خذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنهم في الدين أرسب من الجبال (1) الرواسي في الارض، ومسكن محمد في جنته معه اولئك الاثني عشر الامام العدل، فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو إني لاجدها في كتب أبي هارون، كتبه بيده وإملاء موسى عمي عليهما السلام، قال: فأخبرني عن الواحدة، أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده؟ وهل يموت أو يقتل؟ قال: يا هاروني يعيش بعده ثلاثين سنة، لا يزيد يوما ولا ينقص يوما، ثم يضرب ضربة ههنا – يعني على قرنه – فتخضب هذه من هذا قال: فصاح الهاروني وقطع كستيجه (2) وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنك وصيه، ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف، قال: ثم مضى به علي عليه السلام إلى منزله فعلمه معالم الدين. 6 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن أبي سعيد العصفوري عن عمر [ و ] بن ثابت، عن أبي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول: إن الله


(1) أرسب أي أثبت والراسى ايضا الثابت (2) الكستيج بضم الكاف والسين المهملة وتاء مثناة فوقانية وياء مثناة تحتانية وجيم: خيط غليظ يشد فوق الثياب دون الزنار. [ * ]

[ 531 ]

خلق محمدا وعليا وأحد عشر من ولده من نور عظمته، فأقامهم أشباحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق، يسبحون الله ويقدسونه وهم الائمة من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله. 7 – محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد الخشاب (1)، عن ابن سماعة، عن علي بن الحسن بن رباط، عن ابن اذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاثنا عشر الامام من آل محمد عليهم السلام كلهم محدث من رسول الله صلى عليه وآله ومن ولد علي ورسول الله وعلي عليهما السلام هما الوالدان، فقال علي بن راشد (2) وكان أخا علي بن الحسين لامه وأنكر ذلك فصرر (3) أبو جعفر عليه السلام وقال: أما إن ابن امك كان أحدهم. 8 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله ومحمد بن الحسين، عن إبراهيم، عن أبي يحيى المدائني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري قال: كنت حاضرا لما هلك أبو بكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه حتى رفع إلى عمر فقال له: يا عمر إني جئتك اريد الاسلام فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما اريد أن أسأل عنه، قال: فقال له عمر: إني لست هناك لكني ارشدك إلى من هو أعلم امتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك – فأومأ إلى علي عليه السلام – فقال له اليهودي: يا عمر إن كان هذا كما تقول فمالك ولبيعة الناس وإنما ذاك أعلمكم! فزبره عمر (4) ثم إن اليهودي قام إلى علي عليه السلام فقال له: أنت كما ذكر عمر؟ فقال: وما قال عمر؟ فأخبره، قال: فإن كنت كما قال سألتك عن أشياء اريد أن أعلم هل يعلمه أحد منكم فأعلم أنكم في دعواكم خير الامم وأعلمها صادقون ومع ذلك أدخل في دينكم الاسلام، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: نعم أنا كما ذكر لك عمر، سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء الله. قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة، فقال له علي عليه السلام: يا يهودي


(1) في اعلام الورى عن الخشاب وكأنه اظهر (2) من تتمة مقالة زرارة وفى بعض النسخ [ عبد الله بن راشد ] وقد تقدم في باب ان الائمة عليهم السلام محدثون مفهمون ص 270 فقال له عبد الله بن زيد وكان أخا على لامه. (3) الصرة بالكسر اشد الصياح. (4) الزبر: الزجر والمنع من باب طلب. (5) في بعض النسخ [ يعلم ]. [ * ]

[ 532 ]

ولم لم تقل: أخبرني عن سبع، فقال له اليهودي: إنك إن أخبرتني بالثلاث، سألتك عن البقية وإلا كففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الارض وأفضلهم وأولى الناس بالناس، فقال له: سل عما بدالك يا يهودي قال: أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الارض؟ وأول شجرة غرست على وجه الارض؟ وأول عين نبعت على وجه الارض؟ فأخبره أمير المؤمنين عليه السلام، ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه الامة كم لها من إمام هدى؟ وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة؟ وأخبرني من معه في الجنة؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام إن لهذه الامة اثني عشر إمام هدى من ذرية نبيها وهم مني وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها جنة عدن وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وامهم وجدتهم وام امهم وذراريهم، لا يشركهم فيها أحد. 9 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه السلام، ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي (1). 10 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وآله إلى الجن والانس وجعل من بعده اثني عشر وصيا، منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والاوصياء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر وكان أمير المؤمنين عليه السلام على سنة المسيح. 11 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد جميعا، عن الحسن بن العباس بن الجريش (2)، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابن عباس: إن ليلة القدر في كل سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة


(1) ثلاثة منهم أي من الاولاد لا من الجميع، فان المسمى بعلى من الجميع اربعة. (2) في بعص ض النسخ [ الحريش ]. وقد مر ضبطه وحاله في ص 242. [ * ]

[ 533 ]

أمر السنة ولذلك الامر ولاة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال ابن عباس: من هم؟ قال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون. 12 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لاصحابه: آمنوا بليلة القدر إنها تكون لعلي بن ابي طالب ولولده الاحد عشر من بعدي. 13 – وبهذا الاسناد أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لابي بكر يوما: ” لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ” وأشهد [ أن ] محمدا صلى الله عليه وآله رسول الله مات شهيدا والله ليأتينك، فأيقن إذا جاءك فان الشيطان غير متخيل (1) به فأخذ علي بيد أبي بكر فأراه النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا أبا بكر آمن بعلي وبأحد عشر من ولده، إنهم مثلي إلا النبوة وتب إلى الله مما في يدك، فإنه لا حق لك فيه، قال ثم ذهب فلم ير (2) 14 – أبو علي الاشعري، عن الحسن بن عبيد الله، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن سماعة، عن علي بن الحسن بن رباط، عن ابن اذينة، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الاثنا عشر الامام من آل محمد كلهم محدث من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله وولد علي بن أبي طالب عليه السلام فرسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام هما الوالدان. 15 – علي بن إبراهيم، عن أبيه. عن ابن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي، تاسعهم قائمهم. 16 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر إماما منهم حسن وحسين ثم الائمة من ولد الحسين عليه السلام.


(1) في بعض النسخ [ متمثل ] (2) قد مر تضعيف كتاب ابن حريش عن جمع من الرجاليين فراجعه ص 24 2 [ * ]

[ 534 ]

17 – محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن الحسين، عن أبي سعيد العصفوري، عن عمرو بن ثابت، عن ابي الجاورد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر الارض يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الارض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الارض بأهلها ولم ينظروا. 18 – وبهذا الاسناد، عن أبي سعيد رفعه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من ولدي اثنا عشر نقيبا، نجباء، محدثون، مفهمون، آخرهم القائم بالحق يملاها عدلا كما ملئت جورا. 19 – علي بن محمد ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الاصم، عن كرام (1) قال: حلفت فيما بيني وبين نفسي ألا آكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألا يأكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد؟ قال: فصم إذا يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا فإن الحسين عليه السلام لما قتل عجت السماوات والارض ومن عليهما والملائكة، فقالوا: يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم عن جديد الارض بما استحلوا حرمتك، وقتلوا صفوتك، فأوحى الله إليهم يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا، ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد صلى الله عليه وآله واثنا عشر وصيا له عليهم السلام وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر [ لهذا ] – قالها ثلاث مرات. 20 – محمد بن يحيى وأحمد بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن أبي طالب، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران قال: كنت أنا وأبو بصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه السلام في منزله بمكة فقال: محمد بن عمران: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:


(1) بفتح الكاف وشد الراء. [ * ]

[ 535 ]

نحن اثنا عشر محدثا فقال له: أبو بصير سمعت من أبي عبد الله عليه السلام؟ فحلفه مرة أو مرتين أنه سمعه؟ فقال أبو بصير: لكني سمعته من أبي جعفر عليه السلام. (باب) * (في أنه إذا قيل في الرجل شئ فلم يكن فيه وكان في ولده) * * (أو ولد ولده فانه هو الذي قيل فيه) * 1 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن ابن محبوب عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا، مباركا، يبرئ الاكمه والابرص ويحيي الموتى بإذن الله، وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل، فحدث عمران امرأته حنة (1) بذلك وهي ام مريم، فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام، فلما وضعتها قالت: رب إني وضعتها انثى وليس الذكر كالانثى، أي لا يكون البنت رسولا يقول الله عزوجل والله أعلم بما وضعت، فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو الذي بشر به عمران ووعده إياه، فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك. 2 – محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم ابن عمر اليماني، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا قلنا في رجل قولا، فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء. 3 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قد يقوم الرجل بعدل أو يجور وينسب إليه ولم يكن قام به، فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده، فهو هو.


(1) كون اسم ام مريم حنة موافق لما ذكره اكثر المفسرين واهل الكتاب وقد مر في باب مولد ابى الحسن موسى عليه السلام ص 479 ان اسمها مرثا وهى وهيبة بالعربية فيمكن ان يكون احدهما اسما والاخر لقبا أو يكون احدهما موافقا للواقع والاخر لما اشتهر بين اهل الكتاب أو العامة (آت) [ * ]

[ 536 ]

(باب) * (ان الائمة عليهم السلام كلهم قائمون بأمر) * * (الله تعالى هادون إليه) * 1 – عدة من أصحابنا، عن احمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن زيد أبي الحسن، عن الحكم بن أبى نعيم قال: أتيت أبا جعفر عليه السلام وهو بالمدينة، فقلت له: علي نذر بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا، فلم يجبني بشئ، فأقمت ثلاثين يوما، ثم أستقبلني في طريق فقال: يا حكم وإنك لههنا بعد، فقلت: نعم إني أخبرتك بما جعلت لله علي، فلم تأمرني ولم تنهني عن شئ ولم تجبني بشئ؟ فقال: بكر علي غدوة المنزل، فغدوت عليه فقال عليه السلام: سل عن حاجتك، فقلت: إني جعلت لله علي نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا، فإن كنت أنت رابطتك (1) وإن لم تكن أنت، سرت في الارض فطلبت المعاش، فقال: يا حكم كلنا قائم بأمر الله، قلت: فأنت المهدي؟ قال: كلنا نهدي إلى الله، قلت: فأنت صاحب السيف؟ قال: كلنا صاحب السيف ووارث السيف، قلت: فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك اولياء الله ويظهر بك دين الله؟ فقال: يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين [ سنة ]؟ وإن صاحب هذا الامر أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة. 2 – الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة، عن ابي عبد الله عليه السلام أنه سئل عن القائم فقال: كلنا قائم بأمر الله، واحد بعد واحد حتى يجيئ صاحب السيف، فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان. 3 – علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن القاسم البطل، عن عبد الله بن سنان قال: قلت


(1) أي حبست نفسي على نصرتك وموالاة اوليائك ومجاهدة اعدائك. [ * ]

[ 537 ]

لابي عبد الله عليه السلام: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم (1) ” قال: إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه (2). (باب) * (صلة الامام عليه السلام) * 1 – الحسين بن محمد بن عامر بإسناده رفعه قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من زعم أن الامام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر (3)، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الامام، قال الله عزوجل: ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها (4) “. 2 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن عيسى بن سليمان النحاس، عن المفضل بن عمر، عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا: سمعنا أبا عبد الله عليه السلام يقول ما من شئ أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الامام وإن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل احد، ثم قال: إن الله تعالى يقول في كتابه: ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة (5) ” قال: هو والله في صلة الامام خاصة. 3 – وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن حماد بن أبي طلحة، عن معاذ صاحب الاكسية قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك، وما كان لله من حق فإنما هو لوليه. 4 – أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن أبي المغرا، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: ” من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم (6) ” قال: نزلت في صلة الامام. 5 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن مياح، عن أبيه قال:


(1) الاسراء: 71. (2) ذكره في الباب لاطلاق القائم على كل امام (آت). (3) الكفر هنا ما يقابل الايمان الكامل لا ما يقابل الاسلام. وذاك لانه غير عارف بفضل الامام وانما يطلب الزكاة والخمس بأمر الله لا باحتياجه. (4) التوبة: 104. (5) البقرة 246. (6) الحديد: 11. [ * ]

[ 538 ]

قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مياح درهم يوصل به الامام أعظم وزنا من احد. 6 – علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: درهم يوصل به الامام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر. 7 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما اريد بذلك إلا أن تطهروا. (باب) * (الفئ والانفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه) * إن الله تبارك وتعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة: ” إني جاعل في الارض خليفة ” فكانت الدنيا بأسرها لآدم وصارت بعده لابرار ولده وخلفائه فما غلب عليه أعداؤهم ثم رجع إليهم بحرب أو غلبة سمي فيئا وهو أن يفئ إليهم بغلبة وحرب وكان حكمه فيه ما قال الله تعالى: ” واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل (1) ” فهو لله وللرسول ولقرابة الرسول فهذا هو الفئ الراجع وإنما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم، فأخذ منهم بالسيف وأما ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو الانفال، هو لله وللرسول خاصة، ليس لاحد فيه الشركة وإنما جعل الشركة في شئ قوتل عليه، فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم وللرسول سهم و الذي للرسول صلى الله عليه وآله يقسمه على ستة أسهم ثلاث له وثلاث لليتامى والمساكين وابن السبيل وأما الانفال فليس هذه سبيلها كان للرسول عليه السلام خاصة وكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وآله خاصة، لانه صلى الله عليه وآله فتحها وأمير المؤمنين عليه السلام، لم يكن معهما أحد فزال عنها اسم الفئ ولزمها اسم الانفال وكذلك الآجام (2) والمعادن والبحار والمفاوز هي للامام خاصة، فإن عمل فيها قوم باذن الامام فلهم أربعة أخماس وللامام خمس


(1) الانفال: 42. (2) الاجام جمع أجمة بالتحريك وهى ما فيه قصب ونحوه من غير الارض المملوكة لمالكها. [ * ]

[ 539 ]

والذي للامام يجري مجرى الخمس ومن عمل فيها بغير إذن الامام فالامام يأخذه كله، ليس لاحد فيه شئ وكذلك من عمر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الارض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلها وإن شاء تركها في يده (1). 1 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نحن والله الذين عنى الله بذي القربى، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه صلى الله عليه وآله، فقال: ” ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين (2) ” منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة، أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس. 2 – الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبان، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تعالى: ” واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسة و للرسول ولذي القربى ” قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله والخمس لله وللرسول ولنا. 3 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الانفال ما لم يوجف (3) عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم، وكل أرض خربة وبطون الاودية فهو لرسول الله صلى الله عليه وآله وهو للامام من بعده يضعه حيث يشاء. 4 – علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح عليه السلام قال: الخمس من خمسة أشياء من الغنائم والغوص ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة (4) يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس، فيجعل لمن جعله الله تعالى له ويقسم الاربعة الاخماس بين من قاتل عليه (5) وولي ذلك ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم


(1) من اول الباب إلى هنا من كلام الكليني رحمه الله. (2) الحشر: 7 (3) الايجاف من الوجيف وهو سرعة السير. (4) الملاحة بالتشديد منبت الملح (في). (5) يعنى في الغنائم. وولى ذلك يعنى في سائر الاشياء وتقسم بينهم يعنى من جعله الله له (في). [ * ]

[ 540 ]

سهم لله وسهم لرسول الله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابناء السبيل. فسهم الله وسهم رسول الله لاولي الامر من بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وراثة فله ثلاثة أسهم: سهمان وراثة (1) وسهم مقسوم له من الله (2) وله نصف الخمس كملا ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لابناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب والسنة (3) ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شئ، فهو للوالي وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شئ فهو للوالي وإن عجز أو نقص عن إستغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به وإنما صار عليه أن يمونهم (4) لان له ما فضل عنهم. وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم، عوضا لهم من صدقات الناس، تنزيها من الله لقرابتهم برسول الله صلى الله عليه وآله وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس، فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة، ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى الله عليه وآله الذين ذكرهم الله فقال: ” وأنذر عشيرتك الاقربين (5) ” وهم بنو عبد المطلب أنفسهم، الذكر منهم والانثى، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد ولا فيهم ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم وقد تحل صدقات الناس لمواليهم وهم والناس سواء ومن كانت امه من بني هاشم و أبوه من سائر قريش فإن الصدقات تحل له وليس له من الخمس شئ لان الله تعالى يقول: ” ادعوهم لآبائهم (6) ” وللامام صفو المال: أن يأخذ من هذه الاموال صفوها الجارية الفارهة (7) والدابة الفارهة والثوب والمتاع بما يحب أو يشتهي فذلك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس وله أن يسد بذلك المال جميع ما ينوبه (8) من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير


(1) يعنى من رسول الله صلى الله عليه واله. (2) وهو سهم ذى القربى عليه السلام. (3) في بعض النسخ [ على الكفاف والسعة ] ويشبه ان يكون احدهما تصحيف الاخر. (4) أي يقوتهم وزنا ومعنى (5) الشعراء 214. (6) الاحزاب: 5. (7) الفارهة من الجارية المليحة ومن الدواب الجيد السير، وفى بعض النسخ [ الجارية الفارعة ] وفرعت قومي أي علوتهم بالشرف أو بالجمال. (8) يعرضه ويصيبه. [ * ]

[ 541 ]

ذلك مما ينوبه، فإن بقي بعد ذلك شئ أخرج الخمس منه فقسمه في أهله وقسم الباقي على من ولي ذلك وإن لم يبق بعد سد النوائب شئ، فلا شئ لهم وليس لمن قاتل شئ من الارضين ولا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر. وليس للاعراب من القسمة شئ وإن قاتلوا مع الوالي، لان رسول الله صلى الله عليه وآله صالح الاعراب أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أنه إن دهم (1) رسول الله صلى الله عليه وآله من عدوه دهم أن يستنفرهم (2)، فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب وسنته جارية فيهم وفي غيرهم والارضون التي أخذت عنوة (3) بخيل ورجل فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها ويقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق النصف [ أ ] والثلث [ أ ] والثلثين وعلى قدر ما يكون لهم صلاحا ولا يضرهم، فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقي سيحا (4) ونصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح فأخذه الوالي، فوجهه في الجهة التي وجهها الله على ثمانية أسهم للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل ثمانية أسهم، يقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا ضيق ولا تقتير، فإن فضل من ذلك شئ رد إلى الوالي و إن نقص من ذلك شئ ولم تكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا ويؤخذ بعد ما بقي من العشر، فيقسم بين الوالي وبين شركائه الذين هم عمال الارض وأكرتها، فيدفع إليهم أنصباؤهم على ما صالحهم عليه ويؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الاسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة، ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير. وله بعد الخمس الانفال، والانفال كل أرض خربة قد باد أهلها وكل أرض


(1) (1) الدهم العدد الكثير والجماعة من الناس. ودهمك كسمع ومنع غشيك. (2) من النفر في بعض النسخ [ ان يستفزهم ] والاستفزاز الازعاج والاستخفاف. (3) العنوة التذلل، اخذت عنوة أي خضعت اهلها فاسلموها (في). (4) السيح الماء الجارى المنبسط على وجه الارض والدوالى جمع دالية وهى المنجنون و الدولاب يدار للاستقاء بالدلو. والنواضح جمع ناضحة الدلاء العظيمة والنوق التى يستقى عليها. [ * ]

[ 542 ]

لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صالحوا صلحا واعطوا بأيديهم على غير قتال وله رؤوس الجبال وبطون الاودية والآجام وكل أرض ميتة لا رب لها وله صوافي الملوك (1) ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب، لان الغصب كله مردود وهو وارث من لا وارث له، يعول من لا حيلة له. وقال: إن الله لم يترك شيئا من صنوف الاموال إلا وقد قسمه وأعطى كل ذي حق حقه الخاصة والعامة والفقراء والمساكين وكل صنف من صنوف الناس، فقال: لو عدل في الناس لاستغنوا، ثم قال: إن العدل أحلى من العسل ولا يعدل إلا من يحسن العدل. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقسم صدقات البوادي في البوادي وصدقات أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسم بينهم بالسوية على ثمانية حتى يعطي أهل كل سهم ثمنا ولكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية على قدر ما يقيم كل صنف منهم يقدر لسنته، ليس في ذلك شئ موقوت (2) ولا مسمى ولا مؤلف، إنما يضع ذلك (3) على قدر ما يرى وما يحضره حتى يسد فاقة كل قوم منهم وإن فضل من ذلك فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم (4) والانفال إلى الوالي وكل أرض فتحت في أيام النبي صلى الله عليه وآله إلى آخر الابد وما كان افتتاحا بدعوة أهل الجور وأهل العدل لان ذمة رسول الله في الاولين والآخرين ذمة واحدة لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: المسلمون إخوة تتكافى دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم “. وليس في مال الخمس زكاة، لان فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم، فلم يبق منهم أحد وجعل للفقراء قرابة الرسول صلى الله عليه وآله نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي صلى الله عليه وآله وولي الامر، فلم يبقى فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله إلا وقد استغنى


(1) أي صوافي ملوك اهل الحرب وهو ما اصطفاه ملوك الكفار لنفسهم من الاموال المنقولة وغيرها، غير المغصوبة من مسلم أو معاهد فان المغصوب وجب رده إلى مالكه (لح). (2) أي مفروض في الاوقات والمؤلف بفتح اللام معهود من الايلاف يعنى العهد كما في التنزيل. (3) في بعض النسخ [ يصنع ذلك ]. (4) في التهذيب كذا (فان فضل عن فقراء اهل المال، حمله إلى غيرهم). [ * ]

[ 543 ]

فلا فقير ولذلك لم يكن على مال النبي صلى الله عليه وآله والوالي زكاة لانه لم يبق فقير محتاج ولكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوه ولهم من تلك الوجوه كما عليهم. 5 – علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا أظنه السياري، عن علي بن أسباط قال: لما ورد أبو الحسن موسى عليه السلام على المهدي رآه يرد المظالم فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: وما ذاك يا ابا الحسن؟ قال: إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى الله عليه وآله فدك وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله ” وآت ذا القربى حقه (1) ” فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله من هم، فراجع في ذلك جبرئيل وراجع جبرئيل عليه السلام ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة عليها السلام، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها: يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك، فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك. فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلى الله عليه فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاء ها، فأتته فسألته أن يردها عليها، فقال لها: ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلام وام أيمن فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض، فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة، قال: أرينيه فأبت، فانتزعه من يدها ونظر فيه، ثم تفل فيه ومحاه و خرقه، فقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب؟ فضعي الحبال (2) في رقابنا فقال له المهدي: يا أبا الحسن حدها لي، فقال: حد منها جبل احد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر وحد منها دومة الجندل، فقال له، كل هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين هذا كله، إن هذا كله مما لم يوجف على أهله رسول الله صلى الله عليه وآله بخيل ولا ركاب، فقال كثير، وأنظر فيه. 6 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن


(1) الاسراء: 2 6. (2) في بعض النسخ بالحاء المهملة أي ضعى الحبال في رقابنا لترفعنا إلى حاكم، قاله تحقيرا وتعجيزا وقاله تفريعا على المحال بزعمه أي انك إذا اعطيت ذلك وضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك أو انك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها ابوك بانها ملكك فاحكمي على رقابنا ايضا بالملكية. وفى بعض النسخ بالمعجمة أي ان قدرت على وضع الجبال على رقابنا فضعى (آت). [ * ]

[ 544 ]

أبي حمزة، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: الانفال هو النفل و في سورة الانفال جذع الانف. 7 – أحمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الرضا عليه السلام قال: سئل عن قول الله عزوجل: ” واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى (1) ” فقيل له: فما كان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله صلى الله عليه وآله وما كان لرسول الله فهو للامام فقيل له: أفرأيت إن كان صنف من الاصناف أكثر وصنف أقل، ما يصنع به؟ قال: ذاك إلى الامام أرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يصنع؟ أليس إنما كان يعطي على ما يرى؟ كذلك الامام. 8 – علي بن إبراهيم بن هشام، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أنه سئل عن معادن الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر، فقال: عليها الخمس. 9 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة قال: الامام يجري وينفل ويعطي ما شاء (2) قبل أن تقع السهام وقد قاتل رسول الله صلى الله عليه وآله بقوم لم يجعل لهم في الفئ نصيبا وإن شاء قسم ذلك بينهم. 10 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن عبد الصمد بن بشير عن حكيم مؤذن [ ا ] بن عيسى (3) قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: ” و اعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ” فقال أبو عبد الله عليه السلام بمرفقيه على ركبتيه ثم أشار بيده، ثم قال: هي والله الافادة يوما بيوم إلا أن أبي جعل شيعته في حل ليزكوا.


(1) الانفال: 41. (2) يجرى من الاجراء أي الانفاق لانه ينفق على جماعة يذهب بهم لمصالح الحرب وقد قره بالزاى أي يعطى جزاء من عمل شيئا وينفل أي يأخذ لنفسه زائدا على الخمس أو يعطى غيره زائدا على الانفاق والاجرة، وفى بعض النسخ [ ما يشاء ]، والقوم عبارة عن الاعراب (آت). (3) في رجال الكشى حكيم مؤذن بنى عبس بالباء الموحدة وفى التهذيب بنى عيس بالياء المثناة وعلى أي حال مجهول الحال (آت). [ * ]

[ 545 ]

11 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن سماعة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير. 12 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد (1) قال: كتبت: جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة وما حدها رأيك – أبقاك الله تعالى – أن تمن علي ببيان ذلك لكيلا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي ولا صوم، فكتب: الفائدة مما يفيد إليك في تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام أو جائزة. 13 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر قال: كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام الخمس اخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فكتب: بعد المؤونة. 14 – أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل شئ قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن لنا خمسه ولا يحل لاحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا. 15 – أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن يعقوب، عن عبد العزيز ابن نافع قال: طلبنا الاذن على أبي عبد الله عليه السلام وأرسلنا إليه، فأرسل إلينا: ادخلوا اثنين اثنين، فدخلت أنا ورجل معي، فقلت للرجل: أحب أن تستأذن بالمسألة (2) فقال: نعم، فقال له: جعلت فداك إن أبي كان ممن سباه بنو امية وقد علمت أن بني امية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا ولم يكن لهم مما في أيديهم قليل ولا كثير وإنما ذلك لكم فإذا ذكرت [ رد ] الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه فقال له: أنت في حل مما كان من ذلك وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك، قال: فقمنا وخرجنا فسبقنا معتب (3) إلى النفر القعود الذي ينتظرون إذن أبي عبد الله عليه السلام، فقال لهم: قد


(1) في بعض النسخ [ عن يزيد ]. (2) في بعض النسخ [ ان تحل بالمسألة ]. (3) بضم الميم وفتح العين المهملة وكسر التاء المشددة مولى ابى عبد الله عليه السلام (آت). [ * ]

[ 546 ]

ظفر عبد العزيز بن نافع بشئ ما ظفر بمثله أحد قط، قد قيل له: وما ذاك؟ ففسره لهم، فقام اثنان فدخلا على أبي عبد الله عليه السلام، فقال أحدهما: جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني امية وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير وأنا احب أن تجعلني من ذلك في حل، فقال: وذاك إلينا؟ ما ذاك إلينا، ما لنا أن نحل ولا أن نحرم (1)، فخرج الرجلان وغضب أبو عبد الله عليه السلام فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله عليه السلام فقال: ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني مما صنعت بنو امية، كأنه يرى أن ذلك لنا!؟ ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل ولا كثير إلا الاولين فإنهما غنيا بحاجتهما (2). 16 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ضريس الكناسي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من أين دخل على الناس الزنا؟ قلت: لا أدري جعلت فداك، قال: من قبل خمسنا أهل البيت، إلا شيعتنا الاطيبين، فإنه محلل لهم لميلادهم. 17 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن شعيب، عن أبي الصباح قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: نحن قوم فرض الله طاعتنا، لنا الانفال ولنا صفو المال. 18 – عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم ابن محمد، عن رفاعة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت، لا وارث له ولا مولى، قال: هو من أهل هذه الآية: ” يسألونك عن الانفال “. 19 – علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام عن الكنز، كم فيه؟ قال: الخمس، وعن المعادن كم فيها؟ قال: الخمس وكذلك الرصاص والصفر والحديد وكلما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من الذهب والفضة. 20 – محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن صباح الازرق، عن


(1) قال ذلك للتقية خوفا من إفشاء الخبر ولم يكن له خوف من السائل الاول أو لان هذا السائل لم يكن من اهل المودة والولاية. (2) أي استغنيا بقضاء حاجتهما أو فازا بها (آت). [ * ]

[ 547 ]

محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم صاحب الخمس فيقول: يا رب خمسي، وقد طيبنا لشيعتنا لتطيب ولادتهم ولتزكو ولادتهم (1). 21 – محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن محمد بن علي، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت و الزبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه؟ قال: إذا بلغ ثمنه دينارا ففيه الخمس. 22 – محمد بن الحسين وعلي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن علي بن مهزيار قال: كتبت إليه: يا سيدي رجل دفع إليه مال يحج به، هل عليه في ذلك المال حين يصير إليه الخمس أو على ما فضل في يده بعد الحج؟ فكتب عليه السلام ليس عليه الخمس. 23 – سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن علي بن الحسين بن عبد ربه قال: سرح الرضا عليه السلام بصلة إلى أبي، فكتب إليه أبي هل علي فيما سرحت إلي خمس؟ فكتب إليه: لا خمس عليك فيما سرح به صاحب الخمس. 24 – سهل، عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام: (2) أقرأني علي بن مهزيار كتاب ابيك عليه السلام فيما أوجبه على أصحاب الضياع نصف السدس بعد المؤونة وأنه ليس على من لم تقم ضيعته بمؤونته نصف السدس ولا غير ذلك (3) فاختلف من قبلنا في ذلك، فقالوا: يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة، مؤونة الضيعة وخراجها لا مؤونة الرجل وعياله فكتب عليه السلام بعد مؤونته ومؤونة عياله و [ بعد ] خراج السلطان. 25 – سهل، عن أحمد بن المثنى قال: حدثني محمد بن زيد الطبري قال: كتب رجل من تجار فارس من بعض موالي أبي الحسن الرضا عليه السلام يسأله الاذن في الخمس فكتب إليه. بسم الله الرحمن الرحيم، إن الله واسع كريم، ضمن على العمل الثواب (4)


(1) في بعض النسخ [ أولادهم ]. (2) هو الثالث عليه السلام. (3) الضيعة العقار وارض الغلة، وقد اراد نفي الخمس ونفى الزكاة عند عدم وفاء الحاصل بالمؤونة (لح). (4) زاد في التهذيب: وعلى الخلاف العقاب. [ * ]

[ 548 ]

وعلى الضيق الهم، لا يخل مال إلا من وجه أحله الله وإن الخمس عوننا على ديننا وعلى عيالاتنا وعلى موالينا، وما نبذله ونشتري من أعراضنا ممن نخاف سطوته، فلا تزووه عنا ولا تحرموا أنفسكم دعاء نا ما قدرتم عليه، فإن إخراجه مفتاح رزقكم وتمحيص ذنوبكم، وما تمهدون لانفسكم ليوم فاقتكم والمسلم من يفي لله بما عهد إليه وليس المسلم من أجاب باللسان وخالف بالقلب، والسلام. 26 – وبهذا الاسناد، عن محمد بن زيد قال: قدم قوم من خراسان على أبي الحسن الرضا عليه السلام فسألوه أن يجعلهم في حل من الخمس، فقال: ما أمحل هذا (1) تمحضونا بالمودة بألسنتكم وتزوون عنا حقا جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس لا نجعل، لا نجعل، لا نجعل لاحد منكم في حل. 27 – علي بن إبراهيم، عن أبيه قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام إذ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل وكان يتولى له الوقف بقم (2)، فقال يا سيدي اجعلني من عشرة آلاف في حل، فإني أنفقتها، فقال له: أنت في حل، فلما خرج صالح، قال أبو جعفر عليه السلام: أحدهم يثب على أموال حق آل محمد وأيتامهم ومساكينهم و فقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجئ فيقول: اجعلني في حل، أتراه ظن أني أقول: لا أفعل، والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالا حثيثا. 28 – علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حماد، عن الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العنبر وغوص اللؤلؤ، فقال عليه السلام: عليه الخمس (3): كمل الجزء الثاني من كتاب الحجة [ من كتاب الكافي ] ويتلوه كتاب الايمان والكفر. والحمد لله رب العالمين والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.


(1) من المحل بمعنى المكر والكيد. (2) في نسخ الكتاب واكثر نسخ التهذيب والمقنعة (يتولى له الوقف) فيكون من وكلائه عليه السلام على اوقاف قم ولا مناسبة له بالباب الا ان يقال: يناسبه من حيث عموم الجواب و ليست لفظة (له) في بعض نسخ التهذيب. (3) يدل على ان تحليله عليه السلام كان للتقية منه. والحثيث السريع وكأن المراد هنا مع شدة (آت). [ * ]

[ 549 ]

* (تنبيه) * قد كنا وعدنا ص 83 ” باب إطلاق القول بأنه شئ ” أن نوضح في آخر هذا المجلد حديث احتجاج الصادق عليه السلام على الزنديق، المروي عن علي بن إبراهيم بإسناده عن هشام بن الحكم وقبل أن نشرع في المقصود نبين مقدمة مفيدة وهي أن الحديث قد أورده الصدوق – قده – في توحيده بزيادات قد ذكرها الكليني – قده – في باب حدوث العالم وإثبات المحدث من باب التوحيد، والظاهر أن ما ورد في البابين حديث واحد كما ذكره الصدوق – قده – إلا أن الكليني – قده – قطعه فأورد في كل من البابين ما يناسبه من الحديث، والقطعة الاولى من الحديث هي خامس الاحاديث من باب حدوث العالم وإثبات المحدث من كتاب التوحيد، فليراجع. أما توضيح الحديث الشريف فنقول مستعينا بالله تبارك وتعالى: لما أجاب الامام عليه السلام عن سؤال الزنديق عن الدليل على ثبوته ووجوده بقوله عليه السلام: ” وجود الافاعيل التي دلت على أن صانعا صنعها… إلخ ” سأله السائل عن ماهيته وحقيقته بقوله: ” ما هو؟ ” أقول لا شك في أن الاذهان البشرية دائمة التجسس والتفحص عما يدركه ويتعلقه من الاشياء فكأنها لا ترى بدا من الوصول إلى حقائق أشياء قد سلم بوجودها وهذه الخاصة العقلانية هي من أهم الاسباب في تكثر المعلومات والمعقولات، وعلى هذه القاعدة الضرورية سأل السائل عن الحقيقة والماهية قياسا منه على سائر الحقائق، فأجابه الامام عليه السلام ” هو شئ بخلاف الاشياء “، أقول: قد ورد سلب المعاني المدركة عن الالفاظ المطلقة على الذات الاقدس جل شأنه في أبواب التوحيد والصفات والاسماء غير مرة، فيمكن أن يقال: إنه مع دلالة العقل على ذلك قد تواترت الاخبار والروايات في هذا المقام بحيث لا يمكننا الشك والتوقف لا عقلا ولا نقلا في أن الالفاظ المطلقة عليه تعالى لا يمكن أن يراد بها ما نتعقله من المعاني المتحصلة عن المدركات المأخوذة من النفس المدرك والخارج المدرك، فان جميع ما ندركه ونؤديه بالالفاظ المتعارفة، محفوف بوصمة الحدود والرسوم وجل جناب الحق أن يكون محدودا ومرسوما.


[ 550 ]

قوله عليه السلام: ” أرجع بقولي شئ إلى إثبات معنى ” فكأن سلب جميع المعاني المحمولة على الشئ أوجب توهم كون هذا الشئ ألفاظا وحروفا مجردة عن أي معنى معقول، إذ ما من معنى يمكن أن يطلق عليه الشئ قد صار مسلوبا منه فأي معنى يكون لفظ الشئ مستعملا فيه؟ فلذلك قال عليه السلام: لا أقصد بذلك أنه لفظ محض بل ” وإنه شئ بحقيقة الشيئية غير أنه لا جسم ولا صورة ولا يحس ولا يجس ولا يدرك بالحواس الخمس ” فانه تعالى موجود بحقيقته غير المدركة لان جميع ما ندركه به بمنزلة مرآة محدود لا تري إلا مرائي محدودة، فليس لنا أن نتجسس ونتفحص عنه كما نتفحص عن حقائق سائر المدركات، والحاصل أن الادراك بأي آلة كانت لا يتعلق بشئ إلا أن يستشرف عليه ويحده بمعاني يعلمها من الاجسام والصور وغيرها من المدركات، فلما لم يكن جل شأنه وعز سلطانه جسما ولا صورة ولا غيرها فلا تدركه الاوهام ولا تنقصه الدهور، ولا يغيره الزمان لوضوح أن النقصان والتغير إنما يعرضان على ما من شأنه الحركة والسكون وإذ لم يكن عز اسمه جسما ولا جسمانيا فلم يكن معروضا للنقصان والتغير ومن هنا ينقطع السؤال عن كيفية كونه تعالى قبل خلق الممكنات منسوبا إليه الزمان، فان الزمان إنما ننتزعه من الحركة المستحيلة بالنسبة إلى فاقد المادة والصورة بتمام معانيهما. ثم سأل عن معنى إسناد السمع والبصر إليه تعالى، فقال عليه السلام: ” هو سميع بصير: سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة، بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ” ولما استلزم السمع والبصر بالجارحة والآلة التركب المتسحيل في شأنه تعالى إن كانت الجارحة والآلة داخلية، والافتقار إلى الغير إن كانت خارجية، فقال عليه السلام: ” إنه يسمع بنفسه و يبصر بنفسه ” أقول: اعلم أن الصفات المستندة إلى الذات الاقدس على قسمين: أحدهما الصفات الذاتية، وهي التي تشير مع تعددها إلى كمال الذات الواحد الاحد، فهي متعددة بحسب اللفظ والمفهوم، لا الحقيقة الواقعية فنسبة هذا القسم من الصفات إلى الذات نسبة العبارات المختلفة إلى جمال واحد وكمال فارد، وثانيهما الصفات الفعلية وهي التي بنفسها لا تساوق الذات الواحد القديم لانها متجددة و متصرمة، فلا يمكن ان تعرض على الذات غير المتغير، نعم القدرة عليها من الصفات


[ 551 ]

الذاتية فإن نفس الخلق والاحياء والاماتة والرزق والتكلم وكذلك نفس السماع والبصر تستلزم متعلقات حادثة مسبوقة بالارادة، وبعبارة أوضح فعلية هذه الصفات بنفسها مسبوقة بمشيئته وإرادته، وأما القدرة عليها جميعا فهي ذاتية، فقوله عليه السلام ” يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ” ليس ناظرا إلى فعلية تلك الصفات بنفسها. قوله عليه السلام ” ليس قولي إنه يسمع بنفسه ويبصر بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ” لما ذكرناه من لزوم التركب المستلزم للافتقار المستحيل في حقه تعالى ” ولكن أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا ” ولا يمكن أن يجيب المجيب سائلا إلا بما هو عليه من الشؤون والاطوار، وكذلك إفهاما للسائل إذ كان هو سائلا ولا بد من أن يجاب بما يستأنسه من المعاني والمدركات. قوله عليه السلام: ” فأقول إنه سميع بكله لا أن الكل منه له بعض ” يعني عليه السلام: أن المراد بالكل المستفاد عن قوله: ” بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه ” ليس ما يتوهم من كونه بمعناه المتعارف المعهود حيث إن الكل بهذا المعنى هو الهيئة المنتزعة عن اجتماع أجزاء والتئام أبعاض لكي تستلزم التركب لا محالة. قوله عليه السلام: ” ولكني أردت إفهامك والتعبير عن نفسي، وليس مرجعي في ذلك إلا إلى أنه السميع البصير، العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف المعنى ” وهذه إشارة إلى ما دل عليه العقل والنقل من اتحاد الذات والصفات الذاتية والقدرة على الصفات الفعلية، وقد أشرنا إليه آنفا فلا نعيده، ثم كرر السائل السؤال عن الماهية والحقيقة بقوله: ” فما هو؟ ” ولا نعلم وجها لهذا التكرار إلا غموض المسألة وأن هذا المعنى لا يوافق أي معقول من المعقولات البشرية فأجابه الامام عليه السلام بقوله: ” هو الرب والمعبود وهو الله ” حيث لم يتصور السائل من هذه الالفاظ حقيقة وماهية واضحة فكأنه قد توهم أن هذا الموجود ليس من قبيل المعاني الواقعية فيكون مجرد لفظ بلا معنى معقول، فلذلك كرر الامام ثانيا الجواب الماضي في الجمل السابقة بأنه: ” ليس قولي الله إثبات هذه الحروف ألف ولام وهاء ولا راء ولا باء، ولكن أرجع إلى معنى وشئ خالق الاشياء وصانعها ” وفي نسخة الكافي بعد ذلك ” ونعت هذه


[ 552 ]

الحروف وهو المعنى إلخ ” والظاهر أنه اشتباه من النساخ إذ لا معنى صحيح لان يكون المعنى نعتا للحروف بل الصحيح ما في التوحيد وهو: ” وقعت عليه هذه الحروف ” فيكون مقصوده سلام الله عليه كما سبق في الجمل الماضية أنه تعالى حقيقة استعمل فيه الالفاظ. قال السائل: ” فانا لم نجد موهوما إلا مخلوقا ” وهذا السؤال واضح قد مضى تفصيله آنفا، قال أبو عبد الله عليه السلام: ” لو كان ذلك كما تقول لكان التوحيد عنا مرتفعا لانا لم نكلف أن نعتقد غير موهوم ” الظاهر أن المراد بالتوحيد هنا: أصل الوجود و الثبوت لا ما يقابل التشريك بعد ثبوته، وحاصل الجواب: أنه يمكننا التوجه إلى مثل ذلك الوجود، ونحن أيضا مكلفون على مثل هذا التوجه، ويدل عليه تصديقنا بوجوده أو عدمه أو الشك فيه فان كل هذه التصديقات مستلزمة للتوجه إليه، وإلا فما الذي نثبته أو ننفيه أو نشك فيه؟ نعم هذا التوجه لا يمكن أن يكون من طرق الحواس المحددة لانها لا تؤدي إلا إلى محسوسات محدودة مشخصة، فهي بمنزلة مرآة محدود لا يري إلا مرائي محدودة كما ذكرناه. وتلخص من جميع ما تقدم من عدم مجئ قاعدة الصفات في حق الواجب جل وعلا وكذلك من عدم إمكان وقوعه معقولا بماهيته وإمكان التوجه إليه لا من طرق الحواس المحددة أنه: ” لا بد من إثبات صانع للاشياء خارج من الجهتين المذمومتين إحداهما النفي إذ كان النفي هو الابطال والعدم، والجهة الثانية التشبيه إذ كان التشبيه هو صفة المخلوق الظاهر التركيب والتأليف ” فليعلم أن ما ذكره الامام عليه السلام هو إرشاد إلى آخر مراتب التوجه في هذا المقام، فانا لم نعثر من الفلاسفة والحكماء في هذ الباب إلى شئ يقنع به العقول الفعالة فان كل ما ذكروه في هذا المقام يستلزم أسولة لا يجاب عنها جوابا كافيا، فلا بد لنا حيئنذ أن نسترشد بقوله عليه السلام: ” فلم يكن بد من إثبات الصانع لوجود المصنوعين والاضطرار منهم إليه أنهم مصنوعون وأن صانعهم غيرهم وليس مثلهم إذ كان مثلهم شبيها بهم في ظاهر التركيب والتأليف وفيما يجري عليهم من حدوثهم بعد أن لم يكونوا ” فهذا


[ 553 ]

هو من المرتكزات الاولية في الاذهان من أن ما بالغير لا بد وأن ينتهي إلى ما بالذات وأن ما يكون نسبة الوجود والعدم إليه على حد سواء يحتاج في ترجحه إلى مرجح. ثم قال السائل: ” فقد حددته إذ أثبت وجوده “. الظاهر ان السائل لم يكن يحفظ ما يقوله الامام عليه السلام جوابا لسؤالاته لانه عليه السلام قد صرح واستدل على استحالة تحديده ومن المعلوم أن الحدود والتشخصات إنما تكون من قبل الماهيات لا أن الوجود بمجرده يستلزمها ولذلك أجابه عليه السلام لم أحده ولكني أثبته إذ لم يكن بين النفي والاثبات منزلة يعني عليه السلام حيث لم يمكن لنا النفي ولا التشبيه بسائر المخلوقات فيجب لنا الاذعان بوجوده وثبوته فقط. قال له السائل: ” فله إنية ومائية؟ ” قال: ” نعم لا يثبت الشئ إلا بإنية ومائية ” أقول ليس المقصود بالانية والمائية في المقام ما اصطلحنا عليه في علم المعقول المطلق على جميع الممكنات في قولنا ” كل ممكن زوج تركيبي ” بل اللازم بقرينة المعاني المذكورة المثبتة لبساطته وعدم معلوليته جل وعلا أن يراد بهما الحقيقة والوجود ولكن لا بمعنى الماهية المنتزعة عن الجنس والفصل المستلزمين للتركب ونسبتهما أي نسبة الانية والمائية في المقام إليه تعالى نظير نسبة الصفات الذاتية إلى الذات في كونهما مشيرين إلى حقيقة واحدة كما ذكر. قال له السائل ” فله كيفية؟ ” قال: ” لا لان الكيفية جهة الصفة والاحاطة ” وكل منهما ينافي بساطته وقاهريته المطلقتين وأما من جهة أن التكيف بكيف يستلزم توصيفه وإحاطة الواصفين به من ذلك الوجه وهذا الوجه بقرينة الجمل الآتية أقرب إلى سياق الكلام. قوله عليه السلام: ” ولكن لابد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره ” وقد بين الامام عليه السلام فيما مضى من الحديث ما يكون وجها ومستندا لما ذكره هنا ومجمل ما ذكره عليه السلام في جميع الموارد أنه إما أن لا نسند عليه تعالى شيئا من الصفات المتعارفة وإما أن نخصها بمعاني لا يشارك فيها


[ 554 ]

أي موجود سواه. قال السائل: ” فيعاني الاشياء بنفسه؟ ” قال أبو عبد الله عليه السلام: ” هو أجل من أن يعاني الاشياء بمباشرة ومعالجة لان ذلك صفة المخلوق الذي لا تجئ الاشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة وهو متعال نافذ الارادة والمشيئة فعال لما يشاء ” قد سبق الكلام في حقيقة كونه تعالى سميعا وبصيرا بنفسه فان اريد بالمعاينة ما يساوق البصر فالكلام عين الكلام من جهة كون القدرة عليه من الصفات الذاتية ومن جهة كون نفس الصفات من الصفات الفعلية فراجع، وإن كان مقصوده عليه السلام بالمعاينة نفس العلم فعدم احتياجه إلى المعالجة والمباشرة أوضح ولكن الاوفق لسياق الكلام هو الوجه الاول لان اتصافه جل شانه بالصفات الفعلية إنما يكون منتزعا من كونهما مشيرين إلى حقيقة واحدة كما ذكر. قال له السائل ” فله كيفية؟ ” قال: ” لا لان الكيفية جهة الصفة والاحاطة ” وكل منهما ينافي بساطته وقاهريته المطلقتين وأما من جهة أن التكيف بكيف يستلزم توصيفه وإحاطة الواصفين به من ذلك الوجه وهذا الوجه بقرينة الجمل الآتية أقرب إلى سياق الكلام. قوله عليه السلام: ” ولكن لابد من إثبات أن له كيفية لا يستحقها غيره ولا يشارك فيها ولا يحاط بها ولا يعلمها غيره ” وقد بين الامام عليه السلام فيما مضى من الحديث ما يكون وجها ومستندا لما ذكره هنا ومجمل ما ذكره عليه السلام في جميع الموارد أنه إما أن لا نسند عليه تعالى شيئا من الصفات المتعارفة وإما أن نخصها بمعاني لا يشارك فيها


[ 554 ]

أي موجود سواه. قال السائل: ” فيعاني الاشياء بنفسه؟ ” قال أبو عبد الله عليه السلام: ” هو أجل من أن يعاني الاشياء بمباشرة ومعالجة لان ذلك صفة المخلوق الذي لا تجئ الاشياء له إلا بالمباشرة والمعالجة وهو متعال نافذ الارادة والمشيئة فعال لما يشاء ” قد سبق الكلام في حقيقة كونه تعالى سميعا وبصيرا بنفسه فان اريد بالمعاينة ما يساوق البصر فالكلام عين الكلام من جهة كون القدرة عليه من الصفات الذاتية ومن جهة كون نفس الصفات من الصفات الفعلية فراجع، وإن كان مقصوده عليه السلام بالمعاينة نفس العلم فعدم احتياجه إلى المعالجة والمباشرة أوضح ولكن الاوفق لسياق الكلام هو الوجه الاول لان اتصافه جل شانه بالصفات الفعلية إنما يكون منتزعا من أفعاله الخارجية المسبوقة لمشيئته وإرداته تعالى بخلاف الصفات الذاتية (1).


(1) هذا ما افاده استاذى المحترم البحاثة المنقب الشيخ محمد تقى الجعفري التبريزي ادام الله تعالى ظله

اترك تعليقاً