صفات الشيعة – محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق

صفات الشيعة

الشيخ الصدوق


[ 1 ]

صفات الشيعه تأليف دانشمند بزرگ أبي محمد بن على بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى مشهور به صدوق المتوفى سنة 381 هجري


[ 2 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله الطاهرين قال جعفر محمد بن على بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه مؤلف هذا الكتاب رحمه الله عليه قال حدثنى محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار الكوفى عن ابيه عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن زيد النوفلي عن على بن سالم عن ابيه عن ابى بصير قال قال الصادق (ع) شيعتنا أهل الورع وا لاجتهاد وأهل الوفاء والامانة وأهل الزهد والعبادة أصحاب احدى وخمسين ركعه فى اليوم والليلة القائمون بالليل الصائمون بالنهار يزكون اموالهم ويحجون البيت و يجتنبون كل محرم


[ 3 ]

حدثنا ابى رضى الله عنه، قال حدثنا على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن ابى الحسن الرضا (ع) قال شيعتنا المسلمون لامرنا الآخذون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن يكن كذلك فليس منا حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله، قال حدثنا الحسين بن بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد ابى عمير عن ابان بن عثمان عن الصادق جعفر بن محمد (ع) انه قال لا دين لمن لا تقيه له ولا إيمان لمن لاورع له حدثنا محمد بن ماجيلويه رحمه الله عليه، قال حدثنى عمى محمد ابى القاسم عن محمد بن على الكوفى عن بن سنان عن المفضل بن عمر قال قال الصادق (ع) كذب من زعم انه من شيعتنا وهو متمسك بعروه غيرنا ابى رحمه الله قال حدثنى عبد الله بن جعفر عن احمد بن محمد عن ابن ابى نجران، قال سمعت ابا الحسن (ع) يقول: من عادى شيعتنا فقد عادانا ومن والاهم فقد والانا لأنهم منا خلقوا من طينتنا من احبهم فهو منا ومن


[ 4 ]

ابغضهم فليس منا، شيعتنا ينظرون بنور الله ويتقلبون فى رحمه الله ويفوزون بكرامة الله ما من أحد شيعتنا يمرض إلا مرضنا لمرضه ولا اغتم إلا اغتممنا لغمه، ولا يفرح إلا فرحنا لفرحه ولا يغيب عنا أحد من شيعتنا اين كان فى شرق الأرض أو غربها و من ترك من شيعتنا دينا فهو علينا، ومن ترك منهم مالا فهو لورثته، شيعتنا الذين يقيمون الصلاه ويؤتون الزكاة ويحجون البيت الحرام، ويصومون شهر رمضان ويوالون أهل البيت ويتبرؤن من أعدائهم، (من اعدائنا – خ ل) اولئك أهل الايمان والتقى، و أهل الورع والتقوى، ومن رد عليهم فقدرد على الله، و من طعن عليهم فقد طعن على لأنهم عباد الله حقا وأولياؤه صدقا، والله ان أحدهم ليشفع فى مثل ربيعة ومضر فيشفعه الله تعالى فيهم لكرامته الله عزوجل


[ 5 ]

حدثنا ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن الله عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن ابى عمير عن محمد بن عمران عن ابى عبد الله (ع) قال من لا اله إلا الله مخلصا دخل الجنة، واخلاصه بها ان يحجبه (أن يحجزه خ ل) لا اله إلا الله عما حرم الله تعالى. حدثنا ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد والحسن بن على الكوفى وإبراهيم بن هاشم، كلهم عن الحسين بن يوسف عن سليمان بن عمرو عن مهاجر بن الحسين عن زيد بن ارقم عن النبي (ص) قال من لا اله إلا الله مخلصا دخل الجنة واخلاصه بها أن يحجزه لا اله إلا الله عما حرم الله حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال حدثنا محمد بن جعفر الحميرى، عن أحمد بن محمد على عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن ابى عبيده الحذاء قال سمعت ابا عبد (ع) يقول لما فتح رسول الله (ص) مكة قام الصفا فقال يا بنى هاشم يا بنى عبدالمطلب إنى رسول الله اليكم وانى شفيق عليكم لا تقولوا إن محمدا منا فوالله ما أوليائي منكم ولا من غيركم


[ 6 ]

إلا المتقون، ألا فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدينا على رقابكم ويأتى الناس يحملون الآخره، إلا و انى قد أعذرت فيما بينى وبينكم وفيما بين الله عزوجل وبينكم، وان لى عملي و لكم عملكم. حدثنا احمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن ابن ابى نجران عن عاصم بن حميد عن محمد بن قيس عن ابى جعفر محمد بن على الباقر ابيه عن جده (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) مجالسة الاشرار تورث سوء الظن بالأخيار، ومجالسة الأخيار تلحق الاشرار بالأخيار، و مجالسة الفجار للأبرار تلحق الفجار بالأبرار فمن اشتبه عليكم امره ولم تعرفوا دينه فانظروا الى خلطائه فان كانوا أهل دين الله فهو على دين الله وان كانوا على غير دين الله فلا حظ له فى دين الله إن رسول الله (ص) كان يقول من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يواخين كافرا ولا يخالطن فاجرا


[ 7 ]

ومن آخى كافرا أو خالط فاجرا كان كافرا فاجرا حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى بن عبيد ابن فضال قال سمعت الرضا (ع) يقول: من واصل لنا قاطعا أو قطع لنا واصلا أو مدح لنا عايبا أو أكرم لنا مخالفا فليس منا ولسنا منه حدثنا محمد بن موسى المتوكل، قال حدثنا على بن الحسين السعد آبادى، عن احمد بن محمد بن خالد عن ابن فضال عن الرضا (ع) انه قال: من والى اعداء الله فقد عادى اولياء ومن عادى اولياء الله فقد عادى الله تبارك وتعالى، و حق على الله عزوجل أن يدخله في نار جهنم. حدثنى محمد بن موسى المتوكل رحمه الله عن أحمد بن عبد الله عن ابى عبد الله (ع) يقول: و الله ما شيعه على صلوا الله عليه الا من عف بطنه وفرجه وعمل لخالقه ورجا ثوابه وخاف عقابه


[ 8 ]

ابى رحمه الله، قال حدثنى محمد بن احمد عن على بن الصلت عن محمد بن عجلان قال كنت مع ابى عبد الله (ع) فدخل رجل فسلم فسأله كيف خلفت من اخوانك فاحسن الثناء وزكى واطرى له كيف عياده اغنيائهم لفقرائهم قال قليله قال كيف مواصله أغنيائهم لفقرائهم ذات ايديهم فقال انك تذكر اخلاقا ما هي فيمن عندنا، قال فكيف يزعم هؤلاء انهم لنا شيعة حدثنا محمد بن موسى المتوكل عن الحسن بن على الخزاز قال سمعت الرضا (ع) يقول: ان ممن يتخذ مودتنا أهل البيت لمن هو اشد لعنه على شيعتنا من الدجال فقلت له يا بن رسول الله بما ذا قال بموالاه اعدائنا ومعاداة اوليائنا انه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل و اشتبه الامر فلم يعرف مؤمن من منافق


[ 9 ]

حدثنا ابى رحمه الله عن العلاء بن الفضيل عن الصادق (ع) قال من أحب كافرا فقدا بغض الله و من ابغض كافرا فقد أحب الله ثم قال (ع) صديق عدوالله عدوالله حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله، قال حدثنى غير واحد من أصحابنا عن جعفر بن محمد (ع) قال من جالس أهل الريب فهو مريب حدثنا محمد بن على ماجيلويه، قال حدثني عمى عن المعلى بن خنيس، قال سمعت ابا عبد الله (ع) يقول: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد احدا يقول انا أبغض محمدا وآل ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انكم تتوالونا وتتبرؤن من أعدائنا وقال (ع): من أشبع عدوا لنا فقد قتل وليا لنا إبى رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميرى جميعا عن أحمد بن محمد بن الحسن عن ابى عبد الله (ع) قال


[ 10 ]

ان شيعة على صلوات الله عليه كانوا خمص البطون ذبل الشفاه وأهل رأفة وعلم وحلم يعرفون بالرهبانية فاعينوا على ما أنتم عليه بالورع و الاجتهاد حدثنى محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثنى محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد البرقى عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله عمرو ابن ابى المقدام عن أبيه عن ابى جعفر (ع) انه قال: يا ابا المقدام انما شيعة على صلوات الله عليه الشاحبون الناحلون الذابلون ذابله شفاههم من القيام خميصة بطونهم مصفره ألوانهم متغيرة وجوههم إذا جنهم الليل اتخذوا الأرض فراشا واستقبلوها بجباههم باكية عيونهم، كثيرة دموعهم، صلاثهم كثيرة، ودعاؤهم كثير، تلاوتهم كتاب الله، يفرحون الناس و هم يحزنون ابى رحمه الله، قال حدثنى محمد بن احمد بن على بن الصلت عن احمد بن محمد عن السندي بن محمد قال: قوم تبع أمير المؤمنين (ع)


[ 11 ]

فالتفت إليهم قال ما أنتم عليه قالوا شيعتك أمير المؤمنين قال مالى لاأرى عليكم سيماء الشيعة، قالوا و ما سيماء الشيعة قال صفر الوجوه السهر، خمص البطون من الصيام، ذبل الشفاه من الدعاء عليهم غبرة الخاشعين حدثنى محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنى على بن الحسين السعد آبادى عن المفضل، قال قال أبو عبد الله (ع) انما شيعة جعفر من عف بطنه وفرجه واشتد جهاده وعمل لخالقه و رجا ثوابه وخاف عقابه فإذا رأيت اولئك فأولئك شيعة جعفر ابى رحمه الله قال: حدثنى على بن الحسين السعد آبادى، عن جابر الجعفي قال قال أبو جعفر (ع) يا جابر يكتفى من اتخذ التشيع يقول بحبنا اهل البيت، فو الله ما شيعتنا إلا من اتقى الله واطاعه، وما كانوا


[ 12 ]

يعرفون إلا بالتواضع و التخشع و أداء الأمانة و كثره ذكر الله والصوم والصلاه والبر بالوالدين و التعهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام وصدق الحديث وتلاوة القرآن وكف الالسن الناس إلا من خير و كانوا امناء عشائرهم فى الاشياء قال جابر: يا بن رسول الله ما نعرف أحدا بهذه الصفة فقال لى يا جابر لا تذهبن بك المذاهب حسب أن يقول احب عليا صلوات الله عليه واتولاه فلو قال انى احب رسول الله (ص) ورسول الله خير من على ثم لايتبع سيرته ولا يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة احب العباد الى الله واكرمهم اتقاهم له واعملهم بطاعته يا جابر ما يتقرب العبد الى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة، ما معنا برائة النار ولا


[ 13 ]

على الله لأحد منكم حجة، من كان لله مطيعا فهو لنا ولى ومن كان لله عاصيا فهو لنا عدو و لا تنال ولايتنا بالعمل والورع حدثنى محمد بن الحسن احمد بن الوليد رحمه الله قال: حدثنى محمد بن الحسن الصفار عن ظريف بن ناصح رفعه الى محمد بن على (ع) قال انما شيعة على (ع) المتباذلون فى ولايتنا المتحابون فى مودتنا المتزاورون لاحياء أمرنا، ان غضبوا لم يظلموا، و ان رضوا لم يسرفوا، بركة لمن جاوروا، وسلم لمن خالطوا ابى رحمه الله قال: حدثنى سعد بن عبد الله قال حدثنى محمد بن عيسى عن عمرو ابن ابى المقدام عن ابيه، قال قال لى أبو جعفر عليه السلام انه قال شيعة على (ع) الشاحبون الناحلون الذابلون، ذبلة شفاههم خميصه بطونهم، متغيره الوانهم وبهذا الاسناد قال قال أبو جعفر (ع) لجابر


[ 14 ]

يا جابر نما شيعة على (ع) من لا يعدو صوته سمعه ولا شحناؤه بدنه، لا يمدح لنا قاليا، ولا يواصل لنا مبغضا و لا يجالس لنا عائبا شيعة على (ع) من لا يهر هرير الكلب، و لا يطمع طمح الغراب، و لا يسأل الناس و ان مات جوعا، اولئك الخفيفة عيشتهم، المنتقلة ديارهم ان شهدوا لم يعرفوا، و ان غابوا لم يفتقدوا وان مرضوا يعادوا، و ان ماتوا لم يشهدوا، فى قبورهم يتزاورون قلت، و اين أطلب هؤلاء قال فى أطراف الأرض بين الأسواق، و هو قول الله تعالى عز وجل اذله على المؤمنين أعزه على الكافرين حدثنى محمد بن الحسن بن الوليد رضى الله عنه عن المفضل بن قيس ابى عبد الله (ع)، قال: كم شيعتنا بالكوفة قال قلت خمسون الفا قال: فما زال يقول حتى قال: ترجو أن يكونوا عشرين ثم قال (ع)


[ 15 ]

والله لوددت أن يكون بالكوفة خمسة و عشرون رجلا يعرفون أمرنا الذى نحن عليه ولا يقولون علينا إلا بالحق حدثنا محمد بن على ماجيلويه رحمه الله عن ابى عبد الله (ع) قال قال له أبو الدوانيقي بالحيرة ايام ابى العباس: يا ابا عبد الله ما بال الرجل من شيعتكم يستخرج ما فى جوفه في مجلس واحد حتى يعرف مذهبه فقال (ع): ذلك بحلاوة الايمان فى صدورهم من حلاوته يبدونه تبديا ابى رحمه الله قال حدثنى احمد بن ادريس قال حدثنى محمد بن احمد عن ابن ابى عمير، يرفعه الى أحدهم (ع) انه قال بعضكم اكثر صلاه من بعض، و بعضكم اكثر حجا من بعض وبعضكم اكثر صدقه من بعض و بعضكم اكثر صياما من بعض وأفضلكم أفضل معرفه حدثنى محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال حدثنى محمد بن يحيى العطار قال حدثنى المفضل بن زياد العبدى عن ابى عبد الله (ع)


[ 16 ]

قال انا اهل بيت صادقون همكم معالم دينكم وهو عدوكم بكم، و اشرب قلوبهم لكم بغضا، يحرفون ما يسمعون منكم كله، و يجعلون لكم اندادا، ثم يرمونكم به بهتانا، فحسبهم بذلك عند الله معصية حدثنى احمد بن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن يحيى بن سدير قال قال أبو عبدالله (ع) إذا كان يوم القيامة دعى الخلايق بامهاتهم ما خلانا وشيعتنا فانا لا سفاح بيننا حدثنى الحسن بن احمد عن ابيه، عن محمد بن احمد عن عبدالله بن خالد الكنانى، قال استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر (ع) و قد علقت سمكة بيدى، قال اقذفها إنى لأكره للرجل (السرى خ) ان يحمل الشئ الدنى بنفسه، ثم قال (ع) انكم قوم اعداؤكم كثير يا معشر الشيعة، انكم قوم عاداكم الخلق فتزينوا لهم ما قدرتهم عليه


[ 17 ]

حدثنى محمد بن على ماجيلويه، قال حدثنى عمى محمد بن ابى قاسم، عن هارون بن مسلم عن مسعدة صدقه، قال سئل أبو عبدالله (ع) عن شيعتهم، فقال شيعتنا من قدم ما استحسن وامسك ما استقبح وأظهر الجميل و سارع بالأمر الجليل رغبة الى رحمة الجليل فذاك منا والينا ومعنا حيث ما كنا حدثنى محمد بن موسى المتوكل رحمه الله قال حدثنى عبد الله بن جعفر الحميرى، عن الأصبغ بن نباتة قال خرج على (ع) ذات يوم و نحن مجتمعون فقال من انتم وما اجتماعكم، فقلنا قوم من شيعتك يا أمير المؤمنين فقال مالى لاأرى سيماء الشيعة، عليكم، فقلنا وما سيماء الشيعة، فقال (ع) صفر الوجوه من صلاه الليل، عمش العيون من مخافة، ذبل الشفاه من الصيام، عليهم غبرة الخاشعين ابى رحمه الله قال حدثنى سعد بن عبد الله عن ابى بصير عن ابى عبد الله (ع) قال قلت جعلت فداك صف لى شيعتك، قال (ع) شيعتنا


[ 18 ]

من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، و لا يطرح كله غيره، و لا يسأل غير اخوانه، و لو مات جوعا، شيعتنا من لايهر هرير الكلب، و لا يطمع طمع الغراب شيعتنا الخفيفه عيشهم المنتقلة ديارهم، شيعتنا الذين فى أموالهم حق معلوم ويتوانسون، و عند الموت لا يجزعون وفى قبورهم يتزاورون، قال قلت جعلت فداك فاين اطلبهم قال فى أطراف‌الأرض و بين الأسواق، كما قال الله عزوجل فى كتابه (اذله على المؤمنين اعزة على الكافرين) حدثنى محمد بن الحسن، قال حدثنا على بن حسان الواسطي، عن عمه عبد الرحمان بن كثير الهاشمي عن جعفر بن محمد عن ابيه (ع) قال قام من أصحاب أمير المؤمنين (ع) يقال له همام – وكان عابدا فقال له يا أمير المؤمنين صف لى المتقين حتى كانى انظر إليهم فتثاقل امير المؤمنين


[ 19 ]

صلوات الله عليه فى جوابه ثم قال (ع) ويحك يا همام اتق واحسن فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون فقال همام يا أمير المؤمنين أسألك بالذى اكرمك وبما خصك به وحباك و فضلك بما أنالك و أعطاك لما و صفتهم لى فقام أمير المؤمنين صلوات الله عليه قائما على قدميه فحمد الله واثنى عليه وصلى على وآله وسلم ثم قال أما بعد فان الله عزوجل خلق الخلق حيث خلقهم غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنه لا تضره معصية من عصاه منهم ولا تنفعه طاعه اطاعة و قسم بينهم معايشهم، و وضعهم من الدنيا مواضعهم و انما اهبط الله آدم و حواء من الجنة عقوبة لما صنعا حيث نها هما فخالفاه وأمرهما فعصياه، فالمتقون فيها أهل الفضائل منطقهم الصواب، و ملبسهم الاقتصاد، و مشيهم التواضع: خضعوا لله بالطاعة فبهتوا غاضين ابصارهم عما حرم الله عليهم، واقفين اسماعهم على العلم النافع لهم، نزلت


[ 20 ]

انفسهم منهم فى البلاء كالذى نزلت بهم فى الرخاء رضا منهم عن الله بالقضاء ولو لا الاجال التى كتب الله عليهم لم تستقر أرواحهم فى أجسادهم طرفة عين شوقا الى الثواب، و خوفا من العقاب، عظم الخالق فى أنفسهم، و صغر ما دونه فى اعينهم فهم والجنة كمن قدر آها فهم منعمون، و هم والنار كمن قدر آها فهم فيها معذبون، قلوبهم محزونه، و شرورهم مأمونة و أجسادهم نحيفة و حوائجهم خفيفة، و انفسهم عفيفة و مؤنتهم من عظيمه، صبروا أياما قليلة قصارا اعقبتهم راحة طويلة بتجاره مربحة يسرها لهم رب كريم، ارادتهم الدنيا ولم يريدوها وطلبتهم فاعجزوها، أما الليل فصافون أقدامهم، تالين لاجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا، يحزنون به أنفسهم و يستبشرون به و تهيج أحزانهم بكاء على ذنوبهم و وجع


[ 21 ]

كلوم جوانحهم، و إذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بمسامع قلوبهم وأبصارهم فاقشعرت منها جلودهم، و وجلت منها قلوبهم، وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها و شهيقها فى اصول آذانهم وإذا مروا بأية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا، وتطلعت أنفسهم إليها شوقا، فظنوا أنها نصب أعينهم، جاثين على أوساطهم يمجدون جبارا عظيما مفترشين جباههم و أكفهم و أطراف أقدامهم وركبهم تجرى دموعهم على خدودهم يجأرون الى الله فى فكاك رقابهم و اما النهار فحلماء علماء بررة أتقياء قدبرا هم الخوف (برى القداح – خ ل) فهم أمثال القداح، ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى و بالقوم من مرض، أو يقول قد خولطوا فقد خالط القوم أمر عظيم، إذا فكروا فى عظمة الله و شدة سلطانه مع يخالطهم من ذكر الموت و أهوال القيامة فزع ذلك قلوبهم و


[ 22 ]

جاشت حلومهم وذهلت قلوبهم (عقولهم – خ ل) وإذا استفاقوا بادروا الى الله بالأعمال الزكية لا يرضون لله أعمالهم بالقليل و لا يستكثرون له الجزيل فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون، ان زكى أحدهم خاف مما يقولون وقال انا أعلم بنفسى من غيرى، وربى أعلم بنفسى منى، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، و اجعلني خيرا مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، فانك علام الغيوب، و ستار العيوب ومن علامة أحدهم انك ترى له قوة فى دين، و حزما فى لين وايمانا في يقين وحرصا على العلم، و كيسا فى رفق وشفقة في نفقة، وقصدا فى غناء، و خشوعا فى عبادة وتحملا فى فاقة و صبرا فى شدة ورحمة للجهود واعطاء فى حق، و رفقا فى كسب وطلبا للحلال ونشاطا فى الهدى وتحرجا عن الطمع، و برا فى استقامة و إغماضا عند شهوة


[ 23 ]

لا يغره ثناء من جهله، و لا يدع احصاء ما قد عمله مستنبطأ لنفسه فى العمل يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل، يمسى وهمه الشكر و يصبح و شغله الذكر يبيت حذرا و يصبح فرحا، حذرا لما حذر من الغفلة و فرحا لما اصاب من الفضل والرحمتة ان استصعب عليه نفسه فيما تكره يعطها سؤلها فيما إليه ضره، و فرحه فيما يخلد ويطول، و قرة عينه فيما لا يزول ورغبته فيما يبقى وزهادته فيما يفنى يمزج الحلم بالعلم، و يمزج العلم بالعقل، تراه بعيدا كسله، دائما نشاطه قريبا أمله، قليلا زلله متوقعا أجله خاشعا قلبه، ذاكرا ربه خائفا ذنبه، قانعة نفسه متغيبا جهله، سهلا أمره حريزا دينه، ميتة شهوتة كاظما غيظه، صافيا خلقه، آمنا منه جاره


[ 24 ]

ضعيفا كبره، ميتا ضره، كثيرا ذكره، محكما امره، يحدث بما يؤتمن عليه الاصدقاء، و لايكتم شهادته للاعداء، ولا يعمل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياءا، الخير منه مامول، و الشر منه مامون، ان كان فى الغافلين كتب من الذاكرين، و ان كان فى الذاكرين لم يكتب من الغافلين، يعفو عمن ظلمه و يعطى من حرمه، ويصل من قطعه لا يعزب حلمه ولا يعجل فما يريبه، و يصفح عما قد تبين بعيد (بعد خ ل) جهله، لينا قوله، غائبا مكره (منكره خ ل)، قريبا معروفه، صادقا قوله، حسنا فعله، مقبلا خيره، مدبرا شره، فهو فى الهزاهز وقور، و فى المكاره صبور، و فى الرخاء شكور، لا يحيف على من يبغض ولايأ ثم على من لا يحب لا يدعى ما ليس له ولا يجحد حقا هو عليه، يعترف بالحق أن يشهد


[ 25 ]

عليه، و لا يضيع ما استحفظ (لا ينسى ما ذكره خ) و لا ينابز بالألقاب، و لا يبغى على أحد، و لايهم بالحسد، و لا يضر بالجار، و لا يشمت بالمصائب، سريع الى الصلوات مؤد للأمانات، بطئ عن المنكرات، يأمر بالمعروف، و ينهى المنكر لا يدخل فى الامور بجهل، و لا يخرج من الحق بعجز، ان صمت لم يغمه صمته. وان نطق لم يقل خطأ، و ان ضحك لم يعد صوته سمعه، قانعا بالذى قدر له، و لا يجمع به الغيظ و لا يغلبه الهوى، و لا يقهره الشح، و لا يطمع فيما ليس له يخالط الناس ليعلم ويصمت ليسلم، ويسأل ليفهم، ينصت ليعجب به، و لا يتكلم ليفخر على من سواه، ان بغى عليه صبر، حتى يكون الله هو الذى ينتقم له نفسه منه فى عناء والناس منه فى


[ 26 ]

راحة، اتعب نفسه لآخرته واراح الناس من شره، بعد من تباعد عنه بغض ونزاهة و دنو من دنا منه لين ورحمة، فليس تباعده بكبر ولا عظمة، و لادنوه بخديعة و خلابة، بل يقتدى بمن كان قبله من أهل الخير، و هو امام لمن خلقه أهل البر (قال) فصعق همام صعقة كانت نفسه فيها فقال امير المؤمنين (ع) اما والله لقد كنت اخافها عليه، و أمر به فجهز وصلى عليه وقال هكذا تصنع المواعظ البالغه باهلها فقال قائل فما بالك انت يا أمير المؤمنين قال (ع) و يلك ان لكل اجلا لن يعدوه وسببا لا يجاوزه، فمهلا لا تعد فانما نفث لسانك الشيطان ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن صفوان بن مهران قال قال أبو عبدالله (ع) انما المؤمن الذى إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق والذى إذا رضى لم يدخله رضاه الباطل، و الذى إذا قدر لم يأخذ اكثر من ماله


[ 27 ]

ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن على بن عبد العزيز، قال قال ابا عبد الله (ع) يا على بن عبد العزيز لا يغرنك بكاؤهم فان التقوى فى القلب حدثنا محمد بن موسى المتوكل رحمه الله عن عبد الله بن سنان قال سمعت ابا عبد الله (ع) يقول: أوصيكم عباد الله بتقوى الله ولا تحملوا الناس على اكتافكم فتذلوا، ان الله عزوجل يقول فى كتابه (قولوا للناس حسنا) ثم قال عودوا مرضاهم، و اشهدوا جنائزهم، و اشهدوا ولهم عليهم، و صلوا معهم فى مساجدهم، و اقضوا حقوقهم، (ثم قال) أي شئ أشد على قوم يزعمون أنهم يأتمون بقوم و يأخذون بقولهم فيأمرونهم و ينهونهم ولا يقبلون و يذيعون حديثهم عند عدوهم فيأتى عدوهم الينا فيقولون لنا ان قوما يقولون ويروون كذا وكذا فنقول نحن نتبرأ ممن يقول هذا فتقع عليهم البرائه


[ 28 ]

حدثن محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رحمه الله، عن ابى الخطاب عن عبد الله بن زياد، قال سلمنا على ابى عبد الله (ع) بمنى ثم قلت يا بن رسول الله انا قوم مجتازون لسنا نطيق هذا المجلس منك كلما اردناه فاوصنا قال (ع) عليكم بتقوى الله و صدق الحديث واداء الأمانة وحسن الصحبة لمن صحبكم وافشاء السلام واطعام الطعام صلوا فى مساجدهم و عودوا مرضاهم واتبعوا جنائزهم فان ابى حدثنى ان شيعتنا أهل البيت كانوا خيار من كانوا منهم، ان كان فقيه كان، منهم وان كان مؤذن كان منهم، و ان كان امام كان منهم، و ان كان صاحب امانة منهم، و ان كان صاحب وديعة كان منهم، و كذلك كونوا حببونا الى الناس ولا تبغضونا إليهم ابى رحمه الله، قال حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن اسماعيل بن مهران عن حمران بن اعين عن ابى عبد الله (ع) قال كان على بن الحسين (ع) قاعدا فى بيته إذ قرع قوم عليهم الباب يا جاريه انظري


[ 29 ]

من بالباب فقالوا قوم من شيعتك فوثب عجلان كاد ان يقع فلما فتح الباب ونظر إليهم رجع و كذبوا فاين السمت فى الوجوه اين اثر العبادة، اين سيماء السجود انما شيعتنا يعرفون بعبادتهم و شعتهم قد قرحت العبادة منهم الآناف ودثرت الجباه والمساجد، خمص البطون، ذبل الشفاه، قد هبجت العبادة وجوههم، و أخلق سهر الليالى وقطع الهواجر جثثهم، المسبحون إذا سكت الناس والمصلون إذا نام الناس والمحزونون إذا فرح الناس، يعرفون بالزهد، كلامهم الرحمة وتشاغلهم بالجنة على بن احمد بن عبد الله عن ابيه عن جده عن ابى عبد الله البرقى عن ابيه عن عمرو بن شمر عن عبد الله قال قال الصادق (ع) من أقر بستة اشياء فهو مؤمن، البرائه من الطواغيت والاقرار بالولاية، و الايمان


[ 30 ]

بالرجعة، و الاستحلال للمتعه، و تحريم الجرى وترك المسح الخفين ابى رحمه الله، قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميرى عن مسعدة بن صدقة عن الصادق (ع) انه قيل له ما بال المؤمن احد شئ قال (ع) لأن عز القرآن فى قلبه، و محض الايمان فى قلبه، و هو يعبد الله عزوجل مطيع لله، و لرسوله (ع) مصدق (قيل) فما بال المؤمن قد يكون أشح شئ قال لأنه يكسب الرزق من حله و مطلب الحلال عزيز فلا يحب ان يفارقه لشدة ما يعلم من عسر مطلبه و ان سخت نفسه لم يضعه الا فى موضعه (قيل) ما علامات المؤمن قال (ع) أربعه نومه كنوم الغرقى، و اكله كاكل المرضى، و بكاؤه كبكاء الثكلى، و قعوده كقعود المواثب (قيل له) فما بال المؤمن قد يكون انكح شىء قال (ع) لحفظه فرجه عن فروج ما لا يحل له ولكى تميل به شهوته هكذا ولا هكذا، و إذا ظفر بالحلال


[ 31 ]

اكتفى به واستغنى به عن غيره وقال صلوات الله عليه: ان فى المؤمن ثلاث خصال لم تجتمع الا فيه، علمه بالله عزوجل، و علمه بمن يحب، و علمه بمن يبغض (وقال ع) ان قوة المؤمن فى قلبه، ألا ترون انكم تجدونه ضعيف البدن نحيف الجسم، و هو يقوم الليل ويصوم النهار (وقال ع) المؤمن فى دينه أشد من الجبال الراسية وذلك لأن الجبل قد ينحت والمؤمن لا يقدر أحد ان ينحت من دينه شيئا و ذلك لضنه بدينه وشحه عليه وبهذا الاسناد قال قال رسول الله (ص) ألا أنبئكم لم سمى المؤمن مؤمنا لائتمان الناس اياه على انفسهم واموالهم ألا أنبئكم من المسلم، المسلم من سلم الناس من يده ولسانه ألا أنبئكم بالمهاجر، من هجر السيئات وما حرم عزوجل


[ 32 ]

و بهذا الاسناد قال قال رسول الله (ع) من ساءته سيئه وسرته حسنة فهو مؤمن ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن حباب الواسطي عن ابى عبد الله (ع) قال ما أقبح بالمؤمن أن تكون له رغبه تذله وبهذا الاسناد قال قال أبو عبد الله (ع) البرص شبه اللعنة لا يكون فينا ولا فى ذريتنا ولا فى شيعتنا وبهذا الاسناد عن احمد بن ابى عبد الله عن حصين بن عمر قال قال أبو عبد الله (ع): ان المؤمن أشد زبر الحديد ان الحديد إذا أدخل النار تغير و ان المؤمن قتل ثم نشر ثم قتل لم يتغير قلبه حدثنا الحسن بن احمد رحمه الله عن المفضل قال أبو عبد الله (ع) ان الله تبارك وتعالى خلق المؤمنين من أصل واحد لا يدخل فيهم داخل ولا يخرج منهم خارج، مثلهم والله مثل الرأس فى الجسد ومثل الأصابع


[ 33 ]

فى الكف، فمن رأيتم يخالف ذلك فاشهدوا عليه بتاتا انه منافق حدثنا محمد بن على ماجيلويه رحمه الله، عن محمد بن سليمان الديلمى، قال سمعت إبا عبد الله (ع) يقول الشتاء ربيع المؤمن يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه و بهذا الاسناد عن محمد بن احمد عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) ان الله لم يؤمن المؤمن من بلايا الدنيا و لكن آمنه من العمى فى الاخرة ومن الشقاء يعنى عمى البصر وبهذا الاسناد عن محمد بن احمد عن سعيد بن غزوان قال قال أبو عبد الله (ع) المؤمن لا يكون محارفا (مجازفا خ ل) وبهذا الاسناد عن احمد بن محمد عن الصالح بن هيثم (ميثم ظ) ابى عبد الله (ع) قال ثلاث من كن فيه استكمل خصال الايمان


[ 34 ]

من صبر على الظلم فكظم غيظه واحتسب وعفا كان ممن يدخله الله الجنة ويشفع فى مثل ربيعه ومضر و بهذا الاسناد عن محمد بن احمد: عن زيد، عن ابى عبد الله (ع) قال لن تكونوا مؤمنين حتى تكونوا مؤتمنين وحتى تعدوا نغمة الرخاء مصيبة وذلك إن الصبر على البلاء أفضل من العافية عند الرخاء وبهذا الاسناد عن محمد بن احمد عن رجل عن ابى عبد الله (ع) قال صف لى المؤمن (قال ع) قوة فى دين، و حزم فى لين، و ايمان فى يقين، و حرص في فقه، و نشاط فى هدى، و بر فى استقامة وعلم حلم وشكر في رفق، و سخاء فى حق، و قصد فى غنى، و تجمل فى فاقه، و عفو فى قدرة وطاعه فى نصيحة، و ورع فى رغبة، و حرص فى جهاد، و صلاه فى شغل. و صبر فى شدة


[ 35 ]

وفى الهزاهز وقور، و فى المكاره صبور، و فى الرخاء شكور، و لا يغتاب ولا يتكبر و لايقسع الرحم، و ليس بواهن و لافظ ولا غليظ، ولا يسبقه بطره، ولا تفضحه بطنه ولا يغلبه فرجه، و يحسد الناس، و لايقتر و لا يبذر و لا يسرف، ينصر المظلوم و يرحم المساكين، نفسه منه فى عناء والناس منه فى راحة لا يرغب فى الدنيا و لايفزع من مهائل الناس، للناس هم قد اقبلوا عليه، و له هم قد شغله، لا يرى فى حلمه نقص ولا فى رأيه وهن، و لا فى دينه ضياع، يرشد من استشاره، و يساعد من ساعده ويكيع عن الباطل والخنا والجهل، فهذه صفة المؤمن وبهذا الاسناد عن محمد بن احمد عن ابى العلاء عن ابى عبد (ع) قال: ان المؤمن من يخافه كل شئ وذلك انه عزيز فى دين الله ولا يخاف من شئ، و هو علامة مؤمن


[ 36 ]

وبهذا الاسناد عن محمد بن احمد عن صفوان الجمال، عن ابى عبد الله (ع) قال سمعته يقول ان المؤمن يخشع له كل شئ (ثم قال ع) إذا كان مخلصا قلبه لله اخاف الله منه كل شئ حتى هوام الأرض وسباعها وطير السماء ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا احمد بن الحسن على بن فضال عن عمار بن موسى عن ابى عبدالله (ع) انه سئل عن اهل السماء هل يرون أهل الارض (قال ع) لا يرون إلا المؤمنين لأن المؤمن من نور كنور الكواكب (قيل) فهم يرون أهل الأرض (قال ع) لا يرون نوره حيث ما توجه (ثم قال ع) لكل مؤمن خمس ساعات القيامة يشفع فيها


[ 37 ]

ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن الحارثى عن زياد القندى عن ابى عبد الله (ع) قال كفى المؤمن من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن الحارثى عن ابى عبد الله (ع) قال: لا يؤمن رجل فيه الشح والحسد والجبن ولا يكون المؤمن جبانا ولا شحيحا ولا حريصا حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد (ره)، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن بعض اصحابه عن ابى عبد الله (ع)، قال المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمنا عليه ابى رحمه الله، عن محمد بن يحيى العطار عن سهل بن زياد عن الحارث بن الدلهاث مولى الرضا (ع) قال سمعت ابا الحسن (ع) يقول لا يكون المؤمن مؤمنا حتى تكون فيه ثلاث خصال سنه من ربه، و سنة من


[ 38 ]

نبيه، و سنه من وليه، فالسنة من ربه كتمان سره عزوجل (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الا من ارتضى من رسول) و أما السنة من نبيه فمداراة الناس فان الله عزوجل أمر نبيه بمداراة الناس فقال (خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين) و أما السنة من وليه فالصبر على البأساء والضراء فان عزوجل يقول (والصابرين فى البأساء والضراء) ابى رحمه الله، قال حدثنا سعد بن عبد الله عن على الناسخ عن عبد الله بن موسى بن جعفر (ع)، قال سألته عن الملكين يعلمان الذنب إذا أراد العبد أن يفعله أو بالحسنة قال فقال (ع) فريح الكنيف والطيب عندك واحدة قال قلت لا قال (ع) العبد إذا هم بالحسنة خرج نفسه طيب الريح فقال صاحب اليمين لصاحب الشمال قف فانه قد هم بالحسنة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه، وريقه


[ 39 ]

مداده، فيثبتها له، و إذا هم بالسيئة خرج نفسه منتن الريح فيقول صاحب الشمال لصاحب اليمين قف فانه قد هم بالسيئة فإذا هو فعلها كان لسانه قلمه وريقه مداده فيثبتها عليه. حدثنى محمد بن صالح عن ابى العباس الدينورى عن محمد ابن الحنفية قال لما قدم أمير المؤمنين (ع) البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الاحنف قيس واتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه والى اصحابه فاقبل ثم قال: يا احنف ادع لى اصحابي فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالى فقال الاحنف بن قيس يا أمير المؤمنين ما هذا الذى نزل بهم أمن قله الطعام أو من هول الحرب، فقال صلوات الله عليه لا يا احنف ان الله سبحانه أحب اقواما تنسكوا له فى دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة من قبل


[ 40 ]

أن يشاهدوها فحملوا انفسهم على مجهودها وكانوا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق الى ربهم تبارك و تعالى و كتاب يبدو فيه على رؤس الاشهاد فضايح ذنوبهم فكادت انفسهم تسيل سيلانا أو تطير قلوبهم باجنحة الخوف طيرانا وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم من اجل التجرد الى الله سبحانه غليانا فكانوا يحنون حنين الواله فى دجى الظلم، و كانوا يفجعون من خوف ما اوقفوا عليه انفسهم فمضوا ذبل الاجسام، حزينه قلوبهم، كالحة وجوههم ذابلة شفاههم، خامصه بطونهم، تراهم سكارى سمار وحشة الليل تخشعون كأنهم شنان بوالى قد اخلصوا لله اعمالهم سرا وعلانية فلم تأمن من فزعه


[ 41 ]

قلوبهم بل كانوا كمن حرسوا قباب خراجهم فلو رأيتهم ليلتهم وقد نامت العيون و هدأت الاصوات وسكنت الحركات من الطير فى الركود وقد منههم بأسنا بياتا وهم نائمون) فاستيقظوا إليها فزعين وقاموا الى صلاتهم معولين، باكين تارة واخرى مسبحين يبكون فى محاريبهم ويرنون يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون، فلو رأيتهم يا احنف فى ليلتهم قياما على اطرافهم منحنية ظهورهم يتلون اجزاء القرآن لصلاتهم قد اشتدت اعوالهم ونحيبهم وزفيرهم، إذا زفروا خلت النار قد اخذت منهم الى حلاقيمهم و إذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفدت فى اعناقهم، فلو رأيتهم فى نهارهم اذأ لرأيت قوما يمشون على الارض هونا و يقولون للناس حسنا (فإذا خاطبهم الجاهلون قالوا


[ 42 ]

سلاما) (وإذا مروا باللغو مروا كراما) قد قيدوا اقدامهم التهمات، و ابكموا ألسنتهم ان يتكلموا فى اعراض، وسجموا اسماعهم أن يلجها خوض خائض وكحلوا ابصارهم بغض النظر الى المعاصي وانتحوا دار السلام من دخلها كان آمنا من الريب والاحزان، فلعلك أحنف شغلك نظرك فى وجه واحدة تبدى الأسقام بغاضرة وجهها، و دار قد اشغلت بنقش رواقها وستور قد علقتها والريح والآجام موكلة بثمرها، و ليست دارك هذه دار البقاء فاحمتك الدار التى خلقها الله سبحانه لؤلؤة بيضاء فشقق فيها انهارها وغرس فيها اشجار ها وظلل عليها بالنضج من ثمارها و كبسها بالعواتق من حورها ثم أسكنها اوليائه و اهل طاعته، فلو رأيتهم أحنف


[ 43 ]

وقد قدموا على زيادات ربهم سبحانه فإذا ضربت جنائبهم صوتت رواحلهم باصوات لم يسمع السامعون باحسن منها، و اظلتهم غمامة فامطرت عيهم المسك والرادن وصهلت خيولها بين اغراس تلك الجنان، و تخللت بهم نوقهم بين كثب الرعفران و يتطأ من تحت اقدامهم اللؤلؤ والمرجان، واستقبلتهم قهارمتها بمنابر الريحان وهاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين و الاقحوان، و ذهبوا الى بابها فيفتح لهم الباب رضوان، ثم يسجدون لله فى فناء الجنان، فقال لهم الجبار إرفعوا رؤسكم فانى قد رفعت عنكم مؤنة العبادة و اسكنتكم جنة الرضوان، فان فاتك يا احنف ما ذكرت لك فى صدر كلامي لتتركن فى سرابيل القطران ولتطوفن بينها وبين حميم آن، و لتسقين شرابا حار الغليان، فى انضاجه فكم يومئذ فى النار من صلب محطوم و وجه مهشوم، و مشوه مضروب على الخرطوم


[ 44 ]

قد اكلت الجامعة كفه، و التحم الطوق بعنقه فلو رأيتهم يا احنف ينحدرون فى اوديتها و يصعدون جبالها، و ألبسوا المقطعات من القطران، و اقرنوا مع فجارها و شياطينها فإذا استغاثوا باسوأ أخذ من حريق شدت عليهم عقاربها وحياتها ولو رأيت مناديا ينادى وهو يقول يا اهل الجنة ونعيمها و يا اهل حليها وحللها خلود فلاموت فعندها ينقطع رجاؤهم وتغلق الابواب وتنقطع بهم الأسباب فكم يومئذ من شيخ ينادى و اشيبتاه وكم شباب ينادى و اشباباه، و كم من امرأة تنادى و افضيحتاه هتكت عنهم الستور، فكم يومئذ من مغموس، بين اطباقها محبوس، يا لك غمسة ألبستك بعد نباس الكتان، و الماء المبرد على الجدران، و اكل الطعام الوانا بعد ألوان، لباسا لم يدع لك شعرا ناعما كنت مطعمه بيضه، و لاعينا كنت تبصربها


[ 45 ]

الى حبيب الا تقأها، هذا ما اعد الله للمجرمين و ذلك ما اعد الله للمتقين حدثنا الحسن بن الوليد رحمه الله، قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال حدثنا احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن مسلم وغيره عن ابى جعفر محمد بن الباقر (ع) قال سئل رسول الله (ص) عن خيار العباد، قال الذين احسنوا استبشروا، و إذا أساؤا استغفروا، و إذا اعطوا شكروا و إذا ابتلوا صبروا، و إذا غضبوا غفروا حدثنا محمد بن القاسم الاستر آبادى رحمه الله قال حدثنا يوسف بن محمد بن زياد و على بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على ابن ابى طالب عن ابيه عن آبائه (ع) قال قال رسول الله (ص) لبعض اصحابه ذات يوم يا عبد الله حبب فى الله، و أبغض فى الله، و وال فى الله، و عاد فى الله فانك لا تنال ولايته الا بذلك، و لا يجد رجل طعم الايمان – و ان كثرت صلاته وصيامه حتى يكون


[ 46 ]

كذلك وقد صارت مواخاة الناس فى يومكم هذا اكثرها الدنيا، عليها يتوادون وعليها يتباغضون، و ذلك لا يغنى عنهم من الله شيئا، فقال له (ع) كيف لى اعلم انى قد و اليت و عاديت فى الله عزوجل و من ولى الله عزوجل حتى أو إليه و من عدوه اعاديه فاشار له رسول الله (ص) الى على (ع) فقال أترى هذا فقال بلى فقال (ص) ولى هذا ولى الله فواله و عدو هذا عدوالله فعاده، و وال ولى هذا ولو انه قاتل ابيك و ولدك وعاد عدو هذا ولو انه ابوك و ولدك حدثنا الحسن بن احمد بن ادريس رحمه الله عن ابى بصير عن ابى عبدالله (ع) عن‌آبائه (ع) قال قال امير المؤمنين (ع) ان لاهل الدين علامات يعرفون بها، صدق الحديث، و اداء الامانة والوفاء بالعهد، وصلة الرحم، و رحمة الضعفاء، و قلة المؤاتاة للنساء، و بذل المعروف، و حسن الخلق وسعة الخلق، و اتباع العلم، و ما يقرب الى الله عزوجل، طوبى لهم وحسن مآب


[ 47 ]

وطوبى شجرة فى الجنة اصلها فى دار النبي (ص) وليس مؤمن الا و فى داره غصن منها لا يخطر على قلبه شهوه شىء الا اتاه ذلك الغصن به ولو ان راكبا مجدا سار فى ظلها مائة عام لم يخرج منها، و لو صار فى اسفلها غراب ما بلغ اعلاها حتى يسقط هرما ألا فى هذا فارغبوا إن المؤمن نفسه منه فى شغل و الناس منه فى راحه إذا جنه الليل افترش وجهه وسجد لله عزوجل بمكارم بدنه، يناجى الذى خلقه فى فكاك رقبته ألا هكذا فكونوا حدثنا احمد بن محمد بن يحيى العطار رحمه الله قال حدثنا ابى عن عبد الله بن مسكان عن ابى عبد الله (ع) قال ان الله تبارك و تعالى خص رسول الله (ص) بمكارم الاخلاق فامتحنوا انفسكم فان كانت فيكم فاحمدوا الله عز وجل وارغبوا إليه فى الزيادة منها، فذكرها عشرة اليقين، و القناعة و الصبر


[ 48 ]

والشكر، و الحلم، و حسن الخلق، و السخاء، و الغيرة والشجاعه، و المروة حدثنا على بن احمد بن عمران رضى الله عنه عن عبد العظيم بن عبدالله الحسنى قال دخلت على سيدى على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر الصادق (ع) فلما أبصرني قال لى مرحبا بك يا ابا القاسم انت ولينا حقا فقلت يا بن رسول الله انى اريد ان اعرض عليك دينى فان كان مرضيا أثبت عليه حتى القى الله عزوجل، فقال هات يا ابا القاسم، فقلت انى اقول ان الله تبارك و تعالى واحد ليس كمثله خارج من الحدين حد التعطيل وحد الابطال وحد التشبيه، و انه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسم الاجسام ومصور الصور، و خالق الاعراض والجواهر، و رب كل شئ، و مالكه وجاعله و محدثه، و انه حكيم لا يفعل القبيح ولا يخل بالواجب، و ان محمدا عبده و رسوله خاتم النبيين فلا نبى بعده الى يوم القيامة وان شريعته خاتمة الشرائع لا شريعة


[ 49 ]

بعدها الى يوم القيامة و اقول إن الامام والخليفة و والى الامر بعده أمير المؤمنين على بن طالب ثم الحسن ثم الحسين ثم على بن الحسين ثم محمد بن على ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم على بن موسى ثم محمد بن على ثم انت يا مولاى (فقال ع) ومن بعدى، الحسن ابني و كيف الناس بالخلف من بعده، قال فقلت و كيف ذلك يا مولاى، قال (ع) لأنه لا يرى شخصه ويحل ذكره باسمه حتى بخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا قال فقلت أقررت، و أقول إن وليهم ولى الله وعدوهم عدوالله و طاعتهم طاعه الله، و معصيتهم معصية الله واقول إن المعراج حق والمساءلة فى القبر حق و ان الجنة حق، و النار حق، و الصراط حق والميزان حق و إن الساعة آتية لاريب فيها و إن الله يبعث من فى القبور و أقول إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الجهاد والأمر


[ 50 ]

بالمعروف و النهى عن المنكر و حقوق الوالدين فقلت هذا دينى و مذهبي و عقيدتي و يقيني قد اخبرتك به، على بن محمد (ع) يا ابا القاسم هذا و الله دين الله الذى والميزان حق و إن الساعة آتية لاريب فيها و إن الله يبعث من فى القبور و أقول إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و الجهاد والأمر


[ 50 ]

بالمعروف و النهى عن المنكر و حقوق الوالدين فقلت هذا دينى و مذهبي و عقيدتي و يقيني قد اخبرتك به، على بن محمد (ع) يا ابا القاسم هذا و الله دين الله الذى ارتضاه لعباده فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة حدثنا احمد بن الحسن القطان رحمه الله‌قال حدثنا محمد بن عمارة عن ابيه قال قال الصادق جعفر بن محمد (ع) ليس من شيعتنا من انكر اربعة اشياء المعراج، و المسالة فى القبر وخلق الجنة و النار و الشفاعة حدثنا محمد بن اسحاق الطالقاني رحمه الله قال حدثنا على بن الحسن بن على فضال عن ابيه عن ابى الحسن على بن موسى الرضا عليهم السلام انه قال من كذب بالمعراج فقد كذب رسول الله (ص) حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري رضى الله عنه، قال حدثنا على بن بن قتبية عن الفضل بن شاذان قال قال على موسى الرضا (ع): من أقر بتوحيد الله و نفى التشبيه ونزهه عما


[ 51 ]

لا يليق به، و اقر بأن له الحول و القوة و الارادة والمشية والخلق والامر والقضاء و القدر و أن افعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، و شهد أن محمدا رسول الله و أن عليا والائمة بعده حجج الله و والى اولياءهم و اجتنب الكبائر، واقر بالرجعة والمتعتين و آمن بالمعراج و المساءله فى القبر والحوض والشفاعة وخلق الجنة و النار و الصراط و الميزان و البعث و النشور و الجزاء و الحساب فهو مؤمن حقا، و هو من شيعتنا اهل البيت.

اترك تعليقاً