المسترشد – محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي

المسترشد

محمد بن جرير الطبري (الشيعي)


[ 1 ]

المسترشد في امامة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام تأليف العلامة الحافظ محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي المتوفى اوائل القرن الرابع الهجري تحقيق الشيخ احمد المحمودي


[ 2 ]

الناشر مؤسسة الثقافة الاسلامية لكوشانبور صف الحروف: قسم الكمپيوتر لمؤسسة كلمة الله للتحقيق الفيلم والالواح الحساسة: مؤسسة الواصف – قم المطبعة: سلمان الفارسي – قم الطبعة الاولى – المحققة


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم كلمة المؤسسة: تعتز مؤسسة الثقافة الاسلامية لكوشانبور، أن تقوم لتقديم كتاب هو من أقدم الكتب التي ألفت حول إمامة أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب عليه السلام، ألا وهو: ” المسترشد في الامامة ” للحافظ الكبير أبو جعفر محمد بن جرير ابن رستم الطبري (الامامي) من أعلام القرن الثالث والرابع، وإنه لسفر عميق وتحقيق رشيق، وبديع في موضوعه، قام بتحقيق هذا الكتاب العالم التقي فضيلة الاستاذ الحاج الشيخ أحمد المحمودي سلمه الله ووفقه، فزينه بالهوامش القيمة والتعاليق الثمينة وأخرجه بحلة تناسب أذواق أهل العصر، فلله أجره وعليه دره، فنرجو من المولى عزوجل أن يوفق المحقق دام علاه، وأن يوفقنا ويجعل علمنا من مصاديق كلام الامام الباقر عليه السلام إذ يقول ” رحم الله عبدا أحيا أمرنا ” (الكافي ج 2 ص 176) إن شاء الله. مؤسسة الثقافة الاسلامية لكوشانبور طهران ” 1415 ه‍ “


[ 4 ]

ألهداء: إلى صاحب اللواء والولاية العظمى، إلى باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى محطم الاصنام ومبيدها إلى من أمر بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، إلى من أقام الصلاة وآتى الزكاة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، ونهى النفس عن الهوى إلى من جاهد في سبيل الله حق جهاده ولم يخف لومة لائم، إلى من عبد الله حتى أتاه اليقين، وقال: فزت ورب الكعبة، وهو وليد الكعبة، أقدم جهدي المتواضع رجاء القبول، سيدي يا أمير المؤمنين، عبدك الراجي أحمد المحمودي.


[ 5 ]

الحمد لله الذي من علينا بجلائل نعمائه، وفواضل كرمه وآلائه وأرشدنا إلى دينه برسله وأنبيائه، وأكمل لنا ديننا، وأتم علينا نعمه بولاية أوليائه ثم الصلاة والسلام على سيد رسله وخاتم النبيين محمد بن عبد الله، وعلى آله المعصومين، وأصحابه المنتجبين المخلصين واللعن على ظالميهم وباغضيهم إلى يوم الدين. وبعد فقد إطلعت على هذا الكتاب للمرة الاولى أيام الدراسة حيث كنت ملتجأ إلى باب مدينة العلم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (النجف الاشرف) معتكفا لتحصيل العلم، مستلهما من سدته الشريفة، فوجدته كتابا فائقا شيقا رائقا، ولما أجبرنا على مغادرة العراق وحططنا رحالنا في مدينة العلم بقم المقدسة وإتخذناها مسكنا بجوار السيدة الجليلة فاطمة بنت الامام الكاظم عليه السلام، عمدنا إلى متابعة الجهود العلمية والدراسية، وهنا كانت إشارة سماحة شيخنا العم بالسعي في إحياء هذا الكتاب بالتحقيق والتخريج، فكانت عودتي إليه بالمطالعة الدقيقة فوجدته كنزا حاويا على مضامين عالية وترتيب علمي دقيق ومنهجية


[ 6 ]

واضحة، إلا أن نسخته المطبوعة كانت مشحونة بالتصحيفات والاخطاء المطبعية الفضيعة والكثيرة، مضافا إلى عدم إخراجه ولا تنقيطه بما يليق وشأنه العلمي والتراثي. فصممت على تحقيقه وإخراجه بحلة تناسب وأذواق أهل العصر، معتمدا على الله، فقمت باستنساخه بعد مقابلته بالنسخ التي توفرت لدى والتي سأتحدث عن مواصفاتها، كما قمت بضبط أسماء الاعلام المذكورة فيه وخرجت ما أمكنني تخريجه من أحاديثه وآثاره المنقولة فيه. وكاد عملي يشرف على الكمال إلا أن الاحداث التي حصلت على البلاد الاسلامية، وعلى الجوزة العلمية في قم خاصة، عاقت عن ذلك، حتى من الله على البلاد والعباد بانتصار الثورة الاسلامية المباركة بقيادة زعيمها المظفر، سماحة المرجع الاعظم آية الله العظمى الامام السيد روح الله الموسوي الخميني قدس الله سره الشريف، وإقتضت الضرورات الملحة إشتغالي ببعض المسؤوليات وتولي بعض المهام الادارية والتبليغية والثقافية، وخاصة إبان الحرب الظالمة المفروضة على بلاد الاسلام والامة الاسلامية، فكان ذلك من أسباب تأخر صدور هذا الكتاب وإنجازه بشكل نهائي، وبعد إستقرار الاوضاع عدت لى ما كنت أنجزته وأضفت عليه وأكملته، فكان بهذا الشكل الذي أقدم له وأقدمه إلى العلماء، معترفا بأن


[ 7 ]

ما أقدمه إنما هو مبلغ جهدي وليس ما هو اللازم عمله في مثل هذا الكتاب العظيم، إلا أني لم أدخر ما في وسعي، ولم أقصر حسب إمكاناتي المتواضعة، وقد حاولت بعد عملي في تحقيق النص، وتخريج النصوص من مصادرها ومظانها، أجمع ما قيل حول المؤلف من كلمات الاعلام، كما جمعت ما قيل حول مؤلفاته، أما عن هذا الكتاب فقد تحدثت عن نسخه وما قمت فيه من أعمال كما سيأتي إن شاء الله. وأنا شاكر لله على توفيقي لمثل هذا العمل الذي أرجو أن يدخره لي في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى بقلب سليم. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله هو نعم المولى ونعم النصير وهو ولي التوفيق.


[ 8 ]

التمهيد: – دور العلم، والعلماء، وعظمتهم – المؤلف: ترجمته: – وكلمات العلماء في حقه: – تآليفه، وآثاره: – الاطراء له:


[ 9 ]

تمهيد: للعلم شأن عظيم، ودور كبير في حياة المجتمع الانساني، وقد اهتم به العقل والقرآن (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) (1). وجعل لمن أوتى العلم درجات، (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتو العلم درجات) (2)، والعلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء، وطلبه فريضة على كل مسلم، والله يحب بغاة العلم (3). والعلماء، هم الامناء الذين يتفقهون في الدين وينذرون قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (4)، ولكثير من علمائنا الاعلام، وفقهائنا العظام رحمهم الله تعالى درجات رفيعة ومقامات منيعة، وكرامات ومكارم عالية، ومع ذلك كله بقيت شخصياتهم متروكة في زوايا النسيان، وخبايا الفقدان، وإنه من هوان الدهر ! ولذلك وقع جمع كثير من المؤلفين والمصنفين من علمائنا موقع


(1) – سورة الزمر، الآية: 9. (2) – سورة المجادلة، الآية: 11. (3) – كتاب الكافي ج 1، ص 30، ط طهران باب فضل العلم، ح 1 ج 1، ص 5. (4) – الكافي ج 1، ص 31، ح 6، اقتباسا من أية النفر. [ * ]

[ 10 ]

طعن المخالفين، ومحل توقف الموافقين والمؤالفين. فكم من عالم فقيه أتعب نفسه للصلاح والاصلاح فرمي بسهم الكذب والتكذيب، وهو صالح صادق، وكم عادل موثق بذل جهده للسداد والتعديل، فأصيب بالجرح والتضعيف، وهو فائق، وكم من مؤلف مصنف لم يبق منه أثر التأليف والتصنيف وكم له من نظير ! لا أدري أمن قلة عناية المتأخرين بشأن المتقدمين ؟ أم من شأن الزمان وقلم التقدير ؟ !. فمن أولئك المصنفين الافذاذ، أبو جعفر، محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي الآملي، (1) مؤلف كتاب ” المسترشد ” في إمامة مولانا


(1) – قال أبو سعد، عبد الكريم بن محمد السمعاني، المتوفى (562 ه‍) في كتاب الانساب، ج 4، ص 45، ط بيروت: الطبري: بفتح الطاء المهملة، والباء الموحدة، بعدها راء مهملة. هذه بالنسبة إلى ” طبرستان ” وهي: آمل وولايتها. سمعت القاضي أبا بكر الانصاري ببغداد: إنما هي تبرستان لان أهلها يحاربون بالتبر يعني ” الفاس ” فعرب، وقيل ” طبرستان، والنسبة، إليها طبري. وخرج من آمل جماعة كثيرة من العلماء والفقهاء والمحدثين. منهم… أبو بكر الخوارزمي: طبري الاب، من طبرستان آمل، خوارزمي الام، فنسب إلى البلدتين جميعا، وهو يذكر ذلك في ” رسالة ” وليس من طبرية الشام، غير أنه أقام بالشام مدة: بحلب ونواحيها. وأبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، من ساكنى بغداد، استوطنها إلى حين وفاته… أقول: لقد تعرض السمعاني ترجمة الطبري العامي مفصلا ولم يتعرض للطبري الامامي أبدا. وليس هذا أول قارورة كسرت في الاسلام. وقال ياقوت بن عبد الله الحموي البغدادي المتوفى (626 ه‍)، في كتابه معجم البلدان ج 1 ط بيروت ص 57: [ * ]

[ 11 ]

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. فلم يسلم هذا المؤلف المنيف والمصنف الشريف من تبعات الزمان وطوارق الحدثان، فأصبحت شخصيته بين ذين وذين، وكيت وكيت ! فلنطلع على واقع هذا العالم الجليل وتحقيق شخصيته الفذة هلم معي إلى ما قال المترجمون في الرجال، من الخاصة والعامة، ومن القدماء والمتأخرين في حقه.


= آمل: بضم الميم واللام: اسم أكبر مدينة بطبرستان في الاقليم الرابع، وطولها سبع وسبعون درجة وثلث وعرضها سبع وثلاثون درجة ونصف وربع. وبين آمل وسارية ثمانية عشر فرسخا، وبين آمل وسالوس، وهي من جهة الجيلان، عشرون فرسخا، وقد ذكرنا خبر فتحها بطبرستان. [ * ]

[ 12 ]

المؤلف: 1 – قال الشيخ الثقة الثبت الجليل، النقاد البصير، أبو العباس أحمد بن علي النجاشي المتوفي (450) في كتابه المعروف بالفهرست في الرجال، ط / بيروت، ج 2، ص 289، هو: أبو جعفر، محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، إنه جليل من أصحابنا، كثير العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، له كتاب، ” المسترشد ” في الامامة. قال: أخبرنا به أحمد بن علي بن نوح، عن الحسن بن حمزة الطبري، قال: حدثنا محمد بن جرير بن رستم بهذا الكتاب وبسائر كتبه. 2 – وقال شيخ الطائفة، أبو جعفر الطوسي رحمه الله المتوفي (460) في كتابه الفهرست، ط النجف، ص 178، الرقم (654) هو: أبو جعفر الآملي الطبري الشيعي، له كتب، منها: ” المسترشد ” في الامامة. وقال ايضا: محمد بن جرير الطبري الكبير، يكنى أبا جعفر، دين فاضل، وليس هو صاحب التاريخ فإنه عامي المذهب. وله كتب جمة، منها: ” المسترشد “.


[ 13 ]

وقال أيضا في كتاب الرجال ط / النجف ص 514 في باب من لم يرو عن الائمة عليهم السلام: محمد بن جرير بن رستم الطبري، وليس بصاحب التاريخ. [ وقال ]: أما إبن جرير السني صاحب التاريخ، فهو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، المولود بآمل سنة (224) والمتوفى سنة (310 ه‍) وله سبع وثمانون سنة. 3 – وقال عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي المتوفى (566 ه‍) في شرح نهج البلاغة، ج 2، ص 36، ط / مصر، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم: وأما الاخبار التي رواها عن عمر، فأخبار غريبة، ما رأيناها في الكتب المدونة، وما وقفنا عليها إلا من كتاب المرتضى وكتاب آخر يعرف بكتاب ” المسترشد “، لمحمد بن جرير الطبري، وليس هو محمد بن جرير صاحب التاريخ، بل هو من رجال الشيعة وأظن أن أمه من بني جرير، من مدينة آمل طبرستان، وبنو جرير الآمليون شيعة مستهترون بالتشيع، فنسب إلى أخواله على ذلك شعر مروي له وهو: بآمل مولدي وبنو جرير * فأخوالي ويحكي المرء خاله فمن يك رافضيا عن أبيه * فإني رافضي عن كلاله 4 – وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى (748) في كتاب سير أعلام النبلاء، ج 14، ص 282، ط بيروت الرقم، 176:


[ 14 ]

أبو جعفر الطبري، قال عبد العزيز الكتاني: هو من الروافض صنف كتبا كثيرة في ضلالتهم، له كتاب: الرواة عن أهل البيت وكتاب ” المسترشد ” في الامامة “. [ قال ]: نقلته من خط الصائن. وقربيا منه أورده في ميزان الاعتدال ج 3، ص 449، ط بيروت قال: محمد بن جرير بن رستم، أبو جعفر الطبري، رافضي. 5 – وقال العلامة تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلي المتوفي (707) في كتاب الرجال ط النجف، ص 167 في باب الثقات، الرقم 1330: محمد بن جرير، بالجيم والراء المهملتين، إبن رستم الطبري الآملي أبو جعفر، لم [ جخ، ست، جش ] جليل من أصحابنا كثير العلم حسن الكلام، ثقة في الحديث، صاحب كتاب ” المسترشد ” في الامامة، رحمه الله وهو غير صاحب التاريخ، ذاك عامي. 6 – وقال سيد الاعيان (1) السيد محسن الامين رحمه الله المتوفي (1371 ه‍)


(1) – لا يخفى أن للعلماء دور كبير في تصعيد المستوى العلمي في المجالات الفكرية والقيم الاخلاقية، وتحقيق الثقافة المتميزة بالاصول العلمية المدونة في الموسوعات الفقهية والاصولية والتفسيرية والرجالية كالمقنعة للشيخ المفيد، والانتصار للسيد المرتضى، والتبيان والنهاية للشيخ الطوسي، ومجمع البيان للطبرسي، والمختلف والمستند للحلي والنراقي، واللمعة الدمشقية وشرحها للشهيدين والرسائل والمكاسب للشيخ الانصاري، وأعيان الشيعة للسيد الامين، والذريعة للشيخ الطهراني، والغدير للشيخ الاميني، والبحار للعلامة المجلسي رحمهم الله والوسائل ومستدركه والجواهر، والحدائق، كما كانت تلمع الكتب الحديثية الاربعة بعد كتاب الله العزيز، ونهج البلاغة، والصحيفة السجادية. [ * ]

[ 15 ]

في كتاب أعيان الشيعة ج 9، ط بيروت، ص 199: أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم بن جرير الطبري الآملي المعروف باسم أبي جعفر بن جرير الآملي الطبري رجلان من كبار العلماء أحدهما: محمد بن جرير بن يزيد المولود في آمل طبرستان، والساكن في بغداد المفسر المحدث الفقيه المؤرخ من أئمة أهل السنة المجتهدين، وصاحب التفسير والتاريخ المشهورين، وصاحب كتاب الغدير في مجلدين كيبرين، توفي أوائل شوال سنة (310 ه‍) في بغداد عن أربع وثمانين سنة. والثاني، محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من أكابر علماء الامامية في المأة الرابعة، ومن أجل الاصحاب، ثقة جليل القدر، وقد يشتبه أحدهما بالآخر. ومن المواضع التي وقع فيها الاشتباه والاختلاف في أبي بكر الخوارزمي محمد بن العباس إبن أخت محمد بن جرير الطبري الذي يقال له: الطبر خزي نسبة إلى طبرية خوارزم، فقيل: إن خاله الطبري الاول، وجماعة آخرون قالوا: إن خاله الطبري الثاني الامامي وهو الاصح بدليل قول أبي بكر المذكور: بآمل مولدي وبنو جرير * فأخوالي ويحكي المرء خاله ومن يك رافضيا عن تراث * فإني رافضي عن كلاله ولمحمد بن جرير بن رستم الامامي من المؤلفات: 1 – الايضاح.


[ 16 ]

2 – ” المسترشد ” في الامامة. 3 – دلائل الامامة الواضحة، روى فيه في أحوال الزهراء، بإسناده إلى إبن مسعود، أنه قال: جاء رجل إلى فاطمة فقال: يا بنت رسول الله هل ترك رسول الله عندك شيئا تطوقينيه ؟ فقالت: يا جارية هات تلك الجريدة فطلبتها فلم تجدها فقالت: ويحك أطلبيها فإنها تعدل عندي حسنا وحسينا فطلبتها فإذا هي قد قممتها فإذا فيها: قال محمد النبي صلى الله عليه وآله: ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن باليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت، إن الله يحب الخير الحليم المتعفف، ويبغض الفاحش البذاء السائل الملحف، إن الحياء من الايمان والايمان في الجنة، وإن الفحش من البذاء والبذاء في النار (1). 4 – كتاب مناقب فاطمة وولدها. 5 – كتاب النور المعجزات في مناقب الائمة الاثني عشر وهو أخصر من الدلائل. 6 – كتاب الرواة عن أهل البيت عليهم السلام، كما في ميزان الاعتدال. أقول: إنتهى كلام السيد الامين. 7 – وقال العلامة المتتبع الميرزا محمد باقر الخوانساري الاصبهاني المتوفى (1314 ه‍) في كتابه روضات الجنات في أحوال


(1) – أنظر دلائل الامامة ط النجف ص 1. وذكر أيضا ابن حبان في صحيحه، كما في الاحسان، ج 2، ص 259. ورواه المنذري في ” الترغيب والترهيب ” ج 1 ص 584. [ * ]

[ 17 ]

العلماء والسادات ج 7، ص 293، ط طهران بعد ذكر الطبري العامي: وفي كتاب مقامع الفضل لولد سمينا المروج البهبهاني، في جواب، من سأله عن المراد بمحمد بن جرير الطبري المتكرر ذكره في كتب أصحابنا ما يكون صورته: محمد بن جرير الطبري رجلان، أحدهما ابن جرير بن غالب الطبري الذي هو شافعي المذهب، ومدحه النووي الشافعي في كتاب تهذيب الاسماء، وهو صاحب التاريخ والتفسير المشهورين، والآخر محمد بن جرير بن رستم الطبري صاحب كتاب ” المسترشد ” وكتاب الايضاح، ولا شبهة في كونه من الشيعة، وهو الذي قال ابن اخته أبو بكر محمد بن عباس الخوارزمي: بآمل مولدي وبنو جرير * فأخوالي ويحكي المرء خاله فهاأنا رافضي عن تراث * وغيري رافضي عن كلاله وقد إشتبه الامر على صاحب ” معجم البلدان ” حيث كذب الخوارزمي فيما نسبه إلى خاله، تم كلامه (1). قال: والظاهر أن الاشتباه من صاحب ” المعجم ” إنما هو من جهة زعمه الخوارزمي، المذكور، ابن خت طبريهم المؤرخ المشهور.


(1) – أي كلام صاحب مقامع الفضل. [ * ]

[ 18 ]

وإن ذكره إبن خلكان أيضا لمنافاة هذا الكلام منه مع ما ذكره من تاريخ وفاة الخوارزمي، وعليه فلا إشتباه في تكذيب من خال الرجل خاله، ثم كذب من نسب إليه الرفض وأحاله، وحق فيما ذكره صاحب ” المقامع ” من كونه إبن أخت طبرينا المحدث الامامي لانه متأخر عن سميه الاول بما يوافق خالية الثاني، فليتأمل ولا يغفل. أقول: ثم أطنب العلامة الخوانساري الكلام بما يناسب المقام، دون إعطاء رأيه لحل الاشكال فأعرضنا عن نقل ما أورده، ونحيل القارئ المتتبع إلى مصدر المذكور. 8 – وقال سيدنا الاستاذ فقيه العصر، السيد الخوئي دام ظله في كتابه ” معجم رجال الحديث “، ج 15، ص 164، ط النجف، وص 148 ط بيروت، بعد ذكر قول النجاشي والشيخ رحمه الله: أقول: محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، أبو جعفر، له كتاب ” دلائل الامامة “، أو دلائل الائمة، روى عن هذا الكتاب السيد علي بن طاووس المتوفى سنة (664)، روى عنه السيد هاشم التوبلي المتوفى سنة (1107) في كتاب مدينة المعاجز، فقال في أول الكتاب عند ذكر مصادره: كتاب ” الامامة ” للشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، كثير العلم، حسن الكلام، وذكر أن كلما ينقل في كتابه مدينة المعاجز، عن محمد بن جرير الطبري فهو من كتاب ” دلائل الامامة ” له. ثم أن محمد بن جرير، هذا مغاير لمحمد بن جرير المتقدم جزما، فإن ذلك روى كتابه الحسن بن جمزة الطبري الذي هو من مشايخ


[ 19 ]

الصدوق والمتوفى سنة (358)، وهذا معاصر للنجشي والشيخ قدس سرهما، فإنه روى في كتابه ” دلائل الامامة ” وقال: نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين بن عبيدالله الغضائري، وفي كتابه قرائن كثيرة، وروايات عن مشايخ النجاشي والشيخ ومن في طبقتهم. ولقد إستوفى الشيخ المتتبع الماهر الشيخ آقا بزرك الطهراني عافاه الله تعالى في كتابه ” الذريعة ” الجزء 8، ص 241، الكلام على ذلك، فلا حاجة إلى التطويل في المقام هذا. أقول: إنتهى كلام السيد الخوئي دام ظله، فلنقم بذكر كلام الشيخ الطهراني مع طوله فإن فيه أمل الناقدين، وضالة الفاقدين: 9 – قال العلامة الرازي الشيخ آغا بزرك الطهراني رحمه الله (1) في ” نوابغ الرواة ” من طبقات أعلام الشيعة في القرن الرابع، ط بيروت ص 250، وقد أطال فيه الكلام، وأنا أنقل جميع ما ذكره ليكون القارئ على كمال التبصر في المؤلف والمترجم له، وإليك النص:


(1) – توفي العلامة الطهراني رحمه الله يوم الثالث عشر من ذي الحجة لسنة ألف وثلاثمأة وتسعة وثمانين عن عمر يناهز ستة وتسعين، في النجف الاشرف، ودفن في مكتبته العامرة الواقعة في محلة الجديدة، وكان رحمه الله كثير القراءة والكتابة، وكنا نذهب إلى بيته في بعض ليالي الجمعة لنشارك في المجلس الذي يقام لذكر مصائب سيد الشهداء عليه السلام، ولاول مرة تشرفت بزيارته كنت بصحبة صهره المرحوم الحاج الشيخ حسين الطهراني الذي كنت نازلا في غرفته بدء ورودي في مدرسة القزوينية عام ألف وثلاثمأة وواحد وثمانين للهجرة، ثم كنت أذهب إليه أيضا بصحبة عمي الشيخ محمد باقر وهو أيضا كان يجلس معه للقراءة والمقابلة. [ * ]

[ 20 ]

محمد بن جرير بن رستم، أبو جعفر الطبري، صاحب كتاب ” غريب القرآن ” كما ذكره إبن النديم عند ذكره للكتب المؤلفة في غريب القرآن ص 52 معبرا عنه بأبي جعفر إبن رستم الطبري. وحكى عنه في أول المقالة الثانية، ص 59 أن أبا الاسود أخذ النحو عن علي (عليه السلام) أيضا بعنوان: قال أبو جعفر بن رستم الطبري: [ قال الرازي: ] أقول: وهو الآملي الامامي صاحب كتاب ” المسترشد ” في الامامة الذي يرويه عنه الشريف الحسن بن حمزة الطبري المرعشي المتوفى (358). وقد ترجم في النجاشي والفهرست مصرحا في الاخير بأنه الكبير، وكأنه إحتراز عن أبي جعفر بن محمد بن جرير الطبري الصغير المتأخر عن الكبير والمعاصر للنجاشي والطوسي، والراوي عن جملة من مشايخهما كما يظهر من أسانيد كتابه ” دلائل الامامة ” وصاحب الترجمة كبير ومتقدم على النجاشي والطوسي بطبقتين فإنه يروي النجاشي ” المسترشد ” عنه بواسطتين فيرويه عن شيخه أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن نوح عن الشريف أبي محمد الحسن بن حمزة الطبري المرعشي المتوفى (358) عن مؤلف ” المسترشد ” وبما أن النجاشي يروي بعدة طرق عن الكليني المتوفى (329) بواسطتين يظهر أن مؤلف ” المسترشد ” كان متعاصرا مع الكليني تقريبا، ولم يكن ممن أدرك أحد الائمة ظاهرا، فإنه لو كان مدركا لكان النجاشي والطوسي يذكران ذلك كما هو ديدنهم، وعلى هذا فالمترجم له غير ابن جرير الذي خاطبه العسكري ثلاث مرات ضمن قصة المعجزات التسع الواردة في


[ 21 ]

” مدينة المعجزات ” (1) إذ يستبعد بقاء من خاطبه العسكري المتوفي (260) إلى عصر الكليني فمخاطب العسكري سمي آخر لمؤلف ” المسترشد “. وأيضا مؤلف ” المسترشد ” معاصر لحسين بن روح المتوفي (326) لانه يروي عنه من أدرك حسين بن روح، وهو: أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني الذي هو من مشايخ الصدوق، وقد روى عنه في إكمال الدين – ص 278، أنه قال: كنت عند أبي القاسم الحسين بن روح مع جماعة ومنهم علي بن عيسى القصري الخ. والطالقاني هذا روى عن أبي جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب ” المسترشد ” الحديث الموجود في نسخة ” المسترشد ” (2). والصدوق روى هذا الحديث بعينه عن محمد بن إبراهيم الطالقاني عن محمد بن جرير الطبري في الابواب الثلاثة من كتاب ” الخصال “. (3) وروى عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن جرير الطبري في المجلس الخامس من الامالي في كيفية ورود فاطمة عليها السلام إلى المحشر، وهو في هذا السند، يروى عن أبي محمد الحسن بن عبد الواحد الخزاز، عن إسماعيل بن علي السندي، وفي مجلس 63 من ” الامالي ” أيضا محمد بن إبراهيم عن محمد بن جرير عن الحسن بن محمد، عن محمد بن


(1) – راجع طبقات أعلام الشيعة، ج نوابغ الرواة في رابعة المآت، ص 7. (2) – أنظر ص 373 من هذا الكتاب، وص 100 من كتاب الخصال للصدوق، في باب الثلاثة، رقم الحديث: 64. (3) – أنظر كتاب الخصال ص 100 باب ثلاثة ط النجف الاشرف. [ * ]

[ 22 ]

عبد الرحمن المخزومي. ورواية أخرى محمد بن جرير عن الحسن بن محمد، عن الحسن بن يحيى الدهان. وقال نفسه في ” المسترشد “: حدثنا أحمد بن مهدي. وأيضا قال: أخبرني الحسن بن الحسين العرني. وبالجملة فصاحب الترجمة هو: محمد بن جرير الكبير في طبقة سميه العامي المتوفى 310، وهؤلاء مشايخه، ومنهم أيضا أحمد بن رشيد كما في مجلس 47 من ” الامالي “. وأما محمد بن جرير المتأخر فهو يروي في كتابه ” الامامة ” عن القاضي أبي الفرج المعافا النهرواني الذي كان أوحد عصره في مذهب أبي جعفر محمد بن جرير العامي في 377، كما ذكره إبن النديم. والمعافا يروي عن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الثلج توفي 325، وهو من أصحاب أبي جعفر محمد بن جرير العامي كما صرح به ابن النديم. فإبن جرير المتأخر المعاصر للنجاشي يروي عن سميه العامي بواسطتين، كما روى النجاشي ” المسترشد ” لابن جرير الكبير الامامي عنه بواسطتين أيضا. وأما نسبة إبن النديم ” المسترشد ” إلى إبن جرير العامي، فهي إما من اشتباه اسم المؤلف أو أن ” المسترشد ” للعامي كتاب آخر مشارك مع الموجود في الاسم. لان العامي لا يمكنه أن يفوه بصفحة من صفحات


[ 23 ]

هذا الكتاب، كما أن ابن طاووس في كتاب ” اليقين “، والطرف (1)، روى عن ” مناقب أهل البيت ” عدة أحاديث وجزم بأنه لابن جرير العامي، مع أن تاريخه وتفسيره يشهدان بأنه ممن لا يجوز رواية أمثال ذلك فكيف بأن يصنف فيه، بل الظاهر أن ” مناقب أهل البيت ” لصاحب الترجمة. وهو مرتب على الحروف في أسماء من روى إبن جرير عنهم، ففي باب الياء ذكر روايته عن يوسف بن علي البلخي، كما ذكره ابن طاووس في ” الطرف ” و ” المناقب ” هذا غير ” مناقب فاطمة ” عليها السلام الذي ينقل عنه السيد هاشم في ” مدينة المعجزات ” فإنه لمحمد بن جرير الصغير المتأخر عن هذا الكبير والمعاصر للطوسي والنجاشي والمشارك معهما في جملة من المشايخ، كما ذكرته في المأة الخامسة. ومن جهة أخرى، أن صاحب الترجمة معاصر لابي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري العامي صاحب ” التاريخ ” و ” التفسير ” الذي ترجمه ابن النديم مفصلا، وذكر أنه ولد (224) ومات (310). وعليه فيمكن أن يقال إن صاحب الترجمة أبا جعفر محمد بن جرير الطبري الكبير، هو الذي أدرك أبا محمد الحسن العسكري (عليه السلام) المتوفى (260) بسامراء، ورأى منه تسع معجزات، وعبر عنه (عليه السلام) بالحسن بن علي السراج، وفي ثلاث مرات خاطبه (عليه السلام) بقوله: يا إبن جرير، ورأى خطه (عليه السلام) بهلاك زبير بن جعفر بعد ثلاثة أيام. وروى عن علي بن محمد بن زياد الصيمري من أصحاب الهادي (عليه السلام).


(1) – كذا في المصدر، والصحيح، الطرائف. [ * ]

[ 24 ]

وقد حكى هذه المعاجز والروايات أبو جعفر محمد بن جرير المتأخر الصغير عنه في كتابه ” دلائل الامامة “، بعنوان: قال محمد بن جرير الطبري: رأيت الحسن بن علي السراج (عليه السلام) وحكاها عن كتاب ” الامامة ” في ” مدينة المعجزات ” (1) كما ذكرت. 10 – وقال الميرزا محمد علي التبريزي المعروف بالمدرس في كتابه ريحانة الادب ج 4، ص 43، وهو بالفارسية، ما ملخصها: ابن جرير الشيعي: هو محمد بن جرير بن رستم بن جرير الطبري الآملي مكنى بأبي جعفر وهذا الرجل الفاضل من أجلة ثقات علمائنا الامامية، ومسلم الوثاقة والجلالة وحسن الكلام كثير العلم، ومصرح عند أهل الرجال أنه من أعلام أواخر القرن الثالث، أو هو ممن أدرك أوائل القرن الرابع وعلى أي حال هو من المعاصرين لابن جرير الطبري العامي المذكور. ومن جهة التمييز عن محمد بن رستم الآخر الذي هو أيضا موصوف بالطبري الآملي الامامي، ومن أعلام أواسط القرن الخامس، ومعاصر للنجاشي المتوفى سنة (450)، والشيخ الطوسي المتوفى (460) الهجرية ويصفه الشيخ الطوسي في فهرسته صاحب هذا الترجمة بالكبير. ومن تأليف هذا الطبري الكبير الامامي:


(1) – مدينة المعاجز، ص 204. [ * ]

[ 25 ]

1 – الآداب الحميدة، الذي ينقل عنه القاضي التنوخي (1)، كما قال صاحب الذريعة (2) والذي نسب هذا الكتاب في كشف الظنون إلى ابن جرير الطبري العامي فهو إشتباه، 2 – الايضاح في الامامة، 3 – ودلائل الامامة، 4 – و ” المسترشد ” في الامامة (وهو هذا الكتاب الذي بين يديك). قال المدرس: ولم نعثر على عام وفاته. 11 – وقال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 5، ص 103 ط بيروت: محمد بن جرير بن رستم أبو جعفر الطبري، رافضي، له تواليف منها: كتاب الرواة عن أهل البيت، رماه بالرفض عبد العزيز الكتاني إنتهى، [ قال ]: وقد ذكره أبو الحسن ابن بابويه في تاريخ الري بعد ترجمة محمد بن جرير الامام فقال: هو الآملي قدم الري وكان من جملة المتكلمين على مذهب المعتزلة وله مصنفات، وروى عنه الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة الرعيني، وروى عن أبي عثمان المزني وجماعة، وروى أبو الفرج الاصفهاني في أول ترجمة إبن الاسود من كتابه، وذكر شيخنا في الذيل بما تقدم أولا وكأنه سقط من نسخته أراد الآتي بعد لعل السليماني إلى


(1) – الفرج بعد الشدة، ط القاهرة، ص 23. (2) – الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 1، ص 18، بعنوان الاداب الحميدة الرقم 83، وكتاب مفاتيح الغيب ص 68، للعلامة المجلسي رحمه الله. [ * ]

[ 26 ]

آخره وكأنه لم يعلم بأن في الرافضة من شاركة في اسمه واسم أبيه ونسبه وأنما بفترقان في إسم الجد، ولعل ما حكى عن محمد بن جرير الطبري من الاكتفاء في الوضوء بمسح الرجلين إنما هو الرافضي فإنه مذهبهم. 12 – وقال الاستاذ عمر رضا كحالة في الجزء التاسع من كتاب معجم المؤلفين، ط بيروت، ص 164، تحت عنوان، محمد الطبري المولود (226) المتوفى (310 ه‍) الموافق (841) – (923 م): محمد بن جرير بن رستم بن جرير الطبري الآملي ” أبو جعفر ” من علماء الامامية، توفي ببغداد في أوائل شوال، من آثاره ” المسترشد ” في الامامة، ودلائل الامامة الواضحة، ومناقب فاطمة وولدها، ونور المعجزات في مناقب الائمة الاثنا عشر، والرواة عن أهل البيت عليهم السلام كما في ميزان لاعتدال (1). 13 – وقال الحافظ الشهير محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني المتوفى ژ (588) في معالم العلماء الذي يعتبر تتمة كتاب الفهرست للشيخ الطوسي رحمه الله واختص بأسماء المصنفين من الشيعة وكبتهم ط النجف ص 106، تحت الرقم 716: أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الكبير، دين فاضل وليس


(1) – قال خير الدين الزركلي في الاعلام ج 6، ص 69، في ترجمة الطبري العامي….: من كتبه ” المسترشد ” في علوم الدين، وجزء في الاعتقاد -.. والظاهر غير هذا المسترشد، والله العالم. [ * ]

[ 27 ]

هو صاحب التاريخ من كتبه: ” المسترشد ” في إثبات الامامة، الفاضح (1). 14 – وجاء في تعليقة الامالي للشيخ المفيد رحمه الله، ص 19 ط طهران، هكذا في الحديث الثامن عند ذكر محمد بن جرير: الظاهر كونه محمد بن جرير بن يزيد الطبري أبو جعفر صاحب التفسير والتاريخ، لا ابن جرير بن رستم أبا جعفر الطبري الآملي الامامي صاحب كتابي ” غريب القرآن، و ” المسترشد ” بقرينة رواية أبو الحسين بن المظفر (2). 15 – وقال العلامة المحقق المعاصر الشيخ محمد تقي التستري في كتابه الاخبار الدخيلة، ط طهران ج 1، ص 43، حول تحقيق الكتاب المعروف بدلائل الطبري: وأما تحقيق الكتاب المعروف بدلائل الطبري فالذي يغلب على الظن أن الكتاب كان في تاريخ المعصومين عليهم السلام لانه في بيان أحوالهم من مولدهم ومدفنهم وأولادهم وباقي أحوالهم ومعجزاتهم وإسمه غير معلوم وإنما يصح أن يسمى بالدلائل إذا كان في خصوص المعجزات فعبر العيون (3) عن باب معجزات الرضا (عليه السلام) بباب الدلائل الرضا (عليه السلام). والذي وصل إلينا وطبع نسخة ناقصة من أحوال الصديقة عليها السلام،


(1) – كذا في كثير من النسخ، ولعل الصواب، الواضحة، كما تقدم. (2) – أنظر ترجمة أبو الحسين بن المظفر في تاريخ بغداد ج 3 ص 262. (3) – عيون أخبار الرضا عليه السلام. [ * ]

[ 28 ]

وقد كان بتمامه عند ابن طاووس، ونقل عنه في نجومه معجزة من أمير المؤمنين (عليه السلام) ما في ص 102 (1) ومؤلفه من معاصري الشيخ والنجاشي ففي المطبوع ص 300: ” نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين الغضائري “. والغضائري كان شيخهما. واكثر فيه من الرواية عن ابن التلعكبري محمد بن هارون، وقد قال النجاشي في عنوان التعلكبري: كنت أحضر في داره مع إبنه، وأكثر أيضا فيه الرواية عن أبي المفضل محمد بن عبد الله الشيباني، وقد قال النجاشي: ” إني سمعت من الشيباني كثيرا – الخ “. وروى أيضا كما في ص 227، عن الحسين بن إبراهيم بابن الخياط ” وهو من مشايخ الشيخ كما صرح به العلامة في إجازته. وروى كما في ص 30، عن إبراهيم بن مخلد القاضي ” وهو من مشائخ النجاشي كما يظهر من ترجمة ” دعبل “، و ” محمد بن جرير الطبري ” فيه. وروى أيضا كما في ص 10، عن الحسن بن أحمد العلوي وهو أيضا من مشائخهما. وأكثر الرواية عن علي بن هبة الله عن الصدوق، وهو الذي يروي عنه عبد الرحمن النيسابوري القاري على القاضي من تلامذة الشيخ. وروى كم في ص 92، عن أخيه عن ابن البغدادي الذي ذكر مولده فيه في أربعمائة إلا خمسا.


(1) – من فرج المهموم الطبعة الاولي. [ * ]

[ 29 ]

وأما روايته في أول ما وصل إلينا من النسخة عن الجعابي – وهو شيخ شيخ ” المفيد ” فلا عبرة به بعد نقص النسخة، فالظاهر كونه مبتنيا على سند قبله – والكافي مشحون من ذلك – وبعد كثرة تصحيفها ومنها ما في ص 60. وحدثني أيضا عن محمد بن إسماعيل الحسني ثم بعده بفاصلة وحدثني محمد بن إسماعيل الحسني فإن الثاني محرف قطعا. وأين هذا المؤلف الذي كان معاصر الشيخ والنجاشي أو أدون منهما لما نقلنا من نقله عن خط الحسين الغضائري من محمد بن جرير بن رستم الطبري مصنف ” المسترشد ” الذي روى عنه الحسن بن حمزة المرعشي الذي هو من مشائخ المفيد وابن عبدون والحسين الغضائري ما قالوا فإن مصنف ” المسترشد ” أستاد أستاد أستاد الشيخ والنجاشي، وهذا معاصرهما أو أدون كما عرفت. وأيضا كيف يكون مؤلف هذا الكتاب محمد بن جرير، وقد روى عنه بالواسطة، ففيه كما في ص 256 وأخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى قال: حدثني محمد بن جرير الطبري – الخ. وكيف يكون هذا الذي معاصر الشيخ والنجاشي محمد بن جرير الذي هو من معاصري العسكري (عليه السلام) والراوي عنه، ففيه في الحديث الاول من معجزات العسكري (عليه السلام)، قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: حدثنا عبد الله بن محمد قال رأيت الحسن بن علي السراج يكلم الذئب – الخبر.


[ 30 ]

وفي الحديث الثاني قال أبو جعفر: رأيت الحسن بن علي عليهما السلام يمشي في أسواق سر من رأى ولا ظل له – الخبر. وفي الثالث، قال أبو جعفر: قلت للحسن بن علي عليهما السلام: أرني معجزة خصوصية أحدث بها عنك، فقال: يا ابن جرير لعلك ترتد الخبر. (1) وفي الرابع قال أبو جعفر: أردت التزوج والتمتع بالعراق فأتيت الحسن بن علي السراج فقال: يا ابن جرير عزمت أن تمتع فتمتع بجارية ناصبة – الخبر. وأول من وهم في ما أعلم، أن هذا الكتاب لمحمد بن جرير بن رستم هو علي بن طاووس، فنقل في آخر نجومه معجزات عن المعصومين عليهم السلام. ونقل عن هذا الكتاب معجزات من الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، وفي كل من العشرة يقول: يروى عن دلائل الامامة للشيخ محمد بن رستم الطبري. ووجه توهمه أنه رأى في بعض مواضع الكتاب في أول السند، قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، وأولها في النسخة الموجودة في ذكر معجزات الحسن (عليه السلام) ثم بعده إلى خمسة عشر خبرا، قال أبو جعفر: حدثنا فلان، وفي معجزات الحسين (عليه السلام)، تسعة أحاديث أيضا بلفظ قال أبو جعفر حدثنا فلان، وفي معجزات السجاد (عليه السلام) في عشرة أحاديث ” قال أبو جعفر وحدثنا فلان “، وفي معجزات الباقر (عليه السلام) في سبعة أحاديث ” قال أبو جعفر وحدثنا فلان ” وفي


(1) – دلائل الامامة، ط النجف، ص 225. [ * ]

[ 31 ]

معجزات الصادق عليه السلام في عشرة أحاديث ” قال أبو جعفر وحدثنا فلان “، وفي معجزات الكاظم (عليه السلام) في ثمانية أحاديث ” قال أبو جعفر وحدثنا فلان ” وفي معجزات الرضا (عليه السلام) ” قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثنا فلان ” ثم بعده إلي سبعة أحاديث ” قال أبو جعفر حدثنا فلان ” وفي معجزات الجواد (عليه السلام) ” قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ” ثم بعده إلي عشرة أحاديث ” قال أبو جعفر حدثنا فلان ” وفي معجزات الهادي (عليه السلام) ” قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثنا فلان ” ثم إلى ثلاثة أحاديث وفي معجزات العسكري (عليه السلام) ” وقال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري حدثنا فلان عنه (عليه السلام) ” ثم بعده إلى أربعة أحاديث ” قال أبو جعفر عنه (عليه السلام) كما تقدم. فظن أن المراد به مصنف الكتاب كما قد يعبر القدماء في تصانيفهم عن أنفسهم إلا أن ذلك أعم، فكما يحتمل ذلك يحتمل أن – يكون – كما قد يقال ” قال فلان في كتابه ” – نقلا عن آخر فهو نظير قوله في الكتاب كثيرا ” روى فلان ” مثلا ممن تقدم عصره بكثير. والذي أظن أنه حيت لم ينقل عنه غير المعجزات ولم ينقل في الحجة (عليه السلام)، وروى عن العسكري (عليه السلام) فيه، وعن البلوي عن عمارة، وعن سفيان، عن وكيع، عن الاعمش في باقي الائمة عليهم السلام، أنه رجل آخر من أصحاب العسكري (عليه السلام) غير صاحب ” المسترشد ” أيضا أقدم منه، ولا نعلم اسم جده، كذاك الذي جده رستم وليس مذكورا في الرجال، ككثير من الرواة، وكان صاحب كتاب في المعجزات مسمى بدلائل الائمة، ولعل في ما لم يصل إلينا في أحوال أمير المؤمنين (عليه السلام)


[ 32 ]

أو النبي صلى الله عليه وآله قال في أول الكتاب: ” قال محمد بن جرير الطبري في كتابه دلائل الائمة “، بمعنى نقل صاحب الكتاب الموجود عنه فظنه ابن طاووس المصنف. وتبع ابن طاووس في الوهم من تأخر عنه، كالمجلسي، فينقل ما في هذا الواصل إلينا ناسبا له إلي محمد ” محمد بن جرير بن رستم الطبري ” في دلائله، إلا أنه حيث رأى أن الشيخ والنجاشي لم يعدا لابن رستم غير ” المسترشد “، ولم يكن ” المسترشد ” وصل إليه، قال في أول بحاره بعد أن ذكر أن من مداركه: ” دلائل الامامة للطبري ” ذاك قال: ” ويسمى بالمسترشد ” (1) وتبعه السيد البحراني فقال أيضا في مدينة معاجزه في ذكر مداركه: ” وكتاب الامامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري “. وقد وقعت عدة، أوهام لجمع في نسبة الكتب فنسب المجلسي كتاب ” الاستغاثة ” لى إبن ميثم شارح النهج مع أنه لعلي بن أحمد الكوفي من معاصري الكليني. ونسب السيد البحراني كتاب عيون المعجزات إلى المرتضى مع أنه للحسين بن عبد الصمد كما حققه المولى عبد الله المعروف بالافنذي. ونسب ” الدعائم ” و ” جامع الاخبار ” إلى الصدوق مع أن الاول للقاضي نعمان المصري والثاني لبعض المتأخرين. ونسب ” الروضة في الفضائل ” إلى الصدوق وهو أيضا لبعض


(1) – بحار الانوار للعلامة المجلسي (ره) ج 1 ط بيروت ص 20، وهذا نصه: وكتاب دلائل الامامة للشيخ الجليل محمد بن جرير الطبري الامامي ويسمى بالمسترشد. [ * ]

[ 33 ]

المتأخرين. ونسب روضة الواعظين إلى المفيد وهو لمحمد الفتال، واختلف في نسبه، أنه ابن الحسن أو علي أو أحمد. ونسب كتاب الاحتجاج وكتاب المكارم إلى الفضل بن الحسن الطبرسي صاحب المجمع البيان مع أن الاول لاحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي والثاني للحسن بن الفضل الطبرسي. وكيف كان فالكتاب مشتمل على الغث والسمين فأكثر فيه من الرواية عن الشيباني وقال الشيخ والنجاشي: ضعف الشيباني جماعة من أصحابنا، وجل أصحابنا، وقال ابن الغضائري: إنه كذاب وضاع للحديث. وعن البلوي عن عمارة بن زيد، وقال الغضائريان: ” سئل البلوي عن عمارة الذي يروي عنه، فقال: رجل نزل من السماء حدثني ثم عرج ” – وزاد الثاني ” قال الاصحاب: إن عمارة بن زيد اسم ما تحته أحد وكل ما يرويه كذب، والكذب بين في وجه حديثه “. فتلخص مما ذكرنا، أن ابن جرير الامامي: إثنان أحدهما صاحب ” المسترشد ” الذي عنونه الشيخ والنجاشي. والثاني ذاك الذي روى الكتاب بإسناده عنه عن العسكري (عليه السلام). [ وقال المامقاني ]: ” الثاني صاحب ذاك الكتاب لان الشيخ قال في الاول: محمد بن جرير بن رستم الطبري الكبير ” ومفهومه أن لنا ” محمد بن جرير بن رستم الطبري الصغير ولان السيد البحراني نسب ما ينقل إلى إمامة الطبري “.


[ 34 ]

ويرد تعليله الاول أن مراده بالكبير الجليل فليس له مفهوم، وقال فيه وفي رجاله: وليس بصاحب التاريخ فهو لدفع توهم الطبري العامي. وتعليله الثاني أنه مبتن على وهم البحراني أن الموجود لمحمد بن جرير الطبري تبعا لابن طاووس كالمجلسي كما مر. وأما ما في فهرست ابن النديم في الصفحة 59 (1)، وأغاني أبي الفرج ص 101 من ج 11 وفي ط، ج 12 ص 297. أبو جعفر بن رستم الطبري في طريق حديث طرق أبي الاسود عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وضع النحو، فاحتمال كونه هذا – كما صدر عن بعض فوهم عظيم، حيث أن ذاك ” أحمد بن محمد بن يزداد بن رستم ” يروي عن المازني، وعن صاحبي الكسائي عنونه الخطيب (2) والحموي في باب أحمد، فكيف يحتمل أتحاد ” محمد بن جرير ” و ” أحمد بن محمد “، نعم يمكن التعبير عن كل منهما ” بأبي جعفر، ورستم جد الاول وأبوجد هذا، إلا أن العامة كلما أطلقو اللفظ أرادوا به، ” أحمد بن محمد ” وابو طاووس أطلقه على ” محمد بن جرير ” فلا إشتباه أيضا في أبي جعفر بن رستم. أقول: انتهى كلام العلامة التستري سلمه الله. 16 – وللعلامة المامقاني ” رحمه الله ” جولة في المقام في كتابه تنقيح المقال المجلد الثاني من أبواب الميم إذ يأتي بثلاث محمدين كلهم ابن


(1) – أول المقالة الثانية في أخبار النحويين. (2) – تاريخ بغداد، ج 5، ص 125. [ * ]

[ 35 ]

جرير وطبريون آمليون وعند نقل كلمات المتقدمين وبعض المتأخرين سترى أن كتاب ” المسترشد “، أو الامامة، أو دلائل الامامة، أو خبر غدير خم، أو حديث الولاية، منسوب إلى هؤلاء، وكذا الشعر المنسوب إلى أبو بكر محمد بن عياش الخوارزمي (1) كما نسب إلى صاحب التاريخ أيضا فلذلك رأيت أن أنقل كل كلماته ليقف القارئ عليها ويرى ما هو الواقع والحقيقة، فان التحقيق هنا يحتاج إلى زمن طويل وبذل جهد كبير، وتأمل واسع، وكل يدعي وصلا بليلى، فأقول مستمدا من الله تعالى: قال العلامة المامقاني (رحمه الله): محمد بن جرير بن يزيد كثير بن غالب أبو جعفر الطبري قد مر ضبط جرير في إسحاق بن جرير، وضبط الطبري في إبراهيم بن أحمد بن محمد، وقد نص جمع على كزن الرجل عاميا، قال النجاشي: محمد بن جرير أبو جعفر الطبري عامي، له كتاب الرد على الحرقوصية، ذكر طرق يوم الغدير. أخبرني القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جرير بكتابه الرد على الحرقوصية، إنتهى. وقال في الفهرست: محمد بن جرير أبو جعفر صاحب التاريخ عامي المذهب، له كتاب خبر غدير خم تصنيفه وشرح أمره. أخبرنا أحمد بن عبدون، عن الدوري عن ابن كامل عنه، انتهى، وعن ابن الخطيب أنه كان أحد الائمة وأثنى عليه ثناء بليغا ثم قال: له كتاب تاريخ الامم، وكتاب التفسير الذي لم يصنف مثله. مولده بآمل طبرستان


(1) – وقيل عباس، فراجع ترجمة الرجل في الرجال. [ * ]

[ 36 ]

سند (324) والطبراني نسبة إلى طبرية، انتهى. وعده في الخلاصة في القسم الثاني وقال: إنه عامي المذهب، ومثله فعل ابن داوود، ثم قال: هذا غير الشيخ المعظم محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي مصنف كتاب ” المسترشد ” في الامامة، ذاك من أعيان أصحابنا عظيم الشأن حسن التصنيف انتهى. ورام في روضات الجنات اثبات كون الرجل إماميا لا عاميا، واستدل بوجوه قاصرة عن ذلك مثل كونه، من بلدة كانوا قديمي التشيع خصوصا في زمن سلاطين آل بويه وعدم قبوله أحدا من المذاهب الاربعة التي انحصر فيها أهل السنة ونحو ذلك مما لا يعارض به شهادة مثل النجاشي (رحمه الله) والعلامة (رحمه الله) بكونه عاميا مع أن ما استدل به، ناش عن عدم التفاته إلى تاريخ وفات الرجل، والا لالتفت إلى ان دولة آل بويه لم تكن تشكلت عند موت الرجل، ولم تكن لهم يومئذ سلطنة على طبرستان وكذا انحصار مذاهب العامة في الاربعة كان بعد وفاته بكثير. واما استدلاله بأنه ذكر طرق خبر الغدير ولا يفعله إلا شيعي، فإشتباه إيضا فإن خبر الغدير قد أورده نيف وأربعون من علماء العامة الذين لا يشك في عاميتهم، وما كل من روى حقا ملتزما به بحقه، بل قد يسوله الشيطان المناقشة في الدلالة، مع تسليم أصل القضية، كما هو كثير. وقال في الحاوي ما لفظه ذكر الشيخ (رحمه الله) في بعض كتبه، أن صاحب التاريخ، محمد بن رستم بن جرير، وكأنه نسب إلى جده، انتهى. وهو وهم من وجهين، أحدهما أن الذي في نسبه، رستم، هو


[ 37 ]

الخاصي الآتي، دون العامي صاحب التاريخ وأن الثاني، ذاك جده رستم لا أبوه، كما ستعرف. بقي هنا شئ وهو أن ابن النديم عنون الرجل بتغيير في جده حيث حكى عن محمد بن إسحاق النديم، عن أبي الفرج المعافا ابن زكريا النهرواني، أنه أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري الآملي، علامة وقته، وإمام عصره، وفقيه زمانه، ولد بآمل سنة مأتين وأربع وعشرين، ومات في شوال، سنة ثلاثمائة وعشرة، وله سبع وثمانون سنة الخ، فأبدل كثير بخالد، ثم ذكر مشايخه وتلامذته ومصنفاته وعد منها: ” المسترشد “، وأقول: إن ” المسترشد ” المعروف في الامامة لمحمد بن جرير الآتي، فعده لهذا إما اشتباه، أو من باب التوافق في الاسم، والتميز قد سمعت من النجاشي رواية إبراهيم بن مخلد عن أبيه عنه، ومن الفهرست، رواية ابن كامل، عنه وميزه بهما في المشتركات. محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي أبو جعفر، قد اشرنا في سابقه إلى محل ضبط جرير والطبري، ومر ضبط رستم في زياد بن رستم، وضبط الآملي في أحمد بن محمد أبي عبد الله الطبري، وقد عد الشيخ (رحمه الله) الرجل ممن لم يرو عنهم بقوله: محمد بن جرير بن رستم الطبري وليس بصاحب التاريخ انتهى، وقال في الفهرست: محمد بن جرير بن رستم الطبري الكبير يكنى أبا جعفر، دين فاضل، وليس هو صاحب التاريخ فإنه عامي المذهب، له كتب، منها: كتاب ” المسترشد “،


[ 38 ]

وقال النجاشي: محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، أبو جعفر جليل من أصحابنا كثير العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، له كتاب ” المسترشد ” في الامامة، أخبرناه أحمد بن علي بن نوح، عن الحسن بن حمزة الظبري، قال: حدثنا محمد بن جرير بن رستم بهذا الكتاب وبسائر كتبه، انتهى. ومثله إلى قوله في الحديث بزيادة ضبط جرير ورستم في القسم الاول من الخلاصة، وعنونه ابن داوود في الباب الاول، ورمز ب‍ لم، جخ، ثم رمز: ست، جش، ثم نقل ما في الكتابين، وقد سمعت كلامه الراجع إلى هذا في سابقه، وعده في الحاوي في قسم الثقات، ووثقه في الباب و مشتركات الكاظمي (رحمه الله) وباب الالقاب من النقد، وكذا في الوجيزة، وإن أجمل ذلك حيث قال: وابن جرير الطبري اثنان، أحدهما عامي والآخر ثقة، انتهى. وكان ينبغي أن يميز الثقة عن غيره، ومن اشتباهات الشيخ الطريحي أنه قال: محمد بن جرير المشترك بين رجلين لا حظ لهما في التوثيق، الخ (1) فإن وثاقة ابن جرير بن رستم مما لا خلاف فيها، حتى من الفاضل الجزائري الذي هو صعب التوثيق. [ قال المامقاني ]: ولابن أبي الحديد في حق الرجل كلام لا بأس بنقله قال في جملة كلام له: وهذه الاخبار ما وقفنا عليها إلا من كتاب


(1) – راجع جامع المقال في ما يتعلق بأحوال الحديث والرجال للفخر الدين الطريحي المتوفي (1085). [ * ]

[ 39 ]

المرتضى وكتاب آخر يعرف بالمستنير (1) لمحمد بن جرير الطبري، وليس هو محمد بن جرير صاحب التاريخ، بل هو من رجال الشيعة، وأظن أن أمه من بني جرير من مدينة آمل طبرستان، وبنو جرير الآمليون، شيعة مشهورون بالتشيع، ينسب إلى أخواله، ويدل على ذلك شعر يروى عنه: بآمل مولدي وبنو جرير * فأخوالي ويحكى المرء خاله فمن يك رافضيا عن أبيه * فإني رافضي عن لاله إنتهى (2). ولكن نقل في روضة الجنات عن كتاب (مقامع الفضل)، نسبة هذه الابيات إلى أبي بكر محمد بن عياش الخوارزمي ابن أخت محمد بن جرير بن رستم هذا، ولا يخفى أن ابن ابي الحديد أضبط. [ قال المامقاني ]: محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، وهو من علماء الامامية، وليس له ذكر في كلمات أصحابنا الرجاليين، وقد إشتبه الامر على بعضهم، فزعمه السابق وليس بذلك، بل هو غيره قطعا، فإن ذاك من علماء حدود المائة الثالثة، معاصر لمحمد بن جرير العامي


(1) – كذا في النسخة، والصحيح ب‍ ” المسترشد ” كما في الاصل وسائر النسخ، وكما ذكر الشيخ آغا بزرگ الطهراني في الذريعة ج 21، ص 15 الرقم: 3712 قال: ” المستنير ” لمحمد بن جرير بن رستم الطبري من رجال الشيعة، نقل عنه بهذا الوصف والعنوان عز الدين بن أبي الحديد في شرحه، والظاهر أنه ” المسترشد ” كما مر. (2) – أي كلام ابن ابي الحديد. [ * ]

[ 40 ]

المتوفى كما عرفت سنة ثلثمائة وعشرة، وهذا من علماء حدود المأة الرابعة من معاصري الشيخ الطوسي على ما يستفاد من سلسلة سنده، وإليه أشار الشيخ (رحمه الله) في عبارة الفهرست المزبور في ذاك بتقييده ذاك بالكبير فإنه يهدينا إلى أن في علمائنا من هو مطابق له إسما ووالدا وجدا ووطنا أصغر منه. وقد وثق السيد الجليل السيد هاشم البحراني هذا في مقدمة كتابه مدينة المعاجز بقوله: عند تعداد الكتب التي نقل عنها كتاب الامامة للشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير بن رستم الاملي، كثير العلم، حسن الكلام، انتهى (1). وقد أكثر السيد الرواية عنه، في المدينة وقال في المعجزة السابعة من معاجز الامام المجتبى: السابع إخراجه من الصخرة عسلا، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب الامامة وكلما في هذا عنه فهو منه، (2) إنتهى. يعني أن كلما أروي في هذا الكتاب عنه فهو من كتابه هذا. ومما يشهد من كلام السيد على كون هذا غير سابقه، روايته عن هذا عن ذاك في مواضع، من جلمتها، قوله في باب معاجز العسكري عليهما السلام: الثامن والثلاثون كلام الذئب: أبو جعفر محمد بن جرير، في كتابه قال: قال أبو جعفر محمد بن


(1) – أي انتهى الكلام صاحب الروضات، نقلا عن مقامع الفضل، ثم انظر مقدمة مدينة المعاجز عند نقل المصادر ص 4. (2) – مذينة المعاجز، ط طهران، ص 204. [ * ]

[ 41 ]

چرير الطبري: رأيت الحسن بن علي عليهما السلام يكلم الذئب فكلمه (1)، الحديث دل على رواية محمد بن جرير هذا عن محمد بن جرير السابق، وأن ذاك قد أدرك العسكري (عليه السلام)، ويساعده أن ذاك معاصر للطبري العامي المزبور المولود في زمان [ الامام ] الجواد (عليه السلام) والمدرك لزمان الهادي والعسكري عليهم السلام جميعا. ومما يشهد بكون محمد بن جرير هذا غير سابقه: قول السيد، في باب معاجز مولانا العسكري (عليه السلام): التاسع والستون خبر صاحب العجوز، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: نقلت هذا الخبر من أصل بخط شيخنا أبي عبد الله الحسين بن الغضائري قال: حدثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاشاني، الخ، فإن روايته عن خط الحسين بن الغضائري المتوفى كما مر في ترجمته سنة إحدى عشرة وأربع مأة، تكشف عن كون محمد بن جرير هذا من علماء حدود الاربعمأة من معاصري الشيخ والنجاشي رحمهما الله. ومن سبر كتاب مدينة المعاجز ظهر له أن هذا يروي عن مشايخ الشيخ والنجاشي، فلابد وأن يكون معاصرا لهما. فتحقق مما ذكرنا كله أن محمد بن جرير بن رستم الطبري من أصحابنا إثنان، كبير وهو السابق، وصغير وهو هذا، وكلاهما ثقتان عدلان مرضيان، ولكل منهما كتاب في الامامة، فللاول كتاب ” المسترشد “، وللثاني كتاب دلائل الامامة الذي يعبر عنه السيد هاشم البحراني بكتاب


(1) – أنظر مدينة المعاجز للبحراني، ص 568. [ * ]

[ 42 ]

الامامة. (قال المامقاني): فاغتنم ذلك، فإنه من خواص كتابنا هذا، ولم أقف على من تنبه له من أصحابنا في الكتب الرجالية، والحمد لله سبحانه على نعمه التي لا تحصى. فالتمييز قد سمعت من النجاشي رواية الحسن بن حمزة الطبري عنه، وبه ميزه في المشتركات. أقول: انتهى كلام الشيخ المامقاني رحمه الله في هذا المقام. فتبين من كلام الشيخ (رحمه الله) أن المترجم له – المؤلف – هو الاول وهو الكبير، وله كتاب ” المسترشد “، والثاني هو الصغير، وله كتاب (دلائل الامامة) الذي هو من معاصري الشيخ الطوسي والنجاشي رحمهما الله، وأن كلاهما غير العامي، وإليه أشار الشيخ الطهراني (الرازي ره) في نوابغ الرواة كما تقدم، وفي الذريعة كما يأتي. 17 – وقال العلامة السيد حسن الصدر (رحمه الله) المتوفي (1354) في كتابه تأسيس الشيعة، ص 96، ط بغداد في ذيل ترجمة أبي جعفر أحمد بن محمد بن رستم بن نردبان الطبري: قلت: آل رستم الطبري بيت جليل في الشيعة الامامية منهم: محمد بن جرير بن رستم الآملي الطبري الامامي صاحب كتاب مناقب فاطمة (عليها السلام) وولدها، وكتاب دلائل الامامة و ” المسترشد ” في الامامة. 18 – وقال المحدث الجليل الحاج الشيخ عباس القمي (رحمه الله) المتوفى (1359) في كتابه الكني والالقاب، ج 1، ط النجف ص 243.


[ 43 ]

الطبري يطلق على رجلين من الفريقين، كلاهما يسميان محمد بن جرير، وكلاهما طبريان. فالطبري العامي، أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد المحدث الفقيه المؤرخ علامة وقته، ووحيد زمانه، الذي جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، صاحب المصنفات الكثيرة، منها: التفسير الكبير، والتاريخ الشهير، وكتاب طرق حديث الغدير المسمى بكتاب الولاية الذي قال الذهبي: إني وقفت عليه فاندهشت لكثرة طرقه. وقال إسماعيل بن عمر الشافعي في ترجمته: إني رأيت كتابا جمع فيه أحاديث غدير خم في مجلدين ضخمين، وكتابا جمع فيه طرق حديث الطير. وأما ابن جرير الطبري الشيعي، فهو أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، من أعاظم علمائنا الامامية، في المائة الرابعة، ومن أجلائهم وثقاتهم، صاحب كتاب دلائل الامامة والايضاح و (المسترشد). قال (جش) محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي أبو جعفر جليل من أصحابنا، كثير العلم حسن الكلام، ثقة في الحديث، له كتاب (المسترشد) في الامامة، إنتهى. وقال: والطبري يأتي ما يتعلق به في الطبرسي. وقال أيضا في كتابه هدية الاحباب في ذكر المعروفين بالكنى والالقاب والانساب، ص 53 ط طهران: وأما الطبري الشيعي فهو: محمد بن جرير بن رستم، من أجلة


[ 44 ]

العلماء الامامية في الماة الرابعة وصاحب كتاب دلائل الامامة والايضاح و ” المسترشد “. وقال رحمه الله أيضا في كتابه الفوائد الرضوية ط، إيران ص 532: محمد بن رستم الطبري الكبير، دين فاضل، وليس هو صاحب التاريح من كتبه ” المسترشد ” في الامامة، ودلائل الامامة الواضح، قاله ابن شهر آشوب كذا في أمل الآمل، [ قال القمي ]: قلت: الظاهر أنه هو محمد بن جرير بن رستم الطبري الذي مضى ذكره، وفي كمله له: كتاب مناقب فاطمة وولدها، وكتاب نوادر المعجزات في مناقب الائمة الاثني عشر وهو أخصر من كتاب دلائل الامامة، وله كتاب الرواة عن أهل البيت عليهما السلام كما في ميزان الاعتدال. وله (ر ه) ترجمة أخرى للطبري العامي وفيها تعرض لترجمة المؤلف رحمه الله كما في صفحة 447 من الفوائد فقال: والآخر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي من أعاظم علماء الامامية في المأة الرابعة، ومن أجلة الاصحاب، ثقة، جليل القدر، وقد يشتبه الطبريان كما يشتبهان ابنا حجر معا موضع الاشتباه في أبي بكر الخوارزمي محمد بن العباس ابن أخت محمد بن جرير الطبري ويقال له: الطبرخزي نسبة إلى طبرستان وخوارزم. وقيل إنه خال للطبري العامي، الا أن صاحب كتاب مقامع الفضل و بعض آخر قالوا: إنه خال للطبري الامامي، وذكروا البيتين للخوارزمي


[ 45 ]

قال القمي (ره): وبالجملة محمد بن جرير شيعي وهو مؤلف كتاب ” المسترشد ” ودلائل الامامة، وفي الايام التي كنت في محضر شيخي العلامة النوري نور الله مرقده، إستنسخت له كتاب دلائل الامامة بيدي كما نقلت عنه في بعض مؤلفاتي هذا الحديث الشريف، وينبغي أن أذكره هنا: روى الشيخ المذكور في أحوال سيدتنا الطاهرة سلام الله عليها بإسناده إلى ابن مسعود أنه قال: جاء رجل إلى فاطمة عليهما السلام، فقال: يا إبنة رسول الله، هل ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندك شيئا تطوقينيه ؟ الخ، أقول: انتهى كلام الشيخ القمي رحمه الله. 19 – وقال المؤرخ بهاء الدين محمد بن الحسن الشهير بابن اسفنديار في تاريخ طبرستان المؤلف (613 ه‍)، ط طهران ص 130: محمد بن جرير بن رستم السروي، فقيه ومتكلم، وصاحب حديث ومن المحققين في مذهب أهل البيت عليهم السلام، وفي فترة طويلة كان في محضر الامام علي بن موسى الرضا عليهما السلام (1) وله تصانيف أشهرها: كتاب ” المسترشد ” وكتاب، حذو النعل بالنعل. 20 – وقال العلامة المحقق السيد مير مصطفى الحسيني التفريشي المتوفى (…)، في كتاب نقد الرجال الرقم: 181، ص 296: محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي أبو جعفر جليل، من


(1) – لعل المراد: سكن فترة طويلة في مشهد الامام الرضا عليه السلام. [ * ]

[ 46 ]

أصحابنا، كثير العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، له كتب، روى عنه الحسن بن حمزة الطبري، جش. محمد بن جرير بن رستم الطبري الكبير يكنى أبا جعفر، دين فاضل وليس هو صاحب التاريخ فإنه عامي المذهب، وله كتب، ست – لم – جخ -. 21 – وقال العلامة المتتبع الخبير الحاج الشيخ آغا بزرك الطهراني في طبقات أعلام الشيعة في أعلام القرن الخامس، ط بيروت، ص 153. محمد بن جرير، أبو جعفر الطبري المتأخر الصغير في مقابل الكبير الذي ترجمة النجاشي، والصغير هذا هو صاحب الكتاب الامامة، الذي أكثر النقل عنه السيد هاشم البحراني في ” مدينة المعجزات “، و صرح عند ذكره المعجزة السابعة للحسن السبط (عليه السلام) بما لفظه: (أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في كتاب الامامة، وكلما في هذا عنه فهو منه…) يعني كلما أنقل في هذا الكتاب عن محمد بن جرير الطبري فهو من كتاب (الامامة). وذكر في أول ” مدينة المعجزات “: (أن كتاب الامامة لابي جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، كثير العلم، حسن الكلام). وظاهره أنه إعتقده أن صاحب كتاب الامامة الذي ينقل عنه هو بعينه، ابن جرير الطبري الامامي صاحب ” المسترشد ” الذي ترجمه النجاشي بهذا الاسم والنسب والوصف المعاصر لسميه أبي جعفر العامي، (1) وصاحب


(1) – وهو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أو محمد ابن جرير بن يزيد بن خالد [ * ]

[ 47 ]

” المسترشد “، الموجود هو الامامي، الذي ترجمه النجاشي بما مر في ” نوابغ ص 250 – 253 ” وترجمه الطوسي في الفهرست بقوله: (محمد بن جرير بن رستم الطبري الكبير يكنى أبا جعفر، دين، فاضل، وليس هو صاحب التاريح فإنه عامي المذهب، الخ (1). وبالجملة فصاحب الترجمة متأخر بكثير عن محمد بن جرير الكبير صاحب كتاب ” المسترشد ” و ” مناقب أهل البيت “. وهذا الكبير هو معاصر للعامي المذكور، ويروي عنه الشريف أبو محمد الحسن بن حمزة المرعشي الطبري الذي توفي (358). وأما محمد بن جرير صاحب كتاب ” الامامة ” الذي عقدت له هذا الترجمة فيظهر من مشايخه وأسانيده أنه كان من المعاصرين للطوسي، و النجاشي، ومتأخرا عن صاحب ” المسترشد ” وقد ألف ” الامامة ” بعد (411) التي توفي فيها ابن الغضائري، كما حكاه عنه في ” مدينة المعجزات ” في التاسع والستين من معجزات صاحب الزمان (عليه السلام) بما لفظه: [ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال نقلت هذا الخبر من أصل


الطبري كما ترجمه ابن النديم عن تلميذه أبي الفرج المعافى وذكر أنه مؤسس المذهب الجريري في مقابل المذاهب الاخرى، وأنه مصنف التاريخ والتفسير الكبيرين وأنه ولد (224) ومات (310)، ونسب إليه كتابا باسم المسترشد أيضا. لكن يظهر أن مراده ” مسترشد ” آخر غير ما هو الموجود اليوم، فإن في كل صفحة من هذا الموجود ردود على العامة تمنع صدورها عن مثل صاحب التاريخ والتفسير. (1) – قال الشيخ الطهراني (رحمه الله) معلقا على كلامه: والظاهر أن هذا الكبير الامامي هو صاحب كتاب ” مناقب أهل البيت ” الذي رتبه أبوابا بترتيب الحروف في أسماء من رواه عنهم كما ذكرناه في ” النوابغ ” لا العامي المؤرخ، وإن ابن طاووس على نسبته إلى العامي. [ * ]

[ 48 ]

بخط شيخنا أبي عبد الله الغضائري (رحمه الله)، قال حدثني أبو الحسن علي بن عبد الله القاساني ] إلى آخر كلامه الصريح في أن ابن الغضائري من مشايخه، وأنه كتبه عن خطه بعد وفاته. وابن الغضائري من أجلة مشايخ النجاشي والطوسي. ويروي في الكتاب غالبا هم جماعة هم يروون عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري الذي توفى (385) وهم: ولده أبو الحسين محمد بن هارون، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الحسين، و أبو طالب محمد بن عيسى القطان، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله الحرمي. كما أن الطوسي يروي عن جماعة عن التلعكبري، منهم: ولده الحسين بن هارون بن موسى. وكذلك النجاشي يروي عنه بواسطة ولده محمد بن هارون، وإن ذكر النجاشي أنه أدرك التلعكبري وكان يحضر مجلسه مع ولده محمد بن هارون، لكن ما روى عنه لصغر سنه يومئذ، لانه ولد النجاشي (372) فكان في وقت وفات التلعكبري ابن ثلاثة عشر أو أقل. ويروي أيضا في كتاب ” الامامة ” عن الصدوق المتوفى (381) بواسطة تلاميذه، منهم: أبو الحسن علي بن هبة الله بن عثمان بن الرائقه الموصلي، صاحب كتاب ” المتمسك بحبل آل الرسول) المذكور في (ص 132)، كما أن الطوسي والنجاشي يرويان عن الصدوق بواسطة واحدة. ويروي في الكتاب أيضا عن أبي عبد الله الحسين بن إبراهيم بن عيسى المعروف بابن الخياط القمي، الذي هو من مشايخ الطوسي، وله الرواية عن أحمد بن محمد بن عياش صاحب ” مقتضب الاثر ” المتوفى (401).


[ 49 ]

ويروي أيضا عن أخيه المتوفى قبل تأليف ” الامامة ” لانه دعا له برضى الله عنه، وقال: إنه قرأ أخوه في (395) على ابن البغدادي المولود بسوراء من نواحي بابل، وهو أبو الحسين أحمد بن علي. ويروي في الكتاب أيضا عن أبي المفضل الشيباني الذي أدركه النجاشي أيضا. ويروي فيه أيضا عن القاضي أبي الفرج بن المعافى، المروج لمذهب ابن جرير العامي (1). ويروي في الكتاب عن قول أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الذي رأى الامام أبا محمد الحسن العسكري (عليه السلام)، وشاهد منه المعجزات التسع، بعنوان: قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: رأيت الحسن بن علي السراج، وفي ثلاثة مواضع منها خاطبه بقوله: يابن جرير. ويمكن أن يكون ابن جرير هذا المخاطب من الامام، بابن الجرير هو الكبير صاحب ” المسترشد ” الذي ترجمه النجاشي، والشيخ في ” الفهرست ” كما ترجما معاصره العامي، وتركا ترجمة الصغير، (صاحب الترجمة) كما تركا ترجمة جمع من الاعلام المعاصرين لهما (2).


(1) – أنظر سير أعلام النبلاء ج 6، ص 544. (2) – مثل الكراجكي المتوفى (449) وسالار بن عبد العزيز تلميذ المفيد، والقاضي ابن البراج تلميذ المرتضى، ومحمد بن علي الطرازي، وغيرهم ممن ذكرهم منتجب الدين ابن بابويه، أو لم يذكرهم هو أيضا. [ * ]

[ 50 ]

ومن تصانيف صاحب الترجمة: ” الدلائل ” الذي نقل عنه ابن طاووس في أبواب 65، 66، 67 من كتاب ” اليقين ” وكأنه عين ما نقل عنه في كتابه ” الاقبال و ” اللهوف “، بعنوان: ” دلائل الامامة “. ويحتمل إتحاد الجميع مع كتاب ” الامامة ” الذي أكثر النقل عنه السيد هاشم البحراني، كما مر لانه روى في كتاب ” اليقين ” أيضا بقوله: عن أبي الفرج المعافى وأبي المفضل الشيباني. وراجع ما فصلناه في الذريعة (8: 241 – 247). وقال أيضا في مصفى المقال ط بيروت ص 397: محمد بن جرير (الشيخ أبو جعفر….) ابن رستم بن جرير، الآملي الكحي (1) الطبري. قال الذهبي في ” ميزان الاعتدال ” ما لفظه [ محمد ابن جرير، أبو جعفر الطبري، رافضي، له كتاب ” الرواة عن أهل البيت ” رماه بالرفض عبد العزيز الكتاني… ]. أقول: هو الامامي الجليل صاحب ” الايضاح ” و ” المسترشد ” الذي يروي عنه السيد الشريف، أبو محمد الحسن بن حمزة الطبري الذي توفي (358) وهو معاصر لسميه العامي صاحب التاريخ والتفسير الكبيرين محمد بن جرير بن يزيد، أو غالب بدل يزيد، الطبري المتوفى (310). و ” المسترشد ” في الامامة لصاحب الترجمة موجود وطبع أخيرا. ونسبة ابن النديم ” المسترشد ” إلى الطبري المؤرخ المفسر العامي إما من


(1) – كذا في المصدر. [ * ]

[ 51 ]

جهة إتحاد الاسم والنسب والنسبة، أو أن للعامي أيضا كتاب ” المسترشد ” آخر غير هذا الموجود بأيدينا الذي هو في الامامة. قال أحمد المحمودي: إلى هنا إنتهى كلام الشيخ الطهراني (رحمه الله مفصلا، فلله دره وعليه اجره، ونرى اتحاد مضمون كلامه مع الشيخ المامقاني والشيخ التستري بأن الكبير صاحب (المسترشد)، وصاحب الدلائل هو المتأخر عنه والمعاصر للطوسي والنجاشي (رحمهما الله). فتدبر ولا تغفل. 22 – وقال العلامة الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى (1104 ه‍)، في أمل الآمل ج 2، ص 272، الرقم، (792): محمد بن رستم الطبري الكبير، دين فاضل، [ و ] ليس هو صاحب التاريخ، من كتبه: ” المسترشد ” في الامامة، ودلائل الامامة، الفاضح (1) قاله ابن شهر آشوب (2). وقال أيضا في خاتمة وسائل الشيعة، ج 20، ص 320، ط طهران (3): محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، أبو جعفر: جليل من أصحابنا، كثير العلم حسن الكلام ثقة في الحديث، قاله


(1) – وفي حاشية أمل الآمل هكذا: كذا في (ع)، والمصدر وفي المطبوعة: الواضح. (2) – معالم العلماء ص 106. (3) – وفي ط، مؤسسة آل البيت، ج 30، ص 464. [ * ]

[ 52 ]

النجاشي والعلامة، وقال الشيخ: إنه دين فاضل، وليس بصاحب التاريخ فإنه عامي. أقول: ذكر الشيخ الحر رحمه الله في مقدمة إثبات الهداة (1) عند نقل مصادر كتب العامة، ” المسترشد ” للطبري، ! لعله سهو من قلمه، أو مسترشد آخر، والله العالم. 23 – وقال العلامة المتتبع الخبير، المبرزا عبد الله الافندي (رحمه الله) المتوفى (…) في رياض العلماء، ج 5، ص 103: محمد بن رستم الطبري الكبير: دين فاضل وليس هو صاحب التاريخ، من كتبه، ” المسترشد ” في الامامة، ودلائل الامامة، الفاضح (2) قاله ابن شهر آشوب (3) [ قال الافندي ]: أقول: قد ذكره العامة وطعنوا عليه لاجل تشيعه، وقد نسب إليه المؤلف في فهرست كتاب الهداة كتاب مناقب فاطمة وولدها، وينقل عنه فيه مع تركه في هذا الموضع. فلاحظ (4). وقال أيضا في نفس المصدر ص 430: أبو جعفر بن جرير الطبري،


(1) – ج 1، ص 67. (2) – وفي بعض النسخ، الواضح كما تقدم. (3) – معالم العلماء ص 106. (4) – إثبات الهداة ج 1، ص 31. [ * ]

[ 53 ]

هو الشيخ أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي الآتي، ويروي عن أبي جعفر محمد بن هارون بن موسى التلعكبري. [ وقال ]: أبو جعفر بن رستم الطبري، هو الشيخ أبو جعفر بن محمد بن جرير بن رستم بن جرير الطبري الامامي صاحب كتاب دلائل الامامة و غيره. 24 – وقال العلامة القاضي الشهيد، السيد نور الله التستري، المستشهد سنة (1019 ه‍) في كتابه مجالس المؤمنين، ج 1، ص 491، وهو بالفارسية ما ملخصها: الشيخ المتكلم أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي، ذكره العلامة الحلي (رحمه الله) في كتابه من المقبولين، وقال: إنه من أعاظم أصحابنا، كثير العلم، حسن الكلام وثقة في الحديث. وهو غير محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ المشهور، كما أن العلامة ذكره في المردودين من كتاب الخلاصة بالتصريح، لان صاحب التاريخ مشهور أنه من علماء الشافعية والنووي الذي هو من متأخري علماء الشافعية، ذكر صاحب التاريخ في كتابه تهذيب الاسماء (1) أنه من الشافعية، وكتب ورقا كاملا في مدحه، وأن إسمه ونسبه كذا: محمد بن جرير بن كثير بن غالب الطبري، ومن هنا أيضا يظهر إختلاف المحمدين في الجد.


(1) – تهذيب الاسماء واللغات للنووي، ج 1، ص 78. [ * ]

[ 54 ]

فبالاجمال أن محمد بن جرير بن رستم، من أكابر علماء الشيعة، وقد اشتبه لبعض لمشاركة اسمه مع محمد بن جرير الشافعي والاب، و حسبوا، أن محمد بن جرير شخصا واحدا، ولذلك أجاب بعض الجهال من السنة، عند نقل علماء الشيعة كلام ابن جرير العامي صاحب التاريخ الذي ينافي مذهب أهل السنة أنه شيعي، وكلامه ليس حجة علينا ولم يعلموا، أن محمد بن جرير صاحب التاريخ شافعي، وهو غير إبن جرير المتكلم الامامي. ومن تآليف محمد بن جرير المتكلم، كتاب ” المسترشد ” في الامامة، وكتاب الايضاح في الامامة، وهذا الكتاب رأيته وقت تأليف كتاب المجالس وإنتخبت منه بعض فوائده. 25 – وقال العلامة الحلي الحسن بن يوسف بن مطهر رحمه الله المتوفى (726) في إيضاح الاشتباه، ص 286، الرقم: 661: محمد بن جرير – بالجيم والراء بعدها، ثم الياء ثم الراء – بن رستم بضم الراء وإسكان السين وفتح التاء المنقطة فوقها نقطتين، الطبري الآملي بضم الميم أبو جعفر، جليل من أصحابنا كثير العلم حسن الكلام ثقة في الحديث. [ قال العلامة ]: وجدت بخط السيد السعيد صفي الدين محمد بن معد الموسوي، قال: ليس هذا صاحب التاريخ، وذالك عامي، وذا إمامي. 26 – وقال العلامة المجلسي رحمه الله، المتوفى (1111) في المجلد الحادي عشر من البحار ص 6، ط الكمباني، وفي ط بيروت ج 46، ص 15


[ 55 ]

في أحوال الامام الرابع صلوات الله وسلامه عليه، نقلا عن العدد القوية لدفع المخاوف اليومية (1) للشيخ الفقيه رضى الدين علي بن يوسف بن مطهر الحلي رحمه الله [ قال ]: قال أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الشيعي، ليس التاريخي. أقول: ذكر العلامة المجلسي (رحمه الله) في عدة مناسبات من بحار الانوار، الطبري الشيعي، وكتابه ” المسترشد ” وكان وقت تأليفه البحار بيده نسخة خطية منه، وهي الموقوفة من نماء الحمام في أراضي الشاه جهان باصفهان في عصر الشاه سليمان الصفوي، والوقفية بخط العلامة المجلسي في (1095) وصك خاتمه: باقر العلوم (2) وهو من مصادر البحار ونقل منه معبرا عنه بالطبري الشيعي، أو الامامي، كما يأتي في البحث حول الكتاب إنشاء الله تعالى. 27 – وقال العالم الرباني محمد باقر الملقب بالوحيد البهبهاني (رحمه الله) المتوفى (1206) (3) في رجاله المسمى بالتعليقة البهبهانية ص 288، وهو تعليقات على كتاب، منهج المقال لميرزا محمد الاسترآبادي (4):


(1) – العدد القوية ط قم ص 56، تحقيق السيد مهدي الرجائي. (2) – أنظر ص 84 و 85 من هذا الكتاب، نموذج 1. (3) – الكنى والالقاب للمحدث القمي (ره) ج 2، ص 109. (4) – الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 4 ص 223. [ * ]

[ 56 ]

محمد بن جرير بالجيم قبل الراء، بن رستم بالتاء المنقطة فوقها نقطتين بعد السين المهملة الطبري الآملي أبو جعفر جليل من أصحابنا كثير العلم، حسن الكلام ثقة في الحديث، وزاد جش: له كتاب ” المسترشد ” في الامامة. أخبرنا به أحمد بن علي بن نوح، عن الحسن بن حمزة الطبري قال حدثنا محمد بن جرير بن رستم بهذا الكتاب وبسائر كتبه، وفي ست، محمد بن جرير بن رستم الطبري الكبير يكنى أبا جعفر دين فاضل، وليس هو صاحب التاريخ فإنه عامي المذهب، له كتب جماعة منها كتاب ” المسترشد “. وفي لم محمد بن جرير بن رستم الطبري، وليس بصاحب التاريخ. 28 – وقال العلامة الخبير، محمد بن إسماعيل المدعو بأبي علي رحمه الله المتوفى (…) في منتهى المقال في أحوال الرجال،: محمد بن جرير بالجيم قبل الراء إبن رستم الطبري الآملي أبو جعفر، جليل من أصحابنا كثير العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، صه، وزاد جش له كتاب ” المسترشد ” في الامامة. أخبرنا أحمد بن علي بن نوح، عن الحسن بن حمزة الطبري عن محمد بن جرير بن رستم، وفي ست ابن جرير بن رستم الطبري الكبير يكنى أبا جعفر، دين فاضل وليس هو صاحب التاريخ فإنه عامي المذهب، [ قال أبو علي ]: أقول: في ” ضح ” كما مر عن ” صه “، وزاد: وجدت


[ 57 ]

بخط السيد السعيد صفي الدين إبن معد قال: ليس هذا صاحب التاريخ ذلك عامي وذا إمامي إنتهى، وفي الوجيزة: إبن جرير الطبري إثنان أحدهما عامي والآخر ثقة، إنتهى، ومضى في الذي قبله ما يجب ملاحظته، وفي ” مشكا ” إبن [ جرير ] أبو جعفر الطبري الآملي الثقة، صاحب كتاب الايضاح وغيره في الامامة، عنه الحسن بن حمزة الطبري. 29 – وللعلامة الرجالي الحاج ملا علي العلياري التبريزي المتوفى (1327) مقال عند تعرضه لترجمة الطبري العامي صاحب التاريخ، في كتابه بهجة الآمال في شرح زبدة المقال، ج 6، ص 324، قائلا: أقول: [ هو ] غير الشيخ المعظم محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي مصنف كتاب ” المسترشد ” في الامامة، ذاك من أعيان أصحابنا، عظيم الشأن، حسن التصنيف، فتأمل، إنتهى. 30 – وقال العلامة المحقق الخبير، المتتبع المتضلع في خبر الغدير، الاميني رحمه الله في كتابه الشهير، ج 2 ص 36، عند نقل أبيات حسان بن ثابت: ورواه من أعلام الامامية: أبو جعفر: محمد بن جرير رستم بن يزيد الطبري، رواه في


[ 58 ]

المسترشد، بإسناده عن يحي الحماني، عن قيس، عن العبدي، عن أبي سعيد (1)، قال أحمد المحمودي: ومن هنا آتي إلى ختام المسك، وأمسك القلم في البحث عن الشخصية الفذة، وكل ما نقلت من أرباب التراجم وأصحاب السير، وذوي التحقيق فإنها غيض من فيض لعبقرية هذا الرجل العظيم الذي كانت شخصيته مجهولة في زوايا التاريخ، وصفحات الكتب. وشاء الله أن تبرز تلك الذروة العالية، والمكانة السامية مهما تكاثفت الغيوم وتكاثرت السموم، وبالرغم من الفصل الزمني البعيد الذي يتجاوز أكثر من ألف عام بدأ يلتمع نجمه في الاوساط العلمية ويتسع إشراقه، فرفع له ذكر محمود، وفضل مشهود بين الاعلام، إذ بقيت له آثار خالدة، وكتب قيمة، منها كتاب ” المسترشد ” الذي بين يديك وهو الكتاب الذي يعرفك صاحبه علما وفضلا وتعهدا. وكنت أتمنى أن يتاح لي حتى أقف موقفا خاصا لتحليل هذه الناحية المتلالئة في حياته، بيد أني منه في مقام التعريف لشخصيته العلمية وقوة الاستدلال، لكن التعمق في ترجمة هذا الرجل، والتجول و السبر في كتابه ” المسترشد ” أغناني، وسيغنيك أيها القارئ الكريم إمعان يسير في الكتاب، وبعد النظر في الاستدلال، وسلامة الذوق، * (هامش * (1) – أنظر ص 343، من هذا الكتاب. [ * ]


[ 59 ]

وسلاسة البيان والفن، في إيضاح المشاكل وتحليل المسائل، ففي كل بحث من أبحاث الكتاب، وكل فصل من فصوله له لسان مبين عن غوامضه فالكتاب خير معرف لصاحبه، فإن قلنا: إن للكتب حياة فإنها لا تنفصل عن مؤلفيها ففي الاثر: أن الكتابة تدل على عقل الكاتب. فلي ولك أيها القارئ الكريم أن نقف عند هذا الحد من التعريف فإن عرفناه مما قال المترجمون وأصحاب الدراية ولو على نحو الايجاز أو التفصيل، لكفى، ؟. فإن القول ما قالت حذام.


[ 61 ]

إطرائه والثناء عليه:


[ 62 ]

من حسن حظ مؤلفنا العظيم أن كل من إستعرض ترجمته من علمائنا، إتفق في توثيقه وجلالة شأنه، وغزارة علمه، وعظمة شخصيته، بالتعابير التالية: الشيخ الجليل، الامامي، الكبير (1) الشيخ المعظم، من أعيان أصحابنا (2) عظيم الشأن، حسن التصنيف، ثقة، جليل القدر، دين، فاضل (3) كثير العلم، حسن الكلام، ثقة في الحديث، (4) الرجل الفاضل، مسلم الوثاقة والجلالة، أجلة ثقاة علمائنا الامامية (5)، الشيخ المتكلم، أكابر علماء الشيعة، المتكلم، المتكلم الامامي (6)، صاحب حديث، ومن المحققين في مذهب أهل البيت (ع) (7). أجلة الاصحاب (8)، أعاظم علمائنا الامامية (9).


(1) – بحار الانوار ج 1، ص 20 ط بيروت. (2) – بهجة الآمال، في شرح زبدة المقال للعلامة العلياري (ره)، ج 6. (3) – الفهرست لشيخ الطوسي (ره). (4) – رجال النجاشي (ره)، ط بيروت، ج 2، ص 289. (5) – ريحانة الادب للتبريزي، ج 4، ص 43. (6) – مجالس المؤمنين للتستري ج 1، ص 491. (7) – تاريخ طبرستان لابن إسفنديار، ص 130. (8) – إعيان الشيعة للسيد الامين (ره). (9) – الكنى والالقاب للقمي ج 1، ص 243. [ * ]

[ 63 ]

آثاره العلمية


[ 64 ]

إن لمؤلفنا العظيم، كتبا قيمة، وتراثا ثمينة، تشهد على غزارة علمه، فهي وإن كانت من الكمية معدودة إلا أن كيفيتها تدل على الاصالة والاستيعاب لمؤلفها، فهي بما فيها من قوة غور وتفكير، تدل أيضا على فضله، وخصوبة سليقته، وإليك أيها القارئ الكريم بعض آثاره الخالدة: 1 – المسترشد في الامامة: هذا الكتاب، (الدي بين يديك) أصدق نموذجا لما كتب حول الامامة، والذب عن كيان الخلافة الصحيحة الصادقة المصدقة للرسول الاعظم صلى الله عليه وآله، ولا أطيل على القارئ الكريم، فإن لسان الكتاب أبين من حديثي، وإنما أكتفي حول الكتاب بنقل ما أورده خريت هذا الفن شيخنا العلامة الطهراني (الرازي) رحمه الله، في موسوعته الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 21 ص 9، ط بيروت، فأورد ما كتب حول الكتاب، لانه من المهتمين بشأن المؤلف رحمه الله إهتماما بليغا، كما أن عنايته بشأن الكتاب لا تقل عن ذلك، وإليك النص: ” المسترشد ” في الامامة لمحمد بن جرير بن رستم بن جرير، وفي بعض النسخ ابن يزيد الطبري، ولعله من جهة الاشتباه بالعامي المؤرخ، فإن في أجداده الذي هو صاحب دلائل الامامة أيضا كما مر، ذكره


[ 65 ]

النجاشي، والفهرست وفي معالم العلماء. ويظهر من أول البحار، أنه جزم المجلسي بإتحاد ” المسترشد ” مع دلائل الامامة (1)، والظاهر أنه رأى في نسخة النجاشي له كتاب ” المسترشد ” في دلائل الامامة كما نقله كذلك في أول البحار. مع أن ما رأيت من نسخ النجاشي له كتاب ” المسترشد ” في الامامة وهذا هو الصحيح، وصاحب ” دلائل الامامة ” أو ” الامامة ” هو ابن جرير الامامي الصغير المتأخر عن صاحب ” المسترشد ” الموصوف بالكبير بمأة سنة تقريبا، والكبير معاصر للكليني يروي النجاشي المسترشد عنه بواسطتين، ثانيهما الشريف أبي محمد الحسن بن حمزة الطبري المتوفى سنة (358)، وهو يروي عن مؤلفه فيكون المؤلف معاصر للكليني المتوفى (329) كما يروي النجاشي عن الكليني أيضا بواسطتين، وأما صاحب دلائل الامامة فهو معاصر للنجاشي، ويروي عن جماعة من مشايخه: منها ما نقله عن خط الحسين بن عبيدالله الغضائري المتوفى (411)، فيكون تأليفه بعد هذا التاريخ. نسخة من ” المسترشد ” الموقوفة من نماء الحمام في أراضي الشاه جهان بإصفهان في عصر الشاه سليمان، والوقفية بخط العلامة المجلسي في (1095)، وصك خاتمه: محمد باقر العلوم، موجودة عند السيد آقا


(1) – أي إحتساب كتابي المسترشد والدلائل كتابا واحدة، فعلي هذا يكون الدلائل المجلد الثاني للمسترشد، ولا يبعد. [ * ]

[ 66 ]

التستري لكنها ناقصة الآخر، ونسخة أخرى من موقوفة السيد محمد رضا ابن أبي القاسم بن فتح الله ابن نجم الدين الحسيني الكالي الاسترآبادي الطبيب بالحلة المتوفى (1364)، في مكتبة [ الحسينية ] الشوشترية بالنجف، وهي تامة الآخر (1). وإستنسخ الفاضل الشيخ شير محمد الهمداني نسخة تامة عن هاتين النسختين ثم إستنسخ عن نسخته نسخ أخرى موجودات بحمد الله تعالى. أوله بعد الحمد مختصرا: قال أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم بن يزيد الطبري رحمه الله، إحتج قوم من أهل الزيغ والعداوة لله جل ذكره، ولرسوله صلوات الله عليه وآله، أن الخلافة لا تصلح بعد الرسول صلى الله عليه وآله، إلا في أبي بكر بن أبي قحافة، بدعواهم أنه كان أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله – إلى قوله: تثبيت الفضل لمن له الفضل (2) إلى قوله: باب نفي الامامة عمن لم يصلح لها. باب الرد على من قال: لم قعد علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن حقه ؟ !.


(1) – وهي النسخة التي إعتمدنا عليها واستنسخناها، وعليها الوقفية بخط العلامة المجلسي (رحمه الله)، وهي الموجودة في المكتبة الحسينية الشوشترية في النجف الاشرف. (2) – هو الباب الثالث حسب تبويب المؤلف (رحمه الله) أو ما جاء في الكتاب، وكل الابواب عشرة والباب الثاني: باب الفضل والعلم لمن إدعوهما له. [ * ]

[ 67 ]

باب قصة الغار. باب شرح [ قول النبي صلى الله عليه وآله لعلي (عليه السلام) ]: أنت مني بمنزلة هارون من موسى. باب الرد على من قال: إسلام علي إسلام الصبيان. باب تثبيت الامامة وأنها مفترضة. باب تثبيت الوصايا والوصي. وهكذا إلى آخر الابواب. هذا تمام كلام العلامة الرازي رحمه الله حول الكتاب والمؤلف، وإنني جمعت كلمات الاصحاب في هذا الباب لتكون مقدمة لمن يريد تحقيقا أكثر من ذلك، ولوجود المجال فيه. ومن أن العلامة المجلسي نقل في البحار موارد عديدة من ” المسترشد ” معبرا: وقال الطبري الشيعي، أو الامامي في ” المسترشد ” و كما قال العلامة الرازي في الذريعة أن المجلسي جزم بإتحاد ” المسترشد ” ودلائل الامامة، فنجزم أن ” المسترشد ” من مصادر البحار، كما يبدو من كلام السيد عبد الزهراء الخطيب أن الكتاب يعتبر من مصادر نهج البلاغة، وذلك لنقل بعض الخطب منه (1). وأنت رأيت مما تقدم أن الكلمات متضاربة، وتشخيص الواقع و الحقيقة في غاية الصعوبة، ولا يتحقق ذلك إلا ببذل الجهود الكبيرة


(1) – مصادر نهج البلاغة وأسانيده، ج 1 ص 40، ط بيروت. [ * ]

[ 68 ]

الجبارة وزمن أطول، ولعل في المستقبل الآجل غير البعيد، نجدد العمل حول الكتاب بمشيئة الله وتوفيقه ثانية، ومن هنا أناشد جميع المحققين الكرام والعاملين في هذا المجال، أن يتعاونوا معنا، ويساهموا في هذه الساحة العلمية المقدسة فإن لله فيه رضي ولنا ولاهل الحق ورواده صلاح وصواب، وللمساهمين أجر وثواب.


[ 69 ]

النسخ الخطية للكتاب:


[ 70 ]

وأما النسخ الخطية الموجودة لهذا الكتاب، فهي كما أشار إليها، الشيخ الرازي في الذريعة، نسختان موجودتان في مكتبة الحسينية الشوشترية في النجف الاشرف، والنسخة التي إعتمدنا عليها هي التي عليها وقفية بخط العلامة المجلسي (رحمه الله) فاستنسخناها، وهي التي مطابقة للمطبوع (1)، فجعلناها الاصل، وأما بقية النسخ التي قابلنا الاصل معها إينما وجدناها فنسخ، منها: 2 – نسخة في مكتبة السيد الحكيم (رحمه الله) العامة في النجف الاشرف وهي بخط العلامة الشيخ محمد السماوي (رحمه الله)، وقال في الصفحة الاخيرة من الكتاب: تم على نسخة كثيرة الغلط والتحريف، ! على يد العبد الضعيف محمد بن الطاهر السماوي، في السابع من شهر رمضان المبارك، سنة ألف وثلاثمأة وتسع وأربعين هجرية، في بغداد، حامدا مصليا. 3 – ومنها: نسختان مخطوطتان أخريتان في المكتبة الرضوية في المشهد المقدس على قاطنها آلاف التحية والثناء، الاولى بخط محمد حسين بن زيد العابدين الارموي، وفي آخرها هكذا: يقول الفقير


(1) – طبع هذا الكتاب للمرة الاولى في النجف الاشرف في المطبعة الحيدرية على نفقة الفاضل الشيخ محمد كاظم الكتبي النجفي مجرد حفظ الكتاب من الضياع والتلف على نسخة الشيخ شير محمد الهمداني، دون تحقيق وتعليق، وهذه هي المرة الاولى التي يتكلل الكتاب بهذا النجاح، ويتزين بزينة التحقيق والتقديم والتعليق، ولله الحمد. [ * ]

[ 71 ]

إلى الله الغني محمد حسين بن زين العابدين الارموي: هذا تمام ما في النسخة التي حررت هذه النسخة منها، ولقد وقع الفراغ من إتمامها بعون الله جل وعلا، في السابع والعشرين من شهر ذي الحجه الحرام من شهور سنة [ ألف و ] تسع وأربعين (1) من الهجرة النبوية على هاجريها من الله ألف سلام وتحية، في مشهد مولاي ومولى المؤمنين علي بن أبي طالب أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وآله، أللهم اغفر لنا ولاخواننا الماضين من شيعة آل محمد صلواتك عليهم أجمعين، تمت بالخير والبركة. الثانية وفي آخرها هكذا: كتبه إبن محمد حسن أقل الطلبة… (2) عبد الله التبريزي في الغري [ سنة ] (1351) والسلام على من إتبع الهدى. فلما فيها من الاختلاف في بعض الكلمات وبعض الجمل، فرمزنا لكل منها هكذا: ” ش ” لنسخة الحسينية الشوشترية، و ” ح ” لنسخة مكتبة السيد الحكيم، و ” ر 1 “، و ” ر 2 ” لنسختي مكتبة الرضوية. ومن المحتمل أن توجد نسخ أخرى للكتاب في زوايا المكتبات العامة والخاصة، كما قال لي غير مرة، سماحة آية الله العظمى السيد شهاب الدين المرعشي النجفي دام ظله نزيل قم المقدسة، بأن كان لديه نسخة من الكتاب، وكما أذكر أنه حفظه الله قال: قد كتبت على


(1) – كلمة: (ألف) كانت ساقطة من النسخة فجعلناها بين المعقوفين. (2) – رسم الخط غير مقروء. [ * ]

[ 72 ]

حاشيته بعض فقرات زيارة عاشوراء، وكان مصرا على ذلك وقد طلبت أيضا من نجله الدكتور السيد محمود المرعشي مدير مكتبته العامرة العامة، وكما طلبت أيضا مكررا من صديقنا الاجل وسمينا المبجل سماحة الحجة الحاج السيد أحمد الحسيني الذي بذل جهدا كبيرا لتنظيم فهرس بديع لمخطوطات مكتبة السيد المرعشي، وكان الجواب بعدم العثور عليه إلى الآن، ونأمل العثور عليه فيما بعد إنشاء الله. قال العلامة زين الدين أبو محمد علي بن يونس النباطي البياضي المتوفى (877) في الصراط المستقيم، ج 1، ص 4، من المقدمة في ذكر المصادر وفي ذكر أشياء من الكتب التي عثر عليها ونقل عنها: المسترشد للطبري. وفي ج 2 ص 296، قال: فقد أخرج الطبري في المسترشد إن جماعة من الصحابة كره تأمير أسامة فبلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، فخطب وأوصى به… وفي ج 3 ص 277، هكذا. فمن هذا النقل يبدوا أن نسخة ” المسترشد ” كانت في يده ذاك اليوم. كما أعلمني بعض السادة العلماء من الاصدقاء الاجلاء (1) بوجود نسخة من الكتاب في المكتبة البريطانية (بلندن) العامة، وحيث يحتمل أن تكون النسخة المشار إليها هناك، قديمة، ولم نظفر مع الاسف إلى الآن على أية نسخة منها سوى ما ذكرنا، ونبذل الجهود لتحصيلها على قدر الامكان إنشاء الله ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وليس لنا إلا أن نتمثل بما


(1) – هو السيد الممجد سماحة السيد محمد حسين الحسيني الجلالي سلمه الله. [ * ]

[ 73 ]

هو المشهور: إن التمر على النخل، وأيدينا قصيرة عنه. وقال العلامة السيد إعجاز حسين الكنتوري رحمه الله (1) المتوفى (1240) في كتابه كشف الحجب والاستار ص 520، تحت الرقم 2932: ” المسترشد ” في الامامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري المتكلم الامامي. المسترشد مصدر لنهج البلاغة قال العلامة المعاصر السيد عبد الزهراء الخطيب في كتابه، مصادر نهج البلاغة وأسانيده، ج 1 ص 40 ط بيروت، في ضمن إعداده المصادر: ” المسترشد ” في الامامة لمحمد بن جرير الطبري الامامي من أعلام القرن الرابع، ط المطيعة الحيدرية في النجف الاشرف. وفي المجلد الثاني من الكتاب، ص 337، عند ذكر مصدر الخطبة، 148: روى الطبري في ” المسترشد ” ص 74 (2)، فقرأت من أواخر هذه الخطبة، باختلاف في بعض الالفاظ، ويظهر من رواية الطبري، أن هذه الخطبة طويلة، لانه جاء في روايته فصول لم يروها الرضي (ره)، ولانه قال في أول روايته لما رواه: وقال (عليه السلام) أيضا في خطبته، الخ.


(1) – وهو أخ العلامة النحرير السيد مير حامد حسين الهندي صاحب كتاب الشهير ” عبقات الانوار “. (2) – من طبعة النجف الاشرف. [ * ]

[ 74 ]

وقال الخطيب أيضا عند نقل مصدر كلامه (عليه السلام) الرقم (160): كما رواه الطبري في ” المسترشد ” ص 64، والمفيد في الارشاد، و في ” المسترشد ” والارشاد: أن السائل ابن دودان (1). وقال السيد مير جلال الدين الحسيني الارموي (رحمه الله) في تعليقه على كتاب الغارات لابي إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي، ج 2، ص 827: وقال الطبري في ” المسترشد “، ص 124، من طبعة النجف: ومما نقموا عليه، (أي على عمر): ما أحدث في الفروج، وقوله: لامنعن فروج ذوات الاحساب إلا من الاكفاء، الخ (2). أقول: إن كلمات القدماء والمتأخرين إن دلت على شئ فإنما تدل على وحدة الكتاب والمؤلف، وصحة نسبة الكتاب – أي كتاب ” المسترشد ” إلى مؤلفه وهو ابن جرير الطبري الامامي، وهو كما قال صاحب الذريعة أنه لو كان الكتاب لغيره لبان، إلا أن في ” المسترشد ” ردودا لا تناسب مما يعتقد به صاحب التفسير والتاريخ فكيف بكتابتها، فبناء على هذا، ما أسنده ابن النديم


(1) – في الباب الخامس باب الرد على من قال: لم قعد علي عن حقه ؟ !، وسؤال ابن دودان عن أمير المؤمنين 7: عجبت لهؤلاء القوم الذين عدلوا هذا الامر عنكم ! وأنتم الاعلون نسبا وفرطا برسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا ابن دودان، أنظر ص 194، من هذا الكتاب. (2) – أنظر ص 433 من هذا الكتاب. [ * ]

[ 75 ]

أو غيره المسترشد إلى صاحب التاريخ وكذلك ما ذكر في هامش تلخيص الشافي ج 2، ص 172، إما سهو قلم، أو مسترشد آخر، والله العالم. وإن أردنا أن نشرح بالتفصيل لطال بنا المقام، وانتفض بنا الغرض فإن في البداية عهدنا مع القراء الكرام، الايجاز، وكما قيل: كم ترك الاول للآخر، فنترك الساحة للآخرين حتى يتبين الحق، وعلى مر التاريخ ومرور الزمن تنكشف الحقائق وتتجلى الشقائق ولكل نباء مستقر وسوف يعلمون، (لعل الله يحدك بعد ذلك أمرا) (1)


(1) – سورة الطلاق، الآية: 1 [ * ]

[ 77 ]

سائر كتب المؤلف


[ 78 ]

وأما بقية آثار المؤلف، فهي التي ذكرها المترجمون خلال استعراضهم لترجمته فحياة الكتب لا تنفصل عن حياة المؤلف، فإذا وقفنا وقفة يسيرة بجانب ” المسترشد “، لان هذا هو الكتاب الذي عرفنا صاحبه وتعرفنا به على الطبري الامامي، فلنتعرف على بقية آثاره: 2 – الرواة عن أهل البيت (عليهم السلام) ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء، ج 14، ص 282، عند ترجمة المؤلف، قال الذهبي نقلا عن عبد العزيز الكناني: أن محمد بن جرير رافضي، له كتاب ” الرواة عن أهل البيت ” وكتاب ” المسترشد في الامامة ” واعتبر هذا دليل رفضه، وعبره عنه بالضلال (1).


(1) – وهذا أيضا من عجائب الدهر، أن طائفة من المسلمين الذين يعتبرون أنفسهم من أمة رسول الله صلى الله عليه وآله، يرمون طائفة أخرى من المسلمين بالضلال والرفض دون أي إلمام وإشعار بالمعني، ولم يعلم من الذي اختلق هذا اللفظ ومن أين هذا التخطيط لزرع بذر الفرقة والخلاف، ومن المستهدف بذلك، أو ليس من الاجدر أن يتجنب الانسان التقليد الاعمى، ويفكر في معقوله قبل أن يتفكر في مأكوله ؟ إلى متى وحتى متى ؟ !، فلضيق المجال، نكتفي بما هو منسوب إلى الامام الشافعي، وأنصف الله المنصفين إذا كان هناك إنصاف ! قال الامام الشافعي: يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد (1) جمعها والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كملتطم الفرات الفائض (2) قف ثم واشهد أنني بمحمد * ووصيه وبنيه لست بباغض =

(1) – وفي بعض النسخ: بساكن خيفها. (2) – وفي تتمة المنتاهى للمحدث القمي نقلا عن إبن الصباغ المالكي وابن الحجر هكذا. [ * ]

[ 79 ]

وذكر الكتاب أيضا السيد الامين (رحمه الله) في الاعيان، وقال عند عد كتب المؤلف: كتاب الرواة عن أهل البيت (عليهم السلام) كما في ميزان الاعتدال، ج 3، ص 499، ط بيروت، وذكره أيضا عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين، ج 9، ص 146، كما تقدم.


= أعلمتم ؟ أن التشيع مذهبي * إني أقول به ولست بناقض إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي أنظر مادة رفض من تاج العروس للزبيدي، ج 18، ص 354، إذ قال: والرفض بالكسر معتقد الرافضة، ومنه قول الامام الشافعي رضي الله عنه، في ما ينسب إليه، وأنشدناه غير واحد من الشيوخ. فدكر البيت الاخير، وبقية الابيات في كتب الاعلام والتراجم، كما ذكر العلامة الخطيب المعاصر الدكتور الشيخ أحمد الوائلي دام فضله وتوفيقه، في كتابه هوية التشيع ص 42. كما في حلية الاولياء لابي نعيم الاصبهاني ج 9 ص 152، ط بيروت. وكما تجد أيضا في ديوان الشافعي، ط بيروت، ص 55، وهكذا في مقدمة كتاب دليل فقه الشافعي، ط جامعة طهران، ص 11، قال إبن حجر العسقلاني في تعليقاته على فردوس الاخبار للديلمي ج 5 ص 410، في تعليقته على حديث: يا علي لا يبغضك من الرجال إلا منافق ولا يبغضك من النساء إلا السلقلق، قال: ورأيت عند مناقب الشافعي للبيهقي عن الربيع بن سليمان قال: قيل للشافعي: إن ناسا لا يصبرون على سماع منقبة أو فضيلة لاهل البيت، وإذا سمعوا أحدا يذكرها قالوا: هذا رافضي، وأخذوا في حديث آخر. فأنشأ الشافعي رضي الله تعالى عنه يقول: إذا في مجلس ذكروا عليا * وسبطيه وفاطمة الزكية فأجرى بعضهم ذكرى سواهم * فأيقن أنه لسلقلقية وقال: تجاوزا يا قوم هذا * فهذا من حديث الرافضية برئت إلى المهيمن من أناس * يرون الرفض حب الفاطمية على آل الرسول صلاة ربي * ولعنته لتلك الجاهلية. [ * ]

[ 80 ]

3 – دلائل الائمة، أو الامامة الواضحة، ذكره السيد الامين (رحمه الله) في الاعيان، ج 9، ص 199 وقال: روى فيه في أحوال الزهراء [ عليها السلام ]، بإسناده إلى ابن مسعود أنه قال: جاء إلى فاطمة فقال: يا بنت رسول الله…. إلى آخر الحديث. وذكره أيضا ابن شهر آشوب المازندراني في معالم العلماء، وعمر رضا كحالة في معجم المؤلفين، والسيد حسن الصدر في تأسيس الشيعة. وللشيخ الطهراني، والتستري، والمامقاني بيان شامل جدا حول الكتاب ما تقدم في ترجمة المؤلف، فلا حاجة إلى التطويل. واحتمل بعض العلماء من وضع الكتاب أن يكون المجلد الثاني للمسترشد، كما تقدم ولعله هو الصواب. وقال العلامة المحقق السيد إعجاز حسين النيسابوري الكنتوري في كشف الحجب والاستار ص 215: دلائل الامامة، للشيخ الجليل، محمد بن جرير الطبري الامامي، و يسمى ب‍ ” المسترشد “. أقول: ومن هذا الكلام أيضا يستفاد أن دلائل الامامة يعتبر المجلد الثاني لكتاب المسترشد فتأمل جدا. 4 – مناقب فاطمة وولدها قال العلامة الرازي في الذريعة، ج 22، ص 332، الرقم، 7322:


[ 81 ]

مناقب فاطمة الزهراء وولدها (ع) لابي جعفر محمد بن جرير بن رستم بن جرير الآملي الطبري، دلائل الامامة وغيره، كذا ذكره سيدنا الصدر في تأسيس الشيعة. أقول: إن للعلامة الرازي (ره) بيان حول الكتاب ونسبته إلى الطبري الكبير ولصاحب ” المسترشد ” ؟ أم لا، وكذا نقل مدينة المعاجز عنه، فهذا نصه: [ قال الرازي ]: أقول: ينقل عنه في ” مدينة المعاجز: 53 ” وفي النسخة المطبوعة غلط فأنه كتب فيها محمد بن جعفر الطبري بدل جرير فلا تغفل وفيه رواية عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، ويروي عنه في ” دلائل الامامة ” أيضا وكذا روايته عن أبي المفضل الشيباني، كما يروي في دلائله عنهما كثيرا مؤيد لكونهما لرجل واحد لكن ليس هو صاحب ” المسترشد ” لان ” المسترشد ” رواه عن مصنفه الشريف أبو محمد الحسين بن حمزة العلوي المرعشي الطبري، المتوفى سنة 358، وفي ” دلائل ” و ” المناقب ” يروى عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري الذي هو من مشايخ النجاشي، وتوفي والده سنة 385، فصاحب ” المناقب ” معاصر للنجاشي، وصاحب ” المسترشد ” معاصر لابي جعفر الطبري العامي الذي توفى سنة 310، والسيد بن طاووس نقل عن كتابه في ” الطرف ” الطرفة الخامسة والعشرون وقال [ إن محمد بن جرير الطبري سمى كتابه هذا ب‍ ” مناقب أهل البيت ” ورتبه أبوابا على الحروف المعجم فقال في باب الياء… ]. وقد مر (22: 324) ان مناقب أهل البيت للشيخ الثقة أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الكبير، كما وصفه كذلك في


[ 82 ]

” الفهرست ” والمعاصر لسميه العامي الذي مات سنة 310، و ” مناقب فاطمة ” هذا لمحمد بن جرير المتأخر الصغير المعاصر للشيخ الطوسي والنجاشي كما يظهر من اتحاد جملة من مشايخهم. 5 – نور المعجزات (1) في مناقب الائمة الاثني عشر: ذكره السيد الامين وقال: وهو أخصر من الدلائل، وذكره عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين. 6 – الايضاح: ذكره السيد الامين في الاعيان، والخوانساري في روضات الجنات ج 7، نقلا عن كتاب مقامع الفضل للبهبهاني، كما تقدم في ترجمة المؤلف. 7 – غريب القرآن: ذكره الشيخ المفيد (رحمه الله) في الامالي ط طهران، ص 19، والشيخ الطهراني في نوابغ الرواة، كما تقدم. 8 – الآداب الحميدة: ذكره الميرزا محمد علي التبريزي المعروف بالمدرس في كتابه ريحانة الادب ج 4، ص 43، وقال: ومن تأليف هذا الطبري الكبير الامامي الآداب الحميدة الذي ينقل عنه القاضي التنوخي. وقال العلامة الطهراني في الذريعة ج 1، ص 18، الرقم / 82. الادب


(1) – قال المحدث القمي (ره) في الفوائد الرضوية ص 533: نوادر المعجزات. [ * ]

[ 83 ]

الحميدة: للشيخ الجليل محمد بن جرير الطبري الامامي نقل عنه القاضي التنوخي في الفرج بعد الشدة وعنه نقل الشيخ الشهيد محمد بن مكي في مجموعته، وحكى عنها العلامة المجلسي في أواخر مفاتيح الغيب و الكفعمي في المصباح ونسبه في كشف الظنون إلى ابن جرير الطبري العامي صاحب التاريخ والتفسير من جهة الاشتراك في الاسم وهو وهم. 9 – حذو النعل بالنعل ذكره ابن اسفنديار في تاريخ طبرستان ص 130، قائلا: ومن أشهر تصانيفه: ” المسترشد ” وكتاب حذو النعل بالنعل كما تقدم. فهذا: ما وصل إلينا من آثاره العلمية، ولعل هناك آثارا أخرى للمؤلف رحمه الله، بقيت في مخابئ الارض، وزوايا المكتبات العامة والخاصة التي لم تصل إلينا، وما وصلت يدنا إليها يحتاج إلى التحقيق، إذ لم يستقص في هذا المجال حق الاستقصاء التام الشامل لعامة المكتبات الموجودة في الشرق والغرب من الهند، واليمن، وتركيا (إسطانبول) ومصر، وإفريقيا، والاندلس (إسبانيا) والحجاز، وفرنسا، وبريطانيا، و أمريكا والمغرب، وغيرها من المدن، من العراق وإيران، إذ نجد في كل شهر وعام، يصدر من كل منها كتاب جديد أو نشرة جديدة تنبئ عن وجود شئ من التراث القديمة والنسخ التي تمر عليها قرون من ثلاث مأة وأربع مأة إلى ألف عام فصاعدا. والاستقصاء في كل منها بحاجة إلى لجاب ثقافية، ودعمها الشامل


[ 84 ]

لتقوم بدويها الفعال دون وقفة وتمهال وتسويف، كذلك المؤتمرات الناتجة من الافكار السليمة البعيدة عن كل تحزب وتشويه وهذا من سوء حظ أرباب العلم أنهم أحيانا يواجهون من لا شأن له في هذا الوادي، إلا أنه يملك مفاتيح الخزائن للمراكز الثقافية والعلمية والدينية، فيتواضع لمن ملكه، ويركع أمامه للدنيا، والتراث دفين، ولا يختص بمكان وزمان، بل أصبحت هذه المشكلة عامة البلوى، حتى وصلت إلى مجامعنا التراثية، وجامعاتنا التربوية كما نسمع ونرى. ولا تختص هذه البلية بمؤلف كتابنا فحسب بل كتب البلاء على الولاء ثم الامثل، هذا شيخنا المفيد معلم الامة (رحمه الله)، حيث تكون مؤلفاته مكتبة غنية تتجاوز أكثر من مائتين وخمسين مؤلفا، والذي وصل منها إلينا لم يبلغ الاربعين، ومثله شيخ الطائفة، وعلم الهدى المرتضى، و الموسوي السيد الرضي رحمهم الله جميعا، قرنا بعد قرن، من نصير الملة والدين الفيلسوف الطوسي رحمه الله، إلى الفقيه العلامة الحلي، ومن الصاحب ابن عباد، إلى يومنا هذا، كانت مكتبة أهل البيت (ع) تعاني مما تعرضت له من الحوادث بالرغم من أنها غنية بالذات وبالقوة في جميع المجالات العلمية، من الادب، والمنطق، والكلام، والاصول، إلى الفقه والتفسير، والتاريخ، وإلى الطب، والفن، والاخلاق، والفلسفة، والرياضيات والفلكيات، وعلم النفس والاجتماع. وأما التي في أيدينا من العلوم بالفعل ليست إلا حبة من سنبلة، و غرفة من بحر وغيض من فيض.


[ 85 ]

وفي ختام هذه المقدمة، ألفت نظر الباحثين الكرام، إلى أمور: الاول، أن الكمال لله وحده، وأن الانسان قد يقع في السهو والنسيان فبناء على هذا، إذا وجد هنا سهو قلم أو خطأ، فيرجى من السادة العلماء التذكير والتنبيه على ما يرون من الاخطاء، وأعلن بكل صراحة أني مستعد لقبول كل نقد بناء من كل إنسان مؤمن بالله لا يريد إلا الخير. الثاني: يوجد في الكتاب بعض المطالب ذكره المؤلف رحمه الله دون أن يشير إلى مصدر أو مأخذ، وحاولت بكل الجهد والسعي، وأخرجت جل محتويات الكتاب عن مصدر أو مصادر من مخطوط أو المطبوع، وذكرت المصادر في الهامش والتعليق أيضا، بذكر الكتاب والمجلد والصفحة والطبعة، إلا أن هناك بعض المطالب الذي ذكره المصنف (رحمه الله) قبل ألف سنة، وذلك اليوم لم يكن في متناول أيدي المصنفين، والمؤلفين من وسائل التأليف الفني، كما يتداول اليوم، ولعلهم كانوا ينقلون شفهيا، دون أن يدونوا أو يسجلوا في دفاترهم وكتبهم. وأما المصادر الموجودة مع توفرها وكثرتها فلم تغن المكتبات رغم وجود المخطوطات والمطبوعات، فإن كثيرا من المصادر المخطوطة بعد مفقودة، أو في غير متناول الايدي، والذي يتناول أيضا يحتاج إلى الاخراج والتحقيق والتعليق كما تقدم، فإذا يبقي كثير من المطالب بدون مأخذ، وأحيانا نجد في الكتاب حديثا أو أكثر لم نجده في غيره، وذلك كما لا يدل على بطلان الحديث – لانه عدم الوجدان


[ 86 ]

لا يدل على عدم الوحود – لا يكون أيضا حجة، لان القضايا الدينية لا تبني على المتفردات التي لا شاهد لها، ولكن أبقيناه بحاله فلعلنا أو من يظفر على شاهد له، وأما عدم العثور على مصدر له أيضا لا يدل على بطلانه في الواقع فلعله أسقط عن بعض تعمدا (1) أو سهوا أو نسيانا، أو لعروض سانحة، وبالجملة لا نلتزم بصحته ولا ببطلانه فأبقيناه في الكتاب كما ذكر المؤلف، حفظا للامانة، وأداء للحق، وأملا في المستقبل. فهذا المرشد العظيم يرشدنا بمسترشده إلى من كان يقول: لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وأهل الانجيل بإنجيلهم، وأهل الزبور بزبورهم وأهل الفرقان بفرقانهم، وإلى من كان يشير إلى صدره ويقول: هاه… إن هاهنا لعلما جما. فإلى ” المسترشد ” ودلائله الواضحة، وآدابه الحميدة وتبيين المناقب الجلية. بقى هنا شئ وهو: أني لم أشر إلى سنة ولادة المؤلف ولا عام وفاته إذ لم يتعرض أحد من المترجمين في رجالهم، وهذا أيضا من حظ المؤلف، إذ ترجمه من هو أقرب العهد إليه كالنجاشي والشيخ الطوسي و المفيد، مع عنايتهم التامة بشأنه ومؤلفاته، ومع ذلك لم يتعرضوا لذكر


(1) – كما نشاهد هذا اليوم في كثير من الكتب المطبوعة من الفريقين، أليس من الافضل أن لا نتصرف في كتب القدماء، ولا نفسر الكلام ما لا يرضى صاحبه، لان كل مؤلف ومحقق هو مسئول عما يكتب، إلا من سهو قلم أو ما لا يلائم الشريعة السمحاء ؟ !. [ * ]

[ 87 ]

عام ولادته وحتى سنة وفاته شيئا. نعم ذكر بعض المتأخرين عام ولادته كما في معجم المؤلفين وبعض آخر أشار إلى عام ولادته (226)، وإلى ان عام وفاته (310)، إلا أنه لا نملك دليلا وافيا يدل على ذلك، فكما قال المدرس التبريزي في ريحانة الادب: لم نعثر على عام وفاته رحمه الله تعالى، ونقول: فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا. هذا ما وصل من ترجمته رحمه الله، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.


[ 89 ]

ملخص ما قمنا به من عمل التحقيق في هذا الكتاب:


[ 90 ]

” ا “: استنسخنا الكتاب وقابلناه مع النسخ الموجودة، وذكرنا موارد الاختلاف، وجعلنا المخطوطتين الموجودتين في المكتبة الحسينية الشوشترية، ومكتبة السيد الحكيم (ره) في النجف الاشرف هما الاصل، إذ كانتا تطابقان المطبوع. ” ب “: قدمنا مقدمة بحثنا فيها عن الكتاب والمؤلف، فأوردنا ما وجدنا من كلمات أرباب الفن والتحقيق حولهما، وتبيين آرائهم، كما أشرنا فيها إلى سائر آثاره العلمية والتراثية. ” ج‍ “: خرجنا النصوص عن مصادرها ومظانها فأشرنا إليها، وتكثير الشواهد، وكذلك تتميم السقطات الموجودة في الكتاب مما تعرضت له إثر الحوادث من الامكنة والازمان على قدر الامكان. ” د “: شكلنا الآيات، والخطب الموجودة والاحاديث الواردة في الكتاب، وتكميلها حسب الضرورة والاقتضاء. ” ه‍ “: صححنا أسماء الاعلام والرواة وضبطها، وترجمة الرجال مع مراجعة كتب التراجم والسير، وتبويب الفصول والمواضيع على نهج المصنف رحمه الله. ” و “: وضعنا الفهارس الفنية لآيات الكريمة القرآنية والاحاديث الشريفة، والابيات الشعرية، والاعلام، والامكنة والايام، والكتب والمؤلفات المذكورة في الهامش.


[ 91 ]

وأحمد الله تعالى على ما أنعم علي بتوفيقه لما قمت بهذا العمل الشريف المتواضع راجيا منه القبول يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى بالحسنات والقلب السليم. (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب). شوال 1410 ه‍ قم المقدسة وكتب الشيخ أحمد المحمودي


[ 93 ]

نماذج مصورة من نسخ الكتاب


[ 95 ]

نص الوقفية بخط العلامة المجلسي رحمه الله لكتاب ” المسترشد ” هو الواقف على الضماير بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد فهذا الكتاب المستطاب ما عمل وصنع واستنسخ، من نماء الحمام الواقع في أراضي نفشجهان ببلدة إصفهان، من أوقاف السلطان الاعظم والخاقان الاعدل الاكرم، محيي مراسم الشريعة الغراء، مشيد قواعد الملة البيضاء، فرع الشجرة الطيبة النبوية، غصن الدوحة العلية العلوية، ممهد أساس الدين المبين ومروج آثار آبائه الطاهرين، أعني السلطان بن السلطان، والخاقانا بن الخاقان، أبا المظفر سلطان سليمان الموسوي الصفوي بهادر خان شد الله أطناب دولته بأوتاد الخلود، وزين سرير سلطنته بدرر الغر والسعود، فوقفته بأمره الاعلى على الشيعة الامامية الاثنى عشرية وقفا بتا، الا يباع ولا يشترى، ولا يوهب ولا يحبس من مستحقه، وجعلت توليته والنظر فيه لنفسي ثم لمن عينته لتوليته أوقافي، ثم لمن عينه هذا المتولي، وهكذا، ثم إلى العالم المحدث الصالح المتوطن في بلدة إصفهان، ومع التشاح إلى من أخرجته القرعة منهم. فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه. وكتب الداعي لخلود الدولة القاهرة: محمد باقر بن محمد تقي المجلسي عفى الله عنهما في شهر ذي القعدة الحرام لسنة خمس وتسعين بعد الالف. والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله على سيد المرسلين محمد وعترته الاكرمين. محل خاتمه محمد باقر العلوم.


[ 109 ]

بسم الله الرحمن الرحيم بدأت باستنساخ الكتاب يوم الجمعة الثالث من شهر صفر لسنة (1398) في دار العلم قم المقدسة.


[ 110 ]

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله الطيبين (1) [ باب أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصل خلف أبي بكر ]


(1) في بعض النسخ: والصلاة والسلام على محمد الامين، وآله الميامين، ولعنة الله على الظالمين.

[ 111 ]

قال [ الشيخ ] أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم بن يزيد الطبري (1) [ الامامي ]: إحتج قوم من أهل الزيغ والعداوة لله جل ذكره (2) ولرسوله صلى الله عليه وآله. أن الخلافة لم تصلح بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، إلا لابي بكر (3) بن أبي قحافة بدعواهم أنه كان أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه كان قدمه للصلاة في علته. فدللناهم على موضع خطئهم، وأعلمناهم، أن رسول الله صلى الله عليه وآله، كان يولي أمر المسلمين مما هم فيه من الصلاة والاحكام وأمور الدين من ليس بفاضل، مثل عمرو بن العاص، فإنه ولاه على أبي بكر وعمر في غزوة ذات السلاسل (4) وولي خالد بن الوليد والوليد بن عقبة (5) وولي أسامة


(1) – وفي (ش) أي النسخة الشوشترية، رحمة الله عليه، تغمده الله برحمته واسكنه فسيح جنته. (2) – وفي ” ش ” ليست كلمة جل ذكره. (3) – وفي ” ش ” في، وكذا نسخة الارموي في. (4) – الكامل في التاريخ لابن الاثير، ج 2 ص 232 ط بيروت، وتاريخ الطبري ج 3 ص 32. (5) – الكامل ج 2، ص 400، ط بيروت، وص 532، وكتاب المغاوي لمحمد بن عمر [ * ]

[ 112 ]

بن زيد (1) وكان آخر توليته، وجعل أبا بكر وعمر، وأبا عبيدة ابن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبا الاعور السلمي، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل (2)، في رجال من المهاجرين والانصار عدة، منهم: قتادة بن النعمان (3) وسلمة بن أسلم بن حريش (4) تحت لوائه وكان أشدهم إنكارا لولايته عياش بن أبي ربيعة (5) حتى قال: أيستعمل هذا الغلام على المهاجرين والاولين ؟ فكثرت القالة فسمع عمر بن الخطاب هذا القول فرده على من تكلم به وجاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره بقول من قال، فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله من بعض ذلك القول غضبا شديدا، فخرج في علته وقد عصب رأسه بعصابة وعليه


= الواقدي ج 2، ص 770 ط مصر، وكتاب الاسد الغابة لابن أثير ج 4 ص 224 و 245 ط مصر. (1) – هو: أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي أبو محمد، مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأمه: أم أيمن حاضنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) توفى في خلافة معاوية. أنظر تهذيب الكمال ج 2، ص 338، الرقم: 316. قال المزي: إستعمله رسول الله صلى الله عليه وآله على جيش فيه أبو بكر وعمر، فلم ينفذ. (2) – تهذيب التهذيب ج 4، ص 34، الرقم 53. (3) – هو: قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر. المتوفى (23) أنظر تهذيب الكمال ج 23، ص 521. رقم: 4851. (4) – أسد الغابة ج 2، ص 422، تحت الرقم (2151). (5) – وفي المغازي للواقدي ج 3، ص 1118، عياش بن أبي ربيعة أيضا وهو الصحيح فذكر الواقدي الخبر بطوله مع إختلاف طفيف فراجع، وأما ترجمة الرجل فموجودة في تهذيب التهذيب ج 8، ص 197، وج 3 من الاصابة ص 47 رقم: (6123)، وأسد الغابة، ج 4 ص 320 ط مصر. [ * ]

[ 113 ]

قطيفة وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: 1 – أيها الناس ما مقالة بلغني (1) عن بعضكم في تأميري أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبل، وأيم الله إنه للامارة لخليق (2) وإبنه بعده للامارة خليق، وهو من أحب الناس إلي و إنهما أهل (3) لكل خير فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم (4). ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وآله (5) فدخل بيته وذلك ليوم السبت، لعشر خلون من شهر ربيع الاول، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيهم أبو بكر وعمر (6)، ورسول الله يقول: أنفذوا جيش أسامة، ودخلت أم أيمن وهي أم أسامة، (7) فقالت: يارسول


(1) – في ” ش ” بلغتني مقالتكم. (2) – تاريخ الطبري ج 3 ص 184 و 186، والبخاري ج 6 ص 19 ط مصر. (3) – وفي النسخة الشوشترية، مكان أهل كان بياضا. (4) – وقريب منه في صحيح مسلم ج 4 ص 1884 كتاب فضائل الصحابة، باب 10، باب فضائل زيد بن حارثة، وأسامة بن زيد، رقم الحديث: 2426. (5) – كانت هذه الجملة مكتوبة برمز صاد هكذا: صلى الله عليه وآله بين القوسين في النسخة فأبدلناها طبقا للاصل كما أن كلمة عليه السلام كانت برمز (ع) فأبدلناها. (6) – دلائل النبوة للبيهقي ج 7 ص 200 ومغازي الواقدي ج 3، ص 1119، كما يأتي. وتهذيب الكمال للمزي، ج 2، ص 340، في ترجمة أسامة بن زيد بن حارثة، وفيه: إستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش فيه أبو بكر وعمر، ولم ينفذ حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (7) – أم أيمن، إسمها بركة حاضنة النبي صلى الله عليه وآله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” أم أيمن أمي بعد أمي ” تهذيب الكمال ج 35 ص 329 الرقم: 7950. وطبقات الكبرى لابن سعد ج 8 ص 223، وقال: قال محمد بن عمر: توفيت أم أيمن في أول خلافة عثمان. [ * ]

[ 114 ]

الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل (1) فإن أسامة إن خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنفذوا بعث أسامة. فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا (2) ليلة الاحد ورسول الله ثقيل مغمي عليه، فدخل أسامة على رسول الله وعيناه تهملان وعنده العباس عمه رحمه الله، والنساء حوله فتطأطأ إليه (3) أسامة فقبله رسول الله صلى الله عليه وآله ورفع يديه إلى السماء ثم نصبهما (4) إلى أسامة. قال أسامة: فعرفت (5) أنه يدعو لي فرجعت إلى معسكري، فلما كان يوم الاثنين جاء أسامة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أغد على بركة الله، فودعه أسامة، وروسل الله مفيق، فصاح أسامة بأصحابه وأمرهم باللحوق بالمعسكر، وبالرحيل. فلما متع النهار فبينا أسامة يريد أن يركب من الجرف (6) أتاه رسول


(1) – تماثل من باب تفاعل، تماثل عليل من علته، أي قارب البرء وصار – أشبه شئ بالصحة. (2) – وفي (ش) العسكر وباتوا. (3) – في ” ش “: عليه فتطأطأ عن الشئ، إذا خفض رأسه، لسان العرب ج 10 ص 113، وتاج العروس ج 1، ص 322. (4) – في مغازي الواقدي فيصبهما، ثم انظر تاريخ الطبري ج 3، ص 196، ط مصر، وفي ” ش ” نصبها. وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1، ص 160 يضعهما. (5) – وفي ” ش “: فأعرفه. (6) – موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام، معجم البلدان ج 2، ص 128. [ * ]

[ 115 ]

أم أيمن يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله يموت، فامتنع عليه القوم (1) فتوفي رسول الله في ذلك اليوم حين زاغت الشمس، وهو يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الاول (2) ودخل الناس من الجرف إلى المدينة، ولم ينفذوا لامر رسول الله، ثم اضطربوا، وبايعوا لابي بكر قبل دفن رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم إدعى القوم أن أبا بكر لم يكن في جيش أسامة (3). فحدث الواقدي، وهو: أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي [ المتوفى 207 ] قال: 2 – حدثنا ابن أبي الزناد (4)، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: كان أبو بكر فيهم (5).


(1) – أنظر مغازي الواقدي ص 1119، ج 2، ط مصر. () – في ” ش “، من شهر ربيع الاول. إلى هنا ذكر الواقدي في المغازي ج 3، ص 1120، مع اختلاف طفيف جدا. (3) – ذكره العلامة البياضي (ره) في كتابه صرط المستقيم ج 2، ص 296، وقريبا منه جدا ما ذكره ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 160. (4) – هو عبد الرحمن بن أبي الزناد بن ذكوان القرشي، المتوفى (174) أنظر تهذيب التهذيب ج 6 ص 170 والكامل لابن عدي ج 4، ص 1585. (5) – قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 1، ص 159. لما مرض رسول الله صلى الله عليه وآله مرض الموت، دعا أسامة بن زيد بن حارثة، فقال: سر إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك على هذا الجيش، وإن أظفرك الله بالعدو، فأقلل البث، وبث العيون وقدم الطلائع، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والانصار إلا كان في ذلك الجيش منهم: أبو بكر وعمر، فتكلم قوم وقالوا: أيستعمل هذا الغلام على جلة المهاحرين والانصار ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله لما سمع ذلك وخرج عاصبا رأسه، فصعد المنبر وعليه قطيفة فقال: أيها الناس…. [ * ]

[ 116 ]

3 – وحدثنا أيضا، عن محمد بن عبد الله بن نمير (1) عن عمرو بن دينار (2) مثله. فقد ثبت من رواية المخالفين، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان آخر عهده وهو يغرغر، قال: أنفذوا جيش أسامة، وكان أبو بكر فيهم (3)، وزعم القوم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره بالصلاة في علته، وإقامته (4) مقامه، فكيف يكون ذلك وقد ألح صلى الله عليه وآله في أسامة هذا الالحاح، ألم يعلم أنه ميت ؟، أليس قد نعى نفسه قبل ذلك بشهر ؟. 4 – رواه الواقدي عن عبد الواحد بن أبي عون (5) قال عبد الله بن


(1) – هو: محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي، أبو عبد الرحمان الكوفي، المتوفي (234)، أنظر تهذيب الكمال ج 25، ص 566، رقم: 5379. والجرح والتعديل ج 7، ص 307. (2) – هو عمرو بن دينار المكي أبو محمد الاثرم الجمحي، أنظر تهذيب التهذيب ج 8 ص 28. (3) – أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج 7، ص 200، قال: فيهم عمر بن الخطاب. (4) – وفي ” ش ” وإقامته مقامه. ثم انظر كتاب السقيفة لابي بكر، أحمد بن عبد العزيز الجوهري، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن صالح… إلى أن يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاحرين والانصار، منهم: أبو بكر وعمر، وأبو عبيدة ابن الجراح… إلى أن قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعن الله من تخلف عن جيش أسامة وكرر ذلك فخرج أسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين. (5) – أنظر تاريخ الامم والملوك للطبري ج 3 ص 191 ط مصر وفيه: وأوصي الله بكم، واستخلفه عليكم وأؤديكم إليه إني لكم نذير وبشير، لا تعلوا على الله في عباده وبلاده فإنه قال لي ولكم: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين). القصص: الآية 83 وقال: (أليس في جهنم مثوى = [ * ]

[ 117 ]

مسعود نعي نبينا نفسه (1) قبل موته بشهر، فقال: [ مرحبا بكم ] حياكم الله بالسلامة، رحمكم الله، رزقكم الله، نفعكم الله آواكم الله – يعني إلى الجنة – وقاكم الله، أوصيكم بتقوى الله. في كلام طويل (2). فكيف يقدم رجلا ويجعله خليفته من بعده في أمته بزعمهم، وقد أمره بالخروج مع أسامة، ومعه الجماعة التي خاف من ناحيتها على الاسلام وعلى تبديل أمره ؟ !، ولو كان ذلك كذلك لم يكن معني الصلاة


(1) = للمتكبرين) الزمر: الآية 60). وذكر أيضا ابن سعد في الطبقات ج 2 ص 256 باختلاف طفيف، وكما ذكره أيضا أبو حامد الغزالي في إحياء علوم الدين ج 4 ص 469 و 471 وفيه: وأوصي بكم الله إني لكم نذير مبين الا تعلوا على الله في بلاده وعباده وقد دنا الاجل والمنقلب إلى الله وإلى سدرة المنتهى وإلى جنة المأوى وإلى الكأس الاوفى فإقرأوا على أنفسكم وعلى من دخل في دينكم بعدي مني السلام ورحمة الله، وفي ص 471 والرفيق الاعلى والحظ والعيش المهنا. فقال [ إبن مسعود ]: يا نبي الله من يلي غسلك ؟ قال [ صلى الله عليه وآله وسلم ]: رجال من أهل بيتي الادنى فالادنى. وبعده كلام طويل. (1) – وفي ” ش ” صلى الله عليه وآله. (2) – أنظر الكامل في التاريخ لابن الاثير ج 2، ص 319 ط بيروت. وذكر أيضا أبو الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمد بن الجوزي المتوفى (597) في المنتظم ج 4، ص 34 ط بيروت، وفيه: وأحذركم الله وأوصي بكم الله إني لكم نذير مبين، ألا تعلوا على الله في بلاده وعباده، وقد دنا الاجل والمنقلب إلى الله وإلى سدرة المنتهى وإلى جنة المأوى وإلى الكأس الاوفى، فأقرأوا على أنفسكم وعلى من دخل في دينكم بعدي مني السلام ورحمة الله. والحديث موجود أيضا في سيرة ابن كثير ج 4 ص 502. ومطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجر العسقلاني، ج 4 ص 260، رقم الحديث: 4392. [ * ]

[ 118 ]

معني الاستخلاف، لان أبا بكر لو كان مستخلفا عن (1) رسول الله صلى الله عليه وآله لما جاز له أن يدعوه إلى غيره، ولا جاز للانصار أن يقولوا: منا أمير ومنكم أمير (2) ولكان أبو بكر المدعي له بالخلافة يدعيها لنفسه ما قالوا. [ إختلاف الامة في صلاة أبي بكر ]. على أنهم قد اختلفوا في صلاة أبي بكر، ففرقة زعمت أنه صلى بأمر بلال عن عائشة، وفرقة زعمت أن عليا (عليه السلام) أمر بذلك لما خاف أن تفوته نفس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حين أتاه بلاد يؤذنه بالصلاة فقال لهم: صلوا، فقال عبد الله بن زمعة (3): كنت عدت إلى رسول الله حتى أتاه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: مروا بالناس فليصلوا. (4)


(1) – وفي ” ش ” من. (2) – تاريخ الامم والملوك للطبري ج 3 ص 218 ط مصر وفيه: فقالت طائفة منهم: فإنا نقول منا أمير ومنكم أمير ولن نرضى بدون هذا الامر أبدا، ! فقال سعد بن عبادة حين سمعها: هذا أول الوهن !. (3) – أنظر المصنف لابن عبد الرزاق ج 5، ص 432، وتهذيب التهذيب ج 5، ص 218، رقم 377، فيه إشارة للحديث ذيل ترجمته. وفي نسخة أخرى ربيعة وهو خطأ. وذكر الحديث أيضا البسوي في المعرفة والتاريخ ج 1، ص 243، في ترجمة عبد الله بن زمعة. (4) – قال ابن هشام: قال ابن اسحاق: وقال ابن شهاب: حدثني عبد الملك بن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن عبد الله ابن زمعة بن الاسود ابن المطلب بن أسد، قال: لما استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين، قال: دعاه بلال إلى الصلاة، فقال: مروا من يصلى بالناس. قال فخرجت فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائبا، فقلت: قم يا عمر فصل بالناس. قال: فقام، فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوته، وكان عمر رجلا مجهرا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أبو بكر ؟ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك [ * ]

[ 119 ]

قال عبد الله: فلقيت عمر فقلت: صل بالناس يا عمر، فقام عمر في المقام، فلما كبر سمع رسول الله صوته، وكان رجلا مجهرا فأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله رأسه فقال: لا، لا، ليصل بهم ابن أبي قحافة وهذا بروايتهم (1).


= والمسلمون. قال: فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس، قال: قال عبد الله بن زمعة: قال لي عمر: ويحك، ماذا صنعت بي يابن زمعة، والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك، ولكني حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس. (1) – دلائل النبوة للبيهقي ج 7 ص 187، ومن ثم لو وضعنا نقل البيهقي إلى جنب ما قاله إبن الجوزي المتوفى (597) في ” آفة أصحاب الحديث ” ص 55 ط طهران، لاتضح منه الحق، لان ابن الجوزي ناقش الحديث مناقشة تامة، ورده من الاساس، وإليك نص كلامه: [ قال ابن الجوزي ]: الباب الاول في إقامة الدليل من النقل الصحيح على أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لم يصل خلف أبي بكر، إعلم يا طالب الحق: أن تقدم أبي بكر الصديق رضي الله عنه اتفق مرتين جاء فيهما رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ليصلى خلف أبي بكر، فإما المرة الاولى فكانت في زمن عافية رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، وكان ذلك في أول سنة من سني الهجرة: أخبرنا أبو القاسم هبة الله [ ابن ] (1) محمد بن الحصين، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن زيد، قال: حدثنا أبو حازم، عن سهل ابن سعد، قال: كان قتال في بني عمرو بن عوف بلغ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم، فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم، وقال: يا بلال إن حضرت الصلاة ولم آت فمر ابا بكر فليصل بالناس. =

(1) – من الموضوعات. مسند الامام أحمد بن حنبل ج 5، ص 332. [ * ]

[ 120 ]

* (هامش 1) * = فلما حضرت العصر أقام بلال الصلاة ثم أمر أبا بكر فتقدم بهم وجاء رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بعد ما دخل أبو بكر في الصلاة، فلما رأوه صفحوا وجاء رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم يشق الناس حتى قام خلف أبي بكر، قال: وكان أبو بكر إذا دخل في الصلاة لم يلتفت، فلما رأى التصفيح لا يمسك عنه التفت فرأى النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم خلفه، فأومئ إليه رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم بيده أن أمضه، فقام أبو بكر كهيئته فحمد الله على ذلك ثم مشى القهقري، فتقدم رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فصلى بالناس. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم صلاته قال: يا أبا بكر ما منعك إذ أومأت إليك ان لا تكون مضيت ؟ فقال أبو بكر: لم يكن لابن أبي قحافة ان يؤم رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، وقال الناس: إذا نابكم في صلاتكم شئ فليسبح الرجال وليصفح النساء (1). هذا حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري عن حماد (2) وأخرجه مسلم عن يحيى عن مالك (3) كلاهما عن أبي حازم، وهو ظاهر لا يحتاج إلى كشف، وان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أم الناس. [ قال ابن الجوزي ]: وأما المرة الثانية فكانت في مرضه صلى الله عليه (وآله) وسلم، أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب، قال أخبرنا أحمد بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا الاعمش، عن إبراهيم، عن الاسود، عن عائشة، قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت: فقلت: يارسول الله ان أبا بكر رجل أسيف وأنه متى قام مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، = * (هامش 2) * (1) – مسند أحمد بن حنبل 5 / 322 مع اختلاف في بعض الالفاظ. (2) – كتاب الاحكام، باب: الامام يأتي قوما فيصلح بينهم. (3) – الموطأ، ج 1 ص 163، الحديث: 61 باب الالتفات والتصفيق عند الحاجة في الصلاة. [ * ]


[ 121 ]

* (هامش 1) * = قالت: فقلت لحفصة: قولي له، فقالت له حفصة: يارسول الله ان أبا بكر رجل أسيف وانه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر فقال: إنكن لانتن صواحب يوسف (1) مروا أبا بكر فليصل بالناس. فأمروا أبا بكر يصلي بالناس، فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم خفة، فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الارض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب ليتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أن قم كما أنت، فجاء رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، فكان رسول الله يصلي بالناس قاعدا وأبو بكر قائما يقتدى أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم والناس يقتدون بصلاة أبي بكر (2). هذا حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري (3) عن قتيبة واخرجه مسلم (4) عن أبي بكر كلاهما عن أبي معاوية. واخرجا في الصحيحين من حديث موسى بن أبي عائشة عن عبيدالله بن [ عبد الله بن ] عتبة قال: دخلت على عائشة فقلت: حدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فقالت: ارسل رسول الله إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، ثم وجد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم من نفسه خفة، فخرج بين رجلين، أحدهما العباس – وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم ان لا يتأخر، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر. = * (هامش 2) * (1) – ومعلوم حال النسوة اللاتي أردن من يوسف ما أرادت صاحبتهن، ويا لها من تشبيه !. (2) – مسند أحمد بن حنبل ج 6 ص 224 مع اختلاف يسير ورواه أبو الفرج ابن الجوزي في المنتظم ج 4، ص 31. (3) – كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم. (4) – كتاب الصلاة، باب استخلاف الامام إذا عرض له عذر. [ * ]


[ 122 ]

* (هامش 1) * = قال عبيد الله: فدخلت على ابن عباس فعرضت حديثها عليه، فما انكر منه شيئا، غير أنه قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس ؟ قلت: لا، قال هو علي بن أبي طالب (4). واخرجاه في الصحيحين من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: أمر رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه، قال عروة: فوجد رسول الله من نفسه خفة، فخرج وإذا أبو بكر يؤم بالناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه أن كما أنت، فجلس رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى جنبه، فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله والناس يصلون بصلاة أبي بكر. قال الجوزي: وقد أخرجه الامام أحمد من طرق عن عائشة، فلما أر الاطالة بذكرها. أقول: هذا نص الحديث في المسند: أخبرنا ابن الحصين قال أخبرنا ابن المذهب، قال: أخبرنا أحمد ابن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال حدثني أبي، عن الارقم ابن شرحبيل، عن ابن عباس قال: لما مرض رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، ثم وجد خفة، فخرج، فلما احس به أبو بكر أراد أن ينكص، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم، فجلس إلى جنب أبي بكر عن يساره، واستفتح من الآية التي انتهى إليها أبو بكر (1). قال أحمد: وحدثنا وكيع قال حدثنا اسرائيل عن أبي إسحاق عن الارقم [ ارقم بن شرحبيل ] عن ابن عباس قال: لما مرض رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم جاء بلال مؤذنه بالصلاة، فصلى بالناس ووجد رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم خفة، فخرج يتهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الارض، فلما رآه الناس سبحوا بأبي بكر، فذهب يتأخر، فأومأ ليه أي مكانك، فجاء النبي صلى الله عليه (وآله) حتى جلس وقام أبو بكر عن يمينه، فكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم والناس يأتمون بأبي بكر، واخذ النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم من القراءة من حيث كان بلغ أبو بكر (2). = * (هامش 2) * (1) – مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 231، 232. (2) – مسند أحمد بن حنبل ج 1، ص 356. [ * ]


[ 123 ]


= أقول: أورد ابن الجوزي الحديث المذكور مختصرا من المسند وإليك النص: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن العباس قال: لما مرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال: أدعوا لي عليا، قالت عائشة: ندعوا لك أبا بكر، قال: أدعوه، قالت حفصة: يارسول الله ندعوا لك عمر، قال: أدعوه، قالت أم الفضل: يارسول الله ندعوا لك العباس، قال: أدعو، فلما إجتمعوا، رفع رأسه فلم ير عليا فسكت فقال عمر: قوموا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال: مروا أبا بكر يصلي بالناس فقالت عائشة: إن أبا بكر رجل حصر ومتى مالا يراك الناس يبكون فلوا أمرت عمر يصلي بالناس، فخرج أبو بكر فصلى بالناس ووجد النبي (صلى الله عليه وسلم) من نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الارض فلما رأه الناس سبحوا أبا بكر فذهب يتأخر فأومأ إليه، أي مكانك، فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى جلس قال: وقام أبو بكر عن يمينه وكان أبو بكر يأتم بالنبي (صلى الله عليه وسلم) والناس يأتمون بأبي بكر. قال ابن عباس وأخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) من القراءة من حيث بلغ أبو بكر. ومات في مرضه ذاك عليه السلام. وقال وكيع: فكان أبو بكر يأتم بالنبي (صلى الله عليه وسلم) والناس يأتمون بأبي بكر. [ قال ابن الجوزي ]: وفي هذه الاحاديث الصحاح المشروحة أظهر دليل على ان رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كان الامام لابي بكر، لانه جلس عن يساره، وقولهم: يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله دليل على أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم كان الامام، فمن المعاند الآن ؟ ومن صاحب الهوى ؟. قال أحمد المحمودي: يقصد ابن الجوزي الشيخ عبد المغيث بن زهير الحربي المتوفى (583)، وهو الذي ألف كتابا في اثبات ان النبي (صلى الله عليه وآله) صلى خلف أبي بكر، وابن الجوزي رد عليه بالنقل الصحيح أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يصل خلف أبي بكر كما رأيت، ومن أراد التفصيل فعليه بكتاب المذكور، أي ” آفة أصحاب الحديث ” تحقيق السيد علي الميلاني، ففيه ما يوضح الحق ويكشف السر، من مقدمة المحقق دام توفيقه إلى تحقيق المصنف، فراجع الكتاب ليتضح لك الحق. [ * ]

[ 124 ]

5 – وروى علي بن بشير (1) قال: حدثنا عثمان بن معبد، قال: حدثنا عمرو بن ثابت (2) عن جعفر بن محمد، عليه السلام عن محمد بن علي عليه السلام، عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه بلال يؤذنه بالصلاة فقال لعلي: أخرج فصل بالناس فخرج عليه السلام ليصلي بالناس، وخشي أن يفوته رسول الله بنفسه، فلقي أبا بكر فقال: صل بالناس، ورجع علي إلى رسول الله، فقال له رسول الله: أصليت بالناس ؟ فقال علي: أمرت أبا بكر يصلي بالناس وخشيت أن تفوتني نفسك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخرجني أخرجني (3) فخرج متوكئا على علي بن أبي طالب والفضل بن العباس وصلى بالناس فأخر أبا بكر وصلي رسول الله بالناس (4). 6 – وحدثنا عمرو بن مبارك (5) قال حدثنا نوح بن دراج (6) عن


(1) – لم نجد له ترجمة وافية إلا أن النجاشي يقول في ترجمة محمد بن بشير: وأخوه علي ثقتان، رواة للحديث كوفي، مات بقم له نوادر، وكما ذكر السيد الخوئي في معجم رجال الحديث ج 11، ص 280، ط بيروت الرقم 7948، وفي ج 15، ص 127، ط النجف. (2) – عمرو بن ثابت له ترجمة في تهذيب الكمال، ج 21، ص 553، الرقم: 4333، وفي تهذيب التهذيب ج 8، ص 9، تحت الرقم 11، ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي دام ظله ج 13 ص 72 الرقم: 8847، وفي ط بيروت: ص 79، الرقم: 8862، ثم إنه لا غرابة من أمثال ابن حجر يطعن في من وثقة الاعاظم وأطراه الاجله، وليس هذا أول قارورة كسرت في الاسلام. (3) – في نسخة ” ش ” غير مكرر. (4) وقريبا منه ذكره ابن الجوزي في ” كتاب آفة أصحاب الحديث ” ص 57، كما تقدم. (5) – إلى الآن لم نجد له ترجمة، في الكتب الرجالية ولعله عمرو بن مالك. [ * ]

[ 125 ]

منصور بن حازم (7)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام، قال: قلت له: إن الناس يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس، قال: قال لعلي (عليه السلام): صل بالناس، فخرج وخشي أن يفوته رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه فقال لابي بكر: [ صل بالناس ] (8) فإني أخشى أن يفوتني رسول الله بنفسه فلما رجع قال صلى الله عليه وآله له: أصليت بالناس ؟ فقال: يارسول الله أمرت أبا بكر أن يصلي بالناس وخشيت أن تفوتني بنفسك، فوجد رسول الله صلى الله عليه وآله خفا (9) فقال: أخرجني، فخرج متوكأ على علي (عليه السلام) والفضل بن العباس، وصلى بالناس وأخر أبا بكر، (10) 7 – وحدث علي ابن بشير، قال: حدثنا عبد الرزاق (11)، عن معمر (12)


(6) – هو: نوح بن دراج النخعي، مولاهم أبو محمد الكوفي القاضي، المتوفى (182). أنظر تهذيب الكمال ج 30، ص 43، رقم: 6490. ومعجم رجال الحديث، للسيد الخوئي ج 19، ص 179. (7) – هو: منصور بن حازم أبو أيوب البجلي الكوفي. ثقة، أنظر رجال النجاشي، ط بيروت ج 2. ص 352، الرقم: 1102. ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج 18، ص 343. (8) – ما بين المعقوفتين كان ساقطا من ” ش “. (9) – كذا في النسخة ولكن الصحيح خفة كما في صحيح البخاري وشرحهه فتح الباري ج 2 ص 122 لابن حجر العسقلاني. (10) – لقد تفرد المصنف (ره) بهذا الحديث سندا، ولم أجد إلى الآن مصدرا، إلا أن المضمون، وهو تأخير أبي بكر، من المشهور بل هو التواتر. (11) – هو: عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم اليماني، أبو بكر الصنعاني المتوفى (211)، صاحب المصنف. انظر تهذيب الكمال ج 18، ص 52، رقم: 3415. (12) – هو: معمر بن راشد الازدي. [ * ]

[ 126 ]

عن الزهري، عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة: [ قالت: ] إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما ثقل أتاه مؤذنوه الثلاثة، بلال، وابن أم مكتوم، وعبد الله بن زيد، فقال: صلوا، فخرجوا من عنده، فوجد رسول الله خفة فقام ولم يقدر على النهوض، فتوكأ على رجلين (1) أحدهما الفضل بن العباس، فوضع يده على منكبيهما حتى خرج، فصلى بالناس. قال عبيد الله: فحدثت بذلك عبد الله بن عباس، فقال: هل تدري من الرجل الآخر ؟ فقلت: لا، فقال: هو علي بن أبي طالب، ولكنها لا تقدر أن تذكره بخير ولا تستطيع (2).


(1) – في ” ش “: من أهله. (2) – قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني المتوفى (211) في مصنفه ج 5، ص 429، باب بدء مرض رسول الله صلى الله عليه وآله: قال الزهري: وأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عائشة أخبرته قالت: أول ما إشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة، فإستأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فأذن له، قالت: فخرج ويد له على الفضل بن عباس، ويد أخرى على رجل آخر، وهو يخط برجليه في الارض، فقال عبيد الله: فحدثت به ابن عباس، فقال: أتدري من الرجل الذي لم تسم عائشة ؟ هو علي بن أبي طالب، ولكن عائشة لا تطيب لها نفسا بخير. وقال محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه ج 1 ص 59 ط مصر، حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عائشة قالت: لما ثقل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واشتد به وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي فأذن له فخرج النبي (صلى الله عليه وآله) بين رجلين تخط رجلاه في الارض بين عباس ورجل آخر. قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله بن عباس، فقال: أتدري من الرجل الآخر ؟ قلت: لا، قال: هو علي بن أبي طالب، أنظر فتح الباري بشرح صحيح البخاري للعسقلاني، ج 1، ص 242 ط مصر. وشرح الكرماني، ج 3، ص 45. [ * ]

[ 127 ]


= وفي تاريخ الامم والملوك لمحمد بن جرير الطبري العامي المتوفي (310) ج 3 ص 189 ط مصر، عن عائشة، قالت: فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر تخط قدماه الارض، عاصبا رأسه حتى دخل بيتي. وقال عبيد الله: فحدثت هذا الحديث عنها عبد الله بن عباس، فقال: هل تدري من الرجل ؟ قلت: لا قال: علي بن أبي طالب، ولكنها كانت لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع. وذكر أيضا ابن سعد في طبقاته ج 2، ص 219. وذكر الذهبي أيضا في تاريخ الاسلام ج 1، (السيرة النبوية) ص 548: قال عبيد الله: فحدثت بهذا الحديث ابن عباس فقال: تدري من الرجل الآخر الذي لم تسمه عائشة ؟ قلت: لا، قال: هو علي رضي الله عنه. كما ذكر الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير المتوفى (774) في السيرة النبوية، ج 4 ص 446 ط بيروت: قال عبيد الله: فأخبرت عبد الله – يعني ابن عباس – بالذي قالت عائشة: فقال لي عبد الله بن عباس: هل تدري من الرجل الآخر الذي لم تسم عائشة ؟ قال: قلت: لا. قال ابن عباس: هو علي. وذكر البيهقي أيضا في دلائل النبوة ط بيروت ج 7، ص 191 قال: ثم إن رسول الله ” وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس، لصلاة الظهر، وأبو بكر يصلي بالناس. قالت [ عائشة ]: فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر. وقال لهما: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، قالت: فجعل أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد، قال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس، فقلت: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: هات، فعرضت عليه حديثهما. فما أنكر منه شيئا، غير أنه قال: [ أ ] سمت لك الرجل الآخر الذي كان مع العباس ؟ قال: قلت: لا، قال: هو علي رضي الله عنه. وقد أورد الامير علاء الدين ابن بلبان الفارسي المتوفي (739) في الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ج 14 ص 568 مثل ما نقل عن البيهقي. [ * ]

[ 128 ]

[ إستخلاف رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه في أمكان مختلفة، ولم يدع أحد منهم شيئا مما لا يعنيهم: ] ولو اجتمع أهل العلم على أنه صلى بالناس ما كانت صلاته إلا كصلاة غيره، فإنه أمر صلى الله عليه وآله، أبا لبابة ابن عبد المنذر (1) في غزوة بدر أن يصلي بالناس فلم يزل يصلي بهم حتى انصرف النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستخلف عام الفتح ابن أم مكتوم الاعمى فلم يزل يصلي بالناس في المدينة (2) واستخلف في غزوة حنين أبارهم كلثوم ابن حصين أحد بني الغفار (3) وإستخلف عام حنين أبا ذر


(1) – هذا هو الصواب كما في نسخة ” ش “، ولكن في النسخة كان عبد النذر وبعد مراجعتنا بكتب الرجالية كان كما ذكرنا، وهو: أبو لبابة بن عبد المنذر الانصاري المدني، إسمه بشير بن عبد المنذر. فراجع تهذيب التهذيب لابن حجر ج 12، ص 214، في باب الكنى الرقم (990). (2) – راجع أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الاثير، ج 4 ط مصر ص 263، ومغازي الواقدي ج 1، ص 183، وسيرة ابن هشام ج 2 ص 263. (3) – أسد الغابة ج 4، ص 493، الرقم (4485) وتهذيب التهذيب ج 8، ص 443، والمعرفة والتاريخ للبسوي ج 1، ص 394، ومستدرك الحاكم ج 3 ص 593. وسيرة ابن هشام، ج 4، ص 42. [ * ]

[ 129 ]

الغفاري (1) واستخلف في غزوة الحديبية سباع ابن عرفطة (2). واستخلف في غزوة تبوك علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المدينة وأمر إبن أم مكتوم أن يصلي بالناس (3) واستخلف عتاب ابن أسيد على مكة ورسول الله صلى الله عليه وآله مقيم بالابطح وأمره أن يصلي بالناس بمكة الظهر والعصر والعشاء الآخرة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بهم الفجر والمغرب فكان يصلي بهم إلا الفجر والمغرب (4).


(1) – أسد الغابة ج 6 ص 307، وج 6 ص 99، وتهذيب التهذيب ج 12، ص 90 الرقم 401. (2) – أسد الغابة ج 2 ص 323، الرقم 1930، ودلائل النبوة للبيهقي ج 4 ص 198، ومغازي الواقدي ج 3 ص 995. (3) – قال محمد بن جرير الطبري في تاريخ الامم والملوك، ج 3 ص 103: قال ابن إسحاق: وخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب على أهله وأمره بالاقامة فيهم، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة، أخا بني غفار، فأرجف المنافقون بعلي بن أبي طالب، وقالوا: ما خلفه إلا استثقالا له، وتخففا منه. قلما قال ذلك المنافقون، ي خذ علي سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجرف، فقال: يا نبي الله، زعم المنافقون أنك إنما خلفتني، أنك استثقلتني وتخففت مني !، فقال كذبوا ولكني إنما خلفتك لما ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ؟ فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره. أقول: يأتي تفصيل حديث المنزلة في الباب السابع إنشاء الله. وفي السيرة النبوية لابن هشام ج 4 ط بيروت ص 163 مثله. (4) – سيرة ابن هشام جلد 4 ص 143، وتاريخ الطبري ج 3 ص 73. [ * ]

[ 130 ]

واستخلف في غزوة ودان سعد بن عبادة (1) واستخلف في غزوة بواط سعد بن معاذ (2) وفي طلب كرزين بن جابر الفهري، زيد بن حارثة (3) وفي غزوة العشيرة أبا سلمة ابن عبد الاسد المخزومي (4) وفي غزوة قينقاع أبا لبابة (5). وفي غزوة اكيدر، إبن أم مكتوم (6) وفي غزوة ذي قرد، عثمان بن


(1) – تاريخ الطبري جلد 2 ص 407 وسيرة ابن هشام ج 2 ص 240. (2) – في سيرة ابن هشام جلد 2 ص 248 واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون. (3) – تاريخ الطبري جلد 2 ص 407 وفيه: في كرزين بن جابر الفهري، وهو الصحيح. (4) – سيرة ابن هشام جلد 2 ص 248، وتاريخ الطبري ج 2 ص 408. (5) – مغازي الواقدي جلد 1 ص 180. (6) – مغازي الواقدي جلد 1 ص 7 قال محمد بن عمر بن واقد المتوفى سنة 207: قالوا واستخلف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مغازيه على المدينة: في غزوة ودان سعد بن عبادة، واستخلف في غزوة بواط سعد بن معاذ، وفي طلب كرزين بن جابر الفهري زيد بن حارثة، وفي غزوة العشيرة أبا سلمة بن عبد الاسد المخزومي وفي غزوة بدر القتال أبا لبابة بن عبد المنذر العمري وفي غزوة الكدر ابن أم مكتوم المعيصي وفي غزوة ذي أمر عثمان بن عفان، وفي غزوة بحران ابن أم مكتوم، وفي غزوة أحد ابن أم مكتوم، وفي غزوة حمراء الاسد ابن أم مكتوم، وفي غزوة بني النضير ابن أم مكتوم، وفي غزوة بدر الموعد عبد الله بن رواحة، وفي غزوة ذات الرقاع عثمان بن عفان، وفي غزوة دومة الجندل سباع بن عرفطة، وفي غزوة المريسيع زيد بن حارثة، وفي غزوة الخندق ابن أم مكتوم، وفي غزوة بني [ * ]

[ 131 ]

عفان (1) وفي غزوة بدر الموعد، عبد الله رواحه، فما أحد منهم إدعي الخلافة بحمد الله ومنه، ولا خاضوا في شئ مما لا يعنيهم. فإن إحتج محتج بأن صلاة أبي بكر هي خلاف هذه الصلاة لمرض رسول الله صلى الله عليه وآله وقرب وفاته، وإنه يجب أن يؤخذ بالاقرب فالاقرب. فالحجة عليه، أن النبي صلى الله عليه وآله كان عليلا، وأمر عليا (عليه السلام) أن يخرج فيصلي بالناس، فخاف أن تفوته نفس رسول الله صلى الله عليه وآله على ما حكيناه، فأمره به من ذكرناه. وقد روت جماعة (2) أن النبي صلى الله عليه وآله، قال: مروا بعض القوم أن


= قريظة ابن أم مكتوم، وفي غزوة بني لحيان ابن أم مكتوم، وفي غزوة الغابة ابن أم مكتوم، وفي غزوة الحديبية ابن أم مكتوم، وفي غزوة خيبر سباع بن عرفطة الغفاري، وفي عمرة القضية أبارهم الغفاري، وفي غزوة الفتح حنين والطائف بن أم مكتوم، وفي غزوة تبوك ابن أم مكتوم، ويقال محمد بن مسلمة الاشهلي، وفي حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم. وفي السيرة النبوية لابن هشام جلد 3 ص 46 ط بيروت: قال ابن هشام واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري أو ابن أم مكتوم، تاريخ الطبري ج 2 ص 483. ثم إن كلمه أكيدر غلط وصحيح الكدر. (1) – أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج 3 ص 173، وسيرة ابن هشام، والمغازي للواقدي ج 1 ص 384. (2) – الاحسان بترتيب ابن حبان لعلي بن بلبان الفارسي المتوفى 739 ج 3 ص 380 و 283 وج 9 ص 14. [ * ]

[ 132 ]

يصل بالناس، فقالت عائشة، يا بلال قل لابي بكر أن يصل بالناس، وقالت حفصة: مروا أبي فليصل بالناس، وأفاق صلى الله عليه وآله، وقد سمع اللغط، فقال: أما إنكن صويحبات يوسف (1). فلما إستقر أبو بكر في محرابه، وسمع صلى الله عليه وآله تكبيره، خرج يتهادى (2) بين علي (عليه السلام) والفضل [ بن العباس ]، فنحاه وصلى بالناس، فكان أبو بكر يسمعهم التكبير، وهي آخر صلاة صلاها، فهذا آخر فعله (3).


(1) – وفي ” ش ” صواحبات.. لغط القوم لغطا: اختلطت أصواتهم واستبهمت، ثم إن هذا اللغط لم يكن في صلاة أبي بكر وإنما اللغط والصياح حسب تعبير البخاري ج 6 ص 12، ط مصر، إرتفع حينما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإتيان الكتف والدواة ليكتب الوصية فلما أكثروا اللغو والاختلاف، قال رسول (صلى الله عليه وآله وسلم): قوموا، وقال ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم. أنظر ص 564 من هذا الكتاب. (2) – يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعفه وتمايله، وفي الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله) خرج في مرضه الذي مات فيه، يتهادى بين رجلين، لسان العرب ج 15 ص 359. (3) – قال الحافظ الشهير أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة (975) في كتاب ” آفة أصحاب الحديث ” ص 55، في الباب الاول في إقامة الدليل من النقل الصحيح على أن رسول الله صلى الله عليه وآله، لم يصل خلف أبي بكر، عن عائشة… فأمروا أبا بكر يصلى بالناس، فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) خفة فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الارض حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه ذهب [ * ]

[ 133 ]

8 – وروى أصحاب الاخبار، مثل أبي بكر بن أبي شيبة (1) وابن الاصفهاني (2) وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله صلى خلف عبد الرحمان بن عوف ركعة من الصبح (3) فلو كانت الصلاة توجب الخلافة كان عبد الرحمان بن عوف قد ادعاها، ولا دعاها صهيب (4) الذي أمره عمر بن الخطاب أن يصلي بالناس على أن مذهب القوم أن الصلاة خلف كل بر


ليتأخر، فأومأ رسول اله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن قم كما أنت، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالناس قاعدا وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) والناس يقتدون بصلاة أبي بكر. قال أبو الفرج: هذا حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري عن قتيبة، وأخرجه مسلم عن أبي بكر كلاهما عن أبي معاوية، كما تقدم فراجع ص 116 و 117 من هذا الكتاب. أقول: الحديث في صحيح البخاري ج 1، ص 165، وفي صحيح مسلم ج 1 ص 312 و أخرج ابن أبي شيبة في المصنف ج 2 ص 329 ط الهند. وج 14 ص 561 مثله. (1) – هو الحافظ، أبو بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان بن أبي شيبة الكوفي المتوفى (235) وذكر الحديث في المصنف ج 2، ص 333، كما ذكر في مسند أحمد بن حنبل ج 4، ص 247، 248. وذكر الواقدي في المغازي ج 3 ص 1012، وفي صحيح مسلم ج 1 ص 230 ذ بيروت. (2) – هو عبد الرحمن بن عبد الله بن الاصفهاني، أنظر تهذيب التهذيب ج 6 ص 217. (3) – أنظر المغازي للواقدي. ج 3 ص 1012. (4) – هو: صهيب بن سنان أبويحيى وقيل: أبو غسان النمري المعروف بالرومي المتوفى (38، أنظر تهذيب التهذيب ح 4، 438 الرقم: 759. [ * ]

[ 134 ]

وفاجر جائزة (1). فقد بان إقرارهم أن الصلاة غير موجبة عقد الامامة، ثم اضطروا إلى أن إدعوا قول المهاجرين: رضينا لدنيانا من رضيه رسول الله لديننا (2) وكان مذهبهم بطلان أمر صاحب الامر، فأعلم ذلك تقف على المراد. فأما الصلاة فلم يجعلها عزوجل سببا للامامة، وإن صحت صلاة أبي بكر بالناس، فإن سبب هذه الصلاة إذا صحت هذه الرواية مخرجة عن عائشة وحفصة، وللصلاة معنى مخصوص من فرائض الله جل ذكره، وأن الصلاة من المصلى غير دالة على الفضل، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عقدها لاسامة في حياته وأمره على المهاجرين، وعلى من هو افضل منه


(1) – قال علي بن عمر الدارقطني المتوفى (5306)، في سننه 2 ص 56، 57: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الصلاة واجبة عليكم مع كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل بالكبائر…، وفي حديث: صلوا خلف كل بر وفاجر… كنز العمال ج 6 ص 54، وتاريخ بغداد ج 6 ص 403. وفي طبقات ابن سعد ج 4، ص 149: كان ابن عمر يقول: لا أقاتل في الفتنة وأصلي وراء من غلب، وكان يصلي مع الحجاج بمكة. (2) – كما في كتاب الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الاصابة ج 2 ص 251، نقلا عن الحسن البصري وهو كما قال المزي في تهذيب الكمال ج 6 ص 97، رأى علي بن أبي طالب عليه السلام وطلحة وعبيد الله وعائشة، ولم يصح له سماع منهم. فمن كلامه يعلم إختلاق الحديث المذكور عنه. [ * ]

[ 135 ]

عندكم، فإن كان عقده وتأميره لا يوجبان إمامته (1) فكذلك أمر ابي بكر بالصلاة، كذلك لا يوجب تقديمه وفضله إذا كان المفضول يصلي بالفاضل فإن چاز للنبي صلى الله عليه وآله أن يصلي خلف عبد الرحمن بن عوف كما رويتموه وقلتموه، وخلف أبي بكر، فجائز أن يصلي أبو بكر بقوم هم مثله أو فوقه أو دونه، والصلاة خلف كل بر وفاجر جائزة عندكم (2) ومع ذلك إن للصلاة معنى خاص (3) والخاص لا يدخل في العام. ودليل آخر: أن الصلاة لو كانت مقرونة بالامامة كان عمر قد خالف سبيلها وطريقها، [ حيث ] قد أمر صهيبا أن يصلي بالمهاجرين والانصار وقدمه عليهم، ففعل عمر بصهيب كفعل النبي بأبي بكر، ولو علم أن الصلاة لا تجوز إلا للافضل، ولمن يلي (4) أمور المسلمين لم يخالف سبيلها، وسببها هو الرجل الشهم الذي ينظر في العواقب، ويحترز من القليل، ويحتشم الذم، وليس ممن يرضى أن تقع في الدين شبهة ولا خلة فكيف أمن أن يكون المأمور بالصلاة يدعي إستحقاق الخلافة، أو تدعى له كما تدعى لغيره ولمن كان قبله، وأن يقول المسلمون: رضينا لدنيانا


(1) – وفي ” ش “: وفضله، وكذلك إن كان أمر أبي بكر بالصلاة فذلك لا يوجب تقديمه وفضله. (2) – وفي ” ش “: عندهم. (3) – ليس في ” ش “. (4) – وفي ” ش: وبنى. [ * ]

[ 136 ]

ما رضيه خليفة رسول الله لديننا. فهذا أوضح دليل أن عمر لم يجعل صلاة أبي بكر سببا للخلافة، و أن مذهبه كان في تقديم صهيب إقتداء بالرسول (1) إذ نصب لهم من يصلي بهم في حياته. فكيف جاز مع ما شرحنا أن يدعى له الفضل والامارة من أجل الصلاة، وهناك ما يدفع دعواهم ويبطل فضله، فقد أخبر [ أبو بكر ] عن نفسه، وأعلم الامة فقال: إني وليتكم ولست بخيركم (2) وأخبر عمر أن


(1) – وفي ” ش ” برسول الله صلى الله عليه وآله. (2) – قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 1 ص 169 ط مصر: وقد اختلف الرواة في هذه اللفظة، فكثير من الناس رواها ” أقيلوني فلست بخيركم ” ومن الناس من أنكر هذه اللفظة ولم يروها، وإنما روى قوله: ” وليتكم ولست بخيركم “، واحتج بذلك من لم يشترط الافضلية في الامامة. ومن رواها إعتذر لابي بكر فقال: إنما قال: أقيلوني ليثور ما في نفوس الناس من بيعته ويخبر ما عندهم من ولايته، فيعلم مريدهم وكارههم ومحبهم ومبغضهم. فلما رأى النفوس إليه ساكنة والقلوب لبيعته مذعنة استمر على إمارته وحكم حكم الخلفاء في رعيته، ولم يكن منكرا منه أن يعهد إلى من استصلحه لخلافته. البخاري ج 8 ص 208، إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها، تاريخ الطبري ج 3 ص 205 و 210. وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 64. وكنز العمال ج 5 ص 601، 607، الحديث 4064، وص 636 الحديث 14118. وكتاب العمدة لابن رشيق، ص 255. والمصنف لعبد الرزاق الصنعاني ج 5، ص 441. [ * ]

[ 137 ]

بيعته كانت فلتة (1) وأنها لم تكن برضى ولا باختيار، وهو أخوه وصاحبه، والذي أقامه ذلك المقام، وفي مخاطبته المهاجرين والانصار ما يدل على ما ذكرناه. (2)


= والنهاية لابن كثير ج 5، ص 228. (1) – كما تقدم وسيأتيك بالتفصيل. (2) – قال ابن أبي الحديد في شرح النهج، ج 2، ص 22، نقلا عن أبي جعفر الطبري العامي، في التاريخ: عن ابن عباس رضي الله عنه: قال: قال لي عبد الرحمن بن عوف: وقد حججنا مع عمر، شهدت اليوم أمير المؤمنين بمنى وقال له رجل: إني سمعت فلانا يقول: لو قد مات عمر لبايعت فلانا، فقال عمر: إني لقائم العشية في الناس أحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغتصبوا الناس أمرهم، قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين إن الموسم مجمع رعاع الناس وغوغائهم وهم الذين يقربون من مجلسك ويغلبون عليه وأخاف أن تقول مقالة لا يعونها ولا يحفظونها فيطيروا بها، ولكن أمهل حتى تقدم المدينة وتخلص بأصحاب رسول الله فتقول ما قلت متمكنا فيسمعوا مقالتك، فقال: والله لاقومن بها أول مقام أقومه بالمدينة. قال ابن عباس فلما قدمناها، هجرت يوم الجمعة لحديث عبد الرحمن، فلما جلس عمر على المنبر حمد الله وأثنى عليه، ثم قال بعد أن ذكر الرجم وحد الزنا: = [ * ]

[ 138 ]

* (هامش 1) * – إنه بلغني أن قائلا منكم يقول (1): لو مات أمير المؤمنين بايعت فلانا، فلا يغرن إمرأ أن يقول: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، فلقد كانت كذلك، ولكن الله وقى شرها، وليس فيكم من تقطع إليه الاعناق كأبي بكر، وأنه كان من خبرنا حين توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أن عليا والزبير تخلفا عنا في بيت فاطمة ومن معهما، وتخلفت عنا الانصار، واجتمع المهاجرين إلى أبي بكر، فقلت له: إنطلق بنا إلى إخواننا من الانصار، فانطلقنا نحوهم فلقينا رجلان صالحان من الانصار قد شهدا بدرا، أحدهما عويم بن ساعدة، والثاني معن بن عدي، فقالا لنا: إرجعوا فاقضوا أمركم بينكم، فأتينا الانصار، وهم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة وبين أظهرهم رجل مزمل، فقلت من هذا ؟ قالوا: سعد بن عبادة وجع، فقام رجل منهم، فحمد الله وأثنى عليه فقال: أما بعد فنحن الانصار، وكتيبة الاسلام وأنتم يا معشر قريش رهط نبينا، قد دفت إلينا دافة من قومكم، فإذا أنتم تريدون أن تغصبونا الامر. فلما سكت، وكنت قد زورت في نفسي مقالة أقولها بين يدي أبي بكر، فلما ذهبت أتكلم، قال أبو بكر: على رسلك !، فقام فحمد الله وأثنى عليه، فما ترك شيئا كنت زورت في نفسي إلا جاء به أو بأحسن منه، وقال: يا معشر الانصار إنكم لا تذكرون فضلا إلا وأنتم له أهل، وإن العرب لا تعرف هذا الامر إلا لقريش أوسط العرب دارا ونسبا، وقد رضيت لكم أحد = * (هامش 2) * (1) قال ابن أبي الحديد: وقال شيخنا أبو القاسم البلخي: قال شيخنا أبو عثمان الجاحظ: إن الرجل الذي قال: لو قد مات عمر لبايعت فلانا عمار بن ياسر، قال: لو قد مات عمر لبايعت عليا (عليه السلام) فهذا القول هو الذي هاح عمر أن خطب بما خطب به. [ * ]


[ 139 ]

أليس كان يدور عليهم ثلاثة أيام، مرة يقول: أقيلوني (1) ومرة يقول: البدار، ولو كان الامر كما ذكروه لكان يدعي لنفسه أنه الحبر الفاضل، وأنه يستحق الخلافة والامامة بفضله فيثبت له الامر ولا يختلف عليه ولكنه لم يستجزم أن يقول غير الحق، أو يدعي ما ليس له، ولم يأمن مع ذلك أن يبكت (2) ويكذب في وجهه ويرد عليه قوله ففي ذلك بطلان دعواهم وإستحالة أقاويلهم إنه كره أن يمدح نفسه، فكيف جاز في هذا الموضوع وحده ولم يجز في سائر الاشياء. أليس إدعى من بعده أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، وكتب إلى عماله: من أبي بكر خليفة رسول الله، وقد زعمتم أن النبي صلى الله عليه وآله لم يستخلف.


= هذين الرجلين وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح، والله ما كرهت من كلامه غيرها إن كنت لاقدم فتضرب عنقي فيما لا يقربني إلى إثم أحب إلي من أؤمر على قوم فيهم أبو بكر، فلما قضى أبو بكر كلامه، قام رجل من الانصار فقال: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير. أقول: للكلام تتمة ذكرها ابن أبي الحديد لا يأس بالمراجعة بها فأعرضنا عنها لطولها فراجع. كما ذكره عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 5 ص 443 و 444. (1) – ذكره ابن قتيبة في الامامة والسياسة ج 1 ص 31 ط بيروت دار الاضواء ص 1990. (2) – بكته أي غلبه بالحجة، يقال بكته حتى أسكته بكته بمعنى بكته أي عنفه وقرعه ومنه ” تبكيت الضمير “. [ * ]

[ 140 ]

وكيف جاز أن يقول بعد أن بويع له: البدار قبل البوار (1)، ألم يكن هذا القوم منه بعثا على تحضيض الناس على البيعة ؟ وإنما أراد أن يعقد الامر قبل فراغ أهل البيت (2) فيجري الامر خلف مراده. ومعنى آخر، لو كان هذا الامر كما ادعوا أن الصلاة توجب الفضل لقال: وليتكم لاني أفضلكم، وقد سمحت (3) أنفس قريش بطاعته والانقياد على ولايته، وأعطته المقادة، وصرفوا الامر عن جهته حسدا وبغيا، ولو كان هذا الامر يجري ما ذكروه من جهة التواضع، وأنه يمدح نفسه لكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أولى بذلك، وكان يقول: أرسلت إليكم ولست بخيركم، ولم يكن يقول: أنا سيد ولد آدم، وأنا – زين القيامة، وأنا أفصح العرب، ولا فخر (4). ودلالة أخرى لو كان الامر على ما ذكروه، لما كانت عائشة تدفع عن أبيها الصلاة وتقول: إن أبي رجل رقيق لا يستطيع أن يقف موقف رسول الله.


(1) – البدار: الاسراع، البوار: الكساد، يقال ” حائر بائر ” أي لا يطبع مرشدا ولا يتجه لشئ. (2) – وفي ” ش “: أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله (3) – وفي ” ش “: إجتمعت. (4) – مسند الامام أحمد ج 1، ص 281، الحديث بطوله، وج 3، ص 144، والمستدرك للحاكم، ج 1، ص 30، ودلائل النبوة للبيهقي، ج 5، ص 477 و 479، وتاريخ بغداد، ج 4، ص 397. [ * ]

[ 141 ]

رواه الواقدي: 9 – قال: حدثني محمد بن عبد الله (1) عن الزهري (2)، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (3)، عن عائشة، قالت: لما اشتد رسول الله قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس – قالت عائشة: والله ما أقول ذلك حبا [ إلا أني كنت أحب ] أن يصرف الله ذلك عن أبي وقلت: إن الناس لن يحبوا رجلا قام مقام النبي أبدا، وإنهم يتشائمون به في كل حديث حدث (4) فقلت: يارسول الله، إن أبا بكر رجل ضعيف رقيق كثير البكاء، إذا قرئ القرآن، فقال: مروه فليصل بالناس، فعدت لمثل قولي، فقال: إنكن صويحبات يوسف، مروه فليصل بالناس (5).


(1) – هو: إما، محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب ابن أخي الزهري، كما في الطبقات لابن سعد، ج 2 ص 219، أو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، كلاهما روى عن الزهري، أنظر تهذيب التهذيب ج 9، ص 277، وص 278. (2) – هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري الفقيه المتوفى (125) أنظر تهذيب التهذيب ج 9 ص 445. (3) – عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله المدني، المتوفى (99)، أنظر تهذيب التهذيب ج 7 ص 23، الرقم: 50. (4) – الصواعق المحرقة لابن حجر ص 23. (5) – قال ابن سعد في الطبقات الكبري ج 2 ص 219: أخبرنا محمد بن عمر الاسلمي، [ * ]

[ 142 ]

وأخرى: لو كان الامر على ما ذكرتموه، ما كان أبو بكر يشير إلى عمر، وإلى أبي عبيدة بن الجراح، ويقول: إني قد رضيت لكم أحد هذين الرجلين (1). وأخرى: أن إختيار عمر في الشورى يبطل قولهم حيث لم يقصد الافضل فيوليه، وفي قوم فاضل ومفضول، ثم صار يتمنى لها أبا عبيدة و معاذ بن جبل، وسالما، فهذا [ من ] أوضح الامور. وقد ذكرنا ما رويتموه من الاختلاف في صلاة أبي بكر، وكذا أغفلنا خبر أبي حنيفة الفقيه (2) وغيره – رواه إبراهيم بن


= حدثني محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت: لما استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، فقلت: يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن، فقال: مروه فليصل بالناس ! قالت: فعدت بمثل قولي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكن صواحب يوسف ! مروه فليصل بالناس ! قالت عائشة: والله ما أقول ذلك إلا إني كنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي، وقلت إن الناس لن يحبوا رجلا قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا، وإنهم سيتشائمون به في كل حدث كان، فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي. (1) – المسند لاحمد بن حنبل ج 1 ص 56، والامامة والسياسة لابن قتيبة ص 7، وفي طبعة بيروت الاخيرة ص 26. وسيرة ابن هشام ج 4 ص 310. وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 63. (2) – هو: النعمان بن ثابت التيمي الكوفي مولى بني تيم الله، المتوفى (150) روى عن [ * ]

[ 143 ]

ميمون (1) قال: 10 – حدثنا عائذ بن حبيب (2)، قال: حدثنا حماد (3) عن إبراهيم النخعي (4) قال: لم يكن أبو بكر كبر، فلما سمع حس رسول الله (صلى الله عليه وآله) تأخر فأخذ النبي بيده وأقامه إلى جنبه فكبر وكبر أبو بكر بتكبيره وكبر الناس بتكبير أبو بكر. وروى الواقدي أيضا قال: 11 – حدثنا سعيد بن عبد الله بن أبي الابيض، (5) عن


= حماد بن أبي سليمان أنظر تهذيب التهذيب ج 10 ص 449، وفي ” ش “: قال: حدثنا أبو حنيفة، قال: حدثنا حماد، عن إبراهيم النخعي. (1) – هو: إبراهيم بن ميمون الصائغ، أبو إسحاق المروزي مولى النبي صلى الله عليه وسلم، المتوفي (131) أنظر تهذيب الكمال للمزي ج 2 ص 223. (2) – هو: عائذ بن حبيب بن الملاح العبسي، أبو هشام الكوفي المتوفى (190) روى عن أبي حنيفة، وروى عنه: أحمد بن حنبل، أنظر تهذيب الكمال، ج 14، ص 95، رقم: 3070. وما في النسخة: حامد، وهو خطأ وتصحيف، والصحيح: عائذ كما في ” ش “. (3) – هو: حماد بن أبي سليمان مسلم الاشعري، مولاهم أبو إسماعيل الكوفي الفقيه، المتوفى (120)، أنظر تهذيب التهذيب ج 3، ص 16. (4) – هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الاسود النخعي أبوعمران الكوفي، المتوفى (96) أنظر تهذيب الكمال ج 2، ص 233. (5) – لم أجد له ترجمة إلا أنه موجود في سند الواقدي، أنظر المغازي ج 1، ص 408. [ * ]

[ 144 ]

المنقري (1) عن عبيد الله بن أبي رافع (2). عن أم سلمة، (3) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان في وجعه، إذا خف ما يجد (4) خرج فصلى بالناس، وإذا وجد ثقلا قال: مروا الناس فليصلوا، – فصلى بهم يوما ابن أبي قحافة الصبح، فصلى ركعة، ثم دخل رسول الله فقعد إلى جنبه، فأتم بأبي بكر، فلما قضى أبو بكر الصلاة أتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما فاته من الصلاة. 12 – وروى الواقدي: عن إبن أبي الزناد، (5) عن هشام بن عروة (6)،


(1) – عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، وإسمه ميسرة التميمي المنقري، مولاهم أبو معمر المقعد البصري المتوفى (224). أنظر تهذيب الكمال ج 15، ص 353 الرقم: 3449. (2) – هو: عبيد الله بن أبي رافع المدني مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنظر تهذيب التهذيب ج 7، ص 10. (3) – هي: هند بنت أمية وإسمه حذيفة، أم سلمة القرشية المخزومية زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أنظر تهذيب الكمال ج 35، ص 317. (4) – في ” ش “: عندما يجد. (5) – هو: عبد الرحمان بن أبي الزناد، مولاهم أبو محمد المدني، المتوفى (174)، أنظر تهذيب الكمال ج 17، ص 95. وطيقات ابن سعد، ج 7، ص 324. (6) – هو: هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الاسدي أبو عبد الله المدني المتوفى (147). أنظر تهذيب الكمال ج 30، ص 232، الرقم: 6585. [ * ]

[ 145 ]

عن أبيه (1)، عن عائشة، أن أبا بكر كبر في الصلاة، وجاء رسول الله فجلس إلى جنب أبي بكر وكان يأتم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). قال الواقدي: 3 – وحدثني إسرائيل (2) عن أبي إسحاق (3)، عن أرقم بن شرحبيل (4) عن ابن عباس (5) قال: قام أبو بكر فصلى بالناس فقرأ بعض السورة فجاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فنكص أبو بكر، فأشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقرأ رسول الله من حيث كان أبو بكر قرأ، وجعل


(1) – هو: عروة بن الزبير بن العوام القرشي، المتوفى (99)، أنظر تهذيب الكمال ج 30، ص 11، الرقم: 3905. (2) – هو: إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي أبو يوسف الكوفي المتوفى (162)، أنظر تهذيب الكمال ج 2، ص 515، الرقم: 402، وكتاب الكامل لابن عدي ج 1 ص 411 ط دار الفكر بيروت. (3) – هو: عمرو بن عبد الله بن عبيد، أبو إسحاق السبيعي الكوفي المتوفى (127) أنظر تهذيب الكمال ج 22، ص 102، الرقم: 4400. (4) – هو: أرقم بن شرحبيل الاودي الكوفي المتوفى (…) أنظر تهذيب الكمال ج 2، ص 314، الرقم: 299. (5) – هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي أبو العباس المدني المتوفى (68) إبن عم رسول الله صلى الله عليه وآله، أنظر تهذيب الكمال، ج 15، ص 154، الرقم: 3358، والتبيين في أنساب القرشيين، ص 156. [ * ]

[ 146 ]

أبو بكر يأتم برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). 14 – [ و ] روى الشاذكوني (1)، قال: أخبرني يحيى بن آدم (2) قال: حدثنا قيس (3) عن عبد الله بن أبي السفر (4) عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس (5)، عن العباس بن عبد المطلب: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما إنتهى إلى أبي بكر وهو يصلي، قرأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حيث إنتهى أبو بكر. فهذه رواياتكم عن علمائكم، وفقهائكم، وهذا إختلافكم و


(1) – هو: سليمان بن داود بن بشر بن زياد، أبو أيوب المنقري البصري المعروف بالشاذكوني، المتوفى (234) أنظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 9 ص 40، الرقم: 4627. (2) – هو: يحيى بن آدم بن سليمان القرشي الاموي، أبو زكريا الكوفي، المتوفى (203). أنظر تهذيب الكمال ج 31، ص 188، الرقم: 6778. (3) – هو: قيس بن الربيع الاسدي أبو محمد الكوفي، المتوفى (156). أنظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ج 12، ص 456، الرقم: 6938. وتهذيب الكمال ج 24، ص 25، الرقم: 4903. (4) – هو: عبد الله بن أبي السفر، المتوفى (…) واسم أبي السفر سعيد بن كثير. أو سعيد بن يحمد، ويقال ابن أحمد الهمداني الثوري الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 15، ص 41، الرقم: 3308، قال ابن سعد في الطيقات ج 6، ص 338: توفي في خلافة مروان بن محمد. (5) – هو: عبد الله كما تقدم. [ * ]

[ 147 ]

أحلافكم، وليس في ما إختلف فيه القوم حجة، لانه متى إتجه من جهة إنتقض من جهة أخرى، فكيف يقدر على تصحيح ما إختلفوا فيه ! ؟، فكيف يعتمد على ما رووه، وهم الذين تركوا الحق، ومالوا إلى الدنيا، وتداولوا الاموال، ودخلوا في طاعة بني أمية، ورووا لهم ما أحبوه حتى وصلوا إلى حاجاتهم ولعنوا معهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) نيفا وثمانين سنة، وهم الذين قتلوا عثمان بن عفان، واجتمعوا على قتل زيد بن علي، وخذلوا الحسين بن علي، وقاتلوه، وقتلوه بعد أن خذلوه، وأنتم تدينون الله بدينهم، وتعتمدون على رواياتهم، وسأسمي جماعتهم، وأذكر وقيعة بعضهم في بعض. منهم: هشام البغي (1) الذي زعم أن شرب النبيذ سنة، وتركه مروة، فجعل ترك السنة مروة، وزعم أن الروح التي في عيسى ليست بمخلوق، فأراد سلمة بن [ الفضل ] الابرش (2) قاضي الري أن ينكل به، فهرب منه هشام إلى خراسان.


(1) – أنظر: الصراط المستقيم للبياضي ج 3 ص 245 وفيه: منهم هشام السني. (2) – هو: سلمة بن الفضل الابرش الانصاري مولاهم أبو عبد الله الازرق قاضي الري، المتوفى (191) أنظر تهذيب التهذيب ج 4 ص 153، رقم 265. وتاريخ الاسلام للذهبي، ج 13، ص 205، رقم 116، وتهذيب الكمال ج 11، ص 305، رقم 2464، وطبقات ابن سعد، ج 7، ص 381. [ * ]

[ 148 ]

ومن رواتكم وفقائكم: محمد بن سيرين، (1) وكان مؤدبا للحجاج، على ولده (2). ومنهم: سفيان الثوري، وكان في شرطة هشام بن عبد الملك وهو ممن شهد قتل زيد بن علي (عليه السلام)، فلا يخلو من أن يكون ممن قتله أو خذله (3).


(1) – هو: محمد بن سيرين الانصاري مولى أنس بن مالك، المتوفى (110)، طبقات ابن سعد، ج 7، ص 193. وتاريخ بغداد ج 5، ص 331 رقم 2857. وتهذيب الكمال ج 25، ص 344، رقم 5280. (2) – وفي صراط المستقيم ج 3 ص 245: وكان يسمعه يلعن عليا ولا ينكر عليه، فلما لعن الناس الحجاج خرج من المسجد وقال: لا أطيق أسمع ستمه. قيل: وكان بينه وبين الحسن البصري من المنافرة ما هو مشهور، حتى قيل: جالس إما الحسن أو ابن سيرين توفى ابن سيرين سنة (110) بعد الحسن البصري بمأة يوم. (3) – هو: سفيان بن سعيد بن مسروق أبو عبد الله الثوري الكوفي المتوفي (161) أنظر تهذيب الكمال ج 11، ص 154 رقم: 2407. وبهجة الآمال للعلامة العلياري ج 4، ص 377 وفيه: سفيان الثوري ليس من أصحابنا. وقاموس الرجال للتستري ج 5، ص 143. ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج 8، ص 151. وذيول تاريخ الطبري ص 657، وفيه: فخرج سفيان إلى البصرة فلقي ابن عون وأيوب فترك التشيع. قال العلامة المحدث الفقيه الشيخ فخر الدين الطريحي المتوفى (1085) في مجمع البحرين ج 3، ص 238 في لغة ” ثور ” وسفيان الثوري كان في شرطة هشام بن عبد الملك و هو ممن شهد قتل زيد بن علي بن الحسين عليه السلام، فاما أن يكون ممن قتله أو أعان [ * ]

[ 149 ]

ومنهم: يزيد بن هارون (1)، وكان في قهرمة الحسن بن قحطبة (2). ومنهم: الزهري (3) وهو الناقل لجل أخباركم، وكان مع هشام بن عبد الملك (4) يلعن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقد قتل رجلا.


= عليه أخذله. (1) – هو: يزيد بن هارون بن زاذي، ويقال ابن زاذان بن ثابت السلمي أبو خالد الواسطي، المتوفى (206) أنظر تهذيب الكمال ج 32، ص 261، رقم 7061، والمعرفة والتاريخ ج 1، ص 195. وللمزيد من التفصيل عليك بمراجعة ” الايضاح ” لابن شاذان ص 92. تحقيق العلامة مير جلال الدين الارموي (ره). (2) – أنظر ترجمته في طبقات ابن سعد ج 1 ص 388. وتاريخ بغداد، ج 7، ص 403، الرقم: 3947. (3) – هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن عبد الله بن شهاب الزهري المتوفى (124)، أنظر تهذيب الكمال ج 26 ص 419 رقم 5606، والطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 388. (4) – قال ابن خلكان في وفيات الاعيان ج 4، ص 178، في ترجمة الزهري: وكان أبو جده عبد الله بن شهاب شهد مع المشركين بدرا، وكان أحد النفر الذين تعاقدوا يوم أحد لئن رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلنه أو ليقتلن دونه ! وروى أنه قيل للزهري: هل شهد جدك بدرا ؟ فقال: نعم ولكن من ذلك الجانب يعني أنه كان في صف المشركين، وكان أبوه مسلم مع مصعب بن الزبير، ولم يزل الزهري مع عبد الملك، ثم مع هشام بن عبد الملك، وكان يزيد بن عبد الملك قد إستقضاه. وفي تهذيب التهذيب ج 4، ص 225، في ترجمة الاعمش الكوفي: أن الزهري يعمل لبني أمية. [ * ]

[ 150 ]

15 – رواه أبو أيوب سليمان الشاذكوني، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة (1): أن الزهري عزر غلاما له فمات.


= وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، ج 4، ص 102: وكان الزهري من المنحرفين عن علي عليه السلام، روى جرير بن عبد الحميد، عن محمد بن شيبة، قال: شهدت مسجد المدينة، فإذا الزهري وعروة بن الزبير جالسان يذكران عليا عليه السلام، فنالا منه، فبلغ ذلك علي ابن الحسين عليه السلام، فجاء حتى وقف عليهما، فقال: أما أنت يا عروة فإن أبي حاكم أباك إلى الله، فحكم لابي على أبيك، وأما أنت يا زهري، فلو كنت بمكة لاريتك كير أبيك. وقال الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 625، في ترجمة خارجة مصعب: قال أحمد بن عبدويه المروزي: سمعت خارجة بن مصعب يقول: قدمت على الزهري وهو صاحب شرط بني أمية، فرأيته ركب وفي يديه حربة وبين يديه الناس في أيديهم الكافركوبات، فقلت: قبح الله ذا من عالم، فلم أسمع منه. أقول: كما تجد في ترجمة خارجة بن مصعب في الكامل لابن عدي ج 3 ص 922 فراجع. وللامام زين العابدين عليه السلام رسالة إلى الزهري يعظه فينهاه ويحرضه الابتعاد عن السلطة الاموية الغاشمة، ذكرها العلامة الجليل أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني من أعلام القرن الرابع، في تحف العقول، ص 274، ومن أراد التفصيل حول الزهري، عليه بكتاب لوامع الانوار، للسيد بدر الحوثي كما ذكر السيد محمد رضا الحسيني الجلالي في جهاد الامام السجاد (ع)، ص 271. (1) – هو: سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد الكوفي المتوفى (198). أنظر تهذيب التهذيب ج 4 ص 117 رقم: 205. [ * ]

[ 151 ]

وروى أبو أيوب قال: حدثني سفيان بن حبيب (1)، عن أبي جعفر الخطمي: أن الزهري قتل إنسانا – روى أبو أيوب قال: 16 – حدثني سفيان بن عيينة الخطمي، قال: حدثني: أن الزهري عزر غلاما له، فمات تحت يده، فقنط حتى أتى علي بن الحسين (عليه السلام) فقال له: قنوطك أعظم من ذنبك (2) !.


(1) – هو: سفيان بن حبيب البصري أبو محمد، ويقال: أبو حبيب البزار المتوفى (182) أنظر تهذيب الكمال ج 11، ص 136، رقم: 2398. (2) – قال الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي المعروف بابن عساكر الدمشقي، المتوفى (571) في ترجمة الامام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام من تاريخ مدينة دمشق ص 83، الرقم: 124: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، انبأنا وشاء بن نظيف، أنبأنا الحسن بن إسماعيل، أنبأنا أحمد بن مروان، أنبأنا محمد بن موسى، أنبأنا محمد بن الحارث: عن المدايني: قال: قارف الزهري ذنبا فاستوحش من ذلك وهام على وجهه فقال له علي بن الحسين: يا زهري قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شئ، أعظم عليك من ذنبك. فقال الزهري: الله أعلم حيث يجعل رسالته. فرجع إلى أهله وماله. وقال: أصاب الزهري دما خطا فخرج وترك أهله وضرب فسطاطا فقال: لا يظلني سقف بيت، فمر به علي بن الحسين فقال له: يا ابن شهاب قنوطك أشد من ذنبك ! فاتق الله وإستغفره وإبعث إلى أهله بالدية وإرجع إلى أهلك. فكان الزهري يقول: علي بن حسين أعظم علي منة. [ * ]

[ 152 ]


= وقال الحافظ أبي عمر أحمد بن محمد بن عبدربه الاندلسي في كتابه العقد الفريد ج 4، ص 386. قال الزهري: خرجت مع قتيبة أريد المصيصة فقدمنا على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، وإذا هو قاعد في أيوان له، وذا سماطان من الناس على باب الايوان، فإذا أراد حاجة قالها للذي يليه حتى تبلغ المسألة باب الايوان، ولا يمشي أحد بين السماطين. قال الزهري: فجئنا فقمنا على باب الايوان، فقال عبد الملك للذي عن يمينه: هل بلغكم أي شئ أصبح في بيت المقدس ليلة قتل الحسين بن علي ؟ قال: فسأل كل واحد منهما صاحبه حتى بلغت المسألة الباب، فلم يرد أحد فيها شيئا، قال الزهري: فقلت: عندي في هذا علم. قال: فرجعت المسألة رجلا عن رجل حتى إنتهت إلى عبد الملك، قال: فدعيت، فمشيت بين السماطين، فلما انتهيت إلى عبد الملك سلمت عليه فقال لي: من أنت ؟ قلت: أنا محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري قال: فعرفني بالنسب، وكان عبد الملك طلابة للحديث فعرفته فقال: ما أصبح ببيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي بن أبي طالب ؟ – وفي رواية علي بن عبد العزيز، عن ابراهيم بن عبد الله عن معشر، عن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص عن الزهري، أنه قال: الليلة التي قتل فيها صبيحتها الحسين بن علي – قال الزهري: نعم، حدثني فلان – ولم يسمه لنا – أنه لم يرفع تلك الليلة التي صبيحتها قتل الحسين بن علي بن أبي طالب، حجر في بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط. قال عبد الملك: قال عبد الملك صدقت، حدثني الذي حدثك، وإني وإياك في هذا الحديث لغريبان. ثم قال لي: ما جاء بك ؟ قلت: [ جئت ] مرابطا، قال: الزم الباب، فأقمت عنده، فأعطاني مالا كثيرا. قال: فاستأذنته في الخروج إلى المدينة، فأذن لي ومعي غلام لي، ومعي مال كثير في [ * ]

[ 153 ]

17 – ومن رواتكم وجلة فقهائكم سعيد بن المسيب (1) الذي زعمتم، أنه لم يقم للوليد بن عبد الملك، وهو أشد [ خلفاء ] بني أمية تجبرا، حتى جاء ووقف عليه وسلم، وعددتم ذلك فضيلة [ له ]. ويموت علي بن الحسين (عليهما السلام) ولا يصلى عليه، ويقول: ركعتين أصليهما أحب إلي من حضور ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). رواه الواقدي قال: 18 – حدثنا أبو معشر (2)، عن سعيد بن أبي سعيد


= عيبة، ففقدت العيبة، فاتهمت الغلام، فوعدته وتواعدته، فلم يقر لي بشئ. قال: فصرعته وقعدت على صدره ووضعت مرفقي على وجهه، وغمزته غمزة أنا لا أريد قتله، فمات تحتي، وسقط في يدي. وقدمت المدينة فسألت سعيد بن المسيب وأبا عبد الرحمن وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله، فكلهم قال: لا نعلم لك توبة. فبلغ ذلك علي بن الحسين، فقال: علي به فأتيته فقصصت عليه القصة. فقال: إن لذنبك توبة، صم شهرين متتابعين وأعتق رقبة مؤمنة وأطعم ستين مسكينا، ففعلت. أقول: للكلام تتمة نعرض عنها مخافة التطويل وليس محلا للشاهد. (1) – سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي المخزومي، أبو محمد المدني، المتوفى (94) أنظر تهذيب الكمال ج 11 ص 66 رقم 2358 وتهذيب التهذيب للعسقلاني، ج 4 ص 84 ط حيدر آباد، وطبقات الكبرى لابن سعد، ج 2، ص 379، ط بيروت. (2) – هو: نجيح بن عبد الرحمان السندي أبو معشر المدني، مولى بني هاشم، المتوفى (170)، أنظر تهذيب الكمال ج 29، ص 322، الرقم: 6386. [ * ]

[ 154 ]

المقبري (1)، قال: لما وضعت جنازة علي بن الحسين (عليهما السلام) ليصلي عليه إتسع الناس إلى جنازة داخل المسجد، فقال خشرم مولى النخع (2)، لسعيد بن المسيب: ألا تشهد هذا الرجل الصالح في البيت الصالح، وسعيد لم يخرج، قال سعيد: ركعتين أصليهما في بيتي أحب إلي أن أشهد هذا الرجل الصالح في البيت الصالح (3) فهذا سعيد بن المسيب فقيه الحجاز يمتنع أن يشهد جنازة ابن رسول الله، فليت شعري أي دين هذا ؟ ! إبن ناقل هذا الدين يموت فلا يشهده ! !، وعلي بن الحسين (عليهما السلام) عند جميع الامة من جلة


(1) – هو: سعيد بن أبي سعيد المقبري أبو سعد المدني، المتوفى (123)، أنظر تهذيب الكمال، ج 10، ص 466، رقم: 2284. (2) – قال العلامة التستري حفظه الله وعافاه في قاموس الرجال ج 4، 175، رقم: 2619: خشرم مولى أشجع، ولعله خشرم بن يسار المدني الذي عده الشيخ في الرجال في أصحاب علي بن الحسين عليه السلام. كما تجد في ترجمة سعيد بن المسيب في رجال الكشي إختيار معرفة الرجال ج 1، ص 333. (3) – قال محمد بن سعد في الطبقات الكبرى: ج 5 ص 221 ط بيروت: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا أبو معشر، عن المقبري، قال: لما وضع علي بن حسين ليصلي عليه، أفشع الناس إليه وأهل المسجد ليشهدوه وبقي سعيد بن المسيب في المسجد وحده، فقال خشرم لسعيد بن المسيب: يا أبا محمد، ألا تشهد هذا الرجل الصالح في البيت الصالح ؟ فقال سعيد: أصلي ركعتين في المسجد أحب إلي من أن أشهد هذا الرجل الصالح في البيت الصالح !.. أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 ص 101. [ * ]

[ 155 ]

العباد، وهذا فعل سعيد به، والله المستعان. 19 – وكان محمد بن سيرين (1) من جلة فقهائكم، يسمع الحجاج يلعن عليا فلا ينكر عليه، فلما سمع من يلعن الحجاج خرج من المسجد، وقال: لا أستطيع أن أسمع يشتم أبا محمد (2). 20 – وأما سفيان الثوري: (3) فقد روى جرير أنه قال: مر علي أبي طالب (عليه السلام) على مسجد تيم، (4) فقال: بيعة تيم لجودة بنائه، قال جرير: فذكرت ذلك للمغيرة فقال: ما بني مسجد تيم إلا بعد علي. فمن أين جاء سفيان بهذا الحديث. 21 – ومن رواتكم منصور بن المعتمر (5)، وكان شرطيا لهشام بن


(1) – قال ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج 9 ص 214، ط بيروت، رقم 336: محمد بن سيرين الانصاري إمام وقته، وقال ابن سعد: كان ثقة مامونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم ورعا وكان به وهم. (2) – قال الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه ج 11، ص 103، رقم الحديث: 10634 حدثنا أبو أسامة، عن أبي جعفر قال: سمع ابن سيرين رجلا يسب الحجاج، فقال ابن سيرين: إن الله حكم عدل يأخذ للحجاج ممن ظلمه، كما يأخذ لمن ظلم من الحجاج. (3) – هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي المتوفى (161) أنظر تهذيب التهذيب، ج 4 ص 111 رقم: 199. (4) – وفي ” ش “: اليتيم. (5) – هو: منصور بن المعتمر السلمي أبو عتاب. أنظر ترجمته في الجرح والتعديل ج 8، [ * ]

[ 156 ]

عبد الملك. 22 – ومن رواتكم: خالد بن عبد الله، (1) روى أن الجنة والنار يخربان. 23 – ومن رواتكم وفقهائكم: سعيد بن جبير، (2) وكان على عطاء الخيل في زمن الحجاج، وغزا الروم مع يزيد بن معاوية، وخرج بعد ذلك مع القراء على الحجاج، وتخلف عن الحسين بن علي (عليهما السلام). 24 – ومن رواتكم وفقهائكم: الحسن البصري (3) وكان ممن خرج مع عبد الرحمن بن محمد الاشعث، وتخلف عن الحسين بن علي (عليه السلام)، ثم خرج في جند الحجاج إلى خراسان مع قتيبة بن مسلم، وهو القائل في


ص 177. (1) – هو: خالد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن يزيد الطحان، الواسطي، المتوفى (182) أنظر تهذيب الكمال ج 8، ص 99، رقم: 1625. (2) – هو: سعيد بن جبير بن هشام الاسدي الوالبي، مولاهم، أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله الكوفي، قتله الحجاج بن يوسف سنة (95)، لما أتي الحجاج بسعيد بن جبير، قال: أنت شقي بن كسير ! قال: أنا سعيد بن جبير، لاقتلنك، قال: إذا كما سمتني أمي، وفي حديث قال: كانت أمي أعرف باسمي منك. أنظر تاريخ الاسلام للذهبي ج 6، ص 366. وتهذيب الكمال ج 10، ص 358، رقم: 2245. وطبقات ابن سعد، ج 6، ص 256. والمعرفة والتاريخ للبسوي ج 1، ص 712. (3) – هو: الحسن بن أبي الحسين وإسمه يسار البصري المتوفى (110). أنظر تهذيب الكمال ج 6، ص 95، رقم: 1216 ثم أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 ص 95. [ * ]

[ 157 ]

عثمان: قتله الكفار، وخذله المنافقون، فنسب المهاحرين والانصار إلى النفاق. 25 – ومن فقهائكم: مسروق بن الاجدع، ومرة الهمدانيان (1) رغبا عن الخروج مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى صفين (2) وأخذ عطائهما من علي (عليه السلام)، وخرجا إلى قزوين، وكان مسروق يلي الخيل لعبيد الله بن زياد، (3) ومات عاشرا، وأوصى أن يدفن في مقابر اليهود وقد روت الرواة أن اللعنة تنزل عليهم، وقد روى عن إختراق (4) قبورهم مخافة نزول العذاب ومسروق [ يوصي أن يدفن ] (5) في مقابرهم، وكان ما يأوله من دفنه معهم أعظم مما فاته، (6) فأنه ذكر أنه يخرج من قبره، وليس هناك من يؤمن بالله ورسوله غيره. 26 – ومن علمائكم وفقهائكم: أبو موسى الاشعري، وقد


(1) – مسروق بن عبد الرحمن الاجدع الهمداني أبو عائشة الكوفي تابعي. أنظر تهذيب التهذيب ج 10 ص 109 الرقم: 205. وفي ص 88 الرقم: 158، مرة بن شراحيل الهمداني البكيلي أبو إسماعيل الكوفي كما في تهذيب الكمال ج 27، ص 379 الرقم: 5865. (2) – أنظر طبقات ابن سعد ج 6 ص 77. (3) – وفي ” ش “: عليه لعنة الله عاشرا. (4) – إخترق الارض: مر فيها عرضا على غير طريق، وإخترق القوم مضى وسطهم. (5) – كما في ” ش “. (6) – وفي ” ش “: مما أتاه. [ * ]

[ 158 ]

شهد عليه أبو حذيفة بن اليمان بروايتكم أنه منافق، (1) رواه – جرير بن عبد الحميد الضبي (2)، ورواه محمد بن حميد الرازي (3) قال: 27 – حدثنا جرير، عن زكريا بن يحيى، (4) عن حبيب بن يسار (5) وعبيدالله ابن زياد، عن سويد بن غفلة، (6) قال: كنت مع أبي موسى على


(1) – قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان البسوي المتوفى (277) في المعرفة والتاريخ ج 2، ص 771، الحديث رقم: 245: حدثني ابن نمير، حدثني أبي، عن الاعمش، عن شفيق قال: كنا مع حذيفة، فدخل عبد الله [ بن مسعود ] وأبو موسى [ الاشعري ] المسجد فقال: أحدهما منافق، ثم قال: إن أشبه الناس هديا ودلا وسمتا برسول الله صلى الله عليه وآله عبد الله. وأورد هذا الحديث أيضا الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 2، ص 393 عن الاعمش مثل ما ذكره أبو يوسف البسوي. أقول: إذا فتعين نفاق أبي موسى. (2) – هو: جرير بن عبد الحميد بن قرط الضبي، أبو عبد الله الرازي القاضي المتوفى (188) أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 540، رقم 918. وأورده الذهبي في الميزان ج 1، ص 394، فأثنى عليه، فقال: عالم أهل الري، صدوق يحتج به. (3) – هو: محمد بن حميد بن حيان التميمي، أبو عبد الله الرازي المتوفى (248) أنظر تهذيب الكمال، ج 25، ص 97 رقم: 5167. (4) – هو: زكريا بن يحيى الحميري الكندي. (5) – هو: حبيب بن يسار الكندي الكوفي المتوفى (.). روى عن سويد بن غفلة. أنظر تهذيب الكمال، ج 5، ص 405 رقم: 1102. (6) – هو: سويد بن غفلة بن عوسجة بن عامر، أبو أمية الكوفي المتوفى (82) أنظر. = [ * ]

[ 159 ]

شاطئ الفرات فقال: سمعت رسول الله يقول: إن بني إسرائيل إختلفوا ولم يزل الاختلاف بينهم، حتى بعثوا حكمين ضالين ضل (1) من تبعهما، ولا ينفك أمركم أن يختلف حتى تبعثوا حكمين ضالين، ويضل من إتبعهما، فقلت: أعبذك بالله أن تكون أحدهما، قال: فخلع قميصه، وقال: برأني الله من ذلك كما برأني من قميصه (2). 28 – ومن علمائكم: المغيرة بن شعبة، وقد شهد عليه ثلاثة بالزنا، ولقن الرابع فتلجلج في الشهادة، فرفع عنه الحد (3).


= تهذيب الكمال، ج 12، ص 265، رقم: 2647. وتاريخ الاسلام للذهبي ج 6، ص 75. (1) – وفي ” ش “: ضال. (2) – قال إبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 13، ص 315: وروى عن سويد بن غفلة قال: كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات في خلافة عثمان، فروى لي خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: سمعته يقول: ” إن بني إسرائيل اختلفوا، فلم يزل الاختلاف بينهم، حتى بعثوا حكمين ضالين ضلا وأضلا من اتبعهما، ولا ينفك أمر أمتي حتى يبعثوا حكمين يضلان ويضلان من تبعهما “، فقلت له: إحذر يا أبا موسى أن تكون أحدهما ! قال: فخلع قميصه، وقال: أبرأ إلى الله من ذلك، كما أبرأ من قميصي هذا. قال إبن منظور في مختصر تاريخ دمشق ج 13، ص 251: عن سويد بن غفلة قال: سمعت أبا موسى الاشعري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يكون في هذه الامة حكمين ضالين، ضال من إتبعهما “. فقلت: يا أبا موسى، أنظر لا تكون أحدهما، قال: فوالله ما مات حتى رأيته أحدهما. (3) – وفي ” ش “: فلجلج في الشهادة حتى رفع عنه الحد. [ * ]

[ 160 ]


= قال القاضي أحمد بن خلكان في وفيات الاعيان ج 6، ص 364: وأما حديث المغيرة بن شعبة الثقفي والشهادة عليه، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قد رتب المغيرة أميرا على البصرة، وكان يخرج من دار الامارة تصف النهار، وكان أبو بكرة المذكور يلقاه فيقول: أين يذهب الامير ؟ فيقول في حاجة فيقول: إن الامير يزار ولا يزور. قالوا: وكان يذهب إلى امرأة يقال لها أم جميل بنت عمرو، وزوجها الحجاج بن عتيك بن الحارث بن وهب الجشمي. وقال ابن الكلبي في كتاب ” جمهرة النسب “: هي أم جميل بنت الافقم بن محجن بن أبي عمرو بن شعيثة ابن الهرم، وعدادهم في الانصار. وزاد غير ابن الكلبي فقال: الهزم بن رؤيبة ابن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، والله أعلم. قال الراوي: فبينما أبو بكرة في غرفة مع إخوته، وهم نافع وزياد المذكوران وشبل ابن معبد والجميع أولاد سمية المذكورة، فهم إخوة لام، وكانت أم جميل المذكورة في غرفة أخري قبالة هذه الغرفة، فضربت الريح باب غرفة أم جميل ففتحته، ونظر القوم فإذا هم بالمغيرة مع المرأة على هيئة الجماع، فقال أبو بكرة: هذه بلية قد ابتليتم بها فانظروا، فنظروا حتى أثبتوا، فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة من بيت المرأة فقال له: إنه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا، قال: وذهب المغيرة ليصلي بالناس الظهر، ومضى أبو بكرة فقال: لا والله لا تصلي بنا وقد فعلت ما فعلت، فقال الناس: دعوه فليصل فإنه الامير، واكتبوا بذلك إلى عمر رضي الله عنه، فكتبوا إليه، فأمرهم أن يقدموا عليه جميعا المغيرة والشهود، فلما قدموا عليه جلس عمر رضي الله عنه، فدعا بالشهود والمغيرة فتقدم أبو بكرة فقال له: رأيته بين فخذيها ؟ قال: نعم والله لكأني أنظر إلى تشريم جدري [ * ]

[ 161 ]


= بفخذيها، فقال له المغيرة: لقد ألطفت في النظر، فقال أبو بكرة: لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به، فقال عمر رضي الله عنه: لا والله حتى تشهد لقد رأيته يلج فيها ولوج المرود في المكحلة، فقال: نعم أشهد على ذلك فقال: فاذهب عنك مغيرة ذهب ربعك، ثم دعا نافعا فقال له: علام تشهد ؟ قال: على مثل شهادة أبي بكرة، قال: لا، حتى تشهد أنه ولج فيها ولوج الميل في المكحلة، قال: نعم حتى بلغ قذذه – قلت، القذذ: بالقاف المضمومة وبعدها ذالان معجمتان وهي ريش السهم – قال الراوي: فقال له عمر رضي الله عنه: اذهب مغيرة ذهب نصفك، ثم دعا الثالث فقال له: على ما تشهد ؟ فقال: على مثل شهادة صاحبي، فقال له عمر رضي الله عنه: إذهب عنك مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك. ثم كتب إلى زياد، وكان غائبا فقدم، فلما رآه جلس له في المسجد واجتمع عنده رؤوس المهاجرين والانصار، فلما رآه مقبلا قال: إني أرى رجلا لا يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين، ثم إن عمر رضي الله عنه رفع رأسه إليه فقال: ما عندك يا سلح الحباري ؟ فقيل إن المغيرة قام إلى زياد فقال: لا مخبأ لعطر بعد عروس – قلت: وهذا مثل للعرب لا حاجة إلى الكلام عليه، فقد طالت هذه الترجمة كثيرا -. قال الراوي: فقال له المغيرة: يا زياد، أذكر الله تعالى واذكر موقف يوم القيامة، فإن الله تعالى وكتابه ورسوله وأمير المؤمنين قد حقنوا دمي، إلا أن تتجاوز إلى ما لم تر مما رأيت، فلا يحملنك سوء منظر رأيته على أن تتجاوز إلى ما لم تر، فوالله لو كنت بين بطني وبطنها ما رأيت أن يسلك ذكري فيها، قال فدمعت عينا زياد واحمر وجهه وقال: يا أمير المؤمنين، أما إن أحق ما حق القوم فليس عندي، ولكن رأيت مجلسا وسمعت نفسا حثيثا وانتهازا ورأيت مستبطنها، فقال عمر رضي الله عنه: رأيته يدخل كالميل في المكحلة ؟ فقال: لا، وقيل قال زياد: رأيته رافعا رجليها [ * ]

[ 162 ]


= فرأيت خصييه تتردد إلى بين فخذيها ورأيت حفزا شديدا وسمعت نفسا عاليا، فقال عمر رضي الله عنه: رأيت يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة ؟ فقال: لا، فقال عمر رضي الله عنه: الله أكبر قم إليهم فاضربهم، فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين، وأعجبه قول زياد، ودرأ الحد عن المغيرة. فقال أبو بكرة بعد أن ضرب: أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا، فهم عمر رضي الله عنه أن يضربه حدا ثانيا، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن ضربته فارجم صاحبك، فتركه. واستتاب عمر أبا بكرة فقال: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي، فقال: أجل، فقال: لا أشهد بين إثنين ما بقيت في الدنيا. فلما ضربوا الحد قال المغيرة: الله أكبر، الحمد لله الذي أخزاكم، فقال عمر رضي الله عنه: بل أخزى الله مكانا رأوك فيه. وذكر عمر بن شبة في كتاب ” أخبار البصرة ” أن أبا بكرة لما جلد أمرت أمه بشاة فذبحت وجعلت جلدها على ظهره، فكان يقال ما ذاك إلا من ضرب شديد. وحكى عبد الرحمن بن أبي بكرة أن أباه حلف لا يكلم زيادا ما عاش، فلما مات أبو بكرة كان قد أوصى أن لا يصلي عليه زياد، وأن يصلي عليه أبوبرزة الاسلمي، وكان النبي صلى الله عليه وآله آخى بينهما، وبلغ ذلك زيادا فخرج إلى الكوفة. وحفظ المغيرة بن شعبة ذلك لزياد وشكره. ثم إن أم جميل رافقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالموسم، والمغيرة هناك فقال له عمر: أتعرف هذه المرأة يا مغيرة ؟ قال: نعم هذه أم كلثوم بنت علي، فقال له عمر: أتتجاهل علي ؟ والله ما أظن أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفت أن أرمى بحجارة من السماء. قلت: ذكر الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في أول باب عدد الشهود في كتاب ” المهذب “: وشهد على المغيرة ثلاثة: أبو بكرة، ونافع، وشبل بن معبد، وقال زياد: رأيت استا تنبوا ونفسا يعلو ورجلين كأنهما أذنا حمار، ولا أدري ما رواء ذلك، فجلد عمر الثلاثة ولم يحد [ * ]

[ 163 ]

29 – ومن جلة فقهائكم: عبد الله بن مسعود (1) الذي أمر به عثمان،


= المغيرة. قلت: وقد تكلم الفقهاء على قول علي رضي الله عنه لعمر رضي الله عنه إن ضربته فارجم صاحبك، فقال أبو نصر ابن الصباغ – المقدم ذكره – وهو صاحب كتاب ” الشامل ” في المذهب: يريد أن هذا القول إن كان شهادة أخرى فقد تم العدد، وإن كان هو الاول فقد جلدته عليه والله أعلم. وذكر عمر بن شبة في ” أخبار البصرة ” أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسل أقطعني البحرين، فقال: ومن يشهد لك بذلك ؟ قال: المغيرة بن شعبة، فأبى أن يجيز شهادته. [ قال ابن خلكان ]: قلت: وقد طالت هذه الترجمة، وسببه أنها إشتملت على عدة وقائع، فدعت الحاجة إلى الكلام على كل واحدة منها فانتشر القول لاجل ذلك، وما خلا عن فوائد. سب رجل عليا (ع) عند المغيرة فلم ينكر ولم يرد، حلية الاولياء، ج 1، ص 95. (1) – أقول: قال البلاذري في أنساب الاشراف الجزء الخامس، ط دمشق – ص 36، في أمر عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه: حدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن أبي مخنف وعوانه في إسنادهما، أن عبد الله ابن مسعود حين ألقى مفاتيح بيت المال إلى الوليد بن عقبة قال: من غير غير الله ما به ومن بدل – أسخط الله عليه، وما أرى صاحبكم إلا وقد غير وبدل، أيعزل مثل سعد بن أبي وقاص ويولي الوليد ! ؟ وكان يتكلم بكلام لا يدعه، وهو: أن أصدق القول كتاب الله، وأحسن الهدى هدي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وشر الامور محدثاتها وكل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة، [ * ]

[ 164 ]

فدق ضلعه، ومنه مات وهو يقول: وددت أني وعثمان برمل عالج، يحثو أحدنا على صاحبه حتى يموت الاعجز منا، فيريح الله منه المسلمين. 30 – وروى علمائكم وفقهائكم: أن عبد الله قال: عثمان جيفة على الصراط.


= وكل ضلالة في النار، فكتب الوليد إلى عثمان بذلك وقال: إنه يعيبك ويطعن عليك، فكتب إليه عثمان يأمره بإشخاصه. وشيعه أهل الكوفة، فأوصاهم بتقوى الله ولزوم القرآن، فقالوا له: جزيت خيرا، فلقد علمت جاهلنا، وثبت عالمنا وأقرأتنا القرآن وفقهتنا في الدين، فنعم أخو الاسلام أنت، ونعم الخليل، ثم ودعوه وانصرفوا. قال البلاذري: وقدم ابن مسعود المدينة وعثمان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فلما رآه قال: ألا إنه قد قدمت عليكم دويبة سوء من يمشي على طعامه بقئ ويسلح. وقال ابن مسعود لست كذلك ولكني صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر ويوم بيعة الرضوان. ونادت عائشة اي عثمان أتقول هذا لصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أمر عثمان به فأخرج من المسجد إخراجا عنيفا وضرب به عبد الله بن زمعة بن الاسود بن المطلب ابن أسد بن عبد العزى بن قصي الارض، ويقال بل احتمله يحموم غلام عثمان ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الارض فدق ضلعه، فقال علي يا عثمان أتفعل هذا بصاحب رسول الله صلى الله عليه وآله بقول الوليد فعلت هذا ولكن وجهت زبيد بن الصلت الكندي إلى الكوفة فقال له ابن مسعود إن دم عثمان حلال فقال علي أحلت عن زبيد على غير ثقة. وأورد الحديث ابن حجر العسقلاني في المطلب العالية بروائد المسانيد الثمانية ج 3، ص 142، ص 144. [ * ]

[ 165 ]

31 – وروى عبده عن شعبة، (1) عن عمرو بن مرة، (2) عن سالم بن أبي الجعد، (3) قال: قال عبد الله بن مسعود: عثمان جيفة على الصراط (4). 32 – وروى عن عمار [ أيضا ] (5) مثله. 33 – وروى عن عبد الله: (6) أن عثمان لا يزن عند الله جناح بعضوة. 34 – وروى خالد، عن عمر بن شمر (7)، عن شريك، ومنصور، عن الاعمش، عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة عن عبيدالله، عن عبد الله بن


(1) – هو: شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الازدي المتوفى (160). أنظر تهذيب الكمال ج 12، ص 479 رقم: 2739. (2) – هو: عمرو بن مرة الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله المتوفى (..) أنظر تهذيب الكمال ج 22، ص 237، رقم: 4449. (3) – هو: سالم بن أبي الجعد مولاهم الكوفي المتوفى (101)، أنظر تهذيب الكمال ج 10، ص 130، رقم: 2142. (4) – لابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، ح 20، ص 22 كلمة تتضمنها وهي: ثم نعود إلى ما كنا فيه فنقول: وهذه عائشة أم المؤمنين، خرجت بقميص رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت للناس: هذا قميص رسول الله لم يبل، وعثمان قد أبلى سنته، ثم تقول: أقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا، ثم لم ترض بذلك حتى قالت: أشهد أن عثمان جيفة على الصراط غدا. (5) – هو: عمار بن ياسر. (6) – هو: إبن مسعود. (7) – لعله عمر بن شمر الجعفي الكوفي لسان الميزان ج 4 ص 366. [ * ]

[ 166 ]

مسعود قال: قال: رسول الله: يدخل عليكم رجل من أهل النار فدخل عثمان ! فأيهما عنكم أفضل، عثمان، أم عبد الله ؟، فعل عثمان بعبدالله ذلك الفعل وقال عبد الله في عثمان: هذا القول، والله المستعان على ما ظهر من [ فعل ] أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله). 35 – وقد قال عبد الله: لما أثبت عثمان المعوذتين في مصحفه قال: المعوذتان ليستا من كتاب الله، وإنما عوذ بهما النبي صلى الله عليه وآله، فلئن كان صدق عبد الله، لقد هلك عثمان فإثباتهما في كتاب الله، وليستا منه، وقد قال النبي: (صلى الله عليه وآله) لعن الله الزائد في كتاب الله، ولئن كان كاذبا لقد هلك عبد الله بجحوده ما أنزل الله تعالى وكفروا من شئتم منهما (1).


– قال أحمد بن أبي يعقوب المعروف بابن واضح الاخباري المتوفى (292)، في تاريخه: ج 2 ص 157 ط النجف،: وجمع عثمان القرآن وألفه وصير الطوال مع الطوال والقصار مع القصار من السور، وكتب في جمع المصاحف من الآفاق حتى جمعت ثم سلقها بالماء الحار والخل، (وقيل:) أحرقها فلم يبق مصحف إلا فعل به ذلك خلا مصحف ابن مسعود، وكان ابن مسعود، بالكوفة فامتنع أن يدفع مصحفه إلى عبد الله بن عمر، وكتب عليه عثمان أن أشخصه إن لم يكن هذا الدين خبالا، وهذه الامة فسادا، فدخل المسجد وعثمان يخطب، فقال عثمان: إنه قد قدمت عليكم دابة سوء، فكلم ابن مسعود بكلام غليظ فأمر به عثمان فجر برجله حتى كسر له ضلعان فتكلمت عائشة وقالت قولا كثيرا. وفيه أيضا: وقيل: إن ابن مسعود، كان كتب بذلك إليه، فلما بلغه أنه يحرق المصاحف قال لم أرد هذا. [ * ]

[ 167 ]

36 – وروى عن حذيفة، قال: قام رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلى سباطة (1) قوم، فبال قائما ففج (2) حتى شفقت عليه أن يقع، فدنوت من عقبه، فصببت الماء من خلفه فاستحى (3) رواه هشام بن عبد الله، عن


= قال السيد الجزائري في مقدمته على تفسير القمي ج 1 ص 22: وقال فخر الدين الرازي في تفسيره [ ج 1 ص 218 ]: نقل في الكتب القديمة، أن ابن مسعود كان ينكر كون سورة الفاتحة من القرآن وكان ينكر كون المعوذتين من القرآن. ونقل السيوطي عن ابن عباس وابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه، إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي صلى الله عليه وآله) أن يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما. أنظر الدر المنثور، ج 8، ص 683، ط بيروت. كما روى ابن حجر العسقلاني في المطلب العالية ج 3، ص 402. (1) – السباطة: الكناسة تطرح في فناء البيت. الموضع الذي تطرح فيه الاوساخ. (2) – فج: باعد، بين رجليه. وفي ” ش “: فبال فيها. (3) – فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ فمسح على خفيه. ثم إن هذه الكلمة جائت بتعابير مختلفة ومنها: فاستنجى، ومنها: فانتهى و: إنتهى. قال أحمد المحمودي: هذه عقيدة أشياع بني أمية وزمرتهم ونعوذ بالله من ترهاتهم ويعتبرون أنفسهم من أمة نبي هو برئ منه، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وحاشا حذيفة. قال الحاكم في المستدرك ج 1 ص 185 أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيدالله بن موسى، أنبأنا إسرائيل، عن المقدام بن شريح عن أبيه، قال: سمعت عائشة تقسم بالله ما رأى أحد رسول الله صلى الله عليه وآله يبول قائما منذ

[ 168 ]

محمد بن جابر، (1) عن الاعمش (2) عن حذيفة. (3)


= أنزل عليه الفرقان. [ قال الحاكم: ] هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما لما إتفقا على حديث منصور، عن أبي وائل، عن حذيفة، أن رسول الله أتى سباطة قوم فبال قائما، وجدا حديث المقدام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها معارضا له فتركاه والله أعلم. حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني محمد بن مهدي، حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريح، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر رضي الله عنه قال: رآني رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنا أبول قائما، فقال: يا عمر لا تبل قائما، قال: فما بلت قائما بعد. وذكر أبو يعلى في المسند ج 8، ص 223 عن عائشة نحوه. ومن أراد أن يعلم وهن هذا الحديث المجعول فعليه بمراجعة مجلة تراثنا، لمؤسسة آل البيت، العدد 32 و 33 ص 216، حديث السباطة سندا ودلالة. (1) – هو محمد بن جابر بن سيار الحنفي أبو عبد الله اليمامي الكوفي، المتوفى (…) أنظر سير أعلام النبلاء، ج 8، ص 238. وتهذيب الكمال ج 24، ص 564. (2) – هو: سليمان بن مهران الاسدي الكاهلي، أبو محمد الكوفي الاعمش المتوفى (148). أنظر وفيات الاعيان لابن خلكان ج 2، ص 400. وتهذيب الكمال، ج 12، ص 76، رقم: 2570. (3) – كتاب البخاري ط مصر ج 1 ص 63 باب البول قائما وقاعدا حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة عن الاعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضع وقال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور = [ * ]

[ 169 ]

37 – وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا يرى أحد عورتي إلا عمى، وأن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أراد أن يخلع منه القميص، نودى من جانب البيت لا تكشفوا عورة نبيكم (صلى الله عليه وآله) (1).


= عن أبي وائل عن حذيفة قال: رأيتني أنا والنبي صلى الله عليه وسلم نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال فنتبذت فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرق. أنظر فتح الباري للعسقلاني ج 1 ص 261، 262 و 263، وشرح الكرماني ج 11 ص 40. ثم انظر صحيح مسلم ج 1 ص 157 وفيه حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا أبو خيثمة عن الاعمش عن شقيق عن حذيفة قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائما فتنحيت فقال: أدنه فدنوت حتى قمت عند أقبيه فتوضع فمسح على خفيه. وذكر قريبا منه ابن أبي شيبة في المصنف ج 14 ص 234. أقول: هذا الحديث من المسلمات عند القوم والجماعة إلا أن في الحديث نكارة دلالة وسندا، وحاشا حذيفة أن ينسب هذا العمل إلى النبي صلى الله عليه وآله ما ينافي شأن انسان عادي فكيف بنبي ينطق بالكتاب والحكمة ويدعو ويقول: ولكم في رسول الله أسوة حسنة، وقال: ما آتاكم فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو، فلضيق المجال وقلة الفرصة ورعاية الاختصار نحيل القارئ الكريم إلى مجلة تراثنا التابعة لمؤسسة آل البيت العدد 32 – 33، ص 216، حديث السباطة سندا ودلالة للسيد حسن الحسيني آل المجدد الشيرازي فراجع. (1) – مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 39. وفيه: وعن ابن عباس فسمعوا صوتا في البيت لا تجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم واغسلوه كما هو في قميصه، فغسله علي يدخل يده من تحت القميص والفضل يمسك الثوب عنه والانصاري ينقل الماء وعلى يد علي خرقة يدخل يده = [ * ]

[ 170 ]

38 – ومن فقهائكم ورواة أخباركم أبو هريرة الدوسي (1) وقد ضرب عمر بن الخطاب رأسه بالدرة وقال: أراك قد أكثرت الرواية عن رسول الله ولا أحسبك إلا كذابا، وقال: يا عدو الله وعدو الاسلام خنت مال الله وقرمه إثني عشر الف درهم، وقال فيه أمير المؤمنين: أكذب الناس على رسول الله (صلى الله عليه وآله) هذا الغلام الدوسي (2). 39 – وروى أحمد بن مهدي (3)، قال: حدثنا نعيم بن حماد (4) قال:


= تحت القميس. وفيه أيضا: وعن علي قال: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يغسله أحد غيري فإنه لا يرى عورتي أحد إلا طمست عيناه قال علي فكان العباس وأسامة يلاوناني الماء من وراء الستر. (1) – قال محمد بن اسحاق المطلبي المتوفي (151 ه‍) في السير والمغازي ط بيروت ص 286، حدثنا يونس عن أبي خلدة خالد بن دينار عن أبي العالية قال: لما أسلم أبو هريرة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ممن أنت ؟ فقال: من دوس، فوضع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يده على جبينه ثم نفضها فقال: ما كنت أرى من دوس أحدا فيه خير، ورواية ابن سعد في طبقاته عن أبي هريرة أن عمر قال له: عدوا لله وللاسلام، وفي رواية عدوا لله ولكتابه، سرقت مال الله. وفي رواية: أسرقت مال الله ؟ !، طبقات ابن سعد ج 4 ص 59، 60. ثم راجع أبو هريرة تأليف محمود أبو رية ص 80. (2) – شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4، ص 68، ومختصر تاريخ دمشق ج 29، ص 202. ومن أراد التفضيل فعليه بكتاب أبو هريرة، تأليف محمود ص 135. (3) – أحمد بن مهدي بن رستم، أبو جعفر الاصبهاني المتوفى (272)، أنظر سير أعلام النبلاء للذهبي ج 12، ص 597، رقم: 228. والوافي بالوفيات للصفدي ج 8، ص 198، [ * ]

[ 171 ]

حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، (5) عن أبي صالح، (6) عن أبي هريرة، أنه سب رجلا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يابن فلانة التي كانت تعمل كذا وكذا في الجاهلية، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن فيك لشعبة من الكفر. قال: فلما ذكر الكفر، إرتعدت رجلاي وكبح بي، فقلت – يا رسول الله: إستغفر الله لي، فوالله لا أسب أحدا يدعى إلى الاسلام أبدا. ولا نعلم أحدا روى أنه إستغفر (صلى الله عليه وآله) له. ومن كان هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه، فكيف تصح عنه الاخبار. وقد روى من العجائب ما لا خفاء به عند النقلة، وهؤلاء جلة أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يمتنعون من رواية الحديث كما هو برواية


الرقم: 3631. وفي النسخة: مهلبي، وهو خطأ. (4) – هو: نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث أبو عبد الله المروزي المتوفى (229)، أنظر تهذيب الكمال ج 29، ص 466، رقم 6451. (5) – هو: عبد العزيز بن أبي حازم مولاهم أبو تمام المدني المتوفى (184) أنظر تهذيب الكمال، ج، ص 120، رقم: 3439. (6) – هو ثلاثة إخوة، والراوي لعله صالح بن أبي صالح، لانه يروي عن أبي هريرة. أنظر تهذيب الكمال ج 13، ص 58، رقم: 2818. [ * ]

[ 172 ]

العلماء منهم، وهم قد ألجأتهم الحاجة إلى ذلك، فأما هم فخافوا ولم يرووا، دليل ذلك. ما رواه سليمان الشاذكوني قال: 40 – حدثنا سفيان (1) قال: حدثنا عمار الدهني، (2) عن مسلم البطين (3) عن عمرو بن ميمون، (4) قال إختلفت إلى عبد الله ثمانية عشر شهرا فما سمعته يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا حديثا واحدا، فلما حدث به غشيه البهر والعرق، وقال: هذا أو نحو هذا (5).


(1) – هو: سفيان بن عيينة أبي عمران الهلالي أبو محمد الكوفي، المتوفى (198)، أنظر تهذيب الكمال ج 11، ص 177 رقم: 2413. (2) – كان في النسخة: عمر الزهري وهو خطأ، والصحيح: عمار، كما في بعض النسخ، وهو: عمار بن معاوية الدهني البجلي المتوفى (133). أنظر تهذيب الكمال ج 21، ص 208، رقم: 4171. (3) – هو: مسلم بن عمران، ويقال: ابن أبي عمران، ويقال: ابن أبي عبد الله البطين، أبو عبد الله الكوفي المتوفى (..). أنظر تهذيب الكمال ج 27، ص 526، رقم: 5936. (4) – هو: عمرو بن ميمون الاودي أبو عبد الله، أو أبويحيى الكوفي المتوفى (75). أنظر تهذيب الكمال، ج 22، ص 261، رقم: 4458. (5) – قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان البسوي المتوفى (277) في المعرفة والتاريخ، ج 2، ص 547: حدثنا أبو نعيم وآدم، قالا: حدثنا المسعودي، حدثني مسلم البطين، عن عمرو بن ميمون، قال: إختلفت إلى عبد الله بن مسعود – قال آدم: سنة – ما سمعته يحدث = [ * ]

[ 173 ]

وروى الشاذكوني قال: 41 – حدثنا سفيان، (1) قال: حدثنا إبن نجيح، (2) عن مجاهد، (3) قال: صحبت ابن عمر من مكة إلى المدينة، فما سمعته يحدث عن النبي إلا حديثا واحدا. وروى الشاذكوني، قال: 42 – حدثنا سفيان بن عيينة، قال حدثنا هشام بن حجير، (4) عن


= فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه حدث بحديث يوما فجرى على لسانه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلاه الكرب حتى رأيت العرق يتحدر عليه، ثم قال: إن شاء الله إما فوق ذا وإما قريب من ذا وإما دون ذا. وقال البسوي: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثني سفيان، عن عمار الدهني، عن مسلم البطين، عن عمرو بن ميمون، قال: صحبت عبد الله ثمانية عشر شهرا فما سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حديثا واحدا، فرأيته يعرق، ثم غشيه بهر، ثم قال: نحوه أو شبهه. أقول: وذكر ابن سعد في الطبقات الكبرى ج 3، ص 156، و 157، زيادة على ذلك، فراجع. (1) – ابن عيينة. (2) – هو: عبد الله بن يسار الثقفي أبي نجيح المكي، المتوفى (132)، أنظر تهذيب الكمال، ج 16، ص 215، رقم: 3612. (3) – هو: مجاهد بن جبر المكي، المتوفى (104). أنظر تهذيب الكمال، ج 27، ص 228، رقم: 5783. (4) – هو: هشام بن حجير المكي المتوفى (..) روى عن طاوس بن كيسان، أنظر تهذيب = [ * ]

[ 174 ]

طاووس (1) قال: جاء بشير بن كعب (2) إلى ابن عباس، فجعل يحدثه، فقال ابن عباس: عد بحديث كذا وكذا، فقال له: والله ما أدري أعرفت حديثي كله، وأنكرت هذين، أم أنكرت حديثي كله وعرفت هذين، فقال ابن عباس إنما كنا نحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا كان لا نكذب عليه، فأما إذا ركب الناس الصعب والذلول فقد تركنا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وروى أحمد بن مهدي (3) قال: 43 – حدثني عبد الغفار بن داوود، (4) عن أبن لهيعة، (5) عن – أبي


= الكمال، ج 30، ص 179، رقم: 6571. (1) – هو: طاووس بن كيسان اليماني أبو عبد الرحمان الحميري، المتوفى (106)، أنظر تهذيب الكمال ج 13، ص 357، رقم: 2958. (2) – هو: بشير بن كعب، بصري أبو أيوب العدوي. أنظر الجرح والتعديل، ج 2، ص 395، رقم: 1541. (3) – أحمد بن مهدي بن رستم، كما تقدم. (4) – هو: عبد الغفار بن داود بن مهران بن زياد، المتوفى (228). أنظر تهذيب الكمال، ج 18، ص 225، رقم: 3486. (5) – هو: عبد الله بن لهيعة بن عقبة، المتوفى (74)، أنظر تهذيب الكمال ج 15، ص 487، رقم: 3513. [ * ]

[ 175 ]

الاسود (1) عن عروة بن الزبير، (2) قال: قيل: للزبير بن العوام، مالك لا تحدث عن النبي كما يحدث عنه الصحابة، وأنت من المهاجرين الاولين – فقال: إن رسول الله كان بشرا، وكان يحدث بالامر يأتيه، ويحدثه الرجل من أصحابه، فيعجبه فيحدث به ويأتيه الرجل من أهل الكتاب فيحدثه بالحديث فيعجبه ويحدث به فانطلقتم فحملتم الحديث كله عن رسول الله ولو وضعتموه كما وضعه كان خيرا. 44 – حدثنا أحمد بن مهدي، قال: حدثنا محمد بن بكير (3)، قال: حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي (4)، عن بيان بن [ بشر ] (5) عن وبرة بن


(1) – هو: عبد الرحمان بن نوفل بن الاسود، أبو الأسود المدني، المتوفى (..)، أنظر تهذيب الكمال، ج 25، ص 645، رقم: 5411. (2) – هو: عروة بن الزبير بن العوام، أبو عبد الله المدني المتوفى (99). أنظر تهذيب الكمال ج 20، ص 11، رقم: 3905. (3) – هو: محمد بن بكير واصل بن مالك، الحضرمي أبو الحسن البغدادي. المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 24 ص 543، رقم: 5098. (4) – هو خالد بن عبد الله بن عبد الرحمان بن يزيد الطحان، أبو الهيثم الواسطي المتوفى (182) أنظر تهذيب الكمال ج 8 ص 99، رقم: 1625. (5) – هو: بيان بن بشر الاحمسي، البجلي، أبو بشر الكوفي المعلم، أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 303، رقم: 792. وفي النسخة بيان بن غرورة غلط. [ * ]

[ 176 ]

عبد الرحمن (1)، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، (2) عن أبيه، قال: قلت للزبير: مالك ما تحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يحدث أصحابك ؟ ! قال: سمعته يقول: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (3). فهؤلاء جلة أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقولون هذا القول، ويتبرؤن من الحديث وينكرونه، فكيف يوثق بمن قد روى هذه الاخبار المتناقضة.


(1) – هو: وبرة بن عبد الرحمان المسلي، أبو خزيمة، ويقال: أبو العباس الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 30، ص 426، رقم: 6678. وفي المطبوع غرورة خطأ. (2) – هو: عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الاسدي المتوفى (124) أنظر تهذيب الكمال ج 14، ص 57، رقم: 3049. (3) – صحيح البخاري ج 1، ص 37 كتاب العلم، باب إثم من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتح الباري ج 1 ص 162 وشرح الكرماني ج 2 ص 111. قال الحافظ أبو داود سليمان بن الاشعث السجستاني المتوفى (275) في سننه ج 2، ص 125، باب في التشديد في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم: حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا وحدثنا مسدد، حدثنا خالد المعنى، عن بيان بن بشر، عن وبرة بن عبد الرحمان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: قلت للزبير: ما يمنعك أن تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث عنه أصحابه ؟ فقال: أما والله لقد كان لي منه وجه ومنزلة ولكني سمعته يقول: ” من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار “. ورواه الطبراني في معجم الشاميين، ج 2، ص 247، الحديث رقم: 1277. عن أبي هريرة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار “. [ * ]

[ 177 ]

45 – ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص الذي كان يقاتل علي بن أبي طالب (عليه السلام) مع معاوية وابنه، قد نقله سفيان. ورواه جرير بن عبد الحميد الضبي (1). 46 – ومن رواتكم: كعب الاحبار (2) الذي قام إليه أبو ذر بين يدي عثمان، فضرب رأسه بمحجنة، وقال له: يابن اليهودية متى كان مثلك تكلم بالدين، فوالله ما خرجت اليهودية من قبلك. 47 – ومن فقهائكم وعلمائكم ورواة أخباركم: عبد الله بن عمر، الذي قعد عن بيعة علي (عليه السلام) ثم مصى إلى الحجاج فطرقه ليلا، فقال: هات يدك لابايعك لامير المؤمنين عبد الملك، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: من مات وليس عليه إمام فمات ميتة جاهلية حتى أنكرها عليه الحجاج مع كفره وعتوه (3).


(1) – كتاب صفين لنصر بن مزاحم المنقري المتوفى (212)، ص 482. وكتاب المعيار والموازنة لابي جعفر الاسكافي، ص 174 و 189. (2) – هو: كعب الاحبار بن ماتع الحميري اليماني الكتاني، أسلم في خلافة أبي بكر أو أول خلافة عمر أنظر تاريخ الاسلام ج 2، ص 397. وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 4 ص 77: وروى جماعة من أهل السير أن عليا عليه السلام كان يقول عن كعب الاخبار: إنه لكذاب، وكان كعب منحرفا عن علي عليه السلام. (3) – أنظر مسند الامام أحمد ج 2، ص 83 و 154، وج 3، ص 446 ومسند أبي داود الطيالسي، ص 259 وفيه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: = [ * ]

[ 178 ]


= من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية ومن نزع يدا من طاعة جاء يوم القيامة لا حجة له. وقال الجاحظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى (360) في مسند الشاميين ج 2، ص 438: وعن شريح بن عبيد، عن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية “. وقال الشيخ المفيد في الفصول المختارة ص 197: ولو لم يكن عبد الله ضعيف الرأي ناقص العقل لما تأخر عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وأبى الدخول في طاعته وحرم الجهاد معه ويدعه في حروبه وخذل الناس عنه واستحل خلافه ومباينته ثم جاء بعد ذلك مختارا إلى الحجاج بن يوسف الثقفي فقال له: أيها الامير أمدد يدك أبايعك لامير المؤمنين عبد الملك بن مروان، حتى قال له الحجاج بن يوسف الثقفي: وما حملك على هذا يا أبا عبد الرحمان بعد ما تأخرت عنه، قال حملني عليه حديث رويته عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال: ” من مات وليس في عنقه بيعة امام مات ميتة جاهلية ” فقال له الحجاج: بالامس تتأخر عن بيعة علي بن أبي طالب مع روايتك هذا الحديث ثم تأتيني الآن لابايعك لعبد الملك، أما يدي فمشغولة عنك ولكن هذه رجلي فبايعها، ! فسخر منه وعبث به وأنزله منزلته. وقال العلامة الاميني رحمه الله في الغدير ج 10 ص 55: لقد ذاق ابن عمر وبال أمره بتركه واجبه من البيعة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام والتبرك بيده الكريمة التي هي يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو خليفته بلا منازع، وبتركه الايتمام به والدخول في حشده وهو نفس الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله والبقية منه، بذل البيعة لمثل الحجاج الفاجر فضرب الله عليه الذلة والهوان هاهنا حتى أن ذلك المتجبر الكذاب المبير لم ير فيه جدارة بأن يناوله يده فمد إليه رجله فبايعها، وأخذه الله بصلاته خلفه وخلف نجدة المارق من الدين، وحسبه بذينك = [ * ]

[ 179 ]

48 – ومن فقهائكم وعلمائكم: عطاء بن أبي رباح (1) الذي شك في المسح على الخفين، رواه عنه هشام بن عبد الله، عن عبد الواسع بن أبي طيبة (2) عن محمد بن عبيدالله (3)، عن عطاء، قال: قلت له: في المسح على الخفين والجوربين، فقال: أما ترضون أن أسلم لكم الخفين، فقلبتم روايته، وأجزتم شهادته، وقد شك عندكم في سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لان المسح عندكم على الخفين سنة (4). 49 – ومن فقهائكم: إبراهيم النخعي (5) الذي تخلف عن الحسين بن علي (عليه السلام)، وخرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث، وخرج في


= هوانا في الدنيا والآخرة أشد وأبقى، وكان من أخذه سبحانه إياه أن سلط عليه الحجاج فقتله وصلى عليه ويا لها من صلاة مقبولة مدعاه مستجاب من ظالم غاشم ؟. (1) – هو: عطاء بن أبي رياح الفهري، أبو محمد الكوفي المتوفى (115)، أنظر تهذيب الكمال، ج 20، ص 69، رقم: 3933. (2) – هو: عبد الواسع بن أبي طيبة الجرجاني، أنظر الجرح والتعديل ج 6، ص 76، رقم: 390. (3) – هو: محمد بن عبيدالله بن أبي سليمان العرزمي الفزاري أبو عبد الرحمان الكوفي. أنظر تهذيب الكمال ج 26، ص 41. رقم: 5434. وفي النسخة عبد الله غلط. (4) – أنظر المصنف لعبد الرزاق، ج، ص، والفقه على المذاهب الاربعة، ج 1، ص 135. وشرح فتح القدير ج 1. ص 126. والمحلى لابن حزم، ج 2، ص 85. والسنن الكبرى للبيهقي ج 1، ص 281. والاحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج 4، ص 147. (5) – هو: إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الاسود النخعي المتوفى (96). [ * ]

[ 180 ]

جيش عبد الله بن زياد إلى خراسان، وهو الذي يقول: لا خير في النبيذ إلا في ثلاثة أيام، (1) وقد روت الامة، أن رسول الله قال: كل مسكر حرام. 50 – ومن رواتكم وفقهائكم: أبو حنيفة الذي زعم إشعار البدن مثلة ولا إشعار، وقد روت عائشة: أن النبي كان يشعر بدنته (2). وقال أبو حنيفة: لو أن رجلا تزوج أمه على عشرة دراهم لم يكن زانيا ولم يجب عليه الحد (3)، ولو أن رجلا لف ذكره


(1) – قال العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الانوار، ج 38 ص 229 ط بيروت: وأما رواية إبراهيم النخعي فانه ناصبي جدا تخلف عن الحسين عليه السلام وخرج مع ابن الاشعث في جيش عبيدالله بن زياد إلى خراسان، وكان يقول: لا خير في النبيذ الصلب. (2) – قال الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف ج 14 ص 155 الحديث (17927): حدثنا ابن عيينة، عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة ومروان أن النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية خرج في بضع عشرة مأة من أصحابه، فلما كان بذي الحليفة قلد وأشعر وأحرم. وقال: حدثنا حماد بن خالد عن أفلح، عن القاسم، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر. [ قال ابن أبي شيبة ]: وذكر ان أبا حنيفة قال: الاشعار مثلة. ورواه أيضا الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 5 ص 330، في غزوة الحديبية. (3) – أنظر الايضاح للابن شاذان ص 92 ط جامعة طهران، – وذكر الشيخ المفيد (ره) في كتابه فصول المختارة من العيون والمحاسن ط بيروت ص 122، كلام أبي حنيفة، بقوله: هذا أبو حنيفة النعمان بن ثابت، يقول: لو أن رجلا عقد على أمه عقدة النكاح وهو يعلم أنها أمه ثم وطئها لسقط عنه الحد ولحق به الولد. = [ * ]

[ 181 ]

بحريرة ثم أدخله فرج إمرأة لم يكن زانيا ولم يجب عليه الحد، ولو أن رجلا غاب عن إمرأته عشرين سنة وبها حبل منه فإن الحبل منه (1) وإن كان في جيش معروف، ويشهد أصحابه أنه لم يزل معهم في عسكرهم، وكذلك لو قدم ومعها ابن سنة وأكثر أن الولد ولده، وزعم أن من أتى إمرأة أو غلاما ما بين أفخاذهما فلا حد عليه.


= وكذلك قوله: في الاخت والبنت، وكذلك سائر المحرمات، ويزعم أن هذا نكاح شبهة أوجبت سقوط الحد. ويقول: لو أن رجلا إستأجر غسالة أو خياطة أو خبازة أو غير ذلك من أصحاب الصناعات، ثم وثب عليها فوطئها وحملت منه سقط عنه الحد ولحق به الولد. ويقول: إذا لف الرجل على إحليله حريرة ثم أولجه في قبل إمرأة ليست له بمحرم له حتى ينزل لم يكن زانيا، ولا وجب عليه الحد. ويقول: إن الرجل إذا يلوط بغلام فأوقب لم يجب عليه الحد ولكن يردع بالكلام الغليظ والادب بالخفة والخفقتين وما أشبه ذلك. أنظر المصنف لابن أبي شيبة، ج 14 ص 179. ويقول: إن شرب النبيذ الصلب المسكر حلال طلق وهو سنة وتحريمه بدعة. (1) – أنظر السنن الكبرى للبيهقي، ج 7 ص 443 في باب ما جاء في أكثر الحمل تجد بعض ما يناسب المقام. [ * ]

[ 182 ]

51 – ومن رواتكم وفقهائكم: أبو إسحاق السبيعي (1) وقد أخرج بديلا في من يقاتل الحسين عليه السلام. 52 – ومن فقهائكم ورواتكم: الشعبي (2) خرج مع عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث، وتخلف عن الحسين بن علي عليهما السلام، فقال له الحجاج: أنت المعين علينا ؟ قال: نعم، ما كنا فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء (3).


(1) – هو عمرو بن عبد الله أبو إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي، المتوفى (127)، قاله ابن خلكان، ج 3، ص 459، وطبقات ابن سعد، ج 6، ص 313. أقول: في ترجمة أبي اسحاق السبيعي بين أصحاب التراجم والسير تضارب شديد فمنهم: من يعتبره ممن رأى عليا عليه السام كما في المعرفة والتاريخ ج 2 ص 621، ومنهم: من يعده من أصحاب الامام الحسن والامام السجاد والامام الباقر والامام الصادق عليهم السلام ومنهم: من عده من أعوان بني أمية وممن قاتل الحسين عليه السلام ومنهم: من جعله في تسمية من شهد مع الحسين بن علي عليهما السلام وعلى أي حال تحقيق حاله والدقة في ترجمته تحتاج إلى وقت أوسع من هذا المجال وهو خارج من نطاق الكتاب، وما أسند إليه المصنف رحمه الله أنه ممن أخرج بديلا في من يقاتل الحسى عليه السلام إلى الآن لم نجد له مصدرا موثقا، كما لم نجد وثيقة تدل على أنه كان في من شهد مع الامام الحسين عليه السلام، فلنحيل إلى وقت آخر أو إلى الآخرين كما قيل: كم ترك الاول للآخر. (2) – هو: عامر بن شراحيل بن عبد، أبو عمرو الشعبي الكوفي المتوفي (104) أنظر تهذيب الكمال ج 14 ص 28. (3) – وفي تهذيب تاريخ دمشق للشيخ عبد القادر بدران المتوفى (1346)، ج 7، ص 153 نقلا عن الشعبي قال: ثم دخلت على الحجاج، فلما رآني قال: لا مرحبا ولا أهلا يا شعبي الخبيث، جئتني ولست في الشرف من قومك ولا عريفا ولا منكبا، فألحقتك بالشرف وجعلتك عريفا على الشعبيين، ومنكبا على همدان، ثم خرجت مع عبد الرحمان تحرض علي، قال: وأنا ساكت لا أجيبه، فقال لي: تكلم، فقلت أصلح الله الامير كل ما ذكرت من فعلك فهو على ما ذكرت، وكل ما ذكرت من خروجي مع عبد الرحمان فهو كما ذكرت، = [ * ]

[ 183 ]

وروى أنه سرق من بيت المال في خفه مأة دينار. رواه أبو أيوب الشاذكوني قال: 53 – حدثني حسين الاشقر، (1) قال حدثنا عمرو بن ثابت (2) قال: قلت لابي إسحاق الهمداني: الشعبي يقع في الحارث الاعور (3)، فقال: هو من رجاله، ولقد دخل الشعبي بيت المال فسرق في خفه مأة دينار،


= ولكنها قد إكتحلنا بعدك السهر، وإستحلسنا الخوف، ولم نكن مع ذلك بررة أتقياء ولا فجرة أقوياء، وهذا أوان حقنت لي دمي، استقبلت بي التوبة، قال: قد حقنت دمك واستقبلت بك التوبة. ومثله في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج 11 ص 259. وأورده أيضا ابن خلكان في وفيات الاعيان ج 3، ص 14، وابن سعد في الطبقات الكبرى، ج 6 ص 249. والبسوي في المعرفة والتاريخ ج 2، ص 598. والذهبي في تاريخ الاسلام ج 7، ص 129. والطبري في تاريخ الامم والملوك ج 6، ص 375. (1) – هو: الحسين بن الحسن الاشقر الفزاري أبو عبد الله الكوفي المتوفى (208) أنظر تهذيب الكمال ج 6 ص 366 رقم: 1307. (2) – هو: عمرو بن ثابت بن هرمز، أبو محمد، ويقال: أبو ثابت، وهو، عمرو بن أبي المقدام، أنظر تهذيب الكمال ج 21 ص 553 رقم: 4333. (3) – وفي النسخة الحوب الاعور فهو غلط. وقال ابن شاذان النيسابوري في الايضاح، تحقيق السيد الارموي، ص 469: وأخرى أنكم تروون عن الشعبي أنه كان يقول إذا حدث عن الحارث الاعور: حدثني الحارث الاعور وكان والله كذابا، فلئن صدق الشعبي عن الحارث أنه كان كذابا لقد نسبتم إبني رسول الله وسيدي شباب أهل الجنة أنهما كانا يأخذان العلم عن الكذاب، ولئن كان الشعبي كذب على الحارث أنكم لتأخذون علمكم عنه وهو كذاب يكذب على العلماء، ولئن كان ما رويتم عن الشعبي باطلا ولم يقله لقد كذبتم عليه ورميتموه بالكذب والزور فلستم تخلصون من إحدى هذه الثلاث وأنتم تزعمون أنكم أهل السنة والجماعة. أقول: أنظر ترجمته في قاموس الرجال ج 5، ص 611، الرقم: 3809. [ * ]

[ 184 ]

وأن شريحا ومسروقا ومرة الهمداني كانوا لا يؤمنون على علي بن أبي طالب عليه السلام. ورويتم عن سفيان الثوري (1) أنه قيل له: كيف يروي عن أبي مريم الغفاري وأنت تعلم أنه يشرب الدساكر (2) ويمر بك وهو سكران ؟ ! فقال: لانه لا يكذب في الحديث. 54 – وروى أبو عاصم النبيل (3): أن خالدا الحذاء، أول من وضع لهم العشور (4)، وقال إن أموال التجار يختلف فيها في كل وقت، ولا يمكن أخذ الزكاة منها، فلو وضع عليهم شئ يكون صلحا. 55 – وروى فقهائكم مثل حماد بن زيد (5) وغيره ممن تحتجون بهم


(1) – هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي. أنظر تهذيب الكمال ج 11، ص 154 الرقم: 2407. (2) – الدسكرة: القرية والصومعة والارض المستوية، وبيوت الاعاجم يكون فيها الشراب والملاهي، أو بناء كالقصر حوله بيوت، ج دساكر. قاموس المحيط للفيروزآبادي ج 2، ص 30. (3) – هو: الضحاك بن مخلد الشيباني، أبو عاصم النبيل البصري المتوفى (212). أنظر تهذيب الكمال ج 13، ص 281 رقم 2927. (4) – هو: خالد بن مهران الحذاء أبو المنازل البصري المتوفى (141). أنظر تهذيب الكمال ج 8، ص 177 الرقم: 1655. وفيه: كان وقد استعمل على القبة ودار العشور بالبصرة. (5) – هو: حماد بن زيد بن درهم الازدي الجهضمي أبو إسماعيل البصري وكان من ولات عثمان بن عفان أنظر تهذيب الكمال ج 7 ص 250. [ * ]

[ 185 ]

علينا، إنهم قالوا: إنا لنري عليا بمنزلة العجل (1) الذي إتخذوه بنو إسرائيل، فقال بعض: إن أصحاب علي عليه السلام أشد حبا له من أصحاب العجل هؤلاء الذين رووا المنكرات، أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ما أبطأ عني جبرائيل قط إلا ظننته بدأ بعمر (2).


(1) – أنظر نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 ص 103 قال: روى المحدثون عن حماد بن زيد أنه قال: أرى أصحاب علي أشد حبا له من أصحاب العجل لعجلهم. [ قال ابن أبي الحديد ]: وهذا كلام شنيع. (2) – وفي مسند الامام أحمد بن حنبل ج 4 ص 154 عن مشرح بن هاعان، أخبره أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو كان من بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب. كما ذكره البسوي في المعرفة والتاريخ ج 1 ص 462، وفيه: عن الشعبي، أن عليا قال: ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر. وفيه عن شقيق قال: قال عبد الله والله لو أن علم عمر وضع كفة ميزان وجعل علم أحياء أهل الارض في الكفة الاخرى لترجح علم عمر مذ مذهب يوم ذهب بتسعة أعشار العلم. وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 109: لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب. وفيه: عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: إني لانظر إلى شياطين الجن والانس قد فروا من عمر،.. وأن الشيطان يفرق من عمر ! !. قال أبو محمد المحمودي: كأن عائشة نسيت قول أبيها: إن لي شيطانا يعتريني !. وإن كان الحق بعد النبي مع عمر، ؟ والسكينة تنطق على لسانه ؟ فهو معذور في قوله: إن الرجل ليهجر، وحسبنا كتاب الله، وقوله: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى لله المسلمين شرها فمن عاد لمثلها فاقتلوه !، ولعل عائشة أرادت أن تحسب عمر حسنة من حسنات أبيها.. ! أنظر ص 681 من هذا الكتاب. ومن أراد أن يرى تفصيل تلك الترهات والموضوعات فليراجع إلى كتاب ” الغدير ” لشيخنا الاميني رحمه الله ج 5 ص 312 وج 6 ص 331 وج 7 ص 109. [ * ]

[ 186 ]

56 – وروت علمائكم وفقهائكم ضد ذلك، أن عمر، ومن هو أجل من عمر عندكم ليلة العقبة فيمن تجسسوا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، رواه عبيدالله بن موسى، عن الوليد بن جبير عن أبي الطفيل. عن حذيفة: أن عمر تجسس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم). وهذه إختلافات في رواياتكم، عن رجالكم، وعن قوم أخذتم عنهم دينكم واعتمدتم عليهم، وجعلتموهم حجة لكم عند الله تحتجون بهم علينا، ونحن الآن نذكر وقيعة بعضهم في بعض، وذكر بعضهم بعضا. [ علماء السير وفقهاء الحديث ]: فقال علمائكم وفقهاء الامة: إن عامة من تعلق به الحديث مبتدعة، فذكروا من قدرية أهل المدينة، محمد بن إسحاق بن يسار القرشي صاحب السير، (1) وعبد الرحمن بن إسحاق (2)، ومحمد بن عبد الرحمن القرشي (3)، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الاسلمي (4)، وشريك بن


(1) – هو: محمد بن اسحاق بن يسار بن خيار مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، المولود عام (85) بالمدينة، والمتوفى (151) يقال له: أمير المؤمنين في الحديث، في السير والمغازي، قيل: لمحمد بن إسحاق ينبغي أن يكون له ألف حديث ينفرد بها ولا يشاركه فيها أحد، وله فيها كتب توفي ببغداد سنة إحدى وخمسين ومأة، أنظر تاريخ بغداد ج 1، ص 214، رقم: 51، تجد له ترجمة وافية. (2) – هو: عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة المدني ويقال له: عباد ابن إسحاق المتوفى (..). أنظر تهذيب الكمال ج 16، ص 519، الرقم: 3755. (3) – هو: محمد بن عبد الرحمن القرشي بن نوفل بن الاسود الاسدي. تهذيب الكمال ج 25، ص 645 رقم: 5411. [ * ]

[ 187 ]

عبد الله (1)، وعطاء بن يسار (2)، وقد تعلق حديث المدينة بهؤلاء. ومن أهل مكة: عبد الله بن أبي نجيح (3)، وهشام بن حجير (4)، وإبراهيم بن نافع (5)، ومن أهل الشام: مكحول (6)، وثور بن زيد (7)، وغيلان (8).


(4) – هو: إبراهيم بن محمد أبي يحيى أبو إسحاق الاسلمي المدني. تهذيب التهذيب ج 1، ص 158 الرقم: 284. (1) – هو: شريك بن عبد الله بن أبي نمر القرشي أبو عبد الله المدني المتوفى (144) تهذيب الكمال، ج 12، ص 475 رقم: 2737. (2) – هو: عطاء بن يسار الهلالي أبو محمد المدني القاص المتوفى (94). تهذيب الكمال ج 20، ص 125، رقم: 3946. (3) – هو: عبد الله بن أبي نجيح وإسمه يسار الثقفي أبو يسار المكي المتوفى (132) تهذيب الكمال، ج 16، ص 215 رقم 3612. (4) – هو: هشام بن حجير المكي أنظر تهذيب التهذيب ج 11 ص 33. وتهذيب الكمال ج 30، ص، 179. الرقم 6571. (5) – هو: إبراهيم بن نافع المخزومي أبو إسحاق المكي. تهذيب التهذيب 1، 174، وتهذيب الكمال ج 2، ص 227 الرقم: 260. (6) – هو: مكحول الشامي أبو عبد الله ويقال: أبو أيوب، المتوفى (116). تهذيب الكمال ج 28 ص 464 رقم: 6168. (7) – كذا في المتن وبعد المراجعة بترجمة الرجل ذكر ابن عدي في الكامل هكذا: ثور بن يزيد زياد الكلاعي ويقال: الرحبي أبو خالد الشامي الحمصي المتوفى (153) تهذيب الكمال، ج 4، ص 418 رقم 862. أنظر تهذيب التهذيب ج 2 ص 33. (8) – هو: غيلان بن أنس الكلبي مولاههم أبو يزيد الشامي الدمشقي. تهذيب الكمال، ج 23، ص 126 رقم: 4698. [ * ]

[ 188 ]

ومن أهل البصرة: قتادة بن دعامة السدوسي (1)، ومعبد الجهني (2)، وعوف بن أبي جميلة الاعرابي (3) ويزيد الرقاشي (4) وسعيد بن أبي عروبة (5)، وعمرو بن عبيد (6)، وهشام بن الدستوائي (7)، وهمام بن يحيى (8) وعباد بن منصور من بني سامة بن لوي (9) وأبان بن أبي عياش (10)، وعباد بن


– هو: قتادة بن دعامة قتادة السدوسي أبو الخطاب البصري المتوفى (117). أنظر تهذيب الكمال ط بيروت ج 23، ص 498 الرقم 4848. وفيه: وكان أكمه. (2) – هو: معبد بن خالد الجهني يكنى أبا زرعة المتوفى (72). أنظر تهذيب التهذيب ج 10 ص 222 الرقم: 405. وتهذيب الكمال، ج 28، ص 244 رقم: 6079. (3) – هو: عوف بن أبي جميلة العبدي الهجري أبو سهل البصري المعروف بالاعرابي المتوفى (147). تهذيب الكمال ج 22 ص 437 الرقم: 4545. (4) – هو: يزيد بن أبان الرقاشي أبو عمرو البصري القاض من زهاد أهل البصره وهو عم الفضل بن عيسى ابن أبان الرقاشي. تهذيب الكمال ج 32 ص 64 الرقم 6958. (5) – هو: سعيد بن أبي عروبة أبو النضر البصري المتوفى (156) أنظر تهذيب الكمال ج 11 ص 5 الرقم 2327، وتهذيب التهذيب ج 4 ص 63. (6) – هو: عمرو بن عبيد بن باب ويقال: ابن كيسان التميمي أبو عثمان البصري المتوفى (143). تهذيب الكمال ج 22 ص 123 الرقم 4406. (7) – هو: هشام بن أبي عبد الله الدستوائي أبو بكر البصري المتوفى (152) تهذيب التهذيب ج 11، ص 43. وتهذيب الكمال ج 30 ص 215 الرقم 6582. (8) – هو: همام بن يحيى بن دينار العوذي المحلمي. أبو عبد الله ويقال: أبو بكر البصري المتوفى (164). تهذيب التهذيب ج 11، ص 67 وتهذيب الكمال ج 30، ص 302 الرقم: 6602. (9) – هو: عباد بن منصور الناجي، أبو سلمة البصري المتوفى (152). تهذيب الكمال ج 14 ص 156، الرقم 3093 وفيه أبو سلمة البصري. [ * ]

[ 189 ]

ميسرة المنقري (1)، وزكريا بن حكيم الحبطي (2)، وهارون الاعور (3)، وحماد الابح (4)، وعمر الابح (5)، وعطاء بن أبي ميمونة (6)، وأبو هلال محمد بن سليم الراسبي (7)، وصالح المزني (8)، وصالح الناجي (9)، والربيع بن صبيح (10)، والاشعث ابن


(10) – هو: أبان بن أبي عياش البصري المتوفى (138)، تهذيب الكمال ج 2، ص 19 الرقم: 142. (1) – هو: عباد بن ميسرة المنقري التميمي البصري المعلم تهذيب الكمال ج 14 ص 167 الرقم 3100. (2) – في تهذيب الكمال ج 9 ص 369 هو: زكريا بن عدي الحبطي يروي عن الشعبي، و عنه غسان بن عبيد الموصلي أخبرنا بحديثه أبو الحسن ابن البخاري، قال: أنبأنا أبو جعفر الصيدلاني قال: أخبرنا أبو علي الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا غسان بن عبيد الموصلي، قال: حدثنا زكريا بن عدي الحبطي، عن الشعبي أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يراجعها فإن بدا له طلقها وهي طاهر في قبل عدتها. (3) – تهذيب الكمال ج 30 ص 115 الرقم: 6530 وفيه: هارون بن موسى الاضدي العتكي ويقال: أبو موسى النحوي البصري الاعور صاحب القراءة. (4) – هو: حماد بن يحيى أبوبر الابح السلمي أبو بكر البصري. تهذيب الكمال، ج 17، ص 292 رقم 1492. (5) – هو: عمر بن سعد البصري الابح، لسان الميزان ج 4 ص 309. (6) – هو: عطاء بن أبي ميمونة البصري المتوفى (131). يكنى أبا معاذ. تهذيب الكمال ج 20، ص 117 الرقم 3942. (7) – كتاب اللباب في تهذيب الانساب ج 2 ص 6، ط بيروت: محمد بن سليم أبو هلال الراسبي. تهذيب الكمال ج 25 ص 292 الرقم 5256. (8) – تهذيب الكمال ج 13 ص 47 الرقم 2812 صالح بن رستم المزني. [ * ]

[ 190 ]

سعيد السمان (11)، وأبو الربيع عبد الواحد بن زيد (12)، وعنبسة بن سعيد القطان [ الواسطي البصري ] (13)، وعثمان بن مقسم (14)، وأبو عبيدة الناجي (15)، وعبد الوارث بن سعيد النسوي (16)، وسفيان بن حبيب (17)، وأبو قطن مهدي بن هلال (18)، وعباد بن صهيب (19)، والمنهال بن الجراح (20) وعبد الله بن غالب (21). فهؤلاء فقهاء البصرة ورواة حديثهم وأخبارهم، وكلها معلقة


(9) – لم نجد له ترجمة ولعله سالم كما في الانساب للسمعاني ج 5 ص 442. (10) – الكامل لابن عدي ج 3 ص 992 ربيع بن صبيح أبو حفص وتهذيب الكمال ج 9 ص 89 الرقم 1865. (11) – الكامل لابن عدي ج 1 ص 367، أشعث بن سعيد أبو الربيع السمان بصري تهذيب التهذيب ج 1 ص 353، وتهذيب الكمال ج 3، ص 261 الرقم 523. (12) – هو: عبد الواحد بن زيد البصري أبو عبيدة، أنظر الجرح والتعديل ج 6 ص 20، الرقم: 107. (13) – تهذيب الكمال ج 22 ص 411 الرقم 4534. (14) – الكامل في الضعفاء ج 5 ص 1804، عثمان بن مقسم أبو سلمة البري بصري. (15) – لم نجد له مصدرا. (16) – عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم التنوري. تهذيب الكمال ج 18 ص 478 الرقم 3595. (17) – تهذيب الكمال ج 11 ص 137 الرقم 2398. (18) – لسان الميزان ج 6 ص 106. (19) – كذا في المتن ولعله عباد بن نسيب كما في تهذيب التهذيب ج 14 ص 169 الرقم 3101. (20) – أنظر: الجرح والتعديل ج 8، ص 358. الرقم: 1693. (21) – تهذيب الكمال ج 15 ص 419، الرقم 3476. [ * ]

[ 191 ]

بهم، وقد قذفوهم بالبدعة والضلال. وممن نسب من أهل الكوفة إلى الترفض، وذكروا أنهم إقتدوا بجماعة من جلة أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل سلمان الفارسي (1) وأبي ذر الغفاري (2)، والمقداد بن الاسود (3)، وعمار بن ياسر (4)، وجابر بن عبد الله الانصاري (5)، وأبي سعيد الخدري (6)، والبراء بن عازب بن حصين (7)، وحذيفة ابن اليمان (8)، وخزيمة بن ثابت الانصاري ذو الشهادتين (9)، وعبد الله الصالحي، وحبشي بن جنادة السلولي (10)، وعبد الله بن عياس (11)،


(1) – تهذيب الكمال ج 11 ص 245 الرقم 2438، له ترجمة مفصلة. (2) – تهذيب الكمال ج 33 ص 294 الرقم 7351. وفيه: أبو ذر الغفاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إختلف في إسمه وإسم أبيه إختلافا كثيرا، والمشهور إسمه جندب بن جنادة. (3) – تهذيب الكمال ج 28 ص 452 الرقم 6162. (4) – تهذيب الكمال چ 21 ص 215 الرقم 4174، له ترجمة مفصلة. (5) – تهذيب الكمال ج 4 ص 443 الرقم 871. له ترجمة مفصلة. (6) – تهذيب الكمال ج 10 ص 294 الرقم 2224. وهو سعد بن مالك بن سنان بن عبيد أبو سعيد الخذري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله). (7) – تهذيب الكمال ج 4 ص 34 الرقم: 649. (8) – تهذيب الكمال ج 5 ص 495 الرقم 1147. وفيه: صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله). (9) – تهذيب الكمال ج 8 ص 243 الرقم: 1685. (10) – تهذيب الكمال ج 5 ص 349 الرقم: 1075. (11) – تهذيب الكمال ج 15 ص 154 الرقم 3358. [ * ]

[ 192 ]

وعبد الله بن جعفر (1) وأبي رافع مولى رسول الله (2)، وأبي جحيفة (3)، وعبد الله بن أبي أوفى (4)، وزيد بن أرقم (5). ومنهم سعيد بن المسيب بن مجاهد (6)، وسويد بن غفلة السلمي (7) والحارث الاعور (8)، وعلقمة (9)، والربيع بن خثيم (10)، وأويس [ بن عامر ] القرني (11)، وإبراهيم النخعي (12)، وعبد خير (13)، و [ ملك بن


(1) – تهذيب الكمال ج 14 ص 367 الرقم 3202. (2) – تهذيب الكمال ج 33 ص 301 الرقم 7354. وفيه: أبو رافع القبطي مولى النبي (صلى الله عليه وآله) يقال: إسمه إبراهيم أو أسلم، أو ثابت، أو هرمز. (3) – تهذيب الكمال ج 31 ص 132 الرقم 6760. وهو: وهب بن عبد الله ويقال: وهب ابن وهب أبو جحيفة السوائي. (4) – تهذيب الكمال ج 14 ص 317 الرقم 3171. (5) – تهذيب الكمال ج 10 ص 9 الرقم 2087. (6) – تهذيب الكمال ج 11 ص 66 الرقم 2358. (7) – تهذيب الكمال ج 12 ص 265 الرقم 2647. (8) – تهذيب الكمال ج 5 ص 244 الرقم 1025. (9) – تهذيب الكمال ج 20 ص 298 الرقم… (10) – تهذيب الكمال ج 9 ص 70 الرقم 1859. (11) – هو: أويس بن عامر القرني المرادي من اليمن، المستشهد في صفين، أنظر الكامل لابن عدي ج 1، ص 403. ومعجم رجال الحديث للخوئي ج 3 ص 244 الرقم: 1573. من أصحاب علي (عليه السلام). (12) – تهذيب الكمال ج 2 ص 233 الرقم 265. (13) – تهذيب الكمال ج 16 ص 469 الرقم 3734. [ * ]

[ 193 ]

الحارث ] الاشتر (1)، وعبيد الله بن أبي رافع (2)، ومحمد بن أبي بكر (3)، والقاسم ابن محمد بن أبي بكر (4). ذكروا أن هاؤلاء من جلة الرافضة، واقتدى بهم علقمة بن قيس النخعي (5)، وعبيدة السلمي (6)، وأبو البختري مولى طه (7)، والحارث بن عبد الله [ الاعور ] الهمداني (8)، وعاصم بن ضمرة السلولي [ الكوفي ] (9)، وحجر (حجية) بن عدي الكندي (10)، وزيد، وصعصعة ابنا صوحان (11)، وعبد الرحمن بن أبي ليلى الانصاري (12)، وزر بن حبيش (13)، وربعي بن خراش العبسي (14)،


(1) – تهذيب الكمال ج 27 ص 126 الرقم 5731. (2) – تهذيب الكمال ج 19 ص 120 الرقم 3666. (3) – تهذيب الكمال ج 24 ص 541 الرقم 5097. (4) تهذيب الكمال ج 23 ص 427 الرقم 4819. (5) – تهذيب الكمال ج 23 ص 300 الرقم 4017. (6) – تهذيب الكمال ج 19 ص 200 الرقم 3713. (7) – هو: سعيد بن فيروز أبوالبختري، تهذيب الكمال ج 11 ص 32 الرقم… (8) – تهذيب الكمال ج 5 ص 244 الرقم 1025. (9) – تهذيب الكمال ج 13 ص 496 الرقم 3012. (10) – تهذيب الكمال ج 5 ص 485 الرقم 1141. (11) – تهذيب الكمال ج 13 ص 167 الرقم 2876. (12) – معجم رجال الحديث ج 9 ص 298. (13) – تهذيب الكمال ج 9 ص 335 الرقم 1976. (14) – تهذيب الكمال ج 9 ص 54 الرقم 1850. [ * ]

[ 194 ]

وأبو حنان الاشجعي (1)، وسعيد الهمداني (2)، وعلي بن ربيعة (3) وعامر بن واثلة الليثي (4)، وأبو ظلبيان (5)، وأبو الاسود بن قيس وسويد بن الحارث الهمداني (6) وسائب بن عطاء السائب (7)، وزاذان أبو عمر (8) وميسرة، وخالد بن عرعرة (9)، وأبو هلال العكي (10) وأبو جحيفة [ السوائي ] (11) والحارث بن لقيط (12) وهبيرة بن يريم (13) قيل: وأبو عبد الله الجدلي (14) وزهير بن الاقمر (15) وعبد


(1) – هو: إما أبو حنين بن عبد الله، أو عبيد الله بن عبيد الرحمان الاشجعي الكوفي. أنظر تهذيب الكمال ج 19، ص 107، الرقم: 3662. (2) – تهذيب الكمال ج 11 ص 42 الرقم 2346. (3) – تهذيب الكمال ج 20 ص 431 الرقم 4068. (4) – تهذيب الكمال ج 14 ص 79 الرقم 3064. (5) – تهذيب الكمال ج 6 ص 514 الرقم 1355. (6) – أنظر الجرح والتعديل ج 4، ص 234. (7) – أنظر الجرح والتعديل ج 4، ص 242. (8) – تهذيب الكمال ج 9 ص 263 الرقم 1945. (9) – هو: خالد بن عرعرة السهمي الكوفي. أنظر الجرح والتعديل ج 3، ص 343. (10) – أنظر الجرح والتعديل ج 9، ص 454، الرقم: 2321. (11) – هو: وهب بن عبد الله، ويقال: وهب بن وهب أبو جحيفة السوائي. أنظر تهذيب الكمال ج 31، ص 132 الرقم 6760. (12) – هو: الحارث بن لقيط النخعي. أنظر الجرح والتعديل ج 3، ص 87 رقم: 402 (13) – تهذيب الكمال ج 30 ص 150 الرقم 6552. وفيه: هبيرة بن يريم الشيباني الكوفي. (14) – تهذيب الكمال ج 34 ص 192، الرقم: 7471. وفيه: أبو عبد الله الجدلي الكوفي إسمه عبد بن عبد وقيل: عبد الرحمان بن عبد. [ * ]

[ 195 ]

خير الخيواني (1) وأبو ليلى الكبير (2) وعبد الله بن سلمة (3) وعبد الرحمان بن يزيد (4) ومالك بن الحارث النخعي (5)، وأبو العيش (6) والاصبغ بن نباته (7)، وكليب الاودي بن علا (8)، وعمر بن نفخة (9)، وقيس بن شفي (10)، وعبد الله بن قيس التميمي (11)،


(1) – تهذيب الكمال ج 34، ص 219، الرقم: 7584، وفيه: زهير بن الاقمر أبو كثير الزبيدي وقيل: عبد الله بن مالك. (1) – هو: عبد خير بن يزيد أبو عمارة الكوفي الخيواني، أنظر الجرح والتعديل ج 6، ص 37 رقم 201. وفي النسخة الحراني خطأ. (2) – كذا في النسخة، ولكن لا يناسب المقام ولعله أبوليلي الكندي الكوفي كما في تهذيب الكمال ج 34 ص 239 الرقم 7594. (3) – تهذيب الكمال ج 15 ص 50، الرقم: 3313 وفيه المرادي الكوفي. (4) – هو: عبد الرحمان بن يزيد بن قيس النخعي أبو بكر الكوفي المتوفى (73). تهذيب الكمال ج 17 ص 114، 119. (5) – معجم رجال الحديث، 14، 161 الرقم: 9796، وتهذيب الكمال ج 27 ص 126، الرقم: 5731 وهو مالك الاشتر. (6) – لم نجد له مصدرا ولعله أبو عياش أنظر تهذيب الكمال ج 34 ص 162. (7) – تهذيب الكمال ج 3 ص 308، الرقم: 537 فيه أصبغ بن نباتة التميمي ثم الحنظلي أبو القاسم الكوفي. وأنظر المعارف لابن قتيبة، ص 624. (8) – هو: كليب الاودي كوفي. أنظر الجرح والتعديل ج 7، ص 167 الرقم: 948. (9) – لم أجد بهذا العنوان، لعله عمرو بن بعجة البارقي، كما في الجرح والتعديل ج 6، ص 221، الرقم: 1229. (10) – هو: قيس بن شفي روى عن ابن عباس، أنظر الجرح والتعديل ج 7، ص 100 الرقم: 565. (11) – لم نجد بهذا العنوان ترجمة ولعله عبد الله بن قيس النخعي الكوفي أنظر تهذيب الكمال، ج 15، ص 459. [ * ]

[ 196 ]

وسعيد بن شفي (1)، وحبة بن جوين العرني (2)، وعتاب بن عبيد الاسدي (3)، وأبو ناجية (4) وأبو عاصم بن كليب (5)، وحيان بن الحارث (6) وعبيد الله (7)، وسليمان (8)، وسعد بنو مرة الاسلمي (9)، وإبراهيم بن يزيد النخعي (10) وسالم بن أبي الجعد (11)، وهلال بن يساف (12)، وخيثمة بن عبد الرحمن (13) وعمارة بن عمير (14)،


(1) – هو: سعيد بن شفي روى عن ابن عباس، أنظر الجرح والتعديل ج 4، ص 32 الرقم: 136. (2) – تهذيب الكمال ج 5 ص 351، الرقم: 1076 فيه: حبة بن جوين بن علي بن عبد نهم بن مالك بن غانم بن مالك بن هوازم بن عرينة العرني البجلي أبو قدامة الكوفي. (3) – لم نجد له ترجمة بهذا العنوان. (4) – لم نجد له ترجمة. (5) – لم نجد له ترجمة بهذا العنوان. تهذيب الكمال، ج 34، ص 7. (6) – هو: حيان بن الحارث أبو عقيل، روى عن علي رضي الله عنه أنظر الجرح والتعديل ج 3، ص 243 الرقم: 1082. (7) – لم يعرف. (8) – كذا في النسخة ولم نجد بهذا العنوان إلا أن نعتبرهما واحدا وهو: عبد الله بن سليمان، كما في الجرح والتعديل ج 5، ص 316، الرقم: 1503. (9) – لم نجد بهذا العنوان. راجع الانساب للسمعاني ج 1، ص 151. (10) – تهذيب الكمال ج 2 ص 233، الرقم: 265. (11) – تهذيب الكمال ج 10 ص 130، الرقم: 2142. (12) – تهذيب الكمال ج 30 ص 353، الرقم: 6634. (13) – تهذيب الكمال ج 8 ص 370، الرقم: 1747. (14) – تهذيب الكمال ج 21 ص 256، الرقم: 4193. [ * ]

[ 197 ]

الحارث (1) وعطية بن سعد [ بن جنادة ] العوفي (2) والحكم بن عتيبة (3)، والحارث العكلي (4)، وأبو السفر الهمداني (5)، وسلمة بن كهيل (6)، وسماك بن حرب (7)، وزبيد الايامي (8)، وأبو إسحاق الهمداني (9) وأبو حصين عثمان بن عاصم الاسدي (10)، وعبيد الله بن يزيد (11)، والمقدام بن شريح الحارثي (12)، وعامر بن شقيق الاسدي (13)


(1) – تهذيب الكمال ج 27 ص 126، الرقم: 5731. (2) – تهذيب الكمال ج 20 ص 145، الرقم: 3956. (3) – أنظر تهذيب الكمال ج 7 ص 114 ط بيروت. (4) تهذيب الكمال ج 5 ص 308، وفيه: الحارث بن يزيد العكلي التيمي الكوفي. (5) – هو: سعيد بن يحمد، ويقال: ابن أحمد، أبو السفر الهمداني الكوفي والد عبد الله بن أبي السفر. أنظر تهذيب الكمال ج 11 ص 101، الرقم: 2375. (6) – تهذيب الكمال ج 11 ص 313 الرقم: 2467. (7) – تهذيب الكمال ج 12 ص 115، الرقم: 2579. (8) – تهذيب الكمال ج 9 ص 289، الرقم: 1957 وفيه زبيد الحارث اليامي والايامي. (9) – تهذيب الكمال ج 33 ص 29، الرقم: 7204، إسمه هارون همداني، أو ص 30، أبو إسحاق السبيعي الهمداني الكوفي إسمه عمرو بن عبد الله. (10) – تهذيب الكمال ج 19 ص 401، الرقم: 3828. (11) – تهذيب الكمال ج 19 ص 176، الرقم: 3695. وفيه عبيدالله بن يزيد بن إبراهيم الحراني القردواني والد محمد بن عبيدالله. (12) – تهذيب الكمال ج 28 ص 457، الرقم: 6163 وفيه المقدام بن شريح بن الهانئ بن يزيد الحارثي الكوفي والد يزيد بن المقدام بن شريح. (13) – تهذيب الكمال ج 14 ص 41، الرقم: 3043 وفيه عامر بن شقيق بن جمرة بالجيم والراء الاسدي الكوفي. [ * ]

[ 198 ]

وعطاء بن السائب (1)، وحصين بن عبد الرحمن السلمي (2)، ومنصور بن المعتمر (3)، وإسماعيل السدي (4)، والاعمش بن سليمان مهران (5)، ومخول بن راشد (6)، وقيس بن مسلم (7)، وعبد العزيز بن رفيع [ الاسدي ] (8)، وأبان بن تغلب (9)، وليث بن أبي سليم الهمداني (10)، و [ ثابت بن هرمز ] أبو المقدام الحداد (11)، وعمارة بن


(1) – تهذيب الكمال ج 20 ص 86، الرقم: 3934. (2) – تهذيب الكمال ج 6 ص 519، الرقم: 1358. (3) – تهذيب الكمال ج 28 ص 546، الرقم: 6201. (4) – تهذيب الكمال ج 3 ص 132، الرقم: 462. وفيه إسماعيل بن عبد الرحمان بن أبي كريمة السدي. (5) – تهذيب الكمال ج 12 ص 76، الرقم: 2570. وفيه سليمان بن مهران الاسدي الكاهلي مولاهم أبو محمد الكوفي الاعمش. (6) – تهذيب الكمال ج 27 ص 348، الرقم: 5846 وفيه: مخول بن راشد النهدي. (7) – تهذيب الكمال ج 24 ص 81، الرقم: 4921 وفيه: قيس بن مسلم الجدلي العدواني أبو عمر الكوفي. (8) – تهذيب الكمال ج 18 ص 134، الرقم: 3446 وفيه عبد العزيز بن رفيع الاسدي أبو عبد الله المكي الطائفي سكن الكوفة. (9) – تهذيب الكمال ج 2 ص 6، الرقم: 135 وفيه أبان بن تغلب الربيعي أبو سعد الكوفي القاري. (10) – تهذيب الكمال ج 24 ص 279، الرقم: 5017 وفيه ليث بن أبي سليم بن زنيم القرشي. الكوفي. (11) – تهذيب الكمال ج 4 ص 380، الرقم: 833 وفيه: ثابت بن هرمز الكوفي أبو المقدام الحداد. [ * ]

[ 199 ]

القعقاع الضبي (1) وجامع بن شداد المحاربي (2)، وعثمان بن المغيرة الثقفي (3)، ويزيد بن أبي زياد الهاشمي (4)، وفضيل بن عمرو الفقيمي (5)، والاسود بن قيس (6)، وحبيب بن أبي ثابت (7)، وعبد الرحمان بن عبد الله بن الاصبهاني (8)، ومهران البجلي (9)، وداود بن أبي عوف (10)، وخالد بن علقمة (11)، و عبد الملك بن عمير (12)، وعاصم بن كليب (13)،


(1) – تهذيب الكمال ج 21 ص 262، الرقم: 4196 وفيه: عمارة بن القعقاع بن شبرمة الضبي الكوفي. (2) – تهذيب الكمال ج 4 ص 486، الرقم: 889 وفيه: جامع بن شداد المحاربي أبو صخر الكوفي. (3) – تهذيب الكمال ج 19 ص 497، الرقم: 3864. (4) – تهذيب الكمال ج 32 ص 135، الرقم: 6991. (5) – تهذيب الكمال ح 23، ص 278، الرقم 4762 وفيه: فضيل بن عمرو الفقيمي. (6) – تهذيب الكمال ج 3 ص 229 الرقم: 506 وفيه: الاسود بن قيس العبدي. (7) – تهذيب الكمال ج 5، ص 358، الرقم 1079 وفيه: حبيب بن أبي ثابت وإسمه قيس بن دينار. (8) – تهذيب الكمال ج 17، ص 242، الرقم 3879. وفيه عبد الرحمان ابن عبد الله ابن الاصبهاني الكوفي. (9) – لم نجد له ترجمة بهذا العنوان. (10) – تهذيب الكمال ج 8، ص 434، الرقم 1779. (11) – تهذيب الكمال ج 8، ص 134، الرقم 1637 وفيه: خالد بن علقمة الهمداني الوادعي أبو حية الكوفي. (12) – تهذيب الكمال ج 18، ص 370، الرقم 3546. (13) – تهذيب الكمال ج 13، ص 537، الرقم 3024 وفيه: عاصم بن كليب بن شهاب ابن المجنون الجرمي الكوفي. [ * ]

[ 200 ]

والمغيرة بن سعد (1)، وأبو قرارة بن أبي ظبيان (2)، والعلاء بن المسيب (3)، وضرار بن مرة الشيباني (4)، وأبو سنان (5)، وسنان بن حبيب، (6) وإبراهيم ابن المهاجر (7)، وأبو الهيثم المرادي (8)، وعيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (9)، وأبو يعقوب (10)،


(1) – تهذيب الكمال ج 28، ص 365، الرقم 6128. وتهذيب التهذيب ج 10 ص 261 رقم: 467. (2) – لم نجد بهذا العنوان له ترجمة إلا أن في ميزان الاعتدال ج 4 ص 562 أبو فزارة العنزي، والجرح والتعديل ج 9 ص 423. (3) – الجرح والتعديل، ج 6 ص 360 الرقم 1991 وفيه: العلاء بن المسيب بن رافع الكوفي التغلبي. وتهذيب الكمال ج 22 ص 541 الرقم 4588. (4) – تهذيب الكمال ج 13 ص 306، الرقم: 2933 الجرح والتعديل ج 4، ص 465، الرقم: 2044. (5) – تهذيب الكمال ج 10 ص 492، الرقم: 2293. وفيه: سعيد بن سنان البرجمي أبو سنان، الشيباني الاصغر، الكوفي. (6) – الجرح والتعديل، ج 4 ص 252 الرقم 1088، وفيه: سنان بن حبيب أبو حبيب السلمي. (7) – الجرح والتعديل، ج 2 ص 132 الرقم 421. وتهذيب الكمال ج 2 ص 211 وفيه: إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي، أبو إسحاق الكوفي. (8) – تهذيب الكمال ج 34، ص 384، الرقم 7686، وفيه أبو الهيثم المرادي الكوفي، صاحب القصب، قيل: إن اسمه عمار. (9) – الجرح والتعديل ج 6 ص 281، الرقم: 1557 وفيه: الانصاري. معجم رجال الحديث ج 13، ص 193، الرقم 9191. تهذيب الكمال ج 22، ص 629، الرقم 4638. (10) – معجم رجال الحديث ج 22، ص 89 الرقم 14942. الجرح والتعديل ج 9، ص 460 الرقم 2360، وفيه أبو يعفور الثقفي الكوفي. تهذيب الكمال ج 34. [ * ]

[ 201 ]

وعمران بن أبي مسلم (1)، وإبراهيم بن عبد الاعلى (2)، والوليد بن عقبة (3) وثوير بن أبي فاخته (4)، وعمار الدهني (5)، وعبد الملك بن أعين (6)، وبكير بن كثير (7) وسالم بن أبي حفصة (8)، وعمران بن ظبيان (9)، وجابر الجعفي (10)، وحكيم


(1) – معجم رجال الحديث ج 13، ص 137، الرقم 9026. الجرح والتعديل ج 6، ص 304، تهذيب الكمال ج 22، ص 355. (2) – الجرح والتعديل ج 2، ص 112، الرقم 334، وفيه إبراهيم بن عبد الاعلى الكوفي معجم رجال الحديث ج 1، ص 241، الرقم 190. (3) – الجرح والتعديل ج 9، ص 12، الرقم 53. معجم رجال الحديث ج 19، ص 197، الرقم 13158. تهذيب الكمال ج 31، ص 61، الرقم 6724. (4) – الجرح والتعديل ج 2، ص 472، الرقم 1920، معجم رجال الحديث ج 3، ص 414، الرقم 2000، تهذيب الكمال ج 4، ص 429، الرقم 863. وفيه ثوير بن أبي فاخته، وإسمه سعيد بن علاقة القرشي، الهاشمي، أبو الجهم الكوفي. (5) – الجرح والتعديل ج 6، ص 390، الرقم 2175، معجم رجال الحديث ج 12، ص 260 الرقم 8644. تهذيب الكمال ج 21، ص 208، الرقم 4171 وفيه: عمار بن معاوية ويقال: ابن أبي معاوية. (6) – الجرح والتعديل ج 5، ص 343، الرقم 161، معجم رجال الحديث ج 11، ص 14، الرقم 7284. تهذيب الكمال ج 18، ص 282، الرقم 3514 وفيه عبد الملك بن أعين الكوفي. (7) – لم نجد له ترجمة بهذا العنوان. (8) – الجرح والتعديل ج 4، ص 180، الرقم 782، معجم رجال الحديث ج 8، ص 13، الرقم 4935. تهذيب الكمال ج 10، ص 133، الرقم 2143 وفيه سالم بن أبي حفصة العجلي، أبو يونس الكوفي، أخو إبراهيم بن أبي حفصة. (9) – الجرح والتعديل ج 6، ص 300، الرقم 1663، تهذيب الكمال ج 22، ص 334، الرقم 4493. وفيه: عمران بن ظبيان الحنفي الكوفي. (10) – الجرح والتعديل ج 2، ص 497، ومعجم رجال الحديث ج 4، ص 17، 2025. [ * ]

[ 202 ]

بن جبير (1) وموسى بن قيس الحضرمي (2) وعلي والحسن إبنا صالح بن حي (3)، وعبد الله بن بكير (4)، وزيد بن سعد بن أوس (5) ويوسف بن مهاجر (6)، ومسافر الجصاص (7) ويعلى بن الحارث (8) وحرب بن يعلى (9)، وسعيد بن خثيم (10)، وسعيد بن محمد الوراق (11)، ويونس بن بكير (12)، وقيس بن الربيع (13) ونوح بن


(1) – الجرح والتعديل ج 3، ص 201، والرقم 873، معجم رجال الحديث ج 6، ص 184، الرقم 3890. (2) – الجرح والتعديل ج 8، ص 157، الرقم 703، معجم رجال الحديث ج 19، ص 73، الرقم 12836. وفيه موسى القاسم الحضرمي. (3) – الجرح والتعديل ج 6، ص 190، الرقم 1048، وفيه: علي بن صالح بن صالح بن حي الهمداني. وج 3 ص 18 الرقم: 68 وفيه: الحسن بن صالح بن صالح بن مسلم بن حي. (4) – الجرح والتعديل ج 5، ص 16، الرقم 73، وفيه عبد الله بن بكير الغنوي. (5) – الجرح والتعديل ج 3، ص 564، الرقم 2551، وفيه: زيد بن سعد الهمداني. (6) – الجرح والتعديل ج 9، ص 231، الرقم 967، وفيه: يوسف بن مهاجر الحداد. (7) – الجرح والتعديل ج 8، ص 411، الرقم 1878، وفيه: مسافر الجصاص التميمي. (8) – الجرح والتعديل ج 9، ص 304، الرقم 1307، وفيه: يعلى بن الحارث المحاربي أبو الحارث الكوفي. (9) – الجرح والتعديل ج 3، ص 252، الرقم 1120، وفيه: حرب بن يعلى بن ميمون. (10) – الجرح والتعديل ج 4، ص 17، الرقم 67، وفيه: سعيد بن خثيم أبو معمر الكوفي الهلالي. (11) – الجرح والتعديل ج 4، ص 58، الرقم 260. (12) – الجرح والتعديل ج 9، ص 236، الرقم 995، وفيه: يونس بن بكير أبو بكر الشيباني كوفي الجمال. (13) – الجرح والتعديل ج 7، ص 96، الرقم: 553 وفيه: قيس بن ربيع الكوفي الاسدي. [ * ]

[ 203 ]

دراج (1)، والصباح ابن يحيى (2)، ومندل وحبان ابنا علي (3)، وأبو خالد الاحمر (4)، ويزيد بن أحمر بن بشير (5) وعلي بن غراب (6) وعلي بن عابس (7) وأبو إسرائيل المرائي (8) ويونس بن أبي إسحاق (9)


(1) – الجرح والتعديل ج 8، ص 484، الرقم 2213، وفيه: نوح بن دراج قاضي الكوفة. (2) – الجرح والتعديل ج 4، ص 442، الرقم: 1941، وفيه: صباح بن يحيى المزني. (3) – الجرح والتعديل ج 8، ص 434، الرقم 1987، وفيه: مندل بن علي العنزي أبو عبد الله الكوفي. وج 3، ص 270، الرقم: 1208، وفيه: حبان بن علي العنزي أخو مندل. (4) – تهذيب الكمال ج 11، ص 394، الرصم 2504. وفيه: سليمان بن حيان الازدي أبو حالد الاحمر الكوفي الجعفري. (5) – هو: يزيد بن أحمر روى عن حذيفة. الجرح والتعديل ج 9 ص 251 رقم: 1052. (6) – الجرح والتعديل ج 6، ص 200، الرقم 1099، وفيه: علي بن غراب أبو الحسن الفزاري الكوفي. (7) – الجرح والتعديل ج 6، ص 197، الرقم 1085، وفيه: علي بن عابس الاسدي. تهذيب الكمال ج 20، ص 502، الرقم 4093، وفيه: الازرق الكوفي. (8) – تهذيب الكمال ج 3، ص 77، الرقم 440. وفيه: إسماعيل بن خليفة العبسي أبو إسرائيل بن أبي إسحاق الملائي الكوفي. (9) الجرح والتعديل ج 9، ص 243، الرقم 1024، وفيه: يونس بن أبي إسحاق السبيعي الهمداني. تهذيب الكمال ج 32، ص 488، الرقم 7170. [ * ]

[ 204 ]

وزيد بن إسرائيل بن يونس (1) والمطلب بن زياد (2) وأبو بكر السراج (3) والحجاج بن أرطاة (4) وبسام الصيرفي (5)، ومجالد بن سعيد الهمداني (6)، والاجلح الكندي (7) وعبد الملك بن أبحر (8) وعبد الله بن شبرمة الضبي (9) وأبو حمزة الثمالي (10) وأبو عاصم الثقفي (11)، ووظر بن خليفة (12)،


(1) – لم نجد له ترجمة. (2) – الجرح والتعديل ج 8، ص 360، الرقم 1647، وفيه: مطلب بن زياد الكوفي السقفي. تهذيب الكمال ج 28، ص 78، الرقم 6005. (3) – لم نجد له ترجمة. (4) – الجرح والتعديل ج 3، ص 154، الرقم 673، وفيه: أبو أرطاة النخعي. (5) – الجرح والتعديل ج 2، ص 433، الرقم 1723، وفيه: بسام بن عبد الله الصيرفي كوفي. (6) – الجرح والتعديل ج 8، ص 361، الرقم: 1653. (7) – الجرح والتعديل ج 2، ص 346، الرقم 1317، وفيه: أجلح بن عبد الله بن حجية بن عدي أبو حجية الكندي. (8) – الجرح والتعديل ج 5، ص 351، الرقم 1661، وفيه: عبد الملك بن سعيد بن حيان بن أبجر. (9) – الجرح والتعديل ج 5، ص 82 الرقم: 381. (10) – معجم رجال الحديث ج 21 ص 135، الرقم: 14192. وتهذيب الكمال ج 4، ص 357 الرقم: 819، وفيه: ثابت بن أبي صفية.. أبو حمزة الثمالي الازدي الكوفي. (11) – تهذيب الكمال ج 24، ص 508، الرقم 5085، وفيه: محمد بن أبي أيوب، ويقال: ابن أيوب، أبو عاصم الثقفي. (12) – لم نجد بهذا العنوان، لعله تصحيف لوهب بن حذيفة. [ * ]

[ 205 ]

وعمر بن بشير الهمداني (1) وإسماعيل الازرق (2) وحميد الملائي (3) وبشير بن المهاجر (4) ودلهم بن صالح، (5) ومسلم الاعور (6)، وشريك بن عبد الله (7) ومحمد بن الفضل (8) وعبد الله بن نمير (9)، وأسباط بن محمد القرشي (10) ووكيع الجراح (11)،


(1) – الجرح والتعديل ج 6، ص 100 الرقم: 518. (2) – الجرح والتعديل ج 2، ص 176، الرقم 590، وفيه: اسماعيل بن سلمان الكوفي الازرق. (3) – تهذيب الكمال، ج 7، ص 409، الرقم: 1545، وفيه: حميد الاعرج الكوفي القاص الملائي، وهو حميد بن عطاء. (4) – الجرح والتعديل ج 2، ص 378 الرقم 1472، وتهذيب الكمال ج 4، ص 176، وفيه: بشير بن المهاجر الغنوي الكوفي. (5) – الجرح والتعديل ج 3 ص 436 الرقم: 1984 ومعجم رجال الحديث ج 7 ص 147 الرقم: 4458 وفيه: دلهم بن صالح الكندي الكوفي، وتهذيب الكمال ج 8 ص 494 الرقم: 1803. (6) – الجرح والتعديل ج 8، ص 192 الرقم 844 وفيه: مسلم الاعور الملائي الكوفي، وهو مسلم ابن كيسان. معجم رجال الحديث ج 18، ص 146، الرقم: 12314. (7) – الجرح والتعديل ج 4، ص 365 الرقم 1602، وفيه: شريك بن عبد الله النخعي. وتهذيب الكمال ج 12، ص 462، الرقم 2736، وفيه: أبو عبد الله القاضي الكوفي. (8) – الجرح والتعديل ج 8، ص 56، الرقم 262، وتهذيب الكمال ج 26، ص 280 الرقم: 5546. (9) – الجرح والتعديل ج 5، ص 186 الرقم: 869، وفيه: عبد الله بن نمير الهمداني كوفي. تهذيب الكمال ج 16، ص 225، الرقم 3618. (10) – تهذيب الكمال ج 2، 354، الرقم: 320، والجرح والتعديل ج 2، ص 332. (11) – الجرح والتعديل ج 9، ص 37، الرقم: 168، وتهذيب الكمال ج 30، ص 462 الرقم: 6695 وفيه: وكيع بن الجراح.. أبو سفيان الكوفي. [ * ]

[ 206 ]

وعبد الله بن داود (1)، والفضل بن دكين (2)، وعبد الله بن منقذ العبسي (3) ومالك بن إسماعيل النهدي (4)، وابن الاصفهاني (5) وإسماعيل بن أبان الغنوي (6) ونصر بن مزاحم العطار (7)، وجماعة كثيرة لم نذكرهم. فهؤلاء رواة الحديث من أهل الكوفة، ورافضة عندهم، وحديث العوام متعلق بهم. وقد نسبوا جماعة من أهل الكوفة إلى البدعة، من أجل عثمان، لا من أجل علي عليه السلام، منهم: سفيان الثوري، وأبو بكر بن عياش، ويعلى بن عبيد، ويحيى


(1) – تهذيب الكمال ج 14، ص 458، الرقم 3248. وفيه: عبد الله بن داود بن عامر بن الربيع الهمداني… كوفي الاصل. والجرح والتعديل ج 5، ص 47، الرقم: 221، وفيه عبد الله بن داود الخريبي. (2) – الجرح والتعديل ج 7، ص 61 الرقم 353. (3) الجرح والتعديل ج 5، ص 175، الرقم 822. (4) – الجرح والتعديل ج 8، ص 206، الرقم: 905، وفيه: أبو غسان النهدي، وتهذيب الكمال ج 27، ص 86 الرقم: 5727 وفيه مالك بن اسماعيل بن درهم ويقال: ابن زياد بن درهم أبو غسان النهدي مولاهم الكوفي. (5) – تهذيب الكمال ج 34، ص 424، وفيه: ابن الاصبهاني ثلاثة: عبد الرحمان بن عبد الله ابن الاصبهاني الكوفي، ج 17، ص 242، الرقم: 3879، وابن أخيه، محمد بن سليمان بن عبد الله بن الاصبهاني، أبو علي الكوفي ج 25، ص 308، الرقم: 5262، وابن أخيه، محمد بن سعيد بن سليمان بن عبد الله الاصبهاني ج 25، ص 272، الرقم: 5244. (6) – تهذيب الكمال ج 3، ص 11، الرقم: 412، والجرح والتعديل ج 2، ص 160، الرقم: 537 وفيه: اسماعيل بن أبان الغنوي أبو إسحاق، كوفي. (7) الجرح والتعديل ج 8 ص 468 الرقم: 2143، وفيه: نصر بن مزاحم العطار المنقري. [ * ]

[ 207 ]

ابن اليمان. ومن أهل واسط: هيثم بن بشير، وخالد بن عبد الله، وعباد ابن العوام ومحمد بن يزيد، ومحمد بن الحسن، وجعفر بن أياس، والاصبغ بن زيد وعثمان بن عطاء، وأبو الحكم سيار، ويعلى بن مسلم (1)، وأيوب بن أبي مسكين، وسفيان بن حسين. ومن أهل البصرة: يحيى بن سعيد القطان. وممن يطعن على علي عليه السلام من أهل الكوفة: مسروق إبن الاجدع الهمداني، و عبد الله بن حبيب وهو أبو عبد الرحمن الاسلمي، والاسود بن يزيد، النخعي، وعامر بن شراحيل، ومرة [ بن شراحيل ] الهمداني، وعبد الله بن عقبة، وعبد الله بن الحارث النخعي، وأبو وائل شقيق بن سلمة الاسدي، وعبد الله الجهني، وسويد بن أبي حازم، وعلي بن عبد الله، وعبد الله بن يزيد الانصاري، ويزيد بن شريك التيمي. ومنهم: طبقة أخرى يحملون على علي (عليه السلام) منهم: عون بن عبد الله بن عتبة، والقاسم بن عبد الرحمان، وطلحة بن مصرف اليامي، ومغيرة بن المقسم الضبي، وحماد بن أبي سليمان، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت، وذر بن عبد الله الهمداني، وعمرو بن مرة


(1) – الجرح والتعديل ج 9 ص 302. [ * ]

[ 208 ]

الجملي، ومالك بن مغول البجلي، وعمر بن ذر الهمداني، وعبد الملك بن ميسرة، ومحمد بن سوقة [ الغنوي ]، والمسعودي، وإسماعيل بن أبي خالد البجلي، وشهاب بن خراش الشيباني، والعوام بن حوشب الشيباني، والقاسم بن معن بن عبد الرحمان، وأبو إسماعيل المعلم (1)، و زائدة قدامة الثقفي [ الكوفي ]، وأبو الاحوص (2) بن سليم، وعبد الله بن إدريس الاودي [ الكوفي ]، أبو معاوية الضرير، (3)، وحماد بن أسامة، و جعفر بن عون [ القرشي ] المخزومي، ومحمد بن عبيد الطنافسي، و يحيى بن عبد الحميد الحماني، وأحمد بن عبد الله بن يونس [ التميمي اليربوعي ]، وإسحاق بن منصور [ بن حيان ] الاسدي، ومصعب بن المقدام الخثعمي [ الكوفي ]، وحماد بن أسامة. وممن ينسب إلى الرفض من أهل البصرة: علي بن زيد بن (4) جدعان التميمي [ القرشي ]، وأبو الاسود الدئلي وأبو حرب بن أبي الاسود [ الدئلي ] والجارود [ بن أبي سبرة ] الهذلي، و


(1) – هو: إبراهيم بن سليمان بن رزين البغدادي أبو إسماعيل المؤدب. تهذيب الكمال ج 2 ص 99 رقم: 178. (2) – هو: سلام بن سليم الحنفي مولاهم أبو الأحوص الكوفي. تهذيب التهذيب ج 4 ص 282 رقم: 486. (3) – هو: محمد بن خازم أبو معاوية الضرير، الجرح والتعديل ج 7، ص 246، الرقم: 1360. (4) – وفي النسخة يزيد التميمي وهو خطأ. [ * ]

[ 209 ]

ربعي بن عبد الله بن الجارود [ بن أبي سبرة ] الهذلي (1)، وعبد الله بن يحيى ابن سلمان الثقفي، أبو يعقوب التوأم البصري (2)، وحارثة بن قدامة السعدي، وعمار بن أبي عمار مولى بني هاشم، وجعفر بن سليمان (3) ونوح بن قيس البطاحي (4) ويونس بن أرقم [ الكندي البصري ]. وممن ينسب للحمل على علي عليه السلام (5) من أهل البصرة طبقة أخرى [ منهم ]: أبو لبيد الجهضمي (6)، وعمير الضبي (7)، وكعب بن سور (8) من ازد عمان. ومثل هذه الطبقة من أهل مصر والشام، مشرح بن هاعان (9) وعلي بن رباح، وجبرائيل بن هاعان، وأبو راشد (10)


(1) – وفي النسخة: الهمداني وهو غلط. (2) – تهذيب الكمال ج 16 ص 290، الرقم: 3650. (3) – الجرح والتعديل ج 2، ص 481. (4) – هو: نوح بن قيس بن رباح الحداني الطاحي. الجرح والتعديل ج 8، ص 483، الرقم: 2209. (5) – وفي ” ش “: وممن كان يحمل على علي عليه السلام. (6) – هو: لمازة بن زبار، أنظر الجرح والتعديل ج 7، ص 182، الرقم: 1033. (7) – الجرح والتعديل ج 6، ص 381، الرقم: 2115. (8) – الجرح والتعديل ج 7، ص 162. (9) – هو: مشرح بن هاعان أبو مصعب المعافري، الجرح والتعديل ج 8، ص 431، وفي النسخة: مشوح خطأ. (10) – هو: أبو راشد الحبراني إسمه، أخضر وقيل نعمان، الخميري الحمضي، أنظر = [ * ]

[ 210 ]

مسلم الخولاني، (1) وأبو يحيى الغساني. وممن ينسب إلى الارجاء من أهل مكة منهم: طلق بن حبيب، (2) وعبد العزيز بن أبي رواد، وعبد المجيد بن عبد العزيز (3). ومن مرجئة الكوفة: ذر بن عبد الله الهمداني (4) ومسعر بن كدام الهلالي، وعمر بن ذر الهمداني، وحماد بن أبي سليمان الاشعري، ومالك بن مغول البجلي، وعمرو بن مرة الجملي، وأبو حنيفة الفقيه، وزهير بن معاوية الجعفي، ومحمد بن خازم أبو معاوية الضرير، وأبو يحيى الحماني، ويحيى بن أبي يحيى الحماني، وحماد بن حنيفة، وأبو يوسف القاضي، وخالد بن عبد الله [ الواسطي ] الطحان، ومحمد بن الحسن صاحب أبي خنيفة. وممن يقول منهم بقول الخوارج: جابر بن زيد أبو الشعثاء وأبو لبيد الجهضمي، وممن خرج من البصرة مع ابن الاشعث منهم: مسلم بن يسار


تهذيب التهذيب، ج 12، ص 91. (1) – هو: عبد الله بن ثوب الخولاني اليماني، أنظر تهذيب التهذيب ج 12 ص 235. (2) – هو: طلق بن حبيب العنزي الجرح والتعديل ج 4، ص 490. (3) – هو: ابن عبد العزيز بن أبي رواد. (4) – تهذيب الكمال ج 8 ص 511. [ * ]

[ 211 ]

وأبو الجوزا، (1) والحسن بن أبي الحسن [ أبو سعيد ] البصري، وممن خرج من أهل الكوفة [ منهم ]: أبو البحر الطائي، وأبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود، وعبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، وعبد الرحمان بن أبي ليلى، ومحمد بن سعيد بن مالك، (2) وسعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وإبراهيم النخعي. وممن خرج مع المختار منهم: شبث بن ربعي الرياحي، (3) وهبيرة بن يريم، وأبو إسحاق الهمداني، ويزيد بن الحارث، وعبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني، وعبد الرحمن بن مخنف بن سليم (4) الغامدي، وحسان بن فائد العبسي، وأبو عبيدة بن حذيفة (5) ابن اليمان العبسي، وقيس بن سعيد، ومحمد بن قرظة بن كعب الانصاري، وأبو عبد الله الجدلي، (6)، وموسى (7) بن أبي موسى [ الاشعري ] وأبو صادق (8)،


(1) – هو: أوس بن عبد الله الربعي أنظر الجرح والتعديل ج 2، ص 304، الرقم: 1133. (2) – كذا في النسخة ولعله سعيد بن غالب. (3) – كذا في النسخة اليربوعي. (4) – تهذيب التهذيب ج 27 ص 347. (5) – الجرح والتعديل ج 9، ص 403. (6) – وهو: عبد بن عبد، تهذيب التهذيب ج 12 ص 148. (7) – الجرح والتعديل ج 8، ص 148. (8) – هو: مسلم يزيد الازدي الكوفي أبو صادق، الجرح والتعديل ج 8، ص 199 تهذيب التهذيب ج 12 ص 130. [ * ]

[ 212 ]

وعتيبة (1) وأسماء بن خارجة (2). فهاؤلاء جملة فقهائنا وفقهائهم، ولا نعلم أحدا من سلم من عنتهم، إما كانوا مع بني أمية يأخذون منهم ويدخلون معهم فيما كانوا فيه وإما مبتدع ضال قدري أو رافضي، أو مرجي، أو ثاري. فليت شعري، بمن نقتدي ؟ يا معشر أصحاب الحديث، فإنكم تقتدون في حالة وتطعنون في حالة فبأي أمريكم نأخذ ؟ ! أليس زعمتم أن رسول الله صلى الله عليه آله وسلم قدم أبا بكر في الصلاة وصلى خلفه، قد كان يجب أن يعقلوا هذا الموضع ! ! كيف يجوز للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي خلف رجل من الامة ؟ والله جل ذكره يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله و رسوله) (3). أم كيف يجوز لرجل من الامة أن يتقدم بين يدي رسوله صلى الله عليه وآله أما تعلمون أنكم قد نسبتم النبي صلى الله عليه وآله إلى أنه قد أتى ما نهى عنه الامة، وأن من تقدم بين يدي الله ورسوله فقد عصى الله ؟ ! أم كيف تثبت روايتكم مع إختلافكم، وهذا قولكم، ثم إقتديتم بقوم ذكرتم أن العقد وقع بهم، فكيف إقتديتم بهم في عقد البيعة لابي بكر، ثم لم تقتدوا بهم في حل عقد


(1) – الجرح والتعديل ج 7، ص 46. (2) – وفي ” ش “: إسحاق بن خارجة وهو خطأ. الجرح والتعديل ج 2، ص 325. (3) – سورة الحجرات: 49. [ * ]

[ 213 ]

عثمان، وهم أولئك بأعيانهم، ثم لم يرضوا بحل أمره حتى حاصروه ثم قتلوه. وقد رويتم أن الذي مد يد أبي بكر للبيعة كان عمر بن الخطاب، وهو الذي كان يقول: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها ثم أمر بقتل من عاد لمثل فعله (1) فهذا الذي بايعه هو الذي طعن في بيعته، فمرة تبنون ومرة تهدمون، فعلى أي شئ تعتمدون من هذه الروايات والتخليطات ؟ ! ألستم تروون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عنه من يؤم القوم إذا إجتمعوا ؟ فقال: أفقههم في دين الله، أقرأهم لكتاب الله، فقيل: فإن كانوا في القراة سواء، فقال: أفقهم في دين الله، قيل: فإن كانوا في الفقه سواء، قال: أقدمهم هجرة. (2) وقد أقررتم أن أبا بكر لم يكن يقرأ القرآن ولم يعرف ما فيه، ومن لم يقرأ القرآن كيف يكون فقيها، وكيف يفرق بين المحكم والمتشابه، من


(1) أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 ص 30. وص من هذا الكتاب. (2) – قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 2 ص 388، الرقم: 3806 في باب القوم يجتمعون من يؤمهم ؟: عن ابن جريح، قال: قلت لعطاء: قوم إجتمعوا في سفر قرشي، وعربي، ومولى، وعبد، وأعرابي من أهل البادية، أيهم يؤم أصحابه ؟ قال: كان يؤمهم أفقههم، فإن كانوا في الفقه سواء فأقرؤهم، فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء فأسنهم، قلت: فإن كانوا في الفقه والقراءة سواء وكان العبد أسنهم أيؤمهم لسنة، فيؤم القرشي وغيره ؟ قال: نعم، ومالهم لا يؤمهم أعلمهم، وأقرؤهم، وأسنهم من كان، [ قال عبد الرزاق ]: وكان الثوري يعتني به. [ * ]

[ 214 ]

لا يتلو التنزيل، ولا يعرف التأويل، ويقول: في الكلالة ما قد عرفتموه، فمن أحق بالصلاة والقيام بأمر الامة ؟ هذا الذي لم يعرف التأويل ولم يقرأ التنزيل ؟ أم من عرف المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، وهو أعلم القوم وأفقههم. أليس روى علمائكم ما ذكرناه ؟ روى أبو أيوب سليمان بن داوود المنقري قال: 57 – حدثني علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): أما ترضى أنك خير أمتي في الدنيا والآخرة (1) وإن إمرأتك خير نساء أمتي في الدنيا والآخرة، وإنك أخي ووارثي ووزيري إنصرف فإنه لا يصلح ما هناك إلا أنا وأنت. وروى سليمان الشاذكوني قال: 58 – حدثنا علي بن هاشم بن البريد (2) عن محمد بن عبيدالله بن أبي


(1) – بحار الانوار للمجلسي رحمه الله ج 38 ص 12، قال: ومنه عن أبي رافع عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: أنت خير أمتي في الدنيا والاخرة. (2) – على بن هاشم بن البريد كوفي روى عنهما حديث صالح ولابيه قليل، وعلي بن هاشم هو من الشيعة المعروفين بالكوفة ويروي في فضائل علي عليه السلام أشياء لا يرويها غيره بأسانيد مختلفة، وقد حدث عنه جماعة من الائمة وهو إن شاء الله صدوق في روايته،.. الكامل لابن عدي ج 5، ص 11829 ط بيروت. [ * ]

[ 215 ]

رافع (1) عن أبيه، عن علي بن أبي رافع، قال: أتيت أبا ذر أودعه، فقال: إنه ستكون فتنة، ولا أراكم الا إنكم ستدركونها، عليكم بالشيخ علي بن أبي طالب عليه السلام فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول له: أنت أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة وأنت الصديق الاكبر، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل، أنت يعسوب المؤمنين، وأنت أخي ووزيري وخليفتي في أهلي، وخير من أخلف بعدي، تقضي ديني، وتنجز موعدي (2).


(1) – أنظر ترجمة محمد بن عبيد الله بن أبي رافع في الكامل لابن عدي ج 6 ص 2125. (2) – رواه جماعة منهم العلامة النقيب أبو جعفر الاسكافي البغدادي المتوفى سنة (242) في رسالة النقض على العثمانية، ص 290 ط دار الكتب مصر قال: وقد روى محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال: أتيت أبا ذر بالربذة أودعه فلما أردت الانصراف قال لي ولا ناس معي: ستكون فتنة فأتق الله، وعليكم بالشيخ علي بن أبي طالب فاتبعوه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول له: أنت أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الاكبر وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الكافرين، وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي، تقضي ديني وتنجز موعودي. وروى أيضا الحمويني في فرائد السمطين، ج 1 ص 39، عن أبي سخيلة قال: حججت أنا وسلمان فنزلنا بأبي ذر فكنا عنده ما شاء الله، فلما حان منا حفوف قلنا: يا أبا ذر إني أرى أمورا قد حدثت وإني خائف على الناس الاختلاف فإن كان ذلك فما تأمرني ؟ قال: إلزم كتاب الله وعلي بن أبي طالب عليه السلام فأشهد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو [ * ]

[ 216 ]

وادعيتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخر الفاضل، وقدم المتأخر للصلاة بأسانيدكم ورجالكم الذين شرحنا أخبارهم وبينا آثارهم، ووصفنا أفعالهم، وعنه أخذتم دينكم واعتمدتم على رواياتهم، وفي القوم زعمتم كذابون مدلسون. 59 – وروى أبو أيوب الشاذكوني أيضا، قال: حدثنا معاذ بن الاغضف قال: سمعت شعبة يقول: قد أخذت من أربمأة شيخ، ثلاثمأة وثمانية وتسعون مدلسون إلا رجلين لا يدلسان، أبو عون وعمرو بن مرة. 60 – وروى الشاذكوني قال: حدثنا بعض أصحاب سفيان الثوري قال: سئل سفيان الثوري، عن إبراهيم بن المهاجر، فقال: ضعيف وسئل عن سماك بن حرب، فقال: ضعيف، وسئل عن طارق، فقال: ضعيف، ثم قال سفيان: لو سئلتموني عن عامة الذين أخذت منهم، ما زكيت كذا وكذا


= الصديق الاكبر وهو الفاروق يفرق بين الحق والباطل. ورواه أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد، ج 9 ص 105، عن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: إن هذا أول من آمن بي وهذا أول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الاكبر، وهذا فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين. [ قال الهيثمي ]: رواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده وقال فيه: أنت أول من آمن بي، وقال فيه: والمال يعسوب الكفار. ورواه أيضا إبن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 13 ص 228 على نحو ما تقدم وفيه وأنت أخي ووزيري، وخير من أترك بعدي تقضي ديني وتنجز موعدي. ورواه أيضا ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 3 ص 283 عن عبد الله بن عباس، ورواه أيضا القندوزي في ينابيع المودة ص 82 و 129. [ * ]

[ 217 ]

منهم. 61 – فهذا شعبة يقول ما ذكرناه، وهذا سفيان يقول ما ذكرناه، وقد جرحا جميع من أخذتم منه وعامة العلم متعلق بهم، فكيف يعتمد على هذه الروايات، وعلى هؤلاء الرجال، وشعبة يقول هذا القول فيهم، و سفيان يقول ما ذكرناه، أو ليس هم الذين اعتمدتموهم في زمانهم، ونقلوا ذلك عن أئمتكم. وهم الذين حملوا أبا ذر الذي قا فيه النبي صلى الله عليه وآله: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر (1). 62 – وقال فيه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يحشر أبو ذر أمة واحدة. وهم سيروه على قتب إلى الشام ونفوه إلى الربذة. ودقوا ضلع ابن مسعود. وقتلوا عثمان. فضربوا عمارا حتى فتقوا بطنه. وآووا طريد النبي (صلى الله عليه وآله)، وجعلوا لمروان خمس إفريقية، وأخذوا مائة ألف درهم من بيت مال المسلمين، وأحرقوا القرآن فكيف قبلتم هذه الروايات


(1) – قال الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3، ص 342: عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما تقل الغبراء ولا تظل الخضراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم، فقام عمر بن الخطاب فقال: يارسول الله فنعرف ذلك له ؟ قال: نعم فاعرفوه له. [ قال الحاكم ]: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وفيه أيضا: عن أبي حرب الدئلي قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: ما أظلت الخضراء وما أقلت الغبراء على رجل أصدق من أبي ذر. وفيه أيضا عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر. [ * ]

[ 218 ]

عن هؤلاء القوم الذين طعنتم عليهم في حالة وقبلتم عنهم في حالة أخرى ؟ مع إختلافهم في الدين كله. وهذا أبي بن كعب الذي له الدين والسابقة، ومعه القرآن يقول في الامة ما ذكره إسحاق بن إبراهيم قال: 63 – أخبرني سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن عبيد – عن الحسن العوفي، قال: دخلت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإذا أنا برجل قد تسجى بثوبه، وحوله جماعة، فسألتهم عن شئ فجبهوني، فقلت: يا أصحاب محمد [ أ ] تضنون بالعلم ؟ ! قال: فكشف الرجل المسجى الثوب عن وجهه، فإذا شيخ أبيض الرأس واللحية، فقال: عن أي هذه الامة تسأل فوالله ما زالت هذه الامة مكبوبة على وجهها منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأيم الله لئن بقيت إلى يوم الجمعة لاقومن مقاما أقتل فيه، قال: وسمعته يقول مثل ذلك، ألا هلك أهل العقدة، ألا أبعدهم الله، والله ما آسى عليهم، إنما آسى على الذين يهلكون من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال فلما كان يوم الاربعاء رأيت الناس يموجون، فقلت: ما لكم ؟ قالوا: مات سيد المسلمين أبي بن كعب قال: فقلت: ستر الله على هذا المسلم حيث لم يقم ذلك المقام (1). فهذا أبي بن كعب. يقول: في الامة أنها مكبوبة على وجهها منذ قبض الله نبية (صلى الله عليه وآله).


(1) – أنطر الايضاح لابن شاذان، ص 373. [ * ]

[ 219 ]

فكيف تصح هذه الاخبار ؟ ومع أصحاب رسول الله هذا الاختلاف، وهذا أبو بكر ينهي عن هذه الولايات، ويظهر الزهد، فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طلب الامر. رواه الواقدي، قال: 64 – حدثنا ربيعة بن جهور (1)، يزيد بن رومان (2)، قال: وحدثني عبد الحميد بن جعفر، وكل حدثني بطائفة، وبعض ادعي له من بعض أنه لما كان في غزوة ذات السلاسل، وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عمرو بن العاص، خرج معه أبو بكر، ثم بعث بأبي عبيدة بن الجراح مددا لعمر، وقال: رافع ابن أبي رافع الطائي، كنت ممن نفر مع أبي عبيدة، وكنت رجلا أغير في الجاهلية على أموال الناس، وكنت أجمع الماء في بيض النعام وأجعلها في أماكن أعرفها، فإذا مررت بها وقد ظمأت إستخرجتها فشربت منها، فلما نفرت في ذلك البعث، قلت: والله لاختارن لنفسي صاحبا ينفعني الله به، فاخترت أبا بكر الصديق، وصحبته، وكانت له عباءة فدكية فإذا ركب حملها وإذا نزل بسطها، فلما قفلنا قلت: يا أبا بكر رحمك الله، علمني شيئا ينفعني الله به، قال: قد كنت فاعلا ولو لم تسئلني، لا تشرك بالله شيئا، وأقم الصلاة وآت الزكاة، وصم شهر رمضان، وحج البيت واعتمر، ولا تتآمرن على إثنين من المسلمين،


(1) – هو: ربيعة بن جهور أو ربيعة بن جوشن الغطفاني، أنظر الجرح والتعديل ج 3 ص 474، 376. وفي النسخة كانت جهن وهي خطأ. (2) – هو: يزيد بن رومان الاسدي أبو روح المدني، أنظر تهذيب الكمال ج 32، ص 122. [ * ]

[ 220 ]

فقلت له: أما ما أمرتني من الصلاة والزكاة والصيام وحج البيت فإني فاعله، وأما الامارة فإني رأيت الناس لا يصيبون هذا الشرف وهذا الغني، وهذه المنزلة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا بها، قال: إنك إستنصحتني فجهدت لك نفسي، قال: فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستخلف أبا بكر جئته فقلت: يا أبا بكر ألم تنهني أن أتأمر على إثنين من المسلمين ؟ قال: بلى قلت: فما لك تأمرت على أمة محمد، قال: اختلف الناس وخفت عليهم الهلك، ودعوني فلم أجد بدا من ذلك. فهذا أبو بكر ينهى عن طلب الامارة حيث لم يطمع فيها، فلما لوح له بها وثب عليها. ثم يجب على الامة النظر في هذه الامور حتى يقف على ما كان من جماعة صحبت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويعرف ميلهم إلى طلب الدنيا، وذكر بعضهم بعضا، وما ارتكبوا بعد وفاة نبيهم فيجعلون فعلهم بعلي عليه السلام إحدى المنكرات، وأن من دفع عليا عن حقه، إنما كانوا قوما هتف القرآن بهتكهم، وقوما ما تمكن الاسلام من قلوبهم، وقوما أحبوا الامرة، واشتهوا الولاية، ولولا أن الله أوجب معاداة أعدائه، كما أوجب موالاة أوليائه، وحرم (1) على المسلمين تركهما فقال في كتابه: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو


(1) – وفي ” ش “: وضيق. [ * ]

[ 221 ]

كانوا آبائهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) (1). وقال أيضا: (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما إتخذوهم أولياء) (2) لسكتنا عن مبغضيه، وسترنا عليهم، ولم نظهر عوراتهم، غير أن عذرنا في ذلك قد وضح، وبعد فلو كان محل من صحب الرسول (3)، محل من لا يعادي إذا عصى الله ورسوله، ولا يذكر بالقبيح (4) لسكتنا أيضا، ولكن إقتدينا بهم في ذكر بعضهم لبعض يدل على أنهم خرجوا عن أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). هذا علي عليه السلام، وعمار، وأبو الهيثم ابن التيهان وجميع من كان في حزب علي عليه السلام لم يروا أن يتغافلوا عن طلحة والزبير وعائشة، حتى فعلوا بهم ما يفعل بالشراة في هذا، وهذا طلحة والزبير وعائشة ومن كان في حزبهم، لم يتغافلوا عن علي عليه السلام حتى قصدوا له كما يقصد المعللون. وهذا معاوية وعمرو بن العاص لم يريا عليا بالعين التي [ يرى ] بها القاصي جاره وصديقه، ولم يمسكا عن ضرب وجهه بالسيف، وقتل أصحابه (5)، وقد كانوا قبل ذلك إرتقوا إلى لعنه ولعن عبد الله بن


(1) – سورة المجادلة: 22. (2) – سورة المائدة، الآية: 81. (3) – وفي ” ش “: صلوات الله عليه. (4) – وفي ” ش “: إذا إرتكبه. (5) – كرشيد الهجري وحجر بن عدي وعمرو بن حمق الخزاعي وأمثالهم، وكم لهم من نظير. [ * ]

[ 222 ]

عباس. وهذا سعد وابن عمر وأصحابه لم يروا أن يقلدوا عليا أمرهم حتى قعدوا عنه. وهذا عثمان قد نفى أبا ذر إلى الربذة كما يفعل بأهل الخنا والريبة: وهذا عمار وابن مسعود يلعنان عثمان، ثم فعل بهما عثمان ما قد تناهى الخبر عنهما، فما أنكر أحد من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)، وداس بطن عمار (1) ودق ضلع ابن مسعود، وما أنكروا على عمار ولا على ابن مسعود ما قالاه في عثمان. وهذا عمر بن الخطاب شهد لاهل الشورى أنهم في الجنة، وأنهم أفضل أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) ثم أمر بضرب أعناقهم إن لم يبرموا أمرهم وذلك لغير جرم، وهذه عائشة تخرج قميص رسول الله وتقول: هذا قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يبل وقد أبلى عثمان سنته، ثم هي أول من سمته نعثلا، ثم خرجت تطلب بدمه ! !، فلا فعلها الاول أنكروا ولا عن فعلها الاخير قعدوا !.


(1) – أنظر الصراط المستقيم للعلامة البياضي (ره) ج 3، ص 238. ثم أنظر تفصيل القصة في كتاب الامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري، ط مصر ص 35 وفي ط بيروت، ص 50، في باب ما أنكر الناس على عثمان وما كتبوا الصحابة، وما فعل عثمان بعمار، وكذا في أنساب الاشراف ط بيروت وبغداد، ج 5، ص 48، 49. [ * ]

[ 223 ]

ثم أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)، جميعا حصروا عثمان ومنعوه الماء حتى قتل، فما يخلو أحد من أصحاب محمد من أمرين إما أن يكون قاتلا أو خاذلا وهو رجل من أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) له شرف و صحبة، وهو من أقربهم قرابة، قد إنعقدت بيعته في أعناقهم وللامام حق على رعيته، وهذا المغيرة بن شعبة له صحبة أدعي عليه أنه زنى، فما أنكر عمر عليه ذلك، ولا قال إن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) لا يجوز عليهم ذلك، ولكنه سمع من الشهود ثم إحتال في أمره حتى دفع عنه الحد (1)، وعمر قد إتهم أبا هريرة الدوسي، وله صحبة، وقال له: يا عدو الله وعدو رسوله وعدو المسلمين، أخنت مال الله، واسترجع منه إثني عشر ألف درهم، وقد قال لابي موسى الاشعري: حيث إتهمه بالكذب في حديث الاستيذان، لتأتيني بمن سمع هذا الحديث معك أو لافعلن، حتى مضى أبو موسى مذعورا يطلب من سمع معه الحديث من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). وهذا عمر قد أنكر على أبي بكر، بقوله: أقتلوا سعدا، قتل الله سعدا، وهو سيد الانصار (2)،


(1) – أنظر وفيات الاعيان لابن خلكان ج 6، ص 364، كما تقدم في 157، من هذا الكتاب رقم: 28. (2) – أنظر عقد الفريد ج 3 ص 258 و 260. [ * ]

[ 224 ]

وعمر الذي هم بإحراق بيت فاطمة (عليها السلام) (1) وشتم عليا عليه السلام والزبير. وهذا أبو بكر، قد أنكر على عبد الرحمان بن عوف، حين أراد أن يولي عمر، فقال: جعلت لكم بعدي واستخلف عليكم خيركم، وكلكم ورم أنفه يريد أن يكون الامر له، فستتخذون ستور الحرير وسط الديباج (2).


(2) – أنظر العقد الفريد لابي عمر الاندلسي ج 4 ص 259 وفيه الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر – علي والعباس والزبير وسعد بن عبادة فأما علي والعباس والزبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة، فقالت: يابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا ؟ قال: نعم. وأنظر الامامة والسياسة لابن قتيبة، ج 1 ص 19 ط مصر، وص 30 ط بيروت. وفيه: قال: وإن أبا بكر رضي الله عنه تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لاحرقنها عليكم على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة فقال: وإن. أقول: وللكلام تتمة لابن قتيبة. (2) – أنطر تاريخ الامم والملوك للطبري، ج 3، ص 429، ط مصر، تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم: قال أبو بكر رضي الله عنه: أجل، إني لا آسي على شئ من الدنيا إلا على ثلاث فعلتهن، وددت أني تركتهن، وثلاث تركتهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله): فأما الثلاث التي وددت أني تركتهن، فوددت أني لم أكشف بيت فاطمة عن شئ وإن كانوا غلقوه على الحرب، ووددت أني لم أكن حرقت الفجاءة السلمي، وأني كنت قتلته سريحا أو خليته نجيحا. ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت اأمر في أحد = [ * ]

[ 225 ]

وهذا عمر قد أنكر على أبي بكر فقال: كانت بيعة أبي بكر فلتة، وأنكر عليه تغافله عن خالد بن الوليد، وقد قذف بالزنا، وأنه قتل رجلا مسلما (1) رغبة في إمرأته لجمالها (2)، فلم يحفل أبو بكر لذلك من قوله ثم كان من أمر أبي بگر في أمر الصحابة وقتله إياه ما كان، وما كان من أمر مجاعة (3)


= الرجلين (قال الطبري): يريد عمرو أبا عبيدة – فكان أحدهما أميرا وكنت وزيرا. وأما اللتي تركتهن فوددت أني يوم أتيت بالاشعث بن قيس أسيرا كنت ضربت عنقه، فإنه تخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه، ووددت أني سيرت خالد بن الوليد إلى أهل الردة، كنت أقمت بذي القصة (1)، فإن ظفر المسلمون ظفروا، وإن هزموا كنت بصدد لقاء أو مددا. ووددت أني كنت إذ وجهت خالد بن الوليد إلى الشام كنت وجهت عمر بن الخطاب إلى العراق، فكنت قد بسطت يدي كلتيهما في سبيل الله ومد يديه ووددت أني كنت سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمن هذا الامر ؟ فلا ينازعه أحد، ووددت أكنت سألته: هل للانصار في هذا الامر نصيب ؟ ووددت أني كنت سألته: عن ميراث إبنة الاخ والعمة، فإن في نفسي منهما شيأ ! !.

(1) قال الحموي في معجم البلدان، ج 4، ص 366، ط بيروت: قال نصر: ذو القصة موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا وطريق الربذة وإلى هذا الموضع بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة بن سعد. وفي كتاب سيف: خرج أبو بكر رضي الله عنه إلى ذي القصة، راجع طبقات ابن سعد ج 2، ص 85. (1) – وهو مالك بن نويرة، أنظر تاريخ الطبري ج 3، ص 280، كما يأتي أيضا. (2) – قال عز الدين ابن الاثير في تاريخه الكامل ج 3 ص 358 و 359 وتزوج خالد أم تميم امرأة مالك، فقال عمر لابي بكر: أنظر تاريخ الطبري ج 3 ص 278، 279 – 280 فيه تفصيل الخبر وذكر ما لا يطيق للانسان سماعه. والاصابة ج 3 ص 357 في ترجمة مالك بن نويرة وقد استعمل العصبية في بعد ذكر الوقعة. (3) – هو: مجاعة بن مرارة، من الذين وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأسلموا، أنظر = [ * ]

[ 226 ]

وخالد… وروى الواقدي، قال: 64 – حدثني خالد بن القاسم، عن عبد العزيز بن سعيد بن سعد، أن خالد بن الوليد لما حبس مجاعة في الحديد، قال له: زوجني إنتك، قال: مهلا، فإني قاطع ظهري مع ظهرك عند صاحبك إن القالة عليك كثيرة، ما أقول هذا رغبة عنك، قال زوجني أيها الرجل فزوجه، فكتب إليه أبو بكر مع سلمة بن سلامة بن قيس لعمري يا خالد ابن أم خالد إنك فارغ تنكح النساء وتعرس بهن، وتضاع لذالك دماء المسلمين عددهم ألف ومئتان لم تخف، [ فلما ] قرأ ذلك خالد، قال: هذا فعل عمر… وروى الواقدي: قال: 65 – حدثنا عبد الله بن الحرث بن الفضل، عن أبيه، عن سفيان عن أبي العرجاء السلمي في حديث طويل قال: كتب أبو بكر إلى طريفة بن حاجزة وهو عامله: أما بعد، فإنه بلغني، أن الفجاءة إرتد عن الاسلام فسر بمن معك من المسلمين حتى تقتله أو تأسره فتأتيني به في وثاق والسلام. فسار إليه بمن معه، فلما إلتقيا، قال له (1): يا طريفة ما كفرت وأني لمسلم، وما أنت بأولى بأبي بكر مني، وأنا أميره، فقال له طريفة: إن كنت


= طبقات ابن سعد ج 5 ص 549. (1) – أي الفجاءة قال للطريفة: ثم راجع تاريخ الطبري ج 3 ص 264 ط مصر ففيه تفصيل الخبر. [ * ]

[ 227 ]

صادقا فألق السلاح، ثم أنطلق إلى أبي بكر، فأخبره بخبرك، فوضع السلاح فأوثقه طريفة بجامعة، وبعث به إلى أبي بكر، فلما قدم به أرسله إلى بني جشم فحرقه بالنار، وهو يقول: أنا مسلم، فأي أمر أعجب من هذا الامر أن يكون رجل يذكر أنه مسلم يحرق النار، ! ! وهو يقول: أنا مسلم، وهل الاسلام الا الاقرار باللسان ؟. ثم كان بين ابن مسعود وبين أبي بن كعب: من السباب حتى نفى كل واحد منهما صاحبه من أبيه. (1) ثم قول عبد الرحمن ابن عوف في مناقب عثمان: ما كنت أرى أن أعيش حتى يقول [ لي ] عثمان: يا منافق، (2) فليت شعري متى نافقت ؟ أفي توليتي إياه، أم رضاي بمن لم يكن رضي ؟ ثم قول حذيفة في عثمان: ثم قول علي بن أبي طالب عليه السلام: كذبت أنا خير منك ومنهما، عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما (3).


(1) – قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، ج 20، ص 24: ثم الذي كان بين أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود من السباب حتى نفى كل واحد منهما الآخر عن أبيه، وكلمة أبي بن كعب مشهورة منقولة: ما زالت هذه الامة مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيهم. (2) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20، ص 25. (3) – قال الكراجكي في كنز الفوائد ط بيروت ج 1 ص 265: وجاء عنه عليه السلام أنه قال: ” أللهم لا أعرف أحدا من هذه الامة عبدك قبلي غير نبيها “. قا الكراجكي: وجرا بينه وبين عثمان كلام فقال له عثمان: وعمر خير منك، فقال له: = [ * ]

[ 228 ]

فهذه افعال شرحناها ليعلم الناظر في كتابنا، أن القوم غيروا وبدلوا، كما غير سائر الامم بعد أنبيائها ؟ ولا ينبغي أن يستتبع ذلك إذا ذكروا بما أتوه، وإرتكبوه، فالقوم إن كانوا قد أحسنوا في وقت من الاوقات فقد أساؤا في وقت آخر بعد ذلك، فإحسانهم أولا لا ينفعهم مع إساءتهم آخرا، ولا ينكر القول فيهم، لان الله عزوجل، إن كان فضل اصحاب محمد (صلى اله عليه وآله وسلم) ومدحهم في حال طاعتهم، فقد ذمهم في حال معصيتهم، هذا موسى عليه السلام قد مدح قومه في حالة واختار منهم سبعين رجلا كانت سريرتهم عند الله خلاف ظاهرهم عند موسى عليه السلام، ونحن نشرحه في هذا الباب إنشاء الله. من ذا الذي يجسر أن ينكر ذلك، أو يجتري على القول: بأن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) يمنع من عداوتهم في حال إسائتهم، بعد قول الله تعالى لنبيه: (لان أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) (1)، وبعد قوله جل ذكره: (قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) (2)، وبعد قوله [ تعالى ]: يا داوود إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن


= كذبت، بل أنا خير منك ومنهما، عبدت الله قبلهما وبعدهما. وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 20، ص 25: وقال عثمان لعلي عليه السلام في كلام دار بينهما: أبو بكر وعمر خير منك، فقال علي كذبت، أنا خير منك ومنهما، عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما. (1) – سورة الزمر: 65. (2) – سورة الانعام: 15. [ * ]

[ 229 ]

سبيل الله) (1). إلا من لا فهم له، ولا تمن عنده، ومحمد (صلى الله عليه وآله) معصوم، والامة غير معصومة، فخاطبه الله تعالى بهذا الخطاب تأديبا له وتحذيرا لامته ؟، ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مأمون، والامة غير مأمونة، فمن هاهنا، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا ترجعن بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وقال لهم: الشرك أخفى من دبيب النمل. 66 – وقال (صلى الله عليه وآله): لهم لتركبن سنن الذين من قبلكم حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، حتى لو أو رجلا منهم دخل جحر ضب لدخلتموه فقيل: يارسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن أرى فدل هذا القول منه لترتدن كما أرتدت اليهود والنصارى، حين فقدوا موسى وعيسى (عليهما السلام) وقال (صلى الله عليه وآله): إن من أصحابي من لا يراني بعد خروجي من الدنيا، وقال عليه وآله والسلام: يؤخذ بناس من أصحابي ذات الشمال، فأقول: يا ربي أصحابي، فيقال: يا محمد لا تدري ما أحدثوا بعدك ! !، فأقول: بعدا وسحقا (2)، وقال إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود كما بدأ – فهل يعود الاسلام غريبا إلا بخروج أهله منه، وتركهم التمسك به ؟.


(1) – سورة الصاد: 26. (2) – أنظر كتاب السقيفة: سليم بن قيس الهلالي الكوفي، ص 92 و 93 ط النجف، بعد ذكر أهل التابوت، يذكر هذا الحديث وله ذيل أكثر من هذا فراجع، وقريبا منه ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين في مسند عبد الله بن عباس. أنظر دلائل الصدق ج 3، ص 10. كما ذكر البخاري ومسلم في صحيحهما والترمذي والنسائي. [ * ]

[ 230 ]

ونذكر فعل أصحاب موسى عليه السلام، وارتدادهم، وأي شئ أعجب من إرتدادهم، وعبادتهم العجل وهو حي لم يمت، ولم يبعد عن موضعهم ولا طالت غيبته عنهم، وأخوه ووزيره وشريكه في النبوة، ومن يقوم مقامه، مقيم معهم، فاختار منهم سبعين رجلا، كانوا خيار أصحابه عنده، فنزل بهم العذاب، لنفاق كانوا إنطووا عليه، ولو أن الله خبر بقصتهم ما قبلتموه، ولا إستشنعتم ذكرهم بذلك، ولا أنكرتم ردتهم كما أنكرتم ردت عامة أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) هذا مع قرب عهدهم بموسى، ومقام نظيره عليه السلام بين أظهرهم، فكيف أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) الذين آمنوا رجوعهم إلى الدنيا، لولا أنكم لم تدخلوا قلوبكم من العصبية لاصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) لانكرتم الخبر، ودفعتموه عصبية كل ذلك ميلا منكم على علي عليه السلام، ما كنتم بالدين يسعهم (1) السكوت عنهم كقولكم في أصحاب عثمان وتظليلكم إياهم، فادعيتم لما جرى الامر في حال علي عليه السلام إن ذلك كله جرى على الصواب، فسبحان من قرركم بألسنتكم، ان عامة أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) منافق يسره كفره، أو ضعيف لم يتمكن الاسلام من قلبه، أو من أسلم من تحت السيف ليحتج عليكم وتفضحون، ومع ذلك إن أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله) إختلفوا !.


(1) – يسعكم ظ. [ * ]

[ 231 ]

[ إختلاف الناس في الحديث ]: 67 – وهو ما رواه محمد بن عبد الله بن مهران، عن حماد بن عيسى، عن ابن أذينه، عن أبان بن أبي عياش: عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت: لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا أمير المؤمنين، إني سمعت من سلمان، والمقداد بن الاسود وأبي ذر، من تفسير القرآن، ومن الرواية، عن نبي الله شيئا، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، وكان في أيدي الناس أشياء من تفسير القرآن ومن الاحاديث أنتم تخالفونها، وتزعمون أن ذلك باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله تعمدا، ويفسرون القرآن برأيهم ؟. فقال علي عليه السلام: قد سألت فاستمع الجواب (1): إن في أيدي الناس، حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا، وعاما وخاصا، ومحكما ومتشابها، وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في (2) عهده، حتى قام خطيبا فقال:


(1) – أنظر: تحف العقول، للحراني ط طهران ص 193، والخصال للشيخ الصدوق رحمه الله، ط النجف الاشرف، ص 232، وستأتيك بقية المصادر، فانتظر. (2) – وفي أصول الكافي ج 1 ص 63: على عهده. [ * ]

[ 232 ]

أيها الناس كثرت الكذابة (1)، فمن كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار (2). ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتى بالاحاديث أربعة رجال ليس لهم خامس (3): رجل منافق يظهر الايمان، متصنع بالاسلام، لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متعمدا، ولو علم المسلمون (4)، أنه منافق كاذب لم ينقلوا حديثا عنه، ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) راه وسمع منه، (5) وقد أخبره الله جل ذكره عن المنافقين، بما أخبر، (6) ثم بقوا بعده، وتقربوا إلى الملوك (7) والدعاة إلى النار بالزور والكذب والبهتان، فقلدوهم (8) الاعمال وحملوهم على رقاب المسلمين، وأكلوا معهم


(1) – في أصول الكافي: قد كثرت علي الكذابة. (2) – رواه العلامة أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي الجرجاني المتوفى (427) في تاريخ جرجان، ط بيروت، ص 90، عن أنس بن مالك، وفي ص 257 عن عمرو بن عنبسة. وروى أيضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفى (402) في معجم الشيوخ، ص 386، وص 410. (3) – وفي أصول الكافي: وإنما أتاكم الحديث من أربعة. (4) – وفي أصول الكافي: فلو علم الناس. (5) – وفي أصول الكافي: وقد أخذ عنه وهم لا يعرفون حاله. (6) – وفي أصول الكافي: ووصفهم بما وصفهم فقال عزوجل: (وإذا رأيتهم تعجبك إجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم). سورة المنافقون الآية 3. (7) – وفي أصول الكافي: إلى أئمة الضلال. (8) – وفي أصول الكافي: فولوهم. [ * ]

[ 233 ]

الدنيا، والناس مع الملوك والدنيا، إلا من عصم الله فهذا أحد الاربعة. ورجل سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا فلم يحفظه (1) على، وجهه، فوهم فيه ولم يتعمد كذبا، فهو في يده يعمل فيه، ويرويه، ويقول: أنا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه، ولو علم هو أنه وهم لرفضه. ورجل ثالث سمع من رسول الله (صلى الله عليه وآله) شيئا يأمر به ثم نهى (2) عنه، وهو لا يعلم، أو سمعه نهى عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، ولو علم الناس أنه منسوخ لم يقبلوه (3). ورجل رابع: لم يكذب على الله جل ذكره (4)، ولا على رسوله، مبغض للكذب، خوفا من الله تبارك وتعالى، وتعظيما لرسوله (صلى اله عليه وآله وسلم) لم يوهم (5) بل حفظ ما سمع على جهته، فجاء به كما سمع لم يزد فيه


(1) – وفي أصول الكافي: لم يحمله. (2) – وفي أصول الكافي: أمر به ثم نهى عنه. (3) – وفي أصول الكافي: لرفضه ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه. (4) – وفي أصول الكافي وآخر رابع لم يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وقريبا من هذا المقام ذكره عمي المحمودي دام بقاه في نهج السعادة ج 3 من باب الخطب ص 36، ط بيروت. وللحديث طرق كثيرة ومصادر جمة فقد رواه في الحديث: (222) من كتاب الفضائل تأليف أحمد بن حنبل. وذكر أيضا: في أنساب الاشراف: ج 2، 98، ط بيروت. (5) – وفي أصول الكافي: لم ينسه بل حفظ ما سمع على وجهه. [ * ]

[ 234 ]

ولم ينقص منه وحفظ الناسخ والمنسوخ (1)، وأن أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ناسخ ومنسوخ مثل القرآن، وخاص وعام ومحكم ومتشابه، يكون (2) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام على وجهين (3): كلام عام وكلام خاص، فيسمع من لم يعلم ما عنى به صلى الله عليه وآله مثل القرآن يسمعه من لم يعلم ما عنى به تبارك وتعالى، وليس كل أصحاب محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يسأله وكانوا يحبون أن يجئ الاعرابي والطارئ (4) فيسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يسمعوا منه، (5) وكنت رجلا أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة، يجيبني (6) فيها عما أسأله، أدور معه حيثما دار، وكان قد


(1) – وفي أصول الكافي: وعلم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ. إلى هنا أورد الشريف الرضي (ره) في نهج البلاغة من كلماته عليه السلام الرقم 205 أنظر نهج البلاغة شرح محمد عبده ط مصر ص 214 ومصادر نهج البلاغة ج 3 ص 111، الرقم: 208 فراجع. (2) – في أصول الكافي: قد كان يكون. (3) – في أصول الكافي: له وجهان. (4) – هذه الكلمة كانت في النسخة والطائي وهي خطأ، وفي جميع المصادر كانت كما أثبتناها في المتن. (5) – وفي أصول الكافي وقال الله عز وجل في كتابه (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ” سورة الحشر الآية 7 “. فيشتبه على من لم يعرف ولم يدر ما عنى الله به ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفهم وكان منهم يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون عن يجئ الاعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يسألوا. (6) – في أصول الكافي فيخليني. [ * ]

[ 235 ]

علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه لم يفعل ذلك غيري (1)، وربما كان ذلك في بيتي ورسول الله صلى الله عليه وآله في منزلي (2) لم تقم عني فاطمة، ولا أحد من بني، فإذا سألته أجابني، وإذا سكت عنه إبتدأني (3)، فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) اية من القران إلا أقرأنيها وأملاها علي، وكتبتها بخطي، (4) ودعا الله تبارك وتعالى لي أن يفهمني ويحفظني فما نسيت اية من كتاب الله مما علمني تأويلها، فحفظتها وأملاها علي فكتبتها بيدي، ولا يرد على رسول الله حلال ولا حرام، أمر أو نهي طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظنيه، ولم أنس منه حرفا واحدا منذ وضع يده على صدري (5)، ودعا الله لي أن يملا قلبي علما وفهما وفقها وحكما ونورا يعلمني، فلا أجهل، وحفظني فلا أنسى، فقلت ذات يوم يارسول الله (6) إنك منذ دعوت لي بما دعوت لم أنس شيئا مما علمتني، * هامش) * (1) – في ” ش ” بغيري، وفي أصول الكافي: لم يصنع ذلك بأحد من الناس. (2) – وفي أصول الكافي وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نسائه. (3) – وفي الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 338: قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل بن أبي فديك المدني، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه: أنه قيل لعلي: مالك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ؟ فقال: إني كنت إذا سألته أنبأني وإذا سكت إبتدأني. وفي أصول الكافي: وفنيت مسائلي إبتدأني. (4) – وفي أصول الكافي: وعلمني تأوليها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها وخاصها وعامها. (5) وقريبا منه، نقل الحاكم الحسكاني، في شواهد التنزيل ج 1 ص 35 ط 1، وطبقات ابن سعد ج 2، ص 338. (6) – وفي أصول الكافي بأبي أنت وأمي. [ * ]


[ 236 ]

مما لم تمله علي، لم تأمرني بكتابه، أتخاف علي النسيان ؟ قال: لا لست أخاف عليك النسيان ولا الجهل، فقد أخبرني الله عزوجل أنه قد إستجاب لي فيك (1). وقد شرحنا من أمور القوم ما فيه لطالب الحق منفعة، وقد يجب


(1) – أقول: رواه الشيخ الثقة الجليل أبو محمد الحسن بن الحسين بن شعبة الحراني في تحف العقول، ص 193، وفيه اختلاف في بعض الكلمات، ورواه الكليني في أصول الكافي ج 1 ص 62، ط طهران، في باب إختلاف الحديث باختلاف طفيف كما تقدم، ورواه الشيخ الصدوق في الخصال 232، في باب الاربعة، ورواه الشيخ الاجل محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني المعروف بإبن أبي زينب في كتاب الغيبة، ط بيروت، ص 49. ورواه العلامة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 133 ط بيروت. برواية الشعبي وكميل بن زياد، ورواه أيضا العلامة الشيخ أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج، ج 1، ص 393، ط النجف، والعلامة شيخ الاسلام والمسلمين محمد بن الحسين بن عبد الصمد العاملي الشهير بالشيخ البهائي في كتاب الاربعين، ص 140 في الحديث الحادي والعشرون. والكراجكي في الاستنصار، ص 10. وروى فقرة منه البلاذري في أنساب الاشراف، ط بيروت ص 98. وروى أبو حيان التوحيدي في كتاب الامتاع والمؤانسة، ج 3، ص 197، على ما ذكره شيخنا العم في نهج السعادة ج 3 باب الخطب، ص 26، كما هو نقل أيضا عن ” المسترشد “. وروى فقرة منه ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 2، ص 485. كما رواه العلامة المجلسي في البحار ج 2 ص 228، ج 36 ص 273، ج 78 ص 77. والعلامة الخطيب في مصادر نهج البلاغة وأسانيده ج 3 ص 111، رقم الخطبة 208، وهو أيضا نقل عن ” المسترشد “. [ * ]

[ 237 ]

على من [ له ] فهم وعقل، أن يتأمل الامور التي جرت، ولا يهتم ولا يثق ولا يركن إلى أفعالهم، ولا يميل إليهم، مع دفعهم الحق، وإنكارهم موضع الحجة التي دل عليها الله عزوجل، بل الحق أن يأخذ بقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويعتمد على من دل عليه الذين جعلهم سفينة النجاة، وقال: من ركبها نجا كما نجا قوم نوح، ومن تخلف عنها غرق كما غرق قوم نوح. فنحن نرجو الفوز بتمسكنا بهم، وإطراح من لم يؤمن بالتمسك بهم وحسبنا الله ونعم الوكيل. (1)


(1) – وقال العبد الراجي لعفو ربه، أحمد ابن الشيخ غلام حسين المحمودي عفي عنهما: أللهم اجعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والائمة المعصومين عليهم السلام واجعلنا ممن ركب سفينة النجاة، آمين يا رب العالمين. [ * ]

[ 239 ]

(2) الباب الثاني باب الفضل والعلم لمن أدعوهما له:


[ 240 ]

68 – إدعوا العلم والفضل لرجل لم يدعهما لنفسه، فإنه قام على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: إن لي شيطانا يعتريني ! فإن إستقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني، وإن غضبت فجنبوني (1)


(1) – راجع الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 34، ط بيروت. وفيه: إعلموا أيها الناس أني لم أجعل لهذا المكان أن أكون خيركم، ولوددت أن بعضكم كفانيه، ولان أخذتموني بما كان الله يقيم به رسوله من الوحي ما كان ذلك عندي، وما أنا إلا كأحدكم، فإذا رأيتموني قد استقمت فاتبعوني وإن زغت فقوموني، واعلموا أن لي شيطانا يعتريني أحيانا، فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني، لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم. وتاريخ الطبري ج 3، ص 224. وطبقات ابن سعد ج 3، ص 183، ومجمع الزوائد للهيثمي ج 5، ص 186، وفيه – إن لي شيطانا يحضرني – وذكر المتقي الهندي في كنز العمال ج 5 ص 589 الرقم: 14050، وفيه: عن الحسن، أن أبا بكر الصديق خطب فقال: أما والله ما أنا بخيركم ولقد كنت لمقامي هذا كارها، ولوددت أن فيكم من يكفيني، أفتظنون أني أعمل فيكم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذن لا أقوم بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإن لي شيطانا يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني أن لا أوثر في أشعاركم وأبشاركم، ألا فراعوني، فان استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني، قال الحسن: والله ما خطب بها بعده، وذكر أيضا ابن هشام في سيرته ج 4 ص 311، ط بيروت، وابن قتيبة في عيون الاخبار، ج 2 ص 254، كما ذكر أيضا جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء، ص 66 ط بيروت. = [ * ]

[ 241 ]

فزعم أنه يزيغ، ويحتاج أن يقوم !، وقال أيضا على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وليتكم ولست بخيركم (1). وقد قال فيه عمر بن الخطاب، وهو وليه وصاحبه وأخوه، وممن عقد له البيعة حين أتاه عبد الرحمان بن أبي بكر، يسأله في أمر الحطيئة الشاعر، لابنه عبد الله: عبد الرحمان بن أبي بكر لدويبة سوء، ولهو خير


= وسيرة الحلبيه ج 3 ص 359. والسيرة النبوية لابن الكثير ج 4 ص 493 ط بيروت. كما أورد في النهاية، ج 5، ص 228. قال الزبير، ج 5، ص 228، قال الزبير بن بكار في الاخبار الموفقيات ص 579 فلما كان من الغد قام أبو بكر فخطب الناس، وقال أيها الناس إني وليت أمركم ولست بخيركم، فإذا أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني. إن لي شيطانا يعتريني فإياكم وإياي إذا غضبت. (1) – الاخبار الموفقيات للزبير بن بكار ط، 1، ص 579، قال الزبير: فلما كان من الغد قام أبو بكر فخطب الناس، وقال: أيها الناس، إني وليت أمركم ولست بخيركم، فإذا أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني. ان لي شيطانا.. الخ. وذكر أيضا إبن حبان في كتاب الثقات ج 2، ص 157. وذكر أيضا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 6، ص 20. قال السيد المرتضى في الشافي ج 3 ص 116: ومن ظريف الامور أن يستشهد القوم بهذا الخبر على التفضيل وهم يروون أن أبا بكر قال: وليتكم ولست بخيركم فصرح باللفظ الخاص بأنه ليس بالافضل، ثم يتأولون ذلك على أنه خرج مخرج التخاشع الامة) ولكن الانصاف عندهم مفقود. [ * ]

[ 242 ]

من أبيه. 69 – رواه الهيثم بن عدي (1)، عن عبد الله بن عياش الهمداني (2) عن سعيد بن جبير (3)، قال: ذكر أبو بكر وعمر عند عبد الله بن عمر، فقال رجل من القوم: كانا شمسي هذه الامة وبدريها (4)، فقال ابن عمر: وما يدريك ؟ ! فقال الرجل: أليس قد إئتلفا ؟ فقال [ ابن عمر ] (5): بل إختلفا لو كنتم تعلمون فأشهد أني كنت عند أبي يوما، وقد أمرني أن أهيئ أحلاسا، وأصلح


(1) – هو: الهيثم بن عدي الطائي أبو عبد الرحمن المنبجي ثم الكوفي المتوفى (207)، أنظر لسان الميزان ج 6 ص 209 الرقم: 740، والجرح والتعديل ج 9 ص 85 الرقم 350، وسير أعلام النبلاء ج 10 ص 103 الرقم: 4. (2) هو: عبد الله بن عياش بن عبد الله، أبو الجراح الهمداني الكوفي يعرف بالمنتوف، حدث عن عامر الشعبي، روى عنه الهيثم بن عدي الطائي. أنظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، ج 10 ص 14 الرقم: 5132، وتاريخ الاسلام للذهبي، ج 9 ص 465. وفي تلخيص شافي ج 3 ص 160: المدائني. (3) – هو: سعيد بن جبير بن هشام الاسدي الواسطي رحمه الله الذي قتله الحجاج بن يوسف. أنظر تهذيب الكمال ج 10 ص 358 الرقم: 2245. وسير أعلام النبلاء ج 4 ص 321 الرقم: 116. (4) – وفي ” ش “: ونوريها. وفي الشافي ج 4 ص 127 نوريها. (5) – كذا في ” ح “. [ * ]

[ 243 ]

منها، إذ إستأذن عبد الرحمان بن أبي بكر، فقال [ أبي ]: دويبة سوء (1)، ولهو خير من أبيه !. فأوحشني [ منه ] ذلك، فقلت يا أبة: عبد الرحمن خير من أبيه ؟ ! فقال: ومن ليس خيرا من أبيه ؟ ! لا أم لك. وأذن لعبد الرحمان، فدخل، فكلمه في أمر الحطيئه، أن يرضى عنه، وقد كان حبسه في شعر قاله، فقال له: إن في الحطيئة تأودا، فدعني أقومه وأحسنه (2) بطول الحبس، فألح عليه عبد الرحمان فأبي، وخرج عبد الرحمان، فأقبل علي عمر، فقال: أو في غفلة أنت إلى يومك هذا عما كان من أفحج (أحيمق) بني تيم، وتقدمه علي، وظلمه لي (3) ؟ !


(1) – في تلخيص الشافي ج 3 ص 160: رؤية سوء. (2) – وفي ” ش “: وأحبسه. وفي تلخيص الشافي أمته. ثم إن قصة الحطيئة ذكرها محمد شاكر الكتبي المتوفى (764) في فوات الوفيات، ج 1، ص 276:. وإسمه جرول بن أوس بن مالك الحطيئة الشاعر لقب بالحطيئة لقربه من الارض، فإنه كان قصيرا قال الاصمعي: كان الحطيئة سؤلا ملحفا دنيئ النفس كثير الشر قليل الخير. وهجا الزبرقان بن بدر فاستعدى عليه زبرقان إلى عمر بن الخطاب فرفعه عمر إليه واستنشده فحبسه في بئر وأبقى عليه شيئا. أقول: القصة طويلة لا تناسب المقام ومن أراد التفصيل فعليه بالمصدر المذكور. (3) – كذا في النسخة، وفي الشافي وشرح النهج: وتقدمه علي وظلمه لي. والا فحج من أوصاف العيوب، التكبر، والذي في رجليه إعوجاج، قال الفيروزآبادي وفي الحديث: في صفة الدجال: أعور أفحج. أنظر تاج العروس، ج 6 ص 140. [ * ]

[ 244 ]

فقلت: يا أبة لا أعلم شيئا من ذلك (1)، فقال: يا بني، وما عسيت أن تعلم، فقلت: والله لهو أحب إلى الناس من ضياء أبصارهم، فقال: إن ذلك لكما ذكرت على رغم أبيك وسخطه، فقلت يا أبة: أفلا تحكي (2) أفعاله بمقام في الناس، يبين ذلك عنه، فقال: وكيف لي بذلك، مع ما ذكرت من أنه أحب إلى الناس من ضياء أبصارهم، إذا لرضخت (3) هامة أبيك بالجندل (4) قال: [ ابن عمر ] ثم تجاسر فجسر، فما دارت الجمعة حتى وقف به في الناس، فقال: يا أيها الناس: كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله شرها (5) فمن عاد لمثلها فاقلتوه ! (6).


(1) – وفي ” ش “: لا علم لي بشئ. (2) – وفي تلخيص الشافي تجلى بموقف في الناس تبين ذلك لهم. (3) – وفي الشافي يرضخ رأس أبيك. (4) – الجندل: الحجارة، وقيل: هو الحجر كله، الواحدة: جندلة. أنظر، لسان العرب، ج 11 ص 128، ط بيروت. (5) – كتاب الثقات لابن حبان ج 2، ص 156. وفيه: فلا يقرن إمرا يقول: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقد كان كذلك إلا أن الله وقى شرها. وفيه: فلما كان اليوم الثاني قام عمر بن الخطاب على المنبر فتلكم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس إني قد قلت لكم بالامس مقالة ما كانت إلا مني وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم. (6) – وفي تلخيص الشافي ج 4، ص 128: فمن دعا إلى مثلها فاقتلوه. ورواه أيضا اب [ * ]

[ 245 ]

فكان الذي حدا عمر على ذلك مع ما كان في صدره عليه أنه بلغه عن قوم، هموا بأفاعيل، فكانت هي التي هيجت عمر، فقال ابن عمر: لكل أمر سببا، وإن ما كان من أخبار هؤلاء القوم الذين هموا بأفاعيل، هي التي هيجت على عمر، وأنه باب فتحه عمر من السخطة على أبي بكر. 70 – روى الهيثم بن عدي، عن مجالد (1) قال: غدوت يوما إلى الشعبي، وأنا أريد أن أسأله عن شئ بلغني أن ابن مسعود، كان يقوله، فأتيته في مسجد حيه (2)، وفي المسجد قوم ينتظرونه، فخرج ونهض (3) إليه القوم فقلت: أصلحك الله، أكان إبن مسعود يقول: ؟ ما كنت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة، قال: نعم كان ابن مسعود يقول ذلك، وكان ابن عباس قوله، وكان لابن عباس (4) علوم يعطيها أهلها ويصونها عن غيرهم (5)، فبينا نحن كذلك، إذ أقبل رجل من الازد، فجلس إلينا، فأخذنا في ذكر أبي بكر وعمر، فضحك


= ابي الحديد في شرح النهج 2، ص 28 – 29. (1) – هو: مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام بن ذي مران بن شرحبيل الهمداني الكوفي. أنظر تهذيب التهذيب ج 10 ص 39، وتقريب التهذيب 2 ص 229 رقم 919. (2) – أي الحي الذي كان نازلا فيه. وفي ” ش “: حبسه. (3) – وفي ش: فيفوض. (4) وفي ” ش “: لعبدالله. (5) – وفي الشافي وشرح النهج: وكان عند ابن عباس دفائن علم يعطها أهلها ويصرفها عن غيرهم. [ * ]

[ 246 ]

الشعبي وقال: لقد كان في صدر عمر خب (1) على أبي بكر، فقال الازدي والله ما رأينا، ولا سمعنا قط برجل، كان أسلس قيادا لرجل من عمر لابي بكر ولا أقول فيه بالجميل (2) (من عمر في أبي بكر)، فأقبل علي الشعبي وقال: هذا مما سألت عنه، ثم أقبل (3) على الرجل، فقال الشعبي: يا أخا الازد، فكيف تصنع بالفلتة التي وقى الله شرها، أترى عدوا يقول في عدوه، ما قاله عمر في أبي بكر ؟ فقال الرجل: سبحان الله يا أبا عمرو، أنت تقول مثل هذا ؟ ! فقال الشعبي: ما أنا أقوله، ولكن قاله عمر بن الخطاب، فنهض الرجل مسرعا ولم يودع، وهو كالمغضب يهمهم بما لا يفهم من الكلام، [ قال مجالد: ] فقلت للشعبي: ما أحسب هذا الرجل إلا سينقل عنك هذا الكلام إلى الناس ويبثه فيهم، قال: إذا لا أحفل به وقد قاله عمر على رؤوس المهاجرين والانصار، ولم يحفل به (4) أأحفل به أنا وأنتم أيضا فأذيعوه عني ما بدا لكم.


(1) – وفي ” ش “: ضب. الخب بالفتح والتشديد غير مهموز: الخداع ومعناه الذي يفسد الناس بالخداع ويمكر ويحتال في الامر، يقال: فلان خب ضب إذا كان فاسدا مفسدا مراوغا، كذا بالكسر، وفي الشافي الضب: الحقد الخفي، الغيظ والعداوة وجمعه ضباب. وفي الشافي ضب وكلاهما واحد. أنظر تلخيص الشافي لشيخ الطوسي ج 3 ص 29. (2) – وفي ” ش “: بالجهل. (3) – وفي ” ح “: ثم إلتفت للرجل. (4) – وفي الشافي: بذلك شيئا لم يحفل به ابن الخطاب حين قام على رؤوس المهاجرين والانصار، أحفل به، وأنتم أيضا، فأذيعوه عني ما بدا لكم. وفي شرح النهج: على رؤوس = [ * ]

[ 247 ]

71 – وروى شريك بن عبد الله النخعي (1)، عن محمد بن عمرو بن


= الاشهاد، من المهاجرين والانصار به أنا أذيعوه أنتم عني أيضا ما بدا لكم. (1) – هو: شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي، أبو عبد الله الكوفي القاضي. تهذيب الكمال ج 12 ص 462 الرقم 2736. قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ج 2 ص 30 وروى شريك بن عبد الله النخعي، عن محمد بن عمرو بن مرة، عن أبيه، عن عبد الله بن سلمة. عن أبي موسى الاشعري، قال: حججت مع عمر، فلما نزلنا وعظم الناس خرجت من رحلي أريده، فلقيني االمغيرة بن شعبة، فرافقني ثم قال: أين تريد ؟، فقلت: أمير المؤمنين، فهل لك ؟. قال: نعم، فانطلقتا نريد رحل عمر فإنا لفي طريقنا إذ ذكرنا تولى عمر وقيامه بما هو فيه، وحياطته على الاسلام، ونهوضا بما قبله من ذلك، ثم خرجنا إلى ذكر أبي بكر، فقلت للمغيرة: ؟ ؟ ك الخير ! لقد كان أبو بكر مسددا في عمر، لكانه ينظر إلى فيامه من بعده، وجده واجتهاده وغنائه في الاسلام، فقال المغيرة: لقد كان ذلك، وإن كان قوم كرهوا ولاية عمر ليزووها عنه، وما كان لهم في ذلك من حظ، فقلت له: لا أبالك ! ومن القوم الذين كرهوا ذلك لعمر ؟ فقال المغيرة: لله أنت ! كأنك لا تعرف هذا الحي من قريش وما خصوا به من الحسد ! فوالله لو كان هذا الحسد يدرك بحساب لكان لقريش تسعة أعشاره، وللناس كلهم عشر، فقلت: مه يا مغيرة ! فإن قريشا بانت بفضلها على الناس. فلك نزل في مثل ذلك حتى إنتهيا إلى رحل عمر فلم نجده، فسألنا عنه فقيل: قد خرج آنفا، فمضينا نقفو أثره، حتى دخلنا المسجد، فإذا عمر يطوف بالبيت، فطفنا معه، فلما فرغ دخل بيني وبين المغيرة، فتوكأ على المغيرة وقال: من أين جئتما ؟ فقلنا خرجنا نريدك يا أمير المؤمنين، فأتينا رحلك فقيل لنا: خرج إلى المسجد، فاتبعناك. فقال: أتبعكما الخير، = [ * ]

[ 248 ]


= ثم نظر المغيرة إلي وتبسم، فرمقه عمر، فقال: مم تبسمت أيها العبد ؟ ! فقال: من حديث كنت أنا وأبو موسى فيه آنفا في طريقنا إليك، قال: وما ذاك الحديث ؟ فقصصنا عليه الخبر ختى بلغنا ذكر حسد قريش، وذكر من أراد صرف أبي بكر عن إستخلاف عمر، فتنفس الصعداء ثم قال: ثكلتك أمك يا مغيرة ! وما تسعة أعشار الحسد ! بل وتسعة أعشار العشر، وفي الناس كلهم عشر العشر، بل وقريش شركاؤهم أيضا فيه ! وسكت مليا وهو يتهادي بيننا، ثم قال: ألا أخبركما بأحسد قريش كلها ؟ قلنا: بلى يا أمير المؤمنين، قال: و عليكما ثيابكما، قلنا: نعم، قال: وكيف بذلك وأنتما ملبسان ثيابكما ؟ قلنا يا أمير المؤمنين وما بال الثياب ؟ قال: خوف الاذاعة منها قلنا له: أتخاف الاذاعة من الثياب أنت وأنت من ملبس الثياب أخوف ! وما الثياب أردت ؟ قال: هو ذاك. ثم انطلق وانطلقنا معه حتى إنتهينا إلى رحله فخلى أيدينا من يده ثم قال: لا تريما و دخل فقلت للمغيرة لا أبالك ! لقد أثرنا بكلامنا معه، وما كنا فيه وما نراه حبسنا إلا ليذاكرنا إياها قال: فإنا لكذلك إذ أخرج إذنه إلينا، فقال: أدخلا فدخلنا فوجدناه مستلقيا على برذعة برحل، فلما رآنا تمثل بقول كعب بن زهير: لا تفش سرك إلا عند ذي ثقة * أولى وأفض ما إستودعت أسرارا صدرا رحيبا وقلبا واسعا قمنا * ألا تخاف متى أودعت إظهارا فعلمنا أنه يريد أن يضمن له كتمان حديثه، فقلت أنا له: يا أمير المؤمنين الزمنا وخصنا وصلنا، قال: بماذا يا أخا الاشعريين ؟ فقلت بإفشاء سرك في همتك فنعم المستشاران نحن لك. قال: إنكما كذلك، فاسألا عما بدا لكما، ثم قام إلى الباب ليغلقه، فإذا الآذن الذي أذن لنا عليه في الحجرة، فقال: امض عنا لا أم لك: فخرج وأغلق الباب خلفه، ثم أقبل = [ * ]

[ 249 ]


= علينا، فجلس معنا وقال: سلا تخبرا، قلنا: نريد أن يخبرنا أمير المؤمنين بأحسد قريش الذي لم يأمن ثيابنا على ذكره لنا، فقال: سألتما عن معضلة، وسأخبركما فليكن عندكما في ذمة منيعة وحرز ما بقيت، فإذا مت فشأنكما وما شئتما من إظهار أو كتمان. قلنا: فإن لك عندنا ذلك، قال أبو موسى: وأنا أقول في نفسي: ما يريد إلا االذين كرهوا استخلاف أبي بكر له كطلحة وغيره، فإنهم قالوا لابي بكر: أتستخلف علينا فظا غليظا ؟ ! وإذا هو يذهب إلى غير ما في نفسي، فعاد إلى التنفس، ثم قال: من تريانه ؟ قلنا: والله ما ندري إلا ظنا ! قال: ومن تظنان ؟ قلنا: عساك تريد القوم الذين أرادوا أبا بكر على صرف هذا الامر عنك، قال: كلام والله ! بل كان أبو بكر أعق، وهو الذي سألتما عنه، كان والله أحسد قريش كلها. ثم أطرق طويلا، فنظر المغيرة إلي ونظرت إليه، وأطرقنا مليا لاطراقه وطال السكوت منا ومنه حتى ظننا أنه قد ندم على ما بدا منه. ثم قال: والهفاه على ضئيل بني تيم بن مرة ! لقد تقدمني ظالما، وخرج إلي منها آثما، فقال المغيرة: أما تقدمه عليك يا أمير المؤمنين ظالما فقد عرفناه، كيف خرج إليك منها آثما ؟ قال: ذاك لانه لم يخرج إلى منها إلا بعد يأس منها أما والله لو كنت أطعت يزيد بن الخطاب وأصحابه لم يتلمظ من حلاوتها بشئ أبدا، ولكن قدمت وأخرت، وصعدت وصوبت، ونقضت وأبرمت، فلم إجد إلا الاغضاء على ما نشب به منها، والتلهف على نفسي، وأملت إنابته ورجوعه، فوالله ما فعل حتى نغزبها بشما. قال المغيرة: فما منعك منها يا أمير المؤمنين، وقد عرضك لها يوم السقيفة بدعائك إليها ! ثم أنت الآن تنقم وتتأسف ؟ قال: ثكلتك أمك يا مغيرة ! إني كنت لاعدك من دهاة العرب، كأنك كنت غائبا عما هناك ! إن الرجل ماكرني فماكرته، وألفاني أحذر من قطاة، = [ * ]

[ 250 ]


= إنه لما رأى شغف الناس به، وإقبالهم بوجوههم عليه، أيقن أنهم لا يريدون به بدلا، فأحب لما رأى من حرص الناس عليه، وميلهم إليه، أن يعلم ما عندي، وهل تنازعني نفسي إليها ! وأحب أن يبلوني بإطماعي فيها، والتعريض لي بها، وقد علم وعلمت لو قبلت ما عرضه علي لم يجب الناس إلى ذلك، فألفاني قائما على إخمص مستوفزا حذرا ولو أجبته إلى قبولها لم يسلم الناس إلي ذلك، واختبأها ضغنا علي في قلبه، ولم آمن غائلته ولو بعد حين: مع ما بدا لي من كراهة الناس لي: أما سمعت نداءهم من كل ناحية عند عرضها علي: لا نريد سواك يا أبا بكر، أنت لها ! فرددتها إليه عند ذلك، فلقد رأيته إلتمع وجهه لذلك سرورا. وقد عاتبني مرة على كلام بلغه عني، وذلك لما قدم عليه بالاشعث سيرا، فمن عليه وأطلقه، وزوجه أخته أم فروة، فقلت للاشعث وهو قاعد بين يديه: يا عدو الله أكفرت بعد اسلامك، وارتددت ناكصا على عقبيك ! فنظر إلي علمت أنه يريد أن يكلمني بكلام في نفسه، ثم لقيني بعد ذلك في سكك المدينة، فقال لي: أنت صاحب الكلام يابن الخطاب ؟ فقلت: نعم يا عدو الله، ولك عندي شر من ذلك، فقال: بئس الجزاء هذا لي منك ! قلت: وعلام تريد مني حسن الجزاء ؟ قال: لانفتي لك من اتباع هذا الرجل والله ما جرأني على الخلاف عليه إلا تقدمه عليك، وتخلفك عنها، ولو كنت صاحبها لما رأيت مني خلافا عليك. قلت: لقد كان ذلك، فما تأمر الآن ؟ قال: إنه ليس بوقت أمر، بل وقت صبر، ومضى ومضيت. ولقى الاشعث الزبرقان بن بدر فذكر له ما جرى بيني وبينه، فنقل إلى أبي بكر، فأرسل إلي بعتاب مؤلم، فأرسلت إليه: أما والله لتكفن أو لاقولن كلمة بالغة بي وبك في الناس، تحملها الركبان حيث ساروا وإن شئت استدمنا ما نحنا فيه عفوا، فقال: بل نستديمه، وإنها لصائرة إليك بعد إيام، فظننت أنه لا = [ * ]

[ 251 ]

مرة، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن أبي موسى الاشعري، قال: حججت مع عمر. فلما نزلنا وعظم الناس خرجت من رحلي وأنا أريد عمر، ونحن (1) بمكة، فلقيت المغيرة بن شعبه فقال: أين تريد ؟ فأعلمته (2) أني أريد عمر [ فهل لك ؟ قال: نعم ]، فمضينا جميعا فدخلنا عليه (3)، فذكرنا أبا بكر، فقال (4): كان والله أعق وأظلم، وكان والله أحسد قريش كلها والهفتاه على ضليل بني تيم بن مرة، والله لقد تقدمني ظالما وخرج إلي


= يأتي عليه جمعة حتى يردها علي، فتغافل، والله ما ذكرني بعد ذلك حرفا حتى لك. ولقد مد في أمدها عاضا على نواجذه حتى حضره الموت، وأيس منها فكان منه ما رأيتما، فأكتما ما قلت لكما عن الناس كافة وعن بني هاشم خاصة، وليكن منكما بحيث أمرتكما، قوما إذا شئتما على بركة الله. فقمنا ونحن نعجب من قوله، فوالله ما أفشينا سره حتى هلك. أقول: وروى أيضا السيد المرتضى رحمه الله في كتابه الشافي ج 4، ص 129 مع إختلاف جزئي. (1) – وفي ” ح “: وأنا. (2) – وفي ” ح “: فقلت. (3) – الظاهر من العبارة، أن المصنف رحمه الله لخص القصة كما يظهر من الشافي وشرح النهج لابن أبي الحديد، واقتصر بما جرى من الحديث الذي دار بينهم وغض النظر عما دار بين أبو موسى والمغيرة. (4) – وفي ” ش “: عمر. [ * ]

[ 252 ]

منها آثما، فقيل له (1) تقدمك ظالما قد عرفنا، فكيف خرج إليك منها آثما ؟ قال: إنه لم يخرج إلي منها إلا بعد يأس منها، أم والله لو كنت أطعت زيد ابن الخطاب ما تلمظ من حلاوتها بشئ أبدا (2)، ولكني قدمت وأخرت وصعدت، وصوبت ونقضت وأبرمت، فلم أجد بدا من الاغضاء له على ما نشبت منه فيها، ولم يجبني نفسي على ذلك وأملت (3) إنابته ورجوعه فوالله ما فعل حتى أثغر بها نفسا (4)، فقال له المغيرة: فما منعك منها وقد عرضها عليك يوم السقيفة بدعائه إياك إليها، ثم أنت الآن متعقب بالتأسف عليه ؟ فقال له عمر: ثكلتك أمك يا مغيرة، إني كنت لاعدك من دهاة العرب !، كأنك كنت غائبا عما هناك، إن الرجل ماكرني فماكرته (5) فألفاني أحذر من قطاة أنه لما رأى شغف الناس به، وإقبالهم بوجوههم عليه أيقن أنهم لا يريدون به بدلا، فأحب مع ما رأى من شخوص الناس إليه وشغفهم به (6) أن يعلم ما عندي، وهل تنازعني إليها نفسي بأطماعي فيها والتعريض لي بها، وقد علمت أني لو قبلت ما عرض علي لم يجب الناس إلى ذلك، وكان أشد


(1) – وفي ” ح “: فقلنا له. والقائل هو المغيرة. (2) – وفي ” ح “: ما تلمظ منها بشئ من حلائتها أبدا. (3) – وفي ” ح “: وأقلت. (4) -: للثغر معان عديدة، فراجع لسان العرب ج 4، ص 103، لغة ثغر. (5) – وفي الشافي: كادني فكدته. (6) – وفي الشافي وشرح النهج: من حرص الناس عليه وميلهم إليه. [ * ]

[ 253 ]

الناس إباء، الذين كرهوا إياها لي عند موته فألقاني قائما على أخمصي حذرا (1)، ولو أجبته إلى قبولها لم تدفع (2) الناس ذلك إلي وأخباها علي ضغنا في قلبه، ثم لم آمن (3) من أتباعه ولو بعد حين مع ما بدا له ولي من كراهية الناس لما عرض علي منها، أو سمعت ندائهم في كل ناحية عند عرضه إياها علي، لا نريد سواك يا أبا بكر أنت لها، فرددتها عند ذلك، فلقد رأيته إلتمع وجهه لذلك سرورا. ولقد والله عاتبني مرة على شئ كان بلغه عني، وذلك أنه لما قدم عليه الاشعث بن قيس أسيرا، فمن عليه وزوجه [ أخته ] أم فروة بنت أبي قحافة، قلت للاشعث وهو بين يديه: أبعد أسلامك إرتددت كافرا ! ؟ فنظر إلي الاشعث نظرا حديدا علمت أنه يريد كلاما، ثم أمسك، فلقيني بعد ذلك في سكة من سكك المدينة، فقال: أنت صاحب الكلمة يومئذ يابن الخطاب ؟ فقلت: نعم، ولك عندي شر من ذلك، فقال: بئس الجزاء هذا لي منك، فقلت: وعلى ما تريد مني حسن الجزاء ؟ فقال: أما تأنف من أتباع هذا الرجل ! يعني (4) أبا بكر – وما حداني على الخلاف عليه إلا تقدمه عليك، ولو كنت صاحبها لما رأيت (5) مني خلافا.


(1) – وفي ” ش “: أحمض خميرا. (2) – ” ش “: لم يعلم. (3) – كذا في الشافي وشرح النهج. (4) – وفي ” ح “: يريد. (5) – وفي ش: عليك. [ * ]

[ 254 ]

فقلت: قد كان ذلك، فما تأمرني الآن ؟ قال: هذا وقت صبر حتى يفرج الله، ويأتي بمخرج، فمضى ومضيت، ولقي الاشعث الزبرقان بن بدر السعدي (1)، فذكر ما جرى بيني وبينه من الكلام، فنقل الزبرقان الكلام إلى أبي بكر فذكر (2) ذلك، ثم قال: إنك لتشوق إليها يابن الخطاب ؟ فقلت: وما يمنعني من التشوق إلى ما كنت أحق به ممن غلبني عليه، أما والله لتكفن أو لاقولن كلمة بالغة بي وبك ما بلغت، فإن شئت إستدمت ما فيه عفوا – قال: بل أستديمه وهي صائرة إليك بعد أيام، فما ظننت أن تأتي عليه جمعة بعد ذلك حتى يردها إلي، فوالله ما ذكر لي منها حرفا بعد ذلك. ولقد مد في أمدها (3) عاضا على نواجذه، حتى كان عند إياسه منها حين ما حضرته الوفاة، فكان ما رأيتما منه، ثم قال لنا: إحفظا ما قلت لكما وليكن منكما بحيث أمرتكما إذا شئتما على بركة الله وفي حفظه.


(1) – هو: الزبرقان بن بدر بن امرئ القيس التميمي السعدي، وقيل: إسمه الحصين، وهو صحابي، توفي سنة (45)، وله قصة مع الحطيئة الشاعر في هجائه إياه واستعدائه إلى عمر، تجدها في ترجمة بغيض بن عامر بن شماس. أنظر ترجمة الزبرقان في الاصابة للعسقلاني ج 1، ص 543 باب: ب – ز. وترجمة الحطيئة، ص 378، وترجمة بغيض في ص 174. (2) – وفي ” ش “: لي. (3) – وفي ” ش “: أمدادها [ * ]

[ 255 ]

فنهضنا وكل واحد منا يتعجب إلى صاحبه من قوله (1). [ و ] لعمري أن أبا بكر قد تكلم في أمر غير عمر أيضا، وأنكروا من أمره أشياء تكلم بها. 72 – ومن ذلك ما رواه زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: دخل عمر على أبي بكر، وهو آخذ بلسانه ينضنضه، فقال [ له عمر ]: الله [ الله يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأبو بكر يقول: هاه إن هذا أوردني الموارد ] (2).


(1) – أنظر كتاب الشافي ج 4 من المطبوع ص 129 إلى 135، والمخطوط لمكتبة السيد المرعشي دام ظله، ص 193 و 194، الرقم: 1282. وكذلك تلخيص الشافي لشيخ الطوسي رحمه الله ج 3 ص 162 إلى 167، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 ص 30 إلى 33 كما تقدم، وذكره أيضا العلامة المجلسي رحمه الله في البحار الطبعة القديمة ج 8 ص 248 إلى 250، وهو الطعن الرابع، فراجع. (2) – بين المعقوفات كان ساقطا من المتن المطبوع وجميع النسخ المخطوطة وكان محلها بياضا، والحديث أكملته كما ذكر ابن أبي شيبة في المصنف ج 14، ص 568 ط الهند رقم الحديث: 18893، قال: حدثنا ابن إدريس، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: دخل عمر على أبي بكر وهو آخذ بلسانه ينضنضه، فقال له عمر: الله الله يا خليفة رسول الله، وهو يقول: هاه إن هذا أوردني الموارد. وذكر أيضا جلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء ط بيروت ص 93، قال: وأخرج النسائي عن أسلم، أن عمر اطلع على أبي بكر وهو آخذ بلسانه، فقال: هذا الذي أوردني الموارد. وقال العلامة البياضي رحمه الله في الصراط المستقيم، ج 2 [ * ]

[ 256 ]

[ قال المصنف ] ثم أنكروا أحكاما حكم بها خالف فيها [ عمر من أحكام ] الكراع والسلاح، ولم يبايع على ذلك، و [ ما ورد ] في القرآن، وما كان من عمر في مخالفته في [ قصة ] مالك بن نويرة قتله خالد بن الوليد، فأ [ خذه إلى أبي بكر ] فقال عمر: والله لئن وليت شيئا من الامر، [ لاقيدنك ] بمن قتلت من أصحابه، فقد تحقق عنه… على الاسلام رغبة


= ص 299: أخرج الغزالي في الاحياء، عن زيد بن أسلم، قال: دخل الثاني على الاول وهو يجيل بلسانه، وفي موضع آخر ينضنض بلسانه، فقال: هذا أوردني الموارد. وذكر أيضا أبو يعلى الموصلي في مسنده ج 1 ص 17 رقم الحديث 5، قال: حدثنا موسى بن محمد بن حيان، أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث، أخبرنا عبد العزيز الاندراوردي. عن زيد بن أسلم، عن أبيه: أن عمر اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه، فقال: ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟ فقال: إن هذا أوردني الموارد. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ليس شئ من الجسد إلا وهو يشكو ضرب لسان “. أقول: من هنا إلى نهاية الصفحتين الآتيتين توجد سقطات كانت في جميع النسخ التي رأيناها وقابلنا معها وكذا النسخة المطبوعة التي جلعناها الاصل كانت بهامشها هذه الجملة: ” هذه البياضات لقد أكلتها الارضة ” ؟ ! ومما يؤسف أن هذا المورد من أهم مواضيع الكتاب لمكان الحديث. وإني أرى من الانسب أن أحسبها على أرضة التاريخ، لتكون موضع إعتبار للقادمين من الاجيال، ولهذه العلل والسوانح، قد تبقى بعض الاحاديث بلا مصدر وسند. كما أشرنا في المقدمة. [ * ]

[ 257 ]

منك في إمرأته (1)… ألح في أمره وإبطال فضله. ونحن نشرح بعد… له الفضل بحديث روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)… معنى له أنه صعد المنبر في وقت إحتاج… إلى القتال وعرف شغفهم به فأعطاهم… خير هذه الامة بعد نبيهم أبو بكر و عمر.. اله الفضل، ولعمري إنها صفة عليه… يجوز أن يقال: خير هذه الامة بعد [ رسول الله ] صلى الله عليه وآله، ليس من هذه الامة… وإنما الامة… أن أمير المؤمنين لو أراد… خير هذه الامة أبو بكر وعمر، وكان… دعواهم، ولكن إن كان الامام على ما ذكروه [ فأشار ] إلى جماعة تحت


(1) – وفي الايضاح لابن شاذان، ص 72، ط بيروت: والله لو وليت من أمور المسلمين شيئا لضربت عنقك، ولقد تحقق عندي، أنك قتلت مالك بن نويرة ظلما له وطمعا في إمرأته لجمالها. فأبطل أبو بكر قول عمر، وأجاز ذلك القتل والسبي، وأجاز لخالد ما صنع !. قال أحمد المحمودي: ولخالد فارس هذا الميدان سابقة، في قصة بنو جذيمة وأمره بقتل الاسرى، حتى قال ابن عمر: فقلت: والله لا أقتل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا صنيع خالد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ” مرتين. وفي قصة قتل مالك بن نويرة حين ضرب عنقه وإصطفى إمرأته أم تميم، فقال عمر بن الخطاب لابي بكر: إعزله فان في سيفه رهقا، فقال أبو بكر: لا أغمد سيفا سله الله على المشركين. أنظر البداية والنهاية لابن كثير، ج 4، ص 314، وج 6، ص 320 و 321 أقول: وللمزيد من الاطلاع والتفصيل، عليك أيها القارئي الكريم بكتاب ” الغدير ” للبحاث الامين، الاميني رحمه الله، ج 7، ص 158. [ * ]

[ 258 ]

منبره وهم دونهما… التي أشير إليها أبو بكر وعمر، وإنما أراد [ من الحديث ] معنى له حتى يبايعوه كما ذكرنا والحرب [ خدعة، كما ورد ] عن أمير المؤمنين أنه قال: [ إذا حدثتكم عن رسول ] الله رسول الله، فلئن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب على رسول اللله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) [ و ] قال: ما أقلت الغبراء ولا ظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر (2). أفترى النبي (صلى الله عليه وآله) ممن أقلته الغبراء وأظلته الخضراء، ولكن هذا على مجاز اللغة، وحديث أبي يدل على أنه لم يدع الفضل لنفسه حيث قيل له: وعنده إبنة سعيد بن الربيع، هذه إبنتك ؟ قال هذه إبنة من هو خير مني سعيد بن الربيع، فقد تبين أن الفضل قد زال بهذه الاشياء التي


(1) – أنظر صحيح مسلم ج 2 ص 746، ط بيروت، الرقم: 154 – (1066). (2) – رواه الترمذي في سننه ج 5 ص 669، الرقم: 3801 باب 36، قال: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا ابن نمير، عن الاعمش، عن عثمان بن عمير هو أبو اليقظان، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدئلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق من أبي ذر. ورواه الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 4، ص 480، عن علي بن أبي طالب عليه السلام. وسيأتيك الحديث بالتفصيل. قال: وفي الباب عن أبي الدرداء وأبي ذر. قال: وهذا حديث حسن. أقول: وأحسن من هذا الحديث، الذي بعده، وفيه: شبه عيسى بن مريم عليه السلام، فراجع. كما ذكر ابن ماجة في سننه، ج 1، ص 55، باب فضل أبي ذر.. الرقم 156، وذكر ابن سعد في طبقاته ج 4 ص 228، وأحمد بن حنبل في مسنده ج 163، و 175 وبعده. [ * ]

[ 259 ]

شرحناها. ولعمري أن عمر من أعدل الشهود عليه فيما ذكره من قبيح القول فيه وهو صاحبه، وأخوه والمتقدم له والمتابع له، والمبادر إليه، فمن إدعى له الفضل بعد ما شرحنا من أمره فليس إلا معاندا. 73 – واحتج بعض أهل العلم في قول أمير المؤمنين عليه السلام: ألا إن خير هذه الامة، أنه عنى المتحيرة، وكما قال أبو ذر وسلمان: ” أيتها الامة المتحيرة لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، ما عال ولي الله، ولا طاش سهم (1) عن فرائض الله “. فهذا لعمري إن أمير المؤمنين (عليه السلام) خاطب الامة المتحيرة، فقال: خيركم أبو بكر وعمر، ولعمري أن الامة المتحيرة أبت أن تختار إلا من قد نفاه الله، وتطرح من إختاره الله ورسوله حسدا وبغيا وطلبا للامرة، خلافا على الله وعلى رسوله، فإن الله قد إختار و رسيوله قد دخل (2) على إختيار الله، فأبت الامة المتحيرة إلا ما أتت، والله عزوجل يقول: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذ قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (3).


(1) – اي جاز السهم ولم يصبه، والطيش: جواز السهم الهدف وقد طاش عنه، إذا عدل ولم يقصد الرمية. تاج العروس، ج 17، ص 249. (2) – وفي ” ش “، و ” ح “: قد دل. (3) – الاحزاب الآية: 36. [ * ]

[ 260 ]

فلما فعلت [ الامة ] ذلك، واختلفت وافترقت كما افترقت بنو إسرائيل على احدى وسبعين فرقة كلها هالكة الا فرقة واحدة، وافترقت النصارى على أثنين وسبعين فرقة، كلها هالكة الا واحدة، وتفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة الا واحدة، وتفترق الواحدة على أنثي عشر فرقة كلها هالكة الا واحدة ! ! (1). فطلبنا هذه الفرقة الناجية، فوجدنا النبي (صى الله عليه وآله وسلم) قد دل عليها بقوله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. وهذا دليل واضح، إذ كان (صلى الله عليه وآله) قد دل على أهل بيته، وجعلهم كسفينة نوح، وأعلم الامة أن من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، فأبت الامة إلا ما ذكرنا، والله المستعان. قد ذكرنا جملا تدل على إبطال فضل من إدعوا له الفضل، ونحن نوضحه لاولي الالباب، (إن شاء الله).


(1) – مسند أحمد بن حنبل ج 2، ص 332. والمطالب العالية لابن حجر العسقلاني ج 3، ص 86، و 87. [ * ]

[ 261 ]

(3) باب ثبت الفضل (1) لمن له الفضل


(1) – وفي ” ش “: تثبت.. و: تثبيت. [ * ]

[ 262 ]

أجمعت الامة أنه لا إختلاف بينها، أن الفضل لعلي عليه السلام ولابي بكر، ثم لم يورد ثالث، فأوردنا قاطعة، بفضل ذلك عن الله جل وعز قال الله عزوجل: (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة) (1). فقد علمت الامة: أن عليا عليه السلام [ هو ] المجاهد في سبيل الله والكاشف الكرب عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن أبا بكر لم يخدش رجلا قط، وإنما كان بمنزلة النظارة في الحروب التي شهدها فهذه واضحة من كتاب الله جل ذكره. ثم نذكر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين (2) سأله سلمان (رحمه الله): فقال: من وصيك يارسول الله ؟ فقال: يا سلمان إن أخي وصفيي وخليلي، ووزيري ووصيي ينجز موعدي، ويقضي ديني، وهو خير من أترك


(1) – سورة النساء: 95 والآية الكريمة بكاملها هكذا: (لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما). (2) – وفي ش: حيث. [ * ]

[ 263 ]

بعدي علي بن أبي طالب عليه السلام (1). 74 – ثم قال علي عليه السلام: أنا أول رجل عبد الله من هذه الامة، وأول


(1) – وفي ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق، ج 1 ص 90 عن سلمان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أخي وخليفتي في أهلي علي بن أبي طالب. وفي ص 130، عن أنس بن مالك، قال: كنا إذا أردنا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا علي بن أبي طالب أو سلمان الفارسي أو ثابت بن معاذ الانصاري لانهم كانوا أجرأ أصحابه على سؤاله، فلما نزلت: (إذا جاء نصر الله والفتح)، وعلمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيت إليه نفسه، قلنا لسلمان: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يسند إليه أمورنا ويكون مفزعنا، ومن أحب الناس إليه ؟ فلقيه فسأله فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه، فخشي سلمان أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مقته ووجد عليه، فلما كان بعد [ ذلك ] لقيه فقال يا سلمان يا [ أ ] با عبد الله ألا أحدثك عما كنت سألتني ؟ فقال: يارسول الله إني خشيت أن تكون قد مقتني ووجدت علي ؟ قال: كلا، يا سلمان إن أخي ووزيري وخليفتي في أهل بيتي، وخير من تركت بعدي يقضي ديني وينجز موعدي علي بن أبي طالب. وعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن خليلي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي وينجز موعدي ويقضي ديني علي بن أبي طالب. وفي ص 136، عن زيد بن وهب، قال: كنا ذات يوم عند علي فقال: أنا عبد الله، وأخو رسوله لا يقولها بعدي إلا كذاب، فقال: رجل من غطفان والله لاقولن لكم كما قال الكذاب ! ! أنا عبد الله وأخو رسوله. قال: فصرع فجعل يضطرب ! ! فحمله أصحابه فأتبعتهم حتى انتهينا إلى دار عمارة، فقلت لرجل منهم: أخبرني عن صاحبكم، فقال: ماذا عليك من أمره ؟ فسألتهم بالله، فقال بعضهم: لا والله ما كنا نعلم به بأسا حتى قال تلك الكلمة فأصابه ما ترى ! !، فلم يزل كذالك حتى مات. [ * ]

[ 264 ]

رجل أسلم، وأنا وصي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنا خير الاوصياء (1). 75 – وقال عليه السلام: أنا عبد الله، وأخو رسوله، لا يقولها غيري إلا مفتر كذاب (2). 76 – وقال عليه السلام: أنا قسيم النار، وأقول هذا لي وهذا لك (3).


(1) – قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 1، ص 10، وقال هو أي علي عليه السلام: أنا الصديق الاكبر، وأنا الفاروق الاول، أسلمت قبل اسلام الناس، وصليت قبل صلاتهم. (2) – قال الحمويني في فرائد السمطين ج 1، ص 227، الرقم: 177، عن أبي سليمان زيد بن وهب قال: سمعت عليا (عليه السلام) على المنبر وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، لم يقلها أحد قبلي ولا يقولها أحد بعدي إلا كذاب أو مفتر، فقام إليه رجل فقال: أقول كما يقول هذا ! فضرب به الارض فجائه قومه فغشوه ثوبا، فقيل لهم: أكان هذا فيه قبل ؟ قالوا لا. وقال المتقي الهندي في كنز العمال ج 13 ص 129، رقم الحديث 36410: عن أبي يحيى قال: سمعت عليا يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها أحد بعدي إلا كاذب، فقالها رجل فأصابته جنة. وقال في صفحة 122 عن عباد بن عبد الله [ قال ]: سمعت عليا يقول أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق اأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتر ولقد صليت قبل الناس سبع سنين. وقال في صفحة 164 رقم 36497: عن سليمان بن عبد الله عن معاذ العدوية قالت: سمعت عليا وهو يخطب على منبر البصرة يقول: أنا الصديق الاكبر، آمنت قبل أن يؤمن بوبكر وأسلمت قبل أن يسلم. (3) – البداية والنهاية لابن كثير، م 4، ج 7 ص 355، ط مصر: عن عباية، عن علي قال: = [ * ]

[ 265 ]

77 – وقال: أنا صاحب محمد (صلى الله عليه وآله) يوم القيامة أذود عنه المنافقين، كما تذاد غرائب الابل (1). وقال عليه السلام: أنا أول من يجثو للخصومة يوم القيامة (2).


= ” أنا قسيم النار، إذا كان يوم القيامة، قلت: هذا لك، وهذا لي “. وذكر أيضا ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 3، ص 247 وج 6، ص 113 وص 121، عن علي رضي الله عنه: أنا قسيم النار، هذا لي وهذا لك. كما ذكر الذهبي في ميزان الاعتدال ج 2، ص 20. وفي فرائد السمطين ج 1 ص 325، الرقم: 253، قال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي إنك قسيم النار، وإنك تقرع باب الجنة فتدخلها بلا حساب. وفي ص 326 عن موسى بن طريف عن عباية عن علي عليه السلام أنا قسيم النار إذا كان يوم القيامة، قلت: هذا لك وهذا لي. وذكر العلامة الامر تسري في أرحج المطالب ص 32 ط لاهور، أنظر إحقاق الحق ج 7 ص 172. في كنز العمال للمتقي الهندي ج 13 ص 152 رقم 36475: عن علي (عليه السلام) قال: أنا قسيم النار. قال المتقي: رواه شاذان الفضيلي في رد الشمس. ورواه أيضا العلامة المولى حيدر علي بن محمد الشرواني في ” مناقب أهل البيت عليهم السلام ” ص 182 نقلا عن الزمخشري في ” الفائق “، وابن الاثير في ” النهاية “، عن علي عليه السلام أنه قال: ” أنا قسيم النار “. (1) – كنز العمال للمتقي الهندي ج 15 ص 137 الهند قال: روى من طريق الطبراني في ” الاوسط ” عن علي قال: ” إني أذود عن حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين القصيرتين الكفار والمنافقين كما يذود السقاة غيريبة الابل عن حياضهم. ” أنظر إحقاق الحق ج 16 ص 524. (2) – قال محمد بن جرير الطبري في تفسيره المسمى بجامع البيان ج 17، ص 98، 99 = [ * ]

[ 266 ]


= في تفسير هذه الآية من سورة الحج ” هذان خصمان اختصموا في ربهم “، قال حدثني يعقوب قال حدثنا هشيم، قال أخبرنا أبو هاشم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد قال: سمعت أبا ذر يقسم قسما أن هذه الآية هذان خصمان اختصموا في ربهم نزلت في الذين بارزوا يوم بدر، حمزة وعلي، وعبيد بن الحرث، وعتبة، وشيبة إبني ربيعة، والوليد بن عتبة، قال: وقال علي عليه السلام: ” إني لاول أو من أول من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدي الله تبارك وتعالى “. وقال الحاكم في المستدرك ج 2 ص 386 قال علي عليه السلام: وأنا أول من يجثو للخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة. قال الحاكم: لقد صح الحديث بهذه الروايات عن علي كما صح عن أبي ذر الغفاري وإن لم يخرجاه. وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج 3 ص 273: وقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي ذر: أنه كان يقسم قسما أن هذه الآية (هذان خصمان اختصموا في ربهم) نزلت في حمزة وصاحبه، وعتبه وصاحبه يوم برزوا في بدر. هذا لفظ البخاري في تفسيرها. وقال البخاري: حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا المعتمر بن سليمان سمعت أبي حدثنا أبو مجلز، عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب. أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمان عزوجل في الخصومة يوم القيامة. قال قيس: وفيهم نزلت: (هذان خصمان إختصموا في ربهم) قال: هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة و عبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة ابن ربيعة والوليد بن عتبة، تفرد به البخاري، وقد أوسعنا الكلام عليها في التفسير بما فيه كفاية ولله الحمد والمنة. [ * ]

[ 267 ]


– = أقول: أنظر تفسير ابن كثير، ج 3، ص 222، ط بيروت، تفسير سورة الحج. وقال البخاري في صحيحه، ج 5، ص 95، ط القاهرة: حدثني محمد بن عبد الله الرقاشي، حدثنا معتمر، قال: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو مجلز، عن قيس بن عباد، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمان للخصومة يوم القيامة. وفي ج 6 ص 123 حدثنا حجاج بن منهال حدثنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي قال حدثنا أبو مجلز عن قيس بن عباد، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمان للخصومة يوم القيامة. وقال الحافظ جلال الدين السيوطي في تفسيره الدر المنثور ج 6 ص 19 قال: قال علي رضي الله عنه: أنا أول من يجثو في الخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم القيامة. وقال: وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير والبيهقي من طريق قيس بن عبادة، عن علي رضي الله عنه قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمان للخضومة يوم القيامة. وقال ابن منظور في لسان العرب ج 14 ص 132: ومنه حديث علي رضوان الله عليه: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله عزوجل. وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير ج 23، ص 21: وثالثها، روى قيس بن عبادة، عن أبي ذر الغفاري رحمه الله.. وقال علي عليه السلام: أنا أول من يجثوا للخصومة بين يدي الله تعالى يوم القيامة. وقال العلامة يحيى بن الحسن الحلي المعروف بابن البطريق المتوفى عام 600 هجري في كتابه خصائص الوحي المبين ص 258 الرقم: 197 ومن تفسير الثعلبي: في قوله تعالى: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) بالاسناد المقدم قال الثعلبي: اختلف المفسرون في هذين الخصمين من هما فروى قيس بن عباد أن أبا ذر الغفاري رضي الله عنه كان يقسم بالله تعالى ان = [ * ]

[ 268 ]

وهذا خبر عجيب ! نحن نشرحه في موضعه إن شاء الله. 78 – وقال (عليه السلام): عهد إلي النبي (صلى الله عليه وآله) أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق (1)


= هذه الآية نزلت في ست من قريش بارزوا يوم بدر علي بن أبي طالب عليه السلام وحمزة بن عبد المطلب عليه السلام وعبيدة بن الحارث رضي الله عنه، وعتيبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة. قال: وقال علي عليه السلام: إني أول من يجثو للخصومة يوم القيامة بين يدي الله عزوجل. وذكر الحافظ أبو نعيم الاصبهاني المتوفى 430 في كتاب ما نزل من القرآن ص 144 الرقم: 39، حدثنا أحمد بن محمد بن حبلة قال: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال: حدثنا أبو هاشم يحيى بن دينار الواسطي (لا حق بن حميد) عن قيس بن عباد: عن علي عليه السلام قال: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله عزوجل فينا نزلت هذه الآية في مبارزتي يوم بدر: (هذان خصمان اختصموا في ربهم) الآية. وقال المتقي الهندي في كنز العمال ج 2 ص 472 رقم الحديث 4531: عن قيس بن عباد عن علي قال: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة. (1) – قال الحافظ أبو زكريا محي الدين بن شرف النووي المتوفى (676) في تهذيب الاسماء واللغات ط بيروت ج 1 ص 348: وعن زر بن حبيش صاحب علي قال: قال علي رضي الله عنه: ” والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الامي صلى الله عليه وسلم إلى ألا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق “. قال ابن عساكر في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 1 ص 135: أنبأنا الحرث الهمداني، قال رأيت عليا جاء حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: قضاء قضاه الله على لسان نبيكم الامي صلى الله عليه وسلم إنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق وقد خاب من إفترى. = [ * ]

[ 269 ]

79 – وقال عليه السلام: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين (1) 80 – وقال عليه السلام: أنا يعسوب الدين، وأنا أمير المؤمنين (2)


= قال الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في صفة الصفوة ج 1، ص 312، عن زر بن حبيش قال: قال علي عليه السلام: والله إنه لما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال: لا يبغضني إلا منافق، ولا يحبني إلا مؤمن. (1) – قال: ابن حجر العسقلاني المتوفى (852) في مطالب العالية ج 4، ص 297، رقم الحديث: 4462: علي بن ربيعة: سمعت عليا يقول على منبركم هذا: عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين. وفي الحديث الرفم: 4463: [ عن ] عمار بن ياسر يقول: أمرت بقتال الناكثين، و القاسطين والمارقين. قال الخوارزمي في المناقب ص 110 ط النجف الاشرف: وبهذا الاسناد عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا، أخبرنا محمد بن علي بن رحيم، حدثنا أحمد بن حازم، حدثنا عثمان بن محمد، حدثنا يونس ابن أبي يعقوب، حدثنا حماد بن عبد الرحمان الانصاري، عن أبي سعيد التميمي عن علي (عليه السلام) قال عهد إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن أقاتل الناكثين، والقاسطين، والمارقين، فقيل له: يا أمير المؤمنين من الناكثون ؟ قال: الناكثون: أهل الجمل، والمارقون: الخوارج، والقاسطون: أهل الشام. (2) – وفي كنز العمال للمتقي الهندي ج 13 ص 119 الرقم: 36381 عن علي (عليه السلام) قال: أنا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظلمة. وقال عن أبي مسعر قال: دخلت على علي وبين يديه ذهب فقال: أنا يعسوب المؤمنين وهذا يعسوب المنافقين، وقال بي يلوذ المؤمنون وبهذا يلوذ المنافقون. = [ * ]

[ 270 ]

وقال أبو ذر له (عليه السلام): أنا أشهد لك بالولاء والاخاء (1) ثم نذكر أخبارا لا تدفع تدل على فضله: 81 – حدثنا إسحاق بن راهويه (2)، قال: سمعت يحيى بن آدم يقول: سئل شريك ؟ فقيل له: ما تقول: في رجل مات لا يعرف أبا بكر ؟ قال: لا شئ عليه، قيل له: فلا (3) يعرف عليا عليه السلام قال: في النار ! لان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أقامه علما يوم الغدير، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه – الخبر (4). 82 – وروى إسماعيل بن عمرو البجلي، (5) عن يحيى بن


= وقال في ج 11 ص 604: علي يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين. (1) – راجع المصدر. (2) – هو إسحاق بن راهويه الامام الكبير شيخ المشرق سيد الحفاظ أبو يعقوب. أنظر سير أعلام النبلاء للذهبي ج 11 ص 358 الرقم: 79. (3) وفي ” ش “: فإنه لا يعرف. (4) أنظر حديث الولاية في مجمع الزوائد ج 9، ص 106. وفي كنز العمال للمتقي الهندي ج 11 ص 603، رقم الحديث: 32916: علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه. وفي ص 602، رقم: 32904: من كنت مولاه فعلي مولاه. وقال: من كنت وليه فعلي وليه. وفي ص 609: أللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره وأعن من أعانه. (5) – تهذيب اتهذيب ج 1 ص 320 الرقم: 582. [ * ]

[ 271 ]

سلمة بن كهيل (1) عن أبيه (2)، عن أبي حازم (3). عن سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خير هذه الامة بعدي: أولها إسلاما علي بن أبي طالب عليه السلام (4). 83 – وروى إبراهيم بن إسماعيل اليشكري، (5) قال:


(1) – هو: يحيى بن سلمة بن كهيل الحضرمي أبو جعفر الكوفي. تهذيب التهذيب ج 11 ص 224 الرقم: 362. (2) – هو: سلمة بن كهيل بن حصين الحضرمي التنعي أبويحيى الكوفي. تهذيب التهذيب ج 4 ص 155 الرقم: 269. (3) – وفي ” ش “: أبي ضارم. لعله خطأ تهذيب التهذيب ج 4 ص 140. (4) – روى الاربلي رحمه الله عن ” المسترشد ” في كشف الغمة چ 1، ص 87. والعلامة المجلسي في بحار الانوار ج 38 ص 247، قال رحمه الله: ومن كتاب ” المسترشد ” عن سلمان الفارسي قال: قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): خير هذه الامة بعدي أولها إسلاما علي بن أبي طالب. وفي كنز العمال للمتقي الهندي ج 11، ص 616، رقم الحديث: 32990: إن هذا أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الاكبر، وهذا فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب الظالمين. قال المتقي: قاله: لعلي، عن سلمان وأبي ذر معا، عن حذيفة. وقال: أولكم واردا على الحوض أولكم إسلاما علي بن أبي طالب. وقال: أول من صلى معي علي. (5) – أنظر تهذيب الكمال، ج 2، ص 83 و 84. [ * ]

[ 272 ]

حدثنا شريك (1)، عن الاعمش (2)، عن أبي وائل (3). عن أبي حذيفة (4)، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: علي خير البشر من أبي فقد كفر. (5)


(1) – هو: شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 12، ص 462، الرقم: 2736. (2) – هو: سليمان بن مهران الاسدي الاعمش، أنظر تهذيب الكمال، ج 12، ص 76. (3) – هو: شفيق بن سلمة، أبو وائل الاسدي. أنظر، تهذيب الكمال، ج 12، ص 548. (4) – هو: حذيفة بن اليمان، وهو: حذيفة بن حسيل، أنظر تهذيب الكمال ج 5 ص 495. (5) – قال سيد ابن طاوس المنوفى (664) في ” الطرائف ” ص 87: ومن ذلك ما رواه ابن مردويه الفقيه في كتابه قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن كامل، وأحمد بن محمد بن عمرو بن سعيد الا خمس، قال: عبيد بن كثير العامري، قال: حدثنا محمد بن علي الصيرفي، قال: حدثنا إبراهيم بن اسماعيل اليشكري، عن شريك، عن الاعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة اليماني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” علي خير البشر فمن أبي فقد كفر “. قال الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني في الكامل في ضعفاء الرجال ج 4 ص 1325 ط بيروت: أنبأنا الساجي، حدثنا عبد الله بن الحسين بن الحسن الاشقر، سمعت أبا داود الدهان يقول: سمعت شريك بن عبد الله يقول: ” علي خير البشر فمن أبى فقد كفر “. [ قال ابن عدي ]: قال الشيخ: وقول شريك رواه رجل من أهل الكوفة يقال له: الحر بن سعيد النخعي، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن أبي وائل. = [ * ]

[ 273 ]


= عن حذيفة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: ” علي خير البشر فمن أبى فقد كفر “. قال ابن عدي: وهذا قد رواه عن الحر غير واحد. ورواه عنه أحمد بن يحيى الصوفي، وقال: حدثنا الحر بن سعيد النخعي وكان من خيار الناس، وروى عن شريك أيضا، عن الاعمش، عن عطية، قلنا لجابر: ما كنتم تعدون علي فيكم ؟ قال: ذلك من خير البشر. قال ابن عدي: حدثنا الحسين بن علي السكوني الكوفي، حدثنا محمد بن الحسين السكوني الكوفي حدثنا صالح بن الاسود، عن الاعمش، عن عطية، قلت لجابر: كيف كانت منزلة علي فيكم ؟ قال: كان خير البشر. ونقله بهذا الاسناد، محمد بن أحمد الذهبي في أحوال صالح بن أبي الاسود في ميزان الاعتدال ج 2، ص 288، الرقم: 3771. وروى أبو داود الرهاوي كما في ميزان الاعتدال أنه سمع شريكا يقول: علي خير البشر فمن أبى فقد كفر. أقول: هذا الحديث متواترا جدا، كما ذكر الگنجي الشافعي في كفاية الطالب ص 245، ط النجف الاشرف، وابن عساكر في ترجمة الامام علي من تاريخ دمشق ج 2، ص 444، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 246، والمتقي الهندي في كنز العمال ج 11، ص 625. وإحقاق الحق للتستري ج 4، ص 254 وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 3 ص 154، وفرائد المسطين ج 1 ص 154، والغدير للاميني ج 3 ص 22. وأوردنا هذا الحديث، عن طريق ابن شاذان وابن عساكر في كتابنا ” الاربعون حديثا ” وهو الحديث السابع والثلاثون ص 158، ط بيروت، فللمزيد من الاطلاع راجع هناك. = [ * ]

[ 274 ]

84 – وروى عبد الرزاق (1)، حدثنا معمر (2)، عن أبي نجيح (3)، عن مجاهد (4)، عن ابن عباس – قال: إن النبي، (صلى الله عليه وآله) قال لفاطمة (عليها السلام): أما علمت أن الله اطلع إلى أهل الارض إطلاعة، فاختار منهم رجلين، أحدهما أبوك، والآخر بعلك (5).


= ورسالة نوادر الاثر بعلي خير البشر في بيان طرق هذا الحديث، لجعفر بن علي القمي نزيل الري ومعاصر الصدوق صاحب جامع الاحاديث النبوية المطبوع ضمن مجموعة، والرسالة موجودة عندي خطية، يذكر خمسة وسشبعين طريقا للحديث. وللعلامة المجلسي (ره) جولة لهذا الحديث في البحار ج 38، ص 5 و 6 و 7 وتواليها فراجع. (1) – هو عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني روى عن معمر. تهذيب التهذيب ج 6 ص 310 الرقم: 608. (2) – هو: معمر بن راشد الازدي الحداني مولاهم أبو عروة بن أبي العمر البصري. أنظر تهذيب التهذيب ج 10 ص 243 الرقم: 439. (3) – هو: يسار أبو نجيح الثقفي أنظر تهذيب التهذيب ج 11 ص 377 الرقم: 735. (4) – مجاهد بن جبر المكي أنظر تهذيب التهذيب ج 10 ص 42 الرقم: 68. (5) – المستدرك للحاكم النيسابوري ج 3، ص 129. وتاريخ بغداد ج 4 ص 195. ومجمع الزوائد، للهيثمي ج 9، ص 168. والمعجم الكبير للطبراني ج 3، ص 57، الرقم: 2675. وذخائر العقبى للحافظ محب الدين الطبري ط مصر، ص 135 و 136. وفرائد السمطين، ج 2، ص 85. = [ * ]

[ 275 ]

85 – وروى إسماعيل بن عمرو البجلي، قال: حدثنا حماد بن شعيب (1) عن أبي الزبير، (2) عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي خير البشر من أبى فقد كفر 86 – وروى الحماني، (3) عن شريك، (4) عن عثمان بن المغيرة (5)، عن أبي اليقظان، (6) عن سالم بن أبي الجعد (7) قال: سئل


وفي كنز العمال للمتقي الهندي ج 11 ص 604 رقم الحديث 32923: أما علمت أن الله عزوجل أطلع على أهل الارض فاختار منهم أباك فبعثه نبيا، ثم أطلع الثانية فاختار بعلك فأوحى إلي فأنكحته فاتخذته وصيا. وكذا في ص 605 رقم الحديث 32925. (1) – هو: حماد بن شعيب الحماني التميمي أبو شعيب، روى عن أبي الزبير، أنظر: الجرح والتعديل للرازي ج 3، ص 142، الرقم: 625. (2) – هو: محمد بن مسلم بن تدرس، الاسدي مولاهم أبو الزبير المكي، روى عن جابر. أنظر تهذيب التهذيب ج 9، ص 440، الرقم: 727. (3) – يحيى بن عبد الحميد بن عبد الله بن ميمون بن عبد الرحمان الحماني، أبو زكريا الكوفي. أنطر تهذيب التهذيب ج 11، ص 243، الرقم: 398. (4) – هو: شريك بن عبد الله النخعي. (5) – هو: عثمان بن المغيرة الثقفي مولاهم أبو المغيرة الكوفي. أنظر تهذيب التهذيب ج 7، ص 155، الرقم: 305. (6) – هو: عثمان بن عمير البجلي أبو اليقظان الكوفي الاعمى. أنظر تهذيب التهذيب ج 7، ص 145، الرقم: 292. (7) – سالم بن أبي الجعد رافع الاشجعي مولاهم الكوفي. أنظر تهذيب التهذيب، ج 3 = [ * ]

[ 276 ]

جابر (1) عن علي، عليه السلام فقال ذاك خير البشر، وهل يشك فيه إلا كافر ؟. 87 – وروى حفص، عن عمرو بن أبي المقدام، (2) وعبد الله بن إدريس، (3) عن أبي الجحاف، (4) وكثير بن إسماعيل (5) عن عطية العوفي، قال: سئل جابر بن عبد الله عن علي (عليه السلام)، فقال: ذاك خير البشر، قيل (6) له: فما تقول فيمن شك فيه ؟ قال: ما يشك فيه إلا كافر، وما يشك فيه إلا منافق (7).


= ص 432، الرقم: 799. (1) – كذا في ” ح ” وفي ” ش “: جابر بن عبد الله. (2) – هو: عمرو بن ثابت بن هرمز البكري أبو محمد، ويقال: أبو ثابت الكوفي، وهو عمرو بن أبي المقدام الحداد. أنظر تهذيب التهذيب ج 8، ص 9. (3) – هو: عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمان بن الاسود الاودي أبو محمد الكوفي. أنظر تهذيب التهذيب ج 5. ص 144. (4) – هو: داود بن أبي عوف سويد التميمي البرجمي مولاهم أبو الجحاف الكوفي. أنطر تهذيب التهذيب ج 3، ص 196. (5) – هو: كثير بن إسماعيل ويقال: ابن نافع النواء أبو إسماعيل التيمي مولا بني تيم الله الكوفي، روى عن أبي جعفر (عليه السلام) وعطية العوفي. أنظر تهذيب الكمال ج 8، ص 411، الرقم: 735. (6) – وفي ” ش “: قال فقيل له. (7) – أنظر ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج 2 ص 444. وفيه: عن عطية، عن جابر قال: علي خير البشر، لا يشك فيه إلا منافق. [ * ]

[ 277 ]

[ علي بن أبي طالب عليه السلام خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ]: 88 – وروى سهيل بن عثمان، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا عبيدالله بن موسى عن الاعمش، عن عطية – [ حيلولة ] قال: وحدثنا قيس بن حفص، قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا محمد بن عبد الله العرزمي، عن عطية، قال: قلنا لجابر بن عبد الله: أخبرنا عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وقال: كان خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله (1).


(1) – قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 3 ص 192 في ترجمة محمد بن كثير الكوفي: حدثنا محمد بن كثير الكوفي، حدثنا الاعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر، عن عبد الله، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يقل علي خير الناس فقد كفر. وأورد الحديث أيضا إبن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج 9 ص 419 على نحو ما ذكر، كما أورده أيضا في لسان الميزان، ج 6 ص 78 قال: وروى الشيخ المفيد الرافضي من طريق ابن إسحاق بن إبراهيم الرازي عن المغيرة بن سعيد، عن أبي ليلى النخعي، عن أبي الاسود الدئلي [ قال ]: سمعت أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: أيها الناس عليكم بعلي بن أبي طالب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي خير من طلعت عليه الشمس وغربت بعدي. وروى العلامة التستري في الاحقاق ج 4 ص 249 نقلا عن الامام أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الاعمش، عن عطية بن سعيد العوفي قال: دخلنا على جابر بن عبد الله وقد سقط حاجباه على عينيه فسألناه عن علي فقلت: أخبرنا عنه فرفع حاجبيه بيديه فقال: ذاك من خير البشر. [ * ]

[ 278 ]

89 – وروى المسعودي (1): قال: حدثنا محمد بن سعيد الانصاري قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علي بن أبي طالب (عليه السلام) أفضل أمتي. 90 – وروى المسعودي، قال: حدثنا يحيى بن سالم العبدي، عن صالح ابن أبي الاسود، عن هاشم بن البريد، عن بنان الطائي، عن عبد الله بن مسعود، قال: قرأت سبعين سورة من فلق على رسول الله كما أنزلت، وزيد بن ثابت له ذوابة يرعى الابل، وقرأت بقية القرآن على خير خلق الله بعد نبي الله علي بن أبي طالب (2).


(1) – هو: عبد الرحمان بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي المتوفى (160) أنظر تهذيب الكمال ج 17، ص 219، الرقم: 3872. (2) – قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 119 عن عبد الله يعني ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن أبي طالب، وعنه قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وختمت القرآن على خير الناس علي بن أبي طالب. وفي ص 291 مثله. كما أورد الخوارزمي في المناقب ص 48، ط النجف. وذكر ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ج 3 ص 33 عن زاذان عن ابن مسعود قال: قرأت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) تسعين سورة، وختمت القرآن على خير الناس بعده. فقيل له: من هو ؟ قال: علي بن أبي طالب. [ * ]

[ 279 ]

[ علي عليه السلام خير البشر ]: 91 – وروى حفص بن عمر الكوفي، قال: قال أبو معاوية: قال لي الاعمش: يا أبا معاوية، ألا أحدثك حديثا لا غبار فيه (1) ؟ قلت: بلى، قال: حدثني أبو وائل ولم يسمع منه أحد غيري، ! قال: حدثني عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال لي جبرائيل: يا محمد، علي خير البشر، من أبى فقد كفر (2) !.


(1) – كذا في المطبوع، وفي نسخة ” ح ” و ” ش “: لا غبار عليه. (2) – قال إبن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 2، ص 444: عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” علي خير البشر، من أبى فقد كفر “. ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه ج 7 ص 421 عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” علي خير البشر فمن إمترى فقد كفر “. كما رواه أيضا في ” موضع أوهام الجمع والتفريق ” ج 1 ص 394 عن عطية بن سعد قال دخلنا على جابر بن عبد الله وهو شيخ كبير، فقلنا أخبرنا عن هذا الرجل علي بن أبي طالب. قال: فرفع حاجبيه بيديه فقال: ذاك من خير البشر. وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه المتوفى سنة (410) في ” المناقب ” بسنده عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ” علي خير البشر فمن أبى فقد كفر “. ورواه الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج 9 ص 419 عن زر بن حبيش عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لم يقل علي خير الناس فقد كفر. = [ * ]

[ 280 ]

= كما رواه أيضا في ” لسان الميزان ” ج 2 ص 252 عن جابر مرفوعا: علي خير البشر فمن أبى فقد كفر. وروى العلامة محمد صالح الكشفي الحنفي في كتابه ” المناقب المرتضوية ” ص 106 ط بمبئي قال: قال النبي صلى اله عليه وآله وسلم: ” يا علي أنت خير البشر فمن أبى فقد كفر “. وروى أيضا العلامة الشيخ زين الدين عبد الرؤف المناوي في ” كنوز الحقائق ” ص 98 ط بولاق بمصر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” علي خير البشر من شك فيه كفر “. وفي ص 98 قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ” علي خير البشر فمن أبى فقد كفر “. وروى المحدث الحافظ محمد خان بن رستم خان البدخشي في ” مفتاح النجاة في مناقب آل العبا ” ص 49 مخطوط قال عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: علي خير البشر فمن أبى فقد كفر. وروى أحمد بن حنبل في ” فضائل الصحابة ” والديلمي في ” فردوس الاخبار ” عن جابر بن عبد الله علي خير البشر من أبى فقد كفر. وروى العلامة الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي في ” إعراب ثلاثين سورة ” ص 148 ط القاهرة قال: عن عطاء قال: سألت عائشة عن علي صلوات الله عليه فقالت: ذاك خير البشر لا يشك فيه إلا كافر. وروى العلامة السيد علي الهمداني في ” مودة القربى ” ص 42 ط لاهور، روى عن جابر قال: قال رسول الله: علي خير البشر من شك فيه كفر. وروى الحافظ أبو يعلى الموصلي عن جابر بعين ما تقدم عن مودة القربى. أقول: هذا الحديث من المتواترات وله شواهد وطرق كثيرة ذكره جل المحدثين = [ * ]


[ 281 ]

92 – وروى المسعودي، قال: حدثنا أبو غسان وسهل بن عامر قالا: حدثنا أبو خالد الاحمر، عن مجالد عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: ذكر النبي (صلى الله عليه وآله)، الخوارج، فقال: أما إنهم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة، وأقربهم وسيلة من الله يوم القيامة (1).


= والمؤرخين أمثال إبن عساكر وإبن حجر، والهيتمي والهيثمي، وأبو نعيم، والحاكم، والمتقي الهندي، وابن أبي شيبة، والذهبي، وابن حنبل، والخوارزمي، والمغازلي، وقد أفرد الشيخ جعفر بن أحمد بن علي القمي رسالة خاصة في هذا الحديث وسماه ” نوادر الاثر في أن عليا خير البشر “، وذكر نحو خمسة وسبعين طريقا للحديث، وذكرنا أيضا قسما منه في كتابنا: ” الاربعون حديثا في فضائل أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين، برواية عائشة “، فراجع. وللمزيد من التفصيل عليك مراجعة إحقاق الحق ج 4 ص 255. (1) – قال العلامة ابن المغازلي في كتاب المناقب ص 55 و 56: واخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد العلوي العدل، حدثنا أحمد بن محمد الجواري، قال: حدثنا أحمد بن حازم. حدثنا سهل بن عامر البجلي حدثنا أبو خالد الاحمر، عن مجالد عن الشعبي، عن مسروق قال: قالت عائشة: يا مسروق إنك من ولدي وإنك من أحبهم إلي، فهل عندك علم من المخدج ؟ قال: قلت نعم قتله علي بن أبي طالب على نهر يقال لاعلاه تامرا ولاسفله النهروان بين حقايق وطرفاء قالت: أبغني على ذلك بينة فأتيتها بخمسين رجلا من كل خمسين بعشرة – وكان الناس إذ ذاك أخماسا – يشهدون عليا عليه السلام قتله على نهر يقال لاعلاه تامرا ولاسفله = [ * ]

[ 282 ]

93 – وروى الرازي، قال: حدثنا صالح بن عقبة، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباته، قال: دخلت على عائشة، فقلت لها: على م قاتلت عليا (عليه السلام) ؟ فقالت لي: والله لقد قاتلت خير الناس (1) !، فقلت لها: أو علمت أنه خير الناس ؟ !، فقالت: سمعت رسول الله خليلي، يقول: علي خير البشر، من أبى فقد كفر ! ! (2). 94 – وروى المسعودي (3) قال: حدثنا عمرو بن زياد الباهلي (4)،


= النهروان بين حقايق وطرفاء، فقلت: يا أمه ! أسألك بالله وبحق رسول الله صلى الله عليه وبحقي – فإني من ولدك – أي شئ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول فيه ؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة وأقربهم عند الله وسيلة. (1) – وفي مخطوطة ” ح ” و ” ش “: لقد قاتلت خير الناس بشر الناس. (2) – تقدمت الشواهد قبل قليل. (3) – هو: عبد الرحمان بن عبد الله بن عتبة عبد الله بن مسعود المسعودي الكوفي المتوفى (160) أنظر تهذيب الكمال ج 17 ص 219، رقم: 3872. والجرح والتعديل ج 5 ص 250، رقم: 1197. (4) – هو: عمر بن زياد أبو حفص الباهلي، أنظر الجرح والتعديل، ج 6 ص 109، وتاريخ الكبير للبخاري ج 6 ص 159، رقم: 2012، وفيه: عمر بن زياد أبو حفص الهلالي. كما في ميزان الاعتدال للذهبي ج 3 ص 198 رقم: 6112. وفي تهذيب الكمال ج 3 ص 229، ضمن ترجمة الاسود بن قيس، فيه: عمر بن زياد الباهلي، ويقال: الالهاني، والهلالي. [ * ]

[ 283 ]

قال: حدثنا شريك (1) عن سماك (2) عن الفضل بن سلمة (3) عن أم هاني بنت أبي طالب (4) قالت: قلت: يارسول الله، إن إبن أمي يؤذيني، تعني عليا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إنه لا يؤذي مؤمنا، إن الله طبعه (5) على خلقي يا أم هاني إنه أمين في السماء، وأمين في الارض، إن الله جعل لكل نبي وصيا – شيث وصي آدم، وشمعون وصي عيسى، وعلي وصيي، وهو خير الاوصياء في الدنيا والآخرة، وأنا صاحب الشفاعة يوم القيامة، وأنا الداعي، وهو المؤدي (6).


(1) – هو: شريك بن زياد النخعي. (2) – هو: سماك بن حرب. تهذيب الكمال ج 12 ص 115. (3) – لم أجد بهذا العنوان ترجمة، وفي البحار ج 38 ص 2، عن شريك بن الفضيل بن سلمة، لعله تصحيف. (4) – هي: أم هاني بنت أبي طالب الهاشمية، وإسمها فاخته، وقيل: فاطمة، وقيل: هند، روت عن النبي صلى الله عليه وآله، أنظر تهذيب التهذيب ج 12 ص 481. وأسد الغابة لابن الاثير ج 7 ص 404 رقم: 7612. والاصابة لابن حجر العسقلاني ج 4 ص 503 رقم: 1533. (5) – وفي ” ش “: يوم طبعه. (6) – رواه العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الانوار ج 38 ص 2، عن المسعودي، عن عمر بن زياد الباهلي، عن شريك بن الفضيل بن سلمة، عن أم هانئ بنت أبي طالب، قالت: قلت: يارسول الله إن ابن أمي يؤذيني – تعني عليا – فقال النبي: إن عليا لا يؤذي مؤمنا، إن الله طبعه يوم طبعه على خلقي، يا أم هانئ إنه أمير في الارض أمير في السماء، إن الله جعل لكل نبي وصيا فشيث وصي آدم، ويوشع وصي موسى وآصف وصي سليمان، = [ * ]

[ 284 ]

95 – وروى الطالقاني (1)، عن حميد بن مسلم، عن حنظله بن أبي سفيان عن شهر بن حوشب، قال: لما دون عمر الدواوين، بدأ بالحسن والحسين، فدعا الحسن فأعطاه عطاءه، وأقعده على حجره، أو قال: [ على ] فخذه، وقبل بين عينيه وحثا في حجره حتى ملاه، ثم دعا الحسين، فأعطاه عطاءه وأقعده على حجره أو فخذه، وقبل ما بين عينيه وحثا في حجره حتى ملاه، فقال عبد الله بن عمر: قدمتهما علي ولي صحبة، وليس لهما صحبة، ولي هجرة وليس لهما هجرة ؟ فقال: أسكت لا أم لك – أبوهما خير من أبيك، وأمهما خير من أمك (2). 96 – وروى عبد الرزاق، عن معمر، قال: سبقنا سفيان الثوري – إلى موضع ذكره عند خروجه من عندنا، فقلت: يا ابا عبد الله إن هذا دين، وقد رأيت أهل اليمن وما عندكم من العلم، فمن أفضل أصحاب


= وشمعون وصي عيسى، وعلي وصيي، وهو خير الاوصياء في الدنيا والآخرة، وأنا صاحب الشفاعة يوم القيامة، وأنا الداعي وهو المؤدي. (1) – أنظر الكامل في ضعفاء الرجال للحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ج 6 ص 2275، محمد بن مهاجر الطلقاني أخو حنيف، أنظر لسان الميزان ج 5 ص 396. (2) – قال العلامة المجلسي عليهم السلام في بحار الانوار ج 38 ص 9: الطالقاني، عن الوليد بن مسلم، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن شهر بن حوشب قال: لما دون عمر بن الخطاب الدواوين، بدأ بالحسن وبالحسين عليهما السلام فملا حجرهما من المال، فقال ابن عمر: تقدمهما علي ولي صحبة وهجرة دونهما ؟ ! فقال عمر: أسكت لا أم لك أبوهما خير من أبيك، وأمهما خير من أمك. [ * ]

[ 285 ]

النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عندك ؟، فقال: علي بن أبي طالب (عليه السلام). 97 – وروى السعيدي (1)، قال: حدثنا أبو نعيم، عن موسى بن قيس قال: قال سمعت سلمة بن كهيل [ يقول (2) ]: ما أعدل بعلي أحدا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). 98 – وروى أبو نعيم، وعبيد الله بن موسى، قالا: قال موسى بن قيس: أتيت سفيان بن سعيد الثوري في يوم مطير، فقلت: إني لم آتك في هذا اليوم إلا إلتماس الخلوة ؟ فأخبرني من تفضل ؟ قال: أنت لمن تفضل ؟ قلت: عليا، قال: رحمك الله، إني لارجو أن تلج الجنان ثلاثا !. قال: وسمعت أبا نعيم، وقد سأله رجل يوما، فقال: يا أبا نعيم من تفضل، قال: كان سفيان الثوري، يقدم الشيخين، فقال له الرجل: جزاك الله عن السنة خيرا ومضى، فقال أبو نعيم: أنظروا إلى هذا ابن الرعناء والله ليوم من علي أكثر من ملا الارض مثلها وأنه لمولاهما. 99 – وروى عبد الرزاق: عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس، قال: نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) فقال [ له ]: أنت سيد في الدنيا، وسيد في الآخرة من أحبك فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني


(1) – هو عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص الاموي السعيدي أبو أمية المكي. أنظر تهذيب التهذيب ج 8 ص 118 رقم: 198. (2) – كما في ” ش ” [ * ]

[ 286 ]

فقد أبغض الله، والويل لمن أبغضك بعدي (1). 100 – وروى يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، [ قال: ] إن النبي (صلى الله عليه وآله) أصابه الجوع حتى أجهده، فقال: لعلي هلم (2) بنا إلى منزلك، وعلي (عليه السلام) وأهله وعياله في مثل معناه ! قال علي (عليه السلام): فاستحييت أن أخبره الخبر، فملت معه، فلما رأته فاطمة (عليها السلام) دخلت البيت، ودعت ربها، وإبتهلت إليه، وتقربت إلى الله عزوجل بأبيها في إبتهالها، فأذا بقصعة من ثريد تفور، فأخرجتها وقدمتها إلى إبيها (صلى الله عليه وآله وسلم) فنظر إليها [ علي ] نظرا منكرا، فقال: أنى لك هذا، فقالت: هو من عند الله، فأجابه النبي عنها، فلما فرغ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من


(1) – قال إبن المغازلي في المناقب ص 103، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله، عن إبن عباس، قال: نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي بن أبي طالب فقال: ” أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة، من أحبك فقد أحبني، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله عزوجل، ويل لمن أبغضك من بعدي “. و في ص 382 من المناقب بسند آخر وفيه: ومبغضك مبغضي ومبغضي مبغض الله. وفي المستدرك للحاكم النيسابوري ج 3 ص 127 و 128 بعين السند، ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولاجل وجود أبي الازهر الراوي في سند الحاكم وإنكار إبن معين له في بغداد وإعتذاره منه نقلا عن أحمد بن يحيى الحلواني قصة لطيفة لا بأس بالمراجعة بها فراجع. (2) – وفي ” ح ” و ” ش “: مل بنا. [ * ]

[ 287 ]

الاكل، قال: الحمد لله الذي جعلكما مثل مريم وزكريا (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله) (1). 101 – قال: وحدثنا أحمد بن حنبل، قال: وحدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: بينا النبي في محفل من أصحابنا إذ قال: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلته، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سنته، وإلى محمد (صلى الله عليه وآله) في تمامه و كماله فلينظر إلى هذا الرجل المقبل. فنظر (2) الناس متطاولين فإذا هم بعلي بن أبي طالب (عليه السلام) كأنما ينقلع من صبب، وينحط من جبل (3).


(1) – سورة آل عمران، الآية: 37 أقول: روى العلامة المجلسي هذا الحديث في بحار الانوار ج 43، ص 74، وص 77. (2) – وفي ” ش “: فتطاول الناس. (3) قال العلامة الاميني رحمه الله في الغدير ج 3 ص 355 في ضمن ترجمة المفجع الشاعر وقصيدته: وهذه القصيدة تسمى به الاشباه وقال رحمه الله: قال الحموي في معجم الادباء ج 17 ص 191 في أول ترجمة المترجم: إن له قصيدة يسميها بالاشباه، يمدح فيها عليا ثم قال في ص 200: له قصيدته ذات الاشباه، وسميت بذات الاشباه لقصده فيما ذكره من الخبر الذي رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في محفل من أصحابه: إن تنظروا إلى آدم في علمه، ونوح في = [ * ]

[ 288 ]

102 – وروى إبراهيم بن إسماعيل اليشكري، عن سعيد بن عمرو،


= همه، وإبراهيم في خلقه، وموسى في مناجاته، وعيسى في سنته، ومحمد في هديه وحلمه، فانظروا إلى هذا المقبل. فتطاول الناس فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام. فأورد المفجع ذلك في قصيدته، وفيها مناقب كثيرة أولها. ثم ذكر منها 18 بيتا. وقال الاميني رحمه الله: وهذا الحديث الذي رواه الحموي في معجمه نقلا عن تاريخ إبن بشران قد أصفق على روايته الفريقان غير أن له ألفاظا مختلفة وإليك نصوصها: أخرج إمام الحنابلة أحمد عن عبد الرزاق باسناده المذكور بلفظ: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى إبراهيم في خلقه، وإلى موسى في مناجاته، وإلى عيسى في سنته، وإلى محمد في تمامه وكماله، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل، فتطاول الناس فإذا هم بعلي بن أبي طالب كأنما ينقلع من صبب، وينحط من جبل. أخرج أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى (458) في ” فضائل الصحابة ” بلفظ: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته: فلينظر إلى علي بن أبي طالب. أنظر ترجمة الامام علي (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر ج 2، ص 280 ط بيروت. وكتاب لمناقب لابن المغازلي ص 212 الرقم 256. وكذا في عبقات الانوار ج 6 ص 376 حديث التشبيه، نقلا عن كتاب: مودة القربى للسيد علي الهمداني. ومقتل الحسين للخوارزمي، ط الغري ص 44، وفيه: عن أبي راشد، عن أبي الحمراء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه، فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام. [ * ]

[ 289 ]

عن محمد بن عبيد الله، عن أبيه، عن جده أبي رافع. أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلتفت إلى علي (عليه السلام) وقال: إنك أخي في الدنيا والآخرة، ووزيري ووارثي. 103 – وروى قيس بن حفص الدارمي، قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي عن الاعمش، عن ربيعة السعدي، عن حذيفة بن اليمان، قال: علي أخو رسول الله وشقيقه، وهو معه في السنام الاعلى (1). 104 – قال: وحدثني محمد بن القاسم بن حبوة بن سمرة، قال: حدثني عبد الرحمن ابن دليل الحلبي، قال: حدثني أبي، عن السدي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من أراد أن يتمسك بقضيب الياقوت الاحمر الذي غرسه الله في الجنة، فليتمسك بحب علي بن أبي طالب (2)


(1) – روى هذه الفقرة الحمويني في فرائد السمطين (مخطوط) على ما في إحقاق الحق ج 4، ص 78. كما نقل أيضا عن المناقب للخوارزمي ص 85. في ص 248. وفي ج 15 ص 10 وفيها: وهذا أخي في الدنيا والآخرة وهذا معي في السنام الاعلى. وفي ص 523، نقلا عن ينابيع المودة ص 50، عن أم سلمة كما مر. وفي ج 20، ص 249، وص 293 و 295 نقلا عن العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في ” آل محمد ” ص 562 ” نسخة مكتبة السيد الاشكوري ” بعين ما تقدم. (2) – مناقب ابن المغازلي، ص 215، عن طريق ابن عباس. وذكر سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص ط النجف، ص 47. وذكر ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان، ج 2 = [ * ]

[ 290 ]

105 – وروى أبو أيوب سليمان بن داود المنقري، قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): أما ترضى أنك خير أمتي في الدنيا والآخرة، وأنك أخي ووارثي (1). 106 – وروى سليمان بن داود المنقري قال: حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده أبي رافع،


= ص 433: من أراد أن يمسك القضيب الاحمر فليمسك بحب علي بن أبي طالب. وذكره أيضا أبو نعيم الاصبهاني في حلية الاولياء ج 1، ص 86. والخوارزمي في المناقب، ص 44. وللمزيد من التفصيل راجع إحقاق الحق ج 5، ص 104. (1) – أنظر المعجم الكبير للطبراني ج 1، ص 319 رقم الحديث: 949. والمستدرك للحاكم النيسابوري ج 3 ص 14. ورواه أيضا محمد بن سليمان الكوفي في المناقب ج 1 ص 319 في حديث المؤاخات، وفيه: أما ترضى يا علي أن أكون أخاك ؟ قال ابن عمر: وكان علي جلدا شجاعا، قال: بلى يارسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أخي في الدنيا والآخرة. ورواه أيضا في ص 333، حديثا مفصلا في إستخلافه المدينة في غزوة تبوك، وفيه: أما ترضى يا علي أنك أخي في الدنيا والاخرة، وأنك خير أمتي في الدنيا والآخرة، وإن إمرأتك خير نساء أمتي في الدنيا والآخرة، وأن إبنيك سيدا شباب أهل الجنة من أمتي في الدنيا والآخرة. وأنك أخي ووزيري ووارثي إنصرف فلا يصلح ما هناك إلا أنا أو أنت. [ * ]

[ 291 ]

قال: أتيت أبا ذر أودعه، فقال (1): إنها ستكون فتنة، ول أراكم إلا ستدركونها، فعليكم بالشيخ [ علي ] بن أبي طالب، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقول له: أنت أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصديق الاكبر، وأنت الفاروق تفرق بين الحق والباطل، وأنت يعسوب المؤمنين، و أنت أخي ووصيي ووزيري، وخليفتي في أهلي وخير من أخلف بعدي تقضي ديني وتنجز موعدي (2).


(1) – وفي شرح النهج لابن أبي الحديد ج 13 ص 228: فلما أردت الانصراف، قال لي ولاناس معي، (2) – رواه العلامة المجلسي (ره) في البحار ج 22 ص 424، نقلا عن أمالي الشيخ، عن الجعابي، عن إبن عقدة، عن أبي عوانة موسى بن يوسف، عن مولى بني هاشم، عن أبي سحيلة قال: حججت أنا وسلمان الفارسي رحمه الله فمررنابا الربذة وجلسنا إلى أبي ذر الغفاري رحمه الله، فقال لنا: إنه ستكون بعدي فتنة فلابد منها، فعليكم بكتاب الله والشيخ علي بن أبي طالب فالزموهما، فأشهد على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أني سمعته وهو يقول: علي أول من آمن بي، وأول من صدقني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر وهو فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين. رواه العلامة محمد بن سليمان الكوفي في المناقب ج 1 ص 277 رقم الحديث: 191. ورواه أيضا العلامة التستري الشهيد في إحقاق الحق ج 15 ص 341، والقندوزي في ينابيع المودة ص 82 و 129، ولسان الميزان ج 3 ص 283، وكنز العمال ج 12 ص 214. [ * ]

[ 292 ]

107 – وروى أبو حفص: علي بن عمر بن بحر، قال: حدثنا عمر بن الحسن الراسبي، قال: حدثنا سكن بن عبد العزيز، قال: حدثنا هلال بن حباب، عن أبيه، قال: خطبنا علي (عليه السلام) فقال: نحن والله الذي لا إله غيره أئمة العرب ومنار الهدي، حبنا أهل البيت والايمان معا، من تقدمنا هلك، ومن تخلف عنا ضل. – وأشار باصبعيه. 108 – وروى سويد بن سعيد (1)، قال: حدثنا يحيى بن سليم الطائفي (2)، قال: حدثنا الازور (3)، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز (4) عن عبد الله [ بن مسعود ]، قال:


(1) – هو: سويد بن سعيد بن سهل بن شهريار الهروي أبو محمد الحدثاني الانباري أنظر تهذيب الكمال ج 12 ص 247. وتاريخ بغداد ج 9 ص 228. (2) – هو: يحيى بن سليم القرشي الطائفي أبو محمد ويقال: أبو زكريا المكي الحذاء الخراز. أنظر تهذيب الكمال ج 31 ص 365 رقم: 6841. (3) – هو: الازور بن غالب الهجيمي، روى عن سليمان التيمي. أنظر الجرح والتعديل ج 2 ص 336 الرقم: 1274. وميزان الاعتدال ج 1 ص 173. (4) – هو: أبو مجلز، لاحق بن حميد البصري السدوسي. أنظر تهذيب التهذيب ج 12، ص 222 رقم: 1017. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 5 ص 161 رقم: 545 في ترجمة محمد بن داود الرملي: عن هوذة بن خليفة، عن سليمان التيمي عن أبي مجلز، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قلت: يارسول الله ما منزلة علي منك ؟ قال: منزلتي من الله عزوجل. [ * ]

[ 293 ]

رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكفه في كف علي وهو يقبله فقلت: يا رسول الله، ما منزلة علي منك ؟ قال: إن منزلة علي مني، كمنزلتي من الله (1). 109 – وروى اليماني، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني (2)، قال: حدثنا سوار بن مصعب (3)، عن محمد بن السائب (4)، عن أبي صالح، عن الاصبغ بن نباته: عن أبي هريرة، قال: رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى وجه علي


(1) – قال العلامة رشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني المتوفى (558) في المناقب ج 2 ص 220: ومن تحننه ما جاء في أمالي الطوسي عن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وكفه في كف علي وهو يقبلها، فقلت: ما منزلة علي منك ؟ قال: منزلتي من الله. قال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 5 ص 161: محمد بن داود الرملي، عن هوذة بن خليفة عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن إبن مسعود رضي الله عنه قلت: يارسول الله ما منزلة علي منك ؟ قال: منزلتي من الله عزوجل. وروى العلامة الاميني في ” الغدير ” ج 7 ص 177، نقلا عن السيرة الحلبية ج 3 ص 391. (2) – هو: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمان بن ميمون بن عبد الرحمن الحماني، أبو زكريا الكوفي. تهذيب الكمال ج 31 ص 419 رقم: 6868. (3) – هو: سوار بن مصعب الهمداني الكوفي الضرير، الجرح والتعديل ج 4 ص 271. (4) – هو: محمد بن السائب بن بشر بن عمرو الكلبي، أبو النضر الكوفي النسابة المفسر أنظر تهذيب الكمال ج 9 ص 178، رقم: 266. [ * ]

[ 294 ]

ابن أبي طالب، فقلت: تديم النظر إلى وجه علي كأنك لم تره ؟ ! فقال: إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: النظر إلى وجه علي عبادة (1).


(1) – قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ج 2 ص 51: عن أبي هريرة، قال: رأيت معاذ بن جبل يديم النظر إلى علي بن أبي طالب، فقلت: مالك تديم النظر إلى علي كأنك لم تره ؟ ! فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة. وروى أيضا ابن المغازلي في المناقب، ص 206 بنفس السند، كما روى عن عائشة أن النبي عليه السلام قال: النظر إلى وجه علي عبادة، وعن عمران بن حصين نحو ما تقدم، وروى أيضا عن طريق جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النظر إلى وجه علي عبادة، وروى أيضا عن طريق عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله: النظر إلى علي عبادة. قال أحمد المحمودي: هذا الحديث من المتواترات وله طرق عديدة، أورده جمع كثير من الحفاظ كالعلامة الحافظ ابن المغازلي، وابن عساكر، والحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3، ص 141. قال: وشواهده عن عبد الله بن مسعود صحيحة. وأخرجه أبو نعيم في حلية الاولياء ج 5 ص 58، والذهبي في ميزان الاعتدال ج 4 ص 283 في ترجمة هارون بن حاتم الكوفي. و 401 ترجمة يحيى بن عيسى الرملي. وخرجه ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 6، ص 178. والگنجي الشافعي في كفاية الطالب، والمحب الطبري في الرياض النضرة ج 2، ص 219. وذخائر العقبى ص 95. والحافظ السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 66، نقلا عن ابن عساكر. وابن كثير في البداية والنهاية والعلامة القندوزي في ينابيع المودة ص 90. وابن البطريق في العمدة، ص 191. والخطيب الخوارزمي في المناقب، ص 252. وأوردناه مفصلا في كتابنا ” الاربعون حديثا في فضائل أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين بروايه عائشة ” وللعلامة = [ * ]

[ 295 ]

110 – وحدثنا الحسين بن يوسف السعد، عن عبد الرحمان بن محمد المحاربي، قال: حدثنا سليمان الاعمش، عن عباية الاسدي، قال: بينما ابن عباس جالس على شفير زمزم، ونحن حوله إذ قام إليه رجل فقال: يابن عباس فيما قاتل علي أهل لا إله إلا الله، ولم يكفروا بصلاة ولا صيام ولا بزكاة ولا بحج ؟ فقال ابن عباس: ممن الرجل ؟ فقال: رجل من أهل الشام، فقال: أعوان كل ظالم إلا من عصم الله، وسأحدثكم أن علي بن أبي طالب لم يقر له بفضله كما لم يقر موسى للخضر بفضله حين خرق السفينة، فإن النبي (صلى الله عليه وآله) قدمه وشهد جل أصحابه بالفضل له، وعمر يقول: من قال غير هذا فهو مفتر، عليه ما على المفتري (1) بغضا منه لعترة الرسول رحمه الله. رواه أبو داود، قال:


= التستري جولة في الحديث في إحقاق الحق ج 7، ص 89. (1) – قال محمد بن سليمان الكوفي في مناقبه ج 1 ص 366 رقم 293: عن سعيد بن جبير قال: كان عبد الله بن عباس على شفير زمزم فجاءه رجل من أهل الشام فقام بين يديه فقال: يابن عباس إني إمرؤ من أهل الشام فقال ابن عباس: أعوان كل ظالم إلا من عصم الله منكم سل عما بدالك قال: أتيتك أسئلك عن علي بن أبي طالب وقتاله أهل لا إله إلا الله الذين لم يكفروا بقبلة ولا بصلاة ولا بزكاة ولا صيام ؟ فقال ابن عباس: سل عما يعنيك فقال الشامي: لم آتك أضرب إليك من حمص لحج ولا لعمرة ولكني أتيتك لتشرح لي أمر علي وفعاله. قال: فقال ابن عباس: إن علم العالم صعب لا تحتمل ولا تقربه القلوب الصدية إن مثل علي فيكم كمثل موسى والعالم وذلك كما في قول الله: (يا موسى إني إصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما = [ * ]

[ 296 ]


= آتيتك وكن من الشاكرين * وكتبنا له في الالواح من كل شئ موعظة) (الاعراف / 144 و 145). فكان يرى موسى أن الاشياء كلها قد أثبتت له كما ترون أنتم أن علماؤكم قد أثبتوا لكم علم الاشياء كلها فلما أتى موسى ساحل البحر فاستنطق العالم أقر له بالفضل عليه ولم يحسده كما حسدتم عليا في فعاله فرغب موسى إليه وأحب صحبته وعلم العالم أن موسى لا يصبر عليه ولا يطيق صحبته فقال له: (إن إتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا) (70 / الكهف / 18) فخرق السفينة فكان خرقها لله رضا وسخطا لموسى وقتل الغلام وكان قتله لله رضا وسخطا لموسى وأقام الجدار فكان إقامته لله رضا وسخطا لموسى وكذلك كان علي لم يقتل إلا من كان قتله لله رضا وعند أهل الجهالة من الناس سخطا فاجلس حتى أحدثك: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما تزوج زينب إبنة جحش أولم وكانت وليمته الحيس وكان يدعوا من المؤمنين عشرة عشرة، فإذا أصابوا طعام نبيهم إستأنسوا بحديثه واشتهوا النظر إلى وجهه وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يشتهي أن يخلوا له الدار وكان يكره أذى المؤمنين فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه) إلى قوله: (والله لا يستحي من الحق) (53 / الاحزاب: 33) فلما نزلت هذه الآية كان الناس إذ دعوا إلى طعام نبيهم فطعموا لم يلبثوا فمكث النبي صلى الله عليه وآله في بيت زينب إبنة جحش سبعة أيام ولياليها ثم تحول من بيت زينب بنت جحش إلى بيت أم سلمة فمكث عندها يوما وصباحه إلى الغد. فلما تعالى النهار أتى علي الباب فدقه دقا خفيا فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله دقه وأنكرت أم سلمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أم سلمة قومي فافتحي الباب فإن بالباب رجلا = [ * ]

[ 297 ]

111 – حدثنا هشيم، عن حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن


(= يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. وهي لا تدري من بالباب – فقالت: يارسول الله من هذا الذي بلغ من خطره أن أقوم فأستقبله بوجهي ومعاصمي ؟ فقال: يا أم سلمة من يطع الرسول فقد أطاع الله، قومي فافتحي له الباب فإنه لا يفتح الباب حتى يسكن عنه الوطؤ. فقامت وهي تقول: بخ بخ لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. ففتحت الباب. وأمسك علي بعضادتي الباب حتى إذا سكن عنه الوطؤ فتح الباب ودخل فسلم على النبي فرد عليه ثم قال النبي يا أم سلمة هل تعرفين هذا: قالت: نعم هذا ابن عمك علي بن أبي طالب. قال: إشهدي يا أم سلمة إنه سيد المسلمين من بعدي وأمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وإمام المتقين. إشهدي يا أم سلمة إن لحمه من لحمي ودمه من دمي. إشهدي يا أم سلمة أنه أخي في الدنيا ورفيقي في الآخرة. إشهدي يا أم سلمة أنه يبعث يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة يقال لها: محبوبة نصك ركبته مع ركبتي وفخذه مع فخذي. إشهدي يا أم سلمة أنه معي على الصراط يقول لاعدائنا أهل البيت: تعستم تعستم. إشهدي يا أم سلمة أنه يقاتل من بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين. أقول: وفي التعليقة هكذا: وإلى هنا ينتهي كلام ابن عباس برواية الشيخ الصدوق في كتاب علل الشرايع وبعده هكذا: فقال الشامي فرجت عني يا عبد الله أشهد أن علي بن أبي طالب مولاي ومولى كل مسلم. إشهدي يا أم سلمة أنه مع الحق يزول حيث ما زال، لا أخاف عليه فتنة ولا بلاء حتى يلقاني وقد وعدني ربي – ولن يخلف الميعاد – أنه يحفظني فيه ويسلم دينه حتى يلقاني. [ * ]

[ 298 ]

عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال: جلس ناس في خلافة عمر، فتذاكروا أبا بكر، وذكروا عمر في حديث طويل، قال: ثم خطب عمر فقال: أيها الناس إن خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبو بكر، فمن قال غير هذا: فهو مفتر عليه ما على المفتري (1). فاقتدت العامة به وطرحوا أخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) طاعة منهم لعمر. ثم نذكر فضله رجوعا إليه ثم هو أقرب الناس قربا وأمسهم رحما برسول الله، قد خصه الله بنبيه إذ جعله في حجره لما عرف من عواقب أمره، فأسلم والناس كفار، وأبصر والناس فجار، وصلى للرحمن وهم يعبدون الاصنام، ووقى بنفسه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير ناكل، فسبق السابقين، وكان أول المسلمين، وأفضل الناصرين، فقصم الله به كل جبار عنيد، وكل ذي بأس شديد في مواطن الكرب، وأعز به الدين، و كشف به الاهوال، إذ كان عدة الاقران عند النزال، وقاتل الابطال عند الصيال وشرف الاسلام يوم القتال، أفعاله يوم بدر مشهورة، ويوم أحد معروفة ويوم الاحزاب معلومة، ويوم عمرو بن عبدود حيث (2) نادى البراز معلنة، والناس مطرقون [ رؤسهم ]، فأسال الله على يده مهجته، ولقي به موته، وفرج عن المسلمين كربتهم.


(1) – أسد الغابة ج 3، ص 323 ط بيروت، قال: حدثنا خيثمة، حدثنا محمد بن الحسين الحنيني، أخبرنا عارم أبو النعمان، حدثنا هشيم… (2) – وفي ” ح “: حين نادى. [ * ]

[ 299 ]

ويوم خيبر يوم الراية، إذ أخرجه النبي، وهو أرمد بعدما أنهزم القوم دفعة بعد دفعة حتى قال النبي [ صلى الله عليه وآله ]: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله (1)، ثم وصفه، فقال: كرار


(1) – أنظر الكامل في التاريخ: لابن الاثير ج 2 ص 219 ط بيروت وقريب منه في تاريخ الطبري ج 3 ص 12 ط مصر. والحديث متواتر ومشهور جدا وقد أورد الحمويني في فرائد. السمطين ج 1 ص 378: وسمعته يوم خيبر يقول: لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فتطاولنا لها، فقال: أدعوا لي عليا. قال: فدعوناه فأتاه و به رمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 126: عن ابن عمر قال: جاء رجل من الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله إن اليهود قتلوا أخي قال: لادفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه فيمكنك من قاتل أخيك فاستشرف لذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلى علي فعقد له اللواء فقال: يارسول الله إني أرمد كما ترى وهو يومئذ رمد فتفل في عينيه فما رمدت بعد يومه فمضى. رواه الطبراني وفيه أحمد بن سهل بن علي الباهلي ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. عن جميع بن عمير قال: قلت لعبد الله بن عمر: حدثني عن علي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر: لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فكأني أنظر إليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحتضنها وكان علي بن أبي طالب أرمد من دخان الحصن فدفعها إليه فلا والله ما تنامت الخيل حتى فتحها الله عليه. وعن أبي ليلى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله و رسوله فدعا عليا فأعطاه إياها. وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعطين الراية رجلا يحب الله = [ * ]

[ 300 ]

غير فرار، فبعثه مؤيدا وشهد له بإخلاص الله له المحبة لصدقه في عزيمة، ويمنه في النقيبة، وهدم الله به حصنهم، وأفاء على المسلمين غنيمتهم، فليس لاحد أن يشهد على رسوله، إلا لعلي (عليه السلام)، وهذا أمر عجيب لمن فهمه حتى قال عمر بن الخطاب: فما أحببت الامارة إلا يومئذ. 112 – وروى ذلك ابن أبي شيبة (1): قال: حدثنا ابن الفضل، قال: حدثنا سالم بن أبي حفصة، عن جميع بن عمير، قال:


ورسوله ويحبه الله ورسوله فأعطاها عليا. رواه الطبراني بأسانيده وفي أحسنها معتبر بن أبي السري العسقلاني ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر أحسبه قال: أبا بكر فرجع منهزما ومن معه فلما كان من الغد بعث عمر فرجع منهزما يجبن أصحابه ويجبنه أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه فثار الناس فقال: أين علي فإذا هو يشتكي عينيه فتفل في عينيه ثم دفع إليه الراية فهزها ففتح الله عليه. وعن أبي ليلى لعلي وكان يسمر معه أن الناس قد أنكروا منك أن تخرج في الحر في الثوب المحشو وفي الشتاء في الملاءتين الخفيفتين ؟ ! فقال علي: أو لم تكن معنا قلت: بلى، قال: فان النبي صلى الله عليه وسلم دعا أبا بكر فعقد له لواء ثم بعثه فسار بالناس فانهزم حتى إذا بلغ ورجع فدعا عمر فعقد له لواء فسار ثم رجع منهزما بالناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله له ليس بفرار فأرسل فأتيته وأنا لا أبصر شيئا فتفل في عيني فقال: أللهم إكفه ألم الحر والبرد فما آذاني حر ولا برد بعد. (1) – المصنف لابن أبي شيبة ج 14 ص 463، عن طريق آخر، فراجع. [ * ]

[ 301 ]

أتيت ابن عمر أسأله عن علي (عليه السلام) فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعث عمر بن الخطاب إلى خيبر فرجع يقول له المسلمون: ويقول لهم: فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لاعطين هذه الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله و يحبه الله ورسوله، ليس بفرار، فتطاول (1) لها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): أين علي ؟ فأوتي به أرمد العين فتفل في عينيه ودعا له فما إشتكيت عينه حتى قتل ! ثم عقد له الراية فوالله ما صعد آخرنا حتى فتح الله خيبر، فاستأذنه حسان بن ثابت أن يقول شعرا، فقال: قل: فأنشأ يقول: وكان علي أرمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا. شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا فقال: سأعطي الراية اليوم ضاربا * كميا محبا للرسول مواليا يحب الاله، والاله يحبه * به يفتح الله الحصون الاوابيا فخص بهد دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المؤاخيا. (2) ثم يوم حنين، إذ ولوا مدبرين، لا يلوون على شئ، ولا على أحد من المسلمين، ويوم أحد، إذ مروا مصعدين والرسول يدعوهم ولا يجيبون، وهو في ذلك كله صابر على الاذى، قاصم لجبابرة العدى،


(1) – وفي ” ح “: فتنصى. (2) – أنظر عمدة القاري في شرح صحيح البخاري للعيني ج 16 ص 216 وفيه إختلاف بعض العبارات. [ * ]

[ 302 ]

الوليد، وشيبة يوم بدر، وطلحة وقومه يوم أحد وعمرو بن ود العامري يوم الاحزاب، ومرحب وقومه يوم خيبر، لا يعد جبارا إلا وهو سمام منيته، وبسيفه كف الله بليته، ينزل (1) جبرائيل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يخبره بمنزلته عند أهل السماء بحداثته، حتى قال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم): هو مني يا جبرائيل وأنا منه، فقال جبرائيل: وأنا منكما [ و ] ملائكة الله أنصاره، وهم عند ذلك حضاره مكتنفين له بالتأييد، قد عصمه الله بالتوحيد والتسديد، فصار حامل راية الاسلام والايمان في جميع المواطن، والمشار إليه في جميع الاماكن، حتى أتى به الله في الملاعنة مع ذريته أبناء الرسول (صلى الله عليه وآله) وزوجته وإبنيها الاطهار الابرار، فقال: ندعوا أنفسنا وأنفسكم، فخلط نفسه بنفسه. ثم أمر الله بنبذ العهد للمشركين على يده بقوله: (براءة من الله و رسوله) (2) فلما نزلت عليه السورة: بعث بها مع أبي بكر بن أبي قحافة، بأمر الله تعالى من إظهار أمره، والكشف عن حال علي (عليه السلام) ليكون أبو بكر منسوخا بعلي (عليه السلام) ويكون علي الناسخ، فهبط: جبرائيل، فقال: يا محمد، إنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فبعث عليا في أثره وأمره أن يأخذ منه سورة البرائة ويقرأها على الناس بمكة. فكشف [ الله ] عزوجل، وأعلم الامة، أنه لا يؤدي عن رسول الله غيره ليكون ذلك دليلا له فيما بعد هنيئا مريئا ما أعطاه الله وخصه به،


(1) – وفي ” ح “: يتنزل. (2) – سورة التوبة: الآية 1. [ * ]

[ 303 ]

وأبان به فضله، ودل الامة عليه، فقام به مسمعا، وقد إعترض بسيفه المشركين، والمشركون يعلون عليه الارض ما فيهم من يجسر أن يمد بصره فضلا عن منابذته حتى نبد العهد وصدق الوعد. ثم تظاهر ذلك بسد الابواب إلا بابه حتى أباحه الله تعالى من مسجده ما أباحه لرسوله، وأفرده بإخوته، حين آخى بينه وبين نفسه، وآخى بين أصحابه، [ وألفهم على مراتبهم (1) ]، فصار جهال الامة يقرنون بين أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين أخي عمر بن الخطاب، لا بل لم يرضوا حتى فضلوه عليه، فيا عجبا ما أعمى قلوبهم وأقل معرفتهم بالتمييز ! إذ القوم في طبقة أخرى، وهو مع رسول الله. ثم أخبرهم (صلى الله عليه وآله): أنه ولي لمن والاه وعدو لمن عاداه، وإن الله ناصر أنصاره وخاذل أعدائه، ] (2) ثم أعطاه الحكم (3) والعلم والصدق والزهد، لم يتخذ غير سبيل الله سبيلا، ولا غير دليله دليلا، ولم تكن تأخذه في الله لومة لائم، ولم يقارف إثما، ولم يشارك في مظلمة ظالما، فهدى الله به من هداه، وهدى به من قصد لا يرضى سخط الله، ولا يجانب الهدى، ولا يحمل الامور إلا على التقي، وقد طهره الله على لسان نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) بإذهاب الرجس عنه وعن ذريته، واختصه بأن جعل عقب نبيه ولده، فعترة رسول الله وديعته التي ضيعوها، قد خصه الله من


(1) – ليس في ” ح “. (2) – ليس في ” ح “. (3) – وفي ح “: الحلم. [ * ]

[ 304 ]

الفضائل بما لم يخصص به غيره، وجعله مفتاح كل فضيلة، إذ جعل النبي (صلى الله عليه وآله)، مبدأ الدعوة، وجعله التالي الذي يقوم بأمره من بعده، له شرف الدنيا والآخرة، فما من شرف تمتد إليه الابصار، وترتفع عنه الاقدار، وتعظم فيه الاخطار، وتحسن فيه الآثار، إلا وهو البائن به على الامة، قاتل بعده الناكثين، والقاسطين، والمارقين، والملحدين، و الجاحدين. فلم يكن وصي يعدل وصي نبينا إذ جعله موضع حاجته فيما عهد إليه بعده في خاص أموره وعامها، وجعله قاضي دينه ومنجز وعده وموضع أسرار دينه الذي غسل بدنه، ووارى جثته، وسالت نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كفه ومسح بها وجهه، قد أسنده إلى صدره، لا يطمع أحد في مشاركته والتاس في السقيفة لا يهمهم أمر نبيهم قد تجالدوا بسيوفهم طلبات للامرة حتى قال بعضهم: أقتلوا سعدا قتل الله سعدا !، ثم قالت الانصار لما دفعوها عن أهل البيت النبوة: منا أمير ومنكم أمير، وأكبوا على دنياهم، وأهملوا أمر آخرتهم، وهان عليهم موت نبيهم، فبعدا للقوم الظالمين، فبان على السابقين من الامم الخالية، والفاضلين الاولين، ثم كانت زوجته سيدة نساء العالمين الذي جعل الله ذريته منها ذرية الرسول فرفع بها درجته، وأبان فضله وشرف منزلته، زاد الله رفعة وعلوا. فهذه خصال ليست لاحد من الامة، فهل يقدم هذا على الذي هذه صفاته، إلا من فقأ عين الايمان وأزال عمود الاسلام، وضعضع أركان الدين، أم هل لمؤمن أن يقعد مقعد التقي النقي البرئ من دنس الجور


[ 305 ]

وضلال الحيرة إلا من عض على لجام الكفر، فحطمه وعلى عمود الدين فقصمه، وعلى بنيانه فهدمه، وعلى ستر الحق فانتهكه، أو من قد حمل راية الشيطان معلنا، ومضى بها في طاعته، مقدما لهواه، مؤثرا لمبتغاه، قد مكنه زمانه، وجعله في الامور أمامه، ثم عدل فصار باب الفتنة، وإمام الضلالة، وقائد أهل البدعة الذي أمات الاسلام فقبره، وقاتله فقهره، وزال أمر من فيه مصلحة العباد ومعه الرشاد، فياويل من أزال الحق عن جهته حسدا وبغيا، وميلا إلى طلب الامرة، وحبا للولاية، ألم يكن إلى الاسلام سابقا ؟ ولمجاهدة أعداء الله بين يدي نبيه متشوقا، وبالقضايا والاحكام معروفا، ولكشف الشبهات من المعضلات مدخرا وموصوفا هيهات قد إنقطع الطمع أن يوجد له نظير.


[ 306 ]

توصيف ابن عباس عليا عليه السلام لما سأله معاوية: وقد وصفه رباني هذه الامة عبد الله بن عباس حيث سأله معاوية عنه، فقال: 113 – كان والله للقرآن تاليا، وللشر قاليا، وعن المين نائيا، وعن المنكرات ناهيا وعن الفحشاء ساهيا، وبدينه عارفا، ومن الله خائفا، ومن الموبقات صارفا، وبالليل قائما، وبالنهار صائما، ومن دنياه سالما، وعلى عدل البرية ملازما، وبالمعروف آمرا، وعن المهلكات زاجرا، وبنور الله ناظرا، ولشهوته قاهرا، فاق العالمين ورعا وكفاف، وقناعة وعفافا، وسادهم زهدا وأمانة، وبرا وحياطة. كان والله حليف الاسلام، ومأوى الايتام، ومحل الايمان، ومنتهى الاحسان وملاذ الضعفاء، ومعقل الحنفاء، كان للحق حصنا حصينا، وللناس ركنا ركينا، قائما بحق الله صابرا محتسبا حتى عز الدين في الديار، وعبد الله في الاقطار، وفي الضواحي والبقاع، والتلاع والرياع، وفورا في الرخاء، شكورا في الاواء. كان والله: هجادا بالاسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، دائم الفكرة في الليل والنهار، نهاضا إلى كل مكرمة، سعاء إلى كل منجية، فرارا من كل موبقة. كان والله: علم الهدى، وكهف التقى، ومحل الحجى، وبحر الندى، وطود النهى وكنف العلم للوراى، ونور السفر في ظلم الدجى


[ 307 ]

كان ” [ والله ] داعيا إلى المحجة [ البيضاء ] العظمى، ومستمسكا بالعروة الوثقى، وعالما بما في الصحف الاولى، وعلاما بطاعة الملك الاعلى، وعارفا بالتأويل والذكرى ومتعلقا بأسباب الهدى، وحائدا عن طرقات الردى، وساميا إلى المجد والعلى، وقائما بالدين والتقوى، و تاركا للجور والردى، وخير من آمن واتقى، وسيد من تقمص وارتدى و أبر من انتعل واحتفى، وأصدق من تسربل واكتسى، وأكرم من تنفس و قرأ، وأفضل من صام وصلى، وأفخر من ضحك وبكى، وأخطب من مشى على الثرى، وأفصح من نطق في الورى بعد النبي المصطفى، صلي القبلتين. فهل يساويه أحد وهو زوج خير النساء ؟ فهل يوازيه وهو أبو السبطين ؟ فهل يدانيه مخلوق ؟ كان والله الاسد قتالا، وفي الحروب شعالا، وفي الهزاهز جبالا، فعلى من لعنه وانتقصه حقه لعنة الله إلى يوم التناد. فهذه خصال لا نعرف لاحد من الامة مثلها، وهي خصال مشهورة. ثم نحتج الآن على من أدعى الامامة لغيره حتى نوضح أنه لم يصلح لها إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام).


[ 309 ]

(4) باب نفي الامامة عمن لم يصلح لها وإثباتها لمن صلح لها


[ 311 ]

114 – قال الله عزوجل، حيث خاطب إبراهيم عليه السلام: (لا ينال عهدي الظالمين) (1) [ أبو بكر ليس من رسول الله صلى الله عليه وآله ] فادعو الامامة لرجل: قد عبد الاوثان، وأشرك بالله أكثر عمره، و جاء في تفسير هذه الآية: أنهم عابدوا الاوثان، وفعل النبي صلى الله عليه وآله دليل حيث بعث إلى مكة، ليقرأ عليهم سورة البرائة، فلما خرج من المدينة، أمسك الجليل تعالى حتى إنصرف عنه، وتسامعت القبائل بخبره، وإستعظم (2) الكل أمره للعلة التي ذكرناها من قبل، ثم هبط جبرئيل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعلمه: أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فبعث عليا عليه السلام في أثره وأمره أن يتناول منه السورة ويقرأها على أهل مكة، وأقره على الحج لعلة نحن نشرحها من


(1) – سورة البقرة، الاية 124. (2) – في ” ش “: واستتم، وفي ” ح “: واستعم. [ * ]

[ 312 ]

بعد إن شاء الله. وكان علي عليه السلام المؤدي عن ذمة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأبو بكر المعزول بأمر الله عن أداء هذه الذمة الواحدة، فضلا عن سائر ذممه، فقد علم أهل القبلة أن هنا أمرا قد نفى الله عنه أبا بكر، وليس هو فيه من رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا رسول لله فيه منه وأمرا قد بينه لعلي عليه السلام فهو فيه من رسول الله صلى الله عليه وآله فليجعلوا ما شاءوا من دين أو نسب فلابد لهذه المنية أن يكون الرجل ليس من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في نفسه، فلا يؤدي عن ذمة الرسول صلى الله عليه وآله إلا من هو من أهله، أو أن لا يكون من ليس من أهل ملته، فإن جماعة إحتجت أنه من أهل ملتك، فأنكرها ذلك عليهم، فأوردوا حججا لم يقدروا على دفعها، فأمسكنا عن مراجعتهم مخافة أن يوردوا علينا ما لا قبل لنا به، ونحن نذكر ما ذكروه، 115 – قالوا: قال الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: (واجنبني وبني أن نعبد الاصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن إتبعني فإنه مني) (1)، قالوا: كيف يكون من إبراهيم من عبد الاصنام أربعين سنة، و قد قال النبي (صلى الله عليه وآله) يوم قال له جبرئيل في مبيت علي (عليه السلام) على الفراش: يا محمد هذه المواسات قال له: يا جبرئيل إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل (عليه السلام): وأنا منكما (2).


(1) – سورة ابراهيم: الآية 35 و 36. (2) – قال محمد بن جرير الطبري العامي في تاريخ العموم والملوك ج 2 ص 514 = [ * ]

[ 313 ]

[ علي عليه السلام من رسول الله ورسول الله صلى الله عليه وآله منه ] قالوا: لا يمكن أن يكون حبرئيل من قريش، ولعمري بل أراد أنه من أهل ملتكما وعلى دينكما. ومن نفاه الله عن محمد (صلى الله عليه وآله) في الدين لا يصلح للامة [ للامامة ] ولا لاداء الذمم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما أوردوها علينا أمسكنا مخافة إيرادهم ما أطم من هذه.


= حدثنا أبو كريب قال حدثنا عثمان بن سعيد قال حدثنا حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال: لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الالوية أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من مشركي قريش فقال: لعلي إحمل عليهم فحمل عليهم ففرق جمعهم وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي قال: ثم أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من مشركي قريش فقال لعلي: إحمل عليهم فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لوي فقال جبريل: يارسول الله إن هذه للمواساة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما، قال: فسمعوا صوتا، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. ربيع الابرار للزمخشري ج 1 ص 833. ورواه الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 ص 324، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ح 10 ص 182 ط مصر، أنظر إحقاق الحق ج 5 ص 285 وج 6 ص 15 و 19 وج 8 ص 260 وج 16 ص 155، 162، 164، 419. [ * ]

[ 314 ]

116 – وإحتجوا علينا بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) المؤمنون يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم الموجه (1) قالوا: إذا كان حكم رسول الله أن الذمة اللازمة يسعى بها الادنى من المؤمنين، ثم هبط جبرئيل في هذا الرجل على نبي الله فقال: إن الله عز وجل يقول: إن الرجل الموجه في هذه الذمة لا يؤدي عنك كيف يؤهله لاداء سائر الذمم، وإحتج عليه حين ولى الامور بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوم من المؤمنين، فقالوا: أيها الرجل حرام تأهيلك هذه المنزلة التي أنزلتها، وأنت المخصوم المدفوع عن أدنى ذمة واحدة من بين العالم، لم


(1) – المجازات النبوية للشريف الرضي (ره) ص 17 ط مصر، وفي ط بيروت، ص 11: ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: المسلمون من تتكافؤ دمائهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم. باختلاف جزئي، وسنن ابن ماجه ج 2 ص 895 باب 31 الحديث 2683، قال: حدثنا محمد بن عبد الاعلى الصنعاني حدثنا المعتمر بن سليمان عن ابيه عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون تتكافؤ دمائهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ويرد على أقصاهم. حدثنا هشام بن عمار حدثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن عياش عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يد المسلمين على من سواهم تتكافؤ دمائهم وأموالهم ويجير على المسلمين أدناهم ويرد على المسلمين أقصاهم. [ * ]

[ 315 ]

تؤدها عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو حي بين أظهرنا يقوم الزيغ، فكيف قمت مقامه في أداء جميع الذمم بعده، فأنت معزول بأمر الله، وليس لاحد من الائمة أن يولي من عزله الله الا بوحي من الله وهو (1) معدوم، ثم أنت معزول عن ذلك، عزلك رسول الله عن الراية، وعن قتل صاحب الاختلاف، وعن قتل الجيش الذي نزلت فيه سورة والعاديات، وعن سكنى المسجد، وأمر بسد بابك، وعن الصلاة يوم تقدمت بأمر بلال عن عائشة، وإذ كنت منسوخا، فان الله عزوجل قد أمرنا بأمور ثم نسخها، و حرم العمل بها وحظرها فلذلك جعلك منسوخا، وحرم العمل بالمنسوخ مع الناسخ، هذا في حالة كنت فيها تابعا، فكيف يحوز أن تؤدي عن ذمم رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حالة كنت فيها متبوعا. فلما قيل له ذلك: هذا قول علي بن أبي طالب، لا قولكم. ثم أمر خالد بن الوليد بالفتك بعلي (عليه السلام) ونحن نذكره في موضعه إن شاء الله.


(1) – وفي ” ش “: وهذا. [ * ]

[ 316 ]

[ إقرار أبي بكر على نفسه ] وقالت فرقة أخرى: كيف تصلح للامة، وأنت قد أقررت على نفسك، أنك من أهل النار. رواه الواقدي: قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن ابن عوف، قال: قال أبو بكر: قد علمت أني داخل النار أو واردها، فليت شعري هل أخرج منها أم لا ؟. وقالوا أيضا: ألست الذي قلت: إن لي شيطانا يعتريني عند غضبي (1) ؟.


(1) – أنظر ص 240 من هذا الكتاب. [ * ]

[ 317 ]

[ كيف يصلح للامامة من له شيطان يعتريه ؟ ! ] فكيف يصلح للامامة، من له شيطان يعتريه ؟ ! وكيف يؤمن على الاحكام والدماء والفروج وهذه حاله ؟ ! فلم يؤخره ذلك، ولا منعه التحرج (1) عن قول ما لا يفي به، والله المستعان. ثم إحتج المحتج أنه قال: قد ثبت لعلي (عليه االسلام) في ذلك المقام حين بعث في أمر أبي بكر، خمس خصال، وثبت على أبي بكر خمس خصال علي الناسخ، وأبو بكر المنسوخ، وعلي العازل، وأبو بكر المعزول، و علي المثبت من رسول الله، وأبو بكر المنتفي، وعلي المؤدي عن رسول الله ذممه وأحكامه حكما وخبرا، وأبو بكر الذي لا يصلح أن يؤدي، و علي المنزه عن موقف الجهل بالموسم والوقوف بالمزدلفة، وأبو بكر المولى الموسوم بالجهل، وبدعة الوقوف بالمزدلفة، ومن حج في ذي القعدة الذي ختم به حج الجاهلية. رواه أبو أيوب: سليمان بن داود المنقري (2)، قال: حدثنا يزيد بن هارون (3)، قال: حدثنا حسين الاشقر (4)، قال: حدثني أياس بن


(1) – وفي ” ش “: التحرب. (2) – الجرح والتعديل ج 4، ص 114، الرقم: 498. وسير اعلام النبلاء ج 10 ص 679 الرقم: 251. (3) – الجرح والتعديل ج 9، ص 295، الرقم: 1257. [ * ]

[ 318 ]

معاوية (5)، عن عكرمة ابن خالد المخزومي (6) [ قال ]: إن أبا بكر حج في ذي القعدة، فلما كان العام المقبل حج رسول الله في ذي الحجة، فخطب الناس فقال: أيها الناس، إن الزمان قد إستدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والارض. (إن عدة الشهور عند الله إثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعة حرم) (7) ثلاثة متوالية: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب الذي بين جمادي وشعبان، وكان الحج يكون في شهر رمضان، وفي ذي القعدة، فحج أبو بكر ولم يحج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما كان العام المقبل حج رسول الله صلى الله عليه وآله: فوافق الحج ذا الحجة. قال سفيان بن حسين: (8) وحدثني أبو بشر، عن مجاهد، أن أبا بكر حج في ذي القعدة. (9)


(4) – الجرح والتعديل ج 3، ص 49، الرقم: 220. (5) – الجرح والتعديل ج 2، ص 282، الرقم: 1018. (6) – الجرح والتعديل ج 7، ص 9، الرقم: 35. (7) – سورة التوبة، الاية 36. (8) – هو: سفيان بن حسين بن الحسن، أبو محمد الواسطي، أنظر تهذيب الكمال، ج 11 ص 139، الرقم: 2399. (9) – أنظر بحار الانوار ج 15، ص 252. [ * ]

[ 319 ]

117 – قال: وحدثنا محمد بن بكير الحضرمي (1)، قال: حدثنا عباد بن العوام (2)، قال: أخبرني سفيان يعني ابن الحسين، عن الحكم (3)، عن المقسم (4): عن ابن عباس، [ قال: ] إن النبي بعث أبا بكر، وأمر [ ه ] أن ينادي بهذه الكلمات، قال: ثم أتبعه عليا فبينا أبو بكر نازل في بعض الطريق، إذ سمع رغاء ناقة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغضباء، فخرج فزعا، وظن أنه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأذا علي عليه السلام فدفع إليه كتاب رسول الله، فأمره على الموسم، وأمر عليا


(1) – هو: محمد بن بكير الحضرمي أبو الحسين البغدادي نزيل اصيهان، أنظر تهذيب التهذيب ج 9، ص 81، الرقم: 102. (2) هو: عباد بن العوام بن عمر الكلابي، مولاهم أبو سهل الواسطي، أنظر تقريب التهذيب ج 1، ص 393. الرقم: 103. (3) هو: الحكم بن عتيبة الكندي مولاهم أبو محمد الكوفي، أنظر تهذيب التهذيب ج 2 ص 432، الرقم: 756. (4) – هذا هو الصحيح، كما ذكر في الكتب الرجالية، وهو: مقسم بن بجرة أبو القاسم مولى ابن عباس، المتوفى (101) أنظر تهذيب الكمال ج 28 ص 461 رقم 6166. والجرح والتعديل ج 8 ص 414 رقم: 1889: وفي كثير من الاحاديث في تاريخ الطبري ج 2، ص 370، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس… وكذا في بعض موارد تفسيره، ج 10، ص 46 في تفسير أول سورة التوبة… قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا حسين بن محمد، قال: حدثنا سليمان بن قرم، عن الاعمش، عن الحكم، عن مقسم، عن إبن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر ببراءة، ثم أتبعه عليا فأخذها منه.. الخ. [ * ]

[ 320 ]

أن ينادي بتلك الكلمات، فانظلقا، فقام علي في أيام منى، فنادى: ذمة الله وذمة رسوله، برئ من كل مشرك، (فسيحوا في الارض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله) (1) لا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا كل مؤمن. فكان ينادي بها، فإذا مج حلقه قام أبو هريرة، فنادى بها. قال سفيان: 118 – وحدثني أياس بن معاوية (2)، عن عكرمة بن خالد المخزومي (3)، أن أبا بكر حج في ذي القعدة، فلما كان العام المقبل حج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقام فخطب، فقال: أيها الناس، إن الزمان قد إستدار كهيئة يوم خلق الله السماوات و الاارض (إم ن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها اربعة حرم) (4) ثلاثة متوالية [ ذو القعدة، وذو الحجة ومحرم ] (5). ورجب الذي بين جمادي وشعبان، فلا تظلموا


(1) – سورة التوبة: 2. (2) – هو أياس بن معاوية بن قرة بن أياس بن هلال المزني البصري. أنظر تهذيب التهذيب ج 1، ص 390، الرقم: 720. (3) – هو: عكرمة بن خالد بن سلمة بن العاص بن هشام المخزومي. أنظر تهذيب التهذيب ج 7، ص 259. الرقم: 471. (4) سورة التوبة: 36. (5) – ما بين المعقوفين زيادة منا للتوضيح. [ * ]

[ 321 ]

فيهن أنفسكم، وان الشهر كذا وصفق بيديه وهكذا ثلاث مرات، وقبض الابهام في الثالثة يعني تسعة وعشرين. فحج أبو بكر في ذي القعدة، ولم يحج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما كان العام المقبل، حج رسول الله، فوافق الحج في ذي الحجة في العشر. قال المحتج: ونحن الآن نورد حجة يفصل بهذا الامر في ما إدعيناه حتى يعرفه أولوا الالباب، إذ قلنا سالنا عليا أكان يسره أن كان أقام أربعين سنة يعبد الاصنام، ويشرب الخمر، ويعمل بالربا، ويعمل بأعمال أهل الجاهلية، وإباحة ما حظر الله إباحته حتى إذا بلغ الاربعين، وقد إستولت تلك الاحوال عليه، وطبعت على قلبه، ونبت لحمه ودمه مما ذبح على النصب، وحرمت الكتب اسلم، فيكون تعوذه من ذلك كتعوذه من النار، و من كل عاهة وآفة، ونقيصة، ورذيلة، في دنيا أو دين، ثم سألنا أبا بكر، أيسوءه، أن لو كان الله نزهه عن هذه الاحوال، التي كان مقيما عليها، ولدا وناشئا وكهلا، ونبت عليها لحمه ودمه، وكان إسلامه في حداثته، فإنه إن كان على الاسلام والملة، سوف يتمنى ذلك غاية التمني، فعلي (عليه السلام). الآن بموضع غاية تمني ابي بكر وابو بكر بموضع نهاية تعوذ علي (عليه السلام) ثم سأل سائل هؤلاء المخالفين فقال: (1) كيف إستجزتم مع ما قد ذكرنا من هذه الاسباب، أن تقرنوا بين أخي رسول الله، و [ بين ] أخي عمر بن الخطاب، فإن من استجاز ذلك إستجاز أن يقرن بين رسول الله


(1) وفي ” ش “: يا قوم. [ * ]

[ 322 ]

وغيره وهذا فيه الكفر. فلينظر الناظر وليتأمل أيهما أصلح للامامة أهذا الذي جعله الله علما لا يستغن (1) عنه الناس في شئ من أحواله، وجعله الله فلذا من افلاذ الجبال في قوة جسمه مع إجتماع قلبه وحذقه في المناهزة والكياد عند المسابقة، وصحة التدبير (تدبيره)، ثم قرن به المعرفة والديانة والحكم والحكمة، والعلم، والنطق، والبلاغة، فاحتاج البلغاء إليه لفصاحته والادباء لبراعته، والناقلة لفقهه، والمرتادون لقياسه والمتكلمون لحججه، والحكماء لحكمته والمستنبطون لكرامته فمن اختار، وجد فوق الذي أمل، (2) ثم لا يعلم الناس الطهارة مفتقرة إليه فضلا أن يكون مفتقرا إليها، إذ كان أنجب الناس ولادة، وابعدهم من الشرك بالله، ومن كل ما ذبح على النصب. فمن طهارته وفضله على الامة اختار الله له خير إمراة خلقها، وأخرجت للناس، فلما إجتمعا كانت نتيجتهما سيدي شباب أهل الجنة الذي عظمت بهما المنة، بشهادة الكل، زوجها الرسول بأمر الله، وغذاها بالفضول من وحي الله تؤاكله الطيبات، وتتابعه على الصالحات، أم من (3) لم يفهم حدود الصلاة، ولا فرق بين المحكم والمشتابه إلى أن توفي.


(1) – وفي ” ش “: لا يستغن. وما في النسخة المطبوعة خطأ. (2) – وفي ” ح ” و ” ش “: فمن امتار وجد فوق الذي أمل. (3) – جواب ل‍ أيهما أصلح للامامة إذ قال: أهذا الذي.. [ * ]

[ 323 ]

وإنما ذكرنا جملا من التفسير، وكرهنا التطويل، وأتينا بجوامع من التلخيص، لعلمنا بمعرفة من لم يجر إلى العبادة أنه مباين للعالم في أسبابه، ونأي عن دينهم في إكتسابه للكمال الذي قصروا عنه من حال طفولته إلى حين كهولته، وكان بحيث يتعجب المتأمل، ويبهر المتفرس فيه، ويقهر بالبيان مناظريه، ويفسر بالبرهان مناكريه. ومن الدليل أيضا أنه رأى أباه وعمومته وعشيرته، وقبائل العرب يشهدون على رسول الله أنه كذاب، وأنه ساحر، ثم لا يصرفه ذلك من التمسك به والثبات على ما قيل فيه، والمسارعة إلى أموره (1) صبيا صغيرا ويافعا كبيرا يصلي معه والناس بين هازل وساخر لا يرى له مع المكذبين مصدقا، وهم ملء الارض، ولا مع المدافعين محققا، قد قنع بالواحد، واغتبط بالدين لا بالدنيا، ولا بما يفيده، لا يستزيد منها و لا توحشه القلة، ولا تهزه وفور الكثرة، إنما هو التفويض، فتبارك الله ما أعمى هذه القلوب، الا يفكرون ؟، أن الله عزوجل لم يقرن هذا الرجل في حال شبابه برسول الله، ولم يتصل (2) به الا وقد إختاره من بين العالم، وركب فيه ما هو ظاهر لاولى الالباب من حسن الفهم وإمضاء العزم، ووعي الرسالة عن الرسول، والتنزه عن رجاسة الجاهلية، إذ لم يخش إلا الله في أحواله كلها،


(1) – وفي ” ش “: في أموره. (2) – وفي ” ش “: ولم يصل به. [ * ]

[ 324 ]

ولم يصب بفرجه حراما ولم يدخله جوفه، ولم يتعلق عليه بكذب ولم يستطع تخطئته في حكم، ولم يتعايا في قضية ولم يحف في قسم، ولم يتعد في ظن، (1) ولم يتحرك لداعية شهوة، ولم يخاصم في حجاج إلى سائر ما إن تأمله المأملون مع الكفاية والحجى، وجدوه واضح البينات واجب الحقيقة، منير البرهان، لا يعلم (2) الا على اليقين ولا يتخول الظنون ولا يتخوف الشيطان. ثم هو أول من يحكم له بالجنة، وعلى خضمه بالنار، إذا كان أول من يجثو للخصوم يوم القيامة (3). وهذا (4) وعدنا شرح هذه القصة، ونحن ذاكروا الخبر مستقصى عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: نحن السابقون يوم القيامة، ونحن أول الاول محاسبون. وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أول من يحاسب في الدفاف إذا كانت هذه الامة، أول أمة تحاسب، وأول وقعة كانت بين الموحدين والمشركين يوم بدر. واول دم أهريق يوم بدر دم الوليد بن عتبة وهو أول من بارز علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فضربه على قرنه ضربة ندرت (5) منها عيناه، فأول جاث للخصوم علي والنبيون والملائكة،


(1) – وفي ” ش “: ولم يتعدل الظن. (2) – وفي ” ح “: لا يعمل، ولعل هذا هو الصحيح. (3) – أنظر الصواعق المحرقة ص 126 نقلا عن البخاري. وص 265 من هذا الكتاب (4) – وفي ” ش “: وكذا. (5) – ندر يندر ندرا فهو نادر، فيقال: ضربه على رأسه فندرت عينه، أي خرجت من [ * ]

[ 325 ]

والحق والعدل من جهة، وإبليس وجنوده والمشركون من جهة، فإذا حكم الله عزوجل لعلي [ عليه السلام ] على الوليد، كان ذلك فتحا تاما، وخطبا عاما، للحق كله على الباطل كله، والخير بحذافيره على الشر (1) بأسره، فمن المجاري من الامة في ميدانه، ومن المقارن له أو المقاوم له، وهو أول من يحكم له بالجنة، وعلى خصمه بالنار، وهو أول من يرد الجنة (2) ويرد خصمه النار. ثم أجمعت الامة قاطبة أن عليا (عليه السلام) كان يصلح للخلافة ولم تچمع أن أبا بكر كان يصلح لها، وقالت الجماعة التي أنكرت إمامته: كيف يصلح لها هو وصاحبه ؟ وقد أقر أنه غاصب يعمل بالحمية فعل الجاهلية، ويخاطب عليا (عليه السلام) بما رواه الواقدي، قال: موضعها. وبه سمي نوادر الكلام لانه كلام ندر فظهر من بين الكلام. والندر: كل شئ زال عن مكانه. أنظر ” جمهرة اللغة ” لابي بكر محمد بن الحسن بن دريد، ط بيروت ج 2 ص 640 لغة درن ونرد. (1) – وفي ” ح “: الشرير. (2) – أنظر كنز العمال ج 12 ص 98 رقم 34166 وفيه: أن أول من يدخل الجنة أنا و أنت وفاطمة والحسن والحسين قال علي: فمحبونا ؟ قال: من ورائكم. وفي إحقاق الحق ج 20 ص 324، نقلا عن كتاب ” مرآة المؤمنين ” للعلامة المولوي اللكنهوي ص 37: وعن جابر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول من يدخل الجنة من النبيين والصديقين علي بن أبي طالب. [ * ]


[ 326 ]

119 – حدثني هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله، خرجت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على علي بن أبي طالب، في بيت فاطمة، وعنده المهاجرون، فقلت: ما تقول يا علي ؟ قال: أقول: خيرا، نحن أولى برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما نزل، قال: قلت: كلا، والله الذي نفسي بيده، حتى تحزوا رقابنا بالمناشير. ثم إستدللنا، وإستدل أهل النظر: أن من نقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، أولى بالامة ممن ولد على غير رشده، وناله سفاح أهل الجاهلية، فلا حسب معلوم، ولا نسب معروف، ثم كان صائبا يعرف ذلك أهل المعرفة بالنسب، بأن أباه عثمان بن عامر، وأمة أم الخير بنت صخر، وكان عثمان متزوجا بأبنة أخيه، وأما صاحبه، فأمر الناس أن لا يزيدوه على الخطاب لما وقف عليه من أمر نسبه، وقصة جدته، وما كانت ترمى به. رواه محمد بن فضيل: عن أبي لهيعة، (1) عن يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط، عن مالك بن هدم (2):


(1) – وفي ” ش “: عن لهيعة. (2) – هذا هو الصحيح وفي النسخة المطبوعة هدف وهو خطأ، ثم انظر ترجمته في أسد الغابة لابن الاثير ج 5 ص 55 ط مصر الرقم: 4650، ترجمة مالك بن هدم. والجرح والتعديل ج 8 ص 217 رقم: 969. [ * ]

[ 327 ]

سمعت عمر بن الخطاب يقول: تعلموا أنسابكم، تصلوا أرحامكم (1)، ولا يسألني أحد عن ما وراء الخطاب. أو ليس قد خاطبه ابن عباس حين طعن، بما رواه الواقدي، قال: 120 – حدثني كثير بن زيد، عن عمر مولى عفرة، عن ابن عباس، قال: دخلت على عمر حين طعن، فقلت له: أسلمت إذ كفر الناس، ونصرت إذ خذل الناس ومضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو عنك راض، وقتلت شهيدا، ولم يختلف في ولايتك إثنان، فقال عمر: أعد (2) مقاتلك، فأعدتها عليه ثلاثا، فقال: أما إن المغرور من غررتموه، أما والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع. أفمن هذه حاله أصلح للامامة، أم من هو من رسول الله، ورسول الله منه، ومن جرى مع رسول الله في صلب إلى رحم، لم يمسسه سفاح أهل الجاهلية، فصار نادرة العالمين، وموضع تأمل المتأملين الذي حمل باب خيبر بشماله وهو أربعة أذرع في خمسة أشبار في أربعة أصابع عمقا، حجرا صلدا دور ثمانية، فأثر فيه بأصابعه، وحمله بغير مقبض ! ثم ترسد


(1) – ربيع الابرار للزمخشري ج 3 ص 545: عن عمر بن الخطاب: تعلموا أنسابكم تعرفوا بها أصولكم وتصلوا بها أرحامكم. وكنز العمال ج 3 ص 358. (2) – وفي ” ح “: أعد علي. [ * ]

[ 328 ]

به، وضارب الاقران بسيفه حتى هجم عليهم، ثم زجه من ورائه (1) أربعين ذراعا، فاجتمع عليه قسامة حتى أزالوه عن مكانه !. أليس هذا من آيات الله [ و ] المعجزة الباهرة للعقول ؟ ثم إنه أشرف الناس حسبا، وأصحهم نسبا، إذ كان من نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإذا كان أولى الناس به. أليس رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنجب الناس ولادة، وأكرمهم نسلا ؟ وعلي أقرب الناس إليه، وأولاهم به ؟. أليس رسول الله، أبرأ الناس من عبادة الاوثان، وما ذبح على النصب وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، إذا كان في جيش هو الامير، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، لا يفر من الزحف ولا يولي الدبر، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، إذا كان في جيش إشتدت به الظهور، وقويت به النفوس، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، قد ألقى في قلوب أعدائه منه الرعب، وفي قلوب أوليائه المحبة، وعلي أولى الناس به ؟.


(1) – زج يزج: من باب مد يمد: الشئ رمى به. [ * ]

[ 329 ]

أليس رسول الله، لا يحتاج إلى مشورة في الحكم، ولا يفتقر إلى أصحابه إلى توزيع القسم، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، لا يستنكف الناس من إمارة، ولا يرون عارا في ولاية، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، المخصوص بسكنى المسجد، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، لا يرجع على الناس به هجنته، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، البرئ من الاستبداد على الله، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، لا يخشى إلا الله تبارك وتعالى، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، أنطق الناس لسانا، وأتمهم بيانا، وعلي أولى الناس به ؟. أليس رسول الله، لا يحكم بما لا يدري، وعلي أولى الناس به ؟.


[ 331 ]

مناشدته (عليه السلام) يوم الشوارى


[ 332 ]

وهذا علي أمير المؤمنين، [ صلوات الله عليه، ] خطب يوم الشورى فعدد (1) خصالا هذه منها، فقال: 1 – نشدتكم الله، هل فيكم أحد، أخوه رسول الله غيري (2) ثم قالوا:


(1) – وفي ” ح “: فعد، وما بين القوسين كانت ساقطة من ” ح “. (2) قال الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 62 رقم الحديث: 12128: حدثنا عبد الله بن نمير، عن الحارث بن حصيرة، قال: حدثني أبو سليمان الجهني – يعني زيد بن وهب، قال: سمعت عليا على المنبر وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله صلى الله عليه وسلم لم يقلها أحد قبلي، ولا يقولها أحد بعدي إلا كذاب مفتر. وفي ص 65، الحديث رقم: 12133: حدثنا عبد الله بن نمير، عن العلاء بن الصالح، عن المنهال، عن عباد بن عبد الله، قال: سمعت عليا يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الاكبر، لا يقولها بعدي إلا كذاب مفتر، ولقد صليت قبل الناس بسبع سنين. وفي كنز العمال للمتقي الهندي ج 11، ص 602، الرقم: 32907: علي أخي في الدنيا والآخرة وفي ص 608 الرقم: 32939، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ قال لعلي ]: إنما تركتك لنفسي، أنت أخي وأنا أخوك، فإن حاجك أحد، فقل: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يدعها بعدك إلا كذاب. وفي مستدرك الحاكم ج 3 ص 14، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة. وفي سنن إبن ماجة ج 1 ص 44 الرقم 120 مثله. [ * ]

[ 333 ]

أللهم لا (1). 2 – قال: نشدتكم الله، هل فيكم أحد، له أخ كأخي جعفر المزين بجناحين (2) يطير مع الملائكة في الجنة حيث يشاء (3) غيري ؟ قالوا: اللهم لا.


(1) – أنظر كتاب المعيار والموازنة لابي جعفر الاسكافي ط بيروت ص 208، وسنن ابن ماجة، ج 1 ص 44، الحديث 120 البداية والنهاية لابن الكثير ج 3، ص 226. (2) – وفي ” ح “: بالجناحين. (3) – وفي ” ح “: بالجناحين، هو: جعفر بن أبي طالب ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأخو علي بن أبي طالب عليه السلام لابويه، وهو: جعفر الطيار، وكان أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله) خلقا وخلقا، أسلم بعد إسلام أخيه علي بقليل. روي أن أبا طالب عليه السلام رأى النبي (صلى الله عليه وآله) وعليا رضي الله عنه يصليان، وعلي عن يمينه، فقال جعفر رضي الله عنه صل جناح ابن عمك، وصل عن يساره، وله هجرتان هجرة إلى الحبشه وهجرة إلى المدينة، وكان أسن من علي بعشر سنين فلما قدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين فتح خيبر، فتلقاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واعتنقه وقبل بين عينيه وقال: ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ! وأنزله إلى جنب المسجد. ولما قاتل جعفر في المؤته قطعت يداه والراية معه، لم يلقها قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبدله الله جناحين يطير في الجنة، ولما قتل وجد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح، كلها فيما أقبل من بدنه. وكان عمر جعفر لما قتل إحدى وأربعين سنة. أنظر أسد الغابة لابن الاثير ج 1 ص 341 الرقم: 759 ط مصر. وسيرة ابن إسحاق ص 226. [ * ]

[ 334 ]

3 – قال: نشدتكم الله، هل فيكم أحد، عمه كعمي حمزة، أسد الله، وأسد رسوله وسيد الشهداء غيري (1) ؟ قالوا: اللهم لا. 4 – قال: نشدتكم الله، هل فيكم أحد، قتل مشركي قريش [ قبلي ] غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 5 – قال: نشدتكم الله، هل فيكم أحد، صاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ يوم بعثه الله إلى يوم قبضه غيري ؟ (2) قالوا


(1) – أنظر أسد الغابة لابن الاثير ج 2 ص 51. الرقم: 1251. وفي كنز العمال ج 11، ص 600 الرقم: 62892: خير إخوتي علي، وخير أعمامي حمزة. (2) – وقال الطبراني في المعجم الكبير ج 6 ص 15، الرقم: 5355: حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، أنبأنا إبراهيم بن زبرقان، عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر مع علي بن أبي طالب ولواء الانصار مع سعد بن عبادة. حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا جبارة بن المغلس، حدثنا أبو شيبة عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: كانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواطن كلها راية المهاجرين مع علي بن أبي طالب، وراية الانصار مع سعد بن عبادة. قال العلامة العيني في العمدة القاري، ج 16 ص 216: وقال ابن عباس فكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في المواطن كلها مع علي رضي الله تعالى عنه وفي حديث جابر بن سمره قالوا يارسول الله من يحمل رايتك يوم القيامة قال: من عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من كان يحملها في الدنيا علي بن أبي طالب. [ * ]

[ 335 ]

اللهم لا. 6 – قال: نشدتكم الله، هل فيكم أحد، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): في غزوة تبوك، حيث شكوت إليه ما قاله في المنافقون بالمدينة، فقال: إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك، ومنزلتك مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي [ غيري ] ؟ (1) قالوا: اللهم لا.


(1) – قال ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 61 رقم الحديث 12126: حدثنا وكيع، عن فضيل بن مرزوق، عن زيد بن أرقم، أن النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وروى المتقي الهندي في كنز العمال ج 11 ص 599 الرقم 32886، يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه ليس بعدي نبي. وفي ص 606 و 607. الرقم: 32932 و 32937 مثله. ومروج الذهب للمسعودي المتوفى (346) ج 2، ص 425. كما في كشف اليقين للعلامة الحلي رحمه الله ص 178. وقال الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى (360) في المعجم الكبير ج 2، ص 247، الرقم: 2035، حدثنا عبدان بن أحمد، حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا إسماعيل بن أبان، حدثنا ناصح، عن سماك، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي رضي الله عنه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي. وفي ج 4، ص 184، الرقم: 4087، عن أبي أيوب، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي. قال الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخه ج 4 ص 383 عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي [ * ]

[ 336 ]

7 – قال: نشدتكم الله، هل فيكم أحد، يوم أتي رسول الله بالطير، قال: اللهم إئتني بأحب الخلق إليك يأكل معي من هذا الطير، فأتيته غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 8 – قال نشدتكم الله، هل فيكم أحد، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند خروج نفسه: لا يغسلني غيرك أحد، فإن رأى أحد شيئا من جسدي، وأنا ميت ذهب بصره، غيري ؟ (2) قالوا: أللهم لا.


بعدي “. وروى أيضا ابن الجوزي في صفة الصفوة ج 1، ص 312. وروى أيضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفى (402) في معجم الشيوخ، ص 240. (1) – قال الحافظ أبو أحمد عبد الله بن الجرجاني 277 – 365 في كتابه الكامل في ضعفاء الرجال المجلد الثالث ط بيروت: حدثنا عبد الله بن محمد بن ابراهيم المروزي ببخاري، أنبأنا عبد الله بن محمود بن ثابت بن سليمان المروزي، حدثنا العلاء بن عمران، حدثنا خالد بن عبيد هو أبو حسام حدثني أنس، قال: بينا أنا ذات يوم عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ جائه رجل يطيق مغطى، فقال: هل من إذن ؟ قلت نعم: فوضع الطبق بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعليه طائر مشوي فقال: أحب أن تملاء بطنك من هذا يارسول الله، قال (صلى الله عليه وآله): [ غط ] عليه ثم سأل ربه فقال: اللهم أدخل علي أحب خلقك إلي ينازعني هذا الطعام، فذكر حديث الطير قصة علي. أنظر ترجمة الامام علي عليه السلام من ابن عساكر ج 2 ص 105 فيه طرق كثيرة، وأسد الغابة لابن الاثير ج 3 ص 608. والمسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 425. (2) – كنز العمال ج 7 ص 250 الرقم 18784، عن علي قال: أوصاني النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يغسله [ * ]

[ 337 ]

9 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، سالت نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كفه، فمسح بها وجهه غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا.


أحد غيري، فإنه لا يرى عورتي أحد إلا طمست عيناه، وفي الطبقات لابن سعد، ج 2، ص 278، قال علي: فكان الفضل وأسامة يناولاني الماء من وراء الستر وهما معصوبا العين، قال علي: فما تناولت عضوا إلا كأنما يقلبه معي ثلاثون رجلا حتى فرغت من غسله. وفي كنز العمال أيضا ج 11، ص 612. الرقم: 32965: يا علي أنت تغسل جثتي وتؤدي ديني وتواريني في حفرتي وتفي بذمتي، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة، عن الديلمي، عن أبي سعيد. (1) – كنز العمال للمتقي الهندي، ج 7 ص 253 الرقم: 18791، عن أبي غطفان قال: سألت ابن عباس أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي ورأسه في حجر أحد ؟ قال: توفي وهو إلى صدر علي، قلت: فإن عروة حدثني عن عائشة أنها قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري، فقال ابن عباس: أتعقل ! والله لتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستند إلى صدر علي، وهو الذي غسله، وأخي الفضل بن العباس، وأبى أبي أن يحضر، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نستتر، فكان عند السترة. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 115 عن جميع بن عمير أن أمه وخالته دخلتا على عائشة فذكر الحديث إلى أن قال: قالتا: فأخبرينا عن علي، قالت: عن أي شئ تسئلن ؟ عن رجل وضع من رسول الله صلى الله عليه وسلم موضعا، فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه، واختلفوا في دفنه فقال: إن أحب البقاع إلى الله مكان قبض فيه نبيه، قالتا: فلم خرجت عليه ؟ ! قالت: أمر قضي ووددت أن أفديه ما على الارض من شئ. قال الهيثمي: رواه أبو يعلى. وروى الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12 ص 71، رقم الحديث: 12150. [ * ]

[ 338 ]

10 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، غسل رسول الله، بالروح والريحان مع الملائكة المقربين غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 11 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الملائكة لا أشاء أقلب منه عضوا الا قلبته الملائكة معي وحظي بغسله من جميع الناس غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 12 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحنوط الذي نزل به جبرائيل، فجعل لي جزا، ولفاطمة جزأ غيري ؟ (2)،


(1) – كنز العمال ج 7 ص 249 الرقم: 18780، عن علي بن الحسين عن أبيه، عن جده قال: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم عليا أن يغسله، فقال علي: يارسول الله أخشى أن لا أطيق ذلك، قال: إنك ستعان، قال علي: فوالله ما أردت أن أقلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم عضوا الا قلب. وفي ص 256 الرقم: 18798، عن عبد الواحد بن أبي عون، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب في مرضه الذي توفي به: إغسلني يا علي إذا مت، فقال: يارسول الله ما غسلت ميتا قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك ستهيأ أو تيسر، قال علي: فغسلته، فما آخذ عضوا الا تبعني، والفضل آخذ بحضنه يقول: اعجل يا علي انقطع ظهري. (2) – قال العلامة المجلسي رحمه الله في البحار ج 22 ص 492 وبالاسناد المتقدم عن موسي بن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: قال علي ابن أبي طالب عليه السلام: كان في الوصية أن يدفع إلي الحنوط، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وآله قبل وفاته بقليل فقال: يا علي ويا فاطمة هذا حنوطي من الجنة دفعه إلي جبرئيل، وهو يقرئكما السام ويقول لكما: اقسماه واعزلا منه لي ولكما، قالت لك ثلثه، وليكن الناظر في الباقي عي بن أبي طالب عليه السلام، فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله = [ * ]

[ 339 ]

قالوا: اللهم لا. 13 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، علم كيف الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 14 – قال نشدتكم الله، أفيكم أحد، يوم أنزلت سورة البرائة جملة على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فبعث بها مع أبي بكر، فلما بلغ الحديبية نزل عليه جبرائيل: فقال: يا محمد، إنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك، فدفعها إلي غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 15 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، ردت عليه الشمس، يوم نام


= وضمها إليه، وقال: موفقة رشيدة مهدية ملهمة، يا علي قل في الباقي، قال: نصف ما بقي لها، ونصف لمن ترى يارسول الله، هو لك فاقبضه. (1) – وقال الحافظ أبو القاسم سليمان أحمد الطبراني المتوفى (360) في المعجم الكبير ج 4 ص 16 الرقم 3511، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ” علي مني وأنا منه، ولا يؤدي عني إلا أنا وعلي “. وروى الحافظ عبد الله بن أبي شيبة المتوفى (235) في مضنفه ج 12، ص 59. وقريب بهذا المضمون روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) ج 3 ص 87 و 89، 90 ط 1. وروى أيضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفى (402) في معجم الشيوخ، ص 278. [ * ]

[ 340 ]

رسول الله، ورأسه في حجري غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 16 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، حين مرض رسول الله، ينزل عليه جبرائيل، فقال: إن ربك يخبرك أن شفاك في عذق رطب يجتنيه لك ابن عمك فاجتنيته، وشفى بذلك، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 17 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، مر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين حدائق المدينة، فلم يمر بحديقة الا قلت: يارسول الله، ما أحسن هذه الحديقة !، فيقول: حديقتك في الجنة أحسن منها، حتى مررت بعشر


(1) – وفي مناقب الخوارزمي، ط الغري، ص 225: أمنكم أحد ردت عليه الشمس بعد غروبها حتى صلى العصر غيري ؟ قالوا: لا. وللمزيد من التفصيل راجع كفاية الطالب للگنجي الشافعي، ص 381. وفي ص 387 منه: أمنكم أحد ردت عليه الشمس بعد غروبها احتى صلى العصر غيري ؟ قالوا: لا. وقال العلامة الطحاوي المتوفى (321)، في ” مشكل الآثار ” ج 2 ص 8 وج 4، ص 388 ط حيدر آباد الدكن، قال: حدثنا أبو أمية، حدثنا عبيدالله بن موسى العبسي، حدثنا الفضيل بن مرزوق عن ابراهيم بن الحسن، عن فاطمة ابنة الحسين، عن أسماء ابنة عميس، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صليت يا علي ؟ قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس، قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعدما غربت. أنظر احقاق الحق ج 5، ص 522. ففيه التفصيل ما لا مزيد عليه. ولله در شيخينا الاميني رحمه الله في غديره ج 3، ص 127، إذ أتى ما يشفي به صدور قوم مؤمنين. [ * ]

[ 341 ]

حدائق، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 18 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم خيبر بعد أن إنهزم من بعث: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله، ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، غيري ؟ (2)، قالوا: اللهم لا.


(1) – قال الهيثمي مجمع الزوائد ج 9 ص 121 وعن علي بن أبي طالب قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بيدي ونحن نمشي في بعض سكك المدينة إذ اتينا على حديقة فقلت يارسول الله: ما أحسنها من حديقة فقال: إن لك في الجنة أحسن منها، ثم مررنا باخرى فقلت يارسول الله: ما أحسنها من حديقة قال لك في الجنة أحسن منها حتى مررنا بسبع حدائق كل ذلك أقول: ما أحسنها ويقول: لك في الجنة أحسن منها، فلما خلالي الطريق إعتنقني ثم أجهش باكيا، قلت يارسول الله ما يبكيك ؟ قال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك الا من بعدي، قال: قلت: يارسول الله في سلامة من ديني ؟ قال: في سلامة من دينك. ورواه الحمويني في فرائد السمطين ج 1 ص 154. والمتقي في كنز العمال ج 13 ص 176 الرقم: 36523. وروى الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 75، الحديث: 12160. (2) – قال الطبراني في المعجم الكبير ج 6 ط بيروت ص 187 الرقم: 5950 حدثنا الحسين بن إسحاق حدثنا الصلت بن مسعود، حدثنا فضيل بن سليمان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: ” لاعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه ” فغدا الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجون أن يعطيه الراية فقال: ” أين علي ؟ “. حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الدال على الخير قالوا: هو شاكي العين يارسول الله قال: ” أرسلوا به ” فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا فبرأ، ثم = [ * ]

[ 342 ]

19 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، تفل رسول الله في عينيه وهو أرمد، فذهب ما به، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا.


= دفع إليه الراية، فقال: ” أنفذ ولا تلتفت حتى تنزل بالقوم فتدعوهم إلي ” فنفذ علي، ثم إلتفت [ وقال ]: يارسول الله أنقاتلهم حتى يقولوا: لا اله الا الله ؟ قال: ” على رسلك إذا جئتهم فادعهم إلى قول لا اله الا الله، فلان يسلم رجل على يدك خير لك من أن يكون لك حمر النعم “. كما ذكر ابن الاثير في اسد الغابة ج 4 ص 98. وذكر البخاري أيضا ج 4 ص 73 ط مصر، باب من أسلم على يديه رجل. وكتاب المناقب للمغازلي ص 176 و 177. ومسند الامام أحمد حنبل ج 1 ص 331 وج 2 ص 384 وج 5 ص 333. وسنن ابن ماجة ج 1 ص 45 ذيل الحديث 121. وتاريخ الاسلام للذهبي مجلد المغازي ص 410. والمصنف لابن أبي شيبة ج 12 ص 63. والخصائص للنسائي ص 55. والمستدرك للحاكم النيسابوري ج 3 ص 122. وذخائر العقبى ص 86 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 122، وأورد الخوارزمي في المناقب ط النجف ص 102 و 103. كما رواه الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 71 الحديث رقم: 12149. (1) – سنن ابن ماجة ج 1 ص 43، الحديث: 117. وتقدم في حديث الراية. قال العلامة العيني في العمدة القاري ج 16 ص 216 وفي كتاب أبي القاسم البصري من حديث قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: لاعطين الراية رجلا كرارا غير فرار، فقال حسان يارسول الله تأذن لي أن أقول في علي شعرا ؟ قال: قل، قال: وكان علي أرمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحسن مداويا = [ * ]

[ 343 ]

20 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، جعل رسول الله، يدا بين كتفيه ويدا بين ثدييه، وقال: اللهم أذهب عنه الحر والقر، فلم يجد حرا ولا قرا غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا.


= حباه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا وقال: سأعطي الراية اليوم صارما * فذاك محب للرسول مواتيا يحب النبي والاله يحبه * فيفتح هاتيك الحصون التواليا فأقضى بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المؤاخيا (1) – قال العلامة بدر الدين أبو محمد محمود بن أحمد العيني المتوفى (855) في عمدة القاري ج 16 ص 215: حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة، قال: كان علي قد تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم، فلما كان مساءا اليد التي فتحها الله في صباحها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاعطين الراية أو ليأخذن الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله أو قال: يحب الله و رسوله يفتح الله عليه فإذا نحن بعلي وما نرجوه فقالوا: هذا علي، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففتح الله عليه. قال العيني: قال علي فوضع رأسي في حجره ثم بصق في إلية راحتيه ثم دلك بها عيني ثم قال: اللهم لا يشتكي حرا ولا قرا، قال علي: فما اشتكيت عيني لا حرا ولا قرا حتى الساعة. وفي لفظ دعا له بست دعوات، اللهم أعنه واستعن به وارحمه وارحم به وانصره وانصر به، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. وروى الحافذ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12 ص 63 الحديث رقم: 12129. = [ * ]

[ 344 ]

21 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، إجتمع خمسون نفرا على باب خيبر فلا يطيقوه، فكنت حملته وحدي ! وتترست به وقاتلت الاقران، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 22 – قال نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله إنه لم يبعث نبي قط الا ومعه قوة ثمانين رجلا، ولا كان وصي الا ومعه قوة اربعين رجلا وان وصيكم علي، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 23 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، عنده درع رسول الله وجميع سلاحه ونعلاه، وقضيبه، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 24 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، خلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله): على نسائه وأهله، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 25 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، ضمن دين رسول الله، وعداته وأداها، غيري ؟ (2) قالوا: اللهم لا.


= والحديث شامل فراجع. (1) – روى الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 58، الحديث رقم: 12188: قال مطلب بن زياد، عن ليث قال: دخلت على أبي جعفر فذكر ذنوبه وما يخاف، قال: فبكى ثم قال: حدثني جابر أن عليا حمل الباب يوم خيبر حتى صعد المسلمون ففتحوها وأنه جرب فلم يحمله الا أربعون رجلا. (2) – أنظر احقاق الحق 4، ص 54. [ * ]

[ 345 ]

26 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، زوجه رسول الله فاطمة، ثم قال: يا علي لا تعجل حتى آتيكما، فأتى، وقال: اللهم أذهب عنهما الرجس وطهرهما تطهيرا، غيري (1) ؟ قالوا: اللهم لا. 27 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قام رسول الله على بابه كل يوم، حتى قبض، يقول: السلام عليكم أهل البيت، الصلاة يرحمكم الله، غيري (2) ؟ قالوا: اللهم لا.


(1) – قال القندوزي في ينابيع المودة ص 176: وفي رواية ذكرها جمال الدين الزرندي، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعا ماء فمج فيه وغسل وجهه وقدميه، ثم أخذ كفا من ماء فنضحه على رأس فاطمة وكفا بين ثدييها، ثم أمرها أن يرش بقية الماء على سائر بدنها ثم دعا ماء بمخضب آخر فصنع بعلي كما صنع بفاطمة، ثم قال: اللهم إنهما مني وأنا منهما اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فاذهب عنهما الرجس وطهرهما [ تطهيرا ] ثم قال: جمع الله شملكما وبارك لكما في شبليكما وبارك فيكما وأصلح بالكما. ثم قام وأغلق عليهما باب البيت بيده المبارك ويدعو لهما حتى دخل في بيته. (2) قال الحاكم الحسكاني المتوفي (506) في شواهد التنزيل ط بيروت ج 2 ص 11، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الصبح، يقول: الصلاة يا أهل البيت، ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا “، وروى أيضا عن أنس بن مالك أن رسول الله كان يمر ببيت فاطمة بعد أن بنى بها علي بن أبي طالب بستة أشهر فيقول: الصلاة أهل البيت. وفي حديث آخر بثلاث مرات، وقال عز الدين أبي الحسن علي بن محمد الجزري المعروف بابن الاثير المتوفى = [ * ]

[ 346 ]

28 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله: أنت أمير المؤمنين وسيد المسلمين، وقائد المحجلين غيري (1) ؟ قالوا:


= (630) في أسد الغابة ط القاهرة ج 7، ص 223: عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر، يقول: الصلاة يا أهل بيت محمد، ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا “. وروى الطبري العامي في تفسيره ج 22، ص 6 عن أنس بن مالك بعين ما تقدم، وروى في حديث آخر سبعة أشهر. وروى العلامة المجلسي في البحار، ج 10، ص 142، قال: ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ذلك بقية عمره حتى قبضه الله إليه، يأتينا في كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: الصلاة يرحمكم الله، كما روى العلامة البحراني في تفسير البرهان ج 3، ص، عن أبي الحمراء، قال: شهدت النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعين صباحا يجئ إلى باب علي وفاطمة عليها السلام، فيأخذ بعضادتي الباب، ثم يقول: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله، الصلاة يرحمكم الله، ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا “. (1) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9، ص 124: عن عبد الله بن عكيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى أوحى الي في علي ثلاثة أشياء ليلة أسري بي أنه: سيد المسلمين، وإمام المتقين وقائد المحجلين. ورواه الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في حلية الاولياء ج 1 ص 63، عن القاسم بن جندب، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس أسكب لي وضوء ثم قام فصلى ركعتين ثم قال: ” يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين، وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين “. ورواه أيضا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 2، ص 256، = [ * ]

[ 347 ]

اللهم لا. 29 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله حين قال: من يرتوي لنا ؟ فكاع الناس (1) فأخذت القربة ونزلت القليب، فلما ملاتها صعدت فاستقبلتني رياح ثلاث ! كل ذلك تردني إلى القليب، فلما رأيت رسول الله إستبطأني أخبرته بما أصابني، فأخبرني، أن ذلك جبرائيل وميكائيل، وإسرافيل، جاؤا في زحوف من الملائكة يسلمون عليك غيري ؟ (2) قالوا: اللهم لا.


= وفي ص 259، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسكب لي ماء – أو وضوء، قال: فسكبت له فتوضأ، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال: يا أنس أول من يدخل من هذا الباب أمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين وسيد المؤمنين علي. ورواه أيضا الطبراني في المعجم الصغير، ص 360. ورواه العلامة الجليل أبي الحسن محمد بن أحمد بن علي القمي المعروف بابن شاذان في مأة منقبة كما أوردناه مفصلا في كتابنا الاربعون حديثا ط بيروت ص 155. (1) – من كاع يكيع أي: جبن وضعف. (2) – قال الحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 122: وفي المناقب، عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: أسألك عن إختلاف الناس في علي رضي الله عنه ؟ قال: يا ابن جبير، تسألني عن رجل، كانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة، وهي ليلة القربة في قليب بدر سلم عليه ثلاثة آلاف من الملائكة من عند ربهم. وتسألني عن وصي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحب حوضه وصاحب لوائه في المحشر ؟ والذي نفس عبد الله بن العباس بيده: لو كانت بحار الدنيا مدادا، = [ * ]

[ 348 ]

30 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، يوم إنقلب الناس على أعقابهم، فلم يبق مع رسول الله أحد غيري، فهبط جبرائيل في أربعة آلاف ملك، كلهم ينادي: لا سيف الا ذو الفقار، ولا فتى الا علي، غيري (1) ؟ قالوا: اللهم لا. 31 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، يوم قال جبرئيل لرسول الله: لقد عجبت ملائكة السماء من مواسات هذا الرجل إياك ! فقال: يا جبرائيل، ما يمنعه وهو مني وأنا منه، فقال جبرائيل: وأنا منكما، غيري ؟ (2) قالوا:


= وأشجارها أقلاما، وأهلها كتابا، فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب وفضائله ما أحصوها. (1) – أنظر كتاب المناقب للمغازلي ص 197 الرقم 234، وفيه: عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه عن جده قال: نادى المنادي يوم أحد: لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. ورواه عنه ابن بطريق في العمدة، ص 381. وتاريخ الطبري ج 2 ص 514 والمغازي للواقدي، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 3 ص 380. والخوارزمي في مناقبه ص 104. والذهبي، في ميزان الاعتدال ج 2 ص 312. ومجمع الزوائد ج 6 ص 114 وفرائد السمطين ص 256 و 258. (2) قال أبو جعفر الطبري العامي المتوفى (310) في تاريخ الامم والملوك ج 2، ص 514، حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا حبان بن علي، عن محمد بن عبيدالله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده، قال: لما قتل علي بن أبي طالب أصحاب الالوية أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من مشركي قريش، فقال لعلي: إحمل عليهم فحمل عليهم، ففرق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي. قال: ثم أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من مشركي قريش، فقال لعلي: إحمل عليهم، فحمل عليهم ففرق جماعتهم، وقتل شيبة بن = [ * ]

[ 349 ]


= مالك أحد بني عامر بن لؤي، فقال جبرئيل: يارسول الله، إن هذه للمواساة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل، وأنا منكما، قال: فسمعوا صوتا: لا سيف الا ذو الفقار، * ولا فتى الا علي. ورواه الذهبي في ميزان الاعتدال ط بيروت ج 3 ص 324. وروى العلامة محب الدين الطبري المتوفى (694) في ذخائر العقبى ص 68، عن أبي رافع، قال: لما قتل علي أصحاب الالوية يوم أحد قال جبرئيل عليه السلام يارسول الله إن هذه لهي المواسات، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل عليه السلام: وأنا منكما يارسول الله. [ قال الطبري ]: وخرجه أحمد. كما روى أيضا العلامة عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي المتوفى (655) في شرح نهج البلاغة ج 7 ص 219 قال: قد جاء في الاخبار الصحيحة أنه قال: يا جبرئيل إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما. وفي ج 10 ص 182 قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: قال لي جبريل: يا محمد إن هذه للمواسات، فقلت: وما يمنعه وهو مني وأنا منه ! فقال جبريل: وأنا منكما. وفي ج 14، ص 250 و 252: فقال جبرئيل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا محمد، إن هذه المواسات، لقد عجبت الملائكة من مواسات هذا الفتى ! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وما يمنعه وهو مني وأنا منه، فقال جبرئيل عليه السلام: وأنا منكما. وروى العلامة الزمخشري في ربيع الابرار، ج 1 ص 833. والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ج 6 ص 125. والعلامة المير حسين بن معين الدين الميبدي المتوفى (905) في ” شرح ديوان أمير المؤمنين “، ص 174 (مخطوط). والعلامة ملا معين الدين الكاشفي المتوفى (910)، في ” معارج النبوة ” الركن الرابع ص 107 ط لكنهو. وروى أفضل الفضلاء = [ * ]

[ 350 ]

اللهم لا. 32 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، يوم عبر عمرو بن عبدود الخندق وكاع عنه جميع الناس [ فق‍ ] تلته غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 33 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قتل مرحب فارس خيبر، غيري ؟ (2) قالوا: اللهم لا.


= شاه عبد الحق الدهلوي المتوفى (1025) في ” مدارج النبوة ” ص 168 ط لكنهو. أقول: للمزيد من التفصيل عليك بمراجعة كتاب إحقاق الحق للتستري ج 5، ص 84 و 284. (1) – قال الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3، ص 32: عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدود يوم الخندق أفضلة من أعمال أمتي إلى يوم القيامة. وروى أيضا الخطيب البغدادي في ” تاريخ بغداد ” ج 13، ص 19. والخطيب الخوارزمي في مقتل الحسين ص 45. وفي المناقب ص 104 و 105. والحمويني في فرائد السمطين ج 1، ص 256. والذهبي في ” تلخيص المستدرك ” ج 3، ص 32، ذيل مستدرك الحاكم. والعلامة التفتازاني في ” شرح المقاصد ” ج 2، ص 220، أنظر احقاق الحق ج 6 ص 6. (2) أنظر تاريخ الاسلام للذهبي ج 3، كتاب (المغازي) ص 408 و 409 و 410. وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فأرسل إلى علي يدعوه وهو أرمد [ العين ] فبصق في عينيه فبرأ، فأعطاه الراية فأطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت ؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، قال اليهودي: غلبتم وما أنزل على موسى، فبرز مرحب وهو يقول: = [ * ]

[ 351 ]

34 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، بعثه رسول الله إلى بني جذيمة فلما رجعت إليه قال: يا علي لقد سرت فيهم بسيرة الله غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 35 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، بعثه رسول الله إلى اليمن، فلما رجعت إليه، قال: يا علي لقد قضيت فيهم بحكم الله في السماء غيري ؟ (2)


= قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب. قال: فبرز له علي رضي الله عنه وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي حيدرة * كليث غابات كريه المنظرة أو فبهم بالصاع كيل السندرة * فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله وكان الفتح. والحديث متواتر، من كثرة الطرق والشواهد. (1) – أنظر قصة بعثه عليه السلام إلى بني جذيمة وإصلاحه ما أفسد خالد بن الوليد، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: ” أصبت وأحسنت ” وقوله صلى الله عليه وسلم: في خالد: اللهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد. السيرة النبوية لابن كثير ج 3 ص 592. وتاريخ الاسلام للذهبي ج 3 (المغازي) ص 568. والكامل لابن الاثير ج 2 ص 256. والطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 ص 148. وتاريخ الطبري ج 3 ص 67. والسيرة النبوية لابن هشام ج 4، ص 73. والمغازي للواقدي ج 3، ص 881 – 882 والبداية والنهاية لابن كثير ج 4، ص 313. وتاريخ اليعقوبي ج 2، ص 52، وفيه: فقال رسول الله (لعلي): لما فعلت أحب الي من حمر النعم، ويومئذ قال لعلي: فداك أبواي. والارشاد للشيخ المفيد ج 1، ص 55 ط مؤسسة آل البيت. (2) – قال الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 58، الحديث: 12117: حدثنا = [ ]

[ 352 ]

قالوا: اللهم لا. 36 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، سئل عن حلال وحرام، فلم يكع عنه غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 37 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قتل سبعين رجلا من قريش يعدون فارسا (1) يبلغ الماء آناقهم قبل شفاههم غيري ؟ قالوا: اللهم لا 38 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، نزلت فيه ” السابقون السابقون أولئك المقربون ” غيري (2) ؟ قالوا: اللهم لا. 39 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، نزلت فيه ” لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل ” الآية. غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 40 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، نزلت فيه: (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام) الآية (3)، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. * (هامش) = أبو معاوية، عن الاعمش عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن لاقضى بينهم، فقلت: يارسول الله، إني لا علم لي بالقضاء، قال: فضرب بيده على صدري فقال: اللهم إهد قلبه وسدد لسانه، فما شككت في قضاء بين إثنين حتى جلست مجلسي هذا. (1) – وفي ” ش “: عن أبنيتهم من ذهب. (2) – سورة الواقعة الآية: 10 ثم راجع شواهد التنزيل ج 2 ص 213 ط 1. (3) – سورة التوبة الآية 19، ثم اعلم انه، يظهر من سياق الكلام أن كلمة الآية ليست من المصنف رحمه الله، بل من الناشر أو كاتب النسخة والمصنف ذكر الآية بتمامها وفقا = [ * ]


[ 353 ]

41 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، نزلت فيه: (إنما وليكم الله ورسوله) الآية (1) غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 42 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد،، قال له النبي: منزلك يواجه منزلي في الجنة غيري (2) ؟ قالوا: اللهم لا. 43 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال فيه رسول الله: إن أول من


= للاص كسائر الايات الآتية، ولا يتصور أن الامام عليه السلام ناشدهم بهذا المقدار من الآية. و إليك نصها (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين). أنظر شواهد التنزيل ج 1 ص 244. وتفسير الكبير للفخر الرازي ج 12 ص 48 و 49. (1) – سورة المائدة الآية: 55 وتمامها هكذا: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). (2) – قال الحمويني في فرائد السمطين ج 1 ص 103: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عبداه بن أبي أوفى، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله على أصحابه أجمع ما كانوا فقال: يا أصحاب محمد لقد رأيت الليلة في الجنة وقرب منازلكم من منزلي فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي فقال ز يا علي أما ترضى أن يكون منزلك قي الجنة مقابل منزلي ؟ فقال: بلى بأبي أنت أمي يارسول الله. قال: فإن منزلك في الجنة مقابل منزلي. ورواه أيضا العلامة المتقي الهندي في كنز العمال ج 13 ص 251. والعلامة البدخشي في ” مفتاح النجاح ” ص 46 من المخطوط كما في احقاق الحق ج 6 ص 188. [ * ]

[ 354 ]

يرد علي الحوض غدا أولكم إسلاما علي بن أبي طالب غيري (1) ؟ قالوا: اللهم لا. 44 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، أسند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى صدره في مرضه الذي توفي فيه، فقال: يا أخي الا أبشرك ؟ قلت: بلى قال: قول الله عزوجل: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) أنت وشيعتك تردون علي الحوض غيري ؟ (2) قالوا: اللهم لا. 45 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، جعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في طلاق نسائه مثل نفسه غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 46 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله: يوم المباهلة، إذ نزلت.: (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا


(1) – قال الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 76، رقم الحديث: 12161: حدثنا معاوية بن هشام، قال: حدثنا قيس، عن سلمة بن كهيل، عن أبي صادق، عن عليم، عن سلمان، قال: إن أول هذه الامة ورودا على نبيها أولها أسلاما علي بن أبي طالب. (2) – سورة البينة الآية: 7 ثم انظر شواهد التنزيل ج 2 ص 356، عن يزيد بن شراحيل الانصاري كاتب علي، قال: سمعت عليا يقول: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مسنده إلى صدري، فقال: يا علي أما تسمع قول الله عزوجل: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض، إذا اجتمعت الامم للحساب تدعون غراء محجلين. [ * ]

[ 355 ]

وأنفسكم) أنت نفسي، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 47 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله: في حجة الوداع، كيف كان حجك ؟ قلت: إهلالا كإهلال رسول الله، فأعطاني من هديه الثلث، غيري ؟ (2) قالوا: اللهم لا. 48 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، ناجى رسول الله إثنتي عشرة سنة وقدم بين يدي نجواه صدقة، غيري ؟ (3) قالوا: اللهم لا.


(1) – سورة آل عمران: 61. والآية الشريفة بتمامها هكذا: (فمن حاجك من بعد ما جائك العلم فقل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) الاية 61 / آل عمران ] وللمقام شواهد جمة راجع شواهد التنزيل ج 1، ص 120، ط 1 والتفسير الكبير للفخر الرازي ج 8 ص 85، 86، ط مصر. أنظر المصنف لاب أبي شيبة ج 12، ص 68، الحديث رقم: 12142. وفي ” ش ” هكذا: قال: نشدتكم الله أفيكم أحد قال له رسول الله يوم أراد اليهود يلاعنونه فيرونه نزلت: ” قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين ” فكنت من نفس رسول الله غيري ؟ قالوا: اللهم لا. (2) المغازي للواقدي ج 3، ص 1087، 1088 وفيه: ثم نحر رسول الله صلى الله عليه وآله هديه وأشرك عليا عليه السلام في هديه، وذكره أيضا ابن ماجه في سننه ج 2 ص 1024، 1027، الحديث: 3074. (3) – وفي مناقب الخوارزمي ص 225 ط الغري: أمنكم أحد ناجى رسول الله صلى الله عليه وآله ست عشرة مرة غيري حين قال: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين = [ * ]

[ 356 ]


= يدي نجواكم صدقة ذالك خير لكم وأطهر فان لم تجدوا فان الله غفور رحيم) [ الآية 12 من سورة المجادلة ]. أعمل بها أحد غيري ؟ قالوا: اللهم لا. روى الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل، ج 2 ص 231 عن مجاهد، ان عليا قال: ” إن في القرآن لآية ما عمل بها غيري قبلي ولا [ يعمل بها ] بعدي، وهي آية النجوى، قال: كان لي دينار فبعته بعشرة دراهم فكلما أردت أن أناجي النبي تصدقت بدرهم منه ثم نسخت “. وروى الحاكم عن الحبري في تفسيره، عن مجاهد قال: قال علي: ” آية من القرآن لم يعمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي أنزلت آية النجوى فكان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم فكنت إذا أردت أن أناجي النبي صلى الله عليه وآله تصدقت بدرهم منه حتى فنيت ثم نسخته الآية التي بعدها “: (فان لم تجدوا فان الله غفور رحيم). أنظر تفسير الحبري ط بيروت ص 368. ورواه الطبري العامي في تفسيره ج 28، ص 14 و 15، ورواه أبو حيان الاندلس في تفسير بحر المحيط ج 8، ص 237. ورواه أبو السعود محمد بن محمد العمادي في تفسيره ج 8، ص 221. وروى البيضاوي في تفسيره ص 722 في تفسير سورة المجادلة. وروى ابن كثير في تفسيره ج 4، ص 349. وروى البغوي الشافعي في تفسيره المسمى بمعالم التنزيل ج 4، ص 310. ورواه السيد قطب في تفسير ظلال القرآن ج 6، ص 3512. ورواه القرطبي في تفسيره ج 17، ص 302. كما أورد العلامة الطبرسي في مجمع البيان ج 9 ص 253 ط صيدا. والآلوسي المتوفى (1270) في روح المعاني ج 28، ص 31. والفخر الرازي في تفسير الكبير ج 29، ص 271، ط القاهرة. والزمخشري المتوفى (528) في الكشاف ج 4، ص 494. وروى علي بن ابراهيم القمي في تفسيره ج 2، ص 357. وشيخ الطائفة الطوسي المتوفى = [ * ]

[ 357 ]

49 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال فيه رسول الله: إن فيكم من يقاتل على التأويل، كما قاتلت على التنزيل، قالوا: يارسول الله من هو ؟، قال: خاصف النعل، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا.


= (460) في التبيان، ج 9، ص 551. والسيوطي المتوفى (911) في الدر المنثور ج 8، ص 83 والفيض الكاشاني المتوفى (1091) في تفسير الصافي ج 5، ص 149، وجمال الدين القاسمي المتوفى (1333) في تفسيره المسمى بمخاسن التأويل، ج 16، ص 84. والعلامة اسيد عبد الله الشبر المتوفى (1242) في الجوهر الثمين ج 6، ص 179. والعلامة السيد محمد حسين الطباطبائي المتوفى () في الميزان ج 19، ص 219. والعلامة الحويزي المتوفى () في نور الثقلين ج 5، ص 265. والميرزا محمد المشهدي المتوفى (1125)، في كنز الدقائق ج 10، ص 307 و 308. والعلامة شرف الدين السيد علي الحسيني الاسترآبادي في تأويل الآيات الظاهرة ج 2، ص 673. والعلامة أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي المتوفى (468)، في أسباب النزول، ص 235. وأبو نعيم الاصبهاني المتوفى (430) في النور المشتعل ص 249. والعلامة البحراني المتوفى (1109) في تفسير البرهان ج 4، ص 306 إلى 310. والعلامة يحيى بن الحسن الحلي الشهير بابن بطريق المتوفى (600) في الخصائص الوحي المبين ص 233. والعلامة أبي حفص المعروف بابن الملقن الشافعي المتوفى (804) في تفسير غريب القرآن ص 454. (1) – رواه الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12، ص 64، رقم الحديث: 12131. قال: حدثنا ابن أبي عتيبة عن أبيه، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا جلوسا في المسجد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلينا ولكأن على رؤسنا الطير، لا يتكلم أحد منا. فقال: إن منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قوتلتم على تنزيله، فقام = [ * ]

[ 358 ]

50 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله: لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك الا منافق، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا.


= أبو بكر فقال: أنا هو يارسول الله ؟ قال: لا، فقام عمر فقال: أنا هو يارسول الله ؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل في الحجرة، قال: فخرج علينا علي ومعه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح منها. أنظر المناقب لابن للمغازلي، ص 298 والمناقب، لابن أخي تبوك 438. وأسد الغابة لابن الاثير ج 3 ص 602 الرقم: 6111 ودلائل النبوة للبيهقي، ج 6 ص 435 قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمان بن عبد الله الجرفي ببغداد، أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال حدثنا إسحاق بن الحسن، حدثنا أبو نعيم حدثنا فطر يعني: إبن خليفة عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد الخذري قال: كنا جلوسا ننتظر رسول اله صلى الله عليه وسلم فخرج علينا من بعض بيوت نسائه فقمنا معه غشى فانقطع شسع نعله فأخذها علي رضي الله عنه فتخلف عليها ليصلحها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمنا معه ننتظره ونحن قيام، وفي القوم يومئذ أبو بكر وعمر، فقال: إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فاستشرق لها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فقال: لا، ولكنه صاحب النعل، فأتيته لابشره قبل بها فكأنه لم يرفع به رأسا، كأنه شئ قد سمعه. رواه أيضا الامام أحمد بن حنبل في مسنده ج 3، ص 82. (1) – وفي مسند الحميدي ج 1 ص 31 تحت الرقم 58 ط المدينة المنورة: عن زربن بن حبيش، قال: قال علي بن أبي طالب: ” لقد عهد إلي النبي الامي صلى الله عليه وآله أنه لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق. أنظر صحيح الترمذي: ج 4 ص 332. والمصنف لابن أبي شيبة چ 12، ص 57 وفي أسد الغابة لابن الاثير ج 3 ص 602 ط بيروت، وسنن ابن ماجة، ج 1 ص 42 الحديث: 114. وفي تاريخ بغداد للخطيب، عن الزهري، عن أنس بن مالك يقول: والله = [ * ]

[ 359 ]

51 – قال: نشدتكم الله: أفيكم أحد، قال فيه رسول الله: من سره أن يحيى حياتي، ويموت ميتتي، ويدخل الجنة وعدنيها ربي فليتول علي بن أبي طالب، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 52 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، لما نزلت فيه: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) [ سورة الرعد، الآية: 7 ] فقال فيه رسول الله: أنا المنذر، وعلي الهادي، غيري ؟ (2) قالوا: اللهم لا.


= الذي لا اله الا هو لسمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب، تاريخ بغداد ج 4 ص 410. وروى أيضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفى (402) في معجم الشيوخ، ص 237. (1) – رواه الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في حلية الاولياء ج 1 ص 86، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ” من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده ثم قال لها: كوني فكانت، فليتول علي بن أبي طالب من بعدي ” ورواه أيضا عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالائمة من بعدي فانهم عترتي خلقوا من طينتي، ورزقوا فهما وعلما، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي، لا أنالهم الله شفاعتي. (2) – رواه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج 1، ص 294، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا المنذر وعلي الهادي من بعدي، فقال: يا علي بك يهتدي المهتدون. = [ * ]

[ 360 ]

53 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، يوم أرادت قريش أن تفتك برسول الله ! ونزل عليه جبرائيل: فأمره بالمسير إلى المدينة، فاضطجعت على فراش النبي، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا.


= ورواه أيضا الحمويني في فرائد السمطين ج 1، ص 148 ط بيروت. وقال الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى (774) في تفسيره ج 2 ص 520: وقال أبو جعفر بن جرير: حدثني أحمد بن يحيى الصوفي، حدثنا الحسن بن الحسين الانصاري، حدثنا معاذ بن مسلم، حدثنا الهروي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت (أنما أنت منذر ولكل قوم هاد) قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال: ” أنا المنذر ولكل قوم هاد ” وأومأ بيده إلى منكب علي فقال: ” أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي “. ورواه أيضا الحافظ السيوطي في الدر المنثور، ج 4، ص 608 قال: وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة، والديلمي وابن عساكر وابن النجار، قال: لما نزلت صلى الله عليه وسلم إنا أنت منذر ولكل قوم هاد صلى الله عليه وسلم وضع رسول الله يده على صدره فقال: أنا المنذر، وأومأ بيده إلى منكب علي رضي الله عنه فقال: أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي. ورواه الامام أحمد في المسند ج 1، ص 126، والحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3، ص 129 – 130. وروى العلامة البحراني في البرهان ج 2، ص 280 – 281. وروى ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 2، ص 199. رواه العلامة الشبلنجي في نور الابصار ص 87 ط مصر. (1) – قال الامام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يوسف الگنجي الشافعي المتوفى (658) في كفاية الطالب ص 239 ط النجف الاشرف، تحقيق الشيخ محمد هادي الاميني: ومن ذلك = [ * ]

[ 361 ]

54 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي، قد فضلك الله عليهم كما فضل الذهب على الفضة، وكما فضل


= ما ذكر الثعلبي المتوفى (427) في تفسير قوله عزوجل: (ومن الناس من يشري نفسه أبتغاء مرضات الله) [ سورة البقرة الآية: 207 ] ان النبي صلى الله عليه وآله لما أراد الهجرة إلى المدينة خلف علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة، لقضاء ديونه وأداء الودائع التي كانت عنده وأمر ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه صلى الله عليه وآله وقال له: إتشح ببردي الحضرمي الاخضر، ونم على فراشي فإنه لا يصل منهم اليك مكروه إن شاء الله تعالى، ففعل ذلك علي عليه السلام فأوحى الله تعالى إلى جبرائيل وميكائيل إني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فاختار كلاهما الحياة، فأوحى الله تعالى اليهما أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟ آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، إهبطا إلى الارض فاحفظاه من عدوه فنزلا، فكان جبرائيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يا علي بن أبي طالب، يباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وهو متوجه االى المدينة في شأن علي عليه السلام (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله). قال ابن عباس: نزلت في علي عليه السلام حين هرب النبي صلى الله عليه وسلم من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام على فراش النبي صلى الله عليه وآله، هذا لفظ الثعلبي في تفسيره (799). كما رواه الامام العلامة علي بن محمد بن أحمد المالكي المعروف بابن صباغ المتوفى (855)، في فصول المهمة، ط النجف، ص 45 – 46 – 47 – 48. وروى العلامة الشبلنجي في نور الابصار، ص 96 ط مصر. وقريب منه في المسند الامام أحمد، ج 1، ص 331. و أورده الحاكم في المستدرك ج 3، ص 133. [ * ]

[ 362 ]

الشمس على القمر، غيري ؟ قالوا: اللهم لا (1). 55 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله: أن الله اعطاني أربع خصال في علي لم يعطها أحد من الانبياء قبلي، يواري عورتي، ويقضي ديني، وهو على حوضي، ومعه لواء الحمد تحته آدم ومن ولد ! (2)، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 56 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال فيه (3) رسول الله: إني لست أخاف عليه أن يرجع كافرا بعد إمان، ولا زانيا بعد إحصان، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 57 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، كان يحمي رسول الله بقدميه


(1) – وقريب منه في بحار الاتوار ج 38 ص 14. (2) – قال ابن حجر العسقلاني في لسان االميزان ج 2، ص 404 في ترجمة خلف بن المبارك: عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه.. أعطيت في علي خمس خصال لم يعطها نبي يقضي ديني ويواري عورتي وهو الذائد عن حوضي ولوائي معه يوم القيامة، وأورده أيضا الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1، ص 661 في ترجمة خلف بن المبارك عن الحارث عن علي مرفوعا: أعطيت في علي خمس لم يعطها نبي: يقضي ديني ويواري عورتي، وهو الذائد عن حوضي، ولوائي معه يوم القيامة، وأما الخامسة فإني لا أخشى أن يكون زانيا بعد إحصان، ولا كافرا بعد إيمان. أنظر إحقاق الحق ج 4، ص 267 – 454 – 459. (3) – وفي ” ش “: له. (4) – تقدم في الحديث السابق. [ * ]

[ 363 ]

حتى كان يدخلهما بينه وبين زوجته، غيري ؟ (1) قالوا: اللهم لا. 58 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، قال له رسول الله: أنت المظلوم من بعدي، غيري ؟ (2) قالوا: اللهم لا. 59 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، تفل رسول الله في فيه فمج العلم مجا، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 60 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد، يرد عليه من أمر دينه ما لا يعلمه


(1) – لعله إشارة إلى حديث التكبير والتسبيح كما في صحيح البخاري ج 5، ص 89 الحديث رقم: 301 فيه: فجاء النبي صلى الله عليه وسلم الينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت لاقوم، فقال: على مكانكما، فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وقال: ألا أعلمكما خيرا.. الحديث. (2) – أنظر مستدرك الحاكم ج 3، ص 142، وفيه: إن الامة ستغدر بك بعدي، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي، ومن أبغضك أبغضني وأن هذه ستخضب من هذا – يعني لحيته من رأسه، قال الحاكم: صحيح. ورواه أيضا الخطيب في تاريخ بغداد ج 11 ص 216، وفيه: عن سالم عن أبي إدريس، عن علي قال: مما عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن الامة ستغدر بك من بعدي. بحار الانوار ج 28 ص 191 وفيه: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوعز إلي قبل وفاته قال لي: يا أبا الحسن إن الامة ستغدر بك بعدي وتنقض فيك عهدي، وإنك مني بمنزلة هارون من موسى. وان الامة من بعدي بمنزلة هارون ومن إتبعه، والسامري ومن إتبعه، فقلت: يارسول الله فما تعهد إلي إذا كان ذلك ؟ فقال: إن وجدت أعوانا فبادر إليهم وجاهدهم وإن لم تجد أعوانا كف يدك وأحقن دمك حتى تلحق بي مظلوما. [ * ]

[ 364 ]

الناس الا فزعمتم إليه، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. 61 – قال: نشدتكم الله، أفيكم أحد أكل في حياة رسول الله من طعام الجنة، غيري ؟ قالوا: اللهم لا. الحديث (1). فهذه أكثر من مائة خصلة أوردها هو عليه السلام على الامة ليوجب عليهم الحجة، بكتاب الله وسنة نبيه (2).


(1) – أنظر كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمه الله تجد قريبا مما ذكره المصنف ج 1، ص 188 ط النجف الاشرف. وفي ذيلها شواهد وتعاليق تناسب المقام، فراجع. وذكر أيضا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسين بن هبة الله الشافعي المعروف بابن عساكر الدمشقي في تاريخه في ترجمة الامام أمير المؤمنين عليه السلام ط 1 ج 3 ص 87 وفي ط 1 ص 113. وأنظر كتاب المناقب للمغازلي الشافعي ص 112 ففيه تمام المناشدة مع إختلاف مع ما ذكره المصنف رحمه الله، أحتجاجه (عليه السلام) يوم الشورى. كما أوردها مفصلة العلامة السيد هاشم البحراني في حلية الابرار ج 3 ص 323. ط مؤسسة المعارف الاسلامية بقم. وأورد الشيخ الطوسي في الامالي ج 2 ص 159 – 168. وأورد أيضا السيد أحمد بن طاوس المتوفى (673) في كتاب ” بناء المقالة الفاطمية “، ص 411. (2) – هذا رأي المصنف رحمه الله، ومنه يظهر أن المناشدة كانت أكثر من المذكور في المتن كما يظهر من بعض المناشدات المنقولة عن الامام عليه السلام في سائر الكتب وفيها ما في هذه المناشدة وغيرها، فمن المجموع يظهر صدق كلام المؤلف (ره) بتكميل المناشدة، ولعلها تكون أكثر من مأة خصلة، فللزيادة والتفصيل والتكميل عليك أيها القارئ الكريم بكتاب المناقب للمغازلي. وكتاب المناقب للخوارزمي ط الغري ص 221 و 222 و 223، 224 و = [ * ]

[ 365 ]

فقال عبد الرحمن بن عوف: تأخذها أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر، قال: أسير فيكم بكتاب الله وسنة نبيه (1). فلما رأى عبد الرحمن بن إمتناعه، قال: يا عثمان، تأخذها على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر: قال: نعم، قال: هي لك. أفمن هذه الخصال فيه مجتمعه، أولى بالامارة وبالقيام بأمر الامة بعد رسول الله ؟، أم من لا يعرف وجوه ما ولوه ؟ وهو مفتقر إلى قنبر، فضلا


= 225 -، وكتاب كفاية الطالب، ط الغري، ص 386، وكتاب الغدير للاميني، ج 1 ص 159 و كتاب ترجمة الامام علي (عليه السلام) من تاريخ دمشق لابن عساكر الدمشقي ج 2، ص 5. و كتاب ينابيع المودة ص 266. وكتاب أرجح المطالب للامر تسري ص 482، ولسان الميزان لابن حجر العسقلاني، ج 2، ص 156، وللمريد من الاطلاع عليك بمراجعة كتاب إحقاق الحق للتستري ج 15 ص 679 وملحقاته. (1) – روى العلامة المولى على القاري في ” شرح الفقه الاكبر ” ص 120 ط العثمانية اسلامبول، قال: روى إبائه عليه السلام عن قبول الحكومة الا على كتاب الله وسنة رسوله، قال في نقل قصة الشورى: فأخذ عبد الرحمان بن عوف (أي في ندوة الشورى) بيد علي رضي الله عنه وقال: أوليك أن تحكم بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، فقال علي: أحكم بكتاب الله وسنة رسوله وأجتهد رأيي. ثم قال لعثمان مثل ذلك فأجابه، وعرض عليهما (أي على علي وعثمان) ثلاث مرات وكان علي يجيب بجوابه الاول وعثمان يجيبه بما يدعوه، ثم بايع عثمان. (أنظر إحقال الحق ج 18، ص 5). [ * ]

[ 366 ]

عن علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن لم يحكم بحكم قط الا خولف فيه، وبين له الخطأ، ومن ذكر أن له شيطانا يعتريه (1)، ومن يجزع عند الموت جزعا حتى قال: ليتني تبنة في لبنة، ولم أك شيئا، وقرأ: جاءت سكرة الحق بالموت، فغير الكتاب. وروي: أن النبي (صلى الله عليه وآله) بشره بالجنة، أفيكون هذا القول ممن بشره الصادق، عن ربه الجليل ؟، اللهم إلا أن يكون هذا المبدأ الذي ختم به هذا الامر كله عنده كذابا لا يركن إلى قوله، ولا يثق بما عنده ولا يخفى على ذي لب، أنه لو بشر بالجنة كما يروون لكان قوله كقول أمير المؤمنين وسيد المسلمين، حيث قال على منبر الكوفة لما قرب أمره وإنقضت أيامه: ما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه من هذه شوقا إلى ربي عزوجل، و تصديقا إلى لقاء ربي لمشتاق، ولحسن ثوابه لمنتظر راج وإني لعلى الصراط المستقيم في يقين من أمري وبينة من ربي (2).


(1) – أنظر ص 255 من هذا الكتاب. (2) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 17 ص 225. وروى العلامة الطبراني في المعجم الكبير ج 1 ص 105: حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي حدثنا فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل قال: دعاهما علي رضي الله عنه إلى البيعة، فجاء فيهم عبد الرحمان بن ملجم، وقد كان رآه قيل ذلك مرتين ثم قال: ما يحبس أشقاها والذي نفسي بيده ليخضبن هذه من هذه =

[ 367 ]

وكقوله حين قال له ابن عباس: وقد رآه إمتنع من الطعام: يا أمير المؤمنين ما يمنعك من الطعام ؟ فقال: أحب أن ألقى ربي خميصا إيقانا بحتم القضاء، وإشتياقا وتصديقا (1) لنبأ الرسول. وكقوله للحسين (2): والله ما يبالي أبوك، وقع على الموت، أو وقع الموت عليه (3) وكقوله للحسن لما ضربه ابن ملجم: فزت والله، وما يرى أبوك سوء بعد هذا اليوم، هكدا تكون المعرفة بالله عزوجل، ويكبر (4) شأن رسول الله صلى الله عليه وآله و هكذا يكون التصديق بما جاء من عند الله عزوجل، لا كمن جزع وخاف عاقبة ما سلف.


= وتمثل بهذين البيتين: أشدد حيازيمك للموت * فان الموت آتيكا ولا تجزع من الموت * إذا حل بواديكا (1) – وفي ” ش “: واشتاقه على الصدق. (2) – وفي ” ش “: ابنه. (3) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 5 ص 199. (4) – وفي ” ش “: يكثر. [ * ]

[ 369 ]

(5) باب: الرد على من قال: لم قعد علي بن أبي طالب عن طلب حقه ؟ !


[ 370 ]

121 – بزعمكم إذا، كيف سكت عنه (ان) كان له ؟ !، إنا لما أوردنا هذه القواطع التي إحتججنا بها، والبراهين التي كشفنا عنها، ولم يقدروا على إبطالها، طالبونا بهذه، فقالوا: ما بال هذا الرجل قعد عن طلب حقه ؟ إذ علم أن الخلافة له دون غيره، ولم يضارب عليها بسيفه، أكان أضعف من الرجل الذي غلبه مكانه ؟ أم كانت بنو هاشم أقل عددا وأضعف جندا من بني تيم ؟ فأخبرناهم بالعلة في ذلك وشرحنا ما كانت علة قعوده (عليه السلام) عن طلب حقه بالسيف دون اللسان من قوله، حيث سأله الاشعث ابن قيس، فقال: يا أمير المؤمنين إني سمعتك تقول: ما زلت مظلوما ! فما منعك من طلب ظلامتك والضرب دونها بسيفك ؟ فقال: يا أشعث منعني من ذلك، ما منع هارون (عليه السلام) إذا قال لاخيه موسى (عليه السلام): (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي) (1)، وكان معنى ذلك، أنه قال له موسى حين مضى لميقات ربه:


(1) – سورة طه، الاية: 94. [ * ]

[ 371 ]

إن رأيت قومي ضلوا وإتبعوا غيري، فنابذهم، وجاهدهم، فإن لم تجد أعوانا فاحقن دمك وكف يدك، ! وكذلك قال لي أخي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنا فلا أخالف أمره، وما ضننت بنفسي عن الموت فماذا أقول له إذا لقيته ؟ وقال: ألم آمرك بحقن دمك وكف يدك، فهذا عذري. 122 – وقوله حين سأله ابن دودان (1) فقال يا أمير المؤمنين: عجبت لهؤلاء القوم الذين عدلوا هذا الامر عنكم، ! وأنتم الاعلون نسبا وفرطا برسول الله، وقيما للكتاب ؟ ! فقال: [ عليه السلام ] يابن دودان، إنك لقلق (2) الوضين، وتسأل عن غير ذي مسألة و لك مع هذا أحسن الاجابة قد إستعملت (3) !.


(1) – إلى الان لم نجد ترجمة لهذا العنوان، الا إذا راجعنا الخطبة الحادية والستون من نهج البلاغة، وشرحه لابن ميثم البحراني (ره) وتوضيح الشارح، من أن الرجل المخاطب في كلام الامام عليه السلام، من بني أسد، ومن أجداده ذوذان، والقرابة له من جانب زينب بنت جحش زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فراجع شرح نهج البلاغة للبحراني ج 3 ص 293، ط ابران. كما سيأتيك كلام الشيخ المفيد (ره) قريبا مع كلام ابن أبي الحديد المعتزلي. وفي البحار للمجلسي (ره) ج 44، ص 323، أيضا إشارة ما. (2) – وفي ” ش “: تقلق (3) – هذا هو الصحيح: قد استعلمت. ثم انظر نهج البلاغة الخطبة (160) أنظر شرح أبي الحديد ومصادر نهج البلاغة ج 2 ص 377، واليك النص من الارشاد، قال الشيخ = [ * ]

[ 372 ]

فاعلم: أنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم آخرين، فإن يرتفع عنا محن البلوى نحملهم من الحق على محضه، وإن تكن


= المفيد (ره): وروى نقلة الآثار أن رجلا من بني أسد وقف على أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له: يا أمير المؤمنين العجب فيكم يا بني هاشم: كيف عدل بهذا الامر عنكم وأنتم الاعلون نسبا وسببا ونوطا بالرسول (صلى الله عليه وآله) وفهما للكتاب ؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): يابن دودان إنك لقلق الوضين ضيق ترسل غير ذي مسك لك ذمامة الصهر وحق المسألة وقد استعملت، فاعلم كانت إثرة سنحت بها نفوس قوم وشحت عليها نفوس آخرين. فدع عنك نهبا صيح في حجراته، وهلم الخطب في أمر ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه ولا غرو ويئس القوم الله من حظي وسنتي وحاولوا الادهان في ذات الله وهيهات ذلك مني وقد جدحوا بيني وبينهم شربا وبيئا فإن تخسر عنا محن البلوى أحملهم من الحق على محضه وإن تكن الاخرى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات فلا تأس على القوم الفاسقين. الارشاد للشيخ المفيد ط بيروت ص 156. ثم إن ابن دودان هو الرجل الاسدي الذي سئل عن أمير المؤمنين (عليه السلام) واستعمله، واليك كلام ابن أبي الحديد في شرح النهج ج 9 ص 242 عند شرح قوله (عليه السلام) ” ولك بعد ذمامة الصهر “: لان زينب بنت جحش زوج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كانت أسدية وهي زينب بنت جحش بن رباب بن يعمر بن صبرة بن مرة كثير بن غنم بن دودان ابن أسد بن خزيمة. وأمها أمية بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فهي عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمصاهرة المسار إليها هي هذه. [ * ]

[ 373 ]

الاخرى (فلا تذكب نفسك عليهم حسرات ولا تأس على القوم الفاسقين) [ سورة فاطر: 8 ]. ووجه آخر: ما ذكره العلماء، قلنا: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) منعه من طلب الخلافة بعد فراغه من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبعد أن توثب الظالمون، فبايعوا أبا بكر إن المدينة كانت محتشية بالمنافقين وكانوا يعضون الانامل من الغيظ، وكانوا ينتهزون (يهتبلون) الفرصة، وقد تهياؤا لها ووافق ذلك في شكاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقبل وفاته، وعلي (عليه السلام) مشغول بغسل رسول الله وبإصلاح أمره ودفنه، فلما إنجلت الغمة وبايع الناس أبا بكر من غير مناظرة أهل البيت قعد في منزله، وطلب الخلافة بلسان دون سيفه، وتكلم وأعلم الناس حاله و أمره معذرا يعلم الناس أن الحق له دون غيره، وذكرهم ما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) عقد له، ثم رجع وقعد عن القوم، فصاروا إلى داره و أرادوا أن يضرموها عليه وعلى فاطمة عليها السلام نارا !، فخرج الزبير بسيفه حتى كسروه.


[ 374 ]

123 – رواه محمد بن هارون (1): عن أبان بن عثمان (2): قال: حدثني سعيد بن قدامة (3)، عن زائدة بن قدامة (4): أن أبا بكر دعا عليا (عليه السلام) إلى البيعة فامتنع، وقال: إني لاخو رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يقولها غيري الا كذاب، وأنا والله أحق بهذا الامر منكم، وأنتم أولى بالبيعة لي، إنكم أخذتم هذا الامر من العرب بالحجة وتأخذونه منا أهل البيت غصبا وظلما، إحتججتم على العرب بأنكم أولى الناس بهذا الامر منهم، بقرابة رسول الله (صلى لله عليه وآله وسلم) فأعطوكم المقادة وسلموا لكم الامر فانا أحتج عليكم بما إحتججتم به على العرب، فنحن والله أولى بمحمد (صلى الله عليه وآله) منكم فأنصفونا من أنفسكم إن كنتم تؤمنون بالله، وأعرفوا لنا من هذا الامر ما عرفته لكم العرب، وإلا


(1) – هو محمد بن هارون بن إبراهيم الربعي أبو جعفر البغدادي البزار المعروف بأبي نشيط المتوفى (250) أنظر تهذيب الكمال ج 26 ص 560 رقم: 5661. (2) – هو: أبان بن عثمان بن عفان الاموي المتوفى (105)، أنظر تهذيب الكمال ج 1 ص 16، رقم: 141. الجرح ولتعديل ج 2 ص 295. (3) – لم نجد بهذا العنوان ترجمة لعله تصحيف أو سقط في السند فراجع. (4) – هو زائدة بن قدامة أبو الصلت الثقفي الكوفي، المتوفى (161) أنظر تاريخ لاسلام للذهبي ج 10 (161 – 170) ص 5، ومعجم رجال الحديث ج 7 ص 214 رقم 4649 وفيه: من أصحاب الباقر عليه السلام وروى عن علي بن الحسين عليه السلام. [ * ]

[ 375 ]

فبوؤا بالظلم، وأنتم تعلمون (1). فقال أبو عبيدة بن الجراح: [ يا أبا الحسن ] أبو بكر أقوى على هذا الامر، وأشد إحتمالا، فارض به وسلم له، وأنت بهذا الامر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك ! فقال لهم [ علي عليه السلام ]: 124 – يا معشر قريش، الله الله، لا تخرجوا سلطان محمد من بيته (2) إلى بيوتكم، فإنكم إن تدفعونا أهل البيت عن مقامه في الناس، وحقه تؤزروا فوالله لنحن أهل البيت أحق بهذا الامر منكم ما كان فينا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بسنة رسول الله المضطلع بأمر الرعية، فوالله إن ذلك فينا فلا تزينوا لانفسكم ما قد سميتمونا، ولا تتبعوا الهوى، ولا تزدادوا من الله الا بعدا (3).


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 11، وفيه: فقال عمر: إنك لست متروكا حتى تبايع. فقال له علي: إحلب يا عمر حلبا لك شطره أشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا ! على والله لا أقبل قولك ولا أبايعه. فقال له أبو بكر: فان لم تبايعني لم أكرهك فقال له أبو عبيدة: يا أبا الحسن إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالامور، ولا أرى أبا بكر الا أقوى على هذا الامر منك، وأشد احتمالا له، واضطلاعا به، فسلم له هذا الامر وارض به، فإنك إن تعيش ويطل عمرك فأنت لهذ الامر خليق وبه حقيق، في فضلك وقرابتك، وسابقتك وجهادك. فقال علي…. (2) – وفي ” ش “: من أهل بيته. (3) – أنظر: الامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ص 28 – 29. شرح النهج لابن أبي = [ * ]

[ 376 ]

فقال بشير بن سعد الانصاري (1): لو سمع الناس مقالتك من قبل أن يبايعو أبا بكر، ما إختلف عليك إثنان، فقال أبو بكر لعلي (عليه السلام) عند ذلك: إن لم تبايع [ فلا ] أكرهك !، فانصرف علي (عليه السلام) في ذلك اليوم (2). فسألت زائدة بن قدامة: ممن سمعت هذا الحديث ؟ قال: من أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام). 125 – قال: وأخبرنا مخول بن إبراهيم النهدي (3)، قال: حدثنا مطر


= الحديد ج 6 ص 12 وفيه: قال أبو بكر [ الجوهري ]: وأخبرنا أبو زيد عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو قبيصة محمد بن حرب: لما توفى النبي صلى الله عليه واله وسلم)، وجرى في السقيفة ما جرى تمثل علي: وأصبح أقوام يقولون ما إشتهوا * ويطغون لما غال زيدا غوائله. أقول: من أراد تفصيل الحديث وما جرى بعد السقيفة وتواليها فليراجع إلى ” بحار الانوار للمجلسي رحمه الله ج 38 ص 181. (1) – هو: بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس الانصاري الخزرجي، أنظر الجرح و التعديل ج 2 ص 374 لرقم: 1449، وتهذيب الكمال ج 4 ص 166 الرقم: 718. (2) – قال إبن أبي لحديد: وإنصرف علي إلى منزله، ولم يبايع، ولزم بيته حتى ماتت فاطمة، فبايع. (3) – هو: مخول بن راشد النهدي الكوفي الدي روى عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، وهو جد للمذكور في المتن، أنظر: تهذيب الكمال ج 27 ص 348 الرقم: 5846، والجرح والتعديل ج 8 ص 398 الرقم: 1830. وتاريخ الاسلام للذهبي ج 6 ص 404 الرقم: 395 = [ * ]

[ 377 ]

بن أرقم قال: حدثنا أبو حمزة الثمالي (1): عن علي بن الحسين (عليهما لسلام)، قال: لما قبض [ النبي ] (صلى الله عليه وآله) و بويع أبو بكر، تخلف علي (عليه السلام) فقال عمر لابي بكر: الا ترسل إلى هذا الرجل المتخلف فيجيئ فيبايع ؟، قال [ أبو بكر ]: يا قنفذ اذهب إلى علي وقل له: يقول لك خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تعال بايع ! فرفع علي (عليه السلام) صوته، وقال: سبحان الله ما أسرع ما كذبتم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) !، قال: فرجع فأخبره، ثم قال عمر: الا تبعث إلى هذا الرجل المتخلف فيجيئ يبايع ؟ فقال: لقنفذ: إذهب إلى علي، فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: تعال بايع، فذهب قنفذ، فضرب الباب، فقال علي عليه السلام: من هذا ؟ قال: أنا قنفذ، فقال: ما جاء بك ؟ قال: يقول لك أمير المؤمنين: تعالى فبايع ! فرفع علي (عليه السلام) صوته، وقال: سبحان الله ! لقد إدعى ما ليس له، فجاء: فأخبره، فقام عمر: فقال: إنطلقوا إلى هذا الرجل حتى نجيئ إليه، فمضى إليه جماعة، فضربوا الباب، فلما سمع علي عليه السلام أصواتهم لم يتكلم، وتكلمت إمرأت‍ [ – ه ]، فقالت: من هؤلاء،


= وتهذيب التهذيب ج 10 ص 79 لرقم: 137، وطبقات لابن سعد ج 6 ص 352، والثقات لابن حبان ج 7، ص 515، والمعرفة والتاريخ ليعقوب البسوي ج 3، ص 95، و تقريب التهذيب ج 2، ص 236، الرقم: 988، وفيه: مخول بوزن محمد. (1) – هو: ثابت بن أبي صفية ويقال: سعيد، أبو حمزة الثمالي الازدي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 357 الرقم 819. [ * ]

[ 378 ]

فقالوا: قولي لعلي: يخرج ويبايع، فرفعت فاطمة عليها السلام صوتها، فقالت: يارسول الله ما لقينا من ابي بكر وعمر بعدك ؟ ! ! فلما سمعوا صوتها، بكى كثير ممن كان معه، ثم أنصرفوا (1)، وثبت عمر في ناس معه، فأخرجوه وانطلقوا به إلى أبي بكر حتى أجلسوه بين يديه !، فقال أبو بكر: بايع، قال: فإن لم أفعل ؟، قال: إذا والله الذي لا اله الا هو تضرب عنقك !، قال علي عليه السلام: فانا عبد الله وأخو رسوله قال (أبو بكر): بايع، قال: فإن لم أفعل، قال: إذا والله الذي لا اله الا هو، تضرب عنقك (2)، فالتفت علي عليه السلام إلى القبر، وقال: (يابن أم أن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني) (3) ثم بايع وقام (4) !. 126 – وحدث الواقدي: قال: حدثنا ابن ابي حنيفة، عن داود بن الحصين، قال: غضب رجال من المهاجرين والانصار في بيعة ابي بكر، وقالوا: من غير مشورة ولا رضى منا، وغضب علي والزبير، ودخلا بيت فاطمة، وتخلفا عن البيعة، فجاءهم عمر في عصابة، فيهم أسيد بن حضير (5) وسلمة بن أسلم بن جريش الاشهلي، فصاح عمر: أخرجوا أو


(1) – وفي ” ش “: قال:. (2) – وفي ” ش “: قال:. (3) – وفي ” ش ” قال:. (4) – الامامة السياسة لابن قتيبة ص 30. وأنظر بحار الانوار ج 38 ص 301. (5) – أنظر تهذيب الكمال ج 3 ص 246 رقم: 517. وفي النسخة أسد بن حصين خطأ. [ * ]

[ 379 ]

لنحرقنها عليكم !، فأبوا أن يخرجوا، فصاحت بهم فاطمة وناشدتهم الله، فأمر عمر سلمة بن أسلم، فدخل عليهما، وأخذ سيف (1) أحدهما فضرب به الجدار حتى كسره، ثم أخرجه ما يسوقهما حتى بايعا (2). 127 – قال: وأخبرني إسحاق بن إبراهيم (3)، قال: أخبرنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق، عن عبد الملك بن أعين (4)، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدئلي (5) قال:


(1) – وفي ” ش “: وأسيافهما. (2) – قال أحمد بن محمد بن عبد ربه الاندلسي المتوفى 338 ه‍ في كتابه العقد الفريد ط / بيروت ج 5 ص 13: الذين تخلفوا عن بيعة ابي بكر: علي والعباس، والزبير وسعد بن عبادة، فأما علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له: إن أبو فقاتلهم. فاقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة: فقالت: يابن الخطاب أجئت لتحرف دارنا ؟ قال: نعم ! أو تدخلوا فيما دخلت فيه الامة ! فخرج علي حتى دخل أبي بكر فبايعه، فقال له أبو بكر: اكرهت امارتي ؟ فقال: لا، ولكني آليت ان لا ارتدي بعد موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أحفظ القرآن، فعليه حبست نفسي. (3) – هو: اسحاق بن ابراهيم العجلي، ختن سلمة بن الفضل، روى عن سلمة بن الفضل، أنظر الجرح والتعديل ج 2 ص 208، الرقم: 709. (4) – معجم رجال الحديث ج 11 ص 14 الرقم 7284، والجرح والتعديل ح 5، ص 343 الرقم: 161. (5) تهذيب الكمال ج 33، ص 231، الرقم 7305. [ * ]

[ 380 ]

بعثني أبي إلى جندب بن عبد الله البجلي (1)، أسأله عما حضر من ابي بكر وعمر مع علي، حيث دعواه إلى البيعة، قال: أخذاها من علي ! ! قال: فكتب إليه: لست أسألك عن رأيك، أكتب لي بما حضرت وشاهدت، فكتب: بعثا إلى علي فجيئ به ملبيا، فلما حضر، قالا له: بايع، قال [ علي: ] فإن لم افعل ؟ قالا: إذا تقتل !، قال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله، قالا: اما عبد الله فنعم، وأما اخو رسول الله فلا ! ! ثم قالا له: بايع، قال: لم افعل ؟ قالا: إذا تقتل وصغرا لك، قال: إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله، قالا: اما عبد الله فنعم، وأما أخو رسول الله فلا (2) ! قال: فرجع يومئذ ولم يبايع قال [ الواقدي ]:.


(1) – هو: جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي العلقي، أنظر سير أعلام النبلاء، ج 3 ص 174، الرقم: 30. (2) أنظر الامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري وأنظر تاريخ بغداد ج 6 ص 387، قال الحافظ أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي: أخبرنا أبو نعيم، حدثنا أبو علي ابن الصواف ومحمد بن علي بن سهل الامام، والحسن بن علي بن الخطاب الوراق البغدادي، وسلبمان بن أحمد الطبراني، قالوا: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا زكريا بن يحيى، حدثنا يحيى بن سالم، حدثنا أشعث، ابن عم حسن بن صالح وكان يفضل على الحسن – حدثنا مسعر، عن عطية عن جابر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ” مكتوب على باب الجنة لا اله الا الله محمد رسول الله، علي أخو رسول الله قبل أن تخلق السماوات والارض بألفي عام “.. وأنظر ترجمة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) من ابن عساكر ط 2 بيروت ج 1 ص 133، وفي ط 2 ص 137. [ * ]

[ 381 ]

128 – وروى النعمان المعروف بابن الشيخ: قال: حدثني أبي عن محمد بن جمهور، عن زرارة (1)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال: لما خرج أمير المؤمنين علي عليه السلام من منزله، خرجت فاطمة (عليه السلام) والهة ! فما بقيت إمرأة هاشمية الا خرجت معها حتى انتهت من القبر فقالت: خلوا عن ابن عمي، فوالذي بعث محمدا بالحق لئن لم تخلوا عنه،


(1) – هو: زرارة بن ابن أعين بن سنسن الشيباني، الكوفي المتوفى (150) وإسمه: عبد ربه وكنيته أبو الحسن وابو علي، ولقب بزرارة، من اصحاب الامام الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام وهو من أوتاد الارض، واعلام الدين، له ترجمة مفصلة تجدها في معجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج 7 ص 218 رقم: 4662. ورجال النجاشي، ج 1 ص 397 رقم 461. ورجال الشيخ الطوسي ط النجف، ص 123، في أصحاب الامام الباقر عليه السلام، ورجال أبي عمرو الكشي أنظر إختيار معرفة الرجال لشيخ الطوسي ج 1 ص 345 تحقيق مؤسسة آل البيت. وكتاب الفهرست لابي الفرج المعروف بالوراق النديم ص 276. و بهجة الآمال للعلامة العلياري ج 4 ص 162. وقاموس الرجال للتستري ج 4 ص 415 رقم: 2916. ولسان الميزان لابن حجر، ج 2 ص 473 رقم: 1908. والانساب للسمعاني ج 3 ص 144. والمعارف لابن قتيبة ص 624. وجامع الرواة للاردبيلي ج 1 ص 324 رقم: 2613. وتنقيح الرجال للمامقاني ج 1 ص 438 رقم: 4213. ومنتهى المقال لمحمد بن اسماعيل المدعو بأبي علي ص 139. والتعليقات على منهج المقال لميرزا محمد ص 142. أقول: ومن أرد التفصيل فليراجع رسالة أبي غالب الزراري، تحقيق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي. وتاريخ آل زرارة للسيد الابطحي. [ * ]

[ 382 ]

لانشرن شعري، ولاضعن قميص رسول الله الذي كان عليه حين خرجت نفسه على رأسي ولاخرجن (1) إلى الله، فما صالح بأكرم على الله من ابن عمي، ولا الناقة بأكرم على الله مني، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي. قال: سلمان: وكنت قريب منها، فرأيت والله (2) حيطان مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) انقلعت من أسفلها (3)، حتى لو أراد الرجل أن ينفذ من تحتها لنفذ ! فقلت: يا سيدتي ومولاتي، إن الله تبارك وتعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة، فرجعت الحيطان ! حتى سطعت الغبرة من أسفلها فدخلت في خياشيمنا (4). فمن أين زعموا انه لم يطلب الخلافة بلسانه دون سيفه وقد قعد في بيته ستة أشهر يعلم الناس، فمرة يخرج ملبيا، ومرة يداري، ومرة يقول: ويقال له: [ بايع ] يقول: فإن لم افعل، يقال له: تضرب عنقك. ثم دخل بعد ذلك، فيما دخل فيه الناس، وأشفق على الاسلام وأهله، وخاف أن يثور عليه من كلام متكلم أو شغب شاغب، فإن الانصار لما رأت الامر قد أزيل عن صاحبه، قالت: فمنا أمير ومنكم أمير، وقالوا:


(1) – وفي ” ح “: ولاصرخن. (2) – وفي ” ش “: أساس حيطان. (3) – وفي ” ح “: من أساسها. (4) – وفي ” ح “: في الخياشيم. [ * ]

[ 383 ]

نرد هذا الامر جدعا إذ (1) أزلتموه عن أهل بيت النبوة فخدعوا فقيل لهم: منا الامراء، ومنكم الوزراء، فصاروا هم الامراء، ولم تكن الانصار (2) و زراء فدعاه النظر للدين إلى الكف عن الاظهار، ورأى التجافي عن الامر أصلح، وعلم أن ترك منازعة من لا يصلح لكل الامور لا يعادل التغرير بالدين ولا يفي بالخطاب في دروس الاسلام وما فيه فساد العاجلة والآجلة، فآثر الخمول ظنا (3) بالدين، وآثر الآجلة على العاجلة. ثم وقع أمر الردة، وإمتنع كثير من الناس أن يخرجوا إلى محاربتهم، فقالوا لابي بكر: كيف تخرج ؟ وابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله) قاعد عنك ؟ ! فضرع أبو بكر إلى عثمان بن عفان، وسأله أن يكلم علي بن أبي طالب عليه السلام ويسأله البيعة فإنه لولا مخافة إضطراب الامر عليه لجعلها لعلي، فعندها مشى عثمان إلى علي عليه السلام، فقال: يابن عم رسول الله، إنه لا يخرج إلى قتال هذا العدو أحد وأنت قاعد. 19 – رواه الواقدي قال: حدثني عبد الرحمان بن جعفر، عن ابن عون قال: ما إرتدت العرب، مشى عثمان إلى علي عليه السلام، فقال: يابن عم [ رسول الله ] إنه لا يخرج أحد في قتال هذا العدو وأنت لم تبايع وقد


(1) – وفي ” ح “: إذ قد أزلتموه. (2) – وفي ” ش “: ولم يكونوا أعني الانصار وزراء. (3) – وفي ” ش “: ضنا. [ * ]

[ 384 ]

تراقب الامور كما ترى، وعسى الله أن يجعل فيما ترى خيرا، وإني أخشى من الامر أن يعظم فيأتي بما فيه الزوال، فلم يزل عثمان بعلي حتى مشى به إلى أبي بكر، وسر بذلك من حضر من المسلمين، وخرجت به الركبان في كل وجه وجد الناس في القتال، وكان مع ذلك مذهبه الكف عن تحريك الامر بالسيف إذ أبصر أسياف الفتن مسلولة 1)، وشواهد الفساد بادية، وأرماح القوم توجهت لاكباد الاسام وأهله فأمسك عن طلب حقه، ومع ذلك فإن العرب كانت في أمره على طبقات: فمن رجل قتل علي عليه السلام أباه وأخاه أو ابنه، أو إبن عمه، أو حميمه أو صفيه، أو سيده، أو فارسه، فهو مضطغن (2) قد أغضب على حقه (3) فهو ينتظر الفرصة، ويترقب الدائرة، قد كشف قناعه وأبدى عداوته، حتى قال قائلهم منهم: كيف تهجع (4) قريش، وقد قتلت منهم سبعين رجلا تشرب آناقهم الماء قبل شفاههم. ومن رجل قد أخفي (5) غيظه وأكمن ضغنه، وإنما يحركه أول علة


(1) – وفي ” ش “: شارعة. (2) – إضطغن القوم: إنطووا على الاحقاد وقابلوا الحقد بالحقد، يقال: أضطغن فلان على فلان ضغينة أي أضمرها. المنجد في اللغة. (3) – وفي ” ش “: قد أضب على حقده. (4) – وفي ” ش “: كيف يخيل. (5) – وفي ” ش “: قد زمل غيظه وأكمن ضغنه. [ * ]

[ 385 ]

تحدث، وأول تأويل يعرض، وأول فتنة تنجم، فهو يترصد الفرصة، ويترقب الفتنة، حتى يصول صيال الاسد ويروغ روغان الثعلب، فيشفي غليله، كما قتل خالد بن الوليد بالغميصاء (1)، الرجال، وتعدي إلى الاطفال بعمه الفاكهة بن المغيرة، (2) حتى رفع النبي (صلى الله عليه وآله): يديه إلى السماء، مما ورأى المسلمون بياض إبطيه، وقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد. ثم بعث عليا عليه السلام فوادهم (3).


(1) – قال ياقوت الحموي في معجم البلدان ج 4 ص 214: الغميصاء: تصغير الغميصاء تأنيث الاغمص وهو ما يخرج من العين، والغميصاء: موضع في بادية العرب قرب مكة، كان يسكنه بنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة الذين أوقع بهم خالد بن الوليد (رض) عام الفتح فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): اللهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد، ووداهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) على يدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه. أنظر طبقات ابن سعد ج 2 ص 147، وج 7 ص 396. (2) – أنظر قصة خالد وبنو جذيمة والفاكه بن مغيرة، في سيرة ابن هشام، ج 4 ص 73. وتاريخ الطبري ج ص 67 و 68. وفي مغازي الواقدي ج 3 ص 880، قال: قال: حدثني عبد الله بن زيد، عن اياس بن سلمة، عن أبيه، قال: لما قدم خالد بن الوليد على النبي صلى الله عليه وسلم عاب عبد الرحمان بن عوف على خالد ما صنع، قال: يا خالد أخذت بأمر الجاهلية قتلتهم بعمك الفاكه قاتلك الله ؟ قال: وأعانه عمر بن الخطاب على خالد فقال خالد: أخذتهم بقتل ابيك ! فقال عبد الرحمان: كذبت والله لقد قتلت قاتل أبي بيدي وأشهدت على قتله عثمان بن عفان…. ثم أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج 5 ص 114. (3) – المغازي للواقدي ج 3 ص 881. [ * ]

[ 386 ]

ومن موتور قد شجى بثكله قد زمه (1) الاسلام، وقيده الدين، فهو يكابد حقده ويساور غيظه، إذا ذكر مصرع أبيه أو أخيه. ومن رجل عرف شدته في أمره و (2) إعتقاده في دينه، وخشونة مذهبه، وجملة نفسه، ومن والاه أمره على الخلق (3) وحذر مخالفته، فأراد رجلا ألين منه (عليه السلام). ومن رجل كره أن تكون النبوة والخافة في مغرس واحد، فإن ذلك أحرى أن تعود دولة، في قبائل قريش. ومن همج رعاع لا نظام ولا إختيار عندهم، وهم الاعراب وأشباه الاعراب أجلاف يتفرقون من حيث يجتمعون، ويجتمعون من حيث يتفرقون، لا تؤمن صولتهم إذا هاجوا، ولا يؤمن هيجهم إذا سكتوا، إن أحصنوا بغوا، وإن أجدبوا أثاروا. ومن فرقة قد تفقهوا في الدين، وعرفوا سبب الامامة، وأين محلها، ولكنهم قليل في كثير، وخيار في كل زمان، وإن كثروا فهم أقل عددا من الباقين.


(1) – زم يزم زما فانزم: شده من باب قتل شددت عليه زمامه، والجمع: أزمة. أنظر لسان العرب لابن منظور ج 12 ص 272. والمصباح المنير للفيومي، مادة زمم. (2) – وفي ” ش “: وقلة إعتقاله. (3) – وفي ” ش “: ولاه الله على الخلق ومخالفة الهوى. [ * ]

[ 387 ]

ثم وجب على الامة إذا قعد هذا الرجل المدلول عليه من طلب حقه بسيفه للعلة التي ذكرناها، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد دل عليه، فلما كفاه عليه السلام لم يحتج أن يدل على نفسه، وهذا كما دعا الله عزوجل الملائكة إلى السجود لآدم، فلم يكن لآدم أن يدعو إلى نفسه، وقد كفاه الله ذلك، وقول النبي صلى الله عليه وآله له عليه السلام دليل حيث قال: (يا علي أنت بمنزلة الكعبة يؤتى إليها ولا تأتي). 130 – رواه العباس بن بكار، عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي (1) عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): يا علي أنت بمنزلة الكعبة يؤتى إليها ولا تأتي (2).


(1) – هو: عبد الرحمان بن عسيلة بن عسال المرادي، أبو عبد الله الصنابحي، والصنابح بطن من يمن، أنظر تهذيب الكمال ج 17 ص 282 الرقم: 3905. (2) – أسد الغابة في معرفة الصحابة ج 4 ص 112 ط مصر، في خلافة علي عليه السلام وفيه تتمة الحديث هكذا: ” فإن أتاك هاؤلاء القوم فسلموها إليك – يعني الخلافة – فاقبل منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتى يأتوك “. ورواه أيضا المغازلي في المناقب ص 106، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): مثل علي فيكم كمثل الكعبة المستورة – أو المشهورة – النظر إليها عبادة والحج إليها فريضة. ورواه أيضا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 2 ص 406 ط 2. ورواه أيضا الديلمي في فردوس الاخبار ج 5، ص 406، رقم الحديث: 8309: = [ * ]

[ 388 ]


= يا علي إنما أنت بمنزلة الكعبة، تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هاؤلاء القوم فمكنوا لك هذا الامر فاقبله منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم. وروى الحافظ جلال الدين السيوطي في كتابه ذيل اللئالي ص 62، على ما في إحقاق الحق ج 5 ص 642. والقندوزي في ينابيع المودة ص 90. العلامة الشيخ زين الدين لمناوي في كنوز الحقائق ط مصر ص 203 على ما في إحقاق الحق والعلامة الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي في ” در بحر المناقب ” ص 47 (مخطوط). والعلامة لامر تسري في ” أرجح المطالب ” ص 480، ط لاهور. والعلامة الحمويني في ” مناهج الفاضلين ” ص 180 (مخطوط) والعلامة السيد محمود الدرگزيني في ” نزل السايرين ” على ما في درر المناقب. والعلامة العيني في ” مناقب علي ” ص 30 ط أعلم پريس. [ * ]

[ 389 ]

[ مناشدته عليه السلام مع الخوارج ] 131 – وقد إحتج على الخوارج حين بعث علي عليه السلام بعبد الله ابن عباس، يحاجهم، فقالوا: نقمنا يابن عباس على صاحبك خصالا كلها مكفرة موبقة، تدعو إلى النار !. أما الاولى: فإنه محى إسمه من إمرة المؤمنين، ثم كتب الكتاب بينه وبين معاوية، فإذا لم يكن أمير المؤمنين، فنحن المؤمنون ولسنا نرضى أن يكون علي عليه السلام أميرنا. [ وأما ] الثانية: فإنه شك في نفسه، حيث قال للحكمين: أنظرا، فإن كان معاوية أحق بها مني فأثبتاه، وإن كنت أولى بها منه ؟، فاثبتاني، فإذا هو قد شك في نفسه، فلم يدر أهو أحق بها أم معاوية ؟ فنحن فيه أشد شكا. وأما الثالثة: فإنه جعل الحكم إلى غيره، وقد كان عندنا من أحكم الناس. وأما الرابعة: فإنه حكم في دين الله الرجال، ولم يك ذاك إليه. وأما الخامسة: قسم بيننا الكراع والسلاح يوم البصرة، ومنعنا النساء والذرية.


[ 390 ]

وأما السادسة: فإنه كان وصيا، فضيع الوصية. فقال ابن عباس: قد سمعت يا أمير المؤمنين مقالة القوم، وأنت أحق بالجواب. فقال (عليه السلام) (1): يابن عباس: قل لهم: ألستم ترضون بحكم الله وحكم رسوله قالوا: نعم، قال: أبدأ على ما بدأتم به أول الامر، فقد كنت أكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو فكتبت: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو وصخر بن حرب، فقال سهيل: إنا لا نعرف الرحمن الرحيم، ولا نقر أنك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمحوت الرحمن الرحيم، وكتبت باسمك اللهم، ومحوت رسول الله، وكتبت محمد بن عبد الله


(1) – وأخيرا منه ذكر النسائي في الخصائص ط بيروت ص 266، والحاكم النيسابوري في المستدرك في كتاب قتال أهل البغي ج 2 ص 150 وكذا ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق ج 3 ص 191 ط 2. أقول وذكر النسائي بعد نقل الاحتجاج شواهد مهمة تفيد للمقام وتؤيد لما ذكر في المناظرة ولعدم التطويل أعرضنا عن ذكرها. [ * ]

[ 391 ]

فقال لي: يا علي إنك تدعى إلى مثلها، فتجيب وأنت مكره (1)، و


(1) – أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج 4 ص 105 وفيه: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات أكتب بيننا وبينك كتابا، فدعا الكاتب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ولكن بسمك اللهم كما كنت تكتب فقال المسلمون: والله لا نكتبها الا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أكتب بسمك اللهم ثم قال: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن أكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لرسول الله وإن كذبتموني، أكتب محمد بن عبد الله. قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 2 ص 232: قال نصر: فلما رضي أهل الشام بعمرو وأهل العراق بأبي موسى، أخذوا في سطر كتاب الموادعة، وكانت صورته: ” هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ومعوية بن أبي سفيان ” فقال معاوية بئس الرجل أنا إن أقررت أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته ! وقال عمرو: بل نكتب إسمه وإسم أبيه، إنما هو أميركم، فأما أميرنا فلا. فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه، فقال الاحنف: لا تمح إسم أمير المؤمنين عنك، فإني أتحوف إن محوتها ألا ترجع إليك أبدا، فلا تمحها. فقال علي عليه السلام: إن هذا اليوم كيوم الحديبية حين كتب الكتاب عن رسول الله صلى الله عليه: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو، فقل سهيل: لو أعلم أنك رسول الله لم أقتلك، ولم أخالفك، إني إذا لظالم لك إن منعتك أن تطوف ببيت الله الحرام وأنت رسوله ولكن أكتب: محمد بن عبد الله، فقل لي رسول الله صلى الله عليه: يا علي، إني لرسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ولن يمحو عني الرسالة كتابي لهم من محمد بن عبد الله، فاكتبها وامح ما أراد محوه، أما إن لك مثلها ستعطيها وأنت مضطهد. = [ * ]

[ 392 ]

هكذا، كتبت بيني وبين معاوية وعمرو بن العاص، فقالا: قد ظلمناك إن أقررنا أنك أمير المؤمنين وقاتلناك، ولكن أكتب: علي بن أبي طالب فمحوت كما محا رسول الله، وكتبت كما كتب رسول الله، فإن أثبت ما ثبتوني. فقالوا: هذه لك خرجت منها. قال: وأما قولكم: أني شككت في نفسي، حيث قلت للحكمين: أنظر، فإن كان معاوية أحق بها مني، فأثبتاه، فإن ذلك لم يكن شكا مني ولكنه نصف من القول، وقد قال الله تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) (1) فلم يكن ذلك شكا، وقد علم الله: أن نبيه كان على الحق، قالوا: وهذه لك خرجت منها.


= قال نصر: وقد روى أن عمرو بن العاص عاد بالكتاب إلى علي عليه السلام، فطلب منه أن يمحو إسمه من إمرة المؤمنين فقص عليه وعلى من حضر قصة صلح الحديبية قال: إن ذلك الكتاب أنا كتبته بيننا وبين المشركين، واليوم أكتبه إلى ابنائهم، كما كان رسول الله صلى الله عليه كتبه إلى آبائهم شبها ومثلا، فقال عمرو: سبحان الله، أتشبهنا بالكفار، ونحن مسلمون ! فقال علي عليه السلام: يابن النابغة، ومتى لم تكن للكافرين وليا وللمسلمين عدوا ! فقام عمرو، وقال: والله لا يجمع بيني وبينك مجلس بعد اليوم. فقال علي: أما والله إني لارجو ا أن يظهر الله عليك وعلى أصحابك. (1) – سورة السبأ: الآية: 24. [ * ]

[ 393 ]

قال: وأما قولكم: إني جعلت الحكم إلى غيري، وقد كنت عندكم من أحكم الناس ! فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، جعل الحكم إلى سعد يوم بني قريظة، وقد كان أحكم الناس ؟ وقد قال الله تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) (1)، فتأسيت برسول الله (صلى الله عليه وآله)، قالوا: وهذه لك خرجت منها، قال: وأما قولكم: إني حكمت في دين الله الرجال فقد حكم الله جل ذكره في طائر، فقال: (ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم) (2) فدماء المسلمين أعظم من دم طائر. قالوا: وهذه لك خرجت منها (3)، قال: وأما قولكم: إني قسمت يوم البصرة الكراع والسلاح ومعتكم النساء والذرية، فإني مننت على أهل البصرة، كما من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على أهل مكة، وقد عدوا علينا أخذناهم بذنوبهم، ولم نأخذ صغيرا بكبير، وبعد فأيكم يأخذ عائشة بسهمه ؟، قالوا: وهذه لك خرجت منها.


(1) – الاحزاب: 21. (2) – سورة المائدة: 95. (3) – وفي ” ش “: بحجتنا. [ * ]

[ 394 ]

قال: وأما قولكم: كنت وصيا فضيعت الوصاية، فأنتم كفرتم وقدمتم علي غيري وأزلتم الامر عني، ولم أك كفرت بكم، وليس على الاوصياء الدعاء إلى أنفسهم، فإنما تدعوا الانبياء إلى أنفسهم والوصي مدلول عليه مستغن عن الدعاء إلى نفسه، ذلك لمن آمن بالله ورسوله، وقد قال الله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (1). فلو ترك الناس الحج لم يكن البيت ليكفر بتركه إياه، ولكن كانوا يكفرون بتركه، لان الله تبارك وتعالى قد نصبه لهم علما، وكذلك نصبني علما، حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي أنت بمنزلة الكعبة يؤتى إليها ولا تأتي (2)، فقالوا: وهذه لك خرجت منها وحججتنا، فأذعنوا معه أربعة آلاف رجل ممن قعدوا عنه (3)،


(1) – سورة آل عمران، الآية: 97. (2) – تقدمت قبل قليل مصادر هذا الحديث، وهو مشهود بل متواتر. (3) – قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 10 ص 157: لحديث: 18678: أخبرنا عبد الرزاق عن عكرمة بن عمار، قال: حدثنا أبو زميل الحنفي قال: حدثنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:. لماا إعتزلت الحر وراء فكانوا في دار على حدتهم، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هاؤلاء القوم فأكلمهم، قال: إني أتخوفهم عليك، قلت: كلا إن شاء = [ * ]

[ 395 ]


= الله تعالى، قال: فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليمانية، قال: ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة، قال: فدخلت على قوم لم أر قوما قط أشد إجتهادا منهم، أيديهم كأنها ثفن الابل، ووجوجههم معلمة من آثار السجود، قال: فدخلت، فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس ! ما جاء بك ؟ قلت: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عليهم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله، فقال بعضهم: لا تحدثوه، وقال بعضهم والله لنحدثنه، قال: قلت: أخبروني ما تنقمون على إبن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وختنه، وأول من آمن به ؟ وأصحاب رسول الله معه ؟ قالوا: ننقم عليه ثلاثا، قال: قلت: وما هن ؟ قالوا: أولهن أنه حكم الرجال في دين الله، وقد قال الله: إن الحكم الا لله، قال: قلت: وماذا ؟ قالوا: وقاتل ولم يسب، ولم يغنم، لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دمائهم، قال: قلت: وماذا ؟ قالوا محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير لكافرين، [ قال ابن عباس ]: قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) ما لا تنكرون، أترجعون ؟ قالوا: نعم، قال: قلت: أما قولكم: حكم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم – إلى قوله: يحكم به ذوا عدل منكم) سورة المائدة: 95، وقال في المرأة وزوجها: (وإن خفتم شقاق بينهم فابعثوا حكما من اهله وحكما من أهلها) سورة النساء الآية 35، أنشدتكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق أم في إرنب ثمنها ربع درهم ؟ قالوا: اللهم بل في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم، قال أخرجت من هذه ؟ قالوا: اللهم نعم، = [ * ]

[ 396 ]

فأي دليل أوضح من هذا الدليل في عدم قعوده عن طلب حقه بالسيف، 132 – ثم إنه لما بويع له، ونكث من نكث [ ف‍ ] طلبهم على النكث وقاتلهم عليه، وقد خطب الناس، فقال في خطبته:


= قال: وأما قولكم: إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم عائشة ؟ أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها، فقد كفرتم، وإن زعمتم إنها ليست أم المؤمنين فقد كفرتم وخرجتم من الاسلام، إن الله يقول: (النبي أولى باالمؤمنن من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) (سورة الاحزاب، الآية 6.) فأنتم مترددون بين ضلالتين، فاختار أيهما شئتم أخرجت من هذه ؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأما قولكم: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا، فقال: أكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، فقالوا: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن أكتب محمد بن عبد الله، فقال: والله إني لرسول الله حقا وإن كذبتموني أكتب يا علي ! محمد بن عبد الله، فرسول الله (صلى الله عليه وآله) كان أفضل من علي رضي الله عنه، أخرجت من هذه ؟ قالوا: اللهم نعم، فرجع منهم عشرون ألفا، وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا، قال أحمد المحمودي: هذه المناشدة ذكرها الحافظ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمان ابن الجوزي المتوفى (597) في كتابه تلبيس إبليس في باب: ذكر تلبيس إبليس على الخوارج: ص 91، مع إختلاف في الالفاظ. وذكر اليافعي في مرآة الجنان ج 1 ص 114. وذكر أيضا أبو يوسف البسوي في المعرفة والتاريخ، ج 1، ص 522. والعلامة المقدسي في البدء والتاريخ، ج 5 ص 223. [ * ]

[ 397 ]

إن الله ذا الجلال والاكرام، لما خلق الخلق وإختار خيرة من خلقه، وإصطفى صفوة من عباده أرسل رسوله منهم وأنزل كتابه عليهم وشرع له دينه، وفرض فرائضه وكانت الجملة قول الله عزوجل: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وألي الامر منكم) (1). وهؤلاء أهل البيت خاصة دون غيرهم فانقلبتم عى أعقابكم، و إرتددتم، ونقضتم الامر، ونكثتم العهد ولم تضروا الله شيئا، وقد أمركم الله أن ترد والامر إلى الله ورسوله، والى أولي الامر منكم، المستنبطين للعلم، فأقررتم بمن جحدتم، وقد قال الله لكم: (أوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) (2). إن أهل الكتاب والحكمة والايمان آل إبراهيم بينه الله لكم، فحسدوا، فأنزل الله عزوجل: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من امن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) (3). فنحن آل إبراهيم فقد حسدنا كما حسد اباؤنا، وأول من حسد آدم عليه السلام الذي خلقه الله عزوجل بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له


(1) – سورة النساء الآية 59. (2) – سورة البقرة الآية 40. (3) – سورة النساء الآية 54. [ * ]

[ 398 ]

ملائكته، وعلمه الاسماء وأصطفاه على العالمين، فحسده الشيطان فكان من الغاوين، ثم حسد قابيل هابيل فقتله فكان من الخاسرين، ونوح حسده قومه فقالوا: ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون ويشرب مما تشربون، (ولئن أطعتم بشرا مثلكم إذا لخاسرون) (1). ولله الخيرة، يختار من يشاء من عباده، ويختص برحمته من يشاء، يؤتى الملك من يشاء والحكمة من يشاء. ثم حسد نبينا (صلى الله عليه وآله) ألا ونحن أهل البيت الذين أذهب الله عنا الرجس، فنحن محسودون كم حسد أباؤنا، قال الله تعالى: (إن أولى الناس بإبراهيم للذين إتبعوه وهذا النبي) (2)، وقال تعالى: (أولوا الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (3)، فنحن أولى الناس بإبراهيم، ونحن ورثناه، ونحن أولو الارحام اللذين ورثناه الكعبة والحكمة، ونحن أولى بإبراهيم أفترغبون عن ملة إبراهيم ؟ وقد قال الله عزوجل: (فمن تبعني فإنه مني) (4). يا قوم أدعوكم إلى الله وإلى رسوله وإلى كتابه، وإلى ولي أمره و وصيه ووارثه، فاستجيبوا لنا، واتبعوا آل ابراهيم واقتدوا بنا، فإن ذلك


(1) – سورة المؤمنون الآية 33 و 34. (2) – سورة آل عمران، الآية: 68. (3) – سورة الاحزاب، الآية: 6. (4) – سورة إبراهيم، الآية: 36. [ * ]

[ 399 ]

لنا فرضا واجبا، والافئدة من الناس تهوي إلينا، وذلك دعوة إبراهيم عليه السلام، حيث قال: (فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم) (1). فهل نقمتم منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل علينا، فلا تفرقوا فتضلوا، والله شهيد عليكم، فقد أنذرتكم، ودعوتكم، وأرشدتكم ثم أنتم أعلم وما تختارون (2). 133 – وقال عليه السلام أيضا في خطبة [ أخرى ]: هلك من قارن حسدا، وقال باطلا، ووالى على عداوتنا أو شك في فضلنا، أنه لا يقاس بنا آل محمد من هذه الامة أحد، ولا يسوي بنا من جرت نعمتنا عليهم، نحن أطول الناس أغراسا، ونحن أفضل الناس أنفاسا، ونحن عماد الدين، بنا يلحق التالي، وإلينا يفئ الغالي، ولنا خصائص حق الولاية، وفينا الوصية والوراثة، وحجة الله عليكم في حجة الوداع يوم غدير خم، وبذي الحليفة، وبعده المقام الثالث بأحجار الزيت، تلك فرائض ضيعتموها، وحرمات إنتهكتموها، ولو سلمتم الامر لاهله، ولو أبصرتم باب الهدى رشدتم (3).


(1) – سورة إبراهيم الآية: 37. (2) إنظر المصدر… (3) – وفي شرح نهج البلاغة لمحمد عبده الخطبة الثانية ط القاهرة ص 24 هكذا: لا يقاس بآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذه الامة أحد، ولا يسوي بهم من جرت نعمتهم عليهم = [ * ]

[ 400 ]

اللهم إني قد بصرتهم الحكمة، ودللتهم على طريق الرحمة، و حرصت على توفيقهم بالتنبيه والتذكرة، ودللتهم على طريق الجنة بالتبصر والعدل والتأنيب، ليثبت راجع، ويقبل ويتعظ مذكر، فلم يطع لي قول. اللهم إني أعيد القول ليكون أثبت للحجة عليهم: يا أيها الناس، إعرفوا فضل من فضل الله، وإختاروا حيث إختار الله، واعلموا أن الله قد فضلنا أهل البيت بمنه حيث يقول: (أنما يريد الله ليذهب عنكم ارجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1). فقد طهرنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ومن كل دنية وكل رجاسة، فنحن على منهاج الحق ومن خالفنا فعلى منهاج الباطل، والله لئن خالفتم أهل بيت نبيكم لتخالفن الحق إنهم لا يدخلونكم في ردى، ولا يخرجونكم من باب هدى ولقد علمتم وعلم المستحفظون من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أني وأهل بيتي مطهرون من


= أبدا، كما ذكر هذه الفقرات الاخيرة، الآمدي (ره) في غرر الحكم ص 857، ط، ايران، الرقم: 466، ترجمة محمد علي الانصاري. ولله در السيد الخطيب في تحقيقه مصادر نهج البلاغة وأسانيده، وفي هذا الموضع من الكلام قال: أما قوله عليه السلام: ” لهم خصائص حق الولاية والوراثة ” فقد رواه الطبري في المسترشد: ص 73 ط النجف. (وهو كتابنا هذا) أنظر مصادر نهج البلاغة ج 1، ص 303 ط بيروت. (1) – سورة الاحزاب، الآية: 33. [ * ]

[ 401 ]

الفواحش، ولقد قال (صلى الله عليه واله وسلم): لا تسبقوهم فتضلوا، ولا تخالفوهم فتجهلوا، ولا تخلفوا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم كبارا، وأحكمكم صغارا، وإتبعوا الحق وأهله حيث كانوا قد والله فرغ من الامر، لا يزيد فيمن أحبني رجل منهم ولا ينقص منهم رجل. وذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي: يا علي إن الله قد أخذ من شيعتك الميثاق، لا يزيد فيهم رجل ولا ينقص منهم رجل، أنت وشيعتك في الجنة (1). 134 – وقال عليه السلام في مقام آخر: قد إستكبر أقوام في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأضمروا لعلي الغل المدفون ومن بعده ما قعدوا للثقل الاكبر بالمرصد، حتى أدخلوا فيه الالحاد وقعدوا للثقل الاصغر بالاضطهاد، ولقد أسروا في رسول الله بالنجوى وصدق فيه بعضهم بعضا، وتعارضوا عليه الحسد من عند أنفسهم. والله لقد إرتد بعد رسول الله أقوام، إرتدوا على الاعقاب وغالتهم السبل، وإتكلوا على الولائج (2)، وهجروا السببب الذي أمروا بمودته، أصابوا بالامر غير أهله، ونقلوا البناء من غروس أساسه وبنوه في غير


(1) – أنظر المصدر. (2) – الولائج جمع وليجة، ما يتخذها الانسان لنفسه إلى هنا ذكر الشريف الرضي بعض جملاته في نهج البلاغة، في الخطبة 148، وسيأتيك بعد قليل. [ * ]

[ 402 ]

موضعه (1). فتلك لعمري، أكبر الكبائر، فتحوا على أنفسهم باب البلاء، وأغلقوا باب العافية، وتركوا الرخاء، وإختاروا البلاء، فصاروا في غمرة تغشى أبصار الناظرين، وريب بنته لها عقول الطامعين، منها يشعث البنيان، وإتبعوا ملة من شك وظلم وحسد، وركن إلى الدنيا، وهو القائل لاشباهه في الاسلام مضاهيا للسامري، في قوله مقتديا به في أفعاله، جاهلا لحق القرابة مستكبرا عن الحق، ملقيا بيديه إلى التهلكة بعد البيان من الله عزوجل، والحجج التي تتلو بعضها بعضا، معتديا على


(1) – إلى هنا ذكر الشريف الرضي بعض جملاته في نهج البلاغة في الخطبة (148). وقال العلامة المعاصر السيد عبد الزهرة الخطيب، في مصادر نهج البلاغة وأسانيده ج 2 ص 337 ط بيروت، بعد نقل الخطبة: روى الطبري في ” المسترشد “، ص 74، فقرات من أواخر هذه الخطبة باختلاف في بعض الالفاظ، ويظهر من رواية الطبري أن هذه الخطبة طويلة، لانه جاء في بعض روايته فصول لم يروه الرضي، ولانه قال في أول روايته لما رواه: وقال عليه السلام أيضا في خطبته… وفي شرح نهج البلاغة لمحمد عبده في ذيل خطبة 148، ج 2 ص 46 ط مصر هكذا: حتى إذا قبض الله رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجع قوم على الاعقاب، وغالتهم السبل وإتكلوا على الولائج ووصلوا غير الرحم وهجروا السبب الذي أمروا بمودته ونقلوا البناء عن رص أساسه، فبنوه في غير موضعه. [ * ]

[ 403 ]

القرابة كما اعتدى في السبت أهله. ألا وإن لكل دم ثائر، وإن الثائر يريد دمائنا، والحاكم في حق ذي القربى واليتامي والمساكين وأبناء السبيل: الله الذي لا يفوته مطلوب يوثر حذو النعل بالنعل، مأكلا بمأكل ومشربا بمشرب، أمر من طعم العلقم، وكما هو آت قريب، ويحسبكم ما تزودتم، وحملتم عى ظهوركم من مطايا الخطايا، مع الذين ظلموا (1). 135 – ثم أقبل عليه السلام على الحسن عليه السلام، فقال: يا بني، ما زال أبوك مدفوعا عن حقه، مستأثرا عليه منذ قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يوم الناس هذا، (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (2). 136 – وقال عليه السلام في مقام آخر: أيها الناس، إستصحبوا من شعلة مصباح واضح، وامتاحوا من عين صافية، قد روقت من الكدر، وامتاروا (3) من طور الياقوت الاحمر، فلعمري ما فوض إليكم،


(1) – روى السيد الرضي رحمه الله بعض هذه الفقرات في نهج البلاغة، أنظر شرح النهج لابن أبي الحديد ج 1 ص 272. (2) – سورة الشعراء الآية: 227. (3) – أي واختاروا لانفسهم. [ * ]

[ 404 ]

واعلموا أن الذي هو أعلم بكم لو وقفتم ببابه، وقلدتموه الامر هداكم، فليس المعروف كلما عرفنموه، وليس المنكر كلما أنكرتموه، فلربما سميتم المعروف منكرا وسميتم المنكر معروفا، وإحتجتم إلى رأي البائس الفقير الذي يحدث لرأي بعد الرأي، يريد أن يلصق ما لا يلتصق، ينقض رأيه ما قد أبرمه آل الرسول (صلى الله عليه وآله)، ويهدم ما قد شيدوه لكم، ولو سلمتم الامر لاهله سلمتم، ولو ابصرتم باب الهدى رشدتم. الله الله عباد الله، القوا هذه الازمة إلى صاحب الامر عفوا، ولا تقيسوا هذه الامور بآرائكم فترتدوا القهقرى على اعقابكم، ولا تتكلوا على أعمالكم، خوف مما في غب أناتكم، ولا تزولوا عن صاحب الامر فتذقوا غب أفعالكم، الا فتمسكوا من إمام الهدى بمعجزته، وخذوا من يهديكم ولا يضلكم، فإن العروة الوثقى التي تفوتكم، (إن الله مع الذين اتقوا والذينهم محسنون) (1). 137 – وقال عليه السلام في مقام آخر، لما ولي الامر: أهلك الله فرعون وهامان وقارون، والذي نفسي بيده، لتخلخلن خلخة ولتبلبلن بلبلة، ولتغربلن غربلة، ولتساطن سوطة القدر حتى


(1) – سورة النحل، الآية: 128 [ * ]

[ 405 ]

يعود أسفلكم أعلاكم، ولقد عدتم كهيئتكم يوم بعث فيكم نبيكم (صلى الله عليه وآله) ولقد تبينت بهذا الموقف وبهذا الامر، وما كتمت رحمة ولا سقطت وسمة، هلك من إدعى، وخاب من افترى، اليمين والشمال مضلة الطريق، والمنهج ما في كتاب الله وآثار النبوة (1). الا إن أبغض عبد خلقه الله لعبد وكله إلى نفسه، ورجل قمش (2) في اشباه الناس علما فسماه الناس عالما، حتى إذا ورد من آجن، وارتوى من غير طائل، قعد قاضيا للناس لتخليص ما اشتبه من غيره، فإن قاس شيئا بشئ لم يكذب بصره، وإن أظلم عليه شئ كتم ما يعرف من نفسه، لكيلا يقال: خباط عشوات، ومفتاح جهالات لا يسأل عما لا يعلم، فيسأل ولا ينهض بعلم قاطع يذري الرواية إذراء الريح الهشيم، تصرخ منه المواريث، يحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم بقضائه الفرج الحلال لا يلى (3) بتصدير ما ورد عليه، ولا ذاهل عما فرط عنه،


(1) – روى بعض هذه الفقرات، أبو عثمان الجاحظ في البيان والتبيين، ط بيروت، ص 237 و 238، ضمن خطبة نقلها عن أبي عبيدة معمر بن المثنى وقال: أول خطبة خطبها علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ونقلها عنه أيضا ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة، ج 1، ص 272، و 275، وهي الخطبة السادسة عشر من نهج البلاغة. (2) – القمش: الردئ من كل شئ والجمع قماش. ونظيره عرق وعراق نقله ابن السكيت. أنظر تاج العروس للزبيدي ج 17 ص 341. (3) – وفي نسخة ” ح ” و ” ش “: لا ملي. [ * ]

[ 406 ]

ألا إن علم الدي هبط به آدم وجميع ما فضلت به الانبياء عليهم السلام في عترة نبيكم، فاين يتاه بكم وأين تذهبون ؟. يا معشر من نجا من أصحاب السفينة، هذا مثلها فيكم كما نجا في هاتيك من، كذالك من ينجو في هذه منكم من ينجو، ويل لمن تخلف عنهم، إنهم لكم كالكهف لاصحاب الكهف سموهم بأحسن أسمائهم. ومما سموا به في القرآن، هذا عذب فرات سائغ شرابه فاشربوا وهذا ملح أجاج فاحذروا، إنهم باب حطة فادخلوا، الا ان الابرار من عترتي وأطائب أرومتي، أعلم الناس صغارا وأعلمهم كبارا، من علم الله علمنا، ومن قول صادق سمعنا، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن تدبروا عنا يهلككم الله بأيدينا، أو بما شاء معنا راية الحق، من تبعها لحق، ومن تخلف عنها محق، وبنا ينير الله الزمان الكلف، وبنا يدرك الله ترة كل مؤمن، وبنا يفك الله ربقة الذل عن أعناقكم، وبنا يختم الله لا بكم (1).


(1) – إلى هنا أورد أبو عمرو الجاحظ في البيان والتبيين، ص 238، قال فيه: قال أبو عبيدة: وروى فيها جعفر بن محمد. وفي المناقب لمحمد بن سليمان الكوفي ج 2، ص 107، أسند هذا الكلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: عن جابر الجعفي: عن محمد بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا وأبرار عترتي وأطائب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلمهم كبارا فان لبدوا فالبدوا و إن إستنصروكم فانصروهم تحمدوا وتوجروا، ولا يستنفروهم فتصرعكم المنية و = [ *

[ 407 ]

138 – وقال عليه السلام في موطن آخر: يا معشر الناس، أنا أنف الهدى وعيناه – وأشار بيده إلى وجهه. يا معشر الناس، لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله، فإن الناس [ قد ] إجتمعوا على مائدة شبعها قصير وجوعها طويل (1)، والله المستعان. يا معشر الناس، إنما عقر ناقة ثمود رجل واحد، فأصابهم العذاب بنياتهم في عقرها، قال الله عزوجل: (فنادوا صاحبهم فنعاطى فعقر) (2). وقال لهم نبي الله: (ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها) (3) وقال: (فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين، الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون (4)) وقال تعالى: (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) (5).


= يشمت بكم عدوكم. (1) – إلى هنا ذكر الشريف الرضي في نهج البلاغة المختار 196 من كلامه عليه السلام. أنظر شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده ط مصر ج 2 ص 207. (2) – سورة القمر، الآية: 29. (3) – سورة الشمس، الآية: 14. (4) – سورة الشعراء، الآية: 151. (5) – سورة النحل الآية 128. [ * ]

[ 408 ]

139 – وقال عليه السلام في مقام آخر قولا قاطعا لمن فهمه فيه لاهل المعرفة مقنع انه: [ لم ] يوجس موسى [ عليه السلام ] من نفسه خيفة أشفق عليه من غلبة الرجال، وذوي الضلال، وكان بنو يعقوب على المحجة العظمى حتى باعوا أخاهم وعقوا أباهم، وبعد الاقرار توبتهم، وباستغفار أبيهم راحتهم، اليوم توافقنا على حدود الحق والباطل، وتتأهب أبناؤه من وثق بماء لم يظمأ (1). وخطب عليه السلام، بعد إفضاء الامر إليه وكفتنا المؤنة بما ذكر فيها مما إحتاج إليه الناس من علة قعوده وبيعته لابي بكر وعمر، وذلك حين سئل عنهما فقال: 140 – لو قاتلتم عدوكم كان أصلح لكم من مسألتي عنهما، !. 141 – وروى الشعبي (2)، عن شريح بن هاني (3) قال: خطب علي بن أبي طالب عليه السلام بعدما افتتحت مصر، ثم قال:


(1) – روى بعض هذه الفقرات الشريف الرضي (ره) ذيل الخطبة الرابعة من نهج البلاغة. (2) – هو: عامر بن شراحيل الشعبي، أبو عمرو الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 14 ص 28 الرقم: 3042. (3) – هو: شريح بن هانئ بن يزيد بن نهيك أبو المقدام الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 12 ص 452، الرقم: 2729. [ * ]

[ 409 ]

وإني مخرج إليكم كتابا، وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرأ كتابي من المؤمنين والمسلمين: أما بعد، فإن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وآله) بشيرا ونذيرا للعالمين و أمينا على التنزيل، وشهيدا على الامة، وكنتم يا معشر العرب على شر دين تنحتون في حجارة خشن من صفاة صم، وتسفكون دمائكم، وتقتلون أولادكم وتقطعون أرحامكم، وتأكلون أموالكم بينكم بالباطل، سبلكم خائفة، والاصنام فيكم منصوبة (1)، فمن الله عزوجل عليكم بمحمد (صلى الله عليه وآله) وبعثه إليكم رسولا، فقال: (هو الذي بعث في الاميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) (2).


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة للشيخ محمد عبده، ص 62 الخطبة السادسة والعشرون، نجد هذه الخطبة هناك مع أختلاف يسير في العبارة، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 6 ص 94. (2) – سورة الجمعة: 2. [ * ]

[ 410 ]

فكان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إليكم من أنفسكم بلسانكم، فعلمكم الكتاب والحكمة والفرائض، وأمركم بصلة أرحامكم، وحصن دمائكم وأداء الامانة إلى اهلها، ونهاكم عن النجاسة، وأمركم بكل خير يدني إلى الجنة ويباعد من النار، فلما استكمل مدته من الدنيا توفاه الله حميدا سعيدا مرضيا علمه (1)، مشكورا سعيه، فيالها من مصيبة، خصت الاقربين، وعمت جميع المسلمين. فلما مضى لسبيله، ترك كتاب الله وأهل بيته إمامين لا يختلفان، و أخوين لا يتخاذلان، ومجتمعين لا يفترقان، قد كنت اولى الناس به مني بقميصي، فسارع المسلمون بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي، ولا يخطر على بالي ! ! أن العرب تعدل هذا الامر بعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عني، فلما أبطأوا بالولاية علي، وهموا بإزالتها عني، وثبت الانصار وهم كتيبة الاسلام، فقالت: إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا سعد بن عبادة أحق بها من غيره !. فوالله ما أدري إلى من أشكو ؟ إما أن تكون الانصار ظلمت حقها، و إما أن يكونوا ظلموني بل حقي المأخوذ، وأنا المظلوم ! !.


(1) – كذا في النسخة، وفي نسخة ” ح “: عمله. هذه الخطبة ذكرها ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 6 ص 94، قال: وروى إبراهيم عن رجاله، عن عبد الرحمان بن جندب، عن أبيه، قال: خطب علي عليه السلام بعد فتح مصر، وقتل محمد بن أبي بكر، فقال: أما بعد فإن الله بعث محمدا نذيرا للعالمين… [ * ]

[ 411 ]

وقال قائل من القوم: إن رسول الله إستخلف ابا بكر في حياته، لانه أمره أن يصلي بالناس والصلاة هي الامامة. فعلى م المشورة فيه إن كان رسول الله استخلفه ؟ ! فاتى رهط من أصحاب محمد [ صلى الله عليه وآله) يعرضون علي النصرة منهم خالد، وأبان إبنا سعيد بن العاص (1)، والمقداد بن الاسود الكندي (2)، وأبو ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وسلمان الفارسي والزبير بن العوام، وأبو سفيان بن حرب، والبراء بن مالك الانصاري، فقلت لهم: إن عندي من نبي الله العهد وله الوصية، وليس لي أن أخالفه، و لست أجاوز أمره، وما أخذه علي الله، لو خزموا أنفي لاقررت سمعا و طاعة لله عزوجل، فبينا أنا على ذلك، إذ قيل: قد إنثال الناس على أبي بكر وأجفلوا عليه (3) ليبايعوه، وما ظننت أنه تخلف عن جيش أسامة، إذ كان


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج 2 ص 1، حديث السقيفة. (2) – هو: المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك الكندي إبن الاسود الصحابي، المتوفى (33) وهو ابن سبعين سنة، ومن الذين أمر الله رسوله أن يحبهم، كما في تهذيب الكمال ج 28 ص 455: عن عبد الله بن بريدة عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” أمرني الله عزوجل بحب أربعة من أصحابي وأخبرني أنه يحبهم، منهم: علي، وأبو ذر، وسلمان، والمقداد “. أنظر: أسد الغابة لابن الاثير، ج 5، ص 251 الرقم: 5069. (3) – أجفلوا: أي هربوا مسرعين. لسان العرب ج 11، ص 114. [ * ]

[ 412 ]

النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمره عليه وعلى صاحبه، وقد كان أمر أن يجهز جيش أسامة، فلما رأيته قد تخلف وطمع في الامارة، ورأيت إنثيال الناس عليه أمسكت يدي، ورأيت أني أحق بمقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الناس ممن قد رفض نفسه، فلبثت ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام وأظهرت ذلك يدعون إلى محو دين الله، وتغيير ملة محمد (صلى الله عليه وآله) فخشيت أن لم أنصر الاسلام وقعدت، أن أرى فيه ثلما وهدما، تكون مصبته علي أعظم من فؤت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، وينقشع كما ينقشع السحاب. ورأيت الناس قد إمتنعوا بقعودي عن الخروج إليهم، فمشيت عند ذلك إلى ابي بكر فتألفته، ولولا أني فعلت ذلك لباد الاسلام، ثم نهضت في تلك الاحداث حتى أناخ الباطل، وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره المشركون. ثم إن سعد بن عبادة، لما رأى الناس يبايعون ابا بكر، نادى: والله ما أردتها حتى صرفت عن علي، ولا أبايعكم أبدا حتى يبايعكم علي ولعلي لا أفعل وإن بايع، وأحببت أن أقطع قول سعد فركب فرسه وأتى حوران (1)، وأقام في غسان حتى هلك، وأبى أن يبايع.


(1) – حوران: ماء بنجد، قال نصر: أظنه بين اليمامة ومكه. وحوران بالفتح كورة واسعة من أعمال دمشق من جهة القبلة، ذات قرى كثيرة ومزارع وحرار، وفتحت = [ * ]

[ 413 ]

وقام فروة بن عمر الانصاري (1)، فقال: يا معشر قريش هل فيكم رجل تحل له الخلافة، أو يقبل في الشورى فيه ما في علي ؟ قالوا: لا، قال: فهل في علي ما ليس في أحد منكم ؟ قالوا: نعم !. قال: فما صدكم عنه ؟ ! قالوا: إجتماع الناس على ابي بكر ؟ ! قال: أما والله لئن كنتم أصبتم أسنتكم (2) لقد أخطأتم سننكم، فلو جعلتموها في علي لاكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم. فتولى أبو بكر فصحبته والله مناصحا، وأطعته فيما أطاع الله، جاهد وما طمعت أن لو حدث به حادث وأنا حي أن يرد الامر الذي نازعته فيه إلى طمع مستيقن، ولا يئست منه يأس من لا يرجوه، ولولا خاصة ما بينه وبين عمر، وأمر قد عقداه بينهما، لظننت أنه لا يدفعها عني هذا، وقد سمع قول النبي (صى الله عليه وآله وسلم) للبريدة الاسلمي (3)، وذلك (4):


= حوران قبل دمشق، أنظر معجم البلدان للحموي ج 2 ص 317. (1) – هو: فروة بن عمرو بن ودقة بن عبيد بن عامر بن بياضة الانصاري البياضي المتوفى () – أنظر أسد الغابة لابن الاثير، ج 4 ص 357 ط مصر. كما تجد ترجمته أيضا في ” الاستيعاب ” لابن عبد البر النمري القرطبي، المطبوع بهامش الاصابة ج 3 ص 198. (2) – ” ح “: أسنكم، ولعل أسنتكم. (3) – هو: بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث الاسلمي، أنظر، تهذيب الكمال ج 4 ص 53، الرقم: 661. (4) – أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج 5، ص 397، [ * ]

[ 414 ]

أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعثني وخالد بن الوليد إلى اليمن فقال: إذا تفرقتما فكل واحد منكما أمير على حياله، وإذا إجتمعتما فأنت يا علي أمير على خالد، فأغرنا على أبيات، وسبينا فيهم خولة بنت جعفر (1) جان الصفا، وإنما سميت جان لحسنها، فأخذت خولة وإغتنمها خالد مني ! وبعث بريدة الاسلمي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأخبره بما كان مني ومن أخذي خولة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): حظه في الخمس أكثر مما أخذ، إنه وليكم بعدي، ويسمعها أبو بكر وعمر (2) !.


(1) – لعل هي: خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة، أم محمد بن حنفية. أنظر بحار الانوار، ج 42، ص 99، وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 1 ص 244. (2) – أورد البخاري في صحيحه في باب: بعث علي بن أبي طالب إلى اليمن، عن محمد بن البشار.. عن عبد الله بن بريدة عن ابيه، كما اتى مفصلا في ” فتح الباري ” ط بيروت ج 8 ص 53، وأخرج البيهقي في دلائل النبوة ج 5 ص 396 وهذا نصه: أخبرنا أبو عمرو محمد بن عبد الله الاديب، أنبأنا أبو بكر الاسماعيلي، أخبرني ابن خزيمة، أنبأنا يعقوب بن ابراهيم الدورقي، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس فأخذ منه جارية، فأصبح ورأسه يقطر قال خالد لبريدة: الا ترى ما يصنع هذا ؟ قال بريدة: وكنت أبغض عليا فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما صنع علي، فلما أخبرته، قال: أتبغض عليا ؟ قلت: نعم، قال: فأحبه فإن له في الخمس أكثر من ذلك. وفي تاريخ الاسلام للذهبي ج (عهد = [ * ]

[ 415 ]

وهذا بريدة لم يمت، فهل بعد هذا مقال لقائل ؟ !، فلما إحتضر بعث إلى عمر فولاه، فسمعت وأطعت، وناصحت للدين، وتولى عمر تلك الامور، وكان مرضي السيرة، ميمون النقيبة عندهم، حتى إذا إحتضر، فلت في نفسي: لن يعدلها عني، فجعلني سادس ستة (1)، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس ! ودعا أبا طلحة زيد بن سهل الانصاري (2)، فقال: كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من ابى أن يرضى من هؤلاء الستة، ! كيف قال: قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عن هؤلاء الستة راض، وقال: في حالة: أقتل من ابى منهم وهم عنده ممن قد رضي الله ورسوله عنهم، إن ذلك لمن العجب ! ! ثم إجتمعوا فما كانوا لولاية أحد أشد كراهية منهم لولايتي عليهم، فكانوا يسمعوني أحاج أبا بكر فأقول: يا معشر قريش إنا أهل البيت أحق بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرأ القرآن، ويعرف السنة ويدين بدين الحق، فخشي القوم إن أنا وليت


= الخلفاء) ص 628، و 631: وقال الاجلح الكندي: عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” يا بريدة لا تقعن في علي فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي “. (1) – كما صرح عليه السلام ذلك في الخطبة الشقشقية وهي الخطبة الثالثة من نهج البلاغة، قال: ” جعلها في جماعة زعم أني أحدهم، فيالله وللشورى ” !. (2) – هو: زيد بن سهل بن الاسود أبو طلحة الانصاري المدني، تهذيب الكمال ج 10، ص 75، الرقم: 2110. [ * ]

[ 416 ]

عليهم أن لا يكون لهم في الامر نصيب ما بقوا، وأخذوا بأنفاسهم، واعترض في حلوقهم، فأجمعوا إجماعا واحدا، فصرفوا الولاية عني إلى عثمان وأخرجوني من الامرة عليهم ! رجاء أن ينالوها ويتداولوها، ثم قالوا هلم فبايع وإلا جاهدناك ! !. فبايعت مستكرها، وصبرت مختسبا، فقال عبد الرحمان: يابن أبي طالب إنك على هذا الامر لحريص، قلت: حرصي على أن يرجع حقي في عافية، ولا يجوز لي عنه السكوت لاثبات الحجة عليكم، و أنتم حرصتم على دنيا تبيد، فإني قد جعلني الله ورسوله أولى به منكم، وأنتم تصرفون وجهي دونه، وتحولون بيني وبينه، فبهتوا، والله لا يهدي القوم الظالمين. اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم قطعوا رحمي، أضاعوا سنتي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي، أمرا كنت أولى الناس به منهم فسلبونيه، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذوه، وفي الحق أن تمنعه (1) فاصبر كمدا أو مت متأسفا حنقا، وأيم الله لو


(1) – إلى هنا ذكر السيد الرضي رحمه الله في نهج البلاغة في كلامه عليه السلام الرقم 214 وهذا نصه: اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفأوا إنائي وأجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به من غيري، وقالوا: الا ان في الحق أن تأخذه في الحق أن تمنعه، فأصبر مغموما أو أمت متأسفا، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد الا أهل بيتي، فضننت بهم عن المنية فأغضيت على القذى، وجرعت ريقي على = [ * ]

[ 417 ]

إستطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سنتي لفعلوا (1)، ولكن لم يجدوا إلى ذلك سبيلا، وكان نبي الله (صلى الله عليه وآله) عهد الي فقال: يا ابن ابي طالب لك ولاية أمتي من بعدي فإن ولوك في عافية وإجتمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، وإن إختلفوا عليك فدعهم وماهم فيه، فإن الله سيجعل لك مخرجا. فنظرت فإذا ليس معي رافد ولا ذاب، ولا مساعد الا أهل بيتي فضننت بهم على الموت والهلاك ولو كان بهم حمزة أو أخي جعفر، ما بايعت كرها، فأغضبت على القذى وتجرعت الشجى، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم والم القلوب من حز الشفار، (2). ثم تفاقمت الامور فما زالت تجري على غير جهتها فصبرت


= الشجاع، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من حز الشفار. أنظر نهج البلاغة شرح محمد عبده ج 2 ص 227 الرقم: 212، وذيل خطبة 167 ص 102. و ” مصادر نهج البلاغة وأسانيده ” للخطيب، ج 3، ص 131 الرقم: 215. (1) – كما فعلوا حينما طلبوا منه البيعة ثم حددوه بالقتل وقالوا: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسول الله فلا !، كما ذكر ابن قتيبة الدينوري في ” الامامة والسياسة ” ص 31، وكما تقدم. ثم إن كلمة سنتي فيها غرابة ولعل الصواب: نسبي أو سببي كما يفهم من الكلام. (2) – وقال عليه السلام أيضا في الخطبة الشقشقية، وهي الثالثة من نهج البلاغة: ” فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا “. [ * ]

[ 418 ]

عليكم حتى إذا نقمتم على عثمان أنبتموه فقتلتموه، خذله أهل بدر، وقتله أهل مصر، ما أمرت ولا نهيت عنه، ولو أمرت به لكنت قاتلا، ولو نهيت عنه لصرت ناصرا. ثم جئتموني لتبايعوني فأبيت عليكم فأمسكت يدي فنازعتموني ورافعتموني، وبسطتم يدي فكففتها، ومددتموها فقبضتها، ثم تداككتم علي تداكك الهيم على حياضها يوم ورودها، وإزدحمتم علي [ حتى ] ظننت أن بعضكم قاتل بعضا، وأنكم قاتلي حتى إنقطع النعل، وسقط الرداء، ووطئ الضعيف، وبلغ من سرور الناس بيعتهم إياي أن حمل إليها الصغير وخرج إليها الكبير، وتحامل إليها العليل وحسرت إليها الكفار، فقلتم بايعنا لا نجد غيرك ولا نرضى الا بك، فبايعنا لا نتفرق و (لا) نختلف، فبايعتكم على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) ودعوت الناس إلى بيعتي، فمن بايعني طائعا قبلت منه ومن أبى تركته، فبايعني فيمن بايعني طلحة والزبير، ولو أبيا ما أكرهتهما كما لم أكره غيرهما. وكان طلحة يرجوا اليمن، والزبير يرجوا العراق، فلما علما أني غير موليهما، إستأذنا في العمرة، يريدان الغدرة، فأتيا عائشة فاستخفاها مع شئ كان في نفسها علي. والنساء نواقص العقول، نواقص الايمان، نواقص الحظوظ، فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة في أيام حيضهن، وأما نقصان عقولهن فلا شهادة لهن الا في الدين وشهادة إمرأتين برجل، وأما نقصان


[ 419 ]

حظوظهن فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجال. وقادهما عبد الله بن عامر إلى البصرة، وضمن لهما الاموال والرجال، فبينا هما يقودانها إذا هي تقودهما، فاتخذاها دريئة يقاتلان بها وإلى خطيئة أعظم مما أتيا أخرجا أمهما زوجة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وكشفا عنها حجابا ستره الله جل اسمه عليها، وصانا حلائلهما ما أنصفا الله ولا رسوله فأصابوا ثلاث خصال من حقها على من فعلها من الناس في كتاب الله عزوجل، البغي والنكث والمكر، قال الله تعالى: (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) (1) وقال تعالى: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) (2) وقال تعالى: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) (3). فقد والله بغيا علي ونكثا بيعتي، وغدرا بي، إني منيت بأربعة ما مني أحد بمثلهن منيت بأطوع الناس في الناس، عائشة بنت أبي بكر وبأشجع الناس الزبير بن العوام (4)، وبأخصم الناس طلحة بن


(1) – سورة يونس الاية: 23. (2) – سورة الفتح، الآية: 10. (3) – سورة فاطر الآية: 43. (4) – قال السمعاني في الانساب ج 1 ص 139، ط بيروت: وكان علي عليه السلام يقول: ” بليت بأطوع الناس، وأشجع الناس، أراد بالاول عائشة، وبالثاني الزبير “. وفي العقد الفريد لابن عبدربه الاندلسي چ 4 ص 326، ط بيروت: وكان علي بن = [ * ]

[ 420 ]

عبيدالله، وبأكثر الناس مالا يعلى بن منية التميمي (1)، أعان علي بأصواع الدنانير. والله لئن إستقام هذا الامر لاجعلن ماله وولده فيئا للمسلمين، فأتيا البصرة وأهلها مجتمعون على طاعتي وبيعتي، وبها شيعتي و خزان بيت مال المسلمين، فدعوا الناس إلى معصيتي، وإلى نقض بيعتي فمن أطاعهم أكفروه ومن عصاهم قتلوه، فثار بهم حكيم بن جبلة العبدي (2) في سبعين رجلا من عباد أهل البصرة وكانوا يسمون أصحاب الثفنات كأن جبهاتهم مثل ثفنات الابل، وأبى أن يبايعهما يزيد بن الحرث اليشكري (3) وهو شيخ أهل البصرة يومئذ وقال: إتقيا الله، إن


= ابي طالب يقول: ” بليت بأنض الناس، وأنطق الناس وأطوع الناس في الناس، يريد بأنض الناس: يعلى بن منية، وكان أكثر الناس ناضا، ويريد بأنطق الناس: طلحة بن عبيدالله، وأطوع الناس في الناس عائشة أم المؤمنين “. (1) – هو: يعلى بن أمية التميمي، حليف بني نوفل، ومنية جدته الادنى وبها يعرف، يقال له: يعلى بن منية. أنظر ” الاكمال ” لابن ماكولا، ج 7 ص 228، ط بيروت. (2) – هو: حكيم بن جبلة العبدي. أنظر ” الاصابة ” لابن حجر العسقلاني ج 1 ص 379، وكان بعثه عثمان إلى السند، ثم نزل البصرة وقتل بها يوم الجمل. وفي ” الاكمال ” لابن ماكولا ج 2 ص 48: وحكيم بن جبل ويقال: جبلة، كان عاملا على البصرة مع عثمان بن حنيف، قطعت رجله يوم الجمل. (3) – هو إسمه موجود ضمن التاريخ والاحاديث كما ذكر في الغارات للثقفي، والغدير = [ * ]

[ 421 ]

أو لكما قادنا إلى الجنة فلا يقودنا آخركما إلى النار. أمل يميني فشغلها عني علي [ بن أبي طالب ] (عليه السلام) ببيعتي إياه و أما شمالي فهذه خذاها فارغة إن شئتما !، فخنق حتى مات. وقام عبد الله بن حكيم التميمي، فقال: يا طلحة تعرف هذا الكتاب ؟ قال: نعم هذا كتابي إليك، قال: هل تدري ما فيه ؟ قال: إقرأه علي، فقرأه، فإذا فيه عيب عثمان ودعائه إلى قتله. ثم أخذا عاملي عثمان بن حنيف أمير الانصار فمثلا به، ونتفا كل شعرة في رأسه ووجهه، وقتلا شيعتي، طائفة صبرا وطائفة غدرا، جالدوا بالسيوف حتى لقوا الله عزوجل صادقين، فوالله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين بقتله لحل لي قتالهم ذلك الجيش كله، أما طلحة فرماه مروان بسهم فقتله، وأما الزبير فذكر (1) قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) له: تقاتل عليا وأنت له ظالم (2) فرجع من الحرب على


= للاميني والبحار للمجلسي، ولم نظفر على ترجمته بهذا العنوان. (1) – وفي ” ش “: فذكرته. (2) – قال الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3 ص 366، عن قيس بن أبي حازم قال: قال علي للزبير: أما تذكر يوم كنت أنا وأنت في سقيفة قوم من الانصار فقال لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتحبه ؟ قلت: وما يمنعني ؟ ! قال: أما إنك ستخرج عليه وتقاتله و أنت ظالم، قال: فرجع الزبير. = [ * ]

[ 422 ]

عقبه، وأما عائشة، فإن نبي الله نهاها عن مسيرها، فعضت يدها ندامة على ما كان منها (1).


= وقال: عن أبي حرب بن أبي الاسود الدئلي قال: شهدت الزبير خرج يريد عليا، فقال له علي: أنشدك الله: هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: تقاتله وأنت له ظالم ؟ فقال: لم أذكر، ثم مضى الزبير منصرفا. [ قال الحاكم ]: هذا حديث صحيح عن أبي حر بن بن الاسود. وقال: عن أبي حرب بن أبي الاسود الدئلي، قال: شهدت عليا والزبير، لما رجع الزبير على دابته يشق الصفوف فعرض له إبنه عبد الله فقال: مالك ؟ فقال: ذكر لي علي حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لتقاتلنه وأنت له ظالم فلا أقاتله، قال: وللقتال جئت إنما جئت لتصلح بين الناس ويصلح الله هذا الامر بك، قال: قد حلفت أن لا أقاتل قال: فاعتق غلامك جرجس وقف حتى تصلح بين الناس، قال: فأعتق غلامه جرجس ووقف فاختلف أمر الناس فذهب على فرسه. [ قال الحاكم ]: وقد روى إقرار الزبير لعلي رضي الله عنه بذلك من غير هذه الوجوه والروايات. أقول: وذكر الحاكم أيضا أحاديث أخرى، وفي كل منها: قول الزبير: ولكن نسيت. فمن يريد التفصيل فليراجع المصدر. كما ذكره الطبري العامي في تاريخه، ج 4 ص 509 ورواه العلامة أبو جعفر الاسكافي في ” مناقضات أبي جعفر ” ص 335، ط القاهرة كما في إحقاق الحق ج 17 ص 349. راجع ” الغدير ” ج 3 ص 191. (1) – قصة ندامة عائشة وتوبتها، ورجوعها إلى المدينة، وهل كانت نادمة أو حانقة لما حصلت من الخيبة والفشل والهزيمة، قال العلامة المجلسي رحمه الله في البحار، ط القديم = [ * ]

[ 423 ]


= وهو المجلد الثامن ص 419: نقلا عن كتاب ” إبطال توبة الخاطئة “: عن ابراهيم بن عروة، عن ثابت، عن أبيه، عن حبة العرني، أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعث إلى عائشة محمدا أخاها رحمه الله وعمار بن ياسر رضوان الله عليه، أن إرتحلي وألحقي بيتك الذي تركك فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: والله لا أريم هذا البلد أبدا، فرجعا إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأخبراه بقولها فغضب ثم ردهما إليها وبعث معهما الاشتر فقال: والله لتخرجن أو لتحملن إحتمالا، ثم قال أمير المؤمنسن صلوات الله عليه: يا معشر عبد القيس أندبوا إلى الحرة الخيرة من نسائكم فان هذه المرئة من نسائكم فانها قد أبت أن تخرج لتحملوها إحتمالا، فلما علمت بذلك قالت لهم: قولوا فليجهزني، فأتوا أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فذكروا له ذلك، فجهزها وبعث مهعا بالنساء. وعن الحسن بن ربيع، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن محصن بن زياد الضبي، قال سمعت الاحنف بن قيس يقول: بعث علي علي عليه السلام إلى عائشة أن إرجعي إلى الحجاز فقالت: لا أفعل فقال لها: لان لم تفعلي لارسلن إليك نسوة من بكر بن وائل بشفار حداد يأخذنك بها، قال: فخرجت حينئذ. وعن إسحاق بن إبراهيم، عن أشرس العبدي، عن عبد الجليل، إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعث عمار بن ياسر عليهم السلام إلى عائشة أن إرتحلي، فأبت عليه، فبعث إليها بإمرأتين وإمرأة من ربيعة معهن الابل، فلما رأتهن إرتحلت وعن محمد بن علي بن نصر، عن عمر بن سعد، أن أمير المؤمنين صلواتالله عليه دخل على عائشة لما أبت الخروج، فقال لها: يا شعيرا إرتحلي وإلا تكلمت بما = [ * ]

[ 424 ]


= تعلمين قالت: نعم أرتحل. فجهزها وأرسلها ومعها أربعين إمرأة من عبد قيس.. الحديث بطوله. أقول: أكتفي بهذا المقدار، خوف الاطالة كما ذكر المجلسي رحمه الله وأحيل القارئ الكريم إلى المصدر المذكور. قال العلامة سبط ابن الجوزي في كتاب تذكرة الخواص، ص 79: قال علماء السير: لما بعث علي عليه السلام عبد الله بن عباس إلى عائشة يأمرها بالمسير إلى المدينة فدخل عليها إبن عباس بغير إذن فقالت له: أخطأت السنة دخلت علينا بغير إذن ! ! فقال لها لو كنت في البيت الدي خلفك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما دخلنا عليك بغير إذنك، ثم قال: إن أمير المؤمنين يأمرك بالمسير إلى البيت الذي أمرك الله بالقرار فيه، فأبت عليه، فشدد عليها وقال: هو أمير المؤمنين وقد عرفتيه. قال هشام بن محمد: فجهزها علي عليه السلام أحسن الجهاز ودفع لها مالا كثيرا وبعث معها أخاها عبد الرحمان بثلاثين رجلا وعشرين إمرأة من أشراف البصرة وذوات الدين من همدان وعبد القيس، وألبسهن العمائم وقلدهن السيوف بزي الرجال وقال: لهن: لا تعلمنها أنكن نسوة، وثلثمن وكن حولها ولا يقربنها رجل وسرن معها على هذا الوصف فلما وصلت إلى المدينة قيل لها: كيف كان مسيرك ؟ فقالت: بخير، والله لقد أعطى فأكثر و لكنه بعث رجالا معي أنكرتهم، فبلغ ذلك النسوة فجئن إليها وعرفنها أنهن نسوة فسجدت وقالت: والله يا ابن أبي طالب ما إزددت ألا كرما، وددت إني لم أخرج هذا المخرج وان أصابني كيت وكيت. قال ابن الكلبي وكانت عائشة: إذا ذكرت يوم الجمل بكت حتى تبل خمارها وتأخذ = [ * ]

[ 425 ]

وكان طلحة لما نزل بذي قار، (1) قام خطيبا فقال: يا أيها الناس، إنا أخطئنا في أمر عثمان خطيئة لا يخرجنا منها الا الطلب بدمه ! ! وعلي قاتله وعليه القود، وقد نزل ذاقار مع نساجي اليمن وقصابي ومنافقي مصر، فلما بلغني ذلك كتبت إليه أناشده بحق محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ألست أتيتني في أهل مصر ؟ وقد حصروا عثمان ! ؟ فقلت: إنهض بنا إلى هذا الرجل، فإنا لا نستطيع قتله الا بك، ألا تعلم أنه سير أبا ذر، وفتق بطن


= بحلقها كأنها تخنق نفسها، وكانت إذا ذكرت أم سلمة تذكر نهيها لها وتبكي، وقال هشام بن محمد: إنما رد علي عليه السلام عائشة إلى المدينة إمتثالا لامر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أشار هشام إلى ما روى أحمد بن حنبل، قال: حدثنا حسين بن محمد حدثنا فضل بن سليمان، حدثنا محمد بن يحيى، عن أبي أسماء مولى ابن جعفر، عن أبي رافع إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي بن أبي طالب: سيكون بينك وبين عائشة أمر، قال: فإذا أنا أشقاهم ؟ قال: لا، ولكن إذا جرى ذلك فارددها إلى منامها، قال هشام فكانت عائشة تأتي بعد يوم الجمل وتقول: ياليتني كنت نسيا منسيا أي الحيضة الملقاة، قال ابن الجوزي: إنتهت قصة الجمل على وجه الاختصار. وكتاب مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصفهاني، ص 42 و 43. وقد أطنب العلامة المجلسي وذكر العلامة المعاصر السيد مرتضى العسكري في معالم المدرستين، ج 1 ص 233. كما أوردنا مفصلا في مقدمة كتابنا ” الاربعون حديثا في فضائل أمير المؤمنين وسيدة نساء العالمين برواية عائشة ” لمحقق هذا الكتاب. (1) – وفي ” ح “: ذا قار. [ * ]

[ 426 ]

عمار وآوى الحكم بن العاص طريد رسول الله، وإستعمل الفاسق في كتاب الله الوليد بن عقبة بن أبي معيط وقد ضرب في الخمر وسلط خالد بن الوليد على عرفطة العذري (1) وأنحى (2) على كتاب الله يحرفه ويحرقه ! ! فقلت: لا أرى قتله اليوم، وأنت اليوم تطلب بدمه ! ؟ فأتياه معكما عمرو وسعيد، فخلياه عنهما يطلبان بدم أبيهما، متى كانت أسد وتيم أولياء دم بني أمية ! ؟ فانقطعا عند ذلك، وقام عمران بن الحصين الخزاعي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا هذان لا تخرجانا من طاعة الله على أنفسكما، ولا تحملانا على نقض بيعته، فإنها لله رضى، أما وسعتكما بيوتكما حتى جئتما بأم المؤمنين لطاعتها إياكما من مسيرها معكما، وكفا عنا أنفسكما، وأرجعا، [ من حيث جئتما ] (3) فأبيا عليه، ثم نظرت في أهل الشام فإذا هم بقية الاحزاب وحثالة الاعراب فراش نار، وذبان طمع، تجمعوا من كل أوب ومنزل ممن كان ينبغي أن يؤدب ويدرب ويولا عليه، ليسوا من المهاجرين والانصار ولا التابعين بإحسان، فسرت إليهم ودعوتهم إلى الطاعة والجماعة فأبوا إلا شقاقي


(1) – أورد البلاذري تفصيل القصة في أنساب الاشراف ج 5 ص 29 ط بيروت، ولرعاية الاختصار وضيق المجال نحيل القارئ إلى المصدر المذكور. (2) – وفي ” ح “: وانحنى. (3) – ما بين المعقوفتين كانت تقتضيها السياق. [ * ]

[ 427 ]

وعنادي وفراقي، وقاموا في وجوه المسلمين ينضحونهم بالنبل، فهناك نهدت إليهم بالمسلمين فقاتلوهم، فلما عضهم السلاح ووجدوا ألم الجراح رفعوا المصاحف يدعون إلى ما فيها ! فأنبأتهم أنهم ليسوا بأصحاب دين ولا قران، وأنهم رفعوها خديعة ومكرا ومكيدة وغدرا، فأمضوا على حقكم وقتالكم فأبيتم علي، وقلتم (1): إقبل منهم فإن أجابونا إلى ما في الكتاب جامعونا على ما نحن عليه من الحق، وإن أبوا، كان أعظم لحجتنا عليهم فقبلت منهم، وكففت عنهم وكان الصلح بينكم (2) وبينهم على رجلين حكمين يحييان ما أحيى القرآن، ويميتان ما أمات القرآن، فاختلف رأيهما وتفرق حكمهما ونبذا حكم القرآن وخالفا ما في الكتاب وإتبعا أهوائهما بغير هدى من الله فجنبهما الله السداد، وركسهما في الضلال (3)، وأنحازت فرقة عنا فتركناهم وما تركونا، فقلنا إدفعوا إلينا قتلة إخواننا، ثم كتاب الله بيننا وبينكم فقالوا: كلنا قتلتهم وكلنا إستحل دمائهم ودمائكم، فشدت عليهم خيلنا فصرعهم الله مصارع الظالمين.


(1) – وفي ” ح “: فأبوا علي وقالوا. (2) – وفي ” ح “: بين الفريقين. (3) – إشارة إلى قوله تعالى في سورة النساء الآية: 88 (فمالكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا). [ * ]

[ 428 ]

فهذه حجج شرحناها وذكرناها، وذكرنا قول أمير المؤمنين عليه السلام لنرد على من ذكر أنه (عليه السلام) لم يطلب حقه، وهل يكون الطلب أكثر من هذا القول ؟ ! فليت شعري، كيف إستجزتم أن تقولوا: سكت علي عن طلب حقه ؟ ! وما كان سكوته الا الرضا بمن بايعه، ولا نعلم طلبا أكثر من طلبه لانه عرف القوم على حقه ما تناسوه وتجاهلوه هذا، وهم لا يشكون في فضله وعلمه وشجاعته، أليس يقرون أنه أول ما ضارب الاقران بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسيفه حتى قام الاسلام، وهدم الله به أركان الكفر ؟ وقد فشل كثير من المسلمين، وولى رجال من المهاجرين فغيرهم الله و فضحهم حيث يقول: (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخريكم) (1). فما ثبت مع رسول الله غيره وغير عميه، أليس قبض العباس في بعض المواطن على لجام بغلة رسول الله ونادوا الفرار وهو يقول: يا صاحب السور، يا قراء القرآن إلى أين الفرار عن رسول الله ؟ أرغبتم بأنفسكم عن نفسه، فكشف الله به وبعميه حمزة والعباس الكرب وكسر صولة من كفر وعاند، وقال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي بعد ذلك المقام:


(1) – سورة آل عمران، الآية: 153. [ * ]

[ 429 ]

142 – ” يا علي إنك تقاتل على تأويل القرآن، كما قاتلت على تنزيله ” (1) وأعلمه (عليه السلام) في ذلك المقام: أن جبرائيل نادى: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (2). فأين المذهب عمن هذه حالته وهذا فعله، وهذا قوله، وهذا دعائه على نفسه ؟ ! أما علم أهل المعرفة أنه لم يدفع عن حقه إلا حسدا وبغيا، أعاذنا الله من الحيرة والضلالة إنه ولي قدير.


(1) – راجع ص… من هذا الكتاب. (2) – وفي نسخة ” ح ” و ” ش “: الكرار. [ * ]

[ 431 ]

(6) الباب السادس حول قصة الغار


[ 433 ]

[ قصة الغار لا تدل على فضيلة لابي بكر ] 143 – إحتجوا علينا حين انقطعوا، ولم تبق لهم حجة: إن أبا بكر كان في الغار مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (1) وأن الله جل ذكره، ذكره في كتابه،


(1) – وفي ” ش “: وان نزلت عليه، أقول: قصة الغار تبدأ من أن المشركين في مكة مكروا برسول الله صلى الله عليه وآله واجتمعت في دار الندوة وكانوا أربعين رجلا، وقالوا بأجمعهم: أن يجتمع من كل بطن من بطون قريش رجل شريف ! ويكون معهم من بني هاشم واحد، فيأخذون حديدة أو سيفا ويدخلون عليه فيضربونه كلهم ضربة واحدة فيتفرق دمه في قريش كلها فلا يستطيع بنو هاشم أن يطلبوا بدمه، فاختاروا خمسة عشر رجلا فيهم أبو لهب على أن يدخلوا على رسول الله فيقتلونه، فأنزل الله سبحانه على رسوله: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين / الانفال – 30)، فأمر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن يفرش له وقال لعلي بن أبي طالب عليه السلام: يا علي أفدني بنفسك، قال: نعم يارسول الله، قال له: نم على فراشي والتحف ببردي فنام = [ * ]

[ 434 ]

فقال: (ثاني اثنين إذ هما في الغار) (1) ولا نعلم أن الله تعالى ذكره بخير


= علي عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتحف ببردته، قيل: وإن الله عزوجل أوحى في تلك الليلة إلى جبرئيل وميكائيل: (إني قضيت على أحدكما بالموت فأيكما يواسي صاحبه فاختار الحياة كلاهما، فأوحى الله إليهما هلا كنتما كعلي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد وجعلت عمر أحدهما أكثر من الآخر فاختار علي الموت وآثر محمدا بالبقاء ونام في مضجعه إهبطا فاحفظاه من عدوه) فهبط جبرئيل وميكائيل فقعد أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه يحرسانه من عدوه ويصرفان عنه الحجارة وجبريل يقول: ” بخ بخ لك يا ابن أبي طالب ؟ من مثلك يباهي الله بك ملائكة سبع سماوات “، وخلف عليا عليه السلام على فراشه ولرد الودائع التي كانت عنده. فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم وهو يقرأ ” يس ” إلى قوله: (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون / يس – 9). وأخذ ترابا بكفه ونثره عليهم وهم نيام ومضى، فقال له جبريل عليه السلام: يا محمد خذ ناحية ثور وهو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور فمر رسول الله وتلقاه أبو بكر في الطريق فأخذ بيده ومر به فلما إنتهى إلى ثور دخل الغار. (1) – سورة التوبة الآية: 40. قال الحافظ عبد الرحمان السيوطي في تفسير الدر المنثور ج 4 ص 202: وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن الزهري رضي الله عنه في قوله: (إذ هما في الغار) قال: الغار الذي في الجبل يسمى ثورا. وقال العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسير الميزان ج 9 ص 306: أقول: وقد استفاضت الروايات بكون الغار المذكور في القرآن الكريم هو غار جبل ثور، وهو على أربعة فراسخ من مكة تقريبا. [ * ]

[ 435 ]

أو أثنى عليه (1)، فكشفوا عن أمر كان مستورا عن كثير من الامة، وبعثوا على أظهاره بعد أن كنا ممسكين عن شرحه، ونحن الآن نظهره ونكشفه، إذ أبوا عدوا كونه مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار فضيلة، حتى يقف عليه أهل المعرفة [ فنقول ]: إن الله جل ذكره ذكر السكينة في كتابه في مواضع كثيرة، فأي موضع ذكر فيه نبيه والمؤمنين معه وصلتهم به (2)، قال اله تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم) (3) وقال تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت) – إلى قوله -: ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) (4) وقال تعالى: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم) (5)


= وفي إعلام الورى [ الفضل بن الحسن الطبرسي ط النجف ص 63 ] وقصص الانبياء، وبقي رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار ثلاثة أيام ثم أذن له تعالى له بالهجرة، وقال: أخرج من مكة يا محمد فليس لك بها ناصر بعد أبي طالب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1) – وفي ” ش “: ولا أثنى عليه. (2) – وفي ” ش “: وصلهم به. (3) – سورة الفتح الآية: 18. (4) – سورة البرائة، الآية: 25 – 26. (5) – سورة الفتح الآية: 4. [ * ]

[ 436 ]

فليتأمل المتأملون حال أبي بكر، وليمعنوا النظر، فإنهم سيقفون على ذكر السكينة في الغار بين جميع ما أنزل الله تعالى في كتابه مفردا لرسول الله صلى الله عليه وآله ليس لصاحبه فيها حظ، وأنه جل ذكره، قال: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها) (1) فأفرد الله رسوله بالسكينة، وخصه بالوقار والطمأنينة دون صاحبه، وإن ضرب الانك بآذانهم (2). وذهبوا إلى عوج التأويل وزيغ التفسير، وإلى ما يأبى الحق الا إقامته، واللغة الا إظهاره، فقالوا: إنما نزلت السكينة على أبي بكر دون رسول الله، إذ كان رسول الله مستغنيا عنها، وأبو بكر محتاجا إليها إحتججنا عليهم بما لا يقدرون على دفعه، وعرفناهم خطأ ما تأولوه، فإن الغار قبل كل موطن ذكرت فيه السكينة، وقد سمعنا الله تعالى يقول: (ويوم حنين) (3)، وهي أيام حروب النبي صلى الله عليه واله ثم أنزل الله سكينته على رسول الله وعلى المؤمنين، ولو كانت لا تنزل عليه الا عن فقر وفاقة لكان مستغنيا عنها يوم حنين (4)، وحاجته إليها في الغار أشد حاجة،


(1) – سورة التوبة، الآية: 40. (2) – هذا هو الصحيح، كما في نسخة ” ح ” والآنك: الا سرب وهو الرصاص القلعي، أنظر لسان العرب ج 10 ص 394، مادة: أنك. وما في النسخة ” فان ضرب الايوان بأذناهم ” سهو قلم أو خطأ مطبعي، وفي ” ش “، الابون، تحريف ولا معنى له. (3) – سورة البرائة، الآية: 25. (4) – وفي ” ح “: وهي أيام حروب. [ * ]

[ 437 ]

فما كانت نزلت قبل ذلك الوقت، إذ كانت أول سكينة نزلت. وأخرى – أن الله وصل السكينة بالجنود التي أيد بها من أنزلت عليه السكينة، فهل المؤيد بالجنود في مذهبكم أبو بكر – لا النبي ؟ !، كلا إن ذلك لمن المستحيل، ! ومن الكلام البين ما المراد بها أهل لرؤيتها ببصره وسماع مخاطبتها بأذنه، وفهم منطقها بعقله، ونحن ندعوهم مع هذا البرهان إلى خصلة أخرى لا يقدرون على دفعها، وهي: أن للسكينة علامات: فأول علاماتها فقدان القرار والنكاية في الفجار، فإن كان هذا الرجل ممن هذه صفته فواجب لازم أن تكون السكينة عليه نازلة هابطة، والطمأنينة له لازمة، وإن كان يشوب إقبالا بإدبار وثباتا بفرار، فالسكينة متعهدة، نظرنا، فإن كان مدبرا في كل موطن وموليا في كل زحف كما عرض به النبي وبصاحبه يوم فرا من خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لاعطين هذه الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار (1).


(1) – مسند الامام أحمد ج 1 ص 185 و 331 وج 2 ص 384، وفيه: قال: فقال عمر: فما أحببت الامارة قبل يومئذ فتطاولت لها واستشرقت رجاء أن يدفعها إلي فلما كان الغد دعا عليا عليه السلام فدفعها إليه. وج 5 ص 358 أيضا من المسند. قال كافي الكفاة الصاحب إسماعيل بن عباد المتوفى (385) في قصيدته اللامية، وقد شرحها القاضي جعفر بن أحمد البهلولي اليماني، ص 85، ط بغداد: قالت: فخيبر من ذا هد معقلها ؟ * فقلت: سائق أهل الكفر في عقل. [ * ]

[ 438 ]

فوسم من كان قد إنهزم بالفرار وسماه فرارا، وسمى عليا (عليه السلام) كرارا، وجعله غير فرار، فالسكينة أجل قدرا وأعظم منزلة، وأعلا مرتبة وأنفس خطرا من أن يطيش محلها، وهذه كتب المغازي المؤلفة التي يؤثرها علماؤهم ليتصفحوها، فإن وجدوا ذكره في شئ منها، أو رئي ثابتا في موضع واحد لاقى فيه، أو قاتل زمنا فضلا عن بطل، أو كان مطاعنا، أو مطعونا، أو راميا، أو مرميا، أو ضاربا، أو مضروبا، فسبيل ذلك الحق ونحن في ما ذكرنا مبطلون، وإن وجد المشركون من نكايته برآء ووجد من مكروههم خليا كما قال الله تعالى: (مسلمة لاشية فيها) (1) فليعلم الذين ادعوا له نزول السكينة عليه أنه [ كان ] عنها في إعتزال، وإذ قد ذكرنا أمر الغار، فإنا ذاكرون قصة الصحبة إذ كنا غير آمنين أن يحتجوا بها علينا أن سماه الله صاحبا لرسوله وقد اعتدوا بها فضيلة له وذلك ذهول (2) ممن ذهب إليه، وقلة معرفة بالكتاب، إن الصحبة يستحق المسمى بها من صاحب صاحبا إما على كفر أو إيمان، قال الله جل ذكره: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب) (3) فقد جعل كل واحد منهما صاحبا صاحبه، وهما متباينان، وقول


(1) – سورة البقرة الآية: 71. (2) – وفي ” ش “: وهل، وكذا في ” ح ” ويمكن أن تقرأ: وهن. (3) – سورة الكهف الآية: 37. وكذا في الآية 34: (وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا). [ * ]

[ 439 ]

النبي صلى الله عليه وآله له: لا تحزن إن الله معنا، أغلظ عليه من كثير مما ذكرنا لان النبي لا ينهى عن الخير، ولو كان حزنه بخير، وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الغار لم ينهه، ولكن لسوء ظنه بالله وبرسوله، ولقلة إحتفاله بما أنبأه (1) به الرسول، وما أدركه من قلة اليقين، وضعف القلب قدر أن يكون الرسول في قبضة المشركين فإن الحزن مع رسول الله برئ من الايمان، إذ كان داعيا إلى اشك، وهذه نقيصة شديدة، وقد عدوها فضيلة !، ولو أمسكوا عن ذكرها لامسكنا عن شرحها، والله بالغ أمره. وأما قولكم: إنه صديق، فإنا وجدنا هذا الاسم في كتاب الله للمسلمين عامة، لم نجد له فيها خاصة دونهم، وذلك قوله تعالى: (والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) (2) وكل المسلمين يؤمنون بالله ورسله وهم صديقون، فلم تثبت له بهذا الاسم فضيلة هذا. وإنا لما فرغنا من قصة الغار (3)، سألونا عن شرح قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم


(1) – وفي ” ش “: أتاه. (2) – سورة الحديد الآية: 19. (3) – أقول: فثبت إن عليا عليه السلام فدى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نفسه وبات على فراشه ليلة خرج النبي صلى الله عليه واله وسلم وكان المشركون يحاولون إيقاع المكروه بالنبي صلى الله عليه واله وسلم فوقاه علي عليه السلام بنفسه وتعرض للهلاك دونه وهذه هي المحبة البالغة والنصيحة التامة. وأخبر أنه أثبت خلق الله جأشا عند الفزع، وهذا مما لا يحتاج إلى إقامة برهان. قال ابن عباس رحمه الله: بات علي عليه السلام ليلة خرج النبي صلى الله عليه واله وسلم إلى المشركين على فراشه ليعمي على قريش وفيه نزلت هذه الآية: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) = [ * ]

[ 440 ]

لعلي (عليه السلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي، لما فيه من العجائب، ! فشرحنا منه ما عرفناه.


= (سورة البقرة / 207). كما في كفاية الطالب ص 115 وينابيع المودة 105. وقال علي بن الحسين عليهما السلام: أول من شرى نفسه لله عزوجل علي بن أبي طالب عليه السلام. كان المشركون يطلبون رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقام عن فراشه فانطلق هو وأبو بكر، واضطجع علي عليه السلام على فراش رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في مكانه، فقصة الغار أثبتت الفضل وهو لمن بات على فراشه صلى الله عليه واله وسلم دون غيره. قال ابن عباس: أنشدني أمير المؤمنين شعرا قاله في تلك الليلة: وقيت بنفسي خير من وطئ الحصا * وأكرم خلق طاف بالبيت والحجر وبت أراعي منهم ما يسوءني * وقد صبرت نفسي على القتل والاسر وبات رسول الله في الغار آمنا * وما زال في حفظ الاله وفي الستر. أنظر الغدير ج 2 ص 48، وج 8، ص 41. وتذكرة الخواص سبط ابن الجوزي، ص 40. وبحار الانوار ج 19 ص 28. وتاريخ اليعقوبي ج 2 ص 33 والطرائف للسيد ابن طاوس ص 407. والشافي للسيد المرتضى ج 4 ص 25. ودلائل الصدق للشيخ محمد حسن المظفر ج 2 ص 404. واختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي ج 1 ص 130. وقال الصاحب ابن عباد: قالت: فمن بات من فوق الفراش فدى * فقلت: أثبت خلق الله في الوهل [ * ]

[ 441 ]

(7) الباب السابع: شرح قول النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لعلي عليه السلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى (وإخراج قصصه)


[ 443 ]

144 – كان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) غزا تبوكا، وكان لا يعزم على غزاة الا وري بغيرها (1) الا ما كان من تبوك لبعد السفر، والحاجة إلى الاستعداد، والتقدم في الجهاد، فخلف عليا (عليه السلام) على المدينة وعلى الحرم، وخلف ابن أم مكتوم الاعمى، ليصلي بمن تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بالمدينة، ولم يأذن لاحد من أصحابه في التخلف، وكان سبب تخلف علي (عليه السلام) عنه أن تبوك بعيدة عن المدينة، فلم يأمن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) العرب أن يصيروا إليها، إذ كان قد وترهم وسفك دمائهم، وسبى البنات، والامهات، والاخوات والازواج، وكانت في صدورهم، عليه حقود، فلم يكن ليدعها بلا حافظ، ويخليها بلا حائط،


(1) – – وري أي أراده وأظهر غيره، قال الزمخشري: قال النضر: الورى شرق يقع في قصب الرئتين فيقتل، وكان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا اراد سفرا ورى بغيره. أساس البلاغة للزمخشري ص 673. [ * ]

[ 444 ]

فتكون نهزة لمن اهتبل (1)، وفرصة لمن أغفل. وأخرى أنه علم (صلى الله عليه واله وسلم) أنه لا يكون هناك قتال، وخرج في جيش يروي أنهم كانوا أكثر من أربعين الف رجل وخلف بالمدينة جيشا وهو علي عليه السام وحده، وكان الذين تخلفوا عن رسول الله، الذين قال الله تعالى فيهم: (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون * يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم) (2). وقال عزوجل: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) (3). فما ظنك بمدينة ليس فيها الا منافق أو إمرأة ؟، والنساء لحم على وضم فخلف عليا حافظا، إذا كان مأمونا في نفسه معصوما، فحصن الله عزوجل به المدينة وعفف به حرمهم، فتكلم فيه المنافقون، وقالوا: ما خلفه الا استثقالا له، فلحق علي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: يارسول الله، زعم المنافقون أنك خلفتني إستثقالا لي ؟ فتضاحك رسول الله، ثم أمر فنودي في الناس كلهم، فاعصوصبوا وتجمعوا، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم):


(1) – أي موضع اغتنام الفرصة. (2) – سورة البرائة، الآية: 93، 94. (3) – سورة البرائة، الآية: 84. [ * ]

[ 445 ]

145 – يا أيها الناس، ما فيكم من أحد الا وله خاصة من أهله، الا إن عليا مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي (1)


(1) – قال محمد بن سعد في الطبقات الكبرى ج 3 ص 23: وكان علي ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين انهزم الناس وبايعه على الموت وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى بني سعد بفدك في مأة رجل وكان معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة، وبعثه سرية إلى الفلس إلى طي وبعثه إلى اليمن ولم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها الا غزوة تبوك خلفه في أهله. قال أخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا فضل بن مرزوق عن عطية، حدثني أبو سعيد قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وخلف عليا في أهله، فقال: بعض الناس ما منعه أن يخرج به الا انه كره صحبته، فبلغ ذلك عليا فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ” يا ابن أبي طالب أما ترضى أن تنزل مني بمنزلة هارون من موسى ؟ ” قال اخبرنا الفضل بن دكين قال: أخبرنا فطر بن خليفة عن عبد الله بن شريك قال: سمعت عبد الله بن رقيم الكناني قال: قدمنا المدينة فلقينا سعد بن مالك فقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك وخلف عليا، فقال له: يارسول الله خرجت وخلفتني ؟ فقال: ” أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي ؟ ” قال أخبرنا عفان بن مسلم عن حماد بن سلمة قال: أخبرنا علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب قال: قلت: لسعد بن مالك إني أريد أن أسئلك عن حديث وأنا أهابك أن أسئلك عنه، قال: لا تفعل يابن أخي إذا علمت أن عندي علما فسلني عنه ولا تهبني، فقلت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي حين خلفه بالمدينة في غزوة تبوك، قال: قال: أتخلفني في الخالفة في النساء والصبيان ؟ فقال: ” أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ؟ ” = [ * ]

[ 446 ]

فصار علي عليه السلام من النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، وبذلك المكان الذي أردوا أن يضعوا منه، بمنزلة هارون من موسى في أسبابه كلها الا ما استثناه من النبوة، ولا أحبهم يأتون بمثلها في أحد من العالمين، فعلي (عليه السلام) ليس بأخيه لابيه وأمه كما كان هارون، وإنما هو أخوه في الدين لا كما كان


= فأدبر علي مسرعا كأني أنظر إلى غبار قدميه يسطع، وقد قال حماد: فرجع علي مسرعا. قال وأخبرنا روح بن عبادة قال: أخبرنا عون، عن ميمون عن البراء ابن عازب وزيد بن أرقم قالا: لما كان عند غزوة جيش العسرة وهي تبوك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلبي ابي طالب إنه لابد من أن أقيم أو تقيم فخلفه، فلما فصل رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا قال ناس: ما خلف عليا الا لشئ كرهه منه، فبلغ ذلك عليا فاتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليه، فقال له: ما جاء بك يا علي ؟ قال: لا يارسول الله الا أني سمعت ناسا يزعمون أنك إنما خلفتني لشئ كرهته مني، فتضاحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ” يا علي أما ترضى أن تكون مني كهارون من موسى غير أنك لست بنبي ؟ قال: بلى يارسول الله، قال: فانه كذلك “. أخبرنا روح بن عبادة قال: أخبرنا بسطام بن مسلم عن مالك بن دينار قال: قلت لسعيد بن جبير: من كان صاحب راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال إنك لرخو اللبب. فقال لي معبد الجهني: أنا أخبرك، كان يحملها في المسير ابن ميسرة العبسي فإذا كان القتال أخذها علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقال الخظيب في تاريخ بغداد ج 4 ص 383 عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري أن النبي (صلى الله عليه وسلم)، قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي. وفي قصة بنت حمزة: أنت مني وأنا منك. تاريخ بغداد ج 4 ص 140. [ * ]

[ 447 ]

هارون وإنما فرق بينه وبين علي النسب لما بلغا إلى عبد المطلب ليزوجه سيدة نساء العالمين، وينتج منهما سيدا شباب أهل الجنة، ولولا ذلك لانقطع نسل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فهذه علة النسب، وإنما كان هارون المتقدم لموسى، وموسى كان بعده الباقي، فقد عدم علي بفضل الاب والام والاخوة في النسب وإنما كانت أخوته من رسول الله أخوة الدين، والمشاكلة والمشابهة، وتقدم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وتخلف [ علي ] بعده، فأين هارون من الامرين ؟ واستثنى رسول الله النبوة فيه، فليت شعري ما الحجة فيه بعد هذه الاشياء التي قد شرحناها ؟ ! اللهم الا أن يجعلوا كلام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لغوا، فلا نعلم أمرا بقي الا أن يخلفه في أمته بعده، كما أن هارون لو بقي بعد موسى كان خليفته في أمته، فإن كان النبي لم يرد الاستخلاف، ولم يرد أنه أخوه لابيه وأمه، فأي منزلة عنى ؟ وإلى أي معنى ذهب ؟ ولم إستثنى النبوة ؟ فما هو الا أن وافق في الاشياء كلها هارون، ونحن ذاكروها إن شاء الله: قال الله عزوجل: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة) (1) فكان التشابه في ذلك أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بنى لنفسه ولعلي في المسجد وأخرج منه سائر


(1) – سورة يونس، الآية: 87. [ * ]

[ 448 ]

الخلائق، فلم يدع لهم بابا إلا بابه (1). وأنه (2) سمى ولده حسنا وحسينا ومحسنا فقا: إني سميت


(1) – قال أحمد بن حنبل في مسنده ج 4 ص 369: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف، عن ميمون أبي عبد الله، عن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة في المسجد فقال يوما: ” سدوا هذه الابواب الا باب علي ” قال: فتكلم في ذلك الناس قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: ” أما بعد فإني أمرت بسد هذه الابواب الا باب علي وقال فيه قائلكم وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته ولكني أمرت بشئ فاتبعته “. وفي مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 117: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في الاوسط وزاد: قالوا: يارسول الله سددت أبوابنا كلها الا باب علي، قال: ما أنا سددت أبوابكم ولكن الله سدها، [ قال الهيثمي ]: وإسناد أحمد حسن. وعن علي بن أبي طالب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: إن موسى سأل ربه أن يظهر مسجده بهارون وإني سألت ربي أن يظهر مسجدي بك وبذريتك، ثم أرسل إلى أبي بكر أن سد بابك فاسترجع، ثم قال: سمعا وطاعة فسد بابه ثم أرسل إلى عمر، ثم أرسل إلى العباس بمثل ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما أنا سددت أبوابكم وفتحت باب علي، ولكن الله فتح باب علي وسد أبوابكم “، رواه البزار. قال أحمد المحمودي: من أراد التفصيل فعليه بمراجعة إحقاق الحق للتستري ج 5 ص 540، الباب الثاني عشر في أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قد سد بأمر الله أبواب الصحابة من المسجد الا باب علي عليه السلام وفيه أحاديث مهمة ومصادر جمة. (2) – وفي ” ش “: والثانية. [ * ]

[ 449 ]

ولدي باسم ولد هارون شبر وشبير ومشبر. والاخرى أنه لما مضى [ موسى ] لمقيات ربه، إستخلف هارون على قومه وكذلك إستخلف الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) عليا ثلاث وهلات، مرة على حرم الله حجة للناس حتى ظهر هو بالمدينة، ومرة على فراشه حجة على الخلق حين توارى بأبي بكر في الغار، ومرة ثالثة في غزوة تبوك على المدينة، ثم كانت المرة الرابعة إستخلافه بعد وفاته، ثم جعل خلافته علامة واضحة، فقال: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، فعاش خليفة بعده ثلاثين سنة (1) 146 – والاخرى أنه لم يكن أحد أفضل من هارون بعد موسى عليه السلام فكذلك وجب لعلي عليه السلام مثله، والاخرى أنه لم يكن أحب إلى موسى من هارون (عليه السلام) فكذلك وجب لعلي (عليه السلام) مثله، وقد سئلت عائشة: من كان أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟ فقالت: من الرجال علي ومن النساء فاطمة (2).


(1) – أنظر ” إكمال الدين ” للصدوق رحمه الله 2 ص 462، ضمن مسائل سعد بن عبد الله القمي عن الامام الحجة صلوات الله عليه، وقوله عليه السلام في جوابه: ” فهلا نقضت عليه دعواه (أي الناصبي) بقولك: أليس قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: ” الخلافة بعدي ثلاثون سنة “. كما في بحار الانوار للعلامة المجلسي رحمه الله ج 25 ص 85. (2) – قال اذهبي في السير والاعلام ج 2 ص 125 وقد روى الترمذي في جامعه من حديث عائشة أنها قبل لها: أي النساء كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: فاطمة من = [ * ]

[ 450 ]

والاخرى: أن هارون، كانت له من بني إسرائيل حالتان، إحدايهما أنه كان المجيب فيهم حتى أنه بلغ من أمرهم أنهم إتهموا موسى في قتله !، فقال: يا أولاد الافاعي، أو في إبن أمي تتهموني ؟ !. فأراهم هارون على سريره في الهواء فأومأ إليهم بوفاته !، والحالة الثانية، أنه بلغ من بغضه لعبدة العجل، وبغض عبدة العجل له، أن كادوا يقتلونه إستضعافا لقلة من معه على رفض العجل، فسماهم عبدة العجل الرافضة، وكذلك علي (عليه السلام) كان مجيبا، وسميت شيعته الرافضة لرفضهم عبادة العجل. والاخرى: أنهم أرادوا قتل علي (عليه السلام) حتى عصمه الله كما عصم هارون حين قيل لخالد ما قيل (1): لما أراد الله أن يجري عليه كل سنة


= قبل النساء، ومن الرجال زوجها وإن كان ما علمت صواما، أقول: أوردنا هذا الحديث وهو الحديث الثامن والثلاثون من كتابنا ” الاربعون حديثا ” ص 160 ط بيروت، وذكر الذهبي أيضا في تاريخ الاسلام ج 2، ” عهد الخلفاء “، ص 635، وقال: أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب. أنظر الجامع الصحيح للترمذي ج 5 ص 701 الرقم: 3874. قال: حدثنا حسين بن يزيد الكوفي حدثنا عبد السلام بن حرب، عن أبي الجحاف عن جميع بن عمير التميمي قال: دخلت مع عمتي على عائشة فسئلت أي الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: فاطمة، فقيل: من الرجال ؟ قالت: زوجها، إن كان ما علمت صواما قواما. (1) – والقائل هو: أبو بكر كما سيأتي !. [ * ]

[ 451 ]

جرت على هارون، إذ (1) كادوا يقتلونه ! ! ولما يفعلوا حيث أئتمر الاول والثاني فبعثا إلى خالد بن الوليد، فواضعاه الامر وفارقاه على قتل علي (عليه السلام) وضمن ذلك لهما، فسمعت أسماء بنت عميس ذلك، وهي إمرأة أبي بكر في خدرها، فأرسلت جارية لها، وقالت لها: ترددي في بيت (2) علي، وقولي: (إن الملاء يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إني لك من الناصحين) (3)، ففعلت الجارية، فسمعها علي، فقال: رحمها الله، فمن يقتل الناكثين والمارقين والقاسطين ؟ ! ووقعت المواعدة بصلاة الفجر، إذ كان أحرى للصدفة (4) والشبهة ولكن الله بالغ أمره. 147 – روى ذلك صناديدهم: سفيان بن عينية، والحسن بن صالح ابن حي، ووكيع بن الجراح، وعباد بن يعقوب الاسدي [ الرواجني ]، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن الاول أمر خالد بن الوليد، فقال: إذا أنصرفت من [ صلاة ] الفجر، فاضرب عنق علي، فصلى ثم ندم، فجلس في صلاته حتى كادت الشمس أن تطلع، ثم قال في صلاته: ” يا خالد لا تفعل ما أمرتك به “.


(1) – وفي نسخة ” ش “: حيث قال. (2) – ونسخة ” ح ” و ” ش “: دار علي. (3) – الآية 20 من سورة القصص. (4) – وفي نسخة ” ح ” و ” ش “: السدفة. [ * ]

[ 452 ]

ثلاثا (1)، فالتفت علي (عليه السلام) فإذا خالد مشتمل على السيف في جانبه، فقال: يا خالد أكنت به فاعلا ؟ فقال: إي والله لولا أنه نهاني !، فقال له علي: كذبت لا أم لك، أنت أضيق حلقة أست من ذلك. [ ثم قال عليه السلام ]: أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا ما سبق به القضاء لعلمت أي الفريقين شر مكانا وأضعف جندا (2).


(1) – وفي نسخة ” ش “: مليا. (2) – روى العلامة المجلسي رحمه الله في البحار، ط القديم (الكمپاني) ج 8 ص 92 و 93 قصة أمر أبي بكر خالد بن الوليد لقتل علي عليه السلام مفصلا واليك موجزها، قال: فرجع أبو بكر وعمر إلى منزلهما وبعث أبو بكر إلى عمر ثم دعاه فقال: أما رأيت مجلس علي منا في هذا اليوم والله لئن قعد مقعدا مثله فيفسدن أمرنا فما الرأي ؟ قال عمر: الرأي أن نأمر بقتله ! قال: فمن يقتله ؟ قال: خالد بن الوليد، فبعثا إلى خالد فأتاهم، فقالا له: نريد أن نحملك على أمر عظيم فقال: إحملوني على ما شئتم ولو علي قتل علي بن أبي طالب ! قالا: فهو ذاك، قال خالد: متى أقتله ؟ قال أبو بكر: إحضر المسجد وقم بجنبه في الصلاة فإذا سلمت قم إليه واضرب عنقه قال: نعم. فسمعت أسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها: إذهبي إلى منزل علي وفاطمة واقرئيها السلام وقولي لعلي: (إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين) (سورة القصص / 20)، فجائت الجارية إليهم فقالت لعلي: إن أسماء بنت عميس تقرء عليك السلام وتقول: إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين، فقال أمير المؤمنين عليه السلام لها: إن الله يحول بينهم وبين ما يريدون. ثم قال وتهيأ للصلاة وحضر المسجد صلى لنفسه خلف أبي بكر، وخالد بن الوليد = [ * ]

[ 453 ]


= بجنبه ومعه السيف، فلما جلس أبو بكر للتشهد ندم على ما قال وخاف الفتنة وعرف شدة علي وبأسه فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس أنه سهى ثم التفت إلى خالد وقال: يا خالد لا تفعلن ما أمرتك به السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا خالد ما الذي أمرك به قال: أمرني بضرب عنقك قال: أو كنت فاعلا قال: إي والله لولا أنه قال لي لا تفعله قبل التسليم لقتلتك قال: فأخذه علي فجلد به الارض فاجتمع الناس عليه فقال عمر: يقتله ورب الكعبة فقال الناس: يا أبا الحسن الله، الله، بحق صاحب القبر فخلى عنه ثم إلتفت إلى عمر فأخذ بتلابيبه فقال: يابن صهاك والله لولا عهد من رسول الله صلى الله عليه واله وكتاب من الله سبق لعلمت أينا أضعف ناصرا وأقل عددا ودخل منزله. أقول: روى الشيخ الكشي رحمه الله في رجاله في ترجمة سفيان الثوري ج 2 ي ص 695، في حديث قوم مع الامام الصادق عليه السلام لما وفد عليه فقال أبو عبد الله عليه السلام لرجل منهم وكان يتحدث: زدنا فقال: حدثني يونس بن عبيد، عن الحسن، أن عليا عليه السلام أبطأ عن بيعة أبي بكر، فقال له عتيق: ما خلفك يا علي عن البيعة ؟ ! والله لقد هممت أن أضرب عنقك، فقال له علي عليه السلام: يا خليفة رسول الله لا تثريب، قال: لا تثريب، قال له أبو عبد الله عليه السلام: زدنا، قال: حدثني سفيان الثوري، عن الحسن، أن أبا بكر أمر خالد بن الوليد أن يضرب عنق علي عليه السلام إذا سلم من صلاة الصبح، وأن أبا بكر سلم بينه وبين نفسه، ثم قال: يا خالد لا تفعل ما أمرتك. وروى عنه السيد الخوئي في المعجم ج 8، ص 153. كما رواه العلامة العلياري في ترجمة سفيان الثوري في بهجة الآمال ج 4، ص 380. وأورده علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ج 2 ص 158 في تفسير الآية = [ * ]

[ 454 ]

فقيل لسفيان وابن حي: ما تقولان فيما كان من الاول في ذلك ؟ فقالا: (1) كانت سيئة لم تتم. ثم جعل سفيان الثوري، هذا الفعل أصلا، وقال في الرجل إذا أحدث قبل أن يسلم إذا فرغ من التشهد أن صلاته تامة !، فكره علي (عليه السلام) أن يقدم عليه حتى استثبت، وأوجب عليه الحجة، فقال: 148 – أبعد قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من كنت مولاة فهذا علي مولاه، وبعد قوله: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، وبعد كذا وكذا وعدد خصالا (2) [ أ ] هذه سبيلها ؟ قال: نعم، فقبض علي (عليه السلام) صدره بيده، فجعل يرغو رغاء البعير (3)، ونبع (4) بوله في المسجد، واجتمع الناس عليهما يمدونهما لتخليصه من يده، فراموا مراما صعبا مستحيلا من الامكان، فناداهم الاول: نحلف بالله العظيم أن لو تمالا عليه أهل الارض ما استنقذوه منه، ولكن ناشدوه بحق صاحب القبر ! ! فلما ناشدوه خلى عنه، وقال: ” لو عزمت على ما هممت به لشققتك شق الثوب “، و تركه وأمسك عنه كما أمسك عن طلب حقه بالسيف.


= (فأت ذا القربى حقه) وفيه قصة فدك. (1) – وفي نسخة ” ش “: فقالوا جميعا. (2) – ظاهر هذه الكلمة تعبير المصنف رحمه الله. (3) – وفي نسخة ” ش “: البكر. (4) – وفي نسخة ” ح ” و ” ش “: وانباع. [ * ]

[ 455 ]

149 – وأخبرني الحسن بن الحسين العرني (1)، قال: حدثنا عبيد الله بن المبارك، ويحيى بن خالد، عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه. عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، قال: لما أيطأ علي عن البيعة على الاول، أمر الاول خالد بن الوليد، فقال: إذا سلم علي من صلاة الفجر فاقتله، فسلم الاول في نفسه، ثم [ ندم ] فنادى يا خالد لا تفعلن ما أمرتك به، وخالد إلى جنب علي فقال: له عليه السلام (2): أو كنت فاعلا ؟، قال: نعم، قال: أنت أضيق حلقة إست من ذلك، ثم أهوى علي بيده إلى حلق خالد، فجعل يرغو رغاء البكر (3).


(1) – أنظر ترجمة الحسن والحسين العرني في رجال النجاشي ص 38 ط طهران. ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي دام ظله ج 14 ص 316 ط النجف 1. ورجال المامقاني ج 1 ص 274 ط طهران. ورجال ابن داود ص 72. ولسان الميزان ج 2 ص 198. (2) – وفي نسخة ” ح “: علي لخالد. (3) – كذا في النسخة والصحيح: البعير، أو البقر. قال الامام أبي سعد عبد الكريم بن سعد السمعاني المتوفى (562) في كتاب الانساب ج 3 ص 95 في ترجمة الرواجني وهو أبو سعيد عباد بن يعقوب المتوفى (250) شيخ البخاري، روى عنه جماعة من مشاهير الائمة مثل أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري لانه لم يكن داعية إلى هواه، وروي عنه حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: لا يفعل خالد ما أمر به، سألت الشريف عمر بن إبراهيم الحسيني بالكوفة عن معنى هذا الاثر ؟ فقال: كان أمر خالد بن الوليد أن يقتل عليا ثم ندم بعد ذلك فنهى عن ذلك. [ * ]

[ 456 ]

قال: فاجتمع عليه الناس، فلم يقدروا على أن يخلصوه، فقال الاول: لو اجتمع عليه أهل منى لم يخلصوه، ولكن سلوه بحرمة صاحب القبر والمنبر فناشدوه بذلك فتركه. 150 – وروى العرني، عن اسماعيل بن إبراهيم، عن عمرو بن نصر، قال: سمعت خالد بن الوليد القسري، يغتاب، عليا، ويقول: والله لو كان في أبي تراب خير ما أمر أبو بكر الصديق بقتله. فهذا دليل على أن الاول أمر خالد بن الوليد بقتل علي، وأن الخبر في ذلك مستفيض، ولو أراد علي بعد ذلك أمرا لقبض خالدا على رؤوس أعدائه قبضة يضرب بعضها ببعض، فيثير دماغه ودماغ كثير منهم (1) لفعل، ولكان مليا بذلك، ولكن لم يأذن الرسول في ذلك، وأراد أن يصبر ويؤجر كما صبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والاصنام تعبد بين عينيه، فأتاه ملك: فقال: إن شئت ضممت عليهم الاخشبين، وهما جبلان يكتنفان مكة، وإن شئت صبرت ؟ فقال: بل أصبر (2).


(1) – وفي نسخة ” ح “: بعضه بعضا بها وينثر دماغه فيها. (2) – كما صرح عليه السلام في الخطبة الشقشقية: ” فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا “. قال أحمد المحمودي: ليس هناك حق أعظم مما غصب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من حق علي وفاطمة عليهما السلام، وليست مصيبة أفظع من إحراق الباب على أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. ولا يتصور فوق ما صبر علي وأهل بيته = [ * ]

[ 457 ]

151 – وأخرى: أن المؤمنين أحبوا عليا كما أحب أصحاب هارون، وأبغضه المنافقون، كما أبغض هارون عبدة العجل، فأخبره النبي صلى الله عليه واله وسلم بذلك، وقال: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك الا منافق. (1) وأخرى: أن موسى لما دخل على فرعون، وهارون قائم على رأسه في الديباج والذهب، فقال لموسى من يصدقك ؟ فقال: هذا القائم على رأسك فسأله، فقال: أشهد أنه صادق وأنه رسول الله عزوجل إليم، فقال: إني لا أعاقبه الا باخراجه من تكرمتي، وإلحاقه بدرجتك، فدعا له بجبة صوف والبسه إياها، وبعصا فوضعها في يده فعوضه الله من


= وشيعته، فانه لمصاب جلل وخطب فظيع وحق ضائع، وكم له من نظير، ! ؟ والى الله المشتكى، ونعم الحكم الله والزعيم محمد صلى الله عليه واله وسلم والموعد القيامة. (1) – قال محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ط مصر ص 91، في باب ذكر الحث على محبته والزجر عن بغضه: عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة. أخرجه أحمد والترمذي. أنظر ص 18 من الكتاب أيضا فيه شواهد. وعنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة أنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لا يحبني الا مؤمن، ولا يبغضني الا منافق. قال: أخرجه مسلم. وعن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. قال: وعن الطيب بن عبد الله بن حنطب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يا أيها الناس أوصيكم بحب أخي وابن عمي علي بن أبي طالب، فإنه لا يحبه الا مؤمن، ولا يبغضه الا منافق ” قال الطبري: أخرجه أحمد في المناقب. كتاب المناقب للمغازلي: ط 1 ص 190 وفيه تفصيل الحديث بطرق عديدة فراجع. [ * ]

[ 458 ]

ذلك أن ألبسه قميص الحياة فكان هارون، آمنا من الموت ما دام عليه، وكذلك ألبس الله جل اسمه عليا عليه السلام قميصا هو أفضل من ذلك القميص بقدر فضل محمد، على موسى عليهما السلام وإخباره إياه (1) من المحتوم أن لا يموت إلى يوم كذا من ساعة كذا بعد ثلاثين سنة، وبعد أن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، وبعد أن يؤثر ثم تخضب لحيته من دم رأسه (2) فكان هارون إذا نزع القميص غير آمن، وكان علي عليه السلام آمنا على كل حال، وقد أقروا بألسنتهم أن عليا قد عرف أجله، ووقت وفاته. رواه الشاذكوني، قال: 152 – حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن عيسى، عن يحيى بن سيرين، قال: إن كان أحد عرف أو قال: علم متى أجله، فعلي بن أبي طالب (3).


(1) – وفي نسخة ” ش “: إن. (2) – كذا في نسخة ” ح ” و ” ش “. (3) – قال العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الانوار ج 41 ص 315 نقلا عن ” الشافي في الانساب “: وأخبر عليه السلام بقتل نفسه، روى الساذكوني عن حماد عن يحيى، عن ابن عتيق عن ابن سيرين قال: ” إن كان أحد عرف أجله فعلي بن أبي طالب عليه السلام “. وقال: الاصبغ بن نباتة أنه خطب عليه السلام في الشهر الذي قتل فيه فقال: ” أتاكم شهر رمضان وهو سيد الشهور وأول سنة وفيه تدور رحى الشيطان الا وإنكم حاجوا العام صفا واحدا وآية ذلك أني لسيت فيكم “. [ * ]

[ 459 ]

وأخرى: أن عليا عليه السلام أول من صدق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، كما صدق هارون موسى عليه السلام. وأخرى: أنه لم يكن لاحد منزلة عند موسى كمنزلة هارون لا يساويه أحد، وكذلك وجب مثلها لعلي. وأخرى أنه لا نبي بعد رسول الله، ولو كان لم يكن غير علي، لان الاستثناء أوجب ذلك له. 153 – رواه الشاذكوني: قال: أخبرني يوسف بن يعقوب بن الماجشون قال: أخبرني محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، عن عامر بن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص: قال سمعت النبي صلى الله عليه واله وسلم يقول لعلي عليه السلام: أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه ليس معي نبي. قال ابن المسيب: فأحببت أن أشافه بذلك سعدا، فأتيته (1) فذكرت ما قال عامر عنه، قال: نعم، سمعته من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، قلت: أنت سمعته ؟ فأدخل إصبعيه في أذنيه، وقال: سمعته بهاتين والا فصمتا. فقد دل هذا القول من رسول الله، أنه لا نبي معه ولا نبي بعده، ولو كان لم يكن غير علي عليه السلام فهذا ما عرفناه من منزلة هارون من موسى مما


(1) – وفي ” ش “: فلقيته. [ * ]

[ 460 ]

وافق أمير المؤمنين من رسول الله (1) صلوات الله عليهما. ونحن الآن نشرح قصة ابن أم مكتوم الاعمى، وصلاته بالناس، في غزوة تبوك بالمدينة، كان سبب ابن أم مكتوم الاعمى في الصلاة بمن بقي في المدينة وتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والذين هم رضوا بأن يكونوا مع الخوالف، ففضحهم الله بأن جعل لهم الاعمى إماما، ومن شأن الاعمى أن يتنجس ثوبه ولا يعلم، ويتوجه نحو القبلة، ليس الا التسليم والتقليد، وينحرف عن القبلة وهو في صلاته ليس الا أن ينوي الصلاة، فنزه الله عليا عليه السلام أن يكون إماما لهؤلاء الصم البكم الذين لا يعقلون، كما نزهه عن إمارة الموسم، وبدعة الوقوف بالمزدلفة عام برائة، وكنا وعدنا شرح العلة في إقامة أبي بكر الحج للناس عام برائة، ونحن نشرحه حتى


(1) = وقال الامام الحافظ أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي المتوفى (354) في كتاب ” الثقات ” ج 1 ص 141 عند قدوم النبي صلى الله عليه واله وسلم المدينة ومؤاخاته مع الاصحاب، فقال علي بن أبي طالب: يارسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت، فان كان من سخطة علي فلك العتبى والكرامة ! قال: والذي بعثني بالحق، ما أخرتك الا لنفسي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، قال [ علي ]: يارسول الله أرث منك ؟ قال ما ورثت الانبياء قبلي، قال: وما ورثت الانبياء قبلك ؟ قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة إبنتي، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (إخوانا على سرر متقابلين) الآية: 47 من سورة الحجر. [ * ]

[ 461 ]

يعرفه أولوا الالباب. 154 – كان سبب ولاية أبي بكر الموسم، أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إعتمر ومكة في أيدي المشركين، حرصا على الطواف بالبيت والمشاهد لسوابغ الله في تلك الاماكن، فأمسك (صلى الله عليه واله وسلم) في هذه السنة عن الحج ومكة في أيديهم (1) لتدبير الله العظيم الذي بعضه أمر برائة وكانت العرب تنسئ النسيئ، ومع ذلك، إن كثيرا منهم كانوا يتعايشون بالتناهب والتغالب والتحارب، فكانت أشهر الحرام هذه الثلاثة المتصلة ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، فطال عليهم الامر، فولدوا بآرائهم حتى انتهوا إلى المحرم في السنة بعد السنة الغوه، وسموه صفرا، ثم بعد صفر شهر ربيع الاول، ومضوا على ذلك، وتطاولت المدة، وتفانت القرون، فاختلط عليهم الحساب، ولم يدروا في أي شهر هم للنسئ الذي كانوا يفعلونه، فقال الله تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله – إلى قوله -: زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين) (2) فصار حجهم مجهول الوقت، لا يدرون إذا حجوا في أيام الحج حجوا أن في غيرها ؟ ! ثم ولد من هذا الفعل أن يقف بالمزدلفة، ولا يمضي إلى عرفة، ففسد بذلك حجهم، وكانت حجهم في الوقوف بالمودلفة لانهم قالوا:


(1) – وفي ” ش “: في يده. (2) – سورة التوبة، الآية: 36. [ * ]

[ 462 ]

نحن أهل الحرم ولا نخرج منه، ففسد لذلك أيضا حجهم وبطل، فأنزل الله عزوجل من بعد: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) (1) يعني ابراهيم، وإسماعيل، ثم استدارت السنون وأطلع الله نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) على ذلك لما جعل مكة في يديه، فبعث ابا بكر ومعه سورة البراءة، وأمره بإقامة الحج للمشركين، ليثبت اليد، وكان (صلى الله عليه واله وسلم) عالما بأن الزمان، قد استدار، فلم يطلعهم على ذلك، ولا أعلم ابا بكر، وتركهم و إياه جهلا، لا يدرون أفي وقت الحج هم ؟ أم في غير وقته، ولا أمره أن يمضي إلى عرفات، فمضى أبو بكر، فقام معهم بالمزدلفة، على سنة أهل الجاهلية بباطل الحج، فختمت حجج الجاهلية الفاسدة زمانا ومكانا بأبي بكر، وطهر الله الحرم من المشركين بعلي عليه السلام، فالامر الفاسد وقتا ومكانا ما توجه فيه أبو بكر ونزه عنه علي عليه السلام. والامر الحق الذي هو في قرائة برائة على المشركين (2) عزل عنه أبو بكر وتوجه به علي، وكذلك نزهه (صلى الله عليه وآله) عن الصلاة في المدينة بالمنافقين، إذ كان (عليه السلام) لا يجوز أن يكون إماما لقوم ليس فيهم الا منافق أو مشرك فهذه هي العلة.


(1) – سورة البقرة الآية: 199. (3) – وفي ” ش “: الذي عنه عزله ووجه عليا وكذلك نزهه عن الصلاة بالمدينة بالمنافقين. [ * ]

[ 463 ]

[ خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحج ]: 155 – فلما كان في السنة الثانية، حج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمر بقريش وأبنيتها وفساطيطها بالمزدلفة لا يشكون لوقوف أبي بكر في العام الماضي، إن الله قد ثبت سننهم التي ولدوها وإن رسول الله سيقف معهم كما وقف أبو بكر، فمر بهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال: السلام عليكم، ثم طواهم، وقصد لعرفات، فقطعت الابنية، وقوضت وتركت عرصة البدعة قاعا ولحقت قريش برسول الله، ومن حج من المؤمنين، فعرفهم، فخطبهم رسول الله فقال: ألا إن الزمان قد إستدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والارض (1) [ قال الله عزوجل ]: (إن عدة الشهور عند الله أثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها أربعة حرم) (2)، [ وقال تعالى ]:


(1) – مروج الذهب ج 2 ص 290 ط بيروت. (2) – سورة التوبة: 36. [ * ]

[ 464 ]

(إنما النسيئ زيادة في الكفر) (1)، ثم قال: أيها الناس إن الله عزوجل باهى بكم الملائكة عامة وبعلي خاصة إمضوا على بركة الله (2).


(1) – سورة التوبة: 37. (2) – روى العلامة محب الدين الطبري في ” الرياض النضرة ” ج 2، ص 177، من = = طريق أحمد، عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فقال: إن الله عزوجل قد باهى بكم وغفر لكم عامة ولعلي خاصة. وروى العلامة العيني في مناقب علي ص 32 من طريق أبي نعيم عن عمر الديلمي عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جبريل ينادي: من مثلك يا علي يباهي الله تعالى بك والملائكة. ومن طريق آخر عن جابر أن الله يباهي بعلي كل يوم الملائكة المقربين. أنظر إحقاق الحق ج / فهرست ص 111. [ * ]

[ 465 ]

[ رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والمسلمون في غدير خم بعد حجة الوداع ]: 156 – فلما قضى حجه، وصار بغدير خم، وذلك يوم الثامن عشر من ذي الحجة، أمره الله، عزوجل بإظهار أمر علي عليه السلام فكأنه أمسك لما عرف من كراهة الناس لذلك إشفاقا على الدين وخوفا من إرتداد القوم فأنزل الله عزوجل: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (1). فما أمهل أن يدخل المدينة، وبينه وبينها ميلان، ولا انتظر به وقت الصلاة، وقد قرب وقتها ! فإنهم خرجوا والرمضاء تحت أرجلهم، وليس ذلك إلا لامر عجيب ! فنادى: الصلاة جامعة في غير وقت صلاة فخرج الناس على طبقاتهم: الحر والعبد، والقرشي والعربي، وقد كان الدين قد كملت شرائعه غير الامامة والولاية، فأكملها عزوجل بعلي، قالوا: فخرجنا والرمضاء تحت أرجلنا، فخطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بما قد ذكرناه، وبعض رواة الخبر زاد على بعض، ونحن نذكر بعضا.


(1) – سورة المائدة: 67. [ * ]

[ 466 ]

157 – حدثنا أحمد بن مهدي، قال: حدثنا شهاب بن عباد البصري (1) قال: حدثنا عبد الله بن بكر النخعي، عن حكيم بن جبير (2)، عن أبي الطفيل: عن زيد بن أرقم، قال: لما كان يوم غدير خم أمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بشجر يدعى الدوح فقم (3) ما تحتهن، ثم قال: إني لم أجد (4) لنبي الا نصف عمر النبي الذي كان قبله وإني أوشك أن أدعى فأجيب فما أنتم قائلون ؟ فقال: كل رجل منا كما شاء الله أن يقول: نشهد أنك قد بلغت ونصحت (5) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): 158 – اليس تشهدون أن لا اله الا الله، وأن محمدا رسول الله ؟ وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن البعث حق ؟ قالوا: يارسول الله بلى، (6) فأومأ رسول الله إلى صدره، وقال: وأنا معكم، ثم قال رسول الله: أنالكم فرط، وأنتم واردون على الحوض، وسعته ما بين صنعاء إلى بصرى، فيه


(1) – هو: شهاب بن عباد العبدي العصري البصري، أنظر تهذيب الكمال ج 12 ص 575 الرقم: 2778. (2) – هو: حكيم بن جبير الاسدي الكوفي. تهذيب الكمال ج 7 ص 165 رقم: 1452. (3) – قم من باب مد: أي كنسه ونظفه، وفي ” ش “: فقمم. (4) – وفي ” ح “: ألا إني. (5) – وفي ” ح “: واشهدوا أنه قد بلغ ونصح. (6) – وفي ” ش “: نعم. [ * ]

[ 467 ]

عدد الكواكب قد حان ماؤه أشد بياضا من الفضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين ؟ فقام رجل، فقال: يارسول الله ما الثقلان ؟ قال: الاكبر، كتاب الله طرفه بيد الله و [ الثاني ] سبب طرفه بأيديكم، فاستمسكوا به، ولا تزلوا ولا تضلوا، والاصغر: عترتي أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، سألت ربي ذلك لهما، فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تتخلفوا عنهم فتضلوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم (1) ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله (2)


(1) – قال الحافظ أبي القاسم سليمان أحمد الطبراني في المعجم الكبر ج 3 ص 66 قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا جعفر بن حميد، حدثنا عبد الله بن بكير الغنوي عن حكيم بن جبير، عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إني لكم فرط، وإنكم واردون علي الحوض، عرضه ما بين صنعاء إلى بصرى، فيه عدد الكواكب قد حان مائه أشد بياضا من الفضة، فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين. ” فقام رجل فقال: يارسول الله وما الثقلان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” الاكبر كتاب الله، سبب طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم فتمسكوا به، لن تزالوا ولا تضلوا، والاصغر عترتي، وإنهم لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، وسألت لهما ذاك ربي فلا تقدموهما فتهلكوا، و لا تعلموهما فإنهما أعلم منكم “. أنظر الحديث 2680 و 2681. (2) – أنظر ترجمة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) من تاريخ ابن عساكر الدمشقي ط 1، = [ * ]

[ 468 ]

159 – وروى يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، قال: حدثنا العبدي، عن أبي سعيد [ الخدري ]: أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) دعا الناس إلى علي (عليه السلام) بغدير خم، وأمر بما كان تحت الشجرة من الشوك، فقم وذلك يوم الخميس، ثم دعا عليا وأخذ بضبعيه ورفعهما حتى نظر الناس إلى بياض إبطيه، ثم لم يتفرقوا حتى نزلت هذه الاية: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (1). فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، وبالولاية لعلي من بعدي [ ثم ] قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله (2).


= بيروت ج 2 ص 5، تجد تفصيل ما يناسب المقام بطرق عديدة وشواهد جمة، فراجع. (1) – سورة المائدة الآية: 3. (2) مسند الامام أحمد بن حنبل ج 1 ص 331، 84، 119 و 152 وج 4 ص 368 و 372 ج 5 ص 347 و 366. قال العلامة محمود بن عمر الزمخشري في ربيع الابرار ط بغداد ج 1 ص 84: ليلة الغدير معظمة عند الشيعة، محياة فيهم بالتهجد، وهي الليلة التي خطب فيها رسول الله بغدير خم على أقتاب الابل، وقال في خطبته: من كنت مولاه فعلي مولاه. وجاء في التعليقة هكذا: وقال الحازمي: ” خم واد بين مكة والمدينة عند الجحفة به = [ * ]

[ 469 ]

160 – فقال حسان بن ثابت: [ إذن لي يارسول الله أن أقول في علي أبياتا تسمعهن، فقال: قل على بركة الله، ] فقام حسان، فقال: يا معشر مشيخة قريش إسمعوا قولي بشهادة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): يناديهم يوم الغدير نبيهم * بخم فأكرم بالرسول مناديا يقول: فمن مولاكم ووليكم * فقالوا: ولم يبدوا هناك التعاميا إلهك مولانا وأنت ولينا * ولا تحدن منا لك الدهر عاصيا فقال له: قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا. 161 – روى الحسن بن الحسين العرني، عن أبي يعلى (1) الاسلمي، عن عبد الله ابن موسى، عن يحيى بن منقذ الشامي قال: سمعت ابن عباس يقول:


= غدير عنده خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الوادي موصوف بكثرة الوخامة ” يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته هناك: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره… ويعرف بحديث الغدير. وروى المزي في تهذيب الكمال ج 11، ص 100، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب عن زيد بن بثيغ قالا: نشد علي الناس في الرحبة: من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي يوم غدير خم: ” اليس الله أولى بالمؤمنين ؟ قالوا: بلى قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه “. (1) – وفي ” ش “: يحيى. [ * ]

[ 470 ]

أمر الله تعالى نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) بإظهار ولاية علي (عليه السلام)، فقال: يا رب، الناس حديث عهد بالجاهلية، ومتى أفعل، قال الناس: فعل بابن عمه كذا وكذا !، فلما قضى حجه، رجع حتى إذا كان بغدير خم، أنزل الله عزوجل: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (1) فنادى: الصلاة جامعة، فاجتمعوا، فخرج رسول الله، ومعه علي فقال: يا أيها الناس، الستم تزعمون ؟ أني مولى (2) كل مؤمن ومؤمنة ؟ قالوا: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأعن من أعانه، وأبغض من أبغضه، وحب من أحبه.


(1) – سورة المائدة: 67. قال الفخر الرازي في تفسيره الكبير ط مصر، ج 12، ص 49، في تفسير هذه الاية: العاشر: نزلت الآية في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام، ولما نزلت هذه الاية اخذ بيده وقال: ” من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ” فلقيه عمر رضي الله عنه فقال: هنيئا لك يا ابن ابي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، [ قال الرازي ]: وهو قول ابن عباس والبراء بن عازب ومحمد بن علي. (2) – وفي ” ح “: ولي. [ * ]

[ 471 ]

قال ابن عباس: فوجبت والله بيعته في أعناق الناس وأتم خطبته (1) وزاد بعض (2) الرواة على بعض في معنى ما حكيناه: 162 – ولما قال: ألستم تشهدون ؟ أني أولى بكل مؤمن من نفسه و قالوا: بلى، إستغلق الرهينة، وحصل الاقرار، فعطف الكلام على أوله بعد أن استوثق منهم، وعقد عليهم الامر، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم دعا له ولاخوانه، ودعا على أعدائه، والخاذلين له، فقال: وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره، وأخذل من خذله. (وهذا دعاء لا يقع الا لامام مفترض الطاعة، والا فما معنى قوله: وانصر من نصره، واخذل من خذله) (3) ولم يدر كثير من الناس ما عنى به النبي (صلى الله عليه واله وسلم) حتى اختلفوا وقد كانت نزلت على رسول الله: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) (4) ثم نزل الشرح بقوله [ تعالى ]: (اليوم أكلمت لكم دينكم) ونزل: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (5)


(1) – وفي ” ش “: فقال في خطبة ما حكيناه. (2) – وفي ” ش “: بعضهم على بعض فقال: الستم تشهدونه. (3) – ما بين القوسين كان ساقطا من نسخة ” ح “. (4) – سورة الاحزاب الآية: 6. (5) – سورة الاحزاب الاية: 36. [ * ]

[ 472 ]

وذلك أنه لا خيرة مع الله جل ذكره الذي يعلم الغيب، ولا مع رسول الله، ولا يجوز إتباع الظن إنما هو اليقين، فتأول المنافقون، كما قال الله عزوجل: (وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون) (1). 163 – فمنهم من قال ذلك، ولاء التكافؤ الذي المؤمنون به بعضهم أولى ببعض، ومنهم من قال: إنه عنى بالولاية التي جعلها الله لرسوله (2)، وجعله أولى بالمؤمنين من أنفسهم. فمن ذهب إلى ولاء التكافؤ، فقد سخف رسول الله أن يجمع الناس وينادي الصلاة جامعة، والرمضاء، تحرقهم ! ! فيقول: من اعتقته فقد اعتقه علي (عليه السلام)، ولم يكن جمع عبيده ومواليه فقط، إنما جمع الناس على طبقاتهم وفي الجمع عمر حين ضرب بيده على منكب علي (عليه السلام)، وقال: أصبحت يابن أبي طالب مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ! !، وإذا كان ولاء التكافؤ، فما معنى قول عمر، وقد أقر أنه مولاه ! ؟. وقالت العلماء لمن خالفهم من المنافقين والمخالفين: إن هذا القول من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يحتمل خمسة (3) معاني لا غير، فمنها ولاء النبوة، وولاء الايمان، وولاء الاسلام، وولاء االعتق، وولاء الولاية، ثم نظروا


(1) – سورة البقرة الآية 75. (2) – وفي ” ح “: لنبيه. (3) – وفي ” ش “: ستة. [ * ]

[ 473 ]

وقاسوا الوجوه الخمسة، فأجمعوا أنه لا يجوز أن يقوم النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في مجمع ينادي بتوكيد أمر لا معنى له، ولا حاجة بالناس إليه، و لا منفعة لهم فيه، فيكون قيامه قيام عابث وهذا منفي عنه (صلى الله عليه واله وسلم). ثم نظروا هل يجوز أن يكون ذلك ولاء النبوة والرياسة فاستحال لقوله صلى الله عليه واله وسلم) لا نبي بعدي، ثم نظروا هل يجوز أيكون ذلك ولاء الايمان، أو الاسلام، أو العتق فوجدوا أن المعروف عند الناس، أن المؤمن ولي المؤمن لا ولي الكافر (1)، وقد يكون إيمان علي (عليه السلام) قبل أن يقول النبي (صلى الله عليه واله وسلم): الولاء لمن أعتق، ولم يكن بهم حاجة أن يقوم النبي فيهم فيعلمهم ما كان عندهم مشهورا. فقد بطلت الوجوه الخمسة باجماعهم، وأجمعوا ضرورة أن معنى الولاية أن يكون أولى بهم من أنفسهم، كما كان النبي أولى بهم من أنفسهم، لا أمر لهم معه، وقد شرح أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له، فقال: 164 – إني وليت هذا الامر دون قريش، لان نبي الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: الولاء لمن أعتق، فجاء نبي الله بعتق الرقاب من النار وعتقها من النسئ، فهذان إجتمعا أعظم من عتق الرقاب من الرق، فكان للنبي ولاء


(1) – ولا الفاسق الفاجر. [ * ]

[ 474 ]

هذه الامة، وكان لي بعده ما كان له، فما جاز لقريش على العرب من فضلها عليها بالنبي جاز لبني هاشم على قريش، وجاز لي على بني هاشم لقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من كنت مولاه فعلي مولاه، وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عهد إلي فقال: يابن أبي طالب لك ولاء أمتي من بعدي، فإن ولوك في عافية واجتمعوا عليك بالرضا فقم بأمرهم، وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه، فإن الله سيجعل لك مخرجا. وقد إستغنينا بعد ما شرحنا من قوله من التأويلات، لان التأويل إنما يقع في شئ لم يفسر، فإذا جاء عنهم التفسير إستغنى به عن كل قيل وقال:، وأبى الله جل ذكره إلا ما كان من إقراركم بألسنتكم واضطراركم أي تلقف الظنون بعد التفسير، وإلى إعادة الحسبان بعد البيان، والى إشتفاء بعضكم من آباء بعض ما لا يغنى من الحق، ورجوعكم إلى حكم الجاهلية والى أن أقمتم شرائع الدين بالرواية الكاذبة التي إختلفتم فيها، والى أن شهدت كل فرقة على صاحبتها بالنار، زادكم حيرة.


[ 475 ]

[ علي أمير المؤمنين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله برواية أبي سعيد الخدري ]: ثم قول أبي سعيد الخدري يدل على أنه أمير المؤمنين بعد رسول الله، 165 – رواه يحيى بن مساور، عن إسماعيل بن زياد، عن فضيل بن يسار، عن أبي هارون العبدي، قال: كنت أرى رأي الخوارج، حتى جلست إلى أبي سعيد الخدري، فسمعته يقول: أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة فقالوا: يا أبا سعيد ما هذه الاربع التي عملوا بها ؟، فقال: الصلاة، والزكاة، والحج، وصوم شهر ومضان، فقيل: فما الوحدة التي تركوها ؟، قال: ولاية (1) عللي بن ابي طالب (عليه السلام) !، فقيل وإنها مفترضة معهن ؟ قال: نعم، قيل: فقد كفر الناس إذا ! ؟، قال: فما ذنبي ؟ (2) وكان رسول الله قد أقامه


(1) – وفي ” ح “: أمير المؤمنين. (2) – رواه فخر الشيعة أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الملقب بالشيخ المفيد رحمه الله المتوفى (413) في الامالي ص 139 باسناده عن أبي هارون العبدي قال: كنت أرى رأي الخوارج لا رأي لي غيره جلست إلى أبي سعيد الحدري رحمه الله، فسمعته يقول: = [ * ]

[ 476 ]

[ مقامه ] بعد أن (1) نعيت إليه نفسه، وعلم أنه لاحق بربه، وصائر إلى كرامته، فأمر أن يدل على الامام القائم بأمره من بعده بما جاء به، ففعل به، وأقامه للناس، وإنما بقي بعد هذا الموقف ثمانين يوما.


= ” أمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة، فقال له رجل: يا أبا سعيد ما هذه الاربع التي عملوا بها ؟ قال: الصلاة، والزكوة، والحج، وصوم شهر رمضان. قال: فما الوحدة التي تركوها ؟ قال: ولاية علي بن أبي طالب صلى الله عليه واله وسلم قال الرجل: وإنها المفترضة معهن ؟ قال أبو سعيد: نعم ورب الكعبة، قال الرجل: فقد كفر الناس إذن ! قال أبو سعيد: فما ذنبي ؟. ورواه أيضا العلامة المجلسي رحمه الله في البحار ج 27، ص 102. (1) – وفي ” ح “: ما. [ * ]

[ 477 ]

(8) باب الرد على من قال: إن إسلام علي، إسلام الصبيان ! !،.


[ 479 ]

[ علي بن أبي طالب عليه السلام أول من أسلم وآمن برسول الله صلى الله عليه واله وسلم وصدقه ]. (1) 166 – زعمت البكرية، (2) أن إسلام علي (عليه السلام) إسلام الصبيان


(1) – قال العلامة المحدث الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير بحسنويه المتوفى (680) في ” در بحر المناقب ” ص 99 (مخطوط): وبالاسناد يرفعه إلى أبي ذر سلمان والمقداد، أنهم أتاهم رجل مسترشد في زمن خلافة عمر بن الخطاب، وهو رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشد، فقالوا عليك بكتاب الله فالزمه، وبعلي بن أبي طالب فإنه مع الكتاب لا يفارقه فإنا نشهد أننا سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه يقول: إن عليا مع الحق والحق معه كيف ما دار دار به، فانه أول من آمن بي وأول من يصابحني يوم القيامة، وهو الصديق الاكبر، والفاروق بين الحق والباطل، وهو وصيي وو زيري وخليفتي في أمتي من بعدي ويقاتل على سنتي، فقال لهم الرجل ما بال الناس يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق، فقال: الناس تجهل حق علي كما جهلاهما خلافة رسول الله وجهلا حق أمير المؤمنين وما هو لهما بإسم لانه إسم لغيرهما، والله إن عليا هو الصديق الاكبر والفاروق الازهر، وأنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه أمير المؤمنين أمرنا وأمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلمنا عليه جميعا وهما معنا بإمرة المؤمنين. (2) – البكرية هم أتباع أبي بكر، وهم الذين وضعوا الاحاديث في مقابلة الاحاديث = [ * ]

[ 480 ]

ليس كإسلام المعتقد العارف المميز، فقلنا لهم: هل لزم عليا إسم الاسلام وحكمه أم لا ؟، فلابد من نعم، ثم قلنا لهم: فما معنى قولكم إسلام علي ؟ أقلتم على المجاز أم على الحقيقة ؟، فإن قالوا على الحقيقة بطلت دعواهم، وإن قالوا على المجاز، فقد سخفوا قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أن يكون دعا إلى الاسلام من لا يعقل، ولا تقوم حجة الله عليه !. ثم يقال لهم: فعلي عرف وأقر، أو لم يعرف ولم يقر ؟ فإن قالوا عرف وأقر، فقد بطل قولهم، وإن قالوا: أقر ولم يعرف، قيل لهم: فلم سميتموه مسلما ولما يسلم !، فإن إقترف ذنبا هل يقام على من يلزمه هذا الاسم حد، أو لا يقام عليه ؟ فلابد من جواب !. ثم يسألون، هل إنتقل عن حالته التي هو عليها مقيم، أو مقيم بعد ؟ فإن قالوا: إنتقل، فقد أقروا بالاسلام، وإن قالوا: لم ينتقل فمحال أن


= الواردة عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عيه السلام، نحو: ” لو كنت متخذا خليلا ” فانهم وضعوه في مقابلة حديث الاخاء، وحديث ” سد الابواب ” فإنه كان لعلي عليه السلام فقلبته البكرية إلى ابي بكر و ” إيتوني بدواة وبياض أكتب فيه لابي بكر كتابا لا يختلف عيه إثنان “. ثم قال: يأبى الله تعالى والمسلمون الا ابا بكر ” فانهم وضعوا مقابل الحديث المروي عنه صلى الله عليه واله وسلم في مرضه: ” إئتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلون بعده أبدا “، فاختلفوا عنده، وقال قوم: منهم: لقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله ونحو حديث: ” أنا راض عنك فهل أنت عني راض ! “. أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 11 ص 48. [ * ]

[ 481 ]

يسموه بإسم لم ينتقل إليه، ولا يجوز أن يسمى غير المسلم مسلما، ويقال لهم: فهل دعاه رسول الله، أو لم يدعه ؟ فإن قالوا: قد دعاه قيل لهم: دعا من يجب أن يدعوه، أو من لم يجب أن يدعوه ؟ فإن قالوا: من طريق التأديب لا من طريق الفرص، قيل لهم: فهل يجب هذا في غيره من إخوته وبني عمه، أو في أحد من الناس ؟ ولم يخص النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عليا (عليه السلام) بالدعوة، وأفرده من بين العالم الا لعلة فيه خاصة ليست في غيره، أو ليس قد عرض على النبي ابن عمه يوم بدر، وقد تمت له أربع عشرة سنة، فلم يجزه، ثم عرض عليه يوم أحد، وقد تمت له خمس عشرة سنة، فأجازه، فصار هذا السر أصلا للعالم، وجرت عليه الاحكام أفما وقفوا على أن هذا الرجل مخصوص بأشياء هي محظورة على غيره، كسد أبواب الناس وفتح بابه (1) أو ليس قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): له أن


(1) – قال الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3 ص 134: قال ابن عباس: وسد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له غيره. قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ج 7 ص 11 عن سعد بن أبي وقاص قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسد الابواب الشارعة في المسجد وترك باب علي أخرجه أحمد والنسائي وإسناده قوي. وفي رواية الطبراني في الاوسط رجالها ثقات من الزيادة فقالوا: يا رسول اله سددت أبوابنا ؟ ! فقال ما أنا سددتها ولكن الله سدها. وعن زيد بن أرقم قال: كان لنفر من الصحابة أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سدوا هذه الابواب الا باب علي فتكلم ناس في ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني والله ما سددت شيئا. [ * ]

[ 482 ]

يجنب في هذا المسجد، وليس ذلك لغيره، وهذه أسباب لا يدفعها من آمن بالله الا من جرى على العناد !. ويقال لهم: خبرونا عن علي حيث دعي لو لم يجب إلى ما دعي إليه، أكانت تكون حالته كالاجابة إلى ما دعي إليه ؟ قإن قالوا: الحالتان واحدة


= ولا فتحته ولكن أمرت بشئ فاتبعته. أخرجه أحمد والنسائي والحاكم ورجاله ثقات. وعن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبواب المسجد فسدت الا باب علي. وفي رواية وأمر بسد الابواب غير باب علي فكان يدخل المسجد وهو جنب ليس له ظريق غيره أخرجهما أحمد والنسائي ورجالهما ثقات. وعن جابر بن سمرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الابواب كلها غير باب علي فربما مر فيه وهو جنب. أخرجه الطبراني. وعن ابن عمر قال كنا نقول في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر ولقد أعطى علي بن أبي طاب ثلاث خصال لان يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إبنته وولدت له وسد الابواب الا بابه في المسجد وأعطاه الراية يوم خيبر. أخرجه أحمد وأسناده حسن. وقال الحافظ ابن أبي شيبة في مصنفه ج 12 ص 70 الرقم: 12148، حدثنا وكيع عن هشام بن سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر، قال: قال عمر بن الخطاب أو قال أبي: لقد أوتي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه إبنته فولدت له: وسد الابواب الا بابه، وإعطاء الحربة يوم خيبر. أورد الحديث ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرفة ص 127. والامام أحمد بن حنبل في المسند ج 4 ص 369. وأبو نعيم في حلية الاولياء ج 4 ص 153 والهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 117. وللمزيد من التفصيل راجع ” الغدير ” للاميني ج 3 ص 202 و 203. [ * ]

[ 483 ]

فقد أحالوا تسميتهم إياه مسلما، وإن قالوا: حالته خلاف حالته الاولى، فقد أقروا أيضا بما أنكروه. ويقال لهم: لم لم يرث بزعمكم أبا طلب، و فيه الدليل البين ؟ !. ثم يسألون عن علي (عليه السلام): فيقال لهم: أليس كان في أمره مصمما، وعلى البلايا صابرا، ولملازمة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والرغبة في خدمته مؤثرا (1)، ولابويه مفارقا، ولاشكاله من الاحداث مباينا، و لرفاهية الدنيا ولذاتها مهاجرا ؟ قد لصق برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يشاركه في المحن العظام، والنوازل الجسام مثل حصار الشعب، والصبر على الجوع، والخوف من إحتمال الذل، بل هو شبيه يحيى بن زكريا (عليه السلام) في الاشياء كلها غير النبوة، وأنه باين الاحداث في حال حداثته، والكهولة في حال كهالته (2). ويقال لهم: أخبرونا، هل وجدتم أحدا في العالم من الاطفال والصغار والكبار من قصته، كقصة علي (عليه السلام) أو تعرفون له عديلا أو شبيها، أو تعلمون أن أحدا أخص بما خص به، كلا، ولا يجدون إلى ذلك سبيلا، فلذلك جعله المصطفى صلى الله عليه واله وسلم أخاه و وزيرا لنفسه ومن بعده وزيرا ووصيا وإماما.


(1) – قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: الا إن الذرية أفنان أنا شجرتها ودوحة أنا ساقها، وإني من أحمد بمنزلة الضوء من الضوء، كنا ظلالا تحت العرش قبل خلق البشر أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 ص 105، وج 16 ص 289 وفيه: وأنا من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كالضوء من الضوء والذراع من العضد. (2) – كذا، والاصح كهولته. [ * ]

[ 485 ]

(9) باب: تثبيت الامامة وأنها مفترضة (وتثبيت الوصاية لقرب الامر بينهما) لقد بدأت بإستنساخ هذا القسم من الكتاب أي الباب التاسع، يوم الثلاثاء الثاني والعشرون من جمادي الثانية، لسنة / 1398 مستمدا من الله عزوجل أن يوفقنا لاتمامه.


[ 487 ]

167 – قال الله عزوجل: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم) (1). وقال تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهو راكعون) (2).


(1) – سورة النساء: 59، والآية بتمامها هكذا: (يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا). (2) – سورة المائدة: الاية 55، ثم أنظر كتاب المناقب لابن المغازلي ط 1 ص 311، و شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني، ط بيروت، ص 61 عن طريق ابن عباس، وذكر الحافظ الگنجي الشافعي في كفاية الطالب ط النجف ص 228. وأنساب الاشراف للبلاذري ط بيروت ترجمة الامام علي (عليه السلام) ص 150 الرقم 151، عن ابن عباس أيضا قال: نزلت في علي. وذكر العلامة البحراني رحمه الله في تفسير البرهان ج 1 ص 482 ط 2 في ذيل الاية الشريفة: وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير ج 12 ص 26 ط مصر في ذيل تفسير هذه الاية: روى عطاء، عن ابن عباس، انها نزلت في علي بن أبي طالب (عليه السلام). وروى عبد الله بن = [ * ]

[ 488 ]

فوصف الله تعالى الولي بفضله، ودل (1) عليه بشخصه، وقرن ولاية المدلول عليه الموصوف بالصلاة والزكاة في حال الركوع بولاية الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، فنحن نطالب بأن يدل على المدلول عليه، فليجعلوه من شاؤا بعد أن يقيموا، فإن هذه الامامة مفترضة طاعة لله عزوجل، وقد دل على شئ من الاشياء، ولا يجوز أن يجعل قول الله عزوجل هزوا، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوم غدير خم ما ذكرناه من قبل (2) ثم دعا


= سلام قال: لما نزلت هذه الآية قلت: يارسول الله أنا رأيت عليا تصدق بخاتمه على محتاج وهو راكع فنحن نتولاه. وروي عن ابي ذر رضي الله عنه أنه قال: صليت مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوما صلاة الظهر، فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد، فرفع السائل يده إلى السماء وقال: اللهم اشهد أني سألت في مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم) فما أعطاني أحد شيئا، وعلي عليه السلام كان راكعا فأومأ إليه بخنصره اليمنى وكان فيها خاتم، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال: اللهم إن أخي موسى سألك فقال: ” رب اشرح لي صدري ” إلى قوله: ” وأشركه في أمري، فأنزلت قرآنا ناطقا (سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا) اللهم وأنا محمد نبيك وصفيك فاشرح لي صدري ويسر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري. قال أبو ذر: فوالله ما أتم رسول الله هذه الكلمة حتى نزل جبرئيل، فقال: يا محمد إقرأ (إنما وليكم الله ورسوله) إلى آخرها. أنظر تفسير ” الدر المنثور ” للسيوطي ج 3 ص 104 ط بيروت فراجع. (1) – وفي ” ش “: ودل انبي على شخصه. (2) – أنظر ص 465 من هذا الكتاب. [ * ]

[ 489 ]

لمن نصره بالنصر، وعلى من خذله بالخذلان، ولابد لقول الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) من معنى حيث أخبر أن موالاته موالات الله تعالى، و أن معاداته معاداة الله جل إسمه. فنحن (1) نقررهم، أن هذا يوجب إمامة وخلافة، إذ كان النص لا يكون الا لامام، والا لبطل المعنى، ولم دل عليه، ودعا إليه ولاوليائه بالنصر، وعلى أعدائه بالخذلان في ذلك الموقف وذلك الوقت، في غير وقت صلاة، والرمضاء تحرق أرجلهم، ولم ينتظر وقت الصلاة ولا دخول المدينة، فهذا يدل على أمر قد أمر به (2) أن يأتيه قبل أن يزول عن مكانه. 168 – ونرجع الآن إلى قول الله عزوجل، الذي هو الاصل، وعليه بناء الامر: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) وهذه مخاطبة من الله جل ذكره، خاطب بها المؤمنين، ولم يخاطب بها أولي الامر، بل أمر المؤمنين أن يطيعوه ويطيعوا أولي الامر، والمخاطبة بعث على من ندبهم إلى طاعته وطاعة أولى الامر، وذلك أنه لا يجوز أن يكون المطيع هو المطاع ولا المأمور هو الآمر، والدليل أنه لم يقرن طاعة أولي الامر بطاعة الرسول، كما قرن عزوجل طاعة رسوله بطاعته تعالى، إلا وأولي الامر فوق الخلق، كما أن رسول الله فوق أولي الامر، ونحن


(1) – وفي ” ح “: فإنا. (2) – وفي ” ش “: فهذا لا يدل الا على أمر قد أمر به. [ * ]

[ 490 ]

نطالبهم في هذا الموضع أن يدلونا على هؤلاء القوم الذين دل عليهم، فإن الله لم يكن يوجب ولا يوجد قال: ونضطرهم إلى الاقرار، إن الله إذا دل على قوم بأعيانهم، فحرام مخالفتهم إلى غيرهم. 169 – واحتج علينا القوم: أن الله عنى بأولي الامر، أمراء السرايا، فاحتججنا عليهم نحن بقاطعة، أن الله تعالى، إن كان أمر بطاعة أمراء السرايا، فقد أمر بطاعة المنهزمين، فإن أبا بكر كان من أمراء السرايا يوم خيبر، ثم عمر، فانهزما، وهل هذا الاصل الا سنة موسى وهارون حذو القذة بالقذة، والله يقول: (سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) (1). وكان موسى وهارون وقفا على بني إسرائيل، يذكرانهم نعم الله، ويكرران ذلك، ثم قالا لهم: (أدخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين) (2)، فكان جوابهم الاباء، واحتجاجهم بالخوف والرهبة من القوم الذين استعظموا اجسادهم، واستكبروا أبدانهم، فقالوا: (إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا) (3) فشرط لهم موسى وهارون [ عليهما السلام ] الغلبة والنصر والفلج، فأبوا الا تمسكا بالمعصية، ورهبة من القوم، واتهموا موسى وهارون في قولهما !، ففسقهم موسى (عليه السلام) بقوله: (فافرق بيننا


(1) – سورة الاحزاب، الآية: 62. (2) – سورة المائدة، الآية: 21. (3) – سورة المائدة، الآية: 22. [ * ]

[ 491 ]

وبين القوم الفاسقين) (1). 170 – إن مثل ذلك أيام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، حين انصرف من الحديبية، وكان فتح الخيبر، بين فتح المدينة، وفتح مكة، فسار إليهم حتى نزل بساحتهم، وقد تلا على أمته من بني إسماعيل ما تلاه موسى على أمته من بني إسرائيل، من ضمان الله لهم بالفتح، فأخذ الراية الاول (2) فانصرف منهزما، فهذا من كلام بني إسرائيل الاول: إن فيها قوما جبارين، ثم أخذ الراية الثاني (3)، وكان ذلك سبيله فانصرف منهزما، يجبن أصحابه ويجبنونه من غير قتال ولا لقاء فكانت سنة القوم (4) من الثاني، إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها، فهذا عملها، والقصة تطول حتى قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم): لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار، فسمي من أعطاه الراية كرارا، وسمي من انهزم فرارا (5) ؟. ثم ما فعله خالد بن الوليد في بني جذيمة حين قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم):


(1) – سورة المائدة، الآية: 25. (2) – وهو أبو بكر. (3) – وهو: عمر بن الخطاب. (4) – وفي نسخة ” ش “: القول. (5) – مناقب ابن المغازلي: ط 1 ص 176، وثقات ابن حبان ج 2 ص 12. [ * ]

[ 492 ]

اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد (1)، وكان أيضا من أمراء السرايا، وقد إنهزم الاول والثاني مع عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل، فهؤلاء أمراء السرايا قتلوا النفس المحرمة (2)، فتبرأ النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من فعل


(1) – الطبقات الكبرى لابن سعد، ج 2 ص 111 ط مصر، وأنظر كتاب المغازي من صحيح البخاري، ج 3 ص 47، اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين. باب بعث خالد إلى بني جذيمة. وقد أرسل (صلى الله عليه واله وسلم) إليهم، داعيا لهم إلى الاسلام ولم يبعثه مقاتلا، وكان بنو جذيمة قتلوا في الجاهلية عمه الفاكه بن المغيرة، فما جاءهم بمن معه قال لهم: ضعوا أسلحتكم فإن الناس قد أسلموا، فوضعوا أسلحتهم، وأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السبي فقتل منهم مقتلة عظيمة فلما انتهى الخبر إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) رفع يديه إلى السماء فقال كما في باب بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كتاب المغازي من صحيح البخاري: اللهم إني أبرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد مرتين. ثم أرسل عليا – كما في تاريخي ابن جرير وابن الاثير وغيرهما – ومعه مال وأمره أن ينظر في أمرهم، فودى لهم الدماء والاموال حتى أنه لبدى ميلغة الكلب وبقي معه من المال فضله فقال لهم: هل بقي لكم مال أو دم لم يؤد ؟ قالوا: لا. قال: فإني أعطيكم هذه البقية إحتياطا لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ففعل. ثم رجع فأخبر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: أصبت وأحسنت. هذا ما نقله المؤرخون ومترجمون خالد، حتى قال ابن عبد البر بعد أن ذكر هذا الخبر عنه في ترجمته من الاستيعاب ما هذا لفظه: وخبره في ذلك من صحيح الاثر. (2) – وفي نسخة ” ش “: وقد إنهزموا وقتلوا النفس التي حرم الله، وقد تبرأ النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، من فعل خالد. [ * ]

[ 493 ]

خالد، وبعث عليا (عليه السلام)، فوداهم حتى ميلغة الكلب، وقد زعموا أن الله أمر بطاعة المنهزمين ! !. 171 – ووجه آخر: أغلط مما ذكرنا، أن أمراء السرايا قد ماتوا كلهم، والامة قائمة، فإذا كانت الاية قد [ مات ] مات من نزلت فيه بطلت، فليس لاحد بعدهم طاعة وفي ذلك نقض الولايات، على ان الاية لا يكون ثلثاها ناسخا، وثلثها منسوخا، لان طاعة الله وطاعة رسوله فرض إلى يوم القيامة، وطاعة ولاة الامر إن كانوا أمراء السرايا ساقطة، فهذا واضحة ؟. وزعم قوم منهم، أنهم العلماء والفقهاء، وان الله فرض طاعتهم على الامة، ووجدنا الذين أشير إليهم بالعلم والفقه منهم قد اختلفوا في الاحكام، فان كانت طاعة الله تلزم بالاختلاف، وبأن يحرم أحدهم الفرج ويحله الآخر، فإن أطيع فقيه فيما يحل عصى الآخر فيما يحرم، وإن عصى الذي يحل أطيع الذي يحرم، فكيف يطاعان في حالة واحدة ؟ وكيف يفرق بين من طاعته لازمة ؟ وبين من طاعته غير لازمة ؟ وكيف تلزم الطاعة قوما هذه حالتهم ؟ وكيف يعرف ولي الله من عدوه ؟ وكيف يعلم حزب الله من حزب الشيطان. فقد وضحت هذه أيضا عليهم، وبط إحتجاجهم والحمد لله، ولولا ما يجرون إليه من العناد، ما احتجنا إلى الاحتجاج عليهم بعد ما يرون من فقهائهم، ورواة أخبارهم ما نذكره:


[ 494 ]

172 – روى الحسين بن نصر المنقري (1): قال أخبرني ابراهيم بن الحكم بن ظهير (2)، عن ابيه (3)، عن السدي (4)، عن ابي صالح (5). عن ابن عباس في قول الله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و اولي الامر منكم) (6)، قال: علي بن أبي طالب (عليه السلام) (7).


(1) – كذا في النسخة والظاهر هو: الحسين بن نصر المصري. أنظر الجرح والتعديل للرازي ج 3، ص 66، الرقم: 300. (2) – هو ابراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري أبوسحاق ابن صاحب التفسير روى عن السدي. أنظر رجال النجاشي ج 1 ص 87. وقاموس الرجال للتستري ج 1 ص 172، الجرح والتعديل ج 2 ص 94 الرقم: 253، وميزان الاعتدال ج 1 ص 27 الرقم: 73. وجامع الرواة للاردبيلي ج 1 ص 20 الرقم: 79. (3) – هو الحكم بن ظهير الفزاري روى عن عاصم والسدي أنظر الجرح والتعديل ج 3 ص 118 الرقم: 550. (4) – هو إسماعيل بن عبد الرحمان بن أبي كريمة السدي أبو محمد القرشي مولاهم الكوفي الاعور، وهو السدي الكبير. أنظر تهذيب التهذيب ج 1 ص 313 الرقم: 572 وقاموس الرجال ج 2 ص 80 الرقم: 844. (5) – أنظر الجرح والتعديل ج 9 ص 392 أو 93. (6) – سورة النساء، الآية: 59. روى العلامة الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الشهير بابن حسنويه في ” در بحر المناقب ” مخطوط ص 65 فقال: عن القاضي أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد المغازلي بسنده إلى حارثة بن زيد قال: شهدت عمر بن الخطاب حجته في خلافته فسمعته يقول: اللهم قد عرفت بحبي = [ * ]

[ 495 ]


= لنبيك وكنت مطلعا من سري، فلما رآني أمسك وحفظت الكلام فلما انقضى الحج وإنصرفت إلى المدينة تعمدت الخلوة به فرأيته يوما على راحلته وحده فقلت له يا أمير المؤمنين بالذي هو أقرب اليك من حبل الوريد الا أخبرتني عما أريد أسألك عنه، قال سل عما شئت قال: سمعتك يوم كذا وكذا تقول كذا وكذا، قال: فكأني ألقمته حجرا وقلت: لا تغضب فوالذي أنقذني من الجاهلية وأدخلني في الاسلام ما أردت بسؤالي الا وجه الله عزوجل قال: فعند ذلك ضحك وقال: يا حارثة دخلت على رسول الله (صلى الله عليه واله) و قد اشتد وجعه وأحببت الخلوة به وكان عنده علي بن أبي طالب والفضل بن العباس، فجلست حتى نهض ابن العباس وبقيت أنا وعلي، فتبين لرسول الله ما أردت فالتفت إلي وقال: جئت لتسألني إلي من يصير هذا الامر من بعدي فقلت: صدقت يارسول الله، فقال: يا عمر هذا وصيي وخليفتي من بعدي، فقلت: صدقت يارسول الله، فقال: هذا خازن سري فمن أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله ومن تقدم عليه فقد كذب بنبوتي، ثم أدناه فقبل بين عينيه وقال: وليك الله وناصرك والى الله من والاك، فأنت وصيي وخليفتي من بعدي في أمتي، وعلا بكاه وانهملت عيناه بالدموع حتى سالت على خده وخده على خد علي. فوالذي من علي بالاسلام لقد تمنيت من تلك الساعة أن أكون مكانه على الارض. ثم التفت وقال لي: إذا نكث الناكثون وقسط القاسطون ومرق المارقون فامر هذا مقامي حتى يفتح الله عليه وهو خير الفاتحين. قال حارثة: فتعاظمني ذلك فقلت: ويحك يا عمر، كيف تقدمتموه وقد سمعت ذلك من رسول الله (صلى الله عليه واله) ؟ ! = [ * ]

[ 496 ]

173 – قال: وفي قوله [ تعالى ]: (ولو ردوه إلى الرسول والى أولى الامر منهم) (8) قال ابن عباس: علي بن أبي طالب (عليه السلام). واحتج عليهم بعض المحتجين، فقالوا: أخبرونا عن القوم الذي ذكرتم، أكانوا معصومين أم لم يكونوا معصومين ؟ فإن الامام لا يجوز أن يكون غير معصوم، إذ يكون محتاجا إلى غيره، والى حاكم يقيم أوده (9) وإذا كان غير معصوم فهو غير مأمون على نفسه في إنتهاك المحارم، ولا يجوز أن يكون محتاجا إلى معلم يعلمه، والى أحد فوق يديه، إن إنتهك محرما أقام عليه الحد، وإن إرتكب منكرا أزاله، وإذا كان كذلك لم يؤمن على غيره، ومستحيل أن يكون الامام محكوما عليه، وهو المؤدب للناس، ومن المحال أن يحتاج إلى من يرشده، وهو المقوم المرشد، (10) فهذه واضحة. 174 – واحتج بعض أهل العلم عليهم، فقال: أخبرونا عن هؤلاء


= فقال: يا حارثة بأمر كان، ! فقال: من الله أم من رسوله أم من علي ؟ فقال: لا، بل الملك عقيم، والحق لابن أبي طالب (عليه السلام). (7) – أنظر شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ط بيروت ج 1 ص 148. (8) – سورة النساء، الآية: 83. (9) – الاود: الاعوجاج. (10) – لله در العالم الجليل الا وهو: الخليل بن أحمد العروضي من كلمته القيمة في علي عليه السلام، حيث يقول إحتياج الكل إليه وإستغنائه عن الكل دليل على أنه إمام الكل. [ * ]

[ 497 ]

العلماء الذين أمر الله بطاعتهم، والوقوف عند أمرهم، أنهم متساوون في المعرفة والعلم أم بعضهم أعلم من بعض، فإن قالوا: هم متساوون فقد أحالوا، وإن قالوا: يتفاضلون، قيل لهم: فما علامة الفاضل، والى من ترجع الامة ؟ إلى الفاضل ام [ إلى ] المفضول ؟ فان قالوا (1): بل إلى الفاضل فقد ثبت موضع الفضل والعلم، واستغنينا عن إقامة البرهان. وإحتج فقال: إنا وجدنا صاحبكم بخلاف هذه الصفة، ورأيناه قد جرى عليه الخطأ والزلل في الاحكام، ووقف الناس على ذلك حتى نقموه وأنكروه، وردوه، فدللنا فعله ذلك على أنه غير معصوم، ثم أمره في الفقه والعلم ظاهر عند الامامة، وقد قال الله [ تعالى ]: (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أم من لا يهدي الا ان يهدي) (2). وذلك في أشياء نقمت عليه الامة، ونحن نذكرها ما احتج به هذا المحتج في أمره وأمر صاحبه. ذكر أن الامة نقمت على الاول، وهو القائم مقام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) باختيار قوم منهم إياه، أنه سمى نفسه خليفة رسول الله، أنه كتب إلى العمال: من خليفة رسول الله، ثم زعم وزعم صاحبه: أن النبي لم يستخلف أفيكون خليفة رسول الله من لم يستخلفه رسول الله ؟ فكيف استجازت الامة أن تنصب له خليفة لم يقمه ؟ وكيف سمته خليفة رسول الله ؟ وكيف


(1) – وفي نسخة ” ح “: قلتم. (2) – سورة يونس: 35. [ * ]

[ 498 ]

يجوز لها أن تقيم خليفة لا تقدر على عزله إذا نقمت عليه ؟، ثم مع ذلك زعمت الامة، أنه أولى بمقام رسول الله من أهل بيته !، وأن المهاجرين من آل أبي قحافة وآل الخطاب خير من المهاجرين من بني هاشم، فكانت أول شهادة زور شهدوا في الاسلام، وكان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أول مشهود عليه في الاسلام، وكانوا أول مشهود عليه بالزور، ! ! فهذه ظلامة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم). 175 – ونقموا عليه: أنه زعم، أن الانبياء لا يورثون خلافا لقول الله عزوجل (1): حتى تواصلوا إلى أخذ نحلة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لابنته فاطمة (عليها السلام) ولم يقبلوا دعواها، وسألوها البينة، فأتت بعلي والحسن واحسين، وجاءت بأم أيمن، فرد شهادتهم ولم يقبلها، وقال: أما علي فزوجك يجر إلى نفسه بشهادته، وكذلك الحسن والحسين يجران بشهادتهما إلى انفسهما، وأما أم أيمن فهي مولاتكم (2) ثم سن بذلك


(1) – الآيات التي تدل على توريث الانبياء بعضهم ن بعض كثيرة، منها: (وورث سليمان داود) النمل: 16، وآية: (فهب لي من لدنك وليا * يرثني ويرث من آل يعقوب) مريم / 6، (رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين) الانبياء / 89. كما إستشهدت الصديقة فاطمة الزهراء سلام الله عليها بالآيات التي تدل على توريث الانبياء في الخطبة التي خطبتها في مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إحتجاجا على أبي بكر. (2) – هو: أم أيمن، وإسمها: بركة، حاضنة النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، وكانت لام رسول الله، وكان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: ” أم أيمن أمي بعد أمي “. أنظر تهذيب الكمال، ج 35 ص 329. [ * ]

[ 499 ]

للامامة الا تقبل شهادة الرجل لامرأته، ولا [ شهادة ] إمرأة لزوجها، ولا الوالد لولده، ولا الولد لوالديه ! !، ولم تجتمع الامة على أن رسول الله رد شهادة أحد من هؤلاء ؟ ! !. فيا معشر المسلمين، أنظروا إلى ما فعله هذا الذي قام مقام رسول الله وسمى نفسه خليفة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كيف إستجاز منع فاطمة (عليها السلام) حقها، وكذبها في دعواها، وجرح شهادة علي بن أبي طالب، والحسن والحسين، ! [ وهما سيدا شباب أهل الجنة ]. ولعمري لقد دل قول الثاني، على ما قد فعلوه، حين توفى رسول الله فجاء حتى دخل على علي (عليه السلام) بما نحن ذاكروه. 176 – رواه الواقدي قال: حدثنا هشام بن سعد، (1) عن زيد بن أسلم (2)، عن أبيه، قال: سمعت عمر يقول: لما توفى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) خرجت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على علي بن أبي طالب، وهو في بيت فاطمة، وعنده المهاجرون، فقلت: ماذا تقول يا علي ؟ قال: أقول خيرا، نحن أولى برسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وما نزل، قلت والذي قال: نعم قلت: نعدل قال: نعم، قلت: كلا، والذي نفسي


(1) – هو: هشام بن سعد أبو سعد مولى أبي لهب، روى عن زيد بن أسلم. أنظر الجرح و التعديل، ج 9، ص 61. (2) هو: زيد بن أسلم أبو أسامة مولى عمر بن الخطاب، روى عن ابن عمر، وأنس، و أبيه، أنظر الجرح والتعديل ج 3 ص 555. [ * ]

[ 500 ]

بيده حتى تحزوا رقابنا بالمناشير. فهذا دليل [ على ] أنهم قصدوا أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم).


[ 501 ]

[ إعطاء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فدك (1) لفاطمة عليها السلام: ] فأما فدك: فقد روى فقهائهم وعلمائهم، أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لما نزلت عليه: (وآت ذا القربى حقه) (2) قال رسول الله: يا فاطمة، لك فدك. 177 – وروى أيضا، قال: لما نزلت على رسول الله: (وآت ذا القربى حقه) دعا فاطمة، فأعطاها فدك (3).


(1) – فدك: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم في سنة سبع صلحا، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل خيبر وفتح حصونها ولم يبق الا ثلث واشتد بهم الحصار راسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن ينزلهم على الجلاء وفعل وبلغ ذلك أهل فدك فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصالحهم على النصف من ثمارهم وأموالهم فأجابهم إلى ذلك فهي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها عين فوارة ونخيل كثيرة وهي التي قالت فاطمة رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحلنيها، فقال أبو بكر رضي الله عنه أريد لذلك شهودا [ قال الحموي ولها قصة ]. أنظر معجم البلدان ج 4 ص 238. قال أحمد المحمودي: الحديث في قصة فدك ذو شجون ذكر الحموي في المعجم قصة فدك وإعطائها لفاطمة عليها السلام وإحتلالها أبو بكر في خلافته وكذا عمر، وردها عمر بن عبد العزيز إلى بني فاطمة، فمن أراد التفصيل فعليه بالمصدر المذكور. (2) – سورة الاسراء، الآية: 26. (3) – قال الحافظ جلال الدين السيوطي في تفسيره، الدر المنثور، ط بيروت، ج 5، = [ * ]

[ 502 ]

178 – وحدثنا، عن عبد الرحمن بن صالح الازدي (1)، قال: حدثنا علي بن عابس الملائي (2)، عن فضيل بن مرزوق (3) عن عطية: (4) عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) (وآت ذا القربى حقه) قال: يا فاطمة لك فدك (5). فهذه رواياتهم، ثم يجرون إلى العناد، والى منع ابنة رسول الله


= ص 273: وأخرج البزار وأبو يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الاية: ” وآت ذا القربى حقه ” دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فأعطاها فدك. (1) – هو: عبد الرحمان بن صالح الازدي العتكي أبو صالح، ويقال: أبو محمد الكوفي سكن بغداد في جوار علي بن الجعد. أنظر تهذيب الكمال ج 17 ص 177 الرقم: 3851. (2) – هو: علي بن عابس الاسدي الازرق الكوفي الملائي بياع الملاء. أنظر تهذيب الكمال ج 20، ص 502، الرقم: 4093. (3) هو: فضيل بن مرزوق الاغر الرقاشي أبو عبد الرحمان الكوفي. أنظر تهذيب الكمال ج 23، ص 305، الرقم: 4769. (4) – هو: عطية العوفي. (5) – مقتل الحسين للخوارزمي، ص 71، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 44، وقد فسر الله عزوجل اصطفاه العترة في الكتاب في أثني عشر موضعا، أولها: وأنذر عشيرتك الاقربين، خامسها: قول الله تعالى: (وآت ذا القربى حقه)، خصوصية لهم فلما نزلت هذه الآية قال صلى الله عليه واله وسلم لفاطمة (عليها السلام): هذه فدك. [ * ]

[ 503 ]

حقها، تعصبا على رسول الله وذريته ! !. ولعمري لقد كان عمر بن عبد العزيز أعرف بحقها حين رد إلى محمد بن علي (عليه السلام) فدك، فقيل له: طعنت على الشيخين ؟ !، فقال: هما طعنا على أنفسهما، وذلك لما صار إليه محمد بن علي (عليه السلام). 179 – رواه أبو صالح الطائي، قال: حدثنا الحماني، (1) قال: حدثنا شريك، (2) عن هشام بن معاذ، قال: كنت جليسا لعمر بن عبد العزيز، حيث دخل المدينة، فأمر مناديه أن ينادي: من كانت له مظلمة، أو قال: ظلامة، فليأت الباب، فأتاه محمد بن علي (عليهما السلام) فدخل عليه مولاه مزاحم (3) فقال له: إن محمد بن علي (عليه السلام) بالباب، فقال له: أدخله يا مزاحم فدخل محمد، وعمر تسح عيناه بالدموع، فيمسحها، فقال محمد (عليه السلام) ما أبكاك يا عمر ؟ فقال هشام: أبكاه كذا وكذا يابن رسول الله.


(1) – هو: جبارة بن المغلس الحماني أبو محمد الكوفي. أنظر تهذيب الكمال ج 2 ص 489. أو: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمان. تهذيب الكمال ج 31، ص 419. (2) – هو: شريك بن عبد الله بن أبي شريك النخعي أبو عبد الله الكوفي القاضي. أنظر تهذيب الكمال ج 12، ص 462، الرقم: 2736. (3) – هو: مزاحم بن أبي مزاحم المكي، مولى عمر بن عبد العزيز. أنظر تهذيب الكمال ج 27، ص 420 الرقم: 5884. [ * ]

[ 504 ]

[ موعظة الامام محمد بن علي الباقر عليهما السلام لعمر بن عبد العزيز ] فقال محمد [ بن علي عليهما السلام ]: يا عمر. إن (1) الدنيا سوق من الاسواق، منها خرج الناس بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرهم، وكم من قوم هم قد ضرهم مثل الذي أصحابنا فيه حتى أتاهم الموت، فاستوعبوا فخرجوا من الدنيا نادمين (2)، لما لم يأخذوا لما أحبوا من الاخرة عدة، ولا لما كرهوا جنة، فسم ما جمعوا من لا يحمدهم، وصاروا إلى ما يعذرهم، فنحن والله محقون أن ننظر إلى تلك الاعمال التي كنا نغبطهم بها فنوافقهم فيها، وننظر إلى تلك الاعمال التي كنا نتخوف عليهم منها، فنكف عنها. فاتق الله واجعل في قلبك إثنين تنظر الذي تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك حتى تخرج إليه، وتنظر الذي تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك، فابتغ به البدل، ولا تذهبن إلى سلعة يارت على من كان قبلك (3). فاتق الله يا عمر، وافتح الابواب، وسهل الحجاب وانصر المظلوم


(1) – وفي ” ش “: إنما. (2) – وفي ” ش “: مولين. (3) – وفي ” ش “: يرجو أن يجوز عنك. [ * ]

[ 505 ]

ورد المظالم، ثلاث من كن فيه إستكمل الايمان بالله: فجثا عمر على ركبتيه، ثم قال: إيه أهل بيت النبوة، قال: نعم يا عمر، من إذا رضي لم يدخل رضاه في الباطل، ومن إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له.


[ 506 ]

قال: فدعا عمر بدواة وقرطاس وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما رد عمر بن عبد العزيز، ظلامة محمد بن علي، فدك (1).


(1) – قال الشيخ الجليل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي الصدوق المتوفى (381) في كتاب ” الخصال “، ص 100، ط النجف: حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري، قال: أخبرنا أبو صالح الكناني عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن شريك، عن هشام بن معاذ، قال: كنت جاليسا لعمر بن عبد العزيز، حيث دخل المدينة فأمر مناديه فنادى: من كانت له مظلمة أو ظلامة فليأت الباب، فأتى محمد بن علي، يعني الباقر – عليهما السلام، فدخل إليه مولاه مزاحم فقال: إن محمد بن علي بالباب، فقال له: أدخله يا مزاحم، قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدموع، فقال له محمد بن علي: ما أبكاك يا عمر ؟ فقال هشام: أبكاه كذا وكذا يابن رسول الله، فقال محمد بن علي: يا عمر، إنما الدنيا سوق من الاسواق، منها خرج قوم بما ينفعهم، ومنها خرجوا بما يضرهم، وكم من قوم قد ضرهم بمثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت فاستوحشوا فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا لما أحبوا من الآخرة عدة، ولا مما كرهوا جنة، قسم ما جمعوا من لا يحمدهم، وصاروا إلى من لا يعذرهم، فنحن والله محقوقون أن ننظر إلى تلك الاعمال التي كنا نغبطهم بها فنوافقهم فيها، وننظر إلى تلك الاعمال التي كنا نتخوف عليهم منها فنكف عنها، فأتق الله، واجعل في قلبك أثنتين: تنظر الذي تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك، وتنظر الذي تكرهه أن يكون معك إذا قدمت على ربك فابتغ فيه البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت على من كان = [ * ]

[ 507 ]

ثم كان، يحب على الامة أن ينظروها (1)، ولا يخذلوها، ولا يكذبوها فإن فاطمة بضعة من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لا تدعي غير خقها، وعلي بن أبي طالب والحسن والحسين لا يشهدون بالزور. فذكر هذا المحتج، أن من فعل هذا الفعال بآل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فلا نصيب له في الاسلام. هذا وقد أعطيا إبنتيهما ما ادعيا من ميراث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ثم منعهما عثمان. روى ذلك، شريك: أن عائشة وحفصة أتتا عثمان بن عفان تطلبان منه ما كان أبواهما يعطيانهما، فقال لهما: لا والله، ولا كرامة ما زاد لكما،


= قبلك ترجو أن تجوز عنك، وإتق الله عزوجل يا عمر، وإفتح الابواب وسهل الحجاب، وأنصر المظلوم، ورد المظالم. ثم قال: ثلاث من كن فيه إستكمل الايمان بالله، فجثا عمر على ركبتيه، ثم قال: إيه يا أهل بيت النبوة، فقال: نعم يا عمر، من إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له. فدعا عمر بدواة وقرطاس وكتب: بسم الله الرحمان الرحيم، هذا ما رد عمر بن عبد العزيز ظلامة محمد بن علي فدك. قال أحمد المحمودي: روى العلامة المجلسي رحمه الله في البحار هذا الحديث بعينه مع إختلاف طفيف نقلا عن الخصال كما رأيت، أنظر البحار ج 46 ص 326 و 78 ص 181. (1) – وفي ” ش “: أن ينصروها. [ * ]

[ 508 ]

عندي، فألحتا، وكان متكأ فجلس، وقال: ستعلم فاطمة، أي ابن عم لها أنا اليوم، ثم قال لهما: ألستما اللتين شهدتما عند أبويكما ؟ ولفقتما معكما، أعرابيا يتطهر ببوله، ملك بن أوس بن الحدثان (1)، فشهدتما معه، أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال: لا نورث ما تركناه صدقة ؟. فمرة تشهدون، أن ما تركه رسول لله صدقة، ومرة تطالبون ميراثه، فهذا من أعاجيبهم. 180 – ومما نقموا عليه: أن العباس بن عبد المطلب، أتاه، وطلب قطيعته التي كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أقطعه إياها من الحيرة (2) والرصافة (3) والغائظ، (4) فلم يقبل قوله، ولم يجز له ما أجازه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وهو يعطي الاعراب والاحزاب، والطلقاء وأبناء الطلقاء، ويصدقهم على ما ادعوه ومناديه في كل موسم من كانت له عدة عند رسول الله، كائنة ما كانت فليأت، فكان يعطيهم، ويقبل دعواهم (5)،


(1) – هو: مالك بن أوس بن الحدثان بن يربوع النصري، قال ابن حجر العسقلاني: قال البخاري: قال بعضهم: له صحبة ولا تصح، وقال أبو حاتم وابن معين: لا تصح له صحبة. أنظر تهذيب التهذيب ج 10 ص 10 الرقم: 5. (2) – أنظر معجم البلدان ج 2، ص 328 (3) – أنظر معجم البلدان ج 3 ص 46 و 47. (4) – أنظر معجم البلدان ج 3 ص 184. (5) – وفي ” ح “: دعاويهم. [ * ]

[ 509 ]

ويكذب عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويجرح شهادة علي (عليه السلام) ولا يقبل قول فاطمة الزهراء (عليها السلام) ولا قول إبنيها، ! ثم يسألهم البينة، فإذا أتوا بها تسلق عليهم بالحيل جرأة على الله عزوجل، وعداوة لنبيه (صلى الله عليه واله وسلم) وتعرضا لاهل بيته. 181 – ومما نقموا عليه: أن فقهاء الامة إجتمعوا فيما نقلوا أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كان يقسم الخمس من الغنائم في بني هاشم على ما فرضه الله، وأن الاول (1) لما إدعى أن الخمس للمسلمين، إدعاه من بايعه معه، ثم استوفى الخيل والسلاح، فقسمها بين المسلمين (2) لم يسأل البينة، كما سئل العباس وفاطمة (عليها السلام)، فنحى بني هاشم، عن جميع ما كان لهم، وأزال أمرهم، وأطمع فيهم الطلقاء وأبناء الطلقاء، حتى مضت سنته، وبطلت سنة رسول الله، وجاء، من بعدهما معاوية وابنه، فوثبا على حق رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فاحتازاه، ثم قتلا ولديه، وأباحا حريمه، فلما كان من محمد بن أبي بكر الاحتجاج عليه، قال: يا محمد، أبوك مهد مهادة وثني لملكه وسادة، ووافقه (3) على ذلك فاروقه، فإن يكن ما نحن فيه حقا فأبوك أوله، وإن يكن باطلا، فأبوك أساسه، فعب أباك بما بدا لك، أودع،


(1) – وفي ” ح “: وأن أبا بكر. (2) – وفي ” ش “: الناس. (3) – وفي ” ح ” و ” ش “: ووازره. [ * ]

[ 510 ]

في كلام كثير. (1) ثم أفضى الامر إلى يزيد بن معاوية، فقام مقام رسول الله، فوثب بما سنه له أبوه، وسنه الحبران الفاضلان بزعمهم على (2) ابن رسول الله، و سيد شباب أهل الجنة، في جماعة من ولد ابيه الذين هم ولد رسول الله من بني هاشم، وسبي بنات رسول الله سوقا إلى الشام كما تساق سبايا الروم والخزر، والامة تنظر، لا معين يعين، ولا منكر ينكر. ثم أباح المدينة حرم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أياما ولياليا لاهل الشام، حتى إفتض فيها الف بكر من بنات المهاجرين والانصار (3)، و [ كان ] الملعون يتمثل بقول ابن الزبعري: ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الاسل


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 3 ص 190، جواب معاوية لرسالة محمد بن أبي بكر. (2) – وفي ” ح “: قتل ابن: (3) – أنظر تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 195، وفيه: قتل فيها خلق من الصحابة ومن غيرهم، وإفتض فيها الف عذراء، فإنا لله وانا إليه راجعون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين “، رواه مسلم و تاريخ الطبري في حوادث: سنة، 63، وج 5، ص 491، وابن عبدربه في عقد الفريد الجزء الثاني في ذكر وقعة حرة، وابن الطقطقي في تاريخه المعروف بالفخري. وشرح النهج لابن أبي الحديد ج 3 ص 259. [ * ]

[ 511 ]

لاهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل قد جزيناهم ببدر بعدما * قوم القتل بقتل فاعتدل لست للشيخين إن لم أنتقم (1) * من بني أحمد ما كان فعل ن يكن أحمد حقا مرسلا * لم يكن عترته الله خذل فحقق عدو الله وابن عدوه، أنه قد طلب ثاره من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأنه أدركه بمن أصيب من أهل بيته يوم بدر وذلك بما سنه الحبران الفاضلان، فما فاتت خصلة من الخصال تركوها ولم يأتوها، لقد بقيت آثار كسري قائمة إلى غايتنا هذه (2)، وآثار رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) دارسة، ولقد إصطفوا أمواله بعده، وهدموا نبوته، وقتلوا ولده، وسبوا بناته، وأخذوا خمسه، وهدموا مسجده، وعمروا فيه آثارهم، ورزقوه وشيدوه، خلافا على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، وكسروا منبره، وخالفوا عليه بالزيادة، وهدموا عليه بيت ربه مرتين من بعده، واستحلوا حرمه وحرم ربه، وأباحوه، وغيروا سنته، وأبدعوا في دينه، ودخلوا عليه بيته بغير إذنه فهذه الاشياء كلها مما سنه الحبران الفاضلان.


(1) – أنظر العقد الفريد لابن عبد ربه، ونقل هناك اعتراف يزيد بارتداده عن الاسلام. و من كلمة لست للشيخين يعلم مدى تعلقه وانتسابه عقيدة كيف ينسب نفسه لهما حقدا على بني هاشم.. (2) – أي إلى يومنا هذا ويشمله الحديث. من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. [ * ]

[ 512 ]

182 – وما نقموا عليه: أنه لما ولى، قال للناس: لا تفردوني من عيالي، فإنه لابد لي ولكم من كري أعطيه على القيام بأمركم وصلاتكم وحجكم، وجهاد عدوكم، وإقامة الحديود وغير ذلك من دين الله الذي بعث به محمد، ففرضوا له ثلاثة دراهم في كل يوم على قيامه بأمرهم، فكانت صلاته بهم، وجهاده، وحكمه، وغير شئ من أعمال البر بكرى، و إجماع الامة أنه من عمل شيئا من أعمال البر بكرى كان عمله فاسدا مردودا عليه وأن الصلاة خلف المستأجر فاسدة، وجعل ذلك يقوم من بعده، وللامة التي تعمل شيئا من أعمال البر، فليس أحد من الامة يعمل عملا من أعمال البر من قضاء أو حكم، أو تعليم قرآن الا طلب عليه الكري، إقتداء به وبصاحبه وإستنانا بسنته، فذهبت الحسنة من الناس بتعليم الخير، ورأوا أخذ الكرى أصلح وأجدى عليهم في دنياهم. فمن هاهنا أخذ القضاة الكرى على الحكم وقالت الفقهاء: أعطونا نحدثكم وقال المؤذنون: أعطونا نؤذن لكم، وقالت القصاص أعطونا نقص لكم، وقال الائمة: أعطونا نؤمكم في شهر رمضان، وقال الله جل ذكره خلاف هذا، وأخبر عن الانبياء، وخلائف الانبياء، أنهم لم يسألوا أحدا شيئا على ما أتوهم به، فقال: (إتبعوا من لا يسئلكم أجرا وهم مهتدون) (1) ولا نعلم نبيا من الانبياء، ولا عالما من العلماء يريد بعلمه يسأل شيئا، لا ذهبا ولا فضة، فهذا ما سنه الحبران الفاضلان ؟ !.


(1) – سورة ” يس “: 21. [ * ]

[ 513 ]

183 – ومما نقموا عليه: فعله بالفجاءة، إحراقه بالنار، وهو يقول: أنا مسلم، روى الواقدي قال: حدثنا عبد الله بن الحرث بن الفضل، عن أبيه، عن سفيان، عن أبي العوجاء السلمي، في حديث طويل قال: كتب الاول، إلى طريفة بن حاجزة، وهو عامله، أما بعد فقد بلغني أن الفجاءة إرتد عن الاسلام، فسر إليه بمن معك من المسلمين حتى تقتله أو تأسره فتأتين به في وثاق والسلام. فسار بمن معه، فلما إلتقيا، قال: يا طريفة ما كفرت، وإني لمسلم، فأوثقه طريفة في جامعة، وبعث به إلى الاول، (1) فلما قدم إليه، أرسل به إلى ابن جثم فحرقه بالنار، وهو يقول: أنا مسلم. ثم سلط خالد بن الوليد على الناس، فقتلهم، وقتل مالك بن نويرة على الاسلام رغبة في إمرأته لجمالها، فسوغه الاول ذلك، وأنكره الثاني عليه، ولم يغير ذلك، وأهدر دمه (2).


(1) – وفي ” ح “: إلى أبي بكر. (2) – الكامل في التاريخ لابن الاثير، ج 2 ص 359، كما تقدم. قال ابن الاثير: وكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يقدم عليه، ففعل ودخل المسجد وعليه قباء وقد غرز في عمامته أسهما، فقام إليه عمر فترعها وحطمها، وقال له: قتلت أمرا مسلما ثم نزوت على إمرأته، والله لارجمنك بأحجارك ؟ وخالد لا يكلمه يظن أن رأي أبا بكر مثله، ودخل على أبي بكر فأخبره الخبر واعتذر إليه، فعذره وتجاوز عنه: عنفه في التزويج الذي كانت عليه العرب من كراهة أيام الحرب، فخرج خالد وعمر جالس، فقال: هلم إلي يابن أم = [ * ]

[ 514 ]

184 – ومما نقموا عليهم: أنهم غيروا ما فرضه الله عليهم، في حرمة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ولم يشكوا أن حرمته في وفاته كحرمته في حياته، فقد قال الله جل وعلا: (لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم) (1)، و أجمعت الامة أن النبي لم يعهد إليهم في دفن الاول والثاني (2) معه بيته، ولا أوصى بذلك، فضربوا بالمعاول (3) عند رأسه وأدخلوا القوم عليه، ودفنوهما معه بغير إذنه، وتراهم يبرمون في النهي عن رفع الصوت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إعظاما له، وتوقيرا، ولم يوقر في ضرب المعاول عند رأسه، ثم أدخلوهما عليه وكانا لا يطمعان في الدخول عليه وهما حيان، وهو حي بغير إذنه. ومن العجب، أن الثاني أرسل إلى عائشة يستأذنها في الدفن مع الرسول !. فليت شعري، ما معناه في ذلك ؟ وأي أمر إلى عائشة في الدفن مع رسول الله ؟ وقد قال الله عزوجل: (لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم) (4) فنسب الله البيوت إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ونسبها الثاني، إلى


= سلمة، فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي عنه، فلم يكلمه. (1) – سورة الاحزاب الاية: 53. (2) – وفي ” ح “: أبي بكر وعمر. (3) – المعول، جمعه: معاول، أداة لحفر الارض. المنجد في اللغة. (4) – سورة الاحزاب، الاية: 53. [ * ]

[ 515 ]

عائشة، ولا يجوز أن يدفن النبي الا في بيته، والموضع الذي قبض فيه، فإن كان البيت لعائشة كما زعم الثاني، فقد جعلته للنبي، لانه لا يدفن الانبياء الا في أرضهم وملكهم، وإن جعلته للنبي فقد خرج من ملكها، فما معنى إستيمارها ؟، وإن كان البيت من قبل النبي كما قال الله جل وعز، فعائشة وغيرها من الاجنبيات في البيت سواء، فما ندري أي شئ كان لعائشة من أمر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى استوذنت فأذنت، فهذا ما فعل الحبران الفاضلان.


[ 516 ]

[ تحريم عمر: المتعتان وحي على خير العمل ] 185 – ووما نقموا على الثاني: اذي سموه فاروقا، وزعم المحتج أنه إنما سمي بذلك لانه فرق بين الحق وأهله، وأنه صعد المنبر، وقال: أها الناس، ثلاث كن على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهن، منها: المتعتان، متعة النساء ومتعة الحج، فإنه متى لم يتمتع الناس بالعمرة إلى الحج إعتمر الناس في كل وقت قدرت عليكم الحيرة وقامت أسواقكم في كل وقت مع ما في ذلك من تحصين الاحرام وتعظيمه، فإني أستفظع أن يروح الحاج إلى منى شعثا غبرا قد لوحتهم السماء، وغيرت الوانهم الشمس، وروح المتمتعون لم يصبهم من ذلك شئ !. وأما متعة النساء، فإني متى أبحتها للناس لم يزل الرجل يرى في حرمه مثل هذا الطفل وجاء بطفل من ولادة متعة، فصعد به المنبر !، والثالثة: حي على خير العمل، فإن الناس إذا سمعوها في الاذان، إتكلوا عليها وعطلوا الحج وسائر الاعمال (1) !.


(1) – قال الحافظ، أبو بكر ابن أبي شيبة في مصنفه، ج 1 ص 215 ط الهند (حيدر آباد دكن) في كتاب الاذان والاقامة، باب من كان يقول في اذانه: حي على خير العمل: = [ * ]

[ 517 ]

فما أعجب من هذا الفعل يا معشر المسلمين !، أن يقوم عمر على منبر رسول الله يحرم، ويحلل ويحظر (1) ويطلق من غير أمر


= حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، ومسلم بن أبي مريم: أن علي بن الحسين كان يؤذن، فإذا بلغ، حي على الفلاح، قال: حي على خير العمل، ويقول: هو الاذان الاول. مسند الحبري، ما أسنده عن الامام زيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام، الحديث 18: أبو عبد الله الشريف العلوي: (قال): حدثنا محمد بن عبد الله، ومحمد بن الحسين بن غزال، قالا: حدثنا محمد بن عمار العطار، وحدثنا الحسين بن الحكم الحبري، حدثنا جندل، عن حاتم بن إسماعيل، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن الحسين: أنه إذا بلغ في أذانه إلى ” حي على الفلاح ” كان يقول: ” حي على خير العمل ” وكان يقول: هو الاذان الاول. أنظر: تراثنا، العدد: 32 – 33 ص 324. حدثنا أبو خالد، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يقول في أذانه: الصلاة خير من النوم، وربما قال: حي على خير العمل. حدثنا أبو أسامة، قال: أخبرنا عبيدالله، عن نافع، قال: كان ابن عمر زاد في أذانه: حي على خير العمل. وقال العلامة علي بن برهان الدين الحلبي في ” السيرة الحلبية ” ج 2 ص 98 في باب ” بدأ الاذان ومشروعيته “: ونقل عن ابن عمر وعن علي بن الحسين رضي الله عنه أنهما كانا يقولان في أذانهما بعد حي على الفلاح: حي على خير العمل. وقال أبو الفرج الاصفهاني في ” مقاتل الطالبيين “، ص 446: وصعد عبد الله بن الحسن الافطس المنارة التي عند رأس النبي صلى الله عليه واله وسلم فقال للمؤذن: أذن بحي على خير العمل. (1) – أي ويمنع. [ * ]

[ 518 ]

رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وبعد أنقطاع الوحي، فلا برسول الله، ولا بصاحبه الذي أقامه ذلك المقام، إقتدى، وأعجب من هذا أن المهاجرين و الانصار قعود، ولا ينكر ذلك منكر، ولا يدفعه دافع، قد أطيع في ذلك كله وأخذ بأسماعهم وأبصارهم حتى قال بعض الصحابة: إنا لنراه بقية الرهبان، وقال الله عزوجل: (إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) (1) وما صلوا لاخبارهم ورهبانهم ولكن دعوهم إلى معاصي الله عزوجل، فأجابوهم فكانت تلك عبادتهم وهم المهاجرون و الانصار الذين شهدوا رسول الله وشهدوا أحكامه ونزل القرآن بين ظهرانيهم. 186 – وروى الواقدي قال: حدثني هارون، عن أبان بن صالح، عن عامر بن سعيد، عن عدي بن حاتم، أنه جاء إلى رسول الله فقال: يارسول الله إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله، والله ما كانوا يعبدونهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أليس إذا كانوا أحلوا لهم شيئا إستحلوه ؟ وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه ؟ فقال عدي: بلى، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): فتلك عبادتهم، فصار عمر على هذا معبودا عندهم وفي هذا إبطال أمر الله وطرح سنن رسول الله ؟، فهذا الذي زعموا لم


(1) – سورة التوبة: 31، والآية بتمامها هكذا: (إتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا الا ليعبدوا إلها واحدا لا اله الا هو سبحانه عما يشركون). [ * ]

[ 519 ]

يغير ولم يبدل، وهو عندهم الحبر الفاضل !. 187 – ومما نقموا عليه (1): أن الناس كانوا على عهد رسول الله وعهد الاول، وصدرا من ولايته يطلقون النساء طلاق السنة، حتى أجاز الثاني، الثلاث في مجلس واحد، وقال: أجيزوها لئلا يتبايع فيها الغيران، والسكران، وقال: إن الله جعل لكم في الطلاق أناة (2) فاستعجلتموها، فأجزت عليكم ما استعجلتم !. فلو أن قائلا له: يا ثاني من أطلق لك أن تجيز أمرا لم يجز الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، ومن جعل اليك التحريم والتحليل ؟ ومن أباح لك ذلك المحظور ؟ لا والله، ولكنهم (3) عبدوه عبادة، وأجازوا أمره في مخالفة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، كل ذلك حملا على بني هاشم أهل بيت النبوة ؟ ! 188 – وروي: أن عبد الله إبنه، طلق إمرأته ثلاثا على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فردها عليه، وأمره أن يمسكها أو يطلقها للسنة، (4) وعطلوا ما قال الله عزوجل في الطلاق عدة، وعصوا الله جل


(1) – أي على الثاني. (2) – أنظر سنن البيهقي ج 7 ص 336، باب من جعل الثلاث واحدة، وسنن ابن داود في كتاب الطلاق. (3) – وفي ” ح “: وكل عبدوه. (4) – سنن أبي داود ج 2 ص 340. [ * ]

[ 520 ]

وعز وأطاعوه (1) ؟ ! وقد أنكر النبي (صلى الله عليه واله وسلم): الطلاق الثلاث. رواه الشاذكوني، قال: 189 – حدثنا عبد الله بن وهب المصري (2)، قال: حدثنا مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الاشج (3)، عن أبيه (4)، قال: سمعت


(1) – قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة ج 3 ص 923: حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا جرير، عن الاعمش، عن ابراهيم، قال: قال عمر رضي الله عنه: يأمروني أن أبايع لرجل لم يحسن أن يطلق إمرأته. وفي طبقات ابن سعد ج 3 ص 343: قا: أخبرنا وكيع بن الجراح، عن الاعمش، عن إبراهيم، قال: قال عمر: من أستخلف لو كان أبو عبيدة بن الجراح، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين فأين أنت من عبد الله بن عمر ؟ فقال: قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا، أستخلف رجلا ليس يحسن يطلق إمرأته. وفي تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 135: وأخرج عن النخعي أن رجلا قال لعمر: الا تستخلف: عبد الله بن عمر ؟ فقال: قاتلك الله ! والله ما أردت بهذا، أستخلف رجلا لم يحسن أن يطلق إمرأته ؟ !. (2) – هو: عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي المصري الفقيه، وثقه ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج 6 ص 71 الرقم (140). (3) – هو: مخرمة بكير بن عبد الله بن الاشج القرشي مولى بني مخزوم، قال ابن حجر: قال ابن سعد: كان ثقة الحديث مات في أول ولاية المهدي. تهذيب التهذيب ج 10 ص 70 ط بيروت. (4) – هو: بكير بن عبد الله بن الاشبح القرشي، مولى بن مخزوم. أنظر تهذيب = [ * ]

[ 521 ]

محمود بن لبيد (1) يذكر، أن رجلا طلق إمرأته على عهد رسول الله، ثلاثا بمرة واحدة فقال: يلعب بكتاب الله، وأنا بين ظهرانيكم. 190 – ومما نقموا عليه: أن العلماء، ورواة الحديث، رووا: أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، صلى بالناس، فجمع بين الظهر وبين العصر وبين المغرب والعشاء، من غير خوف ولا مطر. قال الراوي: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ؟ قال: لئلا يحرج أمته (2) وقال الثاني: الجمع بين الصلاتين من الكبائر ؟ !. 191 – ومما نقموا عليه: أن رسول الله، وضع المقام بين الكعبة والحجر، بينه وبين جدار الكعبة ذراع، فكان هناك صلاة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في ولاية الاول، وأمر الله جل ذكره نبيه، أن يتخذ من مقام ابراهيم مصلى، وفرض ذلك عليه، وعلى الامة فلما ولى عمر، قال: من يعرف موضع المقام في الجاهلية ؟ فقال ابن أبي وداعة السهمي: أنا يا أمير المؤمنين أعرفه، لقد أخذت مقداره وقياسه بشبر عندي و


= الكمال ج 4 ص 242 رقم: 765. (1) – هو: محمود بن لبيد بن عقبة بن رافع المتوفى (96) أنظر تهذيب الكمال ج 27، ص 309 رقم: 5820. وما في النسخة محمد غلط. (2) – أنظر صحيح مسلم ج 2 ص 151 ط مصر ففيه غير واحد من الروايات تدل على الجمع بين الصلاتين من الظهرين والعشائين من غير خوف ولا مطر بل في الحضر والسفر والعلة مذكورة في نص الاحاديث فراجع. [ * ]

[ 522 ]

علمت أنه سيحتاج إليه يوما ما، فقال له الثاني: آت به، وقدره وقاسه حتى إنتهى إلى الموضع الذي كان فيه في الجاهلية، فوضعه فيه (1)، فهو فيه إلى يومنا هذا، فأزال المقام عن الموضع الاول الذي وضعه فيه رسول الله ووضعه في الموضع الذي كان فيه في الجاهلية، ولم يرض بفعل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ولا بقول الله حيث قال: (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى) (2) فأبطل أمر الله، ودفع أمر رسول الله، وأحيى أمر الجاهلية والمهاجرون والانصار حوله، قد ضربت عليهم الذلة، فليس منهم منكر


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 75 وفيه: وهو الذي اخر المقام إلى موضعه اليوم وكان ملصقا بالبيت. وتاريخ الخلفاء للسيوطي ط بيروت ص 128 وفيه نحو ما تقدم. وفي حياة الحيوان للدميري ص 249 في (ديك)، وفيه: نحو ما تقدم. والنص والاجتهاد لشرف الدين، رقم 39، ص 288 المترجم. و ” الشيعة والسنة ” للاستاذ المعاصر الدكتور محمد التيجاني السماوي ص 177 وفيه: فقد أخرج ابن سعد في طبقاته ج 3 ص 204 وغيره من المؤرخين: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة ألصق مقام ابراهيم بالبيت كما كان على عهد ابراهيم و إسماعيل عليهما السلام لان العرب في الجاهلية أخروه إلى مكانه اليوم فلما ولى عمر بن الخطاب أخره إلى موضعه الآن، وكان على عهد النبي وأبي بكر ملصقا بالبيت. (2) – سورة البقرة الاية 125 كما نص عليه ابن سعد في ترجمة عمر من طبقاته في صفحة 204 من الجزء الثالث والسيوطي في أحوال عمر من كتابه تاريخ الخلفاء ص 53، وابن أبي الحديد في أحوال عمر ج 3 ص 113. [ * ]

[ 523 ]

ولا مغير، وقد نقل شريعتهم التي شرعها الله ورسوله إلى الشرائع الجاهلية ثم يزعمون أنه لم يغير ولم يبدل !، 192 – ومما نقموا عليه: أخذه ثمانين الف درهم، من أموال المسلمين، ثم أوصى ابنه عبد الله عند موته، أن يكثر فيها ماله، ويردها، وقد قتل عثمان في أقل من هذا المقدار، ولا نعلم أحدا روى، أن عبد الله، قضى هذا المال عن الثاني ! (1). 193 – ومما نقموا عليه: قوله لعياله: أنا وأنتم في هذا المال كولي اليتيم، إن استغنينا إستعففنا، وإن إحتجنا أكلنا بالمعروف، والرواية عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال لرجل سأله زماما من شعر من الغنيمة، فقال: سألتني زماما من نار، ما كان لك أن تسألنيه ولا لي أن أعطيكه، فمن أين جاز للثاني أن يدفع من أموال المسلمين، ما لم يجزه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في نفسه، وأنما هو مقدار زمام من الشعر، ولم يرو أحد عن رسول الله، أنه إستحل شيئا من مال اليتيم، لا بسبب فئ ولا غير ذلك مما قد أباحه الثاني لنفسه، ولم يعده، ثم أنزل أقواما ذي عقول وأحلام بمنزلة الايتام، وحظر عليهم، وحرم وأباح وحلل، فقبلوا ذلك منه، ولم ينكروه عليه، وكان لعمري أعرف بهم وأعلم. 194 – ومما نقموا عليه، وضعه للعطاء، وفرضه إياه، للناس، و أتباعه سير الاكاسرة والقياصرة، رغبة عن الاستنان بسنة


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج 12 ص 226. [ * ]

[ 524 ]

رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فإن من سنته حمل [ الناس ] على الجهاد وطلب الثواب من الله، فأفسد على الناس الجهاد، وأفسد النيات، وسن فيهم الجهاد بالكرى، فترك الناس ما أمرهم الله به، ومالوا للكرى، والناس يجاهدون منذ زمانه إلى اليوم عى مطامع العطاء، وكرى الديوان، فذهب الجهاد الذي أمر الله به الا من قوم قليل، وأجمعت الامة، أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لم يفرض لامته العطاء، ولا وضع لهم ديوانا، وما فعل الرجل هذا الا خلافا على رسول الله، وعلى صاحبه. 195 – ومما نقموا عليه: ما أحدث في الفروج، وقوله: لامنعن فروج ذوات الاحساب الا من الاكفاء، فمضت السنة بذلك، إلى اليوم وجرى الحكم بالحكمية والعصبية، (1) والكتاب ينطق بخلاف ذلك والسنة، وجائت بأجماع الامة، أن رسول الله، عمل في ذلك بخلاف ما عمله الثاني وسنه. 196 – ومما نقموا عليه: قوله: يس على عربي ملك، وقد سبي


(1) – رواه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 6، ص 152، الحديث 10324، قال: قال عمر بن الخطاب: لامنعن فروج ذوات الاحساب الا من الاكفاء. وفي ص 154 رقم الحديث 10331، عبد الرزاق، عن ابن جريح قال: وزعم ابن شهاب أن عمر بن الخطاب قال على المنبر: والذي نفس عمر بيده لامنعن فروج ذوات الاحساب الا من الاكفاء. ورواه أيضا البيهقي في سننه ج 7، ص 133، قال عمر رضي الله عنه لا ينبغي لذوات الاحساب تزوجهن الا من الاكفاء. [ * ]

[ 525 ]

رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من قبائل العرب ما عتق، واسترق وأطلق، كما فعل بالعجم، وفعل ذلك أبو بكر فيمن سبى من اهل الردة، فخالف عمر رسول الله، وخالف صاحبه، وأطلق أبو بكر وقال: ليس على عربي ملك خلافا على رسول الله، وخلافا على صاحبه. 197 – ومما نقموا عليه: قوله: لا تجلدوا العرب، ولا ترجموها فتفتنوها، والامر عن الله تعالى، وعن النبي (صلى الله عليه واله وسلم): أن العجمي والعربي في إقامة الحدود سواء إذا وجب عليهما، في ذلك تعطيل الحدود والخلاف على الله، وعلى رسوله (صلى الله عليه واله وسلم). 198 – ومما نقموا عليه: تفضيله للناس بعضا على بعض في القسمة، وتفضيله المهاجرين على الانصار، وتفضيله الانصار على غيرهم، وتفضيله العرب على العجم، وقد كان أشار على ابي بكر بذلك فلم يقبل منه قال: لقد عهدنا رسول الله أمس في هذه القسمة، وقد كان معه المهاجري والانصاري، والعجمي، فلم يفضل أحدا على أحد، و إن أنا عملت برأيك، لم آمن أن ينكر الناس علي لقرب عهدهم بسيرة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وإنما هذه القسمة معاش الناس، يحتاج الانصاري، إلى ما يحتاج إليه المهاجري، وإنما المهاجرون والانصار، فضلهم وشرفهم عند الله جل ذكره، لا في القسمة التي لا يجب أن يفضل فيها أحد عى أحد، فلما أفضى الامر إليه، فضل بعضهم عى بعض، خلافا على رسول الله، وخلافا على صحابه في كثير من الاشياء.


[ 526 ]

199 – ومما نقموا عليه: تعطيله الحد في المغيرة بن شعبة الثقفي، بعدما شهد عليه ثلاثا بالزنا (1)، وتقدم الرابع (2) ليشهد، فنظر في وجهه فقال: يا شيخ العرب ما تقول أنت ؟ ثم قال: إني أرى وجه رجل ما كان الله ليفضح بشهادته رجلا من أصحاب رسول اله (صلى الله عليه واله وسلم) (3) به فجبهه أوا ثم لقنه، ففهم تلقينه، فخلط في الشهادة، وقال: رأيت منظرا قبيحا، وسمعت نفسا عاليا، ولم أر الذي فيه ما فيه، فقال عمر: الله أكبر، ما كان الشيطان ليشمت رجلا برجل من أصحاب رسول الله، ثم جلد الشهود، فأبطل حدا، ولقن الشاهد المداهنة في شهادته، فكرر أحد الشهود الثلاثة المضروبين شهادته (4) فأراد أن يجلده ثانيا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لما رآه يريد أن يجلده، ولم يجز أن يجلد رجلا لا يجب عليه الحد وهو حاضر، ولا يجيز ذلك فقال: إنك إن جلدته رجمت صاحبك، فأمسك عن جلده إبقاء على صاحبه، ولو كان ما جرى إليه في أمر المغيرة بن شعبة وعصبية عمر له في الاسلام وهو غض طري كان يجري في الجاهلية، لكان مستبشعا، وأنه يروي أن قردا زنى في الجاهلية فاجتمعت عليه القرود، فرجمنه، فهذه القرود ترجم،


(1) زني مغيرة بن شعبة بامرأة يقال لها: أم جميل بنت عمرو زوجة الحجاج بن عتيك. (2) – الرابع كان زياد. (3) وفي ” ح “: أصحاب محمد. (4) – هو: أبو بكرة. [ * ]

[ 527 ]

والثاني (1) يعطل الحد في المغيرة بن شعبة، ! ويحد من لا يجب عليه الحد في دار الاسلام، والمهاجرون والانصار حوله، لا يجسرون أن يغيروا، ! فأي شئ أفظع من هذا الفعل (2). 200 – ومما نقموا عليه: إجلاؤه أهل نجران، وأهل خيبر عن ديارهم وقد أقرهم رسول الله، وكتب هم كتابا بذمتهم وصلحهم، وهو في أيديهم إلى يومنا هذا، لم يجزه كتاب رسول الله، وقال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب خلافا على رسول الله ونقضا لعهده !. 201 – ومما نقموا عليه: ما عمل به في أمر السواد بالشام والعراق من إقراره ما أقر من غير قسمة في أيدي أهله، ووضعه الخراج على ما فعله المسلمون، ومساحته العامرة، والغامر بدرهم، وقفيز حنطة فعل الاكاسرة رغبة عن دين الله تعالى ودين رسوله (صلى الله عليه واله وسلم). 202 – ومما نقموا عليه: وضعه عن جماجم أهل العهد، على


(1) – وفي ” ح “: وهذا. (2) – أنظر تاريخ ابن خلكان، وفيات الاعيان في ترجمة المغيرة، بقوله: وأما حديث المغيرة، ففيه تفصيل القصة، وما أفظعها، وفي ترجمة يزيد بن زياد الحميري، الجزء الثاني من الوفيات فراجع. وهذه أيضا من غرائب الامور، إذ يشدد الخليفة اثاني عند الخليفة الاول في رجم خالد بن الوليد بالزنا وإعطاف الاول للزاني، ولما وصل الامر إلى الثاني أعطف لزاني وعطل حدا من حدود الله، فللثاني حق أن يقول للاول: بائك تجر وبائي لا تجر ؟ !، أنظر ص 159 و 160 من هذا الكتاب. [ * ]

[ 528 ]

أقدارهم في اليسار من إثني عشر درهما إلى ثمانية وأربعين درهما، والفقهاء مجمعون على أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أخذ عن كل حاكم دينارا ومضت به السنة، فاطرح عمر قول رسول الله وعمل برأيه (1). 203 – ومما نقموا عليه: حكمه في إمرأة المفقود [ زوجها ] أن تتربص بنفسها أربع سنين، أترى لا يمكن أن يغيب الرجل في موضع لا يقدر على الخروج أربعين سنة فضلا عن أربع سنين، حتى أطلق التزويج لامرأة متزوجة فأباح الفروج، حتى أن المرأة كانت تتزوج في أيامه، فيقدم الزوج الاول فيخير بين المرأة والصداق، خلافا على الله وعلى رسوله، وجرأة على أحكام الله عزوجل، إقتحاما على حدود الله، ثم لا مغير يغير، ولا منكر ينكر، ! ثم يزعمون أنه لم يغير ولم يبدل، وهذا حكمه. ثم أورد طامة هي أعظم من هذه نحن نحكيها هنا: حظر على إمرأة كانت عنده التزويج، وزعم أنه حظر فرجها على الازواج، لما طلقها وكرهته امرأة، وخافت أن يراجعها. رواه الشاذكوني، قال: 204 – حدثنا عبد الله بن وهب المصري، قال: حدثنا فرات بن رزين، عن علي بن رباح البصري، قال: كانت تحت عمر إمرأة من قريش فطلقها تطيقة أو تطليقتين وهي حبلى، فلما أحست بالولادة، غلقت الابواب حتى وضعت، فأخبر بذلك عمر فأقبل مغضبا حتى دخل المسجد، فإذا


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 74 و 75. [ * ]

[ 529 ]

هو بشيخ، فجلس إليه، فقال: إقرأ غلى ما بعد المائتين من سورة البقرة، فذهب يقرأ، فإذا في قراءته ضعف، فقال: يا أمير المؤمنين، هاهنا غللام، حسن القراءة، فإن شئت دعوته لك ؟، قال: نعم، فدعاه فقرأ عليه: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) (1) فقال عمر: ألا إن فلانة من اللاتي يكتمن ما خلق الله في أرحامهن و أن الزواج عليهن (2) حرام ما بقيت ! !. فيا معشر الناس، أما تعجبون من هذا الرجل، من فقهه وفعله ؟ ! ذكر أن فعل هذه المرأة حيث كرهت مراجعته كتمانها، ما خلق الله في رحمها، وزعم أن الزواج حرام عليها ما بقي، فأي شئ أعجب من هذا الفعل أن يكون يحظر ويطلق في الاسلام كيف يشاء، وهو مطاع طاعتة عندهم أكثر من طاعة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم). 205 – ومما نقموا عليه: أنه قضى في الحد بسبعين قضية كل واحدة تخالف الاخرى، فلما كان عند وفاته رجع عنها كلها، وقال: إني لم أقض في هذا الحد شيئا. رواه الواقدي، قال: حدثنا ربيعة بن عثمان، عن نافع، قال عمر: عند الموت: إني لم


(1) – سورة البقرة الآية: 228. (2) – وفي ” ش “: عليها. [ * ]

[ 530 ]

أقض في الحد شيئا (1)، فصار قدوة في القول بالرأي. 206 – ومما نقموا عليه: ما حكم به في الضوال والامانات مثل عبد آبق من مولاه، أو دابة ضالة، فحكم في ذلك، إن أصابه إنسان في مصر لم يرد الامانة فيه لاخيه المسلم حتى يأخذ منه عشرة دراهم، وأن أصابه خارجا من البلد، أخذ منه أربعين درهما، فصار ذلك سنة إلى يومنا هذا فذكر المحتج بهذه الحجج التي ذكرناها، إن الشيطان، لو قيل له: أحكم واجتهد في مخالفة حكم الله تبارك وتعالى ما قدر أن يحكم إلا بدون ذلك أن يكون يأمر الناس بترك رد الامانات إلى المسلمين الا بالاجعال، والله يقول: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها) (2) والثاني يقول: لا تردوها الا بأخذ الاجعال، فأي حكم أفظع من هذا الحكم !. 207 – ومما نقموا عليه: قيامه على منبر رسول الله، يوعد الناس العقوبة لمن غالى في مهر إمرأة، ويقول: لا تجاوزوا به في أكثر من أربعمائة فضيق على الناس ما أباحهم الله تعالى رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) من الاكثار في ذلك، حتى قامت إليه إمرأة وخطأته واحتجت عليه بكتاب الله فقالت: يا عمر، الله أحق أن يؤخذ بقوله منك، فقال: وما قال الله ؟ قالت: إن الله عزوجل قد أباحنا من المهور أكثر مما أبحت حيث يقول: (آتيتم


(1) – أنظر طبقات ابن سعد ج 3 ص 352. (2) – سورة النساء الآية: 58. [ * ]

[ 531 ]

إحديهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا) (1) فقال الثاني: كل أحد أفقه منك يا عمر حتى المخدرات، ورجع عن قوله ! (2) فهذا الذي يزعمون أن عنده تسعة أعشار العلم (3)، وهو أعلم


(1) – سورة النساء الآية 20. (2) – قال الحافظ أبي الفداء اسماعيل ابن كثير في تفسيره ج 1 ص 478، قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يعقوب بن ابراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن عن خالد بن سعيد عن الشعبي، عن مسروق قال: ركب عمر بن الخطاب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والصدقات فيما بينهم أربع مأة درهم فما دون ذلك ولو كان الاكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم تسبقوهم إليها فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة علي أربع مأة درهم قال ثم نزل فاعترضته إمرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربع مأة درهم ؟ قال: نعم، فقالت: أما سمعت ما أنزل الله في القرآن ؟ قال: وأي ذلك ؟ فقالت: أما سمعت الله يقول: (وآتيتم إحديهن قنطارا) الآية، قال: فقال: اللهم غفرا، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع فركب المنبر فقال: أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في صدقاتهن على أربع مأة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب، قال أبو يعلى: وأظنه قال: فمن طابت نفسه فليفعل. [ قال ابن كثير ] إسناده جيد قوي. ورواه أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد ج 4 ص 286. ورواه السيوطي في ” الدر المنثور ” ج 2 ص 466. (3) – المعرفة والتاريخ للبسوي ج 1 ص 462: عن شقيق قال: قال عبد الله: والله لو = [ * ]

[ 532 ]

بالعشر العاشر من أصحاب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) فلئن كان الامر كذلك لقد خاب وخسر أصحاب محمد، إن كان هذا الرجل مع هذه الاحكام أعلم منهم. 208 – ومما نقموا عليه: أن رجلا من اليهود أصيب مقتولا في سكك المدينة، فخطب الناس، وناشدهم عنه، فقام إليه رجل معه سيف مضرج بدمه، وأنشده شعرا، زعم أنه لليهودي وهو: وأشعث غرة الاسلام مني * خلوت بعرسه ليل التمام وقال: يا أمير المؤمنين، إن أخي خرج غازيا في جيش، وخلفني في أهله أتعهدهم، فأتيت منزله، فإذا أنا بهذا اليهودي قاعد مع أهله، فلم أملك نفسي أن دخلت عليه فضربته بهذا السيف حتى برد، فقال عمر: أقتل وأنا شريكك، فأبطل حدا، وأطل دما، والامة مجتمعة أنه لا يقبل قول مدع الا ببينة، فصدق القاتل بلا بينة على ما ادعاه، وقد أقر بالقتل وأبطل الدم من الرجل المعاهد بدعوى القاتل بغير بينة (1) وقد قذف إمرأة مسلمة محصنة بمعاهد، وأزال عنه الحد بإدعاء (2) الخصم بلا بينة، فما العجب الا من المهاجرين والانصار أن يكونوا قد وقفوا على


= وضع علم عمر في كفة ميزان وجعل علم أهل الارض في الكفة الاخرى لترجح علن، عمر مذ ذهب بتسعة أعشار العلم !. (1) – وفي نسخة ” ح “: بلا بينة. (2) – وفي نسخة ” ح “: بدعوته بلا بينة. [ * ]

[ 533 ]

هذه الاشياء العجيبة، ولا ينكرون ولا يغيرون وقول الثاني (1) عندهم مقبو، وإن خاف حكم الله وحكم الرسول، فكيف يكون العناد الا هكذا. 209 – ومما نقموا عليه: أمره بالصلاة النافلة جماعة في شهر رمضان ولم يفعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ولا أبو بكر وقال هو (2): هي بدعة حسنة، وقال رسول الله: كل بدعة ضلالة. فألزم الناس جماعة في شهر رمضان، ومر أمير المؤمنين بالمساجد، وقد حدث فيها هذه البدعة فقال: نور الله قبره. فلم يدر كثير من الناس ما قال، ولا فهم ذلك الا أهل المعرفة باللغة، فهذه من بدائعه. 210 – ومما نقموا عليه: توليته معاوية بن أبي سفيان وقد سمع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: إذا رأيتم معاوية على منبري هذا فاقتلوه (3).


(1) – وفي نسخة ” ح “: وقول عمر. (2) أي الثاني، ثم انظر صحيح البخاري كتاب صلاة التراويح ص 233 وصحيح مسلم باب الترغيب في قيام رمضان. (3) قال ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج 5 ص 110 في ترجمة عباد بن يعقوب: روى عن شريك، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله مرفوعا: ” إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه “. كما رواه السمعاني في الانساب، ج 3 ص 95 في ترجمة عباد بن يعقوب. ورواه أيضا الخطيب في تاريخ بغداد، ج 12 ص 181 في ترجمة عمرو بن عبيد، عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا رأيتم معاوية على المنبر فاقتلوه “. ورواه أيضا نصر بن مزاحم المنقري في كتاب صفين ص 216 عن عبد الله بن = [ * ]

[ 534 ]

قال الحسن البصري: فلم يفعلوا ولم ينجحوا، وقد ولاه الثاني أمر المسلمين، فخطب على منابرهم، وتحكم في أموالهم وفروجهم وجعل له سبيلا إلى طلب الخلافة، حتى قتل ولد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وجرى على يده ويد ابنه ما جرى. 211 – ومما نقموا عليه: أنه جعل أمواله المومسات في الجاهلية في بيت مال المسلمين، وفرق فيهم كما فرق أموال الفئ. 212 – ومما نقموا عليه: شكه في أيمانه مع ما يرون فيه أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: إنه من أهل الجنة، وأنه أحد العشرة الذين


= مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب عى منبري فاضربوا عنقه “. قال الحسن فما فعلوا ولا أفلحوا. وفي حديث آخر عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه “، قال: فحدثني بعضهم قال: قال أبو سعيد الخدري: فلم نفعل ولم نفلح. وفي ص 217 عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يموت معاوية على غير الاسلام “. وعن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله: ” يموت معاوية على غير ملتي “. وفي ص 219: عن عبد الله بن عمر قال: إن تابوت معاوية في النار فوق تابوت فرعون، وذلك بأن فرعون قال: (أنا ربكم الاعلى). ورواه الذهبي في تاريخ الاسلام ج 4 ص 312. أقول: لهذا الحديث شواهد عديدة إلى حد التواتر بأسناد كثيرة وألفاظ مختلفة، و من يريد التفصيل فعليه بكتاب ” الغدير للعلامة الاميني رحمه الله، ج 10 ص 142 إلى.. [ * ]

[ 535 ]

شهد لهم النبي بالجنة، وهذا الشعبي الذي هو إمامهم يقول فيه: ما رواه سعيد بن سليمان، قال: حدثنا مبارك بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل الاسدي، قال: شهدت الشعبي يذكر عليا وبقول: لو رضوا أن نقول رحمه الله، إنه لقريب القرابة، قديم الهجرة، عظيم الحق، زوج فاطمة، وأبو الحسن والحسين فكان في هذا، إذ قام رجل من القوم، فقال: إن عليا يشهد أن عمر في الجنة فما تقول أنت يا أبا عمرو ؟ فقال الشعبي: كان يبكي الناس من خطيئة، وأنا أشهد له بالجنة، فأنت أعلم وما شهدت. فهذا قول الشعبي، وذكر المحتج أن عمر شك في إيمانه في غير موطن (1)، وقال: كيف يدخل الجنة شاك في إيمانه وأنتم تعلمون أنه.


(1) – ذكر الواقدي في مغازيه: أن عمر رد على كلام رسول الله غير مرة وشك في إيمانه. قال الواقدي: فكان ابن عباس رضي الله عنه يقول: قال لي عمر في خلافته وذكر القضية: ارتبت إرتيابا لم أرتبه منذ أسلمت الا يومئذ، ولو وجدت ذلك اليوم شيعة تخرج عنهم رغبة عن القضية لخرجت ج 2 ص 607 ط بيروت. وفي فصول المختارة لشيخ المفيد ص 9: فان الامة مجمعة لا خلاف بينها على أن عمر بن الخطاب قال: ما شككت منذ يوم أسلمت الا يوم قاضى فيه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أهل مكة فاني جئت إليه فقلت له: يارسول الله الست بنبي فقال: بلى، فقلت: ألسنا بالمؤمنين قال: بلى فقلت: فعلى م تعطي هذه الدنية عن نفسك ؟ فقال: أنها ليست بدنية ولكنها خير لك، فلت له: أليس قد وعدتنا أن ندخل مكة ؟ قال: بلى، قلت: فما بالنا = [ * ]

[ 536 ]

أتى حذيفة بن اليمان يسأله عن نفسه، أهو من المنافقين ؟ (1). فما أعجب هذا القول منه إن كان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) قد شهد له بالجنة، فما يخلو من أحد أمرين، إما أن يكون ما رووه من شهادة النبي (صلى اله عليه واله وسلم) له بالجنة باطلا، وإما أن يكون الثاني غير معتمد على ما قال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وإلا فما معنى مخاطبة حذيفة، ومسألته إياه، أمنافق هو أم لا ؟ ولا يجوز لاحد من المسلمين أن يأمن فيه ما قد خافه هو على نفسه، والله عزوجل يقول: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون) (2). فذكر هذا المحتج المواطن التي قد شك فيها في إيمانه، وقد عارض النبي غير مرة، وتقدم بين يديه (3). 213 – منها قوله للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) يوم الحديبية، يوم وادع قريشا، و كتب بينه وبينهم على أن من خرج إليهم من قبله لم يردوه ومن خرج


= لا ندخها ؟ قال: أو عدتك أن تدخلها العام ؟ قلت: لا، قال: فسندخلها ان شاء الله تعالى، فاعترف بشكه فيدين الله ونبوة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وذكر مواضع شكوكه. (1) – أنظر احياء العلوم لابي حامد الغزالي ج 1 ص 78 وص 124. وفيه: حتى كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة عن نفسه وأنه هل ذكر في المنافقين. (2) – سورة الحجرات: الآية 15. (3) – أنظر صحيح مسلم في الباب (من لقي الله بالايمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة) [ * ]

[ 537 ]

من أهل مكة ردوه إليهم، فغضب الثاني، وقال لصاحبه: يزعم أنه نبي وهو يرد الناس إلى المشركين. ثم أتى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: ألست برسول الله حقا ؟ قال: بلى، قال: ونحن المسلمون حقا ؟ ! قال: بلى، قال: وهم الكافرون ؟ قال: بلى، قال: فعلى م نعطي الدنية في ديننا (1). فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم): إنما أعمل بما يأمرني به الله ربي، إنه من خرج منها إليهم راغبا ! فلا خير لنا في مقامه بين أظهرنا ومن رغب فينا منهم، فسيجعل الله له مخرجا ومخرجا. فقال الثاني: والله ما شككت في الاسلام الا حين سمعت رسول الله يقول ذلك ! !. وقام من عند النبي متسخطا لامر الله وأمر رسوله، غير راض بذلك ثم أقبل يمشي في الناس، ويؤلب على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويعرض به ويقول: وعدنا برؤياه التي زعم أنه رآها يدخل مكة، وقد صددنا عنها ومنعنا منها، ثم ننصرف الآن، وقد أعطيناه الدنية في ديننا !، والله لو أن معي أعوانا ما أعطيت الدنية أبدا، فقد كان أعطى الاعوان، وقيل له يوم احد قاتل، ويوم خيبر، ففر بأعوانه، وبلغ النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ذلك، فقال له:


(1) – أنظر صحيح مسلم في باب صلح الحديبية الجزء الاول، وصحيح البخاري ج 2، ص 81 في آخر كتاب الشروط، ففيهما تفصيل القضية. [ * ]

[ 538 ]

إنه قد بلغني قولك ! فأين كنتم يوم أحد ؟ ! وأنتم تصعدون ولا تلوون على أحد، وأنا أدعوكم في آخركم ؟. فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، وأستغفر الله مما كان مني يارسول الله، قد كان الشيطان ركب عنقي في ذلك الوقت. وروي الواقدي ما هو أشنع من هذا، قال (1): 214 – حدثنا يعقوب بن محمد عن عبد الرحمن بن عبد الله عن الحارث بن عبد الله بن كعب، قال: سمعت أم عمارة تقول يوم الحديبية إني لانظر إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، يومئذ جالسا متربعا، وإن عباد بن بشر، وسلمة بن أسلم بن حريش مقنعان في الحديد، قائمان على رأس رسول الله، إذ رفع سهيل بن عمرو صوته، فقالا له: إخفض من صوتك عند رسول الله، وسهيل بارك على ركبتيه كأني أنظر إلى علم في شفته، إذ وثب الثاني إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال: يارسول الله، ألسنا بالمسلمين ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أنا عبد الله ورسوله، لا أخالف أمره، ولن يضيعني فقال له الثاني: أعذرك الله، وجعل يردد الكلام على النبي، فقال له أبو عبيدة بن الجراح: الا تسمع ياين الخطاب، رسول الله يقول ما يقول ؟ تعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وأتهم رأيك (2).


(1) – أنظر المغازي للواقدي، ج 2 ص 605، فيه تفصيل القضية. (2) – ذكر الواقدي في المغازي ج 2 ص 605 و 606 القضية بالتفصيل باختلاف في بعض العبارات، فلعدم الاطالة نحيل إلى المصدر المذكور إن شئت فراجع. [ * ]

[ 539 ]

215 – وقال ابن عباس: قال لي الثاني في خلافته: وذكر القضية إرتبت إرتيابا لم أرتبه منذ أسلمت إلى يومئذ، ولو وجدت شيعة أخرج معهم رغبة عن القضية لخرجت ! !. 216 – وقال أبو سعيد الخدري: جلست يوما عند الثاني وذكر القضية، فقال: لقد دخلني يومئذ الشك، وراجعت النبي (صلى الله عليه واله وسلم) مراجعة ما راجعته مثلها، ولقد قلت في نفسي، لو كان رجل على مثل رأيي ما دخلنا فيها أبدا ! !. وقال الثاني: يارسول الله، الم تك حدثتنا، ستدخل المسجد الحرام، وتأخذ مفتاح الكعبة، وتعرف مع المعرفين، وهذا هدينا لم يصل إلى البيت، ولا نحن ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أما أنكم ستدخلونه، فآخذ مفتاح الكعبة، وأحلق رأسي ورؤسكم، وأعرف مع المعرفين. ثم أقبل على الثاني فقال: أنسيتم يوم أحد (إذ تصعدون ولا تلوون على أحد) (1) وأنا أدعوكم في آخراكم، أنسيتم يوم الاحزاب. (إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار و بلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) (2) أنسيتم يوم كذا ؟


(1) – سورة آل عمران الاية: 153. (2) – سورة الاحزاب، الاية: 10. [ * ]

[ 540 ]

أنسيتم يوم كذا ؟ أنسيتم يوم كذا ؟ !. فما كان الفتح، وأخذ رسول الله المفتاح، قال: أدعوا لي الثاني فجاء، فقال: هذا الذي كنت قلت لكم، فما كان في حجة الوداع، وقف بعرفة، وقال: إي والله، هذا البيت، وهذا الذي قلت لكم !. ولا يعلم أحد، ما عنى به، وهذا القول من النبي غليظ جدا لمن فهمه، وزعم هذا المحتج، قال: فمن يرد على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) هذا الرد، ولا يقبل منه، ولا يصدقه ؟، أي حظ له في الاسلام، وإن من يقر بلسانه أنه شك في دينه كما شك يوم الحديبية أي نصيب له في الاسلام. 217 – وقال الواقدي: قال ابن عباس وأبو سعيد الخدري: لا ينبغي لمن آمن برسول الله، أن يستعجل أمر الله، فقد كان من سهيل بن عمرو واستفصائه على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ما ذكرناه، ولقد نظرنا إلى سهيل بن عمرو في حجة الوداع قائما عند المنحر، يقرب إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بدنة، والرسول ينحرها بيده، ودعا الحلاق، فحلق رأسه، وأنظر إلى سهيل بن عمرو، وهو يلقط من شعره، وأراه يضعه على عينيه. وفيه، وقد رأيناه يوم الحديبية يأبى أن يكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، وأن يقر، أن محمدا رسول الله !. 218 – ومنها إعتراضه بين يدي النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في حاطب بن أبي بلتعة، حيث قا: إئذن لي أضرب عنقه، فإنه قد نافق، فقال النبي: أتريد


[ 541 ]

يا عمر ؟ أن تقول العرب، أن محمدا يقتل أصحابه (1). 219 – ومنها إعتراضه على رسول اله حيث قال: يارسول الله إئذن لي أضرب عنق أبي سفيان بن حرب، وكان العباس قد أجاره، فألح عليه في قتل أبي سفيان، حتى قال له العباس: مهلا يا عمر، فوالله لو كان رجلا من بني عدي لما قلت ذلك !، ولكنك قد علمت أنه رجل من بني عبد مناف. 220 – ومنها قوله لصفية بنت عبد المطلب: يا صفية، إن قرابتك لن تغني عنك شيئا، فبلغ ذلك النبي، فقال: ما بال أقوام، يزعمون أن قرابتي غدا عند الله لا تنفع ! !، أيرجو شفاعتي خارجكم ؟ ولا يرجوها بنو عبد المطلب !. 221 – وروى عمر بن رافع، عن إسماعيل، عن أيوب السجستاني عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: قدم نصر بن عبد الله الثقفي، على عمر من الطائف، ومعه ناس من أصحابه، فقال لهم: لا تبدؤا أمير المؤمنين بشئ حتى يسألكم، فجاءه رجلان يختصمان، فحكم بينهما، فقالا: أصبت أصاب الله بك، فقال عمر: وما يدريكما، فوالله ما يدري عمر أصاب أم أخطأ ؟ !. فقال هذا المحتج: كيف جاز، أن يحكم في دماء المسلمين و


(1) – صحيح البخاري ج 4 في كتاب إستتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم. [ * ]

[ 542 ]

أموالهم، وهو لا يدري، أصاب أم أخطأ ؟ ! وكيف استحل ذلك ؟، واستجازه، وزعموا، أن بين عينيه ملكا يسدده، فليت شعري، أين كانت غيبة الملك عنه في ذلك الوقت ؟ إذ كان لا يدري أصاب أم أخطأ ! !، ثم يفضل ويقدم على من عنده علم المنايا والبلايا، وفصل الخطاب، و زعموا أن إسمه مكتوب على العرش، وقد شك في إسلامه غير مرة ! !، فهذا الحبر الفاضل عندهم !، وهذه صفته وأفعاله !. 222 – ومما نقموا عليه: أنه أتاه رجل يقال له: ضبيع (1) فسأله عن قول الله عزوجل: (والذاريات ذروا) (2) وعن: (والنازعات غرقا) (3) وعن: (والمرسلات عرفا) (4) وكان معتما، فحسر عن رأسه فإذا له وفرة وقال له: أولى لك. لو أحسبك محلوقا لضربت عنقك. ثم أمر به، فحبس، فجعل. يخرجه كل يوم، فيضربه خمسين جريدة، حتى ضربه أربعمائة ! !، فقال له الرجل: قد عذبتني، فإن يكن قتلي تريد ؟، فالسيف أروح لي بما استوجبت ما صنعت بي، إنما سألتك عن شئ من كتاب الله، فإن كان لك علم ؟ فعلمني، وإن لم يكن لك علم فقل: لا علم لي، فانصرف عنك، وإلا فإني ما سألتك ما أستحق به الضرب


(1) – هو: ضبيع التميمي وكان سيد قومه من قبل، وله قصة ستأتي بعد قليل فانتظر. (2) – سورة الذاريات، الاية: 1. (3) – سورة النازعات، الاية: 1. (4) – سورة المرسلات، الاية: 1. [ * ]

[ 543 ]

فأمر به فسير به إلى البصرة، فصار منفيا، وكتب إلى أهل البصرة، لا تجالسوه ولا تبايعوه ! ! (1)


(1) – وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 12 ص 102: وجاء رجل إلى عمر فقال إن ضبيعا التميمي لقينا يا أمير المؤمنين، فجعل يسألنا عن تفسير حروف من القرآن، فقال: اللهم أمكني منه، فبينا عمر يوما جالس يغدي الناس إذ جاءه الضبيع، وعليه ثياب وعمامة، فتقدم فأكل، حتى إذا فرغ، قال: يا أمير المؤمنين، ما معنى قوله تعالى: (والذاريات ذروا * فالحاملات وقرا)، قال: ويحك أنت هو ! فقام إليه فحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقط عمامته، فإذا له صفيرتان، فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقا لضربت رأسك، ثم أمر به فجعل في بيت، ثم كان يخرجه كل يوم فيضربه مأة فإد برأ أخرجه فضربه مأة أخرى ثم حمله على قتب وسيرة إلى البصرة. وكتب إلى أبي موسى يأمره أن يحرم على الناس مجالسته، وأن يقوم في الناس خطيبا، ثم يقول: إن ضبيعا قد ابتغي فأخطأه، فلم يزل وضيعا في قومه وعند الناس حتى هلك، وقد كان من قبل سيد قومه. أقول: ما لابن الخطاب وتفسير القرآن وإنما يفسر القرآن من نزل في بيته فهلم معي يا ضبيع لنسأل من كان على منبر الكوفة ويقول: لا تسألوني عن آية في كتاب الله تعالى ولا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنبأتكم بذلك، قال ابن كثير في تفسير القرآن ج 4 ص 248: قال شعبة بن حجاج عن سماك عن خالد بن عرعرة، أنه سمع عليا رضي الله عنه وشعبة أيضا عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي الطفيل، أنه سمع عليا رضي الله عنه، وثبت أيضا من غير وجه عن أمير المؤمنين رضي الله عنه أنه صعد منبر الكوفة فقال: لا تسألوني عن آية في كتاب الله تعالى ولا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنبأتكم بذلك، فقام إلى ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين = [ * ]

[ 544 ]

فأي شئ، أعجب من هذا الفعل ! ؟، أن يكون رجل يقدر، أن من قعد ذلك المقعد، لا يجوز أن لا يكون عنده علم ما يحتاج إليه الامة، ولم يعلم أن عند الرجل غفلة عن العلوم، فيعامله هذه المعاملة وإنما ضرب هذا الرجل ليقطع عن نفسه مادة هذا السؤال، فلو سئل عن فعله بهذا الرجل ماذا كان يقول ؟: فهذا الذي كان يعمل بالحق، عندهم ! !. 223 – ومما نقموا عليه: إختياره أصحاب الشورى، من أصحاب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) من المهاجرين الاولين، وزعمه أن النبي قبض وهو عنهم راض، وأنهم من أهل الجنة، وذكر أنه يكره أن يتحملها حيا وميتا، فلئن كانت خلافته على منهاج رسول الله، فإنه ليحب أن يتحملها حيا


– ما معنى قوله تعالى ؟ ” والذاريات ذروا ” قال علي رضي الله عنه: الريح، قال: فالحاملات وقرا ” ؟ قال رضي الله عنه: السحاب، قال: فالجاريات يسرا ؟ قال رضي الله عنه: السفن، قال: فالمقسمات أمرا ؟ قال رضي الله عنه: الملائكة. وروى الحافظ السيوطي في الدر المنثور ج 7، ص 614، عن عبد الرزاق والفريابي، وسعيد بن منصور والحارث بن أبي أسامة وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وابن الانباري في المصاحف والحاكم وصححه البيهقي في شعب الايمان من طرق علي بن أبي طالب عليه السلام. وفي مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور ج 11 ص 45، في ترجمة: صبيغ بن عسل، وفيه: قال عمر: أما والله لو رأيتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك، ثم كتب إلى أهل البصرة لا تجالسوه. [ * ]

[ 545 ]

وميتا، لانه الحق، وهو في آخر حين، ولئن كان قد علم أنها على غير جهتها لقد أحسن، حيث تحوب (1) أن يتحملها ميتا، فاختار هؤلاء الستة (2) الذين اختارهم (3)، وقال: إن اتفق أربعة من الستة وأبى إثنان فاضربوا أعناقهما وهما عنده من أهل الجنة، ثم حكم بحكم آخر، فقال: إن افترقوا ثلاثة ثلاثة فالفرقة التي فيها عبد الرحمن بن عوف معها الحق، ثم حكم بحكم ثالث، فقال: إن مضت ثلاثة أيام، ولم يفرغوا من شأنهم، فاضربوا أعناق القوم جميعا ! !. فيا عجبا !، زعم أنه يتخوف أن يولي أحدا، مخافة أن لا يعلم بالحق، ولا يتخوف من ضرب أعناق ستة من المهاحرين الاولين هم عنده خيار الامة، ويشهد أنهم من أهل الجنة، وفي عقد دين الله التكفير لمن إستحل قتل مؤمن، فأية خصلة من الخصال لم يأمر بها، ثم مع ذلك يدور على إزالتها من بني هاشم أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويحوم حول قتلهم بغضا لله عزوجل، ولرسوله ولاهل بيته (عليهم السلام) وذلك أنه قدر، فقال علي والزبير ابن عمته، ولن يخالف عيه، وقد كان حين دعي إلى بيعة أبي بكر ما كان من تجريد سيفه دون علي وإنكاره بيعة أبي بكر، وطلحة بن


(1) – وفي ” ش “: تجرب. (2) – وهم: علي (عليه السلام)، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيدالله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص. (3) – وفي ” ش “: ليختاروا رجلا واحدا منهم ثم لم يرض بذلك حتى حكم على الستة. [ * ]

[ 546 ]

عبيد الله لا يخالف الزبير لمواخاة رسول الله بينهما فهؤلاء ثلاثة لا يفترقون وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف قبل إخاء النبي لهما بينهما، ما بينهما من الصهرية، وسعد بن أبي وقاص إبن عم عبد الرحمن ولم يخالف عليه، ففي أي فرقة يكون عبد الرحمن الا في هذه الفرقة ؟، وأي دليل أدل على العقل (1) منه ؟ بأنه لم يرد إلا إزالة العقل والامر عن بني هاشم بعضا منه لهم، وحملا عليهم والله له بالمرصاد !. 224 – ومما نقموا عليه: ما رواه عبد الله بن صالح، عن ليث ابن سعد (2) قال: قال عمر للزبير: أما أنت يا زبير، فمؤمن الرضا كافر الغضب، وأما أنت يا علي فمراء (3) !. فما أعجب منه هذا القول في قوم هم عنده من أهل الجنة !، ثم ينسبهم إلى الكفر والرياء والله المستعان !.


(1) – وفي ” ش “: الفعل منه. (2) – هو: ليث بن سعد بن عبد الرحمان الفهمي أنظر تهذيب الكمال، ج 24 ص 255. (3) – الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 ص 39 ط مصر. وط بيروت ص 42 و 43. [ * ]

[ 547 ]

[ وضع الاحاديث المتناقضة وجعلها عن رسول الله ] صلى الله عليه واله وسلم: 225 – وأعجب من ذلك ما وضعوا فيه من الاخبار الكاذبة المتناقضة التي تدفعها العقول، ثم لم يرضوا بها حتى حكوها عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ونسبوها إليه، وليس ذلك [ العمري ] بمنكر من فعل القول ميلا منهم إليه، وبغضا لبني هاشم أهل بيت النبوة. وهذا أبو هريرة الدوسي رجل من أصحاب الصفوة، فقير لا مال له أعطي على أربعمائة حديث وضعها له ورواها عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بأربعمائة الف درهم، فمال إلى الدنيا، وأهمل أمر آخرته (1) !. 226 – ثم ما رواه غيره من العحائب في عمر، فقد رووا أن السكينة ملك ينطق على لسانه، (2) فليت شعري، بأي شئ فرقوا بينه وبين النبي بل لم يرضوا أن يجروه في ميدانه حتى فضلوه عليه فإن النبي (صلى اله عليه واله وسلم) كان يؤدي رسالة ربه إلى أمته عن ملك من الملائكة، وكان عمر عندهم وفي رواياتهم ينطق على لسانه ملك، وزادوه آخر بين عينيه يوفقه ويسدده فالملك الآخر مما قد فضل به على النبي، ويروون أنه حكم


(1) – للاستاذ العلامة محمود أبو رية تعريف كامل لابي هريرة بكتابه: ” شيخ المضيرة ” أبو هريرة، فلتعرف بشخصيته راجع إلى المصدر المذكور ط مصر. (2) – أنظر المعرفة والتاريخ ج 1 ص 462 وفيه: أن السكينة تنطق على لسان عمر. و البداية والنهاية لابن كثير ج 6 ص 201. وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 178. [ * ]

[ 548 ]

بأشياء أخطأ فيها حتى فهمه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له الحكم كذا و كذا حتى قال: لولا علي لهلك عمر وقال: كل أحد أفقه من عمر، وفي حديث آخر، أنه كان يقول لابن عباس غص يا غواص، ويفرح منه !. فليت شعري، أين كان الملك المسدد له، في وقت خطأه ؟، وأين كان الملك الآخر الذي ضرب على قلبه ولسانه ؟ وكيف لم يقصه عن الزيغ والزلل، وهذه صفته عندهم (1). 227 – وروت الامة أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان يسأل عن الشئ تعلما أو تعنتا فيقول: لا علم لي شئ من ذلك، وينتظر نزول الملائكة بالوحي و [ أما ] الثاني لا حاجة به إلى الملك ونزوله لحضوره إياه، إذا كان ينطق على لسانه، فمن كانت هذه صفته لم تكن تغيب عنه الملائكة، ولا تفارقه، وكان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ربما إنتظر الوحي أياما ويسأل عن الشئ، فيتأجل السائل إنتظارا للوحي، فهذه لعمري فضيلة ظاهرة على فضل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) !. فياشر أمة قبلت هذه الاشياء في رجل عبد الاوثان وأشرك بالله أربعين سنة، فأي جهل وأي شئ أفظع من هذا ! ؟، أن يفضل على النبي الا يستحون من هذه الروايات الفظيعة المنكرة ؟ !. ثم ما كفى حتى رووا


(1) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 178. وفيه: إن الله تعالى ضرب بالحق على لسان عمر، وإن بين عيني عمر ملكا يسدده ويوفقه. [ * ]

[ 549 ]

أن رسول الله، قا: لو لم أبعث لبعث فيكم عمر ! (1). 228 – وروي أنه قال ما أبطأ عني جبرئيل إلا ظننت أنه بعث إلى عمر (2) ! فأي كفر لم يرووه ميلا إلى عمر ؟، وأي شك لم يؤدوه ؟ ويلهما أنهم علموا ان الله عزوجل أخذ ميثاق محمد على النبيين ليؤمنن به ولينصرنه، وبشروا به أممهم في قصص موسى وعيسى بن مريم و غيرهما من النبيين وهذا عيسى يقول: يأتي من بعدي نبي إسمه أحمد، فكان محمد أول الانبياء في الميثاق، وذلك قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وعيسى بن مريم) (3). فبدأ به تعالى ذكره قبل نوح. فقالوا: في عمر هذا القول، وهذا جبرئيل يقول للنبي: إني قد سلمت عليك في صلب آدم، قال الله تعالى لنبيه (صلى الله عليه واله وسلم): (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) (4) فإن كان كما قالوا ؟، فرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عذاب على عمر، لانه لو لم يبعث لبعث عمر نبيا !، ولا يعلم أن رتبته أجل من رتبة النبوة !، والمزيل له عن هذه الرتبة التي


(1) أنظر المعرفة والتاريخ، ج 1 ص 462 وفيه: ” لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب “. وشرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج 12 ص 178. (2) أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 178. (3) – سورة الاحزاب، الاية: 7. (4) – سورة الانبياء، الآية: 107. [ * ]

[ 550 ]

ليس ورائها رتبة هو النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، وهذا يوجب أن ليس على الارض أحد أبغض إلى عمر من هذا الذي أزاله عن هذه المنزلة الرفيعة، فتبارك الله ما أعجب هذه الاسباب وأغلظ هذه الامور التي ركبوها (1) !، وهم لا يعقلون. 229 – ورووا: أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) نزل عليه جبرئيل فقال: يا محمد ربك يقرئك السلام، ويقول لك: إقرأ عمر السلام، وسله !، أهو عني راض كرضاي عنه (2) ؟ !، فلو نسب هذا إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كان منكرا عندهم، فكيف إلى عمر الذي قد أشرك بالله، وعبد الاصنام أربعين سنة 230 – ويروون: أن عمر بن الخطاب: سراج أهل الجنة، فلو لم يخلق الله عمرا لبقيت الجنة مظلمة بلا سراج لها (3) ! ! والله المستعان. 231 – ورووا: أن النبي، قال يوم بدر: لو نزل عذاب من السماء ما نجا غير عمر بن الخطاب، والله عزوجل يقول: (وما كان الله ليعذبهم


(1) – وفي ” ح “: إرتكبوها. (2) كما ورد في شأن أبي بكر، أنظر ” المنتظم لابن الجوزي ” ج 4 ص 61 وفيه: فقال (جبريل): إن الله عزوجل يقرأ عليك السلام ويقول: قل له (أبي بكر) أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط. ! ؟، وأنظر ” الغدير ” للعلامة الاميني (ره) ج 5 ص 321. وذكر العلامة المجلسي (ره) في البحار ج 50 ص 80 نقلا عن الاحتجاج للطبرسي (ره) وهي مناظرة مع الامام الجواد (عليه السلام) في مجلس المأمون ويحيى بن أكثم، مناظرة طويلة، فراجع. (3) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 178. [ * ]

[ 551 ]

وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) (1)، وزعموا أن العذاب لو نزل لم يكن يؤمن على الظاهر الطيب !، وكان يؤمن على عمر (2) !. 232 – ويروون: أن عمر نادى مناديه: إبن زنيم، قال: يا سارية الجبل وعمر بالمدينة، وسارية بفارس، فسمع سارية صوت عمر، فانحاز إلى الجبل !. وإنما وضعوا هذا الحديث، بإزاء حديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في جعفر بن أبي طالب، حين رفع له بموتة حتى نظر إلى معترك جعفر ابن أبي طالب، ثم نعى جعفر إلى الناس، وأخبرهم أنه أصيب، وأصيب بعده زيد بن حارثة، وأصيب بعد زيد عبد الله بن رواحة رضي الله عنهم. فأرادوا مضاهاة رسول الله، بل أرادوا تفضيله على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فإن كان عمر قوى إلى إسماع سارية، لقد قوى سارية، على إجابة عمر، وما أعلم أحدا من أهل العقل والمعرفة يفكر في مثل هذا القول، الا صرف القول فيه إلى الكفر بالله، والله المستعان. 233 – ورووا: أن شاعرا أنشد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) شعرا قاله فيه، فدخل رجل، فقال النبي: أسكت، فسكت حتى خرج الرجل، قال


(1) – سورة الانفال، الآية: 33. (2) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 178. [ * ]

[ 552 ]

النبي للشاعر: عد فيما كنت فيه، فعاد الشاعر، فدخل الرجل، فقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أسكت، فسكت، فع ذلك ثلاث مرات، فقال الشاعر يارسول الله، من هذا الذي تسكتني له إذا دخل، وتأمرني بالانشاد إذا خرج ! ؟ فقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) هذا عمر، وهو لا يحب الباطل ؟ ! ! (1). فأي كفر وعتو وفجور يكون من قوم هو أعظم وأفحش من رواية قوم عن النبي نسبوه فيها إلى حب الباطل ! ؟، وأن عمر لا يحبه، ولا يشهد والنبي يشهده، فنزهوا عمر بن الخطاب مما لم ينزهوا عنه النبي الطاهر المطهر الذي قد فضله الله على خلقه، ولولاه ما خلق الله الدنيا، فأي


(1) – حلية الاولياء ج 1 ص 49، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن كيسان حدثنا اسماعيل بن اسحاق القاضي، حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن يزيد بن جدعان عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن الاسود بن سريع قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: قد حمدت ربي بمحامد ومدح وإياك فقال: إن ربك عزوجل يحب الحمد فجعلت أنشده فاستأذن رجل طويل أصلع فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسكت فدخل فتكلم ساعتا ثم خرج فأنشدته ثم جاء فسكتني النبي صلى الله عليه وسلم فتكلم ثم خرج فأنشدته ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا فقلت يارسول الله من هذا الذي أسكتني له فقال: هذا عمر رجل لا يحب الباطل. وفي حديث بعده الزهري عن عبد الرحمان بن أبي بكرة عن الاسود التميمي قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فجعلت أنشده فدخل رجل طوال أقنا فقال لي أمسك فلما خرج قال هات فقلت من هذا يا نبي الله هل الذي إذا دخله قلت أمسك وإذا خرج قلت هات قال: هذا عمر بن الخطاب وليس من الباطل في شئ. [ * ]

[ 553 ]

فضيلة أظهر من هذه الفضيلة على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) التي حكوها في هذا الخبر، وفيما رووه من هذه الاخبار التي أخرجناها وشرحناها، وإنما فعلنا ذلك ليعلم الناظر في كتابنا، أن من لفق هذه العجائب، وروي فيه هذه الاخبار التي لو رويت في سيد ولد آدم الذي هو زين القيامة، وكان ذلك عدنهم منكرا، ولم ينكروه في رجل قد عبد الاوثان، وأشرك بالله أربعين سنة، بل تلقوا ذلك بالقبول ميلا منهم إليه !، وحملا على بني هاشم أهل بيت النبوة. 234 – وهذا هو الذي يروى عنه، أنه قام بظلم فاطمة (عليها السلام)، وأمتنع أن يحمل الصحيفة، والدواة إلى رسول الله، وهو الذي نسبه إلى أنه هجر !، ثم قال: حسبنا كتاب الله ردا منه على النبي مما علم من مراده، ولو علم أن هذا الامر فيه أو في صاحبه، لبادر بالصحيفة والدواة، وفي قوله: حسبنا كتاب الله الكفر بالله، لان جل ذكره يقول: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (1)، وفي فعله ورده ما أمر الرسول به ما هو دليل على ما ذكرناه، والله المستعان. 235 – ورووا طامة أخرى، وهي: أن النبي، قال: وزنت بأمتي فرجحت ثم وزن بها أبو بكر فرجح (2)، ثم وزن بها عمر فرجح، ثم رجح


(1) – سورة الحشر الاية: 7. (2) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 178. أنظر المحاسن والمساوي للبيهقي ص 53 وفيه: وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: لو وزن إيمان أبي بكر [ * ]

[ 554 ]

ثم رجح ثلاثا، (1) فزعموا، أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) الذي هدى الله به الامة، وكان رحمة للخلق رجح مرة، ورجح أبو بكر مرة، مساواة لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ووزن عمر فرجح ثلاث مرات (2) !. فهذا لعمري رجحان ظاهر بين على صاحبه الذي هو خير منه عندهم، ثم على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ثلاث مرات، وفضل صاحبه ظاهر عليه، لانهم قد رووا، أن عمر، قال: لوددت أني شعرة في صدر أبي بكر (3)، فما أعجب هذا الامر، وهذا أبو بكر، يود أنه شعرة في جنب مؤمن !.


بإيمان أهل الارض لرجحبهم كما في كتاب الخلفاء للسيوطي وشعب الايمان للبيهقي. (1) – أنظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 12 ص 178. (2) – أنظر المصنف لابن ابي شيبة ج 12 ص 17 و 18. (3) – أنظر كنز العمال ج 12 ص 496 الرقم: 35626 والمحاسن والمساوي للبيهقي ص 53، وفي كليهما هكذا: عن عمر قال: وددت أني شعرة في صدر أبي بكر. ويوما آخر يود أن يكون كبشا سمنا يؤكل، أنظر حلية الاولياء لابي نعيم ج 1 ص 52، عن الضحاك قال: قال عمر بن الخطاب: ليتني كنت كبش أهلي يسمنوني ما بدا لهم، حتى إذا كنت أسمن ما أكون، زراهم بعض من يحبون فجعلوا بعضي شواء وبعضي قديدا، ثم أكلوني فأخرجوني عذرة ولم أك بشرا. [ * ]

[ 555 ]

236 – رواه الشاذكوني: قال: أخبرنا جعفر بن سليمان الضبيع قال: سمعت أبا عمر ابن الجون يقول: قال أبو بكر الصديق: وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن ! (1). فهذا أبو بكر يود أنه شعرة في جنب عبد مؤمن وعمر يود أنه شعرة في صدر أبي بكر، ثم أنتم تروون أن الله عزوجل يتجلى له يوم القيامة خاصة !، رويتموه عن وكيع بن الجراح، عن الاعمش، عن أبي وائل: 237 – عن حذيفة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إذا كان يوم القيامة، تجلى الله للناس عامة، ولابي بكر خاصة !. ورويتم عن ابن أبي ذويب، عن الزهري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثل ذلك ! ؟. في شئ أعجب مما قد لفقتموه من هذه الاخبار ؟، ثم أفردتم لذلك الاسانيد التي هي عندكم صحيفة، فهذه من عجائبكم، وهذه رواياتكم المناقضة لا تستحيون منها، وأنتم رويتم هذه الاشياء، من الاحكام التي غلطوا فيها، وأقررتم أنهم لم يفهموها، ونقمتم عليه بعض ما ذكرناه عنكم، ولو شرحنا ما أخرجتموه بتمامه فيها لطال كتابنا ولكنا


(1) – المنتظم لابن الجوزي ج 4 ص 63، قال: قال أبوعمران الجوني قال أبو بكر: وددت أني شعرة في جنب عبد مؤمن. وقال: وقال: قال الحسن: قال أبو بكر الصديق: ليتني كنت شجرة تعضد ثم تؤكل. [ * ]

[ 556 ]

اقتصرنا على اليسير مما قد ذكرتموه مما رواه علماؤكم فيهما، ولعمري، إن في دون ما ذكرنا مقنعا لمن أحب أن ينظر، ويتفحص، ويتدبر، ومن جرى عليه بعض ما قد رويتموه لم يصلح للامامة، إذ كان غير مأمون على نفسه، وعلى رعيته، وقد قال الله جل ذكره للامة: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) (1)، وقال: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (2).


(1) – سورة النحل، الاية: 43، والاية بتمامها هكذا: (وما أرسلنا من قبلك الا رجالا نوحي إليهم فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون). كما في سورة الانبياء، الاية: 7. (2) سورة النساء، الاية: 83. والاية بتمامها هكذا: (وإذا جائهم أمر من الامن أو الخوف إذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول والى اولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان الا قليلا). [ * ]

[ 557 ]

(10) الباب العاشر [ باب تثبيت الوصية والوصايا ]


[ 559 ]

[ حديث الثقلين وصية رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بالامامة والولاية ]: 237 – ثم نرجع الآن إلى ما كنا إبتدأنا فيه من تثبيت الامامة والوصاية ونحتج بما لا يدفع من قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي [ ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ] ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض (1).


(1) – الخصائص للنسائي، ص 150 قال: أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: أخبرنا أبو عوانة، عن سليمان الاعمش،، قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة: عن زيد بن أرقم قال: لما دفع النبي صلى الله عليه واله وسلم من حجة الوداع ونزل ” غدير خم ” أمر بدوحات فقممن ثم قال: ” كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض “. وقال الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3 ص 109: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي ببغداد، حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا يحيى بن حماد، وحدثني أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، وأبو بكر أحمد بن جعفر البزار، قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن حماد، = [ * ]

[ 560 ]


= وحدثنا أبو نصر بن سهل الفقيه ببخارى، حدثنا صالح بن محمد الحافظ البغدادي، حدثنا خلف بن سالم المخرمي، حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة عن سليمان الاعمش، قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل، عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن فقال: ” كأني قد دعيت فأجبت، أني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، ثم قال: إن الله عزوجل مولاي وأنا مولى كل مؤمن ” ثم أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: من كنت مولاه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ” وذكر الحديث بطوله. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وم يخرجاه بطوله. وقال في ص 533: أخبرني محمد بن علي الشيباني بالكوفة، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري حدثنا أبو نعيم، حدثنا كامل أبو العلاء، قال: سمعت حبيب بن أبي ثابت يخبر عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حتى انتهينا إلى غدير خم فأمر بروح فكسح في يوم ما أتى علينا يوم كان أشد حرا منه فحمد الله وأثنى عليه وقال: ” يا أيها الناس إنه لم يبعث نبي قط الا ما عاش نصف ما عاش الذي كان قبله وأني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم ما لن تضلوا بعده، كتاب الله عزوجل ” ثم قام فأخذ بيد علي رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من أولى بكم من أنفسكم قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه. هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. المناقب للمغازلي، ص 234، والمناقب للخوارزمي ص 93 ومقتل الحسين، ص 47 = [ * ]

[ 561 ]

238 – وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): ألا إن عترتي وأطائب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلمهم كبارا، ألا وإنا أهل بيت من علم الله علمنا ومن قول صادق سمعنا، فإن تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وإن تدبروا عنا يهلكهم بأيدينا أو بما شاء، [ و ] معنا راية الحق من تبعها الحق، ومن تأخر عنها محق، ألا وبنا يفتح، وبنا يختم، لا بكم، فإنه عزوجل قد أمر بطاعة أقوام بأعيانهم، والرسول قد دل عليهم، وحظر على المتمسكين بهم أن يضلوا، والدليل على ذلك أن الله قد طبعهم على الخير، وعلمهم ما إحتاجت إليه الامة، فلا يتغيرون وعروبتهم معروفة، فلا يتكلفون ولا يختلفون إلى علماء العامة، ولا يجالسون فقهائها، ولا يتدارسون كتبها، بل ينظرون في علم الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) الذي هو عندهم لا إختلاف فيه، وإنك لتلقى الصغير منهم وتظن أنه غفل عن (في) الآداب والعلوم لحداثته. ثم إن رمت إمتحانه أو أردت إسترشاده إغترفت من لج بحر عميق مع حسن مواقع مواعظه وصبره على التعليم ورفقه بالقلوب النافرة وعلمه بموضع القبول، وستر ما يجب ستره عن العامة، إذا أجابك لم يخط عليك وإن قال لم يبط. ثم عنده الفرق بين الامور المشكلة مما تعجز عنه العامة من


= ومجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 163 والسيرة الحلبية ج 3 ص 274. البيان والتعريف / ج 2 ص 36 ط حلب. وينابيع المودة ص 32 و 40. [ * ]

[ 562 ]

الاشياء الغامضة الممتنعة، واللطيف الذي يتسكع فيه علماء العامة ما يخرس عنده المشار إليه في العلم، ثم قد ساسوا أنفسهم بالصون و الاجتهاد في العبادة ولم يلتمسوا (1) من حظوظ الدنيا الا ما هو حقهم، ولا مالوا إليها، وحكوا سيرة الكتاب والسنة، وجانبوا سير الملوك والجبابرة، وصارت أعمالهم موازية لعلومهم، فمن أجل ذلك، قال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم): إني تارك فيكم [ الثقلين ] ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا [ بعدي أبدا ]، فقد علم الرسول أنهم لا يتمسكون. فقال: ما إن تمسكتم بهما !. ثم دل على الامامة أنها قائمة متصلة محصورة في أهل بيته إلى يوم القيامة، وأن الله تعالى لا يدع خلقة بلا حجة، والايماء من الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) كثير فضلا عن التصريح، فإن المطاع يكفيه (2) الايماء ! والرسول قد صرح ودل، ولم يكمن ليوجب، ولا يوجد غير أن علمه بالقوم بعد علم الانبياء، أنهم لا يتمسكون ! !. ومن الدليل أيضا، أن القوم على ما ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام): أنهم أحلم الناس صغارا، وأعلمهم كبارا، دعا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عليا (عليه السلام) إلى الاسلام، وهو غلام صغير لا تقوم الحجة على أمثاله من


(1) – وفي ” ش “: ولم يتلمسوا. (2) – في ” ش “: دون الايماء. [ * ]

[ 563 ]

ذوي أسنانه، وهذا عبد الله بن العباس، (1) رأى جبرئيل (2) وهو صغير !، فاغتم رسول الله لذلك، ثم قال: اللهم إجعله في آخر عمره، وذلك أنه نظر إلى جبرئيل فأغمي عليه، فجعله الله حبرا من الاحبار وعمي آخر عمره، ودعا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى أمور لم يدع إليها غيرهم زادهم الله رفعة وعلوا، ولا يروى عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أنه دعا أحدا إلى التي ذكرناها غيرهم، ولا من كانت طبيعته لا تحتمل الدعاء، وأمثالهم ممن سنه كسنتهم (3) من غير أهله، لا يفرقون بين النبي والمتنبي، وهذا أبين دليل، لان النبي حجة الله الذي لا يليق به دعاء الصبيان إلى الاسلام الذين لا يفرقون بين النبي والمتنبي، ولكن العرق الصالح ينمى، والنسب الثاقب يسري، وتعليم الرسول به ينجع، ومن يتولى النبي تأديبه ويضمن جضانته بوحي من الله، فليس الا باختيار الله إياه، وهذه منزلة لا منزلة ورائها (4).


(1) – هو: عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف يكنى أبا العباس المتوفي (68)، حبر الامة مفسر القرآن، أنظر تاريخ الاسلام للذهبي ج 5 ص 148، والمعجم الكبير للطبراني ج 10 ص 232 و 236، وطبقات ابن سعد ج 2 ص 365، والمعرفة والتاريخ للبسوي ج 1 ص 493. (2) – في ” ش “: مرتين. (3) – في ” ش “: كسنهم. (4) – وفي ” ش “: ولا درجة أشرف وحالة أدل على الفضيلة والمنزلة منها. [ * ]

[ 564 ]

أو دليل آخر، مشى رسول الله والعباس ليحملا الكل عن أبي طالب، ثم اختاروا، فاختار النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عليا، وإختار العباس جعفرا وإختار أبو طالب عقيلا، ففي إختياره ليتخذه ولدا وهو صغير، ثم لما يقع أخا بينه وبين نفسه دليل على عظم شأنه وكبر قدره ومن يقضي عليه رسول الله فراسة مع الوحي فيه لرفيع المكان عالي الشأن فما ينكر من هذا محله وقدره أن يفرق بين النبي والمتنبي، ويكون ممن تقوم حجة الله عليه، وقد نزل عليه جبرئيل في رحله وسمع حسه، وقعد مقعده ورأى أثره، ولا ينكر ممن هذا محله، أن يقوم بأعباء النبوة بعد النبي، إذ كان قد خصه بهذه الاشياء التي لم يختص بها غيره، ونحن فلا ندعي له غير الامامة والوصاية. وننكر قول الجهال الذين ادعوا لما رأوا من عجائبه، ما إدعته النصارى في المسيح، ! وليست عجائب علي (عليه السلام) كل علاماته حتى لو لم تظهر للناس زالت إمامته، ولكنها زيادة في شهرة أمره، ونباهة إسمه، ولوجوب الحجة على من وقف عليها وعاينها وسمعها، وإنما جعلنا الامامة بعد النبوة، وفي أدنى المراتب، إذ كان الامام ثالث ثلاثة لان على الرسول دعاء الناس إلى الدين، فمن إمتنع ضربه بالسيف حتى يدخله في الدين، فإذا إنعقد عليه أمر الدين، وجب عليه قبول الحق ممن يقيمه مقامه، والامام ليس له أن يدعو إلى نفسه إذ كان مدلولا عليه. 239 – ومن الدليل على إمامته أيضا، أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أوصى إليه (عليه السلام) ولا في فطرة العقل أن يوصي إليه في دينه، وإنجاز مواعيده،


[ 565 ]

ويترك أمر الامة مهملا، لانه لا شئ أعظم عنده خطرا، ولا أجل قدرا من أمر أمته في إرشاده إلى ما فيه صلاحهم ونجاتهم، وتعريفهم الفرق فيما شجر بينهم، وحملهم على مصلحتهم، وليس في فطرة العقل أن يوصي من الصغير في الامر، ويدع الكثير، فكيف إدعوا أنه جعل الامام إلى الامة ليختاروا، وقد علم أن إختيارهم له خير من إختيارهم لانفسهم، وكيف إستجازوا أن يدعوا ذلك ؟ أما علموا ان المحتج إذا إحتج عليهم، فقال: إدعيتم أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) جعل إختيار الامام إليكم، إنما كان أهل بيته الذين تخلفوا من الامة، فيدخلون في هذا الاختيار، فليت شعري ما الجواب، ؟ ! فقبح الله هذا القول وقبح من إدعاه. أما علموا أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) معصوم، ؟ والامة جلها غير معصومة والنبي يعمل بالحق، وعامة الامة تعمل بالظن، وقد قال النبي لاصحابه: الشرك فيكم أخفى من دبيب النمل، فهذا من يعرفه فيهم، ومن يقف عليه ينزل (1) عليه خبر السماء غدوة وعشية، وقال لهم أيضا: 240 – الا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (2).


(1) – وفي ” ش “: ينزل الامر، وينزل عليه خبر السماء. (2) – قال أحمد بن حنبل في مسنده ح 4 ص 363: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن علي بن مدرك، قال: سمعت أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث عن جرير، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع لجرير: إستنصت الناس، = [ * ]

[ 566 ]

فاختيار من ينزل عليه خبر السماء، خير من إختيار من خاطبهم الله وقال: (إتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) (1)، وهم المنافقون والمرتدون. فإن قالوا: إن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لم يوص إلى أحد، وخلاهم والكتاب الذي فيه تبيان كل شئ، والسنة التي جعلها أصلا. فالحجة عليهم أنه قد أوصاهم بالتمسك به وبرجل من عترته يبينه لهم، فإن في القرآن المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، واختلفت الامة في التأويل والتفسير، واحتاجت إلى من يقيمه، ويشرح ما فيه من الحلال والحرام، والمحكم والمتشابه، فاختلفوا، لان القرآن لا يشرح ما فيه، وكيف يأمر (صلى الله عليه واله وسلم) بالوصية، ويدعها ويهمل أمر أمته، وأمر أزواجه وولده، وقد كان قول الله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله أسوة


= وقال: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وفي ص 366، من المجلد مثله. وفيه: حدثنا إسماعيل بن قيس قال: بلغنا أن جريرا قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إستنصت الناس، ثم قال عند ذلك: لاعرفن بعد ما أرى ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. وروى أيضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفي (402) في معجم الشيوخ، ص 242. (1) – سورة الانفال الآية: 25. [ * ]

[ 567 ]

حسنة) (1)، موجبا للتأسي، فكيف نتأسى بمن يأمر بالشئ، ولا يأتيه ؟ ! وكيف إدعوا على رسول الله، واستجازوا لانفسهم أن ينسبوه إلى تضييع أمر الامة، وتركهم بلا راع يرعاهم، ولا قائم يقيم عليهم الحدود، وقد قال الله تعالى في كتابه: (اليوم أكملت لكم دينكم) (2) والحكم بين عباد الله من دين الله، فان الله قد خاطب نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: (وان أحكم بينهم بما أنزل الله) (3) وقال: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الظالمون) (4) وقال: (إن الذين إرتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم) (5). فكيف إرتدوا الا بعد أن دخلوا في الاسلام، وبعد ما كرهوا من الامر ما أنزل الله، فصاروا بهذا الفعل مرتدين عن الاسلام، ومن يرتد عن الاسلام فقد رجع إلى الكفر ! وقال [ تعالى ] جل ذكره: (الم تر إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن


(1) سورة الاحزاب، الاية: 21. (2) – سورة المائدة، الآية: 3. (3) سورة المائدة، الآية 48. (4) – سورة المائدة، الاية: 45. (5) – سورة محمد صلى الله عليه وآله الاية: 25. [ * ]

[ 568 ]

يضلهم ضلالا بعيدا) (1). فوجدناه جل ذكره، قد بين أن هؤلاء قوم قد دخلوا في الاسلام وادعوا الايمان، ثم ضلوا يتحاكمون إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به. ولسنا ندري من الطاغوت، غير أنا نعلم أن كل حاكم يحكم بخلاف حكم الله تعالى وحكم رسوله فهو طاغوت، وكذلك من لم يكن ممن قال الله تعالى: (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول والى أولى الامر منكم) (2). فمن لم يفعل ذلك وتحاكم إلى غيرهم، فقد تحاكم إلى الطاغوت ومن تحاكم إلى الطاغوت فقد خالف أمر الله، ومن خالف أمر الله فقد كفر 241 – واحتجوا بعد ذلك حيث لم يجدوا حجة بالحديث الذي رووا إن تولوا أبا بكر تجدوه ضعيفا في بدنه، وإن تولوها عمر تجدوه قويا في بدنه فإن كانت رواياتهم صحيحة عند بعضهم، فجلهم قد طعن في الحديث من جهة العقل (3) إذ لم يدع النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أمر أبي بكر مهملا حتى قال في صفته: ضعيفا في بدنه، لئلا يشتبه أمره على مضعوف فيدخل قلبه وهن، والمجاهد القوي أفضل من المجاهد الضعيف، لان المجاهد لا يكون الا بفضل القوة.


(1) – سورة النساء. الاية: 60. (2) – سورة النساء. الاية: 59. (3) – وفي ” ش “: النقل. [ * ]

[ 569 ]

وقيل لهم: زعمتم أن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) جعل الامر إلى الامة، فجاءت جماعة من الامة، فاختارت أبا بكر، فينبغي إن كان الامر على ما زعمتم أن يكون أبو بكر يدع الامر من بعده، كما تركه الرسول، ولا يولي عمر، وكان يجب على عمر أن يدع ذلك كما تركه الرسول، ولا يجعل الامر في ستة نفر، ! بل يجعل الامر إلى الامة كلها، ولا يحصره في ستة، ثم لم يرض بذلك حتى أمر بضرب أعناقهم إن لم يبرموا أمرهم، فأبو بكر لم يقتد برسول الله في مذهبهم، و [ كذلك ] عمر، فلا برسول الله إقتدى، ولا بصاحبه أبي بكر، ! فهؤلاء كلهم قد خالفوا أمر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، بزعمهم. وقام بعد ذلك عثمان بالامر، وعقدوا له البيعة في أعناقهم، ثم إدعوا عليه أنه قد غير وبدل، ثم راودوه على خلعها وتوعدوه بالقتل إن لم يفعل، فقال: ما كنت لاخلع سربالا سربلينه الله !، فلما أبى عليهم قتلوه، فلا أعلم تخليطا أعجب من هذا التخليط الذي لا يشبه أوله آخره، وكيف إدعوا واسجتازوا لانفسهم، أن الرسول أهمل أمرهم، وكلهم إلى أنفسهم، وجعل الاختيار إليهم، وهو عاقل يعرف سريرة القوم و علانيتهم، والقوم جهال لا يميزون بين الصالح والطالح ؟، وكيف يقدرون على إستخراج الافضل والاعلم مع تخلفهم ؟ !، ولا يعرف ذلك الا العالم المستغنى بنفسه، والمعلم الذي هو الرسول !. [ تاريخ الذهبي ج 2 ص 446 ] فقد أوجبوا في مذهبهم أنهم قد ساووا رب العزة في الاختيار !، وساووا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذي عرفه أمر العباد، وقد يجب مع ذلك،


[ 570 ]

إن كان العقد إليهم أن يكون الحل أيضا إليهم، ولا ينكروا ما فعل بعثمان، إذ كان قد خالفهم، هذا لعمري يجب على أهل الدين والمعرفة أن ينظروا فيه بالرأي لا بالهوى، فلعل الله يرشدهم إلى ما هو أرضى عنده ويعرفهم ما كانوا من القوم، وما جرى من العجائب، ثم لا يعلم بين الامة إختلاف، إن الامامة زمام الرياسة وعماد النبوة، وربيطة ما جاء به الرسول وبها تنتظم معاني الطهارة، والعلم، والورع، والزهد، والتقوى، فإن الجماعة لا تكون جماعة الا بالاجتماع على إمام عادل، وما كان الرسول أن يضيع أمر الامة، ويهملهم، ولا يولي عليهم رجلا معروفا مشهورا ليكونوا جماعة من بعده، كما كانوا جماعة في أيامه إذ كان (صلى الله عليه واله وسلم) قد عرفهم وعلم منهم ما لم يعلمه غيره. وكان من تشديده في إقامة الامام والحض على طاعته، أن قال: 242 – نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، وبلغها لم يسمعها، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب أمرء مسلم: إخلاص العمل لله، والنصيحة لائمة الدين المسلمين، واللزوم للجماعة (1)


(1) – قال أحمد بن حنبل في مسنده ج 4، ص 82: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن إبن إسحاق، قال: فذكر محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس بالخيف: نصر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها لمن لم يسمعها، فرب = [ * ]

[ 571 ]

243 – ومن تشديده في ذلك قوله: ليؤمكم أقرؤكم (1) فقد حل قوله (صلى الله عليه واله وسلم): حيث أمر أن يؤمهم أقرؤهم [ و ] أن لا يقضي بينهم إلا أقضاهم، ثم ذكر الوالي بعده أن يرحم صغيرهم، ويجل كبيرهم، ولا يمنعهم فيئهم، ولا يجعل الاموال دولة بين الاغنياء منهم، ولا يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم، والوالي إذا كان من قبل الله عزوجل، فقد جمع الله فيه ثلاث خصال التي هي يهدي الدليل عليه لئلا يعسر عليه طلبه وتخفى معرفته على الطالب المرتاد، فأولهن القرابة بالرسول المعلن ذكره على الصوامع، والثانية العلم بحاجة الناس، إذ كان قد وضعه لحاجتهم لانه إن لم يكن عنده علم ما تحتاج إليه الامة كان كأحدهم في الجهل، والثالثة، أن يكون مأمونا عليهم وعلى الدين، وإلا لم يؤمن عليهم أن يخرجهم عن الهدى ويدخلهم في الردى، معصوما عن الخطأ والزلل، فإذا كملت خلاله كان مأمونا مأمولا، [ وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) ما زال مأموما مأمولا ]. فقد أوجد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أنه لابد من إمام، وأوجده أمير المؤمنين عليه السلام والادعاء على الرسول أنه ترك الامر مهملا من أعظم


= حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن: إخلاص العمل، وطاعة ذوي الامر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تكون من ورائه. (1) – راجع فتح الباري للعسقلاني ج 2، 239 وفيه: أكبركم. (2) – وفي ” ش “: لا يزال في ولدي. وما بين المعقوفين لم يكن في ” ح “. [ * ]

[ 572 ]

ما إدعوه، وذلك أنه لم يفتتح بلدة قط فتركها طرفة عين ولا بعث سرية فتركها بلا وال يوليه عليهم، ولا خرج عن المدينة في وجه من الوجوه الا خلف عليهم من يقوم بشأنهم إشفاقا عليهم وكراهة لتشتتهم واضطرابهم، فكيف أجزتم أن تنسبوه إلى تضييع أمر أمة عند خروجه عن الدنيا، وقد كان عرف طمع المنافقين في هذا الامر، ووقف على اختلاف كلمتهم، وكيف يصلحون مهملا وقد كان (صلى الله عليه واله وسلم) مواد السماء تأتيه فإن هفوا (1) تداركهم، وإن غلطوا ردهم، وإن جهلوا علمهم، وإن شكوا وقفهم، وإن زلوا قومهم، (وإن غيروا وبدلوا نبههم) (2) إبقاء على دهمائهم، ونظرا لجماعتهم، وكان صلى الله عليه واله وسلم، في رأفته ورحمته، كما ذكره الله في كتابه حيث قال: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم) (3). 244 – فمن هاهنا قال (صلى الله عليه واله وسلم): إختلاف أمتي رحمة أي إختلافهم إلي رحمة لهم ما دمت حيا بين ظهرانيهم ليردوا الامر إلي حتى أقوم ميلهم، وأقفهم (4) على الطريقة الواضحة.


(1) – من هفا يهفو هفوة، والهفوة: الزلة، الصحاح للجوهري، ج 6 ص 2535. (2) – كذا في نسخة ” ش ” و ” ح ” وفي ش: غير لهم. (3) – سورة التوبة: الاية: 128. (4) – وفي ” ح “: فاقيم. وفي ” ش “: وأقف بهم. [ * ]

[ 573 ]

فكما لم يدع تولية الوالي في حياته، وروادهم (1) تأتيه بتقويمه لهم في إختلافهم، ويردون (2) عليه فلا يغفل عن تقويمهم [ وإن غفلوا ] ولا يدع ملامتهم وإن زهدوا، كذلك لم يدعهم بعد وفاته. فكيف إستجازوا أن يعرفوه بأنه أهملهم بعد وفاته وتركهم بلا وال من قبله والحاجة إلى الوالي بعد وفاته أشد، إذ لم يكن لهم من يقيمهم إذا اختلفوا، وكان على الاختيار لهم أقدر، ولا سيما وهو على الانتقال من دار الدنيا، وذلك آخر عهده بامته الذين لم يألها منذ ولاه الله أمرها، (3) نظرا وعطفا ولينا وتأدبيا، وسنته في وفاته كسنته في حياته، وذلك إنا لم نر ولم تر الامة شيئا من سنة يغفلها مهملا بل لم يزدها الا تأكيدا، ومن المحال أن يترك الامة ويهمل أمرها حتى تختلف وتعمل بآرائها، فيقع التفاوت والاختلاف، وقد نفى الله ذلك عن نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) فقال: (إن أتبع إلا ما يوحى إلي) (4) ووصفه جل ذكره فقال: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (5)، فإذا وقع الاختلاف، فكل فرقة تقول بما تهوى، وعلى هذا تبطل سنة الرسول، وتثبت سنن الامة المختلف فيها، [ كذا ].


(1) – وفي ” ش “: وزوائده تأتيه. (2) – وفي ” ش “: ويرده عليهم. (3) – وفي ” ح “: أراد الله. (4) – سورة يونس، الاية: 15. (5) – سورة النجم، الاية: 3 و 4. [ * ]

[ 574 ]

245 – وقد إحتجوا لذلك ورووا، أن سنن الانبياء بخلاف سنن الرسول، إذ كانت الانبياء كلها لم تدع [ يدعوا ] أمر أممهم مهملا بل إستخلفوا عليهم هذا، وقد علموا أنه سيكون بعدهم أنبياء، فكيف إستحلوا أن ينسبوا خاتم الانبياء، ومن كان تاريخهم، ومن ختمت به النبوة في ترك الاستخلاف وليست أمة أحوج إلى وصي وإمام من هذه الامة، إذ كان (صلى الله عليه واله وسلم) خاتم الانبياء !. وهذا آدم أوصى إلى هابيل، فلما قتل هابيل أوصى إلى شيث، وأوصى نوح إلى سام إبنه، وأوصى إبراهيم إلى إسحاق، وأوصى إسحاق إلى يعقوب، وأوصى يعقوب إلى يوسف، [ وأوصى يوسف إلى موسى ] (1) وأوصى موسى إلى هارون، فلما مات هارون أوصى لى يوشع، وأوصى داود إلى سليمان، وأوصى سليمان إلى آصف، و أوصى عيسى إلى شمعون !. فكيف أقررتم بوصية الانبياء كلهم وجحدتم وصية خير الانبياء و قد أمره الله تعالى بالاقتداء بهم في الاستخلاف، فقال: (أولئك الذين هداهم الله فبهداهم إقتده) (2)، ولم يكن (صلى الله عليه واله وسلم) يهتدي في الاشياء كلها، ويدع القدوة بهم في الاستخلاف وحده، ويخالفهم، فمن وصفه (صلى الله عليه واله وسلم) أنه مضى ولم يستخلف خليفة، فقد وصفه بتضييع أمر


(1) – ما بين لمعقوفتين لم يكن في ” ح ” و ” ش “. (2) – سورة الانعام، الاية: 90. [ * ]

[ 575 ]

الامة وتعطيل الحدود والاحكام، وإحياء أمر الجاهلية وهو بخلاف هذه الصفة (1) (فإن نبينا (صلى الله عليه واله وسلم) لم يمت حتى ورث علمه وصيا [ كذا ] يقوم مقامه، (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) (2) 246 – ومن الدليل قول الله جل ذكره: (وإذا جائهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به، ولو ردوه إلى الرسول والى أولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (3). فقد دل بصراحة على أولى الامر منهم في حياة رسول الله، وأشار إليه واحتجوا بحجة واهية جدا !، فقالوا: إن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لم يوص، إذ


(1) قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 4 ص 212، في كتاب الوصايا: عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ترك الوصية عار في الدنيا، ونار وشنار في الاخرة. قال: رواه الطبراني في الصغير والاوسط. وعن عمر بن الخطاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما حق امرئ مسلم أن يبيت ليلتين سوداوين وعنده ما يوصي فيه الا وصيته مكتوبة “، رواه أبو يعلى في الكبير. وفي الحديث: ” من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية “. أنظر وسائل الشيعة للحر العاملي، ج 19 ص 259، كيف لم يوص ؟ ! وقد قال صلى الله عليه واله وسلم: ” من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية “، ” ومن مات بغير وصية مات ميتة جاهلية “. الرسائل لعشر للشيخ الطوسي ص 317. (2) – سورة النساء، الاية: 165. (3) – سورة النساء، الاية: 83. [ * ]

[ 576 ]

كان لا مال له، وهذه عليهم، لان عامة الانبياء الذين أوصوا لم يكن لهم مال فالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) أكثرهم مالا، إذ كان حقه في الخمس قائما في كل مغنم إلى يوم القيامة، بفرض من الله، وكانت عليه ديون وعليه عدات. وهو مع ذك أولى بالمؤمنين من أنفسهم يقوم لهم مقام الوالد البر. ووصية الرسول مع ذلك لا تدفعها حجج العقول بل توجبها، وليس لاحد أن ينكر ذلك، وقد إدعاها علي (عليه السام) لنفسه، وإدعاها ولده وأهل بيته قاطبة، وجاءت شيعته تدعيها له مع ما قد جاء في ذلك من الحديث ورواية الفقهاء من المرجئة والعثمانية وهم مع ذلك يقرون غير أنهم لا يفقهون. 247 – أليس قد روت فقهائهم عامة ما قد حكيناه أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، قال: من يقضي ديني وينجز موعدي فهو معي في درجتي ؟ ! (1) هل قضى دينه أحد غير وصيه ؟


(1) – قال أبو جعفر الطبري العامي في تهذيب الاثار ج (مسند علي بن أبي طالب) ص 60 حدثنا أبو هشام الرفاعي قال، حدثنا يحيى بن آدم قال: قلت لشريك: ما تقول في الرجل يقول لورثته: من يضمن عني ديني ؟ ضمنه بعضهم ولا يسمى. فقال: من أجازه فهو أحسن قولا ممن لم يجزه. حدثنا الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد، عن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من يضمن عني ديني، ويقضي عداتي، ويكون معي في الجنة ؟ أو نحو ذا قلت: أنا. وحدثنا أحمد بن منصور، قال: حدثنا الاسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن = [ * ]

[ 577 ]

248 – أليس قال النبي (صلى الله عليه وله وسلم): لا يؤدي عني الا علي ؟. 249 – أليس روى حذيفة بن اليمان، وأبو سعيد الخدري، عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، أنه خير الناس وخير الاوصياء ؟، أليس زعمتم أن العباس عم رسول الله، نازع عليا في تركة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حتى ظلمه ؟ !. حدثه الرافعي محمد بن عبد الله بن رافع عن أبيه أبي رافع، أنه كان عند أبي بكر، إذ جاء علي والعباس، فقال العباس: أنا عم رسول الله و وارثه، وقد حال علي بينه وبين تركته، فقال أبو بكر: فأين كنت يا عباس ؟ حين جمع النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بني [ عبد ] المطلب، وأنت أحدهم، فقال: أيكم يوازرني ويكون وصيي وخليفتي في أهلي وينجز عدتي ويقضي ديني ؟، فقال له العباس: بمجلسك [ هذا ] تقدمته وتأمرت عليه، فقال أبو بكر: أغدرا يا بني عبد المطلب ؟ !. ثم رويتم أنهما إرتفعا من بعد أبي بكر إلى عمر، فقال عمر: أخرجوهما عني قد فهمت يا بني عبد المطلب، وإنما تنازعا عنده


= الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عباد بن عبد الله الاسدي، عن علي قال: لما نزلت هذه الاية: (وأنذر عشيرتك الاقربين) قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بيته، فاجتمعوا ثلاثين رجلا، فأكلوا وشربوا، وقال لهم: من يضمن عني ذمتي ومواعيدي، وهو معي في الجنة، ويكون خليفتي في أهلي ؟ قال: فعرض ذاك عليهم، فقال رجل: أنت يارسول الله كنت بحرا، من يطيق هذا ؟ حتى عرض على واحد واحد، فقال علي: أنا. [ * ]

[ 578 ]

ليعرف القاعد ذلك المقعد لا حق له في ذلك المجلس، وأنه لهما ولم يرض به أحد منهما حكما بل ليقف على ظلمه لهما، كما أن الملكين صارا إلى داود (عليه السلام)، فقال: (خصمان بغى بعضنا على بعض فأحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب،) فقال داود (لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه) (1) فلما حكم لاحد هما على الاخر طارا، فأسقط في يد داود فعرف ما أرادا، وعلي والعباس إنما تظلما إلى أبي بكر ثم عمر ليعرفا ظلمهما لا أن بينهما إختلافا والحمد لله. 250 – ونرجع الآن إلى شرح ما كنا فيه من أمر الوصية، وتثبيت الامامة، وهو قول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إني تارك فيكم الثقلين، و قال (صلى الله عليه واله وسلم): إنما مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. (2)


(1) – الايتان 22 و 23 من سورة ص. (2) – قال محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ص 20: عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تعلق بها فاز، ومن تخلف عنها غرق ” أخرجه الملا في سيرته. وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 9 ص 171: كما ذكر الحافظ السيوطي في ” إحياء الميت ” وفي ” الجامع الصغير ” ص 480 ط مصر كما ذكر ابن حجر الهيتمي في = [ * ]

[ 579 ]

فقد دل النبي على قوم بأعيانهم، وقال صلى الله عليه واله وسلم: أهل بيتي أمان لامتي (1) فأهل بيته هم الذين حرم الله عليهم الصدقة، وقد قال الله جل ذكره: (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) (2). فمن سلك صراط الله المستقيم، واتبع نوره المنير، خرج من الشبهات، والاختلاف، والحيرة والضلالة، وصار إلى مستقر الامن وضياء


= ” الصواعق المحرقة ” ص 184 ط مصر، وكنز العمال، ج 12 ص 94 و 95 و 98 و ” ينابيع المودة ” ص 187 و 193، وأبو نعيم الاصبهاني في ” حلية الاولياء ” ج 4 ص 306 والعلامة النبهاني في ” الفتح الكبير ” ص 133 ط مصر والعلامة محمد بن يونس التونسي في ” السيف اليماني المسلول ” ص 9 ط الترقي بشام. والعلامة الامر تسري في ” أرجح المطالب ” ص 330 ط لاهور والحافظ الدولابي في ” الكنى والاسماء ” ج 1 ص 76 أنظر إحقاق الحق ج 9 ص 270 وذكر أيضا الطبراني في المعجم الصغير ج 1 ص 157. (1) قال الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3 ص 149: حدثنا مكرم بن أحمد القاضي، حدثنا أحمد بن علي الآبار، حدثنا إسحاق بن سعيد بن أركون الدمشقي، حدثنا خليد بن دعلج أبو عمرو السدوسي، أظنه عن قتادة، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: النجوم أمان لاهل الارض من الغرق وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب أبليس. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. أقول: للمزيد من التفصيل راجع إحقاق الحق ج 9 ص 294. (2) – سورة الانعام، الاية: 153. [ * ]

[ 580 ]

القوم، ومعدن الخير، وموضع الرسالة، ومقر الرحمة، والرأفة، والهدى وأمان الامة، وسفينة النجاة، ودار السلامة والاسلام، وولاية المهتدين واتباع الصادقين وأحساب العالمين (1) والتسمك بحبل المؤمنين عصمنا الله من الزيغ. 251 – ثم لم نجد أحدا أكذب عليا (عليه السلام) في عصره ولا ادعاها لغيره ولا لنفسه، إلا أن يكون معاندا مريدا. ثم قول سلمان (رضي الله عنه) للنبي (صلى الله عليه واله وسلم): أنه لم يكن نبي قط الا وكان له وصي، قال: فمن وصيك ؟، فسكت عنه مليا، ثم لقيه فقال له: يا سلمان من كان وصيي موسى ؟ فقال: يوشع بن نون، قال: لم أوصى إليه ؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: لانه خير من ترك بعده، ثم قال: هل تدري من وصيي من بعدي ؟ قال: لا، قال: علي أخي ووصيي في أمتي، وإبناه سبطا هذه الامة سميتها باسم إبني هارون شبرا وشبيرا، والدليل قائم أن النبي ضمنه الوفاء بعداته، وقضاء ديونه، ودفع إليه سيفه ودرعه ونعليه وخاتمه. 252 – ومن الدليل أيضا، على أن عليا (عليه السلام) هو المخصوص بالامامة والخلافة، والوصية، وأنه كان أرضا لها وسماء، إذ كان نفس رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، أن القوم ما ساروا إلى رسول الله، ليحاجوه في المسيح أنزل الله: (قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم


(1) – وفي ” ح “: وإفتداء. [ * ]

[ 581 ]

وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل، فنجعل لعنت الله على الكاذبين) (1)، دعا أهل بيته، وكان علي من نفس رسول الله، وكان هاشمي الوالدين، وكان أشبه الناس برسول الله، لانه لم يعبد وثنا قط، ولا حجرا من دون الله كما عبده من قعد مقعده، ولا أكل ربا، ولا ذبح لغير الله ولا أكل منه، وكان مبرأ من الاقذار، مطهرا من الآفات، لم يدنس بالريب، ولم يولد من سفاح، ولا كانت أمه جدته صاحبة راية ولا كانت ممن ينتابها الفساق، (2) بل هو كما قال الله: أولئك هم المطهرون. وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): لم يمسني سفاح أهل الجاهلية، ولم أزل أنقلب من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، فليس لاحد أن يدعي الطهارة الا من جرى مع رسول الله إلى عبد المطلب الذي هو جده، وجد أهل بيته، ولا يصلح للامامة الا من هذه صفته، وكان قلبه كما وصف الله قلب ابراهيم (عليه السلام)، حيث قال: (إذ جاء ربه بقلب سليم) (3)، هكذا صفة من إختصه الرسول ورباه، ونشأ على أدبه، وهديه وخلقه. 253 – ثم هذا علي أول الناس إسلاما، وآخرهم هجرة، واحتمل مكروه الوصية، ونهض بأعباء الامامة، وصبر في دار الكفر مظلوما مقهورا محتسبا، وكان مفتاح الامر وخاتمته، ولما أراد الله أن يشهر أمره


(1) – سورة ال عمران، الاية: 61. (2) – إشارة إلى حمامة جدة معاوية لانها كانت صاحبة راية في الجاهلية. (3) سورة الصافات، الاية: 84. [ * ]

[ 582 ]

بالفضيلة، إختصه بها ليكون علما للطالب، إذ كان مدلولا عليه، ولم يكن الله ليدع عباده والجهل، لانه ليس للجهل سواهم، ولا للهلكة أنشأهم، ولم يكن ليدلهم على الاسلام والصلاح، وهو يريد إفسادهم، وإن هذا غير جائز على الله أن يدع العباد ولا يدلهم على الصلاح إذ كانت عقولهم لا تبلغ جميع مصالحهم في دنياهم، فكيف يصلح لامر الدين ! ؟، وإذا كانوا عاجزين عن أمر الدنيا فهم عن الدين أعجز، ولولا ذلك لكان إرسال الرسل ايهم فضولا وخطأ، وإذا كانوا عاجزين عن العلم بمصلحة أبدانهم في دنياهم، فهم عن المستنبط بالقياس مما لا تدركه الحواس، وعن المؤجل الذي لا يعرف بالمعجل وعن الخفي الذي [ لا ] يعرف بالظاهر أعجز ؟ !، فكيف لو وقفوا على غامض الدين من التعديل والتجويز، ومعرفة ما يجوز على الله، ومما لا يجوز ؟ وعلى الفرق بين الكهنة والرسل، وبين النبي والمتنبي، وبين الكاذب من الاخبار وبين الصحيح (1)، وكيف يفصل بين التأويل في الوعد والوعيد، والاسماء والاحكام، وبين العلم بالحلال والحرام، وكيف يخفى على ذي عقل أن الناس لا بد لهم من قيم يعرفهم مصالح دينهم، فالرسول قد أقامهم على جملة أمرهم، وأقام لهم الامام ليدلهم على ما يختلفون فيه من بعده وعليه التفصيل فالامر بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) راجع إلى الامام المدلول عليه بعد أن يطاع ويؤخر له، لان الرسول (صلى الله عليه واله) يشرع الشريعة ويخبر بالجملة،


(1) – وفي ” ح ” و ” ش “: وبين العقل طباعا وهوى. [ * ]

[ 583 ]

والامام يشرح من بعده للامة ما يختلفون فيه، ولولا أن في وسع الناس قبول الارشاد، وضبط التلقين لكانوا هملا ولسقط عنهم الامر والنهي، ولو أن الناس لم يكونوا مطبوعين على تلقي العلم من المؤدبين، ولم يكن لادراك الحواس من أثر ما كان بينهم وبين البهائم فرق، وإذا كان الجهل بالمصالح وغلبة الطباع وشره الشهوات على الناس غير مأمون، فلابد لهم في كل دهر من قيم عليم ومعرف حكيم لاقامتهم على مصالحهم التي لا تبلغها عقولهم، و [ أما ] الامام فلا يجوز أن يكون محتاجا إلى غيره، ولا مضطرا إلى من يقيم إوده وإذا كان ناقصا كان كمن حكم بتلك الاحكام التي قد شرحناها من قبل، وكمن أتى بإمرأة حبلى من غير زوجها فأمر برجمها ورجم ما في بطنها ! حتى قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): هذه قد ظهر جرمها، فما جرم ما في بطنها ؟ ! فقال: لولا علي لهلك عمر. وقد يجب على الامة أن تعلم أن الناقص لا يجوز أن يكون اماما بعد الرسول لان الله قد إختار خيرة من خلقه، واصطفى صفوة من عباده فأرسل الرسول، وجعله خير خلقه وفرض الفرائض وأقام الامام على هديه ولم يكن ليهملهم، روى ذلك رواتهم وفقهائهم: 254 – فمن ذلك ما رواه عباد بن يعقوب الاسدي (1) ومحرز بن هشام


(1) – هو: عباد بن يعقوب الاسدي الرواجني أبو سعيد الكوفي، الشيعي امتوفى (250). أنظر تهذيب الكمال ج 14 ص 175، ومعجم رجال الحديث ج 9 ص 218، ط بيروت. [ * ]

[ 584 ]

قالا: حدثنا السدي (1) عن عبد الله السلمي (2) قال: دخلت أنا والعلاء ابن هلال، على أبي إسحاق السبيعي، حين قدم من خراسان، فقلت حدثني أخوك أبو داود السبيعي، عن بريدة الاسلمي، (3) أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أمرهم أن يسلموا على علي (عليه السلام) بأمرة المؤمنين، فقال عمر بن الخطاب: أمر من الله أم من رسوله ؟ ! فقال (صلى الله عليه واله وسلم): أمر من الله ومن رسوله. 255 – وروى المنقري: قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن عاصم ابن جميل، عن فضيل قال: حدثني عمران، قال كنت أنا وأخي بريدة عند رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فدخل أبو بكر، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): يا أبا بكر سلم على علي (عليه السلام) فإمرة المؤمنين، فقال أبو بكر: أمر من الله أم من رسوله ؟ ! فقال (صلى الله عليه واله وسلم): من الله ومن رسوله. ثم جاء عمر، فقال (صلى الله عليه واله وسلم) له سلم على علي بإمرة المؤمنين فقال عمر: أمر من الله أم من رسوله ؟ فقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) من الله ومن رسوله.


(1) – هو: إسماعيل بن عبد الرحمان بن أبي كريمة السدي، أبو محمد القرشي الكوفي الاعور، المتوفى (127)، أنظر تهذيب الكمال ج 3، ص 132، رقم: 462. (2) – هو: عبد الله بن حبيب بن ربيعة أبو عبد الرحمان السلمي الكوفي المتوفى (74). أنظر تهذيب الكمال ج 14، ص 408، رقم: 3222. (3) – هو: بريدة بن الحصيب بن عبد الله بن الحارث بن أسلم الاسلمي أبو عبد الله، المتوفى (63)، أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 53 رقم: 661. [ * ]

[ 585 ]

ثم جاء سلمان، فقال له رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): سلم على علي بإمرة المؤمنين، فسلم، فسلم، ثم جاء عمار، فقال له سلم على علي بإمرة المؤمنين فسلم ثم جلس، فأقبل علينا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) بوجهه فقال: أنني قد أخذت ميثاقكم على ذلك كما أخذ الله ميثاق بني إسرائيل حيث قال لهم: (ألست بربكم قالوا بلى) (1) وسألتموني أنتم، أمن الله أم من رسوله، فقلت: من الله ومن رسوله !. أما والله لئن أبغضتموه لتكفرن، أما والله لئن أبغضتموه لتكفرن مرتين. فخرجوا من عند رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ورجل من القوم يضرب بأحدى يديه على الاخرى ويقول: كلا ورب الكعبة، فقلت: يا أبا داود من ذلك الرجل ؟ فقال: إنك لا تحتمله، وجابر من خلفي يغمزني، أي سله، فالححت عليه، فقال: هو الاعرابي. 256 – قال: وحدثنا يوسف بن كليب المسعودي، قال: حدثنا يحيى بن سالم العبدي، قال: حدثنا الصباح المزني (2)، عن العلاء بن


(1) – سورة الاعراف، الاية: 172. (2) هو: صباح بن يحيى أبو محمد المزني الكوفي المتوفى () أنظر رجال النجاشي ج 1 ص 446 رقم: 535 ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج 9 ص 96 رقم: 5885 وقاموس الرجال للتستري ج 5 ص 481 رقم: 3666 والجرح والتعديل ج 4 ص 442 رقم: 1941. [ * ]

[ 586 ]

المسيب (1). عن أبي داود، (2) عن بريدة الاسلمي، (3) قال: أمرنا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أن نسلم على علي بإمرة المؤمنين، ونحن تسعة وأنا أصغر القوم يومئذ (4). 257 – وروى البزاري، قال: حدثنا محمد بن الحرث بن بريد، عن روح بن القاسم، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. عن حذيفة بن اليمان، قال: دعانا رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى بيعة علي بن أبي طالب يوم غدير خم، فلما بايع الناس إتكأ رجل قد سماه علي المغيرة بن شعبة ثم انطلق يتمطى وهو يقول: والله ما نقر لعلي بن أبي طالب بولاية، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه واله وسلم) (ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى) (5)، فصعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهو يريد البرائة منه


(1) – هو: العلاء بن المسيب بن رافع الاسدي الكوفي المتوفى () أنظر تهذيب الكمال ج 22 ص 541 رقم: 4588. (2) – هو: أبو داود السبيعي. (3) – تقدم اسمه. (4) – أنظر ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق ج 2 ص 260، وفيه: ونحن سبعة. و روى العلامة السعدي الخزرجي الشافعي المتوفى بعد سنة (1024) في أرجوزته المسماة بسعدية ص (273) مخطوط أنظر إحقاق الحق للتستري ج 4 ص 287 وج 15 ص 222. (5) – سورة القيامة الاية 30، قال الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج 2 ص 295 = [ * ]

[ 587 ]


= ط 1 وفي ط 2 ج 2 ص 390: عن عمار بن ياسر، قال: كنت عند ابي ذر [ الغفاري ] في مجلس لابن عباس وعليه فسطاط وهو يحدث الناس إذ قام أبو ذر حتى ضرب بيده أي عمود الفسطاط، ثم قال: ” أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته باسمي أنا جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري سألتكم بحق الله وحق رسوله أسمعتم رسول الله يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ذا لجهة [ كذا ] أصدق من أبي ذر ؟ قالوا: اللهم نعم. قال: أتعلمون أيها الناس أن رسول الله جمعنا يوم غدير خم ألف وثلاث مائة رجل، وجمعنا يوم سمرات خمسمائة رجل، [ وفي ] كل ذلك يقول: اللهم من كنت مولاه فإن عليا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه “. فقام عمر فقال: بخ بخ [ لك ] يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولا كل مؤمن ومؤمنة. فلما سمع ذلك معاوية بن أبي سفيان، إتكأ على المغيرة بن شعبة، وقام وهو يقول: لا تقر لعلي بولاية، ولا نصدق محمدا في مقالة. فأنزل الله تعالى على نبيه: (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى، ثم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى) تهددا من الله تعالى وانتهارا فقالوا: اللهم نعم. فرات قال: حدثني إسحاق بن محمد بن القاسم بن صالح بن خالد الهاشمي حدثنا أبو بكر الرازي محمد بن يوسف بن يعقوب بن ابراهيم بن نبهان بن عاصم بن زيد بن طريف مولى علي بن أبي طالب حدثنا محمد بن عيسى الدامغاني حدثنا سلمة بن الفضل، عن أبي مريم، عن يونس بن حسان، عن عطية: عن حذيفة بن الفيمان قال: كنت والله جالسا بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم [ و ] قد نزل بنا غدير خم، وقد غص المجلس بالمهاجرين والانصار، فقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم على = [ * ]

[ 588 ]

وتسميته للناس، وكان له وقت لم يبلغه، فأنزل الله (لا تحرك به لسانك لتعجل به) (1)، فسكت رسول الله. فهذه روايتهم على أن فقهائهم قد ستروا جل ما روى في أهل بيت النبوة حذرا على دمائهم وخوفا من بني أمية، والذي بقي منه في أيدي العامة القليل النزر، ونحن قد كفانا ما حكينا فقد إختار الله جل ذكره لهم الخيار، وبقي من لا يصلح للامامة، فجروا إلى الجحود حبا للدنيا، وجحدوا صاحب الحق حقه، ومن جحد الحق لزمه إسم الجحود والجاحد للحق مقيم للباطل، والمقيم للباطل كافر. وقد روى فيمن جحد عليا حقه ما نحن ذاكروه. 258 – روى أبو محمد الهاشمي، قال: حدثنا ابراهيم بن سليمان العطار الصائدي، قال: حدثنا عبد الصمد بن علي الهاشمي، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عباس، قال: صمتا كما عميتا إن لم أكن سمعت رسول الله يقول: جاحد علي حقه يجيئ يوم القيامة في عنقه طوق من حديد فيه


= قدميه فقال: ” يا ايها الناس إن الله أمرني بأمر فقال: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك) ثم نادى علي بن أبي طالب فأقامه عن يمينه ثم قال: يا أيها الناس ألم تعلموا أني أولى منكم بأنفسكم ؟ قالوا: اللهم بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله. (1) – سورة القيامة، الاية: 16. [ * ]

[ 589 ]

ثلاثمائة قرنة في كل قرنة شيطان يبزق في وجهه ويكلح (1) في وجهه، فهذا شأن من جحد عليا حقه فقد خرج من الايمان إلى الكفر (2). ونحن نسألهم بعد ما إحتججنا عليهم بهم عن كل من ولي الامر من بر أو فاجر ممن أطاع الله أو عصاه، هل تجوز طاعته ؟ فإن قالوا: نعم، قيل لهم: هذا خلاف أمر الله، لان الله يقول: (وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون) (3). ويقول: (قاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله) (4). وأنتم تأمرون بطاعتهم وتدعون إليها، ثم يقال لهم: أليس قد أمر الله المؤمنين بقتال الفئة الباغية ؟ فإذا قالوا بلى، قيل لهم: أليس الباغية هي الظالمة، فإذا قيل بلى، قيل لهم: كيف يجب علينا قتالهم وتجب علينا طاعتهم إذا غلبوا من غير رجوع منهم ولا توبة، فمن هناك وجب علينا


(1) – كلح، أي: عبس، وفي حديث علي (ع): إن من ورائكم فتنا وبلاء مكلحا، أي يكلح الناس بشدته، الكلوح: العبوس. أنظر لسان العرب لابن منظور، ج 2 ص 574. (2) – قال العلامة الشهير بابن حسنويه في ” در بحر المناقب “، ص 64 المخطوط، قال: وبالاسناد يرفعه إلى بن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول: ” من مات ولقى الله جاحد لولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه لقيه وهو غضبان عليه ساخطا، لا يقبل الله من أعماله شيأ. أنظر إحقاق الحق للتستري ج 6، ص 409. (3) – سورة التوبة، الاية: 12. (4) – سورة الحجرات، الاية: 9. [ * ]

[ 590 ]

قتالهم فمن المحال أن تجب علينا طاعتهم، فإذا قالوا لا تجب علينا بالمعاصي، قيل لهم فأخبرونا عنهم، فإذا حكموا بغير ما أنزل الله، وأمروا بقتال من لا يجب عليه القتل أو بقطع من لا يجب عليه القطع فما الواجب علينا ؟ نطيعهم أو نقاتلهم ؟ فإن قالوا نطيعهم فقد نقضوا قولهم، وإن قالوا: نقاتلهم فقد أخرجوهم من الامامة وهذا نقض لقولهم أطيعوه لو كان عبدا حبشيا، والخيار هو الذي لا يحتاج إلى أحد من الامة وتحتاج إليه لعلمه ومعرفته (1)، فأمره ظاهر، إذ كان الله قد دل عليه ودل عليه الرسول وبرئ من النفاق لقول رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيه: لاعطين الراية غدا إلى رجل يحب الله ورسوله. ويحبه الله ورسوله (2)، وليس لاحد من الامة أن يشهد لاحد أن الله يحبه ورسوله ويحب الله ورسوله الا لعلي (عليه السلام)، وقد أيد ذلك بقوله (صلى الله عليه واله وسلم): اللهم إئتني بأحب خلقك اليك يأكل معي من هذا الطائر، فأتاه علي (عليه السلام)، فأكل معه، ولا يعلم لاحد من الامة مثلها (3). وقد يجب على الامة أن تعقل هذا الموضع، ولا تقدم على من


(1) – لله در خليل بن أحمد العروضي إذ قال: إحتياج الكل إليه، وإستغنائه عن الكل دليل على انه امام الكل. (2) – أورد هذا الحديث أبو حاتم ابن حبان في كتاب الثقات ج 2 ص 12. (3) – أنظر حديث الطير وطرقه العديدة في ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق ج 2، ص 105 ط بيروت. ومقتل الحسين للخوارزمي، ص 46. قال الخوارزمي: أخرج الحافظ ابن مردويه هذا الحديث بمأة وعشرين أسنادا. [ * ]

[ 591 ]

يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فان الله لا يحب الا الخيار، وقد برئ من النفاق، فإن المنافقين في أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) كثير لا يعرفهم الا الله ورسوله. وقد دل رسول الله حذيفة بن اليمان على قوم منهم، وأمره بستر ذلك إبقاء عليهم وكراهة لهتك ستورهم، وأصحاب اعقبة قد كان منهم ما لا خفاء به، وهم جلة أصحاب محمد، وتقدم (صلى الله عليه واله وسلم) إلى حذيفة في شأن الرجلين الجليلين عند الامة أن لا يخبرنا باسميهما (1) 259 – رواه أحمد بن مهدي قال: حدثنا نعيم بن حماد (2) قال: حدثنا هشيم (3) عن مجالد، (4) عن عامر (5)، عن صلة بن زفر (6)، قال:


(1) – سير أعام النبلاء ج 2 ص 362 – 363. (2) – هو: نعيم بن حماد بن معاوية بن الحارث أبو عبد الله المروزي المتوفى (228) أنظر تهذيب الكمال ج 29، ص 466، رقم: 6451. (3) هو: هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي المتوفى (183) أنظر تهذيب الكمال ج 30 ص 272 رقم: 6595. (4) – هو: مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام، كما في نسخة ” ح ” و ” ش ” وفي المطبوع كان مجاهد وهو خطأ. أنطر تهذيب الكمال ج 27 ص 219 رقم: 5780. (5) – هو: عامر الشعبي كما تقدم. (6) – هو: صلة بن زفر العبسي، أبو العلاء، ويقال: أبو بكر الكوفي المتوفى () أنظر تهذيب الكمال ج 13 ص 233 رقم: 2902. [ * ]

[ 592 ]

قلت لحذيفة: أين علمت أسماء المنافقين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ؟ قال: بينا أنا في الحجيج مع رسول الله ليلا، إذ أنا بركب المسلمين، يقولون: إذا أتينا العقبة فعقنا (1) بناقته فيقع عنها فندق عنقه فنستريح منها، فلما سمعت ذلك، أتيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وكان نائما جعلت أقرأ وأرفع صوتي حتى إستيقظ فقال من هذا ؟ فقلت: أنا، قال: ما شأنك ؟ فقلت: سمعت فلانا وفلانا وفلانا يقولون كذا وكذا، فقال: إن فلانا وفلانا وفلانا منافقون، أعداء الله وأعداء رسوله فلا تخبرن بذلك أحدا. 260 – وروى الواقدي، قال: حدثني عبد الله بن عبد العزيز، عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد الرحمان بن أبي صعصعة المازني، عن خلاد بن سويد، عن أبي قتادة في حديث طويل، قال: لما كان رسول الله ببعض الطريق، مر به بعض (2) المنافقين وتناجوا أن يطرحوه عن عقبة في الطريق، فلما بلغ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى تلك العقبة أرادوا أن يسلكوها، فأخبر رسول الله بخبرهم، فقال للناس: أسلكوا (3) بطن الوادي، وسلك رسول الله العقبة، وأمر عمار بن ياسر أن يأخذ بزمام الناقة يقودها، وأمر حذيفة بن اليمان أن يسوق من خلفه، فبينا


(1) – وفي ” ش ” فعسنا. (2) – وفي ” ش “: أناس. (3) – وفي ” ح “: أمسكوا. [ * ]

[ 593 ]

رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يسير في العقبة إذ سمع حس القوم قد غشوه، فغضب وأمر حذيفة أن يردهم، فرجع حذيفة إليهم، وقد رأى غضب رسول الله فجعل يضرب وجوه رواحلهم بمحجن كان في يده (معه) وظن القوم أن رسول الله قد إطلع على مكرهم، فانحطوا عن العقبة مسرعين حتى خالطوا الناس، وأقبل حذيفة حتى اتى رسول الله وقد ضاق به (1) فلما خرج من العقبة ونزل الناس، فقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) لحذيفة: يا حذيفة هل عرفت راحلة فلان وفلان، وكان القوم ملثمين، فما أبصرهم من أجل ظلمة الليل، قال: لا (2). 261 – وروى أنهم حين أرادوا ذلك نفروا فسقط بعض متاع راحلته فقال أسيد بن حصين: يارسول الله، قد إجتمع الناس ونزلوا، فمن كان منا يظن برجل من الذين هموا بهذا فيكون الرجل من عشيرته فهو الذي يقتله وإن أحببت والذي بعثك بالحق نبيا لابيتن في هذه الليلة بهم، فلا أروح حتى آتيك برؤوسهم، وإن كانوا منا كفيتكم وإن كانوا من الانصار أمرت سيد الخزرج فكفاك من في ناحيته، فإن مثل هؤلاء لا يتركون، إلى متى تداهنهم ؟ ! وقال: حتى متى تداهنهم ؟، وقد صاروا اليوم في القلة والذلة وقد ضرب الاسلام بجرانه فما تستبقي من هؤلاء يارسول الله ؟ قال: يا أسيد إني أكره أن يقول الناس: إن محمدا لما إنقطعت الحرب بينه


(1) – وفي ” ح ” و ” ش “: فساق به. (2) – أنظر دلائل النبوة للبيهقي، ج 5 ص 256 والبداية والنهاية لابن كثير ج 5 (3) ص 19. [ * ]

[ 594 ]

وبين المشركين، وضع يده في قتل أصحابه، فقال: يارسول الله فإن هؤلاء ليسوا بأصحاب، قال: أليس يظرون شهادة أن لا اله الا الله ؟ قال بلى ولا شهادة لهم، قال: أليس يظهرون أني رسول الله ؟ قال: بلى ولا شهادة لهم، قال: فقد نهيت عن قتل أولئك. 262 – وروى الواقدي قال: فحدثني يعقوب بن محمد، عن ربيح بن عبد الرحمان بن أبي سعيد الخدري، (1) عن أبيه، عن جده، قال: كان أهل العقبة الذين أرادوا بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ما أردوا ثلاثة عشر رجلا قد سماهم رسول الله لحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر.


(1) – هو: ربيح بن عبد الرحمان كما في ” ح ” و ” ش ” ابن أبي سعيد الخدري المدني أخو سعيد بن عبد الرحمان، أنظر تهذيب الكمال ج 9 ص 59 رقم: 1852. وفي النسخة كان ربيج بن عبد الله وهو خطأ. [ * ]

[ 595 ]

263 – قال الواقدي: وحدثني إبن أبي حبيبة، (1) عن داود بن الحصين (2)، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله (3)، عن أبيه، قال: تنازع عمار بن ياسر ورجل من المسلمين في شئ فتسابا، فلما كاد الرجل يعلو عمارا في السباب قال عمار: كم كان أصحاب العقبة ؟ قال: الله أعلم، قال: أخبرني عن علمك بهم، فسكت الرجل، فقال بعض الحاضرين: بين لصاحبك ما سألك عنه، وإنما يريد عمار أشياء قد خفيت عليهم، فكره الرجل أن يحدثه فأقبل القوم على الرجل يسألونه، فقال الرجل: كنا نتحدث أنهم كانوا أربعة عشر رجلا، فقال عمار: فإنك كنت فيهم فهم خمسة عشر، فقال الرجل: مهلا، أذكرك الله أن تفضحني، فقال عمار: والله ما سميت أحدا (4) منهم ولكني أشهد أن الخمسة عشر رجلا، فإثنا عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد، (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار) (5).


(1) – هو: إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الانصاري الاشهلي المتوفى (165) أنظر تهذيب الكمال ج 2، ص 42، رقم: 146. (2) – هو: داود بن الحصين القرشي الاموي أبو سليمان المدني المتوفى (135) أنظر تهذيب الكمال ج 8، ص 379، رقم: 1753. (3) – هو: جابر بن عبد الله الانصاري السلمي أبو عتيق المدني المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 17، ص 23، رقم: 3780. (4) – وفي ” ح “: رجلا. (5) – سورة غافر، الاية: 52. [ * ]

[ 596 ]

264 – قال: فحدثني معمر بن راشد، عن الزهري، قال: نزل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عن راحلته، فأوحى الله إليه وراحلته باركة، فقامت راحلته تجر زمامها فاقتادها حذيفة حتى رأى النبي جالسا وأناخها، ثم جلس عندها حتى قام النبي فأتاه فقال: من هذا ؟ قال: أنا حذيفة بن اليمان فقال النبي له: فإني مسر إليك أمرا فلا تذكرنه، وذكر أمرهم، أو قال: فذكر أمرا ولم يعلم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ذكرهم لاحد غير حذيفة (1). 265 – وروى يزيد بن هارون (2)، قال: أخبرنا الوليد بن جميع (3). عن أبي الطفيل (4) قال: ساب رجل عمارا، فقال حذيفة: أو قال عمار: كان الذين تجسسوا على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ليلة العقبة أربعة عشر رجلا فإن كنت فيهم خمسة عشر. 266 – وروى عبيد الله بن موسى (5) عن الوليد بن جميع، عن


(1) – المغازي للواقدي ج 3 ص 1045 ط بيروت، وفيه نص الحديث: فراجع. (2) – يزيد بن هارون بن زاذي السلمي أبو خالد الواسطي. تهذيب الكمال ج 32، ص 251. (3) – هو: الوليد بن جميع الزهري الكوفي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 31، ص 35، رقم: 6713. (4) – هو: عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش أبو الطفيل الليثي المتوفى (107) قال المزي: قال مسلم: وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنظر تهذيب كمال ج 14، ص 79، رقم: 3064. (5) – هو عبيد الله بن موسى بن أبي المختار، مولاهم أبو محمد الكوفي المتوفى (213) [ * ]

[ 597 ]

أبي الطفيل، عن حذيفة أو عمار، قال: تجسسوا على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ليلة العقبة الثلاثة وصاحبا البصرة (1) وعمرو بن العاص، وأبو مسعود، وأبو موسى، وقد ذكر جماعة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم). فكيف يوقف على أخبار قوم هذه صفتهم، ويعدل بهم قوم قد برأهم الله من النفاق، وأظهر أمرهم لا يعادل بهم، ومن جللهم الرسول، و دعا لهم بإذهاب الرجس عنهم لا يفرق بهم عمن قد شرحنا أمرهم. 267 – وروى عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: حدثتني أم سلمة – حيلولة -. 268 – وروى علي بن قادم (2)، قال: حدثني أبو إسرائيل، عن زبيد اليامي (3) عن شهر بن حوشب (4).


أنظر تهذيب الكمال ج 19 ص 164 رقم: 3689. (1) – وفي ” ش “: الاول والثاني والثالث وطلحة والزبير. (2) – هو: علي بن قادم الخزاعي أبو الحسن الكوفي المتوفى (212)، أنظر تهذيب الكمال ج 21، ص 106 رقم: 4122. (3) – هو: زبيد بن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو بن كعب اليامي أبو عبد الله الكوفي المتوفى (122) أنظر تهذيب الكمال ج 9، ص 289 رقم: 1957. وفي النسخة كان الهامي لعله سهو مطبعي أو من النساخ. (4) – هو: شهر بن حوشب الاشعري، أبو سعيد، المتوفى (112) أنظر تهذيب الكمال ج 12، ص 578، رقم: 2781. [ * ]

[ 598 ]

عن أم سلمة، قالت: جمع رسول الله أهل بيته فجللهم، وقال: اللهم هؤلاء أهلي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فهؤلاء أهل بيته وذريته الذين شهد لهم رسول الله بما أتاهم من علم الكتاب وشهدوا على الناس بما أوتي (1) إليهم من علم الكتاب، وهم أهل الذكر وحملة الكتاب وخزان الوحي، وأمناء الله في أرضه، وحجته على عباده، وهم آل محمد وذريته الباقون من بعد نوح التي بارك الله عليها. حيث يقول: (ذرية من حملنا من نوح) (2)، فجعل الله بقية الخلق من بعد نوح الذرية التي بارك عليها حيث يقول: (ذرية من حملنا) ويقول: (ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب) (3)، ويقول: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد) (4)، فهذه هي التي جعلها الله في الذرية وقد أنبأنا أنه جعل الكتاب حيث جعل النبوة فقال: (هذا ذكر من معي وذكر من قبلي) (5)، والذكر الكتاب. 269 – وذكر إبن أبي عمير، عن أبيه، عن صالح الاسود، قال: سمعت


(1) – وفي ” ش “: بما أنهوا. (2) – سورة الاسراء الاية: 3. (3) – سورة الحديد الاية: 26. (4) – سورة هود الاية: 73. (5) – سورة الانبياء الاية: 24. [ * ]

[ 599 ]

محمد بن عمر، قال: (ذكر من معي) نحن و (ذكر من قبلي) هم ؟ ! فهل يستقيم لاحد إتبع الكتاب من يهود أو نصارى من قبائل العرب وشعوب العجم أن يقولوا: نحن صفوة الله دون آل عمران، ونحن الذين أوتوا الكتاب دونهم، ونحن أعلم بالكتاب منهم، فمن قال ذلك كذبه القرآن، قال الله تعالى: (ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب) (1) وقال: (ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) (2). فقد بين لكم أنه إصطفى آل عمران، وأنه أورثهم الكتاب من بعد موسى وجعل منهم أئمة يهدون بأمره، ثم بين في الكتاب أنه إصطفى آل ابراهيم وآل عمران وأنهم ذرية بعضها من بعض، ثم قال: في هذه الامة (ثم أورثنا الكتاب إصطفينا من عبادنا) (3)، فمنهم يعني آل محمد خاصة ورثة الذين ذكرنا، وذكر إبراهيم بن يحيى الثوري، قال: 270 – حدثنا صفوان بن مهران (4) قال: سأل رجل أبا جعفر (عليه السلام)


(1) – سورة غافر الاية: 53. (2) – سورة السجدة، الاية: 24. (3) – سورة فاطر، الاية: 32. (4) – هو: صفوان بن مهران الجمال أبو محمد الاسدي الكوفي المتوفى (.) أنظر معجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج 9 ص 121 رقم: 5921. وقاموس الرجال للتستري ج 5، ص 502 رقم: 3684. [ * ]

[ 600 ]

فقال: بأبي وأمي أنتم، بم فضلتم على غيركم من بني أبيكم ؟ قال: بأربع، قال: وما هي ؟ قال: لنا من الله الطهارة، وذلك قوله [ تعالى ]: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1) ولنا من رسول الله الولادة، ولنا من كتاب الله الواراثة، وذلك قوله: (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (2)، ولنا الانفال خاصة لا يدعي فيها إلا كذاب ولا يمنعناها الا ظالم، وقد قال: رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ما ولت أمة أمرها رجلا وفيهم من هو أعلم منه الا لم يزل أمرها يذهب سفالا حتى يرجعوا إلى ما تركوا. 271 – وروى محمد بن النعمان بن عبد السلام، قال: حدثنا مسدد (3) عن خالد بن عبد الله الواسطي (4) عن أبي علي حسين الرحبي (5) عن عكرمة (6).


(1) – سورة الاحزاب، الاية: 33. (2) – سورة فاطر: الاية: 32. (3) هو – مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مرعبل الاسدي أبو الحسن البصري المتوفى (228) أنظر تهذيب الكمال ج 27، ص 443، رقم: 5899. (4) – تقدمت ترجمته. (5) – هو: الحسين بن قيس الرحبي أبو علي الواسطي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 6، ص 465، رقم: 1330. (6) – هو: عكرمة القرشي الهاشمي أبو عبد الله المدني التوفى (104)، مولى عبد الله بن [ * ]

[ 601 ]

عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ما من قوم أمروا أميرا وفيهم من هو أرضى عند الله منه الا خانوا الله وكتابه ورسوله والمؤمنين. 272 – قال وحدثني إبراهيم بن ميمون (1) وعثمان بن سعيد (2)، قالا: حدثنا علي بن عابس (3) عن الحارث بن حصيرة (4) عن القاسم بن جندب (5)، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أسكب لي وضوء أتوضأ، ثم قام فتوضأ، ثم قام فصلى ركعتين، ثم قال:


عباس. أنظر تهذيب الكمال ج 20، ص 264، رقم: 4009. (1) – هو: ابراهيم بن محمد بن ميمون الكوفي، أنظر الجحر والتعديل ج 2، ص 128، رقم: 400. (2) – لم يعلم رويته عن علي بن عابس. (3) – هو: علي بن عابس الاسدي الازرق الكوفي الملائي، بياع الملاء، أنظر تهذيب الكمال ج 20 ص 502 رقم: 4093. وفي ” ح ” أيضا: عابس، وفي المطبوع عائش وهو خطأ. (4) – هو: الحارث بن حصيرة الازدي أبو النعمان الكوفي، أنظر معجم رجال الحديث ج 4، 192، رقم 2463. وتهذيب الكمال ج 5، ص 224، رقم: 1015. والجرح والتعديل ج 2، ص 72، رقم: 331. (5) – لم أجد له ترجمة الا أن المزي قال في تهذيب الكمال ج 5 ص 225 في ترجمة الحارث: روى عن القاسم بن جندب. كما وقع في طريق أبو نعيم والخوارزمي وابن عساكر. [ * ]

[ 602 ]

يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين، وخاتم الوصيين، [ قال أنس ]: قلت: اللهم إجعله رجلا من الانصار، وكتمته، إذ جاء علي، فقال: من هذا يا أنس ؟ قلت: علي، فقام مستبشرا فاعتنقه، ثم جعل يمسح عرقه بوجهه، ويسمح عرق وجهه بوجه علي، فقال علي: يارسول الله، لقد رأيتك صنعت بي شيئا ما صنعته بي قط، قال: وما يمنعني ؟ وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما إختلفوا فيه من بعدي، وهذا من طريق أنس بن مالك (1).


(1) – روى الحديث أبو نعيم الاصبهاني في حلية الاولياء ج 1 ص 63، وأورد الخوارزمي أيضا على نحو ما ورد في المتن في المناقب ط النجف، ص 42، كما روى إبن عساكر في ترجمة الامام علي عليه السلام من تاريخ دمشق ج 2، ص 259. [ * ]

[ 603 ]

علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين بلسان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: 273 – وروى من طريق عائشة ومولاها ما ذكره عثمان بن سعد قال: حدثنا محمد بن كثير عن إسماعيل بن زياد عن أبي إدريس، عن رافع مولى عائشة، قا: كنت خادما لعائشة، وأنا غلام أعاطيهم، إذ كان رسول الله عندها، إذ جاء جاء فدق الباب، فخرجت إليه، فإذا جارية معها إناء مغطى، فرجعت إلى عائشة فأخبرتها، فقالت: أدخلها فدخلت، فوضعت بين يدي عائشة الاناء، فوضعته عائشة بين يدي رسول الله، فمد يده يأكل، فقال: ليت أمير المؤمنين وسيد المسلمين وخير أمتي يأكل معي، فقالت عائشة: من أمير المؤمنين خير أمك ؟ فسكت، ثم أعادها (صلى الله عليه واله وسلم) فسألته، فسكت فجاء جاء فدق الباب، فجئت إليه، فإذا علي (عليه السلام) فرجعت إلى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فأخبرته، فقال: أدخله ثم قال له: مرحبا وأهلا، لقد تمنيتك ولو أبطأت علي لسألت الله أن يجيئني بك، إجلس فكل، فجلس فأكل، (1) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): قاتل الله من يقاتلك، وعادى الله من يعاديك، فقالت عائشة: من يقاتله ومن يعاديه ؟ فسكت، ثم أعادتها، فقالت: من يقاتله ومن يعاديه ؟ فقال النبي [ صلى الله عليه واله وسلم ]: أنت ومن معك (2)، [ وهذا من طريق عائشة ومولاها، (ح) ].


(1) – إلى هنا ذكر الاربلي (ره) في كشف الغمة، ج 1، ص 343. (2) قال العلامة المجلسي في بحار الانوار المجلد الثامن ط القديم ص 420، نقلا = [ * ]

[ 604 ]


= عن كشف اليقين للعلامة الحلي رحمه الله: من كتاب المعرفة لابراهيم بن محمد الثقفي عن عثمان بن سعد عن محمد بن كثير عن إسماعيل بن زياد عن أبي إدريس، عن نافع مولى عائشة قال: كنت خادما لعائشة وأنا غلام أغاطيهم إذا كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عندها فبينا رسول الله عند عائشة إذ جاء جاء فدق الباب فخرجت إليه فإذا جارية معها إناء مغطى فرجعت إلى عائشة فأخبرتها فقالت: أدخلها فدخلت فوضعته بين يدي عائشة فوضعته عائشة بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فمد يده يأكل ثم قال: ليت أمير المؤمنين وسيد المسلمين كان حاضرا كي يأكل معي قالت عائشة: ومن أمير المؤمنين ؟ فسكت ثم أعادت فسألت ؟ فسكت ثم جاء جاء فدق الباب فخرجت إليه فإذا علي بن أبي طالب فرجعت إلى النبي صلى الله عليه واله فأخبرته فقال: أدخله ففتحت له الباب فدخل فقال: مرحبا وأهلا لقد تمنيتك حتى لو أبطأت علي لسألت الله أن يجئ بك إجلس فكل. فجلس فأكل، فقال رسول الله صلى الله عليه واله: قاتل الله من يقاتلك ومن يعاديك فسكت ثم أعادها فقالت عائشة: من يقاتله ومن يعاديه ؟ قال: أنت ومن معك انت ومن معك. أنظر الطبعة الجديدة ج 32 ص 281 الرقم: 229. وذكر أيضا الشيخ الفقيه أبا الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن القمي المعروف بابن شاذان من أعلام القرن الرابع في مأة منقبة ط قم ص 75 المنقبة الثالثة والاربعون: حدثني الشريف أبو جعفر محمد بن أحمد بن عيسى العلوي رحمه الله قال: حدثني محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثني حماد بن مهران، قال: حدثني عبد العظيم بن عبد الله الحسني، قال: حدثنا محمد بن علي، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثني إسماعيل بن زياد البزاز، عن أبي إدريس، عن رافع مولى عائشة قال: كنت غلاما أخدم عائشة، فكنت إذا = [ * ]

[ 605 ]

فلا نعلم أحدا يقدر على دفع العيان الا مكابرة، وفيما حكيناه دليل على إقامته. 274 – وروى ابن ميمون، عن علي بن عامر، عن أبي الجحاف – حيلولة – وعن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت


= كان النبي صلى الله عليه واله عندها قريبا أعاطيهم. قال: فبينما النبي صلى الله عليه واله عندها ذات يوم (وإذا داق يدق) الباب فخرجت إليه، فإذا جارية معها طبق مغطى، قال: فرجعت إلى عائشة فأخبرتها، فقالت: أدخلها فدخلت، فوضعته بين يدي عائشة، فوضعته عائشة بين يدي النبي صلى الله عليه واله، فجعل يتناول منه ويأكل، وخرجت الجارية، فقال النبي صلى الله عليه واله: ليت أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وإمام المتقين، يأكل معي. فقال عائشة: ومن (هو يارسول الله المجتمعة فيه هذه الخصال) ؟ فسكت، ثم أعاد الكلام مرة أخرى، فقال عائشة مثل ذلك، فسكت النبي صلى الله عليه واله (فجاء أحد ودق علينا) الباب، فخرجت إليه. فإذا هو علي بن أبي طالب عليه السلام. قال: (فرجعت وقلت للنبي صلى الله عليه واله: علي على الباب. فقال: أدخله، ثم قال: يا أبا الحسن) مرحبا وأهلا بك لقد تمنيتك مرتين حتى لما أبطأت علي سألت الله عزوجل أن يأتيني بك، إجلس وكل، فجلس وأكل معه. ثم قال النبي صلى الله عليه واله: يا علي قاتل الله من قاتلك وعادى من عاداك. فقالت عائشة: ومن يقاتله، ومن يعاديه ؟ قال: أنت ومن معك – مرتين – أيديهم أيديهم معك – مرتين – ترضين بذلك ولا تنكريه. كما أوردنا في كتابنا ” الاربعون حديثا “، الحديث السادس والثلاثون ص 155 / 157 ط بيروت. [ * ]

[ 606 ]

هذه الاية في علي (عليه السلام): (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) (1). 275 – وروى ابراهيم بن يحيى الثوري (2) قال: حدثنا مختار العبدي (3) قال: حدثنا السدي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قول الله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) (4) قال: بفضل الله والنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ورحمته علي (عليه السلام) (5)


(1) – سورة المائدة، الاية: 67. قال ابن الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري المتوفى (468) في أسباب النزول، ط بيروت، ص 115: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي الصفار، قا: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي، قال: أخبرنا محمد بن حمدون بن خالد، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم الخلوتي، قال: حدثنا الحسن بن حماد سجادة، قال: حدثنا علي بن عابس، عن الاعمش وأبي حجاب، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الاية: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك) – يوم غدير خم في علي بن ابي طالب رضي الله عنه. (2) لم أجد له ترجمة وافية، وله اسم في معجم رجال الحديث ج 2 ص 355 ر. قم: 338. (3) – هو: مختار بن غسان بن مختار التمار العبدي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 27، ص 318، رقم: 5826. (4) – سورة يونس، الاية: 58. (5) – قال الخطيب البغدادي في تاريخه ج 5، ص 15 ذيل ترجمة أحمد بن أبو العباس: أخبرنا أبو عمر بن مهدي أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي = [ * ]

[ 607 ]


= الحافظ، حدثنا يعقوب بن يوسف بن زياد، حدثنا نصر بن مزاحم، حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس: (قل بفضل الله وبرحمته) بفضل الله النبي صلى الله عليه وسلم، وبرحمته علي. وروى أيضا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 2، ص 426، كما ذكر الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج 1، ص 268، رقم: 365. وذكر أيضا جلال الدين عبد الرحمان السيوطي في الدر المنثور ج 4، ص 368. وذكر أيضا شيخ الطائفة الطوسي في التبيان ج 5، ص 397، قال: وقال أبو جعفر عليه السلام: (بفضل الله) يعني الاقرار برسول الله، و (برحمته) الائتمام بعلي عليه السلام. وروى أيضا العياشي في تفسيره ج 2، ص 124 على نحو ما تقدم. وروى العلامة البحراني في تفسير البرهان ج 2 ص 188، وفي ذيله حديث طويل عن ابن بابويه الصدوق في كتاب الامالي، ص 443، ط لنجف وهذا نصه: عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وهو راكب وخرج علي عليه السلام وهو يمشي فقال له: يا أبا الحسن إما أن تركب وإما أن تنصرف فان الله عزوجل أمرني أن تركب إذا ركبت وتمشي إذا مشيت وتجلس إذا جلست الا أن يكون حد من حدود الله لابد لك من القيام والقعود فيه وما أكرمني الله بكرامة الا وقد أكرمك بمثلها وخصني بالنبوة والرسالة وجعلك وليي في ذلك تقوم في حدوده وفي صعب أموره والذي بعث محمدا بالحق نبيا ما آمن بي من أنكرك ولا أقر بي من جحدك ولا آمن بالله من كفر بك وإن فضلك لمن فضلي وإن فضلي لك لفضل الله وهو قول ربي عزوجل: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) = [ * ]

[ 608 ]

276 – قال: وسمعت المسعودي، قال: قال شريك: في قول الله: (يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة) (1) قال: في ولاية علي. 277 – وروى نوح بن دراج، عن إبراهيم النخعي، عن عبد الله ابن عباس، في حديث طويل، قال: دخلنا على أمير المؤمنين، فقلنا: يا أبا الحسن أخبرنا بما أوصى اليك رسول الله، فقال: إني سأخبركم، قال:


= ففضل الله نبوة نبيكم ورحمته ولاية علي بن أبي طالب فبذلك قال بالنبوة والولاية فليفرحوا – يعني الشيعة – هو خير مما يجمعون – يني مخالفيهم من الاهل والمال والولد في دار الدنيا – والله يا علي ما خلقت الا لتعبد ربك، وليعرف بك معالم الدين، ويصلح بك دارس السبيل وقد ضل من ضل عنك ولن يهتدي إلى الله عزوجل من لم يهتد اليك والى ولايتك وهو قول ربي عزوجل (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم إهتدى) يعني إلى ولايتك ولقد أمرني ربي تبارك وتعالى ان افترض من حقك ما افترضه من حقي وإن حقك لمفروض على من آمن بي ولولاك لم يعرف حزب الله وبك يعرف عدو الله ومن لم يلقه بولايتك لم يلقه بشئ ولقد نزل الله عزوحل الي (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك – يعني في ولايتك يا علي – وإن لم تفعل فما بلغت رسالته) ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولاييتك لحبط عملي ومن لقي الله عزوجل بغير ولايتك فقد حبط عمله وعدا ينجز لي وما أقول الا قول ربي تبارك وتعالى: وإن الذي أقول لمن الله عزوجل أنزله فيك. وروى العلامة الطبرسي في مجمع البيان ج 5، ص 117. والعلامة المجلسي في البحار ج 1، ص 217. (1) – سورة البقرة، الاية: 208. [ * ]

[ 609 ]

إن الله إصطفى لكم الدين وإرتضاه لكم وتمم عليكم نعمه وكنتم أحق بها وأهلها، الله الله يا علي إحفظ وصيتي، وارع ذمامي، وأوف بعهدي وأنجز موعدي، واقض ديني، وكن مكاني، وقم مقامي، وأحي سنتي وأدع من يجئ إلى ملتي، إن الله تعالى لما إصطفاني، وإختارني، ذكرت دعوة موسى، فقلت: إلهي إجعل لي وزيرا، فأوحى الله إلي: إن عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك، فأنت يا علي وولدك أئمة الهدي، وأنتم قادة التقى، وبقية عترة المصطفى، أنتم الذين أوجب الله على العباد مودتكم وولايتكم، وأنتم الشجرة التي أنا أصلها وأنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا، ومن تخلف عنها فقد هوى، أنتم الذين ذكركم الله في كتابه، ووصفكم لعباده، فقال: (إن الله إصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض) (1) فأنتم صفوة الله من آدم وسلالته من نوح، والال من ابراهيم والاسرة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد (صلى الله عليه واله وسلم) (2).


(1) – سورة آل عمران، الاية: 33. (2) – إلى هنا ذكر العلامة المجلسي في البحار، ج 33، ص 221، باختلاف طفيف وهذا نصه: شيخ الطائفة باسناده عن ابراهيم بن النخعي عن ابن عباس قال: دخلت على أمير المؤمنين عليه السلام فقلت: يا أبا الحسن أخبرني بما أوصى اليك رسول الله صلى الله عليه واله، قال: سأخبركم، إن الله اصطفى لكم الدين وارتضاه، وأتم نعمته عليكم، وكنتم أحق بها وأهلها، وأن الله أوحى لى نبيه أن يوصي الي فقال النبي صلى الله عليه واله: يا علي إحفظ وصيتي، = [ * ]

[ 610 ]

فاصبر يا علي على قضاء الله حلوه ومره، أما أنهم سيظهرون لك من بعدي ما كتموا ويعلنون لك ما أسروا، فإن أتوك فتابعوك طائعين غير مكرهين، فاقبلهم فحظهم الاوفى أصابوا، وربهم أطاعوا، ونبيهم أرضوا وإن أزالوا الحق عنك عداوة وضغنا فحظهم نقصوا، وربهم عصوا، ونبيهم أسخطوا والذي سيصير الامر إليه يا علي سيموت ويدعها ليس بمخلد فيها فلا تزاحمهم على دنياهم، ولا تبع باقيا بفان، وائتني مظلوما، ولا تأتني ظالما، واعلم أنك ما تصير إليه خير مما أنت فيه. 278 – حدثنا أبو حفص عمر بن علي بن يحيى، قال: حدثنا قيس بن


= وارع ذمامي وأوف بعهدي، وأنجز عداتي، واقض ديني، وأحي سنتي، وادع إلى ملتي، لان الله تعالى اصطفاني واختارني فذكرت دعوة أخي موسى فقلت: اللهم اجعل لي وزيرا من أهلي كما جعلت هارون من موسى، فأوحى الله عزوجل إلي أن عليا وزيرك وناصرك والخليفة من بعدك، ثم يا علي أنت من أئمة الهدى، وأولادك منك، فأنتم قادة الهدى والتقى، والشجرة التي أنا أصلها، وأنتم فرعها، فمن تمسك بها فقد نجا ومن تخلف عنها فقد هلك وهوى، وأنتم الذين أوجب الله تعالى مودتكم وولايتكم والذين ذكرهم الله في كتابه ووصفهم لعباده فقال عزوجل من قائل: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) فأنتم صفوة الله من آدم ونوح وآل ابراهيم وآل عمران، وأنتم الاسرة من إسماعيل، والعترة الهادية من محمد صلى الله عليه وعليهم. [ * ]

[ 611 ]

حفص، قال: حدثنا يونس (1)، عن علي بن حزور (2)، عن الاصبغ ابن نباته (3) عن علي (عليه السام)، قال: إذا جمع الله الاولين والاخرين فخير الناس سبعة كلهم من ولد عبد المطلب، يدعى نبيكم خير الانبياء، من ولد عبد المطلب، ووصيي نبيكم سيد الاوصياء من ولد عبد المطلب، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، من ولد عبد المطلب، وحمزة سيد الشهداء من ولد عبد المطلب، وجعفر ذو الجناحين من ولد عبد المطلب، والمهدي الذي يخرج في آخر الزمان من ولد عبد المطلب، نحلة من الله لم يعط الاولين والاخرين مثلها. (4)


(1) – هو: يونس بن بكير بن واصل الشيباني الجمال الكوفي المتوفى (199). أنظر تهذيب الكمال ج 32 ص 493 رقم: 7171. (2) – هو: علي بن الحزور الغنوي الكوفي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 20 ص 366 رقم: 4039. (3) – هو: أصبغ بن نباتة التميمي، ثم الحنظلي أبا القاسم الكوفي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 3، ص 308، رقم: 537. (4) – قال ابن المغازلي في المناقب ص 48 أخبرني أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن عبد الله البيع البغدادي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت المالكي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الانباري النحوي قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قال: حدثني سعد بن عبد الحميد قال: حدثنا عبد الله بن زياد الهمامي = [ * ]

[ 612 ]


= قال: حدثنا عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا، وعلي وجعفر ابنا أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، والحسن والحسين عليهم السلام. وروى أحمد بن عبد الله الطبري في ذخائر العقبى ص 15 و 89 والخطيب البغدادي في تاريخه ج 9 ص 434. والعلامة السمهودي في الاشراف على فضل الاشراف ص 65 مخطوط كما في احقاق الحق ج 18 ص 418 و 419، ج 19 ص 666. كما روى الكليني (ره) في الكافي ج 1 ص 450 محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الحسين بن علوان لكلبي عن علي بن الحزور القنوي عن أصبغ بن نباته الحنظلي قال: رأيت أمير المؤمنين عليه السلام يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله صلى الله عليه واله ثم قال: أيها الناس الا خبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله، فقام إليه أبو ايوب الانصاري فقال: بلى ايأمير المؤمنين حدثنا فانك كنت تشهد ونغيب، فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم الا كافر ولا يجحد به الا جاحد، فقام عمار بن ياسر رحمه الله فقال: يا أمير المؤمنين سمهم لنا نعرفهم فقال: إن خير الخلق يوم يجمعهم الله الرسل وإن أفضل الرسل محمد صلى الله عليه واله وإن أفضل كل أمة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي، الا وإن أفضل الاوصياء وصي محمد عليه واله السلام، الا وان افضل الخلق بعد الاوصياء الشهداء، الا وان افضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة، لم ينحل أحد من هذه الامة جناحان غيره، شئ كرم الله به محمدا صلى الله عليه واله وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهدي عليهم السلام، يجعله الله من شاء منا أهل لبيت، ثم تلا هذه الاية (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع = [ * ]

[ 613 ]

279 – وروى يحيى بن عبد الحميد، (1) قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش عن عباية الاسدي، عن أبي أيوب الانصاري، أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال لفاطمة (عليه السلام): إن أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطه أحدا من الاولين قبلنا ولا يدركها أحد من لاخرين غيرنا. نبينا خير لانبياء وهو أبوك، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمك، ومن له جناحان يطير بهما في الجنة حيث يشاء وهو جعفر بن أبي طالب ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة، ومهديهم ولدك (2).


= الذين أنعم الله عليهم من النبيين ولصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا * ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما) الايتان 70 و 71 من سورة النساء. وروى العلامة المجلسي في البحار ج 22 عن الكافي كما تقدم. (1) – هو: يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمان بن ميمون أبو زكريا الكوفي المتوفى (228). أنظر تهذيب الكمال ج 31 ص 419 رقم: 6868. (2) – وقال الهيثمي في مجمع لزوائد ج 9، ص 168. وعن علي بن علي الهلالي عن أبيه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكاته التي قبض فيها فإذا فاطمة رضي الله عنها عند رأسه قال فبكت حتى إرتفع صوتها فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفه إليها فقال: حبيبتي فاطمة ما الذي تبكيك فقالت: أخشي الضيعة بعدك فقال: يا حبيبتي أما علمت أن الله عزوجل إطلع إلى الارض إطلاعة فاختار منها أباك فبعثه برسالته ثم إطلع إلى الارض إطلاعة فاختار منها بعلك وأوحى إلي أن أنكحت إياه، يا فاطمة ونحن أهل بيت قد أعطانا الله سبع خصال لم تعط لاحد قبلنا ولا تعطي أحدا بعدنا أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله وأحب = [ * ]

[ 614 ]


= المخلوقين إلى الله عزوجل وأنا ابوك ووصيي خير الاوصياء وأحبهم إلى الله وهو بعلك وشهيدنا خير الشهداء واحبهم إلى الله وهو عمك حمزة بن عبد المطلب، وعم بعلك ومنا من له جناحان أخضران يطير مع الملائكة في الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه اامة وهما إبناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق خير منهما يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منهما مهدي هذه الامة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيرا، ولا صغير يوقر كبيرا، فيبعث الله عزوجل عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفا يقوم بالدين آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان ويملا الدنيا عدلا كما ملئت جورا، يا فاطمة لا تحزني ولا تبكي فان الله عزوجل أرحم بك وأرأف عليك مني وذلك لمكانك من قلبي وزوجك الله زوجا وهو أشرف أهل بيتك حسبا وأكرمهم منصبا وأرحمهم بالرعية وأعدلهم بالسوية وأبصرهم بالقضية، وقد سألت ربي عزوحل أن تكوني أول من يلحقني من أهل بيتي، قال علي رضي الله عنه فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم تبق فاطمة رضي الله عنها بعده الا خمسة وسبعين يوما حتى ألحقها الله عزوجل به صلى الله عليه واله وسلم. وعن أبي أيوب الانصاري، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة: نبينا خير الانبياء وهو أبوك وشهيدنا خير الشهداء وهو عم أبيك حمزة ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء وهو ابن عم أبيك جعفر، ومنا سبطا هذه الامة الحسن والحسين وهما ابناك ومنا المهدي. أقول: أورد الحديث المغازلي في المناقب ص 101 مفصلا، وفيه: يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الاولين ولا الآخرين قبلنا أو قال: ولا يدركها أحد = [ * ]

[ 615 ]

280 – وحدثنا عمرو بن أبي المقدام (1)، عن يونس بن خباب (2)، عن أبي جعفر، محمد بن علي (عليهما السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): ما بال أقوام إذا ذكر آل ابراهيم وآل موسى وآل عيسى إستبشروا، وإذا ذكر آل محمد إشمأزت قلوبهم !، والذي نفس بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولاية أهل بيتي (3).


= منا لآخرين غيرنا، نبينا أفضل الانبياء وهو أبوك، ووصينا خير الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو: عم أبيك، ومنا من له جناحان يطر بهما في الجنة حيث يشاء وهو: جعفر ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة وهما إبناك، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الامة. وروى الحديث الطبراني في المعجم الصغير ج 1 ص 67 رقم: 88 وروى القندوزي في ينابيع المودة، ص 223 و 436 ومحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري في ذخائر العقبى، ص 135. وابن صباغ المالكي المتوفى (855) في فصول المهمة ص 296. وأورد الحديث مفصلا، ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 1 ص 394، ط بيروت. (1) – هو: عمرو بن ثابت بن هرمز البكري أبو محمد ويقال: أبو ثابت الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 21 ص 553 رقم: 4333. (2) – هو: يونس بن خباب الاسيدي أبو حمزة الكوفي المتوفي (.) أنظر تهذيب الكمال ج 32، ص 503 رقم: 7174. (3) – قال العلامة المجلسي (ره) في البحار ح 23، ص 221 رقم: 23 نقلا عن كنز = = جامع الفوائد: عن شيخ الطائفة، عن أبي جعفر القلانسي، عن الحسين بن الحسن، عن [ * ]

[ 616 ]

281 – وحدثنا أبو حفص، قال: حدثنا عمر بن الخطاب الراسبي (1) قال: حدثنا سكين عبد العزيز (2)، عن هلال بن خباب (3) عن أبيه، قال: خطبنا علي (عليه السلام) فقال في خطبة: نحن والله الذي لا اله غيره أئمة العرب ومنار الهدى حبنا أهل البيت والايمان معا، من تقدمنا هلك، ومن تخلف عنا ضل. قال: وأشار بإصبعيه. 282 – وروى عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا حريز عن الاعمش عن طارق بن شهاب قال: لما قدم عمر الشام لقيته أسقفتها ورؤسها، وقد تقدمه العباس بن عبد المطلب على فرس، وكان العباس جميلا بهيا،


عمرو بن أبي المقدام، عن يونس بن خباب، عن الباقر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى لله عليه واله وسلم: ما بال أقوام إذا ذكروا آل ابراهيم وآل عمرن إستبشروا، وإذا ذكروا آل محمد (صلى الله عليه واله وسلم) إشمأزت قلوبهم ؟ والذي نفس محمد بيده لو أن أحدهم وافى بعمل سبعين نبيا يوم القيامة ما قبل الله منه حتى يوافي بولايتي وولية علي بن أبي طالب. (1) – هو: عمر بن الخطاب بن زكريا الراسبي، أنظر تهذيب الكمال ج 21 ص 315 رقم: 4224. (2) – هو: سكين بن عبد العزيز بن قيس العبدي العطار البصري، أنظر تهذيب الكمال ج 11 ص 209 رقم: 2423. (3) – هو: هلال بن خباب العبدي أبو العلاء البصري، أنظر تهذيب الكمال ج 30 ص 330 رقم: 6616. [ * ]

[ 617 ]

فجعلوا يقولون: هذا أمير لمؤمنين، ويقولون له السلام عليك يا أمير المؤمنين فيقول: لست بأمير المؤمنين وأمير المؤمنين ورائي، وأنا والله أولى بالامر منه، فسمعه عمر قال: ما هذا يا أبا الفضل ؟ قا: هو الذي سمعت، فقال: لكني أنا وإياك قد خالفنا بالمدينة من هو أولى بها مني ومنك، قال العباس: ومن هو ؟ فقال: علي بن أبي طالب قل: فما الذي منعك وصاحبك أن تقدماه ؟ فقال: خشية أن يتوارثها عقبكم إلى يوم القيامة، وكرهنا أن تجتمع لكم النبوة والخلافة ! !. قال له العباس: إن من حسدنا فإنما يحسد رسول الله. 283 – وروى يزيد بن هارون عن المسعودي عن القاسم ابن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعود، قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه واله)، وأصحابه عنده حفل مجتمعون وفيهم علي بن أبي طالب فخط رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) خطا بين يديه، وخطا إلى جانبه فقال: هذا السبيل وأشار إلى علي (عليه السلام) وهذه السبل وأشار إليهم فتفرق بكم عن سبيله وأشار إليه ذلكم وصاكم به وأشار إلى السماء لعلكم تعقلون. 284 – قال: وحدثنا علي بن جعفر المديني (1)، عن ابيه (2)، عن


(1) – هو: علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي، أبو الحسن ابن المديني المتوفى (234) أنظر تهذيب الكمال ج 21، ص 5، رقم: 4096، وفي النسخة المدني غلط. (2) – هو: عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي مولاهم أبو جعفر المديني المتوفى (178) = = أنظر تهذيب الكمال ج 14، ص 379 رقم: 3206. [ * ]

[ 618 ]

سهيل بن ابي صالح، (1) عن ابيه (2)، عن ابي هريرة، قال: نظر رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) إلى علي بن بي طالب، فقال: هذا باب الهدى الذي من دخله كان آمنا وهو حجة الله على عباده. قال علي المديني: عجبا للمخذول أبي هريرة، يروي مثل هذا عن نبي الله، ثم يخالف عليا ويكون مع معاوية. 285 – وروى أبو وليد الكناني فيما رواه، عن حبيب الاعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن عمر، في تحلل علي عند موته، فقال له علي (عليه السلام): على أن تشهد لي شاهدين بظلمك إياي، فأبى عمر ذلك، فقال له ابن عمر بعد خروج علي (عليه السلام): قد أنصفك الرجل ؟، فقال عمر: أسكت، أراد أن لا يترحم على أبيك رجلان (3).


(1) – هو: سهيل بن ابي صالح، واسم ابيه ذكوان السمان، أبو يزيد المدني، أنظر تهذيب الكمال، ج 12، ص 223، رقم: 2629. وفي النسخة سهل وهو غلط. (2) – هو: ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني المتوفى (101) أنظر تهذيب الكمال، ج 8، ص 513 رقم: 1814. (3) – قال العلامة البياضي في الصراط المستقيم، ج 3 ص 24: وقال ابن عمر لابن أبي بكر: أكتم على ما أقول، إن أبي لما حضرته الوفاة بكى، فقلت: مم ؟ قال: آت عليا ليحلني وأردد عليه الامر ! فلما جاء قال له ذلك، قال: أجيبك على أن تشهد رجلين من الانصار ورجلين من المهاجرين أنك وصاحبك ظلمتماني، فحول أبي وجهه، فخرج علي، فقلت: قد أجابك فأعرضت عنه ؟ ! فقال: يا أحمق أراد أن لا يصلي علي أحد. [ * ]

[ 619 ]

286 – وروى أحمد بن يونس الضبي (1) قال: حدثنا جندل بن والق (2) قال: حدثنا محمد بن عمر المازني (3) عن منصور بن مهاجر (4) عن إسماعيل بن أبي زياد (5) عن برد بن أبي بشار (6) عن مكحول عن بشر بن عطية. قال: لعن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ثلاثة فقال: الا لعنة الله والملائكة أجمعين على من إنتقصني من حقي شيئا، وعلى من آذى عترتي وأهل بيتي، وعلى من إستخف بولايتي، وولاية علي من ولايتي (7). * (هامس) * (1) – هو: أحمد بن يونس بن المسيب أبو العباس الضبي الكوفي المتوفى (268)، أنظر تاريخ بغداد، ج 5، ص 223، رقم: 2699. وسير اعلام النبلاء ج 12، ص 595. رقم: 226. (2) – هو: جندل بن والق بن هجرس التغلبي أبو علي الكوفي المتوفى (226). انظر تهذيب الكمال ج 5، ص 150، رقم: 977. (3) روى عنه جندل بن والق أنظر ترجمة جندل. (4) – هو: منصور بن مهاجر الواسطي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 28، ص 555، رقم: 6202. (5) – هو: إسماعيل بن أبي زياد السكوني، قاضي الموصل. أنظر تهذيب الكمال ج 3، ص 96 رقم: 446. (6) – لعله برد بن سنان الشامي. أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 43. (7) أنظر كنز العمال ج 16 ص 99. رقم الحديث: 44057. ينابيع المودة، ص 397 و الاشراف على فضل الاشراف ص 81 نسخة الظاهرية كما في إحقاق الحق ج 18 ص 457. [ * ]


[ 620 ]

287 – وروى سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبو نعيم، عن عبد الملك بن أبي عتبة، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. عن بريدة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): يا بريدة الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قلت: بلى، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، هو وليكم من بعدي يا بريدة (1). 288 – وروى الحسن بن الحسين العرني (2) عن كادح [ بن جعفر ] (3) عن ابن لهيعة، عن مسلم بن يسار. عن جابر بن عبد الله الانصاري، أن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال لعلي (عليه السلام): أنت تؤدي ذمتي، وتقاتل على سنتي، وأن احق معك والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك وإن الايمان مخالط لحمك ودمك، كما خالط لحمي ودمي (4).


(1) – تهذيب الكمال ج 11 ص 100 وتاريخ الاسلام للذهبي ج 2 (عهد) الخلفاء ص 629 فراجع. (2) – هو: الحسن بن الحسين العرني الكوفي أنظر لسان الميزان ج 2، ص 199 الرقم: 904. (3) – هو: كادح بن جعفر أبو عبد الله الكوفي، روى عن عبد الله بن لهيعة، أنظر الجرح والتعديل ج 7 ص 176 الرقم: 1006. (4) – قال ابن المغازلي في المناقب، ص 237: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن القصاب البيع رحمه الله حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجاني حدثنا ابو الحسن علي بن سليمان بن يحيى، حدثنا عبد الكريم بن علي، حدثنا جعفر بن محمد = [ * ]

[ 621 ]


= بن ربيعة البجلي، حدثنا الحسن بن الحسين العرني، حدثنا كادح بن جعفر، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمان بن زياد، عن مسلم بن يسار، عن جابر بن عبد الله، قال: لما قدم علي بن ابي طالب بفتح خيبر قال له النبي صلى الله عليه واله: يا علي لولا أن تقول طائفة من أمتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملا من المسلمين الا أخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك يستشفون بهما ولكن حسبك أن تكون مني وأنا منك ترثني وأرثك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، وأنت تبرئ ذمتي وتستر عورتي وتقاتل على سنتي، وأنت غدا في الاخرة أقرب الخلق مني وأنت على الحوض خليفتي، وإن شعيتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الجنة جيراني، وإن حربك حربي وسلمك سلمي، وسريرتك سريرتي وعلانيتك علانيتي، وإن ولدك ولدي، وأنت تقضي ديني وأنت تنجز وعدي، وان الحق على لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصب عينيك، [ و ] الايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك. فخر علي عليه السلام ساجدا وقال: الحمد لله الذي من علي بالاسلام وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية وأعز الخليقة، وأكرم أهل السماوات والارض على ربه، وخاتم النبيين وسيد المرسلين وصفوة الله في جميع العالمين إحسانا من الله العلي الي وتفضلا منه علي، فقال له النبي صلى الله عليه واله: لولا أنت يا علي ما عرف المؤمنون بعدي لقد جعل الله عزوجل نسل كل نبي من صلبه وجعل نسلي من صلبك يا علي فأنت أعز الخلق وأكرمهم علي وأعزهم عندي ومحبك أكرم من يرد علي من أمتي. [ * ]

[ 622 ]

289 – قال: وحدثنا ابراهيم بن هراسة (1) عن سفيان الثوري (2) عن محمد بن المنكدر (3). عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله يوم الحديبية أخذ بضبع علي بن أبي طالب، وهو يقول: علي أمير البررة، قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله. 290 – وروى محمد بن محمد بن جميل، قال: حدثنا جرير، عن الاعمش عن ابي الاضحى عن مسروق. عن عائشة، أنها قالت: يارسول الله، من الخليفة من بعدك ؟ قال: خاصف النعل، قالت: من خاصف النعل ؟ قال: أنظري، فنظرت، فإذا علي بن ابي طالب، قالت: يارسول الله ذاك علي بن ابي طالب، قال هو ذاك. 291 – وروى أبو عوانة موسى بن يوسف القطان الكوفي، (4) قال:


(1) – هو: ابراهيم بن رجاء الشيباني أبو إسحاق المعروف بابن ابي هراسة. أنظر معجم رجال الحديث، ج 1، ص 222، رقم: 153. ولسان الميزان ج 1، ص 121. (2) – هو: سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد الله الكوفي المتوفى (161) أنظر تهذيب الكمال ج 11، ص 154، رقم: 2407. (3) – هو: محمد بن المنكدر بن عبد الله بن عبد العزى القرشي التيمي أبو عبد الله المتوفى (130) أنظر تهذيب الكمال ج 26، ص 503، رقم: 5632. (4) – هو: موسى بن يوسف بن موسى بن راشد القطان أبو عوانة الكوفي الرازي. أنظر الجرح والتعديل ج 2، ص 167 الرقم: 747. [ * ]

[ 623 ]

حدثنا أحمد بن صبيح (1) قال: حدثنا يحيى بن يعلى (2)، عن عمران بن عمار (3) عن ابي ادريس مؤذن بني قصي، (4) قال: أخبرني مجاهد (5). عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من فارق عليا فارقني ومن فارقني فارق الله (6).


(1) – هو: أحمد بن صبيح الكوفي، روى عن يحيى بن يعلى الاسلمي. أنظر الجرح والتعديل، ج 2 ص 56 الرقم: 76. (2) – هو: يحيى ن يعلى الاسلمي القطواني أبوزكرياء الكوفي. أنظر تهذيب التهذيب 11، ص 304، الرقم: 587. (3) – هو: عمران بن عمار، كوفي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم. أنظر الجرح والتعديل، ج 6، ص 302 الرقم: 1677. (4) هو: عائذ بن عبد الله أبو ادريس الحولاني العوذي أنظر الجرح والتعديل ج 7، ص 37، الرقم: 200. وتهذيب التهذيب ج 5، ص 85 الرقم: 141. (5) – هو: مجاهد بن جبر المكي أبو الحجاج المخزومي. أنظر تهذيب التهذيب ج 10، ص 42، الرقم: 68. والجرح والتعديل ج 8 ص 319، الرقم: 1469. وتاريخ الاسلام للذهبي ج 7، ص 235، الرقم: 221. (6) – قال المغازلي في المناقب، ص 240، ط طهران، الرقم 287: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن طاوان أخبرنا أبو أحمد عمر بن عبد الله بن شوذب، حدثني عيسى بن محمد بن جريح وهو الطوماري، حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان، حدثنا أحمد بن صبيح الاسدي، حدثنا يحيى بن يعلى الاسلمي، عن عمران بن عمران بن عمار، عن ابي إدريس بني قصي وإمامهم ثلاثون سنة، قال: حدثني مجاهد، عن = [ * ]

[ 624 ]

292 – وروى أبو داود، عن ابن عباس، ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي (1).


= ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من فارق عليا فقد فارقني ومن فارقني [ فقد ] فارق الله عزوجل. وأخرج الخوارزمي في المناقب ص 57، قال: وأخبرني شهردار هذا إجازة، أخبرني محمد بن إسماعيل الاشقر أخبرني أحمد بن الحسين بن فاذشاه، أخبرني الطبراني، عن الحضرمي عن أحمد بن صبيح الاسدي، عن يحيى بن يعلى، عن عمار بن عمار، عن ابي ادريس، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من فارق عليا فارقني ومن فارقني فارق الله عزوجل. وقال الحافظ الطبراني في المعجم الكبير ج 12، ص 323، الرقم 13559: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أحمد بن صبيح الاسدي ثنا يحيى بن يعلى عن عمران بن عمار عن ابي ادريس حدثني عن ابن عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: ” من فارق عليا فارقني ومن فارقني فارق الله “. وقال المتقي الهندي في كنز العمال ج 11 ص 614 الرقم: 32874 و 32975 و 32976. كما ذكر ايضا العلامة الدهلوي في قرة العينين ص 119 ط بلدة پشاور، كما في كنز العمال. (1) – قال الحافظ سليمان بن داود الفارسي البصري الشهير بابي داود الطيالسي المتوفى (204) في مسنده، ص 360، الرقم: 2725: حدثنا يونس، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا أبو عوانة، عن ابي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: أنت ولي كل مؤمن بعدي. وقال ابن كثير في البداية والنهاية ج 7 (4)، ص 345: وقال أبو داود الطيالسي: عن شعبة، عن ابي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي = [ * ]

[ 625 ]

293 – وروى عن الاسود بن عامر، قال: حدثنا شريك، عن ابي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، (1) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: علي مني وأنا منه لا يؤدي عني الا انا أو علي (2).


= ” أنت ولى كل مؤمن بعدي “. وقال العلامة المناوي المتوفي (1031) في كنوز الحقائق، ص 203، ط بولاق: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” يا علي أنت ولي كل مؤمن بعدي “. (1) – هو: حبشي بن جنادة بن نصر السلولي، له صحبة، يعد في الكوفيين، أتهذب الكمال ج 5، ص 349. (2) – قال الحافظ أحمد بن حنبل المتوفى (241) في مسنده ج 4 ص 165: حدثنا عبد الله حدثني أبي، حدثنا أسود بن عامر، أنبأنا شريك، عن ابي إسحق، عن حبشي بن جنادة، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني الا انا أو علي. وقال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا شريك، عن ابي اسحق عن حبشي بن جنادة السولي، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: علي مني وانا منه ولا يؤدي عني الا انا أو علي، قال شريك قلت لابي اسحق: أنت اين سمعته منه ؟ قال موضع كذا وكذا لا احفظه، وقال الحافظ أحمد بن شعيب النسائي المتوفى (303) في خصائصه ط بيروت، ص 143 الرقم: 74: أخبرنا أحمد بن سليمان، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا إسرائيل، عن ابي إسحاق: عن حبشي بن جنادة السلولي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني الا أنا أو علي. وقال الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي المتوفى (235) في مصنفه ج 12، = [ * ]

[ 626 ]


= ص 59 رقم الحديث 12120: حدثنا شريك عن ابي إسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: قلت له: يا ابا اسحاق ! اين رأيته ؟ قال: وقف علينا في مجلسنا، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول: علي مني وأنا منه، ولا يؤدي عني الا علي. حدثنا عبد الله، حدثني ابي، حدثنا أبو أحمد، حدثنا إسرائيل، عن ابي اسحق، عن حبشي بن جنادة السلولي وكان قد شهد حجة الوداع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني الا أنا أو علي. وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجة المتوفى (275) في سننه ج 1 ص 44 الرقم 119: حدثنا أبو بكر بن ابي شيبة، وسويد بن سعيد، وإسمعيل بن موسى، قالوا: حدثنا شريك، عن ابي اسحاق، عن حبشي بن جنادة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” علي مني وأنا منه. ولا يؤدي عني الا علي “. وقال الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفى (297) في سننه ج 5 ص 636 رقم الحديث 3719: حدثنا إسمعيل بن موسى، حدثنا شريك، عن ابي اسحق عن حبشي بن جنادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: علي مني وأنا من علي، ولا يؤدي عني الا انا أو علي. قال أحمد المحمودي: ذكر الحديث جل أصحاب الحديث، منهم: العلامة الطبري المتوفى (310) في ذيل المذيل ص 67، ط مصر. وابن المغازلي الواسطي في المناقب، ص 221. والحافط أحمد بن الحسين البغوي الشافعي في مصابيح السنة ص 202، والحافظ الخوارزمي في المناقب ص 79. وابن الاثير الجزري في جامع الاصول ج 9، ص 471. والحمويني في فرائد السمطين ج 1 ص 58. والذهبي في تذكرة الحفاظ ج 2، = [ * ]

[ 627 ]

294 – وروى أبو سهيل أحمد بن التمامي قال: حدثنا عبد الله ابن الحسن بن عبد الله بن العباس، قال: حدثنا معاوية بن عبد الله ابن أبي رافع عن ابيه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): إن الله عهد الي في علي بن أبي طالب (عليه السلام) عهدا، فقلت: ربي بينه لي، قال: إسمع يا محمد، قلت: ربي سمعت، قال: يا محمد إن علي بن ابي طالب راية الهدى من بعدك وإمام أوليائك ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمها عبادي، فمن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك (1).


= ص 455، وتاريخ الاسلام ج 2، (عهد الخلفاء) ص 630. ومحمد بن يوسف الشهير بابي حيان الاندلسي المتوفى (754) في تفسيره بحر المحيط ج 5 ص 6 و 7 ومن أراد التفصيل فعليه بكتاب إحقاق الحق ج 5، ص 274. قال ابن كثير في البداية والنهاية ج 4، (8)، ص 131: وقال ابن عساكر باسناده: عن أبي داود الطيالسي. وروى الحديث بعينه. وفي سير اعلام النبلاء ج 3 ص 143. ثم أن في ” ح ” و ” ش ” كان هكذا: وروى أبو داود، قال: حدثنا أيوب بن جابر، عن أبي إسحاق، عن الاسود بن يزيد، قال: قلت لعائشة: الا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلافة ؟ فقالت: وما تعجب من ذلك ؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة، وكذلك غيره من الكفار. قال الذهبي في سير اعلام النبلاء ج 3 ص 143: أيوب بن جابر: عن ابي اسحاق، عن الاسود، قلت لعائشة: الا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد في الخلافة ؟ قالت وما يعجب ؟ هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر. وقد ملك فرعون مصر أربع مأة سنة. (1) – لم أجد هذا السند بهذا الحديث، الا أنه قريب لما ورد في ترجمة الامام علي بن = [ * ]

[ 628 ]


= ابي طالب عليه السلام من تاريخ ابن عساكر ج 2، ص 188، الرقم: 180، وهو هكذا: أخبرنا أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد الزبيدي أنبأنا أبو الفرج الشاهد أنبأنا، ابو الحسن محمد بن جعفر البكار النحوي أنبأنا أبو عبد الله محمد بن القاسم المحاربي، أنبأنا عباد بن يعقوب، أنبأنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبيدالله بن ابي رافع عن عون بن عبيدالله: عن ابي جعفر وعن عمر بن علي قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى عهد الي في علي عهدا قلت رب بينه لي قال إسمع يا محمد. قال: قلت: سمعت. قال: إن عليا راية الهدى بعدي وإمام أوليائي ونور من أطاعني وهو الكلمة التي الزمتها المتقين فمن أحبه أحبني ومن أبغضه أبغضني فبشره بذلك. أقول: أورد الحديث مفصلا أبو نعيم الاصبهاني في الحلية الاولياء ج 1، ص 66، وهو: حدثنا محمد بن حميد، حدثنا علي بن سراج المصري، حدثنا محمد بن فيروز، حدثنا ابو عمر لاهز بن عبد الله، حدثنا معتمر بن سليمان، عن ابيه، عن هشام بن عروة، عن ابيه قال: حدثنا انس بن مالك، قال: بعثني النبي إلى ابي برزة الاسلمي فقال له – وأنا أسمع – يا ابا برزة ان رب العالمين عهد الي عهدا في علي بن ابي طالب فقال انه راية الهدى ومنار الايمان وامام اوليائي ونور جميع من أطاعني يا ابا برزة علي بن ابي طالب وصاحب رايتي في القيامة أميني غدا في القيامة على مفاتيح خزائن رحمة ربي. وقال: حدثنا أبو بكر الطلحي حدثنا محمد بن علي بن دحيم، حدثنا عباد بن سعيد بن عباد الجعفي، حدثنا محمد بن عثمان بن ابي البهلول، حدثني صالح بن ابي الاسود، عن ابي المطهر الرازي، عن الاعشى الثقفي، عن سلام الجعفي، عن ابي برزة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى عهد الي عهدا في علي فقلت: يا رب بينه لي فقال إسمع: فقلت = [ * ]

[ 629 ]

295 – وروى عن محمد بن ابان، عن فضيل (1)، عن ثور بن يزيد (2)، عن خالد بن معدان (3)، عن


= سمعت: فقال ان عليا راية الهدى وامام اوليائي ونور من اطاعني وهو الكلمة التي الزمتها المتقين من أحبه احبني ومن أبغضه أبغضني فبشره بذلك فجاء علي بشرته فقال يارسول الله انا عبد الله وفي قبضته فان يعذبني فبذنبي وإن يتم لي الذي بشرتني به فالله اولي بي قال: قلت: اللهم اجل قبله واجل ربيعه الايمان فقال الله: قد فعلت به ذلك ثم انه رفع إلى انه سيخصه من البلاء بشئ لم يخص به احدا من اصحابي فقلت يا ربي اخي وصاحبي فقال: إن هذا لشئ قد سبق انه مبتلى ومبتلى به. وأورد الحديث ابن المغازلي في المناقب ص 46 كما تقدم، والخوارزمي في المناقب ط النجف ص 220 والگنجي الشافعي في كفاية الطالب ص 72 والبغدادي في تاريخه ج 14 ص 98 والحمويني في فرائد السمطين ط بيروت ج 1 ص 151. وابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ط مصر ج 9 ص 167. وابن عدي في الكامل ج 7 ص 2600. والعلامة الصفوري في نزهة المجالس ج 2 ص 208 ط مصر. والعلامة العيني الحنفي في مناقب سيدنا علي ص 23 ط أعلم پريش. كما في إحقاق الحق ج 15 ص 80 والقندوزي في ينابيع المودة ص 78. (1) – هو: فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمي اليربوعي. أنظر تهذيب الكمال ج 23، ص 281، الرقم: 4763. (2) – هو: ثور بن يزيد بن زياد الكلاعي أبو خالد الشامي الحمصي، أنظر تهذيب الكمال ج 4، ص 418 الرقم: 862. (3) – هو: خالد بن معدان بن ابي كرب الكلاعي أبو عبد الله الشامي الحمصي، انظر = [ * ]

[ 630 ]

زاذان (1)، عن سلمان قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: كنت انا وعلي نورا بين يدي الله قبل ان يخلق الله ادم باربعة عشر الف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزءين ركبا في ادم فجزء أنا وجزء علي بن ابي طالب، فنور الحق معنا نازل حيثما نزلنا (2).


= تهذيب الكمال ج 8، ص 167، الرقم: 1653. (1) – هو: زاذان أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر الكندي الكوفي، انظر تهذيب الكمال ج 9، ص 263، الرقم: 1945. (2) – قال المغازلي في المناقب ص 87: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد سهل النحوي رحمه الله، أخبرنا أبو الحسن علي بن منصور الحلبي الاخباري أخبرنا علي بن محمد العدوي الشمشاطي، حدثنا الحسن بن علي بن زكريا حدثنا أحمد بن المقدام العجلي حدثنا الفضيل بن عياض عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان، عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت حبيبي محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: كنت انا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل ان يخلق الله ادم بالف عام، فلما خلق الله آدم، ركب ذلك النور في صلبه فلم يزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب: ففي النبوة وفي علي الخلافة. وأورد الحديث الحافظ أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني المتوفي سنة 509 في فردوس الاخبار ط بيروت ج 2، ص 305، الرقم: 2776، في باب الخاء قال باسناده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم خلقت أنا وعلي من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم باربعة آلاف سنة فلما خلق الله آدم ركب ذلك في صلبه فلم = [ * ]

[ 631 ]


= يزل في شئ واحد حتى افترقا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الخلافة. وأخرج الحديث ايضا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي بن ابي طالب عليه السلام ط بيروت ج 1 ص 151 الرقم: 186 قال: أخبرنا أبو غالب ابن البناء، أنبأنا أبو محمد الجوهري / 73 / أ / أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن يحيى العطشى، أنبأنا أبو سعيد العدوي الحسن بن علي أنبأنا أحمد بن المقدام العجلي أبو الاشعث السمرقندي الزاهد أنبأنا الفضيل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان: عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كنت انا وعلي نورا بين يدي الله مطيعا يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل ان يخلق آدم باربعة عشر الف عام، فلما خلق الله آدم ركز ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شئ واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب كذا فجزء أنا وجزء علي. انظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج 17 ص 318. قال الحموييني في فرائد السمطين ط النجف ص 29 وفي ط بيروت ج 1 ص 41، باسناده عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خلقت انا وعلي بن ابي طالب من نور عن يميين العرش نسبح الله ونقدسه من قبل ان يخلق الله عزوجل آدم باربعة عشر الف سنة، فلما خلق الله آدم نقلنا إلى اصلاب الرجال وأرحام النساء الطاهرات، ثم نقلنا إلى صلب عبد المطلب وقسمنا نصفين بجعل النصف في صلب ابي عبد الله وجعل النصف في صلب عمي ابي طالب، فخلقت من ذلك النصف وخلق علي من النصف الاخر، واشتق الله تعالى لنا من اسمائه، فالله عزوجل المحمود وانا محمد، والله الاعلى وأخي علي، والله الفاطر وابنتي فاطمة، والله محسن وابناي الحسن = [ * ]

[ 632 ]

296 – وروى عن زكريا بن يحيى الكوفي (1)، عن علي بن القاسم (2) عن سعد بن طارق، (3) عن عثمان بن القاسم (4). عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): الا أدلكم على ما أن تسلمتم عليه لم تهلكوا، ؟ إن إمامكم ووليكم علي بن ابي طالب، فناصحوه وصدقوه، فإن جبرائيل أمرني بذلك. 297 – وروى الحماني، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن ابي هارون العبدي. عن ابي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يقول: الله ربي ولا إمارة لي معه (وأنا رسول الله ولا إمارة معي، وعلي مولى من


= والحسين، وكان اسمي في الرسالة والنبوة وكان اسمه في الخلافة والشجاعة فانا رسول الله وعلي سيف الله. كما اورد الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 705. والگنجي الشافعي في كفاية الطالب ط النجف ص 314 و 315. والرياض النضرة ج 2 ص 164، والقندوزي في ينابيع المودة، ص 10. (1) – هو: زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن الطائي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 9 ص 383 رقم: 2002. (2) – هو: علي بن القاسم الكندي، أنظر الجرح والتعديل ج 6، ص 201، رقم: 1105. 3) – هو: سعد بن طارق بن اشيم أبو مالك الاشجعي الكوفي، أنظر تهذيب الكمال ج 10 ص 269 رقم: 2211. (4) – هو: عثمان بن القاسم الباهلي، الجرح والتعديل ج 6، ص 165 رقم: 905. [ * ]

[ 633 ]

كنت مولاه ولا إمارة معه) (1). 298 – وروى الحسن بن الحسين العرني (2) عن كادح [ بن جعفر ] عن [ عبد الله ] بن لهيعة (3)، عن مسلم بن يسار (4). عن جابر بن عبد الله الانصاري (5)، قال: لما قدم علي على رسول الله


(1) – ما بين القوسين كانت ساقطة من ” ش “. وقال العلامة المجلسي (ره) في البحار، ج 25 ص 361: وروى الكراجكي في كنز الفوائد عن الحسين بن محمد بن علي الصيرفي البغدادي، عن محمد بن عمر الجعابي، عن محمد بن محمد بن سليمان، عن أحمد بن محمد بن يزيد، عن إسماعيل بن ابان، عن ابي مريم، عن عطا، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: الله ربي ولا امارة لي معه، وانا رسول ربي لا امارة معي، وعلي ولي من كنت وليه ولا امارة معه. (2) – هو: الحسن بن الحسين العرني الكوفي روى عن كادح بن جعفر، أنظر الجرح والتعديل ج 3، ص 6، الرقم: 20. (3) – هو: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، أنظر الجرح والتعديل ج 5، ص 145، الرقم: 682. (4) – هو: مسلم بن يسار أبو عبد الله البصري الفقيه مولى بني امية، أنظر الجرح والتعديل ج 8، ص 198، الرقم: 868. ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج 24 ص 298. وطبقات الكبرى لابن سعد ج 7 ص 186. (5) – هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة الخزرجي السلمي أبو عبد الله الانصاري، أنظر تهذيب التهذيب ج 2 ص 42. [ * ]

[ 634 ]

(صلى الله عليه واله وسلم) بفتح خيبر، قال رسول الله: لولا ان تقول طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم قولا لا تمر بملا من المسلمين الا اخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك يستشفون به، (1) ولكن حسبك أن تكون مني وانا منك ترثني وارثك، وانت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي وانك تؤدي ذمتي، وتقاتل على سنتي، وإنك غدا في الاخرة اقرب الناس مني، وانك غدا على الحوض خليفتي، وانك اول من يرد علي الحوض غدا، وانك اول من يكسى معي، وانك اول داخل الجنة من امتي، وان شيعتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم، ويكونون في الجنة جيراني، وان حربك حربي وسلمك سلمي وسرك سري وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك كسريرة صدري وان ولدك ولدي، وأنك منجز عداتي، وان الحق معك والحق على لساني وفي قلبك وبين عينيك، وان الايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وانه لا يرد على الحوض غدا مبغض لك، ولن يغيب عنه محب لك غدا حتى يرد الحوض معك (2).


(1) – إلى هنا ذكر الخوارزمي في مقتل الحسين، ط الغري، ص 45. (2) – وقال الحافظ سليمان بن ابراهيم القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 130: أخرج أبو المؤيد اخطب الخطباء موفق بن أحمد الخوارزمي عن سيد الحفاظ ابي منصور شهردار ابن شيروية الدولي بسنده عن زيد بن علي بن الحسين عن ابيه عن جده عن امير المؤمنين علي رضي الله عنه قال لي رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) يوم فتحت خيبر بقدرت الله: = [ * ]

[ 635 ]


= لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقت فيك مقالا لا تمر على ملاء من المسلمين الا اخذوا من تراب رجليك وفضل طهورك يستشفون به ولكن حسبك ان تكون مني وانا منك ترثني وارثك وانت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي يا علي انت تؤدي ديني وتقاتل على سنتي وانت في الاخرة اقرب الناس مني وانك غدا على الحوض خليفتي وانت اول من يرد على الحوض وانت تذود منافقين عن حوضي وانت اول داخل في الجنة من امتي وان محبيك واتباعك على منابر من نور رواء مروئين مبيضة وجوههم حولي اشفع لهم فيكونون غدا جيراني وان اعدائك غدا ظماء مظمئين مسودة وجوههم يضربون بالمقامع وهي سياط من نار مقمحين وحربك حربي وسلمك سلمي وسرك سري وعلانيتك علانيتي وسريرة صدرك سريرة صدري وانت باب عملي وان ولدك ولدي ولحمك لحمي ودمك دمي وان الحق معك والحق على لسانك وفي قلبك وبين عينيك والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي وان الله أمرني ان ابشرك انك وعترتك ومحبيك في الجنة وعدوك في النار لا يرد على الحوض مبغضك ولا يغيب عنه محبك قال علي فخررت ساجد الله تبارك وتعالى وحمدته على ما انعم به من الاسلام والقرآن وحببني إلى خاتم النبيين وسيد المرسلين صلى الله عليه واله وسلم. انظر كتاب المناقب للخوارزمي ط النجف ص 96. كما اورد الحديث ايضا في مقتله ط النجف ص 45، وكما اورد الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 134 ان رسول ابله صلى الله عليه وسلم قال لعي والذي نفسي بيده لولا ان يقول فيك طوائف من امتي بما قالت النصاري في عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر باحد من المسلمين الا اخذ التراب من اثر قدميك يطلب به البركة. ورواه ايضا ابن ابي = [ * ]

[ 636 ]

قال فخر علي (عليه السلام) ساجدا، ثم قال: الحمد لله الذي من علي بالاسلام، وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية خاتم النبيين وسيد المرسلين احسانا منه الي وفضلا منه علي (1).


= الحديد في شرح نهج البلاغة ج 2 ص 449 ط القاهرة روى الحديث من طريق أحمد بن حنبل في المسند بعين ما تقدم عن الخوارزمي في مقتله وذكر ايضا امرتسري في أرجح المطالب ص 454 ط لاهور. روى الحديث من طريق الديلمي في فردوس الاخبار عن علي بعين ما تقدم في مقتل الحسين للخوارزمي. وذكر الحافظ ابن عبد البر الاندلسي في الاستيعاب ج 2 ص 461 حيدر آباد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: تفترق فيك أمتي كما افترقت بنو إسرائيل في عيسى. انظر إحقاق الحق ج 7 ص 293. وروى ايضا أبو جعفر الكليني رحمه الله المتوفى (329) في الكافي، ج 8، ص 57، رقم: 18. (1) – قال المغازلي في المناقب ص 237 الرقم: 285: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله بن القصاب البيع رحمه الله حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد الجرجرائي، حدثنا ابو الحسن علي بن سليمان بن يحيى، حدثنا عبد الكريم بن علي، حدثنا جعفر بن محمد بن ربيعة البجلي، حدثنا الحسن بن الحسين العرني، حدثنا كادح بن جعفر، عن عبد الله بن لهيعة، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، عن جابر بن عبد الله قال: لما قدم علي، بن ابي طالب بفتح خيبر قال له النبي صلى الله عليه واله: يا علي لولا ان تقول طائفة من امتي فيك ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك مقالا لا تمر بملا من المسلمين الا اخذوا التراب من تحت رجليك وفضل طهورك يستشفون بهما ولكن حسبك ان تكون مني وانا منك ترثني وارثك، وانت مني بمنزلة هرون من موسى غير انه لا نبي بعدي، وانت = [ * ]

[ 637 ]

فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم) عند ذلك: لولا أنت يا علي لم يعرف المؤمنون بعدي (1).


= تبرئ ذمتي وتستر عورتي وتقاتل على سنتي وانت غدا في الاخرة اقرب الخلق مني و أنت على الحوض خليفتي، وان شعيتك على منابر من نور مبيضة وجوههم حولي أشفع لهم ويكونون في الجنة جيراني، وإن حربك حربي وسلمك سلمي، وسريرتك سريرتي وعلانتيك علانيتي، وان ولدك ولدي. وانت تقضي ديني وانت تنجز وعدي، وان الحق على لسانك وفي قلبك ومعك وبين يديك ونصب عينيك، والايمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، لا يرد علي الحوض مبغض لك، ولا يغيب عنه محب لك. فخر علي عليه السلام ساجدا وقال: الحمد لله الذي من علي بالاسلام وعلمني القرآن، وحببني إلى خير البرية وأعز الخليقة، وأكرم اهل السموات والارض على ربه، وخاتم النبيين، وسيد المرسلين، وصفوة الله في جميع العالمين، إحسانا من الله العلي الي وتفضلا منه علي. فقال له النبي صلى الله عليه واله: لولا انت يا علي ما عرف المؤمنون بعدي لقد جعل الله عزوجل نسل كل نبي من صلبه، وجعل نسلي من صلبك يا علي، فأنت أعز الخلق وأكرمهم علي وأعزهم عندي ومحبك أكرم من يرد علي من أمتي. (1) – قال المغازلي في المناقب ص 70: أخبرنا ابراهيم بن غسان البصري إجازة أن أبا علي الحسين ابن أحمد حدثهم قال: حدثنا عبد الله بن احمد بن عامر الطائي حدثنا ابي احمد بن عامر حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني ابي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني ابي محمد بن علي قال: حدثني ابي علي الحسين قال: حدثني ابي: الحسين بن علي قال: حدثني ابي علي بن ابي طالب عليهم السلام = [ * ]

[ 638 ]

299 – وروى العرني (1)، عن يحيى بن يعلى (2) عن عمار بن رزيق الضبي (3) عن ابي إسحاق (4) عن زياد بن طريف الطائي (5) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): من أحب ان يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي، وهي جنة الخلد قضيبا غرسه بيده، فليتول علي بن ابي طالب وذريته من بعده فإنهم لن يخرجوهم من باب هدى ولن يدخلوها في باب ضلالة (6).


= قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: لولاك ما عرف المؤمنون من بعدي. (1) – هو: الحسن بن الحسين كما تقدم. (2) – هو: يحيى بن يعلى الاسلمي القطواني أبو زكريا الكوفي المتوفى (.) أنظر تهذيب الكمال ج 32 ص 50 رقم: 6951. (3) – هو: عمار بن رزيق الضبي التميمي، أبو الاحوص الكوفي المتوفى (159). انظر تهذيب الكمال ج 21 ص 189 رقم: 4159. (4) – السبيعي. (5) – زياد الطائي أنظر تهذيب الكمال ج 9 ص 527 رقم: 2076. (6) – قال الخوارزمي في المناقب ص 35 ط الغري: وأنبأني مهذب الائمة، هذا أخبرني أحمد بن الحسين المستعمل، أخبرني الحسين بن علي بن محمد بن العباس بن محمد بن زكريا، أخبرني أبو سعيد الحسن بن علي، حدثني الحسن بن راشد، حدثني شريك، عن الاعمش، عن حبيب بن ابي ثابت، عن ابي الطفيل، عن زيد بن ارقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله من أحب ان يستمسك بالقضيب الاحمر الذي غرسه الله في جنة عدن بيمينه فليستمسك بحب علي بن ابي طالب عليه السلام. = [ * ]

[ 639 ]

300 – وروى القاسم بن المنذر النخعي، (1) عن قيس بن الربيع (2) عن


= وقال الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في حلية الاولياء ج 1 ص 86: حدثنا فهد بن ابراهيم بن فهد، حدثنا محمد بن زكريا الغلابي، حدثنا بشر بن مهران، حدثنا شريك، عن الاعمش، عن زيد بن وهب، عن حذيفة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي، ويتمسك بالقصبة الياقوتة التي خلقها الله بيده ثم قال لها كوني فكانت، فليتول علي بن ابي طالب من بعدي “. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 111: وعن زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم وربما لم يذكر زيد بن ارقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أحب أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة الخلد الذي وعدني ربي عزوجل، غرس قضبانها بيده فليتول علي بن ابي طالب، فانه لن يخرجكم من هدى ولن يدخلكم في ضلالة “. وقال الحافظ المتقي الهندي في كنز العمال ج 11 ص 611 الرقم: 32969: من أحب ان يحيا حياتي ويموت موتي ويسكن جنة الخلد التي وعدني ربي فان ربي عزوجل غرس قضبانها بيده فليتول علي بن ابي طالب، فانه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ضلالة. وقال المتقي ايضا تحت رقم: 32960: من أحب أن يحيا حياتي، ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني ربي قضبانا من قضبانها غرسها بيده وهي جنة الخلد، فليتول عليا وذريته من بعده، فانهم لن يخرجوكم من باب هدى، ولن يدخلوكم في باب ضلالة. (1) – انظر المصدر. (2) – هو: قيس بن الربيع الاسدي أبو محمد الكوفي المتوفى (167). انظر تهذيب الكمال ج 24 ص 25 رقم: 4903. [ * ]

[ 640 ]

الرصافي عن مالك المازني قال: سمعت ابا سعيد الخدري يقول: أتاني معاوية وعمرو بن العاص وابو موسى الاشعري، فقالوا: جئناك نسألك عن هذا الرجل يعنون عليا (عليه السلام) فقلت: هو أحلى عندي من العسل وأمر عندكم من الدفلى وأخف على فؤادي من الريش (1) وأثقل عليكم من الجبال الرواسي، أو قال: من الجبل الراسي، من حاد عنه أخطأ الطريق، ومن لزمه سلك الحدود (2) أمن العثار، فهو سمش الله المنيرة وسبيله الواضح وعلمه اللائح، نور لمن لزمه، وشفاء لمن اقتدى به، حجة الله على خلقه وباب حطته ومن [ دخله وسلك مسالكه ] كان آمنا، ومن تركه كان خائبا. أما والله ما حدتم عنه الا لخشونة مأكله وتقص أموره، والله لو ألعقكم [ لفقكم ] الله من الدنيا حسواتها ما إبتغيتم به بدلا، ووالله ما عليا (عليه السلام) أردنا بما قلنا، وما أردنا به الا الله وحده، ثم القربة إلى رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (3).


(1) – وفي ” ش ” و ” ح “: من البرنس. (2) – وفي ” ح ” و ” ش “: الجدد. (3) – سورة الشعراء، الاية: 227. قال العلامة المجلسي (ره) في بحار الانوار ج 22 ص 127 نقلا عن تفسير الفرات الكوفي: عبيد بن كثير معنعنا عن مالك المازني قال: أتى تسعة نفر إلى ابي سعيد الخدري فقالوا: يا ابا سعيد هذا الرجل يكثر الناس فيه ما تقول فيه ؟ فقال: عمن تسألوني ؟ قالوا: نسأل عن علي بن ابي طالب عليه السلام فقال: أما أنكم تسألوني عن رجل أمر من الدفلى، واحلى من العسل، وأخف من الريشة، وأثقل من الجبال، أما والله ما حلا الا على السنة المؤمنين، وما اخف الا على قلوب المتقين، فلا احبه أحد قط [ * ]

[ 641 ]

فهذه اخبارهم التي قد رووها كلها دالة على امامة علي (عليه السلام) من دون قوم توثبوا عليها، وذكروا ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أهمل امر الامة فيها، فلما أوردنا عليهم القواطع سألونا: لم حظرتم الامامة الا ان يكون في بني هاشم ؟ ! دون تيم وعدي وسائر قبائل قريش ؟ فأوردنا حججا لم يقدروا على دفعها وقربناها من افهامهم، ولم نجر في العناد كما جروا، وعلمناهم فيها ان الامامة التي هي فرع الرسالة لا تجوز الا ان تكون في قوم تجتمع


لله ولرسوله الا حشره الله من الآمنين وانه لمن حزب الله، وحزب الله هم الغالبون، والله ما أمر الا على لسان كافر، ولا عبس ولا بسر ولا عسر ولا مضر ولا التفت ولا نظر ولا تبسم ولا يجري ولا ضحك إلى صاحبه ولا قال اعجب لهذا الامر الا حشره الله منافقا مع المنافقين ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “. وقال في المجلد 39 ص 291: محمد بن أحمد بن عثمان بن دليل معنعنا عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاؤا ستة نفر من قريش في زمان ابي بكر، فقالوا له: يا ابا سعيد هذا الرجل الذي يكثر فيه ويقل، قال: عمن تسألون ؟ قالوا: نسألك عن علي بن ابي طالب عليه السلام، فقال: أما إنكم سألتموني عن رجل امر من الدفلى، وأحلى من العسل، وأخف من الريشة، وأثقل من الجبل، اما والله ما حلا الا على السنة المتقين ولا خف الا على قلوب المؤمنين، والله ما مر على لسان احد قط الا على لسان كافر، ولا ثقل على قلب أحد الا على قلب منافق، ولا زوى عنه احد ولا صدف ولا التوى ولا كذب ولا احوال ولا ازوار عنه ولا فسق ولا عجب ولا تعجب – وهي سبعة عشر حرفا – الا حشره الله منافقا من المنافقين، ولا علي الا اريد ولا اريد الا علي، ” وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون “. أنظر تفسير فرات بن ابراهيم ص 304. [ * ]

[ 642 ]

فيهم الخصال التي ذكرها. فاولها القرابة بالرسول ثم العلم والمعرفة بما يحتاج إليه الامة، ثم الامامة والعفة والزهد في الدنيا. 301 – قالوا: فمن اين زعمتم ان اولهم علي بن ابي طالب ؟ قلنا: لانه اعلم اصحاب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) بما يحتاج إليه الامة من امر دينها (1) مع قرب القرابة، ثم لا تكون الا في الافضل والاعلم، والافقه من أهل بيت النبوة، ونظرنا في أمر علي بعد ايراد الاخبار عليكم، فاضطررناكم بالنظر ضرورة حتى اقررتم. 302 – ثم انا نظرنا فإذا الكتاب ينطق بأن لله خيرة من خلقه وذاك قوله: (يخلق ما يشاء ويختار) (2) 303 – ثم نظرنا في الخيرة من خلقه، فإذا الكتاب ينطق أنهم المؤمنون بقوله: (ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية) (3)، فنظرنا فإذا علي من المؤمنين.


(1) – قال أحمد المحمودي: لله در الخليل بن أحمد في كلمته القيمة في شخصيتة الامام علي عليه السلام: ” إحتياج الكل إليه واستغنائه عن الكل دليل على انه إمام الكل “. (2) – سورة القصص، الاية: 68، والاية بتمامها هكذا: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون. (3) – سورة البينة، الاية: 7. [ * ]

[ 643 ]

304 – ثم نظرنا إلى خيرته من المؤمنين فإذا الكتاب ينطق بالسابقين بقوله: (والسابقون السابقون اولئك المقربون) (1) فنظرنا فإذا علي (عليه السلام) من السابقين باجماع منا ومن المخالفين، 305 – ثم نظرنا فإذا الكتاب ينطق بالجهاد بقوله: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله) (2) فنظرنا فإذا علي من المجاهدين بالاجماع. 306 – ثم نظرنا إلى خيرة الله من المجاهدين فإذا الكتاب ينطق بالانفاق قبل الفتح بقوله: (لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا) (3) فنظرنا فإذا علي قد انفق من قبل الفتح وقاتل، 307 – ثم نظرنا هل لله خيرة من هؤلاء ؟ فإذا الكتاب ينطق بالعمل الصالح بقوله: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) (4)، وبقوله [ تعالى ]: (ولا يظأون موطأ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب به عمل صالح) (5).


(1) – سورة الواقعة، الاية: 10 و 11. (2) – سورة النساء، الاية: 95. (3) – سورة الحديد، الاية: 10. (4) سورة الزلزلة، الاية: 7 و 8. (5) – سورة التوبة، الاية: 120. [ * ]

[ 644 ]

فما رأينا أحدا ادعى امر الامامة عمل في الجهاد أكثر مما عمل علي (عليه السلام)، فلم يخالف بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في ابي بكر، ورأيناها مجمعة أن عليا (عليه السلام) أكثر عملا في الجهاد وهي التجارة التي تنجي من عذاب اليم، وأنه (عليه السلام) كان أثبت في الصف المرصوص الذي وصفه الله تعالى من ابي بكر، وكان اقتل للاقران من ابي بكر، وسمعنا الله جل ذكره يقول: (إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) (1) وكان علي (عليه السلام) من أشد الناس تسليما لهذا البيع وأكثر من ابي بكر فعلا. وسمعنا الله يقول: (يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) (2) ولا غلظ اشد من القتل وكان علي (عليه السلام) اغلظ الناس على الكفار من ابي بكر، لقتله الصناديد والابطال منهم، وقد وصف الله أصحاب محمد صلى الله عليه واله، فقال: (والذين معه اشداء على الكفار) (3) فثبتت هذه الصفة لعلي (عليه السلام) دون ابي بكر لشدته على الكفار، وقتله الصناديد، وسمعنا الله يقول: (والذين هاجروا واخرجوا من ديارهم وأوذوا


(1) – سورة التوبة، الاية: 111. (2) – سورة التوبة: الاية 73، وسورة التحريم: الاية: 9. (3) – سورة الفتح: الاية: 29. [ * ]

[ 645 ]

في سبيلي، وقاتلوا وقتلوا لاكفرن عنهم سيئاتهم) (1)، ورأينا عليا (عليه السلام)، قد ثبت هذا له، ولم يثبت لابي بكر لانه لم يخرج في سبيل الله كخروجه، ولم يقتل قرنا ولا بطلا، ولم يفتح فتحا على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم). 308 – ثم نظرنا هل دل الله على خصلة غير الجهاد من الفضل فإذا الكتاب ينطق بالتقوى بقوله: (يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (2)، وجاء في التفسير، أكرمكم: خيركم عند الله. 309 – ثم نظرنا هل دل على المتقين ؟، فإذا الكتاب ينطق بقوله: (وأزلفت الجنة للمتقين) (3) فدلنا على ان المتقين هم الذين يخافون الله. 310 – ثم نظرنا، هل دلنا الله على الذين يخافونه ؟ فإذا الكتاب ينطق بقوله: (انما يخشى الله من عباده العلماء) (4) فدلت الاية ان الخاشعين العلماء. 311 – ثم نظرنا هل فضل الله العلماء ؟ فإذا الكتاب ينطق بقوله:


(1) – سورة آل عمران، الاية: 195. (2) – سورة الحجرات، الاية: 13. (3) – سورة الشعراء، الاية: 90. (4) – سورة فاطر، الاية: 28. [ * ]

[ 646 ]

(يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات) (1)، وقال: (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الالباب) (2) وقوله [ تعالى ]: (شهد الله أنه لا اله الا هو والملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط) (3) فمدح الله العملماء بما مدح به الملائكة. 312 – ثم نظرنا، فإذا علي بن ابي طالب ممن قد أجمعت الامة عليه، واختلفوا في ابي بكر، وليس المجمع عليه كالمختلف فيه، فثبت فضله. فصار أولى بالامامة نظرا وقياسا، وذلك ان الله تعالى، ذكر حكاية عن بني إسرائيل حيث سألوا نبيهم أن يبعث لهم ملكا يقاتل في سبيل الله، فقال لهم: (ان الله قد بعث اليكم طالوت ملكا فقالوا اني يكون له الملك علينا ونحن احق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال فقال إن الله اصطفاه عليكم وزاده في العلم والجسم) (4) ففضل الله طالوت بالعلم والقوة، وأجمعت الامة لا اختلاف بينها ان عليا (عليه السلام) أشد من ابي بكر. 313 – ثم سمعنا الله يقول: (للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله


(1) – سورة المجادلة، الاية: 11. (2) – سورة الزمر، الاية: 9. (3) – سورة آل عمران، الاية: 18. (4) – سورة البقرة، الاية: 247. [ * ]

[ 647 ]

اولئك هم الصادقون) (1)، فنظرنا فإذا علي ممن قد اجتمع الناس على انه كان من فقراء المهاجرين، فثبت له الصدق في ايمانه وأجمعوا ان ابا بكر كان غنيا فخرج من هذه الاية. 314 – وروى عن عائشة انها قالت: انفق أبو بكر على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) اربعين الفا، فقد دل ذلك على انه كان غنيا فعل ذلك أم لم يفعل ؟ !. 315 – ثم سمعنا الله يقول: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (2) فلزمنا وكل مسلم ان نكون مع علي بن ابي طالب لانه قد ثبت له الصدق. 316 – ثم سمعنا الله يقول: (إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما) (3). فشرط لما وفى بالبيعة الرضوان والاجر العظيم. 317 – ثم سمعنا الله يقول: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) (4) ولم يقل كل مؤمن، وكانت البيعة على الموت وعلى ان لا يفروا، وقال في موضع آخر: (ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل


(1) – سورة الحشر، الاية: 8 (2) – سورة التوبة، الاية: 119. (3) – سورة الفتح، الاية: 10. (4) – سورة الاحزاب، الاية: 23. [ * ]

[ 648 ]

لا يولون الادبار، وكان عهد الله مسؤولا) (1) وذلك يوم الخندق، وكان ممن صدق الله يومئذ بقتله عمرو بن عبدود العامري، (2) فثبت له الصدق على ما عاهدوا الله عليه، وقد أمرنا الله أن نكون مع الصادقين والزمنا ذلك ولم يلزمنا فيمن قدمه عليه الجمهور. 318 – وروى ان ابا بكر هرب يوم احد وانهزم يوم خيبر هو وعمر، ولم ينهزم علي قط. (3) ثم لم ينجس بعبادة الاوثان والاصنام قط، وترك اباه وهو أعز


(1) – سورة الاحزاب، الاية: 15. (2) – وقال خطيب بغداد في تاريخه ج 13، ص 19، في ترجمة لؤلؤة بن عبد الله القيصري: حدثنا لؤلؤ بن عبد الله القيصري، حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد النصيبي الصوفي – بالموصل – حدثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن شداد، قال: حدثني محمد بن سنان الحنظلي، حدثني اسحاق بشر القرشي، عن بهز بن حكيم، عن ابيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لمبارزة علي بن ابي طالب لعمرو بن عبدود يوم الخندق افضل من عمل امتي إلى يوم القيامة. أقول: رواه الحاكم في المستدرك ج 3، ص 32. (3) – أنظر حديث الراية، في ص 299 و 300 و 301 و 341 و 437 و 343 و 350 من هذا الكتاب. والمناقب للخوارزمي ط الغري، ص 103، ومقتل الحسين، ص 45. وينابيع المودة ص 95، و 137، وفيه: ضربة علي يوم الخندق افضل من اعمال امتي إلى يوم القيامة. [ * ]

[ 649 ]

قريش، (1) وبايع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) على حداثته لا لسيف قهره، ولا لعشيرة ذليلة، ولا لفائدة دنيوية، وهو ممن وصفه الله حيث يقول: (واجنبني وبني ان نعبد الاصنام) (2) ثم قال: (ومن ذريتنا امة مسلمة لك) بعدما قال: (لا ينال عهدي الظالمين)، فنظرنا في أمر الظالم، فإذا الاية قد فسروها بانه عابد الاصنام، فإن من عبدها فقد لزمه اسم الظلم، فقد نفى الله للظالم ان يكون إماما. 319 – وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): أنا دعوة ابي ابراهيم، (3) وليس لاحد أن يقول: أنا ابن ابراهيم الا رسول الله وقد جرى معه من صلب ابراهيم إلى عبد المطلب، فانه [ فقد خ ل ] قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): نقلت من اصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات، لم يمسسني سفاح أهل


(1) لعل مراد المصنف رحمه الله انه عليه السلام اخفى ايمانه فترة عن ابيه، والدليل على ذلك، ما روى البيهقي في دلائل النبوة ج 2 ص 163، أن ابا طالب عليه السلام لما عرف ايمان علي قال له: أسلمت ؟ قال: نعم، قال: وازر ابن عمك وانصره، قال البيهقي: اسلم علي قبل ابي بكر. وذكر ايضا ابن كثير في البداية والنهاية ج 3، ص 26. (2) – سورة ابراهيم، الاية: 35. (3) – كنز العمال ج 11، ص 383، الرقم: 31829: دعوة ابي ابراهيم وبشرى عيسى ابن مريم. وص 384 رقم: 31833: أنا دعوة ابراهيم، قال وهو يرفع القواعد من البيت. و رقم: 31834: أنا دعوة ابراهيم وبشرى عيسى بن مريم. وفي ص 405: أنا دعوة ابراهيم وكان آخر من بشر بي عيسى بن مريم. [ * ]

[ 650 ]

الجاهلية، (1) وأهل الجاهلية كانوا يسافحون وأنسابهم غير صحيحة، وأمورهم مشهورة عند أهل المعرفة. 320 – وروى حميد قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه واله فقال: يارسول الله من ابى ؟ قال: ابوك العبد الذي ولدت على فراشه، فقام عمر بن الخطاب فاخذ مقدم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ثم قال: رضينا بالله ربا، وبالاسلام دينا، وبمحمد نبيا، وبالقرآن كتابا، لا نسأل عما سبقنا، ونؤمن بما أنزل علينا، لا تبدين علينا سوأتنا، واعف عنا عفا الله عنك ! فقال (صلى الله عليه واله وسلم) فهل انتم منتهون ؟ قال: انتهينا يارسول الله. فهذا عمر بن الخطاب لم يثق بنسبه وأمر الناس أن لا يزيدوه على الخطاب. 321 – روى محمد بن فضيل عن ابي لهيعة (2) عن يزيد بن ابي حبيب (3) عن ربيعة بن لقيط (4)،


(1) – المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، لابن حجر العسقلاني، ط بيروت ج 4، ص 177 الرقم: 4256. (2) – عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري الفقيه قاضي مصر، المتوفي (174)، أنظر المعرفة والتاريخ ج 1 ص 165، وتهذيب الكمال ج 15 ص 487 الرقم: 3513. (3) – هو: يزيد بن ابي حبيب أبو رجاء المصري. أنطر تهذيب التهذيب ج 11 ص، 318، الرقم: 614، وتهذيب الكمال، ج 32، ص 102، الرقم: 6975. (4) – هو: ربيعة بن لقيط التجيبي روى عن عبد الله بن حوالة، ومالك بن هدم، وروى عنه يزيد بن ابي حبيب. الجرح والتعديل ج 3، ص 475، الرقم: 2133. [ * ]

[ 651 ]

عن مالك [ بن هدم ] (1) قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم، الا ولا يسألني أحد عما وراء الخطاب، وهذا عمر سئل عن عتق رقبة من ولد إسماعيل سأله رجل عن ذلك، فلم يثق الا بما كان من رسول الله وعبد المطلب. 322 – روى ذلك يزيد بن هارون (2) عن حريز بن عثمان (3) عن عوف بن مالك (4) قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إن علي نذر أن أعتق نسمة من ولد إسماعيل، فقال: والله ما أصبحت أثق لك بأحد الا ما كان من حسن وحسين وعلي بني عبد المطلب فانهم من شجرة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، واني سمعت رسول الله يقول: هم ولد ابي (5)


(1) – هو: مالك بن هدم، سمع عمر بن الخطاب. الجرح والتعديل ج 8، ص 217 الرقم: 969. والمعرفة والتاريخ للبسوي ج 2، ص 338. (2) – يزيد بن هارون بن وادي أبو خالد الواسطي، أنظر تهذيب التهذيب لابن حجر، ج 11، ص 366. (3) – هو: حريز بن عثمان، أبو عثمان الرحبي المتوفى (163). إنه من النواصب ومن غلاتها لعنهم الله، أنظر تهذيب التهذيب ج 2 ص 239 والمجروحين لابن حبان البستي، ج 10 ص 268، وسير اعلام النبلاء، ج 7 ص 79 الرقم: 35. وقاموس الرجال للتستري ج 3، ص 170 الرقم: 1814. (4) – الاشجعي: انظر الجرح والتعديل ج 7، ص 13، الرقم: 61. (5) – وفي ” ش “: بنو أبي. [ * ]

[ 652 ]

فانظروا كيف لم يعرف عمر الا ولد عبد المطلب ولم يثق في النسب الا بهم، ومن لا يصح له نسبه كيف يجوز أن ينسب إلى ابراهيم ؟ وكيف يصلح للامامة ؟، فإن الله يقول: (ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل) (1) فالذي لا يصح نسبته إلى ابرهيم فليس بمن سماه ابراهيم مسلما، ومن لم يسمه ابراهيم مسلما فليس بمسلم وهذا امر جليل يجب على الامة ان تفهمه وتنظر فيه فان من نظر وفحص رشد إن شاء الله. 323 – ثم هذا علي بن ابي طالب قد بقي بعد ابي بكر نحو ثلاثين سنة يعبد الله، فقد عبد الله قبله وبعده. (2) 324 (وروى عن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، أن رجلين كانا متواخين فمات احدهما قبل صاحبه، فصلى عليه النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، ثم مات الاخر فصلى عليه رسول الله ثم ماثل الناس بينهما فقال النبي (صلى الله عليه واله وسلم): فاين صلاة هذا بعد صلاته، وصيامه بعد صيامه ؟ لما بينهما كما بين السماء إلى الارض (3).


(1) – سورة الحج، الاية: 78. (2) – ذكر محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ص 59، وذكر العلامة الامر تسري في أرجح المطالب ص 402، ط لاهور، كما في إحقاق الحق ج 8، ص 596. (3) – وقال العلامة المجلسي في بحار الانوار ج 38 ص 235 وروى عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ان رجلين كانا متواخيين، فمات احدهما قبل صاحبه، فصلى عليه النبي صلى الله عليه واله وسلم ثم مات الاخر، فمثل الناس بينهما فقال عليه السلام: فاين هذا صلاته من صلاته وصيامه من صيامه ! = [ * ]

[ 653 ]

فهذا قوله في رجلين متكافئين، فكيف بمن لا يقترن به احد من الامة، فإذا كان الامام هذه صفته، فدليله ظاهر، فإنه متى لم تكن هذه صفته ادعاها من لا يصلح لها كما قد ادعى، فالنبي خاتم الانبياء والامام فلا غنى عنه كما قال الله: (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (1). فمن برهان اولهم الذي اقامه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ان الله خصه بالذرية التي ابى الله ان يخرجها الا من خير ارومة خلقها فان النبي قد صاهره رجال من بني عبدمناف، منهم: الربيع بن ابي العاص وعتبة بن ابي لهب، وعثمان بن عفان، فكان هو المصطفى لكرم النجل وطيب المغرس. 325 – ثم ما كان يظهر من امر القوم في فقهه في الدين وكماله في العلم حتى كان عمر بن الخطاب الذي ادعوا له تسعة اعشار العلم (2) وانه شارك الناس في العشر العاشر (3) لا يمتنع مع كراهته اياه وبغضه له


= لما بينهما كما بين السماء والارض. (1) – سورة الرعد، الاية: 7. (2) – أنظر طبقات ابن سعد، ج 2 ص 336، وفيه: لو وضع علم احياء العرب في كفة وعلم في كفة لرجح بهم علم عمر.. وكنا لنحسب عمر قد ذهب بتسعة اعشار العلم. (3) – وهو القائل: كل الناس افقه من عمر كما في شرح النهج لابن ابي الحديد، ولولا علي لهلك عمر، كما في المناقب للخوارزمي، ص 39، وقال: أعوذ بالله من معضلة لا علي لها، وقال: اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها علي بن ابي طالب حيا، وقال: لا ابقاني الله. بعدك يا علي. وأورد ايضا في مقتل الحسين، ط الغري، ص 45. [ * ]

[ 654 ]

وحرصه على إطفاء نوره ونور بني هاشم أن يسأله ويستتبعه حتى قال: لولا علي لهلك عمر. ثم متابعة جلة اصحاب محمد (صلى الله عليه واله وسلم) من المؤمنين له وهم أهل العلم والدين. 326 – منهم سلمان الفارسي رضي الله عنه الذي أدرك علم الاول والاخر، (1)


(1) – قال محمد بن سعد المتوفى (230) في كتاب الطبقات، ج 4، ص 85، ط بيروت: أخبرنا محمد بن عبد الله الاسدي قال: حدثنا مسعر، عن عمرو بن مرة، عن ابي البختري قال: سئل علي عن سلمان فقال: أوتى العلم الاول والعلم الاخر، لا يدرك ما عنده. قال: أخبرنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن زاذان قال: سئل علي عن سلمان الفارسي فقال: ذاك إمرؤ منا والينا اهل البيت، من لكم بمثل لقمان الحكيم، علم العلم الاول والعلم الاخر، وقرأ الكتاب الاول والكتاب الاخر، وكان بحرا لا ينزف. وقال الحافظ أبو نعيم احمد بن عبد الله الاصبهاني المتوفى (430) في كتابه حلية الاولياء، ج 1، ص 187: حدثنا محمد بن احمد بن الحسن، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا خلاد بن يحيى، حدثنا مسعر، حدثنا عمرو بن مرة، عن ابي البختري قال: سئل علي بن ابي طالب عن سلمان رضي الله تعالى عنهما ؟ فقال: تابع العلم الاول والعلم الاخر، ولا يدرك ما عنده. وقال: حدثنا سليمان بن احمد، حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا أبو غسان مالك بن = [ * ]

[ 655 ]

327 – ومنهم عمار بن ياسر الذي ملئ ايمانا إلى حشاشته (1) وقال


= إسماعيل، حدثنا حبان بن علي، حدثنا عبد الملك بن جريج، عن ابي حرب بن ابي الاسود، عن ابيه، وعن رجل، عن زاذان الكندي: قالا كنا عند علي رضي الله تعالى عنه ذات يوم، فوافق الناس منه طيب نفس ومزاح فقالوا: يا أمير المؤمنين حدثنا عن اصحابك، قال: عن أي أصحابي ؟ قالوا عن اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: كل اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اصحابي فعن ايهم ؟ قالوا: عن الذين رأيناك تلطفهم بذكرك والصلاة عليهم دون القوم، حدثنا عن سلمان، قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم ؟ ذاك امرؤ منا والينا اهل البيت، أدرك العلم الاول والعلم الاخر، وقرأ الكتاب الاول والكتاب الاخر، بحر لا ينزف. وفي تهذيب تاريخ دمشق ج 6 ص 201، عن ابي البختري قال: قيل لعلي رضي الله عنه: أخبرنا عن اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: عن ايهم تسألون ؟.. قالوا: فسلمان ؟ فقال: ادرك علم الاول والعلم الاخر، بحر لا يدرك قعره، وهو منا اهل البيت وقال الحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى (748) في كتابه تاريخ الاسلام، ج 2، (عهد الخلفاء الراشدين)، ص 515 ط بيروت: وقال علي: سلمان ادرك العلم الاول والعلم الاخر، بحر لا يدرك قعره، وهو منا اهل البيت. وقال: وعن علي، وذكر سلمان فقال: ذاك مثل لقمان الحكيم بحر لا ينزف. (1) – في ” ش “: مشاشه. قال الحافظ أبو بكر ابن ابي شيبة المتوفي (235) في مصنفه، ج 11 ص 118، الرقم: 12294، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الاعمش، عن عمارة، عن عمرو بن شرحبيل قال: قال رسول الله “: عمار ملئ ايمانا إلى مشاشه. وقال الحافظ الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الطهماني النيسابوري المعرمف بابن البيع، المتوفى (405)، في كتابه: المستدرك على الصحيحين ج 3، ص 392، ط الهند: = [ * ]

[ 656 ]


= أخبرني أبو علي الحافظ وهارون بن أحمد الجرجاني، قالا: حدثنا اسماعيل، حدثنا عليبن الحسن بن سليم الحافظ الاصبهاني، حدثنا محمبن ابي يعقوب، حدثنا عبد الرحمان بن مهدي، عن سفيان، عن الاعمش، عن ابي عمار، عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله، ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال: ” ملئ عمار ايمانا إلى مشاشه “. أقول: أنظر ترجمة الحاكم النيسابوري في تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1039 الرقم: 962، وفي سير اعلام النبلاء، ج 17، ص 162، ارقم: 100. وقال الحافظ أبو يعلى احمد بن علي بن المثنى الموصلي المتوفى (307) في مسنده ج 1، ص 324، الرقم: 404، حدثنا المقدمي والحسن بن حماد، قالا حدثنا عثام بن علي، حدثنا الاعمش، عن ابي اسحاق، عن هانئ بن هانئ، قال كنا عند علي جلوسا، فدخل عمار فقال: مرحبا بالطيب المطيب. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” عمار ملئ ايمانا إلى مشاشته “. وقال الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجه المتوفى (275) في سننه ج 1 ص 52 ط بيروت: حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا عثام بن علي، عن الاعمش عن ابي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، قال: دخل عمار على علي، فقال: مرحبا بالطيب المطيب. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” ملئ عمار ايمانا إلى مشاشه “. وقال الحافظ الهيثمي المتوفى (807) في مجمع الزوائد ج 9 ص 298: وعن عائشة أنها قالت: ما احد من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الا لو شئت لقلت فيه ما خلا عمارا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ملئ ايمانا إلى مشاشه. وقال الحافظ ابن الحجر العسقلاني المتوفى () في فتح الباري بشرح صحيح البخاري = [ * ]

[ 657 ]

فيه النبي (صلى الله عليه واله وسلم): عمار جلدة بين عيني، وهذا حين ارتجز، وهم ينقلون حجارة المسجد بابيات سمعها من امير المؤمنين (1):


= ج 7 ص 73، في (باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما): وروى البزار من حديث عائشة [ قالت ]: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ملئ ايمانا إلى مشاشه، يعني عمارا. قال الحافظ: وإسناده صحيح. وقال الحافظ: أبو عبد الرحمن احمد بن شعيب بن علي النسائي المتوفى (303) في سننه بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي ج 8 ص 111، باب تفاضل أهل الايمان: أخبرنا إسحاق بن منصور وعمرو بن علي عن عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن الاعمش عن ابي عمار عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملئ عمار ايمانا إلى مشاشه. وروى الحديث ايضا الحافظ ابي الفرج ابن الجوزي المتوفى (597) في صفة الصفوة ج 1 ص 444. (1) – قال أبو محمد عبد الملك بن هشام بن ايوب الحميري المتوفى (218) في كتابه: السيرة النبوية، ج 2، ص 142: قال ابن اسحاق فدخل عمار بن ياسر، وقد اثقلوه باللبن فقال: يارسول الله، قتلوني، يحملون علي ما لا يحملون. قالت ام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفض وفرته بيده، وكان رجلا جعدا وهو يقول: ويح ابن سمية ! ليسوا بالذين يقتلونك. انما تقتلك الفئة الباغية. وارتجز علي بن ابي طالب رضي الله عنه يومئذ. لا يستوي من يعمر المساجدا * يدأب فيه قائما وقاعدا ومن يرى عن الغبار حائدا قال ابن هشام: سألت غير واحد من اهل العلم بالشعر عن هذا الرجز، فقالوا: بلغنا أن = [ * ]

[ 658 ]

لا يستوي من يعمر المساجدا * إن بات (1) فيها قائما وقاعدا ومن غدا عن الغبار حائدا يعرض بعمر، فقال له عمر: يابن السوداء لهممت ان اغمسه في انفك، فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم): 328 – ما لكم ولعمار ؟ عمار جلدة ما بين عيني، ثم قال لعمار: تقتلك الفئة الباغية (2).


= علي بن ابي طالب ارتجز به، فلا يدري: أهو قائله أم غيره. قال ابن اسحاق: فاخذها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها. قال ابن هشام: فلما اكثر، ظن رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انه انما يعرض به، فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن ابن اسحاق. وقد سمى ابن اسحاق الرجل. قال ابن اسحاق: فقال: قد سمعت ما تقول منذ اليوم يابن سمية، والله اني لاراني سأعرض هذه العصا لانفك. قال: وفي يده عصا قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ما لهم ولعمار ! يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار، إن عمارا جلدة ما بين عيني وانفي، فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه. قال ابن هشام: وذكر سفيان بن عيينة عن زكريا عن الشعبي، قال: إن اول من بني مسجدا عمار بن ياسر. (1) – وفي ح: يبيت. (2) – قال أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى 438 في دلائل النبوة ج 6 ص 420 عن ابي سعيد الخدري، قال حدثنا من هو خير مني يعني: ابا قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال = [ * ]

[ 659 ]

329 – ومنهم أبو ذر الغفاري الذي قال فيه النبي [ صلى الله عليه واله وسلم ]: إنه يموت وحده ويبعث وحده ويدخل الجنة وحده (1).


= لعمار: تقتلك الفئة الباغية. قال أخرجه مسلم في الصحيح من حديث خالد بن الحارث والنظر بن شميل عن شعبة. اقول: أنظر كتاب الفتن في باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل. وقال: عن ام السلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتل عمارا الفئة الباغية وقاتله في النار. أنظر البداية والنهاية لابن كثير ج 3 (6) ص 213. وروى ايضا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي المتوفي (402) في معجم الشيوخ، ص 283. (1) – السيرة النبوية لابن هشام ج 4، ص 167، قال…. ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا، فجعل يتخلف عنه الرجل. فيقولون: يارسول الله، تخلف فلان، فيقول: دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه، حتى قيل: يارسول الله، قد تخلف أبو ذر، وأبطأ به بصيره، فقال: دعوه، فان يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وان يك غير ذلك فقد اراحكم الله منه، وتلوم أبو ذر على بصيره، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فجمله على ظهره، ثم خرج يتبع اثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله، فنظر ناظر من المسلمين فقال: يارسول الله ان هذا الرجل يمشي على الطريق وحده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن ابا ذر، فلما تأمله القوم قالوا: يارسول الله، هو والله ابو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” رحم الله ابا ذر، يمشي وحده ويموت وحده، ويبعث وحده “. وذكر الذهبي في تاريخ الاسلام ج 2، (عهد الخلفاء) ص 407. [ * ]

[ 660 ]

330 – ومنهم المقداد بن الاسود (1). 331 – ومنهم زيد بن صوحان الذي قال فيه النبي (صلى الله عليه واله وسلم): يسبقه عضو منه إلى الجنة (2)، فقطعت يده يوم موته، وقتل مع علي (عليه السلام)، يوم الجمل. 332 – ثم رجوع الزبير بن العوام بعدما برز بين الصفين حين تنازلا وتذاكرا (3)، فإذا كان الزبير لا يظن به الجبن أو الضعف وليس برعديد ولا


(1) – وفي المسند لاحمد بن حنبل ج 5، ص 351، قال: حدثنا عبد الله، حدثني ابي حدثنا ابن نمير، عن شريك، حدثنا أبو ربيعة، عن ابن بريدة، عن ابيه، قال: قال رسول الله “: إن الله عزوجل يحب من اصحابي اربعة، أخبرني أنه يحبهم وأمرني أن أحبهم قالوا: من هم يارسول الله ؟ قال: إن عليا منهم، وابوذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الاسود الكندي. وذكر ايضا الذهبي في تاريخ الاسلام ج 2، ص 409، عن أبي بريدة، عن ابيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” امرت بحب اربعة لان الله يحبهم: علي، وابي ذر، وسلمان، والمقداد “. (2) – وقال الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي في مسنده ج 1 ص 393 الرقم: 511: حدثنا ابراهيم بن سعيد، حدثنا حسين بن محمد، عن الهذيل بن هلال، عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي. عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من سره ان ينظر إلى رجل تسبقه بعض اعضائه إلى الجنة، فلينظر إلى زيد بن صوحان ” أنظر دلائل النبوة للبيهقي ج 6 ص 416. والبداية والنهاية لابن كثير ج 3 (6) ص 213 و 214. (3) – قال العلامة التستري في إحقاق الحق ج 8، ص 471: ومنه حديث زبير رواه [ * ]

[ 661 ]


جماعة من اعلام القوم: منهم: الحافظ أبو القاسم عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي الشافعي المتوفى (623) في ” التدوين ” (ج 1 ص 87 ط طهران المأخوذ من نسخة مكتبة الاسكندرية بمصر) قال: محمد بن احمد بن راشد أبو بكر بن ابي الوزير القزويني، قال: حدث عنه أبو الحسن القطان في الطوالات فقال: حدثنا محمد بن ابي الوزير القزويني قال: حدثنا احمد بن محمد بن ابي سلم قال: حدثنا محمد بن حسان قال: حدثنا انباط ومالك بن اسماعيل أن ابي إسرائيل عن الحكم قال: شهد مع علي رضي الله عنه ثمانون بدريا ومأتان وخمسون ممن بايع تحت الشجرة وبه، عن محمد بن حسان قال: حدثنا نصر عن عبد الله ابن مسلم الملاي عن ابيه عن حبة العرني عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه تقدم على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهبا بين الصفين قال: فدعا الزبير فكلمه فدنا حتى اختلف اعناق دابتهما فقال: يا زبير أنشدك بالله أسمعت رسول الله ” يقول: إنك ستقاتله وانت ظالم له ؟ قال: اللهم نعم قال: فلم جئت ؟ قال: جئت لاصلح بين الناس قال: فادبر الزبير وهو يقول: الابيات. وقال المتقي الهندي في كنز العمال ج 11 ص 329 الرقم: 31651. عن قتادة قال: لما ولي الزبير يوم الجمل بلغ عليا فقال: لو كان ابن صفية يعلم أنه على الحق ما ولي ! وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيهما في سقيفة بني ساعدة، فقال: أتحبه يا زبير ؟ قال: وما يمنعني ؟ قال: فكيف بك إذا قاتلته وأنت ظالم له ؟ قال: فيرون انه إنما ولي لذلك. وقال ايضا: عن ابي الاسود الدئلي قال: لما دنا علي واصحابه من طلحة والزبير = = ودنت الصفوف بعضها من بعض خرج عي وهو على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى: ادعو [ * ]

[ 662 ]

خوان، فليس لرجوعه وجه الا التوبة. 333 – ثم قول عائشة: لان أكون لم اشهد الجمل احب الي من عشرين ولدا من رسول الله كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام (1).


لي الزبير بن العوام ! فدعى له الزبير فاقبل، فقال علي: يا زبير انشدتك بالله اتذكر يوم مر بك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مكان كذا وكذا فقال: يا زبير أتحب عليا ؟ فقلت: الا احب ابن خالي وابن عمتي وعلي ديني ؟ فقال: يا زبير ! أما والله لتقاتله وأنت ظالم له ؟ قال: بلى والله ! لقد نسيته منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكرته الان، والله لا أقاتلك ! فرجع الزبير فقال له ابنه عبد الله: مالك ؟ فقال: ذكرني علي وانت له ظالم، قال: وللقتال جئت ؟ إنما جئت تصلح بين الناس ويصلح الله هذا الامر، قال: لقد حلفت ان لا اقاتله، قال: فاعتق غلامك وقف حتى تصلح بين الناس فاعتق غلامه ووقف، فلما اختلف امر الناس ذهب على فرسه. انظر دلائل النبوة للبيهقي ج 6 ص 414 و 415. والبداية والنهاية لابن كثير ج 3 (6) ص 213. والمطلب العالية لابن حجر العسقلاني ج 4، ص 301، رقم الحديث: 4470. (1) – هو: عبد الرحمان بن الحارث هشام بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو محمد الهمداني ولد في زمان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وروى عن ابيه، قاله: ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب ج 6 ص 156، وقال في ص 157: وقال ابن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن ابيه، سمع عائشة تذكر عبد الرحمان بن الحارث، وفي هامشه هكذا: وكانت عائشة تقول: لان أكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة احب الي من أن يكون لي من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عشرة من الولد كلهم مثل عبد الرحمان بن الحارث. = = وقال الحافظ محمد بن سليمان الكوفي في مناقبه ج 2 ص 347 الرقم: 832 حدثنا [ * ]

[ 663 ]


أحمد بن علي قال: حدثنا الحسن بن علي قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا محمد عن البري: عن سليم مولا لعائشة قال خرجت إلى مكة من المدينة فما كانت تمر بحجر ولا شجر ولا جبل الا وقالت: ياليتني كنت مثل هذا. وتبكي ندامة على ما صنعت ! ! !. 824 – [ حدثنا ] أحمد قال: حدثنا الحسن قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا محمد عن إسماعيل بن ابي خالد عن مدرك: عن عبادة قال: قالت عائشة: والله لان اكون قعدت فلم أكن خرجت مخرجي هذا [ كان ] أحب الي من عشرة اولاد كلهم من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كلهم مثلا ولد الحارث بن هشام. وفي مختصر تاريخ دمشق لابن منظور متوفى 711 ج 14 ص 225 قال محمد بن قيس: ذكر العائشة يوم الجمل فقالت: والناس يقولون يوم الجمل ؟ قالوا لها: نعم، فقالت عائشة: وددت اني كنت جلست كما جلس اصحابي فكان أحب إلى من ان اكون ولدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر رجلا كلهم مثلا عبد الرحمن بن حارث، أو مثل عبد الله بن الزبير. وفي رواية: لان اكون قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة احب الي من ان يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من الولد كلهم مثل عبد الرحمن بن حارث. وقال الذهبي في تاريخ الاسلام ج 3 ص 264، قال ابن سعد قالت عائشة: لان اكون قعدت ان مسيري إلى البصرة احب الي من ان يكون لي عشرة من الولد من النبي صلى الله عليه وسلم مثل عبد الرحمن بن حارث بن هشام. وقال الحافظ ابي الحجاج يوسف المزي المتوفى 742 في تهذيب الكمال ج 17 ص 42 نقلا عن محمد بن سعد قال: توفي عبد الرحمن بن الحارث بالمدينة في خلافة معاوية = = وكان رجلا شريفا سخيا وكان قد شهد الجمل مع عائشة تقول: لان اكون [ * ]

[ 664 ]

334 – ثم قول ابن عمر مع بغضه لعلي (عليه السلام): وددت اني قاتلت الفئة الباغية مع علي بن ابي طالب (1)، ثم غمس الحسن والحسين ايديهما معه في الدماء وهما سيدا شباب اهل الجنة، ثم كان مفتاح الظفر به وبعميه خمزة والعباس، ثم هو صاحب مرحب وصاحب باب خيبر، 335 – ثم إستخراجه العين وإزالة الصخرة التي اجتمع إليها ليدفعها عن رأس العين عالم من الناس فلم يقدروا فجاء علي فرمى بها قاب خلوة فكانت كما قال السيد:


قعدت في منزلي عن مسيري إلى البصرة، أحب الي من ان يكون لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة من الولد، كلهم مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. (أنظر طبقان لابن سعد ج 5 ص 5 و 6. (1) – قال الذهبي في سير اعلام النبلاء ج 3 ص 231: عن حبيب بن ابي ثابت عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: ما آسى على شئ الا اني لم اقاتل الفئة الباغية، قال الذهبي: هكذا رواه الثوري عنه، وقد تقدم نحوه مفسرا. وأما عبد العزيز بن سياه، فرواه عنه ثقتان، عن حبيب بن ابي ثابت، ان ابن عمر قال: ما آسى على شئ فاتني الا اني لم اقاتل مع علي الفئة الباغية. فهذا منقطع. وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن حبيب بن ابي ثابت، عن ابيه: قال ابن عمر حين احتضر: ما اجد في نفسي شيئا الا اني لم اقاتل الفئة الباغية مع علي بن ابي طالب. [ * ]

[ 665 ]

فكأنها كرة بكف حزور * عبل الذراع رحابها في ملعب (1)


(1) – قال العلامة التستري في إحقاق الحق ج 4 ص 97: منهم العلامة المحدث العارف الشيخ جمال الدين محمد بن أحمد الحنفي الموصلي الشهير المتوفي سنة (680) في كتابه ” در بحر المناقب ” (ص 19 المخطوط). قال: ومن فضائله عليه السام انه لما سار إلى صفين اعوز أصحابه الماء فشكوا إليه عليه السلام فقال: سيروا في هذه البرية واطلبوا الماء، فساروا يمينا وشمالا وطولا وعرضا فلم يجدوا ماء و وجدوا صومعة فيها راهب فبادروه وسألوه عن الماء، فذكر انه يجلب إليه في كل اسبوع مرة واحدة فرجعوا إلى امير المؤمنين عليه السلام فاخبروه بما قاله الراهب، فقال عليه السلام: الحقوني، ثم سار غير بعيد وقال: إحفروا ههنا فحفروا فوجدوا صخرة عظيمة فقال: اقلبوها تجد الماء تحتها، فتقدم إليها اربعين فلم يحركوها، فقال عليه السلام: اليكم عنها وحرك شفتيه بكلام لم نعلم ما هو، ثم دحاها إلى الهواء كالاكراه في الميدان، فقال الراهب وهو ناظر إليه ومشرف عليه: من انت يافتى ؟ فنحن عندنا في كتبنا ان هذا الدير بني على هذا البئر والعين وانها لا يعلم بها الا نبي أو وصي نبي فايهما أنت ؟ فقال: انا وصيي خير الانبياء انا وصيي سيد الانبياء انا وصي خاتم الانبياء، انا ابن عم قائد الغر المحجلين علي بن ابي طالب امير المؤمنين، فلما سمع الراهب نزل من الصومعة وخرج وهو يقول: مد يدك فانا أشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، وان محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله، وان علي بن ابي طالب وصيه وخليفته من بعده، وشربوا المسلمين من العين ومائها ابيض من الثلح، واحلى من العسل، فشربوا منه وسقوا خيولهم وملاوا رواياهم، ثم اعاد عليه السلام الصخرة إلى موضعها، ثم ارتحل من عين ناحوما إلى ديارهم. وقال التستري رحمه الله ايضا في احقاق الحق ج 8 ص 327: منهم العلامة الشهير ابن ابي = [ * ]

[ 666 ]


= الحديد في ” شرح النهج ” (ج 1 ص 7 ط القاهرة) قال: وهو (أي علي) الذي اقتلع الصخرة العظيمة في ايام خلافته بيده عليه السلام بعد عجز الجيش كله عنها فانبط الماء من تحتها. ومنهم العلامة الشيخ علاء الدين القوشچي في ” شرح التجريد ” (المطبوع بهامش شرح المواقف ج 4 ص 330 ط اسلامبول) قال: روي انه (أي عليا) لما توجه إلى صفين مع اصحابه اصابهم عطش عظيم فامرهم أن يحفروا بقرب دير فوجدوا صخرة عظيمة عجزوا عن نقلها فنزل علي عليه السلام فاقلعها ورمي بها مسافة بعيدة فظهر قليب فيه ماء فشربوا عنها ثم اعادها ولما رأي ذلك صاحب الدير اسلم. وقال ايضا في إحقاق الحق ج 15 ص 135: ومنهم العلامة الشيخ عبد الله الحنفي الامر تسري من المعاصرين في ” أرجح المطالب ” (ص 68 ط القاهرة). روى نقلا عن ” مطالب السؤل ” قال: لما توجه علي إلى صفين واحتاج اصحابه إلى الماء والتمسوه يمينا وشمالا فلم يجدوه، فعدل بهم امير المؤمنين عن الجادة قليلا فلاح لهم دير في البرية، فساروا يسألون من فيه عن الماء فقال بينكم وبين الماء فرسخان فسيروا إلى حيث اقول لكم لعلكم تدركون الماء فقال امير المؤمنين اسمعوا ما يقول الراهب فقالوا يأمرنا ان نسير إلى حيث اومي الينا لعلنا ندرك الماء ليس بنا قوة. فقال علي: لا حاجة بكم إلى ذلك ولوى عنق بغلته نحو القبلة واشار إلى مكان بقرب الدير، فقال إكشفوه، فكشفوه فظهرت لهم صخرة عظيمة، فقالوا: يا أمير المؤمنين هيهنا صخرة لا يعمل فيها فقال: هذه = [ * ]

[ 667 ]

336 – ومن برهانه: أنه طول ما لقى من الحروب مع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، لم يبارز احدا الا ظفر به، ولا جرح احدا الا مات ولم يخرج في حرب الا وهو ماش طول الدهر بعير جنة إلى العدو. 337 – ومن عجائبه: نزول الراهب بكتابه يقرأه على الناس من كتب النبوة يخبر عن إمامة وعن وجوب متابعته، وعلمه وحلمه وكماله (1).


= الصخرة على الماء فاجتهدوا في قلعها فما زالت عن موضعها فاجتمع القوم وجهدوا في تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا واستصعبت عليهم، فلما رأى ذلك لوى رجله عن سرجه ثم حسر من ساعده ووضع اصابعه تحت جانب الصخرة فحركها بيده ووضعها حيث كانت والراهب ينظر من فوق دير فنادى يا قوم فانزلوني فوقف بين يدي امير المؤمنين فقال: يا هذا انت نبي مرسل ؟ ! قال: لا. قال: فملك مقرب. قال: لا. فمن أنت ؟ قال: أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين ” ص ” قال: أبسط يدك أسلم على يدك فبسط امير المؤمنين والراهب اسلم على يده. (1) – وقال أبو الفضل نصر بن مزاحم بن سيار المنقري المتوفى (212) في كتابه: وقعة صفين ص 147: عمر بن سعد، حدثني المسلم الملائي، عن حبة، عن علي، قال: لما نزل علي الرقة بمكان يقال له بليخ على جانب الفرات، فنزل راهب هناك من صومعة فقال لعلي: إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا، كتبه اصحاب عيسى بن مريم، اعرضه عليك. قال علي: نعم فما هو ؟ قال الراهب: بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى، وسطر فيما سطر، أنه باعث في الاميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة، ويدلهم على سبيل الله، لا فظ ولا غليظ، ولا صخاب في الاسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون = [ * ]

[ 668 ]

338 – ومن دلائله قوله يوم الجمل: قد امرت بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين، فالناكثون: الزبير وطلحة ومن تابعهما، والمارقون: عبد الله بن وهب الراسبي صاحب الخوارج ومن تابعه، والقاسطون معاوية وعمرو بن العاص واصحابهما (1).


= الذين يحمدون الله على كل نشز، وفي كل صعود وهبوط، تذل السنتهم بالتهليل، والتكبير، والتسبيح، وينصره الله على كل من ناواه، فإذا توفاه الله اختلفت امته، ثم اجتمع، فلبثت بذلك ما شاء الله، ثم اختلفت، فيمر رجل من امته بشاطئ هذا الفرات، يامر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويقضى بالحق، ولا يرتشى في الحكم. الدينا اهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح، والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء، يخاف الله في السر، وينصح له في العلانية، ولا يخاف في الله لومة لائم. من أدرك ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضواني والجنة، ومن ادرك ذلك العبد الصالح فلينصره، فان القتل معه شهادة. ثم قال له: فانا مصاحبك غير مفارقك حتى يصيبني ما اصابك، قال: فبكى علي ثم قال: الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسيا، الحمد لله الذي ذكرني في كتب الابرار. ومضى الراهب معه، وكان – فيما ذكروا – يتغدى مع علي ويتعشى حتى اصيب يوم صفين، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم، قال علي: أطلبوه. فما وجدوه صلى عليه ودفنه، وقال: هذا منا اهل البيت. واستغفر له مرارا. (1) – قال الخوارزمي في مناقبه ص 125: أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيروية بن شهردار الديلمي فيما كتب الي من همدان، أخبرني الشيخ العالم محى السنة ابو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة، أخبرني أبو الحسين احمد بن = [ * ]

[ 669 ]

339 – ومن دلائله: ما روى عبد الله بن العباس رضي الله عنه قال: لما نزل (عليه السلام) ذاقار، بعثني مع ابنه الحسن وعمار إلى اهل الكوفة، فخرجنا


= محمد بن تميم الحنظلي بقنطرة بردان، حدثني محمد بن سعيد بن الحسن بن عطية بن سعيد العوفي، حدثني ابي، حدثني عمي عمرو بن عطية بن سعيد، عن اخيه الحسن بن عطية، حدثني جدي سعد بن عبادة، عن علي عليه السلام قال: ” أمرت بقتال ثلاثة، الناكثين والقاسطين والمارقين، اما القاسطون فاهل الشام، واما الناكثون فاهل الجمل، وأما المارقون فاهل النهروان – يعني الحرورية “. وقال ابن عساكر الدمشقي في ترجمة الامام علي عليه السلام ج 3 ص 200 ط بيروت عن ابي الجارود: عن زيد بن علي بن الحسين بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي، قال: أمرني رسول الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين. وقال: عن علي بن ربيعة، قال: سمعت عليا يقول: ” عهد الي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين. ” وقال: عن انس بن عمرو، عن ابيه، عن علي قال: أمرت بقتال ثلاثة، المارقين والقاسطين والناكثين. وقال عن ابراهيم، عن علقمة عن علي وعن ابي سعيد التيمي، عن علي عليه السلام قال: ” امرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين “. وقال: عن خليد القصري قال: سمعت امير المؤمنين علي يقول يوم النهروان: ” أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين. قال أحمد المحمودي: ومن اراد التفصيل فعليه مراجعة كتاب المذكور. [ * ]

[ 670 ]

حتى قدمناها، فدعونا الناس فأجابونا، وعجلنا الرجوع إلى علي (عليه السلام) قبل اجتماع الناس وتحاشدهم وخروجهم، فلما كان صبيحة يوم من الايام، قال لنا: يأتيكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف وبضع وثلاثون رجلا، فقمت على وادي ذي قار اعدد صفوفهم وجماجم رؤوسهم، فما زاد فارس على ما قال ولا نقص (1).


(1) – وقال العلامة التستري رحمه الله في إحقاق الحق، ج 8 ص 95: ومنهم: العلامة ابن حسنويه الحنفي في ” در بحر المناقب ” (ص 15 مخطوط). قال: قال عبد الله بن عباس: بينما انا معه (أي مع علي) بذي قار، وقد ارسل ولده الحسن رضي الله عنه إلى الكوفة ليستنفر اهلها، ويستعين بهم على حرب الناكثين من أهل البصرة قا لي: يا ابن عباس قلت: لبيك يامير المؤمنين قال فسوف يأتي ولدي الحسن مع هذا النور ومعه عشرة الاف فارس وراجل لا يزيد فارس ولا ينقص فارس، قال ابن عباس: فلما أظلنا الحسن رضي الله عنه بالجند لم يكن لي همة الا مسائلة الكاتب كم كمية الجند ؟ قال لي: عشرة الاف فارس وراجل لا يزيد فارس ولا ينقص فارس قال: فعلمت ان ذلك العلم من تلك الابواب الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن الاثير في الكامل ج 3 ص 231 عند ذكره وقعة الجمل: وقيل: إن عدد من سار من الكوفة اثنا عشر الف رجل ورجل. قال أبو الطفيل: سمعت عليا يقول ذلك قبل وصولهم، فقعدت فاحصيتهم فما زادوا رجلا ولا نقصوا رجلا. أقول: ونقل عنه المولى حيدر علي الشرواني في ” مناقب اهل البيت ” ص 204. [ * ]

[ 671 ]

340 – ومن دلائله وعجائبه: ما قال حذيفة بن اليمان له لما سار من عثمان: اني والله ما فهمت قولك، ولا عرفت تأويله حتى بلغت ليلتي هذه اتذكر ما قلت لي بالحرة وانت مقبل ! كيف أنت يا حذيفة إذا ظلمت العيون العين ؟ ! والنبي (صلى الله عليه واله وسلم) يومئد بين أظهرنا، فلم اعرف تأويل كلامك، ونسيت أن أذكر ذلك للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) يومئذ، فلما كان من أمري ما اراد الله بي، اذكرني الله كلمتك في ليلتي، ورأيت ابن ابي قحافة قد قام مقام رسول الله واسمه عبد الله اول اسمه عين (1)، ثم الذي كان من بعده عمر واول اسمه عين، ثم الذي كان من بعده عثمان واول اسمه عين، وانت علي المظلوم واول اسمك العين، فعلمت أن هذا تأويل كلمتك، فقال له: يا حذيفة اين انت عن عبد الرحمان بن عوف حين مال بها إلى عثمان ! ! (2).


(1) انظر تاريخ الاسلام للذهبي ج (عهد الخلفاء) ص 105، وفيه: اسمه عبد الله، ويقال: عتيق بن ابي قحافة، (2) – في قصة الشورى والبيعة. وقال العلامة المجلسي رحمه الله في بحار الانوار ج 41 ص 311: وقال له عليه السلام حذيفة بن اليمان في زمن عثمان: إني ما فهمت قولك ولا عرفت تأويله حتى بلغت ليلتي أتذكر ما قلت لي بالحرة وإني مقبل ” كيف أنت يا حذيفة إذا ظلمت [ * ]

[ 672 ]

341 – ومن عجائبه: قوله للرجل حين دعا عليه، فقال: إن كنت كاذبا فسلط الله عليك غلام ثقيف، قالوا: يا أمير المؤمنين، ومن غلام ثقيف ؟ قال: غلام لا يدع الله حرمة الا انتهكها ولا عظيمة الا ارتكبها، واخذ في وصف الحجاج بن يوسف الثقفي، فادرك الرجل الحجاج فقتله (1). 342 – ومن عجائبه: حيث خطب الناس بالكوفة لما رأى عجزهم، فقال: مع أي امام بعدي تقاتلون ؟ وأي دار بعد داركم تمنعون ؟ اما أنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا وأثرة قبيحة يتخذها الظالمون عليكم سنة، فوجد ذلك كله كما قال. 343 – ومن عجائبه ودلائله: ما نقله المرجئة والناصبة عن صخر بن ابي الجهم العدوي وكان مواليا لعثمان معاديا لعلي (عليه السلام)، قال:


العيون العين ؟ ” والنبي صلى الله عليه واله بين اظهرنا ولم اعرف تأويل كلامك الا البارحة، رأيت عتيقا ثم عمر تقدما عليك، وأول إسمهما عين فقال يا حذيفة: نسيت عبد الرحمن حيث مال بها إلى عثمان. وفي رواية: وسيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية بن آكلة الاكباد، فهؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي. وأورده ابن شهر آشوب في المناقب ج 2 ص 268، وفيه: وسيضم إليهم عمرو بن العاص مع معاوية بن آكلة الاكباد. فهاؤلاء العيون المجتمعة على ظلمي. (1) – انظر المصدر. [ * ]

[ 673 ]

خرجت بكتاب عثمان والمسلمون قد نزلوا بذي خشب إلى معاوية، وقد طويته طيا لطيفا في قراب سيفي وقد تنكبت الطريق وتوجهت سواد الليل حتى إذا كنت بجانب الجرف إذا انا برجل على بغلة مستقبلي ومعه رجلان يمشيان امامه فإذا هو علي بن ابي طالب قد اقبل من ناحية البدر، فاثبتني، ولم اثبته حتى سمعت كلامه، فقال لي: اين تريد يا صخر ؟ قلت: العراق فادع لي بالصحبة، فقال لي: فما هذا الذي في قراب سيفك ؟ فقلت له: لا تدع مزاحك ابدا، ثم جزته وتركني (1). 344 – ومن عجائبه: ما كان من امر ذي الثدية بالنهروان حيث قال: اطلبوه في القتلى فانه رجل علامته كذا وكذا، وعلى يده مثل الثدي له شعيرات كشارب السنور (2) ثمان أو تسع، فطلب ثلاث مرات فلم يوجد، فلما عادوا، قام بنفسه يطلبه، فوجده فاخرجه على الصفة التي اخبر (3). 345 – ومن عجائبه: ما كان في غزاة بني زبيد، وأمر الرجل الذي دعا عليه، وفي وجهه برص وخال فتفشى الخال في وجهه حتى اسود وجهه كله !.


(1) – انظر بحار الانوار للمجلسي رحمه الله ج 41 ص 305. (2) – في ” ش “: على يده شعيرات كشارب الهر. (3) – في ” ح “: ذكر. [ * ]

[ 674 ]

346 – ومن عجائبه: دعائه على انس حين ثقل عيه، وقال: إن كنت كاذبا فضربك الله بها بيضاء (1) في وجهك كله لا تواريها العمامة، فبرص كله من قرنه إلى قدمه. فهذه جملة من عجائبه، ولو شئنا لاتينا باضعاف ذلك مما لا يقدرون على دفعه، ثم لما لم يقدروا على دفع ما أوردناه طالبونا بعلة التقية، وكيف جاز لبني هاشم القعود عن حقهم في زمان اعدائهم، ولم يجز للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) إخفاء نفسه، فاعلمناهم ان الرسول قد استعمل التقية حينا حتى وجد اعوانا، فلما وجدهم خرج إلى المدينة، واظهر الامر، على ان شرط الرسول خلاف شرط الامام بعده لان الرسول هو مبتدئ الدعوة ومظهر الشريعة، فندعوه إلى اظهار المصلحة، وبنو هاشم لو كانوا في تقية طول مدتهم لكان الدين مكتوما، ولم يكن على ظهر الارض محجوج إذ كانت الحجة لا تلزم الا بظهور الاية إذا ظهرت، وإذا اعلن الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، فقد صارت الدار علانية، (2) ولا يجوز ان يرسل الله رسولا فتكون اياته كلها في دار التقية، فلا يظهر أمره ولا يشيع خبره والرسول هو البشير، ولابد للبشير من علم بصدقه ببرهان يقيمه ولا يجوز أن يحيى الموتى لمن اظهر دعواه واخفى معناه، لانه فلق البحر


(1) – وفي ” ش “: ببيضاء. (2) – وفي ” ح ” ” ش “: دار. [ * ]

[ 675 ]

وأحيا الموتى وانطق الذئب ومشى على الماء وهو ساكت، ولم تقم حجته على من بعث إليه، فاما بنو هاشم فقد يجوز لهم التقية لانهم ليسوا الذين ابدعوا الشريعة، فإذا كان امر المتقدمين قد اعلن فقد كمل الامر وجازت التقية، إذ وقف على حال الظالمين لهم والمنكرين لحقهم، وعرف كراهتهم لهم، ثم كانوا في زمن بني أمية والذين اباحوا دمائهم حتى أصبحوا غير آمنين على انفسهم، إذ كانت الامة لا تنصرهم غير طائفة منها، فلما كانوا غير رسل ولا انبياء جاز لهم التقية، لان الحظر وقع على النبي (صلى الله عليه واله وسلم) الذي أمر باظهار الدعوة إذ كان مبعوثا إلى الكفار، فدعاهم إلى الدخول في الدين وجالدهم عليه بالسيف، فاجابه من اجابه، وحاد عنه من حاد فلما وجبت الدعوة على من تابعه وصلى بصلاته، وصام بصيامه واقام عمود الدين، وكانوا ممن قام بهم الدين، ولم يحتج الائمة إلى اظهار امر خامل (1) وجب على الامة طلب الامام لقول النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، لعلي (عليه السلام): أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي (2). 347 – والدليل على ذلك أن الجائرة من بني امية الذين جعلوا المدينة ثغرا، ومكة مقتلا، وهما حرم الله وحرم رسوله (صلى الله عليه واله وسلم)، و كان في طول ما ملكوا وقهروا واستقلوا وطغوا، جهدوا مع تمكنهم و


(1) – في ” ش “: حائل. (2) – انظر ص 387 من هذا الكتاب. [ * ]

[ 676 ]

قدرتهم في قمع آل محمد وشيعتهم، وإماتة امرهم، واطفاء نورهم، والقتل لمن اظهر تفضيلا لهم وروى حديثا عنهم، ولم يزل السيف يقطر من دمائهم ولم تزل السجون مشحونة بدعاتهم ومظهري فضلهم، فكانوا بين قتيل واسير، ومستخف وطريد حتى ان الفقيه المحدث و القاص المذكر ليتقدم إليهم بالابعاد والتخويف الا يذكروا حرفا واحدا من فضائلهم حتى صار أسوأ الناس قولا فيهم اقرب الناس إليهم، ولقد كان المحدث في الفقه ليأتي بخبر من خبر المبارزة، فيقول: قال رجل من قريش ولا يذكر عليا (عليه السلام)، وكان مكحولا يعتمد في الفقه على قول علي بن ابي طالب فيقول إذا ذكر قوله: قال أبو زينب، ولم يجسروا ان يسموا الا، ولا عليا ! ! (1).


(1) – قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة، ج 4، ص 73: قال [ أبو جعفر ]: وقد صح أن بني أمية منعوا من اظهار فضائل علي عليه السلام، وعاقبوا ذلك الراوي له حتى ان الرجل إذا روى عنه حديثا لا يتعلق بفضله بل بشرايع الدين لا يتجاسر على ذكر اسمه فيقول: عن ابي زينب. قال العلامة المجلسي (ره) في البحار، ج 28، ص 152: وقد روى في كتاب الاختصاص عن سعيد بن عبد العزيز، انه قال: كان الغالب على مكحول عداوة علي بن ابي طالب صلوات الله عليه، وكان إذا ذكر عليا عليه السلام لا يسميه ويقول: أبو زينب. [ * ]

[ 677 ]

348 – منهم: موسى بن رباح المحدث (1) سمى ابنه عليا فذبحوا ابنه في حجره فلم يزدهم الله الا رفعة وعلوا، ولم يزدد امرهم الا استنارة حتى صار ذلك زيادة في نباهتهم، فان الحجاج ابن يوسف دام سلطانه عشرين سنة، وقد اخذ الناس بقراءة ما في مصحف عثمان وعلي ترك قراءة عبد الله بن مسعود، وابي بن كعب، وكان يضرب عليه ويوعد شيعة علي (عليه السلام) وعترة الرسول بما صنعت الجبابرة في قومها، فنشأ عليها الصغيرة وهرم عليها الكبير حتى لم يعرفوا الا مصحف عثمان، ولقد جهد القوم في إطفاء نورهم وطمس آثارهم، وما جعل الله في قلوب المؤمنين من المحبة لهم فما قدروا على ذلك، وكانوا على إخفاء حسناتهم حرصا منهم على إسقاط قراءة عبد الله وابي [ بن كعب ] فعلى حسب ذلك اظهر الله امرهم على السنة الخاصة والعامة، ثم زانها المرجئ والعثماني وفقهائهم (2) لا يمتنعون من رواية فضل


(1) – هو: موسى بن علي بن رباح أبو عبد الرحمان اللخمي المصري، واسم ابيه علي بالضم وانما صغر لانه كانت بنو امية إذا سمعوا بمولود اسمه علي قتلوه، فبلغ ذلك رباحا، فقال: علي. انظر سير اعلام النبلاء ج 7 ص 411 و 412. وتاريخ الاسلام للذهبي ج 7، ص 427، الرقم: 505، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور، ج 17، ص 284، ومشاهير علماء الامصار للبستي ص 122، وتهذيب التهذيب لابن حجر ج 7، ص 319. (2) – في ” ش “: العامة. [ * ]

[ 678 ]

علي (عليه السلام) وولده اهل البيت، وكانوا مع رواياتهم يحرفون الحديث، ويتأولون فيه صدق الحديث وإنكار الواضح بمخرج الكلام وظاهر مضايق المخارج، وكانوا من اصحاب الاحتيال حتى اخبرت كاليهود حيث اخبروا بمعجزات عيسى فزعموا انه ساحر، وكالزنادقة حيث أخبروا بعجائب محمد (صلى الله عليه واله وسلم)، فادعت (1) بعجائب ان ذلك كله سحر، وإذا كانت أمورهم لا تزداد الا حدة، ولا يزداد المحدثون الذين قربوا من الملوك وما كانوا يوردون عليهم من اطفاء نورهم الا ازديادا (2) من الروايات في تنقصهم وليس يزداد شأنهم الا علوا، وفضلهم الا بيانا، وحبهم الا شغفا، ومحبتهم الا هوى، فهل ذلك الا من إمارات الحق، إذ كان الله عزوجل قد جعلهم نور الابصار، واعلام الهدى، وباب السلامة، وفي الاقتداء بهم كالنجوم، وفي النجاة كسفينة نوح وسببهم متصل بالسماء إليهم في الحق ينتهي وعنهم فيه يصدر، ومن عندهم تقتبس، صبروا على الاواء والبلوى، إذ كانوا أحق الناس بالرسول، و إذ كانوا البقية بعده والاخيار من الامة، قد اخذ الرسول مودتهم أجرة، وقد اضحوا عن الناس بعده اخلافا على الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وصاروا مثقلين مصفدين بكل واد منهم جسد يبلى، وقتيل ينعى، لا يدعو إلى


(1) – في ” ح “: فادعوا. (2) – في ” ح “: بالازدياد. [ * ]

[ 679 ]

نصرهم داع، حتى نالهم السبي، وأصابهم الجهد هذا وهم خيار الخلق، 349 – وقد اغرى العامة على بغضهم حتى لو تحرك متحرك من بني تيم أو بني عدي، أو من بني امية أو خارجي خرج صاروا معه على بني هاشم اهل بيت النبوة وضاربوا معه بالسيف، فيا سوأة للعارفين، و يا حجة على المتوسلين بوسائل منكرة حتى ان القائل ليقول في دعائه: اللهم اني أسألك بحق ابي بكر وعمر الا فعلت كذا وكذا !، ولا يتقربون إلى الله عزوجل برسوله، والى رسوله بذريته، فقد وضح عنهم الجحود و بسوء الخلافة، فيا حسرتاه على قدر ما نالهم، ويا اسفاه على ما قد اصابهم، ويا فضيحتاه عند نبيهم يوم يلقونه، فيقول: كيف خلفتموني في الثقلين ؟ فلم اعلم لهم حجة، إلا أن يقولوا: أما الثقل الاكبر فحرفناه ! ؟، واما الثقل الاصغر فقتلناه، هذا وهم يمنعون جيرانهم من الضيم واهل بيت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، جياع قد آمنت الوحوش وهم لم يأمنوا يمسون ويصبحون، وهم ينهشون عصوا الله والرسول، واطاعوا الثاني عمر فيهم ! ؟، إذ كان اغلظ الخلق عليهم لا يريد الا إطفاء نورهم وإماتة أمرهم !، وليس القصد لهم بل القصد لصاحب الرسالة !، وهذا امر لا خفاء به.


(1) – قال ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة، ج 5، ص 129: وقد طعن كثير من اصحابنا في دين معاوية، ولم يقتصروا على تفسيقه، وقالوا عنه: إنه [ * ]

[ 680 ]

350 – اليس قال الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وقد تغرغر: إيتوني بدواة


كان ملحدا لا يعتقد النبوة، ونقلوا عنه في فلتات كلامه، وسقطات الفاظه ما يدل على ذلك: قال: وروى الزبير بن بكار في [ أخبار ] الموفقيات، وهو غير متهم على معاوية، ولا منسوب إلى اعتقاد الشيعة، لما هو معلوم من حاله من مجانبة علي عليه السلام، والانحراف عنه – قال المطرف بن المغيرة بن شعبة: دخلت مع ابي على معاوية، فكان ابي يأتيه، يتحدث معه، ثم ينصرف الي فيذكر معاوية وعقله، ويعجب بما يرى منه إذ جاء ذات ليلة فامسك عن العشاء، ورأيته مغتما فانتظرته ساعة ظننت انه لامر حدث فينا، فقلت: ما لي اراك مغتما منذ الليلة ؟ فقال: يا بني جئت من عند اكفر الناس واخبثهم، قلت: وما ذاك ؟ قال: قلت له وقد خلوت به. إنك قد بلغت سنايا امير المؤمنين، فلو اظهرت عدلا، وبسطت خيرا فانك قد كبرت، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم، فوصلت ارحامهم فوالله ما عندهم اليوم شئ تخافه، وان ذلك مما يبقى لك ذكره وثوابه، فقال: هيهات هيهات ! أي ذكر ارجو بقاءه ! ملك اخو تيم فعدل وفعل ما فعل، فما عدا أن هلك حتى هلك ذكره، الا أن يقول قائل: أبو بكر، ثم ملك أخو عدي، واجتهد وشمر عشر سنين، فما عدا ان هلك حتى هلك ذكره، الا ان يقول قائل: عمر، وان ابن ابي كبشة ليصاح به كل يوم خمس مرات: ” اشهد ان محمدا رسول الله ” فاي عمل يبقى، وأي ذكر يدوم بعد هذا لا ابا لك ! لا والله الا دفنا دفنا. وذكر الاربلي رحمه الله في كشف الغمة ج 1، ص 418، ط / ايران، وذكر ايضا العلامة المجلسي (ره) في البحار ج 33، ص 169. اقول: انظر الاخبار الموفقيات للزبير بن بكار ط بغداد، ص 577. [ * ]

[ 681 ]

وصحيفة اكتب لكم ما لا تضلون معه بعدي. فقال الثاني (1): هجر رسول الله ! ! ثم قال: حسبنا كتاب الله !، وفي هذا القول كفر بالله العظيم ! لان الله جل ذكره يقول: (وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (2) فزعم عمر انه لا حاجة له فيما دعاهم إليه الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، لعلمه ان الرسول يريد تأكيد الامر لعلي (عليه السلام)، ولو علم ان الامر له أو لصاحبه لبادر بالدواة والصحيفة (3). روى ذلك عبد الرزاق (4) عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله [ بن عتبة ]، عن ابن عباس، قال: لما حضرت رسول الله (صلى الله عليه واله وسلام) الوفاة، قال: هلم (5) بالدواة والصحيفة اكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ابدا، فقال الثاني عمر: إن رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله !، فاختلف اهل البيت فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده، فلما أكثر اللغط والاختلاف عنده، قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): قوموا.


(1) – وفي نسخة ” ح “: عمر. (2) – سورة الحشر، الاية: 7. (3) – كما بادر في وصية ابي بكر له بالخلافة ولم يقل حسبنا كتاب الله. (4) – هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني المتوفى (211) صاحب المصنف كما يأتي. (5) – وفي ” ح “: هلموا. [ * ]

[ 682 ]

قال عبيد الله: وكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم كتابا من اجل إختلافهم ولغطهم (1). فأي أمر أوضح من قول الثاني عمر: حسبنا كتاب الله ولا حاجة بنا إلى ما يدعونا إليه الرسول، ولا شاهد اعدل من ابن عباس وقد كانت منه في مخاطبته لعبدالله ما فيه من التصريح ببغض بني هاشم. 351 – رواه سفيان بن عيينة (2) عن النهدي (3) عن سالم ابن عبد الله،


(1) – قال عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ج 5، ص 438، الرقم: 9757: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال: لما إحتضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ؟ فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف اهل البيت، واختصموا، فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول: ما قال عمر، فلما اكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوموا، قال عبد الله: فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب، من اختلافهم ولغطهم. انظر ص 126 من هذا الكتاب. (2) – انظر سير اعلام النبلاء ج 8 ص 454 الرقم: 120. (3) – هو: مالك بن إسماعيل بن درهم أبو غسان النهدي الكوفي، انظر سير اعلام النبلاء، ج 10، ص 430، الرقم: 132. [ * ]

[ 683 ]

عن ابيه عبد الله بن عمر، قال: كنا عند الثاني عمر ذات يوم، إذ قال: من اشعر الناس ؟ قلنا فلان وفلان، فبينا نحن كذلك، إذ طلع عبد الله بن عباس فسلم، فاجلسه إلى جنبه وقال: قد جاءكم ابن بجدتها (1) من اشعر الناس يابن عباس ؟ قال: ذاك زهير بن ابي سلمى (2)، قال: فانشدني شيئا من شعره، استدل على ما تقول، قال: امتدح قوما من بني غطفان يقال لهم: بنو سنان، فقال: لو كان يقعد فوق الشمس من كرم * قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا (3) قوم ابوهم سنان حين تنسبهم * اطابوا وطاب من الاولاد ما ولدوا إنس إذا امتحنوا (4) جن إذا فزعوا * مبرزون (5) بهاليل إذا جهدوا (6) محسدون على ما كان من نعم * لا ينزع الله عنهم (7) ماله حسدوا


(1) – بجدة بالفتح، أي العالم بالشئ، ومنه يقال: هو ابن بجدتها. انظر لسان العرب، ج 3، ص 77. (2) – وأي ” ح “: زهير سلمى. (3) – وفي الكامل لابن الاثير ج 3، ص 63: قوم لاولهم يوما إذا قعدوا. (4) – وفي تاريخ الطبري ج 4 ص 222: إذا أمنوا. (5) – وفي تاريخ الطبري ج 4 ص 222: مرزؤن (6) – وفي تاريخ الطبري ج 4 ص 222: إذا خشدوا. (7) – وفي تاريخ الطبري: منهم. [ * ]

[ 684 ]

فقال: قاتله الله يابن عباس: لقد قال كلاما حسنا ما كان يصلح الا في اهل هذا البيت من بني هاشم لقرابتهم من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال ابن عباس وفقك الله يا أمير المؤمنين ولم تزل موفقا، فقال: (1) يابن عباس اتدري ما منع الناس منكم ؟ فقلت: لا، قال: لكني ادري، قلت: فما هو ؟ 352 – قال: كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على الناس بجحا (2) فنظرت قريش لانفسها فاختارت ووفقت واصابت، قال: فاطرق ابن عباس طويلا، ثم قال: [ أ ] تميط عني غضبك يا أمير المؤمنين (3) وتسمع كلامي، ؟ ! قال: تكلم يابن عباس، قال: أما قولك إن قريشا كرهت، فان الله تبارك وتعالى يقول: (ذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم) (4). 353 – وأما قولك: انا نبجح عليهم بجحا، فليس منا (5) مع قرابتنا


(1) وفي ” ح “: ثم قال. (2) – في النسخة كانت هكذا: فتجفخون على الناس جفخا، الا اننا صححنا كما في الكامل لابن الاثير، ج 3، ص 63، وتاريخ الطبري، ج 4، ص 223. (3) كلمة امير المؤمنين ليست في ” ش “. (4) – سورة محمد صلى الله عليه وآله الاية: 9. (5) – وفي ” ش ” و ” ح “: فينا. [ * ]

[ 685 ]

من رسول الله جحف ولا نجفح (1)، وكيف ذلك ؟ والله يقول لنبيه (صلى الله عليه واله وسلم): (واخفض جناحك لمن إتبعك من المؤمنين) (2). وأما قولك: إن قريشا اختارت، فان الله تعالى اسمه اختار من خلقه خير خلقه، فان كانت قريش نظرت من حيث نظر الله، فقد وفقت واصابت، قال عمر: على رسلك يابن عباس، ابت قلوبكم لنا يا بني هاشم الا بغضا لا يزول، وحقدا لا يحول، فقال ابن عباس، مهلا يا عمر (3) مهلا، لا تنسب قلوب بني هاشم وقلب رسول الله إلى ما تنسبها إليه، فان الله عزوجل قد اذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. 354 – فاما قولك: حقدنا، فكيف لا يحقد من غصب على شيئه (4) ورآه في يدي غيره، فقال عمر: اما أنت يابن عباس، فقد بلغني عنك كلاما اكره ان اخبرك (5) به فتزول منزلتك مني، قال: وما هو ؟ فان يك باطلا، فمثلي اماط الباطل عن نفسه، وان يك حقا فما تزيل منزلتي منك، فقال: بلغني انك تقول: اخذ منا هذا الامر حسدا وظلما، فقال ابن عباس:


(1) – كذا في النسخة. والصحيح ما تقدم. (2) – سورة الشعراء الاية: 215. (3) – وفي ” ح “: يا أمير المؤمنين. (4) – وفي ” ش “: شعبه. ولعله: من غصب على فيئه والله اعلم. (5) – في تاريخ الطبري: افرك، والكامل ج 3 ص 63 اقرك. [ * ]

[ 686 ]

إن كان كذلك فقد حسد ابليس آدم فاخرجه من الجنة. 355 – واما قولك ظلما، فقد علم الله عزوجل وعلم الناس ان قريشا تفتخر على العرب بحق رسول الله، ونحن احق برسول الله من قريش جميعا، فقال له الثاني عمر: قم عني، فوثب ابن عباس، فما ولي، هتف به الثاني عمر من خلفه (1) إلى اين يا مولى علي، ما كان منك لحقك


(1) – قال محمد بن جرير الطبري العامي، ج 4 ص 222: حدثني ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن اسحاق، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال بينما عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعض اصحابه يتذاكرون الشعر، فقال بعضهم: فلان اشعر، وقال بعضهم: بل فلان اشعر، قال: فاقبلت، فقال عمر: قد جاءكم اعلم الناس بها، فقال عمر: من شاعر الشعراء يابن عباس ؟ قال: فقلت: زهير بن ابي سلمى، فقال عمر: هلم من شعره ما نستدل به على ما ذكرت، فقلت: امتدح قوما من بني عبد الله بن غطفان، فقال: لو كان يقعد فوق الشمس من كرم * قوم باولهم أو مجدهم قعدوا قوم أبوهم سنان حين تنسبهم * طابوا وطاب من الاولاد ما ولدوا إنس إذا امنوا، جن إذا فزعوا * مرزءون بها ليل إذا حشدوا محسدون على ما كان من نعم * لا ينزع الله منهم ماله حسدوا فقال عمر: احسن، وما اعلم احدا اولى بهذا الشعر من هذا الحي من بني هاشم ! لفضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابتهم منه، فقلت: وفقت يامير المؤمنين، ولم تزل موفقا، فقال: يابن عباس، اتدري ما منع قومكم منهم بعد محمد ؟ فكرهت أن أجيبه، فقلت: إن لم أكن ادري فامير المؤمنين يدريني، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة، فتبجحوا [ * ]

[ 687 ]

راع، فقال ابن عباس: ان لي عليك وعى كل مسلم حقا، فمن حفظه فقد


على قومكم بجحا بجحا، فاختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت. فقلت: يا امير المؤمنين، ان تأذن لي في الكلام، وتمط عني الغضب تكلمت. فقال: تكلم يابن عباس، فقلت: ام قولك يامير المؤمنين: اختارت قريش لانفسها فاصابت ووفقت، فلو ان قريشا اختارت لانفسها حيث اختار الله عزوجل لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود. واما قولك: إنهم كرهوا ان تكون لنا النبوة والخلافة، فان الله عزوجل وصف قوما بالكراهية فقال: (وذلك بانهم كرهوا ما انزل الله فاحبط اعمالهم). فقال عمر: هيهات والله يابن عباس ! قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت اكره ان افرك عنها، فتزيل منزلتك مني، فقلت: وما هي يا أمير المؤمنين ؟ فان كانت حقا فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك، وان كانت باطلا فمثلي اماط الباطل عن نفسه، فقال عمر: بلغني انك تقول: انما صرفوها عنا حسدا وظلما ! فقلت: اما قولك يا أمير المؤمنين: ظلما، فقد تبين للجاهل والحليم، واما قولك: حسدا، فان ابليس حسد آدم، فنحن ولده المحسودون، فقال عمر: هيهات ! ابت والله قلوبكم يا بني هاشم الا حسدا ما يحول، وضغنا وغشا ما يزول. فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين، لا تصف قلوب قوم اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش، فان قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قلوب بني هاشم. فقال عمر: اليك عني يابن عباس، فقلت: افعل، فلما ذهبت لاقوم استحيا مني فقال: يابن عباس، مكانك، فوالله اني لراع لحقك، محب لما سرك، فقلت: يا امير المؤمنين، ان لي عليك حقا وعلى كل مسلم، فمن حفظه فحظه اصاب، ومن اضاعه فحظه أخطأ. ثم قام فمضى. وذكر ايضا ابن الاثير في الكامل ج 3، ص 62. على نحو ما ذكر من التاريخ. [ * ]

[ 688 ]

أصاب حظه، ومن ضيعه فقد اخطأ حظه، ثم طواه ومضى. فالتفت الثاني عمر إلى جلسائه فقال: واها لابن عباس، فوالله ما رأيته لاحن احدا قط الا خصمه، فقد اعترف بانه انقطع مخصوما. فهذه رواياتكم عن ائمتكم، فمن كان هذا قوله لابن عباس ! وهو رهباني هذه الامة ! ! ومن دعا له النبي (صلى الله عليه واله وسلم)، فقال: اللهم فقهه بالدين والهمه التأويل، وعلمه التنزيل، ومن رأى جبرئيل مرتين، ومن قال النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فيه وفي ابيه الذي هو عمه وصنو ابيه، ما رواه داود بن عطا، عن موسى بن عبيدة الترمذي. 356 – عن محمد بن ابراهيم بن الحرث التيمي: ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال: ان هذا عمي العباس حاطني (1) بمكة من المعك واخذ البيعة عى الانصار، ونصرني في الاسلام مؤمنا بالله عزوجل مصدقا بي فاحفظه وحط له دينه عن كل مكروه، وقد كان عنه اكثر مما ذكرنا. 357 – رواه شبابة بن سوار، (2) عن اسرائيل، عن عبد الاعلى (3) عن


(1) – وفي ” ح “: حاطئ. (2) – هو: شبابة بن سوار الفزاري اصله من خراسان قيل: إسمه مروان حكاه ابن عدي. روى عن حريز بن عثمان الرحبي وإسرائيل. انظر تهذيب التهذيب ج 4 ص 300 الرقم: 518. (3) – ابن عامر الثعلبي الكوفي انظر تهذيب التهذيب ج 6 ص 94. [ * ]

[ 689 ]

سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: وقع رجل من الانصار في اب للعباس في أمر الجاهلية، فغضب العباس فلطمه، فقال قومه: لنلطمنه كما لطمه، ولبسوا الساح، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، فصعد المنبر، فقال: أيها الناس تعلمون [ أي أهل الارض ] أكرم على رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)، ؟ [ قالوا: أنت اعلم ] (1) قال: فان العباس مني و انا منه، لا تسبوا امواتنا فتؤذوا احيائنا، (2) فالقوا السلاح، وقالوا: يا رسول الله نتوب إلى الله واليك فاستغفر لنا.


(1) – وفي ” ح “: أي الناس ؟ قالوا: أنت اعلم، ثم اعلم انه كان في النسخة سقط فصححنا كما في سير اعلام النبلاء، وما بين المعقوفات كانت تقتضيه السياق. (2) – رواه الذهبي في سير اعلام النبلاء، ج 2 ص 88 عن إسرائيل، عن عبد الاعلى الثعلبي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن رجلا من الانصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية، فلطمه العباس، فجاء قومه، فقالوا: والله لنلطمه كما لطمه، فلبسوا السلاح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصعد المنبر، فقال: ” ايها الناس، أي اهل الارض اكرم على الله ؟ ” قالوا أنت، قال: ” فان العباس مني وانا منه، لا تسبوا امواتنا فتؤذوا أحيائنا “. فجاء القوم فقالوا: نعوذ بالله من غضبك يارسول الله. ورواه ايضا احمد بن حنبل في المسند ج 1 ص 300، ورواه ابن سعد في الطبقات ج 4 ص 24، وفيه: لا تؤذوا العباس فتؤذوني، وقال: من سب العباس فقد سبني. ورواه الحاكم في المستدرك، ج 3 ص 329، وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. كما روى البسوي في المعرفة والتاريخ ج 1 ص 499. [ * ]

[ 690 ]

فهذه من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وهو الحكم العدل والعباس اللاظم، فكيف لو كان مظلوما ما كان يبلغ من نكيره. 358 – وروى ابن ابي اويس (1) عن الدراوردي (2) عن ابراهيم بن طهمان (3) عن يزيد بن ابي زياد (4) عبد عبد الله بن الحارث (5) ان العباس شكا عمر إلى النبي، فقال رسول الله: ما دخل قلب عبد الايمان، ولم يحبكم لله ولرسوله، ثم خطب الناس وهو محمر وجهه، فقال: من آذى العباس فقد آذاني، إحفظوني في عمي العباس، فإن عم الرجل صنو ابيه.


(1) – هو إسماعيل بن عبد الله بن عبد الله بن اويس بن مالك ابن ابي عامر الاصبحي. انظر تهذيب اتهذيب ج 1 ص 310 الرقم: 568. (2) – هو: عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن ابي عبيد الدراوردي أبو محمد المدني. انظر تهذيب الكمال ج 18 ص 187 رقم: 3470. (3) – هو: ابراهيم بن طهمان بن شعبة الخراساني أبو سعيد الهروي المتوفي (168) انظر تهذيب الكمال ج 2 ص 108. (4) – هو: يزيد بن ابي زياد القرشي الهاشمي أبو عبد الله الكوفي المتوفي (137) انظر تهذيب الكمال ج 32 ص 135 رقم: 6991. (5) – هو: عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي المتوفى (79). انظر تهذيب الكمال ج 14 ص 369 رقم: 3216. وفي النسخة عبيدالله بن الحرث وهو خطأ. [ * ]

[ 691 ]

في أشباه لهذا كثيرة ان ذكرناها لطال الكتاب، وإنما قصصنا بعض خبره ليعلم الناس بغضه لبني هاشم، وان بغضه هم هو بغض لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. 359 – ومن العجب ان الناس قحطوا في ايامه حتى خلطوا الرماد بالطعام فجعل الثاني عمر يستقي (1) اربعين يوما فلم يسقوا ثم اتى لعم رسول الله، وسأله الخروج معه فاستقى به (2)، فقال العباس: اللهم انه لم ينزل بلاء الا بذنب، ولا يكشف الا بتوبة، وقد توجه بي القوم اليك لمكاني من نبيك (صلى الله عليه واله وسلم) وهذه ايدينا ممدودة اليك بالرغبة ونواصينا بالتوبة، فاسقنا الغيث (3) فسقاهم الله وانقذهم من الهلكة، فقال العباس: يستسقون بنا ويتقدمونا، فإذا قحطوا استسقوا بهم، وإذا ذكروا الخلافة تمنوا سالما مولى ابي حذيفة والجارود العبدي فلو استحيا في


(1) – وفي ” ش “: يستسقي. (2) – وفي ” ح “: فاستسقى، ثم نظر سير اعلام النبلاء، ج 2 ص 92 ط بيروت. وروى البسوي في المعرفة والتاريخ ج 1 ص 504 حدثنا محمد بن عبد الله الانصاري قال: حدثني ابي عن عمه ثمامة، عن انس قال: كان عمر إذا قحطوا خرج فاستسقى واخرج معه العباس وقال: اللهم انا قد قحطنا فنتوسل بنبينا صلى الله عليه وسلم وإنا نتوسل اليك بعم نبينا فاسقنا. قال: فيسقون. ورواه ايضا ابن سعد في الطبقات ج 3 ص 321. (3) – إلى هنا ذكر العلامة الشيخ سلامة القضاعي العزامي الشافعي في فرقان القرآن ط بيروت، ص 124. [ * ]

[ 692 ]

وقت من ااوقات لاستحيا ثمة (1)، أما كان يستحي من عم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حين يقول يستسقى [ بنا ] ويتقدمونا ؟ ! اما علم ان اهل البيت زين البيوت وشرف المحلات، وصفوة الصفوات السباق إلى الخيرات، قد طهرهم الله وطهر نبيهم وذريته عن اوساخ الناس، وحرم عليهم من الصدقات ما حرم على نبيه، ثم جعل لهم بدل ذلك سهاما لا يدخلون بها مع الداخلين جميعا لانواع الطهارة لهم بوجوب الفضيلة فيهم التي بالنبي (صلى الله عليه واله وسلم)، نالوها واليه نسبوها وبه عرفوها وكيف يقربهم الجمهور الاعظم وقدوتهم (2) من قد ذكرناه في اول الكتاب، و آخره. 360 – وإنا لنعجب كثيرا مما بقي في أيدي الرواة من فضائلهم ولا نعجب مما درس ومحا وطمس في طول ولايتهم وولاية بني امية فان الناس بقوا في ايامهم وايام اعتدائهم اكثر من مائة سنة لا يجسر احدا ان يذكرهم بخير فضلا عن ذكر مناقبهم اقتداء بمن مهد لبني امية وأزال الخلافة عن بني هاشم الذين هم اعلام الدين ومعدن الرسالة وبيت الحكمة ومصابيح الهدى والمدلول عليهم والحمد لله على ذلك كله، إذ جعلهم برسول الله العلماء زادهم الله رفعة وعلوا وجعلنا لسلوك آثارهم


(1) – وفي ” ش “: في هذا الوقت. (2) – وفي ” ش “: الثاني. [ * ]

[ 693 ]

اتباعا لهم على دين الله اعوانا ولمحبيهم إخوانا احلنا بذلك منازلهم واهلنا للنعم العظام والمنن الجسام والذب عن حرمة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والدفع عن مظلمته، وفقنا الله تبارك وتعالى إنه ولي ذلك والقادر عليه. هذا آخر كتاب المسترشد في الامامة (1)، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبيه محمد وآله الطيبين الطاهرين حسبنا الله ونعم الوكيل. قال احمد المحمودي: قد فرغت من تسويده وتحريره واستنساخ الكتاب بأناملي الداثرة ليلة الجمعة التاسع من شهر رجب الخير لسنة الف واربعمائة وسبع من الهجرة النبوية المصادف للتاسع والعشرين من الشهر الاخير لسنة الف وثلاثمائة وخمسة وستين وهو اليوم الآخر لهذه السنة الشمسية، بعد وقفة طويلة لامور هامة جدا، وقد تمت المقابلة مع المخطوطة التي كتبها العلامة الشيخ السماوي رحمه الله الموجودة في مكتبة السيد الحكيم (ره) العامة في النجف الاشرف 18 شعبان / 1398 كما تمت الكتاب بأناملي الداثرة ليلة الجمعة التاسع من شهر رجب الخير لسنة الف واربعمائة وسبع من الهجرة النبوية المصادف للتاسع والعشرين من الشهر الاخير لسنة الف وثلاثمائة وخمسة وستين وهو اليوم الآخر لهذه السنة الشمسية، بعد وقفة طويلة لامور هامة جدا، وقد تمت المقابلة مع المخطوطة التي كتبها العلامة الشيخ السماوي رحمه الله الموجودة في مكتبة السيد الحكيم (ره) العامة في النجف الاشرف 18 شعبان / 1398 كما تمت المقابلة ايضا مع النسخة التي كتب وقفيتها العلامة المجلسي (ره) والتي كانت من نماء حمام نقشجهان باصفهان الموجودة في المكتبة الحسينية الشوشترية في النجف الاشرف في 21 شعبان 1398. كما رأيت ايضا نسختين مخطوطتين اخريتين في المكتبة الرضوية، وانا المفتقر إلى رحمة الله وعناية العترة الهادية الطاهرة عليهم السلام، أحمد المحمودي ابن


(1) – وفي ” ش “: والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله الميامين. [ * ]

[ 694 ]

العلامة النسابة الشيخ غلا محسين ابن ميرزا فضل الله، ابن ميرزا عبد الله، ابن محمد، ابن باقر، ابن محمود، ابن كمال، ابن محمود (1). وأقول: فرغت أيضا من تصفيفه وتحقيقه والتعليق عليه يوم الخامش والعشرين من شهر ذي حجة الحرام لسنة ألف وأربعمأة واربعة عشر من الهجرة، وكان الاخراج إلى الصف بالكمپيوتر بمعاونة ابني محمد مهدي المحمودي زاد الله توفيقاته في تحصيل الكمال.


(1) – إلى هنا من سلسلة النسب حدثني والدي العلامة النسابة، الحاج الشيخ غلا محسين رحمه الله، كما عندي بخطه الشريف، ما كتب لي حول العشيرة والارحام، جعل الله عواقب امورنا خيرا، آمين يا رب العالمين

اترك تعليقاً