بحار الأنوار

العلامة المجلسي ج 8


[ 1 ]

بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار بحار الانوار الجامعة لدرر أخبار الائمة الاطهار تأليف العلم العلامة الحجة فخر الامة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي ” قدس الله سره ” الجزء الثامن مؤسسة الوفاء بيروت – لبنان كافة الحقوق محفوظة ومسجلة الطبعة الثانية المصححة 1403 ه‍ – 1983 م مؤسسة الوفاء – بيروت – لبنان – ص ب: 1457: هاتف: 386868


[ 1 ]

بسم الله الرحمن الرحيم (باب 18) (اللواء) 1 – لي: الطالقاني، عن الحسن بن علي العدوي، (1) عن الحسين بن أحمد الطفاوي، (2) عن قيس بن الربيع، عن سعد الخفاف، عن عطية العوفي، عن مخدوج (3) ابن زيد الذهلي أن رسول الله صلى الله عليه وآله آخى بين المسلمين ثم قال: يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لانبي بعدي، أما علمت يا علي أنه أول من يدعى به يوم القيامة يدعي بي، فأقوم عن يمين العرش فأكسي حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعي بأبينا إبراهيم عليه السلام فيقوم عن يمين العرش في ظله فيكسي حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعي بالنبيين. بعضهم على أثر بعض، فيقومون سماطين عن يمين العرش في ظله ويكسون حللا خضرا من حلل الجنة، ألا وإني اخبرك يا علي إن امتي أول الامم يحاسبون يوم القيامة، ثم ابشرك يا علي إن أول من يدعي يوم القيامة يدعي بك، هذا القرابتك مني ومنزلتك عندي، فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد فتسير به بين السماطين، وإن آدم وجميع من خلق الله يستظلون بظل لوائي يوم القيامة


[ 1 ] بفتح العين والدال نسبة إلى عدى، هو الحسن بن علي بن زكريا بن صالح بن عاصم بن زفر بن العلاء بن أسلم أبو سعيد العدوى البصري الملقب بالذئب، سكن بغداد وحدث عن جماعة، ولد سنة 210 ومات في سنة 318 أو 19، ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد ” ج 7 ص 381 ” وابن حجر في التقريب ” ص 228 ” [ 2 ] بضم الطاء وفتح الفاء نسبة إلى طفاوة. [ 3 ] هكذا في النسخ وفي الامالى المطبوع، والصحيح: ” محدوج ” بمهملة ساكنة وآخره جيم، ترجمه ابن حجر في الاصابة ” ج 3 ص 347 ” ووصفه بالهذلي، وقال: ذكره قيس بن ربيع الكوفى في مسنده، وروى عن سعد الاسكاف: سمعت عطية عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: أول من يدعى به يوم القيامة يدعي بي. أخرجه ابو نعيم وقال: مختلف في صحبته.

[ 2 ]

وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قصبه فضة بيضاء. زجه درة خضراء، له ثلاث ذوائب من نور: ذؤابة في المشرق، وذؤابة في المغرب، وذؤابة في وسط الدنيا، مكتوب عليها ثلاثة أسطر، الاول: بسم الله الرحمن الرحيم. والآخر: الحمدلله رب العالمين. والثالث: لاإله إلا الله محمد رسول الله. طول كل سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة، فتسير باللواء والحسن عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني و بين إبراهيم في ظل العرش، فتكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم ينادي مناد من عند العرش: نعم الاب أبوك إبراهيم، ونعم الاخ أخوك علي. ألا وإني ابشرك يا علي إنك تدعى إذا دعيت، وتكسى إذا كسيت، وتحيا إذاحييت. ” ص 195 ” بيان: قال الجزري: زج النصل هوأن يكون النقر في طرف الخشبة فتترك فيها زجا ليمسكه ويحفظ ما في جوفه. وقال الفيروز آبادي: الزج: الحديدة في أسفل الرمح. 2 – لى: علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدى، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي، عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل عليه السلام وهو فرح مستبشر، فقلت له: حبيبي جبرئيل مع ما أنت فيه من الفرح ! ما منزلة أخي وابن عمي علي بن أبي طالب عند ربه ؟ فقال جبرئيل: يا محمد والذي بعثك بالنبوة واصطفاك بالرسالة ما هبطت في وقتي هذا إلا لهذا، يا محمد العلي – الاعلى يقرء عليك السلام ويقول: محمد نبي رحمتي، وعلي مقيم حجتي، لا اعذب من والاه وإن عصاني، ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني. قال ابن عباس: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة أتاني جبرئيل وبيده لواء الحمد وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر فيدفعه إلي فاخذه وأدفعه إلى علي بن أبي طالب. فقال رجل: يارسول الله وكيف يطيق علي على حمل اللواء وقد ذكرت أنه سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر ؟ ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال: يارجل إنه إذا كان يوم القيامة أعطى الله عليا من القوة مثل قوة


[ 3 ]

جبرئيل، ومن الجمال مثل جمال يوسف، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الصوت ما يداني صوت داود، ولولا أن داود خطيب في الجنان لاعطي علي مثل صوته، وإن عليا أول من يشرب من السلسبيل والزنجبيل، وإن لعلي وشيعته من الله عزوجل مقاما يغبطه به الاولون والآخرون. ” ص 391 ” 3 – ل: أبي، عن الحسن بن أحمد الاسكيف القمي بالري يرفع الحديث إلى محمد بن علي، عن محمد بن حسان القوميسي، (1) عن علي بن محمد الانصاري، عن عبيدالله ابن عبد الكريم الرازي، عن عبد الحميد الحماني، (2) عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل وهو فرح مستبشر، فقلت: حبيبي جبرئيل مع ما أنت فيه من الفرح ! ما منزلة أخي وابن عمي علي بن أبي طالب عند ربه ؟ فقال: والذي بعثك بالنبوة واصطفاك بالرسالة ما هبطت في وقتي هذا إلا لهذا، يا محمد الله (العلي خ ل) الاعلى يقرء عليكما السلام وقال: محمد نبي رحمتي، وعلي مقيم حجتي، لا اعذب من والاه وإن عصاني، ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني. قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل ومعه لواء الحمد وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنا على كرسي من كراسي الرضوان، فوق منبر من منابر القدس، فاخذه وأدفعه إلى علي بن أبي طالب، فوثب عمربن الخطاب فقال: يا رسول الله وكيف يطيق على حمل اللواء وقد ذكرت أنه سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر ؟ ! فقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يعطي الله عليا من القوة مثل قوة جبرئيل، ومن النور مثل نور آدم، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الجمال مثل جمال يوسف، ومن الصوت ما يداني صوت دواد ولولا أن يكون داود خطيبا لعلي في الجنان لاعطي مثل صوته، وإن عليا أول من يشرب من السلسبيل و الزنجبيل، لا تجوز لعلي قدم على الصراط إلا وثبتت له مكانها أخرى، وإن لعلي


[ 1 ] هكذا في النسخ وفي الخصال المطبوع: القوسي، ولعلهما تصحيف القومسي بضم القاف و سكون الميم نسبة إلى قومس ويقال لها بالفارسية: كومش، وهى من بسطام إلى سمنان. [ 2 ] بكسر الحاء وتشديد الميم، هو عبد الحميد بن عبد الرحمن أبويحيى الكوفى لقبه: بشمين مات في سنة 202.

[ 4 ]

وشيعته من الله مكانا يغبطه به الاولون والآخرون. ” ج 2 ص 139 – 140 ” 4 – ن: أبي، عن الحسن بن أحمد المالكي، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي محمود، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أنت أول من يدخل الجنة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد، وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس القمر، الخبر. ” ص 168 ” 5 – ن: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إني سألت ربي فيك خمس خصال فأعطانيها: أحدها أن يجعلك حامل لوائي وهو لواء الله الاكبر مكتوب عليه: المفلحون هم الفائزون بالجنة، الخبر. ” ص 198 – 199 ” 6 – ما: الحفار، عن أبي القاسم الدعبلي، عن أبيه، عن دعبل، عن مجاشع ابن عمرو، عن ميسرة بن عبيدالله، عن عبد الكريم الجزري، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه سئل عن قول الله عزوجل: ” وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ” قال: سأل قوم النبي صلى الله عليه وآله فقالوا: فيمن نزلت هذه الآية يا نبي الله ؟ قال: إذا كان يوم القيامة عقد لواء من نور أبيض ونادى مناد: ليقم سيد المؤمنين (1) علي ابن أبي طالب، فيعطي الله اللواء من النور الابيض بيده، تحته جميع السابقين الاولين من المهاجرين والانصار، لا يخالطهم غيرهم حتى يجلس على منبر من نور رب العزة، ويعرض الجميع عليه رجلا رجلا فيعطي أجره ونوره، فإذا اتي على آخرهم قيل لهم: قد عرفتم موضعكم ومنازلكم من الجنة، إن ربكم يقول لكم: عندي لكم مغفرة وأجر عظيم – يعني الجنة – فيقوم علي بن أبي طالب والقوم تحت لوائه معهم حتى يدخل الجنة، ثم يرجع إلى منبره ولا يزال يعرض عليه جميع المؤمنين فيأخذ نصيبه منهم إلى الجنة ويترك أقواما على النار، فذلك قوله عزوجل: ” والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجرهم ونورهم ” يعني السابقين الاولين والمؤمنين وأهل الولاية له، وقوله: ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ” هم الذين قاسم عليهم النار فاستحقوا الجحيم. ” ص 240 “


[ 1 ] في المصدر بعد ذلك: ومعه الذين آمنوا فقد بعث محمد، فيقوم على بن أبي طالب ا ه‍. م

[ 5 ]

7 – شف: من كتاب كفاية الطالب لمحمد بن يوسف القرشي الشافعي، عن عتيق ابن أبي الفضل السلماني، عن أبي القاسم علي محدث الشام، عن أبي القاسم إسماعيل ابن أحمد السمرقندي، عن عاصم بن الحسن العاصمي عن عبد الواحد بن محمد بن، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن محمد بن أحمد بن الحسن، عن خزيمة بن ماهان، عن عيسى بن يونس، عن الاعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عيله وآله: يأتي على الناس يوم ما فيه راكب إلا نحن أربعة، فقال له العباس بن عبد المطلب عمه: فداك أبي وامي من هؤلاء الاربعة ؟ فقال: أنا على البراق، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه، وعمي حمزة أسد الله وأسد رسوله على ناقتي العضباء، وأخي علي بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين، عليه حلتان خضراوان من كسوة الرحمن، على رأسه تاج من نور، لذلك التاج سبعون ركنا، على كل ركن ياقوتة حمراء، تضئ للراكب من مسيرة ثلاثة أيام، وبيده لواء الحمد، ينادي: لاإله إلا الله، محمد رسول الله، فيقول الخلائق: من هذا ؟ أملك مقرب ؟ أنبي مرسل ؟ أحامل عرش ؟ فينادي مناد من بطنان العرش: ليس هذا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا حامل عرش، هذا علي بن أبي طالب وصي رسول رب العالمين، وأمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين إلى جنات النعيم. شف: من جزء عليه رواية أبي بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا أبو الحسن، عن ابن عقدة، عن محمد بن أحمد بن الحسن مثله. 8 – فر: بإسناده عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: تذاكر أضحابنا الجنة عند النبي صلى الله عليه وآله، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن أول أهل الجنة دخولا علي بن أبي طالب، قال: فقال أبو دجانة الانصاري: (1) يارسول الله أليس أخبرتنا أن الجنة محرمة على الانبياء حتى تدخلها، وعلى الامم حتى تدخلها أمتك ؟ قال: بلى يا أبا دجانة أما علمت أن لله لواءا من نور عموده من ياقوت، مكتوب على ذلك اللواء: لاإله إلا الله محمد رسول


[ 1 ] بضم الدال وتخفيف الجيم كثمامة هو الصحابي المشهور اسمه سماك بن خرشه وقيل: سماك بن اوس بن خرشة، شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان بهمة من البهم الابطال، دافع عن رسول الله صلى الله عليه وآله يوم احد، قيل: انه استشهد يوم اليمامة، وقيل: بل عاش حتى شهد صفين مع أمير المؤمنين عليه السلام. له ترجمة في الاصابة والاستيعاب وغيرهما من كتب التراجم.

[ 6 ]

الله وآل محمد خير البرية ؟ وصاحب اللواء أمام القوم قال: فسر بذلك علي عليه السلام فقال: الحمد لله الذي أكرمنا وشرفنا بك. قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله: ابشر يا علي مامن عبد يحبك وينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وآله هذه الآية: ” إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر “. ” ص 175 – 176 ” 9 – ع: الحسين بن علي الصوفي، عن عبد الله بن جعفر الحضرمي، عن محمد بن عبد الله القرشي، عن علي بن أحمد التميمي، عن محمد بن مروان، عن عبد الله بن يحيى، عن محمد بن الحسن بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت أول من يدخل الجنة، فقلت: يا رسول الله أدخلها قبلك ؟ قال: نعم لانك صاحب لوائي في الآخرة، كما أنك صاحب لوائي في الدنيا، وصاحب اللواء (1) هو المتقدم. ثم قال عليه السلام: يا علي كأني بك وقد دخلت الجنة وبيدك لوائي وهو لواء الحمد تحته آدم فمن دونه. ” ص 68 – 69 ” 10 – فر: عن أبي أحمد يحيى بن عبيد بن القاسم القزويني رفعه إلى أبي وقاص قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وآله صلاة الفجر يوم الجمعة ثم أقبل علينا بوجهه الكريم الحسن وأثنى على الله تعالى، فقال: أخرج يوم القيامة وعلي بن أبي طالب أمامي. وبيده لواء الحمد، وهو يومئذ شقتان: شقة: من السندس، وشقة من الاستبرق، فوثب إليه رجل أعرابي من أهل نجد من ولد جعفر بن كلاب بن ربيعة فقال: قد أرسلوني إليك لاسألك، فقال: قل يا أخا البادية، قال: ما تقول في علي بن أبي طالب فقد كثر الاختلاف فيه ؟ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله ضاحكا فقال: يا أعرابي ولم كثر الاختلاف فيه ؟ علي مني كرأسي من بدني وزري من قميصي، فوثب الاعرابي مغضبا ثم قال: يا محمد إني أشد من علي بطشا، فهل يستطيع علي أن يحمل لواء الحمد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: مهلا يا أعرابي، فقد اعطي يوم القيامة خصالا شتى: حسن يوسف، وزهد يحيى، وصبر أيوب وطول آدم، وقوة جبرئيل عليهم الصلاة والسلام، وبيده لواء الحمد، وكل الخلائق تحت اللواء، وتحف الائمة والمؤذنون بتلاوة القرآن والاذان، وهم الذين لا


[ 1 ] في المصدر: وحامل اللواء. م

[ 7 ]

يتبددون في قبورهم: فوثب الاعرابي مغضبا وقال: اللهم إن يكن ما قال محمد حقا فأنزل علي حجرا، فأنزل الله فيه: ” سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذي المعارج “. ” ص 191 – 192 ” 11 – فر: أبو القاسم الحسيني رفعه إلى معاذ بن جبل قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله أعطاني في علي أنه متكئ بين يدي يوم الشفاعة، وأعطاني في علي لآخرتي أنه صاحب مفاتيحي يوم أفتح أبواب الجنة، وأعطاني في علي لآخرتي أني اعطى يوم القيامة أربعة ألوية: فلواء الحمد بيدي، وأدفع لواء التهليل لعلي واوجهة في أول فوج وهم الذين يحاسبون حسابا يسيرا ويدخلون الجنة بغير حساب عليهم، وأدفع لواء التكبير إلى حمزة وأوجهه في الفوج الثاني، وأدفع لواء التسبيح إلى جعفر و أوجهه في الفوج الثالث، ثم اقيم على امتي حتى أشفع لهم، ثم اكون أنا القائد وإبراهيم السائق حتى أدخل امتي الجنة، الخبر. ” ص 206 ” 12 – فر: بإسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام وساق الحديث إلى أن قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله خزان جنهم أن يدفعوا مفاتيح جنهم إلى علي يدخل من يريد و ينحي من يريد – وساقه إلى أن قال -: يا علي إن معك لواء الحمد يوم القيامة تقدم به قدام امتي، والمؤذنون عن يمينك وعن شمالك. ” ص 133 ” (باب 19) * (أنه يدعى فيه كل اناس بامامهم) * الايات، هود ” 11 ” فاتبعوا أمر فرعون برشيد * يقدم قومه يوم القيمة فأوردهم النار وبئس الورد المورود 97 – 97. الاسرى ” 17 ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم فمن اوتي كتابه بيمينه فاولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا * ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا 71 – 72.


[ 8 ]

تفسير: قال الطبرسي رحمه الله: ” يقدم قومه يوم القيمة ” يعني أن فرعون يمشي بين يدي قومه يوم القيامة على قدميه حتى يهجم بهم إلى النار، كما كان يقدمهم في الدنيا يدعوهم إلى طريق النار، وإنما قال: ” قأوردهم النار ” على لفظ الماضي و المراد به المستقبل لان ما عطفه عليه من قوله: ” يقدم قومه يوم القيامة ” يدل عليه، وقيل: إنه معطوف على قوله: ” فاتبعوا أمر فرعون “. ” وبئس الورد المورود ” أي بئس الماء الذي يردونه عطاشا لاحياء نفوسهم النار، وإنما أطلق سبحانه على النار اسم الورد المورود ليطابق ما يرد عليه أهل الجنة من الانهار والعيون، وقيل: معناه: بئس المدخل المدخول فيه النار، وقيل: بئس النصيب المقسوم لهم النار. وفي قوله سبحانه: ” يوم ندعوا كل اناس بإمامهم “: فيه أقوال: أحدها أن معناه: رئيسهم (1) والمعنى على هذا: أن ينادى يوم القيامة فيقال: هاتوا متبعي إبراهيم، هاتوا متبعي موسي، هاتوا متبعي محمد صلى الله عليه وآله، فيقوم أهل الحق الذين اتبعو الانبياء عليهم السلام فيأخذون كتبهم بأيمانهم، ثم يقال: هاتوا متبعي الشيطان، هاتوا متبعي رؤوس الضلالة، (2) وهذا معنى ما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس. وروي أيضا عن علي عليه السلام: أن الائمة إمام هدى وإمام ضلالة. ورواه الوالبي عنه: بأئمتهم في الخير والشر. وثانيها: معناه: بكتابهم الذي أنزل عليهم من أوامر الله ونواهية فيقال: يا أهل القرآن، ويا أهل التوراة. وثالثها: معناه: بمن كانوا يأتمون به من علمائهم وأئمتهم، ويجمع هذه الاقوال ماروي عن الرضا عليه السلام بالاسانيد الصحيحة أنه روى عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: فيه يدعى كل اناس بإمام زمانهم، وكتاب ربهم وسنة نبيه. وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: لا تمجدون الله ؟ (3) إذا كان يوم القيامة


[ 1 ] في مجمع البيان المطبوع: أن معناه: بنبيهم. [ 2 ] في مجمع البيان المطبوع: رؤساء الضلالة. [ 3 ] في مجمع البيان المطبوع: ألا تحمدون الله.

[ 9 ]

فدعا كل اناس إلى من يتولونه، وفزعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، (1 وفزعتم إلينا، فإلى أين ترون يذهب بكم ؟ إلى الجنة ورب الكعبة – قالها ثلاثا – ورابعها: أن معناه: بكتابهم الذي فيه أعمالهم. وخامسها معناه: بامهاتهم. ” فمن اوتي كتابه ” أي كتاب عمله ” بيمينه فاولئك يقرءون كتابهم ” فرحين مسرورين ” ولا يظلمون فتيلا ” أي لا ينقصون عن ثواب أعمالهم مقدار فتيل وهو المفتول الذي في شق النواة، وقيل: الفتيل في بطن النواة، والنقير في ظهرها، والقطمير: قشر النواة ” ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى ” ذكر في معناه أقوال: أحدها أن معناه: من كان فيما تقدم ذكره من النعم أعمى فهو عما غيب عنه من أمر الآخرة أعمى. وثانيها: من كان في هذه الدنيا أعمى عن آيات الله ضالا عن الحق فهو في الآخرة أشد تحيرا وذهابا عن طريق الجنة، أو عن الحجة إذا سئل، فإن من ضل عن معرفة الله في الدنيا يكون في القيامة منقطع الحجة. وثالثها أن معناه: من كان في الدنيا أعمى القلب فإنه في الآخرة أعمى العين يحشر كذلك عقوبة له على ضلالته في الدنيا كقوله: ” ونحشره يوم القيمة أعمى ” ويأول قوله: ” فبصرك اليوم حديد ” بأن معناه الاخبار عن قوة المعرفة، والجاهل بالله سبحانه يكون عارفا به في الآخرة، وعلى هذا فليس قوله: ” أعمى ” على سبيل المبالغة والتعجب وإن عطف عليه بقوله: ” وأضل سبيلا ” قيل: ويجوز أن يكون أعمى، عبارة عما يلحقه من الغم المفرط، فإنه إذا لم يرإلا ما يسوؤه فكأنه أعمى، يقال: فلان سخين العين. (2) ورابعها أن معناه: من كان في الدنيا ضالا فهوفي الآخرة أضل، لانه لا تقبل توبته. 1 – فس: أحمد بن إدريس، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حمادبن عيسى، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” قال: يجئ رسول الله صلى الله عليه وآله في قرنه وعلي في قرنه، (3) والحسن * (هامس) * [ 1 ] في مجمع البيان المطبوع: ودعانا إلى رسول الله. [ 2 ] سخنت عينه: نقيض قرت. [ 3 ] هكذا في النسخ وفى التفسير المطبوع: وعلى في قومه.


[ 10 ]

في قرنه، والحسين في قرنه وكل من مات بين ظهراني قوم جاؤوا معه. ” 385 ” وقال علي بن إبراهيم: ذلك يوم القيامة ينادي: مناد: ليقم أبو بكر وشيعته، وعمر وشيعته، وعثمان وشيعته، وعلي وشيعته. قوله ” ولا يظلمون فتيلا ” قال: الجلدة التي في ظهر النواة. 2 – ن: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قول الله تبارك وتعالى: ” يوم ندعوا كل اناس بإمامهم ” قال: يدعي كل قوم بإمام زمانهم، وكتاب الله وسنة نبيهم. ” ص 201 ” 3 – ما: المفيد، عن أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن سعد، عن أيوب، عن صفوان عن أبان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم داود النبي عليه السلام، فيأتي النداء من عند الله عزوجل: لسان إياك أردنا وإن كنت لله تعالى خليفة، ثم ينادى ثانية: أين خليفة الله في أرضه ؟ فيقوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فيأتي النداء من قبل الله عزوجل: يا معشر الخلائق هذا علي بن أبي طالب خليفة الله في أرضه، و حجته على عباده، فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم يستضئ بنوره وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنات، قال: فيقوم الناس الذين قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنة. ثم يأتي النداء من عند الله جل جلاله: الأمن ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به، فحينئذ تبرأ الذين اتبعوامن الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرء منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وماهم بخارجين من النار. ” ص 39 ” جا، ما: المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن سعد عن أيوب، عن صفوان، عن أبان، عنه عليه السلام مثله (1). ” ص 167، ص 60 – 61 ” كشف: من كتاب ابن طلحة عن جعفر بن محمد عليه السلام مثله.


[ 1 ] إلا أن فيهما: فيقوم اناس قد تعلقوا اه‍. م (*)

[ 11 ]

4 – سن: أبي، عن النضر، عن الحلبي، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إنه ليس من قوم ائتموا بإمامهم في الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه إلا أنتم ومن على مثل حالكم. (1) ” ص 143 ” 5 – سن: أبي، عن حمزة بن عبد الله، عن عقيل بن دراج، (2) عن مالك بن أعين قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا مالك أما ترضون أن يأتي كل قوم يلعن بعضهم بعضا إلا أنتم ومن قال بقولكم. ” ص 144 ” 6 – سن: أبي، عن النضر، عن ابن مسكان، عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” فقال: ندعو (يدعى خ ل) كل قرن من هذه الامة بإمامهم. قلت فيجئ رسول الله صلى الله عليه وآله في قرنه، وعلي عليه السلام في قرنه، و الحسن عليه السلام في قرنه، والحسين عليه السلام في قرنه، وكل إمام في قرنه الذي هلك بين أظهرهم ؟ قال: نعم. ” ص 144 ” 7 – شي: عن الفضيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” قال: يجئ رسول الله صلى الله عليه وآله في قومه، وعلي في قومه، والحسن في قومه، والحسين في قومه، وكل من مات بين ظهراني إمام جاء معه. (3) 8 – شي: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام: إنه إذا كان يوم القيامة يدعى كل بإمامه الذي مات في عصره، فإن أثبته اعطي كتابه بيمينه لقوله: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم فمن اوتي كتابه بيمينه فاولئك يقرءون كتابهم ” واليمين إثبات الامام لانه كتاب له يقرؤه لان الله يقول: ” فأما من اوتي كتابه بيمينه فيقول هاءوم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه، إلى آخر الآيات، والكتاب: الامام فمن نبذه وراء ظهره كان كما قال: ” نبذوه وراء ظهورهم ” ومن أنكره كان من أصحاب الشمال الذين قال الله: ” ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم ” إلى آخر الآيات.


[ 1 ] في المصدر: ومن كان على مثل حالكم. م [ 2 ] هكذا في النسخ وفي المحاسن المطبوع: جميل بن دراج وهو الصواب. [ 3 ] تقدم الحديث مسندا تحت رقم 1 مع اختلاف.

[ 12 ]

بيان: على هذا التأويل من بطن الآية يكون المراد بالكتاب الامام لاشتماله على علم ماكان وما يكون، وإيتائه في الدنيا الهداية إلى ولايته، وفي الآخرة الحشر معه وجعله من أتباعه، والمراد باليمين البيعة فإنها تكون باليمين، أي من اوتي إمامه في الآخرة بسبب بيعته له في الدنيا. 9 – شي: عن محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن قوله: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” قال: من كان يأتمون به في الدنيا، ويؤتى بالشمس والقمر فيقذفان في جهنم ومن يعبدهما. شى: عن جعفر بن أحمد، عن الفضل بن شاذان أنه وجد مكتوبا بخط أبيه مثله. 10 – شى: عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول أمير المؤمنين عليه السلام: الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما كان فطوبى للغرباء، فقال: يا أبا محمد يستأنف الداعي منا دعاءا جديدا كما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله. فأخذت بفخذه فقلت: أشهد أنك إمامي. فقال: أما إنه سيدعى كل اناس بإمامهم: أصحاب الشمس بالشمس وأصحاب القمر بالقمر، وأصحاب النار بالنار، وأصحاب الحجارة بالحجارة. توضيح: قال الجزري: فيه: إن الاسلام بداغريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء. أي أنه كان في أول أمره كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ، وسيعود غريبا كما كان أي يقل المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغرباء، فطوبى للغرباء أي الجنة لاولئك المسلمين الذين كانوا في أول الاسلام و يكونون في آخره، وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولا وآخرا و لزومهم دين الاسلام. 11 – شي: عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله عليه السلام: لا يترك الارض بغير إمام يحل حلال الله ويحرم حرامه، وهو قول الله: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية. فمدوا أعناقهم و فتحوا أعينهم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: ليست الجاهلية الجهلاء. فلما خرجنا من عنده


[ 13 ]

فقال لنا سليمان: هو والله الجاهلية الجهلاء، ولكن لما رأكم مددتم أعناقكم وفتحتم أعينكم قال لكم كذلك. 11 – شى: عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أنتم والله على دين الله ثم تلا: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” ثم قال: علي إمامنا، ورسول الله صلى الله عليه وآله إمامنا، كم من إمام يجئ يوم القيامة يلعن أصحابه ويلعنونه، ونحن ذرية محمد وامنا فاطمة صلوات الله عليهم. 2 – شى: عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام: لما نزلت هذه الآية: ” يوم ندعوا كل اناس بإمامهم ” قال المسلمون: يارسول الله أو لست إمام المسلمين أجمعين ؟ قال: فقال: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين، ولكن سيكون بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذبون ويظلمون، ألا فمن تولاهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنامنه برئ. 13 – وروي في رواية اخرى مثله: ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم. 14 – شى: عن عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: السمع والطاعة أبواب الجنة، السامع المطيع لاحجة عليه، وإمام المسلمين تمت حجته واحتجاجه يوم يلقى الله، لقول الله: ” يوم ندعوا كل اناس بإمامهم “. 15 – شى: عن بشير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنه كان يقول: مابين أحدكم وبين أن يغتبط إلا أن تبلغ نفسه ههنا – وأشار بإصبعه إلى حنجرته -. قال: ثم تأول بآيات من الكتاب فقال: ” أطيعوا الله وأطيعو الرسول واولي الامر منكم ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ” إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله “. قال: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” فرسول الله إمامكم، وكم إمام يوم القيامة يجئ يلعن أصحابه ويلعنونه. 16 – شي: عن محمد، عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن قوله: ” يوم ندعوا كل اناس بإمامهم ” فقال: ما كانوا يأتمون به في الدنيا، ويؤتى بالشمس والقمر فيقذفان في جهنم ومن كان يعبدهما.


[ 14 ]

17 – شى: عن إسماعيل بن همام قال: قال الرضا عليه السلام في قول الله: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم ” قال: إذا كان يوم القيامة قال الله: أليس عدلا من ربكم أن نولي كل قوم من تولوا ؟ قالوا: بلى، قال: فيقول: تميزوا فيتميزون. 18 – شى: عن محمد بن حمدان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن كنتم تريدون أن تكونوا معنا يوم القيامة لا يلعن بعضكم بعضا، فاتقو الله وأطيعوا فإن الله يقول: ” يوم ندعو كل اناس بإمامهم “. 19 – شف: من كتاب المعرفة تأليف عباد بن يعقوب الرواجني، (1) عن أبي عبد الرحمن المسعودي، (2) عن الحارث بن حصيرة، (3) عن صخر بن الحكم الفزاري، عن حنان بن الحرب الازدي، (4) عن الربيع بن جميل، عن مالك بن ضمرة الرواسي، عن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: لما أن سير أبو ذر – رضي الله عنه – اجتمع هو وعلي عليه السلام والمقداد بن الاسود، قال: ألستم تشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: امتي ترد علي الحوض على خمس رايات: أولها راية العجل فأقوم فآخد بيده فإذا أخذت بيده اسود


[ 1 ] قال ابن الاثير في اللباب ” ج 1 ص 477 “: الرواجنى بفتح الراء وسكون الالف وكسر الجيم وفي آخرها نون، قال السمعاني: سألت استاذي الحافظ إسماعيل بن محمد بن الفضل الاصفهاني عن هذه النسبة فقال: هذا نسب أبى سعيد عباد بن يعقوب البخاري، وأصل هذه النسبة الدواجن بالدال المهملة وهى جمع داجن وهى الشاة التى تسجن في البيوت فجلعها الناس: الرواجن بالراء ونسب عباد إلى ذلك، هكذا قال ولم يسنده إلى أحد، قال: وظني أن الرواجن بطن من بطون القبائل – والله أعلم – روى عباد عن شريك وغيره، روى عنه الائمة: البخاري وغيره وكان شيعيا انتهى. وقال ابن حجر في التقريب ” ص 252 “: عباد بن يعقوب الرواجنى – بتخفيف الواو وبالجيم المكسورة والنون الخفيفة – أبو سعيد الكوفى صدوق رافضي، حديثه في البخاري مقرون بالغ ابن حبان فقال: يستحق الترك، من العاشرة مات سنة ” ص 250 ” انتهى. وفى تنقيح المقال ” ج 2 ص 123 ” عن الذهبي في مختصره أنه شيعي وثقه أبو حاتم توفي سنة 271. قلت يوجد ترجمته في غير واحد من تراجم العامة والخاصة. [ 2 ] نسبة إلى مسعود والد عبد الله بن مسعود، اسمه عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد الله ابن مسعود. [ 3 ] بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين هو أبو نعمان الازدي الكوفى. [ 4 ] في موضع من كتاب اليقين: حيان بن الحرث الازدي يكنى أبا عقيل.

[ 15 ]

وجه، ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر ومزقناه واضطهدنا الاصغر وابتززناه حقه، فأقول: اسلكوا ذات الشمال، فيصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثم ترد علي راية فرعون امتي فيهم أكثر الناس وهم المبهرجون، قلت يا رسول الله وما المبهرحون ؟ أبهرجوا الطريق ؟ قال: لا ولكنهم بهرجوا دينهم، وهم الذين يغضبون للدنيا ولها يرضون ولها يسخطون ولها ينصبون، فآخذ بيد صاحبهم فإذا أخذت بيده اسود وجهه، ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر ومزقناه وقاتلنا الاصغر و قتلناه، فأقول: اسلكوا طريق أصحابكم، فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثم ترد علي راية فلان وهو إمام خمسين ألفا من أمتي، فأقوم فأخذ بيده فإذا أخذت بيده اسود وجهه ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر وعصيناه وخذلنا الاصغر وخذلنا عنه، فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثم يرد علي المخدج برايته وهو إمام سبعين ألفا من امتي، فإذا أخذت بيده اسود وجهه، ورجفت قدماه، وخفقت أحشاؤه، ومن فعل ذلك تبعه، فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: كذبنا الاكبر وعصيناه وقاتلنا الاصغر فقتلناه، فأقول: اسلكوا سبيل أصحابكم فينصرفون ظماء مظمئين مسودة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثم يرد علي أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين فأقوم فآخذ بيده فيبيض وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ماذا خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: اتبعنا الاكبر وصدقناه ووازرنا الاصغر ونصرناه وقتلنا معه، فأقول رووا، فيشربون شربة لا يظمؤون بعدها أبدا، إمامهم كالشمس الطالعة، ووجوههم كالقمر ليلة البدر، أو كانوا كأضوء نجم في السماء، قال: ألستم تشهدون على ذلك ؟ قالوا: بلى، قال: وأنا على ذلك من الشاهدين. بيان: قال في القاموس: البهرج: الباطل، والردى، والمباح، والبهرجة: أن


[ 16 ]

تعدل بالشئ عن الجادة القاصدة إلى غيرها، والمبهرج من المياه: المهمل الذي لايمنع عنه، ومن الدماء: المهدر، وقول أبي محجن لابن أبي وقاص: بهرجتني أي هدرتني بإسقاط الحدعني انتهى. والرجل الثالث هو عثمان، وإنما لم يذكر معاوية لانه من أتباعه، والمخدج هو ذوالثدية رئيس الخوارج، وسيأتي هذا لخبر بأسانيد جمة من طرق الخاص والعام في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليه السلام، وفي كتاب الفتن مع شرحه. * (باب 20) * * (صفة الحوض وساقيه صلوات الله عليه) * الايات، الكوثر ” 108 ” إنا أعطيناك الكوثر 1. تفسير: قال الطبرسي رحمه الله: اختلفوا في تفسير الكوثر فقيل: هو نهر في الجنة، عن عائشة وابن عمر. قال ابن عباس: لما نزل ” إنا أعطيناك الكوثر ” صعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فقرءها على الناس، فلما نزل قالوا: يا رسول الله ما هذا الذي أعطاكه الله ؟ قال: نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأشد استقامة من القدح، حافتاه قباب الدر والياقوت، ترده طيرخضرلها أعناق كأعناق البخت، قالوا: يا رسول الله ما أنعم تلك الطير ! قال: أفلا اخبركم بأنعم منها ؟ قالوا: بلى، قال: من أكل الطائر وشرب الماء فاز برضوان الله تعالى. وروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: نهر في الجنة أعطاه الله نبيه عوضا من ابنه. وقيل: هو حوض النبي صلى الله عليه واله الذي يكثر الناس عليه يوم القيامة، عن عطاء. وقال أنس: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءا ثم رفع رأسه متبسما فقلت: ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال: انزلت علي آنفا سورة، فقرأ سورة الكوثر ثم قال: أتدرن ما الكوثر ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خيرا كثيرا، هو حوضي ترد عليه امتي يوم القيامة، آنيته عدد نجوم السماء فيختلج القرن منهم فأقول: يا رب إنهم من أمتي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا


[ 17 ]

بعدك. أورده مسلم في الصحيح. وقيل: الكوثر: الخير الكثير، عن ابن عباس وابن جبير ومجاهد. وقيل: هو النبوة والكتاب، عن عكرمة. وقيل القرآن، عن الحسن. وقيل: هو كثرة الاصحاب والاشياع، عن أبي بكربن عياش وقيل: هو كثرة النسل والذرية وقد ظهرت الكثرة في نسله من ولد فاطمة عليها السلام حتى لا يحصى عددهم واتصل إلى يوم القيامة مددهم. وقيل: هو الشفاعة، رووه عن الصادق عليه السلام، واللفظ محتمل للكل فيجب أن يحمل جميع ما ذكر من الاقوال، فقد أعطاه الله سبحانه الخير الكثير في الدنيا، ووعده الخير الكثير في الآخرة، وجميع هذه الاقوال تفصيل للجملة التي هي الخير الكثير في الدارين. 1 – بشا، جا، ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن المعلى ابن محمد، عن محمد بن جمهور العمي، عن ابن محبوب، عن أبي محمد الوابشي، عن أبي الورد قال: سمعت أبا جعفر محمد ين علي الباقر عليهما السلام يقول: إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد من الاولين والآخرين عراة حفاة، فيوقفون على طريق المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا، وتشتد أنفاسهم فيمكثون كذلك ما شاء الله، وذلك قوله تعالى: فلا تسمع إلا همسا ” قال: ثم ينادي مناد من تلقاء العرش: أين النبي الامي ؟ قال: فيقول الناس قد أسمعت كلا فسم باسمه، قال: فينادي: أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله ؟ قال: فيقوم رسول الله صلى الله عليه وآله فيتقدم أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله مابين أيلة وصنعاء، فيقف عليه ثم ينادي بصاحبكم فيقوم أمام الناس فيقف معه، ثم يؤذن للناس فيمرون. قال أبو جعفر عليه السلام: فبين وارد يومئذ وبين مصروف فإذا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من يصرف عنه من محبينا أهل البيت بكى، وقال: يا رب شيعة علي، يا رب شيعة علي، قال: فيبعث الله عليه (إليه خ ل) ملكا فيقول له: ما يبكيك يا محمد ؟ قال: فيقول: وكيف لا أبكي لاناس من شيعة أخي علي بن أبي طالب أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار ومنعوا من ورود حوضي ؟ قال: فيقول الله عزوجل له: يا محمد إني قد وهبتهم لك، وصفحت لك عن ذنوبهم، وألحقتهم بك وبمن كانوا يتولون من ذريتك وجعلتهم في زمرتك، وأوردتهم حوضك، وقبلت شفاعتك فيهم، وأكرمتك بذلك.


[ 18 ]

ثم قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام: فكم من باك يومئذ وباكية ينادون: يا محمداه إذا رأوا ذلك، قال: فلا يبقى أحد يومئذ كان يتولانا ويحبنا إلا كان في حزبنا ومعنا وورد حوضنا. ” جا 170 – 171، ما 41 ” فس: أبي، عن ابن محبوب، عن الوابشي، عن أبي الورد مثله. ” ص 423 ” أقول: قد أثبتنا الخبر في باب صفة المحشر، واللفظ هناك – لعلي بن إبراهيم، و ههنا للشيخ، وبينهما اختلاف يسير. 2 – جا، ما، المفيد، عن علي بن هلال (بلال خ ل) المهلبي، عن أحمد بن الحسين البغدادي، عن محمد بن إسماعيل، عن محمد بن الصلت، عن أبي كديبة (1) عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن عباس قال: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله ” إنا أعطيناك الكوثر ” قال له علي بن أبي طالب: ما هو الكوثر يا رسول الله ؟ قال: نهر أكرمني الله به، قال علي: إن هذا النهر شريف فانعته لنا يا رسول الله، قال: نعم يا علي، الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد. وحصاه (حصباؤه خ ل) الزبرجد والياقوت والمرجان، حشيشه الزعفران، ترابه المسك الاذفر، قواعده تحت عرش الله عزوجل. ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله يده في جنب (2) علي أمير المؤمنين عليه السلام وقال: يا علي إن هذا النهر لي ولك ولمحبيك من بعدي. ” ص 173، ص 42 – 43 ” بشا: عن ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد مثله. قب: ابن جبير، وابن عباس مثله. 3 – ج: عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل أعطاني نهرأ في المساء مجراه تحت العرش، عليه ألف ألف قصر، لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، حشيشها الزعفران، ورضراضها الدر والياقوت، وأرضها المسك الابيض، فذلك خير لي ولامتي، وذلك قوله تعالى: ” إنا أعطيناك الكوثر ” الخبر.


[ 1 هكذا في النسخ، والصحيح كما في الامالى المطبوع: ” أبو كدينة ” وهو يحيى بن المهلب البجلى الكوفى المترجم في التقريب ص 555. [ 2 ] في المصدرين: على جنب ا ه‍ م

[ 19 ]

بيان: قال الجزري: في صفة الكوثر: طينه المسك ورضراضه التوم. الرضراض الحصى الصغار، والتوم: الدر. 4 – ن، لى: أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين ابن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن، أمير المؤمنين عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، الخبر. ” ص 78، ص 5 ” 5 – لى: حمزة بن محمد العلوي، عن علي، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أنت أخى ووزيري وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة، وأنت صاحب حوضي، من أحبك أحبني، ومن أبغضك أبغضني. ” ص 37 ” 6 – لى: ماجيلويه، عن عمه، عن محمد بن علي القرشي، عن محمد بن سنان، عن المفضل، عن الصاق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أراد أن يتخلص من هول القيامة فليتول وليي، وليتبع وصيي وخليفتي من بعدي علي ابن أبي طالب، فإنه صاحب حوضي، يذود عنه أعداءه، يسقي أولياءه، فمن لم يسق منه لم يزل عطشانا ولم يرو أبدا، ومن سقى منه شربة لم يشق ولم يظمأ أبدا. الخبر. ” ص 168 ” 7 – فس: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع في مسجد الخيف: إني فرطكم وأنتم واردون علي الحوض، حوض عرضه مابين بصرى وصنعاء، فيه قدحان من فضة عدد النجوم، الخبر. ” ص 4 ” 8 – ل: بالاسانيد الكثيرة، عن حذيفة بن اسيد مثله. (1) ” ج 1 ص 34 ” 9 – ل: في الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا مع رسول الله ومعي عترته على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل بعلمنا، فإن لكل أهل بيت نجيب (نجيبا خ ل) ولنا شفاعة، ولاهل مودتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض فإنا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحباءنا وأولياءنا، ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، حوضنا


[ 1 ] مع اختلاف. م

[ 20 ]

مترع، فيه مثعبان (مثقبان خ ل) (1) ينصبان من الجنة، أحدهما من تسنيم والآخر من معين، على حافيته الزعفران وحصاه اللؤلؤ والياقوت وهو الكوثر. الخبر. ” ح 2 ص 163 ” فر: عبيد بن كثير رفعه عنه عليه السلام مثله. (2) ” ص 137 – 138 ” توضيح: اترع كافتعل: امتلا. قاله الفيروز آبادي، وقال: مثاعب المدينة مسايل مائها. 10 – ن: بإسناد التميمي عن الرضا، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: ترد شيعتك يوم القيامة رواءا غير عطاش، ويرد عدوك عطاشا يستسقون فلا يسقون. ” ص 221 ” 11 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عن محمد بن معاذ، عن زكريا بن عدي، عن عبيدالله بن عمر، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن حمزة بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر: ما بال أقوام يقولون: إن رحم رسول الله صلى الله عليه وآله لا يشفع (لا ينفع خ ل) يوم القيامة ؟ بلى بلى والله إن رحمي لموصولة (3) في الدنيا والآخرة، وإني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض، فإذا جئتم قال الرجل: يا رسول الله أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب فقد عرفته، ولكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال وارتددتم على أعقابكم القهقرى. ” ص 57 – 58 ” 12 – ما: المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن الحسن بن القاسم، عن علي بن إبراهيم بن يعلى، عن علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبان، عن ابن سيابة، عن حمران، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: والله لازودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول الله صلى الله عليه وآله أعداءنا، وليردنه أحباؤنا. (4) ” ص 108 “


[ 1 ] وفى المصدر: شعبان. م [ 2 ] مع اختلاف. م [ 3 ] في المصدر: لموصلة. م [ 4 ] في المصدر: ولاوردنه احباءنا. م

[ 21 ]

13 – جا، ما، المفيد، عن الجعابي، عن ابن عقدة، عن أبي عوانة موسى القطان، عن محمد (أحمدخ ل) بن يحيى الاودي، عن إسماعيل بن أبان، عن علي بن هاشم بن البريد، (1) عن أبيه، عن عبد الرحمن (الرزاق خ ل) بن قيس الرحبي (2) قال: كنت جالسا مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على باب القصر حتى ألجأته الشمس إلى حائط القصر فوثب ليدخل فقام رجل من همدان فتعلق بثوبه وقال: يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به، قال: أولم يكن في حديث كثير ؟ قال: بلى ولكن حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به، قال: حدثني خليلي رسول الله صلى الله عليه وآله: أني أرد أنا وشيعتي الحوض رواءا مرويين مبيضة وجوههم، ويرد عدونا ظماء مظمئين مسودة وجوههم، خذها إليك قصيرة من طوبلة، أنت مع من أحببت، ولك ما اكتسبت، أرسلني يا أخا همدان. ثم دخل القصر. ” ص 200، ص 72 ” 14 – ما: المفيد، عن علي بن محمد الكاتب، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن أبي جعفر السعدي، عن يحيى بن عبد الحميد الحماني، (3) عن قيس بن الربيع، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، عن أبي أيوب الانصاري أن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن الحوض فقال: أما إذا سألتموني عنه فسأخبركم: إن الحوض أكرمني الله به وفضلني على من كان قبلي من الانبياء وهو مابين أيلة وصنعاء فيه من الآنية عدد نجوم السماء، يسيل فيه خليجان من الماء ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، حصاه الزمرد والياقوت، بطحاؤه مسك أذفر، شرط مشروط من ربي لا يرده أحد من امتي إلا النقية قلوبهم، الصحيحة نياتهم، المسلمون لوصي


[ 1 ] بالباء المفتوحة وكسر الراء قال ابن حجر في التقريب: هو ابو على الكوفي ثقة إلا أنه رمى بالتشيع. وقال في ترجمة ابنه على: صدوق يتشيع من صغار الثامنة مات سنة مائة و ثمانين. [ 2 ] هكذا في النسخ وفى الامالى، والحديث موجود في بشارة المصطفى أيضا وفيه: عبد الرحمن بن قيس الارحبي. والظاهر أن ذلك هو الصحيح، قال ابن حجر في لسان الميزان ” ج 3 ص 326 “: عبد الرحمن بن قيس الارحبي يروى عنه هاشم بن بريد، راجعه. [ 3 ] تقدم ضبطه في باب اللواء ذيل الخبر الثالث.

[ 22 ]

من بعدي، الذين يعطون ما عليهم في يسر ولا يأخذون ما عليهم (لهم ظ) في عسر، يذود عنه يوم القيامة من ليس من شيعته كما يذود الرجل البعير الاجرب من إبله، من شرب منه لم يظمأ أبدا. ” ص 142 – 143 ” 15 – لى: علي بن أحمد بن موسى، عن محمد الاسدي، عن البرمكي، عن جعفر ابن أحمد التميمي، عن أبيه، عن عبد الملك بن عمير الشيباني، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا سيد الانبياء والمرسلين، وأفضل من الملائكة المقربين، وأوصيائي سادة أوصياء النبيين والمرسلين، وذريتي أفضل ذريات النبيين والمرسلين، وأصحابي الذين سلكوا منها جي أفضل أصحاب النبيين والمرسلين، و ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين، والطاهرات من أزواجي امهات المؤمنين، وامتي خيرامة اخرجت للناس، وأنا أكثر النبيين تبعا يوم القيامة، ولي حوض عرضه مابين بصرى وصنعاء، فيه من الاباريق عدد نجوم السماء، وخليفتي على الحوض يومئذ خليفتي في الدنيا فقيل: ومن ذاك يا رسول الله ؟ قال: إمام المسلمين وأمير المؤمنين و مولاهم بعدي علي بن أبي طالب، يسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه، كما يذود أحدكم الغريبة من الابل عن الماء. ثم قال عليه السلام: من أحب عليا وأطاعه في دار الدنيا ورد علي حوضي غدا، وكان معي في درجتي في الجنة، ومن أبغض عليا في دار الدنيا وعصاه لم أره ولم يرني يوم القيامة، واختلج دوني وأخذ به ذات الشمال إلى النار. ” ص 179 ” بيان: بصرى كحبلى: بلد بالشام، وقرية ببغداد. 16 – ثو: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن ابن مهران، عن أبيه، عن إسحاق ابن جرير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: جاءني ابن عمك كأنه أعرابي مجنون، وعليه إزار وطيلسان، ونعلاه في يده، فقال لي: إن قوما يقولون فيك، قلت له: ألست عربيا ؟ قال: بلى، قلت: إن العرب لا تبغض عليا عليه السلام، ثم قلت له: لعلك ممن يكذب بالحوض، أما والله لئن أبغضته ثم وردت عليه الحوض لتموتن عطشا. ” ص 202 ” 17 – مل: محمد الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد،


[ 23 ]

عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله الاصم، عن مسمع كردين، (1) عن أبى عبد الله عليه السلام قال: إن الموجع قلبه لناليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتى يرد علينا الحوض، وإن الكوثر ليفرح بمحبنا إذا ورد عليه، حتى إنه ليذيقه من ضروب الطعام مالا يشتهي أن يصدر عنه، يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، ولم يشق بعدها أبدا، وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل، أحلى من العسل، وألين من الزبد، وأصفى من الدمع، وأذكى من العنبر، يخرج من تسنيم، ويمر بأنهار الجنان، تجري على رضراض (2) الدر والياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب والفضة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة، حتى يقول الشارب منه: ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بدلا ولا عنه تحويلا، أما إنك يا كردين ممن تروى منه، وما من عين بكت لنا إلا نعمت بالنظر إلى الكوثر، وسقيت منه من أحبنا، و إن الشارب منه ليعطى من اللذة والطعم والشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا، وإن على الكوثر أمير المؤمنين وفي يده عصاء من عوسج (3) يحطم بها أعداءنا، فيقول الرجل منهم: إني أشهد الشهادتين، فيقول: انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك، فيقول: تبرأ مني إمامي الذي تذكره، فيقول: ارجع وراءك فقل للذي كنت تتولاه وتقدمه على الخلق فاسأله – إذ كان عندك خير الخلق – أن يشفع لك، فإن خير الخلق حقيق أن لايرد إذا شفع، فيقول: إني أهلك عطشا، فيقول: زادك الله ظما وزادك الله عطشا. قلت: جعلت فداك وكيف يقدر على الدنو من الحوض ولم يقدر عليه غيره ؟ قال: ورع عن أشياء قبيحة وكف عن شتمنا إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترأ عليها غيره، وليس ذلك لحبنا ولا لهوى منه لنا ولكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته


[ 1 ] مسمع بكسر الميم وسكون السين وفتح الميم الثاني، وكردين بضم الكاف – وقيل بكسرها – وسكون الراء وكسر الدال، هو مسمع بن عبد الملك كردين أبوسيار، شيخ بكر بن وائل بالبصرة ووجهها يروى عن الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام. [ 2 ] تقدم معناه من المصنف ذيل الحديث الثالث. [ 3 ] العوسج من شجر الشوك.

[ 24 ]

وتدينه ولما قد شغل به نفسه عن ذكر الناس، فأما قلبه فمنافق، ودينه النصب، واتباعه أهل النصب وولاية الماضين، وتقديمه لهما على كل أحد. 18 – شف: من كتاب محمد بن أحمد بن أبي الثلج بإسناده إلى أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال في قوله عزوجل: ” يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ” الآية: قال النبي صلى الله عليه وآله تحشر امتي يوم القيامة حتى يردوا علي الحوض فترد راية إمام المتقين وسيد المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيين وقائد الغر المحجلين وهو علي بن أبي طالب، فأقول: ما فعلتم بالثقلين بعدي ؟ فيقولون: أما الاكبر فاتبعنا وصدقناو أطعنا وأما الاصغر فأحببنا ووالينا حتى هرقت دماؤنا، فأقول: رووا رواءا مرويين مبيضة وجوهكم الحوض، وهو تفسير الآية. 19 – شف: من كتاب كفاية الطالب تأليف صدر الحفاظ محمد بن يوسف الشافعي، عن محمد بن عبد الواحد، عن محمد بن عبد الله، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الله، عن حسين بن محمد، عن حسن بن علي بن يرفع، (1) عن يحيى بن الحسين بن الفرات، عن أبي عبد الرحمن المسعودي – وهو عبد الله بن عبد الملك – عن الحارث بن حصيرة، عن صخر بن الحكم الفزاري، عن حنان بن الحارث الازدي، عن الربيع بن جميل الضبي، عن مالك بن ضمرة الدوسي، عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يرد على الحوض راية أمير المؤمنين وإمام الغر المحجلين، فأقوم فآخذ بيده فيبيض وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي ؟ فيقولون: اتبعنا الاكبر وصدقناه، ووازرنا الاصغر ونصرناه وقتلنا (قاتلناخ ل) معه، فأقول: رووا رواءا مرويين، فيشربون شربة لا يظمؤون بعدها، وجه إمامهم كالشمس الطالعة، ووجوههم كالقمر ليلة البدر، وكأضوء نجم في السماء. 20 – قب: الحافظ أبو نعيم بإسناده إلى عطية، عن أنس قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: قد اعطيت الكوثر: فقلت: يارسول الله وما الكوثر ؟ قال: نهر في الجنة عرضه وطوله مابين المشرق والمغرب لا يشرب أحد منه فيظمأ، ولايتو ضأ


[ 1 ] كذا في نسخة المصنف وفي غيرها: بزيع. (*)

[ 25 ]

أحد منه فيشعث، (1) لا يشربه إنسان أخفر ذمتي (2) وقتل أهل بيتي. 21 – النبي صلى الله عليه وآله: يذود علي عنه يوم القيامة من ليس من شيعته، ومن شرب منه لم يظمأ أبدا. 22 – طارق: قال أمير المؤمنين عليه السلام: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لاقمعن بيدي هاتين عن الحوض أعداءنا إذا وردته أحباؤنا. وروى أحمد في الفضائل نحوا منه عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي. 23 – بشا: محمد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه عن جده، عن أحمد بن محمد بن عباد، عن محمد بن أحمد الرازي، عن محمد بن علي الخطيب، عن عقيل، عن محمد بن بندار، عن الحسن بن عرفة، عن وكيع، عن شفيق، عن أبي اليقضان، عن زاذان، عن ابن عمر قال: حدثنا النبي صلى الله عليه وآله – وهو الصادق المصدق – قال: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الاولين والآخرين نادى مناد بصوت يسمع به البعيد كما يسمع به القريب: أين علي ابن أبي طالب ؟ أبن علي الرضا ؟ فيؤتى بعلي الرضا فيحاسبه حسابا يسيرا، ويكسى حلتان خضراوان ويعطى عصاه من الشجرة وهي شجرة طوبى فيقال له: قف على الحوض فاسق من شئت وامنع من شئت. بيان: الظاهر أن المراد بعلي الرضا أيضا أمير المؤمنين عليه السلام. 24 – كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن سعيد العماري، عن إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن عون، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله تعالى: ” إنا أعطيناك الكوثر ” قال: نهر في الجنة عمقه في الارض سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضا من اللبن، و أحلى من العسل، شاطئاه من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت، خص الله به نبيه وأهل بيته عليهم السلام دون الانبياء. 25 – ويؤيده ما رواه أيضا عن أحمد بن محمد، عن حصين بن مخارق، عن عمرو بن


[ 1 ] أي لا يتنظف أحد منه فيتغبر. [ 2 ] أي نقض ذمتي وغدر به.

[ 26 ]

خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أراني جبرئيل منازلي ومنازل أهل بيتي على الكوثر. 26 – ويعضده أيضا ما رواه عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن مسمع ابن أبي سيرة، (1) عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لما اسري بي إلى السماء السابعة قال لي جبرئيل: تقدم يا محمد أمامك – وأراني الكوثر – وقال: يا محمد هذا الكوثر لك دون النبيين، فرأيت عليه قصورا كثيرة من اللؤلؤ والياقوت والدر، وقال: يا محمد هذه مساكنك ومساكن وزيرك ووصيك علي بن أبي طالب و ذريتة الابرار. قال: فضربت بيدي إلى بلاطه فشممته فإذا هو مسك، وإذا أنا بالقصور لبنة ذهب ولبنة فضة. 27 – وروى أيضا عن أحمد بن هوذة عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد عن حمران بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الغداة ثم التفت إلى علي عليه السلام فقال: يا علي ما هذا النور الذي أراه قد غشيك ؟ قال: يارسول الله أصابتني جنابة في هذه الليلة فأخذت بطن الوادي ولم اصب الماء فلما وليت ناداني مناد: يا أمير المؤمنين فالتفت فإذا خلفي إبريق مملوء من ماء فاغتسلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أما المنادي فجبرئيل، والماء من نهر يقال له: الكوثر عليه اثنا عشر ألف شجرة، كل شجرة لها ثلاث مائة وستون غصنا فإذا أراد أهل الجنة الطرب هبت ريح فمامن شجرة ولا غصن إلا وهو أحلى صوتا من الآخر، ولولا أن الله تعالى كتب على أهل الجنة أن لا يموتوا لماتوا فرحا من شدة حلاوة تلك الاصوات، وهذا النهر في جنة عدن، وهو لي ولك ولفاطمة والحسن والحسين، وليس لاحد فيه شئ. توضيح: البلاط كسحاب: الحجارة التي تفرش في الدار. 28 – فر. محمد بن عيسى بن زكريا معنعنا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لمحبينا أهل البيت ستجدون من قريش اثرة (2) فاصبروا حتى تلقوني على الحوض، شرابه أحلى من العسل، وأبيض من اللبن، وأبرد


[ 1 ] كذا في النسخ. [ 2 ] الاثر والاثر: أثر الجرح.

[ 27 ]

من الثلج، وألين من الزبد، وأنتم الذين وصفكم الله في كتابه: (1) ” يطوف عليهم ولدان مخلدون ” إلى قوله: ” ولا ينزفون “. ” ص 179 ” 29 – فر: عبيد بن كثير معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أنزل الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام ” إنا أعطيناك الكوثر ” قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: يا رسول الله لقد شرف الله هذا النهر وكرمه فانعته لنا، قال نعم يا علي، الكوثر نهر يجري الله من تحت عرشه (2) ماؤه أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، حصباه الدر والياقوت والمرجان، ترابه المسك الاذفر، حشيشه الزعفران، تجري من تحت قوائم عرش رب العالمين، ثمرة كأمثال القلال (3) من الزبرجد الاخضر والياقوت الاحمر والدر الابيض، يستبين ظاهره من باطنه، و باطنه من ظاهره فبكى النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه ثم ضرب بيده إلى أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام فقال: يا علي والله ما هو لي وحدي، وإنما هو لي ولك ولمحبيك من بعدي. ” ص 230 ” عد: اعتقادنا في الحوض أنه حق، وأن عرضه مابين أيلة وصنعاء، وهو حوض النبي (4) صلى الله عليه وآله وأن فيه من الاباريق عدد نجوم السماء، وأن الوالي (5) عليه يوم القيامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يسقي منه أولياءه، ويذود عنه أعداءه، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا. ” ص 85 ” 30 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: ليختلجن قوم من أصحابي دوني وأنا على الحوض فيؤخذ بهم ذات الشمال فانادي: يا رب اصيحابي اصيحابي (6) فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. ” ص 85 ” 31 – ما: المفيد، عن أحمد بن محمد بن الوليد، عن أبيه عن سعيد بن عبد الله


[ 1 ] في المصدر: وانتم الذين وصفكم الله في كتابه فقال: ويطوف اه‍. م [ 2 ] في المصدر: يجرى من تحت عرش الله. م [ 3 ] القلال بكسر القاف: الكروم من الارض. [ 4 ] في المصدر: وهو للنبى صلى الله عليه وآله. م [ 5 ] في المصدر: وان الساقى. م [ 6 ] في المصدر: اصحابي اصحابي. م

[ 28 ]

ابن موسى، عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي، (1) عن معلى بن هلال عن الكلبي عن أبي صالح، (2) عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أعطاني الله خمسا وأعطى عليا خمسا: أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليا جوامع العلم، وجعلني نبيا وجعله وصيا، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل، وأعطاني الوحي وأعطاه الالهام، وأسرى بي إليه وفتح له أبواب السماء والحجب حتى نظر إلي ونظرت إليه، الحديث. (3) ” ص 118 ” 32 – لى: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن القاسم، عن جده، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: يا علي أنت وشيعتك على الحوض، تسقون من أحببتم وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون يوم الفزع الاكبر في ظل العرش، يفزع الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزنون، فيكم نزلت هذه الآية: ” إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون ” فيكم نزلت: ” لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقيهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ” الحديث. ” ص 335 – 336 ” فر: القاسم بن عبيد معنعنا عنه، عن آبائه عليهم السلام مثله، وزاد في آخره: يا علي أنت وشيعتك تطلبون في الموقف وأنتم في الجنان متنعمون. ” ص 95 ” 33 – أعلام الدين للديلمي، من كتاب الحسين بن سعيد، بإسناده عن أبي أيوب الانصاري قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وقد سئل عن الحوض فقال: أما إذا سألتموني


[ 1 ] هكذا في النسخ، وفى الامالى المطبوع هكذا: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن هارون، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي إ ه‍. والعرزمى بفتح العين وسكون الراء وفتح الزاى نسبة إلى عرزم بطن من فزارة، وجبانة عرزم بالكوفة معروفة، ولعل هذا البطن نزلوا بها. راجع اللباب ” ج 2 ص 131 “. [ 2 ] قال ابن حجر في التقريب ” ص 594 في الكنى “: أبو صالح عن ابن عباس اسمه ميزان. تقدم، وقال ” في ص 517 “: ميزان البصري أبو صالح مقبول من الثالثة وهو مشهور بكنيته. [ 3 ] في الامالى المطبوع: وأعطى عليا الالهام وأسرى بي إليه، وفتحت له ابواب السماء حتى رأى ما رأيت ونظر إلى ما نظرت إليه.

[ 29 ]

عن الحوض فإني سأخبركم عنه: إن الله تعالى أكرمني به دون الانبياء، وإنه مابين أيلة إلى صنعاء، يسيل فيه خليجان من الماء، ماؤهما أبيض من اللبن وأحلى من العسل، بطحاؤهما مسك أذفر، حصباؤهما الدر والياقوت، شرط مشروط من ربي لا يردهما إلا الصحيحة نياتهم، النقية قلوبهم، الذين يعطون ما عليهم في يسر، ولا يأخذون مالهم في عسر، المسلمون للوصي من بعدي، يذود من ليس من شيعته كما يذود الرجل الجمل الاجرب عن إبله. * (باب 21) * * (الشفاعة) * الايات، البقرة ” 2 ” واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولاهم ينصرون 48 ” وقال تعالى “: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولاهم ينصرون 123 ” وقال تعالى “: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولا خلة ولا شفاعة 254 ” وقال “: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه 255. الاسرى ” 17 ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا 79. مريم ” 19 ” لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا 87. طه ” 20 ” يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا 109. الانبياء ” 21 ” وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون * يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون 26 – 28. الشعراء ” 26 ” فمالنا من شافعين * ولا صديق حميم 100 – 101. سبأ ” 34 ” ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير 23.


[ 30 ]

الدخان ” 44 ” إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين * يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم 40 – 42. النجم ” 53 ” وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى 26. المدثر ” 74 ” فما تنفعهم شفاعة الشافعين 48. النبأ ” 78 ” يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا 38. تفسير: قال الطبرسي قدس الله روحه في قوله تعالى: ” واتقوا “: أي احذروا واخشوا ” يوما لا يجزي ” أي لا تغني، أو لا تقضي فيه ” نفس عن نفس شيئا ” ولا تدفع عنها مكروها، وقيل: لا يؤدي أحد عن أحد حقا وجب عليه لله أو لغيره ” ولا يقبل منها شفاعة ” قال المفسرون: حكم هذه الآية مختص باليهود لانهم قالوا: نحن أولاد الانبياء وآباؤنا يشفعون لنا، فآيسهم الله عن ذلك فخرج الكلام مخرج العموم والمراد به الخصوص، ويدل على ذلك أن الامة أجمعت على أن للنبي صلى الله عليه وآله شفاعة مقبولة وإن اختلفوا في كيفيتها، فعندنا هي مختصة بدفع المضار وإسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبي المؤمنين، وقالت المعتزلة: هي في زيادة المنافع للمطيعين والتائبين دون العاصين، وهي ثابتة عندنا للنبي صلى الله عليه وآله ولاصحابه المنتجبين وللائمة من أهل بيته الطاهرين ولصالحي المؤمنين، وينجي الله تعالى بشفاعتهم كثير من الخاطئين. ويؤيده الخبر الذي تلقته الامة بالقبول وهو قوله صلى الله عليه وآله: ادخرت شفاعتي لاهل الكبائر من امتي. وما جاء في روايات أصحابنا رضي الله عنهم مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إني أشفع يوم القيامة فاشفع، ويشفع علي فيشفع، ويشفع أهل بيتي فيشفعون، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع في أربعين من إخوانه كل قداستوجبوا النار. ” ولا يؤخذ منها عدل ” أي فدية لانه يعادل المفدي ويماثله، وأما ما جاء في الحديث: ” لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ” فاختلف في معناه، قال الحسن: الصرف: العمل، والعدل: الفدية، وقال الاصمعي: الصرف: التطوع، والعدل: الفريضة،


[ 31 ]

وقال أبو عبيدة: الصرف: الحيلة، والعدل: الفدية، وقال الكلبي: الصرف الفدية، والعدل: رجل مكانه ” ولاهم ينصرون ” أي لا يعاونون حتى ينجوا من العذاب، وقيل: ليس لهم ناصر ينتصر لهم من الله إذا عاقبهم. وفي قوله سبحانه: ” لابيع فيه ” أي لا تجارة ” ولاخلة ” أي لا صداقة، لانهم بالمعاصي يصيرون أعداءا، وقيل لان شغله بنفسه يمنع من صداقة غيره، وهذا كقوله: ” الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ” ” ولا شفاعة ” أي لغير المؤمنين مطلقا. وفي قوله سبحانه: ” من ذالذي يشفع عنده إلا بإذنه ” هو استفهام معناه الانكار والنفي، أي لا يشفع يوم القيامة أحد لاحد إلا بإذنه وأمره، وذلك أن المشركين كانوا يزعمون أن الاصنام تشفع لهم فأخبر الله سبحانه أن أحدا ممن له الشفاعة لا يشفع إلا بعد أن يأذن الله له في ذلك ويأمره به. وفي قوله عزوجل: ” ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة ” أي لا يقدرون على الشفاعة فلا يشفعون، ولا يشفع لهم حين يشفع أهل الايمان بعضهم لبعض، لان ملك الشفاعة على وجهين: أحدهما أن يشفع للغير، والآخر أن يستدعي الشفاعة من غيره لنفسه، فبين سبحانه أن هؤلاء الكفار لا تنفذ شفاعة غيرهم فيهم، ولا شفاعة لهم لغيرهم ” إلامن اتخذ عند الرحمن عهدا ” أي لا يملك الشفاعة إلا هؤلاء، أولا يشفع إلا لهؤلاء، والعهد هو الايمان، والاقرار بوحدانية الله تعالى، والتصديق بأنبيائه، وقيل: هوشهادة أن لاإله إلا الله وأن يتبرؤوا إلى الله من الحول والقوة، ولا يرجوا إلا لله، عن ابن عباس وقيل: معناه: لا يشفع إلا من وعدله الرحمن بإطلاق الشفاعة كالانبياء والشهداء والعلماء والمؤمنين على ما ورد به الاخبار، وقال علي بن إبراهيم في تفسيره: حدثني أبي، عن ابن محبوب، عن سليمان بن جعفر، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروءته، فقيل: يا رسول الله كيف يوصي الميت ؟ قال: إذا حضرته الوفاة واجتمع الناس إليه قال: اللهم فاطر السماوات والارض – وساق الحديث إلى أن قال – وتصديق هذه الوصية في سورة مريم في قوله: ” لا يملكون الشفاعة إلا من


[ 32 ]

اتخذ عند الرحمن عهدا ” فهذا عهد الميت. أقول: سيأتي الخبر في باب الوصية. وقال في قوله تعالى: ” إ من أذن له الرحمن ورضي له قولا “: أي لا تنفع ذلك اليوم شفاعة أحد في غيره إلا شفاعة من أذن الله له في أن يشفع ورضي قوله فيها من الانبياء والاولياء والصالحين والصديقين والشهداء. وفي قوله سبحانه: ” وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ” يعني من الملائكة ” سبحانه ” نزه نفسه عن ذلك ” بل عباد مكرمون ” أي ليسوا أولادا كما تزعمون بل عباد أكرمهم الله واصطفاهم ” لا يسبقونه بالقول ” أي لا يتكلمون إلا بما يأمرهم به ربهم ” وهم بأمره يعملون يعلم مابين أيديهم وما خلفهم ” أي ما قدموا من أعمالهم وما أخروا منها، يعني ما عملوا منها وماهم عاملون ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ” أي ارتضى الله دينه، وقال مجاهد: إلا لمن رضي الله عنه. وقيل هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل: هم المؤمنون المستحقون للثواب، وحقيقته أنه لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله أن يشفع فيه، فيكون في معنى قوله: ” من ذاالذي يشفع عنده إلا بإذنه ” ” وهم من خشيته ” أي من خشيتهم منه، فاضيف المصدر إلى المفعول ” مشفقون ” خائفون وجلون من التقصير في عبادته. وفي قوله سبحانه: ” ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ” أي لا تنفع الشفاعة عند الله إلا لمن رضيه الله وارتضاه وأذن له في الشفاعة مثل الملائكة والانبياء والاولياء أو إلا لمن أذن الله أن يشفع له ” حتى إذا فزع عن قلوبهم ” أي كشف الفزع عن قلوبهم واختلف في الضمير في قوله: ” عن قلوبهم ” فقيل: يعود إلى المشركين، أي حتى إذا اخرج عن قلوبهم الفزع ليسمعوا كلام الملائكة ” قالوا ” أي الملائكة ” ماذا قال ربكم قالوا ” أي المشركون مجيبين لهم ” الحق ” أي قال الحق، فيعترفون أن ما جاء به الرسل كان حقا، عن ابن عباس وغيره وقيل: إن الضمير يعود إلى الملائكة، ثم اختلف في معناه على وجوه: أحدها أن الملائكة إذا صعدوا بأعمال العباد ولهم زجل (1) وصوت عظيم فتحسب الملائكة أنها الساعة فيخرون سجداو يفزعون، فإذا علموا أنه ليس ذلك قالوا: ” ماذا قال ربكم قالوا الحق “.


[ 1 ] جمع الزجلة بالضم: الصوت والضجيج.

[ 33 ]

وثانيها أن الفترة لما كانت بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وبعث الله محمد صلى الله عليه وآله أنزل الله سبحانه جبرئيل بالوحي، فلما نزلت ظنت الملائكة أنه نزل بشئ من أمر الساعة فصعقوا لذلك، فجعل جبرئيل يمر بكل سماء ويكشف عنهم الفزع فرفعوا رؤوسهم و قال بعضهم لبعض: ” ماذا قال ربكم قالوا الحق ” يعني الوحي. ثالثها أن الله إذا أوحى إلى بعض ملائكته لحق الملائكة غشي عند سماع الوحي، ويصعقون ويخرون سجدا للاية العظيمة، فإذا فزع عن قلوبهم سألت الملائكة ذلك الملك الذي أوحي إليه: ماذا قال ربك ؟ أو يسأل بعضهم بعضا فيعلمون أن الامر في غيرهم. وفي قوله تعالى: ” يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ” المولى: الصاحب الذي من شأنه أن يتولى معونة صاحبه على اموره، فيدخل في ذلك ابن العم والناصر و الحليف وغيرهم، أي لا يغني فيه ولي عن ولي شيئا، ولا يدفع عنه عذاب الله ” ولاهم ينصرون ” وهذا لا ينافي ما ذهب إليه أكثر الامة من إثبات الشفاعة، لانها لا تحصل إلا بأمر الله تعالى وإذنه، والمراد بالآية أنه ليس لهم من يدفع عنهم العذاب وينصرهم من غير أن يأذن الله لهم فيه، ويدل عليه قوله: ” إلا من رحم الله ” أي إلا الذين رحمهم الله من المؤمنين، فإنه إما أن يسقط عقابهم ابتداءا أو يأذن بالشفاعة فيهم. وفي قوله تعالى: ” إلا من بعد أن يأذن الله ” أي للملائكة في الشفاعة ” لمن يشاء ويرضى ” لهم أن يشفعوا فيه. وفي قوله تعالي: ” فما تنفعهم شفاعة الشافعين ” أي شفاعة الملائكة والنبيين كما نفعت الموحدين، عن ابن عباس. وقال الحسن: لم تنفعهم شفاعة ملك ولا شهيد ولا مؤمن، ويعضد هذا الاجماع على أن عقاب الكفر لا يسقط بالشفاعة، وقد صحت الرواية عن ابن مسعود قال: يشفع نبيكم رابع أربعة: جبرئيل، ثم إبراهيم، ثم موسى أو عيسى، ثم نبيكم، لا يشفع أحد أكثر مما يشفع فيه نبيكم، ثم النبيون، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ويبقى قوم في جنهم فيقال لهم: ” ما سلككم في سقر ” إلى قوله: ” قماتنفعهم شفاعة الشافعين ” قال ابن مسعود: فهؤلاء الذين يبقون في جهنم. وعن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يقول: الرجل من أهل الجنة يوم القيامة: أي رب عبدك فلان سقاني شربة من


[ 34 ]

ماء في الدنيا فشفعني فيه، فيقول: اذهب فأخرجة من النار، فيذهب فيتجسس في النار حتى يخرجه منها. وقال صلى الله عليه وآله: إن من امتي من سيدخل الله الجنة بشفاعته أكثر من مضر. 1 – ل: أبو الحسن طاهر بن محمد بن يونس، عن محمد بن عثمان الهروي، عن أحمد ابن نجده، عن أبي بشر ختن المقري (1) عن معتمر بن سليمان، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل نبي دعوة قد دعابها وقد سأل سؤلا، وقد أخبأت دعوتي لشفاعتي لامتي يوم القيامة. 2 – ل: أبي، عن الحميري، عن هارون، عن ابن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة يشفعون إلى الله عزوجل فيشفعون: الانبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء ” ج 1 ص 75 ” 3 – ل: الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا تعنونا في الطلب والشفاعة لكم يوم القيامة فيما قدمتم. وقال عليه السلام: لنا شفاعة ولاهل مودتنا شفاعة. ” ج 2 ص 157 ص 163 ” 4 – ن، لى: أبي، عن سعد، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، ومن لم مؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي. ثم قال عليه السلام: إنما شفاعتي لاهل الكبائر من امتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل. قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا عليه السلام: يابن رسول الله فما معنى قول الله عزوجل: ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ” ؟ قال لا يشفعون (2) إلا لمن ارتضى الله دينه ” ص 78 ص 5 ” 5 – ن: قال مصنف هذا الكتاب: المؤمن هو الذي تسره حسنته وتسوؤه


[ 1 ] هو بكر بن خلف البصري ختن المقرى أبو بشر، قال ابن حجر: صدوق من العاشرة مات بعد سنة أربعين أي ومأتين. [ 2 ] في العيون: قال: يعنى لا يشفعون ا ه‍. م

[ 35 ]

سيئته (1) لقول النبي صلى الله عليه وآله: من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن. ومتى ساءته سيئة ندم عليها، والندم توبة، والتائب مستحق للشفاعة والغفران، ومن لم تسؤه سيئته فليس بمؤمن، وإذالم يكن مؤمنا لم يستحق الشفاعة لان الله غير مرتض لدينه. ” ص 78 ” 6 – لى: الطالقاني، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي قلابة عبد الملك بن محمد، عن غانم بن الحسن السعدي، عن مسلم بن خالد المكي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، عن جابر بن عبد الله الانصاري، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قالت فاطمة عليها السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبتاه أين ألقاك يوم الموقف الاعظم ويوم الاهوال ويوم الفزع الاكبر ؟ قال: يا فاطمة عند باب الجنة ومعي لواء الحمد وأنا الشفيع لامتي إلى ربي، قالت: يا أبتاه فإن لم ألقك هناك ؟ قال: القيني على الحوض وأنا أسقي امتي، قالت: يا أبتاه إن لم ألقك هناك ؟ قال: القيني على الصراط وأنا قائم أقول: رب سلم امتي، قالت، فإن لم ألقك هناك ؟ قال: القيني وأنا عند الميزان أقول: رب سلم امتي، قالت: فإن لم ألقك هناك ؟ قال: القيني على شفير جهنم أمنع شررها ولهبها عن امتي، فاستبشرت فاطمة بذلك، صلى الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها. ” ص 166 ” 7 – فس: أبي، عن ابن محبوب، عن زرعة، عن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن شفاعة النبي يوم القيامة، قال: يلجم الناس يوم القيامة العرق (2) فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم يشفع لنا (عند ربه خ ل) فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا عند ربك، (3) فيقول: إن لي ذنبا وخطيئة فعليكم بنوح، فيأتون نوحا فيردهم إلى من يليه، ويردهم كل نبي إلى من يليه حتى ينتهون إلى عيسى فيقول: عليكم بمحمد رسول الله – صلى الله عليه وآله وعلى جميع الانبياء – فيعرضون أنفسهم عليه ويسألونه فيقول: انطلقوا، فينطلق بهم إلى


[ 1 ] في العيون: ” حسنة وسيئة ” في جميع الموارد. [ 2 ] في نسخة: ويرهقهم القلق. [ 3 ] في المصدر: ليشفع لنا عند ربه فينطلقون إلى آدم فيقولون: يا آدم اشفع اه‍. م

[ 36 ]

باب الجنة ويستقبل باب الرحمن ويخرساجدا فيمكث ما شاء الله فيقول الله عزوجل: ارفع رأسك واشفع تشفع وسل تعط، وذلك قوله: ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا “. ” ص 387 ” بيان: تشفع على بناء المجهول من التفعيل يقال: شفعه تشفيعا أي قبل شفاعته. 8 – فس: أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية وهشام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لوقدقمت (1) المقام المحمود لشفعت في أبي وامي وعمي وأخ كان لي في الجاهلية. (2) ” ص 387 ” بيان: كون الاخ في الجاهلية أي قبل البعثة لا ينافي كونه مؤمنا. 9 – فس: جعفر بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى، عن ابن البطائني، عن أبيه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ” لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ” قال: لا يشفع ولا يشفع لهم ولا يشفعون ” إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ” إلا من أذن له بولاية أمير المؤمنين والائمة من بعده فهو العهد عند الله، الخبر. ” ص 417 ” 10 – بشا، لى: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن سلمة بن الخطاب، عن الحسين بن سعيد، عن إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الله بن صباح، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين في صعيد واحد فتغشاهم ظلمة شديدة فيضجون إلى ربهم ويقولون: يا رب اكشف عنا هذه الظلمة، قال: فيقبل قوم يمشي النور بين أيديهم قد أضاء أرض القيامة، فيقول أهل الجمع: هؤلاء أنبياء الله، فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بأنبياء، فيقول أهل الجمع: فهؤلاء ملائكة، فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بملائكة، فيقول أهل الجمع: هؤلاء شهداء فيجيئهم النداء من عند الله: ما هؤلاء بشهداء، فيقولون: من هم ؟ فيجيئهم النداء: يا أهل الجمع سلوهم: من أنتم ؟ فيقول الجمع: من أنتم ؟ فيقولون: نحن العلويون، نحن ذرية محمد رسول الله صلى الله عليه وآله، نحن أولاد علي ولي الله، نحن


[ 1 ] في المصدر: لو قدمت المقام اه‍. م [ 2 ] أخرجه بطريق آخر عن تفسير العياشي وسيوافيك تحت رقم 47.

[ 37 ]

المخصوصون بكرامة الله، نحن الآمنون المطمئنون، فيجيئهم النداء من عند الله عز وجل: اشفعوا في محبيكم وأهل مودتكم وشيعتكم، فيشفعون. ” لى ص 171 170 ” 11 – ع: أبي عن محمد العطار، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن مدين، عن محمد بن عمار، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شيعتنا من نور الله خلقوا وإليه يعودون، والله إنكم لملحقون بنايوم القيامة، وإنا لنشفع فنشفع ووالله إنكم لتشفعون فتشفعون، وما من رجل منكم إلا وسترفع له نار عن شماله وجنة عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة، وأعداءه النار. ” ص 42 ” 12 – لى: ابن المتوكل، عن محمد العطار، عن ابن أبي الخطاب، عن النضر بن شعيب، عن القلانسي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا قمت المقام المحمود تشفعت في أصحاب الكبائر من امتي فيشفعني الله فيهم، والله لا تشفعت فيمن آذى ذريتي. ” ص 177 ” 13 – لى: القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام: من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا: المعراج، والمسألة في القبر، والشفاعة. ” ص 177 ” 14 – ما: في خبر أبي ذر وسلمان قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله أعطاني مسألة فأخرت مسألتي لشفاعة المؤمنين من امتي يوم القيامة ففعل ذلك، الخبر. ” ص 26 ” 15 – فس: أبي، عن ابن محبوب، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام قالا: والله لنشفعن في المذنبين من شيعتنا حتى تقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك: ” فمالنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ” قال: من المهتدين، قال: لان الايمان قد لزمهم بالاقرار. ” ص 473 ” بيان: أي ليس المراد بالايمان هنا الاسلام بل الاهتداء إلى الائمة عليهم السلام و ولايتهم، أو ليس المراد الايمان الظاهري.


[ 38 ]

16 – فس: ” ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له ” قال: لا يشفع أحد من أنبياء الله ورسله يوم القيامة حتى يأذن الله له إلا رسول الله صلى الله عليه وآله فإن الله قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، والشفاعة له وللائمة من ولده، ثم بعد ذلك للانبياء صلوات الله عليهم وعلى محمد وآله. قال: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي العباس المكبر قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين صلوات الله عليهما على أبي جعفر عليه السلام يقال له: أبو أيمن، فقال: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون: شفاعة محمد شفاعة محمد ! فغضب أبو جعفر عليه السلام حتى تربد وجهه، ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أغرك أن عف بطنك وفرجك ؟ أما لو قد رأيت أفزاع القيامة لقد احتجت إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار ؟ ثم قال: ما أحد من الاولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة ثم قال أبو جعفر عليه السلام: إن لرسول الله صلى الله عليه وآله الشفاعة في امته، ولنا شفاعة (1) في شيعتنا، ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم. ثم قال: وإن المؤمن ليشفع (2) في مثل ربيعة ومضر، وإن المؤمن ليشفع حتى لخادمه، ويقول: يا رب حق خدمتي كان يقيني الحر والبرد. ” ص 539 ” سن: أبي، عن ابن أبي عمير مثله (3) إلى قوله: وجبت له النار. ” ص 183 ” بيان: تربد: تغير. 17 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، وسعد عن ابن عيسى والبرقي معا عن محمد البرقي، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي: جعلت لي الارض مسجدا و طهورا، ونصرت بالرعب، واحل لي المغنم، واعطيت جوامع الكلم، واعطيت الشفاعة. ” ج 1 ص 140 – 141 ” 18 – ل: ما جيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن علي بن الحسين الرقي، عن عبد الله بن جبلة، عن الحسن بن عبد الله، عن آبائه، عن جده الحسن بن علي عليه السلام في


[ 1 ] في المصدر: ” الشفاعة ” وكذا فيما يأتي بعده. [ 2 ] في المصدر: وان للمؤمنين لشفاعة اه‍. م [ 3 ] مع اختلاف يسير. م

[ 39 ]

حديث طويل: إن النبي صلى الله عليه وآله قال في جواب نفر من اليهود سألوه عن مسائل: وأما شفاعتي ففي أصحاب الكبائر ماخلا أهل الشرك والظلم ” ج 2 ص 9 ” بيان: المراد بالظلم سائر أنواع الكفر والمذاهب الباطلة. 19 – ل: القطان، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب، عن محمد بن عبد الله، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن محمد بن الفضل (1) الزرقي، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام قال: إن للجنة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النبيون و الصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول: رب سلم شيعتي ومحبي وأنصاري ومن توالاني في دار الدنيا، فإذا النداء من بطنان العرش: قد اجيبت دعوتك، و شفعت في شيعتك. ويشفع كل رجل من شيعتي ومن تولاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه وأقربائه، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لاإله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت. ” ج 2 ص 39 ” 20 – ما: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه، عن أبي الحسن العسكري، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: إذا حشر الناس يوم القيامة ناداني مناد: يا رسول الله إن الله جل اسمه قد أمكنك من مجازاة محبيك


[ 1 ] في نسخة: محمد بن الفضيل الزرقي، وفى الخصال المطبوع: محمد بن الفضيل الرزقى، قال المامقاني: محمد بن الفضيل الرزقى: لم أقف فيه إلا على عد الشيخ إياه في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام، وظاهره وإن كان إماميا إلا أن حاله مجهول وفى لقبه احتمالان: تقديم الزاى المفتوحة على الراء وبينهما ألف نسبة إلى بنى زريق بطن من الانصار، وتقديم الراء المكسورة على الزاى نسبة إلى قرية من قرى مرو يقال لها: رزق انتهى. قلت: فيه وهم لان المنسوب إلى بنى زريق الزرقى كجهنى والقرية التى بمرو يقال لها: زرق، بتقديم الزاى المفتوحة والراء الساكنة، فالصحيح اما الزرقى كجهنى نسبة إلى بنى زريق، أو الزرقي بفتح الزاى وسكون الراء نسبة إلى زرق قرية من قرى مرو، بها قتل يزدجرد آخر ملوك الفرس، أو الرزقي بتقديم الراء المسكورة على الزاى الساكنة نسبة إلى مدينة الرزق كانت احدى مسالح العجم بالبصرة قبل أن يختطها المسلمون، راجع اللباب ” ج 1 ص 499 ” والقاموس مادة رزق وزرق.

[ 40 ]

ومحبي أهل بيتك الموالين لهم فيك والمعادين لهم فيك فكافهم بما شئت، فأقول: يا رب الجنة، فابوؤهم منها حيث شئت، فذلك المقام المحمود الذي وعدت به. ” ص 187 ” 21 – ما: الحفار، عن إسماعيل بن علي الدعبلي، عن محمد بن إبراهيم بن كثير قال: دخلنا على أبي نواس الحسن بن هاني نعوده في مرضه الذي مات فيه فقال له عيسى ابن موسى الهاشمي: يا أباعلى أنت في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من الآخرة، وبينك وبين الله هنات (1) فتب إلى الله عزوجل: قال أبو نواس: سندوني، فلما استوى جالسا قال: إياي تخوفني بالله ؟ وقد حدثني حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لكل نبي شفاعة وأنا خبأت شفاعتي لاهل الكبائر من امتي يوم القيامة، أفترى لاأكون منهم ؟ !. ” ص 241 ” 22 – ل: في خبر الاعمش، عن الصادق عليه السلام: أصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون ولا كافرون، فإن الله تبارك وتعالى لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فأصحاب الحدود فساق لا مؤمنون ولا كافرون، ولا يخلدون في النار ويخرجون منها يوما، والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى الله عزوجل دينهم، الخبر. ” ج 2 ص 154 ” 23 – ن: فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون من محض الايمان: ومذنبوا أهل التوحيد يدخلون النار ويخرجون منها، والشفاعة جائزة لهم. ” ص 268 ” 24 – ن: أحمد بن أبي جعفر البيهقي، عن علي بن جعفر المدني، عن علي بن محمد ابن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا، فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عزوجل حكمنا فيها فأجابنا، ومن كانت مظلمته بينه وفيما بين الناس استوهبناها فوهبت لنا، ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من عفا وصفح. ” ص 219 ” 25 – ن: بإسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: من


[ 1 ] يقال: في فلان هنات أي خصلات شر.

[ 41 ]

كذب بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وآله لم تنله. ” ص 225 ” 26 – ثو: أبي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد، عن ميسر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن المؤمن منكم يوم القيامة ليمر به الرجل له المعرفة به في الدنيا وقد أمر به إلى النار والملك ينطلق به، قال: فيقول له: يا فلان أغثني فقد كنت أصنع إليك المعروف في الدنيا واسعفك في الحاجة تطلبها مني، فهل عندك اليوم مكافاة ؟ فيقول المؤمن للملك المؤكل به: خل سبيله، قال: فيسمع الله قول المؤمن فيأمر الملك أن يجيز قول المؤمن فيخلي سبيله. ” ص 167 ” 27 – ثو: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد بن خالد، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن علي الصائغ قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن المؤمن ليشفع لحميمه إلا أن يكون ناصبا، ولو أن ناصبا شفع له كل نبي مرسل وملك مقرب ما شفعوا. (1) ” ص 203 ” 28 – سن: أبي، عن سعدان بن مسلم، عن معاوية بن وهب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: ” لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ” قال: نحن والله المأذون لهم في ذلك اليوم والقائلون صوابا. قلت: جعلت فداك وما تقولون ؟ (2) قال: نمجد ربنا، ونصلي على نبينا، ونشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا. ” ص 183 ” كنز: محمد بن العباس عن الحسن، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن سعدان مثله. وعن الكاظم عليه السلام أيضا مثله. 29 – كا: علي بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الماضي عليه السلام مثله 30 – سن: بهذا الاسناد قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: قوله: ” من ذاالذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم مابين أيديهم ” (3) قال: نحن اولئك الشافعون. ” ص 183 “


[ 1 ] في المصدر ما شفعوه. م [ 2 ] في الكافي: وما تقولون إذا تكلمتم ؟. [ 3 ] في المصدر: أيديهم وما خلفهم. م

[ 42 ]

شي: عن معاوية بن عمار مثله. 31 – سن: أبي، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة قال: قال رجل لابي عبد الله عليه السلام: إن لنا جارا من الخوارج يقول: إن محمدا يوم القيامة همه نفسه فكيف يشفع ؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: ما أحد من الاولين والآخرين إلا وهو يحتاج إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله يوم القيامة. ” ص 184 ” 32 – سن: عمربن عبد العزيز، عن مفضل أو غيره، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: ” فمالنا من شافعين ولا صديق حميم ” قال: الشافعون الائمة، والصديق من المؤمنين. ” ص 184 ” 33 – سن: أبي، عن حمزة بن عبد الله، عن ابن عميرة، عن أبي حمزة قال: قال أبو جعفر عليه السلام: إن لرسول الله صلى الله عليه وآله شفاعة. ” ص 184 ” 34 – سن: أبي، عن فضالة، عن حسين بن عثمان، عن أبي حمزة أنه قال: للنبي صلى الله عليه وآله شفاعة في امته، ولنا شفاعة في شيعتنا، ولشيعتنا شفاعة في أهل بيتهم. ” ص 184 ” 35 – سن: أبي، عن حمزة بن عبد الله، عن إسحاق بن عمار، عن علي الخدمي (1) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الجار يشفع لجاره والحميم لحميمه، ولو أن الملائكة المقربين والانبياء المرسلين شفعوا في ناصب ما شفعوا. ” ص 184 ” 36 – سن: ابن محبوب، عن أبان، عن أسد بن إسماعيل، عن جابر بن يزيد قال: قال أبو جعفر عليه السلام: يا جابر لا تستعن بعدونا في حاجة ولا تستعطه (2) ولا تسأله شربة ماء، إنه ليمربه المؤمن في النار فيقول: يا مؤمن ألست فعلت بك كذا وكذا ؟ فيستحيي منه فيستنقذه من النار، فإنما سمي المؤمن مؤمنا لانه يؤمن على الله فيؤمن (فيجيز خ ل) أمانه ” ص 185 “


[ 1 ] في نسخة: الحدقى. [ 2 ] في المحاسن المطبوع: ولا تستطعمه

[ 43 ]

37 – قب: علي بن الجعد، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس في قوله تعالى: ” فما تنفعهم شفاعة الشافعين ” قال: يعنى ما تنفع كفار مكة شفاعة الشافعين. ثم. قال: أول من يشفع يوم القيامة في امته رسول الله، وأول من يشفع في أهل بيته وولده أمير المؤمنين، وأول من يشفع في الروم المسلمين صهيب، و أول من يشفع في مؤمني الحبشة بلال. 38 – حمران بن أعين: قال الصادق عليه السلام: والله لنشفعن لشيعتنا، والله لنشفعن لشيعتنا، والله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس: فما لنا من شافعين ولا صديق حميم 39 – فردوس الديلمي: أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وآله: الشفعاء خمسة: القرآن والرحم، والامانة، ونبيكم، وأهل بيت نبيكم. 40 – تفسير وكيع: قال ابن عباس في قوله: ” ولسوف يعطيك ربك فترضى ” يعني: ولسوف يشفعك يا محمد يوم القيامة في جميع أهل بيتك فتدخلهم كلهم الجنة ترضى بذلك عن ربك. 41 – الباقر عليه السلام في قوله: ” وترى كل امة جاثية ” الآية، قال: ذاك النبي صلى الله عليه وآله وعلي، يقوم على كوم قد علا الخلائق فيشفع ثم يقول: يا علي اشفع، فيشفع الرجل في القبيلة، ويشفع الرجل لاهل البيت، ويشفع الرجل للرجلين على قدر عمله فذلك المقام المحمود. 42 – أبو عبد الله عليه السلام: ” وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ” قال: ولاية أمير المؤمنين عليه السلام، ويقال: ” إن لهم قدم صدق ” قال: شفاعة النبي ” و الذي جاء بالصدق ” شفاعة علي عليه السلام ” اولئك هم الصديقون ” شفاعة الائمة عليهم السلام. 43 – النبي صلى الله عليه وآله: إني لاشفع يوم القيامة فاشفع، ويشفع علي فيشفع، و يشفع أهل بيتي فيشفعون. بيان: قال الجزري: الكوم من الارتفاع والعلو، ومنه الحديث: إن قوما من الموحدين يحبسون يوم القيامة على الكوم إلى أن يهذبوا. هي بالفتح المواضع المشرفة، واحدها كومة. ويهذبوا أي ينفوا من المآثم.


[ 44 ]

44 – م: قال أمير المؤمنين عليه السلام: الله رحيم بعباده، ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة جعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم، فبها يتراحم الناس، وترحم الوالدة ولدها، وتحنن الامهات (1) من الحيوانات على أولادها، فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعين رحمة فيرحم بها امة محمد، ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة حتى أن الواحد ليجئ إلى مؤمن من الشيعة فيقول: اشفع لى، فيقول: وأي حق لك على ؟ فيقول: سقيتك يوما ماءا فيذكر ذلك فيشفع له فيشفع فيه ويجيئه آخر فيقول: إن لي عليك حقا فاشفع لي، فيقول: وما حقك علي ؟ فيقول: استظللت بظل جداري ساعة في يوم حار، فيشفع له فيشفع فيه، ولا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه، (2) فإن المؤمن أكرم على الله مما تظنون. 45 – م: قال الله عزوجل. ” واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ” لا يدفع عنها عذابا قد استحقته عند النزع ” ولا يقبل منها شفاعة ” يشفع لها بتأخير الموت عنها ” ولا يؤخذ منها عدل ” لا يقبل فداء مكانه يمات ويترك هو، قال الصادق عليه السلام: وهذا يوم الموت، فإن الشفاعة والفداء لا يغني فيه (عنه خ ل) فأما في يوم القيامة فإنا و أهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء ليكونن على الاعراف بين الجنة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام والطيبون من آلهم، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات فمن كان منهم مقصرا في بعض شدائدها فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظرائهم في العصر الذي يليهم وفي كل عصر إلى يوم القيامة، فينقضون عليهم كالبزاة والصقور ويتناولونهم كما يتناول البزاة والصقور صيدها فيزفونهم إلى الجنة زفا، وإنا لنبعث على آخرين (من خ ل) محبينا من خيار شيعتنا كالحمام فيلتقطونهم من العرصات كما يلتقط الطير الحب وينقلونهم إلى الجنان بحضرتنا، وسيؤتى بالواحد من مقصري شيعتنا في أعماله بعد أن صان (قد حاز خ ل) الولاية والتقية وحقوق إخوانه ويوقف بإزائه مابين مائة وأكثر


[ 1 ] في التفسير المطبوع: وتحنو الامهات [ 2 ] معارف الرجل: اصحابه.

[ 45 ]

من ذلك إلى مائة ألف من النصاب، فيقال له: هؤلاء فداؤك من النار، فيدخل هؤلاء المؤمنون الجنة واولئك النصاب النار، وذلك ما قال الله تعالى: ” ربما يود الذين كفروا ” يعني بالولاية ” لو كانوا مسلمين ” في الدنيا منقادين للامامة ليجعل مخالفوهم من النار فداءهم. 46 – شي: عن خيثمة الجعفي قال: كنت عند جعفر بن محمد عليهما السلام انا ومفضل ابن عمر ليلا ليس عنده أحد غيرنا، فقال له مفضل الجعفي: جعلت فداك حدثنا حديثا نسربه، قال: نعم إذا كان يوم القيامة حشر الله الخلائق في صعيد واحد حفاة عراة غرلا، (1) قال: فقلت: جعلت فداك ما الغرل ؟ قال: كما خلقوا أول مرة، فيقفون حتى يلجمهم العرق فيقولون: ليت الله يحكم بيننا ولو إلى النار – يرون أن في النار راحة فيما هم فيه – ثم يأتون آدم فيقولون: أنت أبونا وأنت نبي فاسأل ربك يحكم بيننا ولو إلى النار، فيقول آدم: لست بصاحبكم، خلقني ربي بيده، وحملني على عرشه، وأسجد لي ملائكته، ثم أمرني فعصيته، ولكني أدلكم على ابني الصديق الذي مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم، كلما كذبوا اشتد تصديقه ” نوح ” قال فيأتون نوحا فيقولون: سل ربك يحكم بيننا ولو إلى النار، قال: فيقول: لست بصاحبكم، إني قلت: إن ابني من أهلي، ولكني أدلكم على من اتحذه الله خليلا في دار الدنيا، ابتوا إبراهيم، قال: فيأتون إبراهيم فيقول: لست بصاحبكم، إني قلت: إني سقيم ولكني أدلكم على من كلم الله تكليما ” موسى ” قال: فيأتون موسى فيقولون له، فيقول: لست بصاحبكم، إنى قتلت نفسا (2) ولكني أدلكم على من كان يخلق بإذن الله ويبرئ الاكمه والابرص بإذن الله ” عيسى ” فيأتونه فيقول: لست بصاحبكم، ولكني أدلكم على من بشرتكم به في دار الدنيا ” أحمد ” ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: مامن نبي ولد من آدم إلى محمد صلوات الله عليهم إلا وهم تحت لواء محمد، قال: فيأتونه، ثم قال: فيقولون


[ 1 ] الغرل بالغين المضمومة والراء جمع اغرل: من لم يختن، وقد تقدم قبل ذلك. [ 2 ] فيه غرابة وكذا فيما تقدم:

[ 46 ]

يا محمد سل ربك يحكم بيننا ولو إلى النار، قال: فيقول: نعم أنا صاحبكم، فيأتي دار الرحمن وهي عدن وإن بابها سعته بعد مابين المشرق والمغرب، فيحرك حلقة من الحلق فيقال: من هذا ؟ وهو أعلم به – فيقول: أنا محمد، فيقال: افتحوا له، قال: فيفتح لي، قال: فإذا نظرت إلى ربي مجدته تمجيدا لم يمجده أحد كان قبلي ولا يمجده أحد كان بعدي، ثم اخر ساجدا فيقول: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع قولك و اشفع تشفع وسل تعط، قال: فإذا رفعت رأسي ونظرت إلي ربي مجدته تمجيدا أفضل من الاول، ثم اخر ساجدا فيقول: ارفع رأسك وقل يسمع قولك واشفع تشفع وسل تعط، فإذا رفعت رأسي ونظرت إلى ربي مجدته تمجيدا أفضل من الاول والثاني، ثم اخر ساجدا فيقول: ارفع رأسك وقل يسمع قولك واشفع تشفع وسل تعط، فإذا رفعت رأسي أقول: رب احكم بين عبادك ولو إلى النار، فيقول: نعم يا محمد. قال: ثم يؤتى بناقة من ياقوت أحمر وزمامها زبرجد أخضر حتى أركبها، ثم آتي المقام المحمود حتى أقضي عليه وهو تل من مسك أذفر بحيال العرش، ثم يدعى إبراهيم فيحمل على مثلها فيجئ حتى يقف عن يمين رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وآله يده فضرب على كتف علي بن أبي طالب ثم قال: ثم تؤتى والله بمثلها فتحمل عليه، ثم تجئ حتى تقف بيني وبين أبيك إبراهيم، ثم يخرج مناد من عند الرحمن فيقول: يا معشر الخلائق أليس العدل من ربكم أن يولي كل قوم ما كانوا يتولون في دار الدنيا ؟ فيقولون: بلى، وأي شئ عدل غيره ؟ قال: فيقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا أن عيسى هو الله وابن الله فيتبعونه إلى النار، ويقوم الشيطان الذي أضل فرقة من الناس حتى زعموا أن عزيرا ابن الله حتى يتبعونه إلى النار، ويقوم كل شيطان أضل فرقة فيتبعونه إلى النار حتى تبقى هذه الامة، ثم يخرج مناد من عند الله فيقول: يا معشر الخلائق أليس العدل من ربكم أن يولي كل فريق من كانوا يتولون في دار الدنيا ؟ فيقولون: بلى، فيقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم شيطان فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم شيطان ثالث فيتبعه


[ 47 ]

من كان يتولاه، ثم يقوم معاوية فيتبعه من كان يتولاه، ويقوم علي فيتبعه من كان يتولاه، ثم يزيد بن معاوية فيتبعه من كان يتولاه، ويقوم الحسن فيتبعة من كان يتولاه، ويقوم الحسين فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم مروان بن الحكم وعبد الملك فيتبعهما من كان يتولاهما، ثم يقوم علي بن الحسين فيتبعه من كان يتولاه، ثم يقوم الوليد بن عبد الملك ويقوم محمد بن علي فيتبعهما من كان يتولاهم، ثم أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاني وكأني بكما معي، ثم يؤتى بنا فيجلس على العرش ربنا ويؤتى بالكتب فنرجع فنشهد على عدونا، ونشفع لمن كان من شيعتنا مرهقا. قال: قلت: جعلت فداك فما المرهق ؟ قال: المذنب، فأما الذين اتقوا من شيعتنا فقد نجاهم الله بمفازتهم لا يمسهم السوء ولاهم يحزنون. قال: ثم جاءته جارية له فقالت: إن فلانا القرشي بالباب، فقال: ائذنوا له، ثم قال لنا: اسكتوا. بيان: قال الجزري: فيه يبلغ العرق منهم ما يلجمهم أي يصل إلى أفواههم فيصير لهم بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام يعني في المحشر. قوله صلى الله عليه وآله: فإذا نظرت إلى ربي أي إلى عرشه، أو إلى كرامته، أو إلى نور من أنوار عظمته. والجلوس على العرش كناية عن ظهور الحكم والامر من عند العرش وخلق الكلام هناك. 47 – شى: عن محمد بن حكيم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لوقدقمت المقام المحمود شفعت لابي وامي وعمي وأخ كان لي موافيا في الجاهلية. (1) 48 – شى: عن عيص بن القاسم، عن أبي عبد الله عليه السلام إن اناسا من بني هاشم أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي، وقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله للعاملين عليها فنحن أولى به، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب إن الصدقة لا تحل لي ولالكم، ولكني وعدت الشفاعة، ثم قال: والله أشهد أنه قد وعدها، فما ظنكم يا بني عبد المطلب إذا أخذت بحلقة الباب، أتروني مؤثرا عليكم غيركم ؟ ثم قال: إن الجن والانس يجلسون يوم القيامة في صعيد واحد، فإذا طال بهم الموقف طلبوا الشفاعة فيقولون: إلى من ؟ فيأتون نوحا فيسألونه الشفاعة، فقال: هيهات قد رفعت حاجتي، فيقولون: إلى من ؟ إلى إبراهيم فيأتون إلى إبراهيم


[ 1 ] تقدم بطريق آخر عن تفسير القمى تحت رقم 8، وتقدم هناك بيان عن المصنف.

[ 48 ]

فيسألونه الشفاعة فيقول: هيهات قدر رفعت حاجتي، فيقولون: إلى من ؟ فيقال: ايتوا موسى، فيأتونه فيسألونه الشفاعة، فيقول: هيهات قد رفعت حاجتي، فيقولون: إلى من ؟ فيقال: ايتوا محمدا، فيأتونه فيسألونه الشفاعة فيقوم مدلا حتى يأتي باب الجنة فيأخذ بحلقة الباب ثم يقرعه فيقال: من هذا ؟ فيقول: أحمد، فيرحبون ويفتحون الباب، فإذا نظر إلى الجنة خر ساجدا يمجد ربه بالعظمة، فيأتيه ملك فيقول: ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع، فيرفع رأسه فيدخل من باب الجنة فيخر ساجدا ويمجد ربه ويعظمه، فيأتيه ملك فيقول: ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع، فيقوم فما يسأل شيئا إلا أعطاه إياه. بيان: قوله عليه السلام: قد رفعت حاجتي أي إلى غيري، والحاصل أني أيضا أستشفع من غيري فلا أستطيع شفاعتكم، ويمكن أن يقرأ على بناء المفعول كناية عن رفع الرجاء أي رفع عني طلب الحاجة لما صدر مني من ترك الاولى. 49 – شى: عن بعض أصحابنا، عن أحدهما قال في قوله: ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ” قال: هي الشفاعة. 50 – شي: عن صفوان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني أستوهب من ربي أربعة: آمنة بنت وهب، وعبد الله بن عبد المطلب، وأبا طالب، ورجلا جرت بيني وبينه اخوة فطلب إلى أن أطلب إلى ربي أن يهبه لي. 51 – شى: عن عبيد بن زرارة قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام عن المؤمن: هل له شفاعة ؟ قال: نعم، فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمد صلى الله عليه وآله يومئذ ؟ قال: نعم إن للمؤمنين خطايا وذنوبا، وما من أحد إلا يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذ. قال: وسأله رجل عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله: ” أنا سيد ولد آدم ولافخر ” قال: نعم قال: يأخذ حلقة باب الجنة فيفتحها فيخر ساجدا، فيقول الله: ارفع رأسك اشفع تشفع، اطلب تعط، فيرفع رأسه ثم يخر ساجدا فيقول الله: ارفع رأسك اشفع تشفع واطلب تعط، ثم يرفع رأسه فيشفع ويطلب فيعطى. 52 – شى: عن سماعة بن مهران، عن أبي إبراهيم عليه السلام في قول الله: ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ” قال: يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين عاما، و يؤمر الشمس فيركب على رؤوس العباد ويلجمهم العرق، ويؤمر الارض لا تقبل من


[ 49 ]

عرقهم شيئا، فيأتون آدم فيتشفعون منه فيدلهم على نوح، ويدلهم نوح على إبراهيم، ويدلهم إبراهيم على موسى، ويدلهم موسى على عيسى، ويدلهم عيسى فيقول: عليكم بمحمد خاتم البشر، فيقول محمد: أنا لها، فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق، فيقال له: من هذا ؟ – والله أعلم – فيقول: محمد، فيقال: افتحوا له، فإذا فتح الباب استقبل ربه فيخر ساجدا فلا يرفع رأسه حتى يقال له: تكلم وسل تعط واشفع تشفع، فيرفع رأسه فيستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها، فيرفع رأسه حتى أنه ليشفع من قد احرق بالنار، فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الامم أوجه من محمد صلى الله عليه وآله، وهو قول الله تعالى: ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ” 53 – بشا: يحيى بن محمد بن الحسن الجواني، (1) عن جامع بن أحمد الدهستاني، عن علي بن الحسن بن العباس الصندلي، عن أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعالبي، عن يعقوب ابن أحمد السري، عن محمد عبد الله بن محمد، عن عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، عن أبيه، عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه عليهم السلام، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربعة أنالهم شفيع يوم القيامة: المكرم لذريتي، والقاضي لهم


[ 1 ] الاسناد في بشارة المصطفى المطبوع هكذا: أخبرنا السيد الامام الزاهد أبو طالب يحيى ابن محمد بن الحسين بن عبد الله الجواني الطبري الحسينى رحمه الله لفظا وقرأته في داره بآمل في المحرم سنة تسع وخمسمائة قال: أخبرنا الشيخ الامام أبو على جامع بن أحمد الدهستانى بنيشابور، قال: أخبرنا الشيخ الامام أبو الحسن على بن الحسين بن عباس الصيدلي، قال: أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعالبي، قال: أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد السرى الفروضى، قال: حدثنا أو بكر محمد بن عبد الله بن احمد بن عقدة بن العباس بن حمزة في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائى، قال حدثنى أبي في سنة ستين ومأتين ا ه‍. قلت: وفى بعض مواضع الكتاب: يحيى بن محمد بن الحسن كما في المتن، ولعله الصحيح، ويحتمل ان يكون محمد بن الحسن هذا هو المترجم في فهرست النجاشي بقوله: محمد بن الحسن بن عبد الله الحسن بن محمد الحسن بن محمد بن عبيدالله بن الحسين بن على بن أبي طالب أبو عبد الله الجواني ساكن آمل طبرستان، كان فقيها وسمع الحديث، له كتاب ثواب الاعمال.

[ 50 ]

حوائجهم، والساعي في امورهم ما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه عندما اضطروا. 54 – كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا فما كان لله سألنا الله أن يهبه لنا فهو لهم، وما كان للآدميين سألنا الله أن يعوضهم بدله فهو لهم، وما كان لنا فهو لهم، ثم قرأ: ” إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم “. 55 – وبهذا الاسناد إلى عبد الله بن حماد، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام في هذه الآية قال: إذا كان يوم القيامة وكلنا الله بحساب شيعتنا، فما كان لله سألناه أن يهبه لنا فهو لهم، وما كان لمخالفيهم فهو لهم، وما كان لنا فهو لهم، ثم قال: هم معنا حيث كنا. 56 – وروي أنه سئل الصادق عليه السلام عن هذه الآية قال: إذا حشر الله الناس في صعيد واحد أجل الله أشياعنا أن يناقشهم في الحساب، فنقول: إلهنا هؤلاء شيعتنا، فيقول الله تعالى: قد جعلت أمرهم إليكم وقد شفعتكم فيهم، وغفرت لمسيئهم، أدخلوهم الجنة بغير حساب. 57 – وعن محمد بن العباس، عن الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن جميل قال: قلت لابي الحسن عليه السلام احدثم بتفسير جابر ؟ قال: لا تحدث به السفلة فيوبخوه، أما تقرء: إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ” ؟ قلت: بلى، قال: إذا كان يوم القيامة وجمع الله الاولين والآخرين ولانا حساب شيعتنا فما كان بينهم وبين الله حكمنا على الله فيه فأجاز حكومتنا، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه منهم فوهبوه لنا، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحق من عفا وصفح. 58 – ع: ابن المتوكل، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن سنان، عن ابن


[ 1 ] في بشارة المصطفى المطبوع هكذا: والساعى في امورهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه. قلت: وقد روى الطبري أيضا باسناد آخر نحوه في بشارة المصطفى ص 171.

[ 51 ]

مسكان، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لفاطمة وقفة على باب جهنم، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كل رجل مؤمن أو كافر، فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار فتقرء بين عينيه محبا (1) فتقول: إلهي وسيدي سميتني فاطمة وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار (2) ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد، فيقول الله عزوجل: صدقت يا فاطمة إني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار، ووعدي الحق وأنا لا اخلف الميعاد، وإنما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فاشفعك ليتبين لملائكتي وأنبيائي، و رسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي. فمن قرأت بين عينية مؤمنا فجذبت بيده وأدخلته الجنة. (3) ” ص 71 ” 59 – فر: سهل بن أحمد الدينوري بإسناده عن الصادق عليه السلام قال: قال جابر لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك يابن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك، قال أبو جعفر عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة نصب للانبياء والرسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة، ثم يقول الله: يا محمد اخطب، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الانبياء والرسل بمثلها، ثم ينصب للاوصياء منابر من نور وينصب لوصيي علي بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور فيكون منبره أعلى منابرهم، ثم يقول الله: يا علي اخطب، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الاوصياء بمثلها، ثم ينصب لاولاد الانبياء والمرسلين منابر من نور، فيكون لابني وسبطي وريحانتي أيام حياتي منبر من نور، ثم يقال لهما: اخطبا، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الانبياء و المرسلين بمثلها، ثم ينادي المنادي وهو جبرئيل عليه السلام: أين فاطمة بنت محمد ؟ أين خديجة بنت خويلد ؟ أين مريم بنت عمران ؟ أين آسية بنت مزاحم ؟ أين ام كلثوم ام يحيى


[ 1 ] في المصدر: محبنا. م [ 2 ] فطمه من النار أي قطعه عنها. [ 3 ] في المصدر: فخذي بيده وأدخليه الجنة. م

[ 52 ]

ابن زكريا ؟ فيقمن، فيقول الله تبارك وتعالى: يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟ فيقول محمد وعلي والحسن والحسين: لله الواحد القهار، فيقول الله تعالى: يا أهل الجمع إني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة، يا أهل الجمع طأطؤوا الرؤوس وغضوا الابصار فإن هذه فاطمة تسير إلى الجنة، فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنة مدبحة الجنبين، خطامها من اللؤلؤ الرطب، عليها رحل من المرجان، فتناخ بين يديها فتركبها، فيبعث الله مائة ألف ملك ليسيروا عن يمينها، ويبعث إليها مائة ألف ملك ليسيروا عن يسارها ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى يصيروها على باب الجنة، فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت، فيقول الله: يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنتي ؟ فتقول: يا رب أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم، فيقول الله: يا بنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حب لك أو لاحد من ذريتك خذي بيده فأدخليه، الجنة، قال أبو جعفر عليه السلام: والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الردئ، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا، فإذا التفتوا يقول الله: يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟ فيقولون: يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم، فيقول الله: يا أحبائي ارجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة، انظروا من أطعمكم لحب فاطمة، انظروا من كساكم لحب فاطمة، انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة، انظروا من رد عنكم غيبة في حب فاطمة فخذوا بيده وأدخلوه الجنة، قال أبو جعفر عليه السلام: والله لا يبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى: ” فمالنا من شافعين ولا صديق حميم ” فيقولون: فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ” قال أبو جعفر عليه السلام: هيهات هيهات منعوا ما طلبوا ” ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون “. ” ص 113 – 115 ” 60 – ما: المفيد، عن ابن قولويه، عن الحميري، عن أبيه البرقي، عن


[ 53 ]

التفليسي، (1) عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك، عن الصادق عليه السلام قال: يا فضل إنما سمي المؤمن مؤمنا لانه يؤمن على الله فيجيز الله أمانه، ثم قال: أما سمعت الله يقول في أعدائكم إذا رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة: ” فمالنامن شافعين ولا صديق حميم ” ؟ ” ص 30 ” 61 – كا: علي، عن أبيه عن ابن فضال، عن حفص المؤذن، عن أبي عبد الله عليه السلام في رسالته إلى أصحابه قال: واعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه شيئا لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا من دون ذلك، فمن سره أن ينفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه. ” الروضة ص 11 ” 62 – فر: عن سليمان بن محمد بإسناده عن ابن عباس قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم على فاطمة وهي حزينة فقال لها: ما حزنك يا بنية ؟ قالت: يا أبة ذكرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة، فقال يا بنية إنه ليوم عظيم ولكن قد أخبرني جبرئيل عن الله عزوجل أنه قال: أول من ينشق عنه الارض يوم القيامة أنا، ثم أبي إبراهيم ثم بعلك علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم يبعث الله إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب من نور، ثم يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور فيقف عند رأسك فيناديك: يا فاطمة بنت محمد قومي إلى محشرك فتقومين آمنة روعتك، مستورة عورتك فيناولك إسرافيل الحلل فتلبسينها، ويأتيك روفائيل بنجيبة من نور زمامها من لؤلؤ رطب عليها محفة (2) من ذهب فتركبينها، ويقود روفائيل بزمامها، وبين يديك سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح، فإذا جد بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء يستبشرون بالنظر إليك، بيد كل واحدة منهن مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار، وعليهن أكاليل الجوهر


[ 1 ] نسبة إلى تفليس بفتح التاء وسكون الفاء وكسر اللام وسكون الياء، هي آخر بلدة من بلاد آذربيجان، لقب به شريف بن سابق، وكان أصله من الكوفة انتقل إليها. [ 2 ] بكسر الميم: مركب للنساء كالهودج.

[ 54 ]

مرصعة بالزبرجد الاخضر، فيسرعن عن يمينك، فإذا سرت من قبرك استقبلتك مريم بنت عمران في مثل من معك من الحور فتسلم عليك وتسير هي ومن معها عن يسارك، ثم تستقبلك امك خديجة بنت خويلد أول المؤمنات بالله وبرسوله ومعها سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التكبير فإذا قربت من الجمع استقبلتك حواء في سبعين ألف حوراء ومعها آسية بنت مزاحم فتسيران هما ومن معهما معك، فإذا توسطت الجمع وذلك أن الله يجمع الخلائق في صعيد واحد فتستوي بهم الاقدام، ثم ينادي مناد من تحت العرش يسمع الخلائق: غضوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله ومن معها، فلا ينظر إليك يومئذ إلا إبراهيم خليل الرحمن وعلي بن أبي طالب، ويطلب آدم حواء فيراها مع امك خديجة أمامك، ثم ينصب لك منبر من النور فيه سبع مراق، بين المرقاة ألى المرقاة صفوف الملائكة، بأيديهم ألوية النور، ويصطف الحور العين عن يمين المنبر، وعن يساره، وأقرب النساء منك عن يسارك حواء وآسية، فإذا صرت في أعلى المنبر أتاك جبرئيل فيقول لك: يا فاطمة سلي حاجتك فتقولين: يا رب أرني الحسن والحسين، فيأتيانك وأوداج الحسين تشخب دما وهو يقول: يا رب خذ لي اليوم حقي ممن ظلمني، فيغضب عند ذلك الجليل، ويغضب لغضبه جهنم والملائكة أجمعون، فتزفر جهنم عند ذلك زفرة، ثم يخرج فوج من النار ويلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبنائهم، ويقولون: يا رب إنا لم نحضر الحسين، فيقول الله لزبانية جهنم: خذوهم بسيماهم بزرقة الاعين، وسواد الوجوه، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الاسفل من النار فإنهم كانوا أشد على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين فقتلوه، فتسمعين أشهقتهم في جهنم، ثم يقول جبرئيل: يا فاطمة سلي حاجتك: فتقولين يا رب شيعتي، فيقول الله: قد غفرت لهم. فتقولين: يا رب شيعة ولدي، فيقول الله: قد غفرت لهم، فتقولين: يا رب شيعة شيعتي، فيقول الله: انطلقي فمن اعتصم بك فهو معك في الجنة: فعند ذلك تود الخلائق أنهم كانوا فاطميين، فتسيرين ومعك شيعتك وشيعة ولدك وشيعة أمير المؤمنين آمنة روعاتهم، مستورة عوراتهم، قد ذهبت عنهم الشدائد،


[ 55 ]

وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظمأ الناس وهم لا يظمؤون، فإذا بلغت باب الجنة تلقتك اثنا عشر ألف حوراء لم يتلقين أحدا قبلك، ولا يتلقين أحدا كان بعدك، بأيديهم حراب من نور على نجائب من نور، جلالها من الذهب الاصفر والياقوت، أزمتها من لؤلؤ رطب، على كل نجيب نمرقة (1) من سندس، فإذا دخلت الجنة تباشربك أهلها، ووضع لشيعتك موائد من جوهر على عمد (2) من نور فيأكلون منها والناس في الحساب، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون، الحديث ” ص 171 – 172 ” 63 – م: قوله تعالى: ” ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ” قال: آمن باليوم الآخر يوم القيامة التي أفضل من يوافيها محمد سيد النبيين، وبعده علي اخوه و صفيه سيد الوصيين، والتي لا يحضرها من شيعة محمد أحد إلا أضاءت فيها أنواره فسار فيها إلى جنات النعيم هو وإخوانه وأزواجه وذرياته والمحسنون إليه والدافعون في الدنيا عنه، ولا يحضرها من أعداء محمد أحد إلا غشيته ظلماتها فتسير فيها إلى العذاب الاليم هو وشركاؤه في عقده ودينه ومذهبه، والمتقربون كانوا في الدنيا إليه لغير تقية لحقتهم منه، التي تنادي الجنان فيها: إلينا أولياء محمد وعلي صلوات الله عليهما وشيعتهما وعنا أعداء محمد وعلي عليهما السلام وأهل مخالفتهما، وتنادي النيران: عناعنا أولياء محمد وعلي عليهما السلام وشيعتهما، وإلينا إلينا أعداء محمد وعلي وشيعتهما تقول الجنان: يا محمد ويا علي إن الله أمرنا بطاعتكما، وأن تأذنا في الدخول إلينا من تدخلانه فاملآنا بشيعتكما، مرحبا بهم وأهلا وسهلا، وتقول النيران: يا محمد وعلي إن الله تعالى أمرنا بطاعتكما وأن تحرق بنامن تأمراننا بحرقه (3) بنا فاملآنا بأعدائكما. 64 – ع: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن حنان قال: سمت أبا جعفر عليه السلام يقول: لا تسألوهم فتكلفونا قضاء حوائجهم يوم القيامة. ” ص 188 ” 65 – وبهذا الاسناد قال: قال أبو جعفر عليه السلام: لا تسألوهم الحوائج فتكونوا لهم الوسيلة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في القيامة. ” ص 188 “


[ 1 ] بتثليث النون: الوسادة الصغيرة. [ 2 ] في المصدر: على اعمدة. م [ 3 ] في التفسير المطبوع: وأن نحرق من تأمراننا بحرقه.

[ 56 ]

66 – ع: بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام: إذا كان يوم القيامة بعث الله العالم و العابد فإذا وقفا بين يدي الله عزوجل قيل للعابد: انطلق إلى الجنة، وقيل للعالم: قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم. 67 – ختص: روي (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مامن أهل بيت يدخل واحد منهم الجنة إلا دخلوا أجمعين الجنة، قيل: وكيف ذلك ؟ قال: يشفع فيهم فيشفع حتى يبقى الخادم فيقول: يا رب خويدمتي قد كانت تقيني الحر والقر (2) فيشفع فيها. 68 – ما: ابن عبدون، عن ابن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس ابن عامر، عن أحمد بن رزق، عن محمد بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تستخفوا بشيعة علي، فإن الرجل منهم ليشفع لعدد ربيعة و مضر. ” ص 63 ” 69 – فر: فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا قوله تعالى: ” فمالنا من شافعين ولا صديق حميم ” وذلك أن الله تعالى يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون فإذا رأى ذلك من ليس منهم قالوا: ” فما لنا من شافعين ولا صديق حميم “. ” ص 108 ” 70 – كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها حتى إنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها: فقال: سبحان الله و أعظم ذلك ؟ ألا اخبركم بمن هو شر منه ؟ قلت: بلى، قال: الناصب لنا شر منه، أما إنه ليس من عبد يذكر عنده أهل البيت فيرق لذكرنا إلا مسحت الملائكة ظهره، و غفر له ذنوبه كلها إلا أن يجئ بذنب يخرجه من الايمان، وإن الشفاعة لمقبولة وما تقبل في ناصب، وإن المؤمن ليشفع لجاره وماله حسنة، فيقول: يا رب جاري كان يكف


[ 1 ] رواه العياشي في تفسيره عن ابان بن تغلب. ياتي تحت رقم 86. [ 2 ] القر: البرد.

[ 57 ]

عني الاذى فيشفع فيه، فيقول الله تبارك وتعالى: أنا ربك وأنا أحق من كافى عنك، فيدخله الجنة وماله من حسنة، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع لثلاثين إنسانا فعند ذلك يقول أهل النار: فمالنا من شافعين ولا صديق حميم. ” الروضة من 101 ” شي: عن أبي جعفر عليه السلام مثله. 71 – كا: العدة، عن سهل عن ابن سنان، عن سعدان، عن سماعة قال: كنت قاعدا مع أبي الحسن الاول عليه السلام والناس في الطواف في جوف الليل فقال: يا سماعة إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم، فما كان لهم من ذنب بينهم وبين الله عزوجل حتمنا على الله في تركه لنا فأجابنا إلى ذلك، وما كان بينهم وبين الناس استوهبناه منهم وأجابوا إلى ذلك وعوضهم الله عزوجل. ” الروضة ص 162 ” 72 – فر: محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن بشر بن شريح البصري (1) قال: قلت لمحمد بن علي عليهما السلام: أية آية في كتاب الله أرجى ؟ قال: ما يقول فيها قومك ؟ قال: قلت: يقولون ” يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ” (2) قال: لكنا أهل البيت لا نقول ذلك، قال: قلت: فأي شئ تقولون فيها ؟ قال: نقول ” ولسوف يعطيك ربك فترضى ” الشفاعة، والله الشفاعة والله الشفاعة. ” ص 215 ” 73 – م: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أحبوا موالينا مع حبكم لآلنا، هذا زيد بن حارثة وابنه اسامة بن زيد من خواص موالينا فأحبوهما فوالذي بعث محمدا بالحق نبيا لينفعكم حبهما، قالوا: وكيف ينفعنا حبهما ؟ قال إنهما يأتيان يوم القيامة عليا صلوات الله عليه بخلق كثير أكثر من ربيعة (3) ومضر بعدد كل واحد منهم فيقولان: يا أخا رسول الله هؤلاء أحبونا بحب محمد رسول الله وبحبك، فيكتب علي عليه السلام: جوزوا على الصراط سالمين وادخلوا الجنان، فيعبرون عليه ويردون الجنة سالمين، وذلك أن أحد لايدخل الجنة من سائر امة محمد صلى الله عليه وآله إلا بجواز من


[ 1 ] في نسخة: بشير، ولعله بشر أو بشير بن سريج البصري أخو حرب بن سريج. راجع لسان الميزان ” ج 2 ص 38 “. [ 2 ] ليست في المصدر جملة: لا تقنطوا اه‍. م [ 3 ] في التفسير المطبوع: بخلق عظيم من محبيهما أكثر من ربيعة.

[ 58 ]

علي عليه السلام، فإن أردتم الجواز على الصراط سالمين ودخول الجنان غانمين فأحبوا بعد حب محمد وآله مواليه، ثم إن أردتم أن يعظم محمد وعلي عليهما السلام عند الله منازلكم فأحبوا شيعة محمد وعلي، وجدوا في قضاء حوائج المؤمنين، فإن الله تعالى إذا أدخلكم معاشر شيعتنا ومحبينا الجنان نادى مناديه في تلك الجنان: يا عبادي قد دخلتم الجنة برحمتي فتقاسموها على قدر حبكم لشيعة محمد وعلي وقضاء حقوق إخوانكم المؤمنين، (1) فأيهم كان أشد للشيعة حبا ولحقوق إخوانهم المؤمنين أشد قضاء كانت درجاته في الجنان أعلى، حتى أن فيهم من يكون أرفع من الآخر بمسيرة خمسمائة سنة (2) ترابيع قصور وجنان. بيان: لعل المراد بالترابيع المربعات، أو كان في الاصل مرابع جمع مربع، وهو منزل القوم في الربيع. 74 – عد: اعتقادنا في الشفاعة أنها لمن ارتضي دينه من أهل الكبائر والصغائر فأما التائبون من الذنوب فغير محتاجين إلى الشفاعة، وقال النبي صلى الله عليه وآله: من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي. ” ص 85 ” 75 – وقال صلى الله عليه وآله: لا شفيع أنجح من التوبة. والشفاعة للانبياء والاوصياء و المؤمنين والملائكة، (3) وفي المؤمنين من يشفع مثل ربيعة ومضر، وأقل المؤمنين شفاعة من يشفع لثلاثين إنسانا (4) والشفاعة لا تكون لاهل الشك والشرك، ولا لاهل الكفر والجحود بل يكون للمؤمنين من أهل التوحيد ” ص 85 – 86 ” 76 – لى: بإسناده عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: كأني أنظر إلى ابنتي فاطمة وقد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور، عن يمينها سبعون ألف ملك، وعن يسارها سبعون ألف ملك، (5) وخلفها سبعون ألف ملك، تقود مؤمنات امتي إلى الجنة،


[ 1 ] في التفسير المطبوع: وقضاءكم لحقوق إخوانكم المؤمنين. [ 2 ] في نسخة وفى التفسير المطبوع: بمسيرة مائة ألف سنة ترابيع. [ 3 ] ليس في المصدر قوله: والمؤمنين والملائكة. م [ 4 ] في المصدر: لثلاثين الفا. م [ 5 ] في المصدر بعد ذلك: وبين يديها سبعون الف ملك، وخلفها اه‍. م

[ 59 ]

فأيما امرأة صلت في اليوم والليلة خمس صلوات وصامت شهر رمضان وحجت بيت الله الحرام وزكت مالها وأطاعت زوجها ووالت عليا بعدي دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة، الخبر. ” ص 291 – 292 ” 77 – من كتاب فضائل الشيعة للصدوق – رحمه الله – بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة نشفع في المذنب من شيعتنا، فأما المحسنون فقد نجاهم الله. 78 – من كتاب صفات الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لكل مؤمن خمس ساعات يوم القيامة يشفع فيها. 79 – وعن أبيه، عن الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن أبي الحسن عليه السلام قال: شيعتنا الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويحجون البيت الحرام، ويصومون شهر رمضان، ويوالون أهل البيت، ويتبرؤون من أعدائهم – وساق الحديث إلى أن قال -: وإن أحدهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر، فيشفعه الله فيهم لكرامته على الله عز وجل. أقول: سيأتي بعض الاخبار في باب الجنة. 80 – من كتاب التمحيص عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا تستخفوا بفقراء شيعة علي وعترته من بعده فإن الرجل منهم ليشفع لمثل ربيعة ومضر. 81 – دعوات الراوندي: عن سماعة بن مهران قال: قال أبو الحسن عليه السلام: إذا كانت لك حاجة إلى الله فقل: ” اللهم إني أسألك بحق محمد وعلي فإن لهما عندك شأنا من الشأن، وقدرا من القدر، فبحق ذلك الشأن وذلك القدر أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذاو كذا ” فإنه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن ممتحن إلا وهو يحتاج إليهما في ذلك اليوم. 82 – م: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: أما إن من شيعة علي عليه السلام لمن يأتي يوم القيامة وقد وضع له في كفة سيئاته من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي و


[ 60 ]

البحار السيارة، تقول الخلائق: هلك هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين وفي عذاب الله من الخالدين، فيأتيه النداء من قبل الله تعالى: يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقات فهل بإزائها حسنة تكافئها وتدخل الجنة برحمة الله، أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله، يقول العبد: لا أدري، فيقول منادي ربنا عزوجل: إن ربي يقول: ناد في عرصات القيامة: ألا إن فلان بن فلان من بلد كذا وكذا وقرية كذا وكذا قد رهن بسيئاته كأمثال الجبال والبحار ولا حسنة بازائها، فأي أهل هذا المحشر كانت لي عنده يد أو عارفة (1) فليغثني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها فينادي الرجل بذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب: لبيك لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعداوتي، ثم يأتي هو ومن معه عدد كثير وجم غفير و إن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون، كان بنابارا ولنا مكرما، وفى معاشرته إيانا مع كثرة إحسانه إلينا متواضعا، وقد نزلنا له عن جميع طاعاتنا وبذلناها له، فيقول علي عليه السلام: فبماذا تدخلون جنة ربكم ؟ فيقولون: برحمة الله الواسعة التي لا يعدمها من والاك ووالى آلك يا أخا رسول الله، فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له ؟ فإني أنا الحكم، ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات فلا بد من فصلي بينه وبينهم، فيقول علي عليه السلام: يا رب أفعل ما تأمرني، فيقول الله: يا علي اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله، فيضمن لهم علي عليه السلام ذلك ويقول لهم: اقترحوا علي (2) ما شئتم اعطكم عوضا من ظلاماتكم قبله، فيقولون: يا أخا رسول الله تجعل لنا بإزاء ظلامتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد صلى الله عليه وآله، فيقول علي عليه السلام: قد وهبت ذلك لكم، فيقول الله عزوجل: فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي، فداء لصاحبه من ظلاماتكم، ويظهر لهم ثواب


[ 1 ] العارفة: المعروف. [ 2 ] اقترح عليه كذا: اشتهى أن يصنعه له.

[ 61 ]

نفس واحد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضي الله به خصماء اولئك المؤمنين، ثم يريهم بعد ذلك من الدر جات والمنازل مالا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على بال بشر، يقولون: يا ربنا هل بقي من جنانك شئ ؟ إذا كان هذا كله لنا فأين تحل سائر عبادك المؤمنين والانبياء والصديقون والشهداء والصالحون ؟ ويخيل إليهم عند ذلك أن الجنة بأسرها قد جعلت لهم، فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا عبادي هذا ثواب نفس من أنفاس علي بن أبي طالب الذي اقترحتموه عليه قد جعله لكم فخذوه وانظروا، فيصيرون هم وهذا المؤمن الذي عوضه علي عليه السلام في تلك الجنان ثم يرون ما يضيفه الله عزوجل إلى ممالك علي عليه السلام في الجنان ما هو أضعاف ما بذله عن وليه الموالي له مما شاء من الاضعاف التي لا يعرفها غيره. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أذلك خيرنزلا أم شجرة الزقوم المعدة لمخالفي أخي ووصيي علي بن أبي طالب عليه السلام ؟. 83 – شى: عن يعقوب الاحمر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العدل: الفريضة. 74 – وعن إبراهيم بن الفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: العدل في قول أبي جعفر عليه السلام الفداء. 85 – شى: عن أسباط قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: قوله: ” لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ” قال: الصرف: النافلة، والعدل: الفريضة. 86 شى: عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن المؤمن ليشفع يوم القيامة لاهل بيته فيشفع فيهم حتى يبقى خادمه، فيقول – فيرفع سبابتيه -: يا رب خويدمي كان يقيني الحر والبرد، فيشفع فيه. (1) تذنيب: قال العلامة قدس الله روحه في شرحه على التجريد: اتفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبي صلى الله عليه وآله قوله تعالى: ” عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (2) ” قيل: إنه الشفاعة، واختلفوا فقالت الوعيدية: إنها عبارة عن طلب زيادة المنافع


[ 1 ] تقدم مثله مرسلا مع اختلاف في ألفاظه تحت رقم 67. [ 2 ] الاسراء: 79

[ 62 ]

للمؤمنين المستحقين للثواب، وذهبت التفضلية إلى أن الشفاعة للفساق من هذه الامة في إسقاط عقابهم وهو الحق، وأبطل المصنف الاول بأن الشفاعة لو كانت في زيادة المنافع لاغير لكنا شافعين في النبي صلى الله عليه وآله، حيث نطلب له من الله تعالى علو الدرجات، والتالي باطل قطعا لان الشافع أعلى من المشفوع فيه، فالمقدم مثله، وقد استدلوا بوجوه: الاول قوله تعالى: ” ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ” (1) نفى الله تعالى قبول الشفاعة عن الظالم، والفاسق ظالم. والجواب أنه تعالى نفى الشفيع المطاع، ونحن نقول به، لانه ليس في الآخرة شفيع يطاع، لان المطاع فوق المطيع، والله تعالى فوق كل موجود ولا أحد فوقه، ولا يلزم من نفي الشفيع المطاع نفي الشفيع المجاب، سلمنا لكن لم لا يجوز أن يكون المراد بالظالمين هنا الكفار جمعا بين الادلة ؟. الثاني قوله تعالى: ” ما للظالمين من أنصار ” (2) ولو شفع صلى الله عليه وآله في الفاسق لكان ناصرا له. الثالث قوله تعالى: ” ولا تنفعها شفاعة. يوم لا يجزي نفس عن نفس شيئا. فما تنفعهم شفاعة الشافعين ” (3). والجواب عن هذه الآيات كلها أنها مختصة بالكفار جمعا بين الادلة. الرابع قوله تعالى: ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ” (4) نفى شفاعة الملائكة من غير المرضي لله تعالى، والفاسق غير مرضي. والجواب: لا نسلم أن الفاسق غير مرضي، بل هو مرضي لله تعالى في إيمانه. وقال المحقق الطوسي رحمه الله: والحق صدق الشفاعة فيهما، أي لزيادة المنافع، وإسقاط المضار، وثبوت الثاني له عليه السلام بقوله: ادخرت شفاعتي لاهل الكبائر من امتي. وقال النووي في شرح صحيح المسلم: قال القاضي عياض: مذهب أهل السنة


[ 1 ] غافر: 18. [ 2 ] البقرة: 270، آل عمران: 192، المائدة: 72. [ 3 ] البقرة: 123. البقرة: 123. المدثر: 48. [ 4 ] الانبياء: 28.

[ 63 ]

جواز الشفاعة عقلا ووجوبها سمعا بصريح الآيات، وبخبر الصادق، وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين، و أجمع السلف الصالح ومن بعدهم من أهل السنة عليها، ومنعت الخوارج وبعض المعتزلة منها، وتعلقوا بمذاهبهم في تخليد المذنبين في النار، واحتجوا بقوله تعالى: ” فما تنفعهم شفاعة الشافعين ” (1) وأمثاله وهي في الكفار، وأما تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها في زيادة الدرجات فباطل، وألفاظ الاحاديث في الكتاب وغيره صريحة في بطلان مذهبهم، وإخراج من استوجب النار، لكن الشفاعة خمسة أقسام: أولها مختصة بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وهو الازاحة من هول الموقف وتعجيل الحساب. الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهذه أيضا وردت لنبينا صلى الله عليه وآله. الثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبينا صلى الله عليه وآله ومن يشاء الله. الرابعة: فيمن دخل النار من المؤمنين وقد جاءت الاحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبينا صلى الله عليه وآله والملائكة وإخوانهم من المؤمنين، ثم يخرج الله تعالى كل من قال: لا إله إلا الله كما جاء في الحديث: لا يبقى فيها إلا الكافرون. الخامسة: الشفاعة في زيادة الدرجات في الجنة لاهلها وهذه لا ينكرها المعتزلة ولا ينكرون أيضا شفاعة الحشر الاولى انتهى.


[ 1 ] المدثر: 48.

[ 64 ]

* (باب 22) * * (الصراط) * الايات، الفجر ” 79 ” إن ربك لبالمرصاد 14. تفسير: قال الطبرسي رحمه الله: أي عليه طريق العباد فلا يفوته أحد، والمعنى أنه لا يفوته شئ من أعمالهم، لانه يسمع ويرى جميع أقوالهم وأفعالهم كما لا يفوت من هو بالمرصاد. وروي عن علي عليه السلام أن معناه: إن ربك قادر على أن يجزي أهل المعاصي جزاءهم. وعن الصادق عليه السلام أنه قال: المرصاد: قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة. وروي عن ابن عباس في هذه الآية قال: إن على جسر جهنم سبع محابس يسأل العبد عند أولها عن شهادة أن لا إله إلا الله، فإن جاء بها تامة جاز إلى الثاني فيسأل عن الصلاة، فإن جاء بها تامة جاز إلى الثالث فيسأل عن الز كاة، فإن جاء بها تامة جاز إلى الرابع فيسأل عن الصوم، فإن جاء به تاما جاز إلى الخامس فيسأل عن الحج، فإن جاء به تاما جاز إلى السادس فيسأل عن العمرة، فإن جاء بها تامة جاز إلى السابع فيسأل عن المظالم، فإن خرج منها وإلا يقال: انظروا، فإن كان له تطوع اكمل به أعماله فإذا فرغ انطلق به إلى الجنة. 1 – لى: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: الناس يمرون على الصراط طبقات والصراط أدق من الشعر و من حد السيف، فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل عدو الفرس، ومنهم


[ 65 ]

من يمر حبوا، ومنهم من يمر مشيا، ومنهم من يمر متعلقا قد تأخذ النار منه شيئا وتترك شيئا. ” ص 107 ” ين: القاسم بن محمد مثله. 2 – فس: أبي، عن عمرو بن عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية: ” وجئ يومئذ بجهنم ” سئل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أخبرني الروح الامين أن الله لا إله غيره إذا برز الحلائق وجمع الاولين والآخرين أتى بجهنم تقاد بألف زمام يقودها مائة ألف ملك من الغلاظ الشداد لها هدة وغضب وزفير وشهيق، وإنها لتزفر الزفرة، فلولا أن الله عزوجل أخرهم للحساب لاهلكت الجمع، ثم يخرج منها عنق فيحيط بالخلائق البر منهم والفاجر، فما خلق الله عزوجل عبدا من عباده ملكا ولا نبيا إلا ينادي: رب نفسي نفسي، وأنت يا نبي الله تنادي: امتي امتي ثم يوضع عليها الصراط أدق من الشعرة، وأحد من السيف، (1) عليها ثلاث قناطر فأما واحدة فعليها الامانة والرحم، وأما ثانيها فعليها الصلاة، وأما الثالثة فعليها عدل رب العالمين لا إله غيره، فيكلفون الممر عليها فتحبسهم الرحم والامانة، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين عزوجل، وهو قوله تبارك وتعالى: ” إن ربك لبالمرصاد ” والناس على الصراط فمتعلق بيد، وتزول قدم، ويستمسك (2) بقدم، والملائكة حولها ينادون: يا حليم اغفر (3) واصفح وعد بفضلك وسلم سلم، والناس يتهافتون في النار كالفراش، فإذا نجا ناج برحمة الله عزوجل مر بها فقال: الحمدلله وبنعمته تتم الصالحات وتزكو الحسنات والحمد لله الذي نجاني منك بعد إياس بمنه وفضله إن ربنا لغفور شكور. ” ص 724 – 725 “. بيان: أقول: قد مر برواية الصدوق بأدنى تغيير في باب أنه يؤتى بجهنم في القيامة. قوله عليه السلام: كان المنتهى إلى رب العالمين أي إلى عدله ومجازاته عن مظالم العباد.


[ 1 ] في المصدر: يوضع عليها الصراط ادق من حد السيف. م [ 2 ] في المصدر: وتمسك بقدم. م [ 3 ] في المصدر: اعف واصفح. م

[ 66 ]

3 – مع: القطان، عن عبد الرحمن بن محمد الحسني، عن أحمد بن عيسى بن أبي مريم، عن محمد بن أحمد العرزمي، عن علي بن حاتم المنقري، عن المفضل بن عمر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصراط فقال: هو الطريق إلى معرفة الله عزوجل و هما صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الامام المفروض الطاعة، من عرفه في الدنيا واقتدى بهداه مر على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، ومن لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه عن الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم. ” ص 13 – 14 ” 4 – مع: أبي، عن سعد، عن ابن هاشم، عن عبيدالله بن موسى العبسي (1) عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط فلم يجز أحد إلا من كان معه كتاب فيه براة (2) بولايتك. ” ص 14 ” 5 – فس: في رواية أبي الجارود في قوله: ” وإن جهنم لموعد هم أجمعين ” فوقوفهم على الصراط ” ص 352 ” 6 – ثو: أبي، عن أحمد بن محمد، عن الحجال، عن غالب بن محمد، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” إن ربك لبالمرصاد ” قال: قنطرة على الصراط لا يجوزها عبد بمظلمة. ” ص 261 ” 7 – قب: محمد بن الصباح الزعفراني، عن المزني، عن الشافعي، عن مالك، عن حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله تعالى: ” فلا اقتحم العقبة “: إن فوق الصراط عقبة كؤودا (3) طولها ثلاثة آلاف عام: ألف عام هبوط، وألف عام شوك


[ 1 ] بفتح العين وسكون الباء الموحدة نسبة إلى عبس بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مضربن نزار بن معد بن عدنان، والرجل هو أبو محمد عبيدالله بن موسى بن أبي المختار العبسى الكوفى، عده الشيخ في رجاله من اصحاب الصادق عليه السلام. وقال ابن الاثير في اللباب ” ج 2 ص 114 ” مولاهم كوفى يروى عن اسماعيل ابن أبى خلد والاعمش، روى عنه البخاري واهل العراق والغرباء، ومات سنة اثنتا عشرة أو ثلاث عشرة ومأتين، وكان يتشيع انتهى وترجمه ابن حجر في التقريب ” ص 344 ” وقال: كان يتشيع ومات سنة ثلاث عشرة على الصحيح. [ 2 ] كذا في نسخة المصنف والمصدر، والظاهر: ” البراءة ” وهى الاجازة والامان. [ 3 ] عقبة كؤود أي صعبة شاقة المصعد.

[ 67 ]

وحسك وعقارب وحيات، وألف عام صعود، أنا أول من يقطع تلك العقبة، وثاني من يقطع تلك العقبة علي بن أبي طالب. وقال بعد كلام: لا يقطعها في غير مشقة إلا محمد وأهل بيته. 8 – قب: تفسير مقاتل عن عطاء، عن ابن عباس ” يوم لا يخزي الله النبي ” لا يعذب الله محمدا ” والذين آمنوا معه ” لا يعذب علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن و الحسين وحمزة وجعفرا ” نورهم يسعى ” يضئ على الصراط لعلي وفاطمة مثل الدنيا سبعين مرة فيسعى نورهم ” بين أيديهم ” ويسعى عن أيمانهم وهم يتبعونها (يتبعونهما خ ل) فيمضي أهل بيت محمد وآله زمرة على الصراط مثل البرق الخاطف، ثم قوم مثل الريح، ثم قوم مثل عدو الفرس، ثم يمضي قوم مثل المشي، ثم قوم مثل الحبو، (1) ثم قوم مثل الزجف ويجلعه الله على المؤمنين عريضاو على المذنبين دقيقا، قال الله تعالى: ” يقولون ربنا أتمم لنا نورنا ” حتى نجتاز به على الصراط، قال: فيجوز أمير المؤمنين في هودج من الزمرد الاخضر ومعه فاطمة على نجيب من الياقوت الاحمر حولها سبعون ألف حوراء كالبرق اللامع. 9 – كا: محمد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن بزيع، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أبو ذر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: حافتا الصراط يوم القيامة الرحم والامانة، فإذا مر الوصول للرحم المؤدي للامانة نفذ إلى الجنة، وإذا مر الخائن للامانة القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل، وتكفأ به الصراط في النار. ” ج 2 ص 152 ” ين: عن حنان مثله. 10 – نهج: واعلموا أن مجازكم على الصراط ومزالق دحضه وأهاويل زلله وتارات أهواله. 11 – ما: الفحام، عن محمد بن الهاشم الهاشمي، عن أبي هاشم بن القاسم، عن


[ 1 ] من حبا الولد أي زحف على يديه وبطنه. وزحف أي دب على مقعدته أو على ركبتيه قليلا قليلا.

[ 68 ]

محمد بن زكريا بن عبد الله، عن عبد الله بن المثنى، عن تمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك عن أبيه، عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من كان معه جواز فيه ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، وذلك قوله: ” وقفوهم إنهم مسئولون ” يعني عن ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام. ” ص 182 ” 12 – م: عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن الله تعالى إذا بعث الخلائق من الاولين والآخرين نادى منادي ربنا من تحت عرشه: يا معشر الخلائق غضوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد سيدة نساء العاليمن على الصراط، فتغض الخلائق كلهم أبصارهم فتجوز فاطمة على الصراط، لا يبقى أحد في القيامة إلا غض بصره عنها إلا محمد وعلي والحسن والحسين والطاهرين من أولادهم فإنهم أولادها (1) فإذا دخلت الجنة بقي مرطها (2) ممدودا على الصراط، طرف منه بيدها وهي في الجنة، وطرف في عرصات القيامة، فينادي منادي ربنا: يا أيها المحبون لفاطمة تعلقوا بأهداب (3) مرط فاطمة سيدة نساء العالمين، فلا يبقى محب لفاطمة إلا تعلق بهدبة من أهداب مرطها حتى يتعلق بها أكثر من ألف فئام وألف فئام، قالوا: وكم فئام واحد ؟ قال: ألف ألف، ينجون بها من النار. 13 – م: عن النبي صلى الله عليه وآله قال إنه ليرى يوم القيامة إلى جانب الصراط عالم كثير من الناس لا يعرف عددهم إلا الله تعالى، هم كانوا محبي حمزة وكثير منهم أصحاب الذنوب والآثام، فتحول حيطان بينهم وبين سلوك الصراط والعبور إلى الجنة فيقولون: يا حمزة قد ترى ما نحن فيه، فيقول حمزة لرسول الله صلى الله عليه وآله ولعلي بن أبي طالب عليه السلام: قد تريان أوليائي يستغيثون بي، فيقول محمد رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي ولي الله: يا علي أعن عمك على إغاثة أوليائه واستنقاذهم من النار، فيأتي علي بن أبي طالب عليه السلام بالرمح الذي كان يقاتل به حمزة أعداء الله في الدنيا فيناوله إياه


[ 1 ] في نسخة: فانهم محارمها. [ 2 ] المرط بالكسر: كل ثوب غير مخيط. كساء من صوف أو غيره تلقيه المرأة على رأسها و تتلفع به والمراد به في الخبر هو الثاني. [ 3 ] أهداب جمع هدبة بالضم طرة الثوب.

[ 69 ]

ويقول: يا عم رسول الله وعم أخي رسول الله ذد الجحيم عن اولئك برمحك هذا كما كنت تذود به عن أولياء الله في الدنيا أعداء الله، فيتناول حمزة الرمح بيده فيضع زجه (1) في حيطان النار الحائلة بين أوليائه وبين العبور إلى الجنه على الصراط ويدفعها دفعة فينحيها مسيرة خمسمائة عام، ثم يقول لاوليائه والمحبين الذين كانوا له في الدنيا: اعبروا، فيعبرون على الصراط آمنين سالمين قد انزاحت عنهم النيران و بعدت عنهم الاهوال ويردون الجنة غانمين ظافرين. 14 – فر: عن عبيد بن كثير معنعنا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أتاني جبرئيل عليه السلام فقال: ابشرك يا محمد بما تجوز على الصراط ؟ قال: قلت: بلى، قال تجوز بنور الله، ويجوز علي بنورك ونورك من نور الله، وتجوز امتك بنور علي ونور علي من نورك، ومن لم يجعل الله له نورا (2) فماله من نور. ” ص 104 – 105 ” 15 – ل: القطان، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب، عن محمد بن عبيدالله، عن علي بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن الفضيل الرزقي، (3) عن الصادق، عن آبائه عن علي عليهم السلام – وساق الحديث إلى أن قال – فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول: رب سلم شيعتي ومحبي وأنصاري ومن تولاني في دار الدنيا. إلى آخر ما مر في باب الشفاعة. ” ج 2 ص 39 ” 16 – من كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن السكوني، عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أثبتكم قدما على الصراط أشدكم حبا لاهل بيتي. 17 – وبإسناده عن الثمالي، عن أبي جعفر عن أبائه عليهم السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ما ثبت حبك في قلب امرئ مؤمن فزلت به قدم على الصراط إلا ثبتت له قدم حتى أدخله الله بحبك الجنة. 18 – م: الصراط المستقيم صراطان: صراط في الدنيا، وصراط في الآخرة


[ 1 ] الزج بالضم: الحديدة التى فيه أسفل الرمح ويقابله السنان. [ 2 ] في المصدر: ومن لم يجعل الله له مع على نورا اه‍. م [ 3 ] هكذا في نسخة المصنف وقد أسلفنا الكلام حوله في باب الشفاعة. راجع رقم 19.

[ 70 ]

فأما الصراط المستقيم في الدنيا فهو ما قصر من الغلو وارتفع عن التقصير، واستقام فلم يعدل إلى شئ من الباطل، وأما الصراط في الآخرة فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم، لا يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة. 19 – عد: اعتقادنا في الصراط أنه حق، وأنه جسر جهنم، وأن عليه ممر (1) جميع الخلق. قال الله عزوجل: ” وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ” (2) والصراط في وجه آخر اسم حجج الله فمن عرفهم في الدنيا وأطاعهم أعطاه الله جوازا على الصراط الذي هو جسر جهنم يوم القيامة. وقال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا علي إذا كان يوم القيامة أقعد أنا وأنت وجبرئيل على الصراط فلا يجوز على الصراط إلا من كانت معه براءة بولايتك. ” ص 87 ” أقول: قال الشيخ المفيد رفع الله في الجنان درجته: الصراط في اللغة هو الطريق فلذلك سمي الدين صراطا لانه طريق إلى الثواب، وله سمي الولاء لامير المؤمنين والائمة من ذريته عليهم السلام صراطا، ومن معناه قال أمير المؤمنين عليه السلام: ” أنا صراط الله المستقيم وعروته الوثقى التي لا انفصام لها ” يعني أن معرفته والتمسك به طريق إلى الله سبحانه وقد جاء الخبر بأن الطريق يوم القيامة إلى الجنة كالجسر تمر به الناس، وهو الصراط الذي يقف عن يمينه رسول الله صلى الله عليه وآله وعن شماله أمير المؤمنين عليه السلام، ويأتيهما النداء من الله تعالى: ” ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ” (3) وجاء الخبر أنه لا يعبر الصراط يوم القيامة إلا من كان معه براءة من علي بن أبي طالب عليه السلام من النار، وجاء الخبر بأن الصراط أدق من الشعرة وأحد من السيف على الكافر، و المراد بذلك أنه لا يثبت لكافر قدم على الصراط يوم القيامة من شدة ما يلحقهم من أهوال القيامة ومخاوفها، فهم يمشون عليه كالذي يمشي على الشئ الذي هو أدق


[ 1 ] في المصدر: وانه ممر اه‍. م [ 2 ] مريم: 71. [ 3 ] ق: 24.

[ 71 ]

من الشعرة وأحد من السيف، وهذا مثل مضروب لما يلحق الكافر من الشدة في عبوره على الصراط، وهو طريق إلى الجنة وطريق إلى النار، يسير العبد منه إلى الجنة ويرى من أهوال النار، وقد يعبر به عن الطريق المعوج فلهذا قال الله تعالى ” وأن هذا صراطي مستقيما (1) ” فميز بين طريقه الذي دعا إلى سلوكه من الدين و بين طرق الضلال، وقال تعالى فيما أمر عباده من الدعاء وتلاوة القرآن: ” اهدنا الصراط المستقيم (2) ” فدل على أن سواه صراط غير مستقيم، وصراط الله دين الله وصراط الشيطان طريق العصيان، والصراط في الاصل على ما بيناه هو الطريق، والصراط يوم القيامة هو الطريق للسلوك إلى الجنة والنار على ما قدمناه انتهى. أقول: لا اضطرار في تأويل كونه أدق من الشعرة وأحد من السيف، وتأويل الظواهر الكثيرة بلا ضرورة غير جائز، وسنورد كثيرا من أخبار هذا الباب في باب أن أمير المؤمنين عليه السلام قسيم الجنة والنار. * (باب 23) * * (الجنة ونعيمها، رزقنا الله وسائر المؤمنين، حورها وقصورها) * * (وحبورها وسرورها) * الايات، البقرة ” 2 ” وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الانهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل و اتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون 25 ” وقال سبحانه “: والذين آمنوا واعملوا الصالحات اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون 82 ” وقال تعالى “: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين * بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون 111 – 112.


[ 1 ] الانعام: 153. [ 2 ] الفاتحة: 6.

[ 72 ]

آل عمران ” 3 ” قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد 15 ” وقال تعالى “: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين 133 ” وقال تعالى “: اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الانهار خالدين فهيا ونعم أجر العاملين 126 ” وقال سبحانه “: لاكفرن عنهم سيئاتهم ولادخلنهم جنات تجري من تحتها الانهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب 195 ” وقال تعالى “: لكن الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها نزلا من عند الله وما عند الله خير للابرار 198. النساء ” 4 ” ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم 13 ” وقال تعالى “: والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة و ندخلهم ظلا ظليلا 57 ” وقال سبحانه “: والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا 122 ” وقال تعالى “: ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا 124. المائدة ” 5 ” ولادخلنكم جنات تجري من تحتها الانهار 12 ” وقال سبحانه “: ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولادخلناهم جنات النعيم 65 ” وقال تعالى “: قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم 119. ” وقال سبحانه “: فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين 85. الانعام ” 6 ” لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون 127. التوبة ” 9 ” يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم 21 – 22 ” وقال تعالى “: وعد الله المؤمنين والمؤمنات


[ 73 ]

جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم 72 ” وقال “: أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم 89 ” وقال “: رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدلهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم 100. يونس ” 10 ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم * دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعويهم أن الحمد لله رب العالمين 9 – 10. هود ” 11 ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون 23. الرعد ” 13 ” والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلوة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤن بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبى الدار * جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار 22 – 24 ” وقال سبحانه “: الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب 29 ” وقال سبحانه “: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الانهار اكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار 35 ” وقال تعالى “: وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار 42. ابراهيم ” 14 ” وادخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام 23. الحجر ” 15 ” إن المتقين في جنات وعيون * ادخلوها بسلام آمنين * ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين * لا يمسهم فيها نصب وماهم منها بمخرجين 45 – 48. النحل ” 16 ” ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين * جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الانهار لهم فيها ما يشاؤن كذلك يجزي الله المتقين * الذين تتوفيهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون 30 – 32.


[ 74 ]

الكهف ” 18 ” ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا * ماكثين فيه أبدا 2 – 3 ” وقال تعالى “: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا لا نضيع أجر من أحسن عملا * اولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الانهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق متكئين فيها على الارائك نعم الثواب وحسنت مرتفقا 30 – 31 ” وقال تعالى “: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا * خالدين فيها لا يبغون عنها حولا 107 – 108 مريم ” 19 ” إلا من آمن وعمل صالحا فاولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا * جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا * لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا * تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا 60 – 63. طه ” 20 ” ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فاولئك لهم الدرجات العلى * جنات عدن تحري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى 75 – 76. الحج ” 22 ” إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار 14 ” وقال تعالى “: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير * و هدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد 23 – 24 ” وقال سبحانه “: فالذين آمنوا عملوا الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم 50 ” وقال تعالى “: فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم 56 ” وقال سبحانه “: والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم 58 – 59. المؤمنين ” 23 ” اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون 10 – 11. الفرقان ” 25 ” قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا * لهم فيها ما يشاؤن خالدين كان على ربك وعدا مسئولا 15 – 16 ” وقال


[ 75 ]

تعالى “: اولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما * خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما 75 – 76. العنكبوت ” 29 ” والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الانهار خالدين فيها نعم أجر العاملين 58. لقمان ” 31 ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم * خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم 8 – 9 التنزيل ” 32 ” فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون 17 ” وقال تعالى “: أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون 19. الاحزاب ” 33 ” وكان بالمؤمنين رحيما * تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما 43 – 44. سبا ” 34 ” إلا من آمن وعمل صالحا فاولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون 37. فاطر ” 35 ” جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير * وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور * الذي أحلنا درا المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب 33 – 35. يس ” 36 ” إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون * هم وأزواجهم في ظلال على الارائك متكئون * لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون * سلام قولا من رب رحيم 55 – 58. الصافات ” 37 ” إلا عباد الله المخلصين * اولئك لهم رزق معلوم * فواكه وهم مكرمون * في جنات النعيم * على سرر متقابلين * يطاف عليهم بكأس من معين * بيضاء لذة للشاربين * لا فيها غول ولاهم عنها ينزفون * وعندهم قاصرات الطرف عين * كأنهن بيض مكنون * فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون * قال قائل منهم إني كان لي قرين * يقول ءإنك لمن المصدقين * ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمدينون *


[ 76 ]

قال هل أنتم مطلعون * فاطلع فرآه في سواء الجحيم * قال تالله إن كدت لتردين * ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين * أفما نحن بميتين * إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين * إن هذا لهو الفوز العظيم * لمثل هذا فليعمل العاملون 40 – 61. ص ” 38 ” وإن للمتقين لحسن مآب * جنات عدن مفتحة لهم الابواب * متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب * وعندهم قاصرات الطرف أتراب * هذا ما توعدون ليوم الحساب * إن هذا لرزقنا ماله من نفاد 49 – 54. الزمر ” 39 ” لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الانهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد 20 ” وقال سبحانه “: لهم ما يشاؤن عند ربهم ذلك جزاء المحسنين 34. المؤمن ” 40 ” (قال تعالى نقلا عن الذين يحملون العرش ومن حوله): ربنا و أدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم * وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم 8 – 9 ” وقال تعالى “: ومن عمل صالحا من ذكر أو انثى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب 40. السجدة ” 41 ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحيوة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم 30 – 32. الزخرف ” 43 ” الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين * ادخلوا الجنة أنتم و أزواجكم تحبرون * يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين وأنتم فيها خالدون * وتلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون * لكم فيها فاكهة كثيرة منها تأكلون 69 – 73. الدخان ” 44 ” إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون * يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين * كذلك وزوجناهم بحور عين * يدعون فيها بكل فاكهة


[ 77 ]

آمنين * لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى ووقيهم عذاب الجحيم * فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم 51 – 57. الاحقاف ” 46 ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون * اولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون 13 – 14 ” وقال تعالى في أصحاب الجنة “: وعد الصدق الذي كانوا يوعدون 16. محمد ” 47 ” ويدخلهم الجنة عرفها لهم 6 ” وقال سبحانه “: إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الانهار 12 ” وقال تعالى “: مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم 15. الفتح ” 48 ” ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما 17. ق ” 50 ” وازلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ * من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود * لهم ما يشأون فيها ولدينا مزيد 31 – 35. الذاريات ” 51 ” إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتيهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين 15 – 16 ” وقال سبحانه “: وفي السماء رزقكم وما توعدون 22. الطور ” 52 ” إن المتقين في جنات ونعيم * فاكهين بما آتيهم ربهم ووقيهم ربهم عذاب الجحيم * كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين * والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين * وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون * يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم * ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون * وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون * قالوا إنا كنا قبل في


[ 78 ]

أهلنا مشفقين * فمن الله علينا ووقينا عذاب السموم * إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم 17 – 28. القمر ” 54 ” إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر 54 – 55. الرحمن ” 55 ” ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * ذواتا أفنان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهما عينان تجريان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهما من كل فاكهة زوجان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * متكئين على فرش بطائنها من إستبرق وجنا الجنتين دان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولاجان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * كأنهن الياقوت والمرجان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * هل جزاء الاحسان إلا الاحسان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * ومن دونهما جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * مدهامتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهما عينان نضاختان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهما فاكهة ونخل ورمان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * فيهن خيرات حسان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * حور مقصورات في الخيام * فبأي آلاء ربكما تكذبان * لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأي آلاء ربكما تكذبان * متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان * فبأي آلاء ربكما تكذبان 46 – 77. الواقعة ” 56 ” والسابقون السابقون * اولئك المقربون * في جنات النعيم * ثلة من الاولين * وقليل من الآخرين * على سرر موضونة * متكئين عليها متقابلين * يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس من معين * لا يصدعون عنها و لا ينزفون * وفاكهة مما يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون * وحور عين * كأمثال اللؤلؤ المكنون * جزاء بما كانوا يعملون * لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما * إلا قيلا سلاما سلاما * وأصحاب اليمين * ما أصحاب اليمين في سدر مخضود * و طلح منضود * وظل ممدود * وماء مسكوب * وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة * وفرش مرفوعة * إنا أنشأناهن إنشاء * فجعلناهن أبكارا * عربا أترابا * لاصحاب اليمين * ثلة الاولين * وثلة من الآخرين 10 – 40.


[ 79 ]

الحديد ” 57 ” سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء و الارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله 21. المجادلة ” 58 ” ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه 22. الحشر ” 59 ” لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون 20. الصف ” 61 ” ويدخلكم جنات تجري من تحتها الانهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم 12. التغابن ” 64 ” ويدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم 9. الطلاق ” 65 ” ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا 11. الملك ” 67 ” إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير 12. المعارج ” 70 ” اولئك في جنات مكرمون 35 ” وقال تعالى “: أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم * كلا 38 – 39. الدهر ” 76 ” إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا 5 – 6 ” وقال تعالى “: وجزيهم بما صبروا جنة وحريرا * متكئين فهيا على الارائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا * ودانية عليهم ظلالها و ذللت قطوفها تذليلا * ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا * قواريرا من فضة قدروها تقديرا * ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا * عينا فيها تسمى سلسبيلا * ويطوف عليهم ولدان مخلدون * إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا * وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا * عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا * إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا 12 – 22.


[ 80 ]

المرسلات ” 77 ” إن المتقين في ظلال وعيون * وفواكه مما يشتهون * كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * إنا كذلك نجزي المحسنين * ويل يومئذ للمكذبين 41 – 45. النبأ ” 78 ” إن للمتقين مفازا * حدائق وأعنابا * وكواعب أترابا * وكأسا دهاقا * لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا * جزاء من ربك عطاء حسابا 31 – 36. النازعات ” 79 ” وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى 40 – 41. المطففين ” 83 ” إن الابرار لفي نعيم * على الارائك ينظرون * تعرف في وجوههم نضرة النعيم * يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون * ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون * إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون * وإذا مروا بهم يتغامزون * وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين * وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون * وما ارسلوا عليهم حافظين * فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الارائك ينظرون * هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون 22 – 36. البروج ” 85 ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الانهار ذلك الفوز الكبير 11. الغاشية ” 88 ” في جنة عالية * لا تسمع فيها لاغية * فيها عين جارية * فيها سرر مرفوعة * وأكواب موضوعة * ونمارق مصفوفة * وزرابي مبثوثة 10 – 16. الفجر: ” 89 ” يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في عبادي * وادخلي جنتي 27 – 30. التين: ” 95 ” إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون 6. البينة ” 98 ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية * جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه 7 – 8.


[ 81 ]

تفسير: قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: ” تجري من تحتها ” أي من تحت أشجارها ومساكنها ” الانهار ” واستعمل الجري في النهر توسعا لانه موضع الجري ” كلما رزقوا منها ” أي من الجنات، والمعنى: من أشجارها ” من ثمرة رزقا ” أي اعطوا من ثمارها عطاء، أو اطعموا منها طعاما، لان الرزق عبارة عما يصح الانتفاع به ولا يكون لاحد المنع منه ” قالوا هذا الذي رزقنا من قبل ” فيه وجوه: أحدها أن ثمار الجنة إذا جنيت من أشجارها عاد مكانها مثلها فيشتبه عليهم فيقولون: ” هذا الذي رزقنا من قبل ” عن أبي عبيدة ويحيى بن أبي كثير. وثانيها: أن معناه: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا، عن ابن عباس وابن مسعود. وقيل: هذا هو الذي وعدنا به في الدنيا. وثالثها: معناه: هذا الذي رزقناه من قبل في الجنة، أي كالذي رزقنا وهم يعلمون أنه غيره، ولكنهم شبهوه به في طعمه ولونه وريحه وطيبه وجودته، عن الحسن وواصل. قال لشيخ أبو جعفر رحمه الله: وأقوى الاقوال قول ابن عباس لانه تعالى قال: ” كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا ” فعم ولم يخص، فأول ما اتوا به لا يتقدر فيه هذا القول إلا بأن يكون إشارة إلى ما تقدم رزقه في الدنيا، ويكون التقدير: هذا مثل الذي رزقناه في الدنيا، لان ما رزقو في الدنيا فقد عدم، فأقام المضاف إليه مقام المضاف. ” واتوا به متشابها ” فيه وجوه: أحدها: أنه أراد مشتبها في اللون مختلفا في الطعم. وثانيها: أن كلها متشابه خيار لا رذل فيه. وثالثها: أنه يشبه ثمر الدنيا غير أن ثمر الجنة أطيب. ورابعها: أنه يشبه بعضه بعضا في اللذة وجميع الصفات. وخامسها: أن التشابه من حيث الموافقة، فالخادم يوافق المسكن، والمسكن يوافق الفرش، وكذلك جميع ما يليق به ” ولهم فيها أزواج ” من الحور العين، وقيل: من نساء الدنيا، قال الحسن: هن عجائزكم الغمص الرمص العمش (1) طهرن من قذرات


[ 1 ] الغمص بضم الاول وسكون الثاني جمع غمصاء وهى التى سال من عينها الغمص أي الرمص، والرمص هو وسخ أبيض في مجرى الدمع من العين، والعمش جمع عمشاء وهى التى ضعف بصرها مع سيلان دمعها في أكثر الاوقات.

[ 82 ]

الدنيا ” مطهرة ” قيل: في الابدان والاخلاق والاعمال، فلا يحضن ولا يلدن ولا يتغوطن ولا يبلن قد طهرن من الاقذار والاثام ” وهم فيها ” أي في الجنة ” خالدون ” يعني دائمون يبقون ببقاء الله لا انقطاع لذلك ولا نفاد لان النعمة تتم بالخلود والبقاء كما تتنغص بالزوال والفناء. وفي قوله عزوجل: ” وقالوا لن يدخل الجنة ” هذا على الايجاز، وتقديره: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا، وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا ” تلك أمانيهم ” أي تلك المقالة أماني كاذبة يتمنونها على الله، وقيل: أمانيهم: أباطيلهم، وقيل: أي تلك أقاويلهم وتلاوتهم، من قولهم: تمنى أي تلا. ” قل هاتوا ” أي احضروا، أمر تعجيز وإنكار ” برهانكم ” أي حجتكم ” إن كنتم صادقين ” في هذا القول ” بلى من أسلم وجهه لله ” أي من أخلص نفسه لله بأن سلك سبيل مرضاته، وقيل: وجه وجهه لطاعة الله، وقيل: فوض أمره إلى الله، وقيل: استسلم لامر الله وخضع وتواضع لله ” وهو محسن ” في عمله، وقيل: مؤمن، وقيل: مخلص ” فله أجره عند ربه ” أي فله جزاء عمله عند الله ” ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون ” في الآخرة وهذا ظاهر على قول من يقول: إنه لا يكون على أهل الجنة خوف ولا حزن في الآخرة وأما على قول من قال: إن بعضهم يخاف ثم يأمن فمعناه أنهم لا يخافون فوت جزاء أعمالهم لانهم يكونون على ثقة بأن ذلك لا يفوتهم. وفي قوله عزوجل: ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ” أي إلى الاعمال التي توجب المغفرة ” وجنة عرضها السموات والارض ” اختلف في معناه على أقوال: أحدها أن المعنى: عرضها كعرض السماوات والارضين السبع إذا ضم بعضها إلى بعض، عن ابن عباس والحسن، واختاره الجبائي والبلخي، وإنما ذكر العرض بالعظم دون الطول لانه يدل على أن الطول أعظم، وليس كذلك لو ذكر الطول. وثانيها: أن معناه: ثمنها لوبيعت كثمن السماوات والارض لو بيعتا، كما يقال: عرضت هذا المتاع للبيع، والمراد بذلك عظم مقدارها وجلالة قدرها وأنه لا يساويها شئ وإن عظم، عن أبي مسلم الاصفهاني. وهذا وجه مليح إلا أن فيه تعسفا.


[ 83 ]

وثالثها: أن عرضها لم يرد به العرض الذي هو خلاف الطول، وإنما أراد سعتها وعظمها، والعرب إذا وصفت الشئ بالسعة وصفته بالعرض. ويسأل فيقال: إذا كانت الجنة عرضها كعرض السماء والارض فأين تكون النار ؟ فجوابه أنه روي أن النبي صلى الله عليه وآله سئل عن ذلك فقال: ” سبحان الله ! إذا جاء النهار فأين الليل ؟ ” و هذه معارضة فيها إسقاط المسألة، لان القادر على أن يذهب بالليل حيث يشاء قادر على أن يخلق النار حيث شاء. ويسأل أيضا: إذا كانت الجنة في السماء فكيف يكون لها هذا العرض ؟ والجواب أنه قيل: إن الجنة فوق السماوات السبع تحت العرش عن أنس بن مالك. وقد قيل: إن الجنة فوق السماوات السبع وإن النار تحت الارضين السبع، عن قتادة. وقيل: معنى قولهم: إن الجنة في السماء أنها في ناحية السماء وجهة السماء لا أن السماء تحويها، ولا ينكر أن يخلق الله في العلو أمثال السماوات والارضين، وإن صح الخبر أنها في السماء الرابعة كان كما يقال: في الدار بستان لاتصاله بها وكونه في ناحية منها أو يشرع إليه بابها وإن كان أضعاف الدار. وقيل: إن الله تعالى يزيد في عرضها يوم القيامة فيكون المراد: عرضها السماوات والارض يوم القيامة لا في الحال، عن أبي بكر أحمد بن علي مع تسليمه أنها في السماء ” اعدت للمتقين ” أي المطيعين لله ولرسوله باجتناب المقبحات وفعل الطاعات، وهذا يدل على أن الجنة مخلوقة اليوم لانها لا تكون معدة إلا وهي مخلوقة. أقول: وقال الرازي في تفسير هذه الآية: وههنا سؤالات: الاول: ما معنى أن عرضها مثل عرض السماوات والارض ؟ فيه وجوه: الاول: أن المراد: لو جعلت السماوات والارضون طبقا طبقا بحيث يكون كل واحد من تلك الطبقات سطحا مؤلفا من أجزاء لا يتجزى ثم وصل البعض بالبعض طبقا واحدا لكان ذلك مثل عرض الجنة، وهذا غاية في السعة لا يعلمها إلا الله. الثاني أن الجنة التي تكون عرضها مثل عرض السماوات والارض إنما يكون للرجل الواحد لان الانسان إنما يرغب فيما يصير ملكا له، فلابد وأن تكون الجنة المملوكة لكل واحد مقدار هذا، ثم


[ 84 ]

ذكر ما ذكر سابقا عن أبي مسلم ثم قال: الرابع المقصود المبالغة في وصف سعة الجنة وذلك لانه لا شئ عندنا أعرض منها، ونظيره قوله تعالى: ” خالدين فيها مادامت السموات والارض ” فإن أطول الاشياء بقاء عندنا هو السماوات والارض، فخوطبنا على وفق ما عرفناه فكذاههنا. ثم قال: السؤال الثالث أنتم تقولون: إن الجنة في السماء فكيف يكون عرضها كعرض السماء ؟ والجواب من وجهين: الاول: أن المراد من قولنا: إنها في السماء أنها فوق السماوات وتحت العرش، قال عليه السلام في صفة الفردوس: ” سقفها عرش الرحمن ” وروي أن رسول هرقل سأل النبي صلى الله عليه وآله فقال إنك تدعو إلى جنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين فأين النار ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: ” سبحانه الله ! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ ” المعنى – والله أعلم أنه إذا دار الفلك حصل النهار في جانب من العالم والليل في ضد ذلك الجانب، فكذلك الجنة في جهة العلو والنار في جهة السفل، وسئل أنس بن مالك عن الجنة: في الارض أم في السماء ؟ فقال فأي أرض وسماء تسمع الجنة ؟ قيل: فأين هي ؟ قال: فوق السماوات السبع تحت العرش. والثاني أن الذين يقولون الجنة والنار غير مخلوقتين الآن لا يبعد أن تكون الجنة عندهم مخلوقة في مكان السماوات والنار في مكان الارض. وأما قوله: ” اعدت للمتقين ” فظاهره يدل على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن. وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: ” نزلا من عند الله ” النزل: ما يعد للضيف من الكرامة والبر والطعام والشراب ” وما عند الله ” من الثواب والكرامة ” خير للابرار ” مما ينقلب فيه الذين كفروا لان ذلك عن قريب سيزول، وما عند الله سبحانه دائم لا يزول. وفي قوله تعالى: ” وندخلهم ظلا ظليلا ” أي كنينا ليس فيه حر ولا برد بخلاف ظل الدنيا، وقيل: ظلا دائما لا تنسخه الشمس كما في الدنيا، وقيل: ظلا متمكنا قويا كما يقال: يوم أيوم، وليل أليل، وداهية دهياء، يصفون الشئ بمثل لفظه إذا أرادوا المبالغة. وقال النقير: النكتة في ظهر النواة كأن ذلك نقر فيه.


[ 85 ]

وفي قوله تعالى: ” لهم دار السلام ” أي للذين تذكروا وتدبروا وعرفوا الحق وتبعوه دار السلامة الدائمة الخالصة من كل آفة وبلية مما يلقاه أهل النار، وقيل: إن السلام هو الله تعالى، وداره الجنة ” عند ربهم ” أي هي مضمونة لهم عند ربهم يوصلهم إليها لا محالة، كما يقول الرجل لغيره: لك عندي هذا المال، أي في ضماني. وقيل: معناه: لهم دار السلام في الآخرة يعطيهم إياها ” وهو وليهم ” يعني الله يتولى إيصال المنافع إليهم ودفع المضار عنهم، وقيل: ” وليهم “: ناصرهم على أعدائهم، وقيل: يتولاهم في الدنيا بالتوفيق، وفي الآخرة بالجزاء ” بما كانوا يعملون ” أي جزاء بما كانوا يعملونه من الطاعات. وفي قوله تعالى: ” لهم فيها نعيم مقيم ” أي دائم لا يزول ولا ينقطع ” خالدين فهيا أبدا ” أي دائمين فيها مع كون النعيم مقيما لهم ” إن الله عنده أجر ” أي جزاء على العمل ” عظيم ” أي كثير مضاعف لا تبلغه نعمة غيره من الخلق. وفي قوله سبحانه: ” ومساكن طيبة ” يطيب العيش فيها، بناها الله تعالى من اللآلي والياقوت الاحمر والزبرجد الاخضر لا أذى فيها ولا وصب ولا نصب (1) عن الحسن ” في جنات عدن ” أي في جنات إقامة وخلد وهي بطنان الجنة أي وسطها عن ابن مسعود. وقيل: هي مدينة في الجنة فيها الرسل والانبياء والشهداء وأئمة الهدى والناس حولهم والجنان حولها، عن الضحاك. وقيل: إن عدن أعلى درجة في الجنة وفيها عين التسنيم والجنان حولها محدقة بها وهي مغطاة من يوم خلقها الله حتى ينزلها أهلها: الانبياء والصديقون والشهداء والصالحون ومن شاء الله، وفيها قصور الدر واليواقيت والذهب، تهب ريح طيبة من تحت العرش فيدخل عليهم كثبان (2) المسك الابيض، عن مقاتل والكلبي. وروي أنه صلى الله عليه وآله قال: ” عدن دار الله التي لم ترها عين ولا يخطر على قلب بشر ولا يسكنها غير ثلاثة: النبيين، والصديقين، والشهداء


[ 1 ] الوصب: المرض والوجع الدائم ونحول الجسم. وقد يطلق على التعب والفتور في البدن، والنصب: الداء. البلاء. [ 2 ] كثبان جمع الكثيب: التل من الرمل.

[ 86 ]

يقول الله: طوبى لمن دخلك. ” ورضوان من الله أكبر ” رفع على الابتداء، أي ورضى الله تعالى عنهم أكبر من ذلك كله، قال الجبائي: إنما صار الرضوان أكبر من الثواب لانه لا يوجد منه شئ إلا بالرضوان وهو الداعي إليه الموجب له، وقال الحسن: لان ما يصل إلى القلب من السرور برضوان الله أكبر من جميع ذلك ” ذلك الفوز العظيم ” أي ذلك النعيم الذي وصفت هو النجاح العظيم الذي لا شئ أعظم منه. وفي قوله تعالى: ” يهديهم ربهم بإيمانهم ” أي إلى الجنة ” تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم ” أي تجري بين أيديهم وهم يرونها من علو، وقيل: معناه من تحت بساتينهم وأسرتهم وقصورهم، وقوله: ” بإيمانهم ” يعني جزاء علي إيمانهم ” دعويهم فيها ” أي دعاء المؤمنين في الجنة وذكرهم فيها أن يقولوا: ” سبحانك اللهم يقولون ذلك لا على وجه العبادة، لانه ليس هناك تكليف، بل يلتذون بالتسبيح، وقيل: إنهم إذا مر بهم الطير في الهواء ويشتهونه قالوا: ” سبحانك اللهم ” فيأتيهم الطير فيقع مشويا بين أيديهم، وإذا قضوا منه الشهوة قالوا: ” الحمد لله رب العالمين ” فيطير الطير حيا كما كان، فيكون مفتتح كلامهم في كل شئ التسبيح، ومختتم كلامهم التحميد، ويكون التسبيح في الجنة بدل التسمية في الدنيا، عن ابن جريح ” وتحيتهم فيها سلام ” (1) أي تحيتهم من الله سبحانه في الجنة سلام، وقيل: معناه: تحية بعضهم لبعض فيها أو تحية الملائكه لهم فيها سلام، يقولون: سلام عليكم أي سلمتم من الآفات والمكاره التي ابتلى بها أهل النار ” آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ” أي يجعلون هذا آخر كلامهم في كل ما ذكروه. وفي قوله سبحانه: ” وأخبتوا إلى ربهم ” أي أنابوا وتضرعوا إليه، وقيل: أي اطمأنوا إلى ذكره، وقيل خضعوا له وخشعوا إليه، والكل متقارب. وقال البيضاوي في قوله تعالى: ” ويدرؤن بالحسنة السيئة “: أي يدفعونها


[ 1 ] قال الرضى: هذه استعارة على بعض الاقوال، كان المعنى أن بشراهم بالسلام من المخاوف عند دخول الجنة فجعل مكان التحية لهم لان لكل دارا تحية يلقى بها ويؤنس بسماعها، والسلام ههنا من السلامة لا من التسليم. راجع تلخيص البيان في مجازات القرآن ص 68.

[ 87 ]

بها فيجازون الاساءة بالاحسان، أو يتبعون الحسنة السيئة فتمحوها ” اولئك لهم عقبى الدار ” عاقبة الدنيا وما ينبغي أن يكون مآل أهلها وهي الجنة ” جنات عدن ” بدل من عقبى الدار، أو مبتدء خبره ” يدخلونها ” والعدن: الاقامة، أي جنات يقيمون فيها، وقيل: هوبطنان الجنة ” ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ” عطف على المرفوع في ” يدخلونها ” وإنما ساغ للفصل بالضمير الآخر، أو مفعول معه، و المعنى أنه يلحق بهم من صلح من أهلهم وإن لم يبلغ مبلغ فضلهم تبعا لهم وتعظيما لشأنهم، وهو دليل على أن الدرجة تعلو بالشفاعة، أو أن الموصوفين بتلك الصفات مقترن بعضهم ببعض لما بينهم من القرابة والوصلة في دخول الجنة زيادة في انسهم، وفي التقليد بالصلاح دلالة على أن مجرد الانساب لا ينفع ” والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ” من أبواب المنازل، أو من أبواب الفتوح والتحف قائلين: ” سلام عليكم ” بشارة بدوام السلامة ” بما صبرتم ” متعلق بعليكم أو بمحذوف، أي هذا بما صبرتم، لا بسلام فان الخبر فاصل، والباء للسببية أو البدلية. وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: ” طوبى لهم “: فيه أقوال: أحدها: أن معناه فرح لهم وقرة عين، عن ابن عباس، الثاني: غبطة لهم، عن الضحاك، الثالث: خير لهم وكرامة، عن إبراهيم النخعي، الرابع: الجنة لهم، عن مجاهد، الخامس: العيش الطيب لهم، عن الزجاج، أو الحال المستطابة لهم، عن ابن الانباري، لانه فعلى من الطيب. وقيل: أطيب الاشياء لهم وهو الجنة، عن الجبائي، السادس: هنيئا بطيب العيش لهم، السابع: حسنى لهم، عن قتادة، الثامن: نعم مالهم، عن عكرمة، التاسع: دوام الخير لهم، العاشر: أن طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي صلى الله عليه وآله وفي دار كل مؤمن منها غصن، عن عبيد بن عمير ووهب وأبي هريرة وشهر بن حوشب رواه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام. وروي الثعلبي بإسناده عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: طوبى شجرة أصلها في دار علي في الجنة، وفي دار كل مؤمن منها غصن ورواه أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام. وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن موسى بن


[ 88 ]

جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن طوبى، قال: شجرة أصلها في داري وفرعها على أهل الجنة، ثم سئل عنها مرة اخرى فقال: في دار علي، فقيل له في ذلك، فقال: إن داري ودار علي في الجنة بمكان واحد. ” وحسن مآب ” أي ولهم حسن مرجع. وفي قوله تعالى: ” اكلها دائم ” يعني أن ثمارها لا تنقطع كثمار الدنيا، وظلها لا يزول ولا تنسخه الشمس عن الحسن، وقيل: معناه: نعيمها لا ينقطع بموت ولا آفة عن ابن عباس، وقيل: لذتها في الافواه باقية، عن إبراهيم التيمي. ” وظلها ” أيضا دائم لا يكون مرة شمسا ومرة ظلا كما يكون في الدنيا ” تلك عقبى الذين اتقوا ” أي تلك الجنة عاقبة المتقين فالطريق إليها التقوى ” وعقبى الكافرين النار ” أي عاقبة أمر الكافر النار. وفي قوله تعالى: ” إن المتقين في جنات ” أي في بساتين خلقت لهم ” وعيون ” من ماء وخمر وعسل تفور من الفوارة ثم تجري في مجاريها ” ادخلوها بسلام ” أي يقال لهم: ادخلوا الجنات بسلامة من الآفات وبراءة من المكاره والمضرات ” آمنين ” من الاخراج منها، ساكني النفس إلى انتفاء الضرر فيها ” ونزعنا ما في صدورهم من غل ” أي وأزلنا عن صدور أهل الجنة ما فيها من أسباب العداوة من الغل أي الحقد والحسد والتنافس والتباغض ” إخوانا ” منصوب على الحال، أي وهم يكونون إخوانا متوادين، يريد مثل الاخوان فيصفو لذلك عيشهم ” على سرر ” أي كائنين على مجالس السرر ” متقابلين ” متواجهين فينظر بعضهم إلى بعض، قال مجاهد: لا يرى الرجل من أهل الجنة قفا زوجته ولا ترى زوجته قفاه لان الاسرة تدور بهم كيف ما شاؤوا حتى يكونوا متقابلين في عموم أحوالهم، وقيل: متقابلين في الزيارة إذا تزاوروا استوت مجالسهم ومنازلهم، وإذا افترقوا كانت منازل بعضهم أرفع من بعض، ” لا يسمهم فيها ” أي في الجنة ” نصب ” أي عناء وتعب لانهم لا يحتاجون إلى إتعاب أنفسهم لتحصيل مقاصدهم، إذ جميع النعم حاصلة لهم ” وماهم منها بمخرجين ” أي يبقون فيها مؤبدين


[ 89 ]

وفي قوله تعالى: ” تجري من تحتهم الانهار ” لانهم على غرف في الجنة كما قال: ” وهم في الغرفات آمنون ” وقيل: إن أنهار الجنة تجري من غير أخاديد (1) في الارض، فلذلك قال: ” من تحتهم ” يحلون فيها من أساور من ذهب ” أي يجعل لهم فيها حلي من أساور، وقيل: إنه يحلى كل واحد بثلاثة أساور: سوار من فضة، وسوار من ذهب، وسوار من لؤلؤ وياقوت، عن سعيد بن جبير ” ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق ” أي من الديباج الرقيق والغليظ، وقيل: إن الاستبرق فارسي معرب أصله ” إستبر ” وقيل: هو الديباج المنسوج بالذهب ” متكئين فهيا على الارائك ” متنعمين في تلك الجنان على السرر في الحجال، وإنما قال: متكئين لان الاتكاء يفيد أنهم منعمون في الامن والراحة، فإن الانسان لا يتكئ إلا في حال الامن والسلامة ” نعم الثواب ” أي طاب ثوابهم وعظم، عن ابن عباس ” وحسنت ” الارائك ” مرتفقا ” أي موضع ارتفاق، وقيل: منزلا ومجلسا ومجتمعا. وفي قوله تعالى: ” كانت لهم جنات الفردوس ” أي كان في حكم الله وعلمه لهم بساتين الفردوس وهو أطيب موضع في الجنة وأوسطها وأفضلها وأرفعها، عن قتادة، وقيل: هو الجنة الملتفة الاشجار عن قتادة، وقيل: هو البستان الذي فيه الاعناب، عن كعب، وروى عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الجنة مائة درجة مابين كل درجتين كما بين السماء والارض، الفردوس أعلاها درجة، منها تفجر أنهار الجنة الاربعة، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس. ” نزلا ” (2) أي منزلا ومأوى، وقيل: ذات نزل ” خالدين فيها ” أي دائمين فيها ” لا يبغون عنها حولا ” أي لا يطلبون عن تلك الجنات تحولا إلى موضع آخر لطيبها وحصول مرادهم فيها.


[ 1 ] الاخاديد جمع الاخدود: الحفرة المستطيلة. جدول الماء. [ 2 ] قال الرضى في تلخيص البيان ” ص 188 ” ما حاصله: النزل عند عامة المفسرين بمعنى المنزل والنزول فكأنه تعالى قال: كانت لهم جنان الفردوس منزلا ينزلونه وقرارا يستوطنونه، وله أيضا مجاز يدخلها في حيز الاستعارة وهو أن لفظ النزل عند بعضهم قد عبر به عما يقرى به الضيف عند طروقه ويعد له قبل نزوله فيجوز أن يكون معنى ذلك أي قرى معدا كما يقرى الضيوف لانهم ضيفان الله تعالى في جنانه وجيرانه في داره.

[ 90 ]

وفي قوله جل وعلا: ” ولا يظلمون شيئا ” أي ولا يبخسون شيئا من ثوابهم، بل يوفيه الله عليهم على التمام والكمال ” جنات عدن ” أي إقامة، و وحد في الآية المتقدمة وجمع ههنا لانه جنة تشتمل على جنات، وقيل: لان لكل واحد من المؤمنين جنة تجمعها العظمى ” التي وعد الرحمن عباده بالغيب ” المراد بالعباد المؤمنون، وقيل: يتناول الكافر بشرط رجوعه عن كفره، وقال: ” بالغيب ” لانهم غابوا عما فيها مما لا عين رأت ولا اذن سمعت، عن ابن عباس. والمعنى أنه وعدهم أمرا لم يكونوا يشاهدونه فصدقوه وهو غائب عنهم ” إنه كان وعده ” أي موعوده ” مأتيا ” أي آتيا لا محالة، والمفعول ههنا بمعنى الفاعل، لان ما أتيته فقد أتاك، وقيل: الموعود هو الجنة والجنة مأتية يأتيها المؤمنون ” لا يسمعون فهيا لغوا ” أي قولا لا معنى له يستفاد، وقد يكون اللغو الهذر وما يلقى من الكلام مثل الفحش والاباطيل ” إلا سلاما ” أي سلام الملائكة عليهم وسلام بعضهم على بعض، وقال الزجاج: السلام اسم جامع لكل خير، لانه يتضمن السلامة، أي يسمعون ما يسلمهم ” ولهم زرقهم فيها بكرة وعشيا ” قال المفسرون: ليس في الجنة شمس ولا قمر فيكون لهم بكرة وعشي، والمراد أنهم يؤتون رزقهم على ما يعرفونه من مقدار الغداء والعشاء، وقيل: كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء أعجب به، وكانت تكره الاكلة الواحدة في اليوم، فأخبر الله تعالى أن لهم في الجنة رزقهم بكرة وعشيا على قدر ذلك الوقت، وليس ثم ليل وإنما هو ضوء ونور، عن قتادة، وقيل: إنهم يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وفتح الابواب ” تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ” أي إنما نملك تلك الجنة من كان تقيا في دار الدنيا بترك المعاصي وفعل الطاعات، وإنما قال: نورث لانه شبه بالميراث من جهة أنه تمليك بحال استونفت عن حال قد انقضت من أمر الدنيا كما ينقضي حال الميت من أمر الدنيا، وقيل: إنه تعالى أورثهم من الجنة المساكن والمنازل التي كانت لاهل النار لو أطاعوا الله تعالى، وأضاف العباد إلى نفسه لانه أراد المؤمنين.


[ 91 ]

وفي قوله سبحانه: ” وذلك جزاء من تزكى ” أي تطهر بالايمان والطاعة عن دنس الكفر والمعصية، وقيل: ” تزكى “: طلب الزكاء بإرادة الطاعة والعمل بها. وفي قوله تعالى: ” من أساور ” هي حلي اليد ” من ذهب ولؤلؤ ” أي ومن لؤلؤ، وقال البيضاوي: ولؤلؤ عطف على أساور لا على ذهب، لانه لم يعهد السوار منه إلا أن يراد به المرصعة به، ونصبه عاصم ونافع عطفا على محلها، أو إضمار الناصب مثل ويؤتون ” ولباسهم فيها حرير ” غير اسلوب الكلام فيه للدلالة على أن الحرير ثيابهم المعتادة، أو للمحافظة على هيئة الفواصل. وقال الطبرسي رحمه الله: ” وهدوا إلى الطيب من القول ” أي ارشدوا في الجنة إلى التحيات الحسنة يحيي بعضهم بعضا ويحييهم الله وملائكته بها، وقيل: معناه: ارشدوا إلى شهادة أن لا إله الا الله والحمد لله، عن ابن عباس، وزاد ابن زيد: والله أكبر، وقيل: إلى القرآن، وقيل: إلى القول الذي يلتذونه ويشتهونه وتطيب به نفوسهم، وقيل: إلى ذكر الله فهم به يتنعمون ” وهدوا إلى صراط الحميد ” والحميد: هو الله المستحق للحمد المتحمد إلى عباده بنعمته، عن الحسن، أي الطالب منهم أن يحمدوه وصراط الحميد: هو طريق الاسلام وطريق الجنة. وفي قوله سبحانه. ” ورزق كريم ” يعني نعيم الجنة فإنه أكرم دار. وفي قوله تعالى: ” اولئك هم الوارثون ” أي يرثون منازل أهل النار من الجنة، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: مامنكم من أحد إلا له منزلان: منزل في الجنة، ومنزل في النار، فإن مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله ” الذين يرثون الفردوس ” هو اسم من أسماء الجنة، ولذلك انث فقال: ” هم فيها خالدون ” وقيل: هو اسم لرياض الجنة، وقيل: هي جنة مخصوصة، ثم اختلف في أصله فقيل: هو اسم رومي فعرب، وقيل: هو عربي وزنه فعلول، وهو البستان الذي فيه كرم. وقال الجبائي: معنى الوراثة هنا أن الجنة ونعيمها يؤول إليهم من غير اكتساب كما يؤول المال إلى الوارث من غير اكتساب. وفي قوله تعالى: ” كان على ربك وعدا مسئولا ” قال ابن عباس: معناه أن الله


[ 92 ]

سبحانه وعد لهم الجزاء فسألوه الوفاء فوفى، وقيل: إن الملائكة سألوا الله ذلك لهم فاجيبوا إلى مسألتهم، وذلك قولهم: ” ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم (1) ” وقيل: إنهم سألوا الله تعالى في الدنيا الجنة بالدعاء فأجابهم في الآخرة إلى ما سألوا. وفي وقوله تعالى: ” اولئك يجزون الغرفة ” أي يثابون الدرجة الرفيعة في الجنة ” بما صبروا ” على أمر ربهم وطاعة نبيهم، وقيل: هي غرف الزبرجد والدر والياقوت. والغرفة في الاصل: بناء فوق بناء، وقيل: الغرفة اسم لاعلى منازل الجنة وأفضلها، كما أنها في الدنيا أعلى المساكن ” ويلقون فيها تحية وسلاما ” أي تتلقاهم الملائكة فهيا بالتحية وهي كل قول يسر به الانسان وبالسلام بشارة لهم بعظيم الثواب، وقيل: التحية الملك العظيم، والسلام جميع أنواع السلامة، وقيل: التحية: البقاء الدائم، وقال الكلبي: يحيي بعضهم بعضا بالسلام ويرسل إليهم الرب بالسلام. وفي قوله تعالى: ” فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين ” أي لا يعلم أحد ما خبي لهؤلاء الذين ذكروا مما تقر به أعينهم، قال ابن عباس: هذا مالا تفسير له فالامر أعظم وأجل مما يعرف تفسيره. وقد ورد في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله يقول أعددت لعبادي الصالحين، مالا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله (1) ما أطلعتكم عليه، اقرؤوا إن شئتم: ” فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين “. رواه البخاري ومسلم جميعا. وقد قيل في فائدة الاخفاء وجوه: أحدها: أن الشئ إذا عظم خطره وجل قدره لا تستدرك صفاته على كنه الا بشرح طويل ومع ذلك فيكون إبهامه أبلغ.


[ 1 ] غافر: 8. [ 2 ] بله ككيف بمعنى دع واترك، قال في النهاية: في حديث نعيم الجنة: ولا خطر على قلب بشر بله ما اطلعتم عليه. بله من اسماء الافعال بمعنى دع واترك، تقول: بله زيدا، وقد يوضع موضع المصدر ويضاف فيقال بله زيد أي ترك زيد. وقوله: ما اطلعتم عليه يحتمل ان يكون منصوب المحل ومجروره على التقديرين، والمعنى: دع ما اطلعتم عليه من نعيم الجنة وعرفتموه من لذاتها. منه عفى عنه

[ 93 ]

وثانيها: أن قرارات العيون غير متناهية فلا يمكن العلم بتفاصيلها. وثالثها: أنه جعل ذلك في مقابلة صلاة الليل وهي خفية فكذلك ما بإزائها من جزائها، ويؤيد ذلك ماروي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما من حسنة إلا ولها ثواب مبين في القرآن إلا صلاة الليل، فإن الله عز اسمه لم يبين ثوابها لعظم خطرها ” فلا تعلم نفس ” الآية. وقرة العين: رؤية ما تقر به العين، يقال: أقر الله عينك، أي صادف فؤادك ما يرضيك فتقر عينك حتى لا تطمح بالنظر إلى ما فوقه، وقيل: هي من القر أي البرد، لان المستبشر الضاحك يخرج من شؤون عينيه دمع بارد، والمحزون المهموم يخرج من عينيه دمع حار. قوله تعالى: ” نزلا بما كانوا يعملون ” أي عطاء بما كانوا يعملون، وقيل: ينزلهم الله فيها نزلا كما ينزل الضيف، يعني أنهم في حكم الاضياف. وفي قوله تعالى: ” تحيتهم يوم يلقونه سلام ” أي يحيي بعضهم بعضا يوم يلقون ثواب الله بأن يقولوا: السلامة لكم من جميع الآفات، ولقاء الله سبحانه معناه: لقاء ثوابه. وروي عن البراء بن عازب أنه قال: يوم يلقون ملك الموت لا يقبض روح مؤمن إلا سلم عليه. فعلى هذا يكون المعنى: تحية المؤمن من ملك الموت يوم يلقونه أن يسلم عليهم، وملك الموت مذكور في الملائكة ” وأعد لهم أجرا كريما ” أي ثوابا جزيلا. وفي قوله تعالى: ” فاولئك لهم جزاء الضعف ” أي يضاعف الله حسناتهم فيجزي بالحسنة الواحدة عشرا إلى ما زاد، والضعف اسم الجنس يدل على القليل والكثير. وفي قوله سبحانه: ” وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ” أخبر سبحانه عن حالهم أنهم إذا دخلوها يقولون: الحمد لله اعترافا منهم بنعمته، لا على وجه التكليف وشكرا له على أن أذهب الغم الذي كانوا عليه في دار الدنيا عنهم، وقيل: يعنون الحزن الذي أصابهم قبل دخول الجنة، لانهم كانوا يخافون دخول النار إذا كانوا مستحقين لذلك، فإذا تفضل الله عليهم بإسقاط عقابهم وأدخلم الجنة حمدوه على ذلك وشكروه ” إن ربنا لغفور ” لذنوب عباده ” شكور ” يقبل اليسير من محاسن أعمالهم، وقيل: إن شكره سبحانه هو مكافاته لهم على الشكر له والقيام بطاعته ” الذي


[ 94 ]

أحلنا دار المقامة ” أي أنزلنا دار الخلود يقيمون فيها أبدا لا يموتون ولا يتحولون عنها ” من فضله ” أي ذلك بتفضله وكرمه ” لا يمسنا فيها نصب ” أي لا يصينا في الجنة عناء ومشقة ” ولا يمسنا فيها لغوب ” أي أعياء ومتعبة في طلب المعاش. وفي قوله تعالى: ” إن أصحاب الجنة اليوم في شغل ” شغلهم النعيم الذي شملهم وغمرهم بسروره عما فيه أهل النار من العذاب، عن الحسن والكلبي، فلا يذكرونهم ولا يهتمون بهم وإن كانوا أقاربهم، وقيل: شغلوا بافتضاض العذاري، عن ابن عباس وابن مسعود، وهو المروي عن الصادق عليه السلام، قال: وحواجبهن كالاهلة وأشفار أعينهن كقوادم النسور. وقيل: باستماع الالحان، عن وكيع، وقيل: شغلهم في الجنة سبعة أنواع من الثواب لسبعة أعضاء: فثواب الرجل بقوله: ” ادخلوها بسلام آمنين ” وثواب اليد: ” يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ” وثواب الفرج: ” وحور عين ” وثواب الفم: ” كلوا واشربوا هنيئا ” الاية، وثواب اللسان: ” وآخر دعواهم ” الآية، وثواب الاذن: ” لا يسمعون فيها لغوا ” ونظائرها، وثواب العين: ” وتلذ الاعين “. ” فاكهون ” أي فرحون، عن ابن عباس، وقيل: ناعمون معجبون بماهم فيه، قال أبو زيد: الفكه: الطيب النفس الضحوك، رجل فكه وفاكه، ولم يسمع لهذا فعل في الثلاثي. وقال أبو مسلم: إنه مأخوذ عن الفكاهة فهو كناية عن الاحاديث الطيبة. وقيل: فاكهون: ذووفاكهة، كما يقال: لاحم شاحم، أي ذو لحم وشحم، وعاسل ذوعسل ” هم وأزواجهم في ظلال ” أي هم وحلائلهم في الدنيا ممن وافقهم على إيمانهم في أستار عن وهج النار وسمومها، فهم في مثل تلك الحال الطيبة من الظلال التي لا حر فيها ولابرد، وقيل: أزواجهم التي زوجهم الله تعالى من الحور العين في ظلال أشجار الجنة، وقيل في ظلال تسترهم من نظر العيون إليهم ” على الارائك ” وهي السرر عليها الحجال، وقيل هي الوسائد ” متكؤن ” أي جالسون جلوس الملوك، إذ ليس لهم من الاعمال شئ، قال الازهري: كل ما اتكئ عليه فهو أريكة ” لهم فيها ” أي في الجنة ” فاكهة ولهم ما يدعون ” أي ما يتمنون ويشتهون، قال أبو عبيدة: تقول العرب: ادع علي ما شئت، أي تمن علي، وقيل: معناه أن كل من يدعي شيئا فهو


[ 95 ]

له بحكم الله تعالى، لانه قد هذب طباعهم فلا يدعون إلا ما يحسن منهم، قال الزجاج: هو مأخوذ من الدعاء، يعني أن أهل الجنة كل ما يدعونه يأتيهم ” سلام ” أي لهم سلام، ومنى أهل الجنة أن يسلم الله عليهم ” قولا ” أي يقوله الله قولا ” من رب رحيم ” بهم يسمعونه من الله فيؤذنهم بدوام الامن والسلامة مع سبوغ النعمة والكرامة، وقيل: إن الملائكة تدخل عليهم من كل باب يقولون: سلام عليكم من ربكم الرحيم. وفي قوله تعالى: ” اولئك لهم رزق معلوم ” جعل لهم التصرف فيه وحكم لهم به في الاوقات المستأنفة في كل وقت شيئا معلوما مقدرا ” فواكه ” هي جمع فاكهة يقع على الرطب واليابس من الثمار، كلها يتفكهون بها ويتنعمون بالتصرف فيها ” وهم مكرمون ” مع ذلك أي معظمون مبجلون ” في جنات النعيم ” أي وهم مع ذلك في بساتين فيها أنواع النعيم ” على سرر متقابلين ” يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض، ولايرى بعضهم قفا بعض ” يطاف عليهم بكأس ” وهو الاناء بما فيه من الشراب ” من معين ” أي من خمر جارية في أنهار ظاهرة العيون، وقيل: شديدة الجري. ثم وصف الخمر فقال: ” بيضاء ” وصفها بالبياض لانها في نهاية الرقه مع الصفاء واللطافة النورية التي لها، قال الحسن: خمر الجنة أشد بياضا من اللبن، وذكر أن قراءة ابن مسعود ” صفراء ” فيحتمل أن يكون بيضاء الكأس صفراء اللون ” لذة ” أي لذيذة للشاربين ليس فيها ما يعتري خمر الدنيا من المرارة والكراهة ” لا فيها غول ” أي لا يغتال عقولهم فيذهب بها ولا يصيبهم منها وجع في البطن ولا في الرأس، ويقال للوجع غول لانه يؤدي إلى الهلاك ” ولاهم عنها ينزفون ” قرأ أهل الكوفة غير عاصم ” ينزفون ” بكسر الزاي، والباقون بفتحها، وكذلك في سورة الواقعة إلا عاصم، فإنه قرأههنا بفتح الزاي، وهناك بكسرها، قال أبو علي: يكون أنزف على معنيين: أحدهما بمعنى سكر، والآخر بمعنى أنفد شرابه، فمن قرأ ” ينزفون ” يجوزأن يريد: لا يسكرون عند شربها، ويجوز أن يريد: لا ينفد ذلك عندهم كما ينفد شراب أهل الدنيا، ومن قرأ بالفتح فهو من نزف الرجل فهو منزوف ونزيف: إذا ذهب عقله بالسكر. قال ابن عباس: معناه


[ 96 ]

ولا يبولون، قال: وفي الخمر أربع خصال: السكر، والصداع، والقئ، والبول، فنزه الله سبحانه خمر الجنة عن هذه الخصال. ” وعندهم قاصرات الطرف ” قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهن لحبهن إياهم، وقيل: معناه لا يفتحن أعينهن دلالا وغنجا ” عين ” أي واسعات العيون، والواحدة عيناء وقيل: هي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها، عن الحسن ” كأنهن بيض مكنون ” شبههن ببيض النعام يكنه بالريش من الريح والغبار، عن الحسن وابن زيد، وقيل شبههن ببطن البيض قبل أن يقشر وقبل أن تمسه الايدي، والمكنون: المصون ” فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون ” يعني أهل الجنة يسأل بعضهم بعضا عن أحوالهم من حيث بعثوا إلى أن ادخلوا الجنة، فيخبر كل صاحبه بإنعام الله عليه ” قال قائل منهم ” أي من أهل الجنة ” إني كان لي قرين ” في الدنيا، أي صاحب يختص بي إما من الانس على قول ابن عباس أو من الشياطين على قول مجاهد ” يقول ” لي على وجه الانكار علي والتجهين لفعلي ” أءنك لمن المصدقين ” بيوم الدين وبالبعث والنشور والحساب والجزاء ” أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمدينون ” أي مجزيون محاسبون ” قال هل أنتم مطلون ” أي ثم قال هذا المؤمن لاخوإنه في الجنة هل أنتم مطلعون على موضع من الجنة يرى منه هذا القرين ؟ يقال: اطلع إلى كذا: إذا أشرف عليه، والمعنى هل تؤثرون إن تروا مكان هذا القرين في النار ؟ وفي الكلام حذف: أي فيقولون له: نعم اطلع أنت فأنت أعرف بصاحبك، قال الكلبي: وذلك لان الله تعالى جعل لاهل الجنة كوة ينظرون منها إلى أهل النار ” فاطلع فرآه في سواء الجحيم ” أي فاطلع هذا المؤمن فرآى قرينه في وسط النار ” قال ” أي فقال له المؤمن ” تالله إن كدت لتردين ” (إن) مخففه من الثقيلة، اقسم بالله سبحانه على وجه التعجب إنك كدت تهلكني بما قلته لي ودعوتني إليه حتى يكون هلاكي كهلاك المتردي من شاهق ” ولولا نعمة ربي ” علي بالعصمة واللطف والهداية حتى آمنت ” لكنت من المحضرين ” معك في النار، ولا يستعمل أحضر مطلقا إلا في الشر، قال قتادة: فوالله لولا أن الله عرفه إياه لما كان يعرفه لقد تغير حبره وسبره، أي حسنه وسيماؤه ” أفما نحن بميتين إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين ” أي يقول المؤمن


[ 97 ]

لهذا القرين على وجه التقريع: ألست كنت تقول في الدنيا: إنا لا نموت إلا الموتة التي تكون في الدنيا ولا نعذب ؟ فقد ظهر الامر بخلاف ذلك، وقيل: إن هذا من قول أهل الجنة بعضهم لبعض على وجه إظهار السرور بدوام نعيم الجنة، ولهذا عقبه بقوله: ” إن هذا لهو الفوز العظيم ” معناه: أفما نحن بميتين في هذه الجنة إلا موتتنا التي كانت في الدنيا وما نحن بمعذبين كما وعدنا الله تعالى ؟ ويريدون التحقيق لا الشك، قالوه سرورا وفرحا، كقوله: أبطحاء مكة هذا الذي * أراه عيانا وهذا أنا ؟ ” لمثل هذا فليعمل العاملون ” هذا من تمام الحكاية عن قول أهل الجنة، وقيل: إن هذا من قول الله سبحانه. وفي قوله تعالى: وإن للمتقين لحسن مآب ” أي حسن مرجع ومنقلب يرجعون في الآخرة إلى ثواب الله ومرضاته، ثم فسر حسن المآب بقوله: ” جنات عدن ” فهي في موضع جر على البدل، (1) أي جنات إقامة وخلود ” مفتحة لهم الابواب ” أي يجدرون أبوابها مفتوحة حين يردونها، ولا يحتاجون إلى الوقوف عند أبوابها حتى تفتح لهم، وقيل: أي لا يحتاجون إلى مفاتيح بل تنفتح بغير مفتاح وتنغلق بغير مغلاق، وقال الحسن يكلم يقال: انفتحي انغلقي، وقيل: معناه أنها معدة لهم غير ممنوعين منها، وإن لم تكن أبوابها مفتوحة لهم قبل مصيرهم، كما يقول الرجل لغيره: متى نشطت لزيارتي فالباب مفتوح، والدست مطروح ” متكئين فيها ” أي مسندين فيها إلى المساند جالسين جلسة الملوك ” يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب ” أي يحكمون في ثمارها وشرابها، فإذا قالوا لشئ منها: أقبل حصل عندهم ” وعندهم قاصرات الطرف ” أي أزواج قصرن طرفهن على أزواجهن، راضيات بهم، مالهن في غيرهم رغبة والقاصر: نقيض الماد، يقال: فلان قاصر طرفه عن فلان وماد عينه إلى فلان ” أتراب ” أي أقران على سن واحد ليس فيهن عجائز ولا هرمة، وقيل: أمثال وأشباه، عن مجاهد، أي * (هامس) * [ 1 ] في هامش نسخة المصنف بخطه الشريف: كذا في نسخ المجمع، والظاهر: في موضع نصب، وقال في الجوامع: عطف بيان لحسن مآب. منه


[ 98 ]

متساويات في الحسن ومقدار الشباب، لا يكون لواحدة على صاحبتها فضل في ذلك، وقيل: أتراب على مقدار سن الازواج كل واحدة منهن ترب زوجها ولا تكون أكبر منه، قال الفراء: الترب: اللدة، مأخوذ من اللعب بالتراب، ولايقال: إلا في الاناث. ” هذا ما توعدون ” أي ما يوعد به المتقون، أو يخاطبون فيقال لهم هذا القول ” ليوم الحساب ” أي ليوم الجزاء ” إن هذا لرزقنا ” اي عطاؤنا المتصل ” ماله من نفاد ” أي فناء وانقطاع لانه على سبيل الدوام، عن قتادة، وقيل: إنه ليس لشئ في الجنة نفاد، ما اكل من ثمارها خلف مكانه مثله، وما اكل من حيوانها وطيرها عاد مكانه حيا، عن ابن عباس. وفي قوله تعالى: ” لهم غرف ” أي قصور في الجنة ” من فوقها غرف ” قصور مبنية، وهذا في مقابلة قوله: ” لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ” فإن في الجنة منازل رفيعة بعضها فوق بعض، وذلك أن النظر من الغرف إلى الخضر والمياه أشهى وألذ ” وعد الله ” أي وعدهم الله تلك الغرف والمنازل وعدا. وفي قوله تعالى: ” وقهم السيئات ” أي عذاب السيئات، ويجوز أن يكون العذاب هو السيئات، وسماه السيئات اتساعا كما قال: ” وجزاء سيئة سيئة مثلها “. وفي قوله: ” يرزقون فيها بغير حساب ” أي زيادة على ما يستحقونه تفضلا منه تعالى، ولو كان على مقدار العمل فقط لكان بحساب، وقيل: معناه: لا تبعة عليهم فيما يعطون من الخير في الجنة. وفي قوله تعالى: ” ولكم فيها ” أي في الآخرة ” ما تشتهي أنفسكم ” من الملاذ وتتمنونه من المنافع ” ولكم فيها ما تدعون ” إنه لكم فإنه سبحانه يحكم لكم بذلك، وقيل: إن المراد بقوله: ” ما تشتهي أنفسكم ” البقاء لانهم كانوا يشتهون البقاء في الدنيا، أي لكم فيها ما كنتم تشتهونه من البقاء ولكم فيها ما كنتم تتمنونه من النعيم ” نزلا من غفور رحيم ” معناه أن هذا الموعود به مع جلالته في نفسه له جلالة بمعطيه إذ هو عطاء لكم ورزق مجرى عليكم ممن يغفر الذنوب ويستر العيوب رحمة منه لعباده فهو أهنأ لكم وأكمل لسروركم.


[ 99 ]

وفي قوله تعالى: ” الذين آمنوا بآياتنا ” أي صدقوا بحججنا ودلائلنا واتبعوها ” وكانوا مسلمين ” أي مستسلمين لامرنا خاضعين منقادين، ثم بين سبحانه ما يقال لهم بقوله: ” ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم ” اللاتي كن مؤمنات مثلكم، وقيل: أزواجكم من الحور العين في الجنة ” تحبرون ” أي تسرون وتكرمون ” يطاف عليهم بصحاف ” أي بقصاع من ذهب فيها ألوان الاطعمة ” وأكواب ” أي كيزان لا عرى لها، وقيل: بآنية مستديرة الرأس، اكتفى سبحانه بذكر الصحاف والاكواب عن ذكر الطعام والشراب ” وفيها ما تشتهيه الانفس ” من أنواع النعيم المشروبة والمطعومة والملبوسة والمشمومة وغيرها ” وتلذ الاعين ” بالنظر إليه، قد جمع الله سبحانه بذلك مالو اجتمع الخلائق كلهم على أن يصفوا ما في الجنة من أنواع النعيم لم يزيدوا على ما انتظمته هاتان اللفظتان. وفي قوله تعالى: ” في مقام أمين ” أمنوا فيه الغير من الموت والحوادث، وقيل: أمنوا من الشيطان والاحزان ” يلبسون من سندس وإستبرق ” قيل: السندس: ما يلبسونه والاستبرق: ما يفترشونه ” متقابلين ” في المجالس، وقيل متقابلين بالمحبة لا متدابرين بالبغضة ” كذلك ” حال أهل الجنة ” وزوجناهم بحور عين ” قال الاخفش: المراد به التزويج المعروف، وقال غيره: لا يكون في الجنة تزويج، والمعنى: وقرناهم بحور عين ” يدعون فيها بكل فاكهة آمنين ” أي يستدعون فيها بأي ثمرة شاؤوا واشتهوه غير خائفين فوتها، آمنين من نفادها ومضرتها، وقيل: آمنين من التخم والاسقام والاوجاع ” لا يذوقون فيها الموت ” شبه الموت بالطعام الذي يذاق ويتكره عند المذاق، ثم نفى ذلك أن يكون في الجنة، وإنما خصهم بأنهم لا يذوقون الموت مع أن جميع أهل الآخرة لا يذوقون الموت لما في ذلك من البشارة لهم بالحياة الهنيئة في الجنة، فأما من يكون فيما هو كالموت في الشدة فإنه لا يطلق له هذه الصفة، لانه يموت موتات كثيرة بما يقاسيه من العقوبة ” إلا الموتة الاولى ” قيل: معناه: بعد الموتة الاولى، وقيل: معناه: لكن الموتة الاولى قد ذاقوها، وقيل: سوى الموتة الاولى ” ووقاهم عذاب الجحيم ” أي فصرف عنهم عذاب النار، استدلت المعتزلة بهذا على أن الفاسق الملي لا يخرج من النار لانه لا يكون قد وقي النار، والجواب عن ذلك أن هذه الآية يجوز أن تكون


[ 100 ]

مختصة بمن لا يستحق دخول النار فلا يدخلها، أو بمن استحق فيفضل عليه بالعفو فلا يدخلها، ويجوز أن يكون المراد: وقاهم عذاب الجحيم على وجه التأييد، أو على الوجه الذي يعذب عليه الكفار ” فضلا من ربك ” أي فعل الله ذلك بهم تفضلا منه، لانه سبحانه خلقهم وأنعم عليهم، وركب فيهم العقل وكلفهم، وبين لهم من الآيات ما استدلوا به على وحدانية الله تعالى وحسن الطاعات فاستحقوا به النعم العظيمة، ثم جزاهم بالحسنة عشر أمثالها فكان ذلك فضلا منه عز اسمه، وقيل: إنما سماه فضلا وإن كان مستحقا لان سبب الاستحقاق هو التكليف والتمكين، وهو فضل منه تعالى ” ذلك هو الفوز العظيم ” أي الظفر بالمطلوب العظيم الشأن. وفي قوله تعالى: ” عرفها لهم ” أي بينها لهم أي بينها لهم حتى عرفوها إذا دخلوها، وتفرقوا إلى منازلهم وكانوا أعرف بها من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم، عن ابن جبير وأبي سعيد الخدري وقتادة ومجاهد وابن زيد، وقيل: معناه: بينها لهم وأعلمهم بوصفها على ما يشوق إليها فيرغبون فهيا ويسعون لها، عن الجبائي، وقيل: معناه: طيبها لهم، عن ابن عباس في رواية عطاء، من العرف وهو الرائحة الطيبة، يقال: طعام معرف أي مطيب. وفي قوله جل وعلا: ” من ماء غير آسن ” أي غير متغير لطول المقام كما تتغير مياه الدنيا ” وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ” فهو غير حامض ولا قارص (1) ولا يعتريه شئ من العوارض التي تصيب الالبان في الدنيا ” وأنهار من خمر لذة للشاربين ” أي لذيدة يلتذون بشربها ولا يتأذون بها ولا بعاقبتها، بخلاف خمر الدنيا التي لا تخلو من المرارة والسكر والصداع ” وأنهار من عسل مصفى ” أي خالص من الشمع و الرغوة والقذى ومن جميع الاذى والعيوب التي تكون لعسل الدنيا ” ولهم فيها من كل الثمرات ” مما يعرفون اسمها ومما لا يعرفون، مبرأة من كل مكروه يكون لثمرات الدنيا ” ومغفرة من ربهم ” أي ولهم مع هذا مغفرة من ربهم وهو أنه يستر ذنوبهم وينسيهم إساءتهم حتى لا يتنغص عليهم نعيم الجنة.


[ 1 ] في هامش نسخة المصنف بخطه الشريف: القارص: اللبن الذى يحذى اللسان ويؤثر فيه. منه

[ 101 ]

وفي قوله سبحانه: ” وازلفت الجنة للمتقين ” أي قربت الجنة وادنيت للذين اتقوا الشرك والمعاصي حتى يروا ما فيها من النعيم ” غير بعيد ” أي هي قريبة منهم لا يلحقهم ضرر ولا مشقة في الوصول إليها، وقيل: معناه: ليس ببعيد مجئ ذلك فإن كل آت قريب ” هذا ما توعدون ” أي ما وعدتم به من الثواب على ألسنة الرسل ” لكل أواب ” أي تواب رجاع إلى الطاعة، وقيل: لكل مسبح، عن ابن عباس و عطاء ” حفيظ ” لما أمر الله به، متحفظ عن الخروج إلى مالا يجوز من سيئة تدنسه أو خطيئة تحط منه وتشينه ” من خشي الرحمن بالغيب ” أي من خاف الله وأطاعه وآمن بثوابه وعقابه ولم يره، وقيل: أي في الخلوة بحيث لا يراه أحد ” وجاء بقلب منيب ” أي داوم على ذلك حتى وافى الآخرة بقلب مقبل على طاعة الله راجع إلى الله بضمائره ” ادخلوها بسلام ” أي يقال لهم: ادخلوا الجنة بأمان من كل مكروه، وسلامة من كل آفة، وقيل: بسلام من الله وملائكته عليهم ” ذلك يوم الخلود ” الوقت الذي يبقون فيه في النعيم مؤبدين لا إلى غاية ” لهم ما يشاؤن فيها ” أي ما تشتهيه أنفسهم من أنواع النعم ” ولدينا مزيد ” أي وعندنا زيادة على ما يشاؤونه مما لم يخطر ببالهم ولم تبلغه أمانيهم، وقيل: هو الزيادة على مقدار استحقاقهم من الثوات بأعمالهم. وقال البيضاوي في قوله تعالى: ” وفي السماء رزقكم “: أي أسباب رزقكم أو تقديره، وقيل: المراد بالسماء: السحاب، وبالرزق: المطر، فإنه سبب الاقوات ” وما توعدون ” من الثواب، لان الجنة فوق السماء السابعة، أو لان الاعمال و ثوابها مكتوبة مقدرة في السماء، وقيل: إنه مستأنف، خبره: ” فورب السماء والارض إنه لحق “. وقال الطبرسي رحمه الله في قوله عزوجل: ” فاكهين بما آتاهم ربهم ” أي متنعمين بما أعطاهم ربهم من أنواع النعيم، وقيل: أي معجبين بما آتاهم ربهم ” كلوا واشربوا ” أي يقال لهم ذلك ” هنيئا ” أي مأمون العاقبة من التخمة والسقم ” متكئين على سرر مصفوفة ” المصفوفة: المصطفة الموصول بعضها ببعض، وقيل: إن في الكلام حذفا تقديره: متكئين على نمارق موضوعة على سرر، لكنه حذف لان اللفظ يدل عليه


[ 102 ]

من حيث إن الاتكاء جلسة راحة ودعة، ولا يكون ذلك إلا على الوسائد والنمارق ” وزوجناهم بحور عين ” فالحور البيض النقيات البياض في حسن وكمال، والعين: الواسعات الاعين في صفاء وبهاء ومعناه: قرنا هؤلاء المتقين بحور عين على وجه التمتيع لهم و التنعيم، وعن زيد بن أرقم قال: جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ؟ فقال: والذي نفسي بيده إن الرجل منهم ليؤتى قوة مائة رجل على الاكل والشرب والجماع، قال: فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة ! فقال: عرق يفيض مثل ريح المسك فإذا كان ذلك ضمر له بطنه ” وأمددناهم بفاكهة ” أي أعطيناهم حالا بعد حال فإن الامداد هو الاتيان بالشئ بعد الشئ يتنازعون فيها كأسا ” أي يتعاطون كأس الخمر هم وجلساؤهم بتجاذب ” لا لغو فيها ولا تأثيم ” أي لا يجري بينهم باطل لان اللغو مايلعى، ولا ما فيه إثم كما يجري في الدنيا من شرب الخمر، والتأثيم تفعيل من الاثم يقال: أثمه: إذا جعله ذا إثم، يعني أن تلك الكأس لا تجعلهم آثمين، وقيل: معناه: لا يتسابون عليها ولا يؤثم بعضهم بعضا ” ويطوف عليهم ” للخدمة ” غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون ” في الحسن والصباحة والصفاء والبياض. والمكنون: المصون المخزون، وقيل: إنه ليس على الغلمان مشقة في خدمة أهل الجنة، بل لهم في ذلك اللذة والسرور، إذ ليست تلك الدار دار محنة، وذكر عن الحسن أنه قال: قيل: يارسول الله الخادم كاللؤلؤ فكيف المخدوم ؟ فقال: والذي نفسي بيده إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ” وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون ” أي يتذاكرون ما كانوا فيه من التعب والخوف في الدنيا، عن ابن عباس، وهو قوله: ” قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ” أي خائفين في دار الدنيا من العذاب ” فمن الله علينا ” بالمغفرة ” ووقينا عذاب السموم ” أي عذاب جهنم، والسموم من أسماء جهنم، عن الحسن، وقيل: إن المعني: يسأل بعضهم بعضا عما فعلوه في الدنيا فاستحقوا به المصير إلى الثواب والكون في الجنان فيقولون: إنا كنا في دار التكليف مشفقين أي خائفين رقيقي القلب، والسموم: الحر الذي يدخل في مسام البدن يتألم به، وأصله من السم الذي هو


[ 103 ]

مخرج النفس، وكل خرق سم، أو من السم الذي يقتل، قال الزجاج: يريد عذاب سموم جهنم وهو ما يوجد من لفحها وحرها ” إنا كنا من قبل ” أي في الدنيا ” ندعوه ” أي ندعو الله ونوحده ونعبده ” إنه هو البر ” أي اللطيف، وقيل: الصادق فيما وعده ” الرحيم ” بعباده. وفي قوله تعالى: ” إن المتقين في جنات ونهر ” أي أنهار، لانه اسم جنس يقع على القليل والكثير، والنهر هو المجري الواسع من مجاري الماء ” في مقعد صدق ” أي مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم، وقيل: وصفه بالصدق لكونه رفيعا مرضيا، و قيل: لدوام النعيم به، وقيل: لان الله صدق وعد أوليائه فيه ” عند مليك مقتدر ” أي عند الله سبحانه، فهو المالك القادر الذي لا يعجزه شئ، وليس المراد قرب المكان، بل إنهم في كنفه وجواره وكفايته حيث تنالهم غواشي رحمته وفضله. وقال البيضاوي في قوله تعالى: ” ولمن خاف مقام ربه ” أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب، أو قيامه على أحواله، من قام عليه: إذا راقبه، أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين، فأضاف إلى الرب تفخيما وتهويلا ” جنتان ” جنة للخائف الانسي، وجنة للخائف الجني، فإن الخطاب للفريقين، والمعنى: لكل خائفين منكما أو لكل واحد جنة لعقيدته، واخرى لعمله، أو جنة لفعل الطاعات واخرى لترك المعاصي، أو جنة يثاب بها، واخرى يتفضل بها عليه، أو روحانية و جسمانية، وكذا ما جاء مثنى بعد. وقال الطبرسي رحمه الله: أي جنة عدن، وجنة النعيم، وقيل: بستانان: إحديهما داخل القصر، والاخرى خارج القصر، كما يشتهي الانسان في الدنيا، وقيل: إحدى الجنتين منزله، والاخرى منزل أزواجه وخدمه، وقيل: جنة من ذهب وجنة من فضة. وقال البيضاوي ” ذواتا أفنان “: أنواع من الاشجار والثمار، جمع فن، أو أغصان جمع فنن، وهي الغصنة التي تنشعب من فرع الشجر، وتخصيصها بالذكر لانها التي تورق وتثمر وتمد الظل ” فيهما عينان تجريان ” حيث شاؤوا في الاعالي


[ 104 ]

والاسافل، وقيل: إحداهما التسنيم، والاخرى السلسبيل ” فيهما من كل فاكهة زوجان ” صنفان: غريب ومعروف، أو رطب ويابس. وقال الطبرسي ” بطائنها من إستبرق “: أي من ديباج غليظ، ولم يذكر الظهارة لان البطانة تدل على أن الظهارة فوق الاستبرق، وقيل: إن الظهارة من سندس وهو الديباج الرقيق، وروي عن ابن مسعود أنه قال: هذه البطائن فما ظنكم بالظهائر ؟ وقيل لسعيد بن جبير: البطائن من إستبرق فما الظهائر ؟ قال: هذا مما قال الله: ” فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين ” ” وجنا الجنتين دان ” الجنى: الثمر المجتنى، أي تدنو الثمرة حتى يجنيها ولي الله إن شاء قائما وإن شاء قاعدا، عن ابن عباس، وقيل: ثمار الجنتين دانية إلى أفواه أربابها فيتناولونها متكئين، فإذا اضطجعوا نزلت بإزاء أفواههم فيتناولونها مضطجعين، لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك، عن مجاهد ” فيهن ” أي في الفرش التي ذكرها، أو في الجنان لانها معلومة ” قاصرات الطرف ” على أزواجهن، قال أبو ذر (ابن زيد خ ل): إنها تقول لزوجها: وعزة ربي ما أرى شيئا في الجنة أحسن منك، فالحمد لله الذي جعلني زوجك، وجعلك زوجي ” لم يطمثهن ” أي لم يقتضهن، و الاقتضاض: النكاح بالتدمية، (1) المعنى: لم يطأهن ولم يغشهن ” إنس قبلهم ولا جان ” فهن أبكار لانهن خلقن في الجنة، فعلى هذا القول هن من حور الجنة، وقيل: هن من نساء الدنيا لم يمسسهن منذ انشئن خلق، عن الشعبي والكلبي، أي لم يجامعهن في هذا الخلق الذي انشئن فيه إنس ولا جان، قال الزجاج: في هذه الآية دليل على أن الجني يغشى كما يغشى الانسي، وقال ضمرة بن حبيب: فيها دليل على أن للجن ثوابا وأزواجا من الحور، فالانسيات للانس، والجنيات للجن، قال البلخي: والمعنى أن ما يهب الله لمؤمني الانس من الحور لم يطمثهن إنس، وما يهب الله لمؤمني الجن من الحور لم يطمثهن جان ” كأنهن الياقوت والمرجان ” أي هن على صفاء الياقوت وفي بياض المرجان، عن الحسن وقتادة، وقال الحسن: والمرجان أشد اللؤلؤ بياضا وهو صغاره. وفي الحديث: إن المرأة من أهل الجنة يرى مخ ساقها من وراء


[ 1 ] في المجمع المطبوع: لم يفتضهن، والافتضاض: النكاح بالتدمية.

[ 105 ]

سبعين حلة من حرير. وعن ابن مسعود: يرى كما يرى السلك من وراء الياقوت ” هل جزاء الاحسان إلا الاحسان ” أي ليس جزاء من أحسن في الدنيا إلا أن يحسن إليه في الآخرة، وقيل: هل جزاء من قال: لاإله إلا الله وعمل بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله إلا الجنة ؟ عن ابن عباس، وعن أنس قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الآية فقال: هل تدرون ما يقول ربكم ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن ربكم يقول: هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلا الجنة ؟ وقيل: معناه: هل جزاء من أحسن إليكم بهذه النعم إلا أن تحسنوا في شكره وعبادته ؟. وروى العياشي بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن عثمان بن عيسى، عن علي ابن سالم قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: آية في كتاب الله مسجلة، قلت: ماهي ؟ قال: قول الله تعالى: ” هل جزاء الاحسان إلا الاحسان ” جرت في الكافر والمؤمن و البر والفاجر، ومن صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به، وليس المكافأة أن تصنع كما صنع حتى تربي، (1) فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء. ” ومن دونهما جنتان ” أي ومن دون الجنتين اللتين ذكرناهما جنتان اخريان دون الجنتين الاوليين، فإنهما أقرب إلى قصره ومجالسه في قصره ليتضاعف له السرور بالتنقل من جنة إلى جنة على ما هو معروف من طبع البشر في شهوة مثل ذلك، ومعنى (دون) هنا: مكان قريب من الشئ بالاضافة إلى غيره مما ليس له مثل قربه، وقيل: إن المعنى أنهما دون الجنتين الاوليين في الفضل، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: جنتان من فضة أبنيتهما وما فيهما، وجنتنان من ذهب أبنيتها وما فيهما. وروى العياشي بالاسناد إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك أخبرني عن المؤمن تكون له امرأة مؤمنة يدخلان الجنة يتزوج أحدهما بالآخر ؟ فقال: يا أبا محمد إن الله حكم عدل، إن كان هو أفضل منها خير هو فإن اختارها كانت من أزواجه، وإن كانت هي خيرا منها خيرها فإن اختارته كان زوجا لها. قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقولن: إن الجنة واحدة إن الله يقول:


[ 1 ] أي تعطيه اكثر مما اعطاك.

[ 106 ]

” ومن دونهما جنتان ” ولا تقولن: درجة واحدة إن الله يقول: ” درجات بعضها فوق بعض ” إنما تفاضل القوم بالاعمال، قال: وقلت له: إن المؤمنين يدخلان الجنة فيكون أحدهما أرفع مكانا من الآخر فيشتهي أن يلقى صاحبه، قال: من كان فوقه فله أن يهبط ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد لانه لا يبلغ ذلك المكان ولكنهم إذا أحبوا ذلك واشتهوه التقوا على الاسرة. وعن العلاء بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إن الناس يتعجبون منا إذا قلنا: يخرج قوم من جهنم فيدخلون الجنة، فيقولون لنا: فيكونون مع أولياء الله في الجنة ؟ فقال: يا علاء إن الله يقول: ” ومن دونهما جنتان ” لا والله لا يكونون مع أولياء الله، قلت: كانوا كافرين ؟ قال عليه السلام: لا والله لو كانوا كافرين ما دخلوا الجنة، قلت: كانوا مؤمنين ؟ قال: لا والله لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار ولكن بين ذلك. وتأويل ذلك – لو صح الخبر -: أنهم لم يكونوا من أفاضل المؤمنين وخيارهم. ثم وصف الجنتين فقال: ” مدهامتان ” أي من خضرتهما قد اسودتا من الري، وكل نبت أخضر فتمام خضرته أن يضرب إلى السواد وهو على أتم ما يكون من الحسن ” فيهما عينان نضاختان ” أي فوارتان بالماء تنبع من أصلهما ثم تجريان، عن الحسن، قال ابن عباس: تنضخ () على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور، وقيل: تنضخان بأنواع الخيرات ” فيهما فاكهة ” يعني ألوان الفاكهة ” ونخل ورمان ” وحكى الزجاج عن يونس النحوي أن النخل والرمان من أفضل الفاكهة، وإنما فصلا بالواو لفضلهما ” فيهن ” أي في الجنات الاربع ” خيرات حسان ” أي نساء خيرات الاخلاق حسان الوجوه، روته ام سلمة عن النبي صلى الله عليه وآله. وقيل: ” خيرات ” فاضلات في الصلاح والجمال عن الحسن، حسان في المناظر والالوان، وقيل: إنهن من نساء الدنيا ترد عليهم في الجنة وهن أجل من الحور العين، وقيل: ” خيرات “: مختارات، عن جرير بن عبد الله، وقيل لسن بذربات ولا زفرات ولا نخرات ولا متطلعات ولا متسومات ولا متسلطات ولا طماحات


[ 1 ] نضخ الماء: اشتد فورانه من ينبوعه.

[ 107 ]

ولا طوافات في الطرق ولا يغرن ولا يؤذين. (1) وقال عقبة بن عبد الغافر: نساء أهل الجنة تأخذ بعضهن بأيدي بعضهن ويتغنين بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها: نحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن ونحن خيرات حسان حبيبات لازواج كرام. وقالت عائشة: إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابتهن المؤمنات من نساء الدنيا: نحن المصليات وما صليتن، ونحن الصائمات وما صمتن، ونحن المتوضيات وما توضيتن، ونحن المتصدقات وما تصدقتن، فغلبنهن والله ” حور ” أي بيض حسان البياض، ومنه العين الحوراء إذا كانت شديدة بياض البياض شديدة سواد السواد، وبذلك يتم حسن العين ” مقصورات في الخيام ” أي محبوسات في الحجال، مستورات في القباب، عن ابن عباس وغيره، والمعنى أنهن مصونات مخدرات لا يبتذلن، وقيل: ” مقصورات ” أي قصرن على أزواجهن فلا يردن بدلا منهم، وقيل: إن لكل زوجة خيمة طولها ستون ميلا، عن ابن مسعود، وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الخيمة درة واحدة طولها في الهواء ستون ميلا، في كل زاوية منها أهل للمؤمنين، لا يراه الآخرون. وعن ابن عباس قال: الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ فيها أربعة آلاف مصراع من ذهب. وعن أنس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: مررت ليلة اسرى بي بنهر حافتاه قباب المرجان فنوديت منه: السلام عليك يارسول الله، فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء ؟ قال: هؤلاء حور من الحور العين استأذن ربهن عزوجل أن يسلمن عليك فأذن لهن، فقلن، نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس، أزواج رجال كرام. ثم قرأ صلى الله عليه وآله: ” حور مقصورات في الخيام لم يطمثهن ” الاية. الوجه في التكرير الابانة عن أن صفة الحور المقصورات في الخيام كصفة القاصرات الطرف ” متكئين على رفرف خضر ” أي


[ 1 ] في هامش نسخة المصنف بخطه الشريف: ذرابة اللسان: حدثه. والزفرة التنفس الذى معه صوت، والزفر اول صوت الحمار. والنخير: مد الصوت في الخيشوم، وامرأة منخار: تنخر عند الجماع كأنها مجنونة. والمثسومات: لعله من السوم بمعنى البيع أي بياعات في الاسواق، أو أخاذات بالعنف مجازا، ولعله كان: ” مسوفات ” من التسويف والتأخير أي المماطلة في الوطى. والطماحات: الناظرات إلى من فوقهن أو إلى بيوت الناس، أو من قولهم: طمحت المرأة أي جمحت. منه عفى عنه.

[ 108 ]

على فرش مرتفعة، عن الجبائي، وقيل: الرفرف: رياض الجنة، والواحدة: رفرفة، عن ابن جبير، وقيل: هي المجالس (الطنافس خ ل) عن ابن عباس وغيره، وقيل: هي المرافق يعني الوسائد، عن الحسن ” وعبقري حسان ” أي وزرابي حسان عن ابن عباس وغيره، وهي الطنافس، وقيل: العبقري: الديباج، وقيل: هي البسط، قال القتيبي: كل ثوب موشى فهو عبقري، وهو جمع ولذلك قال: ” حسان “. وفي قوله تعالى: ” ثلة من الاولين ” أي جماعة كثيرة العدد من الاولين من الامم الماضية ” وقليل من الآخرين ” من امة محمد صلى الله عليه وآله، لان من سبق إلى إجابة نبينا صلى الله عليه وآله قليل بالاضافة إلى من سبق إلى إجابة النبيين قبله، عن جماعة من المفسرين، وقيل: معناه: جماعة من أوائل هذه الامة، وقليل من أواخرهم ممن قرب حالهم من حال اولئك ” على سرر موضونة ” أي منسوجة، كما يوضن حلق الدرع فيدخل بعضها في بعض، قال المفسرون: منسوجة بقضبان الذهب مشبكة بالدر والجواهر ” متكئين عليها متقابلين ” أي متحاذين كل واحد منهم بإزاء الآخر، وذلك أعظم في باب السرور ” ويطوف عليهم ولدان ” أي وصفاء وغلمان للخدمة ” مخلدون ” أي باقون لا يموتون ولا يهرمون ولا يتغيرون، وقيل: مقرطون، والخلدة: القرط. واختلف في هذه الولدان فقيل: إنهم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها ولا سيئات فيعاقبون عليها فانزلوا هذه المنزلة، عن علي عليه السلام والحسن، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن أطفال المشركين فقال: هم خدم أهل الجنة. وقيل: هم من خذم الجنة على صورة الولدان خلقوا لخدمة أهل الجنة. ” بأكواب ” وهي القداح الواسعة الرؤوس لاخراطيم لها ” وأباريق ” وهي التي لها خراطيم وعرى، وهو الذي برق من صفاء لونه ” وكأس من معين ” أي ويطوفون أيضا عليهم بكأس من خمر معين، أي ظاهر للعيون جار ” لا يصدعون عنها ” أي لا يأخذهم من شربها صداع، وقيل: لا يتفرقون عنها ” ولا ينزفون ” أي لا تنزف عقولهم بالسكر، أولا يفنى خمرهم على القراءة الاخرى ” وفاكهة مما يتخيرون ” أي مما يختارونه ويشتهونه ” ولحم طير مما يشتهون ” فإن أهل الجنة إذا اشتهوا لحم الطير خلق الله لهم لحم الطير نضيجا حتى لا يحتاج إلى ذبح الطير وإيلامه،


[ 109 ]

قال ابن عباس: يخطر على قلبه الطير فيصير ممثلا بين يديه على ما اشتهى ” وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ” أي الدر المخزون المصون في الصدف لم تمسه الايدي ” لا يسمعون فيها لغوا ” أي مالا فائدة فيه من الكلام ” ولا تأثيما ” أي لا يقول بعضهم لبعض: أثمت لانهم لا يتكلمون بما فيه إثم، عن ابن عباس، وقيل: لا يتخالفون على شرب الخمر ولا يأثمون بشربها كما في الدنيا ” إلا قيلا سلاما سلاما ” أي لا يسمعون إلا قول بعضهم لبعض على وجه التحية: سلاما سلاما، والتقدير: سلمك الله سلاما ” في سدر مخضود ” أي نبق منزوع الشوكة قد خضذ شوكه أي قطع، وقيل: هو الذي خضد بكثرة حمله وذهاب شوكه، وقيل: هو الموقر حملا (1) ” وطلح منضود ” قال ابن عباس وغيره: هو شجر الموز، وقيل: هو شجرله ظل بارد طيب، عن الحسن، وقيل: هو شجر يكون باليمن وبالحجاز من أحسن الشجر منظرا، وإنما ذكر هاتين الشجرتين لان العرب كانوا يعرفون ذلك، فإن عامة أشجارهم ام غيلان ذات أنوار ورائحة طيبة، وروت العامة عن علي عليه السلام أنه قرأ عنده رجل ” وطلح منضود ” فقال: ما شأن الطلح ؟ إنما هو ” وطلع ” كقوله: ” ونخل طلعها هضيم “. فقيل له: ألا نغيره ؟ فقال: إن القرآن لا يغير اليوم ولا يحول، رواه عنه ابنه الحسن عليه السلام وقيس بن سعد، ورواه أصحابنا عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ” وطلح منضود ” قال: لا ” وطلع منضود ” والمنضود الذي بعضه على بعض نضد بالحمل من أو له إلى آخره فليس له سوق بارزة، فمن عروقه إلى أفنانه ثمر كله ” وظل ممدود ” أي دائم لا تنسخه الشمس فهو ثابت لا يزول، وقد ورد في الخبر أن في الجنة شجرة يسير االراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها، اقرؤوا إن شئتم: ” وظل ممدود ” وروي أيضا: أن أوقات الجنة كغدوات الصيف لا يكون فيه حر و لابرد ” وماء مسكوب ” أي مصبوب يجري الليل والنهار ولا ينقطع عنهم فهو مسكوب بسكب الله إياه في مجاريه، وقيل: مصبوب على الخمر ليشرب بالمزاج، وقيل: مسكوب يجري دائما في غير اخدود عن سفيان وجماعة، وقيل: مسكوب ليشرب


[ 1 ] من أوقرت النخلة واوقرت أي كثر حملها.

[ 110 ]

على ما يرى من حسنه وصفائه لا يحتاجون إلى تعب في استقائه ” وفاكهة كثيرة ” أي وثمار مختلفة كثيرة غير قليلة، والوجه في تكرير ذكر الفاكهة البيان عن اختلاف صفاتها، فذكرت أولا بأنها متخيرة، وذكرت هنا بأنها كثيرة ” لا مقطوعة ولا ممنوعة ” أي لا ينقطع كما تنقطع فواكه الدنيا في الشتاء وفي أوقات مخصوصة، ولا تمتنع ببعد متناول أو شوك يوذي اليد كما يكون ذلك في الدنيا، وقيل: إنها لا مقطوعة بالازمان ولا ممنوعة بالاثمان لا يتوصل إليها إلا بالثمن ” وفرش مرفوعة ” أي بسط عالية، كما يقال: بناء مرفوع، وقيل: ” مرفوع ” بعضها فوق بعض، عن الحسن والفراء، وقيل: معناه: ونساء مرتفعات القدر في عقولهن وحسنهن وكمالهن، عن الجبائي، قال: ولذلك عقبه بقوله: ” إنا أنشأناهن إنشاء ” ويقال لامرأة الرجل: فراشه، ومنه قوله صلى الله عليه وآله: الولد للفراش ” إنا أنشأناهن إنشاء ” أي خلقناهن خلقا جديدا، قال ابن عباس: يعني النساء الآدميات والعجز الشمط، يقول: خلقناهن بعد الكبر والهرم في الدنيا خلقا آخر، وقيل: معناه أنشأنا الحور العين كماهن عليه على هيأتهن لم ينتقلن من حال إلى حال كما يكون في الدنيا ” فجعلناهن أبكارا ” أي عذاري، وقيل: لا يأتيهن أزواجهن إلا وجدوهن أبكارا ” عربا ” أي متحننات على أزواجهن متحببات إليهم، وقيل: عاشقات (خاشعات خ ل) لازواجهن، عن ابن عباس، وقيل: العروب اللعوب مع زوجها، آنسة به كما يأنس العرب بكلام العربي ” أترابا ” أي متشابهات مستويات في السن، وقيل: أمثال أزواجهن في السن ” لاصحاب اليمين ” أي هذا الذي ذكرناه لاصحاب اليمين جزاء وثوابا على طاعتهم ” ثلة من الاولين وثلة من الآخرين ” أي جماعة من الامم الماضية، وجماعة من مؤمني هذه الامة، و ذهب جماعة إلى أن الثلتين جميعا من هذه الامة. وفي قوله تعالى: ” قد أحسن الله له رزقا ” أي يعطيه أحسن ما يعطى أحد، و ذلك مبالغة في وصف نعيم الجنة. وفي قوله تعالى: ” أيطمع كل امرئ منهم ” أي من هؤلاء المنافقين ” أن يدخل جنة نعيم ” كما يدخل اولئك الموصوفون قبل هذا، و إنما قال هذا لانهم كانوا يقولون: إن كان الامر على ما قال محمد – صلى الله عليه وآله – فإن لنا في


[ 111 ]

الآخرة عند الله أفضل مما للمؤمنين كما أعطانا في الدنيا أفضل مما أعطاهم ” كلا ” أي لا يكون ذلك ولا يدخلونها. وفي قوله تعالى: ” يشربون من كأس ” إناء فيه شراب ” كان مزاجها ” أي ما يمازجها ” كافورا ” وهو اسم عين ماء في الجنة، ويدل عليه قوله: ” عينا ” وهي كالمفسرة للكافور، وقيل: يعني الكافور الذي له رائحة طيبة، والمعنى: يمازجه ريح الكافور وليس ككافور الدنيا، قال قتادة: يمزج بالكافور ويختم بالمسك وقيل: معناه: طيب بالكافور والمسك والزنجبيل ” عينا يشرب بها عباد الله ” أي أولياؤه، عن ابن عباس، أي هذا الشراب من عين يشربها أولياء الله ” يفجرونها تفجيرا ” أي يقودون تلك العين حيث شاؤوا من منازلهم وقصورهم، عن مجاهد، والتفجير: تشقيق الارض ليجري الماء قال: وأنهار الجنة تجري بغير اخدود، فإذا اراد المؤمن أن يجري نهرا خط خطا فينبع الماء من ذلك الموضع ويجري بغير تعب ” وجزاهم بما صبروا ” أي بصبرهم على طاعته واجتناب معاصيه وتحمل محن الدنيا وشدائدها ” جنة ” يسكنونها ” وحريرا ” من لباس الجنة يلبسونه ويفروشونه ” لا يرون فيها شمسا ” يتأذون بحرها ” ولا زمهريرا ” يتأذون ببرده ” ودانية عليهم ظلالها ” يعني أن أفياء أشجار تلك الجنة قريبة منهم، وقيل: إن ظلال الجنة لا تنسخها الشمس كما تنسخ ظلال الدنيا ” وذللت قطوفها تذليلا ” أي وسخرت وسهل أخذ ثمارها تسخيرا، إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد نزلت عليه حتى ينالها، وإن اضطجع نزلت حتى تنالها يده، وقيل: معناه: لا يرد أيديهم عنها بعدولا شوك ” كانت قواريرا ” أي زجاجا ” قواريرا من فضة ” قال الصادق عليه السلام: ينفذ البصر في فضة الجنة كما ينفذ في الزجاج. والمعنى أن أصلها من فضة فاجتمع لها بياض الفضة وصفاء القوارير فيرى من خارجها ما في داخلها، قال أبو علي: إن سئل فقيل: كيف يكون القوارير من فضة، وإنما القوارير من الرمل دونها ؟ فالقول في ذلك أن الشئ إذا قاربه شئ واشتدت ملابسته له قيل: إنه من كذا وإن لم يكن منه في الحقيقة، فعلى هذا يجوز قوارير من فضة أي هي في صفاء الفضة ونقائها، ويجوز تقدير حذف المضاف، أي من صفاء الفضة،


[ 112 ]

وقوارير الثانية بدل من الاولى وليست بتكرار، وقيل: إن قوارير كل أرض من تربتها، وأرض الجنة فضة ولذلك كانت قواريرها مثل الفضة، عن ابن عباس ” قدروها تقديرا ” أي قدروا الكأس على قدرريهم لا يزيد ولا ينقص من الري، والضمير في قدروها للسقاة والخدام الذين يسقون، فإنهم يقدرونها ثم يسقون، وقيل: قدروها على قدر ملء الكف، أي كانت الاكواب على قدر ما اشتهوا لم تعظم ولم تثقل الكف عن حملها، وقيل: قدروها في أنفسهم قبل مجيئها على صفة فجاءت على ما قدروا، والضمير في قدروا للشاربين ” ويسقون فيها ” أي في الجنة ” كأسا كان مزاجها زنجبيلا ” قال مقاتل: لا يشبه زنجبيل الدنيا. وقال ابن عباس: كلما ذكر الله في القرآن مما في الجنة وسماه ليس له مثل في الدنيا، ولكن سماه الله بالاسم الذي يعرف، والزنجبيل مما كانت العرب تستطيبه فلذلك ذكره الله في القرآن ووعدهم أنهم يسقون في الجنة الكأس الممزوجة بزنجيل الجنة. ” عينا فيها تسمى سلسبيلا ” (1) أي الزنجبيل من عين تسمى سلسبيلا، قال ابن الاعرابي: لم أسمع السلسبيل إلا في القرآن، وقال الزجاج: هو صفة لما كان في غايه السلاسة، يعنى أنها سلسة تتسلسل في الحلق، وقيل: سميت سلسبيلا لانها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم ينبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنان، وقيل: سميت بذلك لانها ينقاد ماؤها لهم يصرفونها حيث شاؤوا ” حسبتهم لؤلؤا منثورا ” أي من الصفاء وحسن المنظر والكثرة فذكر لونهم وكثرتهم، وقيل: إنما شبههم بالمنثور لانتشارهم في الخدمة فلو كانوا صفا لشبهوا بالمنظوم ” وإذا رأيت ثم ” أي إذا رأيت ببصرك ثم يعني الجنة، وقيل: إن تقديره: وإذا رأيت الاشياء ثم ” رأيت نعيما ” خطيرا ” وملكا كبيرا ” لا يزول ولا يفنى، عن الصادق عليه السلام. وقيل: كبيرا أي واسعا، يعني أن نعيم الجنة لا يوصف كثرة وأنما يوصف بعضها، وقيل: الملك الكبير: استيذان الملائكة عليهم وتحيتهم


[ 1 ] قال الراغب: قوله: ” سلسبيلا ” أي سهلا لذيذا سلسا حديد الجرية، وذكر بعضهم أن ذلك مركب من قولهم. سل سبيلا نحو الحوقلة والبسملة ونحوهما من الالفاظ المركبة، وقيل: بل هو اسم لكل عين سريع الجرية.

[ 113 ]

بالسلام، وقيل: هو أنه لا يريدون شيئا إلا قدروا عليه، وقيل: هو أن أدناهم منزلة ينظر في ملكه من ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه، وقيل: هو الملك الدائم الابدي في نفاذ الامر وحصول الاماني ” عاليهم ثياب سندس ” من جعله ظرفا فهو بمنزلة قولك: فوقهم ثياب سندس، ومن جعله حالا فهو بمنزلة قولك: تعلوهم ثياب سندس، وهو ما رق من الثياب فيلبسونها، وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال في معناه: تعلوهم الثياب فيلبسونها ” خضر وإستبرق ” وهو ما غلظ منها، ولا يراد بها الغلظ في السلك إنما يراد به الثخانة في النسج قال ابن عباس: أما رأيت الرجل عليه ثياب والذي يعلوها أفضلها ؟ وحلوا أساور من فضة ” الفضة الشفافة وهي التي يرى ما وراؤها كما يرى من البلورة وهي أفضل من الدر والياقوت، وهما أفضلان من الذهب فتلك الفضة أفضل من الذهب، والفضة والذهب هما أثمان الاشياء، وقيل: إنهم يحلون بالذهب تارة وبالفضة اخرى ليجمعوا محاسن الحلية، كما قال تعالى: ” يحلون فيها من أساور من ذهب ” والفضة وإن كانت دنية الثمن فهي في غاية الحسن، خاصة إذا كانت بالصفة التي ذكرها، والغرض في الآخرة ما يكثر الاستلذاذ والسرور به لا ما يكثر ثمنه لانه ليست هناك أثمان ” وسقاهم ربهم شرابا طهورا ” أي طاهرا من الاقذار والاقذاء لم تدنسها الايدي ولم تدسها الارجل كخمر الدينا، وقيل: ” طهورا ” لا يصير بولا نجسا، ولكن يصير رشحا في أبدانهم كرشح المسك، وإن الرجل من أهل الجنة يقسم له شهوة مائة رجل من أهل الدنيا وأكلهم ونهمتهم، فإذا أكل ما شاء سقي شرابا طهورا فيطهر بطنه ويصير ما أكل رشحا يخرج من جلده أطيب ريحا من المسك الاذفر، ويضمر بطنه وتعود شهوته، عن إبراهيم التيمي وأبي قلابة، وقيل يطهرهم من كل شئ سوى الله إذ لا طاهر من تدنس بشئ من الاكوان إلا الله، رووه عن جعفر بن محمد عليه السلام ” إن هذا ” أي ما وصف من النعيم ” كان لكم جزاء ” أي مكافاة على أعمالكم الحسنة ” وكان سعيكم ” في مرضات الله ” مشكورا ” أي مقبولا مرضيا جوزيتم عليه. وفي قوله تعالى: ” إن المتقين في ظلال ” من أشجار الجنة ” وعيون ” جارية بين


[ 114 ]

أيديهم في غير اخدود، لان ذلك أمتع لهم بما يرونه من حسن مياهها وصفائها، وقيل: عيون أي ينابيع ماء يجري خلال الاشجار. وفي قوله تعالى: ” مفازا ” أي فوزا ونجاة إلى حال السلامة والسرور، وقيل: المفاز: موضع الفوز ” وكواعب أترابا ” أي جواري تكعب ثديهن مستويات في السن ” وكأسا دهاقا ” أي مترعة مملوءة، وقيل: متتابعة على شاربيها، اخذ من متابعة الشد في الدهق، وقيل: على قدر ريهم، عن مقاتل ” ولا كذابا ” أي ولا تكذيب بعضهم لبعض ومن قرأ بالتخفيف يريد: ولا مكاذبة، وقيل: كذبا ” عطاء حسابا ” أي كافيا، وقيل: أي كثيرا، وقيل: حسابا على قدر الاستحقاق وبحسب العمل. وفي قوله تعالى: ” على الارائك ينظرون ” إلى ما اعطوا من النعيم والكرامة، وقيل: ينظرون إلى عدوهم حين يعذبون ” تعرف في وجوههم نضرة النعيم ” أي إذا رأيتهم عرفت أنهم من أهل النعمة بما ترى في وجوههم من النور والحسن والبياض والبهجة، قال عطاء: وذلك أن الله تعالى قد زاد في جمالهم وألوانهم مالا يصفه واصف. ” يسقون من رحيق ” أي من خمر صافية خالصة من كل غش ” مختوم ” وهو الذي له ختام، أي عاقبة، وقيل: مختوم في الآنية بالمسك وهو غير الخمر التي تجري في الانهار، وقيل: هو مختوم أي ممنوع من أن تمسه يد حتى يفك ختمه للابرار، ثم فسر المختوم بقوله: ” ختامه مسك ” أي آخر طعمه ريح المسك إذا رفع الشارب فاه من آخر شرابه وجد ريحه كريح المسك، وقيل: ختم إناؤه بالمسك بدلا من الطين الذي يختم به الشراب في الدنيا، وعن أبي الدرداء، هو تراب أبيض من الفضة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلا من أهل الدينا أدخل إصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها ثم رغب فيها، فقال: ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ” أي فليرغب الراغبون بالمبادرة إلى طاعة الله سبحانه، وفي الحديث: من صام لله في يوم صائف سقاه الله على الظماء من الرحيق المختوم. وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله لامير المؤمنين عليه السلام: يا علي من ترك الخمرلله سقاه الله من الرحيق المختوم. ” ومزاجه من تسنيم ” أي ومزاج ذلك الشراب الذي وصفناه وهو ما يمزج به من تسنيم وهو عين في الجنة، وهو أشرف شراب


[ 115 ]

في الجنة، قال مسروق: يشربها المقربون صرفا ويمزج بها كأس أصحاب اليمين فيطيب، وروى ميمون بن مهران أن ابن عباس سئل عن تسنيم فقال: هذا مما يقول الله عزوجل: ” فلاتعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين ” ونحو هذا قول الحسن: خفايا أخفاها الله لاهل الجنة. وقيل: هو شراب ينصب عليهم من علوانصبابا، وقيل: هو نهر يجري في الهواء فينصب في أواني أهل الجنة بحسب الحاجة ثم فسره سبحانه بقوله: ” عينا يشرب بها المقربون ” أي هي خالصة للمقربين يشربونها صرفا، ويمزج لسائر أهل الجنة، عن ابن مسعود وابن عباس ” إن الذين أجرموا ” يعني كفار قريش ومترفيهم كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل وأصحابهم ” كانوا من الذين آمنوا ” يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وآله مثل عمار وخباب وبلال وغيرهم ” يضحكون ” على وجه السخرية بهم والاستهزاء في دار الدنيا ” وإذا مروا بهم ” يعني وإذا مر المؤمنون بهؤلاء المشركين ” يتغامزون ” أي يشير بعضهم إلى بعض بالاعين والحواجب استهزاء بهم، أي يقول هؤلاء إنهم على حق، وإن محمدا يأتيه الوحي، وإنه رسول، وإنا نبعث ونحو ذلك، وقيل: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وذلك أنه كان في نفر من المسلمين جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وآله فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا: رأينا اليوم الاصلع فضحكنا منه، فنزلت الآية قبل أن يصل علي عليه السلام وأصحابه إلى النبي صلى الله عليه وآله عن مقاتل والكلبي، وذكر الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل بإسناده عن أبي صالح عن ابن عباس قال: إن الذين أجرموا منافقوا قريش، والذين آمنوا علي بن أبي طالب وأصحابه ” وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين ” يعني وإذا رجع هؤلاء الكفار إلى أهلهم رجعوا معجبين بماهم فيه يتفكهون بذكرهم ” وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون ” لانهم تركوا التنعم رجاء ثواب لا حقيقة له ” وما ارسلوا عليهم حافظين ” أي ولم يرسل هؤلاء الكفار حافظين على المؤمنين ماهم عليه وما كلفوا حفظ أعمالهم، فكيف يطعنون عليهم، وقيل: معناه: وما ارسلوا عليهم شاهدين ” فاليوم ” يعني يوم القيامة ” الذين آمنوا من الكفار يضحكون ” كما ضحك الكفار منهم في الدنيا وذلك أنه يفتح للكفار باب إلى الجنة ويقال لهم: اخرجوا إليها، فإذا وصلوا إليه


[ 116 ]

اغلق دونهم، يفعل ذلك بهم مرارا فيضحك منهم المؤمنون، عن أبي صالح، وقيل: يضحكون من الكفار إذا رأوهم في العذاب وأنفسهم في النعيم، وقيل إن الوجه في ضحك أهل الجنة من أهل النار أنهم لما كانوا أعداء الله وأعداءهم جعل الله سبحانه لهم سرورا في تعذيبهم ” عل الارائك ينظرون ” يعني المؤمنين ينظرون إلى تعذيب أعدائهم الكفار على سرر في الحجال ” هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون ” أي هل جوزي الكفار إذا فعل بهم هذا الذي ذكر ما كانوا يفعلونه (1) من السخرية بالمؤمنين في الدنيا، وهو استفهام يراد به التقرير، و ” ثوب ” بمعني اثيب، وقيل: معناه: يتصل بما قبله ويكون التقدير: إن الذين آمنوا ينظرون هل جوزي الكفار بأعمالهم. وفي قوله تعالى: ” غير ممنون ” أي غير منقوص، وقيل: غير مقطوع، وقيل: غير محسوب، وقيل: غير مكدر بما يؤذي ويغم. 1 – لى: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن أحمد بن العباس والعباس بن عمرو الفقيمي (2) معا، عن هشام بن الحكم، عن ثابت بن هرمز، عن الحسن بن أبي الحسن، عن أحمد بن عبد الحميد، عن عبد الله بن علي أنه لقى بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله فسأله فيما سأله عن وصف بناء الجنة قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن سور الجنة لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، ولبنة من ياقوت، وملاطها المسك الاذفر، وشرفها الياقوت الاحمر والاخضر والاصفر، قلت: فما أبوابها ؟ قال: أبوابها مختلفة: باب الرحمة من ياقوتة حمراء قلت: فما حلقته ؟ قال: ويحك كف عني فقد كلفتني شططا، قلت: ما أنا بكاف عنك حتى تؤدي إلى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك، قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما باب الصبر فباب صغير مصراع واحد من ياقوتة حمراء لا حلق له، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان مسيرة ما بينهما خمسمائة عام له ضجيج وحنين يقول: اللهم جئني بأهلي، قلت: هل يتكلم الباب ؟ قال: نعم ينطقه ذو الجلال والاكرام، وأما باب البلاء، قلت، أليس باب


[ 1 ] في التفسير المطبوع: إذا فعل بهم هذا الذي ذكره على ما كانوا يفعلونه. [ 2 ] نسبة إلى فقيم – بضم الفاء وفتح القاف – بن جرير بن دارم بطن من تميم.

[ 117 ]

البلاء هو باب الصبر ؟ قال: لا، قلت: فما البلاء ؟ قال: المصائب والاسقام والامراض والجذام، وهو باب من ياقوتة صفراء مصراع واحد ما أقل من يدخل منه ؟ ! قلت: رحمك الله زدني وتفضل علي فإني فقير، قال: يا غلام لقد كلفتني شططا، أما الباب الاعظم فيدخل منه العباد الصالحون، وهم أهل الزهد والورع والراغبون إلى الله عزوجل المستأنسون به، قلت رحمك الله فإذا دخلوا الجنة ماذا يصنعون ؟ قال: يسيرون على نهرين في مصاف في سفن الياقوت، مجاذيفها اللؤلؤ، فيها ملائكة من نور، عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها، قلت: رحمك الله هل يكون من النور أخضر ؟ قال: إن الثياب هي خضر ولكن فيها نور من نور رب العالمين جل جلاله، يسيرون على حافتي ذلك النهر، قلت: فما اسم ذلك النهر ؟ قال: جنة المأوى، قلت: هل وسطها غير هذا ؟ قال: نعم جنة عدن وهي في وسط الجنان فأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر، وحصباؤها اللؤلؤ، قلت: فهل فيها غيرها ؟ قال: نعم جنة الفردوس، قلت: وكيف سورها ؟ قال: ويحك كف عني حيرت علي قلبي، قلت بل أنت الفاعل بي ذلك، ما أنا بكاف عنك حتى تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها، قال: سورها نور، فقلت: والغرف التي هي فيها، قال: هي من نور رب العالمين، قلت: زدني رحمك الله، قال: ويحك إلى هذا انتهى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله، طوبى لك إن أنت وصلت إلى بعض هذه الصفة، وطوبى لمن يؤمن بهذا، الخبر. ” ص 128 – 129 ” توضيح: قال الجزري: في صفة الجنة: وملاطها مسك أذفر الملاط: الذي يجعل بين سافي البناء يملط به الحائط أي يخلط انتهى. والشطط: التجاوز عن الحد والجور. قوله: في مصاف هو جمع المصف أي موضع الصف، أي يسيرون مجتمعين مصطفين، ويمكن أن يكون بالتخفيف من الصيف، أي في متسع يصلح للتنزه في الصيف، وفي الفقيه: في ماء صاف وهو أظهر. والمجذاف: ما يجذف به السفينة. وحافة الوادي بالتخفيف: جانبه. 2 – لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن أبيه، عن عبد الله بن القاسم، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار النبي صلى الله عليه وآله، وليس من مؤمن إلا وفي داره غصن


[ 118 ]

منها، لا تخطر على قلبه شهوة شئ إلا أتاه به ذلك الغصن، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها، ولو طار من أسفلها غراب ما بلغ أعلاها حتى يسقط هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، الخبر. ” ص 133 ” شى: عن أبي بصير مثله، وفيه: حتى يبياض هرما. 3 – لى: الطالقاني، عن الجلودي، عن هشام بن جعفر، عن حماد، عن عبد الله بن سليمان قال: قرأت في الانجيل: يا عيسى – وذكر أمر نبينا صلى الله عليه وآله إلى أن قال -: طوبى لمن أدرك زمانه، وشهد أيامه، وسمع كلامه، قال عيسى: يا رب وما طوبى ؟ قال: شجرة في الجنة أنا غرستها، تظل الجنان، أصلها من رضوان، ماؤها من تسنيم، برده برد الكافور، وطعمه طعم الزنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لا يظمأ بعدها أبدا. فقال عيسى عليه السلام: اللهم اسقني منها، قال: حرام يا عيسى على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي، وحرام على الامم أن يشربوا منها حتى يشرب امة ذلك النبي، الخبر. ” ص 164 ” 4 – لى: علي بن عيسى، عن علي بن محمد ما جيلويه، عن البرقي، عن أبيه، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن عمرو بن ثابت، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: إن في الجنة لشجرة يخرج من أعلاها الحلل، ومن أسفلها خيل بلق مسرجة ملجمة ذوات أجنحة، لا تروث ولا تبول، فيركبها أولياء الله فتطير بهم في الجنة حيث شاؤوا، فيقول الذين أسفل منهم: يا ربنا ما بلغ بعبادك هذه الكرامة ؟ فيقول الله جل جلاله: إنهم كانوا يقومون الليل ولا ينامون، ويصومون النهار ولا يأكلون، ويجاهدون العدو ولا يجنبون، ويتصدقون ولا يبخلون. ” ص 175 ” ين: ابن علوان، عن ابن طريف، (1) عن زيد بن علي مثله. 5 – لى: العطار، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن ابن أبي


[ 1 ] بالطاء والراء المهملتين وزان أمير هو سعد بن طريف الحنظلي مولاهم الاسكاف كوفى، ترجمه العامة والخاصة، وأما ابن ظريف بالظاء المعجمة فهو الحسن بن ظريف يروى عن ابن علوان فلا تغفل.

[ 119 ]

حمزة، عن أبي بصير، عن الصادق، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وبطانها من ظاهرها، يسكنها من امتي من أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام، الخبر. ” ص 198 ” 6 – ن، لى، يد: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام: يابن رسول الله أخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان ؟ فقال: نعم وإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء، قال: فقلت له: فإن قوما يقولون: إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقين، فقال عليه السلام: ما اولئك منا (1) ولا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي صلى الله عليه وآله وكذبنا وليس من ولايتنا على شئ، وخلد في نار جهنم، قال الله عزوجل: ” هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن ” وقال النبي صلى الله عليه وآله: لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة. ” ص 65 ص 276 ص 105 – 106 ” ج: مرسلا مثله. ” ص 222 – 223 ” 7 – لى: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عمر، عن موسى بن إبراهيم، عن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قالت ام سلمة رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وآله: بأبي أنت وامي المرأة يكون لها زوجان فيموتون ويدخلون الجنة لايهما تكون ؟ فقال عليه السلام: يا ام سلمة تخير أحسنهما خلقا وخيرهما لاهله، يا ام سلمة إن حسن الخلق ذهب بخير الدنيا والآخرة. ” ص 298 ” 8 – ل: ابن المتوكل، عن علي، عن أبيه، عن موسى بن إبراهيم، عن الحسن


[ 1 ] في العيون: لاهم منا. م

[ 120 ]

عن أبيه بإسناده رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أن ام سلمة قالت له: بأبي أنت وامي المرأة يكون لها زوجان فيموتان فيدخلان الجنة ؟ الخبر،. ” ج 1 ص 23 ” 9 – فس: أبي، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: طوبى شجرة في الجنة في دار أمير المؤمنين صلوات الله عليه وليس أحد ن شيعته إلا وفي داره غصن من أغصانها، وورقة من ورقها (1) يستظل تحتها امة من الامم. ” ص 341 ” 10 – وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة عليها وعلى أبيه او بعلها وأولادها ألف ألف التحية والسلام، فأنكرت ذلك عائشة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عائشة إني لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحول الله ذلك ماء في ظهري، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها قط إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها. ” ص 341 – 342 ” 11 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام جعلت فداك يابن رسول الله شوقني، فقال: يا أبا محمد إن الجنة توجد ريحها من مسيرة ألف عام، (2) وإن أدني أهل الجنة منزلا لو نزل به الثقلان الجن والانس لوسعهم طعاما وشرابا ولا ينقص مما عنده شئ، وإن أيسر أهل الجنة منزلة من يدخل الجنة فيرفع له ثلاث حدائق، فإذا دخل أدناهن رأى فيها من الازواج والخدم والانهار والثمار ما شاء الله، (3) فإذا شكر الله وحمده قيل له: ارفع رأسك إلى الحديقة الثانية، ففيها ما ليس في الاولى، فيقول: يا رب أعطني هذه، فيقول: لعلي (4) إن أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: رب هذه هذه، فإذا هو دخلها وعظمت


[ 1 ] في المصدر: أو ورقة من اوراقها. م [ 2 ] في المصدر: ان من ادنى نعيم الجنة ان يوجد ريحها من مسيرة الف عام من مسافة الدنيا [ 3 ] في المصدر: بعد ذلك: مما يملا عينيه قرة وقلبه مسرة. م [ 4 ] ليس في لمصدر كلمة ” لعلى “. م

[ 121 ]

مسرته شكر الله وحمده قال: فيقال: افتحوا له باب الجنة، ويقال له: ارفع رأسك فإذا قد فتح له باب من الخلد ويرى أضعاف ماكان فيما قبل، فيقول عند تضاعف مسراته: رب لك الحمد الذي لا يحصى إذ مننت علي بالجنان وأنجيتني من النيران فيقول: رب أدخلني الجنة وأنجني من النار، (1) قال أبو بصير: فبكيت وقلت له: جعلت فداك زدني، قال: يا أبا محمد إن في الجنة نهرا في حافيتها جوار نابتات، إذا مر المؤمن بجارية أعجبته قلعها وأنبت الله مكانها اخرى، قلت: جعلت فداك زدني، قال المؤمن يزوج ثمان مائة عذراء وأربعة آلاف ثيب وزوجتين من الحور العين، قلت: جعلت فداك ثمان مائة عذراء ؟ قال: نعم ما يفترش منهن شيئا إلا وجدها كذلك، قلت: جعلت فداك من أي شئ خلقن الحور العين ؟ قال: من الجنة (2) ويرى مخ ساقيها من وراء سبعين حلة، قلت: جعلت فداك ألهن كلام يتكلمن به في الجنة ؟ قال: نعم كلام يتكلمن به لم يسمع الخلائق بمثله. قلت: ما هو ؟ قال يقلن: نحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن المقيمات فلا نظعن، ونحن الراضيات فلا نسخط، طوبى لمن خلق لنا، وطوبى لمن خلقنا له، نحن اللواتي (لو علق إحدانا في جو السماء لاغنى نورنا عن الشمس والقمر خ ل) (3) لو أن قرن إحدانا علق في جو السماء لاغشى نوره الابصار. ” ص 438 – 439 ” 12 – ل: القطان، عن ابن زكريا، عن ابن حبيب، عن محمد بن عبد الله، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن محمد بن الفضل الزرقي، (4) عن أبي عبد الله، عن أبيه عن جده، عن علي عليهم السلام قال: إن للجنة ثمانية أبواب: باب يدخل منه النبيون و الصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها


[ 1 ] ليس في المصدر قوله: فيقول إلى قوله: من النار. م [ 2 ] في المصدر: من تربة الجنة النورانية. م [ 3 ] ليس في المصدر من قوله: ” لو علق ” إلى ههنا. م [ 4 ] في نسخة: محمد بن الفضيل الزرقى، وقد تقدم الحديث في باب الشفاعة تحت رقم 19 مع ضبط الرجل في الذيل فراجعه.

[ 122 ]

شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول: رب سلم شيعتي ومحبي و أنصاري ومن توالاني في دار الدنيا، فإذا النداء من بطنان العرش: قد اجيبت دعوتك وشفعت في شيعتك، ويشفع كل رجل من شيعتي ومن تولاني ونصرني وحارب من حاربني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه وأقربائه، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لاإله إلا الله ولم يكن في قبله مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت. ” ج 2 ص 39 ” 13 – لى: أبي، عن عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن داود الدينوري، عن منذر الشعراني، عن سعيد بن زيد، عن أبي قنبل، (1) عن أبي الجارود، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب فإذا دقت الحلقة على الصفحة طنت وقالت: يا علي. ” ص 351 ” 14 – قب: أبو إسحاق الموصلي: إن قوما من ما وراء النهر سألوا الرضا عليه السلام عن الحور العين مم خلقن ؟ وعن أهل الجنة إذا دخلوها ما أول ما يأكلون ؟ فقال عليه السلام: أما الحور العين فإنهن خلقن من الزعفران والتراب لا يفنين، وأما أول ما يأكلون أهل الجنة فإنهم يأكلون أول ما يدخلونها من كبد الحوت التي عليها الارض. ” ج 2 ص 408 ” 15 – فس: أبي، عن إسماعيل بن أبان، عن عمربن عبد الله الثقفي قال: سأل نصراني الشام الباقر عليه السلام عن أهل الجنة: كيف صاروا يأكلون ولا يتغوطون ؟ أعطني مثله في الدنيا، فقال عليه السلام: هذا الجنين في بطن امه يأكل مما تأكل امه ولا يتغوط، الخبر. 16 – فس: الدليل على أن جنان الخلد (2) في السماء قوله: ” لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة ” الآية. ” ص 216 “


[ 1 ] هكذا في النسخ وفى الامالى المطبوع بدله: أبى قتيل أيضا، ولعلهما مصحف أبي قبيل بالفتح وهو كنية حيى بن هاني بن ناضر المترجم في التقريب ” ص 133 ” راجعة. [ 2 ] في المصدر: جنات الخلد. م

[ 123 ]

17 – فس: ” ونزعنا ما في صدورهم من غل ” قال: العداوة تنزع منهم، أي من المؤمنين في الجنة، فإذا دخلوا الجنة قالوا – كما حكى الله -: ” الحمدلله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ” إلى قوله: ” بما كنتم تعملون ” ” ص 216 ” 18 – فس: ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ” أي لا يحبون (1) ولا يسألون التحويل عنها. وروى جعفر بن أحمد، عن عبيدالله بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” خالدين فيها لا يبغون عنها حولا ” قال: خالدين لا يخرجون منها ” ولا يبغون عنها حولا ” قال: لا يريدون بها بدلا، قلت: قوله: ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ” قال: هذه نزلت في أبي ذر والمقداد وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر، جعل الله لهم جنات الفردوس نزلا مأوى ومنزلا. ” ص 407 ” 19 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة وربما أمسكوا، فقلت لهم: مالكم ربما بنيتم وربما أمسكتم ؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت لهم: وما نفقتكم ؟ فقالوا: قول المؤمن في الدنيا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإذا قال: بنينا، وإذا أمسك أمسكنا. ” ص 20 ” 20 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام في خبر المعراج قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: ثم خرجت من البيت المعمور فانقاد لي نهران: نهر تسمى الكوثر، ونهر تسمى الرحمة، فشربت من الكوثر، واغتسلت من الرحمة ثم انقادا لي جميعا حتى دخلت الجنة، وإذا على حافتيها بيوتي وبيوت أزواجي (أهلي خ ل) وإذا ترابها كالمسك، وإذا جارية تنغمس في أنهار الجنة فقلت: لمن أنت يا جارية ؟ فقالت: لزيد بن حارثة، فبشرته بها حين أصبحت، وإذا بطيرها كالبخت، وإذا رمانها


[ 1 ] في المصدر: لا يحولون ولا يسألون اه‍. م

[ 124 ]

مثل الدلي العظام، وإذا شجرة لو ارسل طائر في أصلها مادارها سبعمائة سنة، و ليس في الجنة منزل إلا وفيها قتر منها، (1) فقلت: ما هذه يا جبرئيل ؟ فقال: هذه شجرة طوبى قال الله: ” طوبى لهم وحسن مآب “. ” ص 374 ” بيان: البخت: الابل الخراساني. والدلي بضم الدال وكسر اللام وتشديد الياء على وزن فعول جمع الدلو. والقتر بالضم وبضمتين: الناحية والجانب. والقتر القدر، ويحرك، كل ذلك ذكرها الجوهري. 21 – فس: ” إن أصحاب الجنة اليوم في شغل ” قال: اقتضاض العذارى ” فاكهون ” قال: يفاكهون النساء ويلاعبونهن. وفي رواية أبي الجارود، (2) عن أبي جعفر عليه السلام: (3) ” في ظلل على الارائك متكؤن ” الارائك: السرر عليها الحجال. وقال علي بن إبراهيم في قوله: ” سلام قولا من رب رحيم ” قال: السلام منه هو الامان. ” ص 552 ” 22 – فس: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ” أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ” فبلغنا – والله أعلم – أنه إذا استوى أهل النار إلى النار لينطلق بهم قبل أن يدخلوا النار فقيل لهم: ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب من دخان النار، فيحسبون أنها الجنة ثم يدخلون النار أفواجا وذلك نصف النهار وأقبل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف النهار فذلك قول الله: ” أصحاب الجنه يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا “. ” ص 465 ” 23 – فس: ” لافيها غول ” يعني الفساد ” ولاهم عنها ينزفون ” أي لا يطردون منها


[ 1 ] في المصدر: غصن منها. م [ 2 ] أبو الجارود كنية لزياد بن المنذر الهمداني الحارفي الاعمى، كان من علماء الزيدية، له كتاب التفسير يرويه عن الامام الباقر عليه السلام، ترجمه الخاصة والعامة، وظاهر كلام ابن النديم في الفهرست ان التفسير للباقر عليه السلام وأبو الجارود يرويه عنه، قال في تسمية الكتب المصنفة في تفسير القرآن: كتاب الباقر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام رواه عنه أبو الجارود زياد بن المنذر رئيس الجارودية الزيدية. [ 3 ] ليس في المصدر ” عن أبى جعفر عليه السلام “. م

[ 125 ]

قوله: ” وعندهم قاصرات الطرف عين ” يعني الحور العين تقصر الطرف عن النظر إليها من صفائها وحسنها ” كأنهن بيض مكنون ” يعني مخزون ” فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أءنك لمن المصدقين ” أي تصدق بما يقول لك: إنك إذا مت حييت. قال فيقول لصاحبه: ” هل أنتم مطلعون ” قال: فيطلع فيراه في سواء الجحيم (1) فيقول له: ” تالله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين ” وفي رواية أبي الجارود: (في خ ل) قوله: ” فاطلع فرآه في سواء الجحيم ” أي يقول: في وسط الجحيم. ثم يقولون في الجنة: ” أفما نحن بميتين إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم “. ” ص 556 ” بيان: هذا التفسير لقاصرات الطرف مبني على مجئ القصر متعديا بنفسه و هو كذلك، قال الفيروز آبادي: قصره: يقصره: جعله قصيرا. 24 – فس: ” إن هذا لرزقنا ماله من نفاد ” أي لا ينفد ولا يفنى. (2) ” ص 571 ” 25 – فس: ” وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ” أي جماعة ” سلام عليكم طبتم ” أي طابت مواليدكم (3) لانه لا يدخل الجنة إلا طيب المولد. وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ” الحمدلله الذي صدقنا وعده وأورثنا الارض ” يعني أرض الجنة. ” ص 582 ” 26 – ثو: أبي، عن سعد، عن أحمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا و في النار منزلا، فإذا سكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد، يا أهل الجنة اشرفوا، فيشرفون على النار وترفع لهم منازلهم في النار ثم يقال لهم: هذه منازلكم التي لو عصيتم ربكم دخلتموها، قال: فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا لما صرف عنهم من العذاب، ثم ينادون: يا معشر أهل النار


[ 1 ] الموجود في التفسير المطبوع: ” فاطلع فرآه في سواء الجحيم ” [ 2 ] في المصدر: لا ينفد ابدا ولا يفنى. م [ 3 ] في المصدر: طابت موالدكم. م

[ 126 ]

ارفعوا رؤوسكم فانظروا إلى منازلكم في الجنة فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم، فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم دخلتموها قال: فلو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار ذلك اليوم حزنا، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، وهؤلاء منازل هؤلاء، وذلك قول الله عزوجل: ” اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون “. ” ص 249 – 250 ” فس: أبي، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام مثله. (1) ” ص 444 – 445 ” 27 – فس: أبي، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما من عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل، فإن الله لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال: ” تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ” إلى قوله: ” يعملون ” ثم قال: إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلة فينتهي إلى باب الجنة فيقول: استأذنوا لي على فلان، فيقال له: هذا رسول ربك على الباب، فيقول: لازواجه أي شئ ترين علي أحسن ؟ فيقلن: يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا بعث إليك ربك، فيتزر بواحدة ويتعطف بالاخرى فلا يمر بشئ إلا أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد، فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك و تعالى، فإذا نظروا إليه خروا سجدا فيقول: عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤونة، فيقولون: يا رب وأي شئ أفضل مما أعطيتنا ؟ أعطيتنا الجنة، فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا، فيرجع المؤمن في كل جمة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه، وهو قوله: ” ولدينا مزيد ” وهو يوم الجمعة، إن ليلها ليلة غراء (2) ويومها يوم أزهر، فأكثروا فيها من التسبيح والتكبير والتهليل والثناء على الله والصلاة على محمد وآله، (3) قال: فيمر المؤمن فلا يمر بشئ


[ 1 ] مع اختلاف يسير. م [ 2 ] في المصدر: ان ليلتها غراء. م [ 3 ] في المصدر: والصلاة على رسوله. م

[ 127 ]

إلا أضاء له حتى ينتهي إلى أزواجه فيقلن: والذي أباحنا الجنة يا سيدنا ما رأينا قط أحسن منك الساعة، فيقول: إني قد نظرت بنور ربي (1) ثم قال: إن أزواجه لا يغرن ولا يحضن ولا يصلفن، قال: قلت: جعلت فداك إني أردت أن أسألك عن شئ أستحيي منه، قال: سل، قلت: هل في الجنة غناء ؟ قال: إن في الجنة شجرا يأمر الله رياحها فتهب فتضرب تلك الشجرة بأصوات لم يسمع الخلائق بمثلها حسنا، ثم قال: هذا عوض لمن ترك السماع في الدنيا من مخافة الله، قال: قلت جعلت فداك زدني، فقال: إن الله خلق جنة بيده ولم ترها عين ولم يطلع عليها مخلوق يفتحها الرب كل صباح فيقول: ازدادي ريحا، ازدادي طيبا، وهو قول الله: ” فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون “. ” ص 512 – 513 ” بيان: قوله تجلى لهم الرب أي بأنوار جلاله وآثار رحمته وإفضاله. (2) فإذا نظروا إليه أي إلى ما ظهر لهم من ذلك. قوله عليه السلام: بيده أي بقدرته وبرحمته، وإنما خص تلك الجنة بتلك الصفة لبيان امتيازها من بين سائر الجنان بمزيد الكرامة والاحسان. (3) ويحتمل أن يكون سائر الجنان مغروسة مبنية بتوسط الملائكة بخلاف هذه الجنة. 28 – ل: ابن موسى، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن عبد الرحيم الجبلي الصيدناني وعبد الله بن الصلت، عن الحسن بن نصر الخزاز، عن عمرو بن


[ 1 ] في المصدر: إلى نور ربى. م [ 2 ] والشاهد على ان المراد ذلك لا التجسم الذى لا يقول به الشيعة قوله بعد ذلك: إنى قد نظرت بنور ربى. (3) ولعل امتياز تلك الجنة عن غيرها بما وصفت في الخبر: من كونها لم يرها عين، ولم يطلع عليها مخلوق، وقولها كل صباح لها: ازدادى ريحا، ازدادى طيبا. ولذا يفسرها عليه السلام بقوله تعالى: ” فلاتعلم نفس ما اخفى لهم ” إه‍ وأما كونها مخلوقة بيده أي بقدرته وإبداعه و إنشائه فهى تشارك غيرها فيه.

[ 128 ]

طلحة، عن أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، (1) عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قدم يهوديان فسألا أمير المؤمنين عليه السلام فقالا: أين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟ قال: أما الجنة ففي السماء، وأما النار ففي الارض، قالا: فما السبعة ؟ قال: سبعة أبواب النار متطابقات، قال: فما الثمانية ؟ قال: ثمانية أبواب الجنة، الخبر. ” ج 2 ص 147 ” 29 – فس: لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف ” إلى قوله: ” الميعاد ” قال: فإنه حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سأل علي رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير هذه الآية فقال: لماذا بنيت هذه الغرف يا رسول الله ؟ فقال: يا علي تلك الغرف بنى الله لاوليائه بالدر والياقوت والزبرجد، سقوفها الذهب محكوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من ذهب، على كل باب منها ملك موكل به، وفيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة، وحشوها المسك والعنبر والكافور، وذلك قول الله: ” وفرش مرفوعة ” فإذا دخل المؤمن إلى منازله في الجنة وضع على رأسه تاج الملك والكرامة، والبس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر منظوما في الاكليل تحت التاج، والبس سبعون حلة بألوان مختلقة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الاحمر، وذلك قوله: ” يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ” فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا. فإذا استقرت بولي الله منازله في الجنة استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه كرامة الله إياه، فيقول له خدام المؤمن ووصفاؤه: مكانك فإن ولي الله قد اتكأ على أرائكه، فزوجته الحوراء العيناء قد هبت له فاصبر لولي الله حتى يفرغ من شغله، قال:


[ 1 ] سماك وزان كتاب هو سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلى البكري الكوفى أبو المغيرة المتوفى سنة 123، عده الشيخ في رجاله من أصحاب الامام السجاد عليه السلام، له ترجمة في تراجم العامة والخاصة.

[ 129 ]

فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمتها تمشي مقبلة وحولها وصفاؤها يحيينها، (1) عليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد صبغن بمسك وعنبر، وعلى رأسها تاج الكرامة، وفي رجليها نعلان من ذهب مكللان بالياقوت واللؤلؤ، شراكها ياقوت أحمر، فإذا ادنيت من ولي الله وهم أن يقوم إليها شوقا تقول له: ياولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم، أنا لك وأنت لي، فيعتنقان مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال: فينظر إلى عنقها (2) فإذا عليها قلادة من قصب ياقوت أحمر، وسطها لوح مكتوب: أنت ياولي الله حبيبي، وأنا الحوراء حبيبتك، إليك تناهت نفسي، وإلى تناهت نفسك. ثم يبعث الله ألف ملك يهنؤونه بالجنة ويزوجونه الحوراء، قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه فيقولون للملك الموكل بأبواب الجنان: استأذن لنا علي ولي الله فإن الله بعثنا مهنئين، فيقول الملك: حتى أقول للحاجب فيعلمه مكانكم، قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول الباب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة (3) الف ملك أرسلهم رب العالمين جاؤوا يهنؤون ولي الله وقد سألوا أن أستاذن لهم عليه، فيقول له الحاجب: إنه ليعظم علي أن أستاذن لاحد على ولي الله وهو مع زوجته، قال: وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان، فيدخل الحاجب إلى القيم فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين يهنؤون ولي الله فاستأذن لهم، فيقوم القيم إلى الخدام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة وهم ألف ملك أرسلهم (رب العالمين خ ل) يهنؤون ولي الله فأعلموه مكانهم، قال: فيعلمون الخدام، قال: فيؤذن لهم فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا اذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الذي قد وكل به فيدخل كل ملك من باب من أبواب الغرفة فيبلغونه


[ 1 ] في نسخة: يجتذبنها. وفى التفسير المطبوع: يحجبنها. [ 2 ] في الكافي: فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها. [ 3 ] في التفسير المطبوع: ان على باب الغرفة. وكذلك فيما يأتي بعده.

[ 130 ]

رسالة الجبار وذلك قول الله: ” والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ” يعني من أبواب الغرفة ” سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ” وذلك قوله: ” وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ” يعني بذلك ولي الله وما هو فيها من الكرامة والنعيم والملك العظيم وإن الملائكة من رسل الله ليستأذنون عليه فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، فذلك الملك العظيم، والانهار تجري من تحتها. (1) ” ص 575 – 577 ” بيان: قوله عليه السلام: محكوكة: بالفضة أي منقوشة بها، وفي بعض النسخ محبوكة وهو أظهر، قال الفيروز آبادي: الحبك: الشد والاحكام، وتحسين أثر الصنعة في الثوب، والتحبيك: التوثيق والتخطيط. قوله عليه السلام: قد هبت إما من المضاعف أو من المعتل، قال الجزري: هب التيس أي هاج للسفاد، والهباب: النشاط، وقال: التهبي: مشي المختال المعجب، من هبايهبو هبوا: إذا مشى مشيا بطيئا. وفي بعض النسخ تهيئت وفي بعضها: هيئت وهما أظهر. إليك تناهت نفسي أي بلغ شوقي إليك النهاية، فضمن التناهي معنى الاشتياق. 30 – ل: أبي، عن سعد، عن أحمد بن هلال، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أربعة أنهار من الجنة: الفرات، والنيل، وسيحان، وجيحان، فالفرات: الماء في الدنيا والآخرة والنيل: العسل. وسيحان: الخمر. وجيحان: اللبن. ” ج 1 ص 119 ” بيان: لعل المراد اشتراك الاسم، ويحتمل أن يكون منبعها من جنة الدنيا وينقلب بعضها بعد الانتقال إلى الدنيا. 31 – ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أحمد بن سليمان، عن أحمد بن يحيى الطحان، عمن حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خمسة من فاكهة الجنة في الدنيا: الرمان الامليسي، والتفاح، والسفرجل، والعنب، والرطب المشان. (2) ” ج 1 ص 139 “


[ 1 ] رواه الكليني في الكافي باسناده مع اختلاف في ألفاظه وزيادة في صدره وذيله، وأخرجه المصنف هنا وسيأتي تحت رقم 98. [ 2 ] في القاموس: الامليس: الفلاة ليس بها نبات، والرمان الامليسى كانه منسوب إليه انتهى والرطب المشان: نوع جيد من الرطب، ولعله الرطب الذى يقال له في الفارسى: الشونى.

[ 131 ]

32 – ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النصر، عن عمرو ابن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أحسنوا الظن بالله واعلموا أن للجنة ثمانية أبواب، عرض كل باب منها مسيرة أربعين سنة. ” ج 2 ص 39 ” 33 – ل: ابن المظفر العلوي، (1) عن ابن العياشي، عن أبيه، عن إبراهيم ابن علي، عن إبراهيم بن إسحاق، عن يونس، عن ابن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: طوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله صلى الله عليه وآله، فليس من مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها، لا ينوي في قلبه شيئا إلا أتاه ذلك الغصن به، ولو أن راكبا مجدا سار في ظلها مائة عام لم يخرج منها، ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما، ألا ففي هذا فارغبوا، الخبر. ” ج 2 ص 82 ” 34 – ل: علي بن الفضل البغدادي، عن أبي الحسن علي بن إبراهيم، عن غالب ابن حارث الضبي ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن يحيى بن سالم ابن عم الحسن بن صالح – وكان يفضل على الحسن بن صالح – عن مسعر، (2) عن عطية، عن جابر (3) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: مكتوب على باب الجنة: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي أخو رسول الله قبل أن يخلق الله السماوات والارض بألفي عام. ” ج 2 ص 171 “


[ 1 ] هكذا في نسخة المصنف، وفى بعض النسخ: ابو المظفر العلوى، والصحيح: المظفر العلوى وهو أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوى السمرقندى، راجع الفصل الرابع مقدمة الكتاب باب المفردات. [ 2 ] بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المخففة، قال الفيروز آبادى: وقد تفتح ميمه هو مسعر بن كدام – بكسر الكاف – ابن ظهير الهلالي ابو سلمة الكوفى ترجمه ابن حجر في التقريب وقال: ثقة ثبت فاضل من السابعة، مات سنة ثلاث أو خمس وخمسين أي بعد المائة، قلت: هو و غيره من رجال السند عامى. [ 3 ] هو جابر بن عبد الله الانصاري المترجم في تراجم العامة والخاصة.

[ 132 ]

35 – ل: أبي، عن سعد، عن محمد بن عبد الحميد، عن محمد بن راشد، عن عمر بن سهل، عن سهيل بن غزوان قال: قال الصادق عليه السلام: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى خلق في الجنة عمودا من ياقوتة حمراء عليه سبعون ألف قصر في كل قصر سبعون ألف غرفة، خلقها الله عزوجل للمتحابين والمتزاورين في الله، الخبر. (1) ” ج 2 ص 171 ” 36 – ل: أبي، عن علي، عن أبيه، عن الحسن بن الحسن الفارسي، (2) عن سليمان بن جعفر البصري، عن عبد الله بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل لما خلق الجنة خلقها من لبنتين: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وجعل حيطانها الياقوت، وسقفها الزبرجد، وحصباءها اللؤلؤ، وترابها الزعفران والمسك الاذفر، فقال لها: تكلمي، فقالت: لا إله إلا أنت الحي القيوم قد سعد من يدخلني، فقال عزوجل: بعزتي وعظمتي وجلالي وارتفاعي لا يدخلها مدمن خمر، ولا سكير، ولا قتات وهو النمام، ولا ديوث وهو القلطبان، ولا قلاع وهو الشرطي، ولازنوق وهو الخنثى، ولا خيوف (3) وهو النباش ولا عشار، ولا قاطع رحم، ولا قدري. ” ج 2 ص 54 ” بيان: السكير بالكسر: الكثير الشرب للمسكر، فهو إما تأكيد لمدمن الخمر، أو المراد بالخمر ما يتخذ من العنب، وبالسكير المدمن لسائر المسكرات. وقال الفيروز آبادي: القلاع كشداد: الكذاب، والقواد، والنباش، والشرطي، والساعي إلى السلطان بالباطل ولم يذكر للزنوق والخيوف ما ذكر فيهما من المعنى فيما عندنا


[ 1 ] ليس في المصدر كلمة: في الله. م [ 2 ] في نسخة: الحسين بن الحسن الفارسى. وفى التهذيب في باب دخول الحمام: الحسن بن أبى الحسين الفارسى عن سليمان بن جعفر. [ 3 ] وفى نسخة: ” ذنوق ” بالذال و ” خنوق ” بالنون والقاف، وفى اخرى: ” خنوف ” وفى الخصال المطبوع: ” خيوق ” بالياء وهو الانسب بالخبر، قال الفيروز آبادى: أخاق: ذهب في الارض، وتخوق: تباعد، وخوقه: وسعه.

[ 133 ]

من كتب اللغة، ويمكن أن يكون الاول الزيوق بالياء، قال الفيروز آبادي: تزيق: تزين واكتحل، والثاني الجيوف بالجيم قال الفيروز آبادي: الجياف كشداد: النباش. 37 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن عبد الله ابن هلال، عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها، ولا خلت النار من أرواح الكفار العصاة منذ خلقها عز وجل، الخبر. 38 – فس: ” يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد ” قال: هو استفهام لانه وعد الله النار أن يملاها فتمتلئ النار، ثم يقول لها: هل امتلات ؟ و تقول: هل من مزيد ؟ على حد الاستفهام، أي ليس في مزيد ؟ قال فتقول الجنة: يا رب وعدت النار أن تملاها ووعدتني أن تملاني فلم لا تملاني وقد ملات النار ؟ قال: فيخلق الله يومئذ خلقا يملا بهم الجنة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: طوبى لهم (إنهم خ ل) لم يروا غموم الدنيا ولا همومها. ” ص 645 – 646 ” ين: ابن أبي عمير، عن حسين الاحمسي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: تقول الجنة يا رب، وذكر نحوه. 39 – فس: أبي، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود رفعه قال: قال علي بن الحسين عليهما السلام: عليك بالقرآن فإن الله خلق الجنة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة، وجعل ملاطها المسك، وترابها الزعفران، وحصباءها اللؤلؤ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن، فمن قرأ القرآن قال له: اقرء وارق، ومن دخل منهم الجنة لم يكن في الجنة أعلى درجة منه ما خلا النبيون والصديقون. 40 – فس: قال علي بن إبراهيم في قوله: ” ولقد رآه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى ” في السماء السابعة، وأما الرد على من أنكر خلق الجنة والنار فقوله: ” عندها جنة المأوى ” أي عند سدرة المنتهى، فسدرة المنتهى في السماء السابعة وجنة المأوى عندها. ” ص 652 ” 41 – فس: قال علي بن إبراهيم في قوله: ” فيهن قاصرات الطرف ” قال:


[ 134 ]

الحور العين يقصر الطرف عنها من ضوء نورها ” لم يطمثهن ” أي لم يمسهن أحد ” فيهما عينان نضاختان ” أي تفوران ” فيهن خيرات حسان ” قال: حور نابتات (1) على شط الكوثر كلما اخذت منها واحدة نبتت مكانها اخرى. قوله تعالى: ” حور مقصورات في الخيام ” قال: يقصر الطرف عنها. ” ص 660 ” بيان: القصر: الحبس، وما ذكره بيان لحاصل المعنى أي إنما حبسن في الخيام لئلا ينظر إليهن غير أزواجهن، ويحتمل أن يكون في الكلام حذف وإيصال أي مقصور عنهن لقصرهن نظر الناظرين عن وجههن لصفائهن وضيائهن. 42 – فس: ” يطوف عليهم ولدان مخلدون ” أي مستورون (2) ” لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ” قال: الفحش الكذب والخنى ” في سدر مخضود ” قال: شجر لا يكون له ورق ولا شوك فيه، وقرأ أبو عبد الله عليه السلام ” وطلع منضود ” قال: بعضه إلى بعض ” وظل ممدود ” قال: ظل ممدود وسط الجنة في عرض الجنة، وعرض الجنة كعرض السماء والارض، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه ” وماء مسكوب ” أي مرشوش ” لا مقطوعة ولا ممنوعة ” أي لا ينقطع ولا يمنع أحد من أخذها ” إنا أنشأناهن إنشاء ” قال: الحور العين في الجنة ” فجعلناهن أبكارا عربا ” قال يتكلمن بالعربية ” أترابا ” يعني مستويات الاسنان ” لاصحاب اليمين ” أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ” ثلة من الاولين ” قال: من الطبقة الاولى التي كانت مع النبي صلى الله عليه وآله ” وثلة من الآخرين ” قال: بعد النبي من هذه الامة. ” ص 662 – 663 ” بيان: قال الفيروز آبادي: ولدان مخلدون: مقرطون، أو مسورون، أولا يهرمون أبدا، أولا يجاوزون حد الوصافة. 43 – فس: ” إن للمتقين مفازا ” قال: يفوزون، قوله: ” وكواعب أترابا ” قال: جواري أتراب لاهل الجنة، وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أما


[ 1 ] في المصدر: جوار نابتات. م [ 2 ] في المصدر: أي مسرورون. م

[ 135 ]

قوله: ” إن للمتقين مفازا ” (قال خ ل) فهي الكرامات ” وكواعب أترابا ” أي الفتيات ناهدات (النواهد خ ل) (1) قال علي بن إبراهيم: ” وكأسا دهاقا ” أي ممتلئة. ” ص 709 – 710 ” 44 – فس: ” يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك ” قال: ماء إذا شربه المؤمن وجد رائحة المسك فيه ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ” قال: فيما ذكرنا من الثواب الذي يطلبه المؤمن ” ومزاجه من تسنيم ” (هو مصدرسنمه إذا رفعه لانها أرفع شراب أهل الجنة أو لانها تأتيهم من فوق خ ل) قال: أشرف شراب أهل الجنة يأتيهم في عال تسنم عليهم في منازلهم وهي عين يشربها المقربون بحتا، (2) والمقربون آل محمد صلى الله عليهم، وسائر المؤمنين ممزوجا. (3) ” ص 717 ” 45 – فس: ” إنا أعطيناك الكوثر ” قال: الكوثر نهر في الجنة أعطى الله محمدا عوضا من ابنه إبراهيم عليه السلام. ” ص 741 ” 46 – فس: ” متكئين فيها على الارائك ” يقول: متكئين في الحجال على السرر (4) ” ودانية عليهم ظلالها ” يقول: قريب ظلالها منهم ” وذللت قطوفها تذليلا ” دليت عليهم ثمارها، ينالها القائم والقاعد ” أكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة ” الاكواب: الاكواز العظام التي لا آذان لها ولا عرى، قوارير من فضة الجنة يشربون فيها ” قدروها تقديرا ” يقول: صنعت لهم على قدر رتبتهم (ريهم خ ل) لا عجز فيه ولافضل (5) ” من سندس وإستبرق ” الاستبرق: الديباج. وقال علي بن إبراهيم في قوله: ” ويطاف عليهم بآنية من فضة ” قال: ينفذ البصر فيها كما ينفذ في الزجاج ” ولدان مخلدون ” قال مسورون ” وملكان كبيرا ” قال: لا يزال ولا يفنى ” عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ” قال: يعلوهم الثياب يلبسونها. ” ص 707 “


[ 1 ] نهد الثدى: كعب وانتبرو وأشرف. والناهد: المرأة التى كعب ثديها. [ 2 ] البحت: الصرف الخالص. شراب بحت: غير ممزوج. [ 3 ] بعض الفاظ الحديث من ابى جعفر عليه السلام وبعضه من كلام المفسر ولم ينقل تمام الحديث مرتبا. م [ 4 ] في المصدر: متكئين فيها على الحجال وعلى السرر. م [ 5 ] كذا في نسخة المصنف وفى التفسير المطبوع: علي قدر رتبتهم فيها ولا فضل. اه‍.

[ 136 ]

47 – فس: سعيد بن محمد، عن موسى بن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: ” فيها سرر مرفوعة ” ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد و الدرو الياقوت تجري من تحتها الانهار ” وأكواب موضوعة ” يريد الاباريق التي ليس لها آذان وقال علي بن إبراهيم في قوله: ” ونمارق مصفوفة ” قال: البسط والوسائد ” وزرابي مبثوثة ” قال: كل شئ خلقة الله في الجنة له مثال في الدنيا إلا الزرابي فإنه لا يدرى ماهى. ” ص 722 ” 48 – ج: هشام بن الحكم، سأل الزنديق أبا عبد الله عليه السلام فقال: من أين قالوا: إن أهل الجنة يأتي الرجل منهم إلى ثمرة يتناولها فإذا أكلها عادت كهيئتها ؟ قال: نعم ذلك على قياس السراج يأتي القابس فيقتبس منه فلا ينقص من ضوئه شئ وقد امتلات الدنيا منه سرجا، قال: أليسوا يأكلون ويشربون ؟ وتزعم أنه لا تكون لهم الحاجة ! قال: بلى لان غذاءهم رقيق لا ثفل له، بل يخرج من أجسادهم بالعرق، قال: فكيف تكون الحوراء في كل ما أتاها (1) زوجها عذراء ؟ قال: إنها خلقت من الطيب لا تعتريها عاهة، ولا تخالط جسمها آفة، ولا يجري في ثقبها شئ ولا يدنسها حيض، فالرحم ملتزقة، (2) إذ ليس فيه لسوى الاحليل مجرى، قال: فهي تلبس سبعين حلة و يرى زوجها مخ ساقها من وراء حللها وبدنها ؟ قال: نعم كما يرى أحدكم الدراهم إذا القيت في ماء صاف قدره قيد رمح، (3) قال: فكيف ينعم أهل الجنة بما فيها من النعيم وما منهم أحد إلا وقد افتقد ابنه أو أباه أو حميمه أو امه ؟ فإذا افتقدوهم في الجنة لم يشكوا في مصيرهم إلى النار ؟ فما يصنع بالنعيم من يعلم أن حميمه في النار يعذب ؟ قال عليه السلام: إن أهل العلم قالوا: إنهم ينسون ذكرهم، وقال بعضهم: انتظروا قدومهم ورجوا أن يكونوا بين الجنة والنار في أصحاب الاعراف، الخبر ” ص 192 ” بيان: كأن الترديد السؤال الاخير باعتبار قصور فهم السائل، ومع قطع


[ 1 ] في المصدر: جميع ما اتاها اه‍ م [ 2 ] في المصدر: ملتزقة مدلمة إذ ليس اه‍. م [ 3 ] القيد بالفتح والكسر: القدر. (*)

[ 137 ]

النظر عن الرواية يمكن أن يجاب بوجه آخر وهو أن في النشأة الاخرى لما بطلت الاغراص الدنيوية وخلصت محبتهم لله سبحانه فهم يبرؤون من أعداء الله ولا يحبون إلا من أحبه الله فهم يلتذون بعذاب أعدائه ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو عشيرتهم، كما أن أولياء الله في الدنيا أيضا قطعوا محبتهم عنهم، وكانوا يحاربونهم و يقتلونهم بأيديهم ويلتذون بذلك. كما قال تعالى: ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ” (1) الآية، وإليه يشير قوله تعالى: ” يوم يفر المرء من أخيه ” (2) الآية، فيمكن أن يكون الاصل في الجواب هذا الوجه لكن لضعف عقل السائل أعرض عليه السلام عن هذا الوجه وذكر الوجهين الآخرين الموافقين لعقله وفهمه نقلا عن غيره، والله يعلم. * 49 – فس: أبي، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما دخلت الجنة رأيت فيها شجرة طوبى، أصلها في دار علي، وما في الجنة قصر ولا منزل إلا وفيها فتر (3) منها وأعلاها أسفاط (4) حلل من سندس وإستبرق يكون للعبد المؤمن ألف ألف سفط في كل سفط مائة ألف حلة ما فيها حلة يشبه الاخرى على ألوان مختلفة وهو ثياب أهل الجنة، وسطها ظل ممدود، عرض الجنة كعرض السماء والارض اعدت للذين آمنوا بالله ورسله، يسير الراكب في ذلك الظل مسيرة مائة عام فلا يقطعه، وذلك قوله: ” وظل ممدود ” وأسفلها ثمار أهل الجنة وطعامهم متذلل في بيوتهم، يكون في القضيب منها مائة لون من الفاكهة مما رأيتم في دار (ثمارخ ل) الدنيا وما لم تروه وما سمعتم به وما لم تسمعوا مثلها، وكلما يجتنى منها شئ نبتت مكانها اخرى ” لا مقطوعة ولا ممنوعة ” وتجري نهر في أصل تلك الشجرة تنفجر منها الانهار الاربعة ” أنهار من ماء


[ 1 ] المجادلة: 23. [ 2 ] عبس: 35. * هذا البيان ليس موجودا في المطبوع وغيره سوى نسخة المصنف قدس سره الشريف. [ 3 ] في نسخة: قتر، وفى اخرى: قنو. [ 4 ] جمع السفط: وعاء كالقفة أو الجوالق. ما يعتأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء.

[ 138 ]

غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ” الخبر. 50 – سن: أبي وابن فضال معا، عن علي بن النعمان، عن الحارث بن محمد الاحول، عمن حدثه، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: يا علي إنه لما اسري بي رأيت في الجنة نهرا أبيض من اللبن، وأحلى من العسل، و أشد استقامة من السهم، فيه أباريق عدد النجوم، على شاطئه قباب الياقوت الاحمر و الدر الابيض، فضرب جبرئيل بجناحيه إلى جانبه فإذا هو مسكة ذفرة، ثم قال: والذي نفس محمد بيده إن في الجنة لشجرا يتصفق بالتسبيح بصوت لم يسمع الاولون والآخرون بمثله، يثمر ثمرا كالرمان، يلقي الثمرة إلى الرجل فيشقها عن سبعين حلة، والمؤمنون على كراسي من نور وهم الغر المحجلون، أنت إمامهم يوم القيامة، على الرجل منهم نعلان شراكهما من نور يضئ أمامهم حيث شاؤوا من الجنة، فبيناهو (هم خ ل) كذلك إذا أشرفت عليه امرأة من فوقه تقول: سبحان الله يا عبد الله أما لنامنك دولة ؟ فيقول: من أنت ؟ فتقول: أنا من اللواتي قال الله تعالى: ” فلاتعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ” ثم قال: والذي نفس محمد بيده إنه ليجيئه كل يوم سبعون ألف ملك يسمونه باسمه واسم أبيه. ” ص 180 – 181 ” كنز: الصدوق، عن ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن النعمان، عن الحارث بن محمد الاحول، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفر عليهما السلام مثله. 51 – شف: موفق بن أحمد الخوارزمي، (1) عن محمد بن أحمد بن شاذان، عن


[ 1 ] الظاهر من الحديث ومن السيد ابن طاوس رحمه الله في كتابه اليقين أن الخوارزمي يروى عن محمد بن احمد بن الحسن بن شاذان صاحب كتاب ايضاح دفائن النواصب بلا واسطة، وانه من شيوخه، بل نص على ذلك في ص 56 حيث قال: أبو الحسن محمد بن أحمد بن الحسن بن شاذان من شيوخ موفق بن أحمد المكى الخوارزمي سماه في حديثه عنه بالامام إ ه‍. وهذا لا يخلو عن وهم لان الخوارزمي المتولد في سنة 484 والمتوفى في 568 لا يروى عن ابن شاذان الذى يروى عن

[ 139 ]

أحمد بن محمد بن أيوب، عن علي بن محمد بن عتبة، عن بكربن أحمد، وحدثنا أحمد بن محمد الجراح، عن أحمد بن الفضل الاهوازي، عن بكربن أحمد، عن محمد بن علي، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها وعمها الحسن بن علي عليهما السلام قالا: أخبرنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما ادخلت الجنة رأيت الشجرة تحمل الحلي والحلل، أسفلها خيل بلق وأوسطها الحور العين وفي أعلاها الرضوان، قلت: يا جبرئيل لمن هذه الشجرة ؟ قال: هذه لابن عمك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، إذا أمر الله الخليقة بالدخول إلى الجنة يؤتى بشيعة علي حتى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة فيلبسون الحلي والحلل ويركبون الخيل البلق وينادي مناد: هؤلاء شيعة علي صبروا في الدنيا على الاذي فحبوا هذا اليوم. 52 – شى: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: لهم فيها أزواج مطهرة ” قال: لا يحضن ولا يحدثن. 53 – شى: عن جميل بن دراج، عن أبى عبد الله عليه السلام قال: إن أهل الجنة ما يتلذذون بشئ في الجنة أشهى عندهم من النكاح، لا طعام والاشراب. 54 – شى: عن داود بن سرحان، عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض ” قال: إذا وضعوها كذا – وبسط يديه إحداهما مع الاخرى -. 55 – قب: عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن للجنة إحدى وسبعين بابا يدخل من سبعين منها شيعتي وأهل بيتي، ومن باب واحد سائر الناس. 56 – م ” وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات ” بساتين


هارون بن موسى التلعكبرى المتوفى سنة 385 وعن الصدوق المتوفى سنة 381 بل عن الحسن بن حمزة العلوى المتوفى سنة 358، بل الخوارزمي يروى الحديث وعامة أحاديثه عن ابن شاذان بواسطة الحافظ أبى العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمداني، وقاضي القضاة نجم الدين أبى منصور محمد بن الحسين بن محمد البغدادي، عن الشريف الاجل نور الهدى أبى طالب الحسين بن محمد بن على الزينبي، عن ابن شاذان، والحديث، مذكور في المناقب ص 43 مسندا وفى إيضاح دفائن النواصب ص 56 وفى اليقين ص 21.

[ 140 ]

” تجري من تحتها الانهار ” من تحت شجرها ومساكنها ” كلما رزقوا منها ” من تلك الجنان ” من ثمرة ” من ثمارها ” رزقا ” طعاما يؤتون به ” قالواهذا الذي رزقنا من قبل ” في الدنيا فأسماؤه كأسماء ما في الدنيا من تفاح وسفرجل ورمان وكذا وكذا، وإن كان ما هناك مخالفا لما في الدنيا فإنه في غاية الطيب، وإنه لا يستحيل إلى ما يستحيل إليه ثمار الدنيا من عذرة وسائر المكروهات من صفراء وسوداء ودم، بل لا يتولد عن مأكولهم إلا العرق الذي يجري من أعراضهم أطيب من رائحة المسك ” وأتوا به ” بذلك الرزق من الثمار من تلك البساتين ” متشابها ” يشبه بعضه بعضا بأنها كلها خيار لا رذل فيها، وبأن كل صنف منها في غاية الطيب واللذة ليس كثمار الدنيا التي بعضها ني وبعضها متجاوز حد النضج والادراك إلى حد الفساد من حموضة ومرارة وسائر ضروب المكاره، ومتشابها أيضا متفقات الالوان مختلفات الطعوم ” ولهم فيها ” في تلك الجنان ” أزواج مطهرة ” من أنواع الاقذار والمكاره، مطهرات من الحيض والنفاس، لا ولاجات ولا خراجات (1) ولا دخالات ولاختالات ولا متغايرات، ولا لازواجهن فركات ولا ضحابات (2) ولا عيابات ولا فحاشات، ومن كل المكاره والعيوب بريات ” وهم فيها خالدون ” مقيمون في تلك البساتين و الجنات. بيان: قال الفيروز آبادي: العرض بالكسر: كل موضع يعرق منه، ورائحته رائحة طيبة كانت أو خبيثة، وقال: الفرك بالكسر ويفتح البغضة عامة، أو خاصة ببغضة الزوجين. 57 – شى: عن ثوير، (3) عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إذا صار أهل الجنة في الجنة ودخل ولي الله إلى جنانه ومساكنه واتكأكل مؤمن منهم على أريكته حفته


[ 1 ] خراج ولاج: كثير الخروج والولوج. كثير الظرف والاحتيال. [ 2 ] هكذا في النسخ، وفى التفسير المطبوع: ولا لازواجهن فركات ولا زحامات ولا متخابات اه‍. [ 3 ] كزبيرهو ثوير بن أبي فاختة سعيد بن علاقة أبو الجهم الكوفى التابعي مولى ام هاني بنت أبيطالب.

[ 141 ]

خدامه، وتهدلت عليه الثمار، (1) وتفجرت حوله العيون، وجرت من تحته الانهار وبسطت له الزرابي، وصففت له النمارق، وأتته الحدام بما شاءت شهوته من قبل أن يسألهم ذلك، قال: ويخرج عليهم الحور العين من الجنان فيمكثون بذلك ما شاء الله. ثم إن الجبار يشرف عليهم فيقول لهم: أوليائي وأهل طاعتي وسكان جنتي في جواري ألا هل انبئكم بخير مما أنتم فيه ؟ فيقولون: ربنا وأي شئ خير مما نحن فيه ؟ نحن فيما اشتهت أنفسنا، ولذت أعيننا من النعم في جوار الكريم، قال: فيعود عليهم بالقول، فيقولون: ربنا نعم فأتنا بخير مما نحن فيه فيقول لهم تبارك وتعالى: رضاي عنكم ومحبتي لكم خير وأعظم مما أنتم فيه، قال: فيقولون: نعم يا ربنا رضاك عنا ومحبتك لنا خير لنا وأطيب لانفسنا. ثم قرأ علي بن الحسين عليهما السلام هذه الآية: ” وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم “. 58 – م: إن في الجنة طيورا كالبخاتي، عليها من أنواع المواشي، تصير ما بين سماء الجنة وأرضها، فإذا تمنى مؤمن محب للنبي وآله عليهم السلام الاكل من شئ منها وقع ذلك بعينه بين يديه، فتناثر ريشه وانشوى وانطبخ، فأكل من جانب منه قديدا ومن جانب منه مشويا بلا نار، فإذا قضى شهوته ونهمته (2) قال: الحمد لله رب العالمين عادت كما كانت فطارت في الهواء، وفخرت على سائر طيور الجنة تقول: من مثلي وقد أكل مني ولي الله عن أمر الله ؟ 59 – شى: عن الحسين بن محبوب، عن أبي ولاد قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: جعلت فداك إن رجلا من أصحابنا ورعا سلما كثير الصلاة قد ابتلي بحب اللهو وهو يسمع الغناء فقال: أيمنعه ذلك من الصلاة لوقتها، أو من صوم أو من عيادة مريض أو حضور جنازة، أو زيارة أخ ؟ قال: قلت: لا ليس يمنعه ذلك من شئ من الخير و البر، قال: فقال: هذا من خطوات الشيطان مغفور له ذلك إن شاء الله. ثم قال: إن


[ 1 ] أي استرخت عليه الثمار. [ 2 ] النهمة: الشهوة.

[ 142 ]

طائفة من الملائكة عابوا ولد آدم في اللذات والشهوات – أعني الحلال ليس الحرام – قال: فأنف الله للمؤمنين من ولد آدم من تعيير الملائكة لهم، قال: فألقى الله في همة اولئك الملائكة اللذات والشهوات كي لا يعيبوا المؤمنين، قال: فلما أحسوا ذلك من همهم عجوا إلى الله من ذلك فقالوا: ربنا عفوك عفوك ردنا إلى ما خلقنا له و أجبرتنا عليه، فإنا نخاف أن نصير في أمر مريج، (1) قال: فنزع الله ذلك من هممهم قال: فإذا كان يوم القيامة وصار أهل الجنة استأذن اولئك الملائكة على أهل الجنة فيؤذن لهم فيدخلون عليهم فيسلمون عليهم ويقولون لهم: ” سلام عليكم بما صبرتم ” في الدنيا عن اللذات والشهوات الحلال. 60 – شى: عن محمد بن الهيثم، عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام ” سلام عليكم بما صبرتم ” على الفقر في الدنيا ” فنعم عقبى الدار ” قال: يعني الشهداء 61 – شى: عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وآله جالس ذات يوم إذ دخلت ام أيمن في ملحفتها شئ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ام أيمن أي شئ في ملحفتك ؟ فقالت: يارسول الله فلانة بنت فلانة أملكوها (2) فنثروا عليها فأخذت من نثارها شيئا، ثم إن ام أيمن بكت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: ما يبكيك ؟ فقالت: فاطمة زوجتها فلم تنثر عليها شيئا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تبكين فوالذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا لقد شهد إملاك فاطمة جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في الوف من ملائكة ولقد أمر الله طوبى فنثرت عليهم من حللها وسندسها وإستبرقها ودرها وزمردها وياقوتها وعطرها فأخذوا منه حتى مادروا ما يصنعون به، ولقد نحل الله طوبى في مهر فاطمة فهي في دار علي بن أبي طالب عليه السلام. 62 – شى: عن أبان بن تغلب قال: كان النبي صلى الله عليه وآله يكثر تقبيل فاطمة قال: فعاتبته على ذلك عائشة فقالت: يا رسول الله إنك لتكثر تقبيل فاطمة ! فقال لها:


[ 1 ] أمر مريج: ملتبس مختبط. [ 2 ] أي زوجوها.

[ 143 ]

ويلك لما أن عرج بي إلى السماء مربي جبرئيل على شجرة طوبى فناولني من ثمرها فأكلتها فحول الله ذلك إلى ظهري، فلما أن هبطت إلى الارض واقعت بخديجة فحملت بفاطمة عليها السلام، فما قبلت فاطمة إلا وجدت رائحة شجرة طوبى منها. 63 – شى: عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: طوبى شجرة يخرج من جنة عدن غرسها ربها بيده. 64 – شى: عن أبي قتيبة تميم بن ثابت، عن ابن سيرين في قوله: ” طوبى لهم وحسن مآب ” قال: طوبى شجرة في الجنة أصلها في حجرة علي، ليس في الجنة حجرة إلا فيها غصن من أغصانها. 65 – جا: ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن سعيد بن جناح عن عبد الله بن محمد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة محرمة على الانبياء حتى أدخلها، ومحرمة على الامم كلها حتى يدخلها شيعتنا أهل البيت. 66 – كش: ابن قتيبة، عن يحيى بن أبي بكر قال: قال النظام لهشام بن الحكم: إن أهل الجنة لا يبقون في الجنة بقاء الابد فيكون بقاؤهم كبقاء الله ومحال أن يبقوا كذلك، فقال هشام: إن أهل الجنة يبقون بمبق لهم والله يبقى بلامبق وليس هو كذلك، فقال: محال أن يبقوا الابد، قال: قال: ما يصيرون ؟ قال: يدركهم الخمود، قال: فبلغك أن في الجنة ما تشتهي الانفس ؟ قال: نعم، قال: فإن اشتهوا أو سألوا ربهم بقاء الابد ؟ قال: إن الله تعالى لا يلهمهم ذلك، قال فلو أن رجلا من أهل الجنة نظر إلى ثمرة على شجرة فمد يده ليأخذها فتدلت إليه الشجرة والثمار ثم حانت منه لفتة فنظر إلى ثمرة اخرى أحسن منها فمد يده اليسرى ليأخذها فأدركه الخمود ويداه متعلقان بشجرتين فارتفعت الاشجار وبقي هو مصلوبا، فبلغك أن في الجنة مصلوبين ؟ قال: هذا محال قال: فالذي أتيت به أمحل منه: أن يكون قوم قد خلقوا وعاشوا فادخلوا الجنان تموتهم فيها يا جاهل ؟.


[ 144 ]

بيان: قال الجوهري: خمد المريض: أغمي عليه أو مات. واللفتة: الالتفات. قوله تموتهم أي تنسب إليهم الموت. وفي بعض النسخ بصيغة الغيبة فالفاعل هو الرب تعالى. 67 – يل، فض: بالاسناد يرفعه إلى عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى المساء قال لي جبرئيل عليه السلام: قد أمرت الجنة والنار أن تعرض عليك، قال: فرأيت الجنة وما فيها من النعيم، ورأيت النار وما فيها من العذاب، والجنة فيها ثمانية أبواب، على كل باب منها أربع كلمات، كل كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن يعلم ويعمل بها، وللنار سبعة أبواب، على كل باب منها ثلاث كلمات، كل كلمة خيرمن الدنيا وما فيها لمن يعلم ويعمل بها، فقال لي جبرئيل عليه السلام: اقرء يا محمد ما على الابواب فقرأت ذلك، أما أبواب الجنة فعلى أول باب منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شئ حيلة وحيلة العيش أربع خصال: القناعة، و بذل الحق، وترك الحقد، ومجالسة أهل الخير. وعلى الباب الثاني مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شئ حيلة وحيلة السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رؤوس اليتامي، والتعطف على الارامل، والسعي في حوائج المؤمنين، و التفقد للفقراء والمساكين. وعلى الباب الثالث مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شئ حيلة وحيلة الصحة في الدنيا أربع خصال: قلة الكلام، وقلة المنام، وقلة المشي، وقلة الطعام. وعلى الباب الرابع مكتوب: لاإله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم والديه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت. وعلى الباب الخامس مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من أراد أن لا يظلم فلا يظلم، ومن أراد أن لا يشتم فلا يشتم، ومن أراد أن لا يذل فلا يذل، ومن أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا والآخرة فليقل: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله. وعلى الباب السادس مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من أراد أن يكون قبره وسيعا فسيحا


[ 145 ]

فليبن المساجد، ومن أراد أن لا تأكله الديدان تحت الارض فليسكن المساجد، (1) ومن أحب أن يكون طريا مطرا لايبلى فليكنس المساجد، (2) ومن أحب أن يرى موضعه في الجنة فليكس المساجد بالبسط. (3) وعلى الباب السابع مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، بياض القلب في أربع خصال: عيادة المريض، واتباع الجنائز، وشراء الاكفان، ورد القرض وعلى الباب الثامن مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من أراد الدخول من هذه الابواب فليتمسك بأربع خصال: (ع) السخاء، وحسن الخلق، والصدقة، والكف عن أذى عباد الله تعالى. ورأيت على أبواب النار مكتوبا على الباب الاول ثلاث كلمات: من رجا الله سعد، ومن خاف الله أمن، والهالك المغرور من رجا غير الله وخاف سواه وعلى الباب الثاني: من أراد أن لا يكون عريانا يوم القيامة فليكس الجلود العارية في الدينا، من أراد أن لا يكون عطشانا يوم القيامة فليسق العطاش في الدنيا، من أراد أن لا يكون يوم القيامة جائعا فليطعم البطون الجائعة في الدنيا. وعلى الباب الثالث مكتوب: لعن الله الكاذبين، لعن الله الباخلين، لعن الله الظالمين. وعلى الباب الرابع مكتوب: ثلاث كلمات: أذل الله من أهان الاسلام، أذل الله من أهان أهل البيت، أذل الله من أعان الظالمين على ظلمهم للمخلوقين. وعلى الباب الخامس مكتوب ثلاث كلمات: لا تتبعوا الهوى فالهوى (5) يخالف الايمان، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط من رحمة الله، ولا تكن عونا للظالمين. وعلى الباب السادس مكتوب: أنا حرام على المجتهدين، أنا حرام على المتصدقين، أنا حرام على الصائمين. وعلى الباب السابع مكتوب ثلاث كلمات: حاسبوا نفوسكم قبل أن تحاسبوا، ووبخوا نفوسكم قبل أن توبخوا، (6)


[ 1 ] في نسخة: فليكنس المساجد. [ 2 ] في نسخة فليسكن المساجد. [ 3 ] جمع البساط: ضرب من الطنافس. [ 4 ] في نسخة: فليستمسك باربع خصال. [ 5 ] في نسخة: فان الهوى. [ 6 ] وبخه: لامه وهدده وعيره.

[ 146 ]

وادعوا الله عزوجل قبل أن تردوا عليه ولا تقدروا على ذلك. 68 – كش: علي بن الحسن بن فضال، عن مروك بن عبيد، عن محمد بن عيسى القمي قال: توجهت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام فاستقبلني يونس مولى آل يقطين فقال: لي: أين تذهب ؟ قلت: اريد أبا الحسن عليه السلام، قال: فقال: اسأله عن هذه المسألة قل له: خلقت الجنة بعد ؟ فإني أزعم أنها لم تخلق، قال: فدخلت على أبي الحسن عليه السلام قال: فجلست عنده فقلت له: إن يونس مولى آل يقطين (1) أودعني إليك رسالة، قال: وماهي ؟ قال: قلت: قال: أخبرني عن الجنة خلقت بعد ؟ فإني أزعم أنها لم تخلق، قال كذب فأين جنة آدم ؟. 69 – كش: علي بن محمد، عن محمد بن أحمد، عن ابن يزيد، عن مروك بن عبيد، عن يزيد بن حماد، عن ابن سنان قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: إن يونس يقول: إن الجنة والنار لم يخلقا، قال: فقال: ماله لعنه الله فأين جنة آدم ؟. (2) 70 – تم: الصفار، عن محمد بن عيسى، عن ابن أسباط، عن رجل، عن صفوان الجمال قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا كان يوم القيامة نظر رضوان خازن الجنة إلى قوم لم يمروا به فيقول: من أنتم ؟ ومن أين دخلتم ؟ قال: يقولون: إياك عنا فإنا قوم عبدنا الله سرا فأدخلنا الله سرا. 71 – جع: سئل النبي صلى الله عليه وآله عن أنهار الجنة كم عرض كل نهر منها ؟ فقال: صلى الله عليه وآله: عرض كل نهر مسيرة خمسين مائة عام، (3) يدور تحت القصور والحجب، تتغنى أمواجه وتسبح وتطرب في الجنة كما يطرب الناس في الدنيا. ” ص 126 “


[ 1 ] في نسخة: مولى ابن يقطين. [ 2 ] قد نص أصحابنا الامامية في كتب تراجمهم على جلالة قدر يونس بن عبد الرحمن ووثاقته وأنه من أكابر قدماء الاصحاب وأن له منزلة عظيمة عند الائمة عليهم السلام، وكانوا عليهم السلام يرجعون شيعتهم إليه في الفتيا، وقد مدح في صحيح الاخبار وموثقها مدحا عظيما، وقد نصوا على أن ما نسب إليه وإلى امثاله من عظماء الامامية كزرارة وهشام بن الحكم وهشام بن سالم ومؤمن الطاق وغيرهم مما لا يوافق المذهب لم يثبت صحة انتسابه إليهم وهم برآء منه، وما ورد من الاخبار بخلاف ذلك محمول على ما بينوه في تراجمهم. (3) في المصدر: خمسمائة عام م

[ 147 ]

72 – وقال عليه السلام: أكثر أنهار الجنة الكوثر تنبت الكواعب الاتراب عليه، يزوره أولياء الله يوم القيامة. فقال عليه السلام: (1) خطيب أهل الجنة أنا محمد رسول الله. ” ص 126 ” وقيل في شرح الكواعب الاتراب: ينبت الله من شطر الكوثر حوراء ويأخذها من يزور الكوثر من أولياء الله تعالى. 73 – عن النبي صلى الله عليه وآله قال: للرجل الواحد من أهل الجنة سبعمائة ضعف مثل الدنيا، وله سبعون ألف قبة، وسبعون ألف قصر، وسبعون ألف حجلة، وسبعون ألف إكليل، وسبعون ألف حلة، وسبعون ألف حوراء عيناء، وسبعون ألف وصيف، (2) وسبعون ألف ذؤابة، وأربعون إكليلا، وسبعون ألف حلة. ” 127 ” 74 – وسئل النبي صلى الله عليه وآله ما بناؤها ؟ قال: لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها المسك الاذفر، وترابها الزعفران، وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت، من دخلها يتنعم لا يبأس أبدا، ويخلد لا يموت أبدا، لا يبلى ثيابه ولا شبابه. ” ص 173 ” 75 – م: قال الامام عليه السلام في حديث طويل يذكر فيه معجزات النبي صلى الله عليه وآله و أن ابن أبي سم طعاما ودعا النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه ليقتلهم، فدفع الله عنهم غائلة السم، ووسع عليهم البيت، وبارك لهم في الطعام، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني إذا تذكرت ذلك البيت كيف وسعه الله بعد ضيقه وفي ذلك الطعام بعد قلته وفي ذلك السم كيف أزال الله تعالى غائلته (3) أذكر ما يزيد الله تعالى في منازل شيعتنا وخيراتهم في جنات عدن في الفردوس، إن من شيعتنا لمن يهب الله له في الجنان من الدرجات والمنازل والخيرات مالا يكون الدنيا وخيراتها في جنبها إلا كالرمل في البادية الفضفاضة فما هو إلا أن يرى أخا له مؤمنا فقيرا فيتواضع له ويكرمه ويعينه ويمونه ويصونه عن بذل وجهه له حتى يرى الملائكة الموكلين بتلك المنازل والقصور، وقد تضاعفت حتى صارت في الزيادة كما كان هذا الزائد في هذا البيت الصغير الذي رأيتموه فيما صار إليه من كبره وعظمه وسعته، فتقول الملائكة: يا ربنا لا طاقة لنا بالخدمة في هذه المنازل فامددنا


[ 1 ] في المصدر: وقال عليه السلام. [ 2 ] في المصدر بعد ذلك: وسبعون الف وصيفة، لكل وصيفة سبعون الف ذؤابة اه‍. م [ 3 ] في التفسير المطبوع: وفى تكثير ذلك الطعام بعد قلته، وفى ذلك السم كيف أزال الله غائلته عن محمد ومن دونه، وكيف وسعه وكثره أذكر اه‍.

[ 148 ]

بملائكة يعاونوننا، فيقول الله: ماكنت لاحملكم مالا تطيقون، فكم تريدون مددا ؟ فيقولون: ألف ضعفنا، وفيهم من المؤمنين من تقول الملائكة: نستزيد (1) مددا ألف ألف ضعفنا، وأكثر من ذلك على قدر قوة إيمان صاحبهم وزيادة إحسانه إلى أخيه المؤمن فيمددهم الله بتلك الاملاك، وكلما لقى هذا المؤمن أخاه فبره زاد الله في ممالكه وفي خدمه في الجنة كذلك. أقول: تمامه في أبواب معجزات نبينا صلى الله عليه وآله. 76 – جع: قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال النبي صلى الله عليه وآله: إن في الجنة سوقا ما فيها شرى ولا بيع إلا الصور من الرجال والنساء، من اشتهى صورة دخل فيها، وإن فيها مجمع حور العين يرفعن أصواتهن بصوت لم يسمع الخلائق بمثله: نحن الناعمات فلا نبأس أبدا، ونحن الطاعمات فلا نجوع أبدا، ونحن الكاسيات فلا نعرى أبدا، ونحن الخالدات فلا نموت أبدا، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا، فطوبى لمن كنا له وكان لنا، نحن خيرات حسان، أزواجنا أقوام كرام. ” ص 174 ” 77 – وقال النبي صلى الله عليه وآله: شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها. ” ص 174 ” 78 – وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: إن أهل الجنة ينظرون إلى منازل شيعتنا كما ينظر الانسان إلى الكواكب. ” ص 174 ” 79 – وكان يقول: من أحبنا فكان معنا، ومن قاتل معنا بيده فهو معنا في الدرجة ومن أحبنا بقلبه، إلى آخر الحديث. ” ص 174 ” 80 – عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، ما في الجنة دار ولا قصر ولا حجر ولا بيت إلا وفيه غصن من تلك الشجرة وإن أصلها في داري. ثم أتى عليه ما شاء الله، ثم حدثهم في يوم آخر: إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، ما في الجنة قصر ولا دار ولا بيت إلا وفيه من ذلك الشجر غصن وإن أصلها في دار علي. فقام عمر فقال: يا رسول الله أو ليس حدثتنا عن هذه وقلت: أصلها في داري ؟ ثم حدثت وتقول: أصلها في دار علي ! فرفع النبي صلى الله عليه وآله رأسه فقال:


[ 1 ] في التفسير المطبوع: وفيهم من المؤمنين من تقول أملاكه: نستزيد اه‍.

[ 149 ]

أوما علمت أن داري ودار علي واحد، وحجرتي وحجرة علي واحد، وقصري وقصر علي واحد، وبيتي وبيت علي واحد، ودرجتي ودرجة علي واحد، وستري وستر علي واحد ؟ فقال عمر: يارسول الله إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله كيف يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله: إذا أراد أحدنا أن يأتي أهله ضرب الله بيني وبينه حجابا من نور فإذا فرغنا من تلك الحاجة رفع الله عناذلك الحجاب. فعرف عمر حق علي عليه السلام فلم يحسد أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ما حسده. ” ص 174 – 175 ” 81 – بشا: محمد بن علي بن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، عن أحمد بن أبي جعفر البيهقي، عن علي بن جعفر المدني، عن عبد الله بن محمد المروزي، عن سفيان ابن عيينة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: يأتي على أهل الجنة ساعة يرون فيها نور الشمس والقمر فيقولون: أليس قد وعدنا ربنا أن لا نرى فيها شمسا ولا قمرا ؟ فينادي مناد: قد صدقكم ربكم وعده لا ترون فيها شمسا ولا قمرا، ولكن هذا رجل من شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام يتحول من غرفة إلى غرفة، فهذا الذي أشرق عليكم من نور وجهه. ” ص 195 ” 82 – نبه: قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا القاسم أتزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ؟ قال: نعم والذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في الاكل والشرب، قال: فإن الذي يأكل تكون له الحاجة والجنة طيب لا خبث فيها ! قال: عرق يفيض من أحدهم كرشح المسك فيضمر بطنه. 83 – أبو أيوب الانصاري عنه صلى الله عليه وآله: ليلة اسري بي مربي إبراهيم عليه السلام فقال: مرامتك أن يكثروا من غرس الجنة فإن أرضها واسعة وتربتها طيبة، قلت: وما غرس الجنة ؟ قال: ” لا حول ولا قوة إلا بالله “. 84 – كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن عبد الله الدقاق، عن أيوب بن محمد الوراق، عن عجاج بن محمد، عن الحسن بن جعفر، عن الحسن قال: سألت عمران ابن حصين وأبا هريرة عن تفسير قوله تعالى: ” ومساكن طيبة ” فقالا: على الخبير سقطت، سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: قصر من لؤلؤ في الجنة، في ذلك القصر سبعون


[ 150 ]

دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زمردة حمراء في كل بيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش امرأة من الحور العين، في كل بيت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام، في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة، وقال، فيعطي الله المؤمن من القوة في غداة واحدة أن يأتي على ذلك كله. 85 – كنز: محمد بن العباس، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن حسين بن مخارق، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر، عن أبيه، علي بن الحسين عليهم السلام عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: قوله تعالى: ” ومزاجه من تسنيم ” قال: هو أشرف شراب في الجنة يشربه محمد وآل محمد، وهم المقربون السابقون: رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب والائمة وفاطمة وخديجة صلوات الله عليهم و ذريتهم الذين اتبعتهم بإيمان ليتسنم عليهم من أعالي دورهم. 86 – وروي عنه عليه السلام أنه قال: تسنيم أشرف شراب في الجنة يشربه محمد وآل محمد صرفا، ويمزج لاصحاب اليمين وسائر أهل الجنة. 87 – فر: فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: ” طوبى لهم وحسن مآب ” قال النبي صلى الله عليه وآله: لما اسري بي (1) فدخلت الجنة فإذا أنا بشجرة كل ورقة منها تغطي الدنيا وما فيها، تحمل الحلي والحلل والطعام ماخلا الشراب، وليس في الجنة قصر ولا دار ولا بيت إلا فيه غصن من أغصانها، و صاحب القصر والدار والبيت حلية وحلله وطعامه منها، فقلت: يا جبرئيل ما هذه الشجرة ؟ قال: هذه طوبي فطوبى لك ولكثير من امتك، قلت: فأين منتهاها ؟ يعني أصلها – قال: في دار علي بن أبي طالب ابن عمك عليه السلام. ” ص 72 ” 88 – فر: إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم الفارسي معنعنا، عن أبي جعفر محمد بن علي، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء فصرت في السماء الدنيا حتى صرت في السماء السادسة فإذا أنا بشجرة لم أر شجرة أحسن منها ولا أكبر منها، فقلت لجبرئيل: يا حبيبي ما هذه الشجرة ؟ قال: طوبي يا حبيبي،


[ 1 ] في المصدر: لما اسرى بى إلى السماء. م

[ 151 ]

قال: فقلت: ماهذا الصوت العالي الجهوري ؟ قال: هذا صوت طوبى، قلت: أي شئ يقول ؟ قال: يقول: واشوقاه إليك يا علي بن أبي طالب – عليه السلام -. ” ص 73 ” 89 – فر: عبيد بن كثير معنعنا، عن سلمان رضي الله عنه قال: قال بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله: يارسول الله مالك تحب فاطمة حبا ما تحب أحدا من أهل بيتك ؟ قال إنه لما اسرى بي إلى السماء انتهى بي جبرئيل عليه السلام إلى شجرة طوبى، فعمد إلى ثمرة من أثمار طوبى ففركه (1) بين إصبعيه، ثم أطعمنيه، ثم مسح يده بين كتفي، ثم قال: يا محمد إن الله تعالى يبشرك بفاطمة من خديجة بنت خويلد، فلما أن هبطت إلى الارض فكان الذي كان فعلقت خديجة بفاطمة، فأنا إذا اشتقت إلى الجنة أدنيتها فشممت ريح الجنة، فهي حوراء إنسية. ” ص 73 ” 90 – فر: الحسين بن سعيد معنعنا، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى، ما في الجنة دار إلا فيها غصن أغصانها، أحلى من الشهد، وألين من الزبد، أصلها في داري وفرعها في دار علي بن أبي طالب عليه السلام. ” ص 73 ” 91 – فر: الحسين بن القاسم، والحسين بن محمد بن مصعب، وعلي بن حمدون – زاد بعضهم على بعض الحرف والحرفين ونقص بعضهم الحرف والحرفين والمعنى واحد إن شاء الله – قالوا: حدثنا عيسى بن مهران معنعنا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: لما نزلت على روسول الله صلى الله عليه وآله ” طوبى لهم وحسن مآب ” قام مقداد بن الاسود الكندي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يارسول الله وما طوبى ؟ قال: يا مقداد شجرة في الجنة لو يسير الراكب الجواد لسار في ظلها مائة عام قبل أن يقطعها، ورقها وقشورها برود (2) خضر وزهرها رياض، (2) وأفنانها سندس وأستبرق، وثمرها حلل خضر، وطعمها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر، وترابها مسك وعنبر، و


[ 1 ] فرك الجوز ونحوه: دلكه وحكه حتى ينقلع قشره. [ 2 ] في نسخة: وزهرها رياحين رياش صفر.

[ 152 ]

حشيشها منيع (1) وألنجوج يتأجج (2) من غير وقود، يتفجر من أصلها السلسبيل و الرحيق والمعين، وظلها مجلس من مجالس شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يألفونه ويتحدثون بجمعهم، وبيناهم في ظلها يتحدثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجباء جبلت من الياقوت ثم نفخ الروح فيها مزمومة (3) بسلاسل من ذهب، كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا، وبرها خز أحمر ومرعزى أبيض مختلطان، لم ينظر الناظرون إلى مثله حسنا وبهاء، وذلل من غير مهلة، (4) نجباء من غير رياضة، عليها رحال ألواحها من الدر والياقوت المفضضة باللؤلؤ والمرجان، صفائحها من الذهب الاحمر ملبسة بالعبقري والارجوان، فأناخوا تلك النجائب إليهم، ثم قالوا لهم: ربكم يقرؤكم السلام ويراكم وينظر إليكم، ويحبكم وتحبونه، ويزيدكم من فضله وسعته فإنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم، قال: فيحمل كل رجل منهم على راحلته فينطلقون صفا واحدا معتدلا، ولا يمرون (6) بشجرة من أشجار الجنة إلا أتحفتهم بثمارها، ورحلت لهم عن طريقهم كراهية أن يثلم طريقتهم وأن يفرق بين الرجل و رفيقه، فما دفعوا إلى الجبار جل جلاله قالوا: ربنا أنت السلام ولك يحق الجلال والاكرام، فيقول الله تعالى: مرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل بيت نبيي، ورعوا حقي، وخافوني بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين، قالوا: أما وعزتك و جلالك ما قدرناك حق قدرك، وما أدينا إليك كل حقك، فأذن لنا في السجود، قال


[ 1 ] هكذا في النسخ وهو كما يأتي عن المصنف لا يناسب المقام، وفى التفسير المطبوع: وحشيشها صع والظاهر أنهما مصحفان عن (ميع) وهو صمغ عطر يسيل من شجرة ويتطيب به. [ 2 ] في المصدر: والخوخ يتأجج اه‍. م [ 3 ] زمه: ربطه وشده. [ 4 ] في التفسير المطبوع: من غير مهيعة. [ 5 ] الارجوان بضم الهمزة وسكون الراء: ثياب حمر. [ 6 ] الموجود في التفسير المطبوع: فيتحول كل رجل منهم على راحلته فينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت منهم شئ شيئا، ولا يفوت اذن ناقة من ناقتها ولا بركة ناقة بركها، ولا يمرون إ ه‍.

[ 153 ]

لهم ربهم: إني وضعت عنكم مؤونة العبادة، وأرحت عليكم أبدانكم، وطال ما أنصبتم لي الابدان، وعنتم الوجوه، فالآن افضيتم إلى روحي ورحمتي فاسألوني ما شئتم و تمنوا علي اعطكم أمانيكم، فإني لن أجزيكم اليوم بأعمالكم ولكن برحمتي وكرامتي وطولي وارتفاع مكاني وعظم شأني، ولحبكم أهل بيت نبيي، فلا يزال يرفع أقدار محبي (1) علي بن أبي طالب عليه السلام في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعته ليتمنى في امنيته مثل جميع الدنيا منذ يوم خلقها الله إلى يوم أفناها، فيقول لهم ربهم: لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فانظروا إلى مواهب ربكم، فإذا بقباب و قصور في أعلى عليين من الياقوت الاحمر والاخضر والاصفر والابيض، فلولا أنها مسخرة إذا للمعت (2) الابصار منها، فما كان من تلك القصور من الياقوت الاحمر فهو مفروش بالعبقري الاحمر يزهر نورها، وما كان منها من الياقوت الاخضر فهو مفروش بالسندس الاخضر، وما كان منها من الياقوت الابيض فهو مفروش بالحرير الابيض، وما كان منها من الياقوت الاصفر فهو مفروش بالرياش الاصفر مبثوثة بالزمرد الاخضر (3) والفضة البيضاء والذهب الاحمر، قواعدها وأركانها من الجوهر، يثور من أبوابها و أعراصها نور (4) مثل شعاع الشمس عنده مثل الكوكب الدري في النهار المضئ، وإذا على باب كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتان فيهما عينان نضاختان وفيهما من كل فاكهة زوجان، فلما أن أرادوا أن ينصرفوا إلى منازلهم ركبوا على براذين من نور بأيدي ولدان مخلدين، بيد كل واحد منهم حكمة برذون من تلك البراذين لجمها وأعنتها من الفضة البيضاء، وأثفارها من الجوهر، فلما دخلوا منازلهم وجدوا الملائكة يهنؤونهم بكرامة ربهم حتى إذا استقروا قرارهم قيل لهم: هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ قالوا: نعم ربنا رضينا فارض عنا، قال: برضاي عنكم وبحبكم


[ 1 ] في المصدر: فلا يزالون يا مقداد محبى اه‍. م [ 2 ] في المصدر: إذا التمعت. م [ 3 ] في نسخة: مطرزة مبثوثة بالزمرد الاخضر. [ 4 ] في التفسير المطبوع: ينور من أبوابها وأعراصها بنور مثل.

[ 154 ]

أهل بيت نبيي أحللتم داري وصافحتكم الملائكة، فهنيئا هنيئا غير محذور (1) وليس فيه تنغيص، فعندها قالوا: الحمدلله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. قال أبو موسى: فحدثت به أصحاب الحديث عن هؤلاء الثمانية فقلت لهم أنا أبرأ إليكم من عهدة هذا الحديث لان فيه قوما مجهولين ولعلهم لم يكونوا صادقين، فرأيت من ليلتي أو بعد كأنه أتاني آت ومعه كتاب فيه من مخول (2) بن إبراهيم و الحسن بن الحسين ويحيى بن الحسن بن فرات وعلي بن القاسم الكندي ولم ألق علي بن القاسم وعدة بعد لم أحفظ أساميهم: كتبنا إليك من تحت شجرة طوبى وقد أنجز ربنا لنا ما وعدنا، فاستمسك بما عندك من الكتب، فإنك لن تقرء منها كتابا إلا أشرقت له الجنة. ” ص 74 – 75 ” بيان: المنيع لم أر له معنى يناسب المقام وفيه تصحيف. والالنجوج: عود البخور، والمرعزى ويمد إذا خفف وقد تفتح الميم في الكل: الزغب الذي تحت شعر العنز. والرياش: اللباس الفاخر. ولمع بالشئ: ذهب به. والحكمة محركة: ما أحاط بحنكي الفرس من لجامه وفيها العذاران. (3) والثفر بالتحريك وقد يسكن: السير في (4) مؤخر السرج. سعد السعود من تفسير العباس بن مروان بإسناده عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام مثله. 92 – فر: محمد بن الحسن بن إبراهيم معنعنا عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ” فبلغني أن طوبى شجرة في * (الهامش) * [ 1 ] في التفسير المطبوع: غير مجذوذ. وليس فيه قوله: وليس فيه تنغيص. [ 2 ] بالخاء وفى نسخة بالحاء وهو مصحف. وزان محمد وقيل: على وزن مخنف، هو مخول ابن ابراهيم بن مخول بن راشد النهدي الكوفى، ترجمه ابن حجر في لسان الميزان ” ج 6 ص 11 ” قال: رافضي بغيض صدوق في نفسه، روى عن اسرائيل. وحكى عن ابن عدى أنه قال: هو من متشيعي الكوفة. وذكره ابن حبان في الثقات. [ 3 ] العذار بالكسير من اللجام: ماسال على خد الفرس. [ 4 ] السير بالفتح، قدة من الجلد مستطيلة.


[ 155 ]

الجنة، منابته (1) في دار علي بن أبي طالب وهي له ولشيعته، وعلى تلك الشجرة أسفاط فيها حلل من سندس وإستبرق يكون للعبد منها ألف سفط، في كل سفط مائة ألف حلة ليس منها حلة إلا مخالفة للون الاخرى إلا أن ألوانها كلها خضر من سندس وإستبرق، فهذا أعلى تلك الشجرة، ووسطها ظللهم يظل عليهم، يسير الراكب في ظل تلك الشجرة مائة عام قبل أن يقطعها، وأسفلها ثمرتها متدلى (2) على بيوتهم، يكون منها القضيب مثل القصبة (3) فيه مائة لون من الفواكه، ما رأيت ولم تر، وما سمعت ولم تسمع، متدلى على بيوتهم، كلما قطعوا منها ينبت مكانها، يقول الله تعالى: ” لا مقطوعة ولا ممنوعة ” وتدعى تلك الشجرة طوبى، ويخرج نهر من أصل تلك الشجرة فيسقي جنة عدن وهي قصر من لؤلؤة واحدة ليس فيها صدع ولا وصل، لو اجتمع أهل الاسلام كلها على ذلك القصر لهم فيه سعة، لها ألف ألف باب، وكل باب مصراعان من زبرجد وياقوت، اثنا عشر ميلا، (4) لا يدخلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو متحاب في الله، أو ضعيف من المؤمنين تلك منازلهم وهي جنة عدن. ” ص 77 – 78 ” 93 – كا: علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن أبي جميلة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: قال الله تبارك وتعالى: يا عبادي الصديقين تنعموا بعبادتي في الدنيا فإنكم تتنعمون بها في الآخرة. بيان: قوله: فإنكم تتنعمون بها أي بسببها، أو بثوابها، أو بأصل العبادة، فإن الصديقين يلتذون بعبادة ربهم أكثر من جميع اللذات والمشتهيات، بل لا يتلذذون بشئ إلا بها، فهم في الجنة يعبدون الله ويذكرونه، لا على وجه التكليف بل لالتذاذهم وتنعمهم بها، وهذا هو الاظهر. 94 – كا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن داود العجلي مولى


[ 1 ] في التفسير المطبوع: ثابتة اه‍. [ 2 ] في التفسير المطبوع: متدلية. [ 3 ] في التفسير المطبوع: يكون منها القضيب مثل القضيبة. [ 4 ] في التفسير المطبوع: عرضها اثنا عشر ميلا.

[ 156 ]

أبي المعزاقال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ثلاث اعطين سمع الخلائق: الجنة، والنار، والحور العين، فإذا صلى العبد وقال اللهم أعتقني من النار وأدخلني الجنة وزوجني من الحور العين قالت النار: يا رب إن عبدك قد سألك أن تعتقه مني فأعتقه وقالت الجنة: يا رب إن عبدك قد سألك إياي فأسكنه، (1) وقالت الحور العين: يا رب إن عبدك قد خطبنا إليك فزوجه منا، فإن هو انصرف من صلاته ولم يسأل من الله شيئا من هذا قلن الحور العين: إن هذا العبد فينا لزاهد وقالت الجنة: إن هذا لعبد في لزاهد، وقالت النار: إن هذا العبد في لجاهل. ” ف ج 1 ص 95 ” 95 – كا: العدة، عن البرقي، عن زكريا المؤمن، عن داود بن فرقد، أو قتيبة الاعشى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله: يارسول الله فداك آباؤنا وامهاتنا إن أصحاب المعروف في الدنيا عرفوا بمعروفهم، فبم يعرفون في الآخرة ؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة أمر ريحا عبقة طيبة فلزقت بأهل المعروف فلا يمر أحد منهم بملا من أهل الجنة إلا وجدوا ريحه فقالوا: هذا من أهل المعروف. ” ف ج 1 ص 170 ” بيان: عبق به الطيب كفرح: لزق به. 96 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أسحاق ابن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للجنة بابا يقال له المعروف، لا يدخله إلا أهل المعروف، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. ” ف ج 1 ص 170 ” 97 – كا: محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن المفضل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن المؤمن ليتحف أخاه التحفة، قلت: وأي شئ التحفة ؟ قال: من مجلس، ومتكأ، وطعام، وكسوة وسلام، فتطاول الجنة مكافاة له، ويوحي الله عزوجل إليها: أني قد حرمت طعامك على أهل الدنيا إلا على نبي أو وصي نبي، فإذا كان يوم القيامة أوحى الله عزوجل إليها: أن كافي أوليائي بتحفهم، فتخرج منها وصفاء ووصائف معهم أطباق مغطاة بمناديل من لؤلؤ، فإذا نظروا إلى جهنم وهولها وإلى الجنة وما فيها طارت عقولهم وامتنعوا أن يأكلوا


[ 1 ] في المصدر: فاسكنه في. م

[ 157 ]

فينادي مناد من تحت العرش: إن الله عزوجل قد حرم جهنم على من أكل من طعام جنته فيمد القوم أيديهم فيأكلون. * 98 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن محمد بن إسحاق المدني، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن قول الله عزوجل: ” يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ” فقال: يا علي إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا، اولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله عز ذكره واختصهم ورضي أعمالهم فسماهم المتقين. ثم قال له: يا علي أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنهم ليخرجون من قبورهم، وإن الملائكة لتستقبلهم بنوق من نوق العز، عليها رحائل الذهب مكللة بالدر والياقوت، وجلائلها الاستبرق والسندس، وخطمها جدل الارجوان، (1) تطير بهم إلى المحشر مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه وعن يمينه وعن شماله، يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الاعظم، وعلى باب الجنة شجرة إن الورقة منها ليستظل تحتها ألف رجل من الناس، وعن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية، قال: فيسقون منها شربة شربة فيطهر الله بها قلوبهم من الحسد، ويسقط عن أبشارهم الشعر، وذلك قول الله عزوجل: ” وسقاهم ربهم شرابا طهورا ” من تلك العين المطهرة. قال: ثم ينصرفون إلى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون فيها وهي عين الحياة فلا يموتون أبدا، قال: ثم يوقف بهم قدام العرش وقد سلموا من الآفات و الاسقام والحر والبرد أبدا، قال: فيقول الجبار جل ذكره للملائكة الذين معهم: احشروا أوليائي إلى الجنة ولا توقفوهم مع الخلائق فقد سبق رضاي عنهم ووجبت رحمتي لهم، وكيف اريد أن اوقفهم مع أصحاب الحسنات والسيئات ؟ قال: فتسوقهم الملائكة إلى الجنة فإذا انتهوا بهم إلى باب الجنة الاعظم ضرب الملائكة الحلقة


* أورده على بن إبراهيم في تفسيره مع اختلاف في ألفاظه كما تقدم تحت رقم 29. [ 1 ] الخطام: حبل يجعل في عنق البعير ويثنى في خطمه. كل ما وضع في أنف البعير ليقادبه. الجدل جمع الجديل: الحبل الفتول. والارجوان تقدم ضبطه ومعناه آنفا.

[ 158 ]

ضربة عظيمة تصر (1) صريرا (فبلغ خ ل) يبلغ صوت صريرها كل حوراء أعدها الله عزوجل لاوليائه في الجنان، فيتباشرون بهم إذا سمعوا صرير الحلقة فيقول بعضهم (فيتباشرن بهم إذا سمعن صرير الحلقة فيقول بعضهن ظ) لبعض: قد جاءنا أولياء الله فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنة وتشرف عليهم أزواجهم من الحور العين والآدميين فيقلن: مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم ! ويقول لهن أولياء الله مثل ذلك. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله أخبرنا عن قول الله عزوجل: ” غرف مبنية من فوقها غرف ” بماذا بنيت يارسول الله ؟ فقال: يا علي تلك غرف بناها الله عزوجل لاوليائه بالدر والياقوت والزبرجد، سقوفها الذهب محبوكة بالفضة، لكل غرفة منها ألف باب من الذهب، على كل باب منها ملك موكل به، فيها فرش مرفوعة بعضها فوق بعض من الحرير والديباج بألوان مختلفة وحشوها المسك والكافور و العنبر، وذلك قول الله عزوجل: ” وفرش مرفوعة ” إذا ادخل المؤمن إلى منازله في الجنة ووضع على رأسه تاج الملك والكرامة البس حلل الذهب والفضة والياقوت والدر منظوم (2) في الاكليل تحت التاج. قال: والبس سبعين حلة حرير بألوان مختلفة وضروب مختلفة منسوجة بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت الاحمر، فذلك قوله عزوجل: ” يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير ” فإذا جلس المؤمن على سريره اهتز سريره فرحا، فإذا استقر بولي الله عزوجل منازله في الجنان استأذن عليه الملك الموكل بجنانه ليهنئه بكرامة الله عز وجل إياه، فيقول له خدام المؤمن من الوصفاء والوصائف: مكانك فإن ولي الله قد اتكأ على أريكته وزوجته الحوراء تهيأ له (3) فاصبر لولي الله، قال: فتخرج عليه زوجته الحوراء من خيمة لها تمشي مقبلة وحولها وصائفها وعليها سبعون حلة منسوجة بالياقوت واللؤلؤ والزبرجد من مسك وعنبر، (4) وعلى رأسها تاج الكرامة، وعليها نعلان من


[ 1 ] في المصدر: ضربة، فتصر سريرا اه‍. م [ 2 ] في المصدر: المنظوم. م [ 3 ] الصحيح: تهيأت له. [ 4 ] الصحيح كما تقدم: والزبرجد صيغن بمسك وعنبر.

[ 159 ]

ذهب (1) مكللتان بالياقوت واللؤلؤ، شراكهما ياقوت أحمر، فإذا دنت من ولي الله فهم أن يقوم إليها شوقا فتقول له: يا ولي الله ليس هذا يوم تعب ولا نصب فلا تقم، أنا لك و أنت لي، فيعتنقان (2) مقدار خمسمائة عام من أعوام الدنيا لا يملها ولا تمله، قال: فإذا فتر بعض الفتور من غير ملالة نظر إلى عنقها فإذا عليها قلائد من قصب من ياقوت أحمر وسطها لوح صفحته درة مكتوب فيها: أنت ياولي الله حبيبي، وأنا الحوراء حبيبتك إليك تناهت نفسي، وإلي تناهت نفسك، ثم يبعث الله إليه ألف ملك يهنؤونه بالجنة ويزوجونه بالحوراء، قال: فينتهون إلى أول باب من جنانه فيقولون للملك الموكل بأبواب جنانه: استأذن لنا على ولي الله فإن الله بعثنا إليه نهنئه، فيقول لهم الملك: حتى أقول للحاجب، فيعلمه مكانكم. قال: فيدخل الملك إلى الحاجب وبينه وبين الحاجب: ثلاث جنان حتى ينتهي إلى أول باب، فيقول للحاجب: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العالمين ليهنؤوا ولي الله وقد سألوني أن آذن لهم عليه، فيقول الحاجب: إنه ليعظم علي أن أستاذن لاحد على ولي الله وهو مع زوجته الحوراء، قال: وبين الحاجب وبين ولي الله جنتان، قال: فيدخل الحاجب إلى القيم فيقول له: إن على باب العرصة ألف ملك أرسلهم رب العزة يهنؤون ولي الله فاستأذن (3) فيتقدم القيم إلى الخدام فيقول لهم: إن رسل الجبار على باب العرصة وهم ألف ملك أرسلهم الله يهنؤون ولي الله فأعملوه بمكانهم، قال: فيعلمونه فيؤذن للملائكة فيدخلون على ولي الله وهو في الغرفة ولها ألف باب، وعلى كل باب من أبوابها ملك موكل به، فإذا اذن للملائكة بالدخول على ولي الله فتح كل ملك بابه الموكل، به (4) قال: فيدخل القيم كل ملك من باب من أبواب الغرفة، قال: فيبلغونه رسالة الجبار عزوجل، وذلك قول الله عزوجل: ” والملائكة يدخلون عليهم من كل باب ” من أبواب الغرفة ” سلام عليكم ” إلى آخر الآية.


[ 1 ] في التفسير: وفى رجليها نعلان من ذهب. [ 2 ] في المصدر: قال: فيعتنقان. م [ 3 ] في المصدر: فاستأذن لهم. م [ 4 ] في التفسير هنا زيادة راجع الخبر المتقدم تحت رقم 29.

[ 160 ]

قال: وذلك قوله عزوجل: ” وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ” يعني بذلك ولي الله وما هو فيه من الكرامة والنعيم والملك العظيم الكبير، إن الملائكة من رسل الله عز ذكره يستأذنون عليه، فلا يدخلون عليه إلا بإذنه، فذلك (1) الملك العظيم الكبير. قال: والانهار تجري من تحت مساكنهم، وذلك قول الله عزوجل: ” تجري من تحتهم الانهار ” والثمار دانية منهم وهو قوله عزوجل: ” ودانية عليهم ظلالها و ذللت قطوفها تذليلا ” من قربها منهم يتناول المؤمن من النوع الذي يشتهيه من الثمار بفيه وهو متكئ، وإن الانواع من الفاكهة ليقلن لولي الله: ياولي الله كلني قبل أن تأكل هذا قبلي، قال: وليس من مؤمن في الجنة إلا وله جنان كثيرة معروشات وغير معروشات، وأنهار من خمر، وأنهار من ماء، وأنهار من لبن، وأنهار من عسل، فإذا دعى ولي الله بغذائه اتي بما تشتهي نفسه عند طلبه الغذاء من غير أن يسمي شهوته، قال: ثم يتخلى مع إخوانه ويزور بعضهم بعضا، ويتنعمون في جنات في ظل ممدود في مثل مابين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، أطيب من ذلك لكل مؤمن سبعون زوجة حوراء وأربع نسوة من الآدميين، والمؤمن ساعة مع الحوراء وساعة مع الآدمية، وساعة يخلو بنفسه على الارائك متكئا ينظر بعض المؤمنين إلى بعض، وإن المؤمن ليغشاه شعاع نور وهو علي أريكته ويقول لخدامه: ماهذا الشعاع اللامع لعل الجبار لحظني ؟ فيقول له خدامه: قدوس قدوس جل جلاله، بل هذه حوراء من نسائك ممن لم تدخل بها بعد أشرفت عليك من خيمتها شوقا إليك وقد تعرضت لك وأحبت لقاءك، فلما أن رأتك متكئا على سريرك تبسمت نحوك شوقا إليك، فالشعاع الذي رأيت والنور الذي غشيك هو من بياض ثغرها وصفائه ونقائه ورقته، فيقول ولي الله: ائذنوا لها فتنزل إلي، فيبتدر إليها ألف وصيف وألف وصيفة يبشرونها بذلك، فتنزل إليه من خيمتها وعليها سبعون حلة منسوجة بالذهب والفضة، مكللة بالدر والياقوت والزبرجد، صبغهن المسك والعنبر بألوان مختلفة، يرى مخ ساقها من وراء سبعين


[ 1 ] في المصدر: فلذلك. م

[ 161 ]

حلة، طولها سبعون ذراعا، وعرض مابين منكبيها عشرة أذرع، فإذا دنت من ولي الله أقبل الخدام بصحاف الذهب والفضة فيها الدر والياقوت والزبرجد، فينثرونها عليها، (1) ثم يعانقها وتعانقه فلا تمل ولا يمل. قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام: أما الجنان المذكورة في الكتاب فإنهن جنة عدن، وجنة الفردوس، وجنة نعيم، وجنة المأوى، قال: وإن لله عزوجل: جنانا محفوفة بهذه الجنان، وإن المؤمن ليكون له من الجنان ما أحب واشتهى يتنعم فيهن كيف يشاء، وإذا أراد المؤمن شيئا إنما دعواه إذا أراد (2) أن يقول: سبحانك اللهم، فإذا قالها تبادرت إليه الخدام بما اشتهى من غير أن يكون طلبه منهم أو أمر به، وذلك قول الله جل وعز: ” دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام ” يعني الخدام، قال: ” وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ” يعني بذلك عند ما يقضون من لذاتهم من الجماع والطعام والشراب يحمدون الله عزوجل عند فراغهم، وأما قوله: ” اولئك لهم رزق معلوم ” قال: يعلمه الخدام فيأتون به أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه، وأما قوله عزوجل: ” فواكه وهم مكرمون ” قال: فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا اكرموا به. ” الروضة ص 95 – 100 ” 99 – كا: الحسين بن محمد، عن المعلى، عن محمد بن جمهور، عن شاذان، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قال لي أبي: إن في الجنة نهرا يقال له جعفر، على شاطئه الايمن درة بيضاء فيها ألف قصر، في كل قصر ألف قصر لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله، وعلى شاطئه الايسر درة صفراء فيها ألف قصر، في كل قصر ألف قصر لابراهيم وآل إبراهيم عليهم السلام. ” الروضة ص 152 ” 100 – كا: علي، عن أبيه عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” فيهن خيرات حسان ” قال: هن صوالح المؤمنات العارفات، قال: قلت: ” حور مقصورات في الحيام ” قال: الحور هن البيض


[ 1 ] نسخة: فينثرونها عليهما. [ 2 ] في المصدر: شيئا أو اشتهى انما دعواه فيها إذا اراد اه‍. م

[ 162 ]

المضمومات (المضمرات خ ل) المخدرات في خيام الدر والياقوت والمرجان، لكل خيمة أربعة أبواب، على كل باب سبعون كاعبا حجابا لهن، ويأتيهن في كل يوم كرامة من الله عز ذكره ليبشر الله عزوجل بهن المؤمنين. ” الروضة ص 156 – 157 ” بيان: المضمومات أي المصونات المستورات، وفي بعض النسخ المضمرات، و لعله استعير من تضمير الفرس وهو أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت، أو كناية عن دقة أو ساطهن كما يحمد الفرس الضامر البطن. (1) 101 – كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسين بن أعين أخي مالك بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الرجل للرجل: جزاك الله خيرا ما يعني به ؟ قال أبو عبد الله عليه السلام: إن خيرا نهر في الجنة مخرجه من الكوثر، والكوثر مخرجه من ساق العرش، عليه منازل الاوصياء وشيعتهم، على حافتي ذلك النهر جواري نابتات، كلما قلعت واحدة نبتت اخرى، سمي بذلك النهر وذلك قوله: ” فيهن خيرات حسان ” وإذا قال الرجل لصاحبه: جزاك الله خيرا فإنما يعني بذلك تلك المنازل التي أعدها الله عزو جل لصفوته وخيرته من خلقه. ” الروضة ص 230 – 231 ” 102 – وعنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن الحسين بن عثمان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في الجنة نهرا حافتاة حور نابتات، فإذامر المؤمن بإحداهن فأعجبته اقتلعها فأنبت الله عزوجل مكانها. ” الروضة ص 231 ” 103 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام في صفة الجنة: درجات متفاضلات ومنازل متفاوتات، لا ينقطع نعيمها، ولا يظعن مقيمها، ولا يهرم خالدها، ولا ييأس ساكنها. 104 – نبه، نهج: قال عليه السلام: فلو رميت ببصر قلبك نحو ما يوصف لك منها لعزفت نفسك عن بدائع ما اخرج إلى الدنيا من شهواتها ولذاتها وزخارف مناظرها، ولذهلت بالفكر في اصطفاق أشجار غيبت عروقها (2) في كثبان المسك على سواحل أنهارها، وفي


[ 1 ] أو بمعنى المخفيات والمستورات، ولعله أنسب بالاية. [ 2 ] اصطفق العود: تحركت أوتاره. الاشجار: اهتزت بالريح.

[ 163 ]

تعليق كبائس اللؤلؤ الرطب في عساليجها وأفنانها، وطلوع تلك الثمار مختلفة في غلف أكمامها، تجنى من غير تكلف فتأتي على منية مجتنيها، ويطاف على نزالها في أفنية قصورها بالاعسال المصفقة، والخمور المروقة، (1) قوم لم تزل الكرامة تتمادى بهم حتى حلوا دار القرار، وأمنوا نقلة الاسفار، (2) فلو شغلت قلبك أيها المستمع بالوصول إلى ما يهجم عليك من تلك المناظر المونقة (3) لذهقت نفسك شوقا إليها، ولتحملت من مجلسي هذا إلى مجاورة أهل القبور استعجالا بها، جعلنا الله وإياكم ممن سعى بقلبه إلى منازل الابرار برحمته. ” نبه ج 1 ص 68 ” بيان: لعزفت أي زهدت. والزخرف: الذهب وكل مموه. والاصطفاق الاضطراب، ويروى: اصطفاف أشجار أي انتظامها صفا. والكبائس جمع كباسة وهي العذق التام بشماريخه ورطبه. والعساليج: الاغصان، وكذا الافنان. قوله عليه السلام: فتأتي علي منية مجتنيها أي لا يترك له منية أصلا. وقال الفيروز آبادي: التصفيق: تحويل الشراب من إناء إلى إناء ممزوجا ليصفو وقال: الرواق: الصافي من الماء وغيره والمعجب. ويقال: زهقت نفسه أي مات. 105 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: واعلموا أن من يتق الله يجعل له مخرجا من الفتن ونورا من الظلم، ويخلده فيما اشتهت نفسه، وينزله منزل الكرامة عنده في دار اصطنعها لنفسه، ظلها عرشه، ونورها بهجته، وزوارها ملائكته، ورفقاؤها رسله، ثم قال صلى الله عليه وآله: فبادروا بأعمالكم تكونوا مع جيران الله، رافق بهم رسله، وأزارهم ملائكته، وأكرم أسماعهم عن أن تسمع حسيس نار أبدا، وصان أجسادهم أن تلقى لغوبا ونصبا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. 106 – م: قال صلى الله عليه وآله: قال النبي صلى الله عليه وآله عند حنين الجذع بمفارقته صلى الله عليه وآله و صعوده المنبر: والذي بعثني بالحق نبيا إن حنين خزان الجنان وحورها وقصورها


[ 1 ] روق الشراب: صفاه. [ 2 ] إلى هنا ينتهى ما في تنبيه الخواطر. م [ 3 ] المونقة: المعجبة.

[ 164 ]

إلى من يوالي محمدا وعليا وآلهما الطيبين ويبرء من أعدائهما لاشد من حنين هذا الجذع إلى رسول الله صلى الله وعليه وآله، وإن الذي يسكن حنينهم وأنينهم ما يرد عليهم من صلاة أحدكم معاشر شيعتنا محمد وآله الطيبين، أو صلاة نافلة، أو صوم، أو صدقة وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد وعلي ما يتصل بهم من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين، ومعونتهم لهم على دهرهم، يقول أهل الجنان بعضهم لبعض: لا تستعجلوا صاحبكم فما يبطئ عنكم إلا للزيادة في الدرجات العاليات في هذه الجنان بإسداء المعروف إلى إخوانه المؤمنين، وأعظم من ذلك مما يسكن حنين سكان الجنان وحورها إلى شيعتنا ما يعرفهم الله من صبر شيعتنا على التقية، (1) فحينئذ تقول خزان الجنان وحورها: لنصبرن على شوقنا إليهم كما يبصرون على سماع المكروه في ساداتهم و أئمتهم، وكما يتجرعون الغيظ ويسكتون عن إظهار الحق لما يشاهدون من ظلم من لا يقدرون على دفع مضرته، فعند ذلك يناديهم ربنا عزوجل: يا سكان جناني ويا خزان رحمتي مالبخل أخرت عنكم أزواجكم وساداتكم، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي بمواساتهم إخوانهم المؤمنين، والاخذ بأيدي الملهوفين، والتنفيس عن المكروبين، وبالصبر على التقية من الفاسقين الكافرين، حتى إذا استكملوا أجزل كراماتي نقلتهم إليكم على أسر الاحوال وأغبطها فابشروا، فعند ذلك يسكن حنينهم وأنينهم. اقول: سيأتي تمامه في أبواب معجزات النبي صلى الله عليه وآله. 107 – فس: والدليل علي أن الجنان في السماء قوله تعالى: ” لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة ” والدليل على أن النار في الارض قوله تعالى في سورة مريم: ” فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ” ومعنى حول جهنم البحر المحيط بالدنيا يتحول نيرانا، وهو قوله تعالى: ” وإذا البحار سجرت ” ومعنى جثيا أي على ركبهم، ثم قال تعالى: ” ونذر الظالمين فيها جثيا ” يعني في الارض إذا تحولت نيرانا. ” ص 216 “


[ 1 ] في التفسير المطبوع هكذا: من صبر شيعتنا على التقية واستعماله التورية ليسلموا بهما من كفرة عباد الله وفسقتهم.

[ 165 ]

108 – م: قال عليه السلام في قوله تعالى: ” وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور ” بعد بيان أمر الله في الكتاب لبني إسرائيل أن يقروا بمحمد وآله، و عدم قبولهم، ورفع الجبل فوقهم، ثم إقرار بعضهم باللسان دون القلب، قال: فنظر القوم إلى الجبل وقد صار قطعتين: قطعة منه صارت لؤلؤة بيضاء فجعلت تصعد و ترقى حتى خرقت السماوات وهم ينظرون إليها ألى أن صارت إلى حيث لا تلحقها أبصارهم، وقطعة صارت نارا ووقعت على الارض بحضرتهم فخرقتها ودخلتها وغابت عن عيونهم، فقالوا: ما هذان المفترقان من الجبل، فرق صعد لؤلؤا، وفرق انحط نار ؟ قال لهم موسى: أما القطعة التي صعدت في الهواء فإنها وصلت إلى السماء فخرقتها إلى أن لحقت بالجنة، فاضعفت أضعافا كثيرة لا يعلم عددها إلا الله، وأمر الله أن يبنى منها للمؤمنين بما في هذا الكتاب قصور ودور ومنازل ومساكين مشتملة على أنواع النعم التي وعدها المتقين من عباده من الاشجار والبساتين والثمار والحور الحسان والمخلدين من الولدان كاللئالي المنثورة وسائر نعيم الجنة وخيراتها، وأما القطعة التي انحطت إلى الارض فخرقتها ثم التي تليها إلى أن لحقت بجهنم فاضعفت أضعافا كثيرة، وأمر الله تعالى أن يبنى منها للكافرين بما في هذا الكتاب قصور ودور ومساكن ومنازل مشتملة على أنواع العذاب التي وعدها الله الكافرين من عباده من بحار نيرانها وحياض غسلينها وغساقها وأودية قيحها ودمائها وصديدها وزبانيتها بمرزباتها وأشجار زقومها وضريعها وحياتها وعقاربها وأفاعيها وقيودها وأغلالها و سلاسلها وأنكالها، وسائر أنواع البلايا والعذاب المعد فيها. 109 – م: في قوله تعالى: ” ختم الله على قلوبهم ” وساق حكاية علي عليه السلام إلى أن قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يعلم من الحساب مالا يبلغه عقول الخلق، إنه يضرب ألفا وسبعمائة في ألف وسبعمائة ثم ما ارتفع من ذلك في مثله إلى أن يفعل ذلك ألف مرة، ثم آخر ما يرتفع من ذلك عدد ما يهبه الله لك يا علي في الجنة من القصور: قصر من ذهب، وقصر من فضة، وقصر من لؤلؤ، وقصر من زبرجد، وقصر من جوهر، وقصر من نور رب العزة، وأضعاف ذلك من العبيد والخدم والخيل والنجب


[ 166 ]

تطير بين سماء الجنة وأرضها، فقال علي عليه السلام: حمدا لربي وشكرا. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهذا العدد فهو عدد من يدخلهم الجنة ويرضى عنهم لمحبتهم لك، وأضعاف هذا العدد من يدخلهم النار من الشياطين والجن والانس ببغضهم لك ووقيعتهم فيك وتنقيصهم إياك. 110 – م: في قوله تعالى: ” وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله ” قال: فمنهم من يقول: قد كنت لعلي عليه السلام بالولاية شاهدا، ولآل محمد صلى الله عليه وآله محبا، وهو في ذلك كاذب يظن أن كذبه ينجيه، فيقال لهم: سوف نستشهد على ذلك عليا عليه السلام فتشهد أنت يا أبا الحسن فتقول: الجنة لاوليائي شاهدة، والنار لاعدائي شاهدة، فمن كان منهم صادقا خرجت إليه رياح الجنة ونسيمها فاحتملته فأوردته إلى أعلى غرفها وأحلته دار المقامة من فضل ربه، لا يمسهم فيها نصب ولا يمسهم فيها لغوب، ومن كان منهم كاذبا جاءته سموم النار وحميمها وظلها الذي هو ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب فتحمله وترفعه في الهواء وتورده نار جهنم. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وكذلك أنت قسيم الجنة والنار تقول: هذا لي، وهذا لك. 111 – م: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أعان ضعيفا في بدنه على أمره أعانه الله على أمره، ونصب له في القيامة ملائكة يعينونه على قطع تلك الاهوال وعبور تلك الخنادق من النار حتى لا يصيبه من دخانها، وعلى سمومها، وعلى عبور الصراط إلى الجنة أمنا – وساق الحديث إلى أن قال -: وإن الله عزوجل إذا كان أول يوم من شعبان أمر بأبواب الجنة فتفتح، ويأمر شجرة طوبى فتطلع أغصانها على هذه الدنيا، ثم ينادي منادي ربنا عزوجل: يا عباد الله هذه أغصان شجرة طوبى فتعلقوا بها تؤديكم إلى الجنان وهذه أغصان شجرة الزقوم فإياكم وإياها لا تؤديكم إلى الجحيم، ثم قال: فوالذي بعثني بالحق نبيا إن من تعاطى بابا من الخير في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان شجرة طوبى فهو مؤديه إلى الجنان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فمن تطوع لله بصلاة في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن، ومن تصدق في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن، ومن عفا عن مظلمة فقد تعلق منه بغصن، ومن أصلح بين المرء وزوجه والوالد


[ 167 ]

وولده والقريب وقريبه والجار وجاره والاجنبي وأجنبيه فقد تعلق منه بغصن، ومن خفف عن معسر من دينه أو حط عنه فقد تعلق منه بغصن، ومن نظرفي حسابه فرأى دينا عتيقا قد يئس منه صاحبه فأداه فقد تعلق منه بغصن، ومن كفل يتيما فقد تعلق منه بغصن، ومن كف سفيها عن عرض مؤمن فقد تعلق منه بغصن، ومن قعد لذكر الله ولنعمائه يشكره فقد تعلق منه بغصن، ومن عاد مريضا ومن شيع فيه جنازة ومن عزى فيه مصابا فقد تعلق منه بغصن، ومن بر فيه والديه أو أحدهما في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن، ومن كان أسخطهما قبل هذا اليوم فأرضاهما في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن، وكذلك من فعل شيئا من سائر أبواب الخير في هذا اليوم فقد تعلق منه بغصن. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا وإن من تعاطى بابا من الشر والعصيان في هذا اليوم فقد تعلق بغصن من أغصان الزقوم فهو مؤديه إلى النار، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا فمن قصر في صلاته المفروضة وضيعها فقد تعلق بغصن منه، ومن جاءه في هذا اليوم فقير ضعيف يشكو إليه سوء حاله وهو يقدر على تغيير حاله من غير ضرر يلحقه وليس هناك من ينوب عنه ويقوم مقامه فتركه يضيع ويعطب ولم يأخذ بيده فقد تعلق بغصن منه، ومن اعتذر إليه مسئ فلم يعذره ثم لم يقتصر به على قدر عقوبة إساءته بل أربى عليه فقد تعلق بغصن منه، ومن أفسد بين المرء وزوجه، أو الوالد وولده، أو الاخ وأخيه، أو القريب وقريبه، أوبين جارين أو خليطين أو أجنبيين فقد تعلق بغصن منه، ومن شدد على معسر وهو يعلم إعساره فزاد غيظا وبلاء فقد تعلق بغصن منه، ومن كان عليه دين فكسره على صاحبه وتعدى عليه حتى أبطل دينه فقد تعلق بغصن منه، ومن جفى يتيما (1) وآذاه وتهضم ماله فقد تعلق بغصن منه، ومن وقع في عرض أخيه المؤمن وحمل الناس على ذلك فقد تعلق بغصن منه، ومن تغنى بغناء حرام يبعث فيه على المعاصي فقد تعلق بغصن منه، ومن قعد يعدد قبائح أفعاله في الحروب وأنواع ظلمه لعباد الله فافتخر بها فقد تعلق بغصن منه،


[ 1 ] في نسخة: ومن جنى يتيما.

[ 168 ]

ومن كان جاره مريضا فترك عيادته استخفافا بحقه فقد تعلق بغصن منه، ومن مات جاره فترك تشييع جنازته تهاونا به فقد تعلق بغصن منه، ومن أعرض عن مصاب وجفاه إزراء عليه واستصغارا له فقد تعلق بغصن منه، ومن عق والديه أو أحدهما فقد تعلق بغصن منه، ومن كان قبل ذلك عاقا لهما فلم يرضهما في هذا اليوم وهو يقدر على ذلك فقد تعلق بغصن منه، وكذا من فعل شيئا من سائر أبواب الشر فقد تعلق بغصن منه، والذي بعثني بالحق نبيا إن المتعلقين بأغصان شجرة الزقوم تخفضهم تلك الاغصان إلى الجحيم. ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وآله طرفه إلى السماء مليا وجعل يضحك ويستبشر، ثم خفض طرفه إلى الارض فجعل يقطب ويعبس. ثم أقبل على أصحابه ثم قال: والذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد رأيت شجرة طوبى ترتفع أغصانها وترفع المتعلقين بها إلى الجنة، ورأيت منهم من تعلق منها بغصن ومنهم من تعلق بغصنين أو بأغصان على حسب اشتمالهم على الطاعات، وإني لارى زيد بن حارثة فقد تعلق بعامة أغصانها فهي ترفعه إلى أعلى علائها فبذلك ضحكت و استبشرت، ثم نظرت إلى الارض فوالذي بعثني بالحق نبيا لقد رأيت شجرة الزقوم تنخفض أغصانها وتخفض المتعلقين بها إلى الجحيم، ورأيت منهم من تعلق بغصن، ومنهم من تعلق بغصنين، أو بأغصان على حسب اشتمالهم على القبائح، وإني لارى بعض المنافقين قد تعلق بعامة أغصانها فهي تخفضه إلى أسفل دركاتها فلذلك عبست وقطبت. ثم اعاد رسول الله صلى الله عليه وآله بصره إلى السماء ينظر إليها مليا وهو يضحك ويستبشر، وإلى الارض ينظر إليها مليا وهو يقطب ويعبس، ثم أقبل على أصحابه فقال: يا عباد الله أما لو رأيتم ما رآه نبيكم محمد إذا لا ظمأتم لله بالنهار أكبادكم، ولجوعتم له بطونكم ولا سهرتم له ليلكم، ولانصبتم فيه أقدامكم وأبدانكم، ولانفذتم بالصدقة أموالكم، وعرضتم للتلف في الجهاد أرواحكم، قالوا: وما هو يا رسول الله فداك الآباء والامهات والبنون والبنات والاهلون والقرابات ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا لقد رأيت تلك الاغصان من شجرة طوبى عادت إلى الجنة فنادى منادي ربنا خزانها: يا ملائكتي انظروا كل من تعلق بغصن من أغصان طوبى في هذا اليوم فانظروا إلى


[ 169 ]

مقدار منتهى ظل ذلك الغصن فأعطوه من جميع الجوانب مثل مساحته قصورا ودورا وخيرات، فأعطوا ذلك، فمنهم من اعطي مسيرة ألف سنة من كل جانب، ومنهم من اعطي ضعفه، ومنهم من اعطي ثلاثة أضعافه، أو أربعة أضعافه، أو أكثر من ذلك على قدر قوة إيمانهم وجلالة أعمالهم، ولقد رأيت صاحبكم زيد بن حارثة اعطي ألف ضعف ما اعطي جميعهم على قدر فضله عليهم في قوة الايمان وجلالة الاعمال، فلذلك ضحكت واستبشرت، ولقد رأيت تلك الاغصان من شجرة الزقوم عادت إلى النار فنادى منادي ربنا خزانها: انظروا كل من تعلق بغصن من أغصان شجرة الزقوم في هذا اليوم فانظروا إلى منتهى مبلغ حر ذلك الغصن وظلمته فابنوا له مقاعد من النار من جميع الجوانب مثل مساحته قصور نيران وبقاع نيران وحيات وعقارب وسلاسل وأغلال و قيود وأنكال يعذب بها، فمنهم من اعدله فيها مسيرة سنة، أو سنتين، أو مائة سنة، أو أكثر على قدر ضعف إيمانهم وسوء أعمالهم، ولقد رأيت لبعض المنافقين ألف صعف ما اعطي جميعهم على قدر زيادة كفره وشره فلذلك قطبت وعبست. ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أقطار الارض وأكنافها فجعل يتعجب تارة، و ينزعج تارة، ثم أقبل على أصحابه فقال: طوبى للمطيعين كيف يكرمهم الله بملائكته، والويل للفاسقين كيف يخذلهم الله ويكلهم إلى شياطينهم، والذي بعثني بالحق نبيا إني لارى المتعلقين بأغصان شجرة طوبى كيف قصدتهم الشياطين ليغووهم، فحملت عليهم الملائكة يقتلونهم و يثخنونهم ويطردونهم عنهم، وناداهم منادي ربنا: يا ملائكتي ألا فانظروا كل ملك في الارض إلى منتهى مبلغ نسيم هذا الغصن الذي تعلق به متعلق فقاتلوا الشياطين عن ذلك المؤمن وأخروهم عنه، وإني لارى بعضهم وقد جاءه من الاملاك من ينصره على الشياطين ويدفع عنه المردة – وساق الحديث إلى أن بين فضل شهر رمضان، وحال من رعى حرمته ومن لم يرعها، وما يقال لهذين الصنفين يوم القيامة إلى أن قال -: فهم في الجنة خالدون لا يشيبون فيها ولا يهرمون، ولا يتحولون عنها ولا يخرجون، ولا يقلقون فيها ولا يغتمون، فهم فيها سارون مبتهجون آمنون مطمئنون، ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وأنتم في النار خالدون تعذبون


[ 170 ]

فيها وتهانون، ومن نيرانها إلى زمهريرها تنقلون، وفي حميمها تغتسلون، ومن زقومها تطعمون، وبمقامعها تقمعون، وبضروب عذابها تعاقبون، الاحياء أنتم فيها ولا تموتون أبد الآبدين إلا من لحقته منكم رحمة رب العالمين، فخرج منها بشفاعة محمد أفضل النبيين بعد العذاب الاليم والنكال الشديد. 112 – لى: عن أنس بن مالك قال: توفي ابن لعثمان بن مظعون فاشتد حزنه عليه حتى اتخذ من داره مسجدا يتعبد فيه، فبلغ ذلك رسول الله فأتاه فقال له: يا عثمان إن الله تبارك وتعالى لم يكتب علينا الرهبانية، إنما رهبانية امتي الجهاد في سبيل الله، يا عثمان بن مظعون للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، فما يسرك (1) أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك، آخذا بحجزتك، يشفع لك إلى ربك ؟ قال: بلى، ثم قال: يا عثمان من صلى صلاة الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله عزوجل حتى تطلع الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة، مابين درجتين (2) كحضر الفرس الجواد المضمر سبعين سنة، ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات عدن خمسون درجة بعد مابين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين سنة. ” ص 40 ” أقول: سيأتي بتمامه في باب الرهبانية. 113 – لى: بالاسناد الذي سيأتي في باب فضائل شهر رجب عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من صام من رجب يوما أغلق بابا من أبواب النيران، (3) ثم قال: ومن صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله بينه وبين النار خندقا أو حجابا طوله مسيرة سبعين عاما، ثم قال: ومن صام من رجب سبعة أيام فإن لجهنم سبعة أبواب يغلق الله عليه بصوم كل يوم بابا من أبوابها، ومن صام من رجب ثمانية أيام فإن للجنة ثمانية أبواب يفتح الله له بصوم كل يوم بابا من أبوابها، وقال له: ادخل من أي أبواب الجنان شئت: ثم قال: ومن صام من رجب أربعة عشر يوما أعطاه الله من الثواب


[ 1 ] في المصدر: افما يسرك اه‍. م [ 2 ] في المصدر: مابين كل درجتين اه‍. م [ 3 ] في المصدر: النار. م

[ 171 ]

مالا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من قصور الجنان التي بنيت بالدر والياقوت، ثم قال: ومن صام من رجب ستة عشر يوما كان في أوائل من يركب على دواب من نور تطير بهم في عرصة الجنان إلى دار الرحمن، ثم قال: ومن صام من رجب ثمانية عشر يوما زاحم إبراهيم في قبته في قبة الخلد على سرر الدر والياقوت، ومن صام من رجب تسعة عشر يوما بنى الله له قصرا من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم إبراهيم عليهما السلام في جنة عدن فيسلم عليهما ويسلمان عليه تكرمة له وإيجابا لحقه، ثم قال: ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء: يا عبد الله أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي وأعطاه الله عزوجل في الجنان كلها في كل جنة أربعين ألف مدينة من ذهب في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب، لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدة، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب، طول كل سرير ألفا ذراع في ألفي ذراع، على كل سرير جارية من الحور، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور، تحمل كل ذؤابة منها ألف ألف وصيفة تغلفها بالمسك والعنبر إلى أن يوافيها صائم رجب، الحديث، ” ص 319 – 322 “. 114 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد بن جعفر، عن أيوب بن محمد، عن سعد بن مسلمة، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي صلوات الله عليهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن السخاء شجرة من أشجار الجنة لها أغصان متدلية في الدنيا، فمن كان سخيا تعلق بغصن من أغصانها فساقه ذلك الغصن إلى الجنة، والبخل شجرة من أشجار النار لها أغصان متدلية في الدنيا فمن كان بخيلا تعلق بغصن من أغصانها فساقه ذلك الغصن إلى النار. ” ص 302 ” 115 – ع: أبي، عن سعد، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد، عن مصدق عن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد قال: لا، ولا يتختم


[ 172 ]

به الرجل لانه من لباس أهل النار، وقال: لا يلبس الرجل الذهب ولا يصلي فيه لانه من لباس أهل الجنة. ” ص 123 ” 116 – فر: عن ابن عباس، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم على فاطمة عليها السلام وهي حزينة، فقال لها – وساق الحديث في أحوال القيامة إلى أن قال -: فتقولين: يا رب أرني الحسن والحسين، فيأتيانك وأوداج الحسين تشخب دما وهو يقول: يا رب خذ لي اليوم حقي ممن ظلمني، فيغضب عند ذلك الجليل ويغضب لغضبه جهنم والملائكة أجمعون، فتزفرجهنم عند ذلك زفرة، ثم يخرج فوج من النار ويلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبنائهم، فيقولون: يا رب إنا لم نحضر الحسين فيقول الله لزبانية جهنم: خذوهم بسيماهم: بزرقة العيون، وسواد الوجوه، وخذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الاسفل من النار، فإنهم كانوا أشد على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين فقتلوه، فتسمع أشهقتهم (1) في جهنم – وساق الحديث إلى أن قال – فإذا بلغت باب الجنة تلقتك اثنتا عشر ألف حوراء لم يلتقين أحدا قبلك ولا يلتقين أحدا كان بعدك، بأيديهم حراب من نور على نجائب من نور جعلها (2) من الذهب الاصفر والياقوت الاحمر، أزمتها من لؤلؤ رطب، على كل نجيب أبرقة (3) من سندس منضود، فإذا دخلت الجنة تباشر بك أهلها، ووضع لشيعتك موائد من جوهر على عمد من نور فيأكلون منها والناس في الحساب، وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون وإذا استقر أولياء الله في الجنة زارك آدم ومن دونه من النبيين، وإن في بطنان الفردوس اللؤلؤتين من عرق واحد: لؤلؤة بيضاء، ولؤلؤة صفراء، فيها قصور ودور فيها سبعون ألف دار، البيضاء منازل لنا ولشيعتنا، والصفراء منازل لابراهيم وآل إبراهيم صلوات الله عليهم أجمعين. ” ص 171 – 172 ” بيان: الابرق: كل شئ اجتمع فيه سواد وبياض. 117 – ما: عن أبي منصور السكري، عن جده علي بن عمر، عن إسحاق بن


[ 1 ] في المصدر: شهيقهم م [ 2 ] الظاهر: رحائلها، وفى المصدر: حمائلها. [ 3 ] في المصدر: نمرقة اه‍. م

[ 173 ]

مروان القطان، عن أبيه، عن عبيد بن مهران العطار، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه وعن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيهما، عن جدهما عليهما السلام قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن في الفردوس لعينا أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأبرد من الثلج، وأطيب من المسك، منها طينة (1) خلقنا الله عزوجل منها وخلق منها شيعتنا، (2) وهي الميثاق الذي أخذ الله عزوجل عليه ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام. قال عبيد: فذكرت لمحمد ابن علي بن الحسين هذا الحديث قال: صدقت (3) هكذا أخبرني أبي، عن جدي، عن النبي صلى الله عليه وآله. ” ص 194 ” 118 – ع: الطالقاني، عن محمد بن يوسف الحلال، عن محمد بن الخليل، عن عبد الله بن بكر، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: سأل عبد الله بن سلام النبي صلى الله عليه وآله عن أول طعام أهل الجنة، فقال صلى الله عليه وآله: وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، الخبر. ” ص 42 – 43 ” بيان: قال الكرماني في شرح البخاري: زيادة الكبد هي القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد وهي أهنأها وأطيبها. 119 – ع: علي بن أحمد بن محمد، عن حمزة العلوي، عن علي بن الحسين، عن إبراهيم بن موسى الفراء، عن محمد بن ثور، عن جعفر بن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله ابن مرة، عن ثوبان أن يهوديا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله فسأله عن مسائل فكان فيما سأله: فما أول ما يأكله أهل الجنة إذا دخلوها ؟ قال: كبد الحوت، قال: فما شرابهم على أثر ذلك ؟ قال: السلسبيل، قال: صدقت، الخبر. 120 – فر: عن الحسين بن سعيد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: طوبى شجرة في الجنة غرسها الله بيده، ونفخ فيه من روحه تنبت الحلي والحلل و الثمار، متدلية على أفواه أهل الجنة، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة في


[ 1 ] في المصدر: فيها طينة اه‍. م [ 2 ] في المصدر بعد ذلك: فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا ولا من شيعتنا وهى اه‍. م [ 3 ] في المصدر: فقال: صدقك يحيى بن عبد الله، هكذا اه‍. م

[ 174 ]

منزل (1) علي بن أبي طالب عليه السلام لم يحرمها وليه، ولن ينالها عدوه. ” ص 76 ” 121 – فر: عن جعفر بن أحمد رفعه، عن سلمان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: والله يا علي إن شيعتك ليؤذن لهم في الدخول عليكم في كل جمعة، وإنهم لينظرون إليكم من منازلهم يوم الجمعة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجم في السماء، وإنكم لفي أعلى عليين في غرفة ليس فوقها درجة أحد من خلقه، الخبر. ” ص 130 ” 122 – فر: جعفر بن محمد بن سعيد الاحمسي رفعه، عن أبي ذر رحمه الله، عن النبي صلى الله عليه وآله في خبر المعراج قال: ثم عرج بي إلى السماء السادسة فتلقتني الملائكة وسلموا علي وقالوا لي مثل مقالة أصحابهم، فقلت: يا ملائكتي تعرفوننا حق معرفتنا ؟ فقالوا: بلى يا نبي الله لم لا نعرفكم وقد خلق الله جنة الفردوس وعلى بابها شجرة ليس فيها ورقة إلا عليها مكتوب حرفان بالنور: لا إله إلا الله محمد رسول الله، علي بن أبي طالب عروة الله الوثيقة، وحبل الله المتين، وعينه في الخلائق أجمعين، و سيف نقمته على المشركين. فاقرأه منا السلام وقد طال شوقنا إليه، الحديث. ” ص 135 ” 123 – فر: علي بن خلف الشيباني رفعه عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي عليه السلام: هذا جبرئيل يخبرني عن الله أن الله يبعثك وشيعتك يوم القيامة ركبانا غير رجال على نجائب رحلها من النور، فتناخ عند قبورهم فيقال لهم: اركبوا يا أولياء الله، فيركبون صفا معتدلا أنت إمامهم إلى الجنة حتى إذا صاروا إلى الفحص (2) ثارت في وجوههم ريح يقال لها: المثيرة فتذري في وجوههم المسك الاذفر، فينادون بصوت لهم: نحن العلويون، فيقال لهم: (3) فانتم آمنون ولا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون. ” ص 19 ” 124 – فر: عن أبي القاسم العلوي رفعه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: علي له في الجنة قصر من ياقوتة حمراء، أسفلها من زبرجد أخضر، وأعلاها من ياقوتة


[ 1 ] في المصدر: وهى في منزل اه‍. م [ 2 ] قال الجزري: وفى حديث الشفاعة: فانطلق حتى أتى الفحص، أي قدام العرش، هكذا فسرفى الحديث ولعله من الفحص: البسيط والكشف. وفى المصدر: حتى يصيروا إلى الفحص. [ 3 ] في المصدر: فتقال لهم: إن كنتم العلويون فانتم الامنون الذين لاخوف اه‍. م

[ 175 ]

حمراء وثلثا القصر مرصع بأنواع الياقوت والجوهر، عليه شرف يعرف بتسبيحه وتقديسه وتحميده وتمجيده، الخبر. 125 – فر: علي بن محمد الزهري رفعه، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه – و ساق الحديث في تجهيز النبي صلى الله عليه وآله سرية إلى جهاد قوم إلى أن قال -: فمن منكم يخرج إليهم قبل أن ينظر في ديارنا وحريمنا لعل الله أن يفتح يديه وأضمن له على الله اثنا عشر قصرا في الجنة – وساقه إلى أن قال -: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: فداك أبي وامي يا رسول الله صف لي هذه القصور، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي بناء هذه القصور لبنة من ذهب ولبنة من فضة، ملاطها المسك الاذفر والعنبر، حصباؤها الدر والياقوت ترابها الزعفران، كثيبها الكافور، في صحن كل قصر من هذه القصور أربعة أنهار: نهر من عسل، ونهر من خمر، ونهر من لبن، ونهر من ماء، محفوف بالاشجار من المرجان، على حافتي كل نهر من هذه الانهار خيم من درة بيضاء لاقطع فيه ولا فصل، قال لها: كوني فكانت، يرى باطنها من ظاهرها، وظاهرها من باطنها، في كل خيمة سرير مفصص بالياقوت الاحمر، قوائمها من الزبرجد الاخضر، على كل سرير حوراء من الحور العين، على كل حور سبعون حلة خضراء وسبعون حلة صفراء، يرى مخ ساقيها خلف عظمها وجلدها وحليها وحللها، كما ترى الخمرة الصافية في الزجاجة البيضاء، مكللة بالجواهر، لكل حور سبعون ذؤابة، (1) كل ذؤابة بيد وصيف، وبيد كل وصيف مجمر تبخر تلك الذؤابة، يفوح من ذلك المجمر بخار لا يفوح بنار ولكن بقدرة الجبار، الحديث. ” ص 222 – 223 ” 126 – ثو: بإسناده، عن أبي الحسن عليه السلام قال: رجب نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، من صام يوما من رجب سقاه الله من ذلك النهر. ” ص 52 ” 127 – ثو: بإسناده، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من صام ثلاثة أيام من شعبان رفع له سبعون ألف درجة من الجنان من الدر والياقوت، (2) ومن صام


[ 1 ] الذؤابة: شعر في مقدم الرأس. [ 2 ] في المصدر: في الجنان من در وياقوت. م

[ 176 ]

تسعة عشر يوما من شعبان اعطي سبعون ألف قصر من الجنان (1) من در وياقوت، ومن صام اثنين وعشرين يوما من شعبان كسي سبعين حلة من سندس وإستبرق، الحديث. ” ص 60 – 61 ” 128 ثو: بإسناده عن أمير المؤمنين عليه السلام في ثواب التهليلات في عشر ذي الحجة قال: من قال ذلك كل يوم عشر مرات أعطاه الله عزوجل بكل تهليلة درجة في الجنة من الدر والياقوت، مابين كل درجتين مسيرة مائة عام للراكب المسرع، في كل درجة مدينة فيها قصر من جوهرة واحدة لا فصل فيها، في كل مدينة من تلك المدائن من الدور والصحون (القصورخ ل) والغرف والبيوت والفرش والازواج والسرر والحور العين ومن النمارق والزرابي والموائد والخدم والانهار والاشجار والحلي والحلل مالا يصف خلق من الواصفين، فإذا خرج من قبره أصاب كل شعرة منه نورا، وابتدره سبعون ألف ملك يمشون أمامه وعن يمينه وعن شماله حتى ينتهي إلى باب الجنة، فإذا دخلها قاموا خلفه وهو أمامهم حتى ينتهي إلى مدينة ظاهرها ياقوتة حمراء، وباطنها زبرجدة خضراء، فيها من أصناف ما خلق الله عزوجل في الجنة فإذا انتهوا إليها قالوا: ياولي الله هل تدري ما هذه المدينة ؟ قال: لا، فمن أنتم ؟ قالوا: نحن الملائكة الذين شهدناك في الدنيا يوم هللت الله عزوجل بالتهليل، هذه المدينة بما فيها ثوابا لك، وابشر بأفضل من هذا في داره دار السلام، في جواره عطاء لا ينقطع أبدا. ” ص 71 ” 129 – من تفسير النعماني فيما رواه عن أمير المؤمنين عليه السلام وسيأتي بإسناده في كتاب القرآن قال عليه السلام: وأما الرد على من أنكر خلق الجنة والنار فقال الله تعالى: ” عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ” وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر، يرى داخله من خارجه، وخارجه من داخله من نوره، فقلت: (2) يا جبرئيل لمن هذا القصر ؟ فقال: لمن أطاب الكلام، وأدام الصيام، و


[ 1 ] في المصدر: في الجنان. [ 2 ] في المصدر: فرايت بها قصرا من ياقوتة حمراء يرى داخله من خارجه وخارجه من داخله، فقلت اه‍. م

[ 177 ]

أطعم الطعام، وتهجد بالليل والناس نيام، فقلت: يا رسول الله وفي امتك من يطيق هذا ؟ فقال لي: ادن مني فدنوت، فقال: أتدري ما إطابة الكلام ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم فقال: هو ” سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ” أتدري ما إدامة الصيام ؟ فقلت: الله ورسول أعلم، فقال: من صام شهر رمضان ولم يفطر منه يوما، أتدري ما إطعام الطعام ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: من طلب لعياله ما يكف به وجوههم، أتدري ما التهجد بالليل والناس نيام ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم فقال: من لا ينام حتى يصلي العشاء الآخرة، ويريد بالناس هنا اليهود والنصارى لانهم ينامون بين الصلاتين. وقال صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قيعان، (1) ورأيت فيها ملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة وربما أمسكوا، فقلت لهم: ما بالكم قد أمسكتم ؟ فقالوا: حتى تجيئنا النفقة، فقلت: وما نفقتكم ؟ قالوا: قول المؤمن: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإذا قال بنينا، وإذا أمسك أمسكنا. وقال صلى الله عليه وآله: لما اسرى بي ربي إلى سبع سماواته أخذ جبرئيل بيدي وأدخلني الجنة وأجلسني على درنوك (2) من درانيك الجنة وناولني سفرجلة فانفلقت نصفين وخرجت حوراء منها، فقامت بين يدي وقالت: السلام عليك يا محمد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، فقلت: وعليك السلام من أنت ؟ فقالت: أنا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة أنواع: أعلاي من الكافور، ووسطي من العنبر، وأسفلي من المسك، وعجنت بماء الحيوان، قال لي ربي: كوني فكنت لاخيك ووصيك علي بن أبي طالب. وهذا ومثله دليل على خلق الجنة، وبالعكس من ذلك الكلام في النار. ” ص 105 – 107 “


[ 1 ] جمع القاع: أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والاكام. وقد استمسك بذلك من أنكر خلق الجنة واجيب بأنه صلى الله عليه وآله قال: فيها قيعان. فأثبت وجود الجنة وأن فيها قيعان يبنى فيها قصور لمن يعمل بعد ذلك. [ 2 ] الدرنوك والدرنيك: نوع من البسط له خمل.

[ 178 ]

130 – فس: وأما الرد على من أنكر خلق الجنة والنار فقوله: ” عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ” وسدرة المنتهى في السماء السابعة وجنة المأوى عندها قال علي بن إبراهيم: حدثني أبي، عن حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت قصرا. وساق الحديث الاول إلى قوله: فإنهم ينامون فيما بينهما. ” ص 19 – 20 ” ثم قال: وبهذا الاسناد قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء إلى آخر الحديث الثاني. ثم روى ما روينا عنه في أول الباب من حديث تقبيل فاطمة عليها السلام ووصف شجرة طوبى، ثم قال: ومثل ذلك كثير مما هو رد على من أنكر المعراج وخلق الجنة والنار. 131 – ن: بإسناد التميمي، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وسط الجنة لي ولاهل بيتي. ” ص 226 ” 132 – ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد، عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن علي، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن يزيد، عن محمد بن سالم رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى: ” طوبى لهم وحسن مآب ” قال: هي شجرة غرسها الله عزوجل بيده ونفخ فيها من روحه، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت بالحلي والحلل والثمار متدلية على أفواههم، الخبر. ” ج 1 ص 161 ” 133 – ل: بسندين عن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وآله أربع خطط في الارض وقال: أتدرون ما هذا ؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفضل نساء الجنة أربع: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد – صلى الله عليه وآله – ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. ” ج 1 ص 96 ” 134 – مع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن فضال، عن رجل، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: السخاء شجرة في الجنة أصلها، وهي مظلة على الدنيا، من تعلق بغصن منها اجتره إلى الجنة. ” ص 75 “


[ 179 ]

135 – م: في قوله تعالى: ” ولا تقربا هذه الشجرة ” قال عليه السلام: هي شجرة تميزت بين أشجار الجنة، إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار والمأكول، وكانت هذه الشجرة وجنسها تحمل البر والعنب والتين والعناب وسائر أنواع الفواكه والثمار والاطعمة، فلذلك اختلف الحاكون بذكر الشجرة فقال بعضهم: هي برة، وقال آخرون: هي عنبة، وقال آخرون: هي عنابة. 136 – م: فيما سيأتي في أبواب مناقب أمير المؤمنين عليه السلام قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: فإن الله يخزي عنك الشيطان وعن محبيك، ويعطيك في الآخرة بعدد كل حبة خردل مما أعطيت صاحبك ومما ينميه الله منه درجة في الجنة أكبر من الدنيا من الارض إلى السماء، وبعدد كل حبة منها جبلا من فضة كذلك، وجبلا من لؤلؤ وجبلا من ياقوت وجبلا من جوهر وجبلا من نور رب العزة كذلك، وجبلا من زمرد وجبلا من زبرجد كذلك، وجبلا من مسك وجبلا من عنبر كذلك، وإن عدد خدمك في الجنة أكثر من عدد قطر المطر والنبات وشعور الحيوانات. 137 – م: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رعى قرابات أبويه اعطي في الجنة ألف درجة، مابين كل درجتين حضر الفرس الجواد المضمر مائة سنة، إحدى الدرجات من فضة والاخرى من ذهب، واخرى من لؤلؤ، واخرى من زمرد واخرى من زبرجد، واخرى من مسك، واخرى من عنبر واخرى من كافور، فتلك الدرجات من هذه الاصناف، ومن رعى حق قربى محمد وعلي اوتي من فضائل الدرجات و زيادة المثوبات على قدر زيادة فضل محمد وعلي على أبوي نسبه – وساق الحديث إلى أن قال في شأن رجل آثر قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله على قرابته بعد بيان أن اعطي مالا كثيرا – قال: ثم أتاه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا عبد الله هذا جزاؤك في الدنيا على إيثار قرابتي على قرابتك، ولاعطينك في الآخرة بكل حبة من هذا المال في الجنة ألف قصر أصغرها أكبر من الدنيا، مغرز إبرة منها خير من الدنيا وما فيها – وساقه إلى أن قال -: ومن مسح يده برأس يتيم رفقا به جعل الله له في الجنة بكل شعرة مرت


[ 180 ]

تحت يده قصرا أوسع من الدنيا بما فيها، وفيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين وهم فيها خالدون – وساقه إلى أن قال -: قال الحسين بن علي عليهما السلام: من كفل لنا يتيما قطعته عنا غيبتنا واستتارنا فواساه من علومنا التي سقطت إليه حتى أرشده وهداه قال الله عز وجل: يا أيها العبد الكريم المواسي إني أولى بهذا الكرم، اجعلوا له يا ملائكتي في الجنان بعدد كل حرف علمه ألف ألف قصر، وأضيفوا إليها ما يليق بها من سائر النعم – وساقه إلى أن قال -: وقالت فاطمة عليها السلام – وقد اختصم إليها امرأتان فتنازعتا في شئ من أمر الدين: إحداهما معاندة، والاخرى مؤمنه، ففتحت على المؤمنه حجتها فاستظهرت على المعاندة، ففرحت فرحا شديدا – فقالت فاطمة عليها السلام: إن فرح الملائكة باستظهارك عليها أشد من فرحك، وإن حزن الشيطان ومردته بخزيها عنك أشد من حزنها، وإن الله عزوجل قال للملائكة: أوجبوا لفاطمة بما فتحت على هذه المسكينة الاسيرة من الجنان ألف ألف ضعف ماكنت أعددت لها، واجعلوا هذه سنة في كل من يفتح على أسير مسكين فيغلب معاندا مثل ألف ألف ماكان معدا له من الجنان – وساقه إلى أن قال -: وقال جعفر بن محمد عليهما السلام: من كان همه في كسر النواصب عن المساكين الموالين لنا أهل البيت يكسرهم عنهم، ويكشف عن مخازيهم، ويبين أعوارهم، (1) ويفخم أمر محمد وآله جعل الله همة أملاك الجنان في بناء قصوره ودوره، يستعمل بكل حرف من حروف حججه على أعداء الله أكثر من عدد أهل الدنيا أملاكا، قوة كل واحد تفضل من حمل السماوات والارضين، فكم من بناء وكم من نعمة وكم من قصور لايعرف قدرها إلا رب العالمين – وساقه إلى أن قال -: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله عزوجل أمر جبرئيل ليلة المعراج فعرض علي قصور الجنان فرأيتها من الذهب والفضة، ملاطها المسك والعنبر، غير أني رأيت لبعضها شرفا عالية ولم أر لبعضها، فقلت: يا حبيبي جبرئيل ما بال هذه بلا شرف كما لسائر تلك القصور ؟ فقال: يا محمد هذه قصور المصلين فرائضهم، الذين يكسلون عن الصلاة عليك وعلى آلك بعدها، فإن بعث مادة لبناء الشرف من الصلاة على محمد وآله


[ 1 ] أي يبين عيوبهم.

[ 181 ]

الطيبين بنيت له الشرف، وإلا بقيت هكذا، فيقال حتى يعرف سكان الجنان: إن القصر الذي لا شرف له هو للذي كسل صاحبه بعد صلاته عن الصلاة على محمد وآله الطيبين، ورأيت فيها قصورا منيعة مشرفة عجيبة الحسن، ليس لها أمامها دهليز ولا بين يديها بستان ولا خلفها، فقلت: ما بال هذه القصور لا دهليز بين يديها ولا بستان خلفها ؟ فقال: يا محمد هذه قصور المصلين الصلوات الخمس الذين يبذلون بعض وسعهم في قضاء حقوق إخوانهم المؤمنين دون جميعها، فلذلك قصورهم بغير دهليز أمامها ولا بساتين خلفها. 138 – م: قال عليه السلام في بيان ثواب الصلاة: وإذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين فقرأ فاتحة الكتاب وسورة قال الله تعالى لملائكته: أما ترون عبدي هذا كيف تلذذ بقراءة كلامي ؟ اشهدكم يا ملائكتي لاقولن له يوم القيامة: اقرء في جناتي وارق في درجاتي، فلا يزال يقرأ ويرقى بعدد كل حرف درجة من ذهب، ودرجة من فضة، ودرجة من لؤلؤ، ودرجة من جوهر، ودرجة من زبرجد أخضر، ودرجة من زمرد أخضر، ودرجة من نور رب العزة – وساقه إلى أن قال في بيان الزكاة -: فإن من أعطى من زكاته طيبة بها نفسه أعطاه الله بكل حبة منها قصرا في الجنة من ذهب، وقصرا من فضة، وقصرا من لؤلؤ، وقصرا من زبرجد، وقصرا من زمرد، وقصرا من جوهر، وقصرا من نور رب العالمين. 139 – فس: ” لهم دار السلام ” قال: يعني الجنة (1) وسميت دار السلام ؟ للسلامة فيها من الاحزان والآلام. ” ص 204 ” 140 – فس: قال الصادق عليه السلام على باب الجنة مكتوب: الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر. (2) ” ص 663 ” 141 – فس: ” ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ” أي تكرمون ” يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب ” أي قصاع وأواني ” وفيها ما تشتهيه الانفس ” إلى قوله:


[ 1 ] في المصدر: يعنى في الجنة، والسلام: الامان والعافية والسرور. م [ 2 ] بين الجملتين تقدم وتأخر في المصدر. م

[ 182 ]

” منها تأكلون ” فإنه محكم. وأخبرني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيام الدنيا، و يأكل في أكلة واحدة بمقدار أكله (1) في الدنيا. ” ص 626 ” 142 – فس: ” وأنهار من خمر ” قال: أي خمرة إذا تناولها ولي الله وجد رائحة المسك فيها. ” ص 626 ” 143 – فس: ” لالغو فيها ولا تأثيم ” قال: ليس في الجنة خناء (2) ولا فحش، ويشرب المؤمن ولا يأثم، ثم حكى عزوجل قول أهل الجنة فقال: ” وأقبل بعضهم على بعض يتسائلون ” قال: في الجنة ” قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ” أي خائفين من العذاب ” فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم ” قال: السموم الحر الشديد ” ص 650 ” 144 – قل، يب: محمد بن أحمد بن داود، عن أحمد بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن علي بن الحسن بن فضال، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: كنا عند الرضا عليه السلام والمجلس غاص بأهله (3) فتذاكروا يوم الغدير فأنكره بعض الناس، فقال الرضا عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه قال: إن يوم الغدير في السماء أشهر منه في الارض، إن لله في الفردوس الاعلى قصرا لبنة من فضة ولبنة من ذهب، فيه مائة ألف قبة من ياقوتة حمراء، ومائة ألف خيمة من ياقوت أخضر، ترابه المسك و العنبر، فيه أربعة أنهار: نهر من خمر، ونهر من ماء، ونهر من لبن، ونهر من عسل، حواليه أشجار جميع الفواكه، عليه طيور أبدانها من لؤلؤ، وأجنحتها من ياقوت، و تصوت بألوان الاصوات، فإذا كان يوم الغدير ورد إلى ذلك القصر أهل السماوات يسبحون الله ويقدسونه ويهللونه، تتطاير تلك الطيور فتقع في ذلك الماء، وتتمرغ على ذلك المسك والعنبر، فإذا اجتمعت الملائكة طارت فتنفض ذلك عليهم، وإنهم


[ 1 ] في المصدر: بمقدار ما اكله في الدنيا. م [ 2 ] في المصدر: غناء. م [ 3 ] أي امتلاء وضاق بهم.

[ 183 ]

في ذلك اليوم ليتهادون نثار فاطمة عليها السلام، فإذا كان آخر ذلك اليوم نودوا: انصرفوا إلى مراتبكم فقد أمنتم الخطاء والزلل إلى قابل في مثل هذا اليوم تكرمة لمحمد و علي عليهما السلام، الخبر. ” ص 468، ج 2 ص 8 ” 145 – كا: علي، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن معلى بن رئاب، ويعقوب السراج، عن أبي عبد الله عليه السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام خطب الناس فقال فيها: ألا وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها، واعطوا أزمتها فأوردتهم الجنة، وفتحت لهم أبوابها، و وجدوا ريحها وطيبها، وقيل لهم: ادخلوها بسلام آمنين، الخطبة. ” الروضة ص 67 – 68 ” 146 – كا: العدة، عن الفضيل بن عبد الوهاب، عن إسحاق بن عبيدالله، عن عبيدالله بن الوليد الوصافي (1) رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من قال: لاإله إلا الله غرست له شجرة في الجنة من ياقوتة حمراء، منبتها في مسك أبيض، أحلى من العسل، وأشد بياضا من الثليج، وأطيب ريحا من المسك، فيها أمثال ثدي الابكار تعلو (تفلق ظ) عن سبعين حلة، الخبر. ” ج 2 ص 517 ” 147 – لى: عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لو علمتم مالكم في شهر رمضان لزدتم لله تعالى شكرا: إذا كان أول ليلة منه غفر الله عزوجل لامتي الذنوب كلها سرها وعلانيتها، ورفع لكم ألفي ألف درجة، وبنى لكم خمسين مدينة، قال:


[ 1 ] قداختلف إسناد الحديث في الكتاب والكافي والمرآت والمحاسن وثواب الاعمال بما يطول ذكره ولعل الصحيح مافى الوسائل وجامع الروات وهو هكذا: العدة، عن أحمد بن محمد، عن الفضيل بن عبد الوهاب، عن إسحاق بن عبد الله، عن عبيدالله بن الوليد الوصافى. وإن شئت التفصيل راجع الكافي والمرآت باب من قال لا إله إلا الله، والمحاسن باب ثواب ما جاء في التوحيد، وثواب الاعمال باب من قال لاإله الا الله، والوسائل باب استحباب التهليل، وجامع الروات ” ج 1 ص 82 و 530 ” والوصافي بفتح الواو وتشديد الصاد المهملة، قال ابن الاثير في اللباب ” ج 3 ص 257 “: نسبة إلى وصاف بن عامر العجلى واسم وصاف مالك ينسب إليه عبيدالله بن الوليد بن عبد الرحمن بن قيس الوصافى، يروى عن عطية وعطاء وسمع منه يعلى بن عبيد ووكيع و غيرهما إه‍، وله ترجمة في رجال الخاصة والعامة، كناه النجاشي بأبى سعيد وابن حجر في التقريب بأبى اسماعيل.

[ 184 ]

وأعطاكم الله عزوجل في اليوم الثالث بكل شعرة على أبدانكم قبة في الفردوس من درة بيضاء، في أعلاها اثنا عشر ألف بيت من النور، وفي أسفلها اثنا عشر ألف بيت في كل بيت ألف سرير، على كل سرير حوراء، يدخل عليكم كل يوم ألف ملك، مع كل ملك هدية. وأعطاكم الله عزوجل اليوم الرابع في جنة الخلد سبعين ألف قصر في كل قصر سبعون ألف بيت، في كل بيت خمسون ألف سرير، على كل سرير حوراء، بين يدي كل حوراء ألف وصيفة، خمار إحداهن خير من الدنيا وما فيها. وأعطاكم الله اليوم الخامس في جنة المأوى ألف ألف مدينة، في كل مدينة سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف مائدة، على كل مائدة سبعون ألف قصعة، وفي كل قصعة ستون ألف لون من الطعام لا يشبه بعضها بعضا. وأعطاكم الله عزوجل اليوم السادس في دار السلام مائة ألف مدينة، في كل مدينة مائة ألف دار، في كل دار مائة ألف بيت، في كل بيت مائة ألف سرير من ذهب، طول كل سرير ألف ذراع، على كل سرير زوجة من الحور العين، عليها ثلاثون ألف ذؤابة منسوجة بالدر والياقوت، تحمل كل ذؤابة مائة جارية. وأعطاكم الله عزوجل اليوم السابع في جنة النعيم ثواب أربعين ألف شهيد، وأربعين ألف صديق – وساقه إلى أن قال -: ويوم خمسة وعشرين بنى الله عزوجل لكم تحت العرش ألف قبة خضراء، على رأس كل قبة خيمة من نور، يقول الله عزوجل: يا امة محمد أنا ربكم وأنتم عبيدي وإمائي، استظلوا بظل عرشي في هذه القباب، وكلوا واشربوا هنيئا فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، يا امة محمد و عزتي وجلالي لابعثنكم إلى الجنة يتعجب منكم الاولون والآخرون، ولا توجن كل واحد منكم بألف تاج من نور، ولا ركبن كل واحد منكم على ناقة خلقت من نور، زمامها من نور، وفي ذلك الزمام ألف حلقة من ذهب، وفي كل حلقة ملك قائم عليها من الملائكة، بيد كل ملك عمود من نور حتى يدخل الجنة بغير حساب – وساقه إلى أن قال -: ويوم ثمانية وعشرين جعل الله لكم في جنة الخلد مائة ألف مدينة من نور، وأعطاكم الله عزوجل في جنة المأوى مائة ألف قصر من فضة، وأعطاكم الله


[ 185 ]

عزوجل في جنة النعيم مائة ألف دار من عنبر أشهب، وأعطاكم الله عزوجل في جنة الفردوس مائة ألف مدينة، في كل مدينة ألف حجرة، وأعطاكم الله عزوجل في جنة الجلال مائة ألف منبر من مسك، في جوف كل منبر ألف بيت من زعفران، في كل بيت ألف سرير من در وياقوت، على كل سرير زوجة من الحور العين. فإذا كان يوم تسعة وعشرين أعطاكم الله عزوجل ألف ألف محلة، في جوف كل محلة قبة بيضاء، في كل قبة سرير من كافور أبيض، على ذلك السرير ألف فراش من السندس الاخضر، فوق كل فراش حوراء عليها سبعون ألف حلة، وعلى رأسها ثمانون ألف ذؤابة، كل ذؤابة مكللة بالدر والياقوت – وساقه إلى أن قال -: وللجنة باب يقال له الريان، لا يفتح إلى يوم القيامة، ثم يفتح للصائمين والصائمات من امة محمد صلى الله عليه وآله، ثم ينادي رضوان خازن الجنة: يا امة محمد هلموا إلى الريان، فيدخل امتي من ذلك الباب إلى الجنة فمن لم يغفر له في شهر رمضان ففي أي شهر يغفر له ؟ !. ” ص 29 – 32 ” 148 – لى: الحسن بن محمد بن يحيى، عن يحيى بن الحسن، عن إبراهيم بن علي، والحسن بن يحيى، عن نصربن مزاحم، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: كان لي عشر من رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعطهن أحد قبلي، ولا يعطاهن أحد بعدي، قال لي: يا علي أنت أخي في الآخرة، (1) وأنت أقرب الناس مني موقفا يوم القيامة، ومنزلي ومنزلك في الجنة متواجهان كمنزل الاخوين، الحديث. ” ص 48 ” 149 – ما: المفيد، عن علي بن محمد الكاتب، عن الحسن بن علي الزعفراني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن عثمان بن أبي شيبة، عن عمرو بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على منبر الكوفة: ايهاالناس إنه كان لي من رسول الله صلى الله عليه وآله عشر خصال لهن أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أنت أخي في الدنيا والآخرة وأنت أقرب الخلائق إلي يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنة


[ 1 ] في المصدر: انت اخى في الدنيا واخى في الاخرة. م (*)

[ 186 ]

مواجه منزلي كما يتواجه منزل الاخوين في الله عزوجل، الحديث. ” ص 121 ” 150 – لى: ابن شاذويه، عن الحميري، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين سيد العابدين، عن أبيه الحسين بن علي سيد الشهداء، عن أبيه علي ابن أبي طالب سيد الأوصياء عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى علي ولم يصل على آلي لم يجد ريح الجنة، وإن ريحها لتوجد من مسيرة خمسمائة عام. ” ص 120 ” 151 لى: أبي، عن سعد عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن الليث، عن جابر ابن إسماعيل، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن رجلا سأل علي بن أبي طالب عليه السلام عن قيام الليل بالقرآن فقال – وساق الحديث إلى أن قال -: ومن صلى ليلة تامة تاليا لكتاب الله راكعا وساجدا وذاكرا – وساقه إلى أن قال -: يقول الرب تبارك وتعالى لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أحيا ليلة ابتغاء مرضاتي أسكنوه الفردوس، وله فيها مائة ألف مدينة، في كل مدينة جميع ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين وما لا يخطر على بال، سوى ما أعددت له من الكرامة والمزيد والقربة. ” ص 175 ” 152 – لى: ماجيلويه، عن عمه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال – وساق الحديث إلى أن قال -: وعليكم بتلاوة القرآن فان درجات الجنة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فكلما قرأ آية رقى درجة، الحديث. ” ص 216 ” 153 – لى: عن وهب بن وهب القرشي، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للجنة باب يقال له باب المجاهدين، يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون سيوفهم والجمع في الموقف، الملائكة ترحب بهم، الخبر. ” ص 344 ” 154 – لى: الفامي، عن الحميري، عن أبيه، عن البرقي، عن أبيه، عن محمد ابن سنان، عن أبي الجارود، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:


[ 187 ]

من قال: ” سبحان الله ” غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: ” الحمدلله ” غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: ” لاإله إلا الله ” غرس الله بها شجرة في الجنة، ومن قال: ” الله أكبر ” غرس الله له بها شجرة في الجنة، فقال رجل من قريش: يارسول الله إن شجرنا في الجنة لكثير ! قال: نعم، ولكن إياكم أن ترسلوا عليها نيرانا فتحرقوها وذلك أن الله عزوجل يقول: ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله واطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم. ” ص 362 ” 155 – لى: ابن الوليد، عن ابن أبان، عن الاهوازي، عن ابن ابي عمير، عن البطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال للشيعة: قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله وضمان رسوله ما على درجات الجنة أحد أكثر أزواجا منكم، فتنافسوا في فضائل الدرجات، أنتم الطيبون، ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عيناء، وكل مؤمن صديق، الخبر. ” ص 372 ” 156 – ما: المفيد، عن أحمد بن الحسن، عن أبيه، عن محمد العطار، عن الخشاب، عن علي بن النعمان، عن بشير الدهان قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك أي الفصوص اركبه على خاتمي ؟ قال: يا بشير أين أنت عن العقيق الاحمر والعقيق الاصفر والعقيق الابيض، فإنها ثلاثة جبال في الجنة، فأما الاحمر فمطل على دار (1) رسول الله صلى الله عليه وآله، وأما الاصفر فمطل على دار فاطمة صلوات الله عليها، وأما الابيض فمطل على دار أمير المؤمنين عليه السلام، والدور كلها واحدة، يخرج منها ثلاثة أنهار، من تحت كل جبل نهر أشد بردا من الثلج، وأحلى من العسل، وأشد بيا ضامن الدر، لا يشرب منها إلا محمد وآله وشيعتهم، ومصبها كلها واحد، ومجراها من الكوثر وإن هذه الثلاثة جبال تسبح الله وتقدسه وتمجده وتستغفر لمحبي آل محمد عليهم السلام، الخبر. ” ص 24 ” 157 – ع: الحسن بن يحيى بن ضريس، (2) عن أبيه، عن عمارة السكري، (3) عن


[ 1 ] أي مشرف عليها، وفى نسخة: فمظل بالظاء وكذا فيما يأتي بعده. [ 2 ] بالتصغير. [ 3 ] في العلل المبوع: السكوني السرياني.

[ 188 ]

إبراهيم بن عاصم، عن عبد الله بن هارون الكرخي، عن أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبيدالله مولى رسول الله صلى الله عليه وآله، عن أبيه، عن يزيد بن سلام، أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله: لم سميت الجنة جنة ؟ قال: لانها جنينة خيرة نقية، وعند الله تعالى ذكره مرضية. ” ص 161 ” 158 – ل: الحسن بن علي بن محمد، عن محمد بن علي بن إسماعيل، عن علي بن محمد بن عامر، عن عمرو بن عبدوس، عن هاني بن المتوكل، عن محمد بن علي، عن عياض، عن أبيه، عن جده، عن أبي أيوب الانصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما خلق الله عز وجل الجنة خلقها من نور عرشه، (1) ثم أخذ من ذلك النور (2) وأصاب عليا و أهل بيته ثلث النور، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى إلى ولاية آل محمد، ومن لم يصبه من ذلك النور ضل عن ولاية آل محمد. ” ج 1 – ص 88 ” 159 – ما: جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن، عن أبيه عن جده، عن أبيه عبد الله، عن أبيه وخاله علي بن الحسين، عن الحسن والحسين، عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم قال: جاء رجل من الانصار إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ما أستطيع فراقك، وإني لادخل منزلي فأذكرك فأترك ضيعتي (3) وأقبل حتى أنظر إليك حبا لك، فذكرت إذا كان يوم القيامة وادخلت الجنة فرفعت في أعلى عليين فكيف لي بك يا نبي الله ؟ فنزل: ” ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ” فدعا النبي صلى الله عليه وآله الرجل فقرأها عليه وبشره بذلك. ” ص 39 – 40 ” 160 – ع: القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن عمربن عمران، عن


[ 1 ] في المصدر: من نور العرش. م [ 2 ] في المصدر بعد ذلك: فقذفه فأصابني ثلث النور، واصاب فاطمة ثلث النور، واصاب عليا اه‍. م [ 3 ] في نسخة: فأترك صنيعتي.

[ 189 ]

عبيدالله بن موسى، عن جبلة المكي، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لما عرج بي إلى السماء وانتهيت إلى السماء السادسة نوديت: يا محمد نعم الاب أبوك إبراهيم، ونعم الاخ أخوك علي، فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنة فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة (1) فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة ؟ فقال: هذه لاخيك علي بن أبي طالب عليه السلام وهذان الملكان يطويان له الحلي والحلل إلى يوم القيامة، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد، وأطيب من المسك، وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي، فلما أن هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية، فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة عليها السلام. ” ص 72 ” 161 ك: بإسناده عن أبي الطفيل، عن علي عليه السلام في أجوبته عليه السلام عن مسائل اليهودي – إلى أن قال -: وأما منزل محمد صلى الله عليه وآله من الجنة في جنة عدن وهي وسط الجنان، وأقربها من عرش الرحمن جل جلاله، والذين يسكنون معه في الجنة هؤلاء الائمة الاثنا عشر. ” ص 172 – 173 ” أقول: سيأتي بتمامه وإسناده في باب نص أمير المؤمنين على الاثنا عشر عليهم السلام. 162 – لى: أحمد بن محمد بن حمدان، عن محمد بن عبد الرحمن الصفار، عن محمد بن عيسى الدامغاني، عن يحيى بن المغيرة، عن حريز، عن الاعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليلة اسري بي إلى السماء أخذ جبرئيل بيدي فأدخلني الجنة وأجلسني على درنوك من درانيك الجنة، فناولني سفرجلة فانفلقت بنصفين، فخرجت منها حوراء كأن أشفار عينيها مقاديم النسور، فقالت: (2) السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا محمد، فقلت: من أنت رحمك الله ؟ قالت: أنا


[ 1 ] ليس في المصدر قوله: إلى يوم القيامة. م [ 2 ] في جامع الاخبار: فناولني سفرجلة فانا اقلبها إذا انفلقت فخرجت منها جارية حوراء لم أر مثلها في الجنة فقالت اه‍.

[ 190 ]

الراضية المرضية، خلقني الجبار من ثلاثة أنواع: أسفلي من المسك، وأعلاي من الكافور، ووسطي من العنبر، وعجنت بماء الحيوان، قال الجبار: كوني فكنت، خلقت لابن عمك ووصيك ووزيرك علي بن أبي طالب عليه السلام. ” ص 110 ” 163 – جع: عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله مثله. 164 – ما: جماعة عن أبي المفضل، عن إسحاق بن محمد بن مروان، عن يحيى بن سالم، عن حماد بن عثمان، عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر يرى باطنه من ظاهره لضيائه ونوره، وفيه قبتان من در وزبرجد، فقلت: يا جبرئيل لمن هذا القصر ؟ قال: هو لمن أطاب الكلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وتهجد بالليل والناس نيام، الخبر. ” ص 293 ” 165 – فر: بإسناده عن حذيفة اليماني قال: دخلت عائشة على النبي صلى الله عليه وآله وهو يقبل فاطمة عليها السلام، فقالت: يارسول الله أتقبلها وهي ذات بعل ؟ فقال لها – وساق حديث المعراج إلى أن قال – ثم أخذ جبرئيل عليه السلام بيدي فأدخلني الجنة وأنا مسرور فإذا أنا بشجرة من نور مكللة بالنور، في أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل، (1) ثم تقدمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أرتفاحا هو أعظم منه، فأخذت واحدة ففلقتها فخرجت علي منها حوراء كأن أشفارها (2) مقاديم أجنحة النسور، فقلت: لمن أنت ؟ فبكت وقالت: لابنك المقتول ظلما الحسين (3) بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم تقدمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد، وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها وأنا أشتهيها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء انسية، (4) فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة عليها السلام. ” ص 10 “


[ 1 ] في المصدر بعد ذلك: إلى يوم القيامة، ثم اه‍. م [ 2 ] في المصدر: اجفانها. م [ 3 ] في المصدر: لابن بنتك المقتول الحسين اه‍. م [ 4 ] في المصدر: فحملت فاطمة الحوراء الانسية، فإذا اه‍. م

[ 191 ]

166 – يه: الدقاق، عن الاسدي، عن البرمكي، عن جعفر بن أحمد، عن عبد الله بن الفضل، عن المفضل بن عمر، عن جابر الجعفي، عن جابر الانصاري قال: لما زوج رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة من علي عليه السلام أتاه اناس من قريش فقالوا: إنك زوجت عليا بمهر خسيس، فقال لهم: ما أنا زوجت عليا، ولكن الله تعالى زوجه ليلة أسرى بي عند سدرة المنتهى، فأوحى الله عزوجل إلى السدرة: أن انثري، فنثرت الدر والجوهر على الحور العين، فهن يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله، الخبر. ” ص 414 ” 167 – ل: أبو علي الحسن بن علي، (1) عن سليمان بن أيوب المطلبي، عن محمد بن محمد المصري، (2) عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ادخلت الجنة فرأيت على بابها مكتوبا بالذهب: لا إله إلا الله، محمد حبيب الله، علي ولي الله، فاطمة أمة الله، الحسن والحسين صفوة الله، على مبغضيهم لعنة الله. ” ج 1 ص 157 ” 168 – عدة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن ثوابا من ثياب أهل الجنة القي على أهل الدنيا لم يحتمله أبصارهم ولماتوا من شهوة النظر إليه. وقد ورد عنهم عليهم السلام: كل شئ من الدنيا سماعه أعظم من عيانه، وكل شئ من الآخرة عيانه أعظم من سماعه. وفي الوحي القديم: أعددت لعبادي مالا عين رأت، ولا اذن سمعت، ولا خطر بقلب بشر. 169 – ثو: بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قرأ سورة الزمر واستخفها


[ 1 ] في الخصال: أبو على الحسن بن على بن محمد بن عمرو العطار ببلخ وكان جده على بن عمرو صاحب على بن محمد العسكري عليه السلام، وهو الذى خرج على يده لعن فارس بن حاتم بن ماهويه. قلت: قد اسقط (على) من بعد محمد للاختصار، أورده تماما في الخصال: ” ج 1 ص 79 وج 2 ص 30 ” وغيره من كتبه. [ 2 ] هو محمد بن محمد بن الاشعث أبو على الكوفى نزيل مصر في سقيفة جواد، الراوى نسخة تسمى بالاشعثيات والجعفريات عن موسى بن اسماعيل، وكناه ابن حجر بأبى الحسن، قال التلعكبرى: أخذ لى والدى منه إجازة في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.

[ 192 ]

من لسانه يبنى له في الجنة ألف مدينة، في كل مدينة ألف قصر، في كل قصر مائة حوراء، وله مع هذا عينان تجريان، وعينان نضاختان، وعينان (جنتان ظ) مدهامتان، وحور مقصورات في الخيام، وذواتا أفنان، ومن كل فاكهة زوجان. (1) ” ص 109 ” 170 – وبإسناده عنه عليه السلام: من أدمن قراءة حمعسق بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالثلج أو كالشمس حتى يقف بين يدي الله عزوجل فيقول: أدمنت عبدي (2) قراءة حمعسق لم تدر ما ثوابها، أما لو دريت ماهي وما ثوابها لما مللت من قراءتها، ولكن سأجزيك جزاءك، أدخلوه الجنة، وله فيها قصر من ياقوتة حمراء، أبوابها وشرفها و درجها منها، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، وله فيها حور أتراب من الحور العين، وألف جارية، وألف غلام من الولدان المخلدين الذين وصفهم الله تعالى. ” ص 109 – 110 ” 171 – وبإسناده عنه عليه السلام: من قرأ سورة إنا أرسلنا محتسبا صابرا في فريضة أو نافلة أسكنه الله تعالى مساكن الابرار، وأعطاه ثلاث جنان مع جنته كرامة من الله، وزوجه مائتي حوراء، وأربعة آلاف ثيب. ” ص 116 ” 172 – وبإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: من قرأ سورة هل أتى على الانسان في كل غداة خميس زوجه الله من الحور ثمانمائة عذراء، وأربعة آلاف ثيب، وحورا من الحور العين، وكان مع محمد صلى الله عليه وآله. ” ص 117 ” 173 – ثو: بإسناده عن ابن عباس وغيره، عن النبي صلى الله عليه وآله في خطبة طويلة قال: من عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما زوجه الله عزوجل ألف امرأة من الحور العين، كل امرأة في قصر من در وياقوت، ومن بنى مسجدا في الدنيا بنى الله له بكل شبر منه أو بكل ذراع مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضة ودر وياقوت وزمرد وزبرجد، في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون


[ 1 ] الحديث مقطع من صدره وكذا ما يأتي بعده تحت رقم 171 والروايات المخرجة عن ثواب الاعمال كلها مسانيد ترك اسنادها للاختصار وسيوردها في أبوابها مسندة. [ 2 ] في المصدر: عبدى ادمت. م

[ 193 ]

ألف ألف دار، في كل دار أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف سرير، على كل سرير زوجة من الحور العين، ولكل زوجة ألف ألف وصيف وأربعون ألف ألف وصيفة، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام، ويعطي الله وليه من القوة ما يأتى على تلك الازواج وعلى ذلك الطعام وعلى ذلك الشراب في يوم واحد. ومن تولى أذان مسجد من مساجد الله فأذن فيه وهو يريد وجه الله أعطاه الله ثواب أربعين ألف ألف صديق، وأربعين ألف ألف شهيد، وأدخل في شفاعته أربعين ألف ألف امة، في كل امة أربعون ألف ألف رجل، وكان له جنة من الجنات، في كل جنة أربعون ألف ألف مدينة، (1) في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون ألف ألف دار، في كل دار أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف سرير، على كل سرير زوجة من الحور العين، (سعة خ) كل بيت منها مثل الدنيا أربعون ألف ألف مرة، لكل زوجة أربعون ألف ألف وصيف، وأربعون ألف ألف وصيفة، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف نوع من الطعام، لو نزل به الثقلان لكان لهم في أدنى بيت من بيوتها ما شاؤوا من الطعام والشراب والطيب واللباس والثمار والتحف والطرائف والحلي والحلل، كل بيت يكتفى بما فيه من هذه الاشياء عما في البيت الآخر. (2) ” ص 278 – 279 “. 174 – مع: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أخبرني جبرئيل عليه السلام أن ريح الجنة توجد من مسيرة ألف عام ما يجدها عاق، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جار إزاره خيلاء، ولا فتان، ولا منان، ولا جعظري، قال: قلت: فما الجعظري ؟ قال: الذي لا يشبع من الدنيا. ” ص 94 “


[ 1 ] في المصدر بعد قوله: الف رجل: وكان له في كل جنه من الجنان اربعون الف الف مدينة اه‍. م [ 2 ] هذه آخر رواية رواها الصدوق في عقاب الاعمال وهى آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة حتى لحق صلى الله عليه وآله بالله تعالى. م

[ 194 ]

بينان: قال في القاموس: الجعظري: الفظ الغليظ أو الاكول الغليظ، والجعظار: الشره النهم، والاكول الضخم. 175 – مع: بإسناده عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن في الجنة بابا يدعى الريان، لايدخل منه إلا الصائمون. (1) ” ص 116 ” 176 – مع: أحمد بن محمد بن الصقر، عن موسى بن إسحاق القاضي، عن أبي بكر بن شيبة، عن حريز بن عبد الحميد، (3) عن عبد العزيز بن رفيع، (4) عن أبي ظبيان، (5) عن ابن عباس أنه قال: دار السلام: الجنة، وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات و العاهات والامراض والاسقام، ولهم السلامة من الهرم والموت وتغير الاحوال عليهم، وهم المكرمون الذين لا يهانون أبدا، وهم الاعزاء الذين لا يذلون أبدا، وهم الاغنياء الذين لا يفتقرون أبدا، وهم السعداء الذين لا يشقون أبدا، وهم الفرحون المسرورون الذين لا يغتمون ولا يهتمون أبدا، وهم الاحياء الذين لا يموتون أبدا، فمنهم في قصور الدر والمرجان، أبوابها مشرعة إلى عرش الرحمن، والملائكة يدخلون عليهم من كل باب، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. ” ص 55 “


[ 1 ] يأتي الحديث مسندا بتمامه في كتاب الصوم. وفى المصدر: ان للجنة بابا اه‍. [ 2 ] أبو بكر بن شيبة هو عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة الحزامى المترجم في التقريب ص 314 وفى المعاني المطبوع أبو بكر بن أبى شيبة ولعله الصحيح، لرواية موسى بن إسحاق عنه وهو عبد الله ابن محمد بن ابراهيم بن عثمان، أبو بكر العيسى المعروف بابن أبى شيبة الكوفى الواسطي الاصل، ولد سنة 159 ومات سنة 235، كان من حفاظ السنة وثقاتهم، صاحب تصانيف، سمع جماعة من العلماء وروى عنه كثيرون منهم: موسى بن إسحاق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد أبو بكر الانصاري القاضى المذكور في إسناد الحديث المترجم في تاريخ بغداد ” ج 13 ص 52 “. [ 3 ] الظاهر أنه مصحف والصحيح كما في المعاني المطبوع ” جرير ” وهو جرير بن عبد الحميد ابن جرير بن قرط بن هلال، أبو عبد الله الضبى الكوفى نزيل الرى وقاضيها المتوفى بالرى عشية الاربعاء ليوم خلا من جمادى الاولى في سنة 188، وهو ابن ثمان وسبعين إلى التسع والسبعين، قاله الخطيب. وقال ابن حجر: له 71 سنة. راجع تاريخ بغداد ” ص 253 ” والتقريب ” ص 79 “. [ 4 ] مصغرا. [ 5 ] اسمه حصين بن جندب بن الحارث الجنبى المتوفى سنة 90، له ترجمة في التقريب: ” ص 115 “.

[ 195 ]

177 – ك: أبي وابن الوليد، عن سعد، عن ابن أبي الخطاب، عن الحكم بن مسكين، عن المفضل بن صالح، عن جعفر بن محمد عليهما السلام – وساق الحديث الطويل في أجوبة أمير المؤمنين عليه السلام عن مسائل اليهودي إلى أن قال -: قال اليهودي: وأين يسكن نبيكم من الجنة ؟ قال: في أعلاها درجة، وأشرفها مكانا، في جنات عدن، قال: صدقت والله إنه لبخط هارون وإملاء موسى عليهما السلام. ” ص 175 – 176 ” 178 – سن: بإسناده عن محمد بن قيس، عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: عرض إبليس لنوح عليه السلام وهو قائم يصلي، فحسده على حسن صلاته فقال: يا نوح إن الله عزوجل خلق جنة عدن بيده وغرس أشجارها، واتخذ قصورها، وشق أنهارها، ثم أطلع إليها فقال: قد أفلح المؤمنون، لا وعزتي (1) لا يسكنها ديوث. ” ص 115 ” 179 ما: بإسناده عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: آتي يوم القيامة باب الجنة وأستفتح، فيقول الخازن: من أنت ؟ فأقول: أنا محمد، فيقول: بك امرت أن لا أفتح لاحد قبلك. ” ص 252 ” 180 – فس: قال الصادق عليه السلام: لا يكون في الجنة من البهائم سوى حمارة بلعم ابن باعور، وناقة صالح، وذئب يوسف، وكلب أهل الكهف. ” ص 394 ” 181 – قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: ” فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون ” قال: ابن عباس أي يكرمون، وقيل: يلذذون بالسماع، عن يحيى بن أبي كثير والاوزاعي. أخبرنا عبيدالله بن محمد البيهقي، عن جده أحمد بن الحسين، عن عبد الملك بن أبي عثمان، عن علي بن بندار، عن جعفر بن محمد الفرياني، (2) عن سليمان بن عبد الرحمن، عن خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: مامن عبد يدخل الجنة إلا ويجلس عند رأسه وعند رجليه


[ 1 ] في المصدر: وعزتي وجلالى. م [ 2 ] هكذا في نسخة المصنف رحمه الله، وفى المجمع المطبوع: القريانى، والكل مصحف، و الصحيح: الفريابى بكسر الفاء وسكون الراء وبعد الالف باء، نسبة إلى فارياب بليدة بنواحي البلخ نسب إليها جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي.

[ 196 ]

ثنتان من الحور العين تغنيانه بأحسن صوت سمعه الانس والجن، وليس بمزمار الشيطان، ولكن بتمجيدالله وتقديسه. 182 – وعن أبي الدرداء قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يذكر الناس فذكر الجنة وما فيها من الازواج والنعيم، وفي القوم أعرابي فجثا لركبتيه وقال: يارسول الله هل في الجنة من سماع ؟ قال: نعم يا أعرابي، إن في الجنة لنهرا حافتاه أبكار من كل بيضاء، يتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها قط، فذلك أفضل نعيم الجنة، قال الراوي: سألت أبا الدرداء: بم يتغنين ؟ قال: بالتسبيح. 183 – وعن إبراهيم: أن في الجنة لاشجارا عليها أجراس من فضة، فإذا أراد أهل الجنة السماع بعث الله ريحا من تحت العرش فتقع في تلك الاشجار فتحرك تلك الاجراس بأصوات لو سمعها أهل الدنيا لماتوا طربا. 184 – وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة مائة درجة، مابين كل درجة منها كما بين السماء والارض، والفردوس أعلاها سموا، وأوسطها محلة، ومنها يتفجر أنهار الجنة، فقام إليه رجل فقال: يارسول الله إني رجل حبب إلي الصوت، فهل لي في الجنة صوت حسن ؟ فقال: إي والذي نفسي بيده، إن الله تعالى يوحي إلى شجرة في الجنة أن أسمعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكري عن عزف (1) البرابط والمزامير، فترفع صوتا لم يسمع الخلائق بمثله قط من تسبيح الرب. 185 – فر: علي بن محمد بن عمر الزهري بإسناده عن زيد بن علي عليه السلام قال: دخل على النبي صلى الله عليه وآله رجل من أصحابه ومعه جماعة فقال: يا رسول الله أين شجرة طوبى ؟ فقال: في داري في الجنة، قال: ثم سأله آخر فقال: في دار علي بن أبي طالب – عليه السلام – في الجنة، فقال: (2) يارسول الله سألناك آنفا فقلت: في داري ثم قلت: في دار علي بن أبي طالب ! فقال له: إن داري وداره في الدنيا والآخرة في مكان واحد إلا أنا إذا هممنا بالنساء استترنا بالبيوت. ” ص 75 – 76 ” 186 – من كتاب صفات الشيعة للصدوق عن القطان، عن ابن زكريا، عن


[ 1 ] العزف: الصوت. [ 2 ] في المصدر: فقال الاول. م

[ 197 ]

ابن حبيب، عن ابن بهلول، عن ابن عمارة، عن أبيه قال: قال الصادق عليه السلام: ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء: المعراج، والمسألة في القبر، وخلق الجنة والنار، والشفاعة. 187 – وعن ابن عبدوس، عن ابن قتيبة، عن الفضل، عن الرضا عليه السلام قال: من أقر بتوحيد الله – وساق الحديث إلى أن قال -: وأقر بالرجعة، والمتعتين، وآمن بالمعراج، والمسألة في القبر، والحوض، والشفاعة، وخلق الجنة والنار، والصراط، والميزان، والبعث والنشور، والجزاء والحساب، فهو مؤمن حقا وهو من شيعتنا أهل البيت. 188 – ومن كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن العباس بن يزيد قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام ذات يوم: جعلت فداك قول الله عزوجل: ” وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا ” ؟ قال: فقال لي: إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة أرسل رسولا إلى ولي من أوليائه، فيجد الحجبة على بابه، فيقولون له: قف حتى نستأذن لك، فما يصل إليه رسول الله إلا بإذن، وهو قوله: ” وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا “. 189 – ين: ابن النعمان، عن داود بن فرقد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن العمل الصالح ليذهب إلى الجنة فيمهد لصاحبه كما يبعث الرجل غلاما فيفرش له، ثم قرأ: ” أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلانفسهم يمهدون “. 190 – ين: إبراهيم بن أبي البلاد، عن عبد الله بن الوليد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أول أهل الجنة دخولا إلى الجنة أهل المعروف، وإن أول أهل النار دخولا أهل المنكر. 191 – ين: ابن أبي عمير، عن منصور، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن للجنة بابا يقال له المعروف، لا يدخله إلا أهل المعروف. 192 – ين: القاسم، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان المؤمن يحاسب تنتظره أزواجه على عتبات الابواب كما ينتظرون أزواجهن في الدنيا من عند العتبة، قال: فيجئ الرسول فيبشرهن، فيقول: قد والله انقلب فلان من


[ 198 ]

الحساب، قال: فيقلن: بالله ؟ فيقول: قد والله لقد رأيته انقلب من الحساب، قال: فإذا جاءهن قلن: مرحبا وأهلا، ما أهلك الذين كنت عندهم في الدنيا بأحق بك منا. 193 – ين: ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام قال: إذا كان يوم الجمعة وأهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار عرف أهل الجنة يوم الجمعة لما يرون من تضاعف اللذة والسرور، وعرف أهل النار يوم الجمعة وذلك أنه تبطش بهم الزبانية. 194 – ين: بهذا الاسناد عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة نادت الجنة ربها فقالت: يا رب أنت العدل قد ملات النار من أهلها كما وعدتها ولم تملاني كما وعدتني، قال فيخلق الله خلقا لم يروا الدنيا فيملا بهم الجنة، طوبى لهم. 195 – ين: القاسم بن محمد، عن علي، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقولوا جنة واحدة، إن الله عزوجل يقول: ” درجات بعضها فوق بعض “. 196 – ين: ابن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أدنى أهل الجنة منزلة من الشهداء من له اثنا عشر ألف زوجة من الحور العين، وأربعة آلاف بكر، واثنا عشر ألف ثيب، تخدم كل زوجة منهن سبعون ألف خادم، غير أن الحور العين يضعف لهن، يطوف على جماعتهن في كل أسبوع، فإذا جاء يوم إحديهن أو ساعتها اجتمعن إليها يصوتن بأصوات لا أصوات أحلى منها ولا أحسن حتى ما يبقى في الجنة شئ إلا اهتز لحسن أصواتهن، يقلن: ألا نحن الخالدات فلا نموت أبدا، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا. 197 – ين: إبراهيم بن أبي البلاد، عن أبيه، عن بعض أصحابهم الفقهاء قال: لما خلق الله الجنة وأجرى أنهارها وهدل ثمارها وزخرفها قال: وعزتي لا يجاورني فيك بخيل. توضيح: هدله يهدله هدلا: أرسله إلى أسفل وأرخاه، ذكره الفيروز آبادي.


[ 199 ]

198 – ين: محمد بن الحصين، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلق جنة لم يرها عين ولم يطلع علهيا مخلوق، يفتحها الرب تبارك وتعالى كل صباح فيقول: ازدادي طيبا ازدادي ريحا، فتقول: قد أفلح المؤمنون، وهو قول الله تعالى: ” فلاتعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كان يعملون ” 199 – ين: محمد بن سنان قال: حدثني رجل، عن أبي خالد الصيقل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن (أهل ظ) الجنة توضع لهم موائد علهيا من سائر ما يشتهونه من الاطعمة التي لا ألذ منها ولا أطيب، ثم يرفعون عن ذلك إلى غيره. 200 – ين: النضر بن سويد، عن درست، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لو أن حوراء من حور الجنة أشرفت على أهل الدنيا وأبدت ذؤابة من ذوائبها لامتن أهل الدنيا – أو لاماتت أهل الدنيا – وإن المصلي ليصلي فإذا لم يسأل ربه أن يزوجه من الحور العين قلن: ما أزهد هذا فينا !. 201 – نوادر الراوندي، بإسناده عن جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما خلق الله تعالى جنة عدن خلق لبنها من ذهب يتلالؤ و مسك مدوف، ثم أمرها فاهتزت ونطقت فقالت: أنت الله لاإله إلا أنت الحي القيوم، فطوبى لمن قدر له دخولي، قال الله تعالى: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يدخلك مدمن خمر، ولا مصر على ربا، ولا قتات وهو النمام، ولا ديوث وهو الذي لا يغار و يجتمع في بيته على الفجور، ولا قلاع وهو الذي يسعى بالناس عند السلطان ليهلكم، ولا خيوف وهو النباش، ولا ختار وهو الذي لا يوفي بالعهد. (1) 202 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: حملة القرآن عرفاء أهل الجنة، والمجاهدون في سبيل الله تعالى قواد أهل الجنة، والرسل سادات أهل الجنة. 203 – نهج: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ما خير بخير بعده النار، ولا شر بشر


[ 1 ] تقدم الحديث عن الخصال تحت رقم 36 بصورة مفصلة، وتقدم هنالك عن المصنف ما يناسب المقام

[ 200 ]

بعده الجنة، وكل نعيم دون الجنة محقور، وكل بلاء دون النار عافية. 204 – عد: اعتقادنا في الجنة أنها دار البقاء ودار السلامة، لا موت فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا آفة (1) ولا زمانة ولا غم ولاهم ولا حاجة ولا فقر، وأنها دار الغناء والسعادة، ودار المقامة والكرامة، لا يمس أهلها فيها نصب ولا لغوب، (2) لهم فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين وهم فيها خالدون، وأنها دار أهلها جيران الله و أولياؤه وأحباؤه وأهل كرامته، وهم أنواع على مراتب: منهم المتنعمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة ملائكته، ومنهم المتنعمون بأنواع المآكل والمشارب والفواكه والارائك وحور العين، واستخدام الولدان المخلدين، والجلوس على النمارق و الزرابي ولباس السندس والحرير، كل منهم إنما يتلذذ بما يشتهي ويريد حسب ما تعلقت عليه همته، ويعطى ما عبد الله من أجله. وقال الصادق عليه السلام: إن الناس يعبدون الله على ثلاثة أصناف: صنف منهم يعبدونه رجاء ثوابه (3) فتلك عبادة الخدام، وصنف منهم يعبدونه خوفا من ناره فتلك عبادة العبيد، وصنف منهم يعبدونه حبا له فتلك عبادة الكرام. واعتقادنا في الجنة والنار أنهما مخلوقتان وأن النبي صلى الله عليه وآله قد دخل الجنة ورأى النار حين عرج به. واعتقادنا أنه لا يخرج أحد من الدنيا حتى يرى مكانه من الجنة أو من النار وأن المؤمن لا يخرج من الدنيا حتى ترفع له الدنيا كأحسن ما رآها، ويرفع مكانه (4) في الآخرة ثم يخير فيختار الآخرة فحينئذ يقبض روحه، وفي العادة أن يقال: فلان يجود بنفسه، ولا يجود الانسان بشئ إلا عن طيبة نفس غير مقهور ولا مجبور ولا مكره.


[ 1 ] في المصدر: ولا افة ولا زوال. م [ 2 ] في الصمدر: لا يمس اهلها نصب ولا يمسهم فيها لغوب. م [ 3 ] في المصدر: يعبدون شوقا إلى جنته ورجاء اه‍. م [ 4 ] في المصدر: ويرى مكانه اه‍. م

[ 201 ]

وأما جنة آدم فهي جنة من جنان الدنيا، تطلع الشمس فيها وتغيب، و ليست بجنة الخلد، ولو كانت جنة الخلد ما خرج منها أبدا. واعتقادنا أن بالثواب يخلد أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، وما من أحد يدخل الجنة حتى يعرض عليه مكانه من النار فيقال له: هذا مكانك الذي لو عصيت الله لكنت فيه، وما من أحد يدخل النار حتى يعرض عليه مكانه من الجنة، فيقال له: هذا مكانك الذي لو أطعت الله لكنت فيه، فيورث هؤلاء مكان هؤلاء وذلك قول الله عزوجل: ” اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ” (1) وأقل المؤمنين منزلة في الجنة من له مثل ملك الدنيا (2) عشر مرات ” ص 89 – 92 ” أقول: وقال الشيخ المفيد رحمه الله في شرح هذا الكلام: الجنة دار النعيم لا يلحق من دخلها نصب ولا يلحقهم فيها لغوب، جعلها الله دارا لمن عرفه وعبده، ونعيمها دائم لا انقطاع له، والساكنون فيها على أضرب: فمنهم من أخلص لله تعالى فذلك الذي يدخلها على أمان من عذاب الله تعالى، ومنهم من خلط عمله الصالح بأعمال سيئة كان يسوف منها التوبة فاخترمته المنية (3) قبل ذلك، فلحقه ضرب من العقاب في عاجله وآجله، أوفي عاجله، دون آجله، ثم سكن الجنة بعد عفو أو عقاب، ومنهم من يتفضل عليه بغير عمل سلف منه في الدنيا وهم الولدان المخلدون الذين جعل الله تعالى تصرفهم لحوائج أهل الجنة ثوابا للعاملين، وليس في تصرفهم مشاق عليهم و لا كلفة، لانهم مطبوعون إذ ذاك على المسارة بتصرفهم في حوائج أهل الجنة، وثواب أهل الجنة الابتذال بالمآكل (4) والمشارب والمناظر والمناكح وما تدركه حواسهم مما يطبعون على الميل إليه ويدركون مرادهم بالظفر به، وليس في الجنة من البشر


[ 1 ] المؤمنون: 10 – 11 [ 2 ] في المصدر: مثل تلك الدنيا. م [ 3 ] اخترمته المنية: اخذته. [ 4 ] في المطبوع: في حوائج المؤمنين، وثواب اهل الجنة الالتذاذ بالمآكل اه‍.

[ 202 ]

من يلتذ بغير مأكل ومشرب وما تدركه الحواس من الملذذات، وقول من زعم أن في الجنة بشرا يلتذ بالتسبيح والتقديس من دون الاكل والشرب قول شاذ عن دين الاسلام، وهو مأخوذ من مذهب النصارى الذين زعموا أن المطيعين في الدنيا يصيرون في الجنة ملائكة لا يطعمون ولا يشربون ولا ينكحون، وقد أكذب الله هذا القول في كتابه بما رغب العالمين فيه من الاكل والشرب والنكاح، فقال تعالى: ” اكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا ” الآية، (1) وقال تعالى: ” فيها أنهار من ماء غير آسن ” الآية، (2) وقال: ” حور مقصورات في الخيام ” (3) وقال: ” وحور عين ” (4) وقال: ” وزوجناهم بحور عين ” (5) وقال: ” وعندهم قاصرات الطرف أتراب ” (6) وقال: ” إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم ” (7) وقال: ” واتوابه متشابها و لهم فيها أزواج مطهرة ” (8) فكيف استجاز من أثبت في الجنة طائفة من البشر لا يأكلون ولا يشربون، ويتنعمون مما به الخلق من الاعمال ويتألمون، وكتاب الله شاهد بضد ذلك، والاجماع على خلافه لولا أن قلد في ذلك من لا يجوز تقليده، أو عمل على حديث موضوع، انتهى كلامه رفع الله مقامه، وهو في غاية المتانة. واما استدلال الصدوق رحمه الله بقوله عليه السلام: وصنف يعبدونه حبا له على أنهم لا يتلذذون بالمآكل والمشارب والمناكح في الجنة فهو ضعيف، إذ عدم كون الجنة مقصودة لهم عند العبادة لا يستلزم


[ 1 ] الرعد: 35. [ 2 ] محمد: 15. [ 3 ] الرحمن: 72. [ 4 ] الواقعة: 22. [ 5 ] الدخان: 54. [ 6 ] ص: 52. [ 7 ] يس: 55 – 56. [ 8 ] البقرة: 25.

[ 203 ]

62 – وفي الكتاب المذكور أنه لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله ” وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ” بكى النبي صلى الله عليه وآله بكاء شديدا وبكت صحابته لبكائه، ولم يدروا ما نزل به جبرئيل عليه السلام ولم يستطع أحد من صحابته أن يكلمه، وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا رأى فاطمة عليها السلام فرح بها، فانطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها فوجد بين يديها شعيرا وهي تطحنه وتقول: ” وما عند الله خير و أبقى ” فسلم عليها وأخبرها بخبر النبي صلى الله عليه وآله وبكائه، فنهضت والتفت بشملة لها خلقة قد خيطت اثنا عشر مكانا بسعف النخل، فلما خرجت نظر سلمان الفارسي إلى الشملة وبكى وقال: واحزناه إن قيصر وكسرى لفي السندس والحرير، وابنة محمد صلى الله عليه وآله عليها شملة صوف خلقة قد خيطت في اثني عشر مكانا، فلما دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه وآله قالت: يارسول الله إن سلمان تعجب من لباسي، فوالذي بعثك بالحق مالي ولعلي منذ خمس سنين إلا مسك (1) كبش تعلف عليها بالنهار بعيرنا فإذا كان الليل افترشناه، وإن مرفقتنا لمن ادم حشوها ليف، (2) فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا سلمان إن ابنتي لفي الخيل السوابق. ثم قالت: يا أبت فديتك ما الذي أبكاك ؟ فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدمتين قال: فسقطت فاطمة عليها السلام على وجهها وهي تقول: الويل ثم الويل لمن دخل النار، فسمع سلمان فقال: ياليتني كنت كبشا لاهلي فأكلوا لحمي ومزقوا جلدي ولم أسمع بذكر النار، وقال أبو ذر: ياليت امي كانت عاقرا ولم تلدني ولم أسمع بذكر النار، وقال عمار: ياليتني كنت طائرا في القفار لم يكن علي حساب ولا عقاب ولم أسمع بذكر النار، وقال علي عليه السلام: ياليت السباع مزقت لحمي وليت امي لم تلدني ولم أسمع بذكر النار، ثم وضع علي عليه السلام يده على رأسه وجعل يبكي ويقول: وابعد سفراه ! واقلة زاداه ! في سفر القيامة يذهبون، وفي النار يترددون،


[ 1 ] المسك: بفتح الميم: الجلد. [ 2 ] الادم جمع الاديم: الجلد المدبوغ. الليف: قشر النخل وما شاكله.

[ 204 ]

وسائر مكملات الاعمال ففي الآخرة أيضا لا ينتفع إلا بالجنة الجسمانية، ومن فهم في الدنيا روح العبادة وأنس بها واستلذ منها وأعطاها حقها فهو في الجنة الجسمانية لا يستلذ إلا بالنعم الروحانية، ولنضرب لك في ذلك مثلا لمزيد الايضاح، فنقول: ربما يجلس بعض سلاطين الزمان على سريره ويطلب عامة رعاياه ووزرائه وامرائه ومقربي حضرته ويعطيهم شيئا من الحلاوات، فكل صنف من أصناف الخلق ينتفع بما يأخذه من ذلك نوعا من الانتفاع ويلتذ نوعا من الالتذاذ على حسب معرفته لعظمة السلطان ورتبة إنعامه: فمنهم جاهل لا ينتفع بذلك إلا أنه حلو ترغب الذائقة فيه، فلا فرق في ذلك عنده بين أن يأخذه من بائعه في السوق أو من يد السلطان، ومنهم من يعرف شيئا من عظمة السلطان ويريد بذلك الفخر على بعض أمثاله أو من هو تحت يده أن السلطان أكرمني بذلك، وهكذا حتى ينتهي الامر إلى من هو من مقربي حضرة السلطان ومن طالبي لطفه وإكرامه، فهو لا يلتذ بذلك إلا لانه خرج من يد السلطان، وأنه علامة لطفه وإكرامه فهو يضن بذلك ويخفيه ويفتخر بذلك و يبديه، مع أن في بيته أضعاف ذلك مبذولة لخدمه وعبيده فهو لا يجد من الحلاوة إلا طعم القرب والاكرام، ولو جعل السلطان علامة إكرامه في بذل أمر الاشياء وأبشعها لكان عنده أحلى من جميع الحلاوات، ولذا ترى في عشق المجاز إذا ضرب المعشوق محبه ضربا وجيعا على جهة الاكرام فهو أشهى عنده من كل ما يستلذ منه سائر الانام، فإذا كان مثل ذلك في المجاز ففي الحقيقة أولى وأحرى، فإذا فهمت ذلك عرفت أن أولياء الله تعالى في الدنيا أيضا في الجنة والنعيم، إذ هم في عبادة ربهم متلذذون بقربه ووصاله وفي التنعم بنعيم الدنيا إنما يتلذذون لكونه مما خلق لهم ربهم ومحبوبهم وحباهم بذلك ورزقهم وأعطاهم، وفي البلايا والمصائب أيضا يلتذون بمثل ذلك، لانهم يعلمون أن محبهم ومحبوبهم اختار ذلك لهم وعلم فيه صلاحهم، فبذلك امتحنهم فهم بذلك راضون شاكرون، فتنعمهم بالبلايا كتمتعهم بالنعم والهدايا، إذ جهة الاستلذاذ فيهما واحدة عندهم، فهم في الدنيا والآخرة بقربه ولطفه وحبه يتنعمون، وفيهما لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فإذا فازوا بهذه الدرجة القصوى ووصلوا إلى تلك المرتبة


[ 205 ]

الفضلى لا يعبدونه تعالى خوفا من ناره وأنها محرقة، بل لانها دار الخذلان والحرمان ومحل أهل الكفر والعصيان، ومن سخط عليه الرحمن، ولا طمعا في جنته من حيث كونها محل المشتهيات النفسانية والملاذ الجسمانية، بل من حيث إنها محل رضوان الله وأهل كرامته وقربه ولطفه، فلو كانت النار محل أهل كرامة الله لاختاروها كما اختاروا في الدنيا محنها ومشاقها، لعلمهم بأن رضى الله فيها، ولو كانت الجنة محل من غضب الله عليه لتركوها وفروا منها كما تركوا ملاذ الدنيا لما علموا أن محبوبهم لا يرتضيها، وإذا دريت ذلك حق درايته سهل عليك الجمع بين ما ورد من عدم كون العبادة للجنة والنار، والمبالغة في طلب الجنة والاستعاذة من النار، وما ورد في بعض الروايات والدعوات من التصريح بكون العبادة لابتغاء الدار الآخرة، فإن من طلب الآخرة لقربه ووصاله لم يطلب إلا وجهه، ومن طلبها لاستلذاذه وتمتعه الجسماني لم يعبد إلا نفسه، وتحقيق هذا المقام يحتاج إلى نوع آخر من الكلام و ذكر مقدمات غير مأنوسة لاكثر الانام، وفيما ذكرنا كفاية لمن شم روحا من رياض محبة ذي الجلال والاكرام، وعسى أن نتمم هذا المرام في بابي الحب والاخلاص بعض الاتمام، والله المرجو لكل خير وفضل وإنعام. فذلكة: اعلم أن الايمان بالجنة والنار على ما وردتا في الآيات والاخبار من غير تأويل من ضروريات الدين، ومنكرهما أو مؤولهما بما أولت به الفلاسفة خارج من الدين، وأما كونهما مخلوقتان الآن فقد ذهب إليه جمهور المسلمين إلا شرذمة من المعتزلة، فإنهم يقولون: سيخلقان في القيامة، والآيات والاخبار المتواترة دافعة لقولهم، مزيفة لمذهبهم، والظاهر أنه لم يذهب إلى هذا القول السخيف أحد من الامامية إلا ما ينسب إلى السيد الرضي رضي الله عنه، وأما مكانهما فقد عرفت أن الاخبار تدل على أن الجنة فوق السماوات السبع، والنار في الارض السابعة، وعليه أكثر المسلمين. وقال شارح المقاصد: جمهور المسلمين على أن الجنة والنار مخلوقتان الآن، خلافا لابي هاشم والقاضي عبد الجبار ومن يجري مجراهما من المعتزلة، حيث زعموا أنهما إنما تخلقان يوم الجزاء، لنا وجهان:


[ 206 ]

الاول: قصة آدم وحواء وإسكانهما الجنة، ثم إخراجهما عنها بأكل الشجرة، وكونهما يخصفان عليهما من ورق الجنة على ما نطق به الكتاب والسنة، وانعقد عليه الاجماع قبل ظهور المخالفين، وحملها على بستان من بساتين الدنيا يجري مجرى التلاعب بالدين والمراغمة لاجماع المسلمين، ثم لا قائل بخلق الجنة دون النار فثبوتها ثبوتها. الثاني: الآيات الصريحة في ذلك كقوله تعالى: ” ولقدر آه نزلة اخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ” (1) وكقوله في حق الجنة: ” اعدت للمتقين، (2) اعدت للذين آمنوا بالله ورسله، (3) وازلفت الجنة للمتقين ” (4) وفي حق النار: ” اعدت للكافرين، (5) وبرزت الجحيم للغاوين ” (6) وحملها على التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي مبالغة في تحققه خلاف الظاهر، فلا يعدل إليه بدون قرينة، ثم قال: لم يرد نص صريح في تعيين مكان الجنة والنار، والاكثرون على أن الجنة فوق السماوات السبع وتحت العرش تشبثا بقوله تعالى: ” عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ” وقوله عليه السلام: ” سقف الجنة عرش الرحمن والنار تحت الارضين السبع ” والحق تفويض ذلك إلى علم العليم الخبير انتهى. فائدة: قال المحقق الطوسي رحمه الله في التجريد بعد ذكر الثواب والعقاب: ويجب خلوصهما، وإلا لكان الثواب أنقص حالا من العوض والتفضل على تقدير حصوله فيهما، وهو أدخل في باب الزجر، وكل ذي مرتبة في الجنة لا يطلب الازيد، (7) ويبلغ سرورهم بالشكر إلى حد انتفاء المشقة، وغناؤهم بالثواب ينفي مشقة ترك القبائح وأهل النار ملجؤون إلى ترك القبيح. وقال العلامة رحمه الله في شرحه: يجب خلوص الثواب والعقاب عن الشوائب،


[ 1 ] النجم: 13 – 15. [ 2 ] آل عمران: 133. [ 3 ] الحديد: 21. [ 4 ] الشعراء: 90. [ 5 ] آل عمران: 131. [ 6 ] الشعراء: 91. [ 7 ] في التجريد المطبوع: لا يطلب الازيد من مرتبة. ولعل الصحيح: من مرتبته.

[ 207 ]

أما الثواب فلانه لولا ذلك لكان العوض والتفضل أكمل منه، لانه يجوز خلوصهما من الشوائب، وحينئذ يكون الثواب أنقص درجة وإنه غير جائز، وأما العقاب فلانه أعظم في الزجر (1) فيكون لطفا، ولما ذكر أن الثواب خالص عن الشوائب ورد عليه أن أهل الجنة يتفاوتون في الدرجات، فالانقص إذا شاهد من هو أعظم ثوابا حصل له الغم بنقص درجته عنه وبعدم اجتهاده في العبادة، وأيضا فإنهم يجب عليهم الشكر لنعم الله تعالى، والاخلال بالقبائح، وفي ذلك مشقة. والجواب عن الاول أن شهوة كل مكلف مقصورة على ما حصل له ولا يغتم بفقد الازيد لعدم استيهاله له، (2) وعن الثاني أنه يبلغ سرورهم بالشكر على النعمة إلى حد ينتفي المشقة معه، وأما الاخلال بالقبائح فإنه لا مشقة عليهم فيها، لانه تعالى يغنيهم بالثواب ومنافعه عن فعل القبيح، فلا يحصل لهم مشقة، وأما أهل النار فإنهم يجلؤون إلى فعل ما يجب عليهم وترك القبائح، فلا يصدر عنهم، وليس ذلك تكليفا لانه بالغ حد الالجاء، ويحصل من ذلك نوع من العقاب أيضا. 205 – ختص: أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الازدي، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا أراد الله تبارك وتعالى قبض روح المؤمن قال: يا ملك الموت انطلق أنت وأعوانك إلى عبدي فطال ما نصب نفسه من أجلي، فأتني بروحه لاريحه عندي، فيأتيه ملك الموت بوجه حسن، وثياب طاهرة، وريح طيبة، فيقوم بالباب فلا يستأذن بوابا، ولا يهتك حجابا، ولا يكسر بابا، معه خمسمائة ملك أعوان، معهم طنان الريحان، والحرير الابيض، والمسك الاذفر فيقولون: السلام عليك يا ولي الله ابشر فإن الرب يقرؤك السلام، أما إنه عنك راض غير غضبان، وابشر بروح وريحان وجنة نعيم، قال: أما الروح فراحة من الدنيا وبلائها، وأما الريحان من كل طيب في الجنة، فيوضع على ذقنه فيصل ريحه إلى روحه، فلا يزال في راحة حتى يخرج نفسه، ثم يأتيه رضوان خازن الجنة


[ 1 ] في شرح التجريد المطبوع: فلانه أدخل في الزجر. [ 2 ] هكذا في نسخة المصنف، وفي شرح التجريد المطبوع: لعدم اشتهائه له. وهو الصحيح.

[ 208 ]

فيسقيه شربة من الجنة لا يعطش في قبره ولا في القيامة حتى يدخل الجنة ريانا، فيقول: يا ملك الموت رد روحي حتى يثني على جسدي وجسدي على روحي، قال: فيقول ملك الموت: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول الروح: جزاك الله من جسد خير الجزاء، لقد كنت في طاعة الله مسرعا، وعن معاصيه مبطئا، فجزاك الله عني من جسد خير الجزاء، فعليك السلام إلى يوم القيامة، ويقول الجسد للروح مثل ذلك. قال: فيصيح ملك الموت: أيتها الروح الطيبة اخرجي من الدنيا مؤمنة مرحومة مغتبطة، قال: فرقت به الملائكة، وفرجت عنه الشدائد، وسهلت له الموارد، و صار لحيوان الخلد، قال: ثم يبعث الله له صفين من الملائكة غير القابضين لروحه، فيقومون سماطين مابين منزله إلى قبره يستغفرون له ويشفعون له، قال: فيعلله ملك الموت ويمنيه (1) ويبشره عن الله بالكرامة والخير كما تخادع الصبي امه، تمرخه بالدهن والريحان وبقاء النفس، ويفديه بالنفس والوالدين، قال: فإذا بلغت الحلقوم قال الحافظان اللذان معه: يا ملك الموت ارأف بصاحبنا وارفق فنعم الاخ كان ونعم الجليس لم يمل علينا ما يسخط الله قط، فإذا خرجت روحه خرجت كنخلة بيضاء وضعت في مسكة بيضاء، ومن كل ريحان في الجنة فأدرجت إدراجا، وعرج بها القابضون إلى السماء الدنيا، قال: فيفتح له أبواب السماء ويقول لها البوابون: حياها الله من جسد كانت فيه، لقد كان يمر له علينا عمل صالح ونسمع حلاوة صوته بالقرآن، قال فبكى له أبواب السماء والبوابون لفقده ويقولون: يا رب قد كان لعبدك هذا عمل صالح وكنا نسمع حلاوة صوته بالذكر للقرآن، ويقولون: اللهم ابعث لنا مكانه عبدا يسمعنا ما كان يسمعنا، ويصنع الله ما يشاء، فيصعد به إلى عيش رحب به ملائكة السماء كلهم أجمعون، ويشفعون له ويسغفرون له، ويقول الله تبارك وتعالى: رحمتي عليه من روح، ويتلقاه أرواح المؤمنين كما يتلقى الغائب غائبه، فيقول بعضهم لبعض:


[ 1 ] علل بكذا: شغله ولهاء به. منى الرجل الشئ وبالشئ: جعله يتمناه، ومنيتنى كذا: جعلت لى امنية بما شبهت لى.

[ 209 ]

ذروا هذه الروح حتى تفيق فقد خرجت من كرب عظيم، وإذا هو إستراح أقبلوا عليه يسائلونه ويقولون: ما فعل فلان وفلان ؟ فإن كان قد مات بكوا واسترجعوا ويقولون: ذهبت به امه الهاوية فإنالله وإنا إليه راجعون، قال: فيقول الله: ردوها عليه، فمنها خلقتهم وفيها اعيدهم، ومنها اخرجهم تارة اخرى، قال: فإذا حمل سريره حملت نعشه الملائكة واندفعوا به اندفاعا والشياطين سماطين ينظرون من بعيد ليس لهم عليه سلطان ولا سبيل، فإذا بلغوا به القبر توثبت إليه بقاع الارض كالرياض الخضر، فقالت كل بقعة منها: اللهم اجعله في بطني، قال: فيجاء به حتى يوضع في الحفرة التي قضاها الله له، فإذا وضع في لحده مثل له أبوه وامه وزوجته وولده وإخوانه، (1) قال: فيقول لزوجته: ما يبكيك ؟ قال: فتقول، لفقدك، تركتنا معولين، قال فتجئ صورة حسنة قال: فيقول: ما أنت ؟ فيقول: أنا عملك الصالح، أنا لك اليوم حصن حصين وجنة و سلاح بأمرالله قال: فيقول: أما والله لو علمت أنك في هذا المكان لنصبت نفسي لك، وما غرني مالي وولدي، قال: فيقول: ياولي الله ابشر بالخير، فوالله إنه ليسمع خفق نعال القوم إذا رجعوا، ونفضهم أيديهم من التراب إذا فرغوا، قد رد عليه روحه وما علموا، قال: فيقول له الارض: مرحبا يا ولي الله، مرحبا بك، أما والله لقد كنت احبك وأنت على متني، (2) فأنا لك اليوم أشد حبا إذا أنت في بطني، أما وعزة ربي لاحسنن جوارك ولابردن مضجعك، ولاوسعن مدخلك، إنما أنا روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، قال: ثم يبعث الله إليه ملكا فيضرب بجناحيه عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه فيوسع له من كل طريقة أربعين (فرسخا ظ) نورا، فإذا قبره مستدير بالنور، قال: ثم يدخل عليه منكر ونكير وهما ملكان أسودان، يبحثان القبر بأنيابهما، ويطئنان في شعورهما، حدقتاهما مثل قدر النحاس، و


[ 1 ] في هامش نسخة المصنف قدس سره بخطه الشريف: الظاهر سقوط شئ من الخبر ههنا ولم نظفر بما يمكن تصحيحه به. منه [ 2 ] متن الشئ: ما ظهر منه. متن الارض: ما ارتفع منها واستوى.

[ 210 ]

أصواتهما كالرعد العاصف، وأبصارهما مثل البرق اللامع، فينتهرانه (1) ويصيحان به ويقولان: من ربك ؟ ومن نبيك ؟ ومادينك ومن إمامك ؟ فإن المؤمن ليغضب حتى ينتفض من الا دلال توكلا على الله من غير قرابة ولا نسب فيقول: ربي وربكم ورب كل شئ الله، ونبيي ونبيكم محمد خاتم النبيين، وديني الاسلام الذي لا يقبل الله معه دينا، وإمامي القرآن مهيمنا على الكتب وهو القرآن العظيم، فيقولان: صدقت ووفقت وفقك الله وهداك، انظر ما ترى عند رجليك، فإذا هوبباب من نار فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون ما كان هذا ظني برب العالمين. قال: فيقولان له: يا ولي الله لا تحزن ولا تخش وابشر واستبشر ليس هذا لك و لا أنت له، إنما أراد الله تبارك وتعالى أن يريك من أي شئ نجاك ويذيقك برد عفوه قد اغلق هذا الباب عنك ولا تدخل النار أبدا، انظر ما ترى عند رأسك ؟ فإذا هو بمنازله من الجنة وأزواجه من الحور العين، قال: فيثب وثبة لمعانقة حور العين لزوجة من أزواجه فيقولان له: يا ولي الله إن لك إخوة وأخوات لم يلحقوا، فنم قرير العين كعاشق في حجلته إلى يوم الدين، قال: فيفرش له ويبسط ويلحد، قال: فوالله ما صبي قد نام مدللا بين يدي امه وأبيه بأثقل نومة منه، قال: فإذا كان يوم القيامة تجيئه عنق (2) من النار فتطيف به، فإذا كان مدمنا (3) على تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير وقفت عنده تبارك وانطلقت تنزيل السجدة فقالت: أنا آت بشفاعة رب العالمين. قال: فتجئ عنق من العذاب من قبل يمينه فيقول الصلاة: إليك (4) عن ولي الله فليس لك إلى ما قبلي سبيل، فتأتيه من قبل يساره فيقول الزكاة: إليك عن ولي الله فليس لك إلى ما قبلي سبيل، فتأتيه من قبل رأسه فيقول القرآن: إليك عن ولي الله


[ 1 ] أي يزجرانه. وفى نسخة: ” فينتهزانه ” بالزاى المعجمة. [ 2 ] العنق: الجماعة. [ 3 ] أي مداوما (4) إليك اسم فعل بمعنى ابعد

[ 211 ]

فليس لك إلى ما قبلي سبيل، فيخرج عنق من النار مغضبا فيقول: دونكما ولي الله وليكما، قال: فيقول الصبر وهو في ناحية القبر: أما والله ما منعني أن ألي من ولي الله اليوم إلا أني نظرت ما عندكم فلما أن حزتم (1) عن ولي الله عذاب القبر ومؤونته فأنا لولي الله ذخر وحصن عند الميزان وجسر جهنم والعرض عند الله: فقال علي أمير المؤمنين صلوات الله عليه: يفتح لولي الله من منزله من الجنة إلى قبره تسعة وتسعين (تسعون ظ) بابا يدخل عليها روحها وريحانها وطيبها ولذتها ونورها إلى يوم القيامة، فليس شئ أحب إليه من لقاء الله، قال: فيقول: يا رب عجل علي قيام الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي، فإذا كانت صيحة القيامة خرج من قبره مستورة عورته، مسكنة روعته، قد اعطي الامن والامان، وبشر بالرضوان والروح والريحان والخيرات الحسان، فيستقبله الملكان اللذان كانا معه في الحياة الدنيا فينفضان التراب عن وجهه وعن رأسه، ولا يفارقانه ويبشرانه ويمنيانه ويفرجانه كلما راعه شئ من أهوال القيامة قالا له: يا ولي الله لاخوف عليك اليوم ولاحزن، نحن للذين ولينا عملك في الحياة الدنيا ونحن أولياؤك اليوم في الآخرة، انظر تلكم الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون. قال: فيقام في ظل العرش فيدنيه الرب تبارك وتعالى حتى يكون بينه وبينه حجاب من نور فيقول له: مرحبا فمنها يبيض وجهه، ويسر قلبه، ويطول سبعون ذراعا من فرحته، فوجهه كالقمر، وطوله طول آدم، وصورته صورة يوسف، ولسانه لسان محمد صلى الله عليه وآله، وقلبه قلب أيوب، كلما غفر له ذنب سجد، فيقول: عبدي اقرأ كتابك فيصطك (2) فرائصه شفقا وفرقا، قال: فيقول: الجبار: هل زدنا عليك سيئاتك و نقصنا من حسناتك ؟ قال: فيقول: يا سيدي بل أنت قائم بالقسط، وأنت خير الفاصلين، قال: فيقول: عبدي أما استحييت ولا راقبتني ولا خشيتني ؟ قال: فيقول: سيدي قد أسأت فلا تفضحني فإن الخلائق ينظرون إلى، قال: فيقول الجبار: وعزتي يا مسئ لا أفضحك اليوم، قال: فالسيئات فيما بينه وبين الله مستورة والحسنات بارزة للخلائق، قال: فكلما عيره بذنب قال: سيدي لسعيي إلى النار أحب إلي من أن تعيرني.


[ 1 ] كذا في نسخة المصنف. [ 2 ] أي فيضطرب.

[ 212 ]

قال: فيقول الجبار تبارك وتعالى: أتذكر يوم كذا وكذا أطعمت جائعا، و وصلت أخا مؤمنا كسوت يوما، (1) حججت في الصحاري تدعوني محرما، أرسلت عينيك فرقا، سهرت ليلة شفقا، غضضت طرفك مني فرقا ؟ فإذا (فذاخ ل) بذا أماما أحسنت فمشكور، وأماما أسأت فمغفور، فعند ذلك ابيض وجهه، وسرقلبه، ووضع التاج على رأسه، وعلى يديه الحلي والحلل، ثم يقول: يا جبرئيل انطلق بعبدي فأره كرامتي، فيخرج من عند الله قد أخذ كتابه بيمينه فيدحو به مد البصر فيبسط صحيفته للمؤمنين والمؤمنات وهو ينادي: ” هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية ” فإذا انتهى إلى باب الجنة قيل له: هات الجواز، قال: هذا جوازي مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا جواز جائز من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان من رب العالمين، فينادي مناد يسمع أهل الجمع كلهم: ألا إن فلان بن فلان قد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، قال: فيدخل فإذا هو بشجرة ذات ظل ممدود، وماء مسكوب، و ثمار مهدلة يخرج من ساقها عينان تجريان، فينطلق إلى إحداهما فيغتسل منها فيخرج عليه نضرة النعيم، ثم يشرب من الاخرى فلا يكون في بطنه مغص ولامرض ولاداء أبدا، و ذلك قوله: ” وسقاهم ربهم شرابا طهورا ” ثم تستقبله الملائكة فتقول: طبت فادخلها مع الخالدين، فيدخل فإذا هو بسماطين من شجر أغصانها اللؤلؤ، وفروعها الحلي والحلل، ثمارها مثل ثدي الجواري الابكار، فتستقبله الملائكة معهم النوق و البراذين والحلي والحلل فيقولون: ياولي الله اركب ما شئت، والبس ما شئت، وسل (سرظ) ما شئت، قال: فيركب ما اشتهى، ويلبس ما اشتهى، وهو على ناقة أوبرذون من نور، وثيابه من نور، وحليه من نور، يسير في دار النور، معه ملائكة من نور، وغلمان من نور، ووصائف من نور، حتى تهابه الملائكة مما يرون من النور، فيقول بعضهم لبعض: تنحوا فقد جاء وفد الحليم الغفور، قال: فينظر إلى أول قصر له من فضة مشرفا بالدر والياقوت فتشرف عليه أزواجه فيقولون: مرحبا مرحبا انزل بنا، فيهم


[ 1 ] كذا في نسخة المصنف.

[ 213 ]

أن ينزل بقصره، قال: فيقول الملائكة: سريا ولي الله فإن هذا لك وغيره، حتى ينتهي إلى قصر من ذهب مكلل بالدر والياقوت فتشرف عليه أزواجه فيقلن: مرحبا مرحبا ياولي الله انزل بنا، فيهم أن ينزل به فتقول له الملائكة: سريا ولي الله فإن هذا لك وغيره. قال: ثم ينتهي إلى قصر مكلل بالدر والياقوت فيهم بالنزول بقصره (1) فيقول له الملائكة: سر يا ولي الله فإن هذا لك وغيره، قال: ثم يأتي قصرا من ياقوت أحمر مكللا بالدر والياقوت فيهم بالنزول بقصره فيقول له الملائكة: سر يا ولي الله فإن هذا لك وغيره، قال: فيسير حتى يأتي تمام ألف قصر كل ذلك ينفذ فيه بصره ويسير في ملكه أسرع من طرف العين، فإذا انتهى إلى أقصاها قصرا نكس رأسه فتقول الملائكة: مالك يا ولي الله ؟ قال: فيقول: والله لقد كاد بصري أن يختطف، فيقولون: يا ولي الله ابشر فإن الجنة ليس فيها عمى ولا صمم، فيأتي قصرا يرى باطنه من ظاهره، وظاهره من باطنه، لبنة من فضة، ولبنة ذهب، ولبنة ياقوت، ولبنة در، ملاطه المسك، قد شرف بشرف من نور يتلالؤ، ويرى الرجل وجهه في الحائط وذاقوله: ” ختامه مسك ” يعني ختام الشراب. ثم ذكر النبي صلى الله عليه وآله الحور العين فقالت ام سلمة: بأبي أنت وامي يا رسول الله أما لنا فضل عليهن ؟ قال: بلى بصلاتكن وصيامكن و عبادتكن لله، بمنزلة الظاهرة على الباطنة، (2) وحدث أن الحور العين خلقهن الله في الجنة مع شجرها، وحبسهن على أزواجهن في الدنيا، على كل واحدة منهن سبعون حلة، يرى بياض سوقهن من وراء الحلل السبعين كما ترى الشراب الاحمر في الزجاجة البيضاء، وكالسلك الابيض في الياقوت الحمراء، يجامعها في قوة مائة رجل في شهوة أربعين سنة، وهن أتراب أبكار عذاري، كلما نكحت صارت عذراء ” لم يطمثن إنس قبلهم ولا جان ” يقول: لم يمسهن إنسي ولا جني قط ” فيهن خيرات حسان ” يعني خيرات الاخلاق، حسان الوجوه ” كانهن الياقوت والمرجان ” يعني صفاء الياقوت و بياض اللؤلؤ.


[ 1 ] في نسخة: فيهم أن ينزل بقصره. [ 2 ] في هامش نسخة المصنف قدس سره بخطه الشريف: الظاهر أن هنا سقطا. منه

[ 214 ]

قال: وإن في الجنة لنهرا حافتاه الجواري قال: فيوحي إليهن الرب تبارك و تعالى: أسمعن عبادي تمجيدي وتسبيحي وتحميدي، فيرفعن أصواتهن بألحان وترجيع لم يسمع الخلائق مثلها قط، فتطرب أهل الجنة، وإنه لتشرف على ولي الله المرأة ليست من نسائه من السجف فملات قصوره ومنازله ضوءا ونورا، فيظن ولي الله أن ربه أشرف عليه، أو ملك من ملائكته، فيرفع رأسه فإذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نور عينية، قال: فتناديه: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة، قال: فيقول لها: ومن أنت ؟ قال: فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: ” لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد ” فيجامعها في قوة مائة شاب ويعانقها سبعين سنة من أعمار الاولين، وما يدري أينظر إلى وجهها أم إلى خلفها أم إلى ساقها ؟ فما من شئ ينظر إليه منها إلا رأى وجهه من ذلك المكان من شدة نورها وصفائها، ثم تشرف عليها اخرى أحسن وجها وأطيب ريحا من الاولى، فتناديه فتقول: قد آن لنا أن يكون لنا منك دولة، قال: فيقول لها ومن أنت ؟ فتقول: أنا من ذكر الله (1) في القرآن: ” فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون “. قال: وما من أحد يدخل الجنة إلا كان له من الازواج خمسمائة حوراء، مع كل حوراء سبعون غلاما وسبعون جارية كأنهن (كأنهم ظ) اللؤلؤ المنثور، كأنهن اللولؤ المكنون – وتفسير المكنون بمنزلة اللؤلؤ في الصدف لم تمسه الايدي ولم تره الاعين، وأما المنثور فيعني في الكثرة – وله سبع قصور في كل قصر سبعون بيتا، في كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا، عليها زوجة من الحور العين ” تجري من تحتهم الانهار ” أنهار من ماء غير آسن، صاف ليس بالكدر ” وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ” لم يخرج من ضرر المواشي ” وأنهار من عسل مصفى ” لم يخرج من بطون النحل ” وأنهار من خمر لذة للشاربين ” لم يعصره الرجال بأقدامهم، فإذا اشتهوا الطعام جاءهم طيور بيض يرفعن أجنحتهن فيأكلون من أي الالوان اشتهوا جلوسا إن شاؤوا أو متكئين، وإن اشتهوا الفاكهة تسعبت إليهم الاغصان فأكلوا من من أيها اشتهوا، قال: ” والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم


[ 1 ] كذا في نسخة المصنف والظاهر: أنا ممن ذكر الله.

[ 215 ]

فنعم عقبى الدار ” فبيناهم كذلك إذ يسمعون صوتا من تحت العرش: يا أهل الجنة كيف ترون منقلبكم ؟ فيقولون: خير المنقلب منقلبنا وخير الثواب ثوابنا، قد سمعنا الصوت واشتهينا النظر إلى أنوار جلالك وهو اعظم ثوابنا وقد وعدته ولا تخلف الميعاد، فيأمر الله الحجب فيقوم سبعون ألف حجاب فيركبون على النوق والبراذين و عليهم الحلي والحلل فيسيرون في ظل الشجر حتى ينتهوا إلى دار السلام، وهي دار الله دار البهاء والنور والسرور والكرامة، فيسمعون الصوت فيقولون: يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك، فأرنا نور وجهك، فيتجلى لهم سبحانه وتعالى حتى ينظرون إلى نور وجهه – تبارك وتعالى – المكنون من عين كل ناظر، فلا يتمالكون حتى يخروا على وجوههم سجدا فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم. قال: فيقول: عبادي ! ارفعوا رؤوسكم ليس هذه بدار عمل إنما هي دار كرامة ومسألة ونعيم قد ذهبت عنكم اللغوب والنصب، فإذا رفعوها رفعوها وقد أشرقت وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا، ثم يقول تبارك وتعالى: يا ملائكتي أطعموهم و اسقوهم، فيؤتون بألوان الاطعمة لم يروا مثلها قط في طعم الشهد وبياض الثلج ولين الزبد، فإذا أكلوه قال بعضهم لبعض: كان طعامنا الذي خلفناه في الجنة عند هذا حلما. قال: ثم يقول الجبار تبارك وتعالى: يا ملائكتي اسقوهم، قال: فيؤتون بأشربة فيقبضها ولي الله فيشرب شربة لم يشرب مثلها قط، قال: ثم يقول: يا ملائكتي طيبوهم فتأتيهم ريح من تحت العرش بمسك أشد بياضا من الثلج تغير وجوههم وجباههم وجنوبهم تسمى المثيرة فيستمكنون من النظر إلى نور وجهه، فيقولون: يا سيدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى نور وجهك لا نريد به بدلا ولا نبتغي به حولا، فيقول الرب تبارك وتعالى: إني أعلم أنكم إلى أزواجكم مشتاقون، وأن أزواجكم إليكم مشتاقات، فيقولون: يا سيدنا ما أعلمك بما في نفوس عبادك ؟ ! فيقول: كيف لا أعلم وأنا خلقتكم، وأسكنت أرواحكم في أبدانكم، ثم رددتها عليكم بعد الوفاة فقلت: اسكني في عبادي خير مسكن، ارجعوا إلى أزواجكم، قال: فيقولون: يا سيدنا اجعل


[ 216 ]

لنا شرطا، قال: فإن لكم كل جمعة زورة مابين الجمعة إلى الجمعة سبعة آلاف سنة مما تعدون، قال: فينصرفون فيعطى كل رجل منهم رمانة خضراء، في كل رمانه سبعون حلة لم يرها الناظرون المخلوقون، فيسيرون فيتقدمهم بعض الولدان حتى يبشروا أزواجهم وهن قيام على ابواب الجنان، قال: فما دنى منها نظرت إلى وجهه فأنكرته من غير سوء، فقالت: حبيبي ! لقد خرجت من عندي وما أنت هكذا، قال: فيقول: حبيبتي ! تلومينني ! أن أكون هكذا وقد نظرت إلى نور وجه ربي تبارك وتعالى فأشرق وجهي من نور وجهه، ثم يعرض عنها فينظر إليها نظرة فيقول: حبيبتي ! لقد خرجت من عندك وما كنت هكذا فتقول: حبيبي ! تلومني أن أكون هكذا وقد نظرت إلى وجه الناظر إلى نور وجه ربي فأشرق وجهي من وجه الناظر إلى نور وجه ربي سبعين ضعفا، فتعانقه من باب الخيمة والرب تبارك وتعالى يضحك إليهم فينادون بأصابعهم (بأصواتهم خ ل): الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. قال: ثم إن الرب تبارك وتعالى يأذن للنبيين فيخرج رجل في موكب حوله الملائكة والنور أمامهم، فينظر إليه أهل الجنة فيمدون أعناقهم إليه فيقولون: من هذا ؟ إنه لكريم على الله، فيقول الملائكة: هذا المخلوق بيده، والمنفوخ فيه من روحه والمعلم للاسماء هذا آدم، قد اذن له على الله، قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم قال: فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا ؟ فتقول الملائكة هذا الخليل إبراهيم، قد أذن له على الله، قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم، قال: فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا ؟ فيقول هذا موسى بن عمران الذي كلم الله موسى تكليما، قد اذن له على الله، قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا الذي قد اذن له على الله ؟ فتقول الملائكة: هذا روح الله وكلمته، هذا عيسى بن مريم، قال: ثم يخرج رجل


[ 217 ]

في موكب في مثل جميع مواكب من كان قبله سبعين ضعفا، حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم، فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا الذي قد اذن له على الله ؟ فتقول الملائكة: هذا المصطفى بالوحي المؤتمن على الرسالة سيد ولد آدم هذا النبي محمد صلى الله عليه وعلى أهل بيته وسلم كثيرا، قد اذن له على الله، قال: ثم يخرج رجل في موكب حوله الملائكة قد صفت أجنحتها والنور أمامهم، فيمد إليه أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا ؟ فيقول الملائكة: هذا أخو رسول الله صلى الله عليه وآله في الدنيا والآخرة. قال: ثم يؤذن للنبيين والصديقين والشهداء، فيوضع للنبيين منابر من نور، وللصديقين سرر من نور، وللشهداء كراسي من نور، ثم يقول الرب تبارك وتعالى مرحبا بوفدي وزواري وجيراني، يا ملائكتي أطعموهم فطال ما أكل الناس وجاعوا، و طال ماروي الناس وعطشوا، وطال ما نام الناس وقاموا، وطال ما أمن الناس وخافوا، قال فيوضع لهم أطعمة لم يروا مثلها قط، على طعم الشهد، ولين الزبد، وبياض الثلج، ثم يقول: يا ملائكتي فكهوهم، فيفكهونهم بألوان من الفاكهة لم يروا مثلها قط و رطب عذب دسم على بياض الثلج ولين الزبد، قال: ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: إنة لتقع الحبة من الرمان فتستر وجوه الرجال بعضهم عن بعض، ثم يقول: يا ملائكتي اكسوهم، قال: فينطلقون إلى شجر في الجنة فيحبون منها حللا مصقولة بنور الرحمن ثم يقول: طيبوهم، فتأتيهم ريح من تحت العرش تسمى المثيرة أشد بياضا من الثلج تغير وجوههم وجباههم وجنوبهم، ثم يتجلى لهم تبارك وتعالى سبحانه حتى ينظروا إلى نور وجهه المكنون من عين كل ناظر، فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم، ثم يقول الرب سبحانه تبارك وتعالى لا إله غيره: لكم كل جمعة زورة مابين الجمعة إلى الجمعة سبعة آلاف سنة مما تعدون 206 – وعنه، عن عوف بن عبد الله، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الجنة محرمة على الانبياء حتى أدخلها، و محرمة على الامم حتى يدخلها شيعتنا أهل البيت.


[ 218 ]

207 – وعنه، عن عوف بن عبد الله، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الرب تبارك وتعالى يقول: ادخلوا الجنة برحمتي، وانجوا من النار بعفوي، وتقسموا الجنة بأعمالكم، فوعزتي لانزلنكم دار الخلود ودار الكرامة، فإذا دخلوها صاروا على طول آدم ستين ذراعا، وعلى ملد عيسى ثلاثا وثلاثين سنة، وعلى لسان محمد العربية، وعلى صورة يوسف في الحسن، ثم يعلو وجوههم النور، وعلى قلب أيوب في السلامة من الغل. 208 – وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الجنان أربع وذلك قول الله: ” ولمن خاف مقام ربه جنتان ” وهو الرجل يهجم على شهوة من شهوات الدنيا وهي معصية فيذكر مقام ربه فيدعها من مخافته فهذه الآية فيه، فهاتان جنتان للمؤمنين والسابقين. أما قوله: ” ومن دونهما جنتان ” يقول: من دونهما في الفضل، وليس من دونهما في القرب، وهما لاصحاب اليمين وهي جنة النعيم وجنة المأوى، وفي هذه الجنان الاربع فواكه في الكثرة كورق الشجر والنجوم، وعلى هذه الجنان الاربع حائط محيط بها طوله مسيرة خمسمائة عام لبنة من فضة، ولبنة ذهب، ولبنة در ولبنة ياقوت، وملاطه المسك والزعفران، وشرفه نور يتلالؤ، يرى الرجل وجهه في الحائط، وفي الحائط ثمانية أبواب، على كل باب مصراعان عرضهما كحضر الفرس الجواد سنة. 209 – وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أرض الجنة رخامها فضة، وترابها الورس والزعفران، وكنسها المسك، ورضراضها الدر والياقوت. 210 – وعنه، عن عوف، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أسرتها من در وياقوت وذلك قول الله: ” على سرر موضونة ” يعني أوساط السررمن قضبان الدر والياقوت، مضروبة عليها الحجال، والحجال من در وياقوت، أخف من الريش، وألين من الحرير، وعلى السرر من الفرش على قدر ستين غرفة من غرف


[ 219 ]

الدنيا، بعضها فوق بعض، وذلك قول الله: ” وفرش مرفوعة ” وقوله: ” على الارائك ينظرون ” يعني بالارائك السرر الموضونة عليها الحجال. 211 – وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أنهار الجنة تجري في غير اخدود أشد بياضا من الثلج، و احلى من العسل، وألين من الزبد، طين النهر مسك أذفر، وحصاه الدر والياقوت تجري في عيونه وأنهاره حيث يشتهي ويريد في جنانه ولي الله، فلو أضاف من في الدنيا من الجن والانس لاوسعهم طعاما وشرابا وحللا وحليا لا ينقصه من ذلك شئ. 212 – وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن نخل الجنة جذوعها ذهب أحمر، وكربها زبرجد أخضر، وشماريخها (1) در أبيض، وسعفها حلل خضر، ورطبها أشد بياضا من الفضة، وأحلى من العسل، و ألين من الزبد، ليس فيه عجم (2) طول العذق (3) اثنا عشر ذراعا، منضودة من أعلاه إلى أسفله، لا يؤخذ منه شئ إلا أعاده الله كما كان، وذلك قول الله: ” لا مقطوعة ولا ممنوعة ” وإن رطبها لامثال القلال، وموزها ورمانها أمثال الدلي، وأمشاطهم الذهب ومجامرهم الدر. 213 – وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله في قول الله تبارك وتعالى: ” طوبى لهم وحسن مآب ” يعني وحسن مرجع، فأما طوبى فإنها شجرة في الجنة، ساقها في دار محمد صلى الله عليه وآله، ولو أن طائرا طار من ساقها لم يبلغ فرعها حتى يقتله الهرم، على كل ورقة منها ملك يذكر الله، وليس في الجنة دار إلا وفيه غصن من أغصانها، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة، يحمل لهم ما يشاؤون من حليها وحللها وثمارها، لا يؤخذ منها شئ إلا أعاده الله كما كان، بأنهم كسبوا طيبا، وأنفقوا قصدا، وقدموا فضلا، فقد أفلحوا وأنجحوا.


[ 1 ] جمع الشمروخ: العذق عليه بسر أو عنب. [ 2 ] العجم: نوى التمر وغيره. [ 3 ] بالسكر: عنقود العنب. ومن النخل: هو كالعنقود من العنب.

[ 220 ]

214 – وعنه، عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أهل الجنة جرد مرد مكحلين مكللين مطوقين مسورين مختمين ناعمين محبورين مكرمين، يطعى أحدهم قوة مائة رجل في الطعام والشراب والشهوة والجماع، قوة غذائه قوة مائة رجل في الطعام والشراب، ويجد لذة غدائه مقدار أربعين سنة، ولذة عشائه مقدار أربعين سنة، قد ألبس الله وجوههم النور، وأجسادهم الحرير، بيض الالوان صفر الحلي خضر الثياب. 215 – وعنه عن عوف، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أهل الجنة يحيون فلا يموتون أبدا، ويستيقظون فلا ينامون أبدا، ويستغنون فلا يفتقرون أبدا ويفرحون فلا يحزنون أبدا، ويضحكون فلا يبكون أبدا، ويكرمون فلا يهانون أبدا، ويفكهون ولا يقطبون (1) أبدا، ويحبرون ويسرون أبدا، ويأكلون فلا يجوعون أبدا، ويروون فلا يظمؤون أبدا، ويكسون فلا يعرون أبدا، ويركبون ويتزاورون أبدا، ويسلم عليهم الولدان المخلدون أبدا بأيديهم أباريق الفضة وآنية الذهب أبدا متكئين على سرر أبدا، على الارائك ينظرون أبدا، يأتيهم التحية والتسليم من الله أبدا، نسأل الله الجنة برحمته إنه على كل شئ قدير. بيان: انتهى ما استخرجته من كتاب الاختصاص، ومؤلفه أخرجه من كتاب سعيد بن جناح، قال النجاشي رحمه الله: سعيد بن جناح أصله كوفي، نشأ ببغداد ومات بها، مولى الازد، ويقال: مولى جهينة أخوه أبو عامر، روى عن الكاظم والرضا عليهما السلام وكانا ثقتين، له كتاب صفة الجنة والنار، وكتاب قبض روح المؤمن والكافر، أخبرنا أبو عبد الله القزويني ابن شاذان، عن أحمد بن محمد بن يحيى، عن أبيه، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن سعيد، يروي هذين الكتابين عن عوف بن عبد الله، عن أبي عبد الله عليه السلام وعوف بن عبد الله مجهول انتهى. فظهر أن الاخبار مأخوذة من أصل مشهور معتبر. (2)


[ 1 ] قطب الرجل: زوى (أي جمع) مابين عينيه وكلح. [ 2 ] وقد عرفت أن النجاشي نص على جهالة عوف بن عبد الله.

[ 221 ]

ولنوضح بعض ألفاظها: الطنان بالكسر جمع الطن بالضم وهو الحزمة من الخضر والرياحين وغيرها، والسماطان بالكسر من النخل والناس الصفان من الجانبين وتقول: مرخت الرجل بالدهن: إذا أدهنته به ثم دلتكه، والادلال: الانبساط و الوثوق بمحبة الغير، ودل المرأة ودلالها: تدللها على زوجها تريه جرأة في تغنج وشكل كأنها تخالفه وما بها خلاف. قوله: فيدحو به أي يرميه ويبسطه. وهدله يهدله هدلا: أرسله إلى أسفل وأرخاه. والمغص – ويحرك -: وجع في البطن. قوله: مشرفا بالدر أي جعل شرفه من الدر، ولعل المراد بالظاهرة والباطنة الظهارة و البطانة من الثوب لانهن لباس. والسجف بالفتح – ويكسر -: الستر. والضرر جمع الضرة وهي الثدي. وتسعب: تمدد. والملد محركة: الشباب والنعمة والاهتزاز. و الرضراض: الحصى أو صغارها. والكرب بالتحريك: اصول السعف الغلاظ العراض والدلي بضم الدال وكسر اللام وتشديد الياء جمع دلو. والجرد بالضم جمع الاجرد وهو الذي ليس على بدنه شعر. وكذا المرد جمع الامرد وهو معروف. قوله: و يفكهون أي يمزحون ويضحكون. والقطب ضده وأما ما اشتمل عليه الاخبار من ذكر الرؤية فقد مر تأويلها مرارا في كتاب التوحيد وغيره، والمراد إما مشاهدة نور من أنواره المخلوقة له، أو النبي وأهل بيته الذين جعل رؤيتهم بمنزلة رؤيته، أو غاية المعرفة التي يعبر عنها بالرؤية، والاول أنسب بهذا المقام، وكذا الضحك كناية عن إظهار ما يدل على رضاه عنهم من خلق صوت يشبه الضحك أو غيره، والله تعالى يعلم وحججه صلوات الله عليهم أجمعين. 216 – عدة: من كتاب الدعاء لمحمد بن الحسن الصفار يرفعه إلى الحسين بن سيف، عن أخيه علي، عن أبيه، عن سليمان، عن عثمان الاسود عمن رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يدخل الجنة رجلان كانا يعملان عملا واحدا فيرى أحدهما صاحبه فوقه فيقول: يا رب بما أعطيته وكان عملنا واحدا ؟ فيقول الله تبارك وتعالى: سألني ولم تسألني، ثم قال: سلوا الله وأجزلوا فإنه لا يتعاظمه شئ. 217 – وبهذا الاسناد عن عثمان، عمن رفعه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لتسألن


[ 222 ]

الله أو يفيضن عليكم، إن لله عبادا يعملون فيعطيهم، وآخرين يسألونه صادقين فيعطيهم ثم يجمعهم في الجنة فيقول الذين عملوا: ربنا ! عملنا فأعطيتنا فبما أعطيت هؤلاء ؟ فيقول: عبادي ! أعطيتكم اجوركم ولم ألتكم (1) من أعمالكم شيئا، وسألني هؤلاء فأعطيتهم وهو فضلي أوتيه من أشاء. * (باب 24) * * (النار أعاذنا الله وسائر المؤمنين من لهبها وحميمها وغساقها وغسلينها (2) * * (وعقاربهاو حياتهاو شدائدها ودركاتها بمحمد سيد المرسلين) * * (واهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين) * الايات، البقرة ” 2 ” فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين 24 ” وقال تعالى “: والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النارهم فيها خالدون 39 ” وقال تعالى “: وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله مالا تعلمون * بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون 80 – 81 ” وقال سبحانه “: ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون * اولئك الذين اشتروا الحيوة الدنيا بالاخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولاهم ينصرون 85 – 86 ” وقال سبحانه “: وللكافرين عذاب مهين 90 ” وقال تعالى “: و للكافرين عذاب اليم 104 ” وقال تعالى “: ولهم في الآخرة عذاب عظيم 114 ” وقال سبحانه “: ولا تسئل عن أصحاب الجحيم 119 ” وقال تعالى “: ومن كفر فامتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير 126 ” وقال تعالى “: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب


[ 1 ] الت الرجل حقه نقصه. [ 2 ] الغساق: ما يقطر من جلود اهل النار. الغسلين: ما انغسل من لحوم اهل النار و دمائهم.

[ 223 ]

ولاهم ينظرون 161 – 162 ” وقال تعالى “: ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب * إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب * وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وماهم بخارجين من النار 166 – 167 ” وقال تعالى “: واعلموا أن الله شديد العقاب 196 ” وقال تعالى “: وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد 206 ” وقال تعالى “: ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة و اولئك أصحاب النارهم فيها خالدون 217 ” وقال تعالى “: اولئك أصحاب النارهم فيها خالدن 257 ” وقال “: ومن عاد فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون 275. آل عمران ” 3 ” إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا واولئك هم وقود النار * كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب * قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم و بئس المهاد 10 – 12 ” وقال “: فبشرهم بعذاب أليم 21 ” وقال تعالى “: ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون 24 ” وقال تعالى “: خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون 88 ” وقال تعالى “: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار لن يقبل من أحدهم ملؤ الارض ذهبا ولو افتدى به اولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين 91 ” وقال ” إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا واولئك أصحاب النارهم فيها خالدون 116 ” وقال ” واتقوا النار التي اعدت للكافرين 131 ” وقال “: ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين 151 ” وقال “: ومأويه جهنم وبئس المصير 162 ” وقال “: ولهم عذاب عظيم 167 ” وقال “: ولهم عذاب اليم 177 ” وقال “: ولهم عذاب مهين 178 ” وقال “: ونقول ذوقوا عذاب الحريق 181 ” وقال “: فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز 185 ” وقال “: فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم 188 ” وقال “: فقنا عذاب النار 191 ” وقال ” ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد 179.


[ 224 ]

النساء ” 4 ” إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا 10 ” وقال تعالى “: ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين 14 ” وقال “: حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار اولئك اعتدنا لهم عذابا أليما 18 ” وقال “: ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا. 30 ” وقال “: وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا 37 ” وقال “: وكفى بجهنم سعيرا * إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما 55 – 56 ” وقال “: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما 93 ” وقال تعالى “: فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا 97 ” وقال سبحانه “: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا 102 ” وقال تعالى “: ونصله جهنم وساءت مصيرا 115 ” وقال سبحانه “: اولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا 121 ” وقال تعالى “: إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا 140 ” وقال “: إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار 145 ” وقال تعالى “: إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا * إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا 168 – 169. المائدة ” 5 ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم (في موضعين) 10 و 86 ” وقال سبحانه “: ولهم في الآخرة عذاب عظيم (في موضعين) 33 و 41. ” وقال “: إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الارض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن يخرجوا من النار وماهم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم 36 – 37. الانعام ” 6 ” لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 70. الاعراف ” 7 ” ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والانس 179. الانفال ” 8 ” وأن للكافرين عذاب النار 14 ” وقال تعالى “: ومن يولهم يومئذ


[ 225 ]

دبره ” إلى قوله “: ومأويه جهنم وبئس المصير 16 ” وقال “: واعلموا أن الله شديد العقاب 25 ” وقال “: والذين كفروا إلى جهنم يحشرون * ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم اولئك هم الخاسرون 36 – 37. التوبة ” 9 ” وفي النارهم خالدون 17 ” وقال تعالى “: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون 34 – 35 ” وقال “: وإن جهنم لمحيطة بالكافرين 49 ” وقال تعالى “: ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم 63 ” وقال تعالى “: وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم 68 ” وقال “: وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا و الآخرة 74 ” وقال “: ولهم عذاب أليم 79 ” وقال “: وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون * فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون 81 – 82 ” وقال “: إنهم رجس ومأويهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون 95 ” وقال سبحانه “: أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم 109. يونس ” 10 ” والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 4 ” وقال تعالى “: إن الذين لا يرجون لقائنا ورضوا بالحيوة الدنيا واطمأنوا بها و الذين هم عن آياتنا غافلون * اولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون 7 – 8 ” وقال تعالى “: ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون 52. هود ” 11 ” من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * اولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون 15 – 16 ” وقال تعالى “: ومن يكفر به من الاحزاب فالنار موعده 17. الرعد ” 13 ” وعقبى الكافرين النار 35. ابراهيم ” 14 ” وويل للكافرين من عذاب شديد 2 ” وقال تعالى “: واستفتحوا


[ 226 ]

وخاب كل جبار عنيد * من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد * يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ 15 – 17 ” وقال تعالى “: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار * جهنم يصلونها وبئس القرار * وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار 28 – 30. الحجر ” 5 ” وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم 43 – 44. النحل ” 16 ” فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين 29. ” وقال سبحانه “: وإذا رأى الذين ظلموا العذاب فلا يخفف عنهم ولاهم ينظرون * وإذا رأى الذين أشركوا شركائهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون * وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون * الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون 85 – 88. الاسراء ” 17 ” وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا 8 ” وقال سبحانه “: وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا لهم عذابا أليما 10 ” وقال تعالى “: ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا 18 ” وقال تعالى “: ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا 39 ” وقال تعالى “: ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا 57 ” وقال تعالى “: مأويهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا 97. الكهف ” 18 ” إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا 29 ” وقال تعالى “: إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا 102 ” وقال “: ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا 206. مريم ” 19 ” فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا * ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا * ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى


[ 227 ]

بها صليا * وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا * ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا 68 – 72. طه ” 2 ” إنه من يأت مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى 74 ” وقال تعالى “: ولعذاب الآخرة أشد وأبقى 127. الانبياء ” 21 ” ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين 29 ” وقال تعالى “: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون * لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون * لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون * إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون * لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون 98 – 102. الحج ” 22 ” ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق 9 ” وقال “: فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم * يصهر به ما في بطونهم والجلود * ولهم مقامع من حديد * كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق 19 – 22 ” وقال تعالى “: ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم 25 ” وقال “: والذين سعوا في آياتنا معاجزين اولئك أصحاب الجحيم 51 ” وقال “: قل أفانبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير 72. المؤمنين ” 23 ” ومن خفت موازينه فاولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون * تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون * قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسؤا فيها ولا تكلمون * إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا إنهم هم الفائزون * قال كم لبثتم في الارض عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين * قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون 103 – 114. النور ” 24 ” ومأويهم النار ولبئس المصير 57.


[ 228 ]

الفرقان ” 25 ” وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا * إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا * وإذا القوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا * لا تدعوا اليوم ثبورا واحد وادعوا ثبورا كثيرا * قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون 11 – 15 ” وقال تعالى “: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم اولئك شر مكانا وأضل سبيلا 24 ” وقال تعالى “: والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما * إنها ساءت مستقرا ومقاما 65 – 66 ” وقال “: ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب ويخلد فيه مهانا 68 – 69. العنكبوت ” 29 ” ومأويكم النار ومالكم من ناصرين 25 ” وقال تعالى “: يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين * يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون 54 – 55 ” وقال سبحانه “: أليس في جهنم مثوى للكافرين 68. لقمان ” 31 ” فبشره بعذاب أليم 7 ” وقال “: ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ 24. التنزيل ” 32 ” ولكن حق القول مني لاملان جهنم من الجنة والناس أجمعين * فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون 13 – 14 ” وقال عزوجل “: وأما الذين فسقوا فمأويهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون * ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون 20 – 21. الاحزاب ” 33 ” إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا لا يجدون فيها وليا ولا نصيرا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا 64 – 68. سباء ” 34 ” والذين سعوا في آياتنا معاجزين اولئك لهم عذاب من رجز أليم 5 ” وقال تعالى “: والذين يسعون في آياتنا معاجزين اولئك في العذاب محضرون 38. فاطر ” 35 ” إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير * الذين كفروا لهم


[ 229 ]

عذاب شديد 6 – 7 ” وقال سبحانه “: والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد 10 ” وقال سبحانه “: والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور * وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير 36 – 37. يس ” 36 ” هذه جهنم التي كنتم توعدون * اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون 63 – 64. الصافات ” 37 ” أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم * إنا جعلناها فتنة للظالمين * إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم * طلعها كأنه رءوس الشياطين * فإنهم لآكلون منها فمالؤن منها البطون * ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم * ثم إن مرجعهم لالى الجحيم 62 – 68. ص ” 38 ” فويل للذين كفروا من النار 27 ” وقال سبحانه “: هذا وإن للطاغين لشر مآب * جهنم يصلونها فبئس المهاد * هذا فليذوقوه حميم وغساق * و آخر من شكله أزواج * هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار * و قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار * قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار * وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار * أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار * إن ذلك لحق تخاصم أهل النار 55 – 64. الزمر ” 39 ” قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين * لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون 15 – 16 ” وقال سبحانه “: أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار 19 ” وقال تعالى “: أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون 24 ” وقال سبحانه “: ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون 26 ” وقال تعالى “: أليس في جهنم مثوى للكافرين 32 ” وقال تعالى “: من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم 40 ” وقال تعالى “: أليس في جهنم مثوى للمتكبرين 60


[ 230 ]

المؤمن ” 40 ” وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار 6 ” وقال تعالى “: إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون * قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل * ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير 10 – 12 ” وقال “: وأن المسرفين هم أصحاب النار 43 ” وقال “: وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا و عشيا * ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب * وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد * وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب * قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال 45 – 50 ” وقال “: إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين 60 ” وقال تعالى “: الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون * إذ الاغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون * ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون * من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعو من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين * ذلكم بما كنتم تفرحون في الارض بغير الحق وبما كنتم تمرحون * ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين 70 – 76. السجدة ” 41 ” ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون 16 ” وقال تعالى “: فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوء الذي كانوا يعملون * ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون * وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين 27 – 29. الزخرف ” 43 ” إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون * لا يفتر عنهم وهم فيه مبسلون * وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين * ونادوا يا مالك ليقبض علينا ربك


[ 231 ]

قال إنكم ماكثون * لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون 74 – 78. الدخان ” 44 ” إن شجرة الزقوم * طعام الاثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم * إن هذا ما كنتم به تمترون 43 – 50. الجاثية ” 45 ” فبشره يعذب أليم * وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين * من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم * هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم 8 – 11. الاحقاف ” 46 ” ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الارض بغير الحق وبما كنتم تفسقون 20 ” وقال تعالى “: ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون 34. محمد ” 47 ” والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم 12 ” وقال سبحانه “: كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم 15. الفتح ” 48 ” وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا 6 ” وقال تعالى “: فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا 13. ق ” 50 ” وقال قرينه هذا مالدي عتيد * ألقيا في جهنم كل كفار عنيد * مناع للخير معتد مريب * الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد * قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد * قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد * ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد * يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل من مزيد 23 – 30 الطور ” 52 ” يوم يدعون إلى نار جهنم دعا * هذه النار التي كنتم بها تكذبون * أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون * اصلوها فاصبروا أولا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون 13 – 16.


[ 232 ]

القمر ” 54 ” إن المجرمين في ضلال وسعر * يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوامس سقر 47 – 48. الرحمن ” 55 ” يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والاقدام * فبأي آلاء ربكما تكذبان * هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن * فبأي آلاء ربكما تكذبان 41 – 45. الواقعة ” 56 ” وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال * في سموم وحميم * و ظل من يحموم * لا بارد ولا كريم * إنهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الحنث العظيم * وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون * أو آباؤنا الاولون * قل إن الاولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم * ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون من شجر من زقوم * فمالؤن منها البطون * فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم * هذا نزلهم يوم الدين 41 – 56. الحديد ” 57 ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم 19. المجادلة ” 58 ” وللكافرين عذاب أليم 4 ” وقال “: وللكافرين عذاب مهين 5 ” وقال تعالى “: حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير 8 ” وقال سبحانه “: اولئك أصحاب النارهم فيها خالدون 17. الحشر ” 59 ” ولهم في الآخرة عذاب النار 3. التغابن ” 64 ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير 10. التحريم ” 66 ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون * يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون 6 – 7 ” وقال سبحانه “: ومأويهم جهنم وبئس المصير 9. الملك ” 67 ” وأعتدنا لهم عذاب السعير * وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم


[ 233 ]

وبئس المصير * إذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور * تكاد تميز من الغيظ كلما القي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا و قلنا ما نزل الله من شئ إن أنتم إلا في ضلال كبير * وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير * فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير 5 – 11. الجن ” 72 ” وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا 15 ” وقال تعالى “: ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا 17 ” وقال سبحانه “: ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا * حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا 23 – 24. المزمل ” 73 ” إن لدينا أنكالا وجحيما * وطعاما ذاغصة وعذابا أليما 12 – 13. المدثر ” 74 ” سارهقه صعودا 17 ” وقال تعالى “: ساصليه سقر * وما ادريك ماسقر * لا تبقي ولا نذر * لواحة للبشر * عليها تسعة عشر * وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين اوتوا الكتاب و يزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب المؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وماهي إلا ذكرى للبشر * كلا والقمر * والليل إذا أدبر * والصبح إذا أسفر * إنها لاحدى الكبر * نذيرا للبشر * لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر * كل نفس بما كسبت رهينة * إلا أصحاب اليمين * في جنات يتساءلون * عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين * فما تنفعهم شفاعة الشافعين 26 – 48. الدهر ” 76 ” إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا 4 ” وقال “: والظالمين أعد لهم عذابا أليما 31. المرسلات ” 77 ” انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون * انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب * لا ظليل ولا يغني من اللهب * إنها ترمى بشرر كالقصر * كأنه جمالة صفر * ويل يومئذ للمكذبين 29 – 34.


[ 234 ]

النبأ ” 78 ” إن جهنم كانت مرصادا * للطاغين مآبا * لابثين فيها أحقابا * لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا * إلا حميما وغساقا * جزاء وفاقا * إنهم كانوا لا يرجون حسابا * وكذبوا بآياتنا كذابا * وكل شئ أحصيناه كتابا * فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا 21 – 30. النازعات ” 79 ” فأما من طغى * وآثر الحيوة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى 37 – 39 المطففين ” 83 ” كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون * ثم إنهم لصالوا الجحيم * ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون 15 – 17. البروج ” 85 ” إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق 10. الاعلى ” 87 ” ويتجنبها الاشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيى 11 – 13. الغاشية ” 88 ” فيعذبه الله العذاب الاكبر 24. الليل ” 92 ” فأنذرتكم نارا تلظى * لا يصليها إلا الاشقى * الذي كذب و تولى * وسيجنبها الاتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى 14 – 18. العلق ” 96 ” كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية * ناصية كاذبة خاطئة * فليدع ناديه * سندع الزبانية 15 – 18. البينة ” 98 ” إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها اولئك هم شر البرية 7. التكاثر ” 102 ” كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين 5 – 7. الهمزة ” 104 ” كلا لينبذن في الحطمة * وما أدريك ما الحطمة * نار الله الموقدة * التي تطلع على الافئدة * إنها عليهم مؤصدة * في عمد ممددة 4 – 9.


[ 235 ]

تبت ” 111 ” سيصلى نارا ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في جيدها حبل من مسد 3 – 5. الفلق ” 113 ” قل أعوذ برب الفلق 1. تفسير: قال الطبرسي قدس سره ” فإن لم تفعلوا ” أي لم تأتوا بسورة من مثله وقد تظاهرتم أنتم وشركاؤكم عليه ” ولن تفعلوا ” أي ولن تأتوا بسورة من مثله أبدا ” فاتقوا النار ” أي فاحذروا أن تصلوا النار بتكذيبه ” التي وقودها ” أي حطبها ” الناس والحجارة “: قيل: إنها حجارة الكبريت لانها أحرشئ إذا احميت، عن ابن عباس وابن مسعود. والظاهر أن المراد بها أصنامهم المنحوتة من الحجارة كقوله: ” إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم (1) ” وقيل: ذكر الحجارة دليل على عظم تلك النار لانها لا تأكل الحجارة إلا وهي في غاية الفظاعة والهول، وقيل: معناه أن أجسادهم تبقى على النار بقاء الحجارة التي توقد بها النار بتبقية الله إياها، و يؤيد ذلك قوله: ” كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها (2) ” وقيل: معناه أنهم يعذبون بالحجارة المحمية بالنار ” اعدت للكافرين ” أي خلقت وهيئت لهم، لانهم الذين يخلدون فيها، ولانهم أكثر أهل النار فاضيفت إليهم، وقيل: إنما خص النار بكونها معدة للكافرين وإن كانت معدة للفاسقين أيضا لانه يريد بذلك نارا مخصوصة لا يدخلها غيرهم، كما قال: ” إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار (3) ” واستدل بهذه الآية على أن النار مخلوقة الآن، لان المعد لا يكون إلا موجودا، وكذلك الجنة بقوله: ” اعدت للمتقين (4) ” والفائدة في ذلك أنا وإن لم نشاهدهما فإن الملائكة يشاهدونهما وهم من أهل التكليف والاستدلال فيعرفون ثواب الله للمتقين وعقابه للكافرين.


[ 1 ] الانبياء: 98. [ 2 ] النساء: 56. [ 3 ] النساء: 145. [ 4 ] آل عمران: 133.

[ 236 ]

وفي قوله سبحانه: ” وقالوا ” أي اليهود ” لن تمسنا النار ” أي لن تصيبنا ” إلا أياما معدودة ” أي أياما قلائل كقوله: ” دراهم معدودة (1) ” وقيل: معدودة: محصاة، قال ابن عباس ومجاهد: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة واليهود تزعم أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما واحدا ثم ينقطع العذاب فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقال أبو العالية وعكرمة وقتادة: هي أربعون يوما، لانها عدد الايام التي عبدوا فيها العجل، فقال سبحانه: ” قل ” يا محمد لهم ” أتخذتم عند الله عهدا ” أي موثقا لان لا يعذبكم إلا هذه المدة، وعرفتم ذلك بوحيه وتنزيله ؟ فإن كان ذلك فالله سبحانه لا ينقض عهده وميثاقه ” أم تقولون على الله مالا تعلمون ” أي الباطل جهلا منكم به وجرأة عليه، ثم رد عليهم فقال: ” بلى ” أي ليس الامر كما قالوا، ولكن ” من كسب سيئة ” اختلف في السيئة فقال ابن عباس وغيره: السيئة هنا الشرك، وقال الحسن: هي الكبيرة الموجبة، وقال السدي: هي الذنوب التي أوعد الله عليها النار، والقول الاول يوافق مذهبنا لان ما عدا الشرك لا يستحق به الخلود في النار عندنا، وقوله: ” وأحاطت به خطيئته ” يحتمل أمرين: أحدهما أنها أحدقت به من كل جانب والثاني أن المعنى: أهلكته، من قوله: ” إلا أن يحاط بكم (2) وقوله: فظنوا أنهم احيط بهم (3) ” وقوله: ” واحيط بثمره (4) فهذا كله بمعنى البوار والهلكة، والمراد أنها سدت عليه طريق النجاة ” فاولئك أصحاب النار ” أي يصحبونها ويلازمونها ” هم فيها خالدون ” أي دائمون أبدا، والذي يليق بمذهبنا من تفسير هذه الآية قول ابن عباس، لان أهل الايمان لا يدخلونها في حكم الآية. وقوله: ” وأحاطت به خطيئته ” يقوي ذلك لان المعنى: قد اشتملت خطاياه عليه وأحدقت به حتى لا يجد عنها مخلصا ولا مخرجا، ولو كان معه شئ من الطاعات لم تكن السيئة محيطة به من


[ 1 ] يوسف: 20 [ 2 ] يوسف: 66 [ 3 ] يونس: 22 [ 4 ] الكهف: 42

[ 237 ]

كل وجه، وقد دل الدليل على بطلان التحابط، ولان قوله: والذين آمنوا و عملو الصالحت اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون (1) ” فيه وعد لاهل التصديق والطاعة بالثواب الدائم، فكيف يجتمع الثواب الدائم مع العقاب الدائم ؟ ويدل أيضا على أن المراد بالسيئة في الآية الشرك أن سيئة واحدة لا تحبط جميع الاعمال عند أكثر الخصوم، فلا يمكن إذا إجراء الآية على العموم، فيجب أن تحمل على أكبر السيئات وهو الشرك ليمكن الجمع بين الآيتين. وفي قوله تعالى: ” ولا هم ينظرون ” أي لا يمهلون للاعتذار، وقيل: معناه: لا يؤخر العذاب عنهم بل عذابهم حاضر. وقال البيضاوي في قوله تعالى: ” ولو يرى الذين ظلموا “: أي ولو يعلم هؤلاء الذين ظلموا باتخاذ الانداد ” إذ يرون العذاب ” إذ عاينوه يوم القيامة، و أجرى المستقبل مجرى الماضي لتحققه كقوله: ” ونادى أصحاب الجنة (2) ” ” أن القوة لله جميعا ” ساد مسد مفعولي يرى، وجواب (لو) محذوف أي لو يعلمون أن القدرة لله جميعا إذ عاينوا العذاب لندموا أشد الندم، وقيل: هو متعلق الجواب والمفعولان محذوفان، والتقدير: ولو يرى الذين ظلموا أندادهم لا تنفع لعلموا أن القوة لله كلها، لا ينفع ولا يضر غيره، وقرأ ابن عامر ونافع ويعقوب: (ولو ترى) على أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وآله أي لو ترى ذلك لرأيت أمرا عظيما، وابن عامر: (إذ يرون) على البناء للمفعول، ويعقوب: (إن) بالكسر، وكذا و ” إن الله شديد العقاب ” على الاستيناف أو إضمار القول ” إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ” بدل من إذ يرون، أي إذ تبرأ المتبوعون من الاتباع، وقرئ بالعكس أي تبرأ الاتباع من الرؤساء ” ورأوا العذاب ” أي رائين له، والواو للحال و قد مضمرة، وقيل: عطف على تبرأ ” وتقطعت بهم الاسباب ” يحتمل العطف على تبرأ أو رأوا والحال، والاول أظهر، والاسباب الوصل التي كانت بينهم من الاتباع والاتفاق على الدين والاغراض الداعية إلى ذلك، وأصل السبب الحبل الذي يرتقى به الشجر


[ 1 ] البقرة: 82. [ 2 ] الاعراف: 44.

[ 238 ]

” لو أن لنا كرة ” لوللتمني ولذلك اجيب بالفاء، أي ياليت لنا كرة إلى الدنيا ” فنتبرأ منهم ” ” حسرات عليهم ” ندامات وهي ثالث مفاعيل يرى إن كان من رؤية القلب وإلا فحال. وفي قوله سبحانه: ” أخذته العزة بالاثم ” حملته الانفة وحمية الجاهلية على الاثم الذي يؤمر باتقائه لجاجا، من قولك: أخذته بكذا: إذا حملته عليه وألزمته إياه ” فحسبه جهنم ” كفته جزاء وعذابا، وجهنم علم دار العقاب، وهو في الاصل مرادف للنار، وقيل: معرب ” ولبئس المهاد ” جواب قسم مقدر، والمخصوص بالذم محذوف للعلم به، والمهاد: الفراش، وقيل: ما يوطئ للجنب. وفي قوله: ” إن الذين كفروا ” عام في الكفرة، وقيل: المراد به وفد نجران أو اليهود أو مشركو العرب ” من الله شيئا ” أي من رحمته أو طاعته على معنى البدلية، أو من عذابه ” واولئك هم وقود النار ” حطبها ” كدأب آل فرعون ” متصل بما قبله، أي لن تغني عنهم كما لم تغن عن اولئك، أو يوقد بهم كما يوقد باولئك، أو استيناف مرفوع المحل، وتقديره: دأب هؤلاء كدأبهم في الكفر والعذاب ” والذين من قبلهم ” عطف على آل فرعون، وقيل: استيناف ” كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم ” حال بإضمار قد، أو استيناف بتفسير حالهم، أو خبر إن ابتدأت بالذين من قبلهم. ” وفي قوله تعالى: ” وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون ” من أن النار لن تمسهم إلا أياما قلائل، أو أن آباءهم الانبياء يشفعون لهم، أو أنه تعالى وعد يعقوب عليه السلام أن لا يعذب أولاده إلا تحلة القسم. وفي قوله: ” ملء الارض ذهبا ” ملء الشئ: ما يملؤه، وذهبا نصب على التمييز ” ولو افتدى به ” محمول على المعنى، كأنه قيل: فلن يقبل من أحدهم فدية ولو افتدى بملء الارض ذهبا، أو معطوف على مضمر تقديره: فلن يقبل من أحدهم ملء الارض ذهبا لو تقرب به في الدنيا، ولو افتدى به من العذاب في الآخرة، أو المراد: ولو افتدى بمثله، والمثل يحذف ويراد كثيرا، لان المثلين في حكم شئ واحد. وفي قوله: ” اعدت للكافرين ” فيه تنبيه على أن النار بالذات معدة للكفار،


[ 239 ]

وبالعرض للعصاة. وفي قوله تعالى: ” فمن زحزح عن النار ” فمن بعد عنها، والزحزحة في الاصل تكرير الزح وهو الجذب بعجلة. وفي قوله تعالى: ” بمفازة ” بمنجاة ” من العذاب ” أي فائزين بالنجاة منه. وقال الطبرسي رحمه الله في قوله سبحانه: ” إنما يأكلون في بطونهم نارا ” قيل فيه وجهان: أحدهما: أن النار تلتهب من أفواههم وأسماعهم وآنافهم يوم القيامة ليعلم أهل الموقف أنهم آكلة أموال اليتامى. وروي عن الباقر عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواهم نارا، فقيل له: يا رسول الله من هؤلاء ؟ فقرأ هذه الآية. والآخر أنه ذكر ذلك على وجه المثل من حيث إن من فعل ذلك يصير إلى جهنم فيمتلئ بالنار أجوافهم عقابا على أكلهم مال اليتيم ” وسيصلون سعيرا ” النار المسعرة للاحراق، وإنما ذكر البطون تأكيدا. وفي قوله: تعالى: ” ويتعد حدوده ” أي يتجاوز ما حد له من الطاعات ” فله عذاب مهين ” سماه مهينا لان الله يجعله على وجه الاهانة، ومن استدل بهذه الآية على أن صاحب الكبيرة من أهل الصلاة مخلد في النار ومعاقب لا محالة فقوله بعيد، لان قوله تعالى: ” ويتعد حدوده ” يدل على أن المراد به من يتعدى جميع حدود الله، وهذه صفة الكفار، ولان صاحب الصغيرة بلا خلاف خارج من عموم الآية وإن كان فاعلا للمعصية ومتعديا حدا من حدود الله، فإذا جاز لهذا القائل إخراجه منه بدليل جاز لغيره أن يخرج من عمومها من يشفع له النبي صلى الله عليه وآله، أو يتفضل الله عليهم بالعفو بدليل آخر، وأيضا فإن التائب لا بد من إخراجه من عموم الآية لقيام الدليل على وجوب قبول التوبة، فكذلك يجب إخراج من يتفضل الله عليه بإسقاط عقابه منها لقيام الدلالة على جواز وقوع التفضل بالعفو، فإن جعلوا الآية دالة على أن الله سبحانه لا يختار العفو جاز لغيرهم أن يجعلها دالة على أن العاصي لا يختار التوبة، على أن في المفسرين من حمل الآية على من تعدى حدود الله وعصاه مستحلا لذلك ومن كان كذلك لا يكون إلا كافرا. وفي قوله: ” فسوف نصليه نارا ” أي نجعله صلى نار ونحرقه بها.


[ 240 ]

وفي قوله تعالى: ” وكفى بجنهم سعيرا ” أي كفى هؤلاء المعرضين عنه في العذاب النازل بهم عذاب جهنم نارا موقدة إيقادا شديدا، يريد بذلك أنه إن صرف عنهم بعض العذاب في الدنيا فقد أعد لهم جهنم في العقبى ” كلما نضجت جلودهم ” قيل فيه أقوال: أحدها أن الله سبحانه يجدد لهم جلودا غير الجلود التي احترقت على ظاهر القرآن. ومن قال: على هذا إن الجلد المجدد لم يذنب فكيف يعذب ؟ فجوابه: أن المعذب الحي، ولا اعتبار بالاطراف والجلود، وقال علي بن عيسى: إن ما يزاد لا يألم ولاهو بعض لما يألم، وإنما هو شئ يصل به الالم إلى المستحق له. وثانيها: أن الله سبحانه يجددها بأن يردها إلى الحالة الاولى التي كانت عليها غير محترقة، كما يقال: جئتني بغير ذلك الوجه، إذا كان قد تغير وجهه من الحالة الاولى، وكما إذا انكسر الخاتم فاتخذ منه خاتم آخر، فيقال: هذا غير الخاتم الاول وإن كان أصلهما واحدا، فعلى هذا يكون الجلد واحدا وإنما يتغير عليه الاحوال، وهو اختيار الزجاج والبلخي وأبي علي الجبائي. وثالثها: أن التبديل إنما هو للسرابيل التي ذكرها الله سبحانه: ” سرابيلهم من قطران (1) ” وسميت السرابيل الجلود على المجاورة للزومها الجلود، وهذا ترك للظاهر بغير دليل، وعلى القولين الاخيرين لا يلزم سؤال التعذيب لغير العاصي، فأما من قال: إن الانسان غير هذه الجملة المشاهدة وإنها المعذب في الحقيقة فقد تخلص من هذا السؤال. وقوله: ” ليذوقوا العذاب ” معناه: ليجدوا ألم العذاب، وإنما قال ذلك ليبين أنهم كالمبتدء عليهم العذاب في كل حال، فيحسون في كل حالة ألما، لا كمن يستمر به الشئ فيكون أخف عليه. وروى الكلبي عن الحسن قال: بلغنا أن جلودهم تنضح كل يوم سبعين ألف مرة.


[ 1 ] إبراهيم: 50.

[ 241 ]

وفي قوله تعالى: ” فجزاؤه جهنم خالدا فيها ” قال جماعة من التابعين: إن قوله: ” إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (1) نزلت بعد هذه الآية، وقال أبو محلز: (2) هي جزاؤه إن جازاه، ويروى هذا أيضا عن أبي صالح. ورواه العياشي بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام، وروى عاصم بن أبي النجود (3) عن ابن عباس أنه قال: هي جزاؤه فإن شاء عذبه وإن شاء غفر له. وروي عن أبي صالح وبكر بن عبد الله وغيرهما أنه كما يقول الانسان لمن يزجره عن أمر: إن فعلت فجزاؤك القتل والضرب، ثم إن لم يجازه بذلك لم يكن ذلك منه كذبا، ومن تعلق بها من أهل الوعيد في أن مرتكب الكبيرة لابد أن يخلد في النار فإنا نقول له: ما أنكرت أن يكون المراد به من لا ثواب له أصلا بأن يكون كافرا أو يكون قتله مستحلا لقتله، أو قتله لاجل إيمانه ؟ كما رواه العياشي عن الصادق عليه السلام. وفي قوله تعالى: ” اولئك مأويهم ” أي مستقرهم جميعا ” جهنم ولا يجدون عنها محيصا ” أي مخلصا ولا مهربا ولا معدلا. وفي قوله سبحانه: ” في الدرك الاسفل من النار ” أي في الطبق الاسفل من النار، فإن النار طبقات ودركات كما أن الجنة درجات فيكون المنافق في أسفل طبقة منها لقبح فعله، وقيل: إن المنافقين في توابيت من حديد مغلقة عليهم في النار، عن ابن مسعود وابن عباس، وقيل: إن الادراك يجوز أن يكون منازل بعضها أسفل


[ 1 ] النساء: 48. [ 2 ] في النسخ: أبو محلز بالحاء، والصحيح أنه بالجيم وزان منبر، والرجل هو لاحق بن حميد السدوسى التابعي المتوفى في سنة 106، سمع جماعة من التابعين كابن عباس وأنس بن مالك وأبي موسى الاشعري وعمران بن حصين وغيرهم، وروى عنه جماعة من التابعين منهم أنس بن سيرين وقتادة وأيوب السختياني، واتفق العامة على توثيقه. راجع تهذيب الاسماء ” ج 2 ص 70 ” والتقريب ” ص 609 ” والقاموس مادة ” جلز “. [ 3 ] بتقديم النون على الجيم هو عاصم بن بهدلة الاسدي مولاهم الكوفى أبو بكر المقرى المتوفى في 128، ترجمه ابن حجر في التقريب ” ص 244 “.

[ 242 ]

من بعض بالمسافة، ويجوز أن يكون ذلك إخبارا عن بلوغ الغاية في العقاب، كما يقال: إن السلطان بلغ فلانا الحضيض، وبلغ فلانا العرش. يريدون بذلك انحطاط المنزلة وعلوها لا المسافة. وفي قوله تعالى: ” يريدون أن يخرجوا من النار ” أي يتمنون، وقيل: معناه الارادة الحقيقية، أي كلما دفعتهم النار بلهبها، رجوا أن يخرجوا منها، وقيل: معناه يكادون يخرجون منها إذا دفعتهم النار بلهبها، كما قال سبحانه: ” جدارا يريد أن ينقض فأقامه ” (1) وفي قوله تعالى: لهم شراب من حميم ” أي ماء مغلي حار. وفي قوله تعالى: ” والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ” أي يجمعون إلى النار ” ليميز الله الخبيث من الطيب ” معناه: ليمزالله نفقة الكافرين من نفقة المؤمنين ” ويجعل الخبيث بعضه على بعض ” أي ويجعل نفقة المشركين بعضها فوق بعض ” فيركمه ” أي فيجمعه ” جميعا ” في الآخرة ” فيجعله في جهنم ” فيعاقبهم به، كما قال: ” يوم يحمى عليها في نار جهنم ” الآية، وقيل: معناه ليميز الله الكافر من المؤمن في الدنيا بالغلبة والنصر والاسماء الحسنة والاحكام المخصوصة، وفي الآخرة بالثواب والجنة، عن أبي مسلم، وقيل: بأن يجعل الكافر في جهنم والمؤمن في الجنة ” ويجعل الخبيث بعضه على بعض ” في جهنم يضيقها عليهم ” فيركمه جميعا ” أي يجمع الخبيث حتى يصير كالسحاب المركوم، بأن يكون بعضهم فوق بعض في النار مجتمعين فيها ” فيجعله في جهنم ” أي فيدخله جهنم ” اولئك هم الخاسرون ” قد خسروا أنفسهم، لانهم اشتروا بإنفاق الاموال في المعصية عذاب الله في الآخرة. وفي قوله سبحانه: ” والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله ” أي يجمعون المال ولا يؤدون زكاته. فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: كل مال لم تؤد زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا، وكل مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا في الارض.


[ 1 ] الكهف: 77.

[ 243 ]

وعن على عليه السلام: ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز أدى زكاته أولم تؤد، وما دونها فهو نفقة. ” فبشرهم بعذاب أليم ” أي أخبرهم بعذاب موجع ” يوم يحمى عليها في نار جهنم ” أي يوقد على الكنوز، أو على الذهب والفضة في نار جهنم حتى تصير نارا ” فتكوى بها ” أي بتلك الكنوز المحمات والاموال التي منعوا حق الله فيها بأعيانها ” جباههم وجنوبهم وظهورهم ” وإنما خص هذه الاعضاء لانها معظم البدن، وكان أبو ذر الغفاري يقول: بشر الكانزين بكي في الجباه وكي في الجنوب، وكي في الظهور حتى يلتقي الحر في أجوافهم. ولهذا المعنى الذي أشار إليه أبوذرخصت هذه المواضع بالكي، لان داخلها جوف بخلاف اليد و الرجل. وقيل: إنما خصت هذه المواضع لان الجبهة محل الوسم لظهورها، والجنب محل الالم، والظهر محل الحدود، وقيل: لان الجبهة محل السجود فلم يقم فيه بحقه، والجنب يقابل القلب الذي لم يخلص في معتقده، والظهر محل الاوزار قال: ” يحملون أوزارهم على ظهورهم (1) ” وقيل: لان صاحب المال إذا رأى الفقير قبض جبهته، وزوى مابين عينيه، وطوى عنه كشحه وولاه ظهره ” هذا ما كنزتم لانفسكم ” أي يقال لهم في حال الكي أو بعده: هذا جزاء ما كنزتم وجمعتم المال ولم تؤدوا حق الله عنها ” فذوقوا ما كنتم تكنزون ” أي فذوقوا العذاب بسبب ما كنزتم. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من عبد له مال ولا يؤدي زكاته إلا جمع يوم القيامة صفائح يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جبهته وجنباه وظهره حتى يقضي الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار. وروي عن أبي ذر أنه قال: من ترك بيضاء أو حمراء كوي بها يوم القيامة. وفي قوله: ” وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ” أي ستحيط بهم فلا مخلص لهم منها. وفي قوله تعالى: ” من يحادد الله ورسوله “: أي من يجاوز حدود الله التي أمر المكلفين أن لا يتجاوزوها.


[ 1 ] الانعام: 31.

[ 244 ]

وفي قوله تعالى: ” فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ” هذا تهديد لهم في صورة الامر أي فليضحك هؤلاء المنافقون في الدنيا قليلا، لان ذلك يفنى وإن دام إلى الموت، و لان الضحك في الدنيا قليل لكثرة احزانها وهمومها، وليبكوا كثيرا في الآخرة لان ذلك يوم مقداره خمسون ألف سنة، وهم فيه يبكون فصار بكاؤهم كثيرا. قال ابن عباس: إن أهل النفاق ليبكون في النار مدة عمر الدنيا ولا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم. وفي قوله: ” على شفاجرف ” الشفا: حرف الشئ وشفيره، وحرفه: نهايته في المساحة، وجرف الوادي: جانبه الذي ينحفر بالماء أصله، وهار البناء وانهار وتهور: تساقط. وفي قوله سبحانه: ” من ورائه جهنم ” أي بين يدي هذا الجبار، أو من خلفه ” ويسقى من ماء صديد ” أي يسقى مما يسيل من الدم والقيح من فروج الزواني في النار، عن أبي عبد الله عليه السلام وأكثر المفسرين، أي لونه لون الماء (1) وطعمه طعم الصديد. وروى أبو أمامة، عن النبي صلى الله عليه وآله في قوله: ” ويسقى من ماء صديد ” قال: يقرب إليه فيكرهه فإذا ادني منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه، (2) فإذا شرب قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عزوجل: ” وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم ” و يقول: ” وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه “. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات وفي بطنه شئ من ذلك كان حقا على الله أن يسقيه من طينة خبال وهو صديد أهل النار وما يخرج من فروح الزناة، فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود. (3) رواه شعيب بن واقد، عن الحسين بن زيد، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام.


[ 1 ] الموجود في التفسير المطبوع: أو لونه لون الماء. وهو الصحيح. [ 2 ] الفروة: جلدة الرأس بشعرها. [ 3 ] أي فيذيب ما في بطونهم.

[ 245 ]

” يتجرعه ” أي يشرب ذلك الصديد جرعة ” ولا يكاد يسيغه ” أي لا يقارب أن يشربه تكرها له وهو يشربه، والمعنى أن نفسه لا تقبله لحرارته ونتنه ولكن يكره عليه ” ويأتيه الموت من كل مكان ” أي يأتيه شدائد الموت وسكراته من كل موضع من جسده، ظاهره وباطنه حتى يأتيه من أطراف شعره، وقيل: يحضره الموت (1) من كل موضع، ويأخذه من كل جانب، من فوقه وتحته وعن يمينه وشماله وقدامه وخلفه، عن ابن عباس والجبائي. ” وما هو بميت ” أي ومع إتيان أسباب الموت و الشدائد التي يكون معها الموت من كل جهة لا يموت فيستريح ” ومن ورائه ” أي ومن وراء هذا الكافر ” عذاب غليظ ” وهو الخلود في النار، وقيل: معناه: ومن بعد هذا العذاب الذي سبق ذكره عذاب أوجع وأشد مما تقدم وفي قوله: ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا ” يحتمل أن يكون المراد: عرفوا نعمة الله بمحمد، أي عرفوا محمدا ثم كفروا به فبدلوا مكان الشكر كفرا. وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: نحن والله نعمة الله التي أنعم بها على عباده وبنا يفوز من فاز. ويحتمل أن يكون المراد جميع نعم الله على العموم، بدلوها أقبح التبديل، إذ جعلوا مكان شكرها الكفر بها ” وأحلوا قومهم دار البوار ” أي أنزلوا قومهم دار الهلاك بأن أخرجوهم إلى بدر، وقيل: هي النار بدعائهم إياهم إلى الكفر ” جهنم يصلونها ” تفسير لدار البوار ” وبئس القرار ” قرار من قراره النار. (2) وفي قوله تعالى: ” وإن جهنم لموعدهم أجمعين ” أي موعد إبليس ومن تبعه ” لها سبعة أبواب ” فيه قولان: أحدهما ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أن جهنم لها سبعة أبواب أطباق بعضها فوق بعض – ووضع إحدى يديه على الاخرى فقال: هكذا –


[ 1 ] قال السيد الرضى قدس الله روحه في التلخيص: لو كان الموت الحقيقي لم يكن سبحانه ليقول: ” وما هو بميت ” وإنما المعنى أن غواشي الكروب وحوازب الامور تطرقه من كل مطرق وتطلع عليه من كل مطلع، وقد يوصف المغمور بالكرب والمضغوط بالخطب بأنه في غمرات الموت مبالغة في عظيم ما يغشاه وأليم ما يلقاه. [ 2 ] في التفسير المطبوع: بئس القرار من قراره النار.

[ 246 ]

وأن الله وضع الجنان على العرض، ووضع النيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنم وفوقها لظى، وفوقها الحطمة، وفوقها سقر، وفوقها الجحيم، وفوقها السعير، وفوقها الهاوية. وفي رواية الكلبي: أسفلها الهاوية، وأعلاها جهنم. وعن ابن عباس أن الباب الاول جهنم، والثاني سعير، والثالث سقر، والرابع جحيم، والخامس لظى، و السادس الحطمة، والسابع الهاوية. اختلفت الروايات في ذلك كما ترى، وهو قول مجاهد وعكرمة والجبائي، قالوا: إن أبواب النيران كاطباق اليد على اليد. والآخر ما روى عن الضحاك قال: للنار سبعة أبواب، وهي سبعة أدراك، بعضها فوق بعض، فأعلاها فيه أهل التوحيد يعذبون على قدر أعمالهم في الدنيا ثم يخرجون، والثاني فيه اليهود والثالث فيه النصارى، والرابع فيه الصابؤون، والخامس فيه المجوس، والسادس فيه مشركو العرب، والسابع فيه المنافقون، وذلك أن المنافقين في الدرك الاسفل من النار. وهو قول الحسن وأبي مسلم، والقولان متقاربان ” لكل باب منهم ” أي من الغاوين ” جزء مقسوم ” أي نصيب معروف. وفي قوله: ” وإذا رأى الذين أشركوا شركائهم ” يعني الاصنام والشياطين، والذين أشركوهم مع الله في العبادة، وقيل: سماهم شركاءهم لانهم جعلوا لهم نصيبا من الزرع والانعام، فهي إذا شركاؤهم على زعمهم ” قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك ” أي يقولون هؤلاء شركاؤنا التي أشركناها معك في الالهية و العبادة، وأضلونا عن دينك، فحملهم بعض عذابنا ” فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون ” أي فقالت الاصنام وسائر ما كانوا يعبدونه من دون الله بإنطاق الله إياها لهؤلاء: إنكم لكاذبون في أنا أمرناكم بعبادتنا، ولكنكم اخترتم الضلال بسوء اختياركم لانفسكم، وقيل: إنكم لكاذبون في قولكم: إنا آلهة ” وألقوا إلى الله يومئذ السلم ” أي استسلم المشركون وما عبدوهم من دون الله لامر الله وانقادوا لحكمه يومئذ، و قيل: معناه أن المشركين زال عنهم نخوة الجاهلية وانقادوا قسرا لا اختيارا، واعترفوا بما كانوا ينكرونه من توحيد الله ” وضل عنهم ما كانوا يفترون ” أي وبطل ما كانوا


[ 247 ]

يأملونه ويتمنونه من الاماني الكاذبة من أن آلهتهم تشفع لهم وتنفع. قوله تعالى: ” زدناهم عذابا فوق العذاب ” أي عذبناهم على صدهم عن دين الله زيادة على عذاب الكفر، وقيل: زدناهم الافاعي والعقارب في النار لها أنياب كالنخل الطوال، عن ابن مسعود، وقيل: هي أنهار من صفر مذاب كالنار يعذبون بها عن ابن عباس وغيره، وقيل: زيدوا حيات كأمثال الفيل والبخت، والعقارب كالبغال الدلم (1) عن ابن جبير. وفي قوله: ” حصيرا ” أي سجنا ومحبسا. وفي قوله: ” مدحورا ” أي مبعدا من رحمة الله. وفي قوله تعالى: ” كلما خبت زدناهم سعيرا ” أي كلما سكن التهابها زدناهم اشتعالا، ويكون كذلك دائما. فإن قيل: كيف يبقى الحي حيا في تلك الحالة من الاحتراق دائما ؟ قلنا: إن الله قادر على أن يمنع وصول النار إلى مقاتلهم. وفي قوله تعالى: ” إنا أعتدنا ” أي هيأنا ” للظالمين ” أي الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بعبادة غير الله تعالى ” نارا أحاط بهم سرادقها ” والسرادق: حائط من النار يحيط بهم، عن ابن عباس، وقيل: هو دخان النار ولهبها يصل إليهم قبل وصولهم إليها وهو الذي في قوله: ” إلى ظل ذي ثلاث شعب ” عن قتادة، وقيل: أراد أن النار أحاطت بهم من جميع جوانبهم، فشبه ذلك بالسرادق، عن أبي مسلم ” وإن يستغيثوا ” من شدة العطش وحر النار ” يغاثوا بماء كالمهل ” وهو شئ أذيب كالنحاس والرصاص والصفر، عن ابن مسعود، وقيل: هو كعكر الزيت، إذا قرب إليه سقطت فروة رأسه روي ذلك مرفوعا، كدردي الزيت (2) عن ابن عباس، وقيل: هو القيح والدم، عن مجاهد، وقيل: هو الذي انتهى حره، عن ابن جبير، وقيل: إنه ماء أسود وإن جهنم سوداء، وماؤها أسود، وشجرها أسود، وأهلها سود، عن


[ 1 ] قال في النهاية: الادهم: الاسود الطويل ومنه حديث مجاهد في ذكر أهل النار: لسعتهم عقارب كامثال البغال الدلم، أي السود جمع أدلم، منه. أقول: وقا ل الفيروز آبادى: الدلم محركة: شئ شبه الحية يكون بالحجاز، ومنه المثل: ” هو أشد من الدلم ” وكصرد: الفيل انتهى. وقال الدميري: هو نوع من القراد، قالت العرب في أمثالها: فلان أشد من الدلم. [ 2 ] الصحيح: وقيل: كدردى الزيت. راجع التفسير المطبوع.

[ 248 ]

الضحاك ” يشوي الوجوه ” أي ينضجها عند دنوه منها ويحرقها، وإنما جعل سبحانه ذلك إغاثة ؟ لاقترانه بذكر الاستغاثة ” بئس الشراب ” ذلك المهل ” وساءت ” النار ” مرتفقا ” أي متكأ لهم، وقيل: ساءت مجتمعا، مأخوذا من المرافقة وهي الاجتماع عن مجاهد، وقيل: منزلا مستقرا عن ابن عباس. وفي قوله: ” إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا ” أي منزلا، وقيل: أي معدة مهيأة لهم عندنا كما يهيأ النزل للضيف. وفي قوله تعالى: ” لنحشرنهم والشياطين ” أي لنجمعنهم ولنبعثنهم من قبورهم مقرنين بأوليائهم من الشياطين، وقيل: و لنحشرنهم ولنحشرن الشياطين أيضا ” ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ” أي مستوفزين (1) على الركب، والمعنى: يجثون حول جهنم متخاصمين، ويتبرء بعضهم من بعض، لان المحاسبة تكون بقرب جهنم، وقيل: جثيا أي جماعات جماعات، عن ابن عباس، كأنه قيل: زمرا، وهي جمع جثوة وهي المجموع من التراب والحجارة، وقيل: معناه: قياما على الركب، وذلك لضيق المكان بهم لا يمكنهم أن يجلسوا ” ثم لننزعن من كل شيعة ” أي لنستخرجن من كل جماعة ” أيهم أشد على الرحمن عتيا ” أي الاعتى فالاعتى منهم، قال قتادة: لننزعن من أهل كل دين قادتهم ورؤسهم في الشر، والعتي ههنا مصدر كالعتو وهو التمرد في العصيان، وقيل: نبدء بالاكبر جرما فالاكبر، عن مجاهد وأبي الاحوص ” ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا ” أي نحن أعلم بالذين هم أولى بشدة العذاب ” وإن منكم إلا واردها ” أي مامنكم واحد إلا واردها، والهاء راجعة إلى جهنم، فاختلف العلماء في معنى الورود على قولين: أحدهما أن ورودها هو الوصول إليها والاشراف عليها لا الدخول فيها، كقوله تعالى: ” ولما ورد ماء مدين ” (2) وقوله سبحانه: ” فأرسلوا واردهم ” (3) وقال الزجاج: والحجة القاطعة في ذلك قوله سبحانه: ” إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها


[ 1 ] استوفز في قعدته: قعد قعودا منتصبا غير مطمئن. منه عفى عنه [ 2 ] القصص: 23. [ 3 ] يوسف: 19.

[ 249 ]

مبعدون * لا يسمعون حسيسها ” فهذا يدل على أن أهل الحسنى لا يدخلون النار، قالوا: فمعناه أنهم واردون حول جهنم للمحاسبة، ويدل عليه قوله: ” ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ” ثم يدخل النار من هو أهلها، وقال بعضهم: إن معناه أنهم واردون عرصة القيامة التي تجمع كل بر وفاجر. والآخر أن ورودها دخولها بدلالة قوله: ” فأوردهم النار (1) ” وقوله: ” أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ” وهو قول ابن عباس وجابر وأكثر المفسرين ويدل عليه قوله: ” ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا ” ولم يقل: وندخل الظالمين، وإنما يقال: نذر ونترك للشئ الذي قد حصل في مكانه، ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم: إنه للمشركين خاصة، ويكون قوله: ” وإن منكم ” المراد به إن منهم ” وروي في الشواذ عن ابن عباس أنه قرأ: ” وإن منهم ” وقال الاكثرون أنه خطاب لجميع المكلفين فلا يبقى مؤمن ولا فاجر إلا ويدخلها، فيكون بردا وسلاما على المؤمنين، وعذابا لازما للكافرين، قال السدي: سألت مرة الهمداني عن هذه الآية فحدثني أن عبد الله بن مسعود حدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يرد الناس النار ثم يصدرون بأعمالهم، فأولهم كلمع البرق، ثم كمر الريح، ثم كحضر الفرس، ثم كالراكب، ثم كشد الرجل، ثم كمشيه وروى أبو صالح غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد، عن أبي سمينة قال: اختلفنا في الورود، فقال قوم: لا يدخلها مؤمن، وقال آخرون: يدخلونها جميعا ثم ينجى الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فأومأ بإصبعه إلى اذنيه فقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الورود الدخول لا يبقى بر ولافاجر إلا يدخلها، تكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار – أو قال لجهنم – ضجيجا من بردها ثم ينجى الذين اتقوا. وروي مرفوعا عن يعلى بن منبه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يقول النار للمؤمنين يوم القيامة: جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي.


[ 1 ] هود: 98.

[ 250 ]

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن معنى الآية فقال: إن الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد، ويجتمع عليها الخلق، ثم ينادي المنادي: أن خذي أصحابك وذري أصحابي، فوالذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها. وروي عن الحسن أنه رأى رجلا يضحك فقال: هل علمت أنك وارد النار ؟ فقال: نعم، قال: وهل علمت أنك خارج منها ؟ قال: لا، قال: ففيم هذا الضحك ؟ وكان الحسن لم ير ضاحكا قط حتى مات. وقيل: إن الفائدة في ذلك ما روي في بعض الاخبار أن الله تعالى لايدخل أحدا الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه إليه فيزداد لذلك فرحا وسرورا بالجنة ونعيمها، ولا يدخل أحدا النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ليكون ذلك زيادة عقوبة له وحسرة على ما فاته من الجنة ونعيمها. وقال مجاهد: الحمى حظ كل مؤمن من النار، ثم قرأ: ” وإن منكم إلا واردها ” فعلى هذا من حم من المؤمنين فقد وردها. وقد ورد في الخبر أن الحمى من قيح جهنم. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله عاد مريضا فقال: ابشر إن الله يقول: الحمى هي ناري، اسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا ليكون حظه من النار. ” كان على ربك حتما مقضيا ” أي كائنا واقعا لا محالة، قد قضى بأنه يكون ” ثم ننجي الذين التقوا ” الشرك وصدقوا، عن ابن عباس ” ونذر الظالمين ” أي ونقر المشركين والكفار على حالهم ” فيها جثيا ” أي باركين على ركبهم، وقيل: جماعات، وقيل: إن المراد بالظالمين كل ظالم وعاص. وقال البيضاوي في قوله تعالى: ” وإن منكم إلا واردها “: إلا واصلها وحاضر دونها يمر، بها المؤمنون وهي خامدة، وتنهار بغيرهم. وعن جابر أنه عليه السلام سئل عنه فقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة قال بعضهم لبعض: أليس قد وعدنا ربنا أن نرد النار ؟ فيقال لهم: قد وردتموها وهي خامدة. وأما قوله تعالى: ” اولئك عنها مبعدون ” فالمراد من عذابها، وقيل: ورودها الجواز على الصراط فإنه محدود عليها.


[ 251 ]

وقال الطبرسي رحمه الله في قوله: ” إنه من يأت ربه مجرما ” قال ابن عباس في رواية الضحاك: المجرم: الكافر، وفي رواية عطاء يعني الذي أجرم وفعل مثل ما فعل فرعون ” فإن له نار جهنم لا يموت فيها ” فيستريح من العذاب ” ولا يحيى ” حياة فيها راحة، بل هو معاقب بأنواع العقاب. وفي قوله تعالى: ” إنكم وما تعبدون من دون الله ” يعني الاوثان ” حصب جهنم ” أي وقودها، عن ابن عباس، وقيل: حطبها، وأصل الحصب: الرمي، فالمراد أنهم يرمون فيها كما يرمى بالحصى، ويسأل على هذا فيقال: إن عيسى عليه السلام عبد، والملائكة قد عبدوا والجواب أنهم لا يدخلون في الآية لان (ما) لما لا يعقل، ولان الخطاب لاهل مكة وإنما كانوا يعبدون الاصنام. فإن قيل: وأي فائدة في إدخال الاصنام النار ؟ قيل: يعذب بها المشركون الذين عبدوها فتكون زيادة في حسرتهم وغمهم، ويجوز أن يرمى بها في النار توبيخا للكفار حيث عبدوها وهي جماد لا تضر ولا تنفع، وقيل: إن المراد بقوله: ” وما تعبدون من دون الله ” الشياطين الذين دعوهم إلى عبادة غير الله فأطاعوهم، فكأنهم عبدوهم، كما قال: ” يا أبت لا تعبد الشيطان “. ” أنتم لها واردون ” خطاب للكفار، أي أنتم في جهنم داخلون، وقيل: إن معنى لها إليها ” لو كان هؤلاء ” الاصنام والشياطين ” آلهة ” كما تزعمون ” ما وردوها ” أي ما دخلوا النار ” وكل ” من العابد والمعبود ” فيها خالدون لهم فيها زفير ” أي صوت كصوت الحمار، وهو شدة تنفسهم في النار عند إحراقها لهم ” وهم فيها لا يسمعون ” أي لا يسمعون ما يسرهم ولا ما ينتفعون به، وإنما يسمعون صوت المعذبين وصوت الملائكة الذين يعذبونهم ويسمعون ما يسوؤهم، وقيل: يجعلون في توابيت من نار فلا يسمعون شيئا ولا يرى أحد منهم أن في النار أحدا يعذب غيره، عن ابن مسعود، قالوا: ولما نزلت هذه الآية أتى عبد الله بن الزبعرى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد ألست تزعم أن عزيرا رجل صالح، وأن عيسى رجل صالح، وأن مريم امرأة صالحة ؟ قال: بلى، قال: فإن هؤلاء يعبدون من دون الله فهم في النار ؟ ! فأنزل الله تعالى: ” إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ” أي الموعدة


[ 252 ]

بالجنة، وقيل: الحسنى: السعادة اولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها ” أي يكونون بحيث لا يسمعون صوتها الذي يحس ” وهم فيما اشتهت أنفسهم ” من نعيم الجنة وملاذها ” خالدون ” أي دائمون، ويقال: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى عيسى وعزيز ومريم، والملائكة الذين عبدوا من دون الله وهم كارهون استثناهم الله من جملة ما يعبدون من دون الله، وقيل إن الآية عامة في كل من سبقت له الموعدة بالسعادة. وفي قوله تعالى: فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار (1) ” قال ابن عباس: حين صاروا إلى جهنم البسوا مقطعات النيران، وهي الثياب القصار، وقيل: يجعل لهم ثياب نحاس من نار وهي أشد ما يكون حرا عن سعيد بن جبير، وقيل: إن النار تحيط بهم كإحاطة الثياب التي يلبسونها ” يصب من فوق رؤوسهم الحميم ” أي الماء المغلي فيذيب ما في بطونهم من الشحوم ويتساقط الجلود، وفي خبر مرفوع أنه يصب على رؤسهم الحميم فينفذ إلى أجوافهم فيسلت ما فيها (2) ” يصهر به ما في بطونهم والجلود ” أي يذاب وينضج بذلك الحميم ما فيها من الامعاء وتذاب به الجلود، والصهر: الاذابة ” ولهم مقامع من حديد ” قال الليث: المقمعة: شبه الجرز (3) من الحديد يضرب بها الرأس وروى أبو سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله: ” ولهم مقامع من حديد “: لو وضع مقمع من حديد في الارض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الارض. وقال الحسن: إن النار ترميهم بلهبها حتى إذا كانوا في اعلاها ضربوا بمقامع


[ 1 ] قال السيد الرضي رضوان الله عليه: المراد بها أن النار – نعوذ بالله منها – تشتمل عليهم اشتمال الملابس على الابدان حتى لا يسلم منها عضو من أعضائهم ولا يغيب عنها شئ من اجسادهم، وقد يجوز أيضا أن يكون المراد بذلك – والله أعلم – أن سرابيل القطران التي ذكرها الله سبحانه فقال: ” سرابيلهم من قطران ” إذا لبسوها واشتعلت النار فيها صارت كأنها ثياب من نار لاحاطتها بهم واشتمالها عليهم. [ 2 ] أي فيقطع ما فيها. [ 3 ] الجرز: العمود.

[ 253 ]

فهووا فيها سبعين خريفا، فإذا انتهوا إلى أسفلها ضربهم زفير لهبها فلا يستقرون ساعة فذلك قوله: ” كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها ” أي كلما حاولوا الخروج من النار لما يلحقهم من الغم والكرب الذي يأخذ بأنفاسهم حين ليس لها مخرج ردوا إليها بالمقامع ” وذوقوا عذاب الحريق ” أي ويقال لهم: ذوقوا عذاب النار التي تحرقكم، والحريق الاسم من الاحتراق. وفي قوله: ” بإلحاد ” الالحاد: العدول عن القصد. وفي قوله: ” معاجزين ” أي مغالبين، وقيل: مقدرين أنهم يسبقوننا، وقيل: ظانين أن يعجزوا الله، أي يفوتوه ولن يعجزوه، وفي قوله: ” تلفح وجوههم النار ” أي تصيب وجوههم لفح النار ولهبها واللفح والنفح بمعنى، إلا أن اللفح أشد تأثيرا وأعظم من النفح ” وهم فيها كالحون ” أي عابسون، عن ابن عباس، وقيل: هو أن تتقلص شفاههم وتبدو أسنانهم كالرؤوس المشوية عن الحسن ” ألم تكن آياتي تتلى عليكم ” أي ويقال لهم: ألم يكن القرآن يقرء عليكم، وقيل: ألم تكن حججي وبيناتي وأدلتي تقرء عليكم في دار الدنيا ” فكنتم بها تكذبون * قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ” أي شقاوتنا، وهي المضرة اللاحقة في العاقبة، والمعنى: استعلت علينا سيئا تنا التي أوجبت لنا الشقاوة ” و كنا قوما ضالين ” أي ذاهبين عن الحق ” ربنا أخرجنا منها ” من النار ” فإن عدنا ” لما تكره من الكفر والتكذيب والمعاصي ” فإناظالمون ” لانفسنا، قال الحسن: هذا آخر كلام يتكلم به أهل النار، ثم بعد ذلك يكون لهم شهيق كشهيق الحمار ” قال اخسؤا فيها ” أي ابعدوا بعد الكلب في النار، وهذه اللفظة زجر للكلاب، وإذا قيل ذلك للانسان يكون للاهانة المستحقة للعقوبة ” ولا تكلمون ” وهذه مبالغة للاذلال والاهانة وإظهار الغضب عليهم، وقيل: معناه: ولا تكلموني في رفع العذاب فإني لا أرفعه عنكم ” إنه كان فريق من عبادي ” وهم الانبياء والمؤمنون ” يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين ” أي يدعون هذه الدعوات في الدنيا طلبا لما عندي من الثواب ” فاتخذتموهم ” أنتم يا معشر الكفار ” سخريا ” أي كنتم تهزؤون بهم، وقيل: معناه: تستعبدونهم وتصرفونهم في أعمالكم وحوائجكم كرها بغير أجر ” حتى أنسوكم ذكري ” أي نسيتم ذكري لاشتغالكم بالسخرية منهم،


[ 254 ]

فنسب الانساء إلى عباده الؤمنين وإن لم يفعلوا ؟ لما كانوا السبب في ذلك ” وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا ” أي بصبرهم على أذاكم وسخريتكم ” إنهم هم الفائزون ” أي الظافرون بما أرادوا والناجون في الآخرة ” قال ” أي قال الله تعالى للكفار يوم البعث، وهو سؤال توبيخ وتبكيت لمنكري البعث ” كم لبثتم في الارض ” أي في القبور ” عدد سنين * قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم ” لانهم لم يشعروا بطول لبثهم و مكثهم لكونهم أمواتا، وقيل: إنه سؤال لهم عن مدة حياتهم في الدنيا، فقالوا: لبثنا يوما أو بعض يوم، استقلوا حياتهم في الدنيا لطول لبثهم ومكثهم في النار، عن الحسن، قال: ولم يكن ذلك كذبا منهم، لانهم أخبروا بما عندهم، وقيل: إن المراد به يوما أو بعض يوم من أيام الآخرة، وقال ابن عباس: أنساهم الله قدر لبثهم فيرون أنهم لم يلبثوا إلا يوما أو بعض يوم لعظم ماهم بصدده من العذاب ” فسئل العادين ” يعني الملائكة، لانهم يحصون أعمال العباد، وقيل: يعني الحساب لانهم يعدون الشهور والسنين ” قال ” الله تعالى ” إن لبثتم إلا قليلا ” لان مكثكم في الدنيا أو في القبور و إن طال فإن منتهاه قليل بالاضافة إلى طول مكثكم في عذاب جهنم ” لو أنكم كنتم تعلمون ” صحة ما أخبرناكم به، وقيل: معناه: لو كنتم تعلمون قصر أعماركم في الدنيا وطول مكثكم في الآخرة في العذاب لما اشتغلتم بالكفر والمعاصي. وفي قوله سبحانه: ” وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ” أي نارا تتلظى، ثم وصف ذلك السعير فقال: ” إذا رأتهم من مكان بعيد ” أي من مسيرة مائة عام، عن السدي والكلبي، وقال أبو عبد الله عليه السلام: من مسيرة سنة، ونسب الرؤية إلى النار وإنما يرونها هم ؟ لان ذلك أبلغ، كأنها تراهم رؤية الغضبان الذي يزفر غيظا، وذلك قوله: ” سمعوا لها تغيظا وزفيرا ” وتغيظها: تقطعها عند شدة اضطرابها، وزفيرها صوتها عند شدة التهابها كالتهاب الرجل المغتاظ، والتغيظ لا يسمع وإنما يعلم بدلالة الحال عليه، وقيل: معناه: سمعوا لها صوت تغيظ وغليان، قال عبيد بن عمير: إن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى نبي ولا ملك إلا خر لوجهه. وقيل: التغيظ للنار والزفير لاهلها كأنه يقول. رأوا للنار تغيظا، وسمعوا لاهلها زفيرا ” وإذا القوامنها مكانا ضيقا “


[ 255 ]

معناه: وإذا القوا من النار في مكان ضيق يضيق عليهم كما يضيق الزج في الرمح، عن أكثر المفسرين. وفي الحديث عنه عليه السلام في هذه الآية: والذي نفسي بيده إنهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط ” مقرنين ” أي مصفدين، قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الاغلال، وقيل: قرنوا مع الشيطان في السلاسل والاغلال، عن الجبائي ” دعوا هنالك ثبورا ” أي دعوا بالويل والهلاك على أنفسهم، كما يقول القائل: واثبوراه أي واهلاكاه، وقيل: وا انصرافاه عن طاعة الله فتجيبهم الملائكة: ” لا تدعو ا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا ” أي لا تدعوا ويلا واحدا وادعوا ويلا كثيرا، أي لا ينفعكم هذا وإن كثر منكم، قال الزجاج: معناه: هلاككم أكبر من أن تدعوا مرة واحدة. وفي قوله تعالى: ” الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ” أي يسحبون على وجوههم إلى النار وهم كفار مكة، وذلك لانهم قالوا: لمحمد وأصحابه هم شر خلق الله، فأنزل الله سبحانه: ” اولئك شر مكانا ” أي منزلا ومصيرا ” وأضل سبيلا ” أي دينا وطريقا من المؤمنين. وروى أنس قال: إن رجلا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة ؟ قال: إن الذي أمشاه على رجليه قادر أن يمشيه على وجهه يوم القيامة. وفي قوله تعالى: ” إن عذابها كان غراما ” أي لازما ملحا دائما غير مفارق. وفي قوله: ” يلق أثاما ” أي عقوبة وجزاء لما فعل، وقيل: إن أثاما اسم واد في جهنم، عن ابن عمر وقتادة ومجاهد وعكرمة. وفي قوله تعالى: ” يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ” يعني أن العذاب وإن لم يأتهم في الدنيا فإن جهنم محيطة بهم، أي جامعة لهم وهم معذبون فيها لا محالة ” يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ” يعني أن العذاب يحيط بهم، لا أنه يصل إلى موضع منهم دون موضع، فلا يبقى جزء منهم إلا وهو معذب في النار، عن الحسن، وهو كقوله: ” لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ونقول ذوقوا ما كنتم تعملون ” أي جزاء أعمالكم.


[ 256 ]

وفي قوله: ” إلى عذاب غليظ ” أي إلى عذاب يغلظ عليهم ويصعب. وفي قوله سبحانه: ” ولكن حق القول مني ” أي الخبر والوعيد ” لاملان جهنم من الجنة والناس أجمعين ” أي من كلا الصنفين بكفرهم بالله سبحانه وجحدهم وحدانيته، ثم يقال لهم: ” فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا ” أي بما فعلتم فعل من نسي لقاء جزاء هذا اليوم، فتركتم ما أمركم الله به وعصيتموه، والنسيان: الترك ” إنا نسيناكم ” أي فعلنا معكم فعل من نسيكم من ثوابه، أي ترككم من نعيمه جزاء على ترككم طاعتنا. وفي قوله تعالى: ” من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر ” العذاب الاكبر عذاب جهنم، وأما العذاب الادنى ففي الدنيا، وقيل: هو عذاب القبر، وروي أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام، والاكثر في الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أن العذاب الادنى الدابة والدجال. وفي قوله تعالى: ” يوم تقلب وجوههم في النار ” التقليب: تصريف الشئ في الجهات، ومعناه: تقلب وجوه هولاء السائلين عن الساعة وأشباههم من الكفار، فتسود وتصفر وتصير كالحة بعد أن لم تكن، وقيل: معناه: تنقل وجوههم من جهة إلى جهة في النار، فيكون أبلغ فيما يصل إليها من العذاب، يقولون متمنين متأسفين: ” يا ليتنا أطعنا الله ” فيما أمرنا به ونهانا عنه ” وأطعنا الرسولا ” فيما دعانا إليه ” ربنا آتهم ضعفين من العذاب ” بضلالهم في نفوسهم، وإضلالهم إيانا، أي عذبهم مثلي ما تعذب به غيرهم ” والعنهم لعنا كبيرا ” مرة بعد اخرى، وزدهم غضبا إلى غضبك. وفي قوله: ” لا يقضى عليهم ” بالموت ” فيموتوا ” فيستريحوا ” ولا يخفف عنهم من عذابها ” أي ولا يسهل عليهم عذاب النار ” كذلك ” أي ومثل هذا العذاب، ونظيره ” نجزي كل كفور ” وجاحد كثير الكفران، مكذب لانبياء الله ” وهم يصطرخون فيها ” أي يتصايحون بالاستغاثة ” يقولون ربنا أخرجنا ” من عذاب النار ” نعمل صالحا ” أي نؤمن بدل الكفر، ونطيع بدل المعصية، والمعنى: ردنا إلى الدنيا لنعمل بالطاعات التي تأمرنا بها ” غير الذي كنا نعمل ” فوبخهم الله تعالى فقال: ” أولم نعمركم ما


[ 257 ]

يتذكر فيه من تذكر ” أي ألم نعطكم من العمر مقدار ما يمكن أن يتفكر ويعتبرو ينظر في امور دينه، وعواقب حاله من يريد أن يتفكر ويتذكر ؟. واختلف في هذا المقدار فقيل: هو ستون سنة وهو المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة. وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس، وقيل: هو أربعون سنة، عن ابن عباس و مسروق، وقيل: هو توبيخ لابن ثمانية عشر سنة، عن وهب وقتادة، وروي ذلك عن الصادق عليه السلام ” وجاءكم النذير ” أي المخوف من عذاب الله وهو محمد صلى الله عليه وآله، وقيل: القرآن، وقيل: الشيب. وفي قوله تعالى: ” أم شجرة الزقوم ” الزقوم ثمر شجرة منكرة جدا، من قولهم تزقم هذا الطعام: إذا تناوله على تكره ومشقة شديدة، وقيل: الزقوم: شجرة في النار يقتاتها أهل النار، لها ثمرة مره خشنة اللمس، منتنة الريح، وقيل: أنها معروفة من شجر الدنيا تعرفها العرب، وقيل: إنها لا تعرفها، فقد روي: أن قريشا لما سمعت هذه الآية قالت: ما نعرف هذه الشجرة، قال ابن الزبعرى: الزقوم بكلام البربر: التمر والزبد، وفي رواية بلغة اليمن، فقال أبو جهل لجاريته: يا جارية زقمينا، فأتته الجارية بتمر وزبد، فقال لاصحابه: تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمد، فيز عم أن النار تنبت الشجر، والنار تحرق الشجر ! فأنزل الله سبحانه: ” إنا جعلناها فتنة للظالمين ” أي خبرة لهم افتتنوا بها وكذبوا بكونها فصارت فتنة لهم، وقيل المراد بالفتنة العذاب من قوله: ” يوم هم على النار يفتنون ” (1) أي يعذبون ” إنها ” أي الزقوم ” شجرة تخرج في أصل الجحيم ” اي في قعر جهنم، وأغصانها ترفع إلى دركاتها، عن الحسن، ولا يبعد أن يخلق الله سبحانه بكمال قدرته (2) في النار من جنس النار، أو من جوهر لا تأكله النار ولا تحرقه، كما أنها لا تحرق السلاسل والاغلال، وكما لا تحرق حياتها وعقاربها، وكذلك الضريع وما أشبه ذلك ” طلعها كأنه رءوس


[ 1 ] الذاريات: 13. [ 2 ] في التفسير المطبوع: ” ولا يبعد أن يخلق الله سبحانه بكمال قدرته شجرة في النار ” و هو الصحيح. (*)

[ 258 ]

الشياطين ” يسأل عن هذا فيقال: كيف شبه طلع هذه الشجرة برؤوس الشياطين وهي لا تعرف، وإنما يشبه الشئ بما يعرف ؟ واجيب عنه بثلاثة أجوبة: أحدها أن رؤوس الشياطين ثمرة يقال لها: أستن، (1) قال الاصمعي: يقال له الصورم. وثانيها أن الشيطان جنس من الحيات فشبه سبحانه طلع تلك الشجرة برؤوس تلك الحيات. وثالثها أن قبح صور الشياطين متصور في النفوس، ولذلك يقولون لما يستقبحونه جدا: كأنه شيطان، فشبه سبحانه طلع هذه الشجرة بما استقرت شناعته في قلوب الناس، وهذا قول ابن عباس ومحمد بن كعب، وقال الجبائي: إن الله تعالى يشوه خلق الشياطين في النار حتى أنه لو رآه راء من العباد لاستوحش منهم، فلذلك شبه برؤوسهم. ” فإنهم لآكلون منها ” يعني أن أهل النار ليأكلون من ثمرة تلك الشجرة ” فمالؤن منها البطون ” أي يملؤون بطونهم منها لشدة ما يلحقهم من ألم الجوع، وقد روي أن الله تعالى يجوعهم حتى ينسوا عذاب النار من شدة الجوع، فيصرخون إلى مالك فيحملهم إلى تلك الشجرة وفيهم أبو جهل فيأكلون منها فتغلي بطونهم كغلي الحميم، فيستسقون فيسقون شربة من الماء الحار الذي بلغ نهايته في الحرارة، فإذا قربوها من وجوههم شوت وجوههم، فذلك قوله: ” يشوي الوجوه ” فإذا وصل إلى بطونهم صهر ما في بطونهم، كما قال سبحانه: ” يصهر به ما في بطونهم والجلود ” فذلك شرابهم وطعامهم ” ثم إن لهم عليها ” زيادة على شجرة الزقوم ” لشوبا من حميم ” أي خلطا ومزاجا من ماء حار يمزج ذلك الطعام بهذا الشراب، وقيل: إنهم يكرهون على ذلك عقوبة لهم ” ثم إن مرجعهم ” بعد أكل الزقوم وشراب الحميم ” لالى الجحيم ” وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه وهو خارج من الجحيم، كما تورد الابل إلى الماء ثم يوردون إلى الجحيم، ويدل على ذلك قوله: ” يطوفون بينها وبين حميم آن ” و الجحيم النار الموقدة، والمعنى أن الزقوم والحميم طعامهم وشرابهم، والجحيم المسعرة منقلبهم ومآبهم.


[ 1 ] قال الفيروز آبادى: الاستن والاستان: اصول الشجر البالية، واحدها أستنة، أو الاستن: شجر يفشو في منابته، فإذا نظر الناظر إليه شبهه بشخوص الناس.

[ 259 ]

وفي قوله سبحانه: ” هذا فليذوقوه حميم وغساق ” أي هذا حميم وغساق فليذوقوه، وقيل: معناه: هذا الجزاء للطاغين فليذوقوه، واطلق عليه لفظ الذوق لان الذائق يدرك الطعم بعد طلبه فهو أشد إحساسا به، والحميم: الماء الحار، والغساق: البارد الزمهرير، عن ابن مسعود وابن عباس، فالمعنى أنهم يعذبون بحار الشراب الذي انتهت حرارته، و ببارده الذي انتهت برودته، فببرده يحرق كما يحرق النار، وقيل: إن الغساق: عين في جهنم يسيل إليها سم كل ذات حمة من وحية وعقرب، وقيل: هو ما يسيل من دموعهم يسقونه مع الحميم، وقيل: هو القيح الذي يسيل منهم، يجمع ويسقونه، وقيل: هو عذاب لا يعلمه إلا الله ” وآخر ” أي وضروب اخر ” من شكله ” أي من جنس هذا العذاب ” ازواج ” أي ألوان وأنواع متشابهة في الشدة لا نوع واحد ” هذا فوج مقتحم معكم ” أي يقال لهم: هذا فوج وهم قادة أهل الضلالة إذا دخلوا النار، ثم يدخل الاتباع، فتقول الخزنة للقادة: ” هذا فوج ” أي قطع من الناس وهم الاتباع ” مقتحم معكم ” في النار دخلوها كما دخلتم، عن ابن عباس، وقيل: يعني بالاول أولاد إبليس وبالفوج الثاني بني آدم، أي يقال لبني إبليس بأمرالله: هذا جمع من بني آدم مقتحم معكم يدخلون النار وعذابها وأنتم معهم، عن الحسن ” لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار ” أي لا اتسعت لهم أماكنهم، لانهم لازموا النار، فيكون المعنى على القول الاول أن القادة والرؤساء يقولون للاتباع: لا مرحبا بهؤلاء، إنهم يدخلون النار مثلنا، فلا فرج لنا في مشاركتهم إيانا، فتقول الاتباع لهم: ” بل أنتم لا مرحبا بكم ” أي لا نلتم رحبا وسعة ” أنتم قدمتموه لنا ” أي حملتمو نا على الكفر الذي أوجب لنا هذا العذاب ودعوتمونا إليه، وأما على القول الثاني فإن أولاد إبليس يقولون: لا مرحبا بهؤلاء قد ضاقت أماكنهم إذ كانت النار مملوءة منا فليس لنا منهم إلا الضيق والشدة، وهذا كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: أن النار تضيق عليهم كضيق الزج (1) بالرمح. ” قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم ” أي تقول بنو آدم: لا كرامة لكم أنتم شرعتموه لنا وزينتموه في نفوسنا ” فبئس القرار ” الذي استقررنا عليه ” قالوا ربنا من قدم لنا


[ 1 ] الزج بالضم: الحديد التى في أسفل الرمح.

[ 260 ]

هذا ” أي يدعون عليهم بهذا إذا حصلوافي نار جهنم، أي من سبب لنا هذا العذاب و دعانا إلى ما استوجبنا به ذلك ” فزده عذابا ضعفا ” أي مثلا مضاعفا إلى ما يستحقه من النار، أحد الضعفين لكفرهم بالله، والضعف الآخر لدعائهم إيانا إلى الكفر ” وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار ” أي يقولون ذلك حين ينظرون في النار فلا يرون من كان يخالفهم فيها معهم وهم المؤمنون، عن الكلبي، وقيل: نزلت في أبي جهل والوليد بن المغيرة وذويهما، يقولون: مالنا لا نرى عمارا وخبابا و صهيبا وبلالا الذين كنا نعدهم في الدنيا من جملة الذين يفعلون الشر والقبيح ولا يفعلون الخير، عن مجاهد. وروى العياشي بالاسناد عن جابر، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: أهل النار يقولون: مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار، يعنونكم لا يرونكم في النار، لا يرون والله أحدا منكم في النار. ” أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار ” معناه أنهم يقولون لما لم يروهم في النار: أتخذناهم هزوا في الدنيا فأخطأنا، أم عدلت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم معنا في النار ” إن ذلك لحق ” أي ما ذكر قبل هذا لحق، أي كائن لا محالة. ثم بين ما هو فقال: ” تخاصم أهل النار ” يعني تخاصم الاتباع والقادة، أو مجادلة أهل النار بعضهم لبعض على ما أخبر عنهم. وفي قوله تعالى: ” قل إن الخاسرين ” في الحقيقة هم ” الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ” فلا ينتفعون بأنفسهم، ولا يجدون في النار أهلا كما كان لهم في الدنيا أهل، فقد فاتتهم المنفعة بأنفسهم وأهليهم، وقيل: خسروا أنفسهم بأن قذفوها بين أطباق الجحيم، وخسروا أهليهم الذين اعدوا لهم في جنة النعيم، عن الحسن. قال ابن عباس: إن الله تعالى جعل لكل إنسان في الجنة منزلا وأهلا، فمن عمل بطاعته كان له ذلك، ومن عصاه فصار إلى النار، ودفع منزله وأهله إلى من أطاع فذلك قوله: ” اولئك هم الوارثون “. ” ألا ذلك هو الخسران المبين ” أي الظاهر الذي لا يخفى ” لهم من فوقهم ظلل من النار ” أي سرادقات وأطباق من النار ودخانها نعوذ بالله منها ” ومن تحتهم ظلل “


[ 261 ]

أي فرش ومهد منها، وقيل: إنما سمي ما تحتهم ظللا لانها ظلل لمن تحتهم، إذ النار أدراك وهم بين أطباقها، وقيل: إنما اجري اسم الظلل على قطع النار على سبيل التوسع والمجاز، لانها في مقابلة ما لاهل الجنة من الظلل، والمراد أن النار تحيط بجوانبهم. وفي قوله: ” أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ” اختلف في تقديره فقيل: معناه: أفمن وجب عليه وعيد الله بالعقاب أفأنت تخلصه من النار ؟ فاكتفى بذكر من في النار عن الضمير العائد إلى المبتدأ، وقيل: تقديره: أفأنت تنقذ من في النار منهم ؟ واتي بالاستفهام مرتين توكيدا للتنبيه على المعنى، وقال ابن الانباري: الوقف على قوله: ” كلمة العذاب ” والتقدير: كمن وجبت له الجنة، ثم يبتدئ ” أفأنت تنقذ ” وأراد بكلمة العذاب قوله: ” لاملان جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين “. (1) وفي قوله تعالى: ” أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة ” تقديره: أفحال من يدفع عذاب الله بوجهه يوم القيامة كحال من يأتي آمنا لا يمسه النار، وإنما قال: ” بوجهه ” لان الوجه أعز اعضاء الانسان ؟ وقيل: معناه: أم من يلقى منكوسا، فأول عضو منه مسته النار وجهه، ومعنى يتقي يتوقى ” وقيل للظالمين ” يقوله خزنة النار. وفي قوله: ” إن الذين كفروا ينادون ” أي تناديهم الملائكة يوم القيامة: ” لمقت الله أكبر ” المقت أشد العداوة والبغض، والمعنى أنهم لما رأوا أعمالهم ونظروا في كتابهم وادخلوا النار مقتوا أنفسهم لسوء صنيعهم، فنودوا: لمقت الله إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم، وقيل: إنهم لما تركوا الايمان وصاروا إلى الكفر فقد مقتوا أنفسهم أعظم المقت، ثم حكى سبحانه عن الكفار الذين تقدم وصفهم بعد حصولهم في النار بأنهم قالوا: ” ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ” اختلف في معناه على وجوه: أحدها أن الاماتة الاولى


[ 1 ] ص: 85.

[ 262 ]

في الدنيا بعد الحياة، والثانية في القبر قبل البعث، والاحياء الاولى في القبر للمسألة والثانية في الحشر. وثانيها: أن الاماتة الاولى حالكونهم نطفا، فأحياهم الله في الدنيا، ثم أماتهم الموتة الثانية، ثم أحياهم للبعث، فهاتان حياتان ومماتان. وثالثها: أن الحياة الاولى في الدنيا، والثانية في القبر، ولم يرد الحياة يوم القيامة، والموتة الاولى في الدنيا، والثانية في القبر ” فاعترفنا بذنوبنا ” التي اقترفناها في الدنيا ” فهل إلى خروج من سبيل ” هذا تلطف منهم في الاستدعاء، أي هل بعد الاعتراف سبيل إلى الخروج ؟ وقيل: إنهم سألوا الرجوع إلى الدنيا، أي هل من خروج من النار إلى الدنيا لنعمل بطاعتك ؟ ” ذلكم ” أي ذلك العذاب الذي حل بكم ” بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ” أي إذا قيل: لا إله إلا الله، قلتم: أجعل الآلهة إلها واحدا ؟ وجحدتم ذلك ” وإن يشرك به تؤمنوا ” أي وإن يشرك به معبود آخر من الاصنام والاوثان تصدقوا. وفي قوله تعالى: ” وإذا يتحاجون في النار ” أي واذكر يا محمد لقومك الوقت الذي يتحاج فيه أهل النار في النار، ويتخاصم الرؤساء والاتباع ” فيقول الضعفاء ” وهم الاتباع ” للذين استكبروا ” وهم الرؤساء ” إنا كنا لكم ” معاشر الرؤساء ” تبعا ” وكنا نمتثل أمركم ونجيبكم إلى ما تدعوننا إليه ” فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار ” لانه يلزم الرئيس الدفع عن أتباعه المنقادين لامره ” قال الذين استكبروا إنا كل فيها ” أي نحن وأنتم في النار ” إن الله قد حكم بين العباد ” بذلك، بأن لا يتحمل أحد عن أحد، وإنه يعاقب من أشرك به وعبد معه غيره لا محالة ” وقال الذين في النار ” من الاتباع والمتبوعين ” لخزنة جهنم ” لخزنة جهنم ” وهم الذين يتولون عذاب أهل النار من الملائكة الموكلين بهم ” ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ” يقولون ذلك لانهم لا طاقة لهم على شدة العذاب ولشدة جزعهم، لا أنهم يطمعون في التخفيف، لان معارفهم ضرورية يعلمون أن عقابهم لا ينقطع ولا يخفف عنهم ” قالوا ” أي الخزنة ” أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات ” أي بالحجج والدلالات على صحة التوحيد


[ 263 ]

والنبوة، أي فكفرتم وعاندتم حتى استحققتم هذا العذاب ” قالوا بلى ” جاءتنا الرسل والبينات فكذبناهم وجحدنا نبوتهم ” قالوا فادعوا ” أي قالت الخزنة: فادعوا أنتم فإنا لا ندعو إلا بإذن الله ولم يؤذن لنا فيه، وقيل: إنما قالوا ذلك استخفافا بهم، وقيل: معناه: فادعوا بالويل والثبور ” وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ” أي في ضياع، لانه لا ينفع. وفي قوله: ” يسحبون في الحميم ” أي يجرون في الماء الحار الذي قدانتهت حرارته ” ثم في النار يسجرون ” أي ثم يقذفون في النار، وقيل: أي ثم يصيرون وقود النار ” ثم قيل لهم ” أي الهؤلاء الكفار إذا دخلوا النار على وجه التوبيخ ” أين ما كنتم تشركون من دون الله ” من أصنامكم ” قالوا ضلوا عنا ” أي ضاعوا وهلكوا فلا نراهم ولا نقدر عليهم، ثم يستدركون فيقولون: ” بل لم نكن ندعو من قبل شيئا ” أي شيئا يستحق العبادة ولا ما ننتفع بعبادته، وقيل: لم نكن ندعو شيئا ينفع ويضر ويسمع ويبصر، وهذا كما يقال لكل ما لا يغني شيئا: هذا ليس بشئ، وقيل: معناه: ضاعت عبادتنا لهم فلم نكن نصنع شيئا إذ عبدناها، كما يقول المتحسر: ما فعلت شيئا ” كذلك يضل الله الكافرين ” أي كما أضل أعمال هؤلاء وأبطل ما كانوا يأملونه كذلك يفعل بجميع من يتدين بالكفر فلا ينتفعون بشئ من أعمالهم، وقيل: ” يضل الله أعمالهم ” أي يبطلها، وقيل: يضلهم عن طريق الجنة والثواب كما أضلهم عما اتخذوه إلها بأن صرفهم عن الطمع في نيل منفعة من جهتها ” ذلكم ” العذاب الذي نزل بكم ” بما كنتم تفرحون في الارض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ” أي تأشرون وتبطرون. وفي قوله تعالى: ” أسوء الذي كانوا يعملون ” أي نجازيهم بأقبح الجزاء على أقبح معاصيهم وهو الكفر والشرك، وخص الاسوأ بالذكر للمبالغة في الزجر، وقيل: معناه: لنجزينهم بأسوأ أعمالهم وهي المعاصي دون غيرها مما لا يستحق به العذاب. ” وقال الذين كفروا ربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس ” يعنون إبليس الابالسة، وقابيل بن آدم أول من أبدع الكفر والضلال والمعصية، روي ذلك عن علي عليه السلام، وقيل: كل من دعى إلى الضلال والكفر من الجن والانس، والمراد باللذين جنس


[ 264 ]

الجن والانس ” نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الاسفلين ” تمنوا لشدة عدواتهم لهم بما أضلوهم أن يجعلوهم تحت أقدامهم في الدرك الاسفل من النار، وقيل: أي ندوسهما ونطؤهما بأقدامنا إذلالا لهما ليكونا من الاذلين، قال ابن عباس: ليكونا أشد عذابا منا. وفي قوله تعالى: ” لايفتر عنهم العذاب ” أي لا يخفف عنهم ” وهم فيه مبلسون ” آئسون من كل خير ” ونادوا يا مالك ” أي يدعون خازن جهنم فيقولون: ” يا مالك ليقض علينا ربك ” أي ليمتنا ربك حتى نتخلص ونستريح من هذا العذاب ” قال ” أي فيقول مالك مجيبا لهم: ” إنكم ماكثون ” أي لابثون دائمون في العذاب قال ابن عباس والسدي: إنما يجيبهم مالك بذلك بعد ألف سنة، وقال ابن عمر: بعد أربعين عاما ” لقد جئناكم ” أي يقول الله تعالى: لقد أرسلنا إليكم الرسل ” بالحق ” أي جاءكم رسلنا بالحق، وأضافه إلى نفسه لانه كان بأمره، وقيل: هو قول مالك، و إنما قال: قد جئناكم ؟ لانه من الملائكة وهم من جنس الرسل ” ولكن أكثركم ” معاشر الخلق ” للحق كارهون ” لانكم ألفتم الباطل فكرهتم مفارقته. وفي قوله تعالى: ” طعام الاثيم ” أي الآثم وهو أبو جهل، وروي أن أبا جهل أتى بتمر وزبد فجمع بينهما وأكل وقال: هذا هو الزقوم الذي يخوفنا محمد به، نحن نتزقمه، أي نملا أفواهنا به، فقال سبحانه: ” كالمهل ” وهو المذاب من النحاس أو الرصاص أو الذهب أو الفضة، وقيل: هو دردي الزيت ” يغلي في البطون كغلي الحميم ” أي إذا حصلت في أجواف أهل النار تغلي كغلي الماء الحار الشديد الحرارة، قال أبو علي الفارسي: لا يجوز أن يكون المعنى: يغلي المهل في البطون، لان المهل إنما ذكر للتشبيه به في الذوب، ألا ترى أن المهل لا يغلي في البطون، وإنما يغلي ما يشبه به ” خذوه ” أي يقال للزبانية: ” خذوه ” بالاثم ” فاعتلوه ” (1) أي زعزعوه وادفعوه بعنف، وقيل: معناه: جروا على وجهه ” إلى سواء الجحيم ” أي إلى وسط النار ” ثم


[ 1 ] من العتل، وهو الاخذ بمجامع الشئ وجره بقهر كعتل البعير.

[ 265 ]

صبوا فوق رأسه ” قال مقاتل: إن خازن النار يمر به على رأسه فيذهب رأسه عن دماغة، ثم يصب فيه ” من عذاب الحميم ” وهو الماء الذي قد انتهى حره، ويقول له: ” ذق إنك أنت العزيز الكريم ” وذلك أنه كان يقول: أنا أعز أهل الوادي وأكرمهم، فيقول له الملك: ذق العذاب أيها المتعزز المتكرم في زعمك وفيما كنت تقوله، وقيل: إنه على معنى النقيض، فكأنه قيل: إنك أنت الذليل المهين، إلا أنه قيل على هذا الوجه للاستخفاف به، وقيل: معناه إنك أنت العزيز في قومك الكريم عليهم فما أغنى عنك ذلك ” إن هذا ما كنتم به تمترون ” أي ثم يقال لهم: إن العذاب ما كنتم تشكون فيه في الدنيا. وفي قوله تعالى: ” من ورائهم جهنم ” أي من وراء ماهم فيه من التعزز بالمال والدنيا جهنم ” ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ” أي لا يغني عنهم ما حصلوه وجمعوه من المال والولد شيئا من عذاب الله ” ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ” من الآلهة التي عبدوها لتكون شفعاءهم عند الله ” هذا هدى ” أي هذا القرآن الذي تلوناه والحديث الذي ذكرناه دلالة موصلة إلى الفرق بين الحق والباطل. والرجز: العذاب. وفي قوله: ” ويوم يعرض الذين كفروا على النار ” يعني يوم القيامة، أي يدخلون النار، كما يقال: عرض فلان على السوط، وقيل: معناه عرض عليهم النار قبل أن يدخلوها ليروا أهوالها ” أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ” أي فيقال لهم: آثرتم طيباتكم ولذاتكم في الدنيا على طيبات الجنة ” واستمتعتم بها ” أي انتفعتم بها منهمكين فيها، وقيل: هي الطيبات من الرزق، يقول: أنفقتموها في شهواتكم وفي ملاذ الدنيا، ولم تنفقوها في مرضات الله ” فاليوم تجزون عذاب الهون ” أي العذاب الذي فيه الذل والخزي والهوان ” بما كنتم تستكبرون في الارض ” أي باستكباركم عن الانقياد للحق في الدنيا ” وبما كنتم تفسقون ” أي وبخروجكم عن طاعة الله إلى معاصيه. وفي قوله: ” ويوم يعرض الذين كفروا على النار أليس هذا بالحق ” أي يقال لهم على وجه الاحتجاج عليهم: أليس هذا الذي جوزيتم به حق (1) لا ظلم فيه ؟ ” قالوا ” أي فيقولون: ” بلى وربنا ” اعترفوا بذلك وحلفوا عليه بعد ما كانوا منكرين ” قال


[ 1 ] كذا في المجمع. والظاهر: حقا.

[ 266 ]

فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ” أي بكفركم في الدنيا وإنكاركم. وفي قوله سبحانه: ” وقال قرينه ” يعني الملك الشهيد عليه، عن الحسن، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، وقيل: قرينه الذي قيض له من الشيطان، وقيل: قرينه من الانس ” هذا مالدي عتيد ” إن كان المراد به الملك فمعناه: هذا حسابه حاضر لدي في هذا الكتاب، أي يقول لربه: كنت وكلتني، به فما كتبت من عمله حاضر عندي، وإن كان المراد به الشيطان أو القرين من الانس فالمعنى: هذا العذاب حاضر عندي معد لي بسبب سيئاتي ” ألقيا في جهنم كفار عنيد ” هذا خطاب لخازن النار، والعرب تأمر الواحد والقوم بما تأمر به الاثنين، ألا ترى في الشعر أكثر شئ قيلا: (يا صاحبي ويا خليلي) وقيل: إنما ثني ليدل على التكثير، كأنه قال: ألق ألق، فثني الضمير ليدل على تكرير الفعل، وقيل: خطاب للملكين الموكلين به وهما السائق والشهيد. وروى أبو القاسم الحسكاني بالاسناد عن الاعمش أنه قال: حدثنا أبو المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى لي ولعلي: ألقيا في النار من أبغضكما، وأدخلا الجنة من أحبكما، وذلك قوله: ألقيا في جهنم كل كفار عنيد ” والعنيد: الذاهب عن الحق وسبيل الرشد. ” مناع للخير ” الذي أمر الله به من بذل المال في وجوهه ” معتد ” ظالم متجاوز يتعدى حدود الله ” مريب ” أي شاك في الله وفيما جاء من عند الله، وقيل متهم يفعل ما يرتاب بفعله ويظن به غير الجميل، وقيل: إنها نزلت في وليد بن المغيرة حين استشاره بنو أخيه في الاسلام فمنعهم. فيكون المراد بالخير الاسلام ” الذي جعل مع الله إلها آخر ” من الاصنام والاوثان ” فألقياه في العذاب الشديد ” هذا تأكيد للاول، فكأنه قال: افعلا ما أمرتكما به فإنه مستحق لذلك ” قال قرينه ” أي شيطانه الذي أغواه، عن ابن عباس وغيره، وإنما سمى قرينه ؟ لانه يقرن به في العذاب، وقيل: قرينه من الانس وهم علماء السوء والمبتدعون ” ربنا ما أطغيته ” أي ما أضللته وما أوقعته في الطغيان باستكراه ” ولكن كان في ضلال ” من الايمان ” بعيد ” أي ولكنه طغى باختياره السوء


[ 267 ]

” قال ” أي فيقول الله لهم: ” لا تختصموا لدي ” أي لا يخاصم بعضكم بعضا عندي ” وقد قدمت إليكم بالوعيد ” في دار التكليف فلم تنزجروا وخالفتم أمري ” ما يبدل القول لدي ” المعنى أن الذي قدمته لكم في دار الدنيا من أني اعاقب من جحدني وكذب رسلي وخالف أمري لا يبدل بغيره، ولا يكون خلافه ” وما أنا بظلام للعبيد ” أي لست بظالم أحدا في عقابي لمن استحقة، بل هو الظالم لنفسه بارتكابه المعاصي التي استحق بها ذلك ” يوم نقول لجهنم هل امتلات ” متعلق بقوله: ” ما يبدل القول ” أو بتقدير اذكر ” وتقول ” جهنم ” هل من مزيد ” قال أنس: طلبت الزيادة، وقال مجاهد: المعنى معنى الكفاية، أي لم يبق مزيد لامتلائها، ويدل على هذا القول قوله: ” لاملان جهنم من الجنة والناس أجمعين ” وقيل في الوجه الاول: إن هذا القول منها كان قبل دخول جميع أهل النار فيها، ويجوز أن تكون تطلب الزيادة على أن يزاد في سعتها، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قيل له يوم فتح مكة: ألا تنزل دارك ؟ فقال صلى الله عليه وآله: وهل ترك لنا عقيل من دار ؟ لانه باع دور بني هاشم لما خرجوا إلى المدينة، فعلى هذا يكون المعنى: وهل بقي زيادة ؟. فأما الوجه في كلام جهنم فقيل فيه وجوه: أحدها: أنه خرج مخرج المثل، أي أن جهنم من سعتها وعظمها بمنزلة الناطقة التي إذا قيل لها: هل امتلات ؟ تقول: لم أمتل وبقي في سعة كثيرة. وثانيها: أن الله سبحانه يخلق لجهنم آلة الكلام فتتكلم، وهذا غير منكر لان من أنطق الايدي والجوارح والجلود قادر على أن ينطق جهنم. وثالثها: أنه خطاب لخزنة جهنم على وجه التقرير لهم: هل امتلات جهنم ؟ فيقولون: بلى لم يبق موضع لمزيد، ليعلم الخلق صدق وعده، عن الحسن، قال: معناه: مامن مزيد، أي لا مزيد. وفي قوله تعالى: ” يوم يدعون ” أي يدفعون ” إلى نار جهنم دعا ” أي دفعا بعنف وجفوة، قال مقاتل: هو أن تغل أيديهم إلى أعناقهم، وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعون إلى جهنم دفعا على وجوههم، حتى إذا دنوا قال لهم خزنتها: ” هذه النار التي


[ 268 ]

كنتم بها تكذبون ” في الدنيا، ثم وبخهم لما عاينوا ما كانوا يكذبون به وهو قوله: ” أفسحر هذا ” الذي ترون ” أم أنتم لا تبصرون ” وذلك أنهم كانوا ينسبون محمدا صلى الله عليه وآله إلى السحر وإلى أنه يغطي على الابصار بالسحر، فلما شاهدوا ما وعدوا به من العذاب وبخوا بهذا، ثم يقال لهم: ” اصلوها ” قاسوا شدتها ” فاصبروا ” على العذاب ” أو لا تصبروا ” عليه ” سواء عليكم ” الصبر والجزع ” إنما تجزون ما كنتم تعملون ” في الدنيا من المعاصي بكفركم وتكذيبكم الرسول. وفي قوله تعالى: ” إن المجرمين في ضلال وسعر ” أي في ذهاب عن وجه النجاة وطريق الجنة، وفي نار مسعرة، وقيل: أي في هلاك وذهاب عن الحق ” وسعر ” أي عناء وعذاب ” يوم يسحبون ” أي يجرون ” في النار على وجوههم ” يعني أن هذا العذاب يكون لهم في يوم يجرهم الملائكة فيه على وجوههم في النار، ويقال لهم: ” ذوقوامس سقر ” أي إصابتها إياهم بعذابها وحرها، وهو كقولهم: ” وجدت مس الحمى ” وسقر. جهنم، وقيل: هو باب من أبوابها. وفي قوله تعالى: ” فيؤخذ بالنواصي والاقدام ” فتأخذهم الزبانية فتجمع بين نواصيهم وأقدامهم بالغل، ثم يسحبون في النار ويقذفون فيها، عن الحسن، وقيل: تأخذهم الزبانية بنواصيهم وبأقدامهم فيسوقونهم إلى النار: ” هذه جهنم ” أي ويقال لهم: ” هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون ” الكافرون في الدنيا قذ أظهرها الله تعالى حتى زالت الشكوك فادخلوها، ويمكن أنه لما أخبر الله تعالى أنهم يؤخذون بالنواصي والاقدام ثم قال للنبي صلى الله عليه وآله: ” هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون ” أي مشركون من قومك وسيردونها فليهن عليك أمرهم ” يطوفون بينها وبين حميم آن ” أي يطوفون مرة بين الجحيم ومرة بين الحميم، والجحيم: النار، والحميم: الشراب، وقيل: معناه أنهم يعذبون بالنار مرة ويجرعون من الحميم يصب علهيم ليس لهم من العذاب أبدا فرج، عن ابن عباس، والآني: الذي انتهت حرارته، وقيل: الآني: الحاضر. وفي قوله تعالى: ” في سموم وحميم ” أي في ريح حارة تدخل مسامهم وخروقهم، وفي ماء مغلي حار انتهت حرارته ” وظل من يحموم ” أي دخان أسود شديد السواد


[ 269 ]

عن ابن عباس وغيره، وقيل: اليحموم: جبل في جهنم يستغيث أهل النار إلى ظله، ثم نعت ذلك الظل فقال: ” لا بارد ولا كريم ” أي لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر، وقيل: لا بارد يستراح إليه لانه دخان جهنم، ولا كريم فيشتهى مثله، وقيل: ولا كريم أي لا منفعة فيه بوجه من الوجوه، والعرب إذا أرادت نفي صفة الحمد عن الشئ نفت عنه الكرم، وقال الفراء: العرب تجعل الكريم تابعا لكل شئ نفت عنه وصفا تنوى به الذم، تقول: ما هو بسمين ولا كريم، وما هذه الدار بواسعة ولا كريمة. ثم ذكر سبحانه أعمالهم التي أوجبت لهم هذا فقال: ” إنهم كانوا قبل ذلك مترفين ” أي كانوا في الدنيا متنعمين، عن ابن عباس ” وكانوا يصرون على الحنث العظيم ” أي الذنب العظيم، والاصرار أن يقيم عليه فلا يقلع عنه، وقيل: الحنث العظيم: الشرك، وقيل: كانوا يحلفون لا يبعث الله من يموت، وأن الاصنام أنداد الله. قوله: ” فشاربون شرب الهيم ” أي كشرب الهيم، وهي الابل التي أصابها الهيام وهو شدة العطش، فلا تزال تشرب الماء حتى تموت، وقيل: هي الارض الرملة التي لا تروي بالماء ” هذا نزلهم يوم الدين ” النزل: الامر الذي ينزل عليه صاحبه، والمعنى: هذا طعامهم وشرابهم يوم الجزاء في جهنم. وفي قوله تعالى: ” قوا أنفسكم وأهليكم نارا ” أي قوا أنفسكم النار بالصبر على طاعة الله وعن معصيته، وعن اتباع الشهوات، وأهليكم بدعائهم إلى طاعة الله، و تعليمهم الفرائض، ونهيهم عن القبائح، وحثهم على أفعال الخير ” عليها ملائكة غلاظ شداد ” أي غلاظ القلوب لا يرحمون أهل النار، أقوياء، يعني الزبانية التسعة عشر و أعوانها ” لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ” في هذا دلالة على أن الملائكة الموكلين بالنار معصومون عن القبائح لا يخالفون الله في أوامره ونواهيه. ثم حكى سبحانه ما يقال للكفار يوم القيامة فقال: ” يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم ” وذلك أنهم إذا عذبوا يأخذون في الاعتذار فلا يلتفت إلى معاذيرهم ويقال لهم: لا تعتذروا فهذا جزاء فعلكم. وفي قوله: ” وأعتدنا لهم ” أي للشياطين ” عذاب السعير ” عذاب النار المسعرة


[ 270 ]

المشعلة ” إذا القوا فيها سمعوا لها شهيقا ” أي إذا طرح الكفار في النار سمعوا للنار صوتا فظيعا مثل صوت القدر عند غليانها وفورانها، فيعظم بسماع ذلك عذابهم لما يرد على قلوبهم من هوله ” وهي تفور ” أي تغلي بهم كغلي المرجل (1) ” تكاد تميز ” أي تتقطع وتتمزق من الغيظ أي شدة الغضب، سمى سبحانه شدة التهاب النار غيظا على الكفار ؟ لان المغتاظ هو المتقطع مما يجد من الالم الباعث على الايقاع بغيره، فحال جهنم كحال المتغيظ ” كلما القي فيها ” أي كلما طرح في النار ” فوج ” من الكفار ” سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ” أي يقول لهم الملائكة الموكلون بالنار على وجه التبكيت لهم في صيغة الاستفهام: ألم يجئكم مخوف من جهة الله سبحانه يخوفكم عذاب هذه النار ؟ ” قالوا بلى قد جائنا نذير ” أي مخوف فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شئ ” أي لم نقبل منه، بل قلنا ما نزل الله شيئا مما تدعونا إليه وتحذرونا منه، فتقول لهم الملائكة: ” إن أنتم إلا في ضلال كبير ” أي لستم اليوم إلا في عذاب عظيم، وقيل: معناه: قلنا للرسل: ما أنتم إلا في ضلال، أي ذهاب عن الصواب. كبير في قولكم: أنزل الله علينا كتابا ” وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ” من النذر ما جاؤونا به ودعونا إليه وعملنا بذلك ” ماكنا في أصحاب السعير ” قال الزجاج: لو كنا نسمع سمع من يعي ويفكر ونعقل عقل من يميز وينظر ما كنا من أهل النار ” فاعترفوا بذنبهم ” في ذلك الوقت الذي لا ينفعهم فيه الاقرار والاعتراف ” فسحقا لاصحاب السعير ” هذا دعاء عليهم، أي أسحقهم الله وأبعدهم من النجاة سحقا. وفي قوله: ” وأما القاسطون ” العادلون عن طريق الحق والدين ” فكانوا ” في علم الله وحكمه ” لجهنم حطبا ” يلقون فيها فتحرقهم كما تحرق النار الحطب، أو يكون معناه: فسيكونون لجهنم حطبا توقد بهم كما توقد النار بالحطب. وفي قولة: ” يسلكه عذابا صعدا ” أي يدخله عذابا شاقا شديدا متصعدا في العظم، وإنما قال: يسلكه ؟ لانه تقدم ذكر الطريقة، وقيل: معناه عذابا ذاصعد، أي ذا مشقة. وفي قوله تعالى: ” إن لدنيا أنكالا ” أي عندنا في الآخرة قيودا عظاما


[ 1 ] المرجل: القدر.

[ 271 ]

لا تفك أبدا، وقيل: أغلالا ” وجحيما ” وهو اسم من أسماء جهنم، وقيل: يعني ونارا عظيمة، ولا تسمى القليلة به ” وطعاما ذا غصة ” أي ذا شوك يأخذ الحلق فلا يدخل ولا يخرج، عن ابن عباس، وقيل: طعاما يأخذ بالحلقوم لخشونته وشدة تكرهه، وقيل: يعني الزقوم والضريع وروي عن حمران بن أعين عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله سمع قارئا يقرء هذا فصعق. ” وعذابا أليما ” أي عقابا موجعا مؤلما. وفي قوله: ” سأرهقه صعودا ” أي ساكلفه مشقة من العذاب لا راحة فيه، وقيل: صعود جبل في جهنم من نار يؤخذ بارتقائه، فإذا وضع يده عليه ذابت، فإذا رفعها عادت، وكذلك رجله في خبر مرفوع، وقيل: هو جبل من صخرة ملساء في النار يكلف أن يصعدها حتى إذا بلغ أعلاها احدر إلى أسفلها، ثم يكلف أيضا أن يصعدها فذلك دأبه أبدا، يجذب من أمامه بسلاسل الحديد، ويضرب من خلفه بمقامع الحديد، فيصعدها في أربعين سنة عن الكلبي. وفي قوله: ” ساصليه سقر ” أي سأدخله جهنم والزمه إياها، وقيل: سقر: دركة من دركات جهنم ؟ وقيل: باب من أبوابها ” وما أدريك ” أيها السامع ” ماسقر ” في شدتها وهولها وضيقها ” لا تبقي ولا تذر ” أي لا تبقي لهم لحما إلا أكلته، ولا تذرهم إذا اعيدوا خلقا جديدا، وقيل: لا تبقي شيئا إلا احرقته، ولا تذر أي لا إبقاء عليهم بل يبلغ مجهودهم في أنواع العذاب ” لواحة للبشر ” أي مغيرة للجلود، وقيل: لافحة للجلود حتى تدعها أشد سواد من الليل ” عليها تسعة عشر ” من الملائكة، هم خزنتها: مالك ومعه ثمانية عشر، أعينهم كالبرق الخاطف وأنيابهم كالصياصي، يخرج لهب النار من أفواههم، مابين منكبي أحدهم مسيرة سنة، تسع كف أحدهم مثل ربيعة ومضر، نزعت منهم الرحمة، يرفع أحدهم سبعين ألفا فيرميهم حيث أراد من جهنم، وقيل: معناه: على سقر تسعة عشر ملكا فهم خزان سقر، وللنار ودركاتها الاخر خزان آخرون، وقيل: إنما خصوا بهذا العدد ليوافق الخبر لما جاء به الانبياء قبله وما كان في الكتب المتقدمة، ويكون في ذلك مصلحة للمكلفين، وقال: بعضهم في تخصيص هذا العدد: إن تسعة عشر يجمع أكثر القليل


[ 272 ]

من العدد وأقل الكثير منه، لان العدد آحاد وعشرات ومئون والوف، فأقل العشرات عشرة، وأكثر الآحاد تسعة، قالوا: ولما نزلت هذه الآية قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم امهاتكم أتسمعون ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم (1) والشجعان، أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم ؟ قال أبو الأسد الجمحي: أنا أكفيكم سبعة عشر، عشرة على ظهري، وسبعة على بطني، فاكفوني أنتم اثنين، فنزل: ” وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ” الآية، عن ابن عباس وقتادة والضحاك، ومعناه: وما جعلنا الموكلين بالنار المتولين تدبيرها إلا ملائكة، جعلنا شهوتهم في تعذيب أهل النار، ولم نجعلهم من بني آدم كما تعهدون أنتم فتطيقونهم ” وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ” أي لم نجعلهم على هذا العدد إلا محنة وتشديدا في التكليف للذين كفروا نعم الله، وجحدوا وحدانيته حتى يتفكروا فيعلموا أن الله سبحانه حكيم لا يفعل إلا ما هو حكمة، ويعلموا أنه قادر على أن يزيد في قواهم ما يقدرون به على تعذيب الخلائق، ولو راجع الكفار عقولهم لعلموا أن من سلط ملكا واحدا على كافة بني آدم لقبض أرواحهم فلا يغلبونه قادر على سوق بعضهم إلى النار وجعلهم فيها بتسعة عشر من الملائكة ” ليستيقن الذين اوتوا الكتاب ” من اليهود والنصارى أنه حق، وأن محمدا صادق من حيث أخبر بما هو في كتبهم من غير قراءة لها ولا تعلم منهم ” ويزداد الذين آمنوا إيمانا ” أي يقينا بهذا العدد وبصحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله إذا أخبرهم أهل الكتاب أنه مثل ما في كتابهم ” ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب والمؤمنون ” أي ولئلا يشك هؤلاء في عدد الخزنة، والمعنى: ليستيقن من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وآله ومن آمن بصحة نبوته إذا تدبروا وتفكروا ” وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا ” اللام لام العاقبة أي عاقبة أمر هؤلاء أن يقولوا هذا يعني المنافقين والكافرين، وقيل: معناه: ولان يقولوا ماذا أراد الله بهذا الوصف والعدد ؟ ويتدبروه فيؤدي بهم التدبر في ذلك إلى الايمان ” كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ” أي مثل ما جعلنا خزنة النار ملائكة


[ 1 ] الدهم: العدد الكثير.

[ 273 ]

ذوي عدد محنة واختبارا نكلف الخلق ليظهر الضلال والهدى، وأضافهما إلى نفسه لان سبب ذلك التكليف وهو من جهته، وقيل يضل عن طريق الجنة والثواب من يشاء، ويهدي من يشاء إليه ” وما يعلم جنود ربك إلا هو ” أي لا يعلم جنوده من كثرتها أحد إلا هو، ولم يجعل خزنة النار تسعة عشر لقلة جنوده، ولكن الحكمة اقتضت ذلك، وقيل: هذا جواب أبي جهل حين قال: ما لمحمد أعوان إلا تسعة عشر، وقيل معناه: وما يعلم عدة الملائكة الذين خلقهم الله لتعذيب أهل النار إلا الله، والمعنى أن التسعة عشرهم خزنة النار، ولهم من الاعوان والجنود مالا يعلمه إلا الله، ثم رجع إلى ذكر سقر فقال: ” وماهي إلا ذكرى للبشر ” أي تذكرة وموعظة للعالم ليذكروا فيتجنبوا ما يستوجبون به ذلك، وقيل: معناه: وما هذه النار في الدنيا إلا تذكرة للبشر من نار الآخرة حتى يتفكروا فيها فيحذروا نار الآخرة، وقيل: ما هذه السورة إلا تذكرة للناس، وقيل: وما هذه الملائكة التسعة عشر إلا عبرة للخلق يستدلون بذلك على كمال قدرة الله تعالى وينزجرون عن المعاصي ” كلا ” أي حقا، وقيل: أي ليس الامر على ما يتوهمونه من أنهم يمكنهم دفع خزنة النار وغلبتهم ” والقمر ” أقسم بالقمر لما فيه من الآيات العجيبة في طلوعه وغروبه ومسيره وزيادته ونقصانه ” والليل إذا أدبر ” أي ولي ” والصبح إذا أسفر ” أي أضاء وأنار، وقيل: معناه: إذا كشف الظلام، وأضاء الاشخاص ” إنها لاحدى الكبر ” هذا جواب القسم، يعني أن سقر التي هي النار لاحدى العظائم، والكبر جمع الكبرى، وقيل: معناه أن آيان القرآن إحدى الكبر في الوعيد ” نذيرا للبشر ” صفة للنار، وقيل: من صفة النبي صلى الله عليه وآله، فكأنه قال: قم نذيرا، وقيل: من صفة الله تعالى فيكون حالا من فعل القسم المحذوف ” لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر ” أي يتقدم في طاعة الله، أو يتأخر عنها بالمعصية. وروى محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: كل من تقدم إلى ولايتنا تأخر عن سقر، وكل من تأخر عن ولايتنا تقدم إلى سقر. ” كل نفس بما كسبت رهينة ” أي مرهونة بعملها، محبوسة به، مطالبة بما


[ 274 ]

كسبته من طاعة أو معصية ” إلا أصحاب اليمين ” وهم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم، وقيل: هم الذين يسلك بهم ذات اليمين ” في جنات يتسائلون ” أي يسأل بعضهم بعضا، وقيل: يسألون ” عن المجرمين ” أي عن حالهم وعن ذنوبهم التي استحقوا بها النار ” ما سلككم في سقر ” هذا سؤال توبيخ، أي يطلع أهل الجنة على أهل النار فيقولون لهم: ما أوقعكم في النار ؟ قالوا لم نك من المصلين ” أي كنا لا نصلي الصلوات المكتوبة على ما قررها الشرع، وفيه دلالة على أن الكفار مخاطبون بالعبادات ” ولم نك نطعم المسكين ” أي لم نكن نخرج الزكوات التي كانت واجبة علينا، و الكفارات التي وجب دفعها إلى المساكين وهم الفقراء ” وكنا نخوض مع الخائضين ” أي كلما غوى غاو بالدخول في الباطل غوينا معه ” وكنا نكذب بيوم الدين ” أي نجحد يوم الجزاء ” حتى أتانا اليقين ” أي الموت على هذه الحالة، وقيل: حتى جاءنا العلم اليقين من ذلك بأن عايناه ” فما تنفعهم شفاعة الشافعين ” أي شفاعة الملائكة و النبيين كما نفعت الموحدين. وفي قوله سبحانه: ” انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون ” أي تقول لهم الخزنة: اذهبوا وسيروا إلى النار التي كنتم تجحدونها في الدنيا ” انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ” أي نار لها ثلاث شعب، سماها ظلا لسواد نار جهنم، وقيل: هو دخان جهنم له ثلاث شعب تحيط بالكافر، شعبة تكون فوقه، وشعبة عن يمينه، وشعبة عن شماله، فسمى الدخان ظلا، كما قال: ” أحاط بهم سرادقها ” (1) أي من الدخان الآخذ بالانفاس، وقيل: يخرج من النار لسان فيحيط بالكافر كالسرادق فتنشعب ثلاث شعب، يكون فيها حتى يفرغ من الحساب، ثم وصف سبحانه ذلك الظل فقال: ” لاظليل ” أي غير مانع من الاذى بستره عنه فظل هذ الدخان لا يغني شيئا من حر النار، وهو قوله: ” ولا يغني من اللهب ” واللهب: ما يعلو على النار إذا اضطرمت من أحمر وأصفر وأخضر، يعني أنهم إذا استظلوا بذلك الظل لم يدفع عنهم حر اللهب، ثم وصف النار فقال: ” إنها ترمي بشرر ” وهو ما تطاير من النار في الجهات ” كالقصر “


[ 1 ] الكهف: 29

[ 275 ]

أي مثله في عظمه وتخويفه، يتطاير على الكافرين من كل جهة – نعوذ بالله منه – وهو واحد القصور من البنيان، والعرب تشبه الابل بالقصور، وقيل: ” كالقصر ” أي كاصول الشجر العظام، ثم شبهه في لونه بالجمالات الصفر فقال: ” كأنه جمالت صفر ” أي كأنه أنيق سود لما يعتري سوادها من الصفر، قال الفراء: لا ترى أسود من الابل إلا وهو مشرب صفرة، ولذلك سمت العرب الابل صفرا، وقيل هو من الصفرة لان النار تكون صفراء. وفي قوله تعالى: ” إن جهنم كانت مرصادا ” يرصدون به، أي هي معدة لهم يرصد بها خزنتها الكفار، وقيل: مرصادا محبسا يحبس فيه الناس، وقيل: طريقا منصوبا على العاصين فهو موردهم ومنهلهم، وهذا إشارة إلى أن جهنم للعصاة على الرصد لا يفوتونها ” للطاغين مآبا ” أي للذين جازوا حدود الله وطغوافي معصية الله مرجعا يرجعون إليه ومصيرا، فكأن المجرم قد كان باجرامه فيها ثم رجع إليها ” لابثين فيها أحقابا ” أي ماكثين فيها أزمانا كثيرة، وذكر فيه أقوال: أحدها أن المعنى: أحقابا لا انقطاع لها، كلما مضى حقب جاء بعده حقب آخر، والحقب: ثمانون سنة من سني الآخرة. وثانيها أن الاحقاب ثلاثة وأربعون حقبا، كل حقب سبعون خريفا، كل خريف سبعمائة سنة، كل سنة ثلاث مائة وستون يوما، كل يوم ألف سنة، عن مجاهد. وثالثها أن الله تعالى لم يذكر شيئا إلا وجعل له مدة ينقطع إليها، ولم يجعل لاهل النار مدة بل قال: ” لابثين فيها أحقابا ” فوالله ما هو إلا أنه إذا مضى حقب دخل حقب آخر، ثم آخر كذلك إلى أبدالآ بدين، فليس للاحقاب عدة إلا الخلود في النار ولكن قد ذكروا أن الحقب الواحد سبعون ألف سنة، كل يوم من تلك السنين ألف سنة مما نعده. ورابعها أن المعنى: لابثين فيها أحقابا لا يذوقون في تلك الاحقاب إلا حميما و غساقا، ثم يلبثون يذوقون فيها غير الحميم والغساق من أنواع العذاب، فهذا توقيت لانواع العذاب لا لمكثهم في النار وهذا أحسن الاقوال.


[ 276 ]

وخامسها أنه يعني به أهل التوحيد عن خالد بن معدان. وروى نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يخرج من النار من دخلها حتى يمكث فيها أحقابا، والحقب بضع وستون سنة، والسنة ثلاث مائة وستون يوما، كل يوم كألف سنة مما تعدون، فلا يتكلن أحد على أن يخرج من النار. وروى العياشي بإسناده عن حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الآية فقال: هذه في الذين يخرجون من النار، وروي عن الاحول مثله. وقوله: ” لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا ” يريد النوم والماء، عن ابن عباس، قال أبو عبيدة: البرد: النوم هنا، وقيل لا يذوقون فيها بردا ينفعهم من حرها، ولا شرابا ينقعهم من عطشها ” إلا حميما وغساقا ” وهو صديد أهل النار ” جزاء وفاقا ” أي وافق عذاب النار الشرك لانهما عظيمان ولاذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار عن مقابل، وقيل: جوزوا جزاء وفق أعمالهم، عن ابن عباس ” إنهم كانوا لا يرجون حسابا ” أي فعلنا ذلك بهم لانهم كانوا لا يخافون أن يحاسبوا ولا يؤمنون بالبعث ” وكذبوا بآياتنا ” أي بما جاءت به الانبياء، وقيل: بالقرآن: وقيل: بحجج الله ولم يصدقوا بها ” كذابا ” أي تكذيبا ” وكل شئ أحصيناه كتابا ” أي كل شئ من الاعمال بيناه في اللوح المحفوظ، وقيل: أي كل شئ من أعمالهم حفظناه نجازيهم به ” فذوقوا ” أي فقيل لهؤلاء الكفار: ذوقوا ما أنتم فيه من العذاب ” فلن نزيدكم إلا عذابا ” لان كل عذاب يأتي بعد الوقت الاول فهو زائد عليه. وفي قوله: ” إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ” يعني أن هؤلاء الذين وصفهم بالكفر والفجور محجوبون يوم القيامة عن رحمة ربهم وإحسانه وكرامته، وقيل: ممنوعون عن رحمته، مدفوعون عن ثوابه، غير مقبولين ولا مرضيين، وقيل: محرومون عن ثوابه وكرامته، عن علي عليه السلام. وفي قوله تعالى: ” إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ” أي أحرقوهم وعذبوهم بالنار. وفي قوله: ” ويتجنبها ” أي ويتجنب الذكرى والموعظة ” الاشقى ” أي أشقى


[ 277 ]

العصاة، وهو الذي كفر بالله وبتوحيده، وعبد غيره ” الذي يصلى النار الكبرى ” أي يلزم أكبر النيران وهي نار جهنم، والنار الصغرى نار الدنيا، وقيل: النار الكبرى هي التي في الطبقة السفلى من جهنم ” لا يموت فيها ” فيستريح ” ولا يحيى ” حياة ينتفع بها، بل صار حياته وبالا عليه يتمنى زوالها، لما هو فيه معها من فنون العقاب وألوان العذاب. وفي قوله: ” فأنذرتكم نارا تلظى ” أي تتلهب وتتوقد ” لايصلها إلا الاشقى الذي كذب ” بآيات الله ورسله ” وتولى ” أي أعرض عن الايمان ” وسيجنبها ” أي سيجنب النار ويجعل منها على جانب ” الاتقى ” المبالغ في التقوى ” الذي يؤتي ماله ” أي ينفقه في سبيل الله ” يتزكى ” يطلب أن يكون عند الله زكيا لا يطلب بذلك رئاء ولا سمعة. قال القاضي: قوله: ” لايصلها إلا الاشقى الذي كذب وتولى ” لا يدل على أنه تعالى لا يدخل النار إلا الكافر على ما يقوله الخوارج وبعض المرجئة، وذلك لانه نكر النار المذكورة ولم يعرفها، فالمراد بذلك أن نارا من جملة النيران لا يصلها إلا من هذه حاله، والنيران دركات على ما بينه سبحانه في سورة النساء في شأن المنافقين، فمن أين عرف أن غير هذه النار لا يصلها قوم آخرون ؟ وبعد فإن الظاهر من الآية يوجب أن لايدخل النار إلا من كذب وتولى وجمع بين الامرين، فلا بد للقوم من القول بخلافه لانهم يوجبون النار لمن يتولى عن كثير من الواجبات وإن لم يكذب. وفي قوله تعالى: ” لئن لم ينته ” أي إن لم يمتنع أبو جهل عن تكذيب محمد صلى الله عليه وآله وإيذائه ” لنسفعن بالناصية ” النون نون التأكيد الخفيفة اي لنجرن بناصيته إلى النار، وهذا كقوله: ” فيؤخذ بالنواصي والاقدام ” (1) ومعناه: لنذلنه ونقيمنه مقام الاذلة، ففي الاخذ بالناصية إهانة واستخفاف، وقيل: معناه: لنغيرن وجهه ونسودنه بالنار يوم القيامة، لان السفع أثر الاحراق بالنار ” ناصية كاذبة خاطئة ” وصفها بالكذب والخطاء بمعنى أن صاحبها كاذب في أقواله خاطئ في أفعاله، لما ذكر الجربها أضاف


[ 1 ] الرحمن: 41.

[ 278 ]

الفعل إليها. قال ابن عباس: لما أتى أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وآله انتهره رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال أبو جهل: أتنهرني يا محمد ؟ (1) فوالله لقد علمت ما بها – أي بمكة – أحد أكثر ناديا مني، فأنزل الله سبحانه: ” فليدع ناديه ” وهذا وعيد، أي فليدع أهل ناديه ومجلسه يعنى عشيرته فلينتصر بهم إذا حل عقاب الله به ” سندع الزبانية ” يعني الملائكة الموكلين بالنار وهم الملائكة الغلاظ الشداد. وفي قوله تعالى: ” كلالو تعلمون علم اليقين ” أي لو تعلمون الامر علما يقينا لشغلكم ما تعلمون عن التفاخر والتباهي بالعز والكثرة، ثم استأنف سبحانه وعيدا آخر فقال: ” لترون الجحيم ” على نية القسم يعني حين تبرز الجحيم في القيامة قبل دخولهم إليها ” ثم لترونها ” يعني بعد الدخول إليها ” عين اليقين ” كما يقال: حق اليقين، ومحض اليقين، معناه: ثم لترونها بالمشاهدة إذا دخلتموها وعذبتم بها. وفي قوله تعالى: ” لينبذن في الحطمة ” أي ليطرحن من وصفناه في الحطمة، وهي اسم من أسماء جهنم، قال مقاتل: وهي تحطم العظام وتأكل اللحوم حتى تهجم على القلوب. ثم قال: ” وما أدريك ما الحطمة ” تفخيما لامرها، ثم فسرها بقوله: ” نار الله الموقدة ” أي المؤججة، أضافها سبحانه إلى نفسه ليعلم أنها ليست كسائر النيران، ثم وصفها بالايقاد على الدوام ” التي تطلع على الافئدة ” أي تشرف على القلوب فتبلغها ألمها وحريقها، وقيل: معناه أن هذه النار تخرج من الباطن إلى الظاهر خلاف نيران الدنيا ” إنها عليهم مؤصدة ” يعني إنها على أهلها مطبقة تطبق أبوابها عليهم تأكيدا للاياس عن الخروج ” في عمد ممددة ” وهي جمع عمود، وقال أبو عبيدة: كلاهما جمع عماد، قال: وهي أوتاد الاطباق التي تطبق على أهل النار، وقال مقاتل: أطبقت الابواب عليهم، ثم شدت بأوتاد من حديد من نار حتى يرجع عليهم غمهاو حرها، فلا يفتح عليهم باب، ولا يدخل عليهم روح، وقال الحسن: يعني عمد السرادق في قوله: ” أحاط بهم سرادقها ” (2) فإذا مدت تلك العمد أطبقت جهنم على أهلها


[ 1 ] في التفسير المطبوع: أتنتهرني يا محمد. [ 2 ] الكهف: 29.

[ 279 ]

نعوذ بالله منها، وقال الكلبي: في عمد مثل السواري ممدودة مطولة تمدد عليهم، وقال ابن عباس: هم في عمد أي في أغلال في أعناقهم يعذبون بها. وروى العياشي بإسناده عن محمد بن النعمان الاحول، عن عمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الكفار والمشركين يعيرون أهل التوحيد في النار، و يقولون: ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا، وما نحن وأنتم إلا سواء ! قال: فيأنف لهم الرب تعالى فيقول للملائكة: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله، ثم يقول للنبيين: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله، ثم يقول للمؤمنين: اشفعوا فيشفون لمن شاء الله، و يقول الله: أنا أرحم الراحمين، اخرجوا برحمتي فيخرجون كما يخرج الفراش، (1) قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ثم مدت العمد وأوصدت عليهم وكان والله الخلود. وفي قوله سبحانه: ” سيصلى نارا ذات لهب ” أي سيدخل نارا ذات قوة و اشتعال تلتهب عليه وهي نار جهنم ” وامرأته ” وهي ام جميل بنت حرب اخت أبي سفيان ” حمالة الحطب ” كانت تحمل الشوك والغضا (2) فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خرج إلى الصلاة وقيل: معناه حمالة الخطايا ” في جيدها حبل من مسد ” أي في عنقها حبل من ليف، وإنما وصفها بهذه الصفة تخسيسا لها و تحقيرا، وقيل حبل تكون له خشونة الليف، وحرارة النار، وثقل الحديد، يجعل في عنقها زيادة في عذابها، وقيل: في عنقها سلسلة من حديد طولها سبعون ذراعا تدخل من فيها، وتخرج من دبرها، وتدار على عنقها في النار، عن ابن عباس وعروة بن الزبير، وسميت السلسلة مسدا لانها ممسودة أي مفتولة، وقيل: إنها كانت لها قلادة فاخرة من جوهر فقالت: لانفقنها في عداوة محمد صلى الله عليه وآله فتكون عذابا في عنقها يوم القيامة، عن سعيد بن المسيب. وفي قوله سبحانه: ” قل أعوذ برب الفلق ” الفلق: الصبح لانفلاق عموده بالضياء


[ 1 ] الفراش جمع الفراشة، وهى طائر صغير يتهافت على السراج فيحترق، تسمى بالفارسية ” پروانه ” [ 2 ] الغضا: شجر من الاثل خشبه من اصلب الخشب وجمره يبقى زمنا طويلا لا ينطفئ، الواحدة منه ” غضاة “.

[ 280 ]

عن الظلام، وقيل: الفلق: المواليد، لانهم ينفلقون بالخروج من أصلاب الآباء و أرحام الامهات، وقيل: جب في جهنم يتعوذ أهل جهنم من شدة حره، عن السدي، ورواه أبو حمزة الثمالي وعلي بن إبراهيم في تفسيريهما. 1 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: يابن رسول الله خوفني فإن قلبي قد قسا، فقال: يا أبا محمد استعد للحياة الطويلة، فإن جبرئيل جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو قاطب (1) وقد كان قبل ذلك يجئ وهو متبسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل جئتني اليوم قاطبا، فقال: يا محمد قد وضعت منافخ النار، فقال: وما منافخ النار يا جبرئيل ؟ فقال: يا محمد إن الله عزوجل أمر بالنار فنفخ عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة، لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها، ولو أن حلقة واحدة من السلسلة التي طولها سبعون ذراعا وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرها، ولو أن سربالا من سرابيل أهل النار علق بين السماء والارض لمات أهل الدنيا من ريحه، قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى جبرئيل، فبعث الله إليهما ملكا فقال لهما: إن ربكما يقرؤكما السلام ويقول: قد أمنتكما إن تذنبا ذنبا اعذبكما عليه، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله جبرئيل متبسما بعد ذلك، ثم قال: إن أهل النار يعظمون النار وإن أهل الجنة يعظمون الجنة والنعيم، وإن جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد واعيدوا في دركها فهذه حالهم، وهو قول الله عزوجل: ” كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ” ثم تبدل جلودهم غير الجلود التي كانت عليهم. قال أبو عبد الله عليه السلام: حسبك ؟ قلت: حسبي حسبي. ” ص 437 – 438 ” 2 – ثو، لى: ابن موسى، عن الاسدي، عن النخعي، عن النوفلي، عن حفص ابن غياث، عن الصادق جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله


[ 1 ] أي قابضا مابين عينه كما يفعل العبوس.

[ 281 ]

صلى الله عليه وآله: أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الاذى، يسقون من الحميم في الجحيم ينادون بالويل والثبور، يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء الاربعة قد آذونا على ما بنا من الاذى ؟ فرجل معلق في تابوت من جمر، ورجل يجر أمعاؤه، ورجل يسيل فوه قيحا ودما، ورجل يأكل لحمه، فقيل لصاحب التابوت: ما بال الابعد قد آذانا على مابنا من الاذى ؟ فيقول: إن الابعد قد مات وفي عنقه أموال الناس لم يجد لها في نفسه أداء ولا وفاء، (1) ثم يقال للذي يجر أمعاؤه: ما بال الابعد قد آذانا على مابنا من الاذى ؟ فيقول: إن الابعد كان لا يبالي أين أصاب البول من جسده، ثم يقال للذي يسيل فوه قيحا ودما: ما بال الابعد قد آذانا على ما بنا من الاذى ؟ فيقول: إن الابعد كان يحاكي فينظر إلى كل كلمة خبيثة فيسندها ويحاكي بها، ثم يقال للذي كان يأكل لحمه: ما بال الابعد قد آذانا على مابنا من الاذي ؟ فيقول: إن الابعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة ويمشي بالنميمة. ” ص 239 – 240، ص 346 ” توضيح: قال الجزري: فيه إن رجلا جاء فقال: إن الابعد قد زنا، معناه المتباعد عن الخير والعصمة، يقال: بعد – بالكسر – فهو باعد أي هلك، والابعد: الخائن أيضا. 3 – لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن البطائني عن إسماعيل بن دينار، عن عمرو بن ثابت، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال إن أهل النار يتعاوون فيها كما يتعاوى الكلاب والذئاب مما يلقون من أليم (ألم خ ل) العذاب، فما ظنك يا عمرو بقوم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها، عطاش فيها، جياع، كليلة أبصارهم، صم بكم عمي، مسودة وجوههم، خاسئين فيها نادمين، مغضوب عليهم، فلا يرحمون من العذاب، ولا يخفف عنهم وفي النار يسجرون ومن الحميم يشربون، ومن الزقوم يأكلون، وبكلاليب (2) النار يحطمون، وبالمقامع يضربون، والملائكة الغلاظ الشداد لا يرحمون ؟ فهم في النار يسحبون على وجوههم،


[ 1 ] لعله كان قبل ذلك قد فرط في ادائها وماطل بحق غرمائه، وكان ذامال ومقدرة. [ 2 ] الكلاليب جمع الكلاب والكلوب: حديدة معطوفة الرأس يجربها الجمر.

[ 282 ]

مع الشياطين يقرنون، وفي الانكال والاغلال يصفدون، إن دعوا لم يستجب لهم، وإن سألوا حاجة لم تقض لهم، هذه حال من دخل النار. ” ص 322 – 323 ” بيان: يحطمون أي يكسرون ويقطعون، وفي بعض النسخ بالخاء المعجمة، يقال: خطمه أي ضرب أنفه، وبالخطام: جعله على أنفه، كخطمه به، أو جر أنفه ليضع عليه الخطام، ذكره الفيروز آبادي. 4 – لى: أبي، عن محمد العطار، عن الاشعري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن يحيى بن أبي العلاء، عن جابر، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إن عبدا مكث في النار سبعين خريفا، والخريف سبعون سنة، قال: ثم إنه سأل الله عزوجل: بحق محمد وأهل بيته لما رحمتني، قال: فأوحى الله جل جلاله إلى جبرئيل عليه السلام: أن اهبط إلى عبدي فأخرجه، قال: يا رب وكيف لي بالهبوط في النار ؟ قال: إني قد أمرتها أن تكون عليك بردا وسلاما، قال: يا رب فما علمي بموضعه ؟ قال: إنه في جب من سجين، قال: فهبط في النار فوجده وهو معقول على وجهه فأخرجه، فقال عزوجل: يا عبدي كم لبثت تناشدني في النار ؟ قال: ما احصيه يا رب، قال: أما وعزتي لولا ما سألتني به لاطلت هوانك في النار، ولكنه حتم على نفسي أن لا يسألني عبد بحق محمد وأهل بيته إلا غفرت له ما كان بيني وبينه، وقد غفرت لك اليوم. ” ص 398 ” مع: أبي، عن سعد، عن الحسن بن علي الكوفي مثله. ” ص 67 ” بيان: قال الجزري: فيه: فقراء امتي يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا. الخريف: الزمان المعروف من فصول السنة مابين الصيف والشتاء ويريد به أربعين سنة، لان الخريف لا يكون في السنة إلا مرة واحدة، ومنه الحديث إن أهل النار يدعون مالكا أربعين خريفا، انتهي. أقول: لما لم يكن في الآخرة يوم وليل وشتاء وخريف يعبر عن مقدار من الزمان باليوم وبالسنة، فقد يطلق اليوم على مقدار خمسين ألف سنة، فكذلك عبر عن سبعين سنة هنا بالخريف لكون السبعين منتهى أعمار أكثر الناس، أو لكونه بالنسبة


[ 283 ]

إلى أعمار المعمرين بمنزلة الخريف الذي يأتي على الاشجار فيذهب بطراوتها ونمائها أو لغير ذلك. قوله: وهو معقول أي مشدود يداه ورجلاه مكبوب على وجهه. 5 – ما: الغضائري بإسناده عن شريح القاضي، عن أمير المؤمنين عليه السلام في خطبة له طويلة: حتى تشق عن القبور، وتبعث إلى النشور، فإن ختم لك بالسعادة صرت إلى الحبور، وأنت ملك مطاع، وآمن لا تراع، يطوف عليكم ولدان كأنهم الجمان (1) بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين، أهل الجنة فيها يتنعمون، وأهل النار فيها يعذبون، هؤلاء في السندس والحرير يتبخترون، وهؤلاء في الجحيم والسعير يتقلبون، هؤلاء تحشى جماجمهم بمسك الجنان، وهؤلاء يضربون بمقامع النيران، هؤلاء يعانقون الحور في الحجال، وهؤلاء يطوقون أطواقا في النار بالاغلال، فله فزع قد أعيا الاطباء، وبه داء لا يقبل الدواء. 6 – ع: أبو الهيثم عبد الله بن محمد، عن محمد بن علي الصائغ، عن سعيد بن منصور، عن سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن الحر من فيح جهنم، واشتكت النار إلى ربها فأذن لها في نفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف فشدة ما يجدون من الحر من فيحها وما يجدون من البرد من زمهريرها. ” ص 93 ” 7 – مع: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن جعفر بن محمد بن عقبة، عمن رواه، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عزوجل: ” لابثين فيها أحقابا ” قال: الاحقاب ثمانية أحقاب، والحقبة ثمانون سنة، والسنة ثلاث مائة وستون يوما، واليوم كألف سنة مما تعدون. ” ص 66 ” ايضاح: قال الجوهري: الحقب بالضم ثمانون سنة، ويقال: أكثر من ذلك، والجمع حقاب: مثل قف وقفاف، والحقبة بالكسر واحدة الحقب وهي السنون، والحقب والاحقاب: الدهور، ومنه قوله تعالى: ” أو أمضي حقبا “. 8 – يد، ن، لى: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن الهروي قال: قلت


[ 1 ] الجمان: اللؤلؤ.

[ 284 ]

للرضا عليه السلام: أخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان ؟ فقال: نعم، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء، قال: فقلت له: فإن قوما يقولون: إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين، فقال عليه السلام: ما اولئك منا ولا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي صلى الله عليه وآله وكذبنا، وليس من ولايتنا على شئ، وخلد في نار جهنم، قال الله عزوجل: ” هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن ” الخبر. ” ص 105 – 106، ص 65، ص 276 ” ج: مرسلا مثله. ” 222 ” 9 – لى: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله حيث اسري به (1) لم يمر بخلق من خلق الله إلا رأى منه ما يحب من البشر واللطف والسرور به، حتى مر بخلق من خلق الله فلم يلتفت إليه ولم يقل له شيئا فوجده قاطبا عابسا، فقال: يا جبرئيل ما مررت بخلق من خلق الله إلا رأيت البشر واللطف والسرور منه إلا هذا، فمن هذا ؟ قال: هذا مالك خازن النار، هكذا خلقه ربه، قال: فإني احب أن تطلب إليه أن يريني النار، فقال له جبرئيل عليه السلام: إن هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وقد سألني أن أطلب إليك أن تريه النار، قال: فأخرج له عنقا منها فرآها فلما أبصرها لم يكن ضاحكا حتى قبضه الله عزوجل. ” ص 357 ” ين: ابن أبي عمير، عن ابن بكير مثله، وفيه: وقد سألني أن أسألك أن تريها إياه، قال: فكشف له طبقا من أطباقها، قال: فما افتر رسول الله صلى الله عليه وآله ضاحكا حتى مات. بيان: افتر فلان ضاحكا بتشديد الراء: أبدى أسنانه. 10 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن عبد الله ابن هلال، عن العلاء، عن محمد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها، ولا خلت النار من أرواح الكفار والعصاة منذ خلقها عز وجل، الخبر. ” ج 2 ص 11 “


[ 1 ] في نسخة: حيث علا السماء.

[ 285 ]

11 – ل: القطان، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن محمد بن عبيدالله، عن علي بن الحكم، عن أبان، عن محمد بن الفضيل، عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: إن للنار سبعة أبواب: باب يدخل منه فرعون وهامان وقارون، وباب يدخل منه المشركون والكفار ممن لم يؤمن بالله طرفة عين، وباب تدخل منه بنو امية، وهو لهم خاصة لا يزاحمهم فيه أحد، وهو باب لظى، وهو باب سقر، وهو باب الهاوية، تهوي بهم سبعين خريفا، فكلما هوى بهم سبعين خريفا فاربهم فورة قذف (1) بهم في أعلاها سبعين خريفا، ثم هوى بهم (2) كذلك سبعين خريفا فلا يزالون هكذا أبدا خالدين مخلدين، وباب يدخل فيه مبغضونا ومحاربونا وخاذلونا، وإنه لاعظم الابواب وأشدها حرا. ” ج 2 ص 12 ” بيان: الخبر يحتمل وجوها: الاول أنه عليه السلام لم يعد جميع الابواب بل عد أربعة هي معظمها، واللظى وسقر والهاوية كلها أسماء باب بني امية والثاني أن يكون قوله: وهو باب لظى الضمير فيه راجعا إلى جنس الباب، والمعنى: من الابواب باب لظى فيكون غير باب بنى امية فيتم السبعة. الثالث أن تكون تلك الابواب أيضا لبني امية. الرابع أن ينقسم باب بني امية إلى تلك الابواب، ولم يذكر الباب السابع لسائر الناس لظهوره. الخامس أن تكون الثلاثة أسماء للابواب الثلاثة المتقدمة على اللف والنشر. 12 – ل: أبي عن سعد، عن ابن عيسى، عن ابن معروف، عن إسماعيل بن همام، عن ابن غزوان، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: تكلم النار يوم القيامة ثلاثة: أميرا، وقارئا، وذاثروة من المال فتقول للامير: يامن وهب الله له سلطانا فلم يعدل فتزدرده كما يزدرد الطير حب السمسم، وتقول للقارئ: يامن تزين للناس وبارز الله بالمعاصي فتزدرده، وتقول للغني يامن وهب الله له دنيا كثيرة واسعة فيضا وسأله الحقير (3) اليسير قرضا فأبي إلا بخلا فتزدرده. ” ج 1 ص 55 “


[ 1 ] في نسخة: تقذف بهم. [ 2 ] في نسخة: تهوى بهم. [ 3 ] في المصدر: وسأله الفقير الحقير. م

[ 286 ]

بيان: الازدراد: الابتلاع. والفيض: مبالغة في الوصف بالكثرة، أو اريد به الدوام والاستمرار. 13 – ل: ابن موسى، عن ابن زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن عبد الرحيم الجبلي الصيدناني، وعبد الله بن الصلت، عن الحسن بن نصر الخزاز، عن عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، (1) عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قدم يهوديان فسألا أمير المؤمنين عليه السلام فقالا: أين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟ قال: أما الجنة ففي السماء، وأما النار ففي الارض، الخبر. ” ج 2 ص 147 ” 14 – ن: في خبر الشامي أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن شر واد على وجه الارض، فقال: واد باليمن يقال له برهوت، وهو من أودية جهنم، وسأله عن كلام أهل الجنة، فقال: كلام أهل الجنة بالعربية، وسأله عن كلام أهل النار، فقال: بالمجوسية. ” ص 135 – 136 ” بيان: قوله عليه السلام: وهو من أودية جهنم أي تشبهها، أو تحاذيها، أو ستصير منها، أو هي جهنم لارواح الكفار في البرزخ كما مر. 15 – ن المفسر، عن أحمد بن الحسن الحسيني، عن أبي محمد العسكري، عن أبيه، عن أبيه، عن الرضا، عن أبيه عليهما السلام قال: قيل للصادق عليه السلام: أخبرنا عن الطاعون، فقال: عذاب الله لقوم، ورحمة الآخرين، قالوا: وكيف تكون الرحمة عذابا ؟ قال: أما تعرفون أن نيران جهنم عذاب على الكفار وخزنة جهنم معهم فيها فهي رحمة عليهم. ” ص 179 ” 16 – ما: في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام إلى أهل مصر في وصف النار: (2) قعرها بعيد، وحرها شديد، وشرابها صديد، وعذابها جديد، ومقامعها حديد، لا يفتر عذابها، ولا يموت ساكنها، دار ليس فيها رحمة، ولا تسمع لاهلها دعوة، الخبر. ” ص 18 “


[ 1 ] سماك بكسر السين وتخفيف الميم هو سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلى البكري الكوفى أبو المغيرة، توفى سنة 123. [ 2 ] كتبه أمير المؤمنين عليه السلام إلى محمد بن ابى بكر لما ولاه مصر، وامران يقرأه على اهل مصر و ليعمل بما وصاه به فيه، والكتاب طويل جدا وأوله: سلام عليكم فاني احمد اليكم الله الذي لاإله الا هو. م

[ 287 ]

17 – مع: أبي، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن عثمان ابن عيسى، عن معاوية بن وهب قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقرأ رجل قل أعوذ برب الفلق، فقال: الرجل: وما الفلق ؟ قال: صدع (1) في النار سبعون ألف دار في كل دار سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف أسود، في جوف كل أسود سبعون ألف جرة سم، لابد لاهل النار أن يمروا عليها. ” ص 67 ” 8 – فس: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ” أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا ” فبلغنا – والله أعلم – أنه إذا استوى أهل النار إلى النار (2) لينطلق بهم قبل أن يدخلوا النار، فقيل: (فيقال لهم ص ل) ادخلوا إلى ظل ذي ثلاث شعب من دخان النار، فيحسبون أنها الجنة، ثم يدخلون النار أفواجا وذلك نصف النهار، وأقبل أهل الجنة فيما اشتهوا من التحف حتى يعطوا منازلهم في الجنة نصف النهار، فذلك قول الله: أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا. ” ص 465 ” 19 – فس: أبي عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما خلق الله خلقا إلا جعل له في الجنة منزلا وفي النار منزلا، فإذا سكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى مناد: يا أهل الجنة اشرفوا، فيشرفون على النار وترفع لهم منازلهم فيها، ثم يقال لهم: هذه منازلكم التي لو عصيتم الله دخلتموها، (3) قال: فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة في ذلك اليوم فرحا، لما صرف عنهم من العذاب، ثم ينادي مناد: يا أهل النار ارفعوا رؤوسكم، فيرفعون رؤوسهم فينظرون إلى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم، فيقال لهم: هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم دخلتموها، قال: فلو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار حزنا، فيورث هؤلاء منازل هؤلاء، ويورث هؤلاء منازل هؤلاء، وذلك قول الله: ” اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون “. ” ص 444 – 445 “


[ 1 ] الصدع: الشق في شئ صلب. [ 2 ] استوى إلى الشى: قصده. [ 3 ] في المصدر: لدخلتموها، يعنى النار، قال اه‍. م

[ 288 ]

20 – فس: ” كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ” فقيل لابي عبد الله عليه السلام: كيف تبدل جلودهم غيرها ؟ فقال أرأيت لو أخذت لبنة فكسرتها وصيرتها ترابا ثم ضربتها في القالب أهي التي كانت ؟ إنما هي ذلك وحدث تغير (وجدت تغييرا خ ل) آخر والاصل واحد. ” ص 129 ” 21 – فس: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، وقد اطفأت سبعين مرة بالماء ثم التهبت، ولولا ذلك ما استطاع آدمي أن يطيقها (يطفأها خ ل) وإنه ليؤتي بها يوم القيامة حتى توضع على النار فتصرخ صرخة لا يبقي ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه فزعا من صرختها. ين: ابن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله مثله. بيان: قوله عليه السلام: وإنه ليؤتى بها، أي بنار الدنيا حتى توضع على نار الآخرة وتضاف إليها أو بالعكس، وعلى التقديرين الصارخة نار الآخرة كما دلت عليه الاخبار السالفة، ويحتمل نار الدنيا. 22 – فس: ” إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار ” قال: تبقى أعينهم مفتوحة من هول جهنم لا يقدرون أن يطرفوها ” ص 347 ” 23 – فس: ” مقرنين في الاصفاد ” مقيدين بعضهم إلى بعض ” سرابيلهم من قطران ” قال: السرابيل القمص. وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ” سرابيلهم من قطران ” هو الصفر الحار الذائب، يقول: انتهى حره، يقول الله: ” وتغشى وجوههم النار ” وسربلوا ذلك الصفر فتغشى وحوههم النار. ” ص 348 ” 24 – فس: ” إذا رأتهم من مكان بعيد ” قال: مسيرة سنة ” سمعوالها تغيظاو زفيرا وإذا القوامنها ” أي فيها ” مكانا ضيقا مقرنين ” قال: مقيدين بعضهم مع بعض ” دعوا هنالك ثبورا “. ” ص 464 ” 25 – فس: قال علي بن إبراهيم في قوله: ” ومن ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد ” قال: ما يخرج من فروج الزواني. قوله: ” يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت


[ 289 ]

من كل مكان وما هو بميت ” قال: يقرب إليه فيكرهه وإذا ادني منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، فإذا شرب قطعت أمعاؤه ومزقت تحت قدميه، وإنه ليخرج من أحدهم مثل الوادي صديدا وقيحا. ثم قال: وإنهم ليبكون حتى تسيل دموعهم على وجوههم (1) جداول، ثم ينقطع الدموع فيسيل الدماء حتى لو أن السفن اجريت فيها لجرت، وهو قوله: ” وسقواماء حميما فقطع أمعاءهم “. ” ص 344 – 345 ” 26 – فس: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ” إن عذابها كان غراما ” يقول: ملازما لا يفارق. قوله: ” ومن يفعل ذلك يلق أثاما ” قال: أثام واد من أودية جهنم من صفر مذاب قدامها حرة (2) في جهنم، يكون فيه من عبد غير الله ومن قتل النفس التي حرم الله وتكون فيه الزناة. ” ص 468 ” 27 – فس: ” وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ” قال: يدخل في كل باب أهل ملة، وللجنة ثمانية أبواب. وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ” وإن جهنم لموعدهم أجمعين ” فوقوفهم على الصراط وأما ” لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم ” فبلغني – والله أعلم – أن الله جعلها سبع دركات: أعلاها الجحيم يقوم أهلها على الصفا منها، تغلي أدمغتهم فيها كغلي القدور بما فيها. والثانية لظى نزاعة للشوى، تدعو من أدبرو تولى، وجمع فأوعى. والثالثة سقر لا تبقي ولا تذر، لواحة للبشر، عليها تسعة عشر. والرابعة الحطمة، ومنها يثور شرر (3) كالقصر، كالقصر، كأنها جمالات صفر، تدق كل من صار إليها مثل الكحل، فلا يموت الروح، كلما صاروا مثل الكحل عادوا. والخامسة الهاوية فيها ملا يدعون: يا مالك أغثنا، فإذا أغاثهم جعل لهم آنية من صفر من نار فيه صديد ماء يسيل من جلودهم كأنه مهل، فإذا رفعوه ليشربوا منه


[ 1 ] في المصدر: في وجوههم. م [ 2 ] في التفسير المطبوع: قدامها حدة. [ 3 ] في نسخة: ترمى بشرر.

[ 290 ]

تساقط لحم وجوههم فيها من شدة حرها، وهو قول الله تعالى: ” وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا ” ومن هوى فيها هوى سبعين عاما في النار، كلما احترق جلده بدل جلدا غيره. والسادسة هي السعير فيها ثلاث مائة سرادق من نار، في كل سرادق ثلاث مائة قصر من نار، في كل قصر ثلاث مائة بيت من نار، في كل بيت ثلاث مائة لون من عذاب النار، فيها حيات من نار، وعقارب من نار، وجوامع من نار، وسلاسل من نار وأغلال من نار وهو الذي يقول الله: ” إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا “. والسابعة جهنم، وفيها الفلق وهو جب في جهنم إذا فتح أسعر النار سعرا، وهو أشد النار عذابا، وأما صعودا فجبل من صفر من نار وسط جهنم، وأما أثاما فهو واد من صفر مذاب يجري حول الجبل فهو أشد النار عذابا. ” ص 351 – 352 ” بيان: الصفا جمع الصفاة وهي الحجر الصلب الضخم الذي لا ينبت، والجوامع جمع الجامعة وهي الغل. 28 – فس: الدليل على أن النيران (1) في الارض قوله في مريم: ” ويقول الانسان أءذا مامت لسوف اخرج حيا أولا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ” ومعنى حول جهنم البحر المحيط بالدنيا يتحول نيرانا، وهو قوله: ” وإذا البحار سجرت ” ثم يحضرهم الله حول جهنم ويوضع الصراط من الارض إلى الجنان. قوله: ” جثيا ” أي على ركبهم، ثم قال: ” ونذر الظالمين فيها جثيا ” يعني في الارض إذا تحولت نيرانا. قوله: ” مهاد ” (2) أي موضع ” ومن فوقهم غواش ” أي نار تغشاهم. ” ص 216 ” بيان: لعل مراده أن البحار إذا تحولت نيرانا تضاف إلى جهنم، وكذا الارض بعد خروج المؤمنين منها، لا أنه ليست نار غيرهما، بل النار تحت الارض تشتعل بها البحار والارض نيرانا على ما ذكره.


[ 1 ] في المصدر: والدليل أيضا على ان النيران اه‍. م [ 2 ] في المصدر: قوله: لهم من جهنم مهاد اه‍. م

[ 291 ]

29 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن سيف بن عميرة يرفعه إلى علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال: إن في جهنم لواديا يقال له سعير، إذا خبت جهنم فتح سعيرها وهو قوله: ” كلما خبت زدناهم سعيرا ” أي كلما انطفأت. ” ص 390 ” شى: عن بكر بن بكر رفع الحديث إلى علي بن الحسين عليهما السلام وذكر مثله. 30 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام في خبر المعراج قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: سمعت صوتا أفزعني فقال لي جبرئيل: أتسمع يا محمد ؟ قلت: نعم، قال هذه صخرة قذفتها عن شفير جهنم منذ سبعين عاما فهذا حين استقرت قالوا: فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قبض، قال: فصعد جبرئيل وصعدت حتى دخلت سماء الدنيا فما لقيني ملك إلا وهو ضاحك مستبشر حتى لقيني ملك من الملائكة لم أر أعظم خلقا منه، كريه المنظر، ظاهر الغضب، فقال لي مثل ما قالوا من الدعاء إلا أنه لم يضحك ولم أر فيه من الاستبشار ما رأيت ممن ضحك من الملائكة، فقلت: من هذا يا جبرئيل ؟ فإني قد فزعت منه، فقال: يجوز أن تفزع منه فكلنا يفزع منه، إن هذا مالك خازن النار لم يضحك قط، ولم يزل منذ ولاه الله جهنم يزداد كل يوم غضبا وغيظا على أعداء الله وأهل معصيته فينتقم الله به منهم، ولو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك، فسلمت عليه فرد السلام علي وبشرني بالجنة، فقلت لجبرئيل – وجبرئيل بالمكان الذي وصفه الله: مطاع ثم أمين -: ألا تأمره أن يريني النار ؟ فقال له جبرئيل: يا مالك أر محمدا النار، فكشف عنها غطاءها وفتح بابا منها فخرج منها لهب ساطع في السماء وفارت وارتفعت حتى ظننت ليتناولني مما رأيت، فقلت: يا جبرئيل قل له: فليرد عليها غطاءها، فأمرها فقال لها: ارجعي، فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه، الخبر. ” ص 369 – 370 ” 31 – فس: ” وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا يعني من في البحار إذا تحولت نيرانا يوم القيامة، وفي حديث آخر: قال هي منسوخة بقوله: ” إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون ” أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن


[ 292 ]

الحكم، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ” وإن منكم إلا واردها ” قال: أما تسمع الرجل يقول: وردنا ماء بني فلان ؟ فهو الورود ولم يدخله. ” ص 413 ” 32 – فس: ” فالذين كفروا ” يعني بني امية ” قطعت لهم ثياب من نار ” إلى قوله: ” حديد “: يغشاهم النار كالثوب للانسان فتسترخي شفته السفلى (1) حتى تبلغ سرته، وتقلص شفته العلياء حتى تبلغ رأسه ” ولهم مقامع من حديد ” قال: الاعمدة التي يضربون بها وقوله: ” كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها ” أي ضربا بتلك الاعمدة. (2) ” ص 437 ” 33 – فس: قال علي بن إبراهيم في قوله: ” وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم اعيدوا فيها ” قال: إن جهنم إذا دخلوها هووا فيها مسيرة سبعين عاما، فإذا بلغوا أسفلها زفرت بهم جهنم، فإذا بلغوا أعلاها قمعوا بمقامع الحديد فهذه حالهم. ” ص 513 ” 34 – فس: قال أمير المؤمنين عليه السلام: وأما أهل المعصية فخذلهم (فخلدهم خ ل) في النار، وأوثق منهم الاقدام، وغل منهم الايدي إلى الاعناق، وألبس أجسادهم سرابيل القطران، وقطعت لهم منها مقطعات من النار، هم في عذاب قد اشتد حره، ونار قد اطبق على أهلها فلا يفتح عنهم أبدا، ولا يدخل عليهم ريحا (ريح خ ل) أبدا ولا ينقضي منهم عمر (غم خ ل) أبدا، العذاب أبدا شديد، والعقاب أبدا جديد، لا الدار زائلة فتفنى، ولا آجال القوم تقضى. ثم حكى نداء أهل النار فقال: ” ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ” قال: أي نموت، فيقول مالك: ” إنكم ماكثون “. ” ص 614 ” 35 – فس: ” يوم نقول لجهنم هل امتلات وتقول هل مزيد ” قال: هو استفهام لانه وعد الله النار (3) أن يملاها فتمتلئ النار، ثم يقول لها: هل امتلات ؟ وتقول


[ 1 ] في المصدر: قال تشويه النار فتسترخي شفته السفلى اه‍. م [ 2 ] قوله: ” ضربا بتلك الاعمدة ” ليس في التفسير المطبوع، نعم في طبعة منه موجود بعد قوله يضربون بها. [ 3 ] في المصدر: ان الله وعد النار. م (*)

[ 293 ]

هل من مزيد ؟ على حد الاستفهام، أي ليس في مزيد، قال: فتقول الجنة: يا رب وعدت النار أن تملاها، ووعدتني أن تملاني فلم لا تملاني وقد ملات النار ؟ قال: فيخلق الله يومئذ خلقا يملا بهم الجنة، فقال أبو عبد الله عليه السلام: طوبى لهم إنهم لم يروا غموم الدنيا وهمومها. ” ص 645 – 646 ” 36 – فس: أبي، عن عمرو بن عثمان، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما نزلت هذه الآية: ” وجئ يومئذ بجهنم ” سئل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: بذلك أخبرني الروح الامين أن الله لا إله غيره إذا برز (1) الخلائق وجمع الاولين والآخرين أتى بجهنم يقاد بألف زمام يقودها مائة ألف (2) ملك من الغلاظ الشداد، لها هدة وغضب وزفير وشهيق، وإنها لتزفر الزفرة، فلولا أن الله أخرهم للحساب لاهلكت الجميع، ثم يخرج منها عنق فيحيط بالخلائق البر منهم والفاجر فما خلق الله عبدا من عباد الله ملكا ولا نبيا إلا ينادي: رب نفسي نفسي، وأنت يا نبي الله تنادي: امتي امتي، ثم يوضع عليها الصراط أدق من حد السيف، عليها ثلاث قناطر، فأما واحدة فعليها الامانة و الرحم، وثانيها فعليها الصلاة، وأما الثالثة فعليها رب العالمين لا إله غيره، فيكلفون الممر عليها فيحبسهم الرحم والامانة، فإن نجوا منها حبستهم الصلاة، فإن نجوا منها كان المنتهى إلى رب العالمين، وهو قوله: ” إن ربك لبالمرصاد ” والناس على الصراط فمتعلق بيد، وتزول قدم، ويستمسك بقدم، والملائكة حولها ينادون: يا حليم اعف و اصفح وعد بفضلك وسلم سلم، والناس يتهافتون في النار كالفراش فيها، فإذا نجا ناج برحمة الله مربها فقال: الحمدلله وبنعمته تتم الصالحات وتزكو الحسنات، والحمد لله الذي نجاني منك بعد أياس بمنه وفضله إن ربنا لغفور شكور. ” ص 724 “


[ 1 ] في المصدر: إذا برز للخلائق. ومعنى بروزه وظهوره للخلائق بروزه بجلاله لهم. م [ 2 ] في المصدر: بالف زمام لكل زمام الف ملك اه‍. م (*)

[ 294 ]

37 – فس: ” وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ” قال: يسرون الندامة في النار إذا رأوا ولي الله، فقيل: يارسول الله (1) وما يغنيهم إسرار الندامة وهم في العذاب ؟ قال: يكرهون شماتة الاعداء ” ص 540 ” 38 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر، شكا إلى الله شدة حره وسأله أن يتنفس، فأذن له، فتنفس فأحرق جهنم. ” ص 579 ” ين: ابن أبي عمير مثله. ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير مثله. ” ص 215 ” كا: علي، عن أبيه مثله. ” ج 2 ص 310 ” 39 – فس: قوله ” سقر ” واد في النار ” لا تبقي ولا تذر ” أي لا تبقيه ولا تذره ” لواحة للبشر ” قال: تلوح عليه فتحرقه ” عليها تسعة عشر ” قال: ملائكة يعذبونهم، وهو قوله: ” وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة ” وهم ملائكة في النار يعذبون الناس ” وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ” قال: لكل رجل تسعة عشر من الملائكة يعذبونهم. ” ص 703 ” 40 – فس: ” انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب ” قال: فيه ثلاث شعب من النار ” إنها ترمي بشرر كالقصر ” قال: شررالنار مثل القصور والجبال ” كأنه جمالت صفر ” أي سود. ” ص 708 ” 41 – فس: سعيد بن محمد، عن بكر بن سهل، عن عبد الغني بن سعيد، عن موسى ابن عبد الرحمن، عن ابن جريح، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: ” وإذا الجحيم سعرت ” يريد اوقدت للكافرين، والجحيم النار الاعلى من جهنم، والجحيم في كلام العرب ما عظم من النار، كقوله عزوجل: ابنواله بنيانا فألقوه في الجحيم ” يريد النار العظيمة. ” ص 713 – 714 “


[ 1 ] في المصدر: فقيل يابن رسول الله. م

[ 295 ]

42 – فس: في رواية أبي الجارود أما الويل فبلغنا – والله أعلم – أنها بئرفي جهنم. ” ص 716 ” 43 – فس: ” تصلى ” وجوههم ” نار حامية تسقى من عين آنية ” قال لها: أنين من شدة حرها ” ليس لهم طعام إلا من ضريع ” قال: عرق أهل النار وما يخرج من فروج الزواني ” لا يسمن ولا يغني من جوع “. ” ص 722 ” بيان: قوله: ” لها أنين من شدة حرها ” ليس المعنى أنها مشتقة من الانين، بل وصف لشدة حرها بأنها يسمع لها، أو لاهلها أنين شديد من شدة الحر، و يحتمل أن يكون مشتقا من الانين قلبت النون الثانية ياء، كأمليت وأمللت. 44 – فس: أبي، عن ابن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن في النار لنارا تتعوذ منها أهل النار، ماخلقت إلا لكل متكبر جبار عنيد ولكل شيطان مريد، ولكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب، وكل ناصب لآل محمد وقال: إن أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار، عليه نعلان من نار، وشراكان من نار، يغلي المرجل، ما يرى أن في النار أحدا أشد عذابا منه، وما في النار أحد أهون عذابا منه. ” ص 585 ” بيان: المرجل بالكسر: القدر من النحاس. 45 – فس: ” لابثين فيها أحقابا ” قال: الاحقاب: السنين، والحقب ثمانون سنة، والسنة عددها ثلاث مائة وستون يوما، واليوم كألف سنة مما تعدون، أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن درست بن أبي منصور، عن الاحول، عن حمران بن أعين قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: ” لابثين فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما ” قال: هذه في الذين يخرجون من النار. وقال علي بن إبراهيم في قوله: ” لا يذوقون فيها بردا ” أي نوما، قال: البرد. النوم. ” ص 709 “


[ 296 ]

46 – فس: ” قل أعوذ برب الفلق ” قال: الفلق جب في جهنم يتعوذ أهل النار من شدة حره، سأل الله أن يأذن له أن يتنفس، فأذن له فتنفس فأحرق جهنم، قال: وفي ذلك الجب صندوق من نار يتعوذ أهل تلك الجب من حر ذلك الصندوق وهو التابوت، وفي ذلك التابوت ستة من الاولين وستة من الآخرين، فأما الستة من الاولين فابن آدم الذي قتل أخاه، ونمرود إبراهيم الذي ألقى إبراهيم في النار، وفرعون موسى، والسامري الذي اتخذ العجل، والذي هود اليهود، والذي نصر النصارى. (1) وأما الستة من الآخرين فهو الاول والثاني والثالث والرابع وصاحب الخوارج وابن ملجم ” ومن شرغاسق إذا وقب ” قال: الذي يلقى في الجب يقب فيه. (2) ” ص 743 – 744 ” بيان: الذي هود اليهود هو الذي أفسد دينهم وحرفه وأبدع فيه كما فعل الاول والثاني في دين محمد صلى الله عليه وآله، وكذا الذي نصر النصارى هو الذي أبدع الشرك وكون عيسى ابن الله وغير ذلك في دينهم، والرابع معاوية، وصاحب الخوارج هو ذوالثدية. 47 – ج: عن هشام بن الحكم قال: قال الزنديق للصادق عليه السلام: أخبرني أو ليس في النار مقنع أن يعذب خلقه بها دون الحيات والعقارب ؟ قال: إنما يعذب بها قوما زعموا أنها ليست من خلقه، (3) إنما شريكه الذي يخلقه فيسلط الله عليهم العقارب والحيات في النار ليذيقهم بها وبال ما كانوا عليه فجحدوا أن يكون صنعه، (4) الخبر. ” ص 192 ” بيان: لعله عليه السلام بين بعض الحكم في خلقها على قدر فهم السائل، ويكون الحصر إضافيا، وإلا فيظهر من أكثر الاخبار أن غيرهم أيضا يعذبون بها. 48 – ثو: أبي، عن سعد، عن النهدي، عن ابن محبوب، عن علي بن يقطين،


[ 1 ] سيأتي في خبر 63 أن اسمه: بولس، واسم الذى هوداليهود: يهود. [ 2 ] في المصدر: يغيب فيه. م [ 3 ] كالثنوية القائلين بوجود مبدأين اصليين متضادين: مبدء النور والخير، ومبدء الظلمة والشر. [ 4 ] في نسخة: فجحدوا أن يكون صنعته.

[ 297 ]

عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: كان في بني إسرائيل رجل مؤمن وكان له جار كافر فكان يرفق بالمؤمن ويوليه المعروف في الدنيا، فلما أن مات الكافر بنى الله له بيتا في النار من طين، فكان يقيه حرها، ويأتيه الرزق من غيرها، وقيل له: هذا بما كنت تدخل على جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق وتوليه من المعروف في الدنيا. ” ص 163 – 164 ” بيان: هذا الخبر الحسن الذي لا يقصر عن الصحيح (1) يدل على أن بعض أهل النار من الكفار يرفع عنهم العذاب لبعض أعمالهم الحسنة، فلا يبعد أن يخصص الآيات الدالة على كونهم معذبين فيها لا يخفف عنهم العذاب، لتأيده بأخبار اخر سيأتي بعضها، ويمكن أن يقال: كونهم في النار أيضا عذاب لهم وإن لم يؤذهم، وهذا لا يخفف عنهم، ويحتمل أن يكون لهم فيها نوع من العذاب غير الاحتراق بالنار كالتخويف به مثلا، كما سيأتي في خبر الوصافي: (2) يا نارهيديه (3) ولا تؤذيه، والله يعلم. 49 – ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن ميسر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن في جهنم لجبلا يقال له الصعدى، وإن في الصعدى لواديا يقال له سقر، وإن في سقر لجبا يقال له هبهب، (4) كلما كشف غطاء ذلك الجب ضج أهل النار من حره، وذلك منازل الجبارين. ” ص 263 – 264 ” 50 – يج: من معجزاته صلى الله عليه وآله أنه لما غزا بتبوك كان معه من المسلمين خمسة وعشرون ألفا سوى خدمهم، فمر عليه السلام في مسيره بجبل يرشح الماء من أعلاه إلى أسفله من غير سيلان، فقالوا: ما أعجب رشح هذا الجبل ! فقال: إنه يبكي، قالوا: والجبل


[ 1 ] لوجود إبراهيم بن هاشم في الاسناد، قال المصنف في الوجيزة: إبراهيم بن هاشم القمى حسن كالصحيح انتهى، قلت: والحق أنه ثقة والحديث من قبله صحيح نص عليه جمع من المتأخرين نعم الحديث حسن بالهيثم بن أبي مسروق النهدي فتأمل. [ 2 ] تحت رقم 78. [ 3 ] هاده يهيده هيدا وهادا: أقرعه وكربه وحركه وأزعجه وأصلحه، ولعل الاخير أظهر هنا. [ 4 ] لعله مأخوذ من هبهب بمعنى صاح وهاج وذلك لشدة فوران ناره، أو من هبهبه بمعنى زجره.

[ 298 ]

يبكي ؟ قال: أتحبون أن تعلموا ذلك ؟ قالوا: نعم، قال: أيها الجبل مم بكاؤك ؟ فأجابه الجبل – وقد سمعه الجماعة – بلسان فصيح: يا رسول الله مربي عيسى مريم وهو يتلو: نار وقودها الناس والحجارة، فأنا أبكي منذ ذلك اليوم خوفا من أن أكون من تلك الحجارة، فقال: اسكن مكانك فلست منها، إنما تلك الحجارة الكبريت، فجف ذلك الرشح من الجبل في الوقت حتى لم يرشئ من ذلك الرشح ومن تلك الرطوبة التي كانت. ” ص 16 ” 51 – شى: عن ابن مسكان رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ” فما أصبرهم على النار ” قال: ما أصبرهم على فعل ما يعلمون أنه يصيرهم إلى النار. 52 – م: في قوله تعالى: ” الله يستهزئ بهم ” وأما استهزاؤه بهم في الآخرة فهو أن الله عزوجل إذا أقر المنافقين المعاندين لعلي عليه السلام في دار اللعنة والهوان، وعذبهم بتلك الالوان العجيبة من العذاب، وأقر المؤمنين الذين كانت المنافقون يستهزؤون بهم في الدنيا في الجنان بحضرة محمد صفي الملك الديان أطلعهم على هؤلاء المستهزئين بهم في الدنيا حتى يروا ماهم فيه من عجائب اللعاين وبدائع النقمات، فيكون لذتهم وسرورهم بشماتتهم بهم كما لذتهم (1) وسرورهم بنعيمهم في جنان ربهم، فالمؤمنون يعرفون اولئك الكافرين بأسمائهم وصفاتهم، وهم على أصناف: منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه، ومنهم من هو بين مخاليب سباعها تعبث به وتفترسه، ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها يقع من أيديهم عليه تشدد في عذابه وتعظم خزيه ونكاله، ومنهم من هو في بحار حميمها يغرق ويسحب فيها، ومنهم من هو في غسلينها وغساقها تزجره زبانيتها، ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها، والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون لما كانوا من موالات محمد وعلي وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون، فيرونهم: منهم من هو على فرشها يتقلب، ومنهم من هو على فواكهها يرتع، ومنهم من هو على غرفاتها أو في بساتينها وتنزهاتها يتبحبح، والحور العين والوصفاء والولدان و


[ 1 ] في التفسير المطبوع: كما كان لذتهم.

[ 299 ]

الجواري والغلمان قائمون بحضرتهم وطائفون بالخدمة حواليهم، وملائكة الله عزو جل يأتونهم من عند ربهم بالحياء (1) والكرامات وعجائب التحف والهداياء والمبرات يقولون: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون على هؤلاء الكافرين المنافقين: يا أبا فلان ويا فلان – حتى ينادونهم بأسمائهم – ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون ؟ هلموا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتتخلصوا من عذابكم وتلحقوا بنا في نعيمها، فيقولون: يا ويلنا أنى لنا هذا ؟ يقول المؤمنون: انظروا إلى هذه الابواب، فينظرون إلى أبواب الجنان مفتحة يخيل إليهم أنها إلى جهنم التي فيها يعذبون، ويقدرون أنهم ممكنون أن يتخلصوا إليها، فيأخذون في السباحة في بحار حميمها وعدوا بين أيدي زبانيتها، وهم يلحقونهم ويضربونهم بأعمدتهم ومرزباتهم وسياطهم، فلا يزالون هكذا يسيرون هناك وهذه الاصناف من العذاب تمسهم حتى إذا قدروا أنهم قد بلغوا تلك الابواب وجدوها مردومة عنهم وتدهدههم الزبانية بأعمدتها فتنكسهم إلى سواء الجحيم، ويستلقي اولئك المؤمنون على فرشهم في مجالسهم يضحكون منهم مستهزئين بهم، فذلك قول الله عزوجل: ” الله يستهزئ بهم ” وقوله عز وجل: ” فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الارائك ينظرون “. بيان: المرزبة بتخفيف الباء وقد يشدد: المطرقة الكبيرة التي تكون للحداد. ويقال: بحبح: إذا تمكن وتوسط المنزل والمقام. وأبو فلان هو أبو بكر، وفلان عمر. ويقال: دهده الحجر أي دحرجه. 53 – م: ” فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة ” حجارة الكبريت أشد الاشياء حرا ” اعدت ” تلك النار ” للكافرين ” بمحمد والشاكين في نبوته، والدافعين لحق أخيه علي والجاحدين لامامته عليه السلام. 54 – وفي رواية اخرى: ” وقودها ” أي حطبها ” الناس والحجارة ” توقد تكون عذابا على أهلها اعدت للكافرين المكذبين بكلامه ونبيه، الناصبين العداوة لوليه ووصيه.


[ 1 ] الحباء: العطية.

[ 300 ]

55 – م: قال الامام عليه السلام قال الله تعالى: ” وقالوا ” يعني اليهود المصرون المظهرون للايمان، المسرون للنفاق، المدبرون على رسول الله صلى الله عليه وآله وذويه بما يظنون (أن خ ل) فيه عظيم ” لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ” وذلك أنه كان لهم أصهار وإخوة رضاع من المسلمين يسرون كفرهم بمحمد (عن محمد خ ل) وصحبه، وإن كانوا به عارفين، صيانة لهم لارحامهم وأصهارهم، لما قال لهم هؤلاء: لم تفعلون هذا النفاق الذي تعلمون أنكم به عند الله مسخوط عليكم معذبون ؟ أجابهم هؤلاء اليهود بأن مدة ذلك العذاب الذي نعذب به لهذه الذنوب أيام معدودة تنقضي، ثم نصير بعده في النعمة في الجنان ولا نستعجل المكروه في الدنيا (1) للعذاب الذي هو بقدر أيام ذنوبنا، فإنها تفنى وتنقضي، ويكون قد حصلنا لذات الحرية من الخدمة ولذات نعمة الدنيا، ثم لا نبالي بما يصيبنا بعد، فإنه إذا لم يكن دائما فكأنه قد فنى. فقال الله تعالى: قل يا محمد ” أتخذتم عند الله عهدا ” إن عذابكم على كفركم بمحمد وعلي ودفعكم لآياته في نفسه وفي علي عليه السلام وسائر خلفائه وأوليائه منقطع غير دائم، بل ما هو إلا عذاب دائم لا نفاد له فلا تجتروا على الآثام والقبائح من الكفر بالله وبرسوله وبوليه المنصوب بعده على امته ليسوسهم ويرعاهم سياسة الوالد الشفيق الرحيم الكريم لولده، ورعاية الحدب المشفق على خاصته ” فلن يخلف الله عهده ” فكذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز ” أم تقولون على الله ما لا تعلمون ” اتخذتم عهدا ام تقولون جهلا ؟ بل أنتم في أيهما ادعيتم كاذبون. ثم قال الله تعالى ردا عليهم: ” بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيتئه ” قال الامام عليه السلام: السيئة المحيطة به أن تخرجه عن جملة دين الله وتنزعه عن ولاية الله التي يؤمنه من سخط الله، وهي الشرك بالله والكفر به والكفر بنبوة محمد رسول الله والكفر


[ 1 ] في التفسير المطبوع: ثم نصير بعد في النعمة في الجنان فلا نتعجل المكروه في الدنيا. ونقله المحدث الكاشانى في التفسير الصافى هكذا: أجابهم هؤلاء اليهود بأن مدة العذاب الذى نعذب به لهذه الذنوب أيام معدودة وهى التى عبدنا فيها العجل وهى تنقضي ثم نصير بعده في النعمة في الجنان ولا نستعجل المكروه في الدنيا.

[ 301 ]

بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وخلفائه، كل واحد من هذه سيئة تحيط به، أي تحيط بأعماله فتبطلها وتحمقها ” فأولئك ” عاملو هذه السيئة المحيطة ” أصحاب النارهم فيها خالدون ” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن ولاية علي حسنة لا يضر معها شئ من السيئات وإن جلت إلا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا وببعض العذاب في الآخرة إلى أن ينجوا منها بشفاعة مواليه الطيبين الطاهرين، وإن ولاية أضداد علي ومخالفة علي عليه السلام سيئة لا ينفع معها شئ إلا ما ينفعهم بطاعاتهم في الدنيا بالنعم والصحة والسعة فيردوا الآخرة ولا يكون لهم إلا دائم العذاب. 56 – قب: تفسير الهذيل ومقاتل عن محمد بن الحنفية في خبر طويل والحديث مختصر ” إنما نحن مستهزءون ” بعلي بن أبي طالب عليه السلام وأصحابه: فقال الله تعالى: ” الله يستهزئ بهم ” يعني يجازيهم في الآخرة جزاء استهزائهم بأمير المؤمنين، قال ابن عباس وذلك أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله الخلق بالجواز على الصراط، فيجوز المؤمنين إلى الجنة، ويسقط المنافقون في جهنم، فيقول الله: يا مالك استهزئ بالمنافقين في جهنم فيفتح مالك بابا في جهنم إلى الجنة، ويناديهم: معشر المنافقين ههنا ههنا فاصعدوا من جهنم إلى الجنة، فيسيح المنافقون في نار جهنم سبعين خريفا إذا بلغوا إلى ذلك الباب وهموا بالخروج أغلقه دونهم، وفتح لهم بابا إلى الجنة في موضع آخر فيناديهم من هذا الباب: فاخرجوا إلى الجنة، فيسيحون مثل الاول فإذا وصلوا إليه أغلق دونهم ويفتح في موضع آخر، وهكذا أبد الآبدين. ” ج 1 ص 574 ” 57 – شى: عن أبي بصير قال: يؤتي بجهنم لها سبعة أبواب: بابها الاول للظالم وهو زريق، وبابها الثاني لحبتر، والباب الثالث للثالث، والرابع لمعاوية، والباب الخامس لعبد الملك، والباب السادس لعسكر بن هو سر، والباب السابع لابي سلامة، فهم (فهي خ ل) أبواب لمن اتبعهم. بيان: الرزيق كناية عن أبي بكر لان العرب يتشأم بزرقة العين. والحبتر هو عمر، والحبتر هو الثعلب، ولعله إنما كني عنه لحيلته ومكره، وفي غيره من الاخبار


[ 302 ]

وقع بالعكس وهو أظهر إذا الحبتر بالاول أنسب، ويمكن أن يكون هنا أيضا المراد ذلك، وإنما قدم الثاني لانه أشقى وأفظ وأغلظ. وعسكر بن هو سر كناية عن بعض خلفاء بني امية أو بني العباس، وكذا أبي سلامة، ولا يبعد أن يكون أبو سلامة كناية عن أبي جعفر الدوانيقي، ويحتمل أن يكون عسكر كناية عن عائشة وسائر أهل الجمل إذ كان اسم جمل عائشة عسكرا، وروي أنه كان شيطانا. 58 – شى: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن أهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب فاتوا بشراب غساق وصديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ، وحميم يغلي في جهنم منذ خلقت كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا. 59 – شى: عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ابن آدم خلق أجوف لابد له من العطام والشراب، فقال: وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه. 60 – وعنه عليه السلام في قول الله: ” يوم تبدل الارض غير الارض ” قال: تبدل خبزة بيضاء نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب، قال له قائل: إنهم يومئذ لفى شغل عن الاكل والشرب، فقال له: ابن آدم خلق أجوف لا بد له من الطعام و الشراب، أهم أشد شغلا أم من في النار ؟ قد استغاثوا قال الله: وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل “. 61 – قيه: من كتاب زهد النبي صلى الله عليه وآله عن أبي جعفر أحمد القمي، عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله قال: والذي نفس محمد بيده لو أن قطرة من الزقوم قطرت على جبال الارض لساخت إلى أسفل سبع أرضين ولما أطاقته، فكيف بمن هو شرابه ؟ والذي نفسي بيده لو أن مقماعا (1) واحدا مما ذكره الله في كتابه وضع على جبال الارض لساخت إلى أسفل سبع أرضين ولما أطاقته فكيف بمن يقع عليه يوم القيامة في النار ؟.


[ 1 ] في نسخة: مقمعة. قلت: المقمعة كمكنسة: العمود من حديد، أو خشبة يضرب بها الانسان على رأسه.

[ 303 ]

عدم تلذذهم بنعيمها في الآخرة (1) فإن قيل: إذا ارتفعت هممهم في الدنيا مع تشبثهم بعلائقها عن أن ينظروا مع محبة الله سبحانه وقربه إلى جنة ونار ففي الآخرة مع قطع علائقهم ودواعيهم وقوة أسباب المحبة والقرب أحرى أن لا ينظروا إليهما ولا يتلذذوا بشهوات الجنة وملاذها. قلت: للتلذذ بالمستلذات الجسمانية أيضا مراتب ودرجات بحسب اختلاف أحوال أهل الجنة: فمنهم من يتلذذ بها كالبهائم يرتعون في رياضها ويتمتعون بنعيمها كما كانوا في الدنيا من غير استلذاذ بقرب ووصال أو إدراك لمحبة وكمال، ومنهم من يتمتع بنعيمها من حيث إنها دار كرامة الله التي اختارها لاوليائه وأكرمهم بها وإنها محل رضوان الله تعالى وقربه، فمن كل ريحان يستنشقون نسيم لطفه، ومن كل فاكهة يذوقون طعم رحمته ولا يستلذون بالحور إلا لانه أكرمهم بها الرب الغفور، ولا يسكنون في القصور إلا لانه رضيها لهم المالك الشكور، فالجنة جنتان: روحانية وجسمانية، والجنة الجسمانية قالب للجنة الروحانية، فمن كان في الدنيا يقنع من العبادات والطاعات بجسد بلا روح ولا يعطيها حقها من المحبة والاخلاص


[ 1 ] لو كان مراد شيخنا الصدوق قدس الله روحه إلشريف حصر التذاذهم في ذلك وانهم لا يلتذون بالمآكل وغيرها كالملائكة فقد وردت روايات كثيرة في خلاف ذلك تقدمت بعضها، وفيها ان نبينا صلى الله عليه وآله وأوصيائه وسائر الانبياء والاوصياء يلتذون بها كقوله فيما تقدم: حرام على البشر أن يشربوا منها حتى يشرب ذلك النبي. وقوله: دخلت الجنة وإذا على حافتيها بيوتي وقوله: تلك الغرف بنى الله لاوليائه وقوله: شجرة طوبى في دار رسول الله صلى الله عليه وآله وفى رواية: في دار على عليه السلام وقوله في وصف تسنيم: هي عين يشربون منها المقربون بحتا والمقربون آل محمد صلى الله عليه وآله، وفى رواية محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله. وقوله الكوثر نهر في الجنة اعطاه الله محمدا صلى الله عليه وآله. وقوله في حديث ذكر أن بيته وبيت على واحد: إذا أراد أحدنا أن يأتي بأهله ضرب الله بينى وبينه حجابا من نور. وقوله تعالى مخاطبا للجنة: إنى قد حرمت طعامك على أهل الدنيا الا على نبى أو وصى نبى وقوله: فيها الف قصر في كل قصر الف قصر لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله، وفيها الف قصر في كل قصر الف قصر لابراهيم وآل ابراهيم. وقوله صلى الله عليه وآله لعلى: لا تلبس لباس الذهب فانه لباسك في الجنة. وغير ذلك مما تقدم ويأتي.

[ 304 ]

وبكلاليب النار يتخطفون، (1) مرضى لا يعاد سقيمهم، وجرحى لا يداوي جريحهم، و أسرى لا يفك أسيرهم، من النار يأكلون، ومنها يشربون، وبين أطباقها يتقلبون، و بعد لبس القطن والكتان مقطعات النار يلبسون، وبعد معانقة الازواج مع الشياطين مقرنون 63 قال السيد رضي الله عنه. أقول: وفي الحديث: إن أهل النار إذا دخلوها ورأوا نكالها وأهوالها وعلموا عذابها وعقابها ورأوها كما قال زين العابدين عليه السلام: (ما ظنك بنار لا تبقى على من تضرع إليها، ولا يقدر على الخفيف عمن خشع لها، واستسلم إليها، تلقي سكانها بأحر ما لديها من أليم النكال وشديد الوبال) يعرفون أن أهل الجنة في ثواب عظيم ونعيم مقيم، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخف عنهم بعض العذاب الاليم، كما قال الله عزوجل جلاله في كتابه العزيز: ” ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ” قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة، ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار والتهوين: ” إن الله حرمهما على الكافرين ” قال: فيرون الخزنة عندهم وهم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب فيؤملون أن يجدوا عندهم فرحا بسبب من الاسباب كما قال الله جل جلاله: ” وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب ” قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال: ” قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ” قال: فإذا يئسوا من خزنة جهنم رجعوا إلى مالك مقدم الخزان وأملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان كما قال جل جلاله: ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك ” قال: فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة وهم في العذاب ثم يجيبهم كما قال الله في كتابه المكنون: ” قال إنكم ماكثون ” قال: فإذا يئسوا (يأملون ظ) من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شئ عندهم في دنياهم، وكان قد آثر كل واحد منهم عليه هواه مدة الحياة، وكان قد قدر عندهم بالعقل والنقل أنه أوضح لهم على يد الهداة سبل النجاة، وعرفهم


[ 1 ] الكلاليب جمع الكلاب والكلوب: حديدة معطوفة الرأس يجربها الجمر. تخطف الشئ: اجتذبه وانتزعه

[ 305 ]

بلسان الحال أنهم الملقون بأنفسهم إلى دار النكال والاهوال، وأن باب القبول يغلق عن الكفار بالممات أبد الآبدين، وكان يقول لهم في أوقات كانوا في الحياة الدنيا من المكلفين بلسان الحال الواضح المبين: هب إنكم ما صدقتموني في هذا المقال، أما تجوزون أن أكون من الصادقين ؟ فكيف أعرضتم عني، وشهدتم بتكذيبي وتكذيب من صدقني من المرسلين ؟ وهلا تحرزتم من هذه الضرر المحذر الهائل ؟ أما سمعتم بكثرة المرسلين، وتكرار الرسائل ؟ ثم كرر جل جلاله مرافقتهم في النار بلسان المقال فقال: ” ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون ” فقالوا: ” ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ” فيقفون أربعين سنة ذل الهوان لا يجابون، وفي عذاب النار لا يكلمون، ثم يجيبهم الله جل جلاله: ” اخسؤا فيها ولا تكلمون ” قال: فعند ذلك ييأسون من كل فرج وراحة، ويغلق أبواب جهنم عليهم، ويدوم لديهم مآتم الهلاك والشهيق والزفير والصراخ والنياحة. 64 – ومن الكتاب المذكور أن جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله عند الزوال في ساعة لم يأته فيها وهو متغير اللون، وكان النبي صلى الله عليه وآله يسمع حسه وجرسه فلم يسمعه يومئذ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل مالك جئتني في ساعة لم تكن تجيئني فيها ؟ وأرى لونك متغيرا، وكنت أسمع حسك وجرسك فلم أسمعه ؟ فقال: إني جئت حين أمر الله بمنافخ (1) النار فوضعت على النار، فقال النبي صلى الله عليه وآله: أخبرني عن النار يا جبرئيل حين خلقها الله تعالى، فقال: إنه سبحانه أوقد عليها ألف عام فاحمرت، ثم أوقد عليها ألف عام فابيضت، ثم أوقد عليها ألف عام فاسودت، فهي سوداء مظلمة لا يضئ جمرها، ولا ينطفئ لهبها، والذي بعثك بالحق نبيا لو أن مثل خرق إبرة خرج منها على أهل الارض لاحترقوا عن آخرهم، ولو أن رجلا دخل جهنم ثم اخرج منها لهلك أهل الارض جميعا حين ينظرون إليه، لما يرون به، ولو أن ذراعا من السلسلة التي ذكره الله تعالى في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت عن آخرها، ولو أن بعض خزان جهنم التسعة


[ 1 ] المنفاخ والمنفخ: آلة ينفخ بها.

[ 306 ]

عشر نظر إليه أهل الارض لماتوا حين ينظرون إليه، ولو أن ثوبا من ثياب أهل جهنم اخرج إلى الارض لمات أهل الارض من نتن ريحه، فأكب النبي صلى الله عليه وآله وأطرق يبكي وكذلك جبرئيل، فلم يزالا يبكيان حتى ناداهما ملك من السماء: يا جبرئيل ويا محمد إن الله قد أمنكما من أن تعصياه فيعذبكما. 65 – كا: العدة، عن البرقي، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن بصير (1) مولى أبي عبد الله عليه السلام، عن موفق (2) مولى أبي الحسن عليه السلام قال: كان مولاي أبو الحسن عليه السلام إذا أمر بشراء البقل يأمر بالاكثار منه ومن الجرجير فنشري له، (3) وكان يقول عليه السلام: ما أحمق بعض الناس يقولون: إنه ينبت في وادي (4) جهنم، والله عزوجل يقول: ” وقودها الناس والحجارة ” فكيف ينبت البقل ؟ ” ف ج 2 ص 183 ” 66 – تفسير النعماني: بالاسناد الآتي في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: نسخ قوله تعالى: ” وإن منكم إلا واردها ” قوله: ” إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون “. ” ص 15 ” بيان: الناسخ الآية الثانية، وليس المراد بالنسخ هنا المعنى المصطلح، بل هي بمنزلة الاستثناء أو المفسرة لها. 67 – نهج: واتقوا نارا حرها شديد، وقعرها بعيد، وحليتها حديد، (5) وشرابها صديد. 68 – نهج، نبه: قال أمير المؤمنين عليه السلام: واعلموا أنه ليس لهذا الجلد الرقيق صبر على النار، فارحموا نفوسكم فإنكم قد جربتموها في مصائب الدنيا، فرأيتم جزع أحدكم من الشوكة تصيبه والعثرة تدميه والرمضاء تحرقه، فكيف إذا كان بين طابقين


[ 1 ] هكذا في نسخة المصنف. وفى الكافي: ” نصير ” بالنون، وعنون في تنقيح المقال تارة ” نصير ” أبا حمزة الخادم، واخرى ” نصر ” بلاياء راجعه. [ 2 ] احتمل الفاضل المامقاني أنه موفق بن هارون المترجم في رجال الشيخ في أصحاب أبى الحسن الرضا عليه السلام راجعه. [ 3 ] في المصدر: فيشرى له م. [ 4 ] في المصدر: في واد في جهنم م. [ 5 ] في نسخة: وحليها حديد.

[ 307 ]

من نار ضجيع حجر وقرين شيطان ؟ أعلمتم أن مالكا إذا غضب على النار حطم بعضها بعضا لغضبه ؟ وإذا زجرها توثبت بين أبوابها جزعا من زجرته ؟ أيها اليفن الكبير الذي قد لهزه القتير كيف أنت التحمت أطواق النار بعظام الاعناق، ونشبت الجوامع حتى أكلت لحوم السواعد ؟ فالله الله معشر العباد وأنتم سالمون في الصحة قبل السقم، وفي الفسحة قبل الضيق، فاسعوا في فكاك رقابكم من قبل أن تغلق رهائنها. ايضاح: الرمضاء: الارض الشديدة الحرارة. والطابق كهاجر وصاحب: الاجر الكبير. والحطم: الكسر. واليفن بالتحريك: الشيخ الكبير. ويقال: لهزه أي خالطه. والقتير كأمير: الشيب أو أوله. قوله عليه السلام: إذا التحمت أي التفت عليها و انضمت والتصقت بها. ونشب الشئ بالشي أي علق. والجوامع جمع جامعة وهي الغل لانها تجمع اليدين إلى العنق. 69 – ل: أبي، عن محمد العطار، عن سهل، عن عمر بن سفيان الجرجاني رفع الحديث إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: خلقت النار يوم الثلثاء وذلك قوله عزوجل: ” انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب ” قال: قلت: فالاربعاء ؟ (1) قال: بنيت أربعة أركان للنار. ” ج 2 ص 25 ” 70 – ل: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان، عن أبي جعفر الاحول، (2) عن بشار (3) قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام لاي شئ


[ 1 ] في المصدر: فما الاربعاء ؟ اه‍. م [ 2 ] هو محمد بن على بن النعمان بن أبى طريفة البجلى مولى الاحول كوفى صيرفي يلقب بمؤمن الطاق وصاحب الطاق وشاه الطاق، ويلقبه المخالفون بشيطان الطاق، كان من أصحاب الائمة على بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم عليهم السلام، كان ثقة متكلما حاذقا حاضر الجواب، ومنزلته في العلم وحسن الخاطر مشهور، وله تصانيف كثيرة، وله مع أبى حنيفة وغيره حكايات متعددة، أورد بعضها الفاضل المامقاني في التنقيح في ترجمته، ترجمه الشيخ والنجاشى وابن النديم في فهارسهم وغيرهم في كتب تراجمهم. [ 3 ] في الخصال المطبوع: بشار بن بشار، ولعل اسم أبيه مصحف والصحيح يسار، وهو بشار بن يسار الضبيعى الكوفى الثقة أخو سعيد مولى بنى ضبيعة بن عجل، ويروى عن أبي عبد الله و أبي الحسن عليهما السلام.

[ 308 ]

يصام يوم الاربعاء ؟ قال: لان النار خلقت يوم الاربعاء. ” ج 2 ص 27 ” 71 – سن: أبي، عن يونس، عن أبان، عن الاحول، عن ابن سنان مثله. ” ص 320 ” أقول: سيأتي مثله بأسانيد كثيرة في باب صوم السنة وباب الحجامة وأبواب الايام، وهذه الاخبار أكثر وأصح وأوثق من مرفوعة عمر بن سفيان وإن كان فهيا وجه الجمع أيضا. 72 – كا: في الروضة: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي جعفر الاحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله خلق الجنة قبل أن يخلق النار، الحديث. ” ص 145 ” 73 – كا: علي عن أبيه، عن بكربن صالح، عن القاسم بن بريد، (1) عن أبي عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه: منها كفر الجحود وهو الجحود بالربوبية وهو قول من يقول لارب ولا جنة ولانار، وهو قول صنفين من الزنادقة يقال لهم الدهرية، الخبر. ” ج 2 ص 389 ” 74 – مع: بالاسناد إلى المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله خلق الارواح قبل الاجساد بألفي عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة بعدهم صلوات الله عليهم – وساق الحديث في قصة آدم وحواء إلى أن قال -: قالا: ربنا فأرنا ظالميهم (2) في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب، وقال الله عزوجل: مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها، الحديث. ” ص 37 “


[ 1 ] هو قاسم بن بريد بن معاوية العجلى الثقة، يروى عن الصادق عليه السلام، ويروى عنه فضالة بن أيوب ومحمد بن سنان وبكر بن صالح. راجع جامع الروات. [ 2 ] في المصدر: منازل ظالميهم اه‍. م

[ 309 ]

75 – ن: الوراق، عن الاسدي، عن سهل، عن عبد العظيم الحسني، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا، عن آبائه، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم أجمعين قال: دخلت أنا وفاطمة على رسول الله صلى الله عليه وآله، فوجدته يبكي بكاء شديدا، فقلت: فداك أبي وامي يا رسول الله ما الذي أبكاك ؟ فقال: يا علي ليلة اسري بي إلى السماء رأيت نساء من امتي في عذاب شديد، فأنكرت شأنهن فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن، ور أيت امرأة معلقة بشعرها يغلي دماغ رأسها، ورأيت امرأة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها، ورأيت امرأة معلقة بثديها، ورأيت امرأة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها، ورأيت امرأة قد شد رجلاها إلى يديها وقد سلط عليها الحيات و والعقارب، ورأيت امرأة صماء عمياء خرساء في تابوت من نار، يخرج دماغ رأسها من منخرها، وبدنها متقطع من الجذام والبرص، ورأيت امرأة معلقة برجليها في تنور من نار، ورأيت امرأة تقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار، ورأيت امرأة يحرق وجهها ويداها وهي تأكل أمعاءها، ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير، وبدنها بدن الحمار، وعليها ألف ألف لون من العذاب، ورأيت امرأة على صورة الكلب، والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها، والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع من نار. فقالت فاطمة عليها السلام: حبيبي وقرة عيني أخبرني ماكان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب ؟ فقال: يا بنتي أما المعلقة بشعرها فإنها كانت لا تغطي شعرها من الرجال، وأما المعلقة بلسانها فإنها كانت تؤذي زوجها، وأما المعلقة بثديها فانها كانت تمتنع من فراش زوجها، وأما المعلقة برجليها فإنها كانت تخرج من بيتها بغير إذن زوجها، وأما التي كانت تأكل لحم جسدها فإنها كانت تزين بدنها للناس، وأما التي شدت يداها إلى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فإنها كانت قذرة الوضوء قذرة الثياب، وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض، ولا تتنظف، وكانت تستهين بالصلاة، وأما العمياء الصماء الخرساء فإنها كانت تلد من الزناء فتعلقه في عنق زوجها، وأما التي تقرض لحمها بالمقاريض فإنها تعرض نفسها على الرجال، وأما التي كانت تحرق وجهها وبدنها وهي تأكل أمعاءها فإنها كانت قوادة،


[ 310 ]

وأما التي كان رأسها رأس خنزير وبدنها بدن الحمار فإنها كانت نمامة كذابة، وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فإنها كانت قينة نواحة حاسدة. ثم قال عليه السلام: ويل لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها. ” ص 184 – 185 ” بيان: كانت قينة أي مغنية. 76 – ل: ماجيلويه، عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد، عن الخشاب، عن إسماعيل بن مهران، وعلي بن أسباط فيما يعلم، عن بعض رجالهما قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن من العلماء من يحب أن يخزن علمه ولا يؤخذ عنه فذاك في الدرك الاسفل من النار، ومن العلماء من إذا وعظ أنف وإذا وعظ عنف فذاك في الدرك الثاني من النار، ومن العلماء من يرى أن يضع العلم عند ذوي الثروة (1) ولايرى له في المساكين (2) فذاك في الدرك الثالث من النار، ومن العلماء من يذهب في علمه مذهب الجبابرة والسلاطين، فإن رد عليه شئ من قوله أو قصر في شئ من أمره غضب فذاك في الدرك الرابع من النار، ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر به علمه ويكثر به حديثه فذاك في الدرك الخامس من النار، ومن العلماء من يضع نفسه للفتيا ويقول: سلوني ولعله لا يصيب حرفا واحدا والله لا يحب المتكلفين فذاك في الدرك السادس من النار، ومن العلماء من يتخذ علمه مروة وعقلا فذاك في الدرك السابع من النار. ” ج 2 ص 7 ” بيان: من إذا وعظ – على بناء المجهول – أنف أي استنكف لترفعه عن أن يعظه غيره، وإذا وعظ – على بناء المعلوم – عنف بضم النون وفتحها من العنف ضد الرفق، أو على بناء التفعيل بمعنى التعيير واللوم. 77 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن عباد بن سليمان، عن محمد بن سليمان، الديلمي، عن أبيه، عن إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن موسى عليه السلام في حديث


[ 1 ] في المصدر: ذوى الثروة والشرف. م [ 2 ] في المصدر: عند المساكين وضعا. م

[ 311 ]

طويل يقول فيه: يا إسحاق إن في النار لواديا يقال له سقرلم يتنفس منذ خلقه الله، لو أذن الله عزوجل له في التنفس بقدر مخيط لاحترق ما على وجه الارض، وإن أهل النار ليتعوذون من حرذلك الوادي ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ جميع أهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حرذلك الشعب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك الشعب لقليبا (1) يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حر ذلك القليب ونتنه وقذره وما أعد الله فيه لاهله، وإن في ذلك القليب لحية يتعوذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية ونتنها وقذرها وما أعد الله في أنيابها من السم لاهلها، وإن في جوف تلك الحية لصناديق (2) فيها خمسة من الامم السالفة واثنان من هذه الامة. قال قلت جعلت فداك ومن الخمسة ؟ ومن الاثنان ؟ قال: فأما الخمسة: فقابيل الذي قتل هابيل، ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربه فقال: أنا احيي واميت، وفرعون الذي قال: أنا ربكم الاعلى، ويهود الذي هود اليهود، وبولس الذي نصر النصارى، ومن هذه الامة أعرابيان. ” ج 2 ص 34 ” بيان: الاعرابيان أبو بكر وعمر، وإنما سماهما بذلك لانهما لم يؤمنا قط. 78 – ل: أبي، عن الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن عليا عليه السلام قال: إن في جهنم رحى تطحن خمسا، أفلا تسألوني ما طحنها ؟ فقيل له: وما طحنها يا أمير المؤمنين ؟ قال: العلماء الفجرة، والقراء الفسقة، والجبابرة الظلمة، والوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة، وإن في النار لمدينة يقال لها الحصينة، فلا تسألوني ما فيها ؟ فقيل: وما فيها يا أمير المؤمنين ؟ فقال: فيها أيدي الناكثين. ” ج 2 ص 142 ” 79 – م: ألا وإن الراضين بقتل الحسين عليه السلام شركاء قتله، ألا وإن قتلته وأعوانهم وأشياعهم والمقتدين بهم برآء من دين الله، وإن الله ليأمر ملائكته المقربين أن يتلقوا (3)


[ 1 ] القليب: البئر. [ 2 ] في المصدر: لسبعة صناديق. م [ 3 ] في نسخة: أن يلقوا.

[ 312 ]

دموعهم المصبوبة لقتل الحسين إلى الخزان في الجنان، فيمزجونها بماء الحيوان فتزيد عذوبتها، ويلقونها في الهاوية، ويمزجونها بحميمها وصديدها وغساقها وغسلينها فتزيد في شدة حرارتها وعظيم عذابها ألف ضعفها، تشدد على المنقولين إليها من أعداء آل محمد عذابهم. 80 – لى: بالاسناد المسطور في كتاب النبوة عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وآله في سياق قصة يحيى عليه السلام قال: قال زكريا: حدثني حبيبي جبرئيل عليه السلام عن الله عزوجل أن في جهنم جبلا يقال له السكران، في أصل ذلك الجبل واد يقال له الغضبان لغضب الرحمن تبارك وتعالى، في ذلك الوادي جب قامته مائة عام، في ذلك الجب توابيت من نار، في تلك التوابيت صناديق من نار، وثياب من نار، وسلاسل من نار، وأغلال من نار، الحديث. ” ص 19 ” 81 – ع: أبي، عن محمد العطار، عن محمد بن أحمد، عن سهل، عن محمد بن سليمان عن رجل، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: اصلي في قلنسوة سوداء ؟ قال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار. ” ص 122 ” أقول: سيأتي كثير من الاخبار في ذلك في أبواب الصلاة وأبواب اللباس. 82 – فر: محمد بن أحمد معنعنا عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم: يا علي إن جبرئيل عليه السلام أخبرني أن امتي يغدر بك من بعدي، فويل ثم ويل ثم ويل لهم (1) – ثلاث مرات – قلت: يارسول الله وماويل ؟ قال: واد في جهنم أكثر أهله معادوك، والقاتلون لذريتك، والناكثون لبيعتك فطوبى ثم طوبى ثم طوبى – ثلاث مرات – لمن أحبك (2) ووالاك، قلت: يا رسول الله وما طوبى ؟ قال: شجرة في دارك في الجنة، ليس دار من دور شيعتك في الجنة إلا وفيها غصن من تلك الشجرة، تهدل عليهم بكل ما يشتهون. ” ص 78 “


[ 1 ] في المصدر: فويل ثم الويل لهم، قلت: اه‍. م [ 2 ] في المصدر: فطوبى ثم طوبى لمن احبك اه‍. م

[ 313 ]

بيان: قال الجوهري: هدلت الشئ أهدله هدلا: إذا أرخيته وأرسلته إلى أسفل، ويقال: تهدلت أغصان الشجرة: إذا تدلت. 83 ثو: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن محبوب، عن ابن سدير، عن رجل من أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة نفر: أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه، ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربه، واثنان في بني إسرائيل هودا قومهم ونصراهم، وفرعون الذي قال: أنا ربكم الاعلى، واثنان من هذه الامة أحدهما شر هما في تابوت من قوارير تحت الفلق في بحار من نار. ” ص 207 ” بيان: الثاني شرهما. 84 – فس: ” إن شجرة الزقوم طعام الاثيم ” قال: نزلت في أبي جهل. وقوله تعالى: ” كالمهل ” قال: الصفر المذاب ” يغلي في البطون كغلي الحميم ” وهو الذي قدحمى وبلغ المنتهى، ثم قال: ” خذوه فاعتلوه ” أي أضغطوه من كل جانب، ثم أنزلوابه إلى سواء الجحيم، ثم يصب عليه ذلك الحميم، ثم يقال له: ” ذق إنك أنت العزيز الكريم ” فلفظه خبر ومعناه حكاية عمن يقول له ذلك، وذلك أن أبا جهل كان يقول: أنا العزيز الكريم، فيعير بذلك في النار. ” ص 617 ” 85 – فس: قوله تعالى: ” إن المجرمين في ضلال وسعر ” قال: أي في عذاب، وسعر واد في جهنم عظيم. (1) ” ص 657 ” 86 – فس: قوله تعالى: ” وإذا النفوس زوجت ” في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” وإذا النفوس زوجت ” قال: أما أهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان، وأما أهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان، يعني قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشياطين فهم قرناؤهم. ” ص 713 ” 87 – فس: محمد بن جعفر، عن يحيى بن زكريا، عن علي بن حسان، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: فأنذرتكم نارا تلظى لا


[ 1 ] ليس في المصدر كلمة ” عظيم “. م

[ 314 ]

يصلها إلا الاشقى الذي كذب وتولى ” قال: في جهنم واد فيه نار لا يصلاها إلا الاشقى فلان الذي كذب رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام وتولى عن ولايته، ثم قال: النيران بعضها دون بعض، فما كان من نار هذا الوادي فللنصاب. ” ص 728 ” بيان: فلان هو الثاني. 88 – فس: ” وإذا البحار سجرت ” قال: تتحول البحار التي هي حول الدنيا كلها نيرانا. ” ص 713 ” 89 – ين: ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن في جهنم لواد يقال له غساق، فيه ثلاثون وثلاث مائة قصر، في كل قصر ثلاثون وثلاث مائة بيت، في كل بيت ثلاثون وثلاث مائة عقرب، في حمة (1) كل عقرب ثلاثون وثلاث مائة قلة (2) سم، لو أن عقربا منها نضحت سمها على أهل جهنم لوسعتهم سما. 90 – فس: ” فليذوقوه حميم وغساق ” قال: الغساق واد في جهنم، وذكر مثله وازد فيه: في كل بيت أربعون زاوية، في كل زاوية شجاع، (3) في كل شجاع ثلاثمائة وثلاثون عقربا. ” ص 517 ” 91 – ين: ابن أبي عمير، عن عاصم بن سليمان ذكر في قول الله تبارك وتعالى: ” تسقى من عين آنية ” قال: يسمع لها أنين من شدة حرها. 92 – كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن مسكان، عن عبيدالله بن الوليد الوصافي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن مؤمنا كان في مملكة جبار فولع به فهرب منه إلى دار الشرك فنزل برجل من أهل الشرك


[ 1 ] الحمة كثبة: الابرة التى تضرب بها العقرب ونحوها. [ 2 ] القلة بالضم: الجرة العظيمة. الكوز الصغير. [ 3 ] الشجاع بضم الشين وكسره: ضرب من الحيات.

[ 315 ]

فأظله (1) وأرفقه وأضافه، فلما حضره الموت أوحى الله عزوجل إليه: وعزتي وجلالي لو كان لك في جنتي مسكن لاسكنتك فيها، ولكنها محرمة على من مات بي مشركا، ولكن يا نار هيديه ولا تؤذيه، ويؤتى برزقه طرفي النهار، قلت من الجنة ؟ قال: من حيث شاء الله. بيان: قال الفيروز آبادي: ولع كوجل ولعا محركة وأولعته وأولع به بالضم فهو مولع به: استخف وكذب، وبحقه: ذهب، وأولعه به: أغراه به. وقال الجزري: هدت الشئ أهيده هيدا: إذا حركته وأزعجته، ومنه الحديث: يا نار لا تهيديه أي لا تزعجيه، انتهى. أقول: لا يبعد أن يكون في هذا الخبر أيضا (لاتهيديه) فصحف. وروى الخبر الحسن بن سليمان في كتاب المختصر نقلا من كتاب الشفاء والجلاء. 93 – كا: علي، عن أبيه، عن هارون، عن ابن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن الاستشفاء بالحميات وهي العيون الحارة التي تكون في الجبال التي توجد فيها روائح الكبريت، فإنها من فوح جهنم. (2) ” ف ج 2 ص 188 ” بيان: قال الجزري: الحمة: عين ماء حار يستثفي به المريض، وقال: فيه: شدة الحر من فوح جهنم، أي شدة غليانها وحرها ويروى: (فيح) بالياء. 94 – ختص: عن ابن عباس قال: سأل ابن سلام النبي صلى الله عليه وآله عن مسائل فكان فيما سأله: أخبرني ما السبعة عشر ؟ قال: سبعة عشر اسما من أسماء الله تعالى مكتوبا بين الجنة والنار، ولولا ذلك لزفرت جهنم زفرا فتحرق من في السماوات ومن في الارض. 95 – ختص: القاسم بن محمد الهمداني، عن إبراهيم بن محمد بن أحمد الهمداني عن يحيى بن محمد الفارسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله، عن أبيه عليهما السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: خرجت ذات يوم إلى ظهر الكوفة وبين يدي قنبر، فإذا إبليس قد


[ 1 ] أي أدخله في ظله أي كنفه. [ 2 ] في المصدر: من قيح جهنم (فوح خ ل) م.

[ 316 ]

أقبل، فقلت: بئس الشيخ أنت، فقال: لم تقول هذا يا أمير المؤمنين ؟ فوالله لاحدثنك بحديث عني عن الله عزوجل ما بيننا ثالث: إنه لما هبطت بخطيئتي إلى السماء الرابعة ناديت: إلهي وسيدي ما أحسبك خلقت خلقا هو أشقى مني، فأوحى الله تعالى إلى: بلى قد خلقت من هو أشقى منك، فانطلق إلى مالك يريكه، فانطلقت إلى مالك فقلت: السلام يقرء عليك السلام ويقول: أرني من هو أشقى مني، فانطلق بي مالك إلى النار فرفع الطبق الاعلى فخرجت نار سوداء ظننت أنها قد أكلتني وأكلت مالكا فقال لها: اهدئي (1) فهدأت، ثم انطلق بي إلى الطبق الثاني فخرجت نار هي أشد من تلك سوادا وأشد حمى، فقال لها: اخمدي فخمدت إلى أن انطلق بي إلى السابع، وكل نار تخرج من طبق هي أشد من الاولى، فخرجت نار ظننت أنها قد أكلتني و أكلت مالكا وجميع ما خلقه الله عزوجل، فوضعت يدي على عيني وقلت: مرها يا مالك تخمد وإلا خمدت، فقال: إنك لن تخمد إلى الوقت المعلوم، فأمرها فخمدت، فرأيت رجلين في أعناقهما سلاسل النيران معلقين بها إلى فوق. وعلى رؤوسهما قوم معهم مقامع النيران يقمعونهما بها، فقلت: يا مالك: من هذان ؟ فقال: أوما قرأت على ساق العرش – وكنت قبل قرأته قبل أن يخلق الله الدنيا بألفي عام -: ” لاإله إلا الله، محمد رسول الله، أيدته ونصرته بعلي ” فقال: هذان عدوا اولئك وظالماهم. بيان: لعله تعالى خلق صورتيهما في جهنم لتعيين مكانهما وتصوير شقاوتهما للملا الاعلى ولمن سمع الخبر من غيرهم. 96 – نوادر الراوندي: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أهون أهل النار عذابا ابن جذعان، فقيل: يارسول الله وما بال ابن جذعان أهون أهل النار عذابا ؟ قال: إنه كان يطعم الطعام. 97 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيت في النار صاحب العباء التي قد غلها، ورأيت في النار صاحب المحجن (2) الذي كان يسرق الحاج بمحجنه، ورأيت في


[ 1 ] أي اسكني. [ 2 ] المحجن: العصا المنعطفة الرأس. (*)

[ 317 ]

النار صاحبة الهرة تنهشها مقبلة ومدبرة كانت أوثقتها لم تكن تطعمها ولم ترسلها تأكل من حشاش الارض، ودخلت الجنة فرأيت صاحب الكلب الذي أرواه من الماء 98 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يؤتى بالزاني يوم القيامة حتى يكون فوق أهل النار فتقطر قطرة من فرجه فيتأذى بها أهل جهنم من نتنها، فيقول أهل جهنم للخزان: ما هذه الرائحة المنتنة التي قد آذتنا ؟ فيقال لهم: هذه رائحة زان، ويؤتي بامرأة زانية فتقطر قطرة من فرجها فيتأذى بها أهل النار من نتنها. 99 – ختص: أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الازدي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا أراد الله قبض الكافر قال: يا ملك الموت انطلق أنت وأعوانك إلى عدوي فإنى قد أبليته فأحسنت البلاء، و دعوته إلى دار السلام فأبى إلا أن يشتمني، (1) وكفر بي وبنعمتي وشتمني على عرشي، فاقيض روحه حتى تكبه في النار، قال. فيجيئه ملك الموت بوجه كريه كالح، عيناه كالبرق الخاطف، وصوته كالرعد القاصف، لونه كقطع الليل المظلم، نفسه كلهب النار رأسه في السماء الدنيا، ورجل في المشرق، ورجل في المغرب، وقدماه في الهواء، معه سفود (2) كثير الشعب، معه خمسمائة ملك أعوانا، معهم سياط من قلب جهنم تلتهب تلك السياط وهي من لهب جهنم، ومعهم مسح أسود وجمرة من جمر جهنم، ثم يدخل عليه ملك من خزان جهنم يقال له سحقطائيل، فيسقيه شربة من النار لا يزال منها عطشانا حتى يدخل النار، فإذا نظر إلى ملك الموت شخص بصره وطار عقله قال: يا ملك الموت ارجعون، قال: فيقول ملك الموت: كلا إنها كلمة هو قائلها، قال: فيقول: يا ملك الموت فإلى من أدع مالي وأهلي وولدي وعشيرتي وما كنت فيه من الدنيا ؟ فيقول: دعهم لغيرك واخرج إلى النار، قال: فيضربه بالسفود ضربة فلا يبقى منه شعبة إلا أنشبها في كل عرق ومفصل، ثم يجذبه جذبة فيسل روحه من قدميه بسطا، فإذا بلغت الركبتين أمر أعوانه فأكبوا عليه بالسياط ضربا، ثم يرفعه عنه فيذيقه سكراته وغمراته قبل خروجها كأنما ضرب بألف سيف، فلو كان له قوة الجن و


[ 1 ] في نسخة: يسئمنى. وفي اخرى: سئمني. [ 2 ] السفود: حديدة يشوى عليها اللحم.

[ 318 ]

الانس لا شتكى كل عرق منه على حياله بمنزلة سفود كثير الشعب القي على صوف مبتل ثم يطوفه (يدار فيه ظ) فلم يأت على شئ إلا انتزعه، كذلك خروج نفس الكافر من عرق وعضو ومفصل وشعرة، فإذا بلغت الحلقوم ضربت الملائكة وجهه ودبره، ” وقيل اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ” وذلك قوله: ” يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا ” فيقولون: حراما عليكم الجنة محرما، وقال: يخرج روحه فيضعه ملك الموت بين مطرقة وسندان فيفضح أطراف أنامله وآخر ما يشدخ منه العينان، فيسطع لها ريح منتن يتأذى منه أهل السماء كلهم أجمعون، فيقولون: لعنة الله عليها من روح كافرة منتنة خرجت من الدنيا، فيلعنه الله ويلعنه اللاعنون، فإذا اتي بروحه إلى السماء الدنيا اغلقت عنه أبواب السماء، وذلك قوله: ” لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين ” يقول الله: رد وها عليه، فمنها خلقتهم، وفيها اعيدهم، ومنها اخرجهم تارة اخرى، فإذا حمل على سريره حملت نعشه الشياطين، فإذا انتهوا به إلى قبره قالت كل بقعة منها: اللهم لا تجعله في بطني، حتى يوضع في الحفرة التي قضاها الله، فإذا وضع في لحده قالت له الارض: لا مرحبا بك يا عدوالله، أما والله لقد كنت ابغضك وأنت على متني، (1) وأنالك اليوم أشد بغضا وأنت في بطني، أما وعزة ربي لا سيئن جوارك، ولا ضيقين مدخلك، و لاوحشن مضجعك، ولابدلن مطمعك، (2) إنما أنا روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران. ثم ينزل عليه منكر ونكير وهما ملكان أسودان أزرقان يبحثان القبر بأنيابهما، ويطآن في شعورهما، حدقتاهما مثل قدر النحاس، وكلامهما مثل الرعد القاصف، وأبصارهما مثل البرق اللامع فينتهرانه (3) ويصيحان به، فيتقلص نفسه حتى يبلغ حنجرته، فيقولان له: من ربك ؟ ومادينك ؟ ومن نبيك ؟ ومن إمامك ؟ فيقول: لاأدري، قال: فيقولان: شاك في الدنيا، وشاك اليوم، لا دريت ولا هديت، قال:


[ 1 ] متن الارض: ما ارتفع منها واستوى. [ 2 ] كذا في نسخة المصنف. [ 3 ] أي فيزجرانه.

[ 319 ]

فيضربانه ضربة فلا يبقى في المشرق ولا في المغرب شئ إلا سمع صيحته إلا الجن والانس، قال: فمن شدة صيحته يلوذ الحيتان بالطين وينفر الوحش في الخياس، (1) ولكنكم لا تعلمون. قال: ثم يسلط الله عليه حيتين سوداوين زرقاوين يعذبانه بالنهار خمس ساعات وبالليل ست ساعات، لانه كان يستخفي من الناس ولا يستخفي من الله، فبعدا لقوم لا يؤمنون، قال: ثم يسلط الله عليه ملكين أصمين أعمين (أعميين خ ل) معهما مطرقتان من حديد من نار يضربانه فلا يخطئانه (يخبطانه خ ل) ويصيح فلا يسمعانه إلى يوم القيامة، فإذا كانت صيحة القيامة اشتعل قبره نارا فيقول: لي الويل إذا اشتعل قبري نارا، فينادي مناد: ألا الويل قددنا منك والهوان، (2) قم من نيران القبر إلى نيران لا يطفأ، فيخرج من قبره مسودا وجهه مزرقة عيناه، قد طال خرطومه، وكسف باله، منكسا رأسه، يسارق النظر، فيأتيه عمله الخبيث فيقول: والله ما علمتك إلا كنت عن طاعة الله مبطئا، وإلى معصيته مسرعا، قد كنت تركبني في الدنيا فأنا اريد أن أركبك اليوم كما كنت تركبني وأقودك إلى النار، قال: ثم يستوي على منكبيه فيرحل (فيركل ظ) قفاه حتى ينتهي إلى عجزة جهنم، فإذا نظر إلى الملائكة قد استعدوا له بالسلاسل والاغلال قد عضوا على شفاههم من الغيظ والغضب فيقول: ” يا ويلتى ليتني لم اوت كتابيه ” وينادي الجليل: جيئوا به إلى النار، فصارت الارض تحته نارا، والشمس فوقه نارا، وجاءت نار فأحدقت بعنقه، فنادى وبكى طويلا يقول: واعقباه قال: فتكلمه النار فتقول: أبعد الله عقبيك مما أعقبتا في طاعة الله (3) قال ثم تجئ صحيفته تطير من خلف ظهره فتقع في شماله، ثم يأتيه ملك فيثقب (فيقلب خ ل) صدره إلى ظهره، ثم يفتل شماله إلى خلف ظهره.


[ 1 ] الخياس: الشجر الملتف. غابة الاسد. [ 2 ] في نسخة: الويل قد دنى منك والهوان. [ 3 ] في هامش نسخة المصنف بخطه: عقبا مما أعقبت.

[ 320 ]

ثم يقال له: اقرء كتابك، قال: فيقول: أيها الملك كيف أقرء وجهنم أمامي ؟ قال: فيقول الله دق عنقه، واكسر صلبه، وشدنا صيته إلى قدميه، ثم يقول: ” خذوه فغلوه ” قال: فيبتدره (1) لتعظيم قول الله سبعون ألف ملك غلاظ شداد، فمنهم من ينتفا، لحيته، ومنهم من يحطم عظامه، قال: فيقول: أما ترحموني ؟ قال: فيقولون: يا شقي كيف نرحمك ولا يرحمك أرحم الرحمين ؟ ! أفيؤذيك هذا ؟ قال: فيقول: نعم أشد الاذى، قال: فيقولون يا شقي وكيف لو قدطر حناك في النار ؟ قال: فيدفعه الملك في صدره دفعة فيهوي سبعين ألف عام. قال: فيقولون: ” يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول ” قال: فيقرن معه حجر عن يمينه وشيطان عن يساره، حجر كبريت من نار يشتعل في وجهه، ويخلق الله له سبعين جلدا غلظه أربعون ذراعا بذارع الملك الذي يعذبه، بين الجلد إلى الجلد أربعون ذراعا، بين الجلد إلى الجلد حيات وعقارب من نار وديدان من نار، رأسه مثل الجبل العظيم وفخذاه مثل جبل ورقان – وهو جبل بالمدينة – مشفره أطول من مشفر الفيل فيسحبه سحبا، واذناه عضوضان، بينهما سرادق من نار تشتعل، قد أطلعت النار من دبره على فؤاده فلا يبلغ دوين سائهما (4) حتى يبدل له سبعون سلسلة، للسلسلة سبعون ذراعا، مابين الذراع حلق عدد القطر والمطر، لو وضعت حلقة منها على وبال الارض لاذابتها، قال: وعليه سبعون سر بالا من قطران من نار، ويغشى وجوههم النار (عليه ظ) قلنسوة من نار، وليس في جسده موضع فتر إلا وفيه حلية من نار، (5) وفي رجليه قيود من نار، على رأسه تاج ستون ذراعا من نار، قد نقب رأسه ثلاث مائة وستين نقبا يخرج من ذلك النقب الدخان من كل جانب، وغلى منها دماغه حتى يجري على كتفيه، يسيل منها ثلاث مائة نهر وستون نهرا من صديد، يضيق عليه منزله كما


[ 1 ] ابتدر القوم أمرا: بادر بعضهم بعضا، إليه: أيهم يسبق إليه. [ 2 ] المشفر: الشفة. وأخص استعماله للبعير. [ 3 ] سحبه: جره على وجه الارض. [ 4 ] هكذا في الكتاب، وفي هامش نسخة المصنف بخطه: دركا من دركاتها، ظ. [ 5 ] في نسخة: وليس في جسده موضع فتر الا وفيه حية من نار. قلت: الفتر بالكسر ثم السكون: مابين طرف الابهام وطرف السبابة إذا فتحها.

[ 321 ]

يضيق الرمح في الزج، فمن ضيق منازلهم عليهم ومن ريحها ومن شدة سوادها و، زفيرها وشهيقها وتغيظها ونتنها اسودت وجوههم وعظمت ديدانهم، فينبت لها أظفار السنور والعقبان تأكل لحمه وتقرض عظامه وتشرب دمه، ليس لهن مأكل ولا مشرب غيره، ثم يدفع في صدره دفعة فيهوي على رأسه سبعين ألف عام حتى يواقع الحطمة، فإذا واقعها دقت عليه وعلى شيطانه وجاذبه الشيطان بالسلسلة (1) فكلما رفع رأسه ونظر إلى قبح وجهه كلح في وجهه، قال: فيقول: ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين، ويحك بما أغويتني، احمل عني من عذاب الله من شئ، فيقول: يا شقي كيف أحمل عنك من عذاب الله من شئ وأنا وأنت اليوم في العذاب مشتركون ؟ ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى عين يقال لها آنية، يقول الله تعالى: ” تسقى من عين آنية ” وهو عين ينتهي حرها وطبخها، واوقد عليها مذ خلق الله جهنم كل أودية النار تنام وتلك العين لا تنام من حرها، ويقول الملائكة: يا معشر الاشقياء ادنوا فاشربوا منها، فإذا أعرضوا عنها ضربتهم الملائكة بالمقامع، وقيل لهم: ” ذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد “. قال: ثم يؤتون بكأس من حديد فيه شربة من عين آنية، فإذا ادني منهم تقلصت شفاههم، وانتثر لحوم وجوههم، فإذا شربوا منها وصار في أجوافهم يصهر به ما في بطونهم والجلود، ثم يضرب على رأسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى يواقع السعير فإذا واقعها سعرت في وجوههم، فعند ذلك غشيت أبصارهم من نفحها، ثم يضرب على راسه ضربة فيهوي سبعين ألف عام حتى ينتهي إلى شجرة الزقوم شجرة تخرج في أصل الجحيم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، عليها سبعون ألف غصن من نار، في كل غصن سبعون ألف ثمرة من نار، كل ثمرة (2) كأنها رأس الشيطان قبحا ونتنا، تنشب على صخرة مملسة سوخاء كأنها مرآة ذلقة، مابين أصل الصخرة إلى الصخرة (الشجرة خ ل) سبعون ألف عام، أغصانها يشرب من نار، وثمارها نار، وفرعها نار، فيقال له: يا شقي اصعد، فكلما صعد زلق، وكلما زلق صعد، فلا يزال كذلك سبعين ألف عام في العذاب، وإذا


[ 1 ] في نسخة: جاز به الشيطان السلسلة. (2) تمرة خ ل في الموضعين وكذا فيما يأتي بعد.

[ 322 ]

أكل منها ثمرة يجدها أمر من الصبر، وأنتن من الجيف، وأشد من الحديد، فإذا واقعت بطنه غلت في بطنه كغلي الحميم، فيذكرون ما كانوا يأكلون في دار الدنيا من طيب الطعام فبيناهم كذلك إذ تجذبهم الملائكة فيهوون دهرا في ظلم متراكبة، فإذا استقروا في النار سمع لهم صوت كصيح السمك على المقلى، (1) أو كقضيب القصب، ثم يرمي بنفسه من الشجرة في أودية مذابة من صفر من نار وأشد حرا من النار، تغلي بهم الاودية، ترمي بهم في سواحلها، ولها سواحل كسواحل بحركم هذا، فأبعدهم منها باع، والثاني ذراع، والثالث فتر (2) فيحمل عليهم هوام النار الحيات والعقارب كأمثال البغال الدلم، لكل عقرب ستون فقارا، في كل فقار قلة من سم، وحيات سود زرق أمثال البخاتي، فيتعلق بالرجل سبعون ألف حية، وسبعون ألف عقرب، ثم كب في النار سبعين ألف عام لا تحرقه قد اكتفى بسهمته (بسمهاظ) ثم تعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل ما ينحني ولا ينكسر، فيدخل النار من أدبارهم، فتطلع على الافئدة، تقلص الشفاه، وتطير الجنان، وتنضج الجلود، وتذوب الشحوم، ويغضب الحي القيوم فيقول: يا مالك قل لهم: ذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا، يا مالك سعر سعر فقد اشتد غضبي على من شتمني على عرشي، واستخف بحقي، وأنا الملك الجبار، فينادي مالك: يا أهل الضلال والاستكبار والنعمة في دار الدنيا كيف تجدون مس سقر ؟ قال: فيقولون: قد أنضجت قلوبنا، وأكلت لحومنا، وحطمت عظامنا، فليس لنا مستغيث، ولا لنا معين، قال: فيقول مالك: وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذابا، فيقولون: إن عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا، قال: فيقول مالك: فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير، يعني بعدا لاصحاب السعير، ثم يغضب الجبار فيقول: يا مالك سعر سعر، فيغضب مالك فيبعث عليهم سحابة سوداء يظل أهل النار كلهم، ثم يناديهم فيسمعها أولهم وآخرهم وأفضلهم وأدناهم، فيقول: ماذا تريدون أن امطركم ؟ فيقولون: الماء البارد


[ 1 ] وعاء يقلى فيه الطعام. [ 2 ] الباع: قدر مد اليدين. والفتر تقدم معناه.

[ 323 ]

واعطشاه ! واطول هواناه ! فيمطرهم حجارة وكلاليبا وخطاطيفا (1) وغسلينا وديدانا من نار فينضج وجوههم وجباههم، ويغضا (2) أبصارهم، ويحطم عظامهم، فعند ذلك ينادون: واثبوراه ! فإذا بقيت العظام عواري من اللحوم اشتد غضب الله فيقول: يا مالك اسجرها عليهم كالحطب في النار، ثم يضرب أمواجها أرواحهم سبعين خريفا في النار ثم يطبق عليهم أبوابها من الباب إلى الباب مسيرة خمسمائة عام، وغلظ الباب مسيرة خمسمائة عام، ثم يجعل كل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد من نار بعضها في بعض فلا يسمع لهم كلام أبدا إلا أن لهم فيها شهيق كشهيق البغال، وزفير مثل نهيق الحمير، وعواء (3) كعواء الكلاب، صم بكم عمي فليس لهم فيها كلام إلا أنين، فيطبق عليهم أبوابها، ويسد (يمدد خ ل) عليهم عمدها، فلا يدخل عليهم روح أبدا، ولا يخرج منهم الغم أبدا، فهي عليهم مؤصدة – يعني مطبقة – ليس لهم من الملائكة شافعون، ولا من أهل الجنة صديق حميم، وينساهم الرب ويمحو ذكرهم من قلوب العباد، فلا يذكرون أبدا. بيان: الفضح والشدخ: الكسر. والخياس لعله جمع الخيس بالكسر وهو الشجر الملتف، أو هو تصحيف الجبال. قوله عليه السلام: فلا يخطآنه أي لا تقع ضربتهما على غيره، وفي بعض النسخ: (فلا يخبطانه) من قولهم: خبطت الرجل: إذا أنعمت عليه من غير معرفة بينكما. وقال في القاموس: كسف حاله: ساءت وفلان نكس طرفه. (4) ورجل كاسف البال: سئ الحال. قوله عليه السلام: فيرحل قفاه يقال: رحلت البعير: إذا شددت على ظهره الرحل، والظاهر: (فيركل) والركل: الضرب بالرجل. وعجزة الشئ: مؤخره. قوله عليه السلام: مما أعقبتا أي أورثتا من العقوبة بسبب التقصير في طاعة الله، أو من قولهم: عقبت الرجل: إذا بغيته بشر. والعضوض: البئر البعيدة القعر. والسوخاء: الارض التي تسيخ فيها الرجل أي ترسب، ولعله إن صحت النسخة هنا كناية عن زلق الاقدام إلى أسفل. والفتر بالكسر: مابين طرف الابهام والمشيرة. والدلم بالضم جمع الادلم


[ 1 ] الكلاليب جمع الكلاب: حديدة معطوفة يعلق بها اللحم، يقال لها بالفارسية: قلاب. الخطاطيف جمع الخطاف: حديدة يختطف بها. [ 2 ] أي يظلم ابصارهم. وفى نسخة: يعمى أبصارهم. [ 3 ] كذا في الجمل الثلاثة. [ 4 ] هكذا في الكتاب، ولعل الصحيح: فلان نكس رأسه أي طاطاه من ذل.

[ 324 ]

وهو الشديد السواد. والخطاف كل حديدة حجناء وجمعه خطاطيف. وكان في النسخة تصحيفات تركناها كما وجدناها. 100 – أقول: قال سيد الساجدين صلوات الله عليه في الصحيفة الكاملة فيما كان يدعون عليه السلام بعد صلاة الليل: اللهم إني أعوذ بك من نار تغلظت بها على من عصاك، وتوعدت بها من صدف عن رضاك، (1) ومن نار نورها ظلمة، وهينها أليم، وبعيدها قريب، ومن نار يأكل بعضها بعض، ويصول بعضها على بعض، (2) ومن نار تذر العظام رميما، وتسقي أهلها حميما، ومن نار لا تبقي على من تضرع إليها، ولا ترحم من استعطفها، ولا تقدر على التخفيف عمن خشع لها واستسلم إليها، تلقي سكانها بأحر مالديها من أليم النكال، وشديد الوبال، وأعوذ بك من عقاربها الفاغرة أفواهها، (3) وحياتها الصالقة بأنيابها، (4) وشرابها الذي يقطع أمعاء وأفئدة سكانها وينزع قلوبهم، وأستهديك لما باعد منها وأخر عنها، الدعاء. 101 – نهج: من عهد له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر: واحذروا نارا قعرها بعيد، و حرها شديد، وعذابها جديد، دار ليس فيها رحمة، ولا تسمع فيها دعوة، ولا تفرج فيها كربة. 102 – عد: اعتقادنا في النار أنها دار الهوان، ودار الانتقام من أهل الكفر و العصيان، ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر والشرك، فأما المذنبون من أهل التوحيد فإنهم يخرجون منها بالرحمة التي تدركهم والشفاعة التي تنالهم. وروي أنه لا يصيب أحدا من أهل التوحيد ألم في النار إذا دخلوها، وإنما يصيبهم الآلام عند الخروج منها، فتكون تلك الآلام جزاء بما كسبت أيديهم وما الله بظلام للعبيد. وأهل النارهم المساكين حقا لا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا، وإن استطعموا اطعموا


[ 1 ] صدف عنه: أعرض وصد. [ 2 ] صال عليه: وثب. [ 3 ] فغرفاه: فتحه. [ 4 ] صلق نابه: حكه بالاخر فحدث بينهما صوت.

[ 325 ]

من الزقوم، وإن استغاثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا، ينادون من مكان بعيد: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون، فيمسك الجواب عنهم أحيانا ثم قيل لهم: اخسؤوا فيها ولا تكلمون، ونادوا: يا مالك ليقض علينا ربك، قال: إنكم ماكثون. وروي أنه يأمر الله عزوجل برجال إلى النار فيقول لمالك: قل للنار لا تحرقي لهم أقداما فقد كانوا يمشون إلى المساجد، ولا تحرقي لهم أيديا فقد كانوا يرفعونها إلي بالدعاء ولا تحرقي لهم ألسنة فقد كانوا يكثرون تلاوة القرآن، ولا تحرقي لهم وجوها فقد كانوا يسبغون الوضوء، فيقول مالك: يا أشقياء فما كان حالكم ؟ فيقولون: كنا نعمل لغير الله، فقيل لنا: خذوا ثوابكم ممن عملتم له. ” ص 90 – 91 ” بيان: أقول: قال الشيخ المفيد رفع الله درجته: وأما النار فهي دار من جهل الله سبحانه، وقد يدخلها بعض من عرفه بمعصية الله تعالى، غير أنه لا يخلد فيها بل يخرج منها إلى النعيم، المقيم، وليس يخلد فيها إلا الكافرون. وقال تعالى: ” فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلها إلا الاشقى الذي كذب وتولى ” (1) يريد بالصلي هنا الخلود فيها. وقال تعالى: ” إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا ” (2) وقال: ” إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الارض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ” (3) الآيتان، وكل آية تتضمن ذكر الخلود في النار فإنما هي في الكفار دون أهل المعرفة بالله تعالى بدلائل العقول، والكتاب المسطور، والخبر الظاهر المشهور، والاجماع السابق لاهل البدع من أصحاب الوعيد، (4) ثم قال رحمه الله: وليس يجوز أن يعرف الله تعالى من هو كافر به، ولا يجهله من هو به مؤمن، وكل كافر على اصولنا فهو جاهل بالله، ومن خالف اصول الايمان من المصلين إلى قبلة الاسلام فهو عندنا جاهل بالله، وإن أظهر القول بتوحيده، كما أن الكافر برسول الله صلى الله عليه وآله جاهل بالله


[ 1 ] الليل: 14 – 16. [ 2 ] النساء: 56. [ 3 ] المائدة: 36. [ 4 ] في شرح العقائد المطبوع: والاجماع، والرأى السابق لاهل البدع من أصحاب الوعيد.

[ 326 ]

وإن كان فيهم من يعترف بتوحيد الله تعالى ويتظاهر بمايوهم المستضعفين أنه معرفة بالله تعالى، وقد قال الله تعالى: ” ومن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا ” (1) فأخرج بذلك المؤمن عن أحكام الكافرين، وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ” (2) الآية، فنفى عمن كفر بنبي الله الايمان، ولم يثبت له مع الشك فيه المعرفة بالله على حال، وقال تعالى: ” وقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ” إلى قوله: صاغرون ” (3) فنفى الايمان عن اليهود والنصارى وحكم عليهم بالكفر والضلال. أقول: سيأتي بعض ما يتعلق بالجنة والنار في احتجاج الرضا عليه السلام على سليمان المروزي، وقد مضى بعضها في باب صفة المحشر، وباب جنة الدنيا ونارها تتميم: أقول: بعد اتضاح الحق لديك فيما ورد في الآيات المتظافرة والاخبار المتواترة من أحوال الجنة والنار وخصوصياتهما فلنشر إلى بعض ماقاله في ذلك الفرقة المخالفة للدين من الحكماء والمتفلسفين لتعرف معاندتهم للحق المبين، ومعارضتهم لشرائع المرسلين. قال شارح المقاصد في تقرير مذهب الحكماء في الجنة والنار والثواب والعقاب: أما القائلون بعالم فيقولون بالجنة والنار وسائر ما ورد به الشرع من التفاصيل، ولكن في عالم المثل، لا من جنس المحسوسات المحضة على ما تقول به الاسلاميون وأما الاكثرون فيجعلون ذلك من قبيل اللذات والآلام العقلية، وذلك أن النفوس البشرية سواء جعلت أزلية كما هو رأي أفلاطون، أولا كما هو رأي أرسطو فهي أبدية عندهم لا تفنى بخراب البدن، بل تبقى ملتذة بكمالاتها، مبتهجة بإدراكاتها، وذلك سعادتها وثوابها وجنانها على اختلاف المراتب وبتفاوت الاحوال، أو متألمة بفقد الكمالات وفساد الاعتقادات، وذلك شقاوتها وعقابها ونيرانها على مالها من اختلاف التفاصيل، وإنما لم يتنبه لذلك في هذا العالم لاستغراقها في تدبير


[ 1 ] الجن: 13. [ 2 ] النساء: 65. [ 3 ] التوبة: 29.

[ 327 ]

البدن وانغماسها في كدورات عالم الطبيعة، وبالجملة لما بها من العلائق والعوائق الزائلة بمفارقة البدن فما ورد في لسان الشرع من تقاصيل الثواب والعقاب وما يتعلق بذلك من السمعيات فهي مجازات وعبارات عن تفاصيل أحوالها في السعادة والشقاوة واختلاف أحوالها في اللذات والآلام والتدرج مما لها من دركات الشفاوة إلى درجات السعادة، فإن الشقاوة السرمدية إنما هي بالجهل المركب الراسخ والشرارة المضادة للملكة الفاضلة لا الجهل البسيط، والاخلاق الخالية عن غايتي الفضل والشرارة فإن شقاوتها منقطعة، بل ربما لا يقتضي الشقاوة أصلا. وتفصيل ذلك أن فوات كمالات النفس يكون إما لامر عدمي كنقصان غريزة العقل، أو وجودي كوجود الامور المضادة للكمالات، وهي إما راسخة أو غير راسخة، وكل واحد من الاقسام الثلاثة إما أن يكون بحسب القوة النطرية أو العملية، يصير ستة، فالذي بحسب نقصان الغريزة في القوتين معا فهو غير مجبول بعد الموت ولا عذاب بسببه أصلا، والذي بسبب مضاد راسخ في القوة النظرية كالجهل المركب الذي صار صورة للنفس غير مفارقة عنه فهو غير مجبول أيضا لكن عذابه دائم، وأما الثلاثة الباقية أعني النظرية الغير الراسخة كاعتقادات العوام والمقلدة والعملية الراسخة وغير الراسخة كالاخلاق والملكات الرديئة المستحكمة وغير المستحكمة فيزول بعد الموت لعدم رسوخها، أو لكونها هيآت مستفادة من الافعال والامزجة فتزول بزوالها، لكنها تختلف في شدة الرداءة وضعفها، وفي سرعة الزوال وبطئه، فيختلف العذاب بها في الكم والكيف بحسب الا ختلافين، وهذا إذا عرفت النفس أن لها كمالا فانيا، إما لاكتسابها ما يضاد الكامل، أو لاشتغالها بما يصرفها عن اكتساب الكمال، أو لتكاسلها في اقتناء الكمال، وعدم اشتغالها بشئ من العلوم، وأما النفوس السليمة الخالية عن الكمال وعما يضاده وعن الشوق إلى الكمال ففي سعة من رحمة الله، خارجة من البدن إلى سعادة تليق بها، غير متألمة بما يتأذى به الاشقياء إلا أنه ذهب بعض الفلاسفة إلا أنها لا تجوز أن تكون معطلة عن الادراك، فلابد أن تتعلق بأجسام اخر لما أنها لا تدرك إلا بآلات جسمانية، وحينئذ إما أن تصير مبادئ صور لها و


[ 328 ]

يكون نفوسا لها وهذا هو القول بالتناسخ، وإما أن لا تصير وهذا هو الذي مال إليه ابن سينا والفارابي من أنها تتعلق بأجرام سماوية لاعلى أن يكون نفوسا لها مدبرة لامورها، بل على أن يستعملها لامكان التخيل، ثم تتخيل، الصور التي كانت معتقدة عندها وفي وهمها فيشاهد الخيرات الاخروية على حسب ما يخيلها، قالوا: ويجوز أن يكون هذا الجرم متولدا من الهواء والادخنة من غير أن يقارن مزاجا يقتضي فيضان نفس إنسانية. ثم إن الحكماء وإن لم يثبتوا المعاد الجسماني والثواب والعقاب المحسوسين فلم ينكروها غاية الانكار بل جعلوها من الممكنات لا على وجه إعادة المعدوم، وجوزوا حمل الآيات الواردة فيها على ظواهرها، وصرحوا بأن ليس مخالفا للاصول الحكمية والقواعد الفلسفية، ولا مستبعد الوقوع في الحكمة الالهية، لان للتبشير والانذار نفعا ظاهرا في أمر نظام المعاش وصلاح المعاد، ثم الايفاء بذلك التبشير والانذار بثواب المطيع وعقاب العاصي تأكيد لذلك وموجب لازدياد النفع فيكون خيرا بالقياس إلى الاكثرين، وإن كان ضرا في حق المعذب، فيكون من جملة الخير الكثير الذي يلزمه شر قليل، بمنزلة قطع العضو لصلاح البدن انتهى. ونحوا من ذلك ذكر الشيخ ابن سينا في رسالة المبدء والمعاد ولم يذكر هذا التجويز، وإنما جوزه في الشفاء خوفا من الديانين في زمانه، ولا يخفى على من راجع كلامهم وتتبع اصولهم أن جلها لا يطابق ما ورد في شرائع الانبياء، وإنما يمضغون ببعض اصول الشرائع وضروريات الملل على ألسنتهم في كل زمان حذرا من القتل والتكفير من مؤمني أهل زمانهم، فهم يؤمنون بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم كافرون ولعمري من قال: بأن الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد، وكل حادث مسبوق بمادة، وما ثبت قدمه امتنع عدمه، وبأن العقول والافلاك وهيولى العناصر قديمة، وأن الانواع المتوالدة كلها قديمة وأنه لا يجوز إعادة المعدوم، وأن الافلاك متطابقة، ولا تكون العنصريات فوق الافلاك، وأمثال ذلك كيف يؤمن بما أتت به الشرائع ونطقت به الآيات وتواترت به الروايات من اختيار الواجب وأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما


[ 329 ]

يريد، وحدوث العالم، وحدوث آدم، والحشر الجسماني، وكون الجنة في السماء مشتملة على الحور والقصور والابنية والمساكن والاشجار والانهار، وأن السماوات تنشق وتطوى، والكواكب تنتثر وتتساقط بل تفنى، وأن الملائكة أجسام ملئت منهم السماوات ينزلون ويعرجون، وأن النبي صلى الله عليه وآله قد عرج إلى السماء وكذا عيسى وإدريس عليهما السلام، وكذا كثير من معجزات الانبياء والاوصياء عليهم السلام من شق القمر وإحياء الاموات ورد الشمس وطلوعها من مغربها وكسوف الشمس في غير زمانه وخسوف القمر في غير أوانه، وأمثال ذلك ؟ ومن أنصف ورجع إلى كلامهم علم أنهم لا يعاملون أصحاب الشرائع إلا كمعاملة المستهزئ بهم، أو من جعل الانبياء عليهم السلام كأرباب الحيل و المعميات الذين لا يأتون بشئ يفهمه الناس، بل يلبسون عليهم في مدة بعثتهم، أعاذنا الله وسائر المؤمنين عن تسويلاتهم وشبههم، وسنكتب إن شاء الله في ذلك كتابا مفردا والله الموفق. * (باب 25) * * (الاعراف وأهلها، وما يجرى بين أهل الجنة وأهل النار) * الايات، الاعراف ” 7 ” والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون * ونزعنا ما في صدورهم من غل تجري من تحتهم الانهار وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق ونودوا أن تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون * ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا وما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون * وبينهما حجاب وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون * وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين * ونادى


[ 330 ]

أصحاب الاعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون * أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون * ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أومما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين * الذين اتخذوا دينهم لهوا والعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون 42 – 51. تفسير: قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: ” ونزعنا ما في صدورهم من غل ” أي وأخرجنا ما في قلوبهم من حقد وحسد وعداوة في الجنة حتى لا يحسد بعضهم بعضا، وإن رآه أرفع درجة منه ” وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا ” أي هدانا للعمل الذي استوجبنا به هذا الثواب بأن دلنا عليه وعرضنا له بتكليفه إيانا، وقيل: هدانا لثبوت الايمان في قلوبنا، وقيل: لنزع الغل من صدورنا، وقيل: هدانا لمجاوزة الصراط ودخول الجنة ” وما كنا لنهتدي ” لما يصيرنا إلى هذا النعيم المقيم والثواب العظيم ” لولا أن هدانا الله ” هذا اعتراف من أهل الجنة بنعمة الله سبحانه إليهم، ومنه عليهم في دخول الجنة على سبيل الشكر والتلذذ بذلك: لانه لا تكليف هناك ” ونودوا ” أي ويناديهم مناد من جهة الله تعالى، ويجوز أن يكون ذلك خطابا منه سبحانه لهم ” أن تلكم الجنة اورثتموها ” أي اعطيتموها إرثا وصارت إليكم كما يصير الميراث لاهله، أو جعلها الله سبحانه بدلا لكم عما كان أعده للكفار لو آمنوا ” بما كنتم تعملون ” أي توحدون الله وتقومون بفرائضه ” ونادى ” أي وسينادي ” أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا ” من الثواب في كتبه وعلى ألسنة رسله ” حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم من العقاب حقا ” فهذا سؤال توبيخ وشماتة يزيد به سرور أهل الجنة وحسرة أهل النار ” قالوا نعم فأذن مؤذن ” أي نادى منا بينهم أسمع الفريقين ” أن لعنة الله على الظالمين ” أي غضب الله وأليم عقابه على الكافرين ” الذين يصدون عن سبيل الله ” أي الطريق الذي دل الله سبحانه على أنه يؤدي إلى الجنة ويبغونها عوجا ” قال ابن عباس: معناه: يصلون لغير الله، ويعظمون ما لم يعظمه الله، وقيل: يطلبون لها العوج بالشبه التي يلبسون بها.


[ 331 ]

وروى أبو القاسم الحسكاني بإسناده عن محمد بن الحنفية، عن علي عليه السلام أنه قال: أنا ذلك المؤذن. وبإسناده عن أبي صالح، عن ابن عباس إن لعلي في كتاب الله أسماء لا تعرفها الناس، قوله: فأذن مؤذن بينهم فهو المؤذن بينهم يقول: ألا لعنة الله على الظالمين الذين كذبوا بولايتي واستخفوا بحقي. ” وبينهما حجاب ” أي بين الفريقين: أهل الجنة وأهل النار ستر، وهو الاعراف والاعراف: سوربين الجنة والنار، عن ابن عباس ومجاهد والسدي، وفي التنزيل: ” فضرب بينهم بسور ” الآية، وقيل: الاعراف: شرف ذلك السور، وقيل الاعراف الصراط ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” اختلف في المراد بالرجال هنا على أقوال: فقيل: إنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم فحالت حسناتهم بينهم وبين النار، وحالت سيئاتهم بينهم وبين الجنة فجعلوا هنالك حتى يقضي الله فيهم ما شاء، ثم يدخلهم الجنة، عن ابن عباس وابن مسعود، وذكر أن بكربن عبد الله المزني قال للحسن: بلغني أنهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم، فضرب الحسن يده على فخذه ثم قال: هؤلاء قوم جعلهم الله على تعريف أهل الجنة والنار يميزون بعضهم من بعض، والله لا أدري لعل بعضهم معنا في هذا البيت، وقيل: إن الاعراف موضع عال على الصراط عليه حمزة والعباس وعلي وجعفر يعرفون محبيهم ببياض الوجوه، ومبغضيهم بسواد الوجوه عن الضحاك عن ابن عباس، رواه الثعلبي بالاسناد في تفسيره. وقيل: إنهم الملائكة في صورة الرجال يعرفون أهل الجنة والنار، ويكونون خزنة الجنة والنار جميعا، أو يكونون حفظة الاعمال الشاهدين بها في الآخرة، عن أبي محلز، (1) وقيل: إنهم فضلاء المؤمنين، عن الحسن ومجاهد، وقيل: إنهم الشهداء وهم عدول الآخرة، عن الجبائي. وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: هم آل محمد عليهم السلام لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه. وقال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام: الاعراف كثبان بين الجنة والنار، فيوقف


[ 1 ] هكذا في الكتاب، والصحيح: أبو مجلز بالجيم، والرجل هو لاحق بن حميد التابعي البصري.

[ 332 ]

عليها كل نبي وكل خليفة نبي مع المذنبين من أهل زمانه، كما يقف صاحب الجيش مع الضعفاء من جنده، وقد سبق المحسنون إلى الجنة، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه: انظروا إلى إخوانكم المحسنين قد سبقوا إلى الجنة، فيسلم المذنبون عليهم، وذلك قوله: ” ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم “. ثم أخبر سبحانه أنهم لم يدخلوها وهم يطمعون، يعني هؤلاء المذنبين لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون أن يدخلهم الله إياها بشفاعة النبي والامام، وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار ويقولون: ” ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ” ثم ينادي أصحاب الاعراف وهم الانبياء والخلفاء أهل النار مقرعين لهم: ” ما أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون ” به ” أهؤلاء الذين أقسمتم ” يعني أهؤلاء المستضعفين الذين كنتم تحقرونهم وتستطيلون بدنياكم عليهم، ثم يقولون لهؤلاء المستضعفين عن أمر من الله لهم بذلك: ” ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون “. ويؤيده ما رواه أبو القاسم الحسكاني بإسناده إلى الاصبغ بن نباتة قال: كنت جالسا عند علي عليه السلام فأتاه ابن الكواء فسأله عن هذه الآية، فقال: ويحك يابن الكواء نحن نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنة، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار، وقوله: ” يعرفون كلا بسيماهم ” يعني هؤلاء الرجال الذين هم على الاعراف يعرفون جمبع الخلق بسيماهم، يعرفون أهل الجنة بسيماء المطيعين، وأهل النار بسيماء العصاة ” ونادوا أصحاب الجنة ” يعني هؤلاء الذين على الاعراف ينادون أصحاب الجنة ” أن سلام عليكم ” وهذا تسليم تهنئة وسرور بما وهب الله لهم ” لم يدخلوها ” أي لم يدخلوا الجنة بعد ” وهم يطمعون ” أن يدخلوها، قيل: إن الطمع ههنا طمع يقين مثل قول إبراهيم: ” والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين “. (1) ” وإذا صرفت أبصارهم ” أي أبصار أهل الاعراف ” تلقاء أصحاب النار ” أي إلى


[ 1 ] الشعراء: 82.

[ 333 ]

جهتهم فنظروا إليهم، وإنما قال كذلك لان نظرهم نظر عداوة فلا ينظرون إليهم إلا إذا صرفت وجوههم إليهم ” قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ” أي لا تجمعنا وإياهم في النار. وروي أن في قراءة ابن مسعود وسالم: ” وإذا قلبت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا عائذا بك أن تجعلنا مع القوم الظالمين ” وري ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام. ” ونادى أصحاب الاعراف رجالا من أصحاب النار يعرفونهم بسيماهم ” أي بصفاتهم يدعونهم بأساميهم وكناهم، ويسمون رؤساء المشركين، عن ابن عباس، وقيل: بعلاماتهم التي جعلها الله تعالى لهم من سواد الوجوه وتشويه الخلق وزرقة العين، وقيل: بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا ” قالوا ما أغنى عنكم جمعكم ” الاموال و العدد في الدنيا ” وما كنتم تستكبرون ” أي واستكباركم من عبادة الله تعالى وعن قبول الحق وقد كنا نصحناكم فاشتغلتم بجمع الاموال وتكبرتم فلم تقبلوا منا، فأين ذلك المال ؟ وأين ذلك التكبر ؟ وقيل: معناه: ما نفعكم جماعتكم التي استندتم إليها وتجبر كم عن الانقياد لانبياء الله في الدنيا ” أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ” أي حلفتم أنهم لا يصيبهم الله برحمة وخير ولا يدخلون الجنة كذبتم، ثم يقولون لهؤلاء ” ادخلوا الجنة لاخوف عليكم ولا أنتم تحزنون ” أي لا خائفين ولا محزونين، على أكمل سرور وأتم كرامة، والمراد بهذا تقريع الذين أزروا على ضعفاء المؤمنين (1) حتى حلفوا أنهم لا خير لهم عند الله. وقد اضطربت أقوال المفسرين في القائل لهذا القول، فقال الاكثرون: إنه كلام أصحاب الاعراف، وقيل: هو كلام الله تعالى، وقيل: كلام الملائكة، والصحيح ما ذكرناه لانه المروي عن الصادق عليه السلام. ” ونادى أصحاب النار ” وهم المخلدون فيها ” أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء ” أي صبوا علينا من الماء نسكن به العطش، أو ندفع به حر النار ” أو مما رزقكم الله ” أي أعطاكم الله من الطعام ” قالوا ” يعني أهل الجنة جوابا لهم: ” إن الله حرمهما على الكافرين “.


[ 1 ] أزرى عليه عمله: عاتبه أو عابه عليه.

[ 334 ]

ويسأل فيقال: كيف يتنادى أهل الجنة وأهل النار وأهل الجنة في السماء على ما جاءت به الرواية وأهل النار في الارض وبينهما أبعد الغايات من البعد ؟ واجيب عن ذلك بأنه يجوز أن يزيل الله تعالى عنهم ما يمنع من السماع، ويجوز أن يقوي الله أصواتهم فيسمع بعضهم كلام بعض. ” الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا ” أي أعدوا دينهم الذي أمرهم الله تعالى به اللهو واللعب دون التدين به، وقيل: اتخذوا دينهم الذي كان يلزمهم التدين به و التجنب من محظوراته لعبا ولهوا، فحرموا ما شاؤوا واستحلوا ما شاؤوا بشهواتهم. ” وغرتهم الحياة الدنيا ” أي اغتروا بها وبطول البقاء فيها، فكأن الدنيا غرتهم ” فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ” أي نتركهم في العذاب كما تركوا التأهب والعمل للقاء هذا اليوم، وقيل: أي نعاملهم معاملة المنسي في النار، فلا نجيب لهم دعوة، ولا نرحم لهم عبرة كما تركوا الاستدلال حتى نسوا العلم وتعرضوا للنسيان ” وما كانوا بآياتنا يجحدون ” (ما) في الموضعين بمعنى المصدر وتقديره: كنسيانهم لقاء يومهم هذا وكونهم جاحدين لآياتنا، واختلف في هذه الآية فقيل: إن الجميع كلام الله تعالى على غير وجه الحكاية عن أهل الجنة وتم كلام أهل الجنة عند قوله: ” حرمهما على الكافرين ” وقيل: إنه من كلام أهل الجنة إلى قوله: ” الحياة الدنيا ” ثم استأنف سبحانه الكلام بقوله: ” فاليوم ننساهم ” انتهى كلامه رحمه الله. أقول: الذي يظهر لي من الآيات والاخبار هو أن الله تعالى بعد خرق السماوات وطيهاينزل الجنة والعرش قريبا من الارض فيكون سقف الجنة العرش، ولا يبعد أن يكون هذا هو المراد بقوله تعالى: ” وازلفت الجنة للمتقين ” وتتحول البحار نيرانا فيوضع الصراط من الارض إلى الجنة. والاعراف: درجات ومنازل بين الجنة والنار، وبهذا يندفع كثير من الاوهام، والاستبعادات التي تخطر في أذهان أقوام في كثير مما ورد في أحوال الجنة والنار، والصراط ومرور الخلق عليه، ودخولهم الجنة بعده، وإحضار العرش يوم القيامة وأمثالها، وبه يقل أيضا الاستبعاد الذي مر في كلام السائل وإن كان يحتاج إلى أحد الوجهين اللذين ذكرهما أو مثلهما، ليرفع الاستبعاد رأسا والله يعلم.


[ 335 ]

1 – فس: سئل العالم عليه السلام عن مؤمني الجن يدخلون الجنة ؟ فقال: لا، ولكن لله حظائر بين الجنة والنار يكون فيها مؤمنو الجن وفساق الشيعة. ” ص 624 ” 2 – فس: أبي، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: الاعراف كثبان بين الجنة والنار، والرجال: الائمة صلوات الله عليهم يقفون على الاعراف مع شيعتهم، وقد سبق المؤمنون (1) إلى الجنة بلا حساب، فيقول الائمة ليشعتهم من أصحاب الذنوب: انظروا إلى إخوانكم في الجنة قد سبقوا إليها بلا حساب (2) وهو قول الله تبارك وتعالى: ” سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون ” ثم يقال لهم: انظروا إلى أعدائكم في النار، وهو قوله: ” وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين * ونادى أصحاب الاعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم ” في النار ” قالوا ما أغنى عنكم جمعكم في الدنيا وما كنتم تستكبرون ” ثم يقول لمن في النار من أعدائهم هؤلاء شيعتي وإخواني الذين كنتم أنتم تحلفون في الدنيا أن لا ينالهم الله برحمة، ثم يقول الائمة لشيعتهم: ” ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزونون ” ثم ” نادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله “. ” ص 216 – 217 ” 3 – ير: أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد العجلي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” قال: انزلت في هذه الامة، والرجال هم الائمة من آل محمد، قلت: فما الاعراف ؟ قال: صراط بين الجنة والنار، فمن شفع له الائمة منا من المؤمنين المذنبين نجا، ومن لم يشفعوا له هوى. ” ص 145 ” 4 – ير: بعض أصحابنا، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أي بصير، عن أبي جعفر، عليه السلام في قول الله عزوجل ” وعلى الاعراف رجال


[ 1 ] في التفسير المطبوع: وقد سيق المؤمنون. [ 2 ] في التفسير المطبوع: قد سيقوا إليها بلا حساب.

[ 336 ]

يعرفون كلا بسيماهم ” قال: الائمة منا أهل البيت في باب من ياقوت أحمر على سور الجنة يعرف كل إمام منا ما يليه، قال: من القرن الذي هو فيه إلى القرن الذي كان. ” ص 146 ” 5 – ير: محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن بعض أصحابه، عن سعد الاسكاف قال: قلت: لابي جعفر عليه السلام قوله عزوجل: ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” فقال: يا سعد إنها أعراف لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، وأعراف لا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه، وأعراف لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتهم، فلا سواء ما اعتصمت به المعتصمة، ومن ذهب مذهب الناس، ذهب الناس إلى عين كدرة يفرغ بعضها في بعض، ومن أتى آل محمد أتى عينا صافية تجري بعلم الله ليس لها نفاد ولا انقطاع، ذلك بأن الله لو شاء لاراهم شخصه حتى يأتوه من بابه، لكن جعل الله محمد وآل محمد الابواب التي يؤتي منها، وذلك قوله: ” وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها “. ” ص 146 ” بيان: الضمير في قوله: إلا من عرفهم راجع إلى أهل الاعراف. قوله عليه السلام: فلا سواء ما اعتصمت به المعتصمة أي من اعتصم به، أو المراد به الدين الذي اختاروه، فيقدر مضاف في قوله: من ذهب. قوله عليه السلام: لاراهم شخصه أي آثاره من الآيات والمعجزات والكلام والوحي بدون توسط الانبياء والائمة صلوات الله عليهم. حتى يأتوه من بابه أي بغير توسط، ويحتمل أن يكون الرؤية بمعنى العلم لا الابصار. 6 – شى: عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قوله: ” فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ” قال: المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام. 7 – شى: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن جده، عن علي عليهم السلام قال: أنا يعسوب المؤمنين، وأنا أول السابقين، وخليفة رسول رب العالمين، وأنا قسيم الجنة والنار، وأنا صاحب الاعراف. 8 – شى: عن هلقام، (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله: ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” ما يعنى بقوله: ” وعلى الاعراف رجال ” ؟ قال:


[ 1 ] الهلقام بكسر الهاء وسكون اللام ذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الامام الباقر عليه السلام.

[ 337 ]

ألستم تعرفون عليكم عرفاء وعلى قبائلكم ليعرف من فيها من صالح أو طالح ؟ قلت: بلى، قال فنحن اولئك الرجال الذين يعرفون كلا بسيماهم. 9 – شى: عن زاذان، عن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي أكثر من عشر مرات: يا علي إنك والاوصياء من بعدك أعراف بين الجنة والنار، لا يدخل الجنة إلا من عرفكم وعرفتموه، ويلا يدخل النار إلا من أنكركم وأنكرتموه. 10 – شى: عن سعد بن طريف، عن أبي جعفر عليه السلام في هذه الآية: ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” قال: يا سعد هم آل محمد عليهم السلام لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه. 11 – شى: عن الطيار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: أي شئ أصحاب الاعراف ؟ قال: استوت الحسنات والسيئات، فإن أدخلهم الله الجنة فبرحمته، وإن عذبهم لم يظلمهم. بيان: ما رواه علي بن إبراهيم عن بريد ورواه الطبرسي جامع بين تلك الاخبار، فإن الائمة هم رؤساء أهل الاعراف والمذنبون من المؤمنين أيضا هم من أهلها كما عرفت. 12 – شى: عن كرام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا كان يوم القيامة أقبل سبع قباب من نور يواقيت خضر وبيض، في كل قبة إمام دهره، قد حف به أهل دهره برها وفاجرها حتى يقفون بباب الجنة، فيطلع أولها صاحب قبة إطلاعة فيتميز أهل ولايته وعدوه، ثم يقبل على عدوه فيقول: أنتم الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمته، ادخلوا الجنة لاخوف عليكم اليوم، يقوله لاصحابه، فيسود وجوه الظالم فيميز أصحابه إلى الجنة، وهم يقولون: ” ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين ” فإذا نظر أهل القبة الثانية إلى قلة من يدخل الجنة وكثرة من يدخل النار خافوا أن لا يدخلوها وذلك قوله: ” لم يدخلوها وهم يطمعون “. 13 – م: عن الصادق عليه السلام قال: فأما في يوم القيامة فإنا وأهلنا نجزي عن شيعتنا كل جزاء، ليكونن على الاعراف بين الجنة والنار محمد وعلي وفاطمة والحسن


[ 338 ]

والحسين عليهم السلام والطيبون من آلهم، فنرى بعض شيعتنا في تلك العرصات ممن كان منهم مقصرا في بعض شدائدها، فنبعث عليهم خيار شيعتنا كسلمان والمقداد وأبي ذر وعمار ونظرائهم في العصر الذي يليهم وفي كل عصر (1) إلى يوم القيامة فينقضون عليهم كالبزاة والصقورة ويتناولونهم كما تتناول البزاة والصقورة صيدها فيزفونهم إلى الجنة زفا، الخبر. 14 – فر: عبيد بن كثير بإسناده عن الاصبغ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: ” على الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” فقال: نحن الاعراف نعرف أنصارنا بأسمائهم، ونحن الاعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الاعراف نوقف يوم القيامة بين الجنة والنار فلا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه، الحديث. ” ص 46 ” 15 – فر: عن عبيد بن كثير بإسناده عن حبة العرني (2) عن علي عليه السلام إلى أن قال: نحن الاعراف من عرفنا دخل الجنة، ومن أنكرنا دخل النار. ” ص 46 ” 16 – شي: عن الثمالي قال: سئل أبو جعفر عليه السلام عن قول الله: ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” فقال أبو جعفر عليه السلام: نحن الاعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبب معرفتنا، ونحن الاعراف الذين لا يدخل الجنة إلا من عرفنا وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكرنا وأنكرناه، وذلك أن الله لو شاء أن يعرف الناس نفسه لعرفهم ولكنه جعلنا سببه وسبيله وبابه الذي يؤتى منه. 17 – شى: عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أحدهما: قال: إن أهل النار


[ 1 ] في نسخة: ثم في كل عصر. [ 2 ] بالحاء المفتوحة والباء المشددة المفتوحة هو حبة بن جوين أبو قدامة العرنى، وفي القاموس جوير بالراء، ذكر ابن الاثير في اسد الغابة ” ج 1 ص 367 ” ان ابن عقدة ذكره في الصحابة وأورده الشيخ في رجاله في أصحاب أمير المؤمنين والحسن عليهما السلام، وقال ابن حجر في التقريب ” ص 92 ” صدوق، له أغلاط، وكان غاليا في التشيع، من الثانية، وأخطا من زعم أن له صحبة، مات سنة ست، وقيل: تسع وسبعين.

[ 339 ]

يموتون عطاشا ويدخلون قبورهم عطاشا، ويدخلون جهنم عطاشا، فيرفع لهم قراباتهم من الجنة فيقولون: ” أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله “. 18 – شى: عن الزهري، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول: يوم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة: أن أفيضوا علينا من الماء. 19 – كا: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أحمد بن عمر الحلال قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله تعالى: ” فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين ” قال: المؤذن أمير المؤمنين عليه السلام. ” ج 1 ص 426 ” 20 – مع: الطالقاني، عن الجلودي، عن المغيرة بن محمد، عن رجاء بن سلمة، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام وساق الخطبة إلى أن قال: ونحن أصحاب الاعراف أنا وعمي وأخي وابن عمي، والله فالق الحب والنوى لا يلج النار لنا محب، ولا يدخل الجنة لنا مبغض، يقول الله عزوجل ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” الخطبة. ” ص 22 ” 21 – فس: قال الصادق عليه السلام: كل امة يحاسبها إمام زمانها، ويعرف الائمة أولياءهم وأعداءهم بسيماهم، وهو قوله: ” وعلى الاعراف رجال ” وهم الائمة ” يعرفون كلا بسيماهم ” فيعطون أولياءهم كتابهم بيمينهم فيمرون إلى الجنة بلا حساب، و يؤتون أعداءهم كتابهم بشمالهم فيمرون إلى النار بلا حساب فإذا نظر أولياؤهم في كتابهم يقولون لاخوانهم: ” هاؤم اقرؤا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه فهو في عيشة راضية ” أي مرضية، فوضع الفاعل مكان المفعول. ” ص 694 ” 22 – كا: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن محمد بن جمهور، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن الهيثم بن واقد، عن مقرن قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: جاء ابن الكواء إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال: يا أمير المؤمنين ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ” ؟ فقال نحن الاعراف نعرف أنصارنا بسيماهم، ونحن الاعراف الذين لا يعرف الله إلا بسبيل معرفتنا، ونحن الاعراف يعرفنا الله عزوجل


[ 340 ]

يوم القيامة على الصراط، ولا يدخل الجنة إلا من عرفناه، وعرفناه، ولا يدخل النار إلا من أنكر نا وأنكرناه. ” ج 1 ص 184 ” فر: بإسناده عن الاصبغ عنه عليه السلام مثله. أقول: سيأتي الاخبار الكثيرة في أنهم أهل الاعراف في أبواب فضائلهم عليهم السلام. 23 – عد: اعتقادنا في الاعراف أنه سور بين الجنة والنار، عليه رجال يعرفون كلا بسيماهم، والرجال هم النبي وأوصياءه عليهم السلام، يا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكروه، وعند الاعراف المرجان لامر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم. ” ص 87 ” أقول: وقال الشيخ المفيد رحمه الله في شرح هذا الكلام: قد قيل إن الاعراف جبل بين الجنة والنار، وقيل أيضا: إنه سور بين الجنة والنار، وجملة الامر في ذلك أنه مكان ليس من الجنة ولا من النار، وقد جاء الخبر بما ذكرناه وأنه إذا كان يوم القيامة كان به رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والائمة من ذريته صلوات الله عليهم، وهم الذين عنى الله بقوله: ” وعلى الاعراف رجال ” الآية، وذلك أن الله تعالى يعلمهم أصحاب الجنة وأصحاب النار بسيماء يجعلها عليهم وهي العلامات، وقد بين ذلك في قوله تعالى: ” يعرفون كلا بسيماهم (1) * يعرف المجرمون بسيماهم (2) ” وقال تعالى: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم (3) ” فأخبر أن في خلقه طائفة يتوسمون الخلق فيعرفونهم بسيماهم. وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال في بعض كلامه: أنا صاحب العصا والميسم. يعني علمه بمن يعلم حاله بالتوسم. وروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه سئل عن قوله تعالى: ” إن في ذلك لآيات للمتوسمين ” قال: فينا نزلت أهل البيت، يعني في الائمة عليهم السلام. وقد جاء الحديث بأن الله تعالى يسكن الاعراف طائفة من الخلق لم يستحقوا بأعمالهم الحسنة الثواب من غير عقاب، ولا استحقوا الخلود في النار، وهم المرجون


[ 1 ] الاعراف: 44. [ 2 ] الرحمن: 41. [ 3 ] الحجر: 75 – 76.

[ 341 ]

لامر الله، ولهم الشفاعة، والايزالون على الاعراف حتى يؤذن لهم في دخول الجنة بشفاعة النبي وأمير المؤمنين والائمة من بعده صلوات الله عليهم، وقيل أيضا: إنه مسكن طوائف لم يكونوا في الارض مكلفين فيستحقون بأعمالهم جنة ونارا فيسكنهم الله تعالى ذلك المكان، يعوضهم على آلامهم في الدنيا بنعيم لا يبلغون منازل أهل الثواب المستحقين له بالاعمال، وكل ما ذكرناه جائز في العقول، وقد وردت به أخبار والله أعلم بالحقيقة من ذلك إلا أن المقطوع به في جملته أن الاعراف مكان بين الجنة والنار، يقف فيه من سميناه من حجج الله تعالى على خلقه، ويكون به يوم القيامة قوم من المرجون لامر الله، وما بعد ذلك فالله أعلم بالحال فيه. * (باب 26) * * (ذبح الموت بين الجنة والنار والخلود فيهما وعلته) * الايات، هود ” 11 ” وما نؤخره إلا لاجل معدود * يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد * فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق * خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد * وأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ 104 – 108. مريم ” 19 ” وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الامر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون 39. تفسير: قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: ” خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك “: اختلف العلماء في تأويل هذا في الآيتين وهما من المواضع المشكلة في القرآن، والاشكال فيه من وجهين: أحدهما تحديد الخلود بمدة دوام السماوات والارض، والآخر الاستثناء بقوله: ” إلا ما شاء ربك ” فالاول فيه أقوال: أحدها أن المراد: مادامت السماوات والارض مبدلتين، أي مادامت سماء الآخرة و أرضها وهما لا يفنيان إذا اعيدا بعد الافناء، وثانيها أن المراد: مادامت سماوات الجنة والنار وأرضهما، وكل ما علاك وأظلك فهو سماء وكل ما استقر عليه قدمك فهو


[ 342 ]

أرض وهذا مثل الاول أو قريب منه، وثالثها: أن المراد مادامت الآخرة وهي دائمة أبدا، كما أن دوام السماء والارض في الدنيا قدر مدة بقائها، ورابعها: أنه لايراد به السماء والارض بعينهما، بل المراد التبعيد، فإن للعرب ألفاظا للتبعيد في معنى التأبيد يقولون: لا أفعل ذلك ما اختلف الليل والنهار، وما دامت السماوات والارض، وماذر شارق، وأشباه ذلك كثيرة ظنا منهم أن هذه الاشياء لا تتغير، ويريدون بذلك التأبيد لا التوقيت، فخاطبهم الله سبحانه بالمتعارف من كلامهم على قدر عقولهم وما يعرفون. وأما الكلام في الاستثناء فقد اختلف فيه أقوال العلماء على وجوه: أحدها: أنه استثنى في الزيادة من العذاب لاهل العذاب والزيادة من النعيم لاهل الجنة، والتقدير: إلا ما شاء ربك من الزيادة على هذا المقدار، كما يقول الرجل لغيره: لي عليك ألف دينار إلا الالفين اللذين أقرضتكهما وقت كذا، فالالفان زيادة على الالف بغير شك، لان الكثير لا يستثنى من القليل فيكون على هذا (إلا) بمعنى سوى، وثانيها: أن الاستثناء واقع على مقامهم في المحشر والحساب لانهم حينئذ ليسوا في جنة ولا نار، ومدة كونهم في البرزخ الذي هو مابين الموت والحياة، لانه تعالى لو قال: خالدين فيها أبدا ولم يستثن لظن ظان أنهم يكونون في النار أو الجنة من لدن نزول الآية، أو من بعد انقطاع التكليف فحصل للاستثناء فائدة. وثالثها أن الاستثناء الاول يتصل بقوله: ” لهم فيها زفير وشهيق ” وتقديره إلا ما شاء ربك من أنواع العذاب على هذين الضربين (1) ولا يتعلق الاستثناء بالخلود، وفي أهل الجنة يتصل بما دل عليه الكلام، فكأنه قال: لهم فيها نعيم إلا ما شاء ربك من أنواع النعيم وإنما دل عليه قوله: ” عطاء غير مجذوذ “. ورابعها أن يكون إلا بمعنى الواو أي وما شاء ربك، عن الفراء وقد ضعفه محقق والنحويين. وخامسها أن المراد بالذين شقوا من ادخل النار من أهل التوحيد الذين


[ 1 ] في التفسير المطبوع: الا ما شاء ربك من أجناس العذاب الخارجة عن هذين الضربين،

[ 343 ]

ضموا إلى إيمانهم وطاعاتهم ارتكاب المعاصي، فقال سبحانه: إنهم معاقبون في النار إلا ما شاء ربك من إخراجهم إلى الجنة وإيصال ثواب طاعاتهم إليهم. ويجوز أن يريد بالذين شقوا جميع الداخلين إلى جهنم ثم استثنى بقوله: ” إلا ما شاء ربك ” أهل الطاعات منهم ممن قد استحق الثواب، ولابد أن يوصل إليه، و تقديره: إلا ما شاء ربك أن يخرجه بتوحيده من النار ويدخله الجنة، وقد يكون (ما) بمعنى (من) وأما في أهل الجنة فهو استثناء من خلودهم أيضا لما ذكرناه لان من ينقل إلى الجنة من النار وخلد فيها لابد في الاخبار عنه بتأبيد خلوده أيضا من استثناء ما تقدم، فكأنه قال: خالدين فيها إلا ما شاء ربك من الوقت الذي أدخلهم فيه النار قبل أن ينقلهم إلى الجنة، فما في قوله: ما شاء ربك ههنا على بابه، والاستثناء من الزمان، والا ستثناء في الاول عن الاعيان، والذين شقوا على هذا القول هم الذين سعدوا بأعيانهم وإنما اجرى عليهم كل لفظ في الحال التي تليق به، فإذا ادخلوا النار وعوقبوا فيها فهم من أهل الشقاوة، وإذانقلوا منها إلى الجنة فهم من أهل السعادة، وهذا القول عن ابن عباس وجابربن عبد الله وأبي سعيد الخدري وقتادة والسدي والضحاك وجماعة من المفسرين، وروى أبوروق، (1) عن الضحاك، عن ابن عباس قال: الذين شقوا ليس فيهم كافر، وإنما هم قوم من أهل التوحيد يدخلون النار بذنوبهم، ثم يتفضل الله عليهم فيخرجهم من النار إلى الجنة، فيكونون أشقياء في حال، سعداء في حال اخرى. وقال قتادة: الله أعلم بثنياه (2) ذكر لنا أن ناسا يصيبهم سفع من النار بذنوبهم ثم يدخلهم الله الجنة برحمته يسمون الجهنميين وهم الذين أنفذ فيهم الوعيد، ثم أخرجهم الله بالشفاعة. وسادسها أن تعليق ذلك بالمشية على سبيل التأكيد للخلود والتبعيد للخروج


(1) بفتح الراء وسكون الواو، هو عطية بن الحارث الهمداني الكوفى صاحب التفسير قال ابن حجرفى التقريب ” ص 363 ” صدوق من الخامسة، وفي تعقيب التقريب: قال ابن عبد البر وثقه الكوفيون بلا جرح وصدقه أحمد وأبو حاتم انتهى. وقال العلامة في القسم الاول من الخلاصة ” ص 6 ” عطية بن الحارث أبوروق الهمداني الكوفى تابعي، قال ابن عقدة: إنه كان يقول بولاية أهل البيت عليهم السلام. (2) الثنية: الاستثناء.

[ 344 ]

لان الله تعالى لا يشاء إلا تخليدهم على ماحكم به فكأنه تعليق لما لا يكون بما لا يكون، لانه لا يشاء أن يخرجهم منها. وسابعها ماقاله الحسن: إن الله تعالى استثنى ثم عزم بقوله: ” إن ربك فعال لما يريد ” أنه أراد أن يخلدهم، وقريب منه ماقاله الزجاج وغيره: إنه استثناء تستثنيه العرب وتفعله كما تقول: والله لاضربن زيدا إلا أن أرى غير ذلك وأنت عازم على ضربه، والمعنى في الاستثناء على هذا: إنى لو شئت أن لا أضربه لفعلت. وثامنها ما قاله يحيى بن سلام البصري: إنه يعني بقوله: ” إلا ما شاء ربك ” ما سبقهم به الذين دخلوا قبلهم من الفريقين، واحتج بقوله تعالى: ” وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ” وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا (1) ” قال: إن الزمرة تدخل بعد الزمرة، فلا بد أن يقع بينهما تفاوت في الدخول، والاستثنا آن على هذا من الزمان. وتاسعها: أن المعنى أنهم خالدون في النار، دائمون فيها مدة كونهم في القبور مادامت السموات في الارض والدنيا، وإذا فنيتا وعدمتا انقطع عقابهم إلى أن يبعثهم الله للحساب، وقوله: ” إلا ما شاء ربك ” استثناء وقع على ما يكون في الآخرة. أو رده الشيخ أبو جعفر قدس الله روحه وقال: ذكره قوم من أصحابنا في التفسير. وعاشرها: أن المراد: إلا ما شاء ربك أن يتجاوز عنهم فلا يدخلهم النار، فالاستثناء لاهل التوحيد عن أبي محلز (2) قال: هي جزاؤهم، وإن شاء سبحانه تجاوز عنهم، والاستثناء على هذا يكون من الاعيان ” عطاء غير مجذوذ ” أي غير مقطوع. وفي قوله: ” وأنذرهم يوم الحسرة ” الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله، أي خوف كفار قريش يوم يتحسر المسئ هلا أحسن العمل ؟ والمحسن هلا ازداد من العمل ؟ وهو يوم القيامة، وقيل: إنما يتحسر من يستحق العقاب فأما المؤمن فلا يتحسر. وروى مسلم في الصحيح بالاسناد عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قيل: يا أهل الجنة


[ 1 ] الزمر: 71 و 73. [ 2 ] قد عرفت أنه بالجيم.

[ 345 ]

فيشرفون وينظرون، وقيل: يا أهل النار فيشرفون وينظرون، فيجاء بالموت كأنه كبش أملح فيقال لهم: تعرفون الموت ؟ فيقولون: هو هذا، وكل قد عرفه، قال: فيقدم ويذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلاموت، قال: وذلك قوله: ” وأنذرهم يوم الحسرة ” الآية. ورواه أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام، ثم جاء في آخره فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ ميتا لماتوا فرحا، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتا لماتوا ” إذ قضي الامر ” أي فرغ من الامر وانقضت الآمال، وادخل قوم النار وقوم الجنة، وقيل: معناه: انقضى أمر الدنيا فلا يرجع إليها لاستدراك الغاية، وقيل: معناه: حكم بين الخلائق بالعدل، وقيل: قضي على أهل الجنة الخلود، وقضي على أهل النار الخلود ” وهم في غفلة ” في الدنيا عن ذلك ” وهم لا يؤمنون ” أي لا يصدقون به. 1 – مع: أبي، عن سعد، عن الاصفهاني، عن المنقري، عن حفص، عن أبي عبد الله عليه السلام وساق الحديث إلى أن قال: ويوم الحسرة يم يؤتى بالموت فيذبح ” ص 50 ” 2 – ين: النضر بن سويد، عن درست، عن أبي المغرا، عن أبي بصير قال: لاأعلمه ذكره إلا عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا أدخل الله أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جئ بالموت في صورة كبش حتى يوقف بين الجنة والنار، قال: ثم ينادي مناد يسمع أهل الدارين جميعا: يا أهل الجنة يا أهل النار، فإذا سمعوا الصوت أقبلوا، قال: فيقال لهم: أتدرون ما هذا ؟ هذا هو الموت الذي كنتم تخافون منه في الدنيا، قال: فيقول أهل الجنة: اللهم لا تدخل الموت علينا، قال: ويقول أهل النار: اللهم أدخل الموت علينا، قال ثم يذبح كما تذبح الشاة، قال: ثم ينادي مناد: لاموت أبدا، أيقنوا بالخلود، قال: فيفرح أهل الجنة فرحا لو كان أحد يومئذ يموت من فرح لماتوا، قال: ثم قرأ هذه الآية: ” أفما نحن بميتين إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون ” قال: ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد يموت من شهيق لماتوا، وهو قول الله عزوجل: ” وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الامر “.


[ 346 ]

3 – ين: النضر بن سويد، عن درست، عن الاحول، عن حمران قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إن بلغنا أنه يأتي على جهنم حين يصطفق أبوابها، فقال: لا والله إنه الخلود، قلت: ” خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك ” ؟ فقال هذه في الذين يخرجون من النار. بيان: قوله: حين يصطفق أبوابها (1) يقال: اصطفقت الاشجار: اهتزت بالريح، وهي كناية عن خلوها عن الناس. 4 – فس: أبي، عن ابن محبوب، عن أبي ولاد الحناط، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل عن قوله: ” وأنذرهم يوم الحسرة ” الآية قال: ينادي مناد من عند الله – و ذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار -: يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور ؟ فيقولون: لا، فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار، ثم ينادون جميعا: اشرفوا وانظروا إلى الموت فيشرفون ثم يأمر الله به فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت أبدا، ويا أهل النار خلود فلا موت أبدا، وهو قوله: ” وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الامر وهم في غفلة ” أي قضي على أهل الجنة بالخلود (2) فيها، وقضي على أهل النار بالخلود فيها” ص 411 “


[ 1 ] ويحتمل أن يكون مصحف يصفق، من صفق الباب: أغلقه وفتحه ضد، أو يكون بمعناه. [ 2 ] في المصدر: في كليهما: ” الخلود ” بدون الباء. م [ * ] قال الرازي في تفسيره: قالوا: الحياة هي الصفة التى يكون الموصوف بها بحيث يصح أن يعلم ويقدر، واختلفوا في الموت فقال قوم: انه عبارة عن عدم هذه الصفة، وقال أصحابنا إنه صفة وجودية مضادة للحياة، احتجوا بقوله تعالى: ” خلق الموت والحياة ” والعدم لا يكون مخلوقا وهذا هو التحقيق، وروى الكلبى باسناده عن ابن عباس أنه تعالى خلق الموت في صورة كبش أملح لا يمر بشئ ولا يجد رائحته شئ الا مات، وخلق الحياة في صورة فرس بلقاء فوق الحمار ودون البغل لا يمر بشئ ولا يجد رائحته شئ الاحيى. واعلم ان هذا لابد وأن يكون مقولا على سبيل التمثيل والتصوير والا فالتحقيق هو الذى ذكرناه، انتهى. منه

[ 347 ]

5 – ع: أبي، عن سعد، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود الشاذكوني (1) عن أحمد بن يونس، عن أبي هاشم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخلود في الجنة و النار، فقال: إنما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدينا لو بقوا أن يطيعوا الله أبدا ما بقوا، فالنيات تخلد هؤلاء وهؤلاء، ثم تلا قوله تعالى: ” قل كل يعمل على شاكلته ” قال: على نيته. ” ص 177 ” سن: القاساني، عن الاصبهاني، عن المنقري، عن أحمد بن يونس مثله. (2) ” ص 331 ” 6 – فس: أبي عن علي بن مهزيار، والحسن بن محبوب، عن النضر بن سويد عن درست، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جئ بالموت فيذبح، (3) ثم يقال: خلود فلا موت أبدا. ” ص 556 ” 7 – شى: عن مسعدة بن صدقة قال: قص أبو عبد الله عليه السلام قصص أهل الميثاق من أهل الجنة وأهل النار، فقال في صفات أهل الجنة: فمنهم من لقى الله شهداء لرسله، ثم من في صفتهم حتى بلغ من قوله: ثم جاء الاستثناء من الله في الفريقين


[ 1 ] منسوب إلى الشاذكونه وهى ثياب غليظة مضربة تعمل باليمن كما في القاموس، يستفاد من الصدوق في المشيخة أنه لقب أبيه، وسليمان هذا يلقب بابن الشاذكونى خلافا للنجاشي في الفهرست فانه نسب سليمان إلى ذلك، وقال ابن الاثير في اللباب ” ج 2 ص 3 ” وإنما نسب إلى ذلك لان أبا المنتسب كان يتجر إلى اليمن وكان يبيع هذه المضربات الكبار وتسمى شاذكونه ونسب إليها، و المشهور بهذه النسبة أبو أيوب سليمان بن داود بن بشر بن زياد المنقرى البصري الشاذكونى، كان حافظا مكثرا، روى عن عبد الواحد بن زياد وحماد بن زيد وغيرهما، وكان مع علمه ضعيفا في الحديث ومات في جمادى الاولى سنة أربع وثلاثين ومائتين انتهى. وعلى أي فالرجل معروف مترجم في كتب الفريقين، ترجمه ابن حجر في لسان الميزان ” ج 3 ص 84 ” وذكر كلام أكابرهم مفصلا في حقه، وترجمه النجاشي في الفهرست ” ص 131 ” وقال: ليس بالمتحقق بنا، غير أنه روى عن جماعة أصحابنا من أصحاب جعفر بن محمد عليه السلام، وكان ثقة، وله كتاب إه‍. وترجمه أيضا الطوسى في الفهرست ص 77. [ 2 ] مع اختلاف يسير م [ 3 ] في المصدر: فيذبح كالكبش، ثم اه‍. م

[ 348 ]

جميعا فقال الجاهل بعلم التفسير: إن هذا الاستثناء من الله إنما هو لمن دخل الجنة والنار، وذلك أن الفريقين جميعا يخرجان منهما فيبقيان فليس فيهما أحد وكذبوا، بل إنما عنى بالاستثناء أن ولد آدم كلهم وولد الجان معهم على الارض والسماوات يظلهم فهو ينقل المؤمنين حتى يخرجهم إلى ولاية الشياطين وهي النار، فذلك الذي عنى الله في أهل الجنة وأهل النار: ” مادامت السموات والارض ” يقول: في الدنيا والله تبارك وتعالى ليس بمخرج أهل الجنة منها أبدا، ولا كل أهل النار منها أبدا وكيف يكون ذلك وقد قال الله في كتابه: ” خالدين فيها أبدا ” ليس فيها استثناء ؟ وكذلك قال أبو جعفر عليه السلام: من دخل في ولاية آل محمد دخل الجنة، ومن دخل في ولاية عدوهم دخل النار، وهذا الذي عني الله من الاستثناء في الخروج من الجنة والنار والدخول. بيان: الظاهر أنه عليه السلام فسر الجنة والنار بما يوجبهما من الايمان والكفر مجازا، أو بالجنة والنار الروحانيتين، فإن المؤمن في الدنيا لقربه تعالى وكرامته وحبه ومناجاته وهداياته ومعارفه في جنة ونعيم، والكافر لجهالته وضلالته وبعده و حرمانه في عذاب أليم، فعلى هذا يكون المراد بالاشقياء والسعداء من يكون ظاهر حاله ذلك، فالشقي أبدا في الكفر والجهل والعمى إلا أن يشاء الله هدايته فيهديه و يخرجه من نار الكفر إلى جنة الايمان، وكذا السعيد أبدا في الايمان والهداية والعلم إلا أن يشاء الله خذلانه بسوء أعماله فيخرج من جنة الايمان إلى ناز الكفر، وإنما خص الخروج من الجنة بالبيان لانه موضع الاشكال حقيقة وإن أمكن أن يكون سقط الآخر من النسخ. 8 – شى: عن زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام في قول الله: ” وأما الذين سعدوا ففي الجنة ” إلى آخر الآيتين، قال: هاتان الآيتان في غير أهل الخلود من أهل الشقاوة والسعادة إن شاء الله يجعلهم خارجين، ولا تزعم يا زرارة أني أزعم ذلك. 9 – شى: حمران قال: سألت أبا جعفر عليه السلام جعلت فداك قول الله: ” خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك ” لاهل النار، أفرأيت قوله لاهل


[ 349 ]

الجنة: ” خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك ” ؟ قال: نعم إن شاء جعل لهم دنيا فردهم وما شاء، وسألته عن قول الله: ” خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك ” فقال: هذه في الذين يخرجون من النار. بيان: الظاهر أن ما ذكره عليه السلام في استثناء أهل الجنة يرجع إلى ما ذكره الزجاج في الوجه السابع من الوجوه التي ذكرها الطبرسي رحمه الله، والحاصل أن الله تعالى إن شاء خلق لهم عالما آخر فردهم إليه لكنه لم يشأ. 10 – شى: عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ” فمنهم شقي وسعيد ” قال في ذكر أهل النار استثنى، وليس في ذكر أهل الجنة استثناء ” أما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السموات والارض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجدود “. وفي رواية حماد، عن حريز، عن أبي عبد الله عليه السلام: عطاء غير مجذوذ بالذال. بيان: ظاهر خبر أبي بصير أن في مصحف أهل البيت عليهم السلام: لم يكن الاستثناء في حال أهل الجنة، بل كان فيه: ” خالدين فيها مادامت السموات والارض عطاء غير مجدود ” وإنما زيد في الخبر من النساخ، ويظهر منه أنه كان في مصحفهم عليهم السلام: ” غير مجدود ” بالدالين المهملتين ولم ينقل في الشواذ، لكن لا يختلف المعنى لان الجد أيضا بمعنى القطع. 11 – ثو: عن علي بن يقطين قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: إنه كان في بني إسرائيل رجل مؤمن وكان له جار كافر فكان الكافر يرفق بالمؤمن ويوليه المعروف في الدنيا، فلما أن مات الكافر بنى الله له بيتا في النار من طين يقيه من حرها، ويأتيه رزقه من غيرها، وقيل له: هذا لما كنت تدخل على المؤمن جارك فلان بن فلان من الرفق، وتوليه من المعروف في الدنيا. ” ص 163 – 164 ” 12 – كا: علي، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وساق الحديث في مراتب خلق الاشياء يغلب كل واحد منها الآخر حيث بغى وفخر إلى أن قال: ثم إن الانسان طغى وقال: من


[ 350 ]

أشد مني قوة ؟ فخلق الله له الموت وقهره (1) وذل الانسان، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عزوجل: لا تفخز فإني ذابحك بين الفريقين: أهل الجنة، وأهل النار، ثم لا احييك أبدا فترجى أو تخاف، الحديث. ” الروضة ص 149 ” تذنيب: اعلم أن خلود أهل الجنة في الجنة مما أجمعت عليه المسلمون، وكذا خلود الكفار في النار ودوام تعذيبهم، قال شارح المقاصد: أجمع المسلمون على خلود أهل الجنة في الجنة، وخلود الكفار في النار، فإن قيل: القوى الجسمانية متناهية فلا يعقل خلود الحياة، وأيضا الرطوبة التي هي مادة الحياة تنفى بالحرارة سيما حرارة نار جهنم فيفضي إلى الفناء ضرورة، وأيضا دوام الاحراق مع بقاء الحياة خروج عن قضية العقل، قلنا: هذه قواعد فلسفية غير مسلمة عند المليين، ولا صحيحة عند القائلين بإسناد الحوادث إلى القادر المختار على تقدير تناهي القوى وزوال الحياة لجواز أن يخلق الله البدل فيدوم الثواب والعقاب، قال الله تعالى: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ” هذا حكم الكافر المعاند، وكذا من بالغ في الطلب والنظر واستفرغ المجهود ولم ينل المقصود خلافا للجاحظ والقسري حيث زعما أنه معذور، إذ لا يليق بحكمة الحكيم أن يعذبه مع بذله الجهد والطاقة من غير جرم وتقصير، كيف وقد قال الله تعالى: ” ما جعل عليكم في الدين من حرج (2) * ليس على الاعمى حرج ولا على الاعرج حرج ولا على المريض حرج ” (3) ولا شك أن عجز المتحير أشد، وهذا الفرق خرق للاجماع وترك للنصوص الواردة في هذا الباب، هذا في حق الكفار عنادا أو اعتقادا، وأما الكفار حكما كأطفال المشركين فكذلك عند الاكثرين لدخولهم في العمومات، ولما روي أن خديجة سألت النبي صلى الله عليه وآله عن أطفالها الذين ماتوا في الجاهلية، فقال: هم في النار. وقالت المعتزلة ومن تبعهم: لا يعذبون بل هم خدم أهل الجنة على ما ورد في الحديث، لان تعذيب من لا جرم له ظلم، ولقوله


[ 1 ] في المصدر: فقهره: فذل الانسان. م [ 2 ] الحج: 78. [ 3 ] النور: 61.

[ 351 ]

تعالى: ” ولا تزروازرة وزر اخرى (1) ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ” (2) ونحو ذلك، وقيل: من علم الله منه الايمان والطاعة على تقدير البلوغ ففي الجنة، ومن علم منه الكفر والعصيان ففي النار انتهى. أقول: قد عرفت أحوال أولاد الكفار سابقا، وستعرف حال من لم يتم عليه الحجة في كتاب الايمان والكفر. * (باب 27) * * (آخر في ذكر من يخلد في النار ومن يخرج منها) * 1 – يد: الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير قال: سمعت موسى بن جعفر عليه السلام يقول: لا يخلد الله في النار إلا أهل الكفر والجحود، وأهل الضلال و الشرك، ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر، قال الله تعالى: ” إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ” قال: فقلت له: يابن رسول الله فالشفاعة لمن تجب من المؤمنين ؟ (3) فقال: حدثني أبي، عن آبائه، عن علي عليه السلام قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنما شفاعتي لاهل الكبائر من امتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل، قال ابن أبي عمير: فقلت له: يابن رسول الله فكيف تكون الشفاعة لاهل الكبائر والله تعالى يقول: ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ” ومن يركب الكبائر (4) لا يكون مرتضى ؟ فقال: يا أبا أحمد ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا ساءه ذلك وندم عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: كفى بالندم توبة وقال: من سرته حسنة وساءته سيئة (5) فهو مؤمن، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالما، والله تعالى يقول: ” ما للظالمين من حميم


[ 1 ] الانعام: 164، والاسراء: 15، وفاطر: 18، والزمر: 7. [ 2 ] يس: 54. [ 3 ] في التوحيد المطبوع: لمن تجب من المذنبين ؟. [ 4 ] في التوحيد المطبوع: ومن يرتكب الكبائر. [ 5 ] في التوحيد المطبوع: من سرته حسنته وساءته سيئته.

[ 352 ]

ولا شفيع يطاع ” فقلت له: يابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه ؟ فقال: يا أبا أحمد مامن أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب، ومتى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة ومتى لم يندم عليها كان مصرا والمصر لا يغفر له لانه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله: لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الاصرار، وأما قول الله: ” ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ” فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه، والدين: الاقرار بالجزاء على الحسنات والسيئات، ومن ارتضى الله دينه ندم على ما يرتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة. ” ص 418 – 420 ” 2 – م: في قوله تعالى: ” وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ” قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن ولاية علي حسنة لا تضر معها شئ من السيئات وإن جلت إلا ما يصيب أهلها من التطهير منها بمحن الدنيا وببعض العذاب في الآخرة إلى أن ينجوا منها بشفاعة مواليهم الطيبين الطاهرين، وإن ولاية أضداد علي ومخالفة علي عليه السلام سيئة لا تنفع معها شئ إلا ما ينفعهم بطاعاتهم في الدنيا بالنعم والصحة والسعة فيردوا الآخرة ولا يكون لهم إلا دائم العذاب، ثم قال: إن من جحد ولاية علي عليه السلام لا يرى بعينه الجنة أبدا إلا ما يراه مما يعرف به أنه لو كان يواليه لكان ذلك محله ومأواه فيزداد حسرات وندمات، وإن من تولى عليا وتبرأ من أعدائه وسلم لاوليائه لا يرى النار بعينه (1) إلا ما يراه فيقال له: لو كنت على غير هذا لكان ذلك مأواك، وإلا ما يباشره فيها إن كان مسرفا على نفسه بما دون الكفر إلى أن ينظف بجهنم كما ينظف القذر بدنه بالحمام، ثم ينقل عنها بشفاعة مواليه. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اتقوا الله معاشر الشيعة فإن الجنة لن تفوتكم وإن أبطأت بها عنكم قبائح أعمالكم فتنافسوا في درجاتها، قيل فهل يدخل جهنم أحد من محبيك ومحبي علي عليه السلام ؟ قال: من قذر نفسه بمخالفة محمد وعلي، وواقع المحرمات، وظلم المؤمنين والمؤمنات، وخالف ما رسم له من الشريعات جاء يوم القيامة قذرا طفسا،


[ 1 ] في التفسير المطبوع: لا يرى النار بعينه أبدا. (*)

[ 353 ]

يقول محمد وعلي عليهما السلام: يا فلان أنت قذر طفس لا تصلح لمرافقة الاخيار، ولا لمعانقة الحور الحسان، ولا الملائكة المقربين، لا تصل إلى هناك (1) إلا بأن يطهر عنك ماههنا، – يعني ما عليك من الذنوب – فيدخل إلى الطبق الاعلى من جهنم فيعذب ببعض ذنوبه، ومنهم من يصيبه الشدائد في المحشر ببعض ذنوبه ثم يلتقطة (يلقطه خ ل) من هنا من يبعثهم (2) إليه مواليه من خيار شيعتهم كما يلقط الطير الحب، ومنهم من يكون ذنوبه أقل وأخف فيطهر منها بالشدائد والنوائب من السلاطين وغيرهم، ومن الآفات في الابدان في الدنيا ليدلي في قبره (3) وهو طاهر، ومنهم من يقرب موته وقد بقيت عليه سيئة فيشتد نزعه فيكفر به عنه، فإن بقي شئ وقويت عليه ويكون عليه بطر أو اضطراب (4) في يوم موته فيقل من بحضرته فيلحقه به الذل فيكفر عنه، فإن بقي عليه شئ اتي به ولما يلحد فيتفرقون عنه فتطهر، (5) فإن كانت ذنوبه أعظم وأكثر طهر منها بشدائد عرصات يوم القيامة، فإن كانت أكثر وأعظم طهر منها في الطبق الاعلى من جهنم، وهؤلاء أشد محبينا عذابا، وأعظمهم ذنوبا، إن هؤلاء لا يسمون بشيعتنا (6) ولكن يسمون بمجبينا والموالين لاوليائنا والمعادين لاعدائنا، إنما شيعتنا من شيعنا واتبع آثارنا واقتدى بأعمالنا. توضيح: الطفس محركة: قذر الانسان إذا لم يتعهد نفسه، وهو طفس ككتف قذر نجس. والبطر بالتحريك: الدهش والحيرة. 3 – فر: إسماعيل بن إبراهيم معنعنا عن مسيرة قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: والله لا يرى في النار منكم اثنان أبدا، والله ولا واحد، قال: قلت له: أصلحك الله أين


[ 1 ] في التفسير المطبوع المصدر: ولا تصل إلى ما هناك. [ 2 ] في التفسير المطبوع: ثم يلتقطه من هناك ومن هنا من يبعثهم اه‍. [ 3 ] أي يرسل في قبره. [ 4 ] في التفسير المطبوع: ويكون له بطن أو اضطراب. [ 5 ] في التسفير المطبوع: ولما يلحد ويوضع فيه فيتفرقون عنه فيطهر. [ 6 ] في التفسير المطبوع: ليس هؤلاء ليسمون بشيعتنا ولكنهم اه‍.

[ 354 ]

هذا في كتاب الله ؟ قال في سورة الرحمن وهو قوله تعالى: ” فيومئذ لا يسئل عن ذنبه منكم إنس ولا جان ” قال: قلت: ليس فيها ” منكم ” قال: بلى والله إنه لمثبت فيها، وإن أول من غير ذلك لابن أروى، وذلك لكم خاصة ولو لم يكن فيها ” منكم ” لسقط عقاب الله عن الخلق. ” ص 177 ” بيان: ابن أروى هو عثمان. 4 – كا: علي بن محمد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن ميسر (1) قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: كيف أصحابك ؟ فقلت: جعلت فداك لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا، قال: وكان متكئا فاستوى جالسا ثم قال: كيف قلت ؟ والله لنحن عندهم أشر من اليهود والنصارى والذين أشركوا ؟ فقال: أما والله لا يدخل النار منكم اثنان، لا والله ولا واحد، والله إنكم الذين قال الله تعالى: ” وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ” ثم قال: طلبوكم والله في النار والله فما وجدوا منكم أحدا. ” الروضة ص 78 ” 5 – كا: محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن منصور بن يونس عن عنبسة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا استقر أهل النار في النار يفقدونكم فلا يرون منكم أحدا، فيقول بعضهم لبعض: ” مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار ” قال: وذلك قول الله عزوجل: ” إن ذلك لحق تخاصم أهل النار ” يتخاصمون فيكم فيما كانوا يقولون في الدنيا. ” الروضة ص 141 ” 6 – كا: العدة، عن سهل، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لابي بصير: يا أبا محمد لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم في النار بقوله: ” وقالوا مالنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار ” والله ماعنى الله ولا أراد بهذا غيركم، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس


[ 1 ] الظاهر أنه ميسر بن عبد العزيز النخعي المدائني بياع الزطى، بقرينة رواية عثمان بن عيسى عنه. راجع جامع الرواة.

[ 355 ]

وأنتم والله في الجنة تحبرون، (1) وفي الناس تطلبون (2)، الخبر. ” الروضة ص 36 ” 7 – مع: ابن المتوكل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن ابن فضال، عن ابن مسكان، عن ابن فرقد، عمن سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فاسترجعت فقال: مالك تسترجع ؟ فقلت: لما أسمع منك، فقال: ليس حيث تذهب إنما أعنى الجحود، إنما هو الجحود. ” ص 71 ” 8 – فر: محمد بن القاسم بن عبيد بإسناده، عن عبد الله بن سليمان الديلمي (3) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: ثم تأخذ بحجزتي وآخذ بحجزة الله وهي الحق، وتأخذ ذريتك بحجزتك، وتأخذ شيعتك بحجزة ذريتك، فأين يذهب بكم إلا إلى الجنة ؟ فإذا دخلتم الجنة فتبوأتم مع أزواجكم ونزلتم منازلكم أوحى الله إلى مالك: أن افتح باب الجنة (أبواب جهنم ظ) لينظروا أوليائي إلى ما فضلتهم على عدوهم، فيفتح أبواب جهنم فتطلون عليهم، (4) فإذا وجد أهل جهنم روح رائحة الجنة قالوا: يا مالك أتطمع لنا في تخفيف العذاب عنا ؟ إنا لنجد روحا، فيقول لهم مالك: إن الله أوحى إلى أن أفتح أبواب جهنم لينظر أهل الجنة إليكم، فيرفعون رؤوسهم فيقول هذا: يا فلان ألم تك تجوع فاشبعك ؟ ويقول هذا: يا فلان ألم تك تعرى فأكسوك ؟ ويقول هذا: يا فلان ألم تك تخاف فآويتك ؟ ويقول هذا: يا فلان ألم تك تحدث فأكتم عليك ؟ فيقولون: بلى، فيقولون: استوهبونا من ربكم فيدعون لهم فيخرجون من النار إلى الجنة فيكونون فيها ملومين (5) ويسمون


[ 1 ] أي تسرون وتبهجون. [ 2 ] في المصدر: وفى النار تطلبو. م [ 3 ] الاسناد في التفسير المطبوع هكذا: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد قال: حدثنا ابو العباس محمد بن ذران القطان قال: حدثنا عبد الله بن محمد اللقيسى قال: حدثنا ابو جعفر القمى محمد بن عبد الله قال: حدثنا سليمان الديلمى إه‍ قلت: والحديث طويل يأتي قى فضائل على عليه السلام. [ 4 ] في التفسير المطبوع: ويطلعون عليهم. [ 5 ] في التفسير المطبوع: فيكونون فيها ملاما. وأخرجه المصنف في الابواب السابقة هكذا: فيكونون فيها بلا مأوى.

[ 356 ]

الجهنميين. فيقولون: سألتم ربكم فأنقذنا من عذابه فادعوه يذهب عنا هذا الاسم ويجعل لنا في الجنة مأوى، فيدعون فيوحى الله إلى ريح فتهب على أفواه أهل الجنة فينسيهم ذلك الاسم ويجعل لهم في الجنة مأوى. ” ص 156 ” 9 – فس: ” وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة ” هم الذين خالفوا دين الله وصلوا وصاموا ونصبوا لامير المؤمنين عليه السلام، وهو قوله تعالى: ” عاملة ناصبة ” عملوا ونصبوا فلا يقبل منهم شئ من أفعالهم و ” تصلى ” وجوههم ” نارا حامية “. ” ص 722 ” وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى: ” إلا من تولى و كفر ” يريد من لم يتعظ ولم يصدقك وجحد ربوبيتي وكفر نعمتي ” فيعذبه الله العذاب الاكبر ” يريد الغليظ الشديد الدائم. ” ص 723 ” 1 – وحدثنا جعفر بن أحمد، عن عبد الكريم بن عبد الرحيم، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي حمزة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من خالفكم وإن عبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية: ” وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية “. ” ص 723 ” 11 – فر: جعفر بن أحمد رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: كل ناصب وإن تعبد منسوب إلى هذه الآية: ” وجوه يومئذ خاشعة ” الآية. ” ص 208 ” 12 – كا: العدة، عن سهل، عن ابن فضال، عن حنان، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: لا يبالي الناصب صلى أم زنى، وهذه الآية نزلت فيهم: ” عاملة ناصبة تصلى نارا حامية “. ” الروضة ص 160 – 161 ” 13 – كا: على، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمرو بن أبي المقدام قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: قال أبي كال ناصب وإن تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية ” عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ” كل ناصب مجتهد فعمله هباء، الخبر. 14 – ثو: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن أبي عبد الله الرازي عن أحمد بن محمد بن نصر، عن صالح بن سعيد القماط، عن أبان بن تغلب: قال:


[ 357 ]

قال أبو عبد الله عليه السلام: كل ناصب وإن تعبد واجتهد يصير إلى هذه الغاية: ” عاملة ناصبة تصلى نارا حامية “. ” ص 200 ” 15 – لى: ابن إدريس، عن أبيه، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن معاوية ابن وهب، عن أبي سعيد هاشم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أربعة لا يدخلون الجنة: الكاهن، والمنافق، ومدمن الخمر، والقتات وهو النمام -. ” ص 243 ” بيان: لعل المعنى أن الكاهن والمدمن والقتات لا يدخلونها إذا كانوا مستحلين أو ابتداء، وكذا الكلام في بعض ما سيأتي من الاخبار في أصحاب الكبائر. 16 – ل: أبي، عن أحمد بن إدريس، عن الاشعري، عن سهل، عن محمد بن الحسين ابن زيد، عن محمد بن سنان، عن منذر بن يزيد، عن أبي هارون المكفوف قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا هارون إن الله تبارك وتعالى آلى على نفسه أن يجاوره خائن، قال: قلت: وما الخائن ؟ قال: من ادخر عن مؤمن درهما أو حبس عنه شيئا من أمر الدنيا، قال: قلت: أعوذ بالله من غضب الله، فقال: إن الله تبارك وتعالى آلى على نفسه أن لا يسكن جنته أصنافا ثلاثة: راد على الله عزوجل، أو راد على إمام هدى، أو من حبس حق امرئ مؤمن، قال: قلت: يعطيه من فضل ما يملك ؟ قال: يعطيه من نفسه وروحه، فإن بخل عليه بنفسه فليس منه إنما هو شرك شيطان. ” ج 1 ص 73 ” 17 – ل: أبي، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه عن محمد بن سنان، عن بعض رجاله، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة: السفاك للدم، وشارب الخمر، ومشاء بنميمة. ” ج 1 ص 85 ” 18 – ن: بإسناده عن المفضل بن عمر، عن الصادق، آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء أوحى إلى ربي جل جلاله، وساق الحديث في محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام إلى أن قال: يا محمد لو أن عبدا عبدني حتى ينقطع ويصير كالشن البالي ثم أتاني جاحدا لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي، الخبر. ” ص 34 “


[ 358 ]

19 – م: في قوله تعالى: ” بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئة فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون ” قال: السيئة المحيطة به أن تخرجه عن جملة دين الله، وتنزعه عن ولاية الله، وتؤمنه من سخط الله، وهي الشرك بالله والكفر به، والكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله والكفر بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام وخلفائه، كل واحد من هذه سيئة تحيط به، أي تحيط بأعماله فتبطلها وتمحقها فاولئك عاملو هذه السيئة المحيطة، أصحاب النارهم فيها خالدون. 20 – كا: محمد بن يحيى، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن يونس، عن المزني، عن أبي حمزة، عن أحدهما عليهما السلام في قول الله عزوجل: ” بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيتئه ” قال: إذا جحد إمامة أمير المؤمنين ” فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون “. 21 – ن: بالاسانيد الثلاثة عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله تلاهذه الآية: ” لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ” فقال صلى الله عليه وآله: أصحاب الجنة من أطاعني، وسلم لعلي بن أبي طالب بعدي، وأقر بولايته، وأصحاب النار من سخط الولاية، ونقض العهد، وقاتله بعدي. 22 – فر: الحسين بن سعيد، عن عبد الله بن وضاح اللؤلوئي، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال علي عليه السلام إذا كان يوم القيامة نادى مناد من السماء: أين علي بن أبي طالب ؟ قال: فأقوم أنا، فيقال لي: أنت علي ؟ فأقول: أنا ابن عم النبي ووصيه ووارثه، فيقال لي: صدقت ادخل الجنة فقد غفر الله لك ولشيعتك فقد أمنك الله وأمنهم معك من الفزع الاكبر، ادخلوا الجنة آمنين لا خوف عليكم (1) ولا أنتم تحزنون. ” ص 153 ” 23 – لى: حمزة العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن الحسين بن يحيى بن الحسين، عن عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا


[ 1 ] في نسخة: لاخوف عليكم اليوم.

[ 359 ]

لا يعذب الله بالنار موحدا أبدا وإن أهل التوحيد يشفعون فيشفعون. ثم قال عليه السلام: إنه إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك وتعالى بقوم ساءت أعمالهم في دار الدنيا إلى النار، فيقولون: يا رب كيف تدخلنا النار وقد كنا نوحدك في دار الدنيا ؟ وكيف تحرق قلوبنا (1) وقد عقدت على أن لا إله إلا أنت ؟ أم كيف تحرق وجوهنا وقد عفرناها لك في التراب ؟ أم كيف تحرق أيدينا وقد رفعناها بالدعاء إليك ؟ فيقول الله جل جلاله: عبادي ساءت أعمالكم في دار الدنيا فجزاؤكم نار جهنم، فيقولون: يا ربنا عفوك أعظم أم خطيئتنا ؟ فيقول: بل عفوي، فيقولون: رحمتك أوسع أم ذنوبنا ؟ فيقول عزوجل: بل رحمتي، فيقولون: إقرارنا بتوحيدك أعظم أم ذنوبنا ؟ فيقول عزوجل: بل إقراركم بتوحيدي أعظم، فيقولون: يا ربنا فليسعنا عفوك ورحمتك التي وسعت كل شئ، فيقول الله جل جلاله: ملائكتي ! وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب إلي من المقرين لي بتوحيدي، وأن لا إله غيري، وحق علي أن لا اصلي بالنار أهل توحيدي أدخلوا عبادي الجنة. ” ص 178 ” 24 – من كتاب صفات الشيعة للصدوق عن أبيه، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من قال: لاإله إلا الله مخلصا دخل الجنة، وإخلاصه أن يحجزه (2) لا إله إلا الله عما حرم الله. 25 – وعن ابن المتوكل، عن محمد الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة الحذاء قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة قام على الصفا فقال: يا بني هاشم يا بني عبد المطلب إني رسول الله إليكم وإني شفيق عليكم لا تقولوا إن محمدا منا، فوالله ما أوليائي منكم ولا من غيركم إلا المتقون، ألا فلا أعرفكم تأتوني يوم القيامة تحملون الدنيا على رقابكم ويأتي الناس يحملون الآخرة، ألا وإني قد أعذرت فيما بيني وبينكم وفيما بين الله عزوجل و بينكم وإن لي عملي ولكم عملكم.


[ 1 ] في المصدر: وكيف تحرق بالنار السنتنا وقد نطقت بتوحيدك في دار الدنيا، وكيف تحرق قلوبنا اه‍. م [ 2 ] أي يمنعه ويكفه. (*)

[ 360 ]

26 – ومن كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال لشيعته: دياركم لكم جنة، وقبوركم لكم جنة، للجنة خلقتم، وإلى الجنة تصيرون. 27 – وبإسناده عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الرجل ليحبكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله الجنة، وإن الرجل ليبغضكم وما يدري ما تقولون فيدخله الله النار. 28 – وبإسناده عن ميسر قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لا يرى منكم في النار اثنان لا والله ولا واحد، قال: قلت فأين ذامن كتاب الله ؟ فأمسك عني هنيئة، قال: فإني معه ذات يوم في الطواف إذ قال: يا ميسر اليوم اذن لي في جوابك عن مسألتك كذا، قال: قلت: فأين هو من القرآن ؟ قال: في سورة الرحمن وهو قول الله عزوجل: ” فيومئذ لا يسئل عن ذنبه منكم إنس ولا جان ” هكذا نزلت، وغيرها ابن أروى. 29 – ين: فضالة، عن القاسم بن بريد، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجهنميين، فقال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: يخرجون منها فينتهى بهم إلى عين عند باب الجنة تسمى عين الحيوان فينضح عليهم من مائها، فينبتون كما تنبت الزرع، تنبت لحومهم وجلودهم وشعورهم. 30 – ين: فضالة، عن عمربن أبان، عن آدم أخى أيوب، عن حمران قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إنهم يقولون: لا تعجبون من قوم يزعمون أن الله يخرج قوما من النار فيجعلهم من أصحاب الجنة مع أوليائه ؟ فقال: أما يقرؤن قول الله تبارك وتعالى: ” ومن دونهما جنتان ” إنها جنة دون جنة، ونار دون نار، إنهم لا يساكنون أولياء الله، وقال: بينهما والله منزلة ولكن لا أستطيع أن أتكلم، إن أمرهم لاضيق من الحلقة إن القائم لو قام لبداء بهؤلاء. بيان: قوله عليه السلام: إن أمرهم أي المخالفين. لاضيق من الحلقة أي الامر في الآخرة مضيق عليهم لا يعفى عنهم كما يعفى عن مذنبي الشيعة، ولو قام القائم بدأ


[ 361 ]

بقتل هؤلاء قبل الكفار، فقوله عليه السلام: لا أستطيع أن أتكلم أي في تكفيرهم تقية، والحاصل أن المخالفين ليسوا من أهل الجنان، ولا من أهل المنزلة بين الجنة والنار و هي الاعراف، بل هم مخلدون في النار، ويحتمل أن يكون المعنى: لاأستطيع أن أتكلم في رد أقوالهم لانهم ضيقوا علينا الامر كالحلقة وأضيق فلزمنا التقية منهم. 31 – ين: فضالة، عن عمر بن أبان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن دخل النار ثم اخرج منها ثم ادخل الجنة، فقال: إن شئت حدثتك بما كان يقول فيه أبي قال: إن ناسا يخرجون من النار بعد ما كانوا حمما فينطلق بهم إلى نهر عند باب الجنة يقال له الحيوان، فينضح عليهم من مائه فتنبت لحومهم ودماؤهم و شعورهم. 32 – ين: فضالة، عن عمر بن أبان (1) قال: سمعت عبدا صالحا يقول في الجهنميين. إنهم يدخلون النار بذنوبهم ويخرجون بعفو الله. 33 – ين: عثمان بن عيسى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن قوما يحرقون في النار حتى إذا صاروا حمما أدركتهم الشفاعة قال: فينطلق بهم إلى نهر يخرج من رشح أهل الجنة فيغتسلون فيه فتنبت لحومهم ودماؤهم وتذهب عنهم قشف النار، ويدخلون الجنة فيسمون الجهنميون (الجهنميين خ ل) فينادون بأجمعهم: اللهم اذهب عنا هذا الاسم، قال: فيذهب عنهم، ثم قال: يا أبا بصير إن أعداء علي هم الخالدون في النار لا تدركهم الشفاعة. بيان: قال الفيروز آبادي: الحمم كصرد: الفحم. وقال: القشف محركة قذر. الجلد، ورثاثة الهيئة، وسوء الحال. 34 – ين: فضالة، عن ربعي، عن الفضيل، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن آخر من يخرج من النار لرجل يقال له همام، ينادي فيها عمرا: يا حنان يا منان. 35 – ين: ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن الاحول، عن حمران قال:


[ 1 ] هو عمربن أبان الكلبى أبو حفص الكوفى الثقة المتقدم في الحديث 30 و 31

[ 362 ]

سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الكفار والمشركين يرون أهل التوحيد في النار فيقولون ما نرى توحيدكم أغنى عنكم شيئا وما أنتم ونحن إلا سواء ! قال: فيأنف لهم الرب عز وجل فيقول للملائكة: اشفعوا فيشفعون لمن شاء الله، ويقول للمؤمنين مثل ذلك حتى إذا لم يبق أحد تبلغه الشفاعة، قال تبارك وتعالى: أنا أرحم الراحمين اخرجوا برحمتي فيخرجون كما يخرج الفراش، (1) قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام: ثم مدت العمد و اعمدت عليهم وكان والله الخلود. 36 – ن: فيما كتب الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام: إن الله لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها ومذنبو أهل التوحيد يدخلون النار ويخرجون منها (2)، والشفاعة جائزة لهم. ” ص 268 ” ل: في خبر الاعمش عن الصادق عليه السلام مثله. (3) ” ج 2 ص 154 ” 37 – شى: عن منصور بن حازم قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: وماهم بخارجين من النار، قال: أعداء علي عليه السلام هم المخلدون في النار أبد الآبدين ودهر الداهرين. 38 – كا: العدة، عن البرقي، عن عثمان بن عيسى، عن أبي أيوب الخزاز، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من سعى في حاجة أخيه المسلم طلب وجه الله كتب الله عز وجل له ألف حسنة يغفر فيها لاقاربه وجيرانه ومعارفه ومن صنع إليه معروفا في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قيل له: ادخل النار فمن وجدته فيها صنع إليك معروفا في الدنيا فأخرجه بإذن الله عزوجل إلا أن يكون ناصبا. ” ج 2 ص 197 – 198 “39 – كا: في الصحيح عن الحارث بن المغيرة قال قلت لابي عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من مات لا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية، قال: نعم قلت: جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه ؟ قال جاهلية كفر ونفاق وضلال. ” ج 1 ص 377 “


[ 1 ] جمع الفراشة: طائر صغير يتهافت على السراج فيحترق، يقال له بالفارسية: پروانه. [ 2 ] في المصدر: ومذنبو اهل التوحيد لا يخلدون في النار ويخرجون اه‍. م [ 3 ] باختلاف يسير. م [ * ] سقط من هنا إلى التذييل الاتى في المطبوع وغيره من النسخ سوى نسخة المصنف قدس سره الشريف.

[ 363 ]

40 – كا: بإسناده عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماما من الله، ومن زعم أن لهما في الاسلام نصيب (1). ” ج 1 ص 373 ” 41 – شى: عن جابر قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: ” ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله ” قال: فقال: هم أولياء فلان وفلان وفلان، اتخذوهم أئمة دون الامام الذي جعله الله للناس إماما فلذلك قال الله تبارك وتعالى ” ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ” إلى قوله: ” وماهم بخارجين من النار ” قال: ثم قال أبو جعفر عليه السلام: هم والله يا جابر أئمة الظلم وأتباعهم. تذييل: اعلم أن الذي يقتضيه الجمع بين الآيات والاخبار أن الكافر المنكر لضروري من ضروريات دين الاسلام مخلد في النار، لا يخفف عنه العذاب إلا المستضعف الناقص في عقله أو الذي لم يتم عليه الحجة ولم يقصر في الفحص والنظر، فإنه يحتمل أن يكون من المرجون لامر الله كما سيأتي تحقيقه في كتاب الايمان والكفر، وأما غير الشيعة الامامية من المخالفين وسائر فرق الشيعة ممن لم ينكر شيئا من ضروريات دين الاسلام فهم فرقتان: إحداهما المتعصبون العاندون منهم ممن قد تمت عليهم الحجة فهم في النار خالدون، والاخرى المستضعفون منهم وهم الضعفاء العقول مثل النساء العاجزات والبله وأمثالهم ومن لم يتم عليه الحجة ممن يموت في زمان الفترة، أو كان في موضع لم يأت إليه خبر الحجة فهم المرجون لا الله، إما يعذبهم وإما يتوب عليهم، فيرجى لهم النجاة من النار، وأما أصحاب الكبائر من الامامية فلا خلاف بين الامامية في أنهم لا يخلدون في النار، وأما أنهم هل يدخلون النار أم لا ؟ فالاخبار مختلفة فيهم اختلافا كثيرا، ومقتضى الجمع بينها أنه يحتمل دخولهم النار وأنهم غير داخلين في الاخبار التي وردت أن الشيعة والمؤمن لايدخل النار، لانه قد ورد في أخبار اخر أن الشيعة من شايع عليا في أعماله، وأن الايمان مركب من القول والعمل، لكن الاخبار الكثيرة دلت على أن الشفاعة تلحقهم


[ 1 ] في المصدر: نصيبا، وهو الارفق. م

[ 364 ]

قبل دخول النار، وفي هذا التبهيم حكم لا يخفى بعضها على اولي الابصار، وسيأتي تمام القول في ذلك والاخبار الدالة على تلك الاقسام وأحكامهم وأحوالهم وصفاتهم في كتاب الايمان والكفر. قال العلامة رحمه الله في شرحه على التجريد: أجمع المسلمون كافة على أن عذاب الكافر مؤبد لا ينقطع، واختلفوا في أصحاب الكبائر من المسلمين فالوعيدية (1) على أنه كذلك، وذهبت الامامية وطائفة كثيرة من المعتزلة والاشاعرة إلى أن عذابه منقطع والحق أن عقابهم منقطع لوجهين: الاول أنه يستحق الثواب بإيمانه، لقوله تعالى: ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (2) والايمان أعظم أفعال الخير، فإذا استحق العقاب بالمعصية فإما يقدم الثواب على العقاب وهو باطل بالاجماع، لان الثواب المستحق بالايمان دائم على ما تقدم، أو بالعكس وهو المراد والجمع محال. الثاني يلزم أن يكون من عبد الله تعالى مدة عمره بأنواع القربات إليه ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه مخلدا في النار، كمن أشرك بالله مدة عمره، وذلك محال لقبحه عند العقلاء، ثم قال: المحارب لعلي عليه السلام كافر لقول النبي صلى الله عليه وآله: ” حربك يا علي حربي ” ولا شك في كفر من حارب النبي صلى الله عليه وآله وأما مخالفوه في الامامة


[ 1 ] الوعيدية: فرقة من الخوارج يكفرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم كفر يخرج به عن الملة، ويقابلهم المرجئة وهم يقولون: إنه لا يضر مع الايمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة وليس العمل على مذهبهم ركنا من الايمان فعليه معنى الارجاء تأخير العمل عن النية والعقد. وقيل: الارجاء تأخير صاحب الكبيرة إلى القيامة فلا يقضى بحكم ما في الدنيا من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار، ويقابلهما القائلون بالمنزلة بين المنزلتين وهم الواصلية أصحاب أبي حذيفة واصل بن عطاء البصري الغزال المتكلم المتوفى في 131، وواصل أول من قال بالمنزلة بين المنزلتين، وأراد بذلك أن صاحب الكبيرة لا مؤمن مطلق ولا كافر مطلق، بل هو في منزلة بين الكفر، و الايمان وذلك أن الايمان عبارة عن خصال خير إذا اجتمعت سمى المرء مؤمنا، والفاسق لم يستجمع خصال الخير فلا يسمى مؤمنا، وليس بكافر مطلق أيضا لان الشهادة وسائر أعمال الخير موجودة فيه [ 2 ] الزلزال 7

[ 365 ]

فقد اختلف قول علمائنا فيهم، فمنهم من حكم بكفرهم لانهم دفعوا ما علم ثبوته من ضرورة وهو النص الجلي الدال على إمامته مع تواتره، وذهب آخرون إلى أنهم فسقة وهو الاقوى ثم اختلف هؤلاء على أقوال ثلاثة: أحدها أنهم مخلدون في النار لعدم استحقاقهم الجنة، الثاني قال بعضهم: إنهم يخرجون من النار إلى الجنة، الثالث ما ارتضاه ابن نوبخت وجماعة من علمائنا أنهم يخرجون من النار لعدم الكفر الموجب للخلود، ولا يدخلون الجنة لعدم الايمان المقتضي لاستحقاق الثواب انتهى. وقال رحمه الله في شرح الياقوت: أما دافعوا النص فقد ذهب أكثر أصحابنا إلى تكفيرهم، ومن أصحابنا من يحكم بفسقهم خاصة، ثم اختلف أصحابنا في أحكامهم في الآخرة فالاكثر قالوا بتخليدهم، وفيهم من قال بعدم الخلود، وذلك إما بأن ينقلوا إلى الجنة وهو قول شاذ عنده، أولا إليهما واستحسنه المصنف انتهى. اقول: القول بعدم خلودهم في النار نشأ من عدم تتبعهم للاخبار، والاحاديث الدالة على خلودهم متواترة أو قريبة منها، نعم الاحتمالان الاخيران آتيان في المستضعفين منهم كما ستعرف.والقول بخروج غير المستضعفين من النار قول مجهول القائل، نشأ بين المتأخرين الذين لا معرفة لهم بالاخبار ولا بأفوال القدماء الاخيار، قال الصدوق رحمه الله: اعتقادنا في الظالمين أنهم ملعونون والبراءة منهم واجبة، واستدل على ذلك بالآيات والاخبار. ثم قال: والظلم هو وضع الشئ في غير موضعه، فمن ادعى الامامة وليس بإمام فهو الظالم الملعون، ومن وضع الامامة في غير أهلها فهو ظالم ملعون، وقال النبي صلى الله عليه وآله: من جحد عليا إمامته من بعدى فإنما جحد نبوتي، ومن جحد نبوتي فقد جحد الله ربوبيته. ثم قال: واعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين والائمة من بعده عليهم السلام أنه


[ 1 ] هذه المطالب النفيسة التى تنتهى إلى قوله فيما سيأتي: (وقال شارح المقاصد) غير موجودة في غير نسخة المصنف، ويظهر أنه قد أضافها في مراجعاته بعد تأليف الكتاب، حيث كتبها في هامش نسختهه بخطه الشريف.

[ 366 ]

بمنزلة من جحد نبوة الانبياء عليهم السلام واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا ممن بعده من الائمة عليهم السلام أنه بمنزلة من آمن بجميع الانبياء وأنكر نبوة محمد صلى الله عليه وآله، وقال الصادق عليه السلام: المنكر لآخرنا كالمنكر لاولنا. وقال النبي صلى الله عليه وآله: الائمة من بعدي اثنا عشر أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم القائم، طاعتهم طاعتي، ومعصيتهم معصيتي، من أنكر واحدا منهم فقد أنكرني. وقال الصادق عليه السلام: من شك في كفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافر. واعتقادنا فيمن قاتل عليا صلوات الله عليه كقول النبي صلى الله عليه وآله: من قاتل عليا فقد قاتلني. وقول: من حارب عليا فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله عزوجل وقوله صلى الله عليه وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم. واعتقادنا في البراءة أنها من الاوثان الاربعة والاناث الاربع ومن جميع أشياعهم، وأتباعهم وأنهم شر خلق الله عزوجل ولا يتم الاقرار بالله وبرسوله و بالائمة عليهم السلام إلا بالبراءة من أعدائهم. وقال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المسائل: اتفقت الامامية على أن من أنكر إمامة أحد من الائمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار. وقال في موضع آخر: اتفقت الامامية على أن أصحاب البدع كلهم كفار وأن على الامام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم وإقامة البينات عليهم، فإن تابوا من بدعهم وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم لردتهم عن الايمان، وأن من مات منهم على ذلك فهو من أهل النار. وأجمعت المعتزلة على خلاف ذلك وزعموا أن كثيرا من أهل البدع فساق ليسوا بكفار، وأن فيهم من لا يفسق ببدعته ولا يخرج بها عن الاسلام كالمرجئة من أصحاب ابن شبيب والتبرية من الزيدية الموافقة لهم في الاصول وإن خالفوهم في صفات الامام. وقال المحقق الطوسي روح الله روحه القدوسي في قواعد العقائد: اصول


[ 367 ]

الايمان عند الشيعة ثلاثة: التصديق بوحدانية الله تعالى في ذاته والعدل في أفعاله، و التصديق بنبوة الانبياء عليهم السلام، والتصديق بإمامة الائمة المعصومين من بعد الانبياء. وقال أهل السنة: الايمان هو التصديق بالله تعالى وبكون النبي صلى الله عليه وآله صادقا، والتصديق بالاحكام التي نعلم يقينا أنه عليه السلام حكم بها دون ما فيه اختلاف أو اشتباه، والكفر يقابل الايمان، والذنب يقابل العمل الصالح وينقسم إلى كبائر وصغائر، ويستحق المؤمن بالاجماع الخلود في الجنة ويستحق الكافر الخلود في العقاب. وقال الشهيد الثاني رفع الله درجته في رسالة حقائق الايمان عند تحقيق معنى الايمان والاسلام: البحث الثاني في جواب إلزام يرد على القائلين من الامامية بعموم الاسلام مع القول بأن الكفر عدم الايمان عما من شأنه أن يكون مؤمنا، أما الالزام فإنهم حكموا بإسلام من أقر بالشهادتين فقط غير عابث دون إيمانه سواء علم منه عدم التصديق بإمامة الائمة عليهم السلام أم لا إلا من خرج بدليل خارج كالنواصب و الخوارج، فالظاهر أن هذا الحكم مناف للحكم بأن الكفر عدم الايمان عما من شأنه أن يكون مؤمنا. وأيضا قد عرفت مما تقدم أن التصديق بإمامة الائمة عليهم السلام من اصول الايمان عند الطائفة من الامامية كما هو معلوم مذهبهم ضرورة، وصرح بنقله المحقق الطوسي رحمه الله عنهم فيما تقدم ولا ريب أن الشئ يعدم بعدم أصله الذي هو جزؤه كما نحن فيه، فيلزم الحكم بكفر من لم يتحقق له التصديق المذكور وإن أقر بالشهادتين، وأنه مناف أيضا للحكم بإسلام من لم يصدق بإمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام وهذا الاخير لا خصوصية لوروده على القول بعموم الاسلام بل هو وارد على القائلين بإسلام من لم يتحقق له التصديق المذكور مع قطع النظر عن كونهم قائلين بعموم الاسلام أو مساواته للايمان. وأما الجواب فبالمنع من المنافاة بين الحكمين وذلك لانا نحكم بأن من لم يتحقق له التصديق المذكور كافر في نفس الامر، والحكم بإسلامه إنما هو في الظاهر، فموضوع الحكمين مختلف فلا منافاة. ثم قال: المراد بالحكم بإسلامه ظاهرا صحة ترتب كثير من الاحكام الشرعية على ذلك، والحاصل أن الشارع جعل الاقرار بالشهادتين علامة


[ 368 ]

على صحة إجراء أكثر الاحكام الشرعية على المقر كحل مناكحته والحكم بطهارته وحقن دمه وماله وغير ذلك من الاحكام المذكورة في كتب الفروع، وكأن الحكمة في ذلك هو التخفيف عن المؤمنين لمسيس الحاجة إلى مخالطتهم في أكثر الازمنة والامكنه واستمالة الكافر إلى الاسلام، فإنه إذا اكتفي في إجراء أحكام المسلمين عليه ظاهرا بمجرد إقراره الظاهري ازداد ثباته ورغبته في الاسلام، ثم يترقى في ذلك إلى أن يتحقق له الاسلام باطنا أيضا. واعلم أن جمعا من علماء الامامية حكموا بكفر أهل الخلاف، والاكثر على الحكم بإسلامهم، فإن أرادوا بذلك كونهم كافرين في نفس الامر لا في الظاهر فالظاهر أن النزاع لفظي، إذ القائلون بإسلامهم يريدون ما ذكرناه من الحكم بصحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر لاأنهم مسلمون في نفس الامر، ولذا نقلوا الاجماع على دخولهم النار، وإن أرادوا بذلك كونهم كافرين ظاهرا وباطنا فهو ممنوع ولا دليل عليه بل الدليل قائم على إسلامهم ظاهرا لقوله صلى الله عليه وآله: امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، انتهى كلامه رفع مقامه. وقال الشيخ الطوسي نور الله ضريحه في تلخيص الشافي: عندنا أن من حارب أمير المؤمنين كافر، والدليل على ذلك إجماع الفرقة المحققة لامامية على ذلك، و إجماعهم حجة، وأيضا فنحن نعلم أن من حاربه كان منكرا لامامته ودافعا لها، ودفع الامامة كفر كما أن دفع النبوة كفر لان الجهل بهما على حد واحد. ثم استدل رحمه الله بأخبار كثيرة على ذلك. فإذا عرفت ما ذكره القدماء والمتأخرون من أساطين العلماء والامامية ومحققيهم عرفت ضعف القول بخروجهم من النار، والاخبار الواردة في ذلك أكثر من أن يمكن جمعه في باب أو كتاب، وإذا كانوا في الدنيا والآخرة في حكم المسلمين فأي فرق بينهم وبين فساق الشيعة ؟ وأي فائدة فيما أجمع عليه الفرقة المحقة من كون الامامة من اصول الدين ردا على المخالفين القائلين بأنه من فروعه ؟ وقد روت العامة والخاصة متواترا: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية، وقد أوردت أخبارا كثيرة


[ 369 ]

في أبواب الآيات النازلة فيهم عليهم السلام أنهم فسروا الشرك والكفر في الآيات بترك الولاية. وقد وردت أخبار متواترة أنه لا يقبل عمل من الاعمال إلا بالولاية. وقال الصدوق رحمه الله: الاسلام هو الاقرار بالشهادتين وهو الذي به تحقن الدماء والاموال، والثواب على الايمان، وقد ورد في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام: من أصبح من هذه الامة لا إمام له من الله عزوجل ظاهر عادل أصبح ضالا تائها، وإن من مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق. واعلم أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد. وعن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ” الآية قال عليه السلام: إنما عنى بذلك أنهم كانوا على نور الاسلام فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله خرجوا بولايتهم إياه من نور الاسلام إلى ظلمات الكفر فأوجب الله لهم النار مع الكفار فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون وقد ورد في الناصب ما ورد في خلوده في النار، وقد روي بأسانيد كثيرة عنهم علهيم السلام: لو أن كل ملك خلقه الله عزوجل وكل نبي بعثه الله وكل صديق وكل شهيد شفعوا في ناصب لنا أهل البيت أن يخرجه الله عزوجل من النار ما أخرجه الله أبدا، والله عزوجل يقول في كتابه: ” ماكثين فيه أبدا ” وقد روي بأسانيد معتبرة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لانك لا تجد رجلا يقول: أنا ابغض محمدا وآل محمد، ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرؤون من عدونا وأنكم من شيعتنا. ويظهر من بعض الاخبار بل من كثير منها أنهم في الدنيا أيضا في حكم الكفار لكن لما علم الله أن أئمة الجور وأتباعهم يستولون على الشيعة وهم يبتلون بمعاشرتهم ولا يمكنهم الاجتناب عنهم وترك معاشرتهم ومخالطتهم ومناكحتهم أجرى الله عليهم حكم الاسلام توسعة، فإذا ظهر القائم عليه السلام يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الامور وفي الآخرة يدخلون النار ماكثين فيها أبدا مع الكفار، وبه يجمع بين الاخبار كما أشار


[ 370 ]

إليه المفيد والشهيد الثاني قدس الله روحهما. وأيضا يمكن أن يقال: لما كان في تلك الازمنة عليهم شبهة في الجملة يجري عليهم في الدنيا حكم الاسلام، فإذا ظهر في زمانه عليه السلام الحق الصريح بالبينات والمعجزات ولم تبق لهم شبهة وأنكروه التحقوا بسائر الكفار، وأخبار هذا المطلب متفرقة في أبواب هذا الكتاب وأرجو من الله أن يوفقني لتأليف كتاب مفرد في ذلك إن شاء الله تعالى، وبعض الاخبار المشعرة بخلاف ما ذكرنا محمول على المستضعفين كما عرفت. وقال شارح المقاصد: اختلف أهل الاسلام فيمن ارتكب الكبيرة من المؤمنين ومات قبل التوبة فالمذهب عندنا عدم القطع بالعفو ولا بالعقاب، بل كلاهما في مشية الله تعالى، لكن على تقدير التعذيب نقطع بأنه لا يخلد في النار بل يخرج البتة، لا بطريق الوجوب على الله تعالى بل بمقتضى ما سبق من الوعد وثبت بالدليل كتخليد أهل الجنة، وعند المعتزلة القطع بالعذاب الدائم من غير عفو ولا إخراج من النار، وما وقع في كلام البعض من أن صاحب الكبيرة عند المعتزلة ليس في الجنة ولا في النار فغلط نشأ من قولهم: إن له المنزلة بين المنزلتين، (1) أي حالة غير الايمان والكفر، وأما ما ذهب إليه مقاتل بن سليمان وبعض المرجئة (2) من أن عصاة المؤمنين لا يعذبون أصلا وإنما النار للكفار تمسكا بالآيات الدالة على اختصاص العذاب بالكفار مثل ” قد اوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى. (3) إن الخزي


[ 1 ] تقدم الايعاز إلى معنى ذلك. [ 2 ] تقدم الاشارة إلى مذهب المرجئة، واما مقاتل بن سليمان فهو مقاتل بن سليمان بن بشير الازدي الخراساني ابو الحسن البلخى يقال له: ابن دوال دوز، أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدث بها وكان مشهورا بتفسير كتاب الله العزيز، ترجمه ابن حجر في التقريب: ص 505 وقال: كذبوه وحجروه ورمى بالتجسيم من السابعة، مات سنة 150. وعده ابن النديم من المحدثين والفراء من الزيدية ونسب إليه كتبا في فنون القرآن وغيره منها تفسيره الكبير، وأورده الطوسى في رجاله تارة في أصحاب الامام الباقر عليه السلام وقال: تبرى، واخرى في أصحاب الامام الصادق عليه السلام، وترجمه أصحابنا في كتبهم الرجالية ونصوا على أنه عامى يروى عنه ابن محبوب في باب الوصية من لدن آدم من الفقيه، وبعد حديث القباب في روضة الكافي. [ 3 ] طه: 48.

[ 371 ]

اليوم والسوء على الكافرين (1) ” فجوابه تخصيص ذلك العذاب بما يكون على سبيل الخلود، وأما تمسكهم بمثل قوله عليه السلام: ” من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق ” فضعيف لانه إنما ينفي الخلود لا الدخول، لنا وجوه: الاول وهو العمدة: الآيات والاحاديث الدالة على أن المؤمنين يدخلون الجنة البتة وليس ذلك قبل دخول النار وفاقا، فتعين أن يكون بعده، وهو مسألة انقطاع العذاب أو بدونه وهو مسألة العفو التام قال الله تعالى: ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره. (2) من عمل صالحا منكم من ذكر أو اثنى وهو مؤمن فاولئك يدخلون الجنة ” (3) وقال النبي صلى الله عليه وآله: ” من قال: لاإله إلا الله دخل الجنة ” وقال: ” من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق “. الثاني النصوص المشعرة بالخروج من النار كقوله تعالى: ” النار مثويكم خالدين فيها إلا ما شاء الله (4) فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز (5) ” وكقول النبي صلى الله عليه وآله: ” يخرج من النار قوم بعد ما امتحشوا وصاروا فحما وحمما، فينبتون كما ينبت الحبة في حميل السيل ” وخبر الواحد وإن لم يكن حجة في الاصول لكن يفيد التأييد والتأكيد بتعاضد النصوص. (6) الثالث وهو على قاعدة الاعتزال أن من واظب على الايمان والعمل الصالح مائة سنة وصدر عنه في أثناء ذلك أو بعده جريمة واحدة كشرب جرعة من الخمر فلا يحسن من الحكيم أن يعذبه على ذلك أبد الآباد، ولو لم يكن هذا ظلما فلا ظلم، أولم يستحق بهذا ذما فلاذم.


[ 1 ] النحل: 27. [ 2 ] الزلزال: 7. [ 3 ] ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى. المؤمن: 44. [ 4 ] الانعام: 128. [ 5 ] آل عمران: 185. [ 6 ] في هامش نسخة المصنف: قال الجزرى: فيه: يخرج قوم من النار قدامتحشوا أي احترقوا، والمحش: احتراق الجلد وظهور العظم. ويروى: (امتحشوا) لما لم يسم فاعله، وقد محشته النار تمحشه محشا. وقال حميل السيل هو ما يجئ به السيل من طين أو غثاء وغيره، فعيل بمعنى مفعول، فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فانها تنبت في يوم وليلة، فشبه بها سرعة عود أبدانهم واجسامهم إليهم بعد مزق النار لها. منه عفي عنه

[ 372 ]

الرابع أن المعصية متناهية زمانا وهو ظاهر، وقدرا لما يوجد من معصية أشد منها، فجزاؤها يجب أن يكون متناهيا تحقيقا لقاعدة العدل، بخلاف الكفر فإنه لا يتناهى قدرا وإن تناهى زمانه. واحتجت المعتزلة بوجوه: الاول الآيات الدالة على الخلود المتناولة للكافر وغيره، كقوله تعالى: ” ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا ” (1) وقوله تعالى: ” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ” (2) وقوله: ” وأما الذين فسقوا فمأويهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها ” (3) ومثل هذا مسوق للتأييد ونفي الخروج، وقوله: ” وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وماهم عنها بغائبين ” (4) وعدم الغيبة عن النار خلو د فيها، وقوله: ” ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها ” (5) وليس المراد تعدي جميع الحدود بارتكاب الكبائر كلها تركا وإتيانا، فإنه محال لما بين البعض من التضاد، كاليهودية والنصرانية والمجوسية، فيحمل على مورد الآية من حدود المواريث، وقوله: ” بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فاولئك أصحاب النارهم فيها خالدون “. (6) والجواب بعد تسليم كون الصيغ للعموم أن العموم غير مراد في الآية الاولى للقطع بخروج التائب وأصحاب الصغائر وصاحب الكبيرة الغير المنصوصة إذا أتى بعدها بطاعات تربى ثوابها على عقوباته، فليكن مرتكب الكبيرة من المؤمنين أيضا خارجا مما سبق من الآيات والادلة، وبالجملة فالعام المخرج منه البعض لا يفيد القطع وفاقا، ولو سلم فلا نسلم تأبيد الاستحقاق، بل هو مغيى بغاية رؤية الوعيد، لقوله بعده: ” حتى إذا رأوا ما يوعدون ” (7) ولو سلم فغايته الدلالة على استحقاق العذاب المؤبد


[ 1 ] الجن: 23. [ 2 ] النساء: 93. [ 3 ] السجدة: 20. [ 4 ] الانفطار: 14 – 16. [ 5 ] النساء: 14. [ 6 ] البقرة: 81. [ 7 ] مريم: 75.

[ 373 ]

لاعلى الوقوع كما هو المتنازع لجواز الخروج بالعفو. وعن الثانية بأن معنى متعمدا: مستحلا فعله على ما ذكره ابن عباس، إذ التعمد على الحقيقة إنما يكون من المستحل، أو بأن التعليق بالوصف يشعر بالحيثية فيختص بمن قتل المؤمن لايمانه، أو بأن الخلود وإن كان ظاهرا في الدوام فالمراد ههنا المكث الطويل جمعا بين الادلة. وعن الثالثة بأنها في حق الكافرين المنكرين للحشر بقرينة قوله: ” ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ” (1) مع ما في دلالتها على الخلود من المناقشة الظاهرة، لجواز أن يخرجوا عند عدم إرادتهم الخروج باليأس أو الذهول أو نحو ذلك. وعن الرابعة بعد تسليم إفادتها النفي عن كل فرد ودلالتها على دوام عدم الغيبة أنها تختص بالكفار جمعا بين الادلة. وكذا الخامسة والسادسة حملا للحدود على حدود الاسلام، ولاحاطة الخطيئة على غلبتها بحيث لا يبقى معها الايمان، هذا مع ما في الخلود من الاحتمال. ثم قال في بحث آخر: لا خلاف في أن من آمن بعد الكفر والمعاصي فهو من أهل الجنة بمنزلة من لا معصية له، ومن كفر – نعوذ بالله – بعد الايمان والعمل الصالح فهو من أهل النار بمنزلة من لا حسنة له، وإنما الكلام فيمن آمن وعمل صالحا وآخر سيئا واستمر على الطاعات والكبائر كما يشاهد من الناس فعندنا مآله إلى الجنة ولو بعد النار، واستحقاقه للثواب والعقاب بمقتضى الوعد والوعيد ثابت من غير حبوط، والمشهور من مذهب المعتزلة أنه من أهل الخلود في النار إذا مات قبل التوبة، فاشكل عليهم الامر في إيمانه وطاعاته وما يثبت من استحقاقاته أين طارت وكيف زالت ؟ فقالوا بحبوط الطاعات ومالوا إلى أن السيئات يذهبن الحسنات، حتى ذهب الجمهور منهم إلى أن الكبيرة الواحدة تحبط ثواب جميع العبادات، وفساده ظاهر، أما سمعا فللنصوص الدالة على أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا وعمل صالحا، وأما عقلا فللقطع بأنه لا يحسن من الحكيم الكريم إبطال ثواب إيمان العبد


[ 1 ] السجدة: 20.

[ 374 ]

ومواظبته على الطاعات طول العمر بتناول لقمة من الرباء، أو جرعة من الخمر إلى آخر ما قال. أقول: قد سبق القول في ذلك في باب الحبط والتكفير ولا أظنك يخفى عليك ما مهدناه أولا بعد الاحاطة بما أوردناه من الآيات والاخبار، وسيأتي عمدة الاخبار المتعلقة بتلك المباحث في كتاب الايمان والكفر. * (باب 28) * * (ما يكون بعد دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار) * 1 – ل: ابن الوليد، عن الصفار، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن عبد الله بن هلال، عن العلاء، عن محمد قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لقد خلق الله عزوجل في الارض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من أديم الارض فأسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه، ثم خلق الله عزوجل أبا هذا البشر وخلق ذريته منه، ولا والله ما خلت الجنة من أرواح المؤمنين منذ خلقها، ولا خلت النار من أرواح الكفار والعصاة منذ خلقها عزوجل، لعلكم ترون أنه إذا كان يوم القيامة وصير الله أبدان أهل الجنة مع أرواحهم في الجنة، وصير أبدان أهل النار مع أرواحهم في النار إن الله تبارك وتعالى (لا يعبد خ ل) في بلاده ولا يخلق خلقا يعبدونه ويوحدونه (1) ويعظمونه ويخلق لهم أرضا تحملهم وسماء تظلهم، أليس الله عزوجل يقول: ” يوم تبدل الارض غير الارض والسماوات ” وقال الله عزوجل ” أفعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد ” ” ج ص 112 ” شى: عن محمد مثله. 2 – ل: أبي، عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل ” أفعيينا بالخلق


[ 1 ] في المصدر بعد ذلك: بلى والله ليخلقن الله خلقا من غير فحولة ولا اناث يعيدونه و يوحدونه اه‍. م

[ 375 ]

الاول بل هم في لبس من خلق جديد ” فقال: يا جابر تأويل ذلك أن الله عز وجل إذا أفنى هذا الخلق وهذا العالم وأسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جدد الله عزوجل عالما غير هذا العالم، وجدد خلق من غير فحولة ولا اناث يعبدونه ويوحدونه، و خلق لهم أرضا غير هذه الارض تحملهم، وسماء غير هذه السماء تظلهم، لعلك ترى أن الله عزوجل إنما خلق هذا العالم الواحد وترى أن الله عزوجل لم يخلق بشرا غيركم ؟ بلى والله لقد خلق الله تبارك وتعالى ألف ألف عالم وألف ألف آدم أنت في آخر تلك العوالم واولئك الآدميين. ” ج 2 ص 180 ” بيان: يمكن الجمع بينه وبين ما سبق بحمل السبعة على الالواح وهذا على الاشخاص. (1) 3 – ين: محمد بن سنان، عن أبي خالد القماط قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام – و يقال لابي جعفر عليه السلام -: إذا ادخل أهل الجنة الجنة وادخل أهل النار النار فمه ؟ قال: فقال أبو جعفر عليه السلام: إن أراد أن يخلق الله خلقا ويخلق لهم دنيا يردهم إليها فعل، ولا أقول لك إنه يفعل. 4 – ين: محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فمه ؟ فقال: ما أزعم لك أنه تعالى يخلق خلقا يعبدونه.


[ 1 ] لعل المراد من الحديث الاول على ظاهره أن الله تبارك وتعالى خلق في أرضنا هذه قبل خلق آدم وولده سبعة امم من نوع الانساني أوجد كل امة بعد انقراض امة اخرى وفنائها فيكون ساكنو الارض من ابتدائها إلى الان ثمانية طبقات وامم، ومن الحديث الثاني أن الله تعالى خلق غير هذه الارض ألف ألف عالم وكرات يسكنها ألف ألف امم، فعليه لا معارضة ولا تضارب بين الحديثين، وبالحديث الاول تنحل عويصة بداية العالم وما يورد على الدينيين من أن علم الجيولوجيا أي علم الطبقات الارضية يخالف معتقدكم من بدء العالم وتاريخ أول إنسان وجد على الارض وهو آدم فأنتم تحسبون أنه قبل نحو ستة آلاف سنة ونحن وجدنا جماجم الانسان وغيرها من عظام الانسان والحيوانات تحاكي عن وجودها قبل تلك السنة بكثير، والحديث يدفع الاشكال بأن آدم لم يكن أول خليقة بل كان قبله طبقات متعددة من الامم، ومن الحديث الثاني يستفاد أن الله تبارك وتعالى خلق غير ارضنا عوالم متعددة متكثرة، وأن ما كانوا يظنون قبلا من أن سائر الكرات غير معمورة وغير مسكونة للانسان والحيوان غير صحيحة بل سائر الكرات معمورة ومسكونة وأن لله تعالى ألف ألف عالم و ألف ألف آدم وستجئ روايات كثيرة تدل على ذلك في محله.

[ 376 ]

بيان: يفهم من سياق هذين الخبرين أن الله تعالى يخلق خلقا آخر لكن الامام عليه السلام لم يصرح به تقية وخوفا من التشنيع، وما يدل عليه تلك الاخبار لم أر أحدا من المتكلمين تعرض له بنفي ولا إثبات، وأدلة العقل لا تنفيه بل تعضده، لكن الاخبار الواردة في ذلك لم تصل إلى حد يوجب القطع به. والله تعالى يعلم. هذا آخر ما أوردنا إيراده في هذا المجلد من كتاب بحار الانوار. وختم على يدي مؤلفه ختم الله له ولوالديه بالحسنى في حادي عشر شهر محرم الحرام من شهور سنة ثمانين بعد الالف من الهجرة، والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وأهل بيته الطاهرين المعصومين، ولعنة الله على ظالميهم وقاتليهم وغاصبي حقوقهم ومبغضيهم تحسبون أنه قبل نحو ستة آلاف سنة ونحن وجدنا جماجم الانسان وغيرها من عظام الانسان والحيوانات تحاكي عن وجودها قبل تلك السنة بكثير، والحديث يدفع الاشكال بأن آدم لم يكن أول خليقة بل كان قبله طبقات متعددة من الامم، ومن الحديث الثاني يستفاد أن الله تبارك وتعالى خلق غير ارضنا عوالم متعددة متكثرة، وأن ما كانوا يظنون قبلا من أن سائر الكرات غير معمورة وغير مسكونة للانسان والحيوان غير صحيحة بل سائر الكرات معمورة ومسكونة وأن لله تعالى ألف ألف عالم و ألف ألف آدم وستجئ روايات كثيرة تدل على ذلك في محله.


[ 376 ]

بيان: يفهم من سياق هذين الخبرين أن الله تعالى يخلق خلقا آخر لكن الامام عليه السلام لم يصرح به تقية وخوفا من التشنيع، وما يدل عليه تلك الاخبار لم أر أحدا من المتكلمين تعرض له بنفي ولا إثبات، وأدلة العقل لا تنفيه بل تعضده، لكن الاخبار الواردة في ذلك لم تصل إلى حد يوجب القطع به. والله تعالى يعلم. هذا آخر ما أوردنا إيراده في هذا المجلد من كتاب بحار الانوار. وختم على يدي مؤلفه ختم الله له ولوالديه بالحسنى في حادي عشر شهر محرم الحرام من شهور سنة ثمانين بعد الالف من الهجرة، والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وأهل بيته الطاهرين المعصومين، ولعنة الله على ظالميهم وقاتليهم وغاصبي حقوقهم ومبغضيهم ومخالفيهم أبد الآبدين.


[ 377 ]

إلى هنا ينتهي الجزء الثامن من كتاب بحار الانوار من هذه الطبعة المزدانة بتعاليق نفيسة قيمة وفوائد جمة ثمينة، وبه يختم المجلد الثالث من الاصل حسب تجزئة المصنف. ويحوي هذا الجزء 556 حديثا في 11 بابا. جمادى الثانية 1377

اترك تعليقاً