مقتضب الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر

أحمد بن محمد بن عياش الجوهري


[ 1 ]

ـ[المقدمة] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌ الحمد للّه المبتدى خلقه بالنعم، و ايجادهم بعد العدم، و المصطفى منهم من شاء فى الامم، حججا على سائر الامم، و بمحمد صلّى اللّه عليه و آله ختم، و بالائمة من بعده النعمة أتمّ، مصابيح الظلم، و ينابيع الحكم، صلى اللّه عليهم و سلم و كرم، فجعلهم اللّه تبارك و تعالى من حججه الماضين أبد الابدين، و ضرب لهم فى كتابه أمثالا فقال جل اسمه: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً و قال: فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً و قال: بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ثم قرنهم رسول اللّه بكتاب ربه، جعلهم قرنائه، و عليه امناءه، فَقَالَ: إِنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي أَلَا وَ إِنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ. ، فجعل حكمهما فى الطاعة و فى الاقتداء بهما واحدا، ثم أعلمنا صلّى اللّه عليه و آله اسماءهم عليهم السلام و انبائهم و وقفنا على اعيانهم و ازمانهم، و جعل ثانى عشرهم قائمهم عليه السّلام كما كان هو للانبياء خاتمهم، فمن حاول انتقاصا من مددهم او زيادة فى عددهم فقد الحد فى دين اللّه، و باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ‌، و هو كالزايد فى كتاب اللّه و المنتقص منه، اذ كان حكمهم و القرآن واحدا لا منتقصا منه و لا زائدا صلى اللّه عليهم و سلم. و قد ذكرت فى كتابى هذا من مقتضب الآثار ما ادّته الينا رواة الحديث من مخالفينا من النص على ائمتنا عليهم السلام من الروايات الصحيحة و التوقيف على اسمائهم و أعيانهم و أعدادهم موافقا لرواياتنا فنقلته‌


[ 2 ]

عنهم نقل متاوّلة بالقبول، لشهادتهم لنا بتصديقنا و وجودنا فى روايتهم ذكر ائمتنا عليهم السلام كما كان اسم نبينا محمّد صلّى اللّه عليه و آله موجودا عند أهل الكتب فى التوراة و الانجيل، فكتبت فى ذلك جزءا مفردا و هو هذا. و تلوته بجزء ثان‌[1] يشتمل على شواهد الاشعار و الاخبار السالفة على الزمان و الاعصار فى اسماء الائمة عليهم السلام و أعدادهم؛ و ذلك قبل كمال عددهم و مددهم، ليكون ذلك دليلا ظاهرا و برهانا باهرا متواخيا، و وصلتهما بجزء ثالث متوخيا متضمنا لرواياتنا خاصة، و أوضح عن صحيح الرواية و صريحها، و الكشف عن ادغال من ادغل فيها، متوخيا فى جميع ذلك رضا اللّه جل اسمه و القربة اليه و الزلفة لديه، و حسبى اللّه و أتوكل عليه و هو حسبى‌ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‌


ـ[1] قد سبقه فى جمع ما قيل من الاشعار فى الائمة الاثنى عشر شيخنا ثقة الاسلام الكلينى المتوفى سنة 328 صاحب الكافى فانه افرد فى ذلك كتابه المسمى بكتاب ما قيل فى الائمة الاثنى عشر من الشعر


[ 3 ]

ـ[الجزء الأول‌] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* ما رواه عامة أصحاب الحديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فى اعداد الائمة الاثنى عشر عليهم السلام و أسمائهم. (من ذلك ما روى فى اعدادهم خاصة عنه صلى اللّه عليه و آله عبد اللّه بن مسعود الهذلى.) قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرَمٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ الصيلنابى‌[1] ثَلَاثَتُهُمْ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوساً عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَ هُوَ يُقْرِئُنَا الْقُرْآنَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَلْ سَأَلْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَمْ يَمْلِكُ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ خَلِيفَةٍ بَعْدَهُ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ قَدِمْتُ الْعِرَاقَ! سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ: اثْنَا عَشَرَ عِدَّةَ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ‌[2]. (قال انس بن مالك الانصارى) حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمَّادٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي‌


ـ[1] يحتمل اتحاده مع ما يأتى فى سند رواية جابر و لم أجد صحيحه فى كتب الرّجال. [2] اخرجه فى اثبات الهداة ج 3 ص 196 و اخرجه احمد فى مسنده ج 1 ص 378 و قال فى مقاليد الكنوز اسناده صحيح و اخرجه الحاكم و الطبرانى و المتّقى و السيوطى و غيرهم


[ 4 ]

قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ مَوْلَى بَنِي مُجَاشِعٍ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ انَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: لَنْ يَزَالَ الدِّينُ قَائِماً إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ مِنْ قُرَيْشٍ، فَإِذَا هَلَكُوا مَاجَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا[1]. (قال جابر بن سمرة الاحمسى) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ غَالِبٍ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ جَعْدٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ خَيْثَمَةَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيِّ؛ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ؛ فَقَالُوا لَهُ ثُمَّ يَكُونُ مَا ذَا؟ قَالَ: ثُمَّ يَكُونُ الْهَرْجُ‌[2]. (قال عبد اللّه بن ابى اوفى الاسلمى) اخبرنا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْتَوْرِدٍ[3] قَالَ حَدَّثَنَا مُخَوَّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ‌


ـ[1] اخرجه فى اثبات الهداة ج 3 ص 196 و اخرجه ابن بطّة فى الابانة باسناده عن انس و لفظه هذا الدّين قائما الى اثنا عشر من قريش فاذا مضوا ساخت الارض باهلها و فى نسخة ماجت( كشف الاستار ص 99) و اخرج فى الكفاية ص 297 عن ابى عبد اللّه الجوهرى مصنّف هذا الكتاب بسنده عن انس بن مالك قال صلّى بنا رسول اللّه صلوة الفجر ثمّ اقبل علينا و قال معاشر اصحابى من احب اهل بيتى حشر معنا و من استمسك بالاوصياء من بعدى فقد استمسك بالعروة الوثقى فقام اليه ابوذر الغفارى فقال يا رسول اللّه كم الائمة بعدك قال عدد نقباء بنى اسرائيل فقال كلّهم من اهل بيتى تسعة من صلب الحسين و المهدى منهم. [2] اخرجه فى اثبات الهداة ج 3 ص 196 و اخرجه بلفظه او بمعناه عن جابر جماعة من اكابر الجمهور كاحمد و ارباب السّنن الا النسائى و الخطيب و ابن الاثير و الحاكم و السيوطى و غيرهم. [3] هذا هو الظّاهر الموافق لنسخة البحار لكن فى الاصل عبد اللّه بن مسعود و الظّاهر انه تصحيفه


[ 5 ]

زِيَادِ بْنِ مُنْذِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ خُضَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌ يَكُونُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً مِنْ قُرَيْشٍ؛ ثُمَّ تَكُونُ فِتْنَةٌ دَوَّارَةٌ! قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ وَ إِنَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى يَوْمَئِذٍ بُرْنُسَ خَزٍّ[1]. (قال عبد اللّه بن عمرو بن العاص السهمى) حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَالِكِيُّ الْحَرْبِيُّ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُعِينٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ؛ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ سَيْفٍ الْأَصْمَعِيِّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: يَكُونُ خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً[2]. قال بعض الرواة: هم مسمون كنينا عن اسمائهم، و ذكر ربيعة بن سيف قوما لم نجدهم فى غير روايته، قال الشيخ ابو عبد اللّه احمد بن محمّد بن عياش: فاذا كانت هذه العدة المنصوصة عليها لم توجد فى القائمين بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا فى بنى امية، لان عدة خلفاء بنى امية تزيد على الاثنى عشر، و لا فى القائمين من بعدهم الا زايدة عليهم، و لم تدع فرقة من فرق الامة هذه العدة فى ائمتها غير الامامية دلّ ذلك على ان ائمتهم المعنيون بها


ـ[1] اخرجه فى البحار ج 9 ص 160 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 197 عن هذا الكتاب. [2] اخرجه الشيخ فى كتاب الغيبة بسنده عن شفى الاصبحى و اخرجه ابن شهر آشوب فى المناقب و الطبرسى فى اعلام الورى عن شقيق و الظاهر ان الصحيح شفى و اخرجه فى اثبات الهداة ج 3 ص 197 و اخرجه فى البحار ج 9 ص 160 عن هذا الكتاب


[ 6 ]

ـ(و من ذلك ما رواه عن رسول اللّه (ص) من اسمائهم و اعدادهم معا سلمان الفارسى رضوان الله عليه‌[1]) حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الصَّوْلِيُّ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحِ بْنِ رعيدة قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ الطَّاطَرِيِّ، عَنْ زَاذَانَ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْماً فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيَّ قَالَ: يَا سَلْمَانُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيّاً وَ لَا رَسُولًا إِلَّا جَعَلَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ عَرَفْتُ هَذَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، قَالَ: يَا سَلْمَانُ فَهَلْ عَرَفْتَ مَنْ نُقَبَائِيَ الِاثْنَا عَشَرَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِلْإِمَامَةِ مِنْ بَعْدِي؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ! قَالَ: يَا سَلْمَانُ خَلَقَنِيَ اللَّهُ مِنْ صَفْوَةِ نُورِهِ، وَ دَعَانِي فَأَطَعْتُهُ وَ خَلَقَ مِنْ نُورِي نُورَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَعَاهُ إِلَى طَاعَتِهِ فَأَطَاعَهُ، وَ خَلَقَ مِنْ نُورِي وَ نُورِ عَلِيٍّ فَاطِمَةَ فَدَعَاهَا فَأَطَاعَتْهُ، وَ خَلَقَ مِنِّي وَ مِنْ عَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ فَدَعَاهُمَا فَأَطَاعَاهُ، فَسَمَّانَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِخَمْسَةِ أَسْمَاءٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، فَاللَّهُ مَحْمُودٌ وَ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَ اللَّهُ الْعَلِيُّ وَ هَذَا عَلِيٌّ، وَ اللَّهُ فَاطِرٌ وَ هَذِهِ فَاطِمَةُ، وَ اللَّهُ ذُو الْإِحْسَانِ وَ هَذَا الْحَسَنُ وَ اللَّهُ الْمُحْسِنُ وَ هَذَا الْحُسَيْنُ، ثُمَّ خَلَقَ مِنَّا وَ مِنْ نُورِ الْحُسَيْنِ تِسْعَةَ أَئِمَّةٍ فَدَعَاهُمْ فَأَطَاعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ سَمَاءً مَبْنِيَّةً، أَوْ أَرْضاً مَدْحِيَّةً، أَوْ هَوَاءً وَ ماءً وَ مَلَكاً أَوْ بَشَراً، وَ كُنَّا بِعِلْمِهِ أَنْوَاراً نُسَبِّحُهُ‌


ـ[1] اخرجه المحدث النورى فى نفس الرّحمن عن هذا الكتاب مع اختلاف فى بعض العبارات و قال و فى الباب التّاسع و السّتّين من مصباح الشّريعة للصّادق روى باسناد صحيح عن سلمان و اخرجه على بن محمّد بن يونس العاملى النباطى البياضى المتوفّى 877 فى الصّراط المستقيم فى الباب العاشر فى القطب الثانى مختصرا و البحرانى فى بهجة النّظر فى اثبات الوصيّة و الامامة للائمة الاثنى عشر بسنده الى سلمان و اخرجه حسن بن سليمان الحلى تلميذ الشّهيد الاول فى المختصر ص 106 و ابن جرير الطبرى فى دلايل الامامة بسنده عن زاذان و اخرجه فى اثبات الهداة مختصرا ج 3 ص 197 و اخرجه فى البحار ج 13 ص 236 عن هذا الكتاب و غيره


[ 7 ]

وَ نَسْمَعُ لَهُ وَ نُطِيعُ، فَقَالَ سَلْمَانُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي مَا لِمَنْ عَرَفَ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ! مَنْ عَرَفَهُمْ حَقَّ مَعْرِفَتِهِمْ وَ اقْتَدَى بِهِمْ، فَوَالَى وَلِيَّهُمْ وَ تَبَرَّأَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَهُوَ وَ اللَّهِ مِنَّا يَرِدُ حَيْثُ نَرِدُ وَ يَسْكُنُ حَيْثُ نَسْكُنُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَهَلْ يَكُونُ إِيمَانٌ بِهِمْ بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَنْسَابِهِمْ؟ فَقَالَ: لَا يَا سَلْمَانُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنَّى لِي لِجَنَابِهِمْ؟ قَالَ: قَدْ عَرَفْتَ إِلَى الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثُمَّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ: عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ؛ ثُمَّ وَلَدُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ بَاقِرُ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الْمُرْسَلِينَ ثُمَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لِسَانُ اللَّهِ الصَّادِقُ، ثُمَّ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ الْكَاظِمُ غَيْظَهُ صَبْراً فِي اللَّهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى الرِّضَا لِأَمْرِ اللَّهِ، ثُمَّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوَادُ الْمُخْتَارُ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَادِي إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّامِتُ الْأَمِينُ عَلَى دِينِ اللَّهِ الْعَسْكَرِيُّ، ثُمَّ ابْنُهُ حُجَّةُ اللَّهِ فُلَانٌ سَمَّاهُ بِاسْمِهِ ابْنُ الْحَسَنِ الْمَهْدِىُّ، وَ النَّاطِقُ الْقَائِمُ بِحَقِّ اللَّهِ. قَالَ سَلْمَانُ: فَبَكَيْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَنَّى لِسَلْمَانَ بِإِدْرَاكِهِمْ؟ قَالَ: يَا سَلْمَانُ إِنَّكَ مُدْرِكُهُمْ وَ أَمْثَالُكَ وَ مَنْ تَوَلَّاهُمْ بِحَقِيقَةِ الْمَعْرِفَةِ، قَالَ سَلْمَانُ: فَشَكَرْتُ اللَّهَ كَثِيراً، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي مُؤَجَّلٌ إِلَى عَهْدِهِمْ قَالَ: يَا سَلْمَانُ اقْرَأْ فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً قَالَ سَلْمَانُ: فَاشْتَدَّ بُكَائِي وَ شَوْقِي وَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِعَهْدٍ مِنْكَ؟ فَقَالَ: إِي وَ الَّذِي أَرْسَلَ مُحَمَّداً إِنَّهُ لَبِعَهْدٍ مِنِّي وَ بِعَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ تِسْعَةِ أَئِمَّةٍ، وَ كُلِّ مَنْ هُوَ مِنَّا وَ مَظْلُومٍ فِينَا، إِي وَ اللَّهِ يَا سَلْمَانُ، ثُمَّ لَيَحْضُرَنَّ إِبْلِيسُ وَ جُنُودُهُ وَ كُلُّ مَنْ مَحَضَ الْإِيمَانَ مَحْضاً، وَ مَحَضَ الْكُفْرَ مَحْضاً، حَتَّى يُؤْخَذَ بِالْقِصَاصِ وَ الْأَوْتَارِ وَ التراث [الثَّارَاتِ‌] وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً، وَ يَجْرِي تَأْوِيلُ‌


[ 8 ]

هَذِهِ الْآيَةِ وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ‌ قَالَ سَلْمَانُ رِضَي اللَّهُ عَنْهُ: فَقُمْتُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَا يُبَالِي سَلْمَانُ مَتَى لَقِيَ الْمَوْتَ أَوْ لَقِيَهُ. قال الشيخ: ابو عبد اللّه بن عياش: سألت ابا بكر محمّد بن عمر الجعابى الحافظ عن محمّد بن خلف الطاطرى؟ فقال: هو محمّد بن خلف بن موهب الطاطرى ثقة مأمون، و طاطر سيف من أسياف البحر تنسج فيها الثياب، تسمى الطاطرية كانت تنسب اليها. قال: و ما رواه سلمان ايضا من وجه آخر بلفظ غير هذا و ان كان المعنى موافقا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله‌ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْخُرَاسَانِيُّ الْمُعَدِّلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ، عَنْ أَبِيهِ آدَمَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِ‌[1] قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ عَلَى فَخِذِهِ، إِذْ تَفَرَّسَ فِي وَجْهِهِ‌


ـ[1] و اخرجه المحدث النورى فى نفس الرّحمن عن هذا الكتاب و اخرج نحوا من هذا الحديث فى الدّلالة على الائمة الاثنى عشر عليهم السّلام الصّدوق بسنده عن سليم عن سلمان فى كمال الدّين و الخصال و العيون و الخزّاز فى الكفاية بسنده عن سليم عن عطاء بن سائب عن ابيه و ابن شاذان القمى فى المناقب المأة عن سلمان و ابن طاووس فى الطرائف و البحرانى فى مناقب امير المؤمنين و غيرهم و من العامّة اخرجه الخوارزمى فى مقتل الحسين ج 1 ص 94 و القندوزى فى ينابيع المودّة ص 258 عن كتاب مودّة القربى فى المودّة العاشرة و فى ص 492 عن مناقب الخوارزمى بسنده عن سليم عن سلمان و قال اخرجه الحموينى و اخرجه فى اثبات الهداة ج 3 ص 198 عن هذا الكتاب مختصرا و اخرجه فى البحار ج 9 ص 160 عن هذا الكتاب


[ 9 ]

وَ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَةٍ؛ وَ أَنْتَ إِمَامٌ ابْنُ إِمَامٍ، أَخُو إِمَامٍ أَبُو أَئِمَّةٍ تِسْعَةٍ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ، إِمَامُهُمْ أَعْلَمُهُمْ أَحْكَمُهُمْ أَفْضَلُهُمْ. قَالَ: وَ مِمَّا رَوَتْهُ الْعَامَّةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا رَوَوْهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَانِيُ‌[1] وَ غَيْرُهُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ[2] عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَ مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَ مِنَ الشُّهُورِ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَ اخْتَارَنِي وَ عَلِيّاً، وَ اخْتَارَ مِنْ عَلِيٍّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ، وَ اخْتَارَ مِنَ الْحُسَيْنِ حُجَّةَ الْعَالَمِينَ تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ أَعْلَمُهُمْ أَحْكَمُهُمْ‌[3]. قال الشيخ: و قد روى أصحابنا هذا الحديث من طريقهم موافقا. قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْعَطَّارُ الْقُمِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْحِمْيَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَيْرٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ مِائَتَيْنِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ‌[4] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‌


ـ[1] قال الحموى فى صيداء: و ذكر السمعانى انه ينسب اليها الصيدانى بالنون كانه لحق بصنعاء و صنعانى و بهراء و بهرانى. [2] هذا هو الظّاهر الموافق لنسخة البحار فانه الذى يروى عن عمرو بن دينار كما ذكره ابن حجر فى تهذيب التّهذيب ج 3 ص 9 لكن فى الاصل« حمّاد بن يزيد». [3] اخرجه فى البحار ج 9 ص 160 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 198 عن هذا الكتاب. [4] و اخرجه الصّدوق فى كمال الدّين بسنده عن سعيد بن غزوان عن ابى بصير و النعمانى فى غيبته بسنده عن سعيد عن ابى بصير و الشّيخ فى غيبته ايضا بسنده عن ابى بصير و محمّد بن جرير الطبرى فى دلايل الامامة بسنده ما يقرب منه و حسن بن سليمان فى المختصر نحوه و اخرجه فى البحار عن هذا الكتاب ج 9 ص 160 و شيخنا شيخ الطّائفة فى الغيبة و السّيّد ابن طاوس المتوفّى 664 فى الطرائف و ابى الحسن محمّد بن شاذان القمى ابن اخت قولويه فى المناقب المأة و المجلسى المتوفّى 1110 فى البحار عن جماعة مسندا عن ابى سلمى و عن تفسير فرات بن ابراهيم مسندا عن ابى جعفر عليه السّلام عن النبى صلّى اللّه عليه و آله و القندوزى المتوفّى 1294 فى ينابيع المودّة ص 486 و السّيّد البحرانى المتوفّى 1107 فى غاية المرام و مناقب امير المؤمنين


[ 10 ]

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ مِنَ الْأَيَّامِ الْجُمُعَةَ، وَ مِنَ الشُّهُورِ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَ مِنَ اللَّيَالِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ وَ اخْتَارَ مِنَ النَّاسِ الْأَنْبِيَاءَ وَ اخْتَارَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ الرُّسُلَ، وَ اخْتَارَنِي مِنَ الرُّسُلِ، وَ اخْتَارَ مِنِّي عَلِيّاً؛ وَ اخْتَارَ مِنْ عَلِيٍّ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ؛ وَ اخْتَارَ مِنَ الْحُسَيْنِ الْأَوْصِيَاءَ، يَنْفُونَ عَنِ التَّنْزِيلِ تَحْرِيفَ الضَّالِّينَ وَ انْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ وَ تَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، تَاسِعُهُمْ بَاطِنُهُمْ ظَاهِرُهُمْ قَائِمُهُمْ، وَ هُوَ أَفْضَلُهُمْ. (قال: و ما رووه عن ابى سلمى راعى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عنه من اسماء الائمة و أعدادهم.) حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سِنَانٍ الْمَوْصِلِيُّ الْمُعَدِّلُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلِيلِيُّ الْآمُلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الرَّيَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَّامَ بْنَ أَبِي عُمْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلْمَى‌[1]ـ


ـ[1] اخرج هذا الحديث جماعة من اعلام الخاصّة و العامّة منهم الموفّق بن احمد الخوارزمى المتوفّى 538 او 568 فى مقتل الحسين عليه السّلام ج 1 ص 95 و الحموينى فى آخر فرايد السمطين ج 2 و اخرجه فى البحار ج 9 ص 125 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 198 مختصرا عن هذا الكتاب


[ 11 ]

رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِي إِلَى السَّمَاءِ قَالَ الْعَزِيزُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ‌ قُلْتُ: وَ الْمُؤْمِنُونَ‌، قَالَ: صَدَقْتَ يَا مُحَمَّدُ! مَنْ خَلَّفْتَ لِأُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَيْرَهَا، قَالَ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي اطَّلَعْتُ عَلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا، فَشَقَقْتُ لَكَ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي، فَلَا أُذْكَرُ فِي مَوْضِعٍ إِلَّا وَ ذُكِرْتَ مَعِي، فَأَنَا الْمَحْمُودُ وَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ اطَّلَعْتُ فَاخْتَرْتُ مِنْهَا عَلِيّاً؛ وَ شَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي، فَأَنَا الْأَعْلَى وَ هُوَ عَلِيٌّ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي خَلَقْتُكَ وَ خَلَقْتُ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ مِنْ سِنْخِ نُورِي، وَ عَرَضْتُ وَلَايَتَكُمْ عَلَى أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرَضِينَ، فَمَنْ قَبِلَهَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَ مَنْ جَحَدَهَا كَانَ عِنْدِي مِنَ الْكَافِرِينَ، يَا مُحَمَّدُ! لَوْ أَنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِي عَبَدَنِي حَتَّى يَنْقَطِعَ أَو يَصِيرَ كَالشَّنِّ الْبَالِي، ثُمَّ أَتَانِي جَاحِداً لِوَلَايَتَكُمْ، مَا غَفَرْتُ لَهُ أَوْ يُقِرَّ بِوَلَايَتِكُمْ يَا مُحَمَّدُ! تُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَبِّ فَقَالَ لِي: الْتَفِتْ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ فَالْتَفَتُّ وَ إِذَا بِعَلِيٍّ وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ، وَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِىٍّ؛ وَ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى، وَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَ الْمَهْدِيِّ فى ضَحْضَاحٍ مِنْ نُورٍ[1] قِيَاماً يُصَلُّونَ، وَ هُوَ فِي وَسَطِهِمْيَعْنِي الْمَهْدِيَّكَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ وَ هُوَ الثَّائِرُ مِنْ عِتْرَتِكَ، وَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي إِنَّهُ الْحُجَّةُ الْوَاجِبَةُ لِأَوْلِيَائِي، وَ الْمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي. (قال: و ما رووه من اعدادهم و اسمائهم مما وجد فى ارض الكعبة فى كتاب مكتوبا) حَدَّثَنَا[2] أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ‌


ـ[1] الضّحضاحكما قال الجزرى-: مارق من الماء على وجه الارض و استعير للنور فى قوله( ص) فى ضحضاح من نور. [2] اخرجه فى البحار ج 9 ص 125 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 198 عن هذا الكتاب


[ 12 ]

أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى الْمَنْصُورِيُّ الْهَاشِمِيُّ بِسُرَّمَنْ‌رَأَى؛ سَنَةَ تِسْعٍ وَ ثَلَاثِينَ وَ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمُّ أَبِي مُوسَى بْنُ عِيسَى [بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الْمَنْصُورِ][1] قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَتِيقُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعَةَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي‌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ الْحَدِيثَ فَاحْفَظْهُ عَنِّي وَ اكْتُمْهُ عَلَيَّ مَا دُمْتُ حَيّاً أَوْ يَأْذَنَ اللَّهُ فِيهِ بِمَا يَشَاءُ: كُنْتُ مَعَ مَنْ عَمِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فى الْكَعْبَةِ، حَدَّثَنِي أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَمَرَ الْعُمَّالَ أَنْ يَبْلُغُوا فِي الْأَرْضِ، قَالَ: فَبَلَغْنَا صَخْراً أَمْثَالَ الْإِبِلِ، فَوَجَدْتُ عَلَى بَعْضِ تِلْكَ الصُّخُورِ كِتَاباً مَوْضُوعاً، فَتَنَاوَلْتُهُ وَ سَتَرْتُ أَمْرَهُ، فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى مَنْزِلِي تَأَمَّلْتُهُ فَرَأَيْتُ كِتَاباً لَا أَدْرِي مِنْ أَيِّ شَيْ‌ءٍ هُوَ؟ وَ لَا أَدْرِي الَّذِي كُتِبَ بِهِ مَا هُوَ؟ إِلَّا أَنَّهُ يَنْطَوِي كَمَا يَنْطَوِي الْكُتُبُ فَقَرَأْتُ فِيهِ بِاسْمِ الْأَوَّلِ لَا شَيْ‌ءَ قَبْلَهُ؛ لَا تَمْنَعُوا الْحِكْمَةَ أَهْلَهَا فَتَظْلِمُوهُمْ، وَ لَا تُعْطُوهَا غَيْرَ مُسْتَحِقِّهَا فَتَظْلِمُوهَا، إِنَّ اللَّهَ يُصِيبُ بِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ* وَ اللَّهُ‌ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ*، بِسْمِ الْأَوَّلِ لَا نِهَايَةَ لَهُ، الْقَائِمِ‌ عَلى‌ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ‌، كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ ثُمَّ خَلَقَ الْخَلْقَ بِقُدْرَتِهِ، وَ صَوَّرَهُمْ بِحِكْمَتِهِ وَ مَيَّزَهُمْ بِمَشِيئَتِهِ كَيْفَ شَاءَ وَ جَعَلَهُمْ‌ شُعُوباً وَ قَبائِلَ‌ وَ بُيُوتاً لِعِلْمِهِ السَّابِقِ فِيهِمْ، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ تِلْكَ القَبَائِلِ قَبِيلَةً مُكَرَّمَةً سَمَّاهَا قُرَيْشاً، وَ هِيَ أَهْلُ الْإِمَامَةِ، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ بَيْتاً خَصَّهُ اللَّهُ بِالْبِنَاءِ وَ الرِّفْعَةِ، وَ هُمْ وُلْدُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَفَظَةُ هَذَا الْبَيْتِ وَ عُمَّارُهُ وَ وُلَاتُهُ وَ سُكَّانُهُ، ثُمَّ اخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ نَبِيّاً يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدٌ وَ يُدْعَى فِي السَّمَاءِ أَحْمَدَ، يَبْعَثُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الزَّمَانِ نَبِيّاً وَ لِرِسَالَتِهِ مُبَلِّغاً، وَ لِلْعِبَادِ إِلَى دِينِهِ دَاعِياً مَنْعُوتاً فِي الْكُتُبِ تُبَشِّرُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَ يَرِثُ عِلْمَهُ خَيْرُ الْأَوْصِيَاءِ، يَبْعَثُهُ اللَّهُ وَ هُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ عِنْدَ ظُهُورِ الشِّرْكِ وَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ وَ ظُهُورِ الْفِتَنِ، لِيُظْهِرَ اللَّهُ بِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ‌


ـ[1] ما بين المعقفتين انما هو فى نسخة الاصل دون نسخة البحار


[ 13 ]

وَ يَدْحَرَ[1] بِهِ الشَّيْطَانَ، وَ يُعْبَدَ بِهِ الرَّحْمَانُ، قَوْلُهُ فَصْلٌ، وَ حُكْمُهُ عَدْلٌ، يُعْطِيهِ اللَّهُ النُّبُوَّةَ بِمَكَّةَ وَ السُّلْطَانَ بِطَيْبَةَ، لَهُ مُهَاجَرَةٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى طَيْبَةَ وَ بِهَا مَوْضِعُ قَبْرِهِ، يَشْهَرُ سَيْفَهُ وَ يُقَاتِلُ مَنْ خَالَفَهُ، وَ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِي مَنِ اتَّبَعَهُ وَ هُوَ عَلَى الْأُمَّةِ شَهِيدٌ وَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعٌ، يُؤَيِّدُهُ بِنَصْرِهِ؛ وَ يَعْضُدُهُ بِأَخِيهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ وَ صِهْرِهِ وَ زَوْجِ ابْنَتِهِ وَ وَصِيِّهِ فِي أُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، يَنْصِبُهُ لَهُمْ عَلَماً عِنْدَ اقْتِرَابِ أَجَلِهِ، هُوَ بَابُ اللَّهِ فَمَنْ أَتَى اللَّهَ مِنْ غَيْرِ الْبَابِ ضَلَّ يَقْبِضُهُ اللَّهُ وَ قَدْ خَلَّفَ فِي أُمَّتِهِ عَمُوداً بَعْدَ أَنْ يُبِيِّنَهُ لَهُمْ، يَقُولُ بِقَوْلِهِ فِيهِمْ، وَ يُبَيِّنُهُ لَهُمْ هُوَ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِهِ وَ الْإِمَامُ وَ الْخَلِيفَةُ فِي أُمَّتِهِ، فَلَا يَزَالُ مَبْغُوضاً مَحْسُوداً مَخْذُولًا وَ مِنْ حَقِّهِ مَمْنُوعاً لِأَحْقَادٍ فِي الْقُلُوبِ، وَ ضَغَائِنَ فِي الصُّدُورِ، لِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ وَ عِظَمِ مَنْزِلَتِهِ وَ عِلْمِهِ وَ حِلْمِهِ، وَ هُوَ وَارِثُ الْعِلْمِ وَ مُفَسِّرُهُ، مَسْئُولٌ غَيْرُ سَائِلٍ عَالِمٌ غَيْرُ جَاهِلٍ، كَرِيمٌ غَيْرُ لَئِيمٍ، كَرَّارٌ غَيْرُ فَرَّارٍ، لَا تَأْخُذُهُ فى اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ يَقْبِضُهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ شَهِيداً بِالسَّيْفِ مَقْتُولًا وَ هُوَ يَتَوَلَّى قَبْضَ رُوحِهِ وَ يُدْفَنُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْغَرِيِّ، يَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثُمَّ الْقَائِمُ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ الْحَسَنُ سَيِّدُ الشَّبَابِ وَ زَيْنُ الْفِتْيَانِ، يُقْتَلُ مَسْمُوماً يُدْفَنُ بِأَرْضِ طَيْبَةَ فِي الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْبَقِيعِ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهُ الْحُسَيْنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِمَامُ عَدْلٍ يَضْرِبُ بِالسَّيْفِ وَ يُقْرِي الضَّيْفَ، يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ فِي الْأَيَّامِ الزَّاكِيَاتِ، يَقْتُلُهُ بَنُو الطَّوَامِثِ وَ الْبَغِيَّاتِ يُدْفَنُ بِكَرْبَلَا وَ قَبْرُهُ لِلنَّاسِ نُورٌ وَ ضِيَاءٌ وَ عَلَمٌ، ثُمَّ يَكُونُ الْقَائِمَ مِنْ بَعْدِهِ ابْنُهُ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْعَابِدِينَ وَ سِرَاجُ الْمُؤْمِنِينَ، يَمُوتُ مَوْتاً يُدْفَنُ فى أَرْضِ طَيْبَةَ فى الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِالْبَقِيعِ؛ ثُمَّ يَكُونُ الْإِمَامَ الْقَائِمَ بَعْدَهُ الْمَحْمُودَ فِعَالُهُ مُحَمَّدٌ بَاقِرُ الْعِلْمِ وَ مَعْدِنُهُ وَ نَاشِرُهُ وَ مُفَسِّرُهُ، يَمُوتُ مَوْتاً يُدْفَنُ بِالْبَقِيعِ مِنْ أَرْضِ طَيْبَةَ، ثُمَ‌


ـ[1] دحره: طرده. أبعده


[ 14 ]

يَكُونُ بَعْدَهُ الْإِمَامُ جَعْفَرٌ وَ هُوَ الصَّادِقُ بِالْحِكْمَةِ نَاطِقٌ مُظْهِرُ كُلِّ مُعْجِزَةٍ وَ سِرَاجُ الْأُمَّةِ، يَمُوتُ مَوْتاً بِأَرْضِ طَيْبَةَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ الْبَقِيعُ، ثُمَّ الْإِمَامُ بَعْدَهُ الْمُخْتَلَفُ فِي دَفْنِهِ سَمِيُّ الْمُنَاجِي رَبَّهُ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، يُقْتَلُ بِالسَّمِّ فِي مَحْبَسِهِ يُدْفَنُ فِي الْأَرْضِ الْمَعْرُوفَةِ بِالزَّوْرَاءِ؛ ثُمَّ الْقَائِمُ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الرِّضَا الْمُرْتَضَى لِدِينِ اللَّهِ إِمَامُ الْحَقِّ، يُقْتَلُ بِالسَّمِّ فِي أَرْضِ الْعَجَمِ، ثُمَّ الْإِمَامُ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ يَمُوتُ مَوْتاً يُدْفَنُ فِي الْأَرْضِ الْمَعْرُوفَةِ بِالزَّوْرَاءِ، ثُمَّ الْقَائِمُ بَعْدَهُ ابْنُهُ عَلِيٌّ لِلَّهِ نَاصِرٌ وَ يَمُوتُ مَوْتاً وَ يُدْفَنُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُحْدَثَةِ، ثُمَّ الْقَائِمُ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْحَسَنُ وَارِثُ عِلْمِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنُ الْحِكْمَةِ يُسْتَضَاءُ بِهِ مِنَ الظُّلَمِ، يَمُوتُ مَوْتاً يُدْفَنُ فِي الْمَدِينَةِ الْمُحْدَثَةِ، ثُمَّ الْمُنْتَظَرُ بَعْدَهُ اسْمُهُ اسْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ يَفْعَلُهُ وَ يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يَجْتَنِبُهُ، يَكْشِفُ اللَّهُ بِهِ الظُّلَمَ وَ يَجْلُو بِهِ الشَّكِّ وَ الْعَمَى يَرْعَى الذِّئْبُ فِي أَيَّامِهِ مَعَ الْغَنَمِ، وَ يَرْضَى عَنْهُ سَاكِنُ السَّمَاءِ وَ الطَّيْرُ فِي الْجَوِّ وَ الْحِيتَانُ فى الْبِحَارِ، يَا لَهُ مِنْ عَبْدٍ مَا أَكْرَمَهُ عَلَى اللَّهِ، طُوبَى لِمَنْ أَطَاعَهُ وَ وَيْلٌ لِمَنْ عَصَاهُ طُوبَى لِمَنْ قَاتَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَتَلَ أَوْ قُتِلَ‌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ‌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ* وَ أُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ*. (قال: و ما رووه فى مسائل اليهودى الوارد الى المدينة فى ايام عمر و مسائله لامير المؤمنين (ع) و فيها الاثنى عشر ائمة بعد محمد صلى الله عليه و عليهم.) حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَلَمَةَ[1]ـ


ـ[1] اخرج هذا الحديث من العامّة القندوزى فى ينابيع المودّة( ص 443) عن عامر بن واثلة و صدر الدّين ابراهيم بن محمّد الجوينى الحموئى فى فرائد السمطين مع اختلاف فى بعض العبارات فراجع العبقات( ص 240 ج 2- ج 12) و ليس فيهما( لا ازيد يوما واحدا و لا انقص يوما واحدا) و قد روى مثل هذا الحديث فى الدّلالة على الائمة الاثنى عشر و سؤال اليهودى عن امير المؤمنين( ع) بطرق متعدّدة فى كمال الدّين و غيبة الشّيخ و اعلام الورى و البحار و غيرها فراجع و اخرجه فى البحار ص 126 ج 9 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 199 مختصرا عن هذا الكتاب


[ 15 ]

قَالَ: شَهِدْتُ مَشْهَداً مَا شَهِدْتُ مِثْلَهُ كَانَ أَعْجَبَ عِنْدِي؛ وَ لَا أَوْقَعَ عَلَى قَلْبِي مِنْهُ، قَالَ: فَقِيلَ: يَا أَبَا جَعْفَرٍ فَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ أَقْبَلَ النَّاسُ يُبَايِعُونَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِذْ أَقْبَلَ يَهُودِيٌ‌[1] قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْمَدِينَةِ يَهُودُهَا أَنَّهُ أَعْلَمُهُمْ، وَ كَذَلِكَ كَانَ أَبُوهُ مِنْ قَبْلُ فِيهِمْ، فَقَالَ: يَا عُمَرُ مَنْ أَعْلَمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: فَأَتَاهُ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَنْتَ كَمَا زَعَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ لَهُ وَ مَا زَعَمَ؟ فَقَالَ لَهُ: يَزْعُمُ أَنَّكَ أَعْلَمُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا يَهُودِيُّ سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ تُخْبَرْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ وَ ثَلَاثٍ وَ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَ لِمَ لَا تَقُولُ سَبْعاً؟ فَقَالَ لَهُ: لَا أَقُولُ سَبْعاً وَ لَكِنْ أَسْأَلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ! فَإِنْ أَجَبْتَنِي فِيهِنَّ سَأَلْتُكَ عَمَّا بَعْدَهُنَّ، وَ إِلَّا عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيكُمْ عَالِمٌ وَ مَضَيْتُ؛ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَإِنِّي سَائِلُكَ بِإِلَهِكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ إِنْ أَجَبْتُكَ فِي كُلِّ مَا سَأَلْتَنِي عَنْهُ لَتَدَعَنَّ دِينَكَ وَ لَتَدْخُلَنَّ فِي دِينِي؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: مَا جِئْتُ إِلَّا لِلْإِسْلَامِ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: سَلْ عَمَّا شِئْتَ! فَقَالَ لَهُ: أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ قَطْرَةِ دَمٍ قَطَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيُّ شَيْ‌ءٍ هُوَ؟ وَ أَخْبِرْنِي عَنْ أَوَّلِ عَيْنٍ فَاضَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَيُّ عَيْنٍ هِيَ؟ وَ أَوَّلِ شَجَرٍ اهْتَزَّتْ عَلَى وَجْهِ‌


ـ[1] و كان من أولاد هارون بن عمران كما ذكره الكلينى فى الكافى و غيره فى غيره و سيأتى فى الرّواية ايضا ما يفيد ذلك، و يحتمل سقطه من هذا الموضع من الرّواية


[ 16 ]

الْأَرْضِ أَيُّ شَجَرَةٍ هِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا هَارُونِيُّ! أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: أَوَّلُ قَطْرَةِ دَمٍ قَطَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَيْثُ قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ؛ وَ لَيْسَ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ، وَ لَكِنْ أَقُولُ: أَوَّلُ قَطْرَةٍ قَطَرَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ حَيْثُ طَمِثَتْ حَوَّاءُ وَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ ابْنَهَا شَيْثاً، قَالَ: صَدَقْتَ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنَّ أَوَّلَ شَجَرَةٍ اهْتَزَّتْ عَلَى الْأَرْضِ الشَّجَرَةُ الَّتِي كَانَ مِنْهَا سَفِينَةُ نُوحٍ وَ هِيَ الزَّيْتُونَةُ؛ وَ لَيْسَ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ! وَ لَكِنَّهَا النَّخْلَةُ الَّتِى نَزَلَتْ مَعَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الْجَنَّةِ وَ هِيَ الْعَجْوَةُ وَ مِنْهَا يَتَفَرَّقُ مَا تَرَى مِنْ أَنْوَاعِ النَّخْلِ، قَالَ: صَدَقْتَ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: إِنَّ أَوَّلَ عَيْنٍ فَاضَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عَيْنُ اليقور [الْيَقُودِ]، وَ هِيَ الْعَيْنُ الَّتِي تَكُونُ فى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ لَيْسَ هُوَ كَمَا تَقُولُونَ، وَ لَكِنَّهَا عَيْنُ الْحَيَاةِ الَّتي وَقَفَ عَلَيْهَا مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ وَ فَتَاهُ، وَ مَعَهُمُ النُّونُ الْمَالِحَةُ فَسَقَطَتْ فِيهَا فَحَيِيَتْ، وَ كَذَلِكَ مَاءُ تِلْكَ الْعَيْنِ لَا يُصِيبُ شَيْ‌ءٌ مِنْهَا الَّا حَيِيَ، وَ كَذَلِكَ كَانَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى مُقَدِّمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ فِي طَلَبِ عَيْنِ الْحَيَاةِ فَأَصَابَهَا الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَشَرِبَ مِنْهَا، وَ جَاءَ ذُو الْقَرْنَيْنِ يَطْلُبُهَا فَعَدَلَ عَنْهَا قَالَ: صَدَقْتَ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي لَأَجِدُهَا فى كِتَابِ أَبِي هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ كَتَبَهُ بِيَدِهِ وَ إِمْلَاءِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الثَّلَاثِ الْأُخَرِ، أَخْبِرْنِي عَنْ مُحَمَّدٍ كَمْ لَهُ مِنْ إِمَامٍ؟ وَ أَيَّ جَنَّةٍ يَسْكُنُ وَ مَنْ سَاكِنُهَا مَعَهُ فِي جَنَّتِهِ؟ وَ عَنْ أَوَّلِ حَجَرٍ هَبَطَ إِلَى الْأَرْضِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا هَارُونِيُّ إِنَّ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً عَدْلًا لَا يَضُرُّهُمْ خِذْلَانُ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَ لَا يَسْتَوْحِشُونَ لِخِلَافِ مَنْ خَالَفَهُمْ؛ أَرْسَبُ فِي الدِّينِ مِنَ الْجِبَالِ الرَّاسِيَاتِ فِي الْأَرْضِ، وَ إِنَّ مَسْكَنَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فى جَنَّةِ عَدْنٍ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ كُنْ فِيهَا، فَكَانَ وَ فِيهَا انْفَجَرَتْ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ وَ سُكَّانُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فى جَنَّتِهِ أُولَئِكَ الِاثْنَا عَشَرَ إِمَامُ عَدْلٍ، وَ أَوَّلُ حَجَرٍ هَبَطَ فَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: هِيَ الصَّخْرَةُ الَّتِي‌


[ 17 ]

فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ، وَ لَكِنَّهُ الَّذِي فِي بَيْتِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ الْحَرَامِ هَبَطَ بِهِ جَبْرَئِيلُ إِلَى الْأَرْضِ وَ هُوَ أَشَدُّ بَيَاضاً مِنَ الثَّلْجِ، فَاسْوَدَّ مِنْ خَطَايَا بَنِي آدَمَ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنِّي لَأَجِدُهَا فِي كِتَابِ أَبِي هَارُونَ وَ إِمْلَاءِ مُوسَى، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: وَ بَقِيَتْ وَاحِدَةٌ! وَ هِيَ أَخْبِرْنِي عَنْ وَصِيِّ مُحَمَّدٍ كَمْ يَعِيشُ وَ هَلْ يَمُوتُ أَوْ يُقْتَلُ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا يَهُودِيُّ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ أَنَا أَعِيشُ بَعْدَهُ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا أَزِيدُ يَوْماً وَاحِداً وَ لَا أَنْقُصُ يَوْماً وَاحِداً، ثُمَّ يَنْبَعِثُ أَشْقَاهَا شَقِيقُ عَاقِرِ نَاقَةِ ثَمُودَ، فَيَضْرِبُنِي ضَرْبَةً هَاهُنَا فِي قَرْنِي، فَيُخْضَبُ لِحْيَتِي، قَالَ: وَ بَكَى عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بُكَاءً شَدِيداً؛ قَالَ: فَصَاحَ الْيَهُودِيُّ وَ أَقْبَلَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، وَ أَشْهَدُ يَا عَلِيُّ أَنَّكَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَفُوقَ وَ لَا تُفَاقَ وَ أَنْ تُعَظَّمَ وَ لَا تُسْتَضْعَفَ، وَ أَنْ تُقَدَّمَ وَ لَا يُتَقَدَّمَ عَلَيْكَ، وَ أَنْ تُطَاعَ فَلَا تُعْصَى وَ أَنَّكَ لَأَحَقُّ بِهَذَا الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِكَ، وَ أَمَّا أَنْتَ يَا عُمَرُ فَلَا صَلَّيْتُ خَلْفَكَ أَبَداً فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: كُفَّ يَا هَارُونِيُّ مِنْ صَوْتِكَ، ثُمَّ أَخْرَجَ الْهَارُونِيُّ مِنْ كُمِّهِ كِتَاباً مَكْتُوباً بِالْعِبْرَانِيَّةِ، فَأَعْطَاهُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَظَرَ فِيهِ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَبَكَى، فَقَالَ لَهُ الْهَارُونِيُّ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا هَارُونِيُّ: هَذَا فِيهِ اسْمِي مَكْتُوباً، فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ! اقْرَأْ اسْمَكَ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ هُوَ مَكْتُوبٌ فَإِنَّهُ كِتَابٌ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَ أَنْتَ رَجُلٌ عَرَبِيٌّ؟! فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيْحَكَ يَا هَارُونِيُّ! هَذَا اسْمِي أَمَّا فِي التَّوْرَاةِ اسْمِي هَابِيلُ وَ فِي الْإِنْجِيلِ حَيْدَارُ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: صَدَقْتَ وَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّهُ لَخَطُّ أَبِي هَارُونَ وَ إِمْلَاءُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ تَوَارَثَتْهُ الْآبَاءُ حَتَّى صَارَ إِلَيَّ، قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ يَبْكِي وَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي عِنْدَهُ مَنْسِيّاً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَثْبَتَنِي فى صُحُفِ الْأَبْرَارِ، ثُمَّ أَخَذَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدِ الرَّجُلِ فَمَضَى إِلَى مَنْزِلِهِ، فَعَلَّمَهُ مَعَالِمَ الْخَيْرِ وَ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ (قال و ما روته ام سليم صاحبة الحصاة


[ 18 ]

و ليست بحبابة الوالبية و لا بام غانم صاحبتى الحصاة هذه ام سليم غيرهما و اقدم منهما من طريق العامة) حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَطُوسِيُّ الْقَاضِيقَدِمَ عَلَيْنَا مِنَ الشَّامِ فِي سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَ ثَلَاثِمَائَةٍقَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو فَرْوَةَ زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّهَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ مَطَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُوَانَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّلْمَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَتِيلَ الْخَوَارِجِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ قَالا: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ. وَ مِنْ طَرِيقِ أَصْحَابِنَا حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ حُبْشِيِّ بْنِ قُونِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَلِكٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْمِنْقَرِيُّ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ الثُّمَالِيُّ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ الْأَسَدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَتِيلِ الْخَوَارِجِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالا: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ وَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ خِلَافٌ فِي الْأَلْفَاظِ وَ لَيْسَ فِي عَدَدِ الِاثْنَيْ عَشَرَ خِلَافٌ إِلَّا أَنِّي سُقْتُ حَدِيثَ الْعَامَّةِ لِمَا شَرَطْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: كُنْتُ امْرَأَةً قَدْ قَرَأْتُ التَّوْرَاةَ وَ الْإِنْجِيلَ، فَعَرَفْتُ أَوْصِيَاءَ الْأَنْبِيَاءِ وَ أَحْبَبْتُ أَنْ أَعْرِفَ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَلَمَّا قَدِمَتْ رِكَابُنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ خَلَّفْتُ الرِّكَابَ مَعَ الْحَيِّ فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَ كَانَ لَهُ خَلِيفَتَانِ خَلِيفَةٌ يَمُوتُ قَبْلَهُ وَ خَلِيفَةٌ يَبْقَى بَعْدَهُ؛ وَ كَانَ خَلِيفَةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَيَاتِهِ هَارُونَ فَقُبِضَ قَبْلَ مُوسَى، ثُمَّ كَانَ وَصِيُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يُوشَعَ بْنَ نُونٍ، وَ كَانَ وَصِيُّ عِيسَى فِي حَيَاتِهِ كَالِبَ بْنَ يُوفَنَّا فَتُوِفِّيَ كَالِبُ فِي حَيَاةِ عِيسَى وَ وَصِيُّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ شَمْعُونُ بْنُ حَمُّونَ الصَّفَا ابْنُ عَمَّةِ مَرْيَمَ، وَ قَدْ نَظَرْتُ فِي الْكُتُبِ الْأُولَى فَمَا وَجَدْتُ لَكَ إِلَّا وَصِيّاً وَاحِداً فِي حَيَاتِكَ‌


[ 19 ]

وَ بَعْدَ وَفَاتِكَ؛ فَبَيِّنْ لِي بِنَفْسِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ وَصِيُّكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: إِنَّ لِي وَصِيّاً وَاحِداً فِي حَيَاتِي وَ بَعْدَ وَفَاتِي؛ قُلْتُ لَهُ: مَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: ايتِينِي بِحَصَاةٍ، فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ حَصَاةً مِنَ الْأَرْضِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ ثُمَّ فَرَكَهَا بِيَدِهِ كَسَحِيقِ الدَّقِيقِ، ثُمَّ عَجَنَهَا فَجَعَلَهَا يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ خَتَمَهَا بِخَاتَمِهِ، فَبَدَا النَّقْشُ فِيهَا لِلنَّاظِرِينَ، ثُمَّ أَعْطَانِيهَا وَ قَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَنِ اسْتَطَاعَ مِثْلَ هَذَا فَهُوَ وَصِيِّي؛ قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ لِي: يَا امَّ سُلَيْمٍ وَصِيِّي مَنْ يَسْتَغْنِي بِنَفْسِهِ فِي جَمِيعِ حَالاتِهِ كَمَا أَنَا مُسْتَغْنٍ، فَنَظَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ ضَرَبَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى إِلَى السَّقْفِ وَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى إِلَى الْأَرْضِ قَائِماً لَا يَنْحَنِي فى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى الْأَرْضِ؛ وَ لَا يَرْفَعُ نَفْسَهُ بِطَرَفِ قَدَمَيْهِ، قَالَتْ: فَخَرَجْتُ فَرَأَيْتُ سَلْمَانَ يَكْنُفُ عَلِيّاً وَ يَلُوذُ بِعَقْوَتِهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ أُسْرَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ‌[1] وَ صَحَابَتِهِ عَلَى حَدَاثَةٍ مِنْ سِنِّهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا سَلْمَانُ صَاحِبُ الْكُتُبِ الْأُولَى قَبْلِي صَاحِبُ الْأَوْصِيَاءِ وَ عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَبْلُغْنِي، فَيُوشِكُ أَنْ يَكُونُ صَاحِبِي، فَأَتَيْتُ عَلِيّاً فَقُلْتُ: أَنْتَ وَصِيُّ مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ وَ مَا تُرِيدِينَ؟ قُلْتُ لَهُ: وَ مَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: ايتِينِي بِحَصَاةٍ؛ قَالَتْ: فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ حَصَاةً مِنَ الْأَرْضِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ؛ ثُمَّ فَرَكَهَا بِيَدِهِ، فَجَعَلَهَا كَسَحِيقِ الدَّقِيقِ؛ ثُمَّ عَجَنَهَا فَجَعَلَهَا يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ، ثُمَّ خَتَمَهَا فَبَدَا النَّقْشُ فِيهَا لِلنَّاظِرِينَ، ثُمَّ مَشَى نَحْوَ بَيْتِهِ فَاتَّبَعْتُهُ لِأَسْأَلَهُ عَنِ الَّذِي صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَفَعَلَ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَهُ فَقُلْتُ: مَنْ وَصِيُّكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ فَقَالَ: مَنْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا، قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: فَلَقِيتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ: أَنْتَ وَصِيُّ أَبِيكَ؟ هَذَا وَ أَنَا أَعْجَبُ مِنْ صِغَرِهِ وَ سُؤَالِي إِيَّاهُ، مَعَ أَنِّي كُنْتُ عَرَفْتُ صِفَتَهُمُ الِاثْنَيْ عَشَرَ إِمَاماً وَ أَبُوهُمْ سَيِّدُهُمْ وَ أَفْضَلُهُمْ، فَوَجَدْتُ ذَلِكَ فِي الْكُتُبِ الْأُولَى، فَقَالَ لِي: نَعَمْ أَنَا وَصِيُّ أَبِي فَقُلْتُ‌


ـ[1] العقوة: الساحة و اسرة الرّجل: أهله المعروفون بالعائلة


[ 20 ]

وَ مَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ ايتِينِي بِحَصَاةٍ، قَالَتْ: فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ حَصَاةً مِنَ الْأَرْضِ فَوَضَعَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ ثُمَّ سَحَقَهَا كَسَحِيقِ الدَّقِيقِ ثُمَّ عَجَنَهَا فَجَعَلَهَا يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ ثُمَّ خَتَمَهَا فَبَدَا النَّقْشُ فِيهَا ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيَّ فَقُلْتُ لَهُ: فَمَنْ وَصِيُّكَ؟ فَقَالَ مَنْ يَفْعَلُ مِثْلَ هَذَا الَّذِي فَعَلْتُ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ الْيُمْنَى حَتَّى جَاوَزَتْ سَطْحَ الْمَدِينَةِ وَ هُوَ قَائِمٌ؛ ثُمَّ طَأْطَأَ يَدَهُ الْيُسْرَى فَضَرَبَ بِهَا الْأَرْضَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْحَنِيَ أَوْ يَتَصَعَّدَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَنْ يَرَى وَصِيَّهُ؟ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيتُ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ كُنْتُ عَرَفْتُ نَعْتَهُ مِنَ الْكُتُبِ السَّالِفَةِ بِصِفَتِهِ وَ تِسْعَةً مِنْ وُلْدِهِ أَوْصِيَاءَ بِصِفَاتِهِمْ، غَيْرَ أَنِّي أَنْكَرْتُ حِلْيَتَهُ لِصِغَرِ سِنِّهِ؛ فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ هُوَ عَلَى كِسْرَةِ رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ[1] فَقُلْتُ لَهُ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدِي؟ قَالَ: أَنَا طَلِبَتُكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَنَا وَصِيُّ الْأَوْصِيَاءِ وَ أَنَا أَبُو التِّسْعَةِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِيَةِ؛ أَنَا وَصِيُّ أَخِيَ الْحَسَنِ وَ أَخِي وَصِيُّ أَبِي عَلِيٍّ وَ عَلِيٌّ وَصِيُّ جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَعَجِبْتُ مِنْ قَوْلِهِ فَقُلْتُ: مَا عَلَامَةُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: ايتِينِي بِحَصَاةٍ، فَرَفَعْتُ إِلَيْهِ حَصَاةً مِنَ الْأَرْضِ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: فَلَقَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهِ وَ قَدْ وَضَعَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ؛ فَجَعَلَهَا كَهَيْئَةِ السَّحِيقِ مِنَ الدَّقِيقِ ثُمَّ عَجَنَهَا فَجَعَلَهَا يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ؛ فَخَتَمَهَا بِخَاتَمِهِ فَثَبَتَ النَّقْشُ فِيهَا ثُمَّ دَفَعَهَا إِلَيَّ وَ قَالَ لِي: انْظُرِي فِيهَا يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، فَهَلْ تَرَيْنَ فِيهَا شَيْئاً؟ قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ وَ تِسْعَةُ أَئِمَّةٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَوْصِيَاءُ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ قَدْ تَوَاطَئَتْ أَسْمَاؤُهُمْ إِلَّا اثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَحَدُهُمَا جَعْفَرٌ وَ الْآخَرُ مُوسَى، وَ هَكَذَا قَرَأْتُ فِي الْإِنْجِيلِ فَعَجِبْتُ ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: قَدْ أَعْطَانِيَ اللَّهُ الدَّلَائِلَ وَ لَمْ يُعْطِهَا مَنْ كَانَ قَبْلِي؛ فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي أَعِدْ عَلَيَّ عَلَامَةً أُخْرَى! قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ وَ هُوَ قَاعِدٌ ثُمَّ قَامَ فَمَدَّ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى السَّمَاءِ فَوَ اللَّهِ لَكَأَنَّهَا عَمُودٌ مِنْ نَارٍ تَخْرِقُ الْهَوَاءَ حَتَّى تَوَارَى عَنْ عَيْنِي وَ هُوَ قَائِمٌ لَا يَعْبَأُ بِذَلِكَ وَ لَا يَتَحَفَّزُ؛ فَأُسْقِطْتُّ وَ صَعِقْتُ‌


ـ[1] الكسر: جانب البيت


[ 21 ]

فَمَا أَفَقْتُ إِلَّا بِهِ وَ رَأَيْتُ فِي يَدِهِ طَاقَةً مِنْ آسٍ يَضْرِبُ بِهَا مَنْخِرِي؛ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا ذَا أَقُولُ لَهُ بَعْدَ هَذَا؟ وَ قُمْتُ وَ أَنَا وَ اللَّهِ أَجِدُ إِلَى سَاعَتِي رَائِحَةَ هَذِهِ الطَّاقَةِ مِنَ الْآسِ، وَ هِيَ وَ اللَّهِ عِنْدِي لَمْ تَذْوِ وَ لَمْ تَذْبُلْ‌[1] وَ لَا تَنْقُصُ مِنْ رِيحِهَا شَيْ‌ءٌ؛ وَ أَوْصَيْتُ أَهْلِي أَنْ يَضَعُوهَا فِي كَفَنِي، فَقُلْتُ: يَا سَيِّدِي مَنْ وَصِيُّكَ؟ قَالَ: مَنْ فَعَلَ مِثْلَ فِعْلِي، قَالَتْ: فَعِشْتُ إِلَى أَيَّامِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. «قَالَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِ: وَ حَدَّثَنِي جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ سَمِعُوا هَذَا الْكَلَامَ مِنْ تَمَامِ حَدِيثِهَا، مِنْهُمْ: مِينَا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ وَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ، سَمِعَاهَا تَقُولُ هَذَا، وَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ الْمَخْزُومِيُّ بِبَعْضِهِ عَنْهَا». قَالَتْ: فَجِئْتُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ هُوَ فِي مَنْزِلِهِ قَائِماً يُصَلِّي، وَ كَانَ يُطَوِّلُ فِيهَا وَ لَا يَتَحَوَّزُ[2] فِيهَا وَ كَانَ يُصَلِّي أَلْفَ رَكْعَةٍ فِي الْيَوْمِ وَ اللَّيْلَةِ فَجَلَسْتُ مَلِيّاً فَلَمْ يَنْصَرِفْ مِنْ صَلَاتِهِ، فَأَرَدْتُ الْقِيَامَ فَلَمَّا هَمَمْتُ بِهِ حَانَتْ مِنِّي الْتِفَاتَةٌ إِلَى خَاتَمٍ فِي إِصْبَعِهِ؛ عَلَيْهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، فَإِذَا هُوَ مَكْتُوبٌ مَكَانَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أُنَبِّئُكِ بِمَا جِئْتِنِي لَهُ قَالَتْ: فَأَسْرَعَ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لِي: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ! ايتِينِي بِحَصَاةٍمِنْ غَيْرِ أَنْ أَسْأَلَهُ عَمَّا جِئْتُ لَهُفَدَفَعْتُ إِلَيْهِ حَصَاةً مِنَ الْأَرْضِ فَأَخَذَهَا فَجَعَلَهَا بَيْنَ كَفَّيْهِ فَجَعَلَهَا كَهَيْئَةِ الدَّقِيقِ السَّحِيقِ ثُمَّ عَجَنَهَا فَجَعَلَهَا يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ ثُمَّ خَتَمَهَا فَثَبَتَ فِيهَا النَّقْشُ؛ فَنَظَرْتُ وَ اللَّهِ إِلَى الْقَوْمِ بِأَعْيَانِهِمْ كَمَا كُنْتُ رَأَيْتُهُمْ يَوْمَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقُلْتُ لَهُ: فَمَنْ وَصِيُّكَ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: الَّذِي يَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ وَ لَا تُدْرِكِينَ مِنْ بَعْدِي‌


ـ[1] ذبل النّبات قل ماؤه و ذهبت نضارته. [2] تحوز: تنحّى و قال المجلسى( ره) لعلّه كناية عن عدم الفصل بين الصّلوات و كثرة التّشاغل بها


[ 22 ]

مِثْلِي، قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: فَأُنْسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ مَا كَانَ قَبْلَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَلِيٍّ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ وَ مَشَيْتُ شَوْطاً، نَادَانِي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ؛ قَالَ: ارْجِعِي؛ فَرَجَعْتُ فَإِذَا هُوَ وَاقِفٌ فِي صَرْحَةِ دَارِهِ وَسَطاً، ثُمَّ مَشَى فَدَخَلَ الْبَيْتَ وَ هُوَ يَتَبَسَّمُ ثُمَّ قَالَ: اجْلِسِي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَجَلَسْتُ فَمَدَّ يَدَهُ الْيُمْنَى فَانْخَرَقَتِ الدُّورُ وَ الْحِيطَانُ وَ سِكَكُ الْمَدِينَةِ، وَ غَابَتْ يَدُهُ عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: خُذِي يَا أُمَّ سُلَيْمٍ! فَنَاوَلَنِي وَ اللَّهِ كِيساً فِيهِ دَنَانِيرُ وَ قُرْطَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَ فُصُوصٌ كَانَتْ لِي! مِنْ جَزْعٍ فِي حُقٍّ لِي كَانَتْ فِي مَنْزِلِي، فَقُلْتُ يَا سَيِّدِي امَّا الْحُقُّ فَأَعْرِفُهُ وَ أَمَّا مَا فِيهِ فَلَا أَدْرِي مَا فِيهِ غَيْرَ أَنِّي أَجِدُهَا ثَقِيلًا، قَالَ: خُذِيهَا وَ امْضِي لِسَبِيلِكِ قَالَتْ: فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَدَخَلْتُ مَنْزِلِي وَ قَصَدْتُ نَحْوَ الْحُقِّ فَلَمْ أَجِدِ الْحُقَّ فِي مَوْضِعِهِ، فَإِذَا الْحُقُّ حُقِّي، قَالَتْ: فَعَرَفْتُهُمْ حَقَّ مَعْرِفَتِهِمْ بِالْبَصِيرَةِ وَ الْهِدَايَةِ فِيهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ‌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*. قال الشيخ ابو عبد اللّه: سألت ابا بكر محمّد بن عمر الجعابى عن هذه ام سليم؛ و قرأت عليه اسناد الحديث للعامة و استحسن طريقها و طريق أصحابنا فيه، فما عرفت أبا صالح الطرطوسى القاضى فقال: كان ثقة عدلا حافظا؛ و اما ام سليم فهى امرأة من النمر بن قاسط، معروفة من النساء اللاتى روين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: و ليست ام سليم الانصارية ام انس المالك، و لا ام سليم الدوسية، فانها لها صحبة و رواية؛ و لا ام سليم الخافضة التى كانت تخفض الجوارى على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا ام سليم الثقفية و هى بنت مسعود اخت عروة بن مسعود الثقفى فانها اسلمت و حسن اسلامها و روت الحديث‌[1]ـ


ـ[1] و اخرجه فى البحار ص 226 و 227 ج 7 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 200 مختصرا عن هذا الكتاب


[ 23 ]

ـ(و من طريق العامة حديث رواه عبد الرحمن بن سليط عن الحسين عليه السلام) حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ صَالِحٍ الْهَرَوِىُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَلِيطٍ[1] قَالَ: قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: مِنَّا اثْنَا عَشَرَ مَهْدِيّاً أَوَّلُهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ آخِرُهُمْ التَّاسِعُ مِنْ وُلْدِي وَ هُوَ الْقَائِمُ بِالْحَقِّ، يُحْيِي اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَ يُظْهِرُ بِهِ الدِّينَ‌ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ*، لَهُ غَيْبَةٌ يَرْتَدُّ فِيهَا قَوْمٌ وَ يَثْبُتُ عَلَى الدِّينِ فِيهَا آخَرُونَ، فَيُؤْذَوْنَ وَ يُقَالُ لَهُمْ: مَتى‌ هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* أَمَا إِنَّ الصَّابِرَ فِي غَيْبَتِهِ عَلَى الْأَذَى وَ التَّكْذِيبِ، بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ. (قال و من حديث العامة ما رواه ابو جعفر محمد بن على الاول (ع) عن سالم بن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب عن ابيه عبد اللّه بن عمر و هو موافق لحديث ابى سلمى المتقدم فى اول الكتاب.[2]) 14، 1، 12- حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ ثُوَابَةُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَوْصِلِيُّ الْوَرَّاقُ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَرُوبَةَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِفْرِيقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ


ـ[1] اخرج فى كمال الدّين و البحار هذا الحديث عن مقتضب الاثر و اخرجه فى كفاية الاثر عبد الرّحمن بن ثابت و اخرجه فى اثبات الهداة( ص 133 ج 2 ب 9) و فى البحار ج 9 ص 163 عن هذا الكتاب. [2] و اخرجه النعمانى فى غيبته بسنده عن سالم عن ابيه


[ 24 ]

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَيَّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي يَا مُحَمَّدُ: مَنْ خَلَّفْتَ فِي الْأَرْضِ؟وَ هُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَخِي، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَبِّ! قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا فَلَا أُذْكَرُ حَتَّى تُذْكَرَ مَعِي، أَنَا الْمَحْمُودُ وَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ إنِّي اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً أُخْرَى فَاخْتَرْتُ مِنْهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَجَعَلْتُهُ وَصِيَّكَ، فَأَنْتَ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ اشْتَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي فَأَنَا الْأَعْلَى وَ هُوَ عَلِيٌّ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي خَلَقْتُ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَ الْأَئِمَّةَ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ عَرَضْتُ وَلَايَتَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ، فَمَنْ قَبِلَهَا كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ‌، وَ مَنْ جَحَدَهَا كانَ مِنَ الْكافِرِينَ‌، يَا مُحَمَّدُ لَوْ أَنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِي عَبَدَنِي حَتَّى يَنْقَطِعَ النَّفَسُ، ثُمَّ لَقِيَنِي جَاحِداً لِوَلَايَتِهِمْ أَدْخَلْتُهُ نَارِي، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: تَقَدَّمْ أَمَامَكَ، فَتَقَدَّمْتُ أَمَامِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَ الْحَسَنُ، وَ الْحُسَيْنُ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فِي وَسَطِهِمْ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ وَ هَذَا الْقَائِمُ يُحِلُّ حَلَالِي وَ يُحَرِّمُ حَرَامِي وَ يَنْتَقِمُيَا مُحَمَّدُمِنْ أَعْدَائِي؛ يَا مُحَمَّدُ أَحْبِبْهُ وأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّهُ. قال الشيخ ابو عبد اللّه بن عياش: و قد كنت قبل كتبى هذا الحديث عن ثوابة الموصلى رأيته فى نسخة وكيع بن الجراح التى كانت عند أبى بكر محمّد بن عبد اللّه بن عتاب، حدثنا بها عن ابراهيم بن عيسى القصار الكوفى عن وكيع بن الجراح رأيتها فى اصل كتابه، فسئلت أن يحدثنى به فأبى، و قال: لست أحدث بهذا الحديث عداوة و نصبا، و حدّثنا بما سواه، و من فروع كتاب اخرج فيه أحاديث وكيع بن الجراح، ثم‌


[ 25 ]

حدثنىّ به بعد ذلك ثوابة، و رواية ابن عتاب أعلى لو كان حدثنّى!. تمّ الجزء الاول و يتلوه فى الجزء الثانى حديث عبد اللّه بن عمر بن الخطاب مرفوعا فى أسماء الائمة، و حديث كعب‌ وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* و صلى اللّه على محمّد و آله و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‌


[ 26 ]

الجزء الثانى‌ من مقتضب الاثر فى الائمة الاثنى عشر جمع الشيخ ابى عبد اللّه احمد بن محمّد بن عبيد اللّه بن الحسن بن عياش بن ابراهيم بن ايوب‌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* حديث عبد اللّه بن عمر بن الخطاب‌[1] مرفوعا فى أسماء الائمة عليهم السلام و أعدادهم و حديث كعب الاحبار. حَدَّثَنِي أَبُو الْخَيْرِ ثَوَابَةُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَوْصِلِيُّ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَرُوبَةَ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ الْحَرَّانِىُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِفْرِيقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّسْتُوَائِيُّ أَبُو عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ الْجُعْفِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُحَدِّثُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِمَكَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَوْحَى إِلَيَّ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي يَا مُحَمَّدُ! مَنْ خَلَّفْتَ فِي الْأَرْضِ عَلَى أُمَّتِكَوَ هُوَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ؟ قُلْتُ: يَا رَبِّ أَخِي؛ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَبِّ! قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً فَاخْتَرْتُكَ مِنْهَا، فَلَا أُذْكَرُ حَتَّى تُذْكَرَ مَعِي، أَنَا الْمَحْمُودُ وَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ اطَّلَعْتُ إِلَى الْأَرْضِ‌


ـ[1] اخرجه فى البحار ج 9 ص 127 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 200 عن هذا الكتاب


[ 27 ]

اطِّلَاعَةً أُخْرَى فَاخْتَرْتُ مِنْهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَجَعَلْتُهُ وَصِيَّكَ، فَأَنْتَ سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ وَ عَلِيٌّ سَيِّدُ الْأَوْصِيَاءِ، ثُمَّ اشْتَقَقْتُ لَهُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِي فَأَنَا الْأَعْلَى وَ هُوَ عَلِيٌّ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي خَلَقْتُ عَلِيّاً وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنَ وَ الْحُسَيْنَ (ع) وَ الْأَئِمَّةَ مِنْ نُورٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ عَرَضْتُ وَلَايَتَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ؛ فَمَنْ قَبِلَهَا كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ‌ وَ مَنْ جَحَدَهَا كانَ مِنَ الْكافِرِينَ‌؛ يَا مُحَمَّدُ لَوْ أَنَّ عَبْداً مِنْ عِبَادِي عَبَدَنِي حَتَّى يَنْقَطِعَ ثُمَّ لَقِيَنِي جَاحِداً لِوَلَايَتِهِمْ أَدْخَلْتُهُ نَارِي؛ ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَ تُحِبُّ أَنْ تَرَاهُمْ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: تَقَدَّمْ أَمَامَكَ فَتَقَدَّمْتُ أَمَامِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ الْحَسَنُ، وَ الْحُسَيْنُ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ الْحُجَّةُ الْقَائِمُ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ فِي وَسَطِهِمْ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ! مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ، وَ هَذَا الْقَائِمُ يُحِلُّ حَلَالِي وَ يُحَرِّمُ حَرَامِي وَ يَنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي، يَا مُحَمَّدُ! أَحْبِبْهُ فَإِنِّي أُحِبُّهُ وَ أُحِبُّ مَنْ يُحِبُّهُ، قَالَ جَابِرٌ: فَلَمَّا انْصَرَفَ سَالِمٌ مِنَ الْكَعْبَةِ تَبِعْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عُمَرَ وَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ أَخْبَرَكَ أَحَدٌ غَيْرَ أَبِيكَ بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ أَمَّا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَلَا، وَ لَكِنِّي كُنْتُ مَعَ أَبِي عِنْدَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ؛ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إِنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا عَلَى عَدَدِ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَ أَقْبَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ كَعْبٌ: هَذَا الْمُقَفِّي أَوَّلُهُمْ وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ وُلْدِهِ، وَ سَمَّاهُ كَعْبٌ بِأَسْمَائِهِمْ فِي التَّوْرَاةِ تقوبيث، قيذوا، دبيرا، مفسورا، مسموعا، دوموه، مشيو، هذار، يثمو، بطور، نوقس؛ قيذمو[1]ـ


ـ[1] و فى المنقول عن المقتضب فى المناقب( ط قم ص 302 ج 1) و البحار اختلاف فى الالفاظ المنقولة عن التّورية بل بينهما و بين الكتاب ايضا و لمّا لم اظفر على صحيحها بالعبريّة تركتها بحالها و كذا فيما يأتى


[ 28 ]

قَالَ أَبُو عَامِرٍ هِشَامٌ الدَّسْتُوَانِيُّ: لَقِيتُ يَهُودِيّاً بِالْحِيرَةِ يُقَالُ لَهُ عتو بن اوسوا، وَ كَانَ حِبْرَ الْيَهُودِ وَ عَالِمَهُمْ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَ تَلَوْتُهَا عَلَيْهِ؛ فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَ هَذِهِ النُّعُوتَ، قُلْتُ: هِيَ أَسْمَاءٌ قَالَ: لَيْسَتْ أَسْمَاءً لَوْ كَانَتْ أَسْمَاءً لَتَطَرَّزَتْ فِي تَوَاطِي الْأَسْمَاءِ، وَ لَكِنَّهَا نُعُوتٌ لِأَقْوَامٍ وَ أَوْصَافٌ بِالْعِبْرَانِيَّةِ صَحِيحَةٌ نَجِدُهَا عِنْدَنَا فِي التَّوْرَاةِ، وَ لَوْ سَأَلْتَ عَنْهَا غَيْرِي لَعَمِيَ عَنْ مَعْرِفَتِهَا أَوْ تَعَامَى، قُلْتُ: وَ لِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَمَّا الْعَمَى فَلِلْجَهْلِ بِهَا، وَ أَمَّا التَّعَامِي لِئَلَّا تَكُونَ عَلَى دِينِهِ ظَهِيراً وَ بِهِ خَبِيراً، وَ إِنَّمَا أَقْرَرْتُ لَكَ بِهَذِهِ النُّعُوتِ لِأَنِّي رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ مُؤْمِنٌ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ، أُسِرَّ ذَلِكَ عَنْ بِطَانَتِي مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ لَمْ أُظْهِرْ لَهُمُ الْإِسْلَامَ وَ لَنْ أُظْهِرَهُ بَعْدَكَ لِأَحَدٍ حَتَّى أَمُوتَ، قُلْتُ: وَ لِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: لِأَنِّي أَجِدُ فِي كُتُبِ آبَائِيَ الْمَاضِينَ مِنْ وُلْدِ هَارُونَ أَلَّا نُؤْمِنَ لِهَذَا النَّبِيِّ الَّذِي اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ظَاهِراً، وَ نُؤْمِنُ بِهِ بَاطِناً حَتَّى يَظْهَرَ الْمَهْدِيُّ الْقَائِمُ مِنْ وُلْدِهِ؛ فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنَّا فَلْيُؤْمِنْ بِهِ، وَ بِهِ نُعِتَ الْأَخِيرِ مِنَ الْأَسْمَاءِ، قُلْتُ: وَ بِمَا نُعِتَ بِهِ؟ قَالَ: بِأَنَّهُ يَظْهَرُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ* وَ يَخْرُجُ إِلَيْهِ الْمَسِيحُ فَيَدِينُ بِهِ وَ يَكُونُ لَهُ صَاحِباً، قُلْتُ: فَانْعَتْ لِي هَذِهِ النُّعُوتَ لِأَعْلَمَ عِلْمَهَا، قَالَ: نَعَمْ فَعِهِ عَنِّي وَ صُنْهُ إِلَّا عَنْ أَهْلِهِ وَ مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. أَمَّا تقوميث فَهُوَ أَوَّلُ الْأَوْصِيَاءِ وَ وَصِيُّ آخِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَ أَمَّا قيذوا فَهُوَ ثَانِي الْأَوْصِيَاءِ وَ أَوَّلُ الْعِتْرَةِ الْأَصْفِيَاءِ، وَ أَمَّا دبيرا فَهُوَ ثَانِي الْعِتْرَةِ وَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَ أَمَّا مفسورا فَهُوَ سَيِّدُ مَنْ عَبَدَ اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ، وَ أَمَّا مسموعا فَهُوَ وَارِثُ عِلْمِ الْأَوَّلِينَ وَ الْآخِرِينَ، وَ أَمَّا دوموه فَهُوَ الْمِدْرَةُ النَّاطِقُ عَنِ اللَّهِ الصَّادِقُ، وَ أَمَّا مشيو فَهُوَ خَيْرُ الْمَسْجُونِينَ فِي سِجْنِ الظَّالِمِينَ، وَ أَمَّا هذار فَهُوَ الْمَنْخُوعُ بِحَقِّهِ النَّازِحُ الْأَوْطَانِ الْمَمْنُوعُ وَ أَمَّا يثمو فَهُوَ الْقَصِيرُ الْعُمُرِ الطَّوِيلُ الْأَثَرِ، وَ أَمَّا بطور فَهُوَ رَابِعٌ اسْمُهُ؛ وَ أَمَّا نوقس فَهُوَ سَمِيُ‌


[ 29 ]

عَمِّهِ، وَ أَمَّا قيذمو فَهُوَ الْمَفْقُودُ مِنْ أَبِيهِ وَ أُمِّهِ، الْغَائِبُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَ عِلْمِهِ وَ الْقَائِمُ بِحُكْمِهِ. (قال و مما روته العامة عن الحسن بن أبى الحسن البصرى فى ذلك.) حَدَّثَنِي: أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرَمٍ الطستى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلَوِيَّةَ الْقَطَّانُ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ وَ الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ يَرْفَعُهُ قَالَ: أَتَى جَبْرَئِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لَهُ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَأْمُرُكَ أَنْ تُزَوِّجَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ أَخِيكَ؛ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ إِنِّي مُزَوِّجُكَ فَاطِمَةَ ابْنَتِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَ أَحَبَّهُنَّ إِلَيَّ بَعْدَكَ وَ كَائِنٌ مِنْكُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ الشُّهَدَاءُ الْمُضَرَّجُونَ الْمَقْهُورُونَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِي؛ وَ النُّجَبَاءُ الزُّهَرُ الَّذِينَ يُطْفِئُ اللَّهُ بِهِمُ الظُّلْمَ، وَ يُحْيِي اللَّهُ بِهِمُ الْحَقَّ؛ وَ يُمِيتُ بِهِمُ الْبَاطِلَ، عِدَّتُهُمْ عِدَّةُ أَشْهُرِ السَّنَةِ آخِرُهُمْ يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الْمَسِيحُ خَلْفَهُ‌[1]. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبِ بْنِ حَرْبٍ الضُّبِّيُّ، يُعْرَفُ بِتَمْتَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عُقْبَةَ أَخُو قَبِيصَةَ بْنِ عُقْبَةَ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي حَيَّانُ بْنُ أَبِي بِشْرٍ الْغَنَوِيُّ عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرَّبُوذَ الْمَكِّيِّ؛ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ عَامِرَ بْنَ وَاثِلَةَ الْكَنَانِيَ‌[2] يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ فى كُلِّ سَنَةٍ يَنْزِلُ‌


ـ[1] اخرجه فى البحار ص 137 ج 9 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 201 عن هذا الكتاب. [2] اخرجه فى البحار ص 162 ج 9 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 201 مختصرا عن هذا الكتاب


[ 30 ]

فِيهَا عَلَى الْوُصَاةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا يَنْزِلُ؛ قِيلَ لَهُ: وَ مَنِ الْوُصَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: أَنَا وَ أَحَدَ عَشَرَ مِنْ صُلْبِي هُمُ الْأَئِمَّةُ الْمُحَدَّثُونَ؛ قَالَ مَعْرُوفٌ: فَلَقِيتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَكَّةَ؛ فَحَدَّثْتُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ؛ فَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ وَ يَقْرَأُ: وَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ نَبِيٍّ وَ لَا رَسُولٍ وَ لَا مُحَدَّثٍ. قَالَ: هُمْ وَ اللَّهِ الْمُحَدَّثُونَ. (قال: و من اعجب الروايات فى اعداد الائمة و اسمائهم من طريق المخالفين ما رووه عن داود الرقى‌[1] عن ابى عبد اللّه (ع)) قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُكْرَمٍ الطستى؛ قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ؛ عَنْ دَاوُدَ بْنِ كَثِيرٍ الرَّقِّيِّ؛ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ؛ فَقَالَ لِي: مَا الَّذِي أَبْطَأَ بِكَ عَنَّا يَا دَاوُدُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: حَاجَةٌ عَرَضَتْ لِي بِالْكُوفَةِ هِيَ الَّتِي أَبْطَأَتْ بِي عَنْكَ جُعِلْتُ فِدَاكَ، فَقَالَ لِي: مَاذَا رَأَيْتَ بِهَا؟ قُلْتُ: رَأَيْتُ عَمَّكَ زَيْداً عَلَى فَرَسٍ ذَنُوبٍ‌[2] قَدْ تَقَلَّدَ مُصْحَفاً وَ قَدْ حَفَّ بِهِ فُقَهَاءُ الْكُوفَةِ وَ هُوَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنِّي الْعَلَمُ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، قَدْ عَرَفْتُ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ نَاسِخِهِ وَ مَنْسُوخِهِ؛ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: يَا سَمَاعَةَ بْنَ مِهْرَانَ ايتِنِي بِتِلْكَ الصَّحِيفَةِ؛ فَأَتَاهُ بِصَحِيفَةٍ بَيْضَاءَ فَدَفَعَهَا إِلَيَّ وَ قَالَ لِي: اقْرَأْ هَذِهِ مِمَّا أُخْرِجَ إِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ يَرِثُهُ كَابِرٌ عَنْ كَابِرٍ مِنَّا مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ؛ فَقَرَأْتُهَا فَإِذَا فِيهَا سَطْرَانِ: السَّطْرُ الْأَوَّلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَ السَّطْرُ الثَّانِي‌ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ‌


ـ[1] اخرجه فى البحار ص 48 ج 11 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 203 مختصرا عن هذا الكتاب. [2] الذّنوب من الخيل: الوافر الذّنب


[ 31 ]

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؛ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ؛ وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ؛ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ؛ وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ؛ وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ؛ وَ الْخَلَفُ مِنْهُمُ الْحُجَّةُ لِلَّهِ؛ ثُمَّ قَالَ لِي: يَا دَاوُدُ أَ تَدْرِي أَيْنَ كَانَ وَ مَتَى كَانَ مَكْتُوباً؟ قُلْتُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنْتُمْ! قَالَ: قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ آدَمُ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَأَيْنَ يُتَاهُ بِزَيْدٍ وَ يُذْهَبُ بِهِ: إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ لَنَا عَدَاوَةً وَ حَسَداً الْأَقْرَبُ إِلَيْنَا فَالْأَقْرَبُ!. قَالَ: وَ مِمَّا حَدَّثَنِي بِهِ هَذَا الشَّيْخُ الثِّقَةُ أَبُو الْحُسَيْنِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ وَ أَخْرَجَهُ إِلَيَّ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ وَ تَارِيخِهِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مِأَتَيْنِ سَمَاعَهُ مِنْ عُبَيْدِ بْنِ كَثِيرٍ أَبِي سَعْدٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي نُوحُ بْنُ دَرَّاجٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّمِنْ سُوَاءَةَ بْنِ عَامِرٍوَ الْحَرْثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَارِثِيِّ الْهَمْدَانِيِّ، وَ الْحَرْثِ بْنِ شَرِبٍ؛ كُلٌّ حَدَّثَنَا أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ‌ فَكَانَ إِذَا أَقْبَلَ ابْنُهُ الْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقُولُ: مَرْحَباً يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، وَ إِذَا أَقْبَلَ الْحُسَيْنُ يَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا أَبَا ابْنِ خَيْرِ الْإِمَاءِ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا بَالُكَ تَقُولُ هَذَا لِلْحَسَنِ وَ تَقُولُ هَذَا لِلْحُسَيْنِ؟ وَ مَنِ ابْنُ خِيَرَةِ الْإِمَاءِ؟ فَقَالَ: ذَلِكَ الْفَقِيدُ الطَّرِيدُ الشَّرِيدُ: مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ هَذَا وَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ‌[1]. (قال: و من اتقن الاخبار المأثورة و غريبها و عجيبها و من المصون المكنون فى اعداد الائمة و أسمائهم من طريق العامة مرفوعا و هو خبر


ـ[1] و اخرجه فى البحار عن هذا الكتاب ج 13 ص 28


[ 32 ]

الجارود بن المنذر[1] و اخباره عن قس بن ساعدة🙂 مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ لَاحِقِ بْنِ سَابِقِ بْنِ قَرِينٍ الْأَنْبَارِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي أَبُو النَّصْرِ سَابِقُ بْنُ قَرِينٍ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَ سَبْعِينَ وَ مِأَتَيْنِ بِالْأَنْبَارِ فِي دَارِنَا، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْمُنْذِرِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ الْقُطَامِيِّ؛ عَنْ تَمِيمِ بْنِ وَهْلَةَ الْمُرِّيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْجَارُودُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْعَبْدِيُّ وَ كَانَ نَصْرَانِيّاً فَأَسْلَمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَ حَسُنَ إِسْلَامُهُ وَ كَانَ قَارِئاً لِلْكُتُبِ، عَالِماً بِتَأْوِيلِهَا عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ وَ سَالِفِ الْعَصْرِ؛ بَصِيراً بِالْفَلْسَفَةِ وَ الطِّبِّ، ذَا رَأْيٍ أَصِيلٍ وَ وَجْهٍ جَمِيلٍ؛ أَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا فِي إِمَارَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: وَفَدْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فى رِجَالٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ ذَوِي أَحْلَامٍ وَ أَسْنَانٍ وَ فَصَاحَةٍ وَ بَيَانٍ وَ حُجَّةٍ وَ بُرْهَانٍ، فَلَمَّا بَصُرُوا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَاعَهُمْ مَنْظَرُهُ وَ مَحْضَرُهُ؛ وَ أُفْحِمُوا عَنْ بَيَانِهِمْ وَ اعْتَرَاهُمُ الْعُرَوَاءُ[2] فِي أَبْدَانِهِمْ! فَقَالَ زَعِيمُ الْقَوْمِ لِي: دُونَكَ مَنْ أَقَمْتَ بِنَا أممه [أَقِمْهُ‌][3] فَمَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نُكَلِّمَهُ فَاسْتَقْدَمْتُ دُونَهُمْ إِلَيْهِ فَوَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي ثُمَّ أَنْشَأْتُ أَقُولُ


ـ[1] روى هذا الحديث الكراجكى فى كنز الفوائد عن قاضى بن احمد البغدادى عن احمد بن محمّد الجوهرى الى آخر السّند مع نقصان كثير و اختلاف يسير و اخرجه المجلسى قدّس سرّه فى اربعينه عن كنز الفوائد ص 74 فى شرح الحديث العشرين و فى البحار ج 6 فى آخر باب البشارة بمولد النبى صلّى اللّه عليه و آله و نبوّته عن هذا الكتاب و فى باب المعراج عن تفسير على بن ابراهيم و كنز الفوائد و اخرجه المحدث الحرّ العاملى( قدّه) فى اثبات الهداة ج 3 ص 202 عن هذا الكتاب مختصرا. [2] اعتريه الامر: أصابه و العرواء: نفضة تصيب المريض و غيره. [3] هذا هو الظّاهر الموافق لنسخة البحار لكن فى الاصل« اقمه» بدل« اممه»


[ 33 ]

يَا نَبِيَّ الْهُدَى أَتَتْكَ رِجَالٌ‌ قَطَعَتْ قَرْدَداً وَ آلًا فَآلَا[1] جَابَتِ الْبِيدَ وَ الْمَهَامَةَ حَتَّى‌ غَالَهَا مِنْ طَوِيِّ السَّرِيِّ مَا غَالا قَطَعَتْ دُونَكَ الصَّحَاصِحَ تَهْوَى‌ لَا تَعُدُّ الْكَلَالَ فِيكَ كَلَالا[2] كُلُّ دَهْنَاءَ تَقْصُرُ الطَّرْفُ عَنْهَا أَرْقَلَتْهَا قِلَاصُنَا إِرْقَالا[3] وَ طَوَتْهَا الْعِتَاقُ تَجْمَحُ فِيهَا بِكُمَاةٍ مِثْلِ النُّجُومِ تَلَالا[4] ثُمَّ لَمَّا رَأَتْكَ أَحْسَنَ مَرْأًى‌ أُفْحِمَتْ عَنْكَ هَيْبَةً وَ جَلَالا تَتَّقِي شَرَّ بَأْسِ يَوْمٍ عَصِيبٍ‌ هَائِلٍ أَوْجَلَ الْقُلُوبَ وَ هَالا وَ نِدَاءً بِمَحْشَرِ النَّاسِ طُرّاً وَ حِسَاباً لِمَنْ تَمَادَى ضَلَالا نَحْوَ نُورٍ مِنَ الْإِلَهِ وَ بُرْهَانٍ‌ وَ بِرٍّ وَ نِعْمَةٍ لَنْ تُنَالا وَ أَمَانٍ مِنْهُ لَدَى الْحَشْرِ وَ النَّشْرِ إِذِ الْخَلْقُ لَا يُطِيقُ السُّؤَالا فَلَكَ الْحَوْضُ وَ الشَّفَاعَةُ وَ الْكَوْثَرُ وَ الْفَضْلُ إِذْ يَنُصُّ السُّؤَالا خَصَّكَ اللَّهُ يَا ابْنَ آمِنَةَ الْخَيْرَ إِذَا مَا تَلَتْ سِجَالٌ سِجَالا[5] أَنْبَأَ الْأَوَّلُونَ بِاسْمِكَ فِينَا وَ بِأَسْمَاءٍ بَعْدَهُ تَتَلَالا قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِصَفْحَةِ وَجْهِهِ الْمُبَارَكِ شِمْتُ مِنْهُ ضِيَاءً لَامِعاً سَاطِعاً كَوَمِيضِ الْبَرْقِ‌[6] فَقَالَ: يَا جَارُودُ لَقَدْ تَأَخَّرَ بِكَ‌


ـ[1] قال ابن اثير فى النّهاية: و فى حديث: قس بن ساعدة و آلافآلا الآل السّراب. و قال: و قردد: الموضع المرتفع من الارض و يقال للارض المستوية ايضا قردد و منه حديث قس و الجارود: قطعت قرددا. [2] الصحاصح جمع الصّحصح: ما استوى من الارض و كان اجود. [3] الدهناء: الفلات و ارقل المفازة: قطعها. القلاص جمع القلوص من الابل: الطّويلة القوائم. [4] العتاق جمع العتبق و فرس عتيق: رائع. و جمح الفرس: تغلب على راكبه و ذهب به لا ينثنى. [5] السجال جمع السجل: الدّلو العظيمة فيها ماء قل او كثر. [6] و ميض البرق: لمعانه


[ 34 ]

وَ بِقَوْمِكَ الْمَوْعِدُ، وَ قَدْ كُنْتُ وَعَدْتُهُ قَبْلَ عَامِي ذَلِكَ أَنْ أَفِدَ إِلَيْهِ بِقَوْمِي؛ فَلَمْ آتِهِ وَ أَتَيْتُهُ فِي عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ؛ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! بِنَفْسِي أَنْتَ مَا كَانَ إِبْطَائِي عَنْكَ إِلَّا أَنَّ جُلَّةَ قَوْمِي أَبْطَئُوا عَنْ إِجَابَتِي حَتَّى سَاقَهَا اللَّهُ إِلَيْكَ لِمَا أَرَادَ لَهَا مِنَ الْخَيْرِ لَدَيْكَ، فَأَمَّا مَنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ فَحَظُّهُ فَاتَ مِنْكَ؛ ذَلِكَ أَعْظَمُ حَوْبَةً[1] وَ أَكْثَرُ عُقُوبَةً وَ لَوْ كَانُوا مِمَّنْ سَمِعَ بِكَ أَوْ رَآكَ لَمَا ذَهَبُوا عَنْكَ؛ فَإِنَّ بُرْهَانَ الْحَقِّ فِي مَشْهَدِكَ وَ مَحْتِدِكَ‌[2] وَ قَدْ كُنْتُ عَلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ قَبْلَ أَتْيَتِي إِلَيْكَ الْأُولَى فَهَا أَنَا تَارِكُهُ بَيْنَ يَدَيْكَ إِذْ ذَلِكَ مِمَّا يُعَظِّمُ الْأَجْرَ وَ يَمْحُو الْمَأْثَمَ وَ الْحُوبَ وَ يُرْضِي الرَّبَّ عَنِ الْمَرْبُوبِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَا ضَامِنٌ لَكَ يَا جَارُودُ! قُلْتُ: أَعْلَمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ بِذَلِكَ ضَمِينٌ قَمِينٌ‌[3] قَالَ: فَدِنِ الْآنَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَ دَعْ عَنْكَ النَّصْرَانِيَّةَ، قُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَ أَنَّكَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ لَقَدْ أَسْلَمْتُ عَلَى عِلْمٍ بِكَ وَ نَبَإٍ فِيكَ؛ عَلِمْتُهُ مِنْ قَبْلُ، فَتَبَسَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَأَنَّهُ عَلِمَ مَا أَرَدْتُهُ مِنَ الْإِنْبَاءِ فِيهِ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ وَ عَلَى قَوْمِي فَقَالَ: أَ فِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُ قُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلُّنَا نَعْرِفُهُ غَيْرَ أَنِّي مِنْ بَيْنِهِمْ عَارِفٌ بِخَبَرِهِ وَاقِفٌ عَلَى أَثَرِهِ، كَانَ قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سِبْطاً مِنْ أَسْبَاطِ الْعَرَبِ عُمِّرَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ تَقَفَّرَ مِنْهَا فِي الْبَرَارِي خَمْسَةَ أَعْمَارٍ يَضِجُّ بِالتَّسْبِيحِ عَلَى مِنْهَاجِ الْمَسِيحِ؛ لَا يُقِرُّهُ قَرَارٌ وَ لَا يَكُنُّهُ جِدَارٌ[4] وَ لَا يَسْتَمْتِعُ مِنْهُ جَارٌ، لَا يَفْتُرُ مِنَ الرَّهْبَانِيَّةِ وَ يَدِينُ اللَّهَ بِالْوَحْدَانِيَّةِ يَلْبَسُ الْمُسُوحَ وَ يَتَحَسَّى فِي سِيَاحَتِهِ بَيْضَ النَّعَامِ‌[5] وَ يَعْتَبِرُ بِالنُّورِ وَ الظَّلَامِ يُبْصِرُ وَ يَتَفَكَّرُ فَيَخْتَبِرُ


ـ[1] الحوبة: الاثم. [2] المحتد: الاصل. [3] القمين: الخليق الجدير. [4] كنّ الشى‌ء: ستره فى كنه و غطاه و أخفاه و صانه من الشّمس. [5] المسوح جمع المسح بالكسر: ما يلبس من نسيج الشّعر على البدن تقشعا و قهرا للجسد. و تحسى المرق: شربه شيئا بعد شى‌ء


[ 35 ]

تُضْرَبُ بِحِكْمَتِهِ الْأَمْثَالُ، أَدْرَكَ رَأْسَ الْحَوَارِيِّينَ شَمْعُونَ وَ أَدْرَكَ لُوقَا وَ يُوحَنَّا وَ أَمْثَالَهُمْ فَفَقِهَ كَلَامَهُمْ وَ نَقَلَ مِنْهُمْ، تَحَوَّبَ الدَّهْرَ[1] وَ جَانَبَ الْكُفْرَ؛ وَ هُوَ الْقَائِلُ بِسُوقِ عُكَاظٍ وَ ذِي الْمَجَازِ شَرْقٌ وَ غَرْبٌ وَ يَابِسٌ وَ رَطْبٌ وَ أُجَاجٌ وَ عَذْبٌ وَ حَبٌّ وَ نَبَاتٌ، وَ جَمْعٌ وَ أَشْتَاتٌ، وَ ذَهَابٌ وَ مَمَاتٌ، وَ آبَاءٌ وَ أُمَّهَاتٌ وَ سُرُورٌ مَوْلُودٌ وَ رُزْءٌ مَفْقُودٌ نَبَأٌ لِأَرْبَابِ الْغَفْلَةِ[2] لَيُصْلِحَنَّ الْعَامِلُ عَمَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْقِدَ أَجَلَهُ؛ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ لَيْسَ بِمَوْلُودٍ وَ لَا وَالِدٍ أَمَاتَ وَ أَحْيَا وَ خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثَى وَ هُوَ رَبُّ الْآخِرَةِ وَ الْأُولَى، ثُمَّ أَنْشَدَ كَلِمَةً لَهُ شِعْراً: ذِكْرُ الْقَلْبِ مِنْ جَوَاهُ أَذْكَارٌ وَ لَيَالٍ خِلَالَهُنَّ نَهَارٌ وَ شُمُوسٌ مِنْ تَحْتِهَا قَمَرُ اللَّيْلِ‌ وَ كُلُّ مُتَابِعٍ مَوَّارٌ وَ جِبَالٌ شَوَامِخُ رَاسِيَاتٌ‌ وَ بِحَارٌ مِيَاهُهُنَّ غِزَارٌ وَ صَغِيرٌ وَ أَشْمَطُ وَ رَضِيعٌ‌ كُلُّهُمْ فِي السَّعِيدِ يَوْماً بَوَارٌ[3] كُلُّ هَذَا هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى اللَّهِ‌ فَفِيهِ لَنَا هُدًى وَ اعْتِبَارٌ ثُمَّ صَاحَ: يَا مَعَاشِرَ إِيَادٍ أَيْنَ ثَمُودُ وَ أَيْنَ عَادٌ! وَ أَيْنَ الْآبَاءُ وَ الْأَجْدَادُ وَ أَيْنَ الْعَلِيلُ وَ الْعُوَّادُ وَ أَيْنَ الطَّالِبُونَ وَ الرُّوَّادُ، وَ كُلٌّ لَهُ مَعَادٌ أَقْسَمَ قُسٌّ بِرَبِّ الْعِبَادِ؛ وَ سَاطِحِ الْمِهَادِ، وَ خَالِقِ السَّبْعِ الشِّدَادِ، سَمَاوَاتٍ بِلَا عِمَادٍ لَيُحْشَرَنَّ عَلَى الِانْفِرَادِ، وَ عَلَى قُرْبٍ وَ بِعَادٍ، إِذَا نُفِخَ فِي الصُّوَرِ وَ نُقِرَ فِي النَّاقُورِ؛ وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِالنُّورِ، فَقَدْ وَعَظَ الْوَاعِظُ؛ وَ انْتَبَهَ الْقَائِظُ[4]ـ


ـ[1] تحوب: اجتنب الحوب اى الاثم. [2] هذا هو الظّاهر الموافق لنسخة البحار و كان فى الاصل« بئسا» بدل« نبأ». [3] الاشمط: الذى خالط بباض رأسه سواد. [4] كذا فى نسختى الاصل و البحار و الظّاهر« الياقظ» بدل« القايظ» كما استظهره المجلسى( ره) ايضا


[ 36 ]

وَ أَبْصَرَ اللَّاحِظُ وَ لَفَظَ اللَّافِظُ، فَوَيْلٌ لِمَنْ صَدَفَ عَنِ الْحَقِّ الْأَشْهَرِ، وَ كَذَّبَ بِيَوْمِ الْمَحْشَرِ وَ السِّرَاجِ الْأَزْهَرِ، فِي يَوْمِ الْفَصْلِ وَ مِيزَانِ الْعَدْلِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: يَا نَاعِيَ الْمَوْتِ وَ الْأَمْوَاتُ فِي جَدَثٍ‌ عَلَيْهِمُ مِنْ بَقَايَا بَزِّهِمْ خَرَقُ‌ مِنْهُمْ عُرَاةٌ وَ مَوْتَى فِي ثِيَابِهِمْ‌ مِنْهَا الْجَدِيدُ وَ مِنْهَا الْأَوْرَقُ الْخَلَقُ‌ دَعْهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ يَوْماً يُصَاحُ بِهِمْ‌ كَمَا يُنَبَّهُ مِنْ رَقَدَاتِهِ الصَّعِقُ‌ حَتَّى يَجِيئُوا بِحَالٍ غَيْرِ حَالِهِمْ‌ خَلْقٌ مَضَوْا ثُمَّ مَا ذَا بَعْدَ ذَاكَ لَقُوا ثُمَّ أَقْبَلْتُ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ: عَلَى عِلْمٍ بِهِ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ مَبْعَثِهِ كَمَا آمَنْتُ بِهِ أَنَا، فَنَصَّتْ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ وَ أَشَارَتْ إِلَيْهِ وَ قَالُوا: هَذَا صَاحِبُهُ وَ طَالِبُهُ عَلَى وَجْهِ الدَّهْرِ وَ سَالِفِ الْعَصْرِ؛ وَ لَيْسَ فِينَا خَيْرٌ مِنْهُ وَ لَا أَفْضَلُ فَبَصُرْتُ بِهِ أَغَرَّ أَبْلَجَ قَدْ وَقَذَتْهُ الْحِكْمَةُ أَعْرِفُ ذَلِكَ فى أَسَارِيرِ وَجْهِهِ‌[1] وَ إِنْ لَمْ أُحِطْ عِلْماً بِكُنْهِهِ قُلْتُ: وَ مَنْ هُوَ؟ قَالُوا هَذَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ذُو الْبُرْهَانِ الْعَظِيمِ، وَ الشَّأْنِ الْقَدِيمِ فَقَالَ سَلْمَانُ: عَرَفْتُهُ يَا أَخَا عَبْدِ الْقَيْسِ مِنْ قَبْلِ إِتْيَانِهِ؛ فَأَقْبَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ يَتَلَأْلَأُ وَ يُشْرِقُ وَجْهُهُ نُوراً وَ سُرُوراً، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ قُسّاً كَانَ يَنْتَظِرُ زَمَانَكَ وَ يَتَوَكَّفُ إِبَّانَكَ‌[2] وَ يَهْتِفُ بِاسْمِكَ وَ اسْمِ أَبِيكَ وَ أُمِّكَ، وَ بِأَسْمَاءٍ لَسْتُ أُصِيبُهَا مَعَكَ وَ لَا أَرَاهَا فِي مَنِ اتَّبَعَكَ؛ قَالَ سَلْمَانُ: فَأَخْبِرْنَا فَأَنْشَأْتُ أُحَدِّثُهُمْ وَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَسْمَعُ وَ الْقَوْمُ سَامِعُونَ وَاعُونَ؛ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ شَهِدْتُ قُسّاً خَرَجَ مِنْ نَادٍ مِنْ أَنْدِيَةِ إِيَادٍ، إِلَى صَحْصَحٍ ذِي قَتَادٍ وَ سَمُرَةٍ وَ عَتَادٍ[3]ـ


ـ[1] الاساربر: الخطوط فى الجبهة. [2] توكف الخبر: لتظهر ظهوره. و ابان الشى‌ء بكسر الهمزة و شدّ الباء: أوّله. حينه. [3] الاندية جمع النادى: مجلس القوم ما داموا مجتمعين فيه. و الصّحصح تقدّم معناه و القتاد: شجر صلب له شوك كالابر. و السّمرة بالضّمّ: شجر الطّلح و هو شجر عظام كثير الشّوك. و العتاد بفتح العين: كلّ ما هيى‌ء من سلاح و دوابّ و آلة حرب


[ 37 ]

وَ هُوَ مُشْتَمِلٌ بِنِجَادٍ، فَوَقَفَ فِي إِضْحِيَانِ لَيْلٍ كَالشَّمْسِ‌[1] رَافِعاً إِلَى السَّمَاءِ وَجْهَهُ وَ إِصْبَعَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ السَّبْعَةِ الْأَرْقِعَةِ وَ الْأَرَضِينَ الْمُمْرِعَةِ[2] وَ بِمُحَمَّدٍ وَ الثَّلَاثَةِ الْمَحَامِدَةِ مَعَهُ، وَ الْعَلِيِّينَ الْأَرْبَعَةِ، وَ سِبْطَيْهِ النَّبِعَةِ وَ الْأَرْفِعَةِ الْفَرِعَةِ[3] وَ السُّرَى اللَّامِعَةِ وَ سَمِيِّ الْكَلِيمِ الضَّرَعَةِ[4] وَ الْحَسَنِ ذِي الرِّفْعَةِ أُولَئِكَ النُّقَبَاءُ الشَّفَعَةُ وَ الطَّرِيقُ [الطُّرُقُ‌] الْمَهْيَعَةُ[5] دَرَسَةُ الْإِنْجِيلِ وَ حَفَظَةُ التَّنْزِيلِ، عَلَى عَدَدِ النُّقَبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، مُحَاةُ الْأَضَالِيلِ وَ نُفَاةُ الْأَبَاطِيلِ، الصَّادِقُو الْقِيلِ، عَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ وَ بِهِمْ تُنَالُ الشَّفَاعَةُ، وَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى فَرْضُ الطَّاعَةِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ لَيْتَنِي مُدْرِكُهُمْ وَ لَوْ بَعْدَ لَأْيٍ‌[6] مِنْ عُمُرِي وَ مَحْيَايَ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: مَتَى أَنَا قَبْلَ الْمَوْتِ لِلْحَقِّ مُدْرِكٌ‌ وَ إِنْ كَانَ لِي مِنْ بَعْدِ هَاتِيكَ مَهْلَكُ‌ وَ إِنْ غَالَنِي الدَّهْرُ الْخَئُونُ بِغَوْلِهِ‌ فَقَدْ غَالَ مَنْ قَبْلِي وَ مَنْ بَعْدُ يُوشِكُ‌ فَلَا غَرْوَ إِنِّي سَالِكٌ مَسْلَكَ الْأُولَى‌ وَشِيكاً وَ مَنْ ذَا لِلرَّدَى لَيْسَ يَسْلُكُ‌[7]ـ


ـ[1] ليلة اضحيانة: مضيئة. [2] الارقعة جمع الرقيع: السّماء عموما. و قيل الرقع اسم سماء الدّنيا و أمرع المكان: أخصب. [3] هذا هو الظّاهر الموافق لنسختى البحار و اثبات الهداة لكن فى الاصل« الارفعة القرعة» بحذف العاطف و القرعة بالقاف. [4] كذا فى الاصل و نسخة البحار و الظّاهر انه تصحيف الصّرعة بالصّاد المهملة كما فى بعض نسخ اثبات الهداة و هو بمعنى الحليم عند الغضب. [5] المهيع: الطّريق الواسع البين. [6] اللاءى: الشّدّة و المحنة. [7] الوشيك: السّريع


[ 38 ]

ثُمَّ آبَ يُكَفْكِفُ دَمْعَهُ وَ يَرِنُّ رَنِينَ الْبَكْرَةِ[1] وَ قَدْ برئت [بُرِيَتْ‌] ببراة [بِمِبْرَاةٍ] وَ هُوَ يَقُولُ: أَقْسَمَ قُسٌّ قَسَماً لَيْسَ بِهِ مُكْتَتِمَا لَوْ عَاشَ أَلْفَيْ عُمُرٍ لَمْ يَلْقَ مِنْهَا سَأَمَا حَتَّى يُلَاقِيَ أَحْمَداً وَ النُّقَبَاءَ الْحُكَمَا هُمْ أَوْصِيَاءُ أَحْمَدَ أَكْرَمَ مَنْ تَحْتَ السَّمَا يَعْمَى الْعِبَادُ عَنْهُمُ‌ وَ هُمْ جَلَاءٌ لِلْعَمَى‌ لَسْتُ بِنَاسٍ ذِكْرَهُمْ‌ حَتَّى أَحُلَّ الرَّجَمَا[2] ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْبِئْنِي أَنْبَأَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ عَنْ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الَّتِي لَمْ نَشْهَدْهَا وَ أَشْهَدَنَا قُسٌّ ذِكْرَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: يَا جَارُودُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَيَّ أَنْ سَلْ‌ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا عَلَى مَا بُعِثُوا؟ فَقُلْتُ: عَلَى مَا بُعِثْتُمْ؟ فَقَالُوا: عَلَى نُبُوَّتِكَ وَ وَلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ الْأَئِمَّةِ مِنْكُمَا؛ ثُمَّ أَوْحَى إِلَيَّ أَنِ الْتَفِتْ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ؛ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ؛ وَ الْحُسَيْنُ، وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ؛ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ، وَ عَلِيُّ بْنُ مُوسَى، وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ؛ وَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ وَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ؛ وَ الْمَهْدِيُّ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نُورٍ يُصَلُّونَ؛ فَقَالَ لِيَ الرَّبُّ تَعَالَى: هَؤُلَاءِ الْحُجَجُ لِأَوْلِيَائِي وَ هَذَا الْمُنْتَقِمُ مِنْ أَعْدَائِي؛ قَالَ الْجَارُودُ: فَقَالَ لِي سَلْمَانُ يَا جَارُودُ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ كَذَلِكَ؛ فَانْصَرَفْتُ بِقَوْمِي وَ قُلْتُ فِي وِجْهَتِي [تَوَجُّهِي‌] إِلَى قَوْمِي


ـ[1] كفكف الدّمع: مسحه مرّة بعد مرّة و البكرة بضمّ الباء و كسرها: آلة مستديرة فى وسطها محزنم عليها حبل لرفع الاثقال و حطّها. [2] الرّجم: القبر


[ 39 ]

أَتَيْتُكَ يَا ابْنَ آمِنَةَ الرَّسُولَا لِكَيْ بِكَ أَهْتَدِي النَّهْجَ السَّبِيلَا فَقُلْتُ وَ كَانَ قَوْلُكَ قَوْلَ حَقٍ‌ وَ صِدْقٍ مَا بَدَا لَكَ أَنْ تَقُولَا وَ بَصَّرْتَ الْعَمَى مِنْ عَبْدِ قَيْسٍ‌ وَ كُلٌّ كَانَ مِنْ عَمَهٍ ضَلِيلَا وَ أَنْبَئْنَاكَ عَنْ قُسِّ الْإِيَادِي‌ مَقَالًا فِيكَ ظِلْتَ بِهِ جَدِيلَا وَ أَسْمَاءً عَمَتْ عَنَّا فَآلَتْ‌ إِلَى عِلْمٍ وَ كُنْتُ بِهِ جَهُولَا . (قال الشيخ أبو عبد اللّه احمد بن محمّد: و اذ قد تقدم لنا ذكر الرسول و الائمة الاثنى عشر من بعده بنعوتهم فى الانجيل عن كعب الاحبار، فهذه رواية اخرى‌[1] هى اسمائهم فى التوراة.) قَالَ حَدَّثَنِي ثُوَابَةُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَوْصِلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَازِمٍ الْمِصِّيصِيُّ؛ قَالَ: حَدَّثَنِي حَاجِبُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو موزج الصيدوى قَالَ: لَقِيتُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِمْرَانَ بْنَ خَاقَانَ الْوَافِدَ إِلَى الْمَنْصُورِ الْمَنْصُوبَ عَلَى يَهُودِ الْجَزِيرَةِ وَ غَيْرِهَا أَسْلَمَ عَلَى يَدِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ؛ وَ كَانَ قَدْ حَجَّ الْيَهُودُ بِبَيَانِهِ وَ كَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ جَحْدَهُ لِمَا فِي التَّوْرَاةِ مِنْ عَلَامَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ الْخُلَفَاءِ مِنْ بَعْدِهِ؛ فَقَالَ لِي يَوْماً: يَا أَبَا موزج إِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اسْماً مِنْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اثْنَا عَشَرَ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ؛ هُمْ أَوْصِيَاؤُهُ وَ خُلَفَاؤُهُ مَذْكُورُونَ فِي التَّوْرَاةِ لَيْسَ فِيهِمُ الْقَائِمُونَ بَعْدَهُ؛ مِنْ تَيْمٍ وَ لَا عَدِيٍّ وَ لَا بَنِي أُمَيَّةَ؛ وَ إِنِّي لَأَظُنُّ مَا يَقُولُهُ هَذِهِ الشِّيعَةُ حَقّاً؟ قُلْتُ: فَأَخْبِرْنِي بِهِ، قَالَ لَتَعْطُيِنِي عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ أَنْ لَا تُخْبِرَ الشِّيعَةَ بِشَيْ‌ءٍ مِنْ ذَلِكَ فَيُظْهِرُوهُ عَلَيَّ؟ قُلْتُ: وَ مَا تَخَافُ مِنْ ذَلِكَ؟ وَ الْقَوْمُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ أَسْمَاءَ هَؤُلَاءِ بَلْ هُمْ مِنْ وُلْدِ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ؛ وَ هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَنْ بَقِيَّتُهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ مَا أَرَادَ مِنَ الْمَوَاثِيقِ، وَ قَالَ لِي: حَدِّثْ بِهِ بَعْدِي إِنْ تَقَدَّمْتُكَ وَ إِلَّا فَلَا؛ عَلَيْكَ أَنْ لَا تُخْبِرَ بِهِ أَحَداً؛ قَالَ


ـ[1] اخرجه فى البحار ج 9 ص 127 عن هذا الكتاب


[ 40 ]

نَجِدُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ شموعل شماعسحوا و هى بيرختى ايثوا بمايذيثم عوشود بستم بوليد و بشير العوى قوم‌لوم كودو دعان لامذبور و هومل‌[1] قَالَ وَ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ شموعل يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِهِ ابْنٌ مُبَارَكٌ صَلَاتِي عَلَيْهِ وَ قُدْسِي، يَلِدُ اثْنَيْ عَشَرَ وَلَداً يَكُونُ ذِكْرُهُمْ بَاقِياً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَ عَلَيْهِمُ الْقِيَامَةُ تَقُومُ؛ طُوبَى لِمَنْ عَرَفَهُمْ بِحَقِيقَتِهِمْ. (قال الشيخ ابو عبد اللّه: و نختم هذا الخبر بأعظم خاتم و اكرم خبر؛ و هو ذكر صاحب الامر عليه السّلام على ألسنة الفرس و ينتظم أعداد السادة الائمة عليهم السلام.) قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سُفْيَانَ الْبَزُوفَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ النُّوشْجَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي النُّوشْجَانِيُّ [عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ‌][2] ابْنِ البودمردانقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ النُّوشْجَانِيُّ وَ نُوشْجَانُ جَدِّيقَالَ: لَمَّا جَلَى الْفُرْسُ عَنِ الْقَادِسِيَّةِ؛ وَ بَلَغَ يَزْدَجَرْدَ بْنَ شَهْرِيَارَ مَا كَانَ مِنْ رُسْتُمَ وَ إِدَالَةِ الْعَرَبِ عَلَيْهِ، وَ ظَنَّ أَنَّ رُسْتُمَ قَدْ هَلَكَ وَ الْفُرْسَ جَمِيعاً، وَ جَاءَ مَنَاذِرُ فَأَخْبَرَهُ بِيَوْمِ الْقَادِسِيَّةِ وَ انْجِلَائِهَا عَنْ خَمْسِينَ أَلْفَ قَتِيلٍ مِنَ الْفُرْسِ، خَرَجَ يَزْدَجَرْدُ هَارِباً فى أَهْلِ بَيْتِهِ، فَوَقَفَ بِبَابِ الْإِيوَانِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْإِيوَانُ هَا أَنَا ذَا مُنْصَرِفٌ عَنْكَ وَ أَرْجِعُ إِلَيْكَ أَنَا أَوْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي، لَمْ يَدْنُ زَمَانُهُ وَ لَا آنَ أَوَانُهُ؛ قَالَ سُلَيْمَانُ الدَّيْلَمِيُّ: فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ وَ قُلْتُ لَهُ: مَا قَوْلُهُ أَوْ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِي؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ذَلِكَ صَاحِبِكُمْ الْقَائِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ السَّادِسُ مِنْ وُلْدِي، قَدْ وَلَدَهُ يَزْدَجَرْدُ


ـ[1] أخرج ابن شهر آشوب( قدّه) هذه الالفاظ المنقولة من التّورية فى المناقب مع اختلاف كثير( ج 1 ص 301 ط قم) عن هذا الكتاب و كذا المجلسى( ره) فى البحار و لا تخلوا الجميع عن التّحريف و التّصحيف و قد مرّ شطر من الكلام فى ذلك فى حديث كعب الاحبار ايضا فراجع. [2] ما بين المعقفتين انما هو فى نسخة البحار دون الاصل


[ 41 ]

فَهُوَ وَلَدُهُ وَ ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ فِي يَوْمِ الْقَادِسِيَّةِ[1]. قَالَ: وَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَدَمِيُّ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ وَ أَثْنَى ابْنُ غَالِبٍ الْحَافِظُ عَلَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنِ عُلْوَانَ الْكَلْبِيُّ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَرْثِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: إِنَّ مُوسَى نَظَرَ لَيْلَةَ الْخِطَابِ إِلَى كُلِّ شَجَرَةٍ فِي الطُّورِ، وَ كُلِّ حَجَرٍ وَ نَبَاتٍ تَنَطِقُ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اثْنَيْ عَشَرَ وَصِيّاً لَهُ مِنْ بَعْدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: إِلَهِي لَا أَرَى شَيْئاً خَلَقْتَهُ إِلَّا وَ هُوَ نَاطِقٌ بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَوْصِيَائِهِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، فَمَا مَنْزِلَةُ هَؤُلَاءِ عِنْدَكَ؟ قَالَ: يَا ابْنَ عِمْرَانَ إِنِّي خَلَقْتُهُمْ قَبْلَ خَلْقِ الْأَنْوَارِ وَ جَعَلْتُهُمْ فِي خِزَانَةِ قُدْسِي يَرْتَعُونَ فِي رِيَاضِ مَشِيَّتِي، وَ يَتَنَسَّمُونَ رَوْحَ جَبَرُوتِي، وَ يُشَاهِدُونَ أَقْطَارَ مَلَكُوتِي؛ حَتَّى إِذَا شِئْتُ مَشِيَّتِي أَنْفَذْتُ قَضَائِي وَ قَدَرِي؛ يَا ابْنَ عِمْرَانَ إِنِّي سَبَقْتُ بِهِمُ السُّبَّاقَ حَتَّى أُزَخْرِفَ بِهِمْ جِنَانِي، يَا ابْنَ عِمْرَانَ تَمَسَّكْ بِذِكْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ خَزَنَةُ عِلْمِي وَ عَيْبَةُ حِكْمَتِي؛ وَ مَعْدِنُ نُورِي قَالَ حُسَيْنُ بْنُ عُلْوَانَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: حَقٌّ ذَلِكَ هُمُ اثْنَا عَشَرَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلِيٌّ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ (ع)؛ وَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ؛ وَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَ مَنْ شَاءَ اللَّهُ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّمَا أَسْأَلُكَ لِتُفْتِيَنِي بِالْحَقِّ: قَالَ: أَنَا وَ ابْنِي هَذَاوَ أَوْمَأَ إِلَى ابْنِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُوَ الْخَامِسُ مِنْ وُلْدِهِ يَغِيبُ شَخْصُهُ وَ لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ بِاسْمِهِ‌[2]. تم الجزء الثانى بحمد اللّه و منّه و صلوته على محمّد و آله و يتلوه فى الجزء الثالث انشاء اللّه ما جاء من شواهد الاشعار المقولة قبل وجود السادة


ـ[1] اخرجه فى البحار ج 13 ص 40 عن هذا الكتاب. [2] اخرجه فى البحار ج 13 ص 37 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 204 عن هذا الكتاب


[ 42 ]

و مواليدهم بذكرهم‌[1]ـ


ـ[1] و من جملة الروايات التى رواها الشيخ ابو عبد اللّه احمد بن محمد الجوهرى( مؤلف هذا الكتاب) ما اخرجه الخزاز فى الكفاية ص 293 فى باب ما جاء عن سلمان عنه و عن محمد بن عبد المطلب جميعا عن محمد بن لاحق اليمانى عن ادريس بن زياد السبيعى عن اسرائيل بن يونس بن ابى اسحق السبيعى عن جعفر بن زبير عن القسم بن سليمان عن سلمان الفارسى قال خطبنا رسول اللّه( ص) فقال معاشر الناس انى راحل عنكم عن قريب و منطلق الى الغيب اوصيكم فى عترتى خيرا و اياكم و البدع فان كل بدعة ضلالة و كل ضلالة و اهلها فى النار معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر و من افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين و من افتقد الفرقدين فليتمسك بالنجوم الزاهرة بعدى اقول قولى و استغفر اللّه لى و لكم فلما نزل عن منبره عليه السلام تبعته حتى دخل بيت عايشة فدخلت عليه فقلت بابى و امى يا رسول اللّه سمعتك تقول اذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر و اذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين و اذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة فما الشمس و ما القمر و ما الفرقدان و ما النجوم الزاهرة فقال اما الشمس فانا و اما القمر فعلى عليه السلام و اذا افتقد تمونى فتمسكوا به بعدى و اما الفرقدان فالحسن و الحسين عليهما السلام فاذا افتقدتم القمر فتمسكوا بهما و اما النجوم الزاهرة فالائمة( فهم خ ل) التسعة من صلب الحسين عليهم السلام و التاسع مهديهم ثم قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هم الاوصياء و الخلفاء بعدى ائمة ابرار عدد اسباط يعقوب و حوارى عيسى قلت فسمهم لى يا رسول اللّه قال اولهم سيدهم على بن ابيطالب عليه السلام( و بعده ظ) سبطاى و بعدهما زين العابدين على بن الحسين عليه السلام و بعده محمد بن على باقر علم النبيين و جعفر الصادق بن محمد و ابنه الكاظم سمى موسى بن عمران و الذى يقتل بارض خراسان على عليه السلام ثم ابنه و الصادقان على و الحسن و الحجة القائم المنتظر فى غيبته فانهم عترتى من دمى و لحمى علمهم علمى و حكمهم حكمى من آذانى فيهم فلا انا له اللّه تعالى شفاعتى


[ 43 ]

الجزء الثالث‌ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَسَمِ الْبَلْخِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّمْحِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَيْرٍ الثَّقَفِيُّ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا هُرْمُزُ بْنُ حوران، قَالَ: حَدَّثَنَا فِرَاسٌ عَنِ الشَّعْبِيِ‌[1] قَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ دَعَانِي فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرٍو إِنَّ مُوسَى بْنَ نُصَيْرٍ الْعَبْدِيَّ كَتَبَ إِلَيَّوَ كَانَ عَامِلَهُ عَلَى الْمَغْرِبِيَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ مَدِينَةً مِنْ صِفْرٍ كَانَ ابْتَنَاهَا نَبِيُّ اللَّهِ تَعَالَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ أَمَرَ الْجِنَّ أَنْ يَبْنُوهَا لَهُ؛ فَاجْتَمَعَتِ الْعَفَارِيتُ مِنَ الْجِنِّ عَلَى بِنَائِهَا وَ أَنَّهَا مِنْ عَيْنِ الْقِطْرِ الَّتِي أَلَانَهَا اللَّهُ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ أَنَّهَا فى مَفَازَةِ الْأَنْدُلُسِ؛ وَ أَنَّ فِيهَا مِنَ الْكُنُوزِ الَّتِي اسْتَوْدَعَهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَ قَدْ أَرَدْتُ أَنْ أَتَعَاطَى الِارْتِحَالَ إِلَيْهَا، فَأَعْلَمَنِي الْعَلَّامُ بِهَذَا الطَّرِيقِ أَنَّهُ صَعْبٌ لَا يُتَمَطَّى إِلَّا بِالاسْتِعْدَادِ مِنَ الظُّهُورِ، وَ الْأَزْوَادِ الْكَثِيرَةِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ وَ صُعُوبَتِهَا، وَ أَنَّ أَحَداً لَمْ يَهْتَمَّ بِهَا إِلَّا قَصَرَ عَنْ بُلُوغِهَا، إِلَّا دَارَا بْنَ دَارَا فَلَمَّا قَتَلَهُ الْإِسْكَنْدَرُ قَالَ: وَ اللَّهِ لَقَدْ جِئْتُ الْأَرْضَ وَ الْأَقَالِيمَ كُلَّهَا وَ دَانَ لِي أَهْلُهَا؛ وَ مَا أَرْضٌ إِلَّا وَ قَدْ وَطِئْتُهَا إِلَّا هَذِهِ الْأَرْضَ مِنَ الْأَنْدُلُسِ؛ فَقَدْ أَدْرَكَهَا دَارَا بْنَ دَارَا وَ إِنِّي لَجَدِيرٌ بِقَصْدِهَا كَيْ لَا أَقْصُرَ عَنْ غَايَةٍ بَلَغَهَا دَارَا؛ فَتَجَهَّزَ الْإِسْكَنْدَرُ وَ اسْتَعَدَّ لِلْخُرُوجِ‌


ـ[1] اخرجه مختصرا المحدث الحرّ العاملى( قدّه) فى اثبات الهداة ج 3 ص 205 عن هذا الكتاب


[ 44 ]

عَاماً كَامِلًا؛ فَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ قَدِ اسْتَعَدَّ لِذَلِكَ وَ قَدْ كَانَ بَعَثَ رُوَّادَهُ فَأَعْلَمُوهُ أَنَّ مَوَانِعَ دُونَهَا، فَكَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ إِلَى مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ يَأْمُرُهُ بِالاسْتِعْدَادِ وَ الِاسْتِخْلَافِ عَلَى عَمَلِهِ؛ فَاسْتَعَدَّ وَ خَرَجَ فَرَآهَا وَ ذَكَرَ أَحْوَالَهَا فَلَمَّا رَجَعَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بِحَالِهَا وَ قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ: فَلَمَّا مَضَتِ الْأَيَّامُ وَ فَنِيَتِ الْأَزْوَادُ سِرْنَا نَحْوَ بُحَيْرَةٍ ذَاتِ شَجَرٍ، وَ سِرْتُ مَعَ سُورِ الْمَدِينَةِ فَصِرْتُ إِلَى مَكَانٍ مِنَ السُّورِ فِيهِ كِتَابٌ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ فَوَقَفْتُ عَلَى قِرَائَتِهِ وَ أَمَرْتُ بِانْتِسَاخِهِ فَإِذَا هُوَ شِعْرٌ: لِيَعْلَمَ الْمَرْءُ ذُو الْعِزِّ الْمَنِيعِ وَ مَنْ‌ يَرْجُو الْخُلُودَ وَ مَا حَيٌّ بِمَخْلُودٍ لَوْ أَنَّ خَلْقاً يَنَالُ الْخُلْدَ فِي مَهَلٍ‌ لَنَالَ ذَاكَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَالَتْ لَهُ الْقِطْرُ عَيْنُ الْقِطْرِ فَائِضَةً بِالْقِطْرِ مِنْهُ عَطَاءٌ غَيْرُ مَصْدُودٍ فَقَالَ لِلْجِنِّ ابْنُوا لِي بِهِ أَثَراً يَبْقَى إِلَى الْحَشْرِ لَا يَبْلَى وَ لَا يُؤْدِي‌ فَصَيَّرُوهُ صِفَاحاً ثُمَّ هِيلَ لَهُ‌ إِلَى السَّمَاءِ بِإِحْكَامٍ وَ تَجْوِيدٍ وَ أَفْرَغَ الْقِطْرَ فَوْقَ السُّورِ مُنْصَلِتاً فَصَارَ أَصْلَبَ مِنْ صَمَّاءَ صَيْخُودٍ[1] وَ بَثَّ فِيهِ كُنُوزَ الْأَرْضِ قَاطِبَةً وَ سَوْفَ يَظْهَرُ يَوْماً غَيْرَ مَحْدُودٍ وَ صَارَ فِي قَعْرِ بَطْنِ الْأَرْضِ مُضْطَجِعاً مُصَمَّداً بِطَوَابِيقِ الْجَلَامِيدِ[2] لَمْ يَبْقَ مِنْ بَعْدِهِ لِلْمُلْكِ سَابِقَةٌ حَتَّى يُضَمَّنَ رَمْساً غَيْرَ أُخْدُودٍ هَذَا لِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُلْكَ مُنْقَطِعٌ‌ إِلَّا مِنَ اللَّهِ ذِي النَّعْمَاءِ وَ الْجُودِ حَتَّى إِذَا وَلَدَتْ عَدْنَانُ صَاحِبَهَا مِنْ هَاشِمٍ كَانَ مِنْهَا خَيْرَ مَوْلُودٍ وَ خَصَّهُ اللَّهُ بِالْآيَاتِ مُنْبَعِثاً إِلَى الْخَلِيقَةِ مِنْهَا الْبِيضُ وَ السُّودُ


ـ[1] انصلت فى عدوّه: جدو سبق الغير. و الصّمّاء: الصّخرة ليس فيها خرق و لا صدع و صيخود: الصّخرة الشّديدة. قال الجزرى: و الياء زائدة. [2] قوله مصمدا من صمد الرّجل رأسه: لفّ عليه صمادا و هو ما يلفّه الرّجل على رأسه من خرقة او منديل و الجلمود: الصّخر


[ 45 ]

لَهُ مَقَالِيدُ أَهْلِ الْأَرْضِ قَاطِبَةً وَ الْأَوْصِيَاءُ لَهُ أَهْلُ الْمَقَالِيدِ هُمُ الْخَلَائِفُ اثْنَا عَشْرَةَ حُجَجاً مِنْ بَعْدِهِ الْأَوْصِيَاءَ السَّادَةَ الصِّيدِ حَتَّى يَقُومَ بِأَمْرِ اللَّهِ قَائِمُهُمْ‌ مِنَ السَّمَاءِ إِذَا مَا بِاسْمِهِ نُودِي‌ فَلَمَّا قَرَأَ عَبْدُ المَلِكِ الْكِتَابَ وَ أَخْبَرَهُ طَالِبُ بْنُ مُدْرِكٍ وَ كَانَ رَسُولَهُ إِلَيْهِ بِمَا عَايَنَ مِنْ ذَلِكَ؛ وَ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ قَالَ: مَا ذَا تَرَى فِي هَذَا الْأَمْرِ الْعَجِيبِ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَرَى وَ أَظُنُّ أَنَّ جِنّاً كَانُوا مُوَكَّلِينَ بِمَا فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ حَفَظَةً لَهَا، يُخَيِّلُونَ إِلَى مَنْ كَانَ صَعِدَهَا، قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: فَهَلْ عَلِمْتَ مِنْ أَمْرِ الْمُنَادِي بِاسْمِهِ مِنَ السَّمَاءِ شَيْئاً؟ قَالَ: الْهُ عَنْ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ![1] قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَ كَيْفَ أَلْهُو عَنْ ذَلِكَ وَ هُوَ أَكْبَرُ أَوْطَارِي؟ لَتَقُولَنَّ بِأَشَدِّ مَا عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَاءَنِي أَمْ سَرَّنِي؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّ هَذَا الْمَهْدِيَّ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: كَذِبْتُمَا لَا تَزَالانِ تَدْحَضَانِ فِي بَوْلِكُمَا، وَ تَكْذِبَانِ فِي قَوْلِكُمَا، ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَّا! قَالَ الزُّهْرِيُّ أَمَّا أَنَا فَرَوَيْتُهُ لَكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنْ شِئْتَ فَاسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ وَ لَا لَوْمَ عَلَيَّ فِيمَا قُلْتُهُ لَكَ فَ إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ‌ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا حَاجَةَ لِي إِلَى سُؤَالِ ابْنِ أَبِي تُرَابٍ فَخَفِّضْ عَلَيْكَ يَا زُهْرِيُّ بَعْضَ هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَسْمَعْهُ مِنْكَ أَحَدٌ؛ قَالَ الزُّهْرِيُّ لَكَ عَلَيَّ ذَلِكَ‌[2]. قَالَ الشَّيْخُ: وَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَلِكٍ النَّحْوِيُّ الْوَاسِطِيُّ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ؛ قَالَ: أَنْشَدَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ عُقْبَةَ الْأَعْرَابِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ؛ قَالَ: أَنْشَدَنَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَسَدِيِّينَ مِنْهُمْ‌


ـ[1] لهى عنه: سلّا عنه و غفل و ترك ذكره و أعرض عنه. [2] اخرجه فى البحار ج 13 ص 40


[ 46 ]

مُشْمَعِلُّ بْنُ سَعْدٍ النَّاشِرِيُّ لِلْوَرْدِ بْنِ زَيْدٍ أَخِي الْكُمَيْتِ بْنِ زَيْدٍ الْأَسَدِيِّ؛ وَ قَدْ وَفَدَ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُخَاطِبُهُ وَ يَذْكُرُ وَفَدَاتِهِ إِلَيْهِ وَ هِيَ نَظْمٌ:[1]. كَمْ جُزْتُ فِيكَ مِنْ أَحْوَازٍ وَ أَيْفَاعٍ‌ وَ أَوْقَعَ الشَّوْقُ بِي قَاعاً إِلَى قَاعٍ‌[2] يَا خَيْرَ مَنْ حَمَلَتْ أُنْثَى وَ مَنْ وَضَعَتْ‌ بِهِ إِلَيْكَ غَدَا سَيْرِي وَ إِيضَاعِي‌[3] أَمَا بَلَّغْتُكَ فَالْآمَالُ بَالِغَةٌ بِنَا إِلَى غَايَةٍ يَسْعَى لَهَا السَّاعِي‌ مِنْ مَعْشَرِ شِيعَةٍ لِلَّهِ ثُمَّ لَكُمْ‌ صَوَرٌ إِلَيْكُمْ بِأَبْصَارٍ وَ أَسْمَاعٍ‌[4] دُعَاةِ أَمْرٍ وَ نَهْيٍ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ‌ يُوصِي بِهَا مِنْهُمْ وَاعٍ إِلَى وَاعٍ‌ لَا يَسْأَمُونَ دُعَاءَ الْخَيْرِ رَبَّهُمُ‌ أَنْ يُدْرِكُوا فَيُلَبُّوا دَعْوَةَ الدَّاعِ‌ . وَ قَالَ فِيهَا مِنْ مُخْتَزَنِ الْغُيُوبِ مِنْ ذَلِكَ سُرَّمَنْ‌رَأَى قَبْلَ بِنَائِهَا وَ مِيلَادِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. مَتَى الْوَلِيدُ بِسَامَرَّا إِذَا بُنِيَتْ‌ يَبْدُو كَمِثْلِ شِهَابِ اللَّيْلِ طَلَّاعٌ‌ حَتَّى إِذَا قَذَفَتْ أَرْضُ الْعِرَاقِ بِهِ‌ إِلَى الْحِجَازِ أَنَاخُوهُ بِجَعْجَاعٍ‌[5] وَ غَابَ سَبْتاً وَ سَبْتاً مِنْ وِلَادَتِهِ‌ مَعَ كُلِّ ذِي جَوْبٍ لِلْأَرْضِ قَطَّاعٌ‌[6]ـ


ـ[1] اخرجه فى البحار ص 99 ج 11 عن هذا الكتاب. [2] الاحواز جمع الحوزة: النّاحية. و الايفاع جمع اليفع: التّلّ المشرف او كلّ ما ارتفع من الارض و القاع: ارض سهلة مطمئنّة قد انفرجت عنها الجبال و الاكام. [3] أوضع البعير: حمله على سرعة السّير. [4] الصّور: الميل و العوج يقال« فى عنقه صوّر»: و هنا كناية عن الخضوع و الطّاعة. [5] الجعجاع: المكان الضّيق الخشن. [6] السّبت: الدّهر و فسّر فى حديث ابيطالب مع فاطمة بنت اسد بثلثين سنة و جاب الارض جوبا: قطعها


[ 47 ]

لَا يَسْأَمُونَ بِهِ الْجَوَّابُ قَدْ تَبِعُوا أَسْبَاطَ هَارُونَ كَيْلَ الصَّاعِ بِالصَّاعِ‌ شَبِيهُ مُوسَى وَ عِيسَى فِي مَغَابِهِمَا لَوْ عَاشَ عُمْرَيْهِمَالَمْ يَنْعِهِ نَاعٍ‌ تَتِمَّةُ النُّقَبَاءِ الْمُسْرِعِينَ إِلَى‌ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ كَانُوا خَيْرَ سُرَّاعٍ‌ أَوْ كَالْعُيُونِ الَّتِي يَوْمَ الْعَصَا انْفَجَرَتْ‌ فَانْصَاعَ مِنْهَا إِلَيْهِ (اليهم ظ) كُلُّ مُنْصَاعٍ‌[1] إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ رُؤْيَا فَأُدْرِكُهُ‌ حَتَّى أَكُونَ لَهُ مِنْ خَيْرِ أَتْبَاعٍ‌ بِذَاكَ أَنْبَأَنَا الرَّاوُونَ عَنْ نَفَرٍ مِنْهُمْ ذَوِي خَشْيَةٍ لِلَّهِ طُوَّاعٍ‌ رَوَتْهُ عَنْكُمْ رُوَاةُ الْحَقِّ مَا شَرَعَتْ‌ آبَاؤُكُمْ خَيْرُ آبَاءٍ وَ شُرَّاعٍ‌ . وَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْخَوَافِي وَ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْثِيهِ وَ يَذْكُرُ الْأَئِمَّةَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَسْمَاءَهُمْ وَ أَعْدَادَهُمْ وَ لَمْ يُدْرِكْهُمْ مِنَ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْهُمْ، أَنْشَدَنِيهَا عَلِيُّ بْنُ هَارُونَ بْنِ يَحْيَى الْمُنَجِّمُ: يَا أَرْضَ طُوسٍ سَقَاكِ اللَّهُ رَحْمَتَهُ‌ مَاذَا حَوَيْتِ مِنَ الْخَيْرَاتِ يَا طُوسُ‌ طَابَتْ بِقَاعُكِ فِي الدُّنْيَا وَ طَابَ بِهَا شَخْصٌ ثَوَى بِسَنَاآبَادَ مَرْمُوسٌ‌ شَخْصٌ عَزِيزٌ عَلَى الْإِسْلَامِ مَصْرَعُهُ‌ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ مَغْمُورٌ وَ مَغْمُوسٌ‌ يَا قَبْرَهُ أَنْتَ قَبْرٌ قَدْ تَضَمَّنَهُ‌ عِلْمٌ وَ حِلْمٌ وَ تَطْهِيرٌ وَ تَقْدِيسٌ‌ فَخْراً فَإِنَّكَ مَغْبُوطٌ بِجُثَّتِهِ‌ وَ بِالْمَلَائِكَةِ الْأَبْرَارِ مَحْرُوسٌ‌ فِي كُلِّ عَصْرٍ لَنَا مِنْكُمْ إِمَامُ هُدًى‌ فَرَبْعُهُ آهِلٌ مِنْكُمْ وَ مَأْنُوسٌ‌ أَمْسَتْ نُجُومُ سَمَاءِ الدِّينِ آفِلَةً وَ ظَلَّ أُسْدُ الشَّرَى قَدْ ضَمَّهَا الْخِيسُ‌[2] غَابَتْ ثَمَانِيَةٌ مِنْكُمْ وَ أَرْبَعَةٌ يُرْجَى مَطَالِعُهَا مَا حَنَّتِ الْعِيسُ‌


ـ[1] صعت الشى‌ء فانصاع اى فرّقه فتفرّق. [2] قال الحموى: و يقال المشجعان ما هم الا اسودّ الشّرى قال بعضهم: شرى مأسدة بعينها و قيل: شرى الفرات ناحية به غياض و آجام تكون فيها الاسود« انتهى» و الخيس: غابة الاسد


[ 48 ]

حَتَّى مَتَى يَظْهَرُ الْحَقُّ الْمُنِيرُ بِكُمْ‌ فَالْحَقُّ فِي غَيْرِكُمْ دَاجٍ وَ مَطْمُوسٌ‌[1] . وَ أَنْشَدَنِي الشَّرِيفُ أَبُو الْحُسَيْنِ صَالِحُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحُسَيْنِ النَّوْفَلِيُّ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو سَهْلٍ النُّوشَجَانِيُّ لِأَبِيهِ مُصْعَبِ بْنِ وَهْبٍ النُّوشَجَانِيِّ، وَ كَانَ الَّذِي بَاعَ مَارِدَةَ أُمَّ الْمُعْتَصِمِ مِنَ الرَّشِيدِ، فَوَلَدَتْ لَهُ الْمُعْتَصِمَ، قَالَ الشَّرِيفُ أَبُو الْحُسَيْنِ: حَدَّثَنِي بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ، عَنْ أَبِيهِ الرَّيَّانِ خَالِ الْمُعْتَصِمِ، وَ قَالَ مُصْعَبُ بْنُ وَهْبٍ وَ هَذَا يُعْرَفُ بالحرون: فَإِنْ تَسْأَلَانِي مَا الَّذِي أَنَا دَائِنٌ‌ بِهِ فَالَّذِي أُبْدِيهِ مِثْلُ الَّذِي أُخْفِي‌ أَدِينُ بِأَنَّ اللَّهَ لَا شَيْ‌ءَ غَيْرُهُ‌ قَوِيٌّ عَزِيزٌّ بَارِئُ الْخَلْقِ مِنْ ضَعْفٍ‌ وَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَفْضَلُ مُرْسَلٍ‌ بِهِ بَشَّرَ الْمَاضُونَ فِي مُحْكَمِ الصُّحُفِ‌ وَ أَنَّ عَلِيّاً بَعْدَهُ أَحَدَ عَشْرَةَ مِنَ اللَّهِ وَعْدٌ لَيْسَ فِي ذَاكَ مِنْ خُلْفٍ‌ أَئِمَّتُنَا الْهَادُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ لَهُمْ صَفْوُ وُدِّي مَا حَيِيتُ لَهُمْ أَصْفِي‌ ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ‌ وَ أَرْبَعَةٌ يُرْجَوْنَ لِلْعَدَدِ الْمُوفِ‌ وَ لِي ثِقَةٌ بِالرَّجْعَةِ الْحَقِّ مِثْلَ مَا وَثِقْتُ بِرَجْعِ الطَّرْفِ مِنِّي إِلَى الطَّرْفِ‌[2] . وَ أَنْشَدَنِي الشَّرِيفُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ حَمْزَةَ الْعَلَوِيُّ الطَّبَرِيُّ لِسُفْيَانَ بْنِ مُصْعَبٍ الْعَبْدِيِّ، وَ حَدَّثَنِيهِ بِخَبَرِهِ أَحْمَدُ بْنُ زِيَادٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ سِجَادَةَ عَنْ أَبَانِ بْنِ عُمَرَ خَتَنِ آلِ مِيثَمٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ سُفْيَانُ بْنُ مُصْعَبٍ الْعَبْدِيُّ، فَقَالَ: جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ‌ وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ‌؟ قَالَ: هُمُ الْأَوْصِيَاءُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ الِاثْنَا عَشَرَ، لَا يَعْرِفُ اللَّهَ إِلَّا مَنْ عَرَفَهُمْ وَ عَرَفُوهُ


ـ[1] اخرج خمسة من هذه الابيات فى البحار ص 92 ج 12 و اخرج ثلثة منها فى اثبات الهداة ج 3 ص 252. [2] أخرجه فى البحار ج 13 ص 237 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 252 عن هذا الكتاب


[ 49 ]

قَالَ: فَمَا الْأَعْرَافُ جُعِلْتُ فِدَاكَ: قَالَ: كَثَائِبُ مِنْ مِسْكٍ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ الْأَوْصِيَاءُ يَعْرِفُونَ كُلَّا بِسِيمَاهُمْ، فَقَالَ سُفْيَانُ:، أَ فَلَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ شَيْئاً؟ فَقَالَ مِنْ قَصِيدَةٍ شِعْرٌ: أَيَا رَبْعَهُمْ هَلْ فِيكَ لِيَ الْيَوْمَ مَرْبَعُ‌ وَ هَلْ لِلَيَالٍ كُنَّ لِي فِيكَ مَرْجِعٌ‌ وَ فِيهَا يَقُولُ: وَ أَنْتُمْ وُلَاةُ الْحَشْرِ وَ النَّشْرِ وَ الْجَزَاءِ وَ أَنْتُمْ لِيَوْمِ الْمَفْزَعِ الْهَوْلِ مَفْزَعٌ‌ وَ أَنْتُمْ عَلَى الْأَعْرَافِ وَ هِيَ كَثَائِبُ‌ مِنَ الْمِسْكِ رِيَاهَا بِكُمْ يَتَضَوَّعُ‌[1] ثَمَانِيَةٌ بِالْعَرْشِ إِذْ يَحْمِلُونَهُ‌ وَ مِنْ بَعْدِهِمْ فِي الْأَرْضِ هَادُونَ أَرْبَعٌ‌[2] . وَ أَنْشَدَنِي أَبُو مَنْصُورٍ عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ النُّعْمَانِ الْعِبَادِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ الْوَهْبِيُّ أَنَّ أَبَا الْغَوْثِ الطُّهَوِيَّ الْمَنْبِجِيَّ شَاعِرَ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْشَدَهُ بِعَسْكَرِ سُرَّمَنْ‌رَأَى قَالَ الْوَهْبِيُّ: وَ اسْمُ أَبُو الْغَوْثِ أَسْلَمُ بْنُ مهوز [مُحْرِزٍ] مِنْ أَهْلِ مَنْبَجٍ‌[3] وَ كَانَ الْبَخْتَرِيُّ يَمْدَحُ الْمُلُوكَ؛ وَ هَذَا يَمْدَحُ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَانَ الْبَخْتَرِيُّ أَبُو عبادة [عَبَّادٍ] يُنْشِدُ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ لِأَبِي الْغَوْثِ: وَلَهْتُ إِلَى رُؤْيَاكُمْ وَلَهَ الصَّادِي‌ يُذَادُ عَنِ الْوِرْدِ الرَّوِيِّ بِذَوَادٍ[4] مُحَلِّي عَنِ الْوِرْدِ اللَّذِيذِ مَسَاغُهُ‌ إِذَا طَافَ وَرَّادٌ بِهِ بَعْدَ وَرَّادٍ فَأَعْلَمْتُ فِيكُمْ كُلَّ هَوْجَاءَ جَسْرَةٍ ذُمُولُ السُّرَى يَقْتَادُ فِي كُلِّ مُقْتَادٍ[5]ـ


ـ[1] تضوع المسك: انتشرت رائحته. [2] اخرجه فى البحار ج 9 ص 396 مختصرا. [3] قال ياقوت: هو بلد قديم و ما أظنّه الا روميا الا ان اشتقاقه فى العربيّة يجوز ان يكون من أشياء الى ان قال: و ذكر بعضهم ان اول من بناها كسرى لما غلب على الشّام و سمّاها من به اى أنا اجود فعربت فقيل له سنبج. [4] الصادى: العطشان و ذاده: دفعه و طرده. [5] الهوجاء مؤنث الاهوج: النّاقة المسرعة حتّى كان بها هوجا. و الجسرة من الابل: العظيمة و ذمل ذمولا البعير: سار سيرا ليّنا


[ 50 ]

أَجُوبُ بِهَا بِيدَ الْفَلَا وَ تَجُوبُ بِي‌ إِلَيْكَ وَ مَا لِي غَيْرُ ذِكْرِكَ مِنْ زَادٍ فَلَمَّا تَرَائَتْ سُرَّمَنْ‌رَأَى تَجَشَّمَتْ‌ إِلَيْكَ فُعُومَ الْمَاءِ فِي مَفْعَمِ الْوَادِي‌[1] فَأَدَّتْ إِلَيْنَا تَشْتَكِي أَلَمَ السُّرَى‌ فَقُلْتُ اقْصِرِي فَالْعَزْمُ لَيْسَ بِمَيَّادٍ[2] إِذَا مَا بَلَغْتَ الصَّادِقِينَ بَنِي الرِّضَا فَحَسْبُكَ مِنْ هَادٍ يُشِيرُ إِلَى هَادٍ مَقَاوِيلُ إِنْ قَالُوا بَهَالِيلُ إِنْ دُعُوا وُفَاةٌ بِمِيعَادٍ كُفَاةٌ لِمُرْتَادٍ[3] إِذَا أَوْعَدُوا أَعْفَوْا وَ إِنْ وَعَدُوا وَفَوْا فَهُمْ أَهْلُ فَضْلٍ عِنْدَ وَعْدٍ وَ إِيعَادٍ كِرَامٌ إِذَا مَا أَنْفَقُوا الْمَالَ أَنْفَدُوا وَ لَيْسَ لِعِلْمٍ أَنْفَقُوهُ بِإِنْفَادٍ يَنَابِيعُ عِلْمِ اللَّهِ أَطْوَادُ دِينِهِ‌ فَهَلْ مِنْ نَفَادٍ إِنْ عَلِمْتَ لِأَطْوَادٍ[4] نُجُومٌ مَتَى نَجْمٌ خَبَا مِثْلُهُ بَدَا فَصَلَّى عَلَى الْخَابِي الْمُهَيْمِنُ وَ الْبَادِي‌[5] عِبَادٌ لِمَوْلَاهُمْ مَوَالِي عِبَادِهِ‌ شُهُودٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ حَشْرٍ وَ إِشْهَادٍ هُمْ حُجَجُ اللَّهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ مَتَى‌ عَدَدْتَ فَثَانِي عَشْرُهُمْ خَلَفُ الْحَادِي‌ بِمِيلَادِهِ الْأَنْبَاءُ جَاءَتْ شَهِيرَةً فَأَعْظِمْ بِمَوْلُودٍ وَ أَكْرِمْ بِمِيلَادٍ وَ هِيَ طَوِيلَةٌ كَتَبْنَا مِنْهَا مَوْضِعَ الْحَاجَةِ إِلَى الشَّاهِدِ[6]. قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَيُّوبَ الْخُرَيْبِيُ‌[7] الشَّاعِرُ وَ كَانَ انْقِطَاعُهُ‌


ـ[1] فعمّ الاباء ملاءه و قال البحار: و فعوم مفعول مطلق لتجشمت من غير لفظه او صفة لمصدر محذوف بنزع الخافض. [2] قوله ليس بمياد اى مضطرب. [3] البهاليل جمع البهلول: السّيّد الجامع لكلّ خير. [4] الاطواد جمع الطود: الجبل العظيم. [5] خبت البارّ: طفئت. [6] اخرجه فى البحار ج 12 ص 150 عن هذا الكتاب. [7] كذا فى نسختى الاصل و البحار و هو نسبة الى الخريبة: موضع بالبصرة و عندها كانت وقعة الجمل. و قال العلّامة: السّيّد حسن الصّدر فى كتاب تأسيس الشّيعة عند ذكر شعراء الشّيعة: و منهم عبد اللّه بن ايوب الجزينى بالزاء كما فى بعض النّسخ و جزين قرية كبيرة قريبة من اصفهان و قرية من قرى جبل عامل و قيل بالرّاء و حينئذ فهو من جرين تصغير جرن موضع من ارض نجد. ثمّ قال: و رأيت فى نسخة مصححة من كتاب مقتضب الاثر انه عبد اللّه بن ايوب الحزيبى بالحاء ثمّ الزّاء المعجمة ثمّ الياء ثمّ الباء الموحّدة ثمّ باء النّسبة كانه نسبة الى حزيب مصغر حزب ملاحظ و قال: كان فاضلا شاعرا أديبا انتهى


[ 51 ]

إِلَى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا، يُخَاطِبُ ابْنَهُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ الرِّضَا عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كَلِمَةٍ لَهُ لَمْ نَكْتُبْهَا عَلَى وَجْهِهَا بَلْ ذَكَرْنَا مِنْهَا مَوْضِعَ الشَّاهِدِ، يَقُولُ نَظْمٌ: يَا ابْنَ الذَّبِيحِ وَ يَا ابْنَ أَعْرَاقِ الثَّرَى‌ طَابَتْ أُرُومَتُهُ وَ طَابَ عُرُوقَا[1] يَا ابْنَ الْوَصِيِّ وَصِيِّ أَفْضَلِ مُرْسَلٍ‌ أَعْنِي النَّبِيَّ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَا[2] مَا لُفَّ فى خِرَقِ الْقَوَابِلِ مِثْلُهُ‌ أَسَدٌ يُلَفُّ مَعَ الْخَرِيقِ خَرِيقَا يَا أَيُّهَا الْحَبْلُ الْمَتِينُ مَتَى أَعُذْ يَوْماً بِعَقْوَتِهِ أَجِدْهُ وَثِيقَا[3] أَنَا عَائِذٌ بِكَ فِي الْقِيَامَةِ لَائِذٌ أَبْغِي لَدَيْكَ مِنَ النَّجَاةِ طَرِيقَا لَا يَسْبِقَنِّي فِي شَفَاعَتِكُمْ غَداً أَحَدٌ فَلَسْتُ بِحُبِّكُمْ مَسْبُوقَا يَا ابْنَ الثَّمَانِيَةِ الْأَئِمَّةِ غُرِّبُوا وَ أَبَا الثَّلَاثَةِ شُرِّقُوا تَشْرِيقَا[4]ـ


ـ[1] قال الطريحى: و فى حديث أبى عبد اللّه( ع) انا ابن اعراق الثّرى اى اصول الارض و أركانها من الائمة و الانبياء( ع) كابراهيم و اسمعيل( ع) و محصله: أنا خير اصول الارض. و الارومة: اصل الشّجرة. [2] و فى المنقول عن النّسخة المصححة من الكتاب« الصديقا» بدل المصدوقا. [3] العقوة: الساحة و المحلّة. [4] قال المجلسى( ره) تغريب الثّمانية لعلّه كناية عن وفاتهم كما ان تشريق الثلثة كناية عن كونهم ظاهرين او بمعرض الظّهور؛ و التّغريب كناية عن سكناهم غالبا او ولادتهم فى بلد الحجاز و يثرب و هى غريبة بالنّسبة الى العراق فالتشريق ظاهر


[ 52 ]

إِنَّ الْمَشَارِقَ وَ الْمَغَارِبَ أَنْتُمُ‌ جَاءَ الْكِتَابُ بِذَلِكُمْ تَصْدِيقَا[1] . قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَهْبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ قَادِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ دَأْبٍ قَالَ: لَمَّا حُمِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى سَرِيرِهِ وَ أُخْرِجَ إِلَى الْبَقِيعِ لِيُدْفَنَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ[2]: أَقُولُ وَ قَدْ رَاحُوا بِهِ يَحْمِلُونَهُ‌ عَلَى كَاهِلٍ مِنْ حَامِلِيهِ وَ عَاتِقٍ‌ أَ تَدْرُونَ مَا ذَا تَحْمِلُونَ إِلَى الثَّرَى‌ ثَبِيراً ثَوَى مِنْ رَأْسِ عَلْيَاءَ شَاهِقٍ‌[3] غَدَاةَ حَثَى الْحَاثُونَ فَوْقَ ضَرِيحِهِ‌ تُرَاباً وَ أَوْلَى كَانَ فَوْقَ الْمَفَارِقِ‌ أَيَا صَادِقَ ابْنَ الصَّادِقِينَ أَلِيَّةً بِآبَائِكَ الْأَطْهَارِ حَلْفَةَ صَادِقٍ‌[4] لَحَقّاً بِكُمْ ذُو الْعَرْشِ قَسَّمَ فِي الْوَرَى‌ فَقَالَ تَعَالَى اللَّهُ رَبُّ الْمَشَارِقِ‌ نُجُومٌ هِيَ اثْنَا عَشْرَةَ كُنَّ سُبَّقاً إِلَى اللَّهِ فِي عِلْمٍ مِنَ اللَّهِ سَابِقٍ‌[5] . وَ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ صَالِحٍ الصَّيْمَرِيِّ قَصِيدَةٌ يَرْثِي بِهَا مَوْلَانَا أَبَا الْحَسَنِ الثَّالِثَ وَ يُعَزِّي ابْنَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُهَا: الْأَرْضُ حُزْناً زُلْزِلَتْ زِلْزَالَهَا وَ أَخْرَجَتْ مِنْ جَزَعٍ أَثْقَالَهَا يُعَدِّدُ الْأَئِمَّةَ وَ تَكَمُّلَهُمْ بِالْخَلَفِ وَ ذَلِكَ قَبْلَ مِيلَادِهِ


ـ[1] اخرجه فى البحار ج 12 ص 90 عن هذا الكتاب. [2] هو أبو هريرة العجلى الذى عدّه ابن شهر آشوب فى المعالم من شعراء اهل البيت المجاهرين و روى عن أبى بصير عن أبيعبد اللّه( ع) انه قال: من ينشدنا شعر أبى هريرة؟ قلت: جعلت فداك انه كان يشرب! فقال( ع) له رحمة اللّه و ما ذنب الا و يغفره اللّه تعالى لولا بغض على( ع). [3] الثبير يطلّق على جبال مكّة و التميز بالاضافة. [4] الالية: اليمين. [5] اخرجه فى البحار ج 11 ص 204 و 205 عن هذا الكتاب و اخرجه ابن شهر آشوب فى المناقب ج 4 ص 278 ط قم و المحدث القمى فى الكنى و الالقاب ج 1 ص 177 و فى سفينة البحار ج 1 ص 510


[ 53 ]

عَشْرُ نُجُومٍ أَفَلَتْ فِي فُلْكِهَا وَ يُطْلِعُ اللَّهُ لَنَا أَمْثَالَهَا بِالْحَسَنِ الْهَادِي أَبِي مُحَمَّدٍ تُدْرِكُ أَشْيَاعُ الْهُدَى آمَالَهَا وَ بَعْدَهُ مَنْ يُرْتَجَى طُلُوعُهُ‌ يُظِلُّ جَوَّابُ الْفَلَا جزالها [أَجْزَالَهَا] ذُو الْغَيْبَتَيْنِ الطَّوْلِ الْحَقِّ الَّتِي‌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مَنِ اسْتَطَالَهَا يَا حُجَجَ الرَّحْمَنِ إِحْدَى عَشْرَةَ آلَتْ بِثَانِي عَشْرِهَا مَآلَهَا[1] . قَرَأَ عَلِيٌّ أَبُو الْحُسَيْنِ صَالِحُ بْنُ الْحُسَيْنِ النَّوْفَلِيُّ وَ أَنَا أَسْمَعُ حَدَّثَكُمْ أَبُوكُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْفَيْضِ ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ؛ قَالَ: خَرَجْتُ فِي بَعْضِ سِيَاحَتِي حَتَّى كُنْتُ بِبَطْنِ السَّمَاوَةِ، فَأَفْضَى بِيَ الْمَسِيرُ إِلَى قدعر [تَدْمُرَ][2] فَرَأَيْتُ بِقُرْبِهَا أَبْنِيَةً عَادِيَةً قَدِيمَةً، فَسَاوَرْتُهَا فَإِذَا هِيَ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُورَةٍ فِيهَا بُيُوتٌ وَ غُرَفٌ مِنْ حِجَارَةٍ، وَ أَبْوَابُهَا كَذَلِكَ بِغَيْرِ مِلَاطٍ، وَ أَرْضُهَا كَذَلِكَ حِجَارَةٌ صَلْدَةٌ، فَبَيْنَا أَنَا أَجُولُ فِيهَا إِذْ بَصُرْتُ بِكِتَابَةٍ غَرِيبَةٍ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا هُوَ أَبْيَاتٌ: أَنَا ابْنُ مِنًى وَ الْمَشْعَرَيْنِ وَ زَمْزَمَ‌ وَ مَكَّةَ وَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ الْمُعَظِّمِ‌ وَ جَدِّيَ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى وَ أَبِي الَّذِي‌ وَلَايَتُهُ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ‌ وَ امِّيَ الْبَتُولُ الْمُسْتَضَاءُ بِنُورِهَا إِذَا مَا عَدَدْنَاهَا عَدِيلَةَ مَرْيَمِ‌ وَ سِبْطَا رَسُولِ اللَّهِ عَمِّي وَ وَالِدِي‌ وَ أَوْلَادُهُ الْأَطْهَارُ تِسْعَةُ أَنْجُمٍ‌ مَتَى تَعْتَلِقْ مِنْهُمْ بِحَبْلِ وَلَايَةٍ تَفُزْ يَوْمَ يُجْزَ الْفَائِزُونَ وَ تُنْعَمْ‌ أَئِمَّةُ هَذَا الْخَلْقِ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ‌ فَإِنْ كُنْتَ لَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ فَاعْلَمِ‌ أَنَا الْعَلَوِيُّ الْفَاطِمِيُّ الَّذِي ارْتَمَى‌ بِهِ الْخَوْفُ وَ الْأَيَّامُ بِالْمَرْءِ تَرْتَمِي‌


ـ[1] اخرجه فى البحار ج 12 ص 150 عن هذا الكتاب. [2] كذا فى الاصل و فى نسخة البحار« تدصر» و الظّاهر انهما تصحيف« تدمر» قال الحموى: تدمر: مدينة قديمة مشهورة فى قرية الشّام بينها و بين حلب خمسة أيّام


[ 54 ]

فَضَاقَتْ بِيَ الْأَرْضُ الْفَضَاءُ بِرُحْبِهَا وَ لَمْ أَسْتَطِعْ نَيْلَ السَّمَاءِ بِسُلَّمٍ‌ فَأَلْمَمْتُ بِالدَّارِ الَّتِي أَنَا كَاتِبٌ‌ عَلَيْهَا بِشِعْرِي فَاقْرَأْ إِنْ شِئْتَ وَ الْمُمْ‌ وَ سَلِّمْ لِأَمْرِ اللَّهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ فَلَيْسَ أَخُو الْإِسْلَامِ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ‌ قَالَ ذُو النُّونِ: فَعَلِمْتُ أَنَّهُ عَلَوِيٌّ قَدْ هَرَبَ؛ وَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ هَارُونَ، وَ وَقَعَ إِلَى مَا هُنَاكَ، فَسَأَلْتُ مَنْ ثَمَّ مِنْ سُكَّانِ هَذِهِ الدَّارِ وَ كَانُوا مِنْ بَقَايَا الْقِبْطِيَّةِ الْأُوَلِ: هَلْ تَعْرِفُونَ مَنْ كَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ؟ قَالُوا: لَا وَ اللَّهِ مَا عَرَفْنَاهُ إِلَّا يَوْماً وَاحِداً، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِنَا فَأَنْزَلْنَاهُ، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةُ لَيْلَتِهِ غَدَا فَكَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ وَ مَضَى، قُلْتُ: أَيُّ رَجُلٍ كَانَ؟ قَالُوا: رَجُلٌ عَلَيْهِ أَطْمَارٌ رِثَّةٌ[1] تَعْلُوهُ هَيْبَةٌ وَ جَلَالَةٌ وَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ نُورٌ شَدِيدٌ لَمْ يَزَلْ لَيْلَتَهُ قَائِماً وَ رَاكِعاً وَ سَاجِداً إِلَى أَنِ انْبَلَجَ لَهُ الْفَجْرُ فَكَتَبَ وَ انْصَرَفَ‌[2]. قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي سَمَّالٍ وَ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ بِهِ جَمَاعَةً مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ فِيهِمْ جَعْفَرُ بْنُ بَشِيرٍ الْبَجَلِيُّ؛ وَ مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الزُّهْرِيُّ وَ غَيْرُهُمْ قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ بَيْنَ الْغَابَةِ وَ دُومَةِ الْجَنْدَلِ مَرْجِعَنَا مِنَ الشَّامِ فِي لَيْلَةٍ مُسْدَفَةٍ[3] بَيْنَ جِبَالٍ وَ رِمَالٍ فَسَمِعْتُ هَاتِفاً مِنْ بَعْضِ تِلْكَ الْجِبَالِ وَ هُوَ يَقُولُ: نَادِ مَنْ طَيْبَةُ مَثْوَاهُ وَ فِي طَيْبَةَ حَلَّا أَحْمَدُ الْمَبْعُوثُ بِالْحَقِّ عَلَيْهِ اللَّهُ صَلَّى‌ وَ عَلَى التَّالِي لَهُ فِي الْفَضْلِ وَ الْمَخْصُوصِ فَضْلَا وَ عَلَى سِبْطَيْهِمَا الْمَسْمُومِ وَ الْمَقْتُولِ قَتْلَا


ـ[1] الاطمار جمع الطّمر بالكسر: الثّوب البالى. [2] اخرجه المجلسى( ره) فى البحار ج 11 ص 286 و 287 عن هذا الكتاب و قال: لا يبعد كونه الكاظم عليه السّلام ذهب و كتب لاتمام الحجّة عليهم. [3] أسدف اللّيل: أظلم


[ 55 ]

وَ عَلَى السنة [التِّسْعَةِ] متعهم [مِنْهُمْ‌] مَحْتِداً طَابُوا وَ أَصْلَا هُمْ مَنَارُ الْحَقِّ لِلْخَلْقِ إِذَا مَا الْخَلْقُ ضَلَّا نَادِهِمْ يَا حُجَجَ اللَّهِ عَلَى الْعَالَمِ كُلَّا كَلِمَاتُ اللَّهِ تَمَّتْ بِكُمُ صِدْقاً وَ عَدْلًا[1] . قد ذكرنا فى كتابنا هذا ما ضمناه و نالته روايتنا و ان خرج لناشى‌ء من السماع الحقناه انشاء اللّه و به الثقة و هو حسبنا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ‌ و صلى اللّه على سيدنا محمّد و آله تمت. و قد فرغت من تصحيحه و التعليق عليه فى الخامس عشر من شعبان المعظم سنة 1379 و انا العبد الفانى السيد هاشم الرسولى المحلاتى عفى عنه و عن والديه بحق محمد و آله‌


ـ[1] أخرجه فى البحار ج 9 ص 171 و فى اثبات الهداة ج 3 ص 255- 256


[ 56 ]

المقدمة 1 الجزء الأول 3 الجزء الثانى 26 الجزء الثالث 43

رد واحد على “مقتضب الأثر – ابن عياش الجوهري”

  1. […] Ibn Ayyash († 1011) is the author of Muqtadab-ul-Athar [Here] […]

اترك تعليقاً