عيون الأخبار ج ١ – محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق

عيون أخبار الرضا (ع)

الشيخ الصدوق ج 1


[ 1 ]

عيون أخبار الرضا


[ 3 ]

عيون أخبار الرضا للشيخ الاقدم والمحدث الاكبر أبي جعفر الصدوق محمد بن على بن الحسين بن بابويه القمى قده المتوفى سنه 381 صححه وقدم له وعلق عليه العلامة الشيخ حسين الاعلمي الجزء الاول منشورات مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان ص. ب. 712


[ 4 ]

الطبعة الاولى جميع الحقوق على هذه الطبعة المحققة والمزدانة بالتعاليق محفوظة للناشر 1404 ه‍ – 1984 م طبع على مطابع: مؤسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان شارع الاستقلال جنب ثانوية ابن سينا ص. ب: 7120 – تلفون: 259860 – 290133 – 242205


[ 5 ]

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين 30 – باب فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المنثورة 1 – ما حدثنا به أبو ا لحسن محمد بن القاسم المفسر الجرجاني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسيني، عن الحسن بن علي عن أبيه، عن محمد بن علي، عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليه السلام قال: نعي (1) الى الصادق جعفر بن محمد عليه السلام اسماعيل بن جعفر وهو اكبر اولاده وهو يريد ان يأكل وقد اجتمع ندماؤه، فتبسم، ثم دعا بطعامه وقعد مع ندمائه، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الايام ويحث ندمائه، ويضع بين أيديهم ويعجبون منه أن لا يرون للحزن أثرا، فلما فرغ قالوا: يا بن رسول الله لقد رأينا عجبا اصبت بمثل هذا الابن وأنت كما ترى، قال: وما لي لا اكون كما ترون؟ وقد جاء في خبر أصدق الصادقين اني ميت واياكم، ان قوما عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم ولم ينكروا من يخطفه (2) الموت منهم وسلموا لامر خالقهم عزوجل. 2 – وبهذا الاسناد، عن الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر، قال: كان قوم من خواص الصادق عليه السلام جلوسا بحضرته في ليلة مقمرة مضحية فقالوا: يا بن رسول الله ما أحسن أديم (3) هذه السماء وأنوار هذه


(1) النعي: خبر الموت. (2) خطف الشي: استلبه بسرعة. (3) أديم السماء: وجهها.

[ 6 ]

لنجوم والكواكب فقال الصادق عليه السلام انكم لتقولون هذا وان المدبرات لاربعة جبرائيل وميكائيل واسرافيل وملك الموت عليهم السلام ينظرون الى الارض فيرونكم واخوانكم في أقطار الارض ونوركم الى السموات واليهم أحسن من أنوار هذه الكواكب وأنهم ليقولون كما تقولون ما أحسن انوار هؤلاء المؤمنين؟؟. 3 – وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال جاء رجل الى الصادق عليه السلام قد سئمت الدنيا فاتمنى على الله الموت تمن الحياة لتطيع لا لتعصي فلان تعيش فتطيع خير لك من ان تموت فلا تعصي ولا تطيع. 4 – وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام عن ابيه موسى بن جعفر عليه السلام قال قال الصادق عليه السلام ان الرجل ليكون بينه وبين الجنة اكثر مما بين الثرى والعرش لكثره ذنوبه فما هو الا ان يبكي من خشية الله عز وجل ندما عليها يصير بينه وبينها أقرب من جفنه الى مقلته (1). 5 – وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام، عن ابيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال قيل للصادق عليه السلام اخبرنا عن الطاعون قال: عذاب الله لقوم ورحمة لآخرين قالوا وكيف تكون الرحمة عذابا قال؟ أما تعرفون أن نيران جهنم عذاب على الكفار وخزنة جهنم معهم فيها فهي رحمة الله عليهم 6 – وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام عن ابيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال قال الصادق عليه السلام كم ممن كثر ضحكه لاعبا يكثر يوم القيامة بكاؤه وكم ممن كثر بكاؤه على ذنبه خائفا يكثر يوم القيامة في الجنة سروره وضحكه 7 – وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام عن ابيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سئل الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن بعض اهل


(1) المقلة بالضم: شحمة العين أو هي السواد والبياض منها والجفن بالفتح غطاء العين من أعلى وأسفل

[ 7 ]

مجلسه فقيل عليل، فقصده عائدا وجلس عند رأسه فوجده دنفا (1) فقال له أحسن ظنك بالله تعالى فقال اما ظنى بالله فحسن ولكن غمي لبناتي ما امرضني غير رفقي بهن فقال الصادق عليه السلام الذي ترجوه لتضعيف حسناتك ومحو سيئاتك فأرجه لاصلاح حال بناتك اما علمت ان رسول الله ” ص ” قال لما جاوزت سدره المنتهى وبلغت اغصانها وقضبانها رأيت بعض ثمار قضبانها أثداؤه معلقة يقطر من بعضها اللبن ومن بعضها العسل ومن بعضها الدهن ويخرج من بعضها شبه دقيق السميد (2) ومن بعضها النبات ومن بعضها كالنبق (3) فيهوي ذلك كله الى نحو الارض فقلت في نفسي اين مفر هذه الخارجات عن هذه الاثداء وذلك انه لم يكن معي جبرائيل لاني كنت جاوزت مرتبته واختزل (4) دوني فناداني ربي عز وجل في سري يا محمد هذه انبتها في هذا المكان الا رفع لا غذو منها بنات المؤمنين من امتك وبنيهم فقال لآباء البنات لا تضيقن صدوركم علي فاقتهن فاني كما خلقتهن ارزقهن. 8 – وبهذا الاسناد عن الرضا عليه السلام عن ابيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال كتب الصادق عليه السلام الى بعض الناس ان اردت ان يختم بخير عملك حتى تقبض وأنت في افضل الاعمال فعظم لله حقه ان لا تبذل نعماؤه في معاصيه وان تغتر بحلمه عنك واكرم كل من وجدته يذكر منا أو ينتحل مودتنا ثم ليس عليك صادقا كان أو كاذبا انما لك نيتك وعليه كذبه 9 – وبهذا الاسناد عن الرضا عن ابيه موسى بن جعفر عليه السلام قال كان الصادق عليه السلام في طريق ومعه قوم معهم اموال وذكر لهم ان بارقه (5) في الطريق يقطعون على الناس فارتعدت فرائصهم (6) فقال لهم الصادق عليه


(1) الدنف محركة: المرض الملازم: دنف المريض: ثقل مرضه ودنا من الموت (2) وفي نسخة اخرى: السميذ بالذال المعجمة وبالدال المهملة ايضا الحنطة (3) النبق: حمل شجر السدر (4) الاختزال: الاقتطاع والانقطاع (5) البارقة: السيوف والمراد منها قطاع الطريق واللصوص (6) الفريصة: اللحمة بين الجنب والكتف أو بين الثدي والكتف وهي لا تزال ترعد عند الفزع

[ 8 ]

السلام ما لكم؟ قالوا معنا أموالنا نخاف عليها ان تؤخذ منا أفتأخذها منا؟ فلعلهم يندفعون عنها إذا رأوا انها لك فقال وما يدريكم لعلهم لا يقصدون غيرى ولعلكم تعرضوني بها للتلف فقالوا فكيف نصنع ندفنها قال ذلك أضيع فلعل طاريا يطرى عليها فيأخذها ولعلكم لا تغتدون إليها بعد فقالوا كيف نصنع دلنا قال أودعوها من يحفظها ويدفع عنها ويربيها ويجعل الواحد منها أعظم من الدنيا وما فيها ثم يردها ويوفرها عليكم احوج ما تكونون إليها قالوا من ذاك قال ذاك رب العالمين قالوا وكيف نودعه قال تتصدقون به على ضعفاء المسلمين قالوا وانى لنا الضعفاء بحضرتنا هذه قال فاعرضوا على أن تتصدقوا بثلثها ليدفع الله عن باقيها من تخافون قالوا قد عزمنا قال فانتم في امان الله فامضوا فمضوا فظهرت لهم البارقة فخافوا فقال الصادق عليه السلام كيف تخافون وانتم في امان الله عزوجل فتقدم البارقة وترجلوا وقبلوا يد الصادق عليه السلام وقالوا رأينا البارحة منامنا رسول الله (ص) يأمرنا بعرض انفسنا عليك فنحن بين يديك ونصحبك وهؤلاء لندفع عنهم الاعداء واللصوص فقال الصادق عليه السلام لا حاجة بنا اليكم فان الذي دفعكم عنا يدفعهم فمضوا سالمين وتصدقوا بالثلث وبورك لهم في تجاراتهم فربحوا للدرهم عشرة فقالوا ما اعظم بركة الصادق عليه السلام فقال الصادق عليه السلام قد تعرفتم البركة في معاملة الله عزوجل فدوموا عليها 10 – وبهذا الاسناد عن الرضا عن ابيه موسى بن جعفر عليهم السلام قال رأى الصادق عليه السلام رجلا قد اشتد جزعه على ولده فقال يا هذا جزعت للمصيبة الصغرى وغفلت عن المصيبة الكبرى؟ ولو كنت لما صار إليه ولدك مستعدا لما اشتد عليه جزعك فمصابك بتركك الاستعداد أعظم من مصابك بولدك 11 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن احمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن الرضا علي بن موسى عليهما السلام انه قال ان بسم الله الرحمن الرحيم أقرب


[ 9 ]

الى اسم الله الاعظم من سواد العين الى بياضها قال وقال الرضا عليه السلام كان ابي عليه السلام إذا خرج من منزله قال بسم الله الرحمن الرحيم خرجت بحول الله وقوته لا بحولي وقوتي بحولك وقوتك يا رب متعرضا به لرزقك فأتني به في عافية 12 – حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رضي الله قال حدثني أبي عن جدي ابراهيم بن هاشم عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد قال قال الرضا عليه السلام سمعت أبي يحدث عن أبيه عليه السلام ان أول سورة نزلت بسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك وآخر سورة نزلت إذا جاء نصر الله والفتح 13 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام بقم في رجب سنة تسع وثلثين وثلاثمأة قال حدثني أبي عن ياسر الخادم عن ابي الحسن علي بن موسى الرضا عن ابيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال قال رسول الله ” ص ” لعلي عليه السلام يا علي انت حجة الله وانت باب الله وأنت الطريق الى الله وانت النبأ العظيم وانت الصراط المستقيم وأنت المثل الاعلى يا علي أنت امام المسلمين وامير المؤمنين وخير الوصيين وسيد الصديقين يا علي أنت الفاروق الاعظم وأنت الصديق الاكبر يا علي أنت خليفتي على أمتي وانت قاضي ديني وانت منجز عداتي يا علي أنت المظلوم بعدي يا علي أنت المفارق بعدي يا علي أنت المحجور بعدي اشهد الله تعالى ومن حضر من أمتي أن حزبك حزبي وحزبي حزب الله وان حزب اعدائك حزب الشيطان 14 – حدثنا ابي رضي الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر بن جامع الحميري عن احمد بن هلال العبرتائي (1) عن الحسن بن محبوب عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قال لي لا بد من فتنة صماء صيلم (2) تسفط فيها كل


(1) وفي نسخة أخرى العبرتي: قرية من قرى نهروان (2) الصيلم: الامر الشديد والداهية. السيف

[ 10 ]

بطانة ووليجة (1) وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكى عليه السماء وأهل الارض وكل حرى وحران (2) وكل حزين لهفان ثم قال بأبي وامي سمي جدي شبيهي وشبيه موسى بن عمران عليه السلام عليه جيوب النور تتوقد بشعاع ضياء القدس كم من حرى مؤمنة وكم مؤمن متأسف حيران حزين عند فقدان الماء المعين (3) كأني بهم آيس ما كانوا قد نودوا نداء يسمع من بعد كما يسمع من قرب يكون رحمة على المؤمنين وعذابا على الكافرين 15 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن الحسن بن على الوشاء قال سمعت الرضا عليه السلام يقول اقرب ما يكون العبد من الله عزوجل وهو ساجد وذلك قوله تبارك وتعالى واسجد واقترب (4) 16 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد ابن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال الصلوة قربان كل تقى 17 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله ومحمد بن يحيى العطار جميعا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحجال عن سليمان الجعفري قال قال الرضا عليه السلام جاءت ريح وانا ساجد وجعل كل انسان يطلب موضعا وانا ساجد ملح في الدعاء على ربى عزوجل حتى سكنت 18 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن اسماعيل بن بزيع قال رايت أبا الحسن عليه السلام إذا سجد يحرك ثلاث


(1) بطانة الرجل ووليجته: خاصته (2) أي امرأة حزينة ورجل حزين (3) أي طاهر: سئل الرضا عليه السلام عن قول الله عزوجل: ” قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين ” فقال عليه السلام مائكم أبوابكم الأئمة والأئمة أبواب الله فمن يأتيكم بماء معين يعني يأتيكم بعلم الامام من تفسير علي بن إبراهيم (4) سورة العلق: الآية 19

[ 11 ]

اصابع من اصابعه واحدة بعد واحدة تحريكا خفيفا كانه يعد التسبيح ثم يرفع راسه قال ورايته يركع ركوعا اخفض من ركوع كل من رايته يركع كان إذا ركع جنح بيديه 19 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن الحسن بن على الوشاء عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سمعته يقول إذا نام العبد وهو ساجد قال الله عزوجل للملائكة انظروا الى عبدى قبضت روحه وهو في طاعتي 20 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنهما قالا حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال قرات كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلا م الى أبي جعفر يا أبا جعفر بلغني ان الموالى إذا ركبت اخرجوك من الباب الصغير فانما ذلك من بخل بهم لئلا ينال منك احد خيرا فاسئلك بحقى عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلا من الباب الكبير وإذا ركبت فليكن منك ذهب وفضة ثم لا يسالك أحد إلا اعطيته ومن سئلك من عمومتك ان تبره فلا تعطه اقل من خمسين دينارا والكثير اليك ومن سالك من عماتك فلا تعطها اقل من خمسة وعشرين دينارا والكثير اليك انى اريد أن يرفعك الله فانفق ولا تخش من ذى العرش اقتارا (1) 21 – حدثنا أبو على أحمد بن أبي جعفر البيهقى (2) قال حدثنا أبو على أحمد بن على بن جبرائيل الجرجاني البزاز قال حدثنا اسماعيل بن أبي عبد الله أبو عمرو القطان قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن عامر الطائى ببغداد على باب صقر السكرى عند جسر أبي الزنج قال حدثني أبو احمد ابن سليمان الطائى عن على بن موسى الرضا عليه السلام بالمدينة سنة اربع وتسعين ومأة قال حدثني أبى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن على


(1) قتر على عياله: ضيق عليهم (2) بيهق: رستاق من الرساتيق أو بلد من بلاد العجم

[ 12 ]

قال حدثني أبي بن ابي طالب عليه السلام قال قال النبي ” ص ” تحشر ابنتى فاطمة عليه السلام يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدماء تتعلق بقائمة من قوائم العرش تقول يا احكم الحاكمين احكم بينى وبين قاتل ولدى قال على بن أبي طالب عليه السلام قال رسول الله ” ص ” ويحكم لابنتي فاطمة ورب الكعبة 22 – حدثنا أبو اسد عبد الصمد بن عبد الشهيد الانصاري رضى الله عنه بسمرقند (1) حدثنا أبي قال حدثنا أحمد بن اسحق العلوى الموسوي قال حدثنا أبي قال اخبرني عمى الحسن بن اسحاق قال سمعت عمى على بن موسى الرضا عليه السلام يقول حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” من دان بغير سماع الزمه الله البتة (2) الى الفناء ومن دان بسماع من غير الباب الذي فتحه الله عز وجل لخلقه فهو مشرك والباب المأمون وحي الله تبارك وتعالى محمد ” ص ” 23 – حدثنا أبو الحسن محمد بن ابراهيم بن اسحاق رضى الله عنه قال حدثنا أبو سعيد النسوي (3) قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن هارون قال حدثنا أحمد بن أبي الفضل البلخى قال حدثني خال يحيى بن سعيد البلخى عن علي بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن ابيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال بينما انا امشي مع النبي ” ص ” في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طويل كث اللحية (4) بعيد ما بين المنكبين فسلم على النبي ” ص ” ورحب به ثم التفت الى فقال السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته اليس كذلك هو يا رسول الله فقال له


(1) سمرقند: مدينة معروفة مشهورة (2) هكذا في أكثر النسخ التي بأيدينا ولكن في بعض النسخ ” التيه ” وهو الصواب (3) على وزن الحلبي منسوب الى النسا بالفتح والقصر وهي بلدة بسرخس (4) كث اللحية: اجتمع شعرها وكثف وجعد من غير طول

[ 13 ]

رسول الله ” ص ” بلى ثم مضى فقلت يا رسول الله ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له قال أنت كذلك والحمد لله ان الله عزوجل قال في كتابه (انى جاعل الارض خليفة) (1) والخليفة المجعول فيها آدم عليه السلام وقال (يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق) (2) فهو الثاني وقال عزوجل حكاية عن موسى حين قال لهارون عليهما السلام (اخلفنى قومي واصلح (3)) فهو هارون إذ استخلفه موسى عليه السلام في قومه فهو الثالث وقال عز وجل (واذان من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر) (4) فكنت أنت المبلغ عن الله وعن رسوله وأنت وصيى ووزيرى وقاضي ديني والمؤدى عني وأنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبى بعدي فانت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ أو لا تدري من هو قلت لا قال ذاك اخوك الخضر عليه السلام فاعلم 24 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن سهل بن زياد الادمى عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن محمد بن على الرضا عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام قال دخلت انا وفاطمة على رسول الله ” ص ” فوجدته يبكى بكاءا شديدا فقلت فداك أبي وامى يا رسول الله ما الذي ابكاك فقال يا علي ليلة اسري بي الى السماء رأيت نساء من امتى في عذاب شديد فانكرت شأنهن فبكيت لما رأيت من شدة عذابهن ورأيت امراة معلقة بشعرها يغلى دماغ رأسها ورأيت امراة معلقة بلسانها والحميم يصب في حلقها ورايت امراة معلقة بثدييها ورأيت امراة تأكل لحم جسدها والنار توقد من تحتها ورأيت امراة قد شد رجلاها الى يديها وقد سلط عليها الحيات والعقارب ورأيت امراة صماء عمياء


(1) سورة البقرة: الآية 30 (2) سورة ص: الآية 26 (3) سورة الاعراف: الآية 142 (4) سورة التوبة: الآية 3

[ 14 ]

خرساء في تابوت من نار يخرج دماغ رأسها من منخرها وبدنها متقطع من الجذام والبرص ورأيت امراة معلقة برجليها تنور من نار ورأيت امراة تقطع لحم جسدها من مقدمها ومؤخرها بمقاريض من نار ورايت امراة تحرق وجهها ويداها وهي تأكل امعائها ورأيت امراة رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار وعليها الف الف لون من العذاب ورأيت امرأة على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها والملائكة يضربون رأسها وبدنها بمقامع (1) من نار فقالت فاطمة عليها السلام حبيبي وقرة عينى اخبرني ما كان عملهن وسيرتهن حتى وضع الله عليهن هذا العذاب فقال يا بنيتي أما المعلقة بشعرها فانها كانت لا تغطي شعرها من الرجال وأما المعلقة بلسانها فانها كانت تؤذي زوجها وأما المعلقة بثدييها فانها تمتنع من فراش زوجها وأما المعلقة برجليها فانها كانت تخرج من بيتها بغير اذن زوجها وأما التي تأكل لحم جسدها فانها كانت تزين بدنها للناس والتي شد يداها الى رجليها وسلط عليها الحيات والعقارب فانها كانت قذرة الوضوء قذرة الثياب وكانت لا تغتسل من الجنابة والحيض ولا تنتظف وكانت تستهين بالصلاة وأما الصماء العمياء الخرساء فانها كانت تلد من الزنا فتعلقه في عنق زوجها وأما التي تقرض لحمها بالمقاريض فانها كانت تعرض نفسها على الرجال وأما التي كانت تحرق وجهها وبدنها وتأكل امعائها فانها كانت قوادة وأما التي كان رأسها رأس الخنزير وبدنها بدن الحمار فانها كانت نمامة كذابة وأما التي كانت على صورة الكلب والنار تدخل في دبرها وتخرج من فيها فانها كانت قينة (2) نواحة حاسدة ثم قال عليه السلام ويل لامرأة اغضبت زوجها وطوبى لامرأة رضى عنها زوجها 25 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن عرفة قال قال أبو الحسن الرضا عليه السلام يا بن عرفة ان النعم كالابل المعقولة في عطنها على العوم (3) ما احسنوا


(1) المقمعة كمكنسة: العمود من حديد (2) القينة: الامة المغنية (3) المعطن: مبرك الابل ومربض الغنم حول الماء والعوم اسير الابل (*)

[ 15 ]

جوادها فإذا اساؤوا معاملتها واناليها تفرد عنهم 26 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن ياسر الخادم عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال السخى يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه والبخيل لا يأكل من طعام الناس لئلا يأكلوا من طعامه 27 – حدثنا محمد بن جعفر بن مسرور رضى الله عنه قال حدثني الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد البصري عن الحسن بن على الوشاء قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول السخى قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب النار قال وسمعته يقول السخاء شجرة في الجنة اغصانها في الدنيا من تعلق بغصن من اغصانها دخل الجنة 28 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن محمد عن أبيه عن علي بن اسباط والحجال انهما سمعا الرضا عليه السلام يقول كان العابد من بني اسرائيل لا يتعبد حتى يصمت عشر سنين 29 – حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر رضى الله عنه قال حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن صياد عن ابويهما عن الحسن بن على عن أبيه علي بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام في قول الله عز وجل هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى الى السماء فسويهن سبع سموات وهو بكل شئ عليم) قال (هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا) لتعتبروا ولتتوصلوا به الى رضوانه وتتوقوا به من عذاب نيرانه (ثم استوى الى السماء) اخذ في خلقها واتقانها (فسويهن سبع سموات وهو بكل شئ عليم) (1) ولعلمه بكل


(1) سورة البقرة: الآية 29

[ 16 ]

شئ علم المصالح فخلق لكم كلما في الارض لمصالحكم يا بني آدم 30 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه وأحمد بن على بن إبراهيم بن هاشم وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنهم قالوا حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليه السلام قال قال قال رسول الله ” ص ” لكل امة صديق وفاروق وصديق هذه الامة وفاروقها علي بن أبي طالب عليه السلام وانه سفينة نجاتها وباب حطتها وانه يوشعها وشمعونها وذو قرنيها معاشر الناس ان عليا خليفة الله وخليفتي عليكم بعدى وانه لامير المؤمنين وخير الوصيين من نازعه فقد نازعنى ومن ظلمه فقد ظلمني ومن غالبه فقد غالبني ومن بره فقد برنى ومن جفاه فقد جفاني ومن عاداه فقد عاداني ومن والاه فقد والاني وذلك انه أخى ووزيرى ومخلوق من طينتي وكنت انا وهو نورا واحدا 31 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا على بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميدانى ومحمد يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول ان رجلا من بني اسرائيل قتل قرابة له ثم اخذه وطرحه على طريق افضل سبط من اسباط بني اسرائيل ثم جاء يطلب بدمه فقالوا لموسى عليه السلام ان سبط آل فلان قتلوا فلانا فاخبرنا من قتله قال ائتونى ببقره (قالوا أتتخذنا هزوا قال اعوذ بالله ان اكون من الجاهلين) ولو انهم عمدوا الى اي بقره اجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال انه يقول انها بقره لا فارض ولا بكر يعنى لا صغيره ولا كبيره عوان بين ذلك ولو انهم عمدوا الى اي بقره اجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال انه يقول انها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) ولو انهم عمدوا الى اي بقره لاجزاتهم ولكن


[ 17 ]

شددوا فشدد الله عليهم (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي ان البقر تشابه علينا وانا انشاء الله لمهتدون قال انه يقول انها بقره ذلول تثير الارض ولا تسقى الحرث مسلمه لا شية فيها قالوا الآن جئت بالحق) فطلبوها فوجدوها عند فتى من بني اسرائيل فقال لا ابيعها إلا بملاء مسكها (1) ذهبا فجاؤوا الى موسى عليه السلام فقالوا له ذلك فقال اشتروها فاشتروها وجاؤوا بها فأمر بذبحها ثم امر ان يضرب الميت بذنبها فلما فعلوا ذلك حيى المقتول وقال يا رسول الله ان ابن عمي قتلني دون من يدعي عليه قتلي فعلموا بذلك قاتله فقال رسول الله موسى بن عمران عليه السلام لبعض اصحابه ان هذه البقره لها نبأ فقال وما هو قال ان فتى من بني اسرائيل كان بارا بأبيه وانه اشترى تبيعا (2) فجاء الى ابيه ورأى ان المقاليد تحت رأسه فكره ان يوقظه فترك ذلك البيع فاستيقظ ابوه فاخبره فقال له احسنت خذ هذه البقره فهي لك عوضا لما فاتك قال فقال له رسول الله موسى بن عمران عليه السلام انظروا الى البر ما بلغ باهله 32 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم قال حدثنا الريان بن الصلت قال سألت الرضا عليه السلام يوما بخراسان فقلت يا سيدى ان ابراهيم بن هاشم العباسي حكى عنك انك رخصت له استماع الغناء فقال كذب الزنديق انما سألني عن ذلك فقلت له ان رجلا سأل ابا جعفر عليه السلام عن ذلك فقال له أبو جعفر عليه السلام إذا ميز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء فقال مع الباطل فقال له أبو جعفر عليه السلام قد قضيت 33 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم عن الريان بن الصلت قال سمعت الرضا عليه السلام يقول ما بعث الله عز وجل نبيا الا بتحريم الخمر وان يقر له بان الله يفعل ما يشاء وان يكون في تراثه الكندر قال وسمعته عليه السلام


(1) المسلك بالفتح: الجلد الاول. (2) التبيع: ولد البقر في أول سنة.

[ 18 ]

يقول لا تدخلوا بالليل بيتا مظلما الا مع السراج 34 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن ياسر الخادم قال سأل بعض القواد أبا الحسن الرضا عليه السلام عن أكل الطين وقال ان بعض جواريه يأكلن الطين فغضب ثم قال ان اكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير فأنهاهن عن ذلك قال وحدثني ياسر قال كان الرضا عليه السلام إذا رجع يوم الجمعه من الجامع وقد اصابه العرق والغبار رفع يديه وقال ” اللهم ان كان فرجي مما انا فيه بالموت فعجله الى الساعة ولم يزل مغموما مكروبا ” الى ان قبض عليه السلام قال ياسر وكتب من نيسابور الى المأمون ان رجلا من المجوس اوصى عند موته بمال جليل يفرق في الفقراء والمساكين ففرقه قاضي نيسابور على فقراء المسلمين فقال المأمون للرضا عليه السلام يا سيدى ما تقول في ذلك فقال الرضا عليه السلام ان المجوس لا يتصدقون على فقراء المسلمين فاكتب إليه ان يخرج بقدر ذلك من صدقات المسلمين فيتصدق به على فقراء المجوس وقال علي بن ابراهيم بن هاشم وحدثني ياسر وغيره عن الرضا عليه السلام باحاديث كثيره لم اذكرها لاني سمعتها منذ دهر 35 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء ابن بنت الياس عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه قال إذا اهل هلال ذي الحجة ونحن بالمدينة لم يكن لنا ان نحرم الا بالحج لانا نحرم من الشجرة وهو الذي وقت رسول الله ” ص ” وانتم إذا قدمتم من العراق فأهل الهلال فلكم أن تعتمروا لان بين ايديكم ذات عرق وغيرها مما وقت لكم رسول الله ” ص ” فقال له الفضل فلى الآن ان أتمتع وقد طفت بالبيت فقال له نعم فذهب بها محمد بن جعفر الى سفيان بن عيينة واصحاب سفيان فقال لهم ان فلانا قال قال كذا وكذا فشنع أبي الحسن عليه السلام قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله سفيان بن عيينه لقى الصادق عليه السلام وروى عنه وبقي الى ايام الرضا عليه السلام


[ 19 ]

36 – حدثنا محمد الحسن بن احمد بن الوليد رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عيسى عن احمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي قال قلت لابي الحسن عليه السلام كيف صنعت في عامك فقال اعتمرت في رجب ودخلت متمتعا وكذلك افعل إذا اعتمرت 37 – حدثنا ابي رضى الله عنه قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن احمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال حدثني أبو سعيد الادمي عن احمد بن موسى بن سعد عن ابي الحسن الرضا عليه السلام قال كنت معه في الطواف فلما صرنا معه بحذاء الركن اليماني اقام عليه السلام فرفع يديه ثم قال ” يا الله يا ولى العافية ويا خالق العافية ويا رازق العافية والمنعم بالعافية والمنان بالعافية والمتفضل بالعافية ويا خالق العافية ويا رازق العافية والمنعم بالعافية والمان بالعافية والمتفضل بالعافية على وعلى جميع خلقك يا رحمن الدنيا والاخره ورحيمهما صل على محمد وآل محمد وارزقنا العافية ودوام العافية وتمام العافية وشكر العافية في الدنيا والاخره يا ارحم الراحمين 38 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن اسحاق بن إبراهيم عن مقاتل بن مقاتل قال رايت أبا الحسن الرضا عليه السلام في يوم الجمعه في وقت الزوال على ظهر الطريق يحتجم وهو محرم قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله في هذا الحديث فوائد احداها اطلاق الحجامه في يوم الجمعه عند الضرورة وليعلم ان ما ورد من كراهه ذلك انما هو في حال الاختيار والفائدة الثانيه الاطلاق في الحجامه في وقت الزوال والفائدة الثالثه انه يجوز للمحرم ان يحتجم إذا اضطر ولا يحلق مكان الحجامه 39 – حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان رضى الله عنه قال حدثني عمى محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان قال سمعت الرضا عليه السلام يحدث عن أبيه عن آبائه عن على عليه السلام ان رسول الله (ص) احتجم وهو صائم محرم


[ 20 ]

قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله ليس هذا الخبر خلافا لخبر الذي روى عنه عليه السلام انه قال افطر الحاجم والمحجوم لأن الحجامه مما أمر به عليه السلام وسنه واستعمله فمعنى عليه السلام افطر الحاجم والمحجوم هو انهما دخلا بذلك في سنتى وفطرتي 40 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد ابن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال قال رايت أبا الحسن عليه السلام وهو يريد ان يودع للخروج الى العمرة فاتى القبر عن موضع راس النبي (ص) بعد المغرب فسلم على النبي (ص) ولزق بالقبر ثم انصرف حتى اتى القبر فقام الى جانبه يصلى فالزق منكبه الايسر بالقبر قريبا من الاسطوانة التي دون الاسطوانة المخلفه عند راس النبي (ص) وصلى ست ركعات أو ثمان ركعات في نعليه قال وكان مقدار ركوعه وسجوده ثلاث تسبيحات واكثر فلما فرغ سجد سجده اطال فيها حتى بل عرقه الحصى قال وذكر بعض اصحابه انه الصق خده بارض المسجد 41 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا احمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال حدثنا موسى بن عمر عن محمد بن اسماعيل بن بزيع قال رايت على أبي الحسن الرضا عليه السلام وهو محرم خاتما 42 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا أحمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال حدثني محمد بن احمد عن الحسن بن على بن كيسان عن موسى بن سلام قال اعتمر أبو الحسن الرضا عليه السلام فلما ودع البيت وصار الى باب الحناطين ليخرج منه وقف في صحن المسجد في ظهر الكعبه ثم رفع يديه فدعا ثم التفت الينا فقال نعم المطلوب الحاجه إليه الصلاه فيه افضل من الصلاه في غيره ستين سنه أو شهرا فلما صار عند الباب قال اللهم انى خرجت على ان لا اله إلا أنت


باب الحناطين: باب من أبواب صحن المسجد الذي زاد بنو أمية على المسجد الحرام ما بين باب السلام وباب الزيادة عند زاوية هذا الصحن.

[ 21 ]

43 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن إبراهيم أبي محمود قال رايت الرضا عليه السلام ودع البيت فلما اراد ان يخرج من باب المسجد خر ساجدا ثم قام فاستقبل القبله وقال اللهم انى انقلب على ان لا اله إلا الله 44 – حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان قال حدثني عمى أبو عبد الله محمد بن شاذان قال حدثنا الفضل بن شاذان قال حدثنا محمد بن اسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال سألته القنوت في الفجر والوتر فقال قبل الركوع قال وسالته عن شرب الفقاع فكرهه كراهه شديده (1) وسالته الصلاه في الثوب المعلم فكره ما فيه التماثيل وسالته عن الصبيه يزوجها ابوها ثم يموت وهي صغيره ثم تكبر قبل ان يدخل بها زوجها ايجوز عليها التزويج أو الامر إليها فقال يجوز عليها تزويج ابيها وقال عليه السلام قال أبو جعفر لا ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك الذين جعلهما الله لك أو قال الذين انعم الله عليك وسالته عن الصلاه بمكه والمدينة تقصير أو تمام فقال قصر ما لم تعزم على مقام عشره وسالته عن قناع النساء من الخصيان فقال كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن عليه السلام فلايتقنعن وسالته عن ام الولد لها ان تكشف راسها بين ايدى الرجال فقال تتقنع وسالته عن آنيه الذهب والفضه فكرهها فقلت له قد روى بعض اصحابنا انه كانت لابي الحسن موسى عليه السلام مرآه ملبسه فضه فقال لا بحمد الله إنما كانت لها حلقه فضه وهي عندي الان وقال ان العباس يعنى اخاه حين غدر عمل له عود ملبس فضه من نحو ما يعمل للصبيان تكون فضته نحو عشره دراهم فامر به أبو الحسن عليه السلام فكسر وسالته عن الرجل له الجارية فيقبلها هل تحل لولده فقال بشهوه قلت نعم قال لا ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوه ثم قال عليه السلام ابتداءا منه لو جردها فنظر إليها بشهوه حرمت على أبيه وابنه


(1) المراد من الكراهة هي الحرمة وكثيرا ما يستعمل في الروايات الكراهة ويراد منها الحرمة.

[ 22 ]

قلت إذ نظر الى جسدها قال إذا نظر فرجها وسالته عن حد الجارية الصغيره السن التي إذا لم تبلغه لم يكن على الرجل استبرائها فقال إذا لم تبلغ استبرئت بشهر قلت وان كانت ابنته سبع سنين نحوها ممن لا تحمل فقال هي صغيره ولا يضرك ان تستبرئها فقلت ما بينها وبين تسع سنين فقال نعم تسع سنين وسالته عن امراه ابتليت بشرب نبيذ فسكرت فزوجت نفسها من رجل في سكرها ثم افاقت فانكرت ذلك ثم ظنت انه يلزمها فزوجت منه فاقامت مع الرجل على ذلك التزويج احلال هو لها ام التزويج فاسد لمكان السكر ولا سبيل للزوج عليها قال إذا قامت بعدما معه افاقت فهو رضاها قلت ويجوز ذلك التزويج عليها قال نعم وسالته عن مملوكه كانت بين اثنين فاعتقاها ولها اخ غائب وهي بكر ايجوز لاحدهما ان يزوجها أو لا يجوز إلا بامر اخيها فقال بلى يجوز ان يزوجها فيتزوجها قلت فيتزوجها هو ان اراد ذلك قال نعم قال وقال عليه السلام لي احسن بالله الظن فإن الله عز وجل يقول عند ظن عبدى ان خيرا فخير وان شرا فشر وقال عليه السلام في الائمه انهم علماء صادقون مفهمون محدثون قال وكتبت إليه عليه السلام اختلف الناس على في الربيثا (1) فما تأمرني فيها فكتب لا باس بها 45 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قالا حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثني محمد بن عبد الله المسمعى قال حدثني أحمد بن الحسن الميثمى (2) انه سأل الرضا عليه السلام يوما وقد اجتمع عنده قوم من اصحابه وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله (ص) في الشئ الواحد فقال عيه السلام ان الله عز وجل حرم حراما واحل حلالا وفرض فرائض فما جاء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما احل الله أو دفع فريضه في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك مما لا يسع الاخذ به لأن رسول الله (ص) لم يكن ليحرم ما احل الله


(1) الربيثا ضرب من السمك فيه جواز أكل الربيثا ولعله محمول على التقية. (2) الميثمى لعله منسوب الى ميثم التمار صاحب أمير المؤمنين عليه السلام.

[ 23 ]

ولا ليحلل حرم الله ولا ليغير فرايض الله واحكامه في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله وقول الله عز وجل ان اتبع إلا ما يوحى الى فكان متبعا لله مؤديا عن الله ما امره به من تبليغ الرساله قلت فانه يرد عنكم الحديث في الشئ عن رسول (ص) مما ليس في الكتاب وهو في السنه ثم يرد خلافه فقال وكذلك قد نهى رسول الله (ص) اشياء نهى حرام فوافق فذلك نهيه نهى الله وأمر باشياء فصار ذلك الامر واجبا لازما كعدل فرايض تعالى ووافق في ذلك امره أمر الله تعالى فما جاء في النهى عن رسول الله (ص) نهى حرام جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك وكذلك فيما أمر به لانا نرخص فيما لم يرخص فيه رسول الله (ص) ونامر بخلاف ما أمر رسول الله (ص) إلا لعله خو ف ضروره فاما ان نستحل ما حرم رسول الله (ص) أو نحرم استحل رسول الله (ص) فيكون ذلك ابدا لانا تابعون لرسول الله (ص) مسلمون له كما كان رسول الله (ص) تابعا لامر ربه عز وجل مسلما وقال عز وجل ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم فانتهوا وان رسول الله (ص) نهى عن اشياء نهى حرام بل اعافه وكراهه وأمر باشياء ليس فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين رخص في ذلك للمعلول وغير المعلول فما كان عن رسول الله (ص) نهى اعافه أو أمر فضل فذلك يسع استعمال الرخص فيه إذا ورد عليكم عنا فيه الخبران باتفاق يرويه من يرويه في النهى ولا ينكره وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الاخذ باحدهما أو بهما جميعا أو بايهما شئت واحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول (ص) والرد إليه والينا وكان تارك ذلك باب العناد والانكار وترك التسليم لرسول (ص) مشركا بالله العظيم فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب ولم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن النبي


[ 24 ]

فما كان في السنه موجودا منهيا عنه نهى حرام مامورا به عن رسول الله (ص) أمر الزام فاتبعوا وافق نهى رسول الله (ص) وامره وما كان السنه نهى اعافه أو كراهه ثم كان الخبر الاخر خلافه فذلك رخصه فيما عافه رسول الله (ص) وكرهه ويحرمه فذلك الذي يسع الاخذ بهما جميعا أو بايهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم والاتباع والرد رسول الله (ص) وما لم تجدوه في شئ من الوجوه فردوا الينا علمه فنحن اولى بذلك ولا تقولوا بارائكم وعليكم بالكف والتثبت والوقوف وانتم طالبون باحثون حتى ياتيكم البيان من عندنا قال مصنف هذا الكتاب رضى الله عنه كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله سئ الراى في محمد بن عبد الله المسمعى راوي الحديث وإنما اخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لانه كان في كتاب الرحمه وقد قراته عليه فلم ينكره ورواه لي 46 – أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب إبراهيم بن أبي محمود عن أبي الحسن الرضا قال سألته عن القئ والرعاف والمده والدم ا ينقض الوضوء فقال لا ينقض شيئا 47 – حدثنا رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سهل عن زكريا بن آدم قال سئلت الرضا عليه السلام عن الناسور فقال عليه السلام إنما تنقض الوضوء ثلثه البول والغايط والريح 48 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال أحمد بن سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد محمد بن عيسى عن الحسن بن على الوشاء عن الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الدواء يكون يدى الرجل ا يجزيه ان يمسح في الوضوء على الدواء المطلى عليه فقال نعم يمسح عليه ويجزيه


[ 25 ]

49 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سهل عن أبيه قال سالت أبا الرضا عليه السلام عن الرجل يبقى عن وجهه إذا توضأ يجزيه ان يبله من بعض جسده 50 – حدثنا الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضى عنه قال حدثنا على بن محمد بن قتيبه عن الفضل شاذان قال سمعت الرضا عليه السلام يقول لما حمل راس الحسين بن على عليه السلام الى الشام أمر يزيد لعنه فوضع ونصبت عليه مائده فاقبل هو لعنه الله واصحابه ياكلون ويشربون الفقاع فلما فرغوا أمر بالراس فوضع طست تحت سريره وبسط عليه رقعه الشطرنج وجلس يزيد عليه اللعنه يلعب بالشطرنج ويذكر الحسين واباه وجده (ص) ويستهزئ بذكرهم فمتى قمر صاحبه تناول الفقاع فشربه ثلث مرات ثم صب فضلته ما يلى الطست من الأرض فمن كان من شيعتنا فليتورع شرب الفقاع واللعب بالشطرنج ومن نظر الى الفقاع الى الشطرنج فليذكر الحسين عليه السلام وليلعن يزيد وآل زياد يمحو الله عز وجل بذلك ذنوبه ولو كانت بعدد النجوم 51 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشى رضى الله عنه قال حدثنا أبي عن أحمد بن الانصاري عن عبد السلم بن صالح الهروي قال سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام يقول اول اتخذ له الفقاع في الاسلام بالشام يزيد بن معويه لعنه اللفاحضر وهو على المائدة وقد نصبها راس الحسين عليه السلام فجعل يشربه ويسقى اصحابه ولعنه الله اشربوا فهذا شراب مبارك ولو لم يكن بركته إلا انا اول ما تناولناه وراس عدونا ايدينا ومائدتنا منصوبه عليه ونحن ناكله ونفوسنا ساكنه وقلوبنا مطمئنه فمن كان من شيعتنا فليتورع شرب الفقاع فانه من شراب اعدائنا فإن لم يفعل فليس منا ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه


[ 26 ]

عن على أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله (ص) تلبسوا لباس اعدائي ولا تطعموا مطاعم اعدائي وتسلكوا مسالك اعدائي فتكونوا اعدائي كما هم اعدائي قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله لبا س الاعداء السواد ومطاعم الاعداء النبيذ المسكر والفقاع والطين والجرى من السمك والمارماهى والزمير والطافي وكل ما لم يكن له فلوس من السمك ولحم الضب والارنب والثعلب وما لم يدف من الطير وما استوى طرفاه من البيض والدبا من الجراد والذي لا يستقل بالطيران والطحال ومسالك الاعداء مواضع التهمه ومجالس شرب الخمر والمجالس فيها الملاهي ومجالس الذين لا يقضون بالحق والمجالس يعا ب فيها الائمه عليه السلام والمؤمنون ومجالس المعاصي والظلم والفساد والقمار وقد بلغني في انواع الفقاع ما قد يسكر كثيره وما اسكر كثيره فقليله وكثيره حرام 52 – حدثنا عبد الواحد بن محمد عبدوس العطار رضى الله عنه قال حدثنا على محمد بن قتيبه النيسابوري عن الفضل بن شاذان سمعت الرضا عليه السلام يقول استعمال العدل والاحسان مؤذن بدوام النعمة ولا حول ولا قوه إلا بالله


[ 27 ]

31 – * (باب فيما جاء عن الرضا (ع) من الاخبار المجموعة) * قال الشيخ الفقيه أبو محمد بن على بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى نزيل الرى قدس الله روحه 1 – حدثنا أبي رضى الله ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنهما قالا حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن الحميرى قالا حدثنا إبراهيم بن هاشم عن بن الجهم قال سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا يقول صديق كل امرء عقله وعدوه جهله 2 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ومحمد بن أحمد السنانى والحسين بن إبراهيم أحمد المكتب رحمهم الله قالوا حدثنا أبو محمد بن أبي عبد الله الكوفى عن سهل بن زياد الادمى عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى محمود بن أبي البلاد قال سمعت الرضا عليه السلام يقول من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر عز وجل 3 – وبهذا الاسناد عن إبراهيم أبي محمود قال قال الرضا عليه السلام المؤمن الذي إذا احسن استبشر وإذا اساء استغفر آ والمسلم الذي يسلم المسلمون لسانه ويده ليس منا من لم يأمن جاره بوائقه (1)


(1) قال الجوهري: الداهية والشر، وفي الحديث: لا يدخل الجنة من لم يأمن جاره بوائقه

[ 28 ]

4 – حدثنا أبو الحسن محمد ابن على بن الشاه الفقيه المروزى بمرو الرود في داره قال حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله النيسابوري قال حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائى بالبصرة قال حدثنا أبي في سنه ستين ومأتين قال حدثني على بن موسى الرضا عليه السلام سنة اربع وتسعين ومائة وحدثنا أبو منصور بن إبراهيم بن بكر الخورى بنيسابور قال حدثنا أبو اسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخورى قال حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخورى بنيسابور قال حدثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني عن الرضا على بن موسى عليهما السلام وحدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشنانى الرازي العدل ببلخ قال حدثنا على بن محمد بن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان الفراء عن على بن موسى الرضا عليه السلام قال حدثني أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد بن على قال حدثني أبي على بن الحسين قال حدثني أبي الحسين بن على قال حدثني أبي على بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله ” ص ” قال اربعة انا لهم شفيع يوم القيامة المكرم لذريتي والقاضى لهم حوائجهم والساعى في امورهم عند ما اضطروا إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه 5 – وبهذا الاسناد عن على بن موسى الرضا عليه السلام قال حدثني أبي موسى بن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال حدثني أبي محمد ابن على قال حدثني أبي على بن الحسين عليه السلام قال حدثتني اسماء بنت عميس قالت حدثتني فاطمة لما حملت بالحسن عليه السلام وولدته جاء النبي ” ص ” فقال يا اسماء هلمى ابني فدفعته إليه في خرقة صفراء فرمى بها النبي ” ص ” واذن في اذنه اليمنى واقام في اذنه اليسرى ثم قال لعلى عليه السلام باي شئ سميت ابني قال ما كنت اسبقك باسمه يا رسول الله وقد كنت احب ان اسميه حربا فقال النبي ” ص ” ولا انا اسبق باسمه ربى ثم هبط جبرائيل فقال يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام ويقول علي منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبى بعدك سم ابنك هذا باسم ابن هارون فقال النبي ” ص ” وما اسم ابن هارون قال


[ 29 ]

شبر قال النبي ” ص ” لساني عربي قال جبرائيل عليه السلام سمه الحسن قالت اسماء فسماه الحسن فلما كان يوم سابعه عق النبي ” ص ” عنه بكبشين املحين واعطى القابلة فخذا ودينارا ثم حلق رأسه وتصدق بوزن الشعر ورقا وطلى رأسه بالخلوق ثم قال يا أسماء الدم فعل الجاهلية قالت اسماء فلما كان بعد حول ولد الحسين عليه السلام وجاء النبي ” ص ” فقال يا اسماء هلمي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء فاذن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى ووضعه في حجره فبكا فقالت اسماء بأبي أنت وأمي مم بكائك قال على ابني هذا قلت انه ولد الساعة يا رسول الله فقال تقتله الفئة الباغية بعدي لا أنالهم الله شفاعتي ثم قال يا اسماء تخبرى فاطمة بهذا فانها قريبة عهد بولادته ثم قال لعلى أي شئ سميت ابني هذا قال ما كنت لاسبقك باسمه يا رسول الله وقد كنت احب ان اسميه حربا فقال النبي ” ص ” ولا اسبق باسمه ربى عز وجل ثم هبط جبرائيل عليه السلام فقال يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام ويقول لك علي منك كهارون من موسى سم ابنك هذا باسم ابن هارون قال النبي ” ص ” وما اسم هارون قال شبير قال النبي ” ص ” لساني عربي قال جبرائيل عليه السلام سمه الحسين فلما كان يوم سابعه عق عنه النبي ” ص ” بكبشين املحين واعطى القابلة فخذا ودينارا ثم حلق راسه وتصدق بوزن الشعر ورقى وطلى راسه بالخلوق فقال يا اسماء الدم فعل الجاهلية 6 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” تحشر ابنتى فاطمة يوم القيامة ومعها ثيا ب مصبوغة بالدم فتعلق بقائمة من قوائم العرش فتقول يا عدل احكم بينى وبين قاتل ولدى قال رسول الله ” ص ” فيحكم الله تعالى لابنتي ورب الكعبة وان الله عز وجل يغضب بغضب فاطمة ويرضى لرضاها 7 – وبهذا الاسناد قال رسول الله ” ص ” لما اسرى بى الى السماء أخذ جبرائيل بيدى واقعدني على درنوك (1) من درانيك الجنة ثم ناولني سفرجلة


(1) الدرنوك بالضم: ضرب من الثياب أو البسط

[ 30 ]

فانا اقبلها إذا انقلقت فخرجت منها جارية حوراء لم ار احسن منها فقالت السلام عليك يا محمد فقلت من أنت قالت انا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة اصناف اسفلى من مسك ووسطى من كافور واعلاي من عنبر وعجننى من ماء الحيوان وقال لي الجبار كونى فكنت خلقني لاخيك وابن عمك على بن أبي طالب عليه السلام 8 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” الولد ريحانة وريحانتاي الحسن والحسين 9 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا على انك قسيم الجنة والنار وانك لتقرع باب وتدخلها بلا حساب 10 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” مثل أهل بيتى فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها زج في النار 11 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” اشتد غضب الله وغضب رسوله على من اهرق دمي وآذاني في عترتي 12 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” اتانى ملك فقال يا محمد ان الله يقرئك السلام ويقول لك قد زوجت فاطمة من على فزوجها منه وقد امرت شجرة طوبى ان تجمل الدر والياقوت والمرجان وان أهل السماء قد فرحوا بذلك وسيولد منهما ولدان سيدا شباب أهل الجنة وبهما تتزين أهل الجنة فابشر يا محمد فانك خير الاولين والاخرين 13 – وبهذا الاسناد قال رسول الله ” ص ” ستة من المروة ثلاثة منها الحضر وثلاثة منها في السفر فاما التي في الحضر فتلاوة كتاب الله عز وجل وعمارة مساجد الله واتخاذ الاخوان في الله وأما التي في السفر فبذل الزاد وحسن الخلق والمزاح في غير المعاصي 14 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” النجوم امان لاهل السماء وأهل بيتى امان لامتي 15 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال كان على


[ 31 ]

خاتم محمد بن على عليه السلام مكتوب ظنى بالله حسن وبالنبى المؤتمن وبالوصى ذى المنن وبالحسين والحسن 16 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام في قول الله عز وجل (اكالون للسحت) (1) قال هو الرجل الذي يقضى لاخيه الحاجة ثم يقبل هديته 17 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” الايمان اقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالاركان 18 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يقول الله تبارك وتعالى يا بن آدم ما تنصفني اتحبب اليك بالنعم وتتمقت الى بالمعاصى خيرى اليك منزل وشرك الي صاعد ولا يزال ملك كريم يأتيني عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح منك يا بن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعت الى مقته 19 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” اختنوا اولادكم يوم السابع فانه اطهر واسرع لنبات اللحم 20 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” افضل الاعمال عند الله عز وجل ايمان لا شك فيه وغزو لاغلول (2) فيه وحج مبرور وأول من يدخل الجنة شهيد وعبد مملوك احسن عبادة ربه ونصح لسيده ورجل عفيف متعفف ذو عيال واول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل وذو ثروة من المال لم يعط المال حقه وفقير فخور 21 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” لا يزال الشيطان ذعرا من المؤمن حافظ على الصلوات الخمس فإذا ضيعهن تجرا عليه واوقعه في العظايم


(1) سورة المائدة: الآية 42 (2) الغلول: السرقة من مال الغنيمة. غل: خان.

[ 32 ]

22 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من ادى فريضة فله عند الله دعوة مستجابة 23 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” العلم خزائن ومفاتيحه السؤال فاسألوا يرحمكم الله فانه يوجر فيه اربعة السائل والمعلم والمستمع والمجيب له 24 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان الله عز وجل يبغض رجلا يدخل عليه في بيته ولا يقاتل 25 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” لا تزال امتى بخير ما تحابوا وتهادوا وأدوا الامانة واجتنبوا الحرام ووقروا الضيف واقاموا الصلاة وآتوا الزكوة فإذا لم يفعلوا ذلك ابتلوا بالقحط والسنين 26 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ليس منا من غش مسلما أو ضره ماكره 27 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” قال الله تبارك وتعالى يا بن آدم لا يغرنك ذنب الناس عن ذنبك ولا نعمة الناس عن نعمة الله عليك ولا تقنط الناس من رحمة الله وأنت ترجوها لنفسك 28 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ثلاثة اخافهن على امتى من بعدي الضلالة بعد المعرفة ومضلات الفتن وشهوة البطن والفرج 29 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا سميتم الولد محمدا فأكرموا واوسعوا له في المجالس ولا تقبحوا له وجها 30 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم اسمه محمد وأحمد فادخلوه في مشورتهم الاخير لهم 31 – وبهذا اسناد قال قال رسول الله ” ص ” ما من مائدة وضعت وحضر عليها من اسمه احمد أو محمد الاقدس ذلك المنزل في كل يوم مرتين 32 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” انا أهل بيت لا تحل لنا


[ 33 ]

الصدقة وقد أمرنا باسباغ الطهور وان لا تنزى حمارا على عتيقة (1) 33 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” مثل المؤمن عند الله عزوجل كمثل ملك مقرب وان المؤمن عند الله اعظم من ذلك وليس شئ احب الى الله من مؤمن تائب مؤمنة تائبة 34 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من عامل الناس فلم يظلمهم وحدثهم فلم يكذبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته وظهرت عدالته ووجبت اخوته وحرمت غيبته 35 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا على انى سألت ربى فيك خمس خصال فاعطاني أما اولها فسألت ربى ان اكون اول من تنشق عنه الارض وانفض التراب عن رأسي وأنت معى فاعطاني والثانية فسألت ربى ان يقضى عند كفة الميزان ومعى فأعطاني وأما الثالثة فسألت ربى ان تكون حامل لوائي وهو لواء الله الاكبر مكتوب عليه المفلحون هم الفائزون بالجنة فأعطاني وأما الرابعة فسألت ربي أن تسقي امتى من حوضي بيدك فأعطاني وأما الخامسة فسالت ربى ان يجعلك قائد امتى الى الجنة فاعطاني فالحمد لله الذي من علي بذلك 36 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” اتانى ملك فقال يا محمد ان ربك عزوجل يقرئك السلام ويقول ان شئت جعلت لك بطحاء مكة ذهبا قال فرفع راسه الى السماء وقال يا رب اشبع يوما فاحمدك واجوع يوما فاسالك 37 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا على إذا كان يوم القيامة كنت أنت وولدك على خيل بلق متوجين بالدر والياقوت فيأمر الله بكم الى الجنة والناس ينظرون 38 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” تحشر ابنتى فاطمة وعليها حلة الكرامة وعجنت بماء الحيوان فينظر إليها الخلائق فيتعجبون منها ثم


(العتيقة: النجيبة من الكريمة من اناث الخيل.

[ 34 ]

تكسى ايضا من حلل الجنة الف حلة مكتوب على كل حلة بخط اخضر ادخلوا بنت محمد الجنة احسن صورة واحسن كرامة واحسن منظر فتزف الى الجنة كما تزف العروس فيوكل بها سبعون الف جارية 39 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا كان يوم القيامة نوديت من بطنان العرش يا محمد نعم الاب ابوك إبراهيم الخليل ونعم الاخ اخوك علي بن أبي طالب عليه السلام 40 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” كانى قد دعيت فأجبت واني تارك فيكم الثقلين (1) احدهما اكبر من الآخر كتاب حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتى فانظروا كيف تخلفوني فيهما 41 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” عليكم بحسن الخلق فان حسن الخلق في الجنة لا محالة واياكم وسوء الخلق فان سوء الخلق في النار لا محالة 42 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من قال حين يدخل السوق ” سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شئ قدير ” اعطى من الاجر عدد ما خلق الله الى يوم القيامة 43 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان لله عز وجل عمودا من ياقوت احمر رأسه تحت العرش وأسفله على ظهر الحوت في الارض السابعة السفلى فإذا قال العبد لا اله إلا الله وحده لا شريك له اهتز العرش وتحرك العمود وتحرك الحوت فيقول عز وجل اسكن يا عرشي فيقول يا رب كيف اسكن وانت لم تغفر لقائلها فيقول الله تبارك وتعالى اشهدوا سكان سماواتي اني قد غفرت لقائلها 44 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان الله عزوجل قدر


(1) قال في الصحاح: الثقل بالتحريك متاع المسافر وحشمه. والمراد هنا من الثقلين الشيئان العظيمان.

[ 35 ]

المقادير ودبر التدابير قبل ان يخلق آدم بألفى عام 45 – وبهذا الاسناد قال رسول الله ” ص ” إذا كان يوم القيامة يدعى بالعبد فأول شئ يسأل عنه الصلاة فإن جاء بها تامة وإلا زخ في النار 46 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” لا تضيعوا صلاتكم فإن من ضيع صلاته حشر مع قارون وهامان وكان حقا على الله ان يدخله النار مع المنافقين فالويل لمن لم يحافظ على صلاته واداء سنة نبيه 47 – وبهذا الاسناد قال رسول الله ” ص ” ان موسى عليه السلام سأل ربه عز وجل يا رب اجعلني من امه محمد ” ص ” فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى انك لا تصل الى ذلك 48 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” لما اسرى بي الى السماء رأيت في السماء الثالثة رجلا قاعدا رجل له في المشرق ورجل له في المغرب وبيده لوح ينظر فيه ويحرك رأسه فقلت يا جيرائيل من هذا قال هذا ملك الموت 49 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان الله سخر لي البراق وهي دابة من دواب الجنة ليست بالقصير ولا بالطويل فلو ان الله تعالى اذن لها لجالت الدنيا والآخرة في جرية واحدة هي احسن الدواب لونا 50 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا كان يوم القيامة يقول الله عز وجل لملك الموت يا ملك الموت وعزتي وجلالى وارتفاعي في علوي لاذيقنك طعم الموت كما أذقت عبادي 51 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” لما نزلت هذه الآية (انك ميت وانهم ميتون) (1) قلت يا رب أتموت الخلائق كلهم ويبقى الانبياء فنزلت (كل نفس ذائقة الموت ثم الينا ترجعون) (2)


(1) سورة الزمر: الآية 30. (2) سورة آل عمران: الآية 185.

[ 36 ]

52 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله ” ص ” اختاروا الجنة على النار ولا تبطلوا أعمالكم فتقذفوا في النار منكبين خالدين فيها ابدا. 53 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله ” ص “: ان الله امرني بحب أربعة علي عليه السلام وسلمان وأبا ذر ومقداد بن الاسود 54 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله ” ص “: ما ينقلب جناح طائر في الهواء الا وعندنا فيه علم 55 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا كان يوم القيامة نادى منادي يا معشر الخلائق غضوا ابصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد. 56 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة وابوهما خير منهما 57 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا كان يوم القيامة تجلى الله عزوجل لعبده المؤمن فيوقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا ثم يغفر الله له لا يطلع الله على ذلك ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ويستر عليه ما يكره ان يقف عليه احد ثم يقول لسيئاته كوني حسنات قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله معنى قوله تجلى الله لعبده اي ظهر له آية من آياته يعلم بها ان الله يخاطبه 58 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من استذل مؤمنا أو حقره لفقره أو قلة ذات يده شهره الله يوم القيامة ثم يفضحه 59 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ما كان وما يكون الى يوم القيامة مؤمن الا وله جار يؤذيه 60 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان الله عزوجل غافر كل ذنب الا من احدث دينا أو أغصب أجيرا أجره أو رجل باع حرا 61 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” في قول الله عز


[ 37 ]

وجل (يوم ندعوا كل اناس بامامهم) (1) قال يدعى كل قوم بامام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم 62 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان المؤمن يعرف في السماء كما يعرف الرجل أهله وولده وانه لاكرم على الله من ملك مقرب 63 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من بهت مؤمنا أو مؤمنة أو قال فيه ما ليس فيه أقامة الله يوم القيامة على تل من نار حتى يخرج مما قاله فيه 64 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” أتاني جبرائيل عليه السلام عن ربى تبارك وتعالى وهو يقول ان ربك يقرئك السلام ويقول يا محمد بشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويؤمنون بك وبأهل بيتك بالجنة فإن لهم عندي جزاءا الحسنى وسيدخلون الجنة 65 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتى وعلى من قاتلهم وعلى المعين عليهم وعلى من سبهم اولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم 66 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان الله عز وجل يحاسب كل خلق إلا من أشرك بالله فانه لا يحاسب يوم القيامة ويؤمر به الى النار 67 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” لا تسترضعوا الحمقاء ولا العمشاء (2) فان اللبن يعدى 68 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” الذي يسقط من المائدة مهور حور العين


(1) سورة الاسراء الآية 71 (2) قال الفيروز آبادى: العمش محركة في العين ضعف الرؤية مع سيلان دمعها في أكثر الاوقات.

[ 38 ]

69 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ليس للصبى لبن خير من لبن امه 70 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من حسن فقهه فله حسنة 71 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا أكلتم الثريد فكلوا من جوانبه فإن الذروة (1) البركة 72 – وبهذا الاسناد قال قال رسول ” ص ” نعم الادام الخل لا يفتقر أهل بيت عندهم الخل 73 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” اللهم بارك لامتي في بكورها يوم سبتها وخميسها 74 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ادهنوا بالبنفسج فانها بارد في الصيف وحار في الشتاء 75 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” التوحيد نصف الدين واستنزلوا الرزق بالصدقة 76 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” اصطنع الخير الى من هو أهله والى من هو غير أهله فان لم تصب من هو أهله فانت أهله 77 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” رأس العقل بعد الايمان بالله التودد الى الناس واصطناع الخير الى كل بر وفاجر 78 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” سيد طعام الدنيا والآخرة اللحم وسيد شراب الدنيا والآخرة الماء وانا سيد ولد آدم ولا فخر 79 – وبهذا الاسناد قال رسول الله ” ص ” سيد طعام أهل الدنيا والآخرة اللحم ثم الارز


(1) الذروة: المرتفع من الشئ

[ 39 ]

80 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” كلوا الرمان فليست منه حبة تقع في المعدة إلا أنارت القلب وأخرجت الشيطان أربعين يوما 81 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” عليكم بالزيت فانه يكشف المرة ويذهب البلغم ويشد العصب ويذهب بالضنا (1) ويحسن الخلق ويطيب النفس ويذهب بالغم 82 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” كلوا العنب حبة حبة فانه أهنأ وأمرأ 83 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان يكن في شئ شفاء ففي شرطة حجام (2) أو شربة عسل 84 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” لا تردوا شربة العسل على من أتاكم بها 85 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا طبختم فاكثروا القرع (3) فانه يسل قلب الحزين 86 – وبهذا الاسناد عن على بن ابي طالب عليه السلام انه قال عليكم بالقرع فانه يزيد في الدماغ 87 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” أفضل اعمال امتي انتظار فرج الله 88 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ضعفت عن الصلاة والجماع فنزلت علي قدر من السماء فأكلت فزاد في قوتي قوة أربعين رجلا في البطش والجماع وهو الهريس (4) 89 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ليس شئ أبغض


(1) وفي نسخة اخرى: ” بالعياء ” الضنا: المرض. (2) شرطة الحجام بالظم: الآلة التي يحجم بها (3) القرع: نوع من اليقطين (4) الهريسة: طعام يعمل من الحب المدقوق واللحم.

[ 40 ]

الى الله من بطن ملان 90 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا علي من كرامة المؤمن على الله انه يجعل لاجله وقتا حتى يهم ببائقة (1) فإذا هم ببائقة قبضه إليه قال وقال جعفر بن محمد عليهما السلام تجنبوا البوائق يمد لكم في الاعمار 91 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” إذا لم يستطع الرجل ان يصلي قائما فليصل جالسا فان لم يقدر ان يصلي جالسا فليصل مستلقيا ناصبا رجليه بحيال القبلة يؤمى ايماء 92 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من صام يوم الجمعة صبرا واحتسابا اعطي ثواب صيام عشرة ايام غز زهر لا تشاكل أيام الدنيا 93 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله من ضمن لي واحدة ضمنت له اربعة يصل رحمه فيحبه الله ويوسع عليه في رزقه ويزيد في عمره ويدخله الجنة التي وعده 94 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” اللهم ارحم خلفائي ثلاث مرات قيل له ومن خلفائك قال الذين يأتون من بعدي ويروون أحاديثي وسنتي فيعلمونها الناس من بعدي 95 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” الدعاء سلاح المؤمن وعماد الدين ونور السموات والارض 96 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” الخلق السئ يفسد العمل كما يفسد الخل العسل 97 – وبهذا الاسناد قال قال ر سول الله ” ص ” ان العبد لينال بحسن خلقه درجة الصائم القائم 98 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ما من شئ أثقل في


(1) البائقة: الداهية والظلم والتعدي عن الحد.

[ 41 ]

الميزان من حسن الخلق 99 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من حفظ من امتي أربعين حديثا ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما 100 – وبهذا الاسناد قال كان رسول الله ” ص ” يسافر يوم الخميس ويقول فيه ترفع الاعمال الى الله وتعقد فيه الولاية 101 – وبهذا الاسناد قال قال علي بن ابي طالب عليه السلام صلى بنا رسول الله ” ص ” صلاة السفر فقرأ الاولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد ثم قال قرأت لكم ثلث القرآن وربعه 102 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من قرء سورة إذا زلزلت الارض اربع مرات كان كمن قرأ القرآن كله 103 – وبهذا الاسناد قال قال علي بن ابي طالب عليه السلام لا اعتكاف بالصوم 104 – وبهذا الاسناد قال قال أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام اكملكم ايمانا أحسنكم خلقا 105 – وبهذا الاسناد قال علي بن أبي طالب عليه السلام من كنوز البر اخفاء العمل والصبر على الرزايا وكتمان المصائب 106 – وبهذا الاسناد قال قال على بن ابي طالب حسن الخلق خير قرين 107 – وبهذا الاسناد قال على بن ابي طالب عليه السلام سئل رسول الله ” ص ” عن اكثر ما يدخل به الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن اكثر ما يدخل به النار قال اجوفان البطن والفرج 108 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم خلقا وخيركم لاهله 109 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” أحسن الناس ايمانا


[ 42 ]

احسنهم خلقا وا لطفهم باهله وانا ألطفكم بأهلي 110 – وبهذا الاسناد قال قال على بن أبي طالب في قول الله عز وجل (ثم لتسئلن يؤمئذ عن النعيم) (1) قال الرطب والماء البارد 111 – وبهذا الاسناد قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاثة يزدن في الحفظ ويذهبن بالبلغم قراءة القرآن والعسل واللبان (2) 112 – وبهذا الاسناد قال قال علي بن ابي طالب عليه السلام من أراد البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء وليجود الحذاء (3) وليخفف الرداء وليقل غشيان النساء 113 – وبهذا الاسناد قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام أتى أبو جحيفة النبي ” ص ” وهو يتجشا (4) فقال اكفف جشاءك فان أكثر الناس في الدنيا شبعا اكثرهم جوعا يوم القيامة قال فما ملا أبو جحيفة بطنه من طعام حتى لحق بالله 114 – وبهذا الاسناد قال قال الحسين بن علي عليه السلام كان النبي ” ص ” إذا اكل طعاما يقول اللهم بارك لنا فيه وارزقنا خيرا منه وإذا اكل لبنا أو شربة يقول اللهم بارك لنا فيه وارزقنا فيه 115 – وبهذا الاسناد قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام ثلاثة لا يعرض لاحدكم نفسه لهن وهو صائم الحمام والحجامة والمرأة الحسناء 116 – وبهذا الاسناد قال قال علي عليه السلام للمرأة عشر عورات فإذا زوجت سترت لها عورة واحدة وإذا ماتت سترت عوراتها كلها 117 – وبهذا الاسناد قال قال علي بن ابي طالب عليه السلام سأل


(1) سورة التكاثر: الآية 8. (2) اللبان بالضم: الكندر (3) الحذاء: النعل سئل عن الرضا عليه السلام عن خفة الرداء فقال هو خفة الدين وقلته و (4) الجشاء: ربح يخرج من القم مع صوت عند الشبع وابو جحيفة بالتصغير: وهب بن عبد الله من أصحاب علي عليه السلام.

[ 43 ]

النبي ” ص ” عن امرأة قيل انها زنت فذكرت المرأة انها بكر فأمرني النبي ” ص ” أن آمر النساء ان ينظرن إليها فنظرن إليها فوجدتها بكرا فقال ” ص ” ما كنت لاضرب من عليه خاتم من الله وكان يجيز شهادة النساء في مثل هذا 118 – وبهذا الاسناد عن على عليه السلام قال إذا سئلت المراة من فجر بك فقالت فلان ضربت حدين حد لفريتها على الرجل وحد لما اقرت على نفسها 119 – وبهذا الاسناد عن على عليه السلام انه قال ليس في القرآن (يا ايها الذين آمنوا) إلا وهي في التوراة ” يا ايها الناس ” وفي خبر آخر يا ايها المساكين 120 – وبهذا الاسناد قال قال على بن أبي طالب عليه السلام انه لو رأى العبد أجله وسرعته إليه لابغض الامل وترك طلب الدنيا 121 – وبهذا الاسناد عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال ان الحسن والحسين كانا يلعبان عند النبي ” ص ” حتى مضى عامة الليل ثم قال لهما انصرفا الى امكما فبرقت برقة فما زالت تضئ لهما حتى دخلا على فاطمة والنبي ” ص ” ينظر الى البرقة فقال الحمد لله الذي اكرمنا أهل البيت 122 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال ورثت عن رسول الله ” ص ” كتابين كتاب الله وكتابي في قراب (1) سيفى قيل يا أمير المؤمنين وما الكتاب الذي في قراب سيفك قال من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربة فعليه لعنة الله 123 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال كنا مع النبي ” ص ” في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة ومعها كسرة خبز فدفعتها الى النبي ” ص ” فقال النبي عليه الصلاة والسلام ما هذه الكسرة قالت قرصا خبزتها للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسرة فقال للنبي ” ص ” أما انه اول طعام دخل فم ابيك منذ ثلاث


(1) القراب: الغمد

[ 44 ]

124 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال اتى النبي ” ص ” بطعام فادخل اصبعه فيه فإذا هو حار فقال دعوه حتى يبرد فأنه اعظم بركة وان الله تعالى لم يطعمنا الحارة 125 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال إذا اراد احدكم الحاجة فليبكر في طلبها يوم الخميس وليقرء إذا خرج من منزله آخر سورة آل عمران وآية الكرسي (وانا انزلناه في ليلة القدر) وام الكتاب فإن فيها قضاء حوائج الدنيا والآخرة 126 – وبهذا الاسناد عن على عليه السلام قال الطيب نشرة والعسل نشرة والركوب نشرة والنظر الى الخضرة نشرة (1) 127 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال كلوا خل الخمر فانه يقتل الديدان في البطن وقال كلوا خل الخمر ما فسد ولا تأكلوا ما افسدتموه انتم 128 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال حبانى رسول الله ” ص ” بالورد بكلتا يديه فلما ادنيته الى انفي قال انه سيد ريحان الجنة بعد الآس 129 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال عليكم باللحم فانه ينبت اللحم ومن ترك اللحم اربعين يوما ساء خلقه 130 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال ذكر عند النبي ” ص ” اللحم والشحم فقال ليس منهما بضعة تقع في المعدة إلا انبتت مكانها شفاء واخرجت من مكانها داء 131 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال كان النبي ” ص ” لا ياكل الكليتين من غير ان يحرمهما ويقول لقربهما من البول 132 – وبهذا الاسناد قال قال على بن أبي طالب عليه السلام قال


(1) النشرة با لضم: رقية يعالجه بها المجنون والمريض

[ 45 ]

دخل طلحة بن عبيد الله على رسول الله ” ص ” وفي يد رسول الله ” ص ” سفرجلة قد جاء بها إليه وقال خذها يا أبا محمد فانها تجم (1) القلب 133 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال من اكل احدى وعشرين زبيبة حمراء على الريق لم يجد في جسده شيئا يكرهه 134 – وبهدا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال كان النبي ” ص ” إذا اكل التمر يطرح النوى على ظهر كفه ثم يقذف به 135 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال جاء جبرائيل عليه السلام الى النبي ” ص ” فقال عليكم بالبرنى (2) فانه خير تموركم يقرب من الله عز وجل ويبعد من النار 136 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال قال لي رسول الله ” ص ” عليكم بالعدس فانه مبارك مقدس يرقق القلب ويكثر الدمعة وقد بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى بن مريم عليه السلام 137 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال انه قال عليكم بالقرع فانه يزيد في الدماغ 138 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام انه دعاه رجل فقال له على عليه السلام قد اجبتك على ان تضمن لي ثلاث خصال قال وما هي يا أمير المؤمنين قال لا تدخل على شيئا من خارج ولا تدخر عنى شيئا في البيت ولا تجحف بالعيال قال ذاك لك يا امير المؤمنين فاجابه على بن أبي طالب عليه السلام 139 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال الطاعون ميتة وحية (3)


(1) تجم: تقوي. الجمام بالفتح: الراحة. (2) البرني بالفتح: ضرب من التمر: معروف معرب اصله ” برنيك ” أي الحمل الجيد. (3) الوحية: السريعة

[ 46 ]

140 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال سمعت رسول الله ” ص ” يقول انى اخاف عليكم استخفافا بالدين وبيع الحكم وقطيعة الرحم وان تتخذوا القرآن مزامير وتقدمون احدكم وليس بافضلكم في الدين 141 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” عليكم بالزيت فكله وادهن به فإن من اكله وادهن به لم يقربه الشيطان اربعين يوما 142 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” لعلى عليه السلام عليك بالملح فانه شفاء من سبعين داء ادناها الجذام والبرص والجنون 143 – وبهذا الاسناد عن على بن ابي طالب عليه السلام قال ان النبي ” ص ” اتى ببطيخ ورطب فاكل منهما وقال هذان الاطيبان 144 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من بدء بالملح اذهب الله عنه سبعون داء اقلها الجذام 145 – وبهذا الاسناد عن الحسن بن على عليهما السلام انه سمى حسنا يوم السابع واشتق من اسم الحسن حسينا وذكر انه لم يكن بينهما إلا الحمل 146 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال السبت لنا والاحد لشيعتنا والاثنين لبنى امية والثلاثاء لشيعتهم والاربعاء لبنى العباس والخميس لشيعتهم والجمعة لسائر الناس جميعا وليس فيه سفر قال الله تعالى (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) (1) يعنى يوم السبت 147 – وبهذا الاسناد عن على بن الحسين عليهما السلام انه قال ان النبي ” ص ” اذن في اذن الحسن عليه السلام بالصلوة يوم ولد 148 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عليه السلام قال دعى أبي


(1) سورة الجمعة: الآية 10.

[ 47 ]

بدهن ليدهن به راسه فلما ادهن به قلت ما الذي ادهنت قال انه البنفسج قلت وما فضل البنفسج قال حدثني أبي عن جدى الحسين بن على عن أبيه عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” فضل البنفسج على الادهان كفضل الاسلام على ساير الاديان 149 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام انه قال لا دين لمن دان بطاعة المخلوق ومعصية الخالق 150 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام انه قال كلوا الرمان بشحمه فانه دباغ للمعدة 151 – وبهذا الاسناد عن على بن الحسين عليه السلام قال قال أبو عبد الله الحسين بن على بن ابي طالب عليه السلام ان عبد الله بن عباس كان يقول ان رسول الله ” ص ” كان إذا اكل الرمان لم يشرك احدا فيها ويقول في كل رمانة حبة من حبات الجنة 152 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليه السلام انه قال دخل رسول الله ” ص ” على على بن أبي طالب عليه السلام وهو محموم فأمره باكل الغبيراء (1) 153 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليه السلام انه قال اختصم الى على بن أبي طالب عليه السلام رجلان احدهما باع الآخر بعيرا واستثنى الراس والجلد ثم بدء له ان ينحره قال هو شريكه في البعير على قدر الراس والجلد 154 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليه السلام انه دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة فدفعها الى غلام له فقال يا غلام اذكرني بهذه اللقمة إذا خرجت فاكلها الغلام فلما خرج الحسين بن على عليه السلام قال يا غلام اين اللقمة قال اكلتها يا مولاى قال أنت حر لوجه الله تعالى


(1) الغبيراء: نبات معروف، وقال بعض: هي ما اتخذ من التمر والدهن والدقيق

[ 48 ]

قال له رجل اعتقته يا سيدى قال نعم سمعت جدى رسول الله ” ص ” يقول من وجد لقمة ملقاة فمسح منها أو غسل ما عليها ثم اكلها لم تستقر في جوفه إلا اعتقه الله من النار 155 – وبهذا الاسناد عن على بن ابي طالب عليه السلام خمسة لو رحلتم فيهن المطايا لم يقدروا على مثلهن لا يخاف عبد إلا ذنبه ولا يرجو إلا ربه ولا يستحيى الجاهل إذا سئل عما لا يعلم ان يقول لا اعلم ولا يستحيى احدكم إذا لم يعلم ان يتعلم والصبر من الايمان بمنزله الراس من الجسد ولا ايمان لمن لا صبر له 156 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليه السلام قال ان اعمال هذه الامة ما من صباح إلا وتعرض على الله تعالى 157 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليهما السلام انه قال من سره ان ينسا في اجله ويزاد في رزقه فليصل رحمه 158 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليهما السلام انه قال وجد لو تحت حائط مدينه من المدائن فيه مكتوب انا الله لا اله الا انا ومحمد نبيى وعجبت لمن ايقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن ايقن بالقدر كيف يحزن وعجبت لمن اختبر الدنيا كيف يطمئن وعجبت لمن ايقن بالحساب كيف يذنب 159 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عن زياره قبر الحسين بن على عليهما السلام قال اخبرني أبي عليه السلام ان من زار قبر الحسين بن على عليه السلام عارفا بحقه كتبه الله في عليين ثم قال ان حول قبر الحسين عليه السلام سبعين الف ملك شعثاء غبراء يبكون عليه الى يوم القيامة 160 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال ادنى العقوق اف ولو علم الله شيئا اهون من الاف لنهى عنه 161 – وبهذا الاسناد عن على بن الحسين عليهما السلام انه قال


[ 49 ]

حدثني اسماء بنت عميس قالت كنت عند فاطمة عليها السلام إذ دخل عليها رسول الله ” ص ” وفي عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها على بن أبي طالب عليه السلام من فئ فقال لها رسول الله ” ص ” يا فاطمة لا يقول ان فاطمه بنت محمد تلبس لبس الجبابرة فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة فاعتقتها فسر بذلك رسول الله ” ص ” 162 – وبهذا الاسناد عن علي بن الحسين عليهما السلام انه قال في قول الله عز وجل (لو لا ان راى برهان ربه) (1) قال قامت امراة العزيز الى الصنم فالقت عليه ثوبا فقال لها يوسف ماهذا قالت استحيى من الصنم ان يرانا فقال لها يوسف اتستحيين ممن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ولا ياكل ولا يشرب ولا استحيى انا ممن خلق الانسان وعلمه فذلك قوله عز وجل (لو لا ان راى برهان ربه) 163 – وبهذا الاسناد – عن على بن الحسين عليه السلام انه كان إذا راى المريض قد برئ من العلة قال يهنيك الطهور من الذنوب 164 – وبهذا الاسناد عن على بن الحسين عليه السلام قال اخذ الناس ثلاثة من ثلاثة اخذوا الصبر عن ايوب عليه السلام والشكر عن نوح عليه السلام والحسد من بني يعقوب 165 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عليه السلام قال سئل محمد ابن علي عليهما السلام عن الصلاة في السفر فذكر ان اباه عليه السلام كان يقصر الصلاة في السفر 166 – وبهذا الاسناد عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال لا تجد في اربعين اصلع رجل سوء ولا تجد في اربعين كوسجا رجلا صالحا وصلع سوء خير من كوسج صالح 167 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليه السلام انه قال رايت النبي ” ص ” انه كبر على حمزة خمس تكبيرات وكبر على الشهداء حمزة


(1) سورة يوسف الآية 24.

[ 50 ]

خمس تكبيرات فلحق حمزة سبعون تكبيرة 168 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليه السلام انه قال خطبنا أمير المؤمنين (ع) فقال سيأتي على الناس زمان عضوض يعض المؤمن على ما في يده ولم يؤمن بذلك قال الله تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم ان الله كان بما تعملون بصيرا) (1) وسياتى زمان يقدم فيه الاشرار وينسى فيه الاخيار ويبايع المضطر وقد نهى رسول الله ” ص ” عن بيع المضطر وعن بيع الغرر فاتقوا الله يا ايها الناس واصلحوا ذات بينكم واحفظوني في اهلي 169 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عليه السلام عن أبيه قال سئل على بن الحسين عليهما السلام لم اوتم النبي ” ص ” من ابويه قال لئلا يجب عليه حق لمخلوق 170 – وبهذا الاسناد عن على بن الحسين عليه السلام قال ان فاطمة عليها السلام عقت عن الحسن والحسين عليه السلام واعطت القابلة رجل شاة ودينارا 171 – وبهذا الاسناد عن على بن الحسين عليه السلام عن أبيه عن على بن أبي طالب عليه السلام انه قال قال رسول الله ” ص ” من انعم الله تعالى عليه نعمة فليحمد الله تعالى ومن استبطا عليه الرزق فليستغفر الله ومن حزنه أمر فليقل لا حول ولا قوه إلا بالله 172 – وبهذا الاسناد عن الحسين بن على عليه السلام قال ان يهوديا سئل على بن أبي طالب عليه السلام فقال اخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله تعالى قال على عليه السلام أماما لا يعلمه الله فذلك قولكم يا معشر اليهود عزير بن الله ولا يعلم له ابنا وأما قولك ما ليس لله فليس له شريك وأما قولك ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد فقال اليهودي اشهد ان لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله ” ص ” 173 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال قال


(1) سورة البقرة: الآية 237

[ 51 ]

رسول الله ” ص ” من افتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السموات و الرض 174 – وبهذا الاسناد عن على بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” انى سميت ابنتى فاطمة لأن الله عز وجل فطمها وفطم من احبها من النار 175 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان موسى بن عمران سئل ربه عز وجل وقال يا رب ابعيد أنت منى فاناديك ام قريب فاناجيك فأوحى الله تعالى إليه يا موسى بن عمران انا جليس من ذكرني 176 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان الله تعالى يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها 177 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” الويل لظالمي أهل بيتى كانى بهم غدا مع المنافقين في الدرك الاسفل من النار 178 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان قاتل الحسين بن علي عليهما السلام في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدنيا وقد شدت يداه ورجلاه بسلاسل من نار منكس في النار حتى يقع في قعر جهنم وله ريح يتعوذ أهل النار الى ربهم من شدة نتنه وهو فيها خالد ذائق العذاب الاليم مع جميع من شايع على قتله كلما نضجت جلودهم بدل الله عزوجل عليهم الجلود حتى يذوقوا العذاب الاليم لايفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنم فالويل لهم من عذاب الله تعالى في النار 179 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ان موسى بن عمران سال ربه عز وجل فقال يا رب ان اخى هارون مات فاغفر له فأوحى الله تعالى إليه يا موسى لو سألتني في الاولين والآخرين لاجبتك ما خلا قاتل الحسين ابن على بن أبي طالب عليه السلام فانى انتقم له من قاتله 180 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” تختموا بالعقيق فانه لا يصيب احدكم غم مادام ذلك عليه 181 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” ومن قاتلنا آخر


[ 52 ]

الزمان فكانما قاتلنا مع الدجال 182 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا على ان الله تعالى قد غفر لك ولاهلك ولشيعتك ومحبى شيعتك ومحبى محبى شيعتك فابشر فانك الانزع البطين منزوع من الشرك بطين من العلم 183 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله 184 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” المغبون لا محمود ولا ماجور 185 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” كلوا التمر على الريق (1) فانه يقتل الديدان في البطن قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله يعنى بذلك كل التمور إلا البرنى فإن اكله على الريق يورث الفالج 186 – وبهذا الاسناد قال قال على عليه السلام الحناء بعد النورة امان من الجذام والبرص 187 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا على لولاك لما عرف المؤمنون بعدى 188 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا على انك اعطيت ثلاثا لم يعطها أحد من قبلك قلت فداك أبي وامى وما اعطيت قال اعطيت صهرا مثلى واعطيت مثل زوجتك واعطيت مثل ولديك الحسن والحسين 189 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” يا على ليس في القيامة راكب غيرنا ونحن اربعة فقام إليه رجل من الانصار فقال فداك ابي


(1) شربت على الريق اي قبل ان آكل شيئا

[ 53 ]

وامى ومن هم قال انا على دابة الله البراق واخى صالح على على ناقه الله التي عقرت وعمى حمزة على ناقتي العضبا (1) واخى على على ناقد من نوق الجنة وبيده لواء الحمد ينادى لا اله إلا الله محمد رسول الله فيقول الادميون ما هذا إلا ملك مقرب أو نبى مرسل أو حامل العرش فيجيبهم ملك من تحت بطنان العرش يا معاشر الادميين ليس هذا ملك مقرب ولا نبى مرسل ولا حامل عرش هذا الصديق الاكبر هذا على بن أبي طالب عليه السلام 190 – وبهذا الاسناد عن على بن ابي طالب عليه السلام انه قال كانى بالقصور قد شيدت حول قبر الحسين عليه السلام وكانى بالحامل تخرج من الكوفه الى قبر الحسين ولا تذهب الليالى والايام حتى يسار من الآفاق وذلك عند انقطاع ملك بني مروان 191 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي في مسجد الكوفه قال حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفى قال حدثنا محمد بن ظهير قال حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين ابن اخى يونس البغدادي ببغداد قال حدثنا محمد بن يعقوب النهشلي (2) قال حدثنا على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي ” ص ” عن جبرئيل عن ميكائيل عن اسرافيل عن الله تعالى جل جلاله انه قال انا الله لا اله إلا انا خلقت الخلق بقدرتي فاخترت منهم من شئت من انبيائي واخترت من جميعهم محمدا حبيبا وخليلا وصفيا فبعثته رسولا الى خلقي واصطفيت له عليا فجعلت له اخا ووصيا ووزيرا ومؤديا عنه من بعده الى خلقي وخليفتي الى عبادي يبين لهم كتابي ويسير فيهم بحكمى وجعلته العلم الهادى من الضلالة وبابى الذي اوتى منه وبيتي الذي من دخل كان آمنا من نارى وحصني الذي من لجا إليه حصنته من مكروه الدنيا والآخره ووجهى الذي من توجه إليه لم اصرف وجهى عنه وحجتي في


(1) اعضب الناقة ونحوها: شق أذنها. (2) نهشل: اسم رجل فهو أبو قبيلة ينسب إليه ” النهشلي “.

[ 54 ]

السموات والارض على جميع من فيهن من خلقي لا اقبل عمل عامل منهم إلا بالاقرار بولايته مع نبوة محمد رسولي وهو يدى المبسوطة على عبادي وهو النعمة التي انعمت بها على من احببته من عبادي فمن احببته من عبادي وتوليته عرفته ولايته ومعرفته ومن ابغضته من عبادي ابغضته لعدوله عن معرفته وولايته فبعزتي حلفت وبجلالي قسمت انه لا يتولى عليا عبد من عبادي إلا زحزحته عن النار وادخلته جنة ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلا ابغضته وادخلته النار وبئس المصير اللهم ثبتنى على ولايته وولاية الائمة من ولده صلوات الله عليهم اجمعين 192 – حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال حدثنا أبي قال حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الادمى قال حدثنا الحسن بن على بن النعمان عن محمد بن اسباط عن الحسن بن الجهم قال سالت الرضا عليه السلام فقلت له جعلت فداك ما حد التوكل فقال لي ان لا تخاف مع الله احدا قال قلت فما حد التواضع قال ان تعطى الناس من نفسك ما تحب ان يعطوك مثله قال قلت جعلت فداك اشتهى ان اعلم كيف انا عندك قال انظر كيف انا عندك 193 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال حدثنا عبد الله بن جعفر الحميرى عن أحمد بن محمد السيارى عن على بن نعمان عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام قال قلت له جعلت فداك ان بى ثآليل كثيرة قد اغتممت بامرها فاسالك ان تعلمني شيئا انتفع به فقال عليه السلام خذ لكل ثؤلول (1) سبع شعيرات واقرء على كل شعيرة سبع مرات (إذا وقعت الواقعة) الى قوله (فكانت هباء منبثا) (2) وقوله عز وجل (ويسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا امتا) (3) تأخذ الشعيرة شعيرة شعيرة فامسح بها


(1) ثؤلول كزنبور: بثر صغير صلب مستدير على صور شتى فمنه منكوس ومنه متشقق. (2) الآية 6. (3) طه: الآية 106 و 107.

[ 55 ]

على كل ثؤلول ثم صيرها في خرقة جديدة فاربط على الخرقة حجر أو القها في كنيف قال ففعلت فنظرت إليها يوم السابع فإذا هي مثل راحتي وينبغى ان يفعل ذلك في محاق الشهر 194 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن ابيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن ابي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” من كان مسلما فلا يمكر ولا يخدع فانى سمعت جبرائيل عليه السلام ان المكر والخديعة في النار ثم قال عليه السلام ليس منا من غش مسلما وليس منا من خان مسلما ثم قال عليه السلام ان جبرائيل الروح الامين نزل على من عند رب العالمين فقال يا محمد عليك بحسن الخلق فانه يذهب بخير الدنيا والآخره إلا وان اشبهكم بى احسنكم خلقا 195 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال حدثني محمد بن يحيى العطار قال حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن أحمد بن عبد الله قال سالت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن ذى الفقار سيف رسول الله ” ص ” من اين هو فقال هبط به جبرائيل عليه السلام من السماء وكان عليه حلية من فضة وهو عندي 196 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال حدثني محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن هاشم عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام قال النظر الى ذريتنا عبادة فقيل له يا ابن رسول الله النظر الى الائمة منكم عبادة أو النظر الى جميع ذرية النبي ” ص ” قال بل النظر الى جميع ذرية النبي ” ص ” عبادة ما لم يفارقوا منهاجه ولم يتلوثوا بالمعاصى 197 – حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنى أحمد بن على التفليسى عن أحمد ابن محمد الهمداني عن محمد بن على الهادى عن على بن موسى الرضا عليه السلام عن الامام موسى بن جعفر عن الصادق جعفر بن محمد عن الباقر


[ 56 ]

محمد بن على عن سيد العابدين علي بن الحسين عن سيد شباب أهل الجنة الحسين بن على عن سيد الاوصياء على بن أبي طالب عليه السلام عن سيد الانبياء محمد ” ص ” قال لا تنظروا الى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطنتهم بالليل ولكن انظروا الى صدق الحديث واداء الامانة 198 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشى قال حدثني أبي قال حدثني أحمد بن على الانصاري عن عبد السلم بن صالح الهروي قال دخلت على ابي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام في آخر جمعه من شعبان فقال لي يا أبا الصلت ان شعبان قد مضى اكثره وهذا آخر جمعة منه فتدارك فيما بقى منه تقصيرك فيما مضى منه وعليك بالاقبال على ما يعنيك وترك ما لا يعنيك واكثر من الدعاء والاستغفار وتلاوة القرآن وتب الى الله من ذنوبك ليقبل شهر الله اليك وأنت مخلص لله عز وجل ولا تدعن امانة في عنقك إلا اديتها ولا في قلبك حقدا على مؤمن إلا نزعته ولا ذنبا أنت مرتكبه إلا قلعت عنه واتق الله وتوكل عليه في سر امرك وعلانيتك (ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شئ قدرا) واكثر من ان تقول فيما بقى من هذا الشهر ” اللهم ان لم تكن قد غفرت لنا في ما مضى من شعبان فاغفر لنا فيما بقى منه ” فإن الله تبارك وتعالى يعتق في هذا الشهر رقابا من النار لحرمة شهر رمضان 199 – حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر الجرجاني رضى الله عنه قال حدثنا أحمد بن الحسن الحسنى عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على الرضا عن ابيه موسى بن جعفر عليه السلام قال سئل الصادق عليه السلام عن الزاهد في الدنيا قال الذي يترك حلالها مخافة حسابه ويترك حرامها مخافة عذابه 200 – وبهذا الاسناد عن الرضا عن أبيه عليهما السلام قال راى الصادق عليه السلام رجلا قد اشتد جزعه على ولده فقال يا هذا اجزعت للمصيبة الصغرى وغفلت عن المصيبة الكبرى لو كنت لما صار إليه ولدك مستعدا لما اشتد جزعك عليه فمصابك بتركك الاستعداد له اعظم من مصابك بولدك


[ 57 ]

201 – حدثنا الحسين ابراهيم بن تاتانه قال حدثني علي بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن الريان بن الصلت عن ابي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن ابيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” شيعة علي هم الفائزون يوم القيمة 202 – حدثنا الحسين بن احمد بن ادريس رضي الله عنه قال حدثنا ابي عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي قال حدثني محمد بن احمد المدايني عن فضل بن كثير عن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال من لقي فقيرا مسلما فسلم خلاف سلامه على الاغنياء لقي الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان 203 – حدثنا علي بن أحمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال حدثنا محمد بن هارون الصوفي قال حدثنا أبو تراب محمد بن عبد الله ابن موسى الروياني قال حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن الامام محمد بن علي عن ابيه الرضا علي بن موسى عن ابيه موسى بن جعفر عن ابيه الصادق جعفر بن محمد عن ابيه عن جده غليهما السلام قال دعا سلمان أبا ذر رحمة الله عليهما الى منزله فقدم إليه رغيفين فاخذ أبو ذر الرغيفين فقلبهما فقال سلمان يا اباذر لاي شئ تقلب هذين الرغيفين قال خفت ان لا يكونا نضيجين فغضب سلمان من ذلك غضبا شديدا ثم قال ما اجراك حيث تقلب هذين الرغيفين فو الله لقد عمل في هذا الخبز الماء الذي تحت العرش وعملت الملائكة حتى القوة الى الريح وعملت فيه الريح حتى القته الى السحاب وعمل فيه السحاب حتى أمطره الى الارض وعمل فيه الرعد والبرق والملائكة حتى وضعوه مواضعه وعملت فيه الارض والخشب والحديد والبهايم والنار والحطب والملح وما لا احصيه اكثر فكيف لك ان تقوم بهذا الشكر فقال ابو ذر الى الله اتوب واستغفر إليه مما احدثت واليك اعتذر مما كرهت قال ودعا سلمان اباذر ” ره ” ذات يوم الى ضيافة فقدم إليه من جرابه كسرة يابسة وبلها ركوته (1) فقال ابو ذر ما اطيب هذا الخبز لو كان معه ملح فقام


(1) الركوة: اناء صغير من جلد يشرب فيه الماء

[ 58 ]

سلمان وخرج ورهن ركوتة بملح وحمله إليه فجعل ابو ذر يأكل ذلك الخبز ويذر عليه ذلك الملح ويقول الحمد لله الذي رزقنا هذا القناعة فقال سلمان لو كانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة 204 – حدثنا علي بن احمد بن عمران الدقاق قال حدثنا محمد بن هرون الصوفي قال حدثني أبو تراب عبيد الله بن موسى الروياني عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال قلت لابي جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام يا بن رسول الله حدثني بحديث عن آبائك عليهم السلام فقال حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليه السلام قال قال امير قوله المؤمنين عليه السلام لا يزال الناس بخير تفاوتوا فإذا استووا هلكوا قال فقلت له زدني يا بن رسول الله قال حدثني ابي عن جدي عن آبائه قال قال امير المؤمنين عليه السلام لو تكاشفتم ما تدافنتم (1) قال فقلت له زدني يا بن رسول الله قال حدثني أبي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام انكم لن تسعوا الناس باموالكم فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء فاني سمعت رسول الله ” ص ” يقول انكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم باخلاقكم قال فقلت له زدني يا بن رسول الله قال حدثني ابي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من عتب على الزمان طالت معتبته فقلت له زدني يا بن رسول الله فقال حدثني ابي عن جدي آبائه عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام مجالسة الاشرار تورث السوء الظن بالاخيار قال فقلت له زدني يا بن رسول الله قال حدثني عن جدي عن آبائه عليه السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام بئس الزاد الى المعاد العدوان على العباد قال فقلت له زدني يا بن رسول الله فقال حدثني ابي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام قيمة كل امرء ما يحسنه قال فقلت له زدني يا بن رسول الله فقال حدثني ابي عن جدي عن آبائه عليهم السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام المرء مخبوء تحت


(1) اي لو بعضكم سريرة بعض لاستثقل تشييع جنازة ودفنه من النهاية

[ 59 ]

لسانه قال فقلت له زدنى يا بن رسول الله فقال حدثني أبي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ما هلك امرء عرف قدره قال فقلت له زدنى يا بن رسول الله قال حدثني أبي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام التدبير قبل العمل يؤمنك من الندم قال فقلت له زدنى يا بن رسول الله فقال حدثني أبي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من وثق بالزمان صرع قال فقلت له زدنى يا بن رسول الله فقال حدثني أبي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام خاطر بنفسه استغنى قال فقلت له زدنى يا بن رسول ا لله فقال حدثني أبي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام قلة العيال أحد اليسارين قال فقلت له زدنى يا بن رسول الله فقال حدثني ابي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من دخله العجب هلك قال فقلت له زدنى بن رسول الله فقال حد ثني أبي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام من ايقن بالخلف جاد بالعطية قال فقلت له زدنى يا بن رسول الله فقال حدثني أبي عن جدى عن آبائه عليهم السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام من رضى بالعافية ممن دونه رزق السلامة ممن فوقه قال فقلت له حسبى 205 – وبهذا الاسناد عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال سالت محمد بن على الرضا عليه السلام عن قوله عز وجل (اولى لك فاولى ثم اولى لك فاولى) (1) قال يقول الله عز وجل (بعدا لك من خير الدنيا بعدا وبعدا لك من خير الاخرة) 206 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن على الكوفى عن الحسن بن أبي العقب الصيرفى عن الحسين بن خالد الصيرفى قال قلت لابي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام الرجل يستنجى وخاتمة في اصبعه ونقشه لا اله الا


(1) سورة القيامة: الآية 34 و 35.

[ 60 ]

الله فقال اكره ذلك فقلت له جعلت فداك أو ليس كان رسول الله ” ص ” وكل واحد من آبائك عليهم السلام يفعل ذلك وخاتمه في اصبعه فقال بلى ولكن كانوا يتختمون في اليد اليمنى فاتقوا الله وانظروا لانفسكم قلت وما كان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه السلام قال ولم لا تسألني عما كان قبله قلت فانا اسألك قال نقش خاتم آدم عليه السلام لا اله إلا الله محمد رسول الله هبط به معه وان نوحا عليه السلام لما ركب السفينة اوحى الله عز وجل إليه يا نوح ان خفت الغرق فهللنى الفا ثم سلنى النجاة انجيك من الغرق ومن آمن معك قال فلما استوى نوح ومن معه في السفينة ورفع القلس (1) وعصفت الريح عليهم فلم يامن نوح عليه السلام الغرق واعجلته الريح فلم يدرك له ان يهلل الله الف مرة فقال بالسريانية هيلوليا الفا الفا يا ماريا يا ماريا ايقن قال فاستوى القلس واستقرت السفينة فقال نوح عليه السلام ان كلاما نجاني الله به من الغرق لحقيق ان لا يفارقنى قال فنقش خاتمه لا اله إلا الله الف مرة يا رب اصلحني قال وان إبراهيم عليه السلام لما وضع في كفة المنجنيق (2) غضب جبرائيل عليه السلام فأوحى الله عز وجل ما يغضبك يا جبرائيل قال جبرائيل يا رب خليلك ليس من يعبدك على وجه الارض غيره سلطت عليه عدوك وعدوه فأوحى عز وجل إليه اسكت إنما يعجل العبد الذي يخاف الفوت مثلك فاما انا فانه عبدى آخذه إذا شئت قال فطابت نفس جبرائيل عليه السلام فالتفت الى إبراهيم عليه السلام فقال هل لك من حاجة قال أما اليك فلا فاهبط الله عزوجل عنده خاتما فيه ستة احرف لا اله إلا الله محمد رسول الله لا حول ولا قوة إلا بالله فوضت امرى الى الله اشتدت ظهرى الى الله حسبى الله فأوحى الله عز وجل إليه ان يتختم بهذا الخاتم فانى اجعل النار عليك بردا وسلاما قال وكان نقش خاتم موسى عليه السلام حرفين اشتقهما من التوراة اصبر توجر اصدق تنج قا ل وكان نقش خاتم سليمان عليه السلام سبحان من الجم الجن بكلماته وكان نقش خاتم


(1) القلس حبل للسفينة ضخم (2) المنجنيق: آلة ترمي بها الحجارة معربة

[ 61 ]

عيسى عليه السلام حرفين اشتقهما من الانجيل طوبى لعبد ذكر الله من اجله وويل لعبد نسى الله من اجله وكان نقش خاتم محمد ” ص ” لا اله إلا الله محمد رسول الله وكان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه السلام الملك لله وكان نقش خاتم الحسن بن على عليهما السلام العزة لله وكان نقش خاتم الحسين عليه السلام ان الله بالغ امره وكان على بن الحسين عليه السلام يتختم بخاتم أبيه الحسين عليه السلام وكان محمد بن على عليه السلام يتختم بخاتم الحسين بن على عليهما السلام وكان نقش خاتم جعفر بن محمد عليهما السلام انه وليى وعصمتي من خلقه وكان نقش خاتم أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام حسبى الله قال الحسين بن خالد وبسط أبو الحسن الرضا عليه السلام كفه وخاتم أبيه عليه السلام في اصبعه حتى ارانى النقش وروى في غير هذا الحديث انه كان نقش خاتم على بن الحسين عليهما السلام خزى وشقي قاتل الحسين بن على عليهما السلام 207 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن على بن اسباط قال سمعت على بن موسى الرضا عليه السلام يحدث عن آبائه عن على عليهم السلام ان رسول الله ” ص ” قال لم يبق من امثال الانبياء عليهم السلام إلا قول الناس إذا لم تستحى فاصنع ما شئت 208 – حدثنا أحمد بن على بن إبراهيم بن هاشم قال حدثني أبي عن جدى عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهم السلام قال قال رسول الله ” ص ” اخبرني جبرائيل عن الله عز وجل انه قال على بن ابي طالب حجتى على خلقي وديان دينى اخرج من صلبه ائمة يقومون بامرى ويدعون الى سبيلى بهم ادفع البلاء عن عبادي وامائي وبهم انزل من رحمتى 209 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال حدثنا محمد بن عبد الله


[ 62 ]

ابن جعفر الحميرى عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم عن الريان الصلت قال قلت للرضا عليه السلام يا بن رسول الله ما تقول في القرآن فقال كلام الله لا تتجاوزوه ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا 210 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحق رحمه الله قال حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الهمداني قال اخبرنا على بن الحسن بن على بن فضال عن عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام انه قال نحن سادة في الدنيا وملوك في الارض 211 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم بن تاتانه رضى الله عنهم قالوا حدثنا على بن إبراهيم ابن هاشم عن أبيه عن محمد بن على التميمي قال حدثني سيدى على بن موسى الرضا عليهما السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليه السلام عن النبي ” ص ” انه قال من سره أن ينظر الى القضيب الياقوت الاحمر الذي غرسه الله بيده ومستمسكا به فليتول عليا والائمة من ولده فانهم خيرة الله عز وجل وصفوته وهم المعصومون من كل ذنب وخطيئة 212 – حدثنا الحسين بن ابراهيم بن تاتانه قال حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن الصلت قال سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام يقول من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة ” استغفر الله واسأله التوبة ” كتب الله تعالى له براءة من النار وجواز على الصراط واحله دار القرار 213 – حدثنا أبو على أحمد بن أبي جعفر البيهقى بفيد (1) بعد منصرفي من حج بيت الله الحرام في سنة اربع وخمسين وثلاثمأة قال حدثنا على بن جعفر المدنى قال حدثني على بن محمد بن مهرويه القزويني قال حدثني داود ابن سليمان قال حدثني على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه


(1) الفيد بالفتح الزعفران ومنزل بطريق مكة

[ 63 ]

علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما بينه وبين الله عز وجل حكمنا فيها فأجابنا ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناها فوهبت لنا ومن كانت مظلمته بينه وبيننا كنا احق ممن عفى وصفح (1) 214 – حدثنا محمد بن عمر بن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الله بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال حدثني سيدي علي بن موسى الرضا عليه السلام قال حدثني ابي موسى بن جعفر قال حدثني أبي محمد بن علي قال حدثني ابي علي بن الحسين قال حدثني ابي الحسين بن علي قال حدثني أبي علي بن ابي طالب عليه السلام قال قال رسول الله ” ص ” من مات وليس له امام من ولدي مات ميتة جاهلية ويؤخذ بما عمل الجاهلية والاسلام 215 – وباسناده قال قال رسول الله ” ص ” انا وهذا يعني عليا يوم القيامة كهاتين وضم بين اصبعيه وشيعتنا معنا ومن أعان مظلومنا كذلك 216 – وباسناده قال قال رسول الله ” ص ” من أحب ان يتمسك بالعروة الوثقى فليتمسك بحب علي وأهل بيتي 217 – وباسناده قال قال رسول الله ” ص ” الائمة من ولد الحسين عليه السلام من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله عز وجل هم العروة الوثقى وهم الوسيلة الى الله عز وجل 218 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” انت يا علي وولداي خيرة الله من خلقه 219 – وباسناده قال قال رسول الله ” ص ” خلقت أنا وعلي من نور واحد


(1) الصفح: التجاوز

[ 64 ]

220 – وباسناده قال قال رسول الله ” ص ” من احبنا أهل البيت حشره الله تعالى آمنا يوم القيامة 221 – وباسناده قال قال رسول الله ” ص ” لعلي من أحبك كان مع النبيين في درجتهم يوم القيامة ومن مات وهو يبغضك فلا يبالي مات يهوديا أو نصرانيا 222 – وبهذا الاسناد قال قال رسول الله ” ص ” في قول الله عز وجل وقفوهم انهم مسؤولون (1) قال عن ولاية علي عليه السلام 223 – وباسناده قال قال رسول الله ” ص ” لعلي وفاطمة والحسن والحسين وعليهم السلام والعباس بن عبد المطلب وعقيل: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: ذكر عقيل وعباس غريب في هذا الحديث لم أسمعه عن محمد بن عمر الجعابي في هذا لحديث. 224 – وبهذا الاسناد قال: قال علي عليه السلام: قال رسول الله (ص) أنت مني وأنا منك 225 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (ص) يا علي خير البشر لا يشك فيك إلا كافر. 226 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (ص) ما زوجت فاطمة إلا لما أمرني الله بتزويجها. 227 – وبهذا الاسناد: قال رسول الله (ص) من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأعن من أعانه وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأخذل عدوه وكن ولولده واخلفه فيهم بخير وبارك لهم فيما تعطيهم وأيدهم بروح القدس وأحفظهم حيث توجهوا من الارض واجعل الامامة فيهم وأشكر من أطاعهم واهلك عصاهم إنك قريب مجيب.


(1) سورة الصافات: الاية 24.

[ 65 ]

228 – وباسناده قال: قال النبي (ص): علي أول من اتبعني وهو أول من يصافحني بعد الحق. 229 – وبهذا الاسناد قال: قال النبي (ص): يا علي أنت تبرأ ذمتي وأنت خليفتي على أمتي. 230 – وباسناده، قال: قال النبي (ص): لا تقوم الساعة حتى يقوم قائم للحق منا، وذلك حين يأذن الله عز وجل له ومن تبعه نجا ومن تخلف عنه هلك الله الله عباد الله فأتوه ولو على الثلج، فإنه خليفة الله عز وجل وخليفتي 231 – وباسناده قال: قال رسول الله (ص) وهو آخذ بيد علي عليه السلام من زعم أنه يحبني ولا يحب هذا فقد كذب. 232 – وباسناده قال: قال رسول (ص) توضع يوم القيامة منابر حول العرش لشيعتي وشيعة أهل بيتي المخلصين في ولايتنا ويقول الله عزوجل: هلموا يا عبادي إلي لانشرن عليكم كرامتي فقد أوذيتم في الدنيا. 233 – وباسناده عن علي قال: قال رسول الله (ص): خلقت يا علي من شجرة خلقت منها أنا أصلها وأنت فرعها، والحسن والحسين أغصانها ومحبونا ورقها، فمن تعلق بشئ أدخله الله عز وجل الجنة. 234 – وباسناده عن الحسن بن علي، عن أبيه عليهما السلام، قال: قال رسول (ص) لا يبغضك من الانصار إلا من كان أصله يهوديا. 235 – وباسناده قال: قال علي عليه السلام إنه لعهد النبي (ص) الامي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق. 236 – وباسناده قال: قال (ص): لا يحل لاحد يجنب في هذا المسجد إلا أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين ومن كان أهلي فانهم مني. 237 – وباسناده قال: قال النبي (ص) لا يرى عورتي غير علي إلا كافر.


[ 66 ]

238 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): ترد شيعتك يوم القيامة رواء غير عطاش، ويرد عدوك عطاشا يستسقون فلا يسقون. 239 – وباسناده قال: قال النبي (ص): بغض علي كفر وبغض بني هاشم نفاق. 240 – وباسناده قال: قال علي عليه السلام: دعا لي النبي (ص) فقال اللهم أهد قلبه واشرح صدره وثبت لسانه وقه الحر والبرد. 241 – وباسناده قال: قال علي عليه السلام: أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين. 242 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): تعوذوا بالله من حب الحزن. 243 – وباسناده عن علي عليه السلام قال: قال النبي (ص): لا يؤدي عني إلا علي ولا يقضي عداتي إلا علي. 244 – وباسناده عن علي عليه السلام، عن النبي (ص)، أنه قال لبني هاشم: أنتم المستضعفون بعدي. 245 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: النبي (ص): خير مال المرء وذخائره الصدقة. 246 – وباسناده عن النبي (ص)، قال: عفوت لكم صدقة الخيل والرقيق. 247 – وباسناده عن النبي (ص)، أنه قال: خير إخواني علي وخير أعمامي حمزة والعباس صنو أبي (1). 248 – وباسناده عن علي عن النبي (ص)، قال: الاثنان وما فوقهما جماعة.


(1) الصنو: الاخ الشقيق والعم قاله الفيروز آبادي.

[ 67 ]

249 – وباسناده عن علي عن النبي (ص)، قال: المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة. 250 – وباسناده عن علي عن النبي صلوات الله عليهما أنه قال: المؤمن ينظر بنور الله. 251 – وباسناده عن علي عن النبي (ص)، قال: باكروا بالصدقة، فمن باكر بها لم يتخطاه الدعاء. 252 – وباسناده قال النبي (ص): الحسن والحسين خير أهل الأرض بعدي وبعد أبيهما وأمهما أفضل نساء أهل الأرض. 253 – وباسناده، عن النبي (ص) قال: خير نساء ركبن الابل نساء قريش احناه على زوج. 254 – وباسناده عن النبي (ص)، قال: من جاءكم يريد أن يفرق الجماعة ويغصب الامة أمرها ويتولى من غير مشورة فاقتلوه، فإن الله عزوجل قد أذن ذلك. 255 – وباسناده عن رسول (ص) قال: نزلت هذه الاية (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) (1) في علي. 256 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): في قوله عز وجل (وتعيها أذن واعية) (2) قال: دعوت الله أن يجعلها أذنك يا علي. 257 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: ما رأيت أحدا أبعد ما بين المنكبين رسول الله. 258 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت.


(1) سورة البقرة: الاية 274. قال العلامة الحلي: روى الجمهور أنها نزلت في علي عليه السلام كانت معه أربعة دراهم انفق في الليل درهما وبالنهار درهما وفي السر درهما وفي العلانية درهما. (2) سورة الحاقة: الاية 46. قال العلامة الحلي: روى الجمهور أنها نزلت في علي.

[ 68 ]

259 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): إنى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض. 260 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: كان النبي (ص) يضحي بكبشين أملحين أقرنين. 261 – وباسناده علي عليه السلام، قال: دعا لي النبي (ص) أن يقيني الله عز وجل الحر والبرد. 262 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلا كذاب. 263 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال لي النبي (ص): فيك مثل من عيسى أحبه النصارى حتى كفروا في حبه وأبغضه اليهود حتى كفروا في بغضه. 264 – وباسناده قال: قال النبي (ص): إن فاطمة أحصنت فرجها، فحرم الله ذريتها على النار. 265 – وباسناده عن علي عليه السلام. قال: قال النبي (ص): محبك محبي ومبغضك مبغضي. 266 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص) لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا كافر. 267 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال قال: النبي (ص) الناس من أشجار شتى وأنا وأنت يا علي من شجرة واحدة. 268 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: إن النبي (ص) يتختم في يمينه. 269 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): تقتل عمارا الفئة الباغية. 270 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): من تولى


[ 69 ]

غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين. 271 – وباسناده عن علي عليه السلام قال نهى النبي (ص) عن وطي الحبالى حتى يضعن (1). 272 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): الائمة من قريش. 273 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص) من كان آخر كلامه الصلاة علي وعلى علي دخل الجنة. 274 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: إنكم ستعرضون علي البراءة مني فلا تتبرؤا مني فاني على دين محمد (ص). 257 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: لقد علم المستحفظون من اصحاب محمد أن أهل صفين قد لعنهم الله على لسان نبيه وقد خاب من افترى. 276 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال لي النبي (ص) ما: سلكت طريقا ولا فجا (2) إلا سلك الشيطان غير طريقك وفجك. 277 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص) يقتل الحسين شر الامة ويتبرء من ولده من يكفر بي. 278 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ، قال: حدثنا الحسن بن عبد الله التميمي قال: حدثني أبي قال: حدثني سيدى علي بن موسى الرضا عليهما السلام عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه عن أبيه الحسين، فاطمة بنت رسول الله (ص)، إن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعلي عليه السلام: من كنت وليه فعلي وليه ومن كنت إمامه فعلي إمامه.


(1) النهي محمول على الكراهة. (2) الفج: الطريق الواسع بين الجبلين قاله الفيروز آبادي في القاموس.

[ 70 ]

279 – وباسناده عن علي عليه السلام قال دفع النبي (ص) الراية يوم خيبر إلي فما برحت حتى فتح على يدي. 280 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص)، امرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها فقد حرم علي دماؤهم وأموالهم. 281 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: ما شبع النبي (ص) من خبز بر ثلاثة أيام حتى مضى لسبيله. 282 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): سلمان منا أهل البيت. 283 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): أبو ذر صديق هذه الامة. 284 – وبهذا الاسناد عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): من قتل حية فقد قتل كافرا. 285 – وباسناده عن عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): يا علي لا تتبع النظرة النظرة فليس لك إلا اول نظرة. 286 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: إن النبي (ص) لما وجهني إلى اليمن قال: إذا تقوضي إليك فلا تحكم لاحد الخصمين دون أن تسمع من الاخر، قال فما شككت في قضاء بعد ذلك (1). 287 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: لعن الله يجادلون في دينه اولئك ملعونون على لسان نبيه (ص). 288 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: (والسابقون السابقون


(1) الراوية المذكورة في كتب كثيرة منها ما في الرياض النضرة (ج 2 ص 183 ونظم درر السمطين (ص 127).

[ 71 ]

السابقون) (1) في نزلت وقال عليه السلام: في قوله عز وجل: (اولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) (2) في نزلت. 289 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص) من قرا آيه الكرسي مأة مرة كان كمن عبد الله طول حياته. 290 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله (ص): خيركم من أطاب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل والناس نيام. 291 – وباسناده عن علي عليه السلام أنه ذكر الكوفة، فقال يدفع عنها البلاء كما يدفع عن أخبية (3) النبي (ص). 292 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: من كذب بشفاعة رسول الله لم تنله. 293 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): لا تذهب الدنيا حتى يقوم رجل من ولد الحسين يملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا. 294 – وباسناده عن علي عليه السلام، أنه شرب قائما وقال: هكذا رأيت النبي (ص) فعل. 295 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: العلم ضالة المؤمن. 296 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): من غش المسلمين في مشورة فقد برئت منه. 297 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد، فينا نزل القرآن وفينا معدن الرسالة. 298 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله (ص):


(1) سورة الواقعة: الاية 10 قال العلامة الحلي: روى الجمهور عن ابن عباس قال: سابق هذه الامة علي بن أبي طالب. (2) سورة المؤمنون 10 و 11. (3) جمع الخباء بالكسر: ما يعمل من وبر أو صوف أو شعر للسكن، والمراد منه منازله.

[ 72 ]

أنا مدينة العلم وعلي بابها. 299 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال قال: النبي (ص): إن الله عز وجل اطلع على أهل الأرض (اطلاعة) فاختارني، ثم اطلع الثانية فاختارك بعدي، فجعلك القيم بأمر أمتي من بعدي وليس أحد بعدنا مثلنا. 300 – وبهذا الاسناد، عن علي عليه السلام في قول الله عز وجل (وله الجوار المنشئات في البحر كالاعلام) (1) قال: السفن. 301 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): عمار على الحق حين يقتل بين الفئتين على سبيلي وسنتي، والاخرى مارقة من الدين خارجة عنه. 302 – وباسناده، قال: قال النبي (ص): سدوا الابواب الشارعة في المسجد إلا باب علي عليه السلام. 303 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): إذا مت ظهرت لك ضغائن في صدور قوم يتمالئون ويمنعونك حقك. 304 – وباسناده قال: قال النبي (ص): كف علي كفي. 305 – وباسناده عن الحسين بن علي عليهما السلام، قال: ما كنا نعرف المنافقين عهد رسول الله (ص) إلا ببغضهم عليا وولده عليه السلام. 306 – وباسناده عن الحسين بن علي عليهما السلام، قال: قال رسول الله (ص) الجنة تشتاق إليك وإلي وإلى عمار وسلمان وأبي ذر والمقداد. 307 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال النبي (ص): إن أمتي ستغدر بك بعدي ويتبع ذلك برها وفاجرها. 308 – وباسناده قال: قال النبي (ص): من سب عليا فقد سبني، ومن سبني فقد سب الله.


(1) سورة الرحمن: الاية 24.

[ 73 ]

309 – وباسناده قال: قال النبي (ص): أنت يا علي في الجنة وذو قرنيها. 310 – وباسناده عن الحسين بن علي عليهما السلام، قال: خطبنا أمير المؤمنين عليه السلام فقال: سلوني عن القرآن اخبركم عن آياته فيمن نزلت وأين نزلت. 311 – وباسناده عن علي عليه السلام قال: قال النبي (ص): إني أحب لك ما أحب لنفسي وأكره ما أكره لها. 312 – وباسناده عن الحسين بن علي عليهما السلام، قال: قال لي بريدة أمرنا رسول (ص) أن أسلم على أبيك بأمرة المؤمنين. 313 – وباسناده عن الحسين بن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله (ص) لعلي بشر لشيعتك إني الشفيع لهم يوم القيامة يوم لا ينفع إلا شفاعتي. 314 – وباسناده عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله (ص): وسط الجنة لي ولاهل بيتي 315 – حدثنا محمد بن عمر الجعابي الحافظ البغدادي، قال: أبو جعفر محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: حدثني أبي علي بن موسى الرضا، قال: حدثني أبي موسى، قال حدثني أخي إسماعيل عن علي، عن أبيه، عن آبائه عن الحسين بن علي عليه السلام عن النبي (ص)، عن جبرئيل، عن الله تعالى، قال: من عادى أوليائي بارزني بالمحاربة، ومن حارب أهل بيت نبيي فقد حل عذابي ومن تولى غيرهم فقد حل عليه غضبي، ومن اعز غيرهم فقد آذاني ومن آذاني فله النار. 316 – محمد بن عمر الحافظ البغدادي، قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسيني قال: حدثني عيسى مهران، قال حدثني أبو الصلت عبد السلام بن صالح قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه موسى عن أبيه جعفر عن أبيه محمد عن أبيه علي بن


[ 74 ]

الحسين، عن أبيه الحسين عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله (ص): إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما فليصل جالسا فإن لم يستطع أن يصلي جالسا فليصل مستلقيا ناصبا رجليه حيال القبلة يومئ ايماء. 317 – حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف بن زريق البغدادي، قال: حدثني علي بن محمد بن عيينه مولى الرشيد، قال حدثني دارم بن قبيصة بن نهشل بن مجمع النهشلي الصغاني بسر من رأى، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن جده عن محمد بن علي عن أبيه جده عن علي عليه السلام، عن النبي (ص) قال: اصطنع المعروف إلى أهله وإلى غير أهله، فإن كان أهله، فهو أهله وإن لم يكن أهله فأنت أهله. 318 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): من أرضى سلطانا بما يسخط الله خرج عن دين الله عز وجل. 319 – وبهذا الاسناد، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه، عن جده عليه السلام عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله (ص) في قبة آدم (1) ورأيت بلال الحبشي وقد خرج من عنده ومعه فضل وضوء رسول الله، فابتدره الناس فمن أصاب منه شيئا يمسح به وجهه، ومن لم يصب شيئا أخذ من يدي صاحبه فمسح به وجهه، وكذلك فعل بفضل وضوء أمير المؤمنين عليه السلام. 320 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (ص): إغسلوا صبيانكم من الغمر (2) فإن الشيطان يشم الغمر فيفزع الصبي في رقاده ويتأذى بها الكاتبان. 321 – وباسناده قال: قال رسول الله (ص): ما أخلص عبد لله عز وجل أربعين صباحا إلا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه. 322 – وباسناده قال: قال رسول الله (ص): حسنوا القرآن


(1) الاديم: الجلد أو أحمره أو مدبوغه والادم اسم للجمع. (2) الغمر ريح اللحم، الدسم.

[ 75 ]

باصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا (وقرأ) (والله يزيد في الخلق ما يشاء). 323 – حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف زريق البغدادي، قال: حدثنا علي بن محمد بن عيينة مولى الرشيد، قال: حدثنا دارم ونعيم بن صالح الطبري قالا: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن جده عن محمد بن علي، عن أبيه ومحمد بن الحنفية، عن علي ابن أبي طالب عليه السلام أن رسول الله (ص)، قال: من حق الضيف أن تمشي معه فتخرجه من حريمك إلى الباب. 324 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا علي بن محمد عيينة قال حدثنا القاسم بن محمد بن العباس بن موسى بن جعفر العلوي ودارم بن قبيصة النهشلي قالا: حدثنا علي بن موسى الرضا، قال: سمعت أبي يحدث عن جده محمد بن علي عن علي بن الحسين عن أبيه ومحمد بن الحنفية، عن علي بن أبي طالب عليه السللام، أن رسول الله (ص) قال: إنما سموا الابرار لانهم بروا الاباء والابناء والاخوان، وعن علي بن محمد قال: حدثنا أبو القاسم محمد بن العباس بن موسى بن جعفر العلوي ودارم بن قبيصة النهشلي قالا: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث، عن أبيه عن جده محمد بن علي، عن علي بن الحسين، عن أبيه ومحمد بن الحنفيه عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: سمعت رسول الله (ص): يقول تختموا بالعقيق، فانه أول جبل أقر لله تعالى بالوحدانية ولي بالنبوة ولك يا علي بالوصية ولشيعتك بالجنة. 325 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): اكثروا من ذكر هادم اللذات. 326 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): من أذل مؤمنا أو حقره لفقره وقلة ذات يده شهره الله على جسر جهنم يوم القيامة. 327 – حدثنا محمد بن أحمد بن بن يوسف البغدادي، قال:


[ 76 ]

حدثنا علي بن محمد عيينة قال: حدثني أبو الحسن بكر بن أحمد محمد بن إبراهيم بن زياد بن موسى بن مالك الاشج العصري، قال: حدثتنا فاطمة بنت علي بن موسى الرضا عليهما السلام، قالت: سمعت أبي عليا يحدث، عن أبيه، عن جعفر محمد، عن أبيه وعمه زيد، عن أبيهما علي بن الحسين عن أبيه وعمه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال لا يحل لمسلم أن يروع مسلما. 328 – وبهذا الاسناد، عن النبي (ص)، قال: من كف غضبه كف الله عنه عذابه، ومن حسن خلقه بلغه الله درجة الصائم القائم. 239 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال حدثنا علي بن محمد بن عيينه، قال: حدثنا دارم بن قبيصة، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه علي بن أبي طالب عليه السلام، قال كان رسول (ص) إذا رأى الهلال قال أيها الخلق المطيع الدائب السريع المتصرف في ملكوت الجبروت بالتقدير ربي وربك اللهم أهله علينا بالامن والايمان والسلامة والاسلام والاحسان، وكما بلغتنا أوله فبلغنا آخره واجعله شهرا مباركا تمحو فيه السيئات وتثبت لنا فيه الحسنات وترفع لنا فيه الدرجات يا عظيم الخيرات. 330 – وبهذا الاسناد، قال: كان رسول الله (ص) إذ دخل شهر شعبان يصومه في أوله ثلاثا وفي وسطه ثلاثا وفي آخره ثلاثا، وإذا دخل شهر رمضان يفطر قبله بيومين ثم يصوم. 331 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): رجب شهر الله الاصم يصب الله فيه الرحمة على عباده، وشهر شعبان تنشعب فيه الخيرات، وفي أول ليلة من شهر رمضان تغل المردة من الشياطين ويغفر في كل ليلة سبعين ألفا، فإذا كان في ليلة القدر غفر الله بمثل ما غفر في رجب وشعبان وشهر رمضان إلى ذلك اليوم إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء فيقول الله عز وجل انظروا هؤلاء حتى يصطلحوا. 332 – وبهذا الاسناد، قال: رسول الله (ص): يوحي الله عز


[ 77 ]

وجل إلى الحفظة الكرام البررة لا تكتبوا على عبدي وأمتي ضجرهم وعثرتهم بعد العصر. 333 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): إن لله عز وجل ديكا عرفه (1) تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى، إذا كان في الثلث الاخير من الليل سبح الله تعالى ذكره بصوت يسمعه كل شئ ما خلا الثقلين الجن والانس، فتصيح عند ذلك ديكة الدنيا. 334 – وباسناده، قال كان النبي (ص) يأكل الطلع والجمار بالتمر ويقول: إن ابليس لعنه الله يشتد غضبه ويقول: عاش ابن آدم حتى أكل العتيق بالحديث. 335 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: كنت جالسا عند الكعبة وإذا شيخ محدودب قد سقط حاجباه على عينيه من شدة الكبر وفي يده عكازة (3) وعلى رأسه برنس أحمر وعليه مدرعة من الشعر فدنا إلى النبي (ص) وهو مسند ظهره إلى الكعبة، فقال: يا رسول الله ادع لي بالمغفرة، فقال النبي (ص): خاب سعيك يا شيخ وضل عملك، فلما تولى الشيخ قال، يا أبا الحسن أتعرفه؟ قلت اللهم لا قال: ذلك اللعين إبليس، قال علي عليه السلام: فعدوت خلفه حتى لحقته وصرعته إلى الأرض وجلست على صدره ووضعت يدي في حلقه لاخنقه، فقال لي: لا تفعل يا أبا الحسن فاني (من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) ووالله يا علي إني لاحبك جدا وما أبغضك أحد إلا شركت أباه في أمه فصار ولد الزنا فضحكت وخليت سبيله. 336 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنا علي بن محمد بن عيينة، قال حدثنا: دارم بن قبيصة النهشلي، قال حدثنا


(1) العرف: لحمة مستطيلة في أعلى رأس الديك. (2) الطلع من النخل: شئ يخرج كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود، ما يبدو من تمرته في أول ظهورها، والجمار: شحم النخلة. (3) العكازة: عصا ذات زج في أسفلها يتوكأ عليها الرجل وعصا الاسقف.

[ 78 ]

علي بن موسى الرضا عليه السلام ومحمد بن علي عليه السلام، قالا: سمعنا المأمون يحدث الرشيد عن، المهدي، عن المنصور، عن أبيه عن جده، قال: قال ابن عباس لمعاوية: أتدري لم سميت فاطمة فاطمة؟ قال: لا: قال لانها فطمت هي وشيعتها من النار، سمعت رسول الله (ص) يقوله. 337 – حدثنا محمد أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا علي بن محمد بن عيينة، قال: حدثنا الحسن بن سليمان الملطي في مشهد علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن العباس بن موسى العلوي بقصر ابن هبيرة ودارم بن قبيصة بن نهشل النهشلي، قالوا حدثنا علي بن موسى بن جعفر، عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: ض قال رسول (ص) يا علي ما سألت أنت ربي شيئا إلا سألت مثله غير إنه قال لا: نبوة بعدك، أنت خاتم النبيين وعلي خاتم الوصيين 338 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا علي محمد بن عيينة قال: حدثنا دارم بن قبيصة قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر عن أبيه علي عن أبيه الحسين، عن أبيه علي عليه السلام قال: دخلت على رسول (ص) يوما وفي يده سفرجلة فجعل يأكل ويطعمني ويقول يا علي فانها هدية الجبار إلي وإليك، قال: فوجدت فيها كل لذة فقال: يا علي من أكل السفرجلة ثلاثة أيام الريق صفا ذهنه، وامتلا جوفه حلما وعلما ووقى كيد إبليس وجنوده. 339 – وبهذا الاسناد، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: قال النبي (ص): يا علي إذا طبخت شيئا فاكثر المرقة فانها أحد اللحمين واغرف للجيران، فإن لم يصيبوا من اللحم يصيبوا من المرق. 340 – وبهذا الاسناد عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول الله (ص): يا علي خلق الناس من شجر شتى وخلقت أنا وأنت من شجرة واحدة أنا أصلها وأنت فرعها والحسن والحسين أغصانها وشيعتنا.


[ 79 ]

أوراقها فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله الله الجنة. 341 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا علي بن محمد بن عيينة قال: حدثنا الحسن بن سليمان الملطي ونعيم بن صالح الطبري ودارم بن قبيصة النهشلي قالوا: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد بن علي عليهما السلام عن جابر بن الله الانصاري، قال: قال رسول الله (ص): أنا خزانة العلم وعلي مفتاحها ومن أراد الخزانة فليأت المفتاح. 342 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال: حدثنا عيينة قال: حدثني نعيم بن صالح الطبري قال: حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): نعم الشئ الهدية وهي مفتاح الحوائج. 343 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): الهدية تذهب الضغاين من الصدور. 344 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنا علي بن محمد عيينة قال: حدثنا دارم بن قبيصة قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال، قال: رسول الله (ص): أطلبوا الخير عند حسان الوجوه فإن فعالهم أحرى أن تكون حسنا. 345 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): أنا خاتم النبيين وعلي خاتم الوصيين. 346 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (ص): لا تفردوا الجمعة بصوم. 347 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): التائب من الذنب كمن ذنب له. 348 – وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله (ص): اطفئوا المصابيح


[ 80 ]

بالليل لا تجرها الفويسقة (1) فتحرق البيت وما فيه. 349 – وبهذا الاسناد قال: قال رسول الله (ص): الكماة من المن الذي أنزله الله على بني إسرائيل وهي شفاء للعين، والعجوة التي في البرني من الجنة وهي شفاء من السم. 350 – وبهذا الاسناد عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه ورث الخنثى من موضع مبالته


[ 81 ]

32 – باب (في ذكر ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل) 1 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت يا بن رسول الله لم خلق الله عز وجل الخلق انواع شتى ولم يخلقه نوعا واحدا؟ فقال: لئلا يقع الاوهام أنه عاجز، فلا تقع صورة في وهم ملحد إلا وقد خلق الله عز وجل عليها خلقا ولا يقول قائل: هل يقدر الله عز وجل على أن يخلق على صورة كذا وكذا إلا وجد ذلك في خلقه تبارك وتعالى فيعلم بالنظر إلى أنواع خلقه أنه على كل شئ قدير. 2 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي، عن الرضا عليه السلام، قال: قلت له يا بن رسول الله لاي علة أغرق الله عز وجل الدنيا كلها في زمن نوح عليه السلام وفيهم الاطفال وفيهم من لا ذنب له؟ فقال: ما كان فيهم الاطفال لأن الله عز وجل أعقم اصلاب قوم نوح وارحام نسائهم أربعين عاما فانقطع نسلهم فغرقوا ولا طفل فيهم، ومكان الله عز وجل ليهلك بعذابه لا ذنب له، وأما الباقون من قوم نوح فاغرقوا لتكذيبهم لنبى الله نوح عليه السلام وسائرهم اغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين ومن غاب عن أمر فرضي به كان كمن شهده وأتاه.


[ 82 ]

3 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء، عن الرضا عليه السلام، قال: سمعته يقول: أبي عليه السلام: قال أبو عبد الله عليه السلام، إن الله عز وجل قال لنوح: (يا نوح إنه ليس من أهلك) (1)، لانه كان مخالفا له وجعل من اتبعه من أهله قال: وسئلني كيف يقرؤون هذه الاية في ابن نوح؟ فقلت: يقرأها الناس على وجهين إنه عمل غير صالح وإنه عمل غير صالح فقال: كذبوا هو ابنه ولكن الله عز وجل نفاه عنه حين خالفه في دينه. 4 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عليه السلام أنه قال: إنما اتخذ الله عز وجل خليلا لانه لم يرد أحدا ولم يسأل أحدا قط غير الله عز وجل. 5 – حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا أحمد ابن عبد الله العلوي قال حدثني علي بن محمد العلوي العمري قال حدثني إسماعيل بن همام قال: قال الرضا في قول الله عز وجل: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم) (2) قال كانت لاسحاق النبي عليه السلام منطقة (3) يتوارثها الانبياء الاكابر وكانت عند عمة يوسف وكان يوسف عندها وكانت تحبه فبعث إليها أبوه وقال ابعثيه إلي وأرده إليك فبعثت إليه دعه عندي الليلة أشمه، ثم أرسله إليك غدوة، قال: فلما أصبحت أخذت المنطقة فربطتها حقوه (4) وألبسته قميصا وبعثت به إليه فلما خرج عندها طلبت المنطقة وقالت سرقت المنطقة فوجدت عليه وكان إذا سرق أحد في ذلك الزمن دفع إلى صاحب السرقة فكان عبده.


(1) سورة هود الاية 46. (2) سورة يوسف: الاية 77. (3) المنطقة: ما يشد به الوسط. (4) الحقو: الخصر.

[ 83 ]

6 – حدثنا المظفر بن جعفر بن مظفر العلوي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه عن عبيد الله بن محمد بن خالد: قال حدثني الحسن بن علي الوشاء قال سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام، يقول: كانت الحكومة في بني إسرائيل إذا سرق أحد شيئا أسترق به وكان يوسف عليه السلام عند عمته وهو صغير وكانت تحبه وكانت لاسحاق عليه السلام منطقة ألبسها أباه يعقوب فكانت عند ابنته وأن يعقوب طلب يوسف بأخذه من عمته فاغتمت لذلك وقالت له: دعه حتى أرسله إليك فأرسلته وأخذت المنطقة وشدتها وسطه تحت الثياب فلما أتى يوسف أباه جاءت فقالت سرقت المنطقة ففتشته فوجدتها في وسطه فلذلك أخوه يوسف حين جعل الصاع في وعاء أخيه أن يسرق سرق أخ له من قبل فقال لهم يوسف: ما جزاء وجد في رحله؟ قالوا: هو جزاءه كما جرت السنة تجري فيهم فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه ولذلك قال أخوه يوسف: إن يسرق سرق أخ له من قبل، يعنون المنطق فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم. 7 – حدثنا عبد الواحد محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه قال حدثنا علي بن محمد بن قتيبة، عن جذان بن سليمان النيسابوري قال: حدثني إبراهيم بن محمد الهمداني قال: قلت لابي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام: لاي علة أغرق الله عز وجل فرعون وقد آمن به وأقر بتوحيده؟ لانه آمن عند رؤية البأس والايمان عند رؤية البأس غير مقبول وذلك حكم الله تعالى في السلف والخلف قال الله عز وجل (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا (1)) وقال عز وجل (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت إيمانها خيرا) (2) وهكذا فرعون لما أدركه الغرق، قال (آمنت إنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) فقيل له: (الان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم


(1) سورة المؤمن: الاية 84 و 85. (2) سورة الانعام: الاية 158.

[ 84 ]

ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) (1) وقد كان فرعون من قرنه إلى قدمه في الحديد ولبسه على بدنه فلما أغرق ألقاه الله على نجوة من الأرض ببدنه لتكون لمن بعده علامة فيرونه مع تثقله بالحديد مرتفع من الأرض وسبيل الثقيل أن يرسب ولا يرتفع، وكان ذلك آية وعلامة ولعلة أخرى أغرق الله عز وجل فرعون وهي أنه: استغاث بموسى لما أدركه الغرق ولم يستغث بالله فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى لم تغث فرعون، لانك لم تخلقه، ولو استغاث بي لاغثته. 8 – حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشي، قال: حدثنا منصور بن عبد الله الاصفهاني الصوفي قال: حدثني علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود سليمان الغازي قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عليه السلام في قوله عز وجل: (فتبسم ضاحكا من قولها) وقال: لما قالت النملة: (يا أيها النمل إدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنود وهم لا يشعرون) (2) حملت الريح صوت النملة إلى سليمان عليه السلام وهو مار في الهواء والريح قد حملته فوقف وقال: علي بالنملة فلما أتى بها قال سليمان يا أيها النملة أما علمت إني نبي الله وإني لا أظلم أحدا، قالت النملة بلى قال سليمان عليه السلام: فلم حذرتهم ظلمي فقلت: يا أيها النمل إدخلوا مساكنكم قالت النملة: خشيت أن ينظر إلى زينتك فيفتتنوا بها فيبعدون عن ذكر الله تعالى، ثم قالت النملة: أنت أكبر أم أبوك داود؟ قال سليمان: بل أبي داود قالت النملة: فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم أبيك داود؟ قال سليمان: ما لي بهذا علم قالت النملة: لأن أباك داود عليه السلام داوى جرحه بود فسمي داود وأنت يا سليمان أرجو أن تلحق بأبيك، قالت النملة: هل تدري لم سخرت لك الريح من بين سائر المملكة؟ قال سليمان: ما لي بهذا علم قالت النملة: يعنى عز وجل بذلك لو سخرت لك جميع المملكة كما سخرت هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الريح،


(1) سورة يونس: الاية 90 و 92. (2) سورة النمل: الاية 180

[ 85 ]

فحينئذ تبسم ضاحكا من قولها! 9 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد عن علي بن بن اشيم عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: أتدري لم سمي إسماعيل صادق الوعد؟ قال: قلت لا أدري فقال: وعد رجلا فجلس له حولا ينتظره. 10 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: لم سمي الحواريون الحواريين قال: أما عند الناس فإنهم سموا حواريين، لانهم كانوا قصارين (1) يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل وهو اسم مشتق من الخبز الحوار وأما عندنا فسمي الحواريون الحواريين، لانهم كانوا مخلصين في انفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير قال فقلت له: فلم سمي النصارى نصارى؟ قال لانهم من قرية اسمها ناصرة من بلاد الشام نزلتها مريم وعيسى عليهما السلام بعد رجوعهما مصر. 11 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله عن غير واحد عن أبي طاهر بن أبي حمزه أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: الطبائع أربعة فمنهن البلغم وهو وخصم جدل ومنهن الدم وهو عبد زنجي وربما قتل العبد سيده ومنهن الريح وهو ملك يداري ومنهن المرة (2) وهيهات هيهات هي الأرض إذا ارتجت ارتجت (3) بما عليها. 12 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر قال: أبو عبد الله السياري عن أبي يعقوب البغدادي قال: قال ابن السكيت لابي الحسن الرضا عليه السلام:


(1) قصار بالفتح والتشديد: محور الثياب ومبيضها. (2) المرة: الصفراء. (3) الرج: التحريك والاضطراب.

[ 86 ]

لماذا بعث الله عز وجل موسى بن عمران بالعصا ويده البيضاء وآلة السحر وبعث عيسى عليه السلام بالطب وبعث محمدا (ص) بالكلام والخطب، فقال له أبو الحسن عليه السلام: إن الله تبارك ولما بعث موسى عليه السلام كان الاغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله عز وجل بما لم يكن عند القوم وفي وسعهم مثله، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجة عليهم، وأن الله تبارك وتعالى بعث عيسى عليه السلام في وقت ظهرت فيه الزمانات (1) واحتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله عز وجل بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيا لهم الموتى وابرأ (لهم) الاكمه والابرص بإذن الله تعالى وأثبت به الحجة عليهم وأن الله تبارك وتعالى وبعث محمدا (ص) في وقت كان الاغلب على أهل عصره الخطب والكلام (وأظنه قال:) والشعر فأتاهم من كتاب عز وجل ومواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجة عليهم فقال ابن السكيت تالله ما رأيت مثلك اليوم قط فما الحجة على الخلق اليوم؟ فقال عليه السلام: العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب الله فيكذبه فقال ابن السكيت: هذا والله الجواب. 13 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: إنما سمي أولوا العزم أولي العزم لانهم كانوا أصحاب الشرائع والعزائم وذلك أن كل نبي بعد نوح عليه السلام كان شريعته ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن إبراهيم الخليل عليه السلام، وكل نبي كان في أيام إبراهيم وبعده كان على شريعته ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى زمن موسى عليه السلام، وكل نبي كان في زمن موسى وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعا لكتابه إلى أيام عيسى عليه السلام وكل نبي كان في أيام عيسى عليه السلام وبعده كان على منهاج عيسى وشريعته وتابعا لكتابه إلى زمن نبينا محمد (ص) فهؤلاء الخمسة أولوا العزم فهم أفضل الانبياء والرسل والرسل عليهم السلام وشريعة محمد (ص) لا تنسخ


(1) الزمانة: الافة.

[ 87 ]

إلى يوم القيامة ولا نبي بعده إلى يوم القيامة فمن إدعى بعده نبوة أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكل من سمع ذلك منه. 14 – حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه النصر محمد بن مسعود العياشي قال: حدثنا علي الحسن بن علي بن فضال قال: حدثنا محمد بن الوليد، عن العباس بن هلال، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله (ص) خمس لا أدعهن حتى الممات، الاكل الحضيض مع العبيد وركوبي الحمار مؤكفا وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف والتسليم على الصبيان ليكون سنة من بعدي. 15 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن أمير المؤمنين عليه السلام كيف مال الناس عنه إلى غيره وقد عرفوا فضله وسابقته ومكانه من رسول الله (ص)؟ فقال: إنما مالوا عنه إلى غيره وقد عرفوا فضله لانه قد كان قتل من آبائهم وأجدادهم وإخوانهم وأعمامهم وأخوالهم وأقربائهم المحادين لله ولرسوله عددا كثيرا فكان حقدهم عليه لذلك في قلوبهم فلم يحبوا أن يتولى عليهم ولم يكن في قلوبهم غيره مثل ذلك لانه لم يكن له في الجهاد بين يدي رسول الله (ص) مثل ما كان له فلذلك عدلوا عنه ومالوا إلى سواه. 16 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أبو سعيد الحسين بن علي العدوي، قال: حدثنا الهيثم عبد الله الرماني قال: سألت علي بن موسى الرضا عليه السلام، فقلت له: يا بن رسول الله أخبرني عن علي بن أبي طالب عليه السلام لم لم يجاهد أعداءه خمسا وعشرين سنة بعد رسول الله (ص) ثم جاهد في أيام ولايته؟ فقال: لانه اقتدى


[ 88 ]

برسول الله (ص) في تركه جهاد المشركين بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة تسعة عشر شهرا وذلك لقلة أعوانه عليهم وكذلك علي عليه السلام ترك مجاهدة أعدائه لقلة أعوانه عليهم، فلما لم تبطل نبوة رسول الله (ص) مع تركه الجهاد ثلاث عشرة سنة وتسعة عشر شهرا فكذلك لم تبطل إمامة علي مع تركه الجهاد خمسا وعشرين سنة إذا كانت العلة المانعة لهما واحدة. 17 – حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي رضي الله قال: حدثنا أبي، عن جدي أحمد أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي يعقوب البلخي، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام فقلت له: لاي علة صارت الامامة ولد الحسين عليه السلام دون ولد الحسن عليه السلام؟ فقال: الله عز وجل جعلها في ولد الحسين عليه السلام ولم يجعلها في ولد الحسن (والله لا يسئل عما يفعل). 18 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عيسى عن درست، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: دخل رسول الله (ص) على عائشة وقد وضعت قمقمتها الشمس، فقال: يا حميراء ما هذا؟ قالت: اغسل رأسي وجسدي، قال: لا تعودي فأنه يورث البرص. قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: أبو الحسن صاحب هذا الحديث يجوز أن يكون الرضا ويجوز أن يكون موسى بن جعفر عليهما السلام لأن إبراهيم بن عبد الحميد قد لقيهما جميعا وهذا الحديث من المراسيل. 19 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه قال: أخبرنا أبي، عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن النضر قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن القوم يكونون في السفر فيموت منهم ميت ومعهم جنب ومعهم ماء قليل قدر ما يكتفي أحدهما به أيهما يبدأ به؟ قال: يغتسل الجنب ويترك الميت لأن هذا فريضة وهذا سنة. 20 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال:


[ 89 ]

حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن الحسن بن النضر، قال: قلت للرضا عليه السلام: ما العلة في التكبير على الميت خمس تكبيرات؟ قال: رووا إنها أشتقت من خمس صلوات، فقال: هذا ظاهر الحديث فأما في وجه آخر فإن الله عز وجل قد فرض على العباد خمس فرائض الصلاة والزكاة والصيام والحج والولاية، فجعل للميت كل فريضة تكبيرة واحدة فمن قبل الولاية كبر خمسا ومن لم يقبل الولاية كبر أربعا فمن أجل ذلك تكبرون خمسا ومن خالفكم يكبر أربعا. 21 – حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي عن سهل بن زياد الادمي، عن جعفر بن عثمان الدارمي عن سليمان بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن التلبية وعلتها؟ فقال: إن الناس إذا أحرموا ناداهم الله عز وجل فقال: عبادي وامائي لاحرمنكم على النار كما أحرمتم لي فيقولون: لبيك اللهم لبيك إجابة لله عز وجل على ندائه إياهم. 22 – حدثنا أبي رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن عليه السلام: قال: قلت له عن كم تجزي البدنة؟ قال: عن نفس واحدة، قلت: فالبقرة؟ قال: تجزي عن خمسة إذا كانوا يأكلون على مائدة واحدة، قلت: كيف صارت البدنة لا تجزي إلا عن واحدة والبقرة تجزي عن خمسة؟ قال: لان البدنة لم تكن فيها من العلة ما كان في البقرة أن الذين أمروا قوم موسى عليه السلام بعبادة العجل كانوا خمسة أنفس وكانوا أهل بيت يأكلون على خوان واحد وهم أذينوية وابن أخيه وابنته وامرأته هم الذين أمروا بعبادة العجل، وهم الذين ذبحوا البقرة التي أمر الله تبارك وتعالى بذبحها. 23 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه عن الحسين ابن خالد قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: لاي شئ صار الحاج لا


[ 90 ]

يكتب عليه ذنب أربعة أشهر؟ قال لأن الله تعالى أباح للمشركين الحرم أربعة أشهر إذ يقول (فسيحوا في الارض أربعة أشهر) (1) فمن ثم وهب لمن حج من المؤمنين البيت الذنوب أربعة أشهر. 24 – حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن معروف عن أخيه عمر عن جعفر بن عيينة عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن عليا لم يبت بمكة بعد إذ هاجر منها حتى قبضه عز وجل إليه، قال: قلت له: ولم ذاك؟ قال: كان يكره أن يبيت بأرض قد هاجر منها وكان يصلي العصر ويخرج منها ويبيت بغيرها. 25 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن سعيد عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن مهر السنة كيف صار خمسمأة درهم؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى أوجب على نفسه أن لا يكبره مؤمن مأة تكبيرة ويحمده مأة تحميدة ويسبحه مأة تسبيحه ويهلله مأة تهليله ويصلي على محمد وآله مأة مرة ثم يقول: اللهم زوجني من الحور العين إلا زوجه الله حوراء من الجنة وجعل ذلك مهرها. فمن ثم أوحى الله عز وجل إلى نبيه (ص): أن يسن مهور المؤمنات خمسمأة درهم ففعل ذلك الله (ص). 26 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى ابن أبي نصر عن الحسين بن خالد قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: جعلت فداك كيف صار مهور النساء خمسمأة درهم اثنتي عشرة أوقية ونش (2) قال: إن الله عز وجل أوجب على نفسه إلا يكبره مؤمن مأة تكبيرة ويسبحه مأة تسبيحه ويحمده مأة تحميده ويهلله مأة تهليله ويصلي على النبي (ص) مأة مرة ثم يقول: اللهم زوجنى من الحور العين إلا زوجه الله حوراء فمن ثم جعل مهور النساء خمسمأة درهم وأيما مؤمن خطب إلى


(1) سورة التوبة: الاية 2. (2) النش: نصف الاوقية.

[ 91 ]

أخيه حرمة بذلك له خمسمأة درهم ولم يزوجه فقد عقه واستحق من الله عز وجل إلا يزوجه حوراء. 27 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني عن علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت الرضا عليه السلام عن العلة التي من أجلها لا تحل المطلقة للعدة لزوجها حتى تنكح زوجا غيره؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى إنما أذن في الطلاق مرتين، فقال عز وجل: (الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) (1) يعني في التطليقة الثالثة ولدخوله فيما كره الله عز وجل له من الطلاق الثالث حرمها الله عليه، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره لئلا يوقع الناس الاستخفاف بالطلاق ولا تضار النساء. 28 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن جعفر بن محمد الاشعري، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تزويج المطلقات ثلاث فقال لي إن طلاقكم الثلاث لا يحل لغيركم وطلاقهم يحل لكم، لانكم لا ترون الثلاث شيئا وهم يوجبونها. 29 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت أبا الحسن عليه السلام، فقلت له: لم كني النبي (ص) بأبي القاسم؟ فقال لانه كان له ابن يقال له قاسم فكني به قال: فقلت له يا بن رسول الله فهل تراني أهلا للزيادة فقال: نعم أما علمت إن رسول الله (ص) قال: أنا وعلي أبوا هذه الامة؟ قلت: بلى قال: أما علمت إن رسول الله (ص) أب لجميع أمته وعلي عليه السلام منهم قلت: بلى قال: أما علمت أن عليا عليه السلام قاسم الجنة والنار قلت: بلى قال فقيل له أبو القاسم لانه أبو قسيم الجنة والنار فقلت له: ومعنى ذلك؟ قال: إن شفقة النبي (ص) على أمته شفقة الاباء على الاولاد، وأفضل أمته علي عليه السلام ومن بعده شفقة علي عليه السلام عليهم كشفقته (ص) لانه


(1) سورة البقرة: الاية 229.

[ 92 ]

وصيه وخليفته والامام بعده فلذلك قال: أنا وعلي أبوا هذه الامة وصعد النبي (ص) المنبر فقال من ترك دينا أو ضياعا (1) فعلي والي ومن ترك مالا فلورثته فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وأمهاتهم وأولى بهم بانفسهم، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام بعده جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وآله. 30 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي قال: حدثني أبي عن أحمد بن علي الانصاري عن أبي الصلت الهروي قال: قال المأمون يوما للرضا عليه السلام يا أبا الحسن أخبرني عن جدك أمير المؤمنين بأي وجه هو قسيم الجنة والنار وبأي معنى فقد كثر فكري في ذلك؟ فقال له الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين ألم ترو عن أبيك عن آبائه عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: حب علي إيمان وبغضه كفر؟ فقال: بلى فقال الرضا عليه السلام: فقسمة الجنة والنار إذا كانت على حبه وبغضه فهو قسيم الجنة والنار، فقال المأمون: لا أبقاني بعدك يا أبا الحسن أشهد أنك وارث علم رسول الله (ص) قال: أبو الصلت الهروي: فلما انصرف الرضا عليه السلام إلى منزله أتيته فقلت له: يابن الله (ص) ما أحسن ما أجبت به أمير المؤمنين؟ فقال الرضا عليه السلام: يا أبا الصلت إنما كلمته حيث هو ولقد سمعت أبي يحدث عن آبائه عن علي عليه السلام إنه قال: قال: رسول الله (ص): يا علي أنت قسيم الجنة يوم القيامة تقول للنار: هذا لي وهذا لك. 31 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سألته عن أمير المؤمنين عليه السلام لم لم يسترجع فدك لما ولي أمر الناس؟ فقال: لانا أهل بيت إذا ولينا الله عز وجل لا يأخذ لنا حقوقنا ممن ظلمنا إلا هو ونحن أولياء المؤمنين إنما نحكم لهم ونأخذ لهم حقوقهم ممن يظلمهم ولا نأخذ لانفسنا وقد اخرجت لذلك علل في كتاب


(1) الضياع: العيال.

[ 93 ]

علل الشرايع والاحكام والاسباب واقتصرت في هذا الكتاب على ما روي فيه عن الرضا عليه السلام. 32 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني القاسم بن إسماعيل أبي ذكوان، قال: سمعت إبراهيم بن العباس يحدث عن الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر عليه السلام أن رجلا سأل أبا عبد الله عليه السلام ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدراسة إلا غضاضة؟ فقال لان الله لم ينزله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة. 33 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال حدثني محمد بن موسى بن نصر الرازي، قال: حدثني أبي، قال: سئل الرضا عليه السلام عن قول النبي (ص): أصحابز كالنجوم بأيهم أقتديتم أهتديتم، وعن قوله عليه السلام: دعوا لي أصحابي فقال عليه السلام: هذا صحيح يريد من لم يغير بعده ولم يبدل قيل: وكيف يعلم أنهم قد غيروا أو بدلوا؟ قال: لما يروونه: من أنه (ص) قال: ليذادن برجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي كما تذاد غرائب الابل عن الماء فأقول: يا رب أصحابي أصحابي فيقال لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك؟ فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: بعدا وسحقا لهم افترى هذا لمن لم يغير ولم يبدل. 34 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أحمد بن محمد بن إسحاق الطالقاني قال: حدثني أبي قال: حلف رجل بخراسان بالطلاق أن معاوية ليس من أصحاب رسول الله (ص) أيام كان الرضا عليه السلام بها فأفتى الفقهاء بطلاقها فسئل الرضا عليه السلام؟ فأفتى: إنها لا تطلق، فكتب الفقهاء رقعة وانفذوها إليه وقالوا له: من أين قلت يا بن رسول الله إنها لم تطلق؟ فوقع عليه السلام في رقعتهم: قلت هذا من روايتكم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال: لمسلمة (يوم) الفتح وقد كثروا عليه: أنتم خير وأصحابي


[ 94 ]

خير ولا هجرة بعد الفتح فامطل الهجرة ولم يجعل هؤلاء اصحابا له قال: فرجعوا إلى قوله. 35 – حدثنا محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثنا سهل بن القاسم قال: سمع الرضا عليه السلام عن بعض أصحابه يقول: لعن الله من حارب أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: قل إلا من تاب واصلح ثم قال: ذنب من تخلف عنه ولم يبت أعظم من ذنب من قاتله ثم تاب.


[ 95 ]

33 – باب (في ذكر ما كتب به الرضا عليه السلام إلى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل) 1 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رحمه الله، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان وحدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد الله الوراق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل عن علي بن العباس، قال: حدثنا القاسم بن الربيع الصحاف عن محمد بن سنان وحدثنا علي بن أحمد بن عبد الله البرقي وعلي بن عيسى المجاور في مسجد الكوفة وأبو جعفر محمد بن موسى البرقي بالري رحمهم الله قالوا: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان أن علي بن موسى الرضا عليه السلام كتب إليه في جواب مسائله: علة غسل الجنابة النظافة وتطهير الانسان نفسه مما أصاب من أذاه وتطهير سائر جسده لأن الجنابة خارجة كل جسده، فلذلك وجب عليه تطهير جسده كله. وعلة التخفيف في البول والغائط لانه أكثر وأدوم من الجنابة فرضي فيه بالوضوء لكثرته ومشقته ومجيئه بغير إرادة ولا شهوة والجنابة لا تكون إلا باستلذاذ منهم والاكراه لانفسهم.


[ 96 ]

وعلة غسل العيدين والجمعة وغير ذلك من الاغسال لما فيه من تعظيم العبد ربه واستقباله الكريم الجليل وطلب المغفرة لذنوبه وليكون لهم يوم عيد معروف يجتمعون فيه على ذكر الله تعالى فجعل فيه الغسل تعظيما لذلك اليوم وتفضيلا له على سائر الايام وزيادة في النوافل والعبادة ولتكون تلك طهارة له من الجمعة إلى الجمعة. وعلة غسل الميت أنه يغسل لانه يطهر وينظف أدناس أمراضه وما أصابه من صنوف علله، لانه يلقي الملائكة ويباشر أهل الاخرة فيستحب إذا ورد على الله ولقي أهل الطهارة ويماسونه ويماسهم أن يكون طاهرا نظيفا موجها به إلى الله عز وجل ليطلب به ويشفع له. وعلة أخرى أنه يخرج منه المني الذي منه خلق فيجنب فيكون غسله له. وعلة اغتسال من غسله أو مسه فطهارة لما أصابه من نضح الميت لأن الميت إذا خرجت الروح منه بقى أكثر آفته فلذلك يتطهر منه ويطهر. وعلة الوضوء التي من أجلها صار غسل الوجه والذراعين ومسح الرأس والرجلين فلقيامه بين يدي الله عز وجل واستقباله إياه بجوارحه الظاهرة وملاقاته بها الكرام الكاتبين فغسل الوجه للسجود والخضوع وغسل اليدين ليقلبهما ويرغب بهما ويرهب ويتبتل ومسح الرأس والقدمين لانهما ظاهران مكشوفان يستقبل بهما في كل حالاته وليس فيهما من الخضوع والتبتل ما في الوجه والذراعين. وعلة الزكاة من أجل قوت الفقراء وتحصين أموال الاغنياء لأن الله تبارك وتعالى كلف أهل الصحة القيام بشأن أهل الزمانة والبلوى كما قال الله تعالى (لتبلون في أموالكم وأنفسكم) (2) في أموالكم بإخراج الزكاة وفي أنفسكم بتوطين الانفس على الصبر مع ما في ذلك من أداء شكر نعم الله عز وجل والطمع في الزيادة مع ما فيه من الرأفة والرحمة لاهل الضعف والعطف على أهل المسكنة والحث لهم على المواسات وتقوية الفقراء والمعونة على أمر الدين


(1) سورة آل عمران: الاية 186.

[ 97 ]

وهم عظة لاهل الغنى وعبرة ليستدلوا على فقراء الاخرة بهم وما لهم من الحث في ذلك على الشكر لله تبارك وتعالى لما خولهم (1) وأعطاهم والدعاء والتضرع والخوف من أن يصيروا مثلهم في أمور كثيرة في أداء الزكاة والصدقات وصلة الارحام واصطناع المعروف. وعلة الحج الوفادة إلى الله تعالى وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف وليكون تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل وما فيه من استخراج الاموال وتعب الابدان وحظرها الشهوات واللذات والتقرب بالعبادة إلى الله عز وجل والخضوع والاستكانة والذل شاخصا إليه في الحر والبرد والامن والخوف دائبا في ذلك دائما وما في ذلك لجميع الخلق من المنافع والرغبة والرهبة إلى الله عز وجل ومنه ترك قساوة القلب وجسارة الانفس ونسيان الذكر وانقطاع الرجاء والعمل وتجديد الحقوق وحظر النفس عن الفساد ومنفعة من في شرق الأرض وغربها ومن في البر والبحر ممن يحج وممن لا يحج من تاجر وجالب وبائع ومشتر وكاسب ومسكين وقضاء حوائج أهل الاطراف والمواضع الممكن لهم الاجتماع فيها كذلك ليشهدوا منافع لهم. وعلة فرض الحج مرة واحدة لأن عز وجل وضع الفرائض على أدنى القوم قوة فمن تلك الفرائض الحج المفروض واحد ثم رغب أهل القوة على قدر طاقتهم. وعلة وضع البيت وسط الأرض أنه الموضع الذي من تحته دحيت (2) وكل ريح تهب في الدنيا، فانها تخرج من تحت الركن الشامي وهي أول بقعة وضعت في الأرض لانها الوسط ليكون الغرض لاهل الشرق والغرب في ذلك سواء وسميت مكة مكة لأن كانوا يمكون (3) فيها وكان يقال لمن قصدها: قد مكا وذلك قول الله عز وجل (وما كان صلوتهم عند البيت إلا


(1) التخويل: الاعطاء. (2) دحيت: بسطت. (3) مكا: صفر أي صوت بالنفخ من شفتيه.

[ 98 ]

مكاء وتصديه) (1) فالمكاء والتصدية صفق اليدين وعلة الطواف بالبيت أن الله تبارك وتعالى قال للملائكة (إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) فردوا على الله تعالى هذا الجواب فندموا ولاذوا بالعرش واستغفروا فاحب الله عز وجل أن يتعبد بمثل ذلك العباد فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى الضراح ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى المعمور بحذاء الضراح ثم وضع هذا البيت بحذاء البيت المعمور ثم أمر آدم عليه السلام فطاف به فتاب الله عز وجل عليه وجرى ذلك في ولده إلى يوم القيامة. وعلة استلام الحجر أن الله تبارك وتعالى لما أخذ ميثاق بني آدم التقمه الحجر فمن ثم كلف الناس تعاهد ذلك الميثاق ومن ثم يقال عند الحجر: أمانتي أديتها وميثاق تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ومنه قول سلمان (ره) ليجيئن الحجر يوم القيامة مثل أبي قبيس له لسان وشفتان يشهد لمن وافاه بالموافاة. والعلة التي من أجلها سميت منى منى: أن جيرئيل قال: هناك لابراهيم عليه السلام تمن على ربك ما شئت فتمنى إبراهيم في نفسه أن يجعل الله مكان ابنه إسماعيل كبشا يأمره بذبحه فداء فاعطى مناه. وعلة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش ليكون العبد ذليلا مسكينا مأجورا محتسبا صابرا فيكون ذلك دليلا له على شدائد الاخرة مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات واعظا له في العاجل دليلا على الاجل ليعلم شدة مبلغ من أهل الفقر والمسكنة في الدنيا والاخره. وحرم الله قتل النفس: لعلة فساد الخلق في تحليله لو أحل وفنائهم وفساد التدبير. وحرم الله عز وجل عقوق الوالدين: لما فيه من الخروج عن التوقير لطاعة الله عز وجل والتوقير للوالدين وتجنب كفر النعمة وإبطال الشكر وما يدعو في * (هامش) (1) سورة الانفال: الاية 35.


[ 99 ]

ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما وقطع الارحام والزهد من الوالدين في الولد وترك التربية لعلة ترك الولد برهما. وحرم الزنا: لما فيه من الفساد من قتل الانفس وذهاب الانساب وترك التربية للاطفال وفساد المواريث وما أشبه من وجوه الفساد. وحرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد أول ذلك أنه إذا أكل الانسان مال اليتيم ظلما فقد اعان على قتله إذ اليتيم غير مستغن ولا محتمل لنفسه ولا عليم بشأنه ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه فإذا أكل ماله فكأنه قد قتله وصيره إلى الفقر والفاقة مع ما خوف الله عز وجل وجعل العقوبة في قوله عز وجل: (وليخش الذين لو تركوا خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله) (1) ولقول أبي جعفر عليه السلام: أن الله عز وجل وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين عقوبة في الدنيا وعقوبة في الاخرة ففي تحريم مال اليتيم استبقاء اليتيم واستقلاله بنفسه والسلامة للعقب أن يصيبه ما أصابه لما وعد الله فيه من العقوبة مع ما ذلك من طلب اليتيم بثاره إذا أدرك ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا. وحرم الله الفرار من الزحف (2) لما فيه من الوهن في الدين والاستخفاف بالرسل والائمة العادلة عليهم السلام وترك نصرتهم على الاعداء والعقوبة لهم على إنكار ما دعوا إليه من الاقرار بالربوبية وإظهار العدل وترك الجور وإماتة الفساد لما في من جرئة العدو على المسلمين وما يكون في ذلك من السبي والقتل وإبطال دين الله عز وجل وغيره من الفساد. وحرم التعرب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك مؤازرة الانبياء والحجج عليهم السلام وما في ذلك من الفساد وإبطال حق كل ذى حق لا لعلة سكنى البدو وكذلك لو عرف بالرجل الدين كاملا لم يجز له مساكنة أهل الجهل


(1) سورة النساء: الاية 9. (2) الزحف: الجهاد.

[ 100 ]

والخوف عليهم لانه لا يؤمن أن يقع منه ترك العلم والدخول مع أهل الجهل والتمادي في ذلك. وحرم ما أهل به لغير الله للذي أوجب الله عز وجل خلقه من الاقرار به وذكر اسمه على الذبائح المحللة ولئلا يسوى بين ما تقرب به إليه وبين ما جعل عبادة للشياطين والاوثان لأن في تسمية الله عز وجل الاقرار بربوبيته وتوحيده وما في الاهلال لغير الله من الشرك به والتقرب به إلى غيره ليكون ذكر الله وتسميته على الذبيحة فرقا بين ما أحل الله وبين ما حرم الله. وحرم سباع الطير والوحش كلها: لاكلها من الجيف ولحوم الناس والعذرة وما أشبه ذلك فجعل عز وجل دلائل ما أحل من الوحش والطير وما حرم كما قال أبي عليه السلام: كل ذي ناب (1) من السباع وذي مخلب (2) من الطير حرام وكل ما كانت له قانصة من الطير (3) فحلال وعلة اخرى يفرق بين ما أحل من الطير وما حرم قوله عليه السلام: كل ما دف (4) ولا تأكل ما صف. وحرم الارنب لانها بمنزلة السنور ولها مخاليب كمخاليب السنور وسباع الوحش فجرت مجريها مع قذرها في نفسها وما يكون منها من الدم كما يكون من النساء لانها مسخ. وعله تحريم الربا: إنما نهى الله عنه لما فيه من فساد الاموال الانسان إذا أشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهما وثمن الاخر باطلا فبيع الربا وكس (5) على كل حال على المشتري وعلى البائع فحرم الله تبارك وتعالى الربا لعلة فساد الاموال كما حظر على السفيه أن يدفع ماله إليه لما يتخوف عليه من إفساده حتى يونس منه رشده فلهذه العلة حرم الله الربا وبيع الدرهم بالدرهمين يدا بيد.


(1) الناب: السن خلف الرباعية. (2) مخلب الطائر بمنزلة الظفر للانسان. (3) القانصة: موضع يجمع فيه الحصى. (4) الدفيف: تحريك الطائر جناحيه حال طيرانه والصفيف خلافه. (5) قال الفيروز آبادي: الوكس كالوعد: النقصان والتنقيص لازم ومتعد.

[ 101 ]

وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله تعالى لها ولم يكن ذلك منه إلا إستخفاف بالتحريم للحرام والاستخفاف بذلك دخول في الكفر وعلة تحريم الربا بالنسبة لعلة ذهاب المعروف وتلف الاموال ورغبة الناس في الربح وتركهم القرض والفرض وصنائع المعروف ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الاموال. وحرم الخنزير: لانه مشوه (1) جعله الله عز وجل عظة للخلق وعبرة وتخويفا ودليلا على ما مسخ على خلقته ولأن غذاءه أقذر الاقذار مع علل كثيرة وكذلك حرم القرد لانه مسخ مثل الخنزير وجعل عظة وعبرة للخلق ودليلا على ما مسخ على خلقته وصورته وجعل فيه شبها من الانسان ليدل على أنه من الخلق المغضوب عليهم. وحرمت الميتة لما فيها من فساد الابدان والافة ولما أراد الله عز وجل أن يجعل تسميته سببا للتحليل وفرقا بين الحلال والحرام. وحرم الله عز وجل الدم كتحريم الميتة: لما فيه من فساد الابدان ولانه يورث الماء الاصفر ويبخر الفم وينتن الريح ويسئ الخلق ويورث القسوة للقلب وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل والده وصاحبه. وحرم الطحال لما فيه من الدم ولأن علته وعلة الدم والميتة واحدة لانه يجري مجراها في الفساد. وعلة المهر ووجوبه على الرجال ولا يجب على النساء أن يعطين أزواجهن لأن للرجل مؤنة المرأة ولأن المرأة بائعة نفسها والرجل مشتري ولا يكون البيع إلا بثمن ولا الشراء بغير إعطاء الثمن مع أن النساء محظورات عن التعامل والمتجر مع علل كثيرة. وعلة التزويج للرجل أربعة نسوة وتحريم أن تتزوج المرأة أكثر من واحد


(1) مشوه كمعظم: قبيح الشكل.

[ 102 ]

لأن الرجل إذا تزوج أربع نسوة كان الولد منسوبا إليه والمرأة لو كان لها زوجان وأكثر من ذلك لم يعرف الولد لمن هو؟ إذ هم مشتركون في نكاحها وفي ذلك فساد الانساب والمواريث والمعارف. وعلة التزويج العبد اثنتين لا أكثر منه لانه نصف رجل حر في الطلاق والنكاح لا يملك نفسه ولا له مال إنما ينفق مولاه عليه وليكون ذلك فرقا بينه وبين الحر وليكون أقل لاشتغاله عن خدمة مواليه. وعلة الطلاق ثلاثا: لما فيه من المهلة فيما بين الواحدة إلى الثلاث لرغبة تحدث أو سكون غضبه كان وليكون ذلك تخويفا وتأديبا للنساء وزجرا لهن عن معصية أزواجهن فاستحقت المرأة الفرقة والمباينة لدخولها فيما لا ينبغى من معصية زوجها. وعلة تحريم المرأة تسع تطليقات فلا تحل له أبدا عقوبة لئلا يتلاعب بالطلاق ولا يستضعف المرأة وليكون ناظرا في أموره متيقظا معتبرا وليكون يأسا لهما من الاجتماع بعد تسع تطليقات. وعلة طلاق المملوك اثنتين لأن طلاق الامة على النصف فجعله اثنتين احتياطا لكمال الفرائض وكذلك في الفرق في العدة للمتوفي عنها زوجها. وعلة ترك شهادة النساء في الطلاق والهلال لضعفهن: عن الرؤية ومحاباتهن في النساء الطلاق فلذلك لا يجوز شهادتهن إلا في موضع ضرورة مثل شهادة القابلة وما لا يجوز للرجال أن ينظروا إليه كضرورة تجويز شهادة أهل الكتاب إذا لم يوجد غيرهم وفي كتاب الله عز وجل (اثنان ذوي عدل منكم مسلمين أو آخران من غيركم) (1) كافرين ومثل شهادة الصبيان على القتل إذا لم يوجد غيرهم. والعلة في شهادة أربعة في الزنا واثنين في سائر الحقوق: لشدة حد المحصن


(1) سورة المائدة: الاية 106.

[ 103 ]

لأن فيه القتل فجعلت الشهادة فيه مضاعفة مغلظة لما فيه من قتل نفسه وذهاب نسب ولده ولفساد الميراث. وعلة تحليل مال الولد لوالده بغير إذنه وليس ذلك للولد لأن الولد مولود للوالد في قول الله عز وجل (يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور) (1) مع أنه المأخوذ بمؤنته صغيرا أو كبيرا والمنسوب إليه أو المدعو له لقول الله عز وجل (أدعوهم لابائهم هو أقسط عند الله) (2) وقول النبي (ص) أنت ومالك لابيك وليس للوالدة كذلك لا تأخذ ماله إلا بإذنه أو بإذن الاب لأن الاب مأخوذ بنفقة الولد ولا تؤخذ المرأة بنفقة ولدها. والعلة في أن البينة في جميع الحقوق على المدعي واليمين على المدعى عليه ما خلا الدم لأن المدعي عليه جاحد ويمكنه إقامة البينة على الجحود ولانه مجهول وصارت البينة في الدم على المدعى عليه واليمين على المدعي لانه حوط (3) يحتاط به المسلمون لئلا يبطل دم امرء مسلم وليكون زاجرا وناهيا للقاتل لشدة إقامة البينة عليه لان من يشهد على أنه لم يفعل قليل. وأما علة القسامة أن جعلت خمسين رجلا فلما في ذلك من التغليظ والتشديد والاحتياط لئلا يهدر دم امرء مسلم. وعلة قطع اليمين السارق لانه يباشر الاشياء بيمينه وهي أفضل أعضائه وأنفعها له فجعل قطعها نكالا وعبرة للخلق لئلا يبتغوا أخذ الاموال من غير حلها ولانه أكثر ما يباشر السرقة بيمينه وحرم غصب الاموال وأخذها من غير حلها لما من أنواع الفساد والفساد محرم لما فيه من الفناء وغير ذلك من وجوه الفساد. وحرمة السرقة لما فيه من فساد الاموال وقتل الانفس لو كانت مباحة ولما يأتي في التغاصب من القتل والتنازع والتحاسد وما يدعو إلى ترك التجارات والصناعات في المكاسب واقتناء الاموال إذا كان الشئ المقتنى لا يكون أحد


(1) سورة الشورى: الاية 49. (2) سورة الاحزاب: الاية 5. (3) حاطه: حفظه.

[ 104 ]

أحق به من أحد. وعلة ضرب الزاني على جسده بأشد الضرب لمباشرته الزنا واستلذاذ الجسد كله به فجعل الضرب عقوبة له وعبرة لغيره وهو أعظم الجنايات. وعلة ضرب القاذف وشارب الخمر ثمانين جلدة لأن في القذف نفي الولد وقطع النفس وذهاب النسب وكذلك شارب الخمر لانه إذا شرب هذى وإذا هذى افترى فوجب عليه حد المفتري. وعلة القتل بعد إقامة الحد في الثالثة على الزاني والزانية لاستحقاقهما وقلة مبالاتهما بالضرب حتى كأنهما مطلق لهما ذلك الشئ. وعلة أخرى أن المستخف بالله وبالحد كافر فوجب عليه القتل لدخوله في الكفر وعلة تحريم الذكران للذكران والاناث بالاثاث لما ركب في الاناث وما طبع عليه الذكران ولما في إتيان الذكران الذكران والاناث الاناث من إنقطاع النسل وفساد التدبير وخراب الدنيا. وأحل الله تبارك وتعالى لحوم البقر والغنم والابل لكثرثها وإمكان وجودها وتحليل بقر الوحش وغيرها من أصناف ما يؤكل الوحش المحللة لأن غذائها غير مكروه ولا محرم ولا هي مضرة بعضها ببعض ولا مضرة بالانس ولا في خلقتها تشويه (1). وكره كل لحوم البغال والحمير الاهلية لحاجة إلى ظهورها واستعمالها والخوف من قلتها لا لقذر خلقتها ولا لقذر غذائها. وحرم النظر إلى شعور النساء المحجوبات بالازواج وإلى غيرهن من النساء لما من تهييج الرجال وما يدعو التهييج إليه من الفساد والدخول فيما لا يحل ولا يجمل وكذلك ما أشبه الشعور إلا الذي قال الله تعالى (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير


(1) التشويه: التقبيح.

[ 105 ]

متبرجات بزينة) (1). أي غير الجلباب فلا بأس بالنظر إلى شعور مثلهن. وعلة إعطاء النساء نصف ما يعطى الرجال من الميراث لأن المرأة إذا تزوجت أخذت والرجل يعطي فلذلك وفر على الرجال. وعلى أخرى في إعطاء الذكر مثلي ما يعطى الانثى لان الانثى في عيال الذكر إن إحتاجت وعليه أن يعولها وعليه نفقتها وليس على المرأة أن تعول الرجل ولا يؤخذ بنفقته إن احتاج فوفر الله تعالى على الرجال لذلك وذلك قول الله عز وجل: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم) (2). وعلة المرأة أنها لا ترث من العقار شيئا إلا قيمة الطوب (3) والنقض (4) لأن العقار لا يمكن تغييره وقلبه والمرأة يجوز أن ينقطع ما بينها وبينه من العصمة ويجوز تغييرها وتبديلها وليس الولد والوالد كذلك لانه لا يمكن التفصي منهما والمرأة يمكن الاستبدال بها فما يجوز أن يجئ ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره إذا أشبهه وكان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثله الثبات والقيام. 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن محمد بن سنان قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: حرم الله الخمر لما فيها من الفساد ومن تغييرها عقول شاربيها وحملها إياهم على إنكار الله عز وجل والفرية عليه ورسله وسائر ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف والزنا وقلة الاحتجاز من شئ من الحرام، فبذلك قضينا على كل مسكر من الاشربة أنه حرام محرم لانه يأتي من عاقبتها ما يأتي من عاقبة الخمر فليجتنبه من يؤمن بالله واليوم الاخر ويتولانا وينتحل مودتنا كل شراب مسكر فانه لا عصمة بيننا وبين شاربيها


(1) سورة النور: الاية 60. (2) سورة النساء: الاية 34. (3) الطوب بالضم: الاجر قاله الفيروز آبادي في القاموس. (4) النقض: المنقوض من البناء.

[ 106 ]

34 – باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها أنه سمعها من الرضا علي بن موسى عليه السلام مرة بعده مرة وشيئا بعد شئ فجمعها وأطلق لعلي بن محمد بن قتيبة النيسابوري روايتها عنه عن الرضا عليه السلام 1 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمأة قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قال أبو محمد الفضل بن شاذان النيسابوري وحدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان قال: قال: الفضل بن شاذان: إن سئل سائل فقال أخبرني هل يجوز أن يكلف الحكيم عبده فعلا الافاعيل لغير علة ولا معنى قيل له: لا يجوز ذلك لانه حكيم غير عابث ولا جاهل فإن قال قائل: فاخبرني لم كلف الخلق؟ قيل لعلل كثيرة فإن قال (قائل): فاخبرني عن تلك العلل معروفة موجودة هي أم غير معروفة ولا موجودة؟ قيل: بل معروفة موجودة عند أهلها فإن قال: أتعرفونها أنتم أم لا تعرفونها؟ قيل لهم منها ما نعرفه ومنها ما لا نعرفه. فإن قال (قائل): فما أول الفرائض؟ قيل له: الاقرار بالله وبرسوله وحجته وبما جاء من عند الله عز وجل فان قال (قائل): لم أمر الخلق بالاقرار بالله وبرسله وبحججه وبما جاء من عند الله عز وجل؟ قيل: لعلل كثيرة منها أن من لم يقربالله عز وجل ولم يجتنب معاصيه ولم ينته عن إرتكاب الكبائر ولم يراقب


[ 107 ]

أحدا فيما يشتهي ويستلذ عن الفساد والظلم وإذا فعل الناس هذه الاشياء وأرتكب كل إنسان ما يشتهي ويهواه من غير مراقبة لاحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين ووثوب بعضهم بعض فغصبوا الفروج والاموال وأباحوا الدماء والنساء وقتل بعضهم بعضا من حق ولا جرم فيكون في ذلك خراب الدنيا وهلاك الخلق وفساد الحرث والنسل ومنها أن الله عزوجل حكيم ولا يكون الحكيم ولا يوصف بالحكمة إلا الذي يحظر الفساد ويأمر بالصلاح ويزجر عن الظلم وينهي عن الفواحش ولا يكون حظر الفساد والامر بالصلاح والنهي عن الفواحش إلا بعد الاقرار بالله عزوجل ومعرفة الامر والناهي ولو ترك الناس بغير إقرار بالله عز وجل ولا معرفته لم يثبت أمر بصلاح ولا نهي عن فساد إذ لا آمر ولا ناهي ومنها إنا وجدنا الخلق قد يفسدون بأمور باطنة مستورة عن الخلق فلولا الاقرار بالله وخشيته بالغيب لم يكن أحد إذا خلا بشهوته وإرادته يراقب أحدا في ترك معصية وإنتهاك حرمة وإرتكاب كبيرة إذا كان فعله ذلك مستورا عن الخلق مراقب لاحد فكان يكون في ذلك خلاف الخلق أجمعين فلم يكن قوام الخلق وصلاحهم إلا بالاقرار منهم بعليم خبير يعلم السر وأخفى آمر بالصلاح ناه عن الفساد ولا تخفى عليه خافية ليكون في ذلك إنزجار لهم عما يخلون من أنواع الفساد. فإن قال (قائل): فلم وجب عليهم معرفة الرسل والاقرار بهم والاذعان لهم بالطاعة؟ قيل: لانه لما أن لم يكن في خلقهم وقواهم ما يكملون به مصالحهم والصانع متعاليا عن أن يرى وكان ضعفهم وعجزهم إدراكه ظاهرا لم يكن بد لهم من رسول بينه وبينهم معصوم يؤدي إليهم أمره ونهيه وأدبه ويقفهم على ما يكون به اجترار منافعهم ومضارهم فلو لم يجب معرفته وطاعته لم يكن لهم في مجئ الرسول منفعة ولا سد حاجة ولكان يكون إتيانه عبثا لغير منفعة وصلاح وليس هذا من صفة الحكيم الذي أتقن كل شئ. فإن قال (قائل): فلم جعل أولي الامر وأمر بطاعتهم؟ قيل: لعلل كثيرة منها أن الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلا بان يجعل عليهم فيه أمينا يمنعهم


[ 108 ]

من التعدي والدخول فيما حظر عليهم لانه لو لم يكن ذلك لكان أحد لا يترك لذته ومنفعته لفساد غيره فجعل قيما يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والاحكام ومنها انا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلا بقيم ورئيس ولما لا بد لهم منه في أمر الدين والدنيا فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق مما يعلم أنه لا بد له منه ولا قوام لهم إلا به فيقاتلون به عدوهم ويقسمون فيئهم ويقيم لهم جمهم وجماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم ومنها أنه لو لم يجعل لهم إماما قيما أمينا حافظا مستودعا لدرست الملة وذهب الدين وغيرت السنن والاحكام ولزاد فيه المبتدعون ونقص منه الملحدون وشبهوا ذلك على المسلمين لانا وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين إختلافهم وإختلاف أهوائهم وتشتت أنحاءهم فلو لم يجعل لهم قيما حافظا لما جاء به الرسول (ص) لفسدوا نحو ما بينا وغيرت الشرائع والسنن والاحكام والايمان وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين. فإن (قائل): فلم لا يجوز أن لا يكون في الأرض إمامان في وقت واحد وأكثر من ذلك؟ قيل: لعلل منها أن الواحد يختلف فعله وتدبيره والاثنين لا يتفق فعلهما وتدبيرهما وذلك انا لم نجد اثنين إلا مختلفي الهمم والارادة فإذا كانا اثنين ثم اختلفت هممهما وأرادتهما وتدبيرهما وكانا كلاهما مفترضي الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه فكأن يكون في ذلك إختلاف الخلق والتشاجر والفساد ثم لا يكون أحد مطيعا لاحدهما إلا وهو عاص للاخر فتعم معصية أهل الأرض ثم لا يكون لهم مع ذلك السبيل إلى الطاعة والايمان ويكونون إنما أتوا في ذلك من قبل الصانع الذي وضع لهم باب الاختلاف والتشاجر والفساد إذ أمرهم باتباع المختلفين ومنها أنه لو كانا إمامين لكان لكل من الخصمين أن يدعو إلى غير الذي يدعو إليه صاحبه في الحكومة ثم لا يكون أحدهما أولى بان يتبع صاحبه فيبطل الحقوق والاحكام والحدود ومنها أنه لا يكون واحد من الحجتين أولى بالنطق والحكم والامر والنهي من الاخر وإذا كان هذا كذلك وجب عليهما أن يبتديا بالكلام وليس لاحدهما أن يسبق صاحبه بشئ إذا كانا في الامامة شرعا واحدا فإن جاز لاحدهما السكوت جاز السكوت للاخر وإذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق


[ 109 ]

والاحكام وعطلت الحدود وصار الناس كأنهم لا إمام لهم. فإن (قائل): فلم لا يجوز أن يكون الامام من غير جنس الرسول (ص)؟ قيل: لعلل منها أنه لما كان الامام مفترض الطاعة لم يكن بد من دلالة تدل عليه ويتميزه بها من غيره وهي القرابة المشهورة والوصية الظاهرة ليعرف من غيره ويهتدي إليه بعينه، ومنها أنه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على الرسل إذ جعل أولاد الرسول أتباعا لاولاد أعدائه كأبي جهل وابن أبي معيط لانه قد يجوز بزعمهم أن ينتقل في أولادهم إذا كانوا مؤمنين فيصير أولاد الرسول تابعين وأولاد أعداء الله وأعداء رسوله متبوعين فكان الرسول أولى بهذه الفضيلة من غيره وأحق، ومنها أن الخلق إذا أقروا للرسول بالرسالة واذعنوا له بالطاعة لم يتكبر أحد منهم عن أن يتبع ولده ويطيع ذريته ولم يتعاظم ذلك في أنفس الناس، وإذا كان ذلك في غير جنس الرسول كان كل واحد في نفسه أنهم أولى به من غيره ودخلهم من الكبر ولم تسنح انفسهم بالطاعة لمن هو عندهم دونهم، فكان يكون ذلك داعية لهم إلى الفساد والنفاق والاختلاف. فإن قال (قائل): فلم وجب عليهم الاقرار والمعرفة بان الله واحد أحد؟: قيل لعلل منها إنه لو لم يجب عليهم الاقرار والمعرفة لجاز لهم أن يتوهموا مدبرين أو أكثر من ذلك وإذا جاز ذلك لم يهتدوا إلى الصانع لهم من غيره لأن كل انسان منهم كان لا يدري لانه إنما يعبد غير الذي خلقه ويطيع غير أمره فلا يكونون على حقيقة من صانعهم وخالقهم ولا يثبت عندهم أمر آمر ولا نهي ناه إذا لا يعرف الامر بعينه ولا الناهي من غيره، ومنها أنه لو جاز أن يكون إثنين لم يكن أحد الشريكين أولى بأن يعبد ويطاع من الاخر وفي اجازة أن يطاع ذلك الشريك إجازة أن لا يطاع الله وفي إجازة أن لا يطاع الله كفر بالله وبجميع كتبه ورسله وإثبات كل باطل وترك كل حق وتحليل كل حرام وتحريم كل حلال والدخول في كل معصية والخروج من كل طاعة وإباحة كل فساد وإبطال كل حق ومنها أنه لو جاز أن يكون أكثر من واحد لجاز لابليس أن يدعي أنه ذلك الاخر حتى يضاد الله تعالى في جميع حكمه ويصرف العباد إلى


[ 110 ]

نفسه فيكون في ذلك اعظم الكفر وأشد النفاق. فإن قال (قائل): فلم وجب عليهم الاقرار بالله بأنه ليس كمثله شئ؟ قيل: لعلل منها أن لا يكونوا قاصدين نحوه بالعبادة والطاعة دون غيره غير مشتبه عليهم أمر ربهم وصانعهم ورازقهم وأنهم لولا يعلموا أنه ليس كمثله شئ لم يدروا لعل ربهم وصانعهم هذه الاصنام التي نصبها لهم آباؤهم والشمس والقمر والنيران إذا كان جائزا أن يكون عليهم مشتبه وكان يكون في ذلك الفساد وترك طاعاته كلها وإرتكاب معاصيه كلها على قدر ما يتناهى إليهم من أخبار هذه الارباب وأمرها ونهيها ومنها أنه لو لم يجب عليهم أن يعرفوا أن ليس كمثله شئ لجاز عندهم أن يجري عليه ما يجري على المخلوقين من العجز والجهل والتغيير والزوال والفناء والكذب والاعتداء ومن جازت عليه هذه الاشياء لم يؤمن فنائه ولم يوثق بعدله ولم يحقق قوله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه وفي ذلك فساد الخلق وإبطال الربوبيه. فإن قال (قائل): لم أمر الله العباد ونهاهم؟ قيل: لانه لا يكون بقاؤهم وصلاحهم إلا بالامر والنهي والمنع من الفساد والتغاصب. فإن قال (قائل): فلم تعبدهم؟ قيل لئلا يكونوا ناسين لذكره ولا تاركين لادبه ولا لاهين عن أمره ونهيه إذا كان فيه صلاحهم وقوامهم فلو تركوا بغير تعبد لطال عليهم الامد (1) فقست قلوبهم. فإن قال (قائل): فلم أمروا بالصلاة؟ قيل: لأن في الصلاة الاقرار بالربوبية وهو صلاح عام لان فيه خلع الانداد (2) والقيام بين يدي الجبار بالذل والاستكانة والخضوع والخشوع والاعتراف وطلب الاقالة من سالف الذنوب ووضع الجبهة على الأرض كل يوم وليلة ليكون العبد ذاكرا لله غير ناس له ويكون خاشعا وجلا متذللا طالبا راغبا في الزيادة للدين والدنيا مع ما فيه من الانزجار الفساد، وصار ذلك عليه في كل يوم وليله لئلا ينسى العبد مدبره


(1) الامد: الغاية ومنتهى الشئ، يقال (طال عليهم الامد) أي الاجل. (2) الانداد جمع الند، يقال: (ما له ند) أي ما له نظير.

[ 111 ]

وخالقه فيبطر ويطغي (1) وليكون في طاعة خالقه والقيام بين يدي ربه زاجرا له عن المعاصي وحاجزا ومانعا له عن أنواع الفساد. فإن قال (قائل): فلم أمروا بالوضوء وبدأ به؟ قيل له: لأن يكون العبد طاهرا إذا قام بين يدي الجبار وعند مناجاته إياه مطيعا له فيما أمره نقيا من الادناس والنجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار. فإن قال (قائل): فلم وجب ذلك على الوجه واليدين والرأس والرجلين؟ قيل: لأن العبد إذا قام بين يدي الجبار فإنما ينكشف عن جوارحه ويظهر ما وجب فيه الوضوء وذلك بانه بوجهه يسجد ويخضع وبيده يسأل ويرغب ويرهب ويتبتل وينسك وبرأسه يستقبل في ركوعه وسجوده وبرجليه يقوم ويقعد. فإن قال (قائل): فلم وجب الغسل على الوجه واليدين وجعل المسح على الرأس والرجلين ولم يجعل ذلك غسلا كله أو مسحا كله؟ قيل: لعلل شتى منها أن العبادة العظمى إنما هي الركوع والسجود وإنما يكون الركوع والسجود بالوجه واليدين لا بالرأس والرجلين ومنها أن الخلق لا يطيقون في كل وقت غسل الرأس والرجلين ويشتد ذلك عليهم في البرد والسفر والمرض وأوقات من الليل والنهار وغسل الوجه واليدين أخف من غسل الرأس والرجلين وإذا وضعت الفرائض على قدر أقل طاقة من أهل الصحة ثم عم فيها القوي والضعيف ومنها أن الرأس والرجلين ليس هما في كل وقت باديان ظاهران كالوجه واليدين لموضع العمامة والخفين وغير ذلك. فإن قال (قائل): فلم وجب الوضوء مما خرج من الطرفين خاصة ومن النوم دون سائر الاشياء؟ قيل: لأن الطرفين هما طريق النجاسة وليس للانسان طريق تصيبه النجاسة من نفسه إلا منهما، فأمروا بالطهارة عندما تصيبهم تلك النجاسة من أنفسهم وأما النوم فلان النائم إذا غلب عليه النوم يفتح كل شئ


(1) بطر: طغى بالنعمة أو عندها فصرفها إلى غير وجهها.

[ 112 ]

منه واسترخى فكان اغلب الاشياء عليه في الخروج منه الريح فوجب عليه الوضوء لهذه العلة. فإن قال (قائل): فلم لم يأمروا بالغسل من هذه النجاسة كما امروا بالغسل من الجنابة؟ قيل: لأن هذا شئ دائم غير ممكن للخلق الاغتسال منه كلما يصيب ذلك (ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها) والجنابة ليست هي أمر دائم إنما هي شهوة تصيبها إذا أراد ويمكنه تعجيلها وتأخيرها الايام الثلاثة والاقل والاكثر وليس ذلك هكذا. فإن قال (قائل): فلم أمروا بالغسل من الجنابة ولم يؤمروا بالغسل من الخلا وهو أنجس من الجنابة وأقذر؟ قيل: من أجل أن الجنابة من نفس الانسان وهو شئ يخرج من جميع جسده والخلا ليس هو من نفس الانسان إنما هو غذاء يدخل من باب ويخرج من باب. فإن قال (قائل): أخبرني عن الاذان لم أمروا؟ قيل: لعلل كثيرة منها أن يكون تذكيرا للساهي وتنبيها للغافل وتعريفا لمن جهل الوقت واشتغل عن الصلاة وليكون داعيا إلى عبادة الخالق مرغبا فيها مقرا له بالتوحيد مجاهرا بالايمان معلنا بالاسلام مؤذنا لمن نسيها وإنما يقال: مؤذن لانه يؤذن بالصلاة. فإن قال (قائل): فلم بدأ بالتكبير قبل التهليل؟ قيل: لانه أراد أن يبدأ بذكره وأسمه لأن أسم الله تعالى في التكبير في أول الحرف وفي التهليل أسم الله في آخر الحرف فبدء بالحرف الذي أسم الله في أوله لا في آخره. فإن قال (قائل): فلم جعل مثنى مثنى؟ قيل: لأن لا يكون مكررا في آذان المستمعين مؤكدا عليهم إن سهى أحد عن الاول لم يسه عن الثاني ولأن الصلاة ركعتان ركعتان ولذلك جعل الاذان مثنى مثنى. فإن قال (قائل): فلم جعل التكبير أول الاذان أربعا؟ قيل: لأن أول الاذان إنما يبدأ غفلة وليس قبله كلام ينبه المستمع فجعل ذلك تنبيها للمستمعين لما بعده في الاذان. فإن قال (قائل): فلم جعل بعد التكبير شهادتين؟ قيل: أول


[ 113 ]

الايمان إنما هو التوحيد والاقرار لله عز وجل بالوحدانية والثاني الاقرار للرسول بالرسالة وإن طاعتهما ومعرفتهما مقرونتان وأن أصل الايمان هو إنما الشهادة، فجعل الشهادتين في الاذان كما جعل في سائر الحقوق شهادتين فإذا أقر لله تعالى بالوحدانية والاقرار للرسول بالرسالة فقد أقر بجملة الايمان لان أصل الايمان إنما هو الاقرار بالله وبرسوله. فإن قال (قائل): فلم جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة؟ قيل: لأن الاذان إنما وضع لموضع الصلاة وإنما هو النداء إلى الصلاة فجعل النداء إلى الصلاة في وسط الاذان فقدم المؤذن قبلها أربعا التكبيرتين والشهادتين وأخر بعدها أربعا يدعوا إلى الفلاح حثا على البر والصلاة ثم دعا إلى خير العمل مرغبا فيها وفي عملها وفي أدائها ثم نادى بالتكبير والتهليل ليتم بعدها أربعا كما أتم قبلها أربعا وليختم كلامه بذكر الله كما فتحه بذكر الله. فإن قال (قائل): فلم جعل آخرها التهليل ولم يجعل آخرها التكبير كما جعل في أولها التكبير قيل: لأن التهليل أسم الله في آخره فاحب الله تعالى أن يختم الكلام باسمه كما فتحه باسمه. فإن قال (قائل): فلم لم يجعل بدل التهليل التسبيح والتحميد وأسم الله في آخرهما؟ قيل: لأن التهليل إقرار لله تعالى بالتوحيد وخلع الانداد من دون وهو أول الايمان وأعظم من التسبيح والتحميد. فإن قال: فلم بدأ في الاستفتاح والركوع والسجود والقيام والقعود بالتكبير؟ قيل: لعله التي ذكرناها في الاذان. فإن قال: فلم جعل الدعاء في الركعة الاولى قبل القراءة ولم جعل في ركعة الثانية القنوت بعد القراءة؟ قيل: لانه أحب أن يفتح قيامه لربه وعبادته بالتحميد والتقديس والرغبة والرهبة ويختمه بمثل ذلك وليكون في القيام عند القنوت أطول فأحرى أن يدرك المدرك الركوع ولا يفقه الركعة في الجماعة. فإن قال: فلم أمروا بالقراءة في الصلاة؟ قيل: لئلا القراءة مهجورا مضيعا وليكون محفوظا فلا يضمحل ولا يجهل


[ 114 ]

فإن قال: فلم بدء بالحمد في كل قراءة دون سائر السور؟ قيل: لانه ليس شئ في القرآن والكلام جمع فيه جوامع الخير والحكمة ما جمع في سورة الحمد وذلك أن قوله تعالى (الحمد لله) إنما هو أداء لما أوجب الله تعالى على خلقه من الشكر وشكره لما وفق عبده للخير (رب العالمين) تمجيد له وتحميد وإقرار وأنه هو الخالق المالك لا غيره (الرحمن الرحيم) استعطاف وذكر لالائه ونعمائه على جميع خلقه (مالك يوم الدين) إقرار له بالبعث والنشور والحساب والمجازات وايجاب له ملك الاخرة كما أوجب له ملك الدنيا (إياك نعبد) رغبة وتقرب إلى الله عز وجل وإخلاص بالعمل له دون غيره (وإياك نستعين) استزادة توفيقه وعبادته واستدامته لما أنعم الله وبصره (إهدنا الصراط المستقيم) إسترشاد لادبه واعتصام بحبله واستزادة في المعرفة بربه وبعظمته وبكبريائه (صراط الذين أنعمت عليهم) توكيد في السؤال والرغبة وذكر لما تقدم من أياديه ونعمه على أوليائه ورغبة في مثل تلك النعم (غير المغضوب عليهم) استعاذة من أن يكون من المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره ونهيه (ولا الضالين) إعتصام من أن يكون من الضالين الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة ويحسبون (أنهم يحسنون صنعا) فقد إجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة في أمر الاخرة والدنيا ما لا يجمعه من الاشياء. فإن قال: فلم جعل التسبيح في الركوع والسجود؟ قيل: لعلل منها أن يكون العبد مع خضوعه وخشوعه وتعبده وتورعه واستكانته وتذلله وتواضعه وتقربه إلى ربه مقدسا له ممجدا مسبحا مطيعا معظما شاكرا لخالقه ورازقه فلا يذهب به الفكر والاماني غير إلى الله. فإن قال: فلم جعل أصل الصلاة ركعتين ولم زيد على بعضها ركعة وعلى بعضها ركعتان ولم يزد بعضها شئ؟ قيل: لأن أصل الصلاة إنما هي ركعة واحدة لأن أصل العدد واحد فإن نقصت من واحدة فليست هي صلاة فعلم الله عزوجل إن العباد لا يؤدون تلك الركعة الواحدة التي لا صلاة أقل منها بكمالها وتمامها والاقبال عليها فقرن إليها ركعة أخرى ليتم بالثانية ما نقص من الاولى ففرض عز وجل أصل الصلاة ركعتين ثم علم رسول الله


[ 115 ]

(ص): أن العباد لا يؤدون هاتين الركعتين بتمام ما أمروا به وكماله فضم إلى الظهر والعصر والعشاء الاخرة ركعتين ركعتين ليكون فيها تمام الركعتين الاوليين أنه علم إن صلاة المغرب يكون شغل الناس في وقتها أكثر للانصراف إلى الافطار والاكل والشرب والوضوء والتهيئة للمبيت فزاد فيها ركعة واحدة ليكون أخف علييهم، ولأن تصير ركعات الصلاة في اليوم والليلة فردا ثم ترك الغداة على حالها لأن الاشتغال في وقتها أكثر والمبادرة إلى الحوائج فيها اعم، ولأن القلوب أخلى من الفكر لقلة معاملات الناس بالليل ولقلة الاخذ والاعطاء فالانسان فيها أقبل على صلاته منه في غيرها الصلوات، لأن الفكر أقل لعدم العمل من الليل. فإن قال: فلم جعلت التكبير في الاستفتاح سبع تكبيرات؟ قيل إنما جعل ذلك لأن التكبير في الركعة الاولى التي هي الاصل سبع تكبيرات تكبيرة الاستفتاح وتكبيرة الركوع وتكبيرتان للسجود وتكبيرة أيضا للركوع وتكبيرتان للسجود فإذا كبر الانسان أول الصلاة سبع تكبيرات فقد احرز التكبير كله فإن سهى في شئ منها أو تركها يدخل عليه نقص في صلاته. فإن قال: فلم جعل ركعة وسجدتين؟ قيل: لأن الركوع من فعل القيام، والسجود فعل القعود وصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، فضوعف السجود ليستوي بالركوع فلا يكون بينهما تفاوت، لأن الصلاة إنما هي ركوع وسجود. فإن قال: فلم جعل التشهد بعد الركعتين؟ قيل: لانه كما تقدم قبل الركوع والسجود الاذان والدعاء والقراءة فكذلك أيضا أمر بعدها التشهد والتحميد والدعاء. فإن قال: فلم جعل التسليم تحليل الصلاة ولم يجعل بدله تكبيرا أو تسبيحا أو ضربا آخر؟ قيل: لانه لما كان في الدخول في الصلاة تحريم الكلام للمخلوقين والتوجه إلى الخالق كان تحليلها كلام المخلوقين والانتقال عنها وابتداء المخلوقين في الكلام إنما هو بالتسليم. فإن قال: فلم جعل القراءة في الركعتين الاوليين والتسبيح في


[ 116 ]

الاخيرتين؟ قيل: للفرق بين ما فرض الله عز وجل من عنده وما فرضه من عند رسوله. فإن قال: فلم جعل الجماعة؟ قيل: لئلا يكون الاخلاص والتوحيد والاسلام والعبادة لله إلا ظاهرا مكشوفا مشهورا، لان في إظهاره حجة على أهل الشرق والغرب لله وحده عزوجل وليكون المنافق والمستخف مؤديا لما أقر به بظاهر الاسلام والمراقبة وليكون شهادات الناس بالاسلام بعضهم لبعض جائزة ممكنة مع ما فيه من المساعدة على البر والتقوى والزبد عن كثير من معاصي الله عزوجل. فإن قال: فلم جعل الجهر في بعض الصلاة ويجعل في بعض؟ قيل: لأن الصلاة التي يجهر فيها إنما هي صلاة تصلى في أوقات مظلمة فوجب أن يجهر فيها لأن يمر المار فيعلم أن هيهنا جماعة، فإذا أراد أن يصلي صلى، ولانه إن لم ير جماعة تصلي سمع وعلم ذلك من جهة السماع والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما فانما هما بالنهار وفي أوقات مضيئة فهي تدرك من جهة الرؤية فلا يحتاج فيها إلى السماع. فإن قال: فلم جعل الصلاة هذه الاوقات ولم تقدم ولم تؤخر؟ قيل: لأن الاوقات المشهورة المعلومة التي تعم أهل الأرض، فيعرفها الجاهل والعالم أربعة غروب الشمس معروف مشهور يجب عنده المغرب وسقوط الشفق مشهور معلوم يجب عنده العشاء الاخرة وطلوع الفجر مشهور معلوم يجب عنده الغداد وزوال الشمس مشهور معلوم يجب عنده الظهر ولم يكن للعصر وقت معلوم مشهور مثل هذه الاوقات فجعل وقتها عند الفراغ من الصلاة التي قبلها. وعلة أخرى أن الله عز وجل أحب أن يبدأ الناس في كل عمل أولا بطاعته وعبادته فأمرهم أول النهار أن يبدؤا بعبادته ثم ينتشروا فيما احبوا من مرمة دنياهم فأوجب صلاة الغداة عليهم، فإذا كان نصف النهار وتركوا ما كانوا فيه من الشغل وهو وقت يضع فيه ثيابهم ويستريحون ويشتغلون بطعامهم وقيلولتهم فأمرهم أن يبدؤا أولا بذكره وعبادته، فأوجب عليهم الظهر ثم يتفرغوا لما أحبوا من ذلك فإذا قضوا وطرهم وأرادوا الانتشار في العمل لاخر


[ 117 ]

النهار بدؤا أيضا بطاعته، ثم صاروا إلى ما أحبوا من ذلك فما وجب عليهم العصر ثم ينتشرون فيما شاؤا من مرمة دنياهم فإذا جاء الليل ووضعوا زينتهم وعادوا إلى أوطانهم ابتدؤا أولا بعبادة ربهم ثم يتفرغون لما أحبوا من ذلك فأوجب عليهم المغرب فإذا جاء وقت النوم وفرغوا مما كانوا به مشتغلين أحب أن يبدؤا أولا بعبادته وطاعته ثم يصيرون إلى ما شاؤا أن يصيروا إليه ذلك فيكونوا قد بدؤا في كل عمل بطاعته وعبادته، فأوجب عليهم العتمة (1) فإذا فعلوا ذلك لم ينسوه ويغفلوا عنه ولم تقس قلوبهم ولم تقل رغبتهم. فإن قال: فلم إذا لم يكن للعصر وقت مشهور مثل تلك الاوقات أوجبها بين الظهر والمغرب ولم يوجبها بين العتمة والغداة وبين الغداة والظهر؟ قيل: لانه ليس وقت على الناس أخف ولا أيسر ولا أحرى أن يعم فيه الضعيف والقوي بهذه الصلاة من هذا الوقت وذلك أن الناس عامتهم يشتغلون في أول النهار بالتجارات والمعاملات والذهاب في الحوائج وإقامة الاسواق فأراد أن لا يشغلهم عن طلب معاشهم ومصلحة دنياهم وليس يقدر الخلق كلهم على قيام الليل ولا يشعرون به ولا ينتبهون لوقته لو كان واجبا ولا يمكنهم ذلك، فخفف الله عنهم ولم يجعلها في أشد الاوقات عليهم، ولكن جعلها في أخف الاوقات عليهم، كما قال الله عز وجل (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (2). فإن قال: فلم يرفع اليدين في التكبير؟ قيل: لأن رفع اليدين هو ضرب من الابتهال والتبتل والتضرع فأحب الله عز وجل أن يكون العبد في وقت ذكره له متبتلا متضرعا مبتهلا ولأن في رفع اليدين إحضار النية وإقبال القلب على ما قال وقصده. فإن قال: فلم جعل صلاة السنة أربعا وثلاثين ركعة؟ قيل: لأن الفريضة سبع عشرة ركعة فجعلت السنة مثلي الفريضة كمالا للفريضة.


(1) العتمة محركة: ثلث الليل الاول بعد غيبوبة الشفق والعشاء الاخرة. (2) سورة البقرة: الاية 185.

[ 118 ]

فإن قال: فلم جعل صلاة السنة في أوقات مختلفة ولم يجعل في وقت واحد قيل: لأن أفضل الاوقات ثلاثة عند زوال الشمس وبعد المغرب وبالاسحار، فأحب أن يصلي له: في كل هذه الاوقات الثلاثة لانه إذا فرقت السنة في أوقات شتى كان ادائها أيسر وأخف من أن تجمع كلها وقت واحد. فإن قال: فلم صارت صلاة الجمعة إذا مع الامام ركعتين وإذا كانت بغير إمام ركعتين وركعتين؟ قيل: لعلل شتى منها إن الناس يتخطون إلى الجمعة من بعد فأحب الله عز وجل أن يخفف عنهم لموضع التعب الذي صاروا إليه ومنها أن الامام يحبسهم للخطبة وهم منتظرون للصلاة ومن انتظر الصلاة فهو في صلاة في حكم التمام ومنها أن الصلاة مع الامام أتم وأكمل لعلمه وفقهه وعدله وفضله ومنها أن الجمعة عيد وصلاة العيد ركعتان ولم تقصر لمكان الخطبتين. فإن قال: فلم جعلت الخطبة؟ قيل: لأن الجمعة مشهد عام فأراد أن يكون للامام سببا لموعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم عن المعصيد وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليه من الاوقات ومن الاحوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة. فإن قال: فلم جعلت خطبتين؟ قيل: لأن تكون واحدة للثناء والتحميد والتقديس لله عز وجل والاخرى للحوائج والاعذار والانذار والدعاء وما يريد أن يعلمهم من أمره ونهيه بما فيه الصلاح والفساد. فإن قال: فلم جعلت الخطبة يوم الجمعة قبل الصلاة وجعلت في العيدين بعد الصلاة؟ قيل: لأن الجمعة أمر دائم يكون في الشهر مرارا وفي السنة كثيرا فإذا اكثر ذلك على الناس صلوا وتركوه ولم يقيموا عليه وتفرقوا عنه، فجعلت قبل الصلاة ليحتبسوا على الصلاة ولا يتفرقوا ولا يذهبوا، وأما العيدان فإنما هو في السنة مرتان وهي أعظم من الجمعة والزحام فيه أكثر والناس منهم أرغب فإن تفرق بعض الناس بقي عامتهم وليس هو بكثير فيميلوا ويستخفوا به. قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: جاء هذا الخبر هكذا: والخطبتان في


[ 119 ]

الجمعة والعيد بعد الصلاة لانهما بمنزلة الركعتين الاخيرتين وأن أول من قدم الخطبتين عثمان بن عفان لانه لما أحدث ما أحدث لم يكن الناس يقفون على خطبة ويقولون: ما نصنع بمواعظه؟ وقد أحدث ما أحدث فقدم الخطبتين ليقف إنتظارا للصلاة ولا يتفرقوا عنه. فإن قال: وجبت الجمعة على من يكون على فرسخين لا أكثر من ذلك؟ قيل: لأن يقصر فيه الصلاة بريدان ذاهب أو بريد ذاهب وجائي والبريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة على من هو نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك أنه يجئ فرسخين ويذهب فرسخين فذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر. فإن قال: فلم زيد في الصلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات؟ قيل: تعظيما لذلك اليوم وتفرقة بينه وبين سائر الايام. فإن قال: فلم قصرت الصلاة في السفر؟ قيل: لان الصلاة المفروضة أولا إنما هي عشر ركعات والسبع إنما زيدت عليها بعد، فخفف الله عنهم تلك الزيادة لموضع السفر وتعبه ونصبه واشتغاله بأمر نفسه وظعنه (1) وإقامته لئلا يشتغل عما لا بد له من معيشة رحمة من الله عز وجل وتعطفا عليه إلا صلاة المغرب فإنها لم تقصر لانها صلاة مقصورة في الاصل. فإن قال: فلم وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل: لأن ثمانية فراسخ مسيرة للعامة والقوافل والاثقال، فوجب التقصير في مسيرة يوم. فإن قال: فلم وجب التقصير في مسيرة يوم لا أكثر؟ قيل: لانه لو لم يجب في مسيرة يوم لما وجب في مسيرة سنة، وذلك أن كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم، فلو لم يجب في هذا اليوم وجب في نظيره إذ كان نظيره مثله ولا فرق بينهما. فإن قال: قد يختلف السير فلم جعلت مسيرة يوم ثمانية فراسخ؟ قيل:


(1) الظعن: الارتحال.

[ 120 ]

لأن ثمانية فراسخ مسير الجمال والقوافل وسير الذي تسيره الجمالون والمكارون. فإن قال: فلم ترك تطوع النهار ولم يترك تطوع الليل؟ قيل: لأن كل صلاة لا تقصير فيها، فلا تقصير في تطوعها وذلك أن المغرب لا تقصير فيها فلا تقصير فيما بعدها من التطوع، وكذلك الغداة لا تقصير فيما قبلها من التطوع. فإن قال: فما بال العتمة مقصورة وليس تترك ركعتاه؟ قيل: إن تلك الركعتين ليستا من الخمسين وإنما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بها بدل كل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع. فإن قال: فلم جاز للمسافر والمريض أن يصليا صلاة الليل في أول الليل؟ قيل: لاشتغاله وضعفه ليحرز صلاته، فليستريح المريض في وقت راحته ويشتغل المسافر باشتغاله وارتحاله وسفره. فإن قال: فلم أمروا بالصلاة على الميت؟ قيل: ليشفعوا ويدعوا له بالمغفرة، لانه لم يكن في وقت من الاوقات أحوج إلى الشفاعد فيه والطلب والاستغفار من تلك الساعة. فإن قال: فلم جعلت خمس تكبيرات دون أن يكبر أربعا أو ستا؟ قيل: إن الخمس إنما أخذت من الخمس الصلوات في اليوم والليلة. فإن قال: فلم لم يكن فيها ركوع أو سجود؟ قيل: لانه إنما أريد بهذه الصلاة الشفاعة لهذا العبد الذي قد تخلى عما خلف واحتاج إلى ما قدم. فإن قال: فلم أمر بغسل الميت؟ قيل: لانه إذا مات كان الغالب عليه النجاسة والافة والاذى فاحب أن يكون طاهرا إذا باشر أهل الطهارة من الملائكة الذين يلونه ويماسونه فيما بينهم نظيفا موجها به إلى الله عزوجل وليس من ميت يموت إلا خرجت منه الجنابة فلذلك أيضا وجب الغسل. فإن قال: فلم أمروا بكفن الميت؟ قيل: ليلقى ربه عز وجل طاهر الجسد ولئلا تبدو عورته لمن يحمله ويدفنه ولئلا يظهر الناس على بعض حاله


[ 121 ]

وقبح منظره وتغير ريحه، ولئلا يقسو القلب من كثرة النظر إلى مثل ذلك للعاهة والفساد وليكون أطيب لانفس الاحياء ولئلا يبغضه حميم فيلقى ذكره ومودته فلا يحفظه خلف وأوصاه وأمره به واجبا كان أو ندبا. فإن قال: فلم أمر بدفنه؟ قيل: لئلا يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغير ريحه ولا يتأذى به الاحياء بريحه وبما يدخل عليه من الافة والفساد وليكون مستورا عن الاولياء والاعداء فلا يشمت عدوه ولا يحزن صديقه. فإن قال: فلم أمر من يغسله بالغسل؟ قيل: لعله الطهارة مما أصابه من نضح الميت لأن الميت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته. فإن قال: فلم لم يجب الغسل على من مس شيئا من الاموات غير الانسان كالطير والبهائم والسباع وغير ذلك؟ قيل: لأن هذه الاشياء كلها ملبسة ريشا وصوفا وشعرا ووبرا هذا كله زكي طاهر ولا يموت، وإنما يماس منه الشئ الذي هو زكي الحي والميت. فإن قال: فلم جوزتم الصلاة على الميت بغير وضوء؟ قيل: لانه ليس فيها ركوع ولا سجود وإنما هي دعاء ومسألة وقد يجوز أن تدعو الله وتسأله على أي حال كنت وإنما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها الركوع والسجود. فإن قال: فلم جوزتم الصلاة عليه قبل المغرب وبعد الفجر؟ قيل: لأن هذه الصلاة إنما تجب في وقت الحضور والعلة وليست هي مؤقتد كسائر الصلوات وإنما هي صلاة تجب في وقت حدوث الحدث ليس للانسان فيه إختيار وإنما هو حق يؤدي وجائز أن تؤدي الحقوق أي وقت إذا لم يكن الحق مؤقتا. فإن قال: فلم جعلت للكسوف صلاة؟ قيل: لانه آية من آيات الله عز وجل لا يدري لرحمة ظهرت أم لعذاب؟ فأحب النبي (ص) أن يفزع أمته إلى خالقها وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم يونس عليه السلام حين تضرعوا إلى الله عز وجل. فإن قال: فلم جعلت عشر ركعات؟ قيل: الصلاة التي نزل فرضها


[ 122 ]

من السماء إلى الأرض أولا في اليوم والليلة، فإنما هي عشر ركعات فجمعت تلك الركعات هيهنا وإنما جعل فيها السجود لانه لا يكون صلاة فيها ركوع إلا وفيها سجود ولأن يختموا أيضا صلواتهم بالسجود والخضوع وإنما جعلت أربع سجدات لأن كل صلاة نقص سجود من أربع سجدات لا يكون صلاة لأن أقل الفرض السجود في الصلاة لا يكون إلا على أربع سجدات. فإن قال: فلم لم يجعل بدل الركوع سجودا؟ قيل: لأن الصلاة قائما أفضل من الصلاة قاعدا ولأن القائم يرى الكسوف والانجلاء والساجد لا يرى. فإن قال: فلم غيرت عن أصل الصلاة افترضها الله؟ قيل: لانه صلى لعلة تغير أمر من الامور وهو الكسوف، فلما تغيرت العلة تغير المعلول. فإن قال: فلم جعل يوم الفطر العيد؟ قيل: لأن يكون للمسلمين مجمعا يجتمعون فيه ويبرزون إلى الله عز وجل فيحمدونه على ما من عليهم فيكون يوم عيد ويوم إجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ويوم تضرع ولانه أول يوم من السنة يحل فيه الاكل والشرب لأن أول شهور السنة عند أهل الحق شهر رمضان فأحب الله عز وجل أن يكون لهم في ذلك اليوم مجمع يحمدونه فيه ويقدسونه. فإن قال: فلم جعل التكبير فيها أكثر منه في غيرها من الصلاة؟ قيل: لأن التكبير إنما هو تكبير لله وتمجيد على ما هدى وعافى كما قال الله عز وجل: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على هديكم ولعلكم تشكرون) (1). فإن قال: فلم جعل فيها اثنتا عشرة تكبيرة؟ قيل: لانه يكون في كل ركعتين اثنتا عشرة تكبيرة فلذلك جعل فيها اثنتا عشرة تكبيرة. فإن قال: فلم جعل سبع تكبيرات في الاولى وخمس في الثانية ولم يسو بينهما؟ قيل: لان السنة في صلاة الفريضة أن يستفتح بسبع تكبيرات، فلذلك


(1) سورة البقرة: الاية 185.

[ 123 ]

بدئ هيهنا بسبع تكبيرات وجعل في الثانية خمس تكبيرات، لأن التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس تكبيرات وليكون التكبير في الركعتين جميعا وترا وترا. فإن قال: فلم أمر بالصوم؟ قيل: لكي يعرفوا ألم الجوع والعطش فليستدلوا على فقر الاخرة وليكون الصائم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا صابرا على ما أصابه من الجوع والعطش فيستوجب الثواب مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات وليكون ذلك واعظا لهم في العاجل ورائضا لهم على أداء ما كلفهم ودليلا لهم في الاجل وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا فيؤدوا إليهم ما افترض الله لهم في اموالهم. فإن قال: فلم جعل الصوم في شهر رمضان خاصة دون سائر الشهور؟ قيل: لأن شهر رمضان الشهر الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن وفيه فرق بين الحق والباطل كما قال الله عز وجل (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (1) وفيه نبئ محمد (ص) وفيه ليلة القدر التي هي خير من الف شهر وفيها (يفرق كل أمر حكيم) وهو رأس السنة يقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرد أو منفعة أو رزق أو أجل ولذلك سميت ليلة القدر. فإن قال: فلم أمروا بصوم شهر رمضان لا أقل من ذلك ولا أكثر؟ قيل: لانه قوة العبادة الذي يعم فيها القوي والضعيف وإنما أوجب الله الفرائض على أغلب الاشياء واعم القوي ثم رخص لاهل الضعف ورغب أهل القوة في الفضل ولو كانوا يصلحون على أقل من ذلك لنقصهم ولو احتاجوا إلى أكثر من لزادهم. فإن قال: فلم إذا حاضت المرأة لا تصوم ولا تصلي؟ قيل: لانها في حد نجاسة فاحب الله أن لا تعبده إلا طاهرا، ولانه لا صوم لمن لا صلاة له. فإن قال: فلم صارت تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قيل: لعلل


(1) سورة البقرة: الاية 185.

[ 124 ]

شتى فمنها أن الصيام لا يمنعها من خدمة نفسها وخدمة زوجها وإصلاح بيتها والقيام بأمرها والاشتغال بمرمة معيشتها والصلاة تمنعها من ذلك كله لأن الصلاة تكون في اليوم والليلة مرارا فلا تقوى على ذلك والصوم ليس كذلك ومنها أن الصلاة فيها عناء وتعب وإشتغال الاركان وليس في الصوم شئ من ذلك وإنما هو الامساك عن الطعام والشراب وليس فيه إشتغال الاركان ومنها أنه ليس من وقت يجئ إلا تجب عليها فيه صلاة جديدة في يومها وليلتها وليس الصوم كذلك لانه ليس كلما حدث يوم وجب عليها الصوم وكلما حدث وقت الصلاة وجب عليها الصلاة. فإن قال: فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره أو لم يفق من مرضه حتى يدخل شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للاول وسقط القضاء فإذا افاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء؟ قيل: لأن ذلك الصوم إنما وجب عليه تلك السنة في ذلك الشهر فأما الذي لم يفق فإنه لما أن مرت عليه السنة كلها وقد غلب الله تعالى عليه فلم يجعله له السبيل إلى أدائه سقط عنه وكذلك كلما غلب الله عليه مثل المغمى عليه الذي يغمى عليه يوما وليله فلا يجب عليه قضاء الصلاة قال الصادق عليه السلام: كلما غلب الله عليه العبد فهو أعذر له لانه دخل الشهر وهو مريض فلم يجب عليه الصوم في شهره ولا سنته للمرض الذي كان فيه ووجب عليه الفداء، لانه بمنزلة من وجب عليه صوم فلم يستطع اداءه فوجب عليه الفداء كما قال الله عز وجل (فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا) (1) وكما قال الله عز وجل (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) (2) فأقام الصدقة مقام الصيام إذا عسر عليه. فإن قال: فلم فإن لم يستطع إذ ذاك فهو الان فيستطيع؟ قيل: لانه لما دخل عليه شهر رمضان آخر وجب عليه الفداء للماضي، لانه كان بمنزلة من وجب عليه صوم في كفارة، فلم يستطعه فوجب عليه الفداء وإذا وجب


(1) سورة المجادلة: الاية 4. (2) سورة البقرة: الاية 196.

[ 125 ]

الفداء سقط الصوم والصوم ساقط والفداء لازم، فإن افاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء لتضييعه والصوم لاستطاعته. فإن قال: فلم جعل الصوم السنة؟ قيل: ليكمل فيه الصوم الفرض. فإن قال: فلم جعل كل شهر ثلاثة أيام وفي كل عشرة أيام يوما قيل: لان الله تبارك وتعالى يقول: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (1) فمن صام في كل عشرة أيام يوما واحدا فكأنما صام الدهر كله كما قال سلمان الفارسي رحمة الله عليه: صوم ثلاثة أيام في شهر صوم الدهر كله، فمن وجد شيئا غير الدهر فليصمه. فإن قال: فلم جعل أول خميس العشر الاول وآخر خميس في العشر الاخر وأربعاء في العشر الاوسط؟ قيل: أما الخميس فانه قال الصادق عليه السلام: يعرض في كل خميس أعمال العباد على الله عز وجل فأحب أن يعرض عمل العبد على الله تعالى وهو صائم. فإن قال: فلم جعل آخر خميس؟ قيل: لانه إذا عرض عليه عمل ثمانية أيام والعبد صائم كان أشرف وأفضل من أن يعرض عمل يومين وهو صائم وإنما جعل الاربعاء العشر الاوسط لأن الصادق عليه السلام: أخبر بان الله عزوجل خلق النار في ذلك اليوم وفيه اهلك القرون الاولى وهو يوم نحس مستمر فأحب أن يدفع العبد عن نفسه نحس ذلك اليوم بصومه. فإن قال: فلم وجب في الكفارة على من لم يجد تحرير رقبة الصيام دون الحج والصلاة وغيرهما؟ قيل: لأن الصلاة والحج وسائر الفرائض مانعة للانسان التقلب في أمر دنياه ومصلحة معيشته مع تلك العلل التي ذكرناها في الحائض التي تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة. فإن قال: فلم وجب عليه صوم شهرين متتابعين دون أن يجب عليه شهر واحد أو ثلاثة أشهر؟ قيل: لأن الفرض فرض الله على الخلق وهو شهر


(1) سورة الانعام: الاية 160.

[ 126 ]

واحد فضوعف في هذا الشهر في كفارته توكيدا وتغليظا عليه. فإن قال: فلم جعلت متتابعين؟ قيل: لئلا يهون عليه الاداء فيستخف به لانه إذا قضاه متفرقا هان عليه القضاء. فإن قال: فلم أمر بالحج قيل: لعلة الوفادة إلى الله عز وجل وطلب الزيادة والخروج من كل ما اقترف العبد تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل مع ما فيه من إخراج الاموال وتعب الابدان والاشتغال الاهل والولد وحظر الانفس عن اللذات شاخص في الحر والبرد ثابت ذلك عليه دائم مع الخضوع والاستكانة والتذلل مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع في شرق الأرض وغربها ومن في البرد والحر ممن يحج وممن لا يحج من بين تاجر وجالب وبائع ومشتري وكاسب ومسكين ومكار وفقير وقضاء حوائج أهل الاطراف في المواضع الممكن الاجتماع فيها مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الائمه عليهم السلام إلى كل صقع وناحية كما قال الله تعالى (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (1) وليشهدوا منافع لهم). فإن قال: فلم أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك؟ قيل: لأن الله تعالى وضع الفرائض على أدنى القوم مرة كما قال الله عزوجل (فما أستيسر من الهدى) (2) يعنى شاة ليسع القوي والضعيف وكذلك سائر الفرائض إنما وضعت على أدنى القوم قوة فكان من تلك الفرائض الحج المفروض واحدا، ثم رغب بعد أهل القوة بقدر طاقتهم. فإن قال: فلم أمروا بالتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قيل: ذلك تخفيف من ربكم ورحمة لأن يسلم الناس من احرامهم ولا يطول عليهم ذلك فتداخل عليهم الفساد ولأن يكون الحج والعمرة واجبين جميعا، فلا تعطل العمرة ولا تبطل، ولأن يكون الحج مفردا من العمرة ويكون بينهما فصل تمييز وقال النبي


(1) سورة التوبة: الاية 122. هذه الرواية شاهدة أن المراد من النفر في الاية هو النفر إلى التفقيه لا الجهاد وإن وقعت في سورة كان أكثر آياتها التحريض إلى الجهاد. (2) سورة البقرة: الاية 196.

[ 127 ]

(ص): دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ولو لا أنه (ص) كان ساق الهدى ولم يكن له أن يحل (حتى يبلغ الهدى محله) لفعل كما أمر الناس ولذلك قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ولكني سقت الهدى وليس لسائق الهدى أن يحل حتى يبلغ الهدى محله فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله نخرج حجاجا ورؤوسنا تقطر من ماء الجنابة فقال إنك لن تؤمن بهذا أبدا. فإن قال: فلم جعل وقتها عشر ذي الحجة؟ قيل: لأن تعالى أحب أن يعبد بهذه العبادد في أيام التشريق وكان أول ما حجت إليه الملائكة وطافت به في هذا الوقت فجعله سنة ووقتا إلى يوم القيامة فأما النبيون آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين وغيرهم الانبياء إنما حجوا في هذا الوقت، فجعلت سنة في أولادهم إلى يوم القيامة. فإن قال: فلم أمروا بالاحرام؟ قيل: يخشعوا قبل دخول حرم الله عز وجل وامنه ولئلا يلهوا ويشتغلوا بشئ من أمر الدنيا وزينتها ولذاتها ويكون جادين فيما هم فيه قاصدين نحوه مقبلين عليه بكليتهم، مع ما فيه من التعظيم لله تعالى ولبيته والتذلل لانفسهم عند قصدهم إلى الله تعالى ووفادتهم إليه راجين ثوابه راهبين من عقابه ماضين نحوه مقبلين إليه بالذل والاستكانة والخضوع وصلى الله على محمد وآله وسلم. 2 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: قلت للفضل بن شاذان لما سمعت منه هذه العلل: أخبرني عن هذه العلل التي ذكرتها عن الاستنباط والاستخراج، وهي من نتائج العقل أو هي مما سمعته ورويته؟ فقال لي: ما كنت لاعلم مراد الله تعالى بما فرض ولا مراد رسول الله (ص) بما شرع وسن ولا اعلل ذلك من ذات نفسي بل سمعتها من مولاي أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام المرة بعد المرة والشئ بعد الشئ فجمعتها فقلت له: فاحدث بها عنك عن الرضا عليه السلام قال: نعم. 3 – حدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان النيسابوري رضي


[ 128 ]

الله عنه عن عمه أبي عبد الله محمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان أنه قال: سمعت هذه العلل من مولاي أبي الحسن بن موسى الرضا عليهما السلام فجمعتها متفرقة وألفتها.


[ 129 ]

35 – باب (ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون في محض الاسلام وشرائع الدين) 1 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضي الله عنه بنيسابور في شعبان سنة اثنين وخمسين وثلاثمأة قال: علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري عن الفضل شاذان قال: سئل المأمون علي بن موسى الرضا عليهما السلام أن يكتب له محض الاسلام على سبيل الايجاز والاختصار فكتب عليه السلام له أن محض الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الها واحدا أحدا فردا صمدا، قيوما سميعا بصيرا قديرا قديما قائما باقيا، عالما لا يجهل، قادرا لا يعجز، غنيا لا يحتاج، عدلا لا يجور وأنه خالق كل شئ وليس كمثله شئ لا شبه له ولا ضد له ولا ند ولا كفؤ له وأنه المقصود بالعبادة والدعاء والرغبة والرهبة، وأن محمدا عبده ورسوله وأمينه وصفيه وصفوته من خلقه وسيد المرسلين وخاتم النبيين وأفضل العالمين لا نبي بعده ولا تبديل لملته ولا تغيير لشريعته، وأن جميع ما جاء به محمد بن الله هو الحق المبين والتصديق به وبجميع من مضى قبله من رسل الله وأنبيائه وحججه والتصديق بكتابه الصادق العزيز الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل حكيم حميد) وأنه المهيمن على الكتب كلها، وأنه حق من فاتحته إلى خاتمته نؤمن بمحكمه ومتشابهه وخاصه وعامه ووعده ووعيده وناسخه ومنسوخه وقصصه وأخباره لا يقدر أحد من المخلوقين، أن يأتي بمثله وأن الدليل بعده والحجة على المؤمنين والقائم بأمر المسلمين والناطق عن القرآن


[ 130 ]

والعالم بأحكامه، أخوه وخليفته ووصيه ووليه والذي كان منه بمنزلة هارون من موسى علي بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين وأفضل الوصيين ووارث علم النبيين والمرسلين وبعده الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم علي بن الحسين زين العابدين، ثم محمد بن علي باقر علم النبيين ثم جعفر بن محمد الصادق وارث علم الوصيين، ثم موسى بن جعفر الكاظم، ثم علي بن موسى الرضا ثم محمد بن علي ثم علي بن محمد، ثم الحسن بن علي ثم الحجة القائم المنتظر صلوات الله عليهم أجمعين أشهد لهم بالوصية والامامة وأن الأرض لا تخلو من حجة الله تعالى على خلقه في كل عصر وأوان وأنهم العروة الوثقى وائمة الهدى والحجة على أهل الدنيا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأن كل من خالفهم ضال مضل باطل تارك للحق والهدى وأنهم المعبرون عن القرآن والناطقون عن الرسول (ص) بالبيان ومن مات ولم يعرفهم مات ميتة جاهلية وأن من دينهم الورع والعفة والصدق والصلاح والاستقامة والاجتهاد وأداء الامانة إلى البر والفاجر وطول السجود وصيام النهار وقيام الليل واجتناب المحارم وانتظار الفرج بالصبر وحسن العزاء وكرم الصحبة، ثم الوضوء كما أمر الله تعالى في كتابه غسل الوجه واليدين من المرفقين ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة ولا ينقض الوضوء إلا غائط أو بول أو ريح أو نوم أو جنابة وأن من مسح على الخفين فقد خالف الله تعالى ورسوله وترك فريضة من كتابه، وغسل يوم الجمعة سنة وغسل العيدين وغسل دخول مكة والمدينة وغسل الزيارة وغسل الاحرام وأول ليله شهر رمضان وليله سبعة عشرة وليلة تسعة عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذه الاغسال سنة، وغسل الجنابة فريضة وغسل الحيض مثله والصلاة الفريضة الظهر أربع ركعات، والعصر أربع ركعات والمغرب ثلاث ركعات والعشاء الاخرة أربع ركعات والغداة ركعتان هذه سبع عشر ركعة والسنة أربع وثلاثون ركعة ثمان ركعات قبل فريضذ الظهر وثمان ركعات قبل العصر، وأربع ركعات بعد المغرب وركعتان من جلوس العتمة تعدان بركعة وثمان ركعات في السحر والشفع والوتر ثلاث ركعات يسلم بعد الركعتين وركعتا الفجر والصلاة في أول الوقت أفضل


[ 131 ]

وفضل الجماعة الفرد أربع وعشرون ولا صلاة خلف الفاجر ولا يقتدى إلا بأهل الولاية ولا يصلى في جلود الميتة ولا في جلود السباع ولا يجوز أن يقول في التشهد الاول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين لأن تحليل الصلاة التسليم فإذا قلت هذا فقد سلمت والتقصير في ثمانية فراسخ وما زاد وإذا قصرت أفطرت ومن لم يفطر لم يجزء عنه صومه في السفر وعليه القضاء لانه ليس عليه صوم في السفر والقنوت سنة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الاخرة، والصلاة على الميت خمس تكبيرات، فمن نقص فقد خالف سنة، والميت يسل من قبل رجليه ويرفق به إذا أدخل قبره والاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة والزكاة الفريضة كل مأتي درهم خمسة دراهم ولا يجب فيما دون شئ ولا تجب الزكاة على المال حتى يحول عليه الحول ولا يجوز أن يعطي الزكاة غير أهل الولاية المعروفين والعشر من الحنطة والشعير والتمر والزبيب إذا بلغ خمسة أو ساق والوسق ستون صاعا والصاع أربعه أمداد وزكاة الفطر فريضة على كل رأس صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو انثى من الحنطة والشعير والتمر والزبيب صاع وهو أربعة أمداد: ولا يجوز دفعها إلا إلى أهل الولاية وأكثر الحيض عشرد أيام وأقله ثلاثة أيام والمستحاضد تحتشي وتغتسل وتصلي والحائض تترك الصلاة ولا تقضي وتترك الصوم وتقضي وصيام شهر رمضان فريضة يصام للرؤية ويفطر للرؤية ولا يجوز أن يصلي التطوع في جماعة، لان ذلك بدعة وكل بدعة ضلاله وكل ضلالة في النار وصوم ثلاثة أيام من كل شهر سنة في كل عشرة أيام يوم أربعاء بين خميسين، وصوم شعبان حسن لمن صامه وأن قضيت فوائت شهر رمضان متفرقة أجزأ وحج البيت فريضة (على من أستطاع إليه سبيلا) والسبيل الزاد والراحلة مع الصحة، ولا يجوز الحج إلا تمتعا ولا يجوز القران والافراد الذي يستعمله العامة إلا لاهل مكة وحاضريها ولا يجوز الاحرام دون الميقات الله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) (1) ولا يجوز أن يضحي بالخصي لانه ناقص ولا يجوز الموجوء (2)


(1) سورة البقرة: الاية 194. (2) الخصي: الذي سلت خصيتاه ونزعتا والموجوء: الحيوان الذي رش عروق بيضتيه أو رض خصيتيه لكسر شهوته.

[ 132 ]

والجهاد واجب مع الامام العدل ومن قتل دون ماله فهو شهيد ولا يجوز قتل أحد من الكفار والنصاب في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد وذلك إذا لم تخف على نفسك وعلى أصحابك والتقية في دار التقية واجبة ولا حنث على من حلف تقية يدفع بها ظلما عن نفسه والطلاق للسنة على ما ذكره الله تعالى في كتابه وسنة نبيه (ص) ولا يكون طلاق لغير سنة وكل طلاق يخالف الكتاب فليس بطلاق كما أن كل نكاح يخالف الكتاب فليس بنكاح ولا يجوز أن يجمع بين أكثر من أربع حرائر وإذا طلقت المرأة للعدة ثلاث مرات لم تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إتقوا تزويج المطلقات ثلاثا في موضع واحد فانهن ذوات أزواج والصلوات على النبي (ص) واجبة في كل موطن وعند العطاس والذبائح وغير ذلك وحب أولياء الله تعالى واجب وكذلك بغض اعداء الله والبراءة منهم ومن ائمتهم وبر الوالدين واجب وإن كانا مشركين ولا طاعة لهما في معصية الله عز وجل ولا لغيرهما فانه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وذكاة الجنين ذكاة أمه إذا اشعر وأوبر وتحليل المتعتين اللتين أنزلهما الله تعالى في كتابه وسنهما رسول الله (ص) متعة النساء ومتعة الحج والفرائض ما على أنزل الله تعالى في كتابه ولا عول (1) فيها ويرث مع الولد والوالدين أحد إلا الزوج والمرأة وذو السهم أحق ممن لا سهم له وليست العصبة من دين الله تعالى والعقيقة عن المولود للذكر والانثى واجبة وكذلك تسميته وحلق رأسه يوم السابع ويتصدق بوزن الشعر ذهبا أو فضة والختان سنة واجبة للرجال ومكرمة للنساء وإن الله تبارك وتعالى (لا يكلف نفسا إلا وسعها) وإن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى خلق تقدير لا خلق تكوين (والله خالق كل شئ) ولا نقول بالجبر والتفويض ولا يأخذ الله البرئ بالسقيم ولا يعذب الله تعالى الاطفال بذنوب الاباء (ولا تزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للانسان إلا ما سعى) ولله أن يعفو ويتفضل ولا يجور ولا يظلم لانه تعالى منزه عن ذلك ولا يفرض الله عز وجل طاعة من يعلم أنه


(1) العول: الجور والميل عن الحق.

[ 133 ]

يضلهم ويغويهم ولا يختار لرسالته ولا يصطفي من عباده من يعلم إنه يكفر به وبعبادته ويعبد الشيطان دونه وأن الاسلام غير الايمان ومؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق ومؤمن ولا يزني الزاني حين يزنى وهو مؤمن وأصحاب الحدود مسلمون لا مؤمنون ولا كافرون والله تعالى لا يدخل النار مؤمنا وقد وعده الجنة، ولا يخرج من النار كافرا وقد أوعده النار والخلود فيها، ولا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومذنبوا أهل التوحيد لا يخلدون في النار ويخرجون منها، والشفاعة جائزة لهم وأن الدار اليوم دار تقية وهي دار الاسلام لا دار كفر ولا دار إيمان والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان إذا امكن ولم يكن خيفة على النفس، والايمان هو أداء الامانة واجتناب جميع الكبائر وهو معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالاركان والتكبير في العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات ويبدأ به في دبر صلاة المغرب ليلة الفطر وفي الاضحى في دبر عشر صلوات ويبدأ به من صلاة الظهر يوم النحر وبمنى في دبر خمس عشرة صلاة والنفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما، فإن طهرت ذلك صلت، وإن لم تطهر حتى تجاوز ثمانية عشر يوما اغتسلت وصلت وعملت ما تعمل المستحاضة ويؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير والبعث بعد الموت، والميزان والصراط والبراءة من الذين ظلموا آل محمد (ص) وهموا باخراجهم وسنوا ظلمهم وغيروا سنة نبيهم (ص) والبراءة من الناكثين والقاسطين والمارقين الذين هتكوا حجاب رسول الله (ص) ونكثوا بيعة إمامهم وأخرجوا المرأة وحاربوا أمير المؤمنين عليه السلام وقتلوا الشيعة المتقين رحمة الله عليهم واجبة، والبراءة ممن نفى الاخيار وشردهم وآوى الطرداء اللعناء وجعل الاموال دولة بين الاغنياء واستعمل السفهاء مثل معاوية وعمرو بن العاص لعيني رسول الله (ص)، والبراءة من أشياعهم والذين حاربوا أمير المؤمنين عليه السلام وقتلوا الانصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين والبراءة من أهل الاستيثار ومن أبي موسى الاشعري وأهل ولايته (الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا اولئك كفروا بآيات ربهم) وبولاية أمير المؤمنين عليه السلام ولقائه كفروا بان لقوا الله بغير إمامته (فحبطت أعمالهم


[ 134 ]

فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) فهم كلاب أهل النار والبراءة من الانصاب والازلام ائمة الضلالة وقادة الجور كلهم اولهم وآخرهم والبراءة من اشباه عاقري الناقة اشقياء الاولين والاخرين وممن يتولاهم، والولاية لامير المؤمنين عليه السلام والذين مضوا على منهاج نبيهم (ص) ولم يغيروا ولم يبدلوا مثل سلمان الفارسي وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الاسود وعمار بن ياسر وحذيفة اليماني وأبي الهيثم بن التيهان وسهل بن حنيف وعبادة بن الصامت وأبي أيوب الانصاري وخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين وأبي سعيد الخدري وأمثالهم رضي الله عنهم ورحمة الله عليهم والولاية لاتباعهم وأشياعهم والمهتدين بهداهم والسالكين منهاجهم رضوان الله عليهم وتحريم الخمر قليلها وكثيرها، وتحريم كل شراب مسكر قليله وكثيره وما أسكر كثيره فقليله حرام والمضطر لا يشرب الخمر لانها تقتله وتحريم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير وتحريم الطحال فانه دم وتحريم الجري (1) والسمك والطافي والمار ماهي والزمير، وكل سمك لا يكون له فلس، وإجتناب الكبائر وهي قتل النفس التي حرم الله تعالى والزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وأكل مال اليتيم ظلما وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة وأكل الربوا بعد البينة والسحت والميسر والقمار والبخس في المكيال والميزان وقذف المحصنات واللواط وشهادة الزور واليأس من روح الله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ومعوند الظالمين والركون إليهم واليمين الغموس (2) وحبس الحقوق من غير العسرة والكذب والكبر والاسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لاولياء الله تعالى والاشتغال بالملاهي والاصرار على الذنوب. 2 – حدثني بذلك حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي عليه السلام قال: حدثني أبو نصر قنبر بن علي بن شاذان عن أبيه عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه


(1) الجري كذمي: نوع من السمك النهري الطويل المعروف بالجنكليس ويدعونه في مصر ثعبان الماء وليس له عظم إلا عظم الرأس والسلسة. (2) أي اليمين الكاذبة التي يتعمدها صاحبها.

[ 135 ]

السلام، إلا أنه لم يذكر في حديثه أنه كتب ذلك إلى المأمون وذكر فيه الفطرة مدين من حنطة وصاعا من الشعير والتمر والزبيب وذكر فيه أن الوضوء مرة مرة فريضة واثنتان اسباغ وذكر فيه أن ذنوب الانبياء عليهم السلام صغائرهم موهوبة وذكر فيه أن الزكاة على تسعة أشياء على الحنطة والشعير والتمر والزبيب والابل والبقر والغنم والذهب والفضة وحديث عبد الواحد بن محمد بن عبدوس رضي الله عنه عندي أصح ولا قوة إلا بالله. 3 – وحدثنا الحاكم أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان رضي الله عنه عن عمه أبي عبد الله بن شاذان عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السلام مثل حديث عبد الواحد بن محمد بن عبدوس ومن أخباره عليه السلام 4 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال حدثني المبرد قال: حدثني الرياشي قال: أبو عاصم ورواه عن الرضا عليه السلام أن موسى بن جعفر عليه السلام تكلم يوما بين يدي أبيه عليه السلام فاحسن له: يا بني الحمد لله الذي جعلك خلفا من الاباء وسرورا من الابناء وعوضا عن الاصدقاء. 5 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال حدثنا عون بن محمد الكندي قال: حدثني أبو الحسين محمد بن أبي عبادة وكان مشتهرا بالسماع وبشرب النبيذ قال: سألت الرضا عليه السلام عن السماع قال: لاهل الحجاز رأي فيه وفي حيز الباطل واللهو أما سمعت الله تعالى يقول: (وإذا مروا باللغو مروا كراما) (1). 6 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن الكندي قال: حدثنا سهل بن القاسم النوشجاني، قال: قال لي الرضا عليه السلام بخراسان: أن بيننا وبينكم نسبا، قلت: وما هو أيها الامير؟ قال: إن عبد الله عامر بن كريز


(1) سورة الفرقان: الاية 72.

[ 136 ]

لما افتتح خراسان أصاب ابنتين ليزدجر بن شهريار ملك الاعاجم فبعث بهما إلى عثمان بن عفان فوهب احديهما للحسن والاخرى للحسين عليه السلام فماتتا عندهما نفساوين وكانت صاحبة الحسين عليه السلام نفست بعلي بن الحسين عليهما السلام فكفل عليا عليه السلام بعض أمهات ولد أبيه فنشأ وهو لا يعرف أما غيرها ثم علم إنها مولاته فكان الناس يسمونها أمه وزعموا إنه زوج أمه ومعاذ الله إنما زوج هذه على ما ذكرناه وكان سبب ذلك أنه واقع بعض نسائه ثم خرج يغتسل فلقيته أمة هذه فقال: لها إن كان في نفسك من هذا الامر شئ فاتقى واعلميني فقالت: نعم فزوجها فقال الناس زوج علي بن الحسين عليه السلام أمه وقال لي عون قال لي سهل بن القاسم: ما بقي طالبي عندنا إلا كتب عني هذا الحديث عن الرضا عليه السلام 7 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي عباد قال: سمعت الرضا عليه السلام يوما يا غلام آتني الغداء فكأني انكرت ذلك فتبين الانكار فقرأ: (قال لفتاه آتنا غداءنا) فقلت: الامير أعلم وأفضلهم. 8 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان القاسم بن إسماعيل بسيراف (1) سنة خمس وثمانين ومأتين قال: حدثنا إبراهيم بن عباس الصولي الكاتب بالاهواز سنة سبع وعشرين ومأتين قال كنا يوما بين يدي علي بن موسى عليهما السلام فقال لي: ليس في الدنيا نعيم حقيقي فقال له بعض الفقهاء ممن يحضره: فيقول الله عز وجل (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم) أما هذا النعيم في الدنيا وهو الماء البارد فقال له الرضا عليه السلام وعلا صوته: كذا فسرتموه أنتم وجعلتموه على ضروب فقالت طائفة: هو الماء البارد وقال غيرهم: هو الطعام


(1) سيراف كشيراز: بلد بفارس قاله الفيروز آبادي. (2) سورة التكاثر: الاية 8.

[ 137 ]

الطيب وقال آخرون: هو النوم الطيب قال الرضا عليه السلام: ولقد حدثني أبي عن أبيه أبي عبد الله الصادق عليه السلام أن أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله تعالى: (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) فغضب عليه السلام وقال: إن الله عزوجل لا يسأل عباده عما تفضل عليهم به ولا يمن بذلك عليهم والامتنان بالانعام مستقبح من المخلوقين فكيف يضاف إلى الخالق عز وجل ما لا يرضي المخلوق به؟! ولكن النعيم حبنا أهل البيت وموالاتنا يسأل الله عباده عنه بعد التوحيد والنبوة لأن العبد إذا وفا بذلك أداه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول ولقد حدثني بذلك أبي عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: قال رسول الله (ص): يا على إن أول ما يسأل عنه العبد بعد موته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (ص) وإنك ولي المؤمنين بما جعله الله وجعلته لك فمن أقر بذلك وكان يعتقده صار إلى النعيم الذي لا زوال له فقال أبو ذكوان بعد أن حدثني بهذا الحديث مبتدئا من غير سؤال: أحدثك بهذا من جهات منها لقصدك لي من البصرة ومنها أن عمك أفادنيه ومنها إني مشغولا باللغة والاشعار ولا أعول على غيرهما فرأيت النبي (ص) في النوم والناس يسلمون عليه ويجيبهم فسلمت فما رد علي فقلت: أما أنا من أمتك يا رسول الله قال لي: بلى ولكن حدث الناس بحديث النعيم الذي سمعته من إبراهيم قال الصولي وهذا حديث قد رواه الناس عن النبي (ص) إلا أنه ليس فيه ذكر النعيم والاية وتفسيرها إنما رووا أن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة الشهادة والنبوة وموالاة علي بن أبي طالب عليه السلام. 9 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن موسى الرازي قال: حدثني أبي قال: ذكر الرضا عليه السلام يوما القرآن فعظم الحجة فيه والاية والمعجزة في نظمه قال: هو حبل الله المتين وعروته الوثقى وطريقته المثلى المؤدي إلى الجنة والمنجي من النار لا يخلق (1) على الازمنة ولا يغث (2) على الالسنة لانه


(1) خلق الثوب: بلي. (2) غث حديث القوم: ردؤ وفسد.

[ 138 ]

لم يجعل لزمان دون زمان بل جعل دليل البرهان والحجة على كل انسان (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). 10 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني سهل بن القاسم النوشجاني قال: قال رجل للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله أنه يروى عن عروة بن الزبير أنه قال توفى رسول الله (ص) وهو في تقية فقال: أما بعد قول الله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) (1) فانه أزال كل تقية بضمان الله عز وجل وبين أمر الله تعالى ولكن قريشا فعلت ما أشتهت بعده وأما قبل نزول هذه الاية فلعله. 11 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني القاسم بن إسماعيل قال: حدثنا إبراهيم بن العباس قال: حدثني علي بن موسى الرضا، عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السلام، إنه قال: إذا أقبلت الدنيا على انسان أعطته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه. 12 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان قال: حدثنا إبراهيم بن العباس قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول مودة عشرين سنة قرابة والعلم أجمع لاهله من الاباء. 13 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثني الحسين بن أحمد بن الفضل إمام جامع اهواز قال: حدثنا بكر بن أحمد بن محمد بن إبراهيم القصري غلام الخليل المحلمي قال: حدثنا الحسن


(1) سورة المائدة: الاية 67. قال العلامة الحلي: نقل الجمهور أنها نزلت في بيان فضل علي عليه السلام يوم الغدير، فأخذ رسول الله (ص) بيد علي عليه السلام وقال: أيها الناس ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه الخ. هذا الحديث الشريف من المتواترات بين الفريقين وقد صرح بتواتره حفظة الاخبار.

[ 139 ]

بن علي بن محمد بن علي بن موسى، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام قال: لا يكون القائم إلا امام بن امام ووصي بن وصي. 14 – وبهذا الاسناد عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عليه السلام قال: اوصى النبي (ص) إلى علي والحسن والحسين عليهم السلام ثم قال في قوله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) (1) قال: الائمة من ولد علي وفاطمة عليهما السلام إلى أن تقوم الساعة. 15 – وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثني أحمد بن الفضل قال: حدثني بكر بن أحمد القصري قال: حدثني أبو محمد الحسين بن علي بن محمد بن علي بن موسى عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال سمعت رسول الله (ص) يقول: ليلة أسرى بي ربي عز وجل رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب علي بن أبي طالب عليه السلام بذي الفقار وأن الملائكة إذا اشتاقوا إلى وجه علي بن أبي طالب عليه السلام نظروا إلى وجه ذلك الملك فقلت: يا رب هذا أخي علي بن أبي طالب عليه السلام وابن عمي؟ فقال: يا محمد هذا ملك خلقته على صورة علي يعبدني في بطنان عرشي تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعلي بن أبي طالب عليه السلام إلى يوم القيامة. 16 – وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنا علي بن محمد بن عيينة قال: حدثنا الحسن بن سليمان الملطي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): كاد الحسد أن يسبق القدر. 17 – وحدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي، قال:


(1) سورة النساء: الاية 59. قال الحلي: كان علي عليه السلام معهم. أورد نزول الاية الشريفة في شأن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام عدة من محدثي القوم فراجع كتبهم.

[ 140 ]

حدثنا علي بن محمد بن عيينة قال دارم بن قبيصة النهشلي قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): يا علي لا يحفظني فيك إلا الاتقياء الانقياء الابرار الاصفياء وما هم في أمتي إلا كالشعرة البيضاء في الثور الاسود في الليل الغابر. 18 – حدثنا محمد بن أحمد بن الحسين بن يوسف البغدادي قال: حدثنا علي بن محمد عيينة قال: حدثنا الحسين بن محمد العلوي بالجحفة (1)، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: خرج علينا رسول الله (ص) وفي يده خاتم فضة جزع (2) يماني فصلى بنا، فلما قضي صلاته دفعه إلي وقال: يا علي تختم به في يمينك وصل فيه: أو ما علمت أن الصلاة في الجزع سبعون صلاة؟ وأنه يسبح ويستغفر وأجره لصاحبه وبالله العصمة والتوفيق.


(1) الجحفة بالضم ثم السكون والفاء: كانت قرية كبيرة ذات منبر على طريق المدينة من مكة على أربع مراحل وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمروا على المدينة، فان مروا بالمدينة فميقاتهم ذو الحليفة. معجم البلدان. (2) الجزع: خزر فيه سواد وبياض.

[ 141 ]

36 – باب دخول الرضا عليه السلام بنيسابور وذكر الدار التي نزلها والمحلة 1 – حدثنا أبو واسع محمد بن أحمد بن إسحاق النيسابوري قال سمعت جدتي خديجة بنت حمدان بن بسنده قالت لما دخل الرضا عليه السلام بنيسابور نزل محلة الغربي ناحية تعرف بلاشاباد في دار جدي بسنده وإنما سمي بسنده لأن الرضا عليه السلام ارتضاه من بين الناس وبسنده إنما هي كلمة فارسية معناها: مرضي فلما نزل عليه السلام دارنا زرع لوزة في جانب من جوانب الدار فنبتت وصارت شجرة وأثمرت في سنة فعلم الناس بذلك فكانوا يستشفون بلوز تلك الشجرة فمن أصابته علة تبرك بالتناول من ذلك اللوز مستشفيا فعوفي به ومن اصابه رمد جعل ذلك اللوز على عينيه فعوفي وكانت الحامل إذا عسر عليها ولادتها تناولت من ذلك اللوز فتخف عليها الولادة وتضع من ساعتها وكان إذا أخذ دابة من دواب القولنج أخذ من قضبان تلك الشجرة فأمر على بطنها فتعافي ويذهب عنها ريح القولنج ببركة الرضا عليه السلام فمضت الايام على تلك الشجرة فيبست فجاء جدي حمدان وقطع اغصانها فعمي وجاء ابن حمدان يقال له: أبو عمرو فقطع تلك الشجرة من وجه الارض، فذهب ماله كله بباب فارس وكان مبلغه سبعين الف درهم إلى ثمانين الف درهم ولم يبق له شئ وكان لابي عمرو هذا ابنان وكان يكتبان لابي الحسن محمد بن إبراهيم بن سمجور يقال لاحدهما أبو القاسم وللاخر أبو صادق فأرادا عمارة تلك الدار وإنفقا عليها عشرين الف درهم وقلعا الباقي من


[ 142 ]

أصل تلك الشجرة وهما لا يعلمان يتولد عليهما من ذلك تولى أحدهما ضياعا لامير خراسان فرد إلى نيسابور في محمل قد أسودت رجله اليمنى فشرحت رجله فمات من تلك العلة بعد شهر وأما الاخر وهو الاكبر فانه كان في ديوان سلطان نيسابور يكتب كتابا ورأسه قوم من الكتاب وقوف فقال واحد منهم: دفع الله عين السوء بمن كاتب هذا الخط فارتعشت يده من ساعته وسقط القلم من يده وخرجت بيده بثرة (1) ورجع إلى منزله فدخل إليه أبو العباس الكاتب مع جماعة فقالوا له: هذا الذي أصابك من الحرارة فيجب أن تفصد اليوم فافتصد ذلك اليوم فعادوا إليه من الغد وقالوا له يجب أن تفتصد اليوم أيضا ففعل فأسودت يده فتشرحت ومات من ذلك وكان موتهما جميعا في أقل من سنة


(1) البئر: الخراج والدمل والجرح.

[ 143 ]

37 – باب ما حدث به الرضا عليه السلام في مربعة نيسابور وهو يريد قصد المأمون 1 – حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر النيسابوري بنيسابور قال حدثني أبو علي الحسن بن علي الخزرجي الانصاري السعدي (1) قال: حدثنا عبد السلام بن صالح أبو الصلت الهروي قال: كنت مع علي بن موسى الرضا عليه السلام حين رحل من نيسابور وهو راكب بغلة شهباء فإذا محمد بن رافع وأحمد بن الحرث ويحيى بن يحيى واسحاق بن راهويه وعدة من أهل العلم قد تعلقوا بلجام بغلته المربعة فقالوا: بحق آبائك الطاهرين حدثنا بحديث سمعته من أبيك فأخرج رأسه من العمارية وعليه مطرف (2) خزذو وجهين وقال حدثنا أبي العبد الصالح موسى بن جعفر قال: حدثني أبي الصادق جعفر بن محمد قال حدثني أبي أبو جعفر بن علي باقر علوم الانبياء قال: حدثني أبي علي بن الحسين سيد العابدين حدثني أبي سيد شباب أهل الجنة الحسين قال: حدثني أبي على بن أبي طالب عليهم السلام قال: سمعت النبي (ص) يقول سمعت جبرائيل يقول: قال الله جل جلاله: إنى أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدوني من جاء منكم بشهادة أن لا إله إلا الله بالاخلاص دخل في حصني ومن دخل في حصني أمن من عذابي.


(1) الخزرج: قبيلة من الانصار وقال أمير المؤمنين عليه السلام: الاوس والخزرج القوم الذين هم آووا فاعطوا فوق ما وهبوا. (2) المطرف: رداء من خز ذو اعلام.

[ 144 ]

2 – حدثنا أبو الحسين محمد بن علي بن الشاه الفقيه المرورودي، في منزله بمرورود قال حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن العامر الطائي بالبصرة قال: حدثني أبي قال: حدثني علي بن موسى الرضا عليه السلام، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): يقول الله عز وجل (لا إله إلا الله حصني فمن دخله أمن من عذابي). 3 – حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي قال: حدثنا أبو القاسم محمد بن عبيد بن بابويه الرجل الصالح قال: حدثنا أبو محمد أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر أبو السيد المحجوب إمام عصره بمكة قال: حدثني أبي علي بن محمد التقي قال: حدثني أبي محمد بن علي التقي قال: حدثني أبي علي بن موسى الرضا قال حدثني أبي موسى بن جعفر الكاظم قال: حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق قال: حدثني أبي محمد بن على الباقر قال: حدثني أبي علي بن الحسين السجاد زين العابدين قال: حدثني أبي الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب سيد الاوصياء قال: حدثني محمد بن عبد الله سيد الانبياء (ص) قال: حدثني جبرئيل سيد الملائكة قال: قال الله سيد السادات عز وجل: إنى أنا الله لا إلا أنا فمن أقر لي بالتوحيد دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي. 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي قال: حدثنا محمد بن الحسين الصولي قال: حدثنا يوسف بن عقيل عن إسحاق بن راهويه قال: لما وافى أبو الحسن الرضا عليه السلام نيسابور وأراد أن يخرج منها إلى المأمون اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا بن رسول الله ترحل عنا ولا تحدثنا بحديث فنستفيده منك؟ وكان قد قعد في العمارية فاطلع رأسه وقال سمعت أبي موسى بن


[ 145 ]

جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام يقول سمعت النبي (ص) يقول سمعت الله عز وجل يقول: لا إله إلا الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي قال فلما مرت الراحلة نادانا بشروطها وأنا من شروطها. قال مصنف هذا الكتاب (ره): من شروطها الاقرار للرضا عليه السلام بأنه إمام من قبل الله عز وجل على العباد مفترض الطاعة عليهم ويقال إن الرضا عليه السلام لما دخل نيسابور نزل في محلة يقال لها الفرويني فيها حمام وهو الحمام المعروف (اليوم) بحمام الرضا عليه السلام وكانت هناك عين قد قل ماؤها فأقام عليها من إخرج ماؤها حتى توفر وكثر وأتخذ من خارج الدرب حوضا ينزل إليه بالمراقي (1) إلى هذه العين فدخله الرضا عليه السلام واغتسل فيه ثم خرج منه وصلى على ظهره والناس يتناوبون ذلك الحوض ويغتسلون فيه ويشربون منه التماسا للبركة ويصلون على ظهره ويدعون الله عز وجل في حوائجهم فتقضي لهم وهي العين المعروفة بعين كهلان يقصدها الناس إلى يومنا هذا


(1) المراقي جمع المرقاة: الدرجة.

[ 146 ]

38 – باب خبر نادر عن الرضا عليه السلام حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الفزاري قال: حدثنا عبد الرحمن بن بحر الاهوازي قال حدثني أبو الحسن علي بن عمرو قال حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور قال، حدثنا علي بن بلال عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن النبي (ص) عن جبرئيل عن ميكائيل عن إسرافيل عن اللوح عن القلم قال: يقول الله عز وجل ولاية علي بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي


[ 147 ]

39 – باب خروج الرضا عليه السلام من نيسابور إلى طوس ومنها إلى مرو 1 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثنا أبي قال حدثنا أحمد بن علي الانصاري قال: حدثنا عبد السلم صالح الهروي قال: لما خرج علي بن موسى الرضا عليهما السلام إلى المأمون فبلغ (قرب) قرية الحمراء قيل له: يا بن رسول الله قد زالت الشمس أفلا تصلي؟ فنزل عليه السلام فقال: إئتوني بماء فقيل ما معنا ماء فبحث عليه السلام بيده الارض فنبع من الماء ماء توضأ به هو ومن معه واثره باق إلى اليوم فلما دخل سناباد استند إلى الجبل الذي تنحت منه القدور، فقال: اللهم انفع به وبارك فيما يجعل فيه وفيما ينحت منه ثم أمر عليه السلام فنحت له قدور من الجبل وقال: لا يطبخ ما آكله إلا فيها وكان عليه السلام خفيف الاكل قليل الطعم فاهتدى الناس إليه من ذلك اليوم فظهرت بركة دعائه فيه ثم دخل دار حميد بن قحطبة الطائي ودخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد ثم خط بيده إلى جانبه ثم قال: هذه تربتي وفيها أدفن وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل محبتي والله ما يزورني منهم زائر ولا يسلم علي منهم مسلم إلا وجب له غفران الله ورحمته بشفاعتنا أهل البيت ثم استقبل القبلة فصلى ركعات ودعا بدعوات فلما فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها فاحصيت فيها خمسمأة تسبيحه ثم انصرف. 2 – حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد الضبي قال:


[ 148 ]

سمعت أبي الحسين بن أحمد يقول: سمعت جدي يقول: سمعت أبي يقول: لما قدم علي بن موسى الرضا عليه السلام نيسابور أيام المأمون قمت في حوائجه والتصرف أمره ما دام بها فلما خرج إلى مرو شيعته إلى سرخس فلما خرج من سرخس أردت أن أشيعه إلى مرو فلما سار مرحلة أخرج رأسه من العمارية قال لي: يا أبا عبد الله انصرف راشدا فقد قمت بالواجب وليس للتشييع غاية قال: قلت بحق المصطفى والمرتضى والزهراء لما حدثتني بحديث تشفيني به حتى أرجع فقال: تسألني الحديث وقد اخرجت من جوار رسول الله ولا أدري إلى ما يصير أمري قال قلت بحق المصطفى والمرتضى والزهراء لما حدثتني بحديث تشفيني حتى أرجع فقال: حدثني أبي عن جدي عن أبيه أنه سمع أباه يذكر أنه سمع أباه يقول: سمعت أبي علي بن أبي طالب عليهم السلام يذكر أنه سمع النبي (ص) يقول: قال الله جلاله: لا إله إلا الله اسمي من قاله مخلصا من قلبه دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي. قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله أن يحجزه هذا القول عن ما حرم الله عز وجل. 3 – حدثنا محمد بن موسى المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ياسر الخادم قال: لما نزل أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام قصر حميد بن قحطبة نزع ثيابه وناولها حميدا فاحتملها وناولها جارية له لتغسلها؟ فما لبثت أن جاءت ومعها رقعة فناولتها حميدا وقالت: وجدتها في جيب أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت: جعلت فداك إن الجارية وجدت رقعة في جيب قميصك فما هي؟ قال يا حميد هذه عوذة (1) لا نفارقها فقلت: لو شرفتني بها قال عليه السلام: هذه عوذة من أمسكها في جيبه كان مدفوعا وكانت له حرزا من الشيطان الرجيم ومن السلطان، ثم أملي على حميد العوذة وهي: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله أنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أو غير تقي


(1) العوذة والرقية والنشرة واحد.

[ 149 ]

أخذت بالله السميع البصير على سمعك وبصرك لا سلطان لك علي ولا على سمعي ولا بصري ولا شعري ولا على بشري ولا على لحمي ولا على دمي ولا على مخي ولا على عصبي ولا على عظامي ولا على أهلي وعلى مالي ولا على ما رزقني ربي سترت بيني وبينك بسترة النبوة الذي استتر به أنبياء الله من سلطان الفراعنة جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري وإسرافيل من ورائي ومحمد (ص) أمامي والله مطلع على ما يمنعك ويمنع الشيطان مني اللهم لا يغلب جهله أناتك يستفزني ويستخفني اللهم إليك التجأت اللهم إليك التجأت اللهم إليك التجأت.


[ 150 ]

40 – باب السبب الذي من أجله قبل علي بن موسى الرضا عليه السلام ولاية العهد من المأمون وذكر ما جرى في ذلك ومن كرهه ومن رضي به وغير ذلك 1 – حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي رضي الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه قال: حدثنا محمد بن نصير عن الحسن بن موسى قال: روى أصحابنا عن الرضا عليه السلام: أنه قال له رجل: أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون؟ وكأنه انكر ذلك عليه فقال له أبو الحسن الرضا عليه السلام: يا هذا أيهما أفضل النبي (ص) أو الوصي؟ فقال: لا بل النبي قال: فأيهما أفضل مسلم أو مشرك؟ قال: لا بل مسلم قال: فإن العزيز عزيز مصر كان مشركا وكان يوسف عليه السلام نبيا وأن المأمون مسلم وأنا وصي ويوسف سئل العزيز أن يوليه حين قال (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) وأنا أجبرت على ذلك وقال عليه السلام: في قوله تعالى: (أجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) (1) قال: حافظ لما في يدي عالم بكل لسان. 2 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه، عن الريان بن الصلت، قال: دخلت على علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقلت له: يا بن رسول الله الناس يقولون: إنك قبلت ولاية العهد مع إظهارك الزهد في الدنيا؟ فقال عليه * (هامش) (1) سورة يوسف: الاية 55.


[ 151 ]

السلام: قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل إخترت القبول على القتل، ويحهم! أما علموا أن يوسف عليه السلام كان نبيا ورسولا دفعته الضرورة إلى تولي خزائن العزيز (قال إجعلنى على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إكراه وإجبار بعد الاشراف على الهلاك، على أني ما دخلت في هذا الامر إلا دخول خارج منه فالى الله المشتكى وهو المستعان. 3 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن تاتانه رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن أبي الصلت الهروي، قال: إن المأمون قال للرضا عليه السلام يا بن رسول الله قد عرفت علمك وفضلك وزهدك وورعك وعبادتك وأراك أحق بالخلافة منى فقال الرضا عليه السلام بالعبودية لله عز وجل أفتخر وبالزهد في الدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله عز وجل فقال له المأمون: فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة وأجعلها وأبايعك فقال له الرضا عليه السلام: إن كانت هذه الخلافة لك والله جعلها لك فلا يجوز لك أن تخلع لباسا ألبسك الله وتجعله لغيرك وأن كانت الخلافة ليست لك فلا يجوز لك أن تجعل لي ما ليس لك، فقال له المأمون يا بن رسول الله فلابد لك من قبول هذا الامر، فقال: لست أفعل ذلك طائعا أبدا فما زال يجهد به أياما حتى يئس من قبوله فقال له: فإن لم تقبل الخلافة ولم تجب مبايعتي لك فكن ولي عهدي له تكون الخلافة بعدي فقال الرضا عليه السلام: والله لقد حدثني أبي، عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام، عن الله (ص) إني أخرج من الدنيا قبلك مسموما مقتولا بالسم مظلوما تبكي علي ملائكة السماء وملائكة الارض وأدفن في أرض غربة إلى جنب هارون الرشيد فبكى المأمون، ثم قال له: يا بن رسول الله ومن الذي يقتلك أو يقدر على الاساءة إليك وأنا حي؟ فقال الرضا عليه السلام: أما إني لو أشاء أن أقول لقلت من يقتلني؟ فقال المأمون: يا بن رسول الله إنما تريد بقولك هذا التخفيف عن نفسك ودفع هذا الامر عنك، ليقول الناس إنك زاهد في الدنيا فقال الرضا عليه السلام: والله ما كذبت منذ خلقني


[ 152 ]

ربي عزوجل وما زهدت في الدنيا للدنيا وأني لاعلم ما تريد فقال المأمون وما أريد؟ قال الامان على الصدق قال: لك الامان، تريد بذلك أن يقول الناس إن علي بن موسى الرضا عليهما السلام لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعا في الخلافة؟ فغضب المأمون: ثم قال إنك تتلقاني أبدا بما اكرهه وأمنت سطوتي فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلا أجبرتك على ذلك فإن فعلت وإلا ضربت عنقك، فقال الرضا عليه السلام: قد نهاني الله تعالى أن القي بيدي التهلكة فإن كان الامر على هذا فافعل ما بدا لك وأنا أقبل على أني لا أولي أحدا ولا أعزل أحدا ولا أنقض رسما ولا سنة وأكون في الامر من بعيد مشيرا فرضي منه بذلك وجعله ولي عهده على كراهة منه عليه السلام بذلك 4 – حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي (1) عن محمد بن عرفة قال: قلت للرضا عليه السلام يابن رسول الله ما حملك على الدخول في ولاية العهد؟ فقال: ما حمل جدي أمير المؤمنين عليه السلام على الدخول في الشورى؟! 5 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: والله ما دخل الرضا عليه السلام هذا الامر طائعا ولقد حمل إلى الكوفة مكرها ثم أشخص منها على طريق البصرة وفارس إلى مرو. 6 – حدثنا أبو محمد الحسن بن يحيى العلوي الحسيني رضي الله عنه بمدينة السلام قال: أخبرني جدي يحيى الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين قال حدثني موسى بن سلمة قال كنت بخراسان مع محمد بن جعفر،


(1) البرمكي بفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وفتح الميم بعدها كاف وياء نسبة أما إلى يركم جد يحيى بن خالد وإليه ينسب البرامكة وهم طائفة قد كثر فسادهم في الارض فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر أو نسبة إلى البرمكية محلة ببغداد. من بعض كتب الرجال.

[ 153 ]

فسمعت أن ذا الرياستين الفضل بن سهل (1) خرج ذات يوم وهو يقول: واعجبا لقد رأيت عجبا سلوني ما رأيت؟ فقالوا: ما رأيت أصلحك الله؟ قال: رأيت أمير المؤمنين (2) يقول: لعلي بن موسى الرضا قد رأيت أن أقلدك أمر المسلمين وأفسخ ما في رقبتي وأجعله في رقبتك ورأيت علي بن موسى يقول له: الله الله لا طاقة لي بذلك ولا قوة فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها أمير المؤمنين يتفصى فيها ويعرضها على علي بن موسى وعلي بن موسى يرفضها ويأبى. 7 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أحمد بن إسماعيل الخصيب قال: لما ولي الرضا عليه السلام العهد خرج إليه إبراهيم بن العباس ودعبل بن علي (3) وكانا لا يفترقان ورزين بن علي إخو دعبل، فقطع عليهم الطريق فالتجؤوا إلى أن ركبوا إلى بعض المنازل حميرا تحمل الشوك فقال إبراهيم وانشد: اعيدت بعد حمل الشوك احمالا من * الخزف نشاوى لا من الخمر بل من شدة الضعف ثم قال لرزين بن علي (4) أجز هذا فقال: فلو كنتم على ذاك تصيرون إلى القصف * تساوت حالكم فيه ولم تبقوا الخصف ثم قال لدعبل أجز يا أبا علي فقال: إذا فات الذي فات فكونوا من ذوي الظرف * وخفوا نقصف اليوم فأبى بايع خف 8 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال حدثني هارون بن عبد الله المهلبي، قال لما وصل إبراهيم بن العباس ودعبل بن علي الخزاعي إلى الرضا عليه السلام وقد بويع له


(1) لقب بذي الرياستين باعتبار تقلده الوزارة والسيف جميعا قاله المامقاني في (تنقيح المقال ج 2 ص 8 من أبواب الفاء). (2) المراد به المأمون!. (3) من شعراء أهل البيت عليهم السلام المجاهرين بمديحهم، وقصديته التائية مشهورة. (4) قال في القاموس: الاجازة في الشعر أن تتم مصراغ غيرك.

[ 154 ]

بالعهد إنشده دعبل: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات وأنشده إبراهيم بن العباس: ازالت عناء القلب بعد التجلد * مصارع أولاد النبي محمد فوهب لهما عشرين الف درهم من الدراهم عليها اسمه كان المأمون أمر بضربها في ذلك الوقت قال: فاما دعبل فصار بالعشرة آلاف التي حصته إلى قوم فباع كل درهم بعشرة دراهم فتخلصت له مأة الف درهم وأما إبراهيم فلم يزل عنده بعد أن أهدى بعضها وفرق بعضها على أهله ألى أن توفي رحمه الله وكفنه وجهازه منها. 9 – حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد الوراق قال: حدثنا علي بن هارون الحميري، قال: حدثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال: إن المأمون لما جعل علي بن موسى الرضا عليهما السلام ولي عهده وأن الشعراء قصدوا المأمون ووصلهم بأموال جمة حين مدحوا الرضا عليه السلام وصوبوا رأي المأمون في الاشعار دون أبي نواس (1) فاذنه ولم يقصده ولم يمدحه ودخل على المأمون فقال له: يا أبا نواس قد علمت مكان علي بن موسى الرضا مني وما اكرمته به فلماذا أخرت مدحه وأنت شاعر زمانك وقريع (2) دهرك؟ فانشد يقول: قيل لي أنت اوحد طرا * في فنون من الكلام النبيه لك من جوهر الكلام بديع * يثمر الدر في يدي مجتنيه فعلى ما تركت مدح ابن موسى * والخصال التي تجمعن فيه قلت لا أهتدي لمدح امام * كان جبرئيل خادما لابيه


(1) هو الشاعر المشهور وله اشعار كبيرة في مدح الرضا عليه السلام، وكان من أجود الناس بديهة. سئل عن نسبه، قال: أغناني أدبي عن نفسي. (2) القريع فعيل للمبالغة: السيد.

[ 155 ]

فقال المأمون احسنت ووصله من المال بمثل الذي وصل به كافة الشعراء وفضله عليهم. 10 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال حدثنا: أبو الحسن محمد بن يحيى الفارسي قال: نظر أبو نواس إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلة له فدنا منه أبو نواس فسلم عليه وقال: يا بن رسول الله قد قلت فيك ابياتا فاحب أن تسمعها مني: قال هات فانشأ يقول: مطهرون نقيات ثيابهم * تجري الصلاة اينما ذكروا من لم يكن علويا حين تنسبه * فما له قديم الدهر مفتخر فالله لما برئ خلقا فاتقنه * صفاكم واصطفاكم أيها البشر فأنتم الملا الاعلى وعندكم * علم الكتاب وجاءت به السور فقال الرضا عليه السلام قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد ثم قال يا غلام هل معك من نفقتنا شئ؟ فقال: ثلاث مأة دينار فقال: إعطها إياه ثم قال عليه السلام: لعله استقلها يا غلام سق إليه البغلة ولما كانت سنة إحدى ومأتين حج بالناس إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى ودعا للمأمون ولعلي بن موسى الرضا عليهما السلام من بعده بولاية العهد فوثب إليه حمدويه بن علي بن عيسى بن هامان فدعا إسحاق بسواده فلم يجده فاخذ علما أسود فالتحف به وقال أيها الناس إني قد ابلغتكم ما أمرت به ولست أعرف إلا أمير المؤمنين المأمون والفضل بن سهل ثم نزل ودخل عبد الله بن مطرف بن هامان على المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا عليهما السلام فقال له المأمون: ما تقول في أهل البيت؟ فقال عبد الله ما قولي في طينة عجنت بماء الرسالة وغرست بماء الوحي هل ينفخ منه إلا مسك الهدى وعنبر التقى قال فدعا المأمون بحقة فيها لؤلؤ فحشا فاه. 11 – حدثنا أبو نصر محمد بن الحسن بن إبراهيم الكرخي الكاتب بايلاق قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن صقر الغساني قال: حدثنا أبو بكر


[ 156 ]

محمد بن يحيى الصولي سمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد يقول خرج أبو نواس ذات يوم من داره فبصر براكب حاذاه فسئل عنه ولم ير وجهه فقيل: إنه علي بن موسى الرضا عليه السلام فانشأ يقول: إذا ابصرتك العين من بعد غاية * وعارض فيك الشك اثبتك القلب ولو أن قوما امموك لقادهم * نسيمك حتى يستدل بك الركب 12 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يزيد المبرد قال: حدثني الحافظ عن ثمامة بن اشرس قال: عرض المأمون يوما للرضا عليه اليسلام بالامتنان عليه بان ولاه العهد فقال له: إن من أخذ برسول الله (ص) لحقيق أن يعطى به، ولعلي بن الحسين عليه السلام كلام في هذا النحو (1). 13 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا بن زكريا الغلاني قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن علي وكان مستترا ستين سنة قال حدثنا عمي قال حدثنا جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام لا يسافر إلا مع رفقة لا يعرفونه ويشترط عليهم أن يكون من خدم الرفقة فيما يحتاجون إليه فسافر مرة مع قوم فرآه رجل فعرفه، فقال لهم: أتدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال: هذا علي بن الحسين عليه السلام فوثبوا فقبلوا يده ورجله وقالوا: يا بن رسول الله أردت أن تصلينا (2) نار جهنم لو بدرت منا إليك يد أو لسان أما كنا قد هلكنا آخر الدهر فما الذي يحملك على هذا فقال: إنى كنت قد سافرت مرة مع قوم يعرفونني فاعطوني برسول الله (ص) ما لا أستحق فاني أخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحب إلى.


(1) قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام كيف أصبحت؟ قال: أصبح جميع الناس آمنين برسول الله وأصبحنا خائفين به. (2) صلى فلانا النار وفيها وعليها: أدخله إياها وأثواه فيها.

[ 157 ]

14 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: المغيرة بن محمد قال: حدثنا هارون الفروي قال: لما جائتنا بيعه المأمون للرضا عليه السلام بالعهد إلى المدينة خطب بها الناس عبد الجبار بن سعيد سليمان المساحقي فقال في آخر خطبته أتدرون من ولي عهدكم؟ فقالوا: لا قال: هذا علي بن موسى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليه السلام سبعة آباءهم ما هم؟ هم خير يشرب صوب الغمام (1) 15 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن إسماعيل قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: لما عقد المأمون البيعة لعلي بن موسى الرضا عليهما السلام، قال له الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين إن النصح لك واجب والغش لا ينبغي لمؤمن، أن العامة تكره ما فعلت بي والخاصه تكره ما فعلت بالفضل بن سهل والرأي لك أن تبعدنا عنك حتى يصلح لك أمرك قال إبراهيم: فكان والله قوله هذا السبب في الذي آل الامر إليه. 16 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال حدثني ابن أبي عبدون، عن أبيه، قال: لما بايع المأمون الرضا عليه السلام بالعهد أجلسه إلى جانبه فقام العباس الخطيب فتكلم فاحسن، ثم ختم ذلك بان انشد: لا بد للناس من شمس وقمر * فأنت شمس وهذا ذلك القمر 17 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أحمد بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا أبي قال: لما بويع الرضا عليه السلام بالعهد إجتمع الناس إليه يهنئونه فأومى إليهم فانصتوا، ثم قال بعد أن استمع كلامهم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الفعال لما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه (يعلم خائنة الاعين


(1) صاب السماء الارض: جاءتها بالمطر.

[ 158 ]

وما تخفي الصدور) وصلى الله على محمد في الاولين والاخرين وعلى آله الطيبين الطاهرين أقول وأنا علي بن موسى بن جعفر عليهما السلام: إن أمير المؤمنين عضده الله بالسداد ووفقه للرشاد عرف من حقنا ما جهله غيره، فوصل ارحاما قطعت وآمن نفوسا فزعت بل أحياها وقد تلفت واغناها إذا افتقرت مبتغيا رضا رب العالمين لا يريد جزاء إلا من عنده (وسيجزي الله الشاكرين ولا يضيع أجر المحسنين) وأنه جعل إلي عهده والامرة الكبرى إن بقيت بعده فمن حل عقدة أمر الله تعالى بشدها وقصم عروة احب الله إيثاقها فقد أباح حريمه وأحل محرمه إذا كان بذلك زاريا (1) على الامام منتهكا (2) حرمة الاسلام، بذلك جرى السالف فصبر منه على الفلتات ولم يعترض بعدها على الغرمات خوفا على شتات الدين واضطراب حبل المسلمين ولقرب أمر الجاهلية ورصد المنافقين فرصة تنتهز وبائقة تبتدر وما أدري ما يفعل بي ولا بكم؟ أن الحكم إلا لله يقضي الحق (وهو خير الفاصلين). 18 – حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي الحاكم، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا الحسن بن الجهم، قال: حدثني أبي قال: صعد المأمون المنبر لما بايع علي بن موسى الرضا عليه السلام، فقال: أيها الناس جائتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام والله لو قرأت هذه الاسماء على الصم البكم لبرؤوا بإذن الله عز وجل. 19 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال: أشار الفضل بن سهل على المأمون أن يتقرب إلى الله عز وجل وإلى رسوله (ص) بصلة رحمه بالبقية بالعهد لعلي بن موسى الرضا عليه السلام ليمحو بذلك ما كان من أمر الرشيد فيهم، وكان يقدر على خلافه في شئ فوجه من


(1) زرى عليه علمه: عاتبه أو عابه عليه. (2) انتهك فلان الحرمة: تناولها بما لا يحل. انتهك الشئ: أذهب حرمته.

[ 159 ]

خراسان برجاء بن أبي الضحاك وياسر الخادم ليشخصا إليه محمد بن جعفر بن محمد وعلي بن موسى بن جعفر عليه السلام وذلك في سنة مأتين فلما وصل علي بن موسى عليه السلام إلى المأمون وهو بمرو ولاه العهد من بعده وأمر للجند برزق سنة وكتب إلى الافاق بذلك وسماه الرضا وضرب الدراهم بأسمه وأمر الناس بلبس الخضرة وترك السواد وزوجه ابنته أم حبيب وزوج ابنه محمد بن علي عليهما السلام إبنته أم الفضل بنت المأمون وتزوج هو ببوران بنت الحسن بن سهل زوجه بها عمها الفضل وكان كل هذا في يوم واحد وما كان يحب أن يتم العهد للرضا عليه السلام بعده قال الصولي: وقد صح عندي ما حدثني به أحمد بن عبيد الله من جهات منها إن عون بن محمد حدثني، عن الفضل بن سهل النوبختي أو عن أخ له قال: لما عزم المأمون على العقد للرضا عليه السلام بالعهد قلت: والله لاعتبرن ما في نفس المأمون من هذا الامر أيحب إتمامه أو هو تصنع به؟ فكتبت إليه على يد خادم له كان يكاتبني باسراره على يده وقد عزم ذو الرياستين على عقد العهد والطالع السرطان وفيه المشتري والسرطان وأن كان شرف المشتري فهو برج منقلب لا يتم أمر ينعقد فيه ومع هذا فإن المريخ في الميزان (الذي هو الرابع ووتد الأرض) في بيت العاقبة وهذا يدل على نكبة المعقود له وعرفت أمير المؤمنين ذلك لئلا يعتب علي إذا وقف على هذا من غيري فكتب إلي: إذا قرأت جوابي إليك فارده إلي مع الخادم ونفسك أن يقف أحد على ما عرفتنيه أو أن يرجع ذو الرياستين عن عزمه فانه إن فعل ذلك الحقت الذنب بك وعلمت إنك سببه قال: فضاقت علي الدنيا وتمنيت إني ما كنت كتبت إليه، ثم بلغني أن الفضل بن سهل ذا الرياستين قد تنبه على الامر ورجع عن عزمه، وكان حسن العلم بالنجوم فخفت والله على نفسي وركبت إليه، فقلت له: أتعلم في السماء نجما أسعد من المشتري قال: لا قلت: أفتعلم أن في الكواكب نجما يكون في حال اسعد منها في شرفها؟ قال لا، قلت: فامضى العزم على ذلك إذ كنت تعقده وسعد الفلك في اسعد حالاته فامضى الامر على ذلك، فما علمت إني من أهل الدنيا حتى وقع العهد فزعا من المأمون. 20 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني


[ 160 ]

محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أحمد بن محمد بن الفرات أبو العباس والحسين بن علي الباقطاني قالا: كان إبراهيم بن العباس صديقا لاسحاق بن إبراهيم أخي زيدان الكاتب المعروف بالزمن فنسخ له شعره في الرضا عليه السلام وقت منصرفه من خراسان وفيه شئ بخطه وكانت النسخة عنده إلى أن ولي إبراهيم بن العباس ديوان الضياع للمتوكل وكان قد تباعد ما بينه وابين أخي زيدان الكاتب فعزله عن ضياع كانت في يده وطالبه بمال وشدد عليه فدعى إسحاق بعض من يثق وقال له: أمض إلى إبراهيم بن العباس فاعلمه أن شعره في الرضا عليه السلام كله عندي بخطه وغير خطه ولئن لم يترك بالمطالبة عني لاوصلنه إلى المتوكل فصار الرجل إلى إبراهيم برسالة فضاقت به الدنيا حتى اسقط المطالبة عنه وأخذ جميع ما عنده من شعره بعد أن حلف كل واحد منهما لصاحبه قال الصولي: حدثني يحيى بن علي المنجم قال: قال لي: أنا كنت السفير بينهما حتى اخذت الشعرة فاحرقه إبراهيم بن العباس بحضرتي قال الصولي: وحدثني أحمد بن ملحان قال: كان لابراهيم بن العباس ابنان اسمهما الحسن والحسين يكنيان بأبي محمد وأبي عبد الله فلما ولي المتوكل سمى الاكبر إسحاق وكناه بأبي محمد، وسمى الاصغر عباسا وكناه بأبي الفضل فزعا، قال الصولى: حدثني أحمد بن إسماعيل بن الخصيب قال ما شرب إبراهيم بن العباس ولا موسى بن عبد الملك النبيذ قط حتى ولي المتوكل فشرباه وكانا يتعمدان أن يجمعا الكراعات والمخنثين ويشربا بين أيديهم في كل يوم ثلاثا ليشيع الخبر بشربهما وله أخبار كثيرة في توقيه ليس هذا موضع ذكرها. 21 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني ياسر الخادم لما رجع المأمون من خراسان بعد وفاة أبي الحسن الرضا عليه السلام بطوس باخباره كلها، قال علي بن إبراهيم: وحدثني الريان بن الصلت وكان من رجال الحسن بن سهل وحدثني أبي عن عن محمد بن عرفة وصالح بن سعيد الكاتب الراشدي كل هؤلاء حدثوا باخبار أبي الحسن الرضا عليه السلام وقالوا لما انقضى أمر المخلوع


[ 161 ]

واستوى أمر المأمون كتب إلى الرضا عليه السلام يستقدمه خراسان فاعتل عليه الرضا عليه السلام بعلل كثيرة فما زال المأمون يكاتبه ويسأله حتى علم الرضا أنه لا يكف عنه عنه فخرج وأبو جعفر عليه السلام له سبع سنين فكتب إليه المأمون لا تأخذ على طريق الكوفة وقم، فحمل على طريق البصرة والاهواز وفارس وافى مرو فلما وافى مرو عرض عليه المأمون يتقلد الامرة والخلافة فأبى الرضا عليه السلام ذلك وجرت في هذا مخاطبات كثيرة وبقوا في ذلك نحوا من شهرين كل ذلك يأبى أبو الحسن الرضا عليه السلام أن يقبل ما يعرض عليه فلما كثر الكلام والخطاب في هذا قال المأمون: فولاية العهد فأجابه إلى ذلك وقال له على شروط اسألها المأمون: سل ما شئت قالوا: فكتب الرضا عليه السلام إني أدخل في ولاية العهد على أن لا آمر ولا أنهي ولا أقضي ولا أغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله فأجابه المأمون إلى ذلك وقبلها على هذه الشروط ودعا المأمون الولاة والقضاة والقواد والشاكرية (1) وولد العباس إلى ذلك فاضطربوا عليه فاخرج أموالا كثيرة وأعطى القواد وأرضاهم إلا ثلاثة نفر من قواده أبوا ذلك أحدهم عيسى الجلودي وعلي بن أبي عمران وأبو يونس فأنهم أبوا أن يدخلوا في بيعة الرضا عليه السلام فحبسهم وبويع الرضا عليه السلام وكتب ذلك إلى البلدان وضربت الدنانير والدراهم باسمه وخطب له المنابر وانفق المأمون في ذلك أموالا كثيرة، فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ليطمئن قلوب ويعرفوا الناس ويعرفوا فضله وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة فبعث إليه الرضا عليه السلام وقال: قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخولي في هذا الامر فقال المأمون: إنما أريد بهذا أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الامر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله به، فلم يزل يرده الكلام في ذلك، فلما ألح عليه قال: يا أمير المؤمنين أن اعفيتني من ذلك فهو أحب إلي، وأن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله (ص) وكما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال


(1) الشاكرية: الاجير والمستخدم طائفة من الجنود.

[ 162 ]

المأمون: أخرج كما تحب وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن الرضا عليه السلام فقعد الناس لابي الحسن الرضا عليه السلام في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان واجتمع القواد على باب الرضا عليه السلام فلما طلعت الشمس قام الرضا عليه السلام، فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن والقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفه وتشمر (1)، ثم قال لجميع مواليه: إفعلوا مثل ما فعلت، ثم أخذ بيده عكازة (2) وخرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة، فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات فخيل إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه والقواد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا السلاح وتهيئوا بأحسن هيئة فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمرنا وطلع الرضا عليه السلام وقف وقفة على الباب قال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام والحمد لله على ما ابلانا ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا فتزعزعت (3) مرو من البكاء والصياح فقالها ثلاث مرات فسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما نظروا إلى أبي الحسن عليه السلام وصارت مرو ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والضجيج وكان أبو الحسن عليه السلام يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة، فكبر الله أربع مرات فتخيل إلينا أن السماء والارض والحيطان تجاوبه وبلغ المأمون ذلك فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين: يا أمير المؤمنين أن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس فالرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون فسأله الرجوع فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه فلبسه ورجع. 22 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن الريان بن الصلت قال أكثر الناس في بيعة الرضا من القواد والعامة ومن لم يحب ذلك وقالوا: إن هذا من تدبير الفضل


(1) شمر الثوب عن ساقيه: رفعه، تشمر للامر: أراده وتهيأ له. (2) العكازة عصا ذات زج في أسفلها يتوكأ عليها. (3) زعزعة: حركة شديدا.

[ 163 ]

بن سهل ذي الرياستين فبلغ المأمون ذلك فبعث إلي في جوف الليل فصرت إليه فقال: يا ريان بلغني أن الناس يقولون: إن بيعة الرضا عليه السلام كانت من تدبير الفضل بن سهل، فقلت: أمير المؤمنين يقولون ذلك، قال: ويحك يا ريان أيجسر أحد أن يجئ إلى خليفة وابن خليفة قد استقامت له الرعية والقواد واستوت له الخلافة فيقول له إدفع الخلافة من يدك إلى غيرك؟ أيجوز هذا في العقل؟ قال: قلت له: لا والله يا أمير المؤمنين ما يجسر على هذا أحد قال: لا والله ما كان كما يقولون ولكني سإخبرك بسبب ذلك، إنه لما كتب إلي محمد أخي يأمرني بالقدوم عليه فأبيت عقد لعلي عيسى بن هامان وإمره أن يقيدني بقيد ويجعل الجامعة (1) في عنقي فورد علي بذلك الخبر وبعثت هرثمة بن أعين إلى سجستان وكرمان وما والاها فأفسد علي أمري فانهزم هرثمة وخرج صاحب السرير وغلب على كور خراسان من ناحية فورد على هذا كله في أسبوع فلما ورد ذلك علي لم يكن لي قوة في ذلك ولا كان لي مال أتقوى به ورأيت من قوادي ورجالي الفشل (2) والجبن أردت أن ألحق بملك كابل فقلت في نفسي: ملك كابل رجل كافر ويبذل محمد له الاموال فيدفعني إلى يده فلم أجد وجها أفضل من أن أتوب إلى الله تعالى من ذنوبي وأستعين به على هذه الامور وأستجير بالله تعالى وأمرت بهذا البيت وأشار إلى بيت فكنس (3) وصببت على الماء ولبست ثوبين أبيضين وصليت أربع ركعات فقرأت فيها من القرآن ما حضرني ودعوت الله تعالى واستجرت به وعاهدته عهدا وثيقا بنية صادقة أن أفضى الله (4) بهذا الامر إلي وكفاني عادية الامور الغليظة أن أضع هذا الامر في موضعه الذي وضع الله فيه، ثم قوي فيه قلبي فبعثت طاهرا إلى علي بن عيسى بن هامان فكان من أمره ما كان، ورددت هرثمة بن اعين إلى رافع (بن اعين) فظفر به وقتله وبعثت إلى صاحب السرير فهاديته وبذلت له شيئا حتى رجع فلم يزل أمري يتقوى حتى كان من


(1) الجامعة: الغل لانها تجمع اليدين إلى العنق. (2) فشل: ضعف وتراخي وجبن عند حرب أو شدة. (3) كنس البيت: كسحه بالمكنسة. (4) أفضى به إلى كذا: بلغ وانتهى به إليه.

[ 164 ]

أمر محمد ما كان وأفضى الله ألي بهذا الامر واستوى لي، فلما وفى الله تعالى بما عاهدته عليه أحببت أن أفي الله بما عاهدته فلم أر أحدا أحق بهذا الامر من أبي الحسن الرضا عليه السلام فوضعتها فيه فلم يقبلها على ما قد علمت فهذا كان سببها فقلت: وفق الله أمير المؤمنين، فقال: يا ريان إذا كان غدا وحضر الناس فاقعد بين هؤلاء القواد وحدثهم بفضل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين ما أحسن من الحديث شيئا إلا ما سمعته منك، فقال: سبحان الله ما أجد أحدا يعينني على هذا الامر لقد هممت أن أجعل أهل قم شعاري ودثاري فقلت: يا أمير المؤمنين أنا أحدث عنك بما سمعته منك من الاخبار؟ فقال: نعم حدث عني بما سمعته مني من الفضائل فلما كان من الغد قعدت بين القواد في الدار فقلت: حدثني أمير المؤمنين عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (ص) قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه وحدثني أمير المؤمنين عن أبيه عن آبائه قال: قال رسول الله (ص): علي منى بمنزلة هارون من موسى وكنت أخلط الحديث بعضه ببعض لا أحفظه على وجهه وحدثت بحديث خيبر وبهذه الاخبار المشهورة فقال عبد الله بن مالك الخزاعي رحم الله عليا كان رجلا صالحا وكان المأمون قد بعث غلاما إلى مجلسنا يسمع الكلام فيؤديه إليه قال: الريان: بعث إلي المأمون فدخلت إليه فلما رأني قال، يا ريان ما ارواك للاحاديث واحفظك لها؟ قال قد بلغني ما قال اليهودي عبد الله بن مالك في قوله: رحم الله عليا كان رجلا صالحا والله لاقتلنه إنشاء الله، وكان هشام بن إبراهيم الراشدي الهمداني من أخص عند الرضا عليه السلام من قبل أن يحمل وكان عالما أديبا لبيبا وكانت أمور الرضا عليه السلام تجري من عنده وعلى يده وتصيره الاموال من النواحي كلها إليه قبل حمل أبي الحسن عليه السلام فلما حمل أبو الحسن اتصل هشام بن إبراهيم بذي الرياستين وقربه ذو الرياستين وأدناه، فكان ينقل أخبار الرضا عليه السلام إلى ذي الرياستين والمأمون فحظي (1) بذلك عندهما وكان لا يخفي عليهما من أخباره شيئا فولاه المأمون حجابة الرضا عليه السلام فكان


(1) حظيت المرأة عند زوجها: دنت من قلبه وأحبها.

[ 165 ]

يصل إلى الرضا عليه السلام إلا من أحب وضيق على الرضا عليه السلام وكان من يقصده من مواليه لا يصل إليه وكان لا يتكلم الرضا عليه السلام في داره بشئ إلا أورده هشام على المأمون وذي الرياستين وجعل المأمون العباس ابنه في حجر هشام وقال له: أدبه فسمي هشام العباسي لذلك قال: وأظهر ذو الرياستين عداوة شديدة لابي الحسن الرضا عليه السلام وحسده على ما كان المأمون يفضله فأول ما ظهر لذي الرياستين من أبي الحسن عليه السلام أن ابنة عم المأمون كانت تحبه وكان يحبها، وكان ينفتح باب حجرتها إلى مجلس المأمون وكانت تميل إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام وتحبه وتذكر ذا الرياستين وتقع فيه فقال ذو الرياستين حين بلغه ذكرها لا ينبغي أن يكون باب دار النساء مشرعا إلى مجلسك فأمر المأمون بسده وكان المأمون يأتي الرضا عليه السلام يوما والرضا عليه السلام يأتي المأمون يوما، وكان منزل أبي الحسن عليه السلام بجنب منزل المأمون فلما دخل أبو الحسن عليه السلام إلى المأمون ونظر إلى الباب مسدودا قال: يا أمير المؤمنين ما هذا الباب الذي سددته؟ فقال: رأي الفضل ذلك وكرهه، فقال عليه السلام: (إأنا لله وإنا إليه راجعون) ما للفضل والدخول بين أمير المؤمنين وحرمه؟ قال: فما ترى؟ قال: فتحه والدخول إلى ابنة عمك ولا تقبل قول الفضل فيما لا يحل ولا يسع فأمر المأمون بهدمه ودخل على ابنة عمه، فبلغ الفضل ذلك فغمه. 23 – ووجدت في بعض الكتب نسخة كتاب الحباء والشرط من الرضا علي بن موسى عليه السلام إلى العمال في شأن الفضل بن سهل وأخيه ولم أرو ذلك أحد: أما بعد فالحمد لله البدئ الرفيع القادر القاهر الرقيب على عباده المقيت على خلقه الذي خضع كل شئ لملكه وذل كل شئ لعزته واستسلم كل شئ لقدرته وتواضع كل شئ لسلطانه وعظمته وأحاط بكل شئ علمه وأحصى عدده فلا يؤده كبير ولا يعزب عنه صغير الذي لا تدركه أبصار الناظرين ولا تحيط به صفة الواصفين، له الخلق والامر والمثل الاعلى في السموات والارض (وهو العزيز الحكيم) والحمد لله الذي شرع للاسلام دينا، ففضله وعظمه وشرفه وكرمه وجعله الدين القيم لا يقبل غيره، والصراط المستقيم الذي لا يضل من لزمه ولا يهتدي من صرف عنه وجعل


[ 166 ]

فيه النور والبرهان والشفاء والبيان وبعث به من اصطفى من ملائكته إلى من أجتبى من رسله في الامم الخالية والقرون الماضية حتى انتهت رسالته إلى محمد المصطفى (ص) فختم به النبيين وقفى به على آثار المرسلين، وبعثه رحمة للعالمين وبشيرا للمؤمنين المصدقين ونذيرا للكافرين المكذبين لتكون له الحجة البالغة وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وإن الله لسميع عليم والحمد لله الذي أورد أهل بيته مواريث النبوة واستودعهم العلم والحكمة وجعلهم معدن الامامة والخلافة وأوجب ولايتهم وشرف منزلتهم فأمر رسوله بمسألة أمته مودتهم، ذ يقول: (قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) (1) وما وصفهم من اذهابه الرجس عنهم وتطهيره إياهم في قوله: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (2) ثم إن المأمون بر رسول الله (ص) في عترته ووصل أرحام أهل بيته، فرد الفتهم وجمع فرقتهم ورأب صدعهم (3) ورتق فتقهم وأذهب به الضغائن والاحن (4)، بينهم أسكن التناصر والتواصل والمودة والمحبة قلوبهم، فأصبحت بيمنه وحفظه وبركته وبره وصلته أيديهم واحدة وكلمتهم جامعة، وأهوائهم متفقة، ورعى الحقوق لاهلها ووضع المواريث مواضعها وكافأ إحسان المحسنين، وحفظ بلاء المبتلين وقرب وباعد على الدين ثم اختص بالتفضيل والتقديم والتشريف من قدمته مساعيه، فكان ذلك ذا الرياستين الفضل بن سهل إذ رآه له مؤازرا، وبحقه قائما وبحجته ناطقا ولنقبائه نقيبا ولخيوله قائدا ولحروبه مدبرا، ولرعيته سائسا، وإليه داعيا ولمن أجاب إلى طاعته مكافئا، ولمن عذل عنها منابذا وبنصرته متفردا ولمرض القلوب والنيات مداويا لم ينهه عن ذلك قلة مال ولا عوز رجال ولم يمل به طمع ولم يلفته عن نيته وبصيرته وجل بل عندما


(1) سورة الشورى: الاية 20. قال العلامة: روى الجمهور في الصحيحين أحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس رحمه الله، قال: لما نزلت قل لا اسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا: يا رسول الله (ص) من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم قال: علي وفاطمة وابناهما. (2) سورة الاحزاب: الاية 33. قال العلامة: اجمع المفسرون وروى الجمهور كأحمد بن حنبل وغيره إنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. (3) رأب الصدع: أصلحه. (4) الاحن جمع الاحنة: الحقد والضغن.

[ 167 ]

يهول المهولون ويرعد ويبرق له المبرقون والمرعدون وكثرة المخالفين والمعاندين من المجاهدين والمخاتلين أثبت ما يكون عزيمة وأجرئ جنانا وأنفذ مكيدة وأحسن تدبيرا وأقوى في تثبيت حق المأمون والدعاء إليه حتى غصم أنياب الضلالة وفل (1) حدهم وقلم أظفارهم وحصد شوكتهم وصرعهم مصارع الملحدين في دينهم والناكثين لعهده الوانين (2) في أمره المستخفين بحقه الامنين لما حذر سطوته وبأسه مع آثار ذي الرياستين في صنوف الامم من المشركين وما زاد الله به في حدود دار المسلمين مما قد وردت انبائه عليكم وقرأت به الكتب على منابركم وحمله أهل الافاق إليكم إلى غيركم فانتهى شكر ذي الرياستين بلاء أمير المؤمنين عنده وقيامه بحقه وابتذاله مهجته ومهجة أخيه أبي محمد الحسن بن سهل الميمون النقيبة المحمود السياسة إلى غاية تجاوز فيها الماضين وفاز بها الفائزين وانتهت مكافأة أمير المؤمنين إياه إلى ما حصل له من الاموال والقطائع (3) والجواهر وإن كان ذلك لا يفي بيوم من أيامه ولا بمقام من مقاماته فتركه زهدا فيه وارتفاعا من همته عنه وتوفيرا له على المسلمين واطراحا للدنيا واستصغارا لها وايثارا للاخرة ومنافسة فيها وسئل أمير المؤمنين ما لم يزل له سائلا وإليه فيه راغبا من التخلي والتزهد فعظم ذلك عنده وعندنا لمعرفتنا بما جعل الله عز وجل في مكانه الذي هو به من العز والدين والسلطان والقوة على صلاح المسلمين وجهاد المشركين وما أرى الله به من تصديق نيته ويمن نقيبته وصحة تدبيره وقوة رأيه ونجح طلبته ومعاونته على الحق والهدى والبر والتقوى، فلما وثق أمير المؤمنين وثقنا منه بالنظر للدين وإيثار ما فيه صلاحه وأعطيناه سؤله الذي يشبه قدره وكتبنا له كتاب حباء وشرط قد نسخ في أسفل كتابي هذا، وأشهدنا الله عليه ومن حضرنا من أهل بيتنا والقواد والصحابة والقضاة والفقهاء والخاصة والعامة ورأى أمير المؤمنين الكتاب به إلى الافاق ليذيع ويشيع في أهلها ويقرأ على منابرها ويثبت عند ولاتها وقضاتها فسألني أن أكتب بذلك وأشرح معانيه، وهي على ثلاثة أبواب ففي الباب الاول: البيان عن كل آثاره التي


(1) فل السيف: ثلمه. القوم: هزمهم. (2) ونى: فتر وضعف وكل. (3) القطيعة: ما يقطع من أرض الخراج.

[ 168 ]

أوجب الله تعالى بها حقه علينا والمسلمين والباب الثاني: البيان عن مرتبته في أزاحة علته في كل ما دبر ودخل فيه ولا سبيل عليه فيما ترك وكره، وذلك لما ليس لخلق ممن في عنقه بيعه إلا له وحده ولاخيه ومن ازاحة العلة تحكيمها في كل من بغي عليهما وسعي بفساد علينا وعليهما وأوليائنا لئلا يطمع طامع في خلاف عليهما ولا معصية لهما ولا احتيال في مدخل بيننا وبينهما والباب الثالث: البيان اعطائنا إياه ما أحب من ملك التحلي وحلية الزهد وحجد التحقيق لما سعى فيه من ثواب الاخرة بما يتقرب في قلب من كان شاكا في ذلك منه وما يلزمنا من الكرامة والعز والحباء الذي بذلناه له ولاخيه في منعهما ما نمنع منه أنفسنا، وذلك محيط بكل ما يحتاط فيه محتاط في أمر دين ودنيا وهذه نسخة الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب وشرط من الله المأمون أمير المؤمنين وولي عهده علي بن موسى الرضا لذي الرياستين الفضل بن سهل في يوم الاثنين لسبع ليال خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومأتين وهو اليوم الذي تمم الله فيه دولة أمير قوله المؤمنين وعقد لولي عهده وألبس الناس اللباس الاخضر وبلغ أمله في اصلاح وليه والظفر بعدوه، انا دعوناك إلى ما فيه بعض مكافاتك على ما قمت به من حق الله تبارك وتعالى وحق رسوله (ص) وحق أمير المؤمنين وولي عهده علي بن موسى وحق هاشم التي بها يرجى صلاح الدين وسلامة ذات البين بين المسلمين إلى أن يثبت النعمة علينا وعلى العامة بذلك وبما عاونت عليه أمير المؤمنين من إقامة الدين والسنة واظهار الدعوة الثانية وإيثار الاولى مع قمع المشركين وكسر الاصنام وقتل العتاة وسائر آثارك الممثلة للامصار في المخلوع وقابل وفي المسمى بالاصفر المكنى بأبي السرايا وفي المسمى بالمهدي محمد بن جعفر الطالبي والترك الحولية وفي طبرستان وملوكها إلى بندار هرمز بن شروين وفي الديلم وملكها (مهورس) وفي كابل وملكها هرموس ثم ملكها الاصفهبد وفي ابن البرم وجبال بدار بنده وغرشستان والغور واصنافها، وفي خراسان خاقان وملون صاحب جبل التبت، وفي كيمان والتغرغر وفي أرمينية والحجاز وصاحب السرير وصاحب الخزر وفي المغرب وحروبه وفي تفسير ذلك في ديوان السيرة وكان ما دعوناك إليه وهو معونة مأة ألف ألف درهم وغلة عشرة ألف ألف درهم جوهرا سواما أقطعك أمير المؤمنين


[ 169 ]

قبل ذلك وقيمة مأة ألف ألف درهم جوهرا يسيرا عندنا ما أنت له مستحق فقد تركت مثل ذلك حين بذله لك المخلوع وآثرت الله ودينه وأنك شكرت أمير المؤمنين وولي عهده وآثرت توفير ذلك كله على المسلمين وجدت لهم به وسألتنا أن نبلغك الخصلة التي لم تزل إليها تائقا (1) من الزهد والتخلي ليصح عند من شك في سعيك للاخرة دون الدنيا وتركك الدنيا، وما عن مثلك يستغني في حال ولا مثلك رد عن طلبه ولو أخرجتنا طلبتك عن شطر النعيم علينا فكيف نأمر رفعت فيه المؤنة وأوجبت به الحجة على من يزعم أن دعاك إلينا للدنيا لا للاخرة؟ وقد أجبناك إلى ما سألت به وجعلنا ذلك لك مؤكدا بعهد الله وميثاقه الذي لا تبديل له ولا تغيير وفوضنا الامر في وقت ذلك إليك، فما أقمت فغريز مزاح العلة مدفوع عنك الدخول فيما تكرهه من الاعمال كائنا ما كان نمنعك مما نمنع انفسنا في الحالات كلها وإذا أردت التخلي فمكرم مزاح البدن وحق لبدنك بالراحة والكرامة، ثم نعطيك مما تتناوله مما بذلناه لك في هذا الكتاب فتركته اليوم وجعلنا للحسن بن سهل مثل ما جعلناه لك فنصف ما بذلناه من العطية وأهل ذلك هو لك وبما بذل من نفسي في جهاد العتاة وفتح العراق مرتين وتفريق جموع الشيطان بيده حتى قوي الدين وخاض نيران الحروب ووقانا عذاب السموم بنفسه وأهل بيته ومن ساس (2) من إولياء الحق، وأشهدنا الله وملائكته وخيار خلقه وكل من أعطانا بيعته وصفقة يمينه في هذا اليوم وبعده على ما في هذا الكتاب وجعلنا الله علينا كفيلا وأوجبنا على أنفسنا الوفاء بما إشترطنا من غير استثناء بشئ ينقضه في سر ولا علانية والمؤمنون عند شروطهم والعهد فرض مسؤل وأولى الناس بالوفاء من طلب من الناس الوفاء وكان موضعا للقدرة، قال الله تعالى: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون) (3). وكتب الحسن بن سهل توقيع المأمون فيه: بسم الله الرحمن الرحيم قد أوجب أمير المؤمنين على نفسه جميع ما في هذا الكتاب وأشهد الله تعالى وجعله


(1) تاقت نفسه إلى الشئ: اشتاقت. (2) ساس القوم: دبرهم وتولى أمرهم. (3) سورة النحل: الاية 91.

[ 170 ]

عليه داعيا وكفيلا، وكتب بخطه في صفر سنة اثنين ومأتين تشريفا للحباء وتوكيدا للشروط. توقيع الرضا عليه السلام فيه: بسم الرحمن الرحيم قد الزم علي بن موسى الرضا نفسه بجميع ما في هذا الكتاب على ما أكد فيه في يومه وغده ما دام حيا، وجعل الله تعالى عليه داعيا وكفيلا (وكفى بالله شهيدا)، وكتب بخطه في هذا الشهر من هذه السنة: والحمد لله رب العالمين وصلى على محمد وآله وسلم (وحسبنا الله ونعم الوكيل). 24 – حدثنا حمزد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب عليه السلام بقم في رجب سنة تسع وثلثين وثلاثمأة، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إلي سنة سبع وثلاثمأة قال حدثني ياسر الخادم قال كان الرضا عليه السلام إذا كان خلا جمع حشمه كلهم عنده الصغير والكبير فيحدثهم ويأنس بهم ويؤنسهم، وكان عليه السلام إذا جلس على المائدة لا يدع صغيرا ولا كبيرا حتى السائس والحجام إلا أقعده معه على مائدته قال ياسر الخادم فبينا نحن عنده يوما إذ سمعنا وقع القفل الذي كان على باب المأمون إلى دار أبي الحسن عليه السلام فقال لنا الرضا عليه السلام قوموا تفرقوا فقمنا عنه فجاء المأمون ومعه كتاب طويل فأراد الرضا عليه السلام أن يقوم فأقسم عليه المأمون بحق رسول الله (ص) إلا يقوم إليه، ثم جاء حتى إنكب على أبي الحسن عليه السلام وقبل وجهه وقعد بين يديه على وسادة فقرأ ذلك الكتاب عليه فإذا هو فتح لبعض قرى كابل فيه إنا فتحنا قرية كذا وكذا فلما فرغ قال له الرضا عليه السلام: وسرك فتح قرية من قرى الشرك فقال له المأمون أو ليس في سرور؟ فقال؟ يا أمير المؤمنين إتق الله في امة محمد (ص) وما ولاك الله من هذا الامر وخصك به فانك قد ضيعت امور المسلمين وفوضت ذلك إلى غيرك يحكم فيهم بغير حكم الله وقعدت في هذه البلاد وتركت بيت الهجره ومهبط الوحي وأن المهاجرين والانصار يظلمون دونك ولا يرقبون في مؤمن ولا ذمة ويأتي على المظلوم دهر يتعب فيه نفسه ويعجز عن نفقته ولا يجد من يشكو إليه حاله ولا يصل إليك فاتق الله يا أمير


[ 171 ]

المؤمنين في أمور المسلمين وارجع إلى بيت النبوة ومعدن المهاجرين والانصار، أما علمت يا أمير المؤمنين إن والي المسلمين مثل العمود وسط الفسطاط، من أراده أخذه؟ قال المأمون يا سيدي فما ترى؟ قال أرى أن تخرج من هذه البلاد وتتحول إلى موضع آبائك وأجدادك وتنظر في أمور المسلمين ولا تكلهم إلى غيرك فإن الله تعالى سائلك عما ولاك فقام المأمون فقال: نعم ما قلت يا سيدي! هذا هو الرأي فخرج وأمر أن يقدم النوائب وبلغ ذلك ذا الرياستين فغمه غما شديدا وقد كان غلب على الامر ولم يكن للمأمون عنده رأي فلم يجسر أن يكاشفه ثم قوي بالرضا عليه السلام جدا فجاء ذو الرياستين إلى المأمون فقال له: يا أمير المؤمنين ما هذا الرأي الذي أمرت به قال أمرني سيدي أبو الحسن عليه السلام بذلك وهو الصواب فقال: يا أمير المؤمنين ما هذا الصواب؟ قتلت بالامس أخاك وأزلت الخلافة وبنو أبيك معادون لك وجميع أهل العراق وأهل بيتك والعرب ثم احدثت هذا الحدث الثاني أنك وليت ولاية العهد لابي الحسن وأخرجتها من بني أبيك والعامة والفقهاء والعلماء وآل العباس لا يرضون بذلك وقلوبهم متنافرة عنك، فالرأي أن تقيم بخراسان حتى تسكن قلوب الناس على هذا ويتناسوا ما كان من أمر محمد أخيك وهيهنا يا أمير المؤمنين مشائخ قد خدموا الرشيد وعرفوا الامر فاستشرهم في ذلك فإن أشاروا بذلك فامضه فقال المأمون مثل من، قال: مثل علي بن أبي عمران وأبو يونس والجلودي وهؤلاء نقموا بيعة أبي الحسن عليه السلام ولم يرضوا به فحبسهم المأمون بهذا السبب فقال المأمون نعم، فلما كان من الغد جاء أبو الحسن عليه السلام فدخل على المأمون فقال يا أمير المؤمنين ما صنعت فحكى ما قال: ذو الرياستين، ودعا المأمون بهؤلاء النفر فأخرجهم من الحبس فأول من ادخل عليه السلام علي بن أبي عمران فنظر إلى الرضا عليه السلام بجنب المأمون، فقال أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تخرج هذا الامر الذي جعله الله لكم وخصكم به وتجعله في أيدي أعدائكم ومن كان آباؤك يقتلهم ويشردونهم في البلاد فقال المأمون يا بن الزانية وأنت بعد على هذا قدمه يا حرسي فاضرب عنقه فضرب عنقه فادخل أبو يونس فلما نظر إلى الرضا عليه السلام بجنب المأمون فقال يا أمير المؤمنين هذا الذي بجنبك والله صنم يعبد من دون الله قال له: المأمون يا بن الزانية وأنت


[ 172 ]

بعد على هذا يا حرسي قدمه فاضرب عنقه فضرب عنقه ثم أدخل الجلودي وكان الجلودي في خلافة الرشيد لما خرج محمد بن جعفر بن محمد بالمدينة بعثه الرشيد وأمره إن ظفر به أن يضرب عنقه وأن يغير دور آل أبي طالب وأن يسلب نساءهم ولا يدع على واحدة منهن إلا ثوبا واحدا ففعل الجلودي ذلك وقد كان مضى أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام فصار الجلودي إلى باب دار أبي الحسن الرضا عليه السلام هجم على داره مع خيله فلما نظر إليه الرضا جعل النساء كلهن في بيت ووقف على باب البيت فقال الجلودي لابي الحسن عليه السلام لا بد من أن ادخل البيت فاسلبهن كما أمرني أمير المؤمنين فقال الرضا عليه السلام أنا اسلبهن لك واحلف أني لا أدع عليهن شيئا إلا اخذته فلم يزل يطلب إليه ويحلف له حتى سكن فدخل أبو الحسن الرضا عليه السلام فلم يدع عليهن شيئا حتى أقراطهن (1) وخلاخيلهن وازرارهن إلا أخذه منهن وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير فلما كان في هذا اليوم وادخل الجلودي على المأمون قال الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين هب لي هذا الشيخ فقال المأمون: يا سيدي هذا الذي فعل ببنات محمد (ص) ما فعل من سلبهن فنظر الجلودي إلى الرضا عليه السلام وهو يكلم المأمون ويسأله عن أن يعفو عنه ويهبه له، فظن أنه يعين عليه لما كان الجلودي فعله فقال: يا أمير المؤمنين أسألك بالله وبخدمتي الرشيد لا تقبل قول هذا في فقال المأمون: يا أبا الحسن قد أستعفي ونحن نبر قسمه ثم قال: لا والله لا، أقبل فيك قوله الحقوه بصاحبيه فقدم فضرب عنقه ورجع ذو الرياستين إلى أبيه سهل وقد كان المأمون أمر أن يقدم النوائب وردها ذو الرياستين، فلما قتل المأمون هؤلاء علم ذو الرياستين إنه قد عزم الخروج، فقال الرضا عليه السلام ما صنعت يا أمير المؤمنين بتقديم النوائب؟ فقال المأمون: يا سيدي مرهم بذلك قال: فخرج أبو الحسن عليه السلام وصاح بالناس قدموا النوائب قال فكأنما وقعت فيهم النيران، فأقبلت النوائب تتقدم وتخرج وقعد ذو الرياستين في منزله فبعث إليه المأمون فأتاه فقال له ما لك قعدت في بيتك؟


(1) القرط: ما يعلق في شحمة الاذن من درة ونحوها، ج قراط.

[ 173 ]

فقال: يا أمير المؤمنين إن ذنبي عظيم عند أهل بيتك وعند العامة والناس يلومونني بقتل أخيك المخلوع وبيعة الرضا عليه السلام ولا آمن السعاة والحساد والبغي أن يسمعوا بي فدعني اخلفك بخراسان فقال له المأمون لا نستغني عنك فاما ما قلت إنه يسعى بك وتبغى لك الغوائل فلست أنت عندنا إلا الثقة المأمون الناصح المشفق فاكتب لنفسك ما تثق به من الضمان والامان واكد لنفسك ما تكون به مطمئنا فذهب وكتب لنفسه كتابا وجمع عليه العلماء وأتى به إلى المأمون فقرأه وأعطاه المأمون كل ما احب وكتب خطه فيه وكتب له بخطه كتاب الحبوة أني قد حبوتك بكذا وكذا من الاموال والضياع والسلطان وبسط له الدنيا أمله فقال ذو الرياستين يا أمير المؤمنين نحب أن يكون خط أبي الحسن عليه السلام في هذا الامان يعطينا ما أعطيت فإنه ولي عهدك فقال المأمون: علمت إن أبا الحسن عليه السلام قد شرط علينا أن لا يعمل من ذلك شيئا ولا يحدث حدثا فلا نسأله ما يكرهه فسله أنت، فانه لا يأبى عليك في هذا، فجاء واستأذن أبي الحسن عليه السلام قال ياسر: فقال لنا الرضا عليه السلام: قوموا تنحوا فتنحينا، فدخل فوقف بين يديه ساعة فرفع أبو الحسن رأسه إليه فقال له: ما حاجتك يا فضل؟ قال: يا سيدى هذا أمان ما كتبه لي أمير المؤمنين وأنت اولى أن تعطينا مثل ما أعطى أمير المؤمنين إذ كنت ولي عهد المسلمين له فقال الرضا عليه السلام اقرأه وكان كتابا في أكبر جلد فلم يزل قائما قرأه فلما فرغ قال له أبو الحسن الرضا عليه السلام: يا فضل لك علينا هذا ما اتقيت الله عز وجل قال ياسر: فنغض عليه أمره في كلمة واحدة، فخرج من عنده وخرج المأمون وخرجنا مع الرضا عليه السلام فلما كان بعد ذلك بأيام ونحن في بعض المنازل ورد على ذي الرياستين كتاب من أخيه الحسن بن سهل إني نظرت في تحويل هذه السنة في حساب النجوم، فوجدت فيه إنك تذوق في شهر كذا يوم الاربعاء حر الحديد وحر النار، فأرى أن تدخل أنت والرضا وأمير المؤمنين الحمام في هذا اليوم فتحتجم وتصب الدم على بدنك ليزول نحسه عنك فبعث الفضل إلى المأمون وكتب إليه بذلك وسأله أن يدخل الحمام معه ويسأل أبا الحسن عليه السلام أيضا ذلك، فكتب المأمون إلى الرضا عليه السلام رقعة في ذلك فسأله فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام:


[ 174 ]

لست بداخل غدا الحمام ولا أرى يا أمير المؤمنين أن تدخل الحمام غدا ولا أرى للفضل أن يدخل الحمام غدا فاعاد إليه الرقعة مرتين فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام لست بداخل غدا الحمام فإني رأيت رسول الله (ص) في النوم في هذه الليلة يقول لي: يا علي لا تدخل الحمام غدا فلا أرى لك أمير المؤمنين ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا فكتب إليه المأمون صدقت يا سيدي وصدق رسول الله (ص) لست بداخل الحمام غدا والفضل فهو أعلم وما يفعله قال ياسر: فلما أمسينا وغابت الشمس فقال لنا الرضا عليه السلام: قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة فاقبلنا نقول ذلك فلما صلى الرضا عليه السلام الصبح قال لنا: قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل هذا اليوم فما زلنا نقول ذلك، فلما كان قريبا من طلوع الشمس، قال الرضا عليه السلام: اصعد السطح فاستمع هل تسمع شيئا؟ فلما صعدت سمعت الضجة والنحيب (1) وكثر ذلك بالمأمون قد دخل من الباب الذي كان إلى داره من دار أبي الحسن عليه السلام يقول: يا سيدى يا أبا الحسن آجرك الله في الفضل وكان دخل الحمام فدخل عليه قوم بالسيوف فقتلوه واخذ من دخل عليه في الحمام وكانوا ثلاثة نفر، أحدهم ابن خالة الفضل ذو القلمين قال: واجتمع القواد والجند من كان من رجال ذي الرياستين على باب المأمون فقالوا: اغتاله وقتله، فلنطلبن بدمه، فقال المأمون للرضا عليه السلام: يا سيدي ترى أن تخرج إليهم وتفرقهم قال ياسر: فركب الرضا عليه السلام وقال لي: إركب فلما خرجنا من الباب نظر الرضا عليه السلام إليهم وقد اجتمعوا وجاؤا بالنيران ليحرقوا الباب فصاح بهم وأومى إليهم بيده، تفرقوا فتفرقوا قال ياسر: فأقبل الناس والله يقع بعضهم بعض وما اشار إلى أحد إلا ركض ومر ولم يقف أحد. 25 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني عون بن محمد الكندي قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي عباد قال: لما كان من أمر الفضل بن سهل ما كان


(1) نحب الرجل: رفع صوته بالبكاء. النحيب: الضحة.

[ 175 ]

وقتل، دخل المأمون إلى الرضا عليه السلام يبكي وقال له: هذا وقت حاجتي إليك يا أبا الحسن، فتنظر في الامر وتعينني فقال له عليك التدبير يا أمير المؤمنين وعلينا الدعاء قال: فلما خرج المأمون قلت للرضا عليه السلام لم اخرت اعزك الله ما قاله لك أمير المؤمنين وابيته؟ فقال: ويحك يا أبا حسن لست من هذا الامر في شئ قال: فرآني قد اغتممت فقال لي: ولك في هذا لو آل الامر إلى ما تقول وأنت مني كما أنت عليه الان ما كانت نفقتك إلا في كمك وكنت كواحد من الناس. 26 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني محمد بن أبي الموج بن الحسين الرازي قال: سمعت أبي يقول حدثني من سمع الرضا عليه السلام يقول: الحمد لله الذي حفظ منا ما ضيع الناس ورفع منا ما وضعوه حتى لقد لعنا على منابر الكفر ثمانين عاما وكتمت فضائلنا وبذلت الاموال في الكذب علينا، والله تعالى يأبى لنا إلا أن يعلي ذكرنا ويبين فضلنا والله ما هذا بنا، وإنما هو برسول الله (ص) وقرابتنا منه حتى صار أمرنا وما نروي عنه أنه سيكون بعدنا من اعظم آياته ودلالات نبوته. 27 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا الغلابي قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد أن المأمون أمر بقتل رجل فقال: إستبقني فإن لي شكرا فقال ومن أنت وما شكرك؟ فقال علي بن موسى الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين انشدك الله تعالى أن تترفع عن شكر أحد وإن قل فإن الله تعالى أمر عباده بشكره، فشكروه فعفى عنهم. 28 – وقد ذكر قوم إن الفضل سهل أشار إلى المأمون بأن يجعل علي بن موسى الرضا عليه السلام ولي عهده منهم أبو علي الحسين بن أحمد السلامي فانه ذكر ذلك في كتابه الذي صنفه في أخبار خراسان وقال: كان الفضل بن سهل ذو الرياستين وزير المأمون ومدبر أموره وكان مجوسيا، فاسلم على يد يحيى خالد وصحبه وقيل: بل أسلم سهل والد الفضل يدي المهدي


[ 176 ]

وإن الفضل اختاره يحيى بن خالد البرمكي لخدمة المأمون فضمه إليه فتغلب عليه فاستبد بالامر دونه فانما لقب بذو الرياستين فانه تقلد الوزارة ورياسة الجند فقال الفضل حين استخلف المأمون يوما لبعض من كان يعاشره: أين يقع فعلي فيما آتيته من فعال أبي مسلم فيما أتاه؟ فقال: إن أبا مسلم حولها من قبيلة إلى قبيلة وأنت حولتها من أخ إلى أخ وبين الحالتين ما تعلمه فقال الفضل بن سهل: فانى احولها من قبيلة إلى قبيلة: ثم أشار إلى المأمون بان يجعل علي بن موسى الرضا عليه السلام ولي عهده فبايعه وأسقط بيعة المؤتمن أخيه وكان علي بن موسى الرضا عليه السلام ورد على المأمون وهو بخراسان سنة مأتين على طريق البصرة وفارس مع رجاء بن أبي الضحاك وكان الرضا عليه السلام متزوجا بابنة المأمون، فلما بلغ خبره العباسيين ببغداد ساءهم ذلك فاخرجوا إبراهيم بن المهدي وبايعوه بالخلافة ففيه يقول دعبل بن علي الخزاعي يا معشر الاجناد لا تقنطوا * خذوا عطاياكم ولا تسخطوا فسوف يعطيكم حنينية * يلذها الامرد والاشمط والمعيديات (1) لقوادكم * لا تدخل الكيس ولا تربط وهكذا يرزق اصحابه * خليقة ضجفه البربط وذلك ابن إبراهيم بن المهدي كان مؤلفا بضرب العود منهمكا في الشرب فلما بلغ المأمون خبر إبراهيم علم أن الفضل بن سهل أخطأ عليه وأشار بغير الصواب فخرج من مرو منصرفا إلى العراق وأحتال الفضل بن سهل حتى قتله غالب خال المأمون في حمام بسرخس مغافصة (2) في شعبان سنة ثلاث ومأتين، وأحتال المأمون على علي بن موسى الرضا عليه السلام حتى سم في علة كانت اصابته فمات وأمر بدفنه بسناباذ من طوس بجنب قبر هارون الرشيد وذلك صفر سنة ثلاث ومأتين وكان ابن اثنتين وخمسين سنة وقيل: ابن خمس وخمسين (سنة) هذا ما حكاه أبو علي الحسين بن أحمد


(1) المعيديات: نغمة من النغمات. (2) غافصة: فاجأه.

[ 177 ]

السلامي في كتابه، والصحيح عندي أن المأمون إنما ولاه العهد وبايع له للنذر الذي قد تقدم ذكره وأن الفضل بن سهل لم يزل معاديا ومبغضا له وكارها لامره لانه كان من صنائع آل برمك، ومبلغ سن الرضا تسع وأربعون سنة وستة أشهر وكانت وفاته في سنة ثلاث ومأتين كما قد اسندته في هذا الكتاب. 29 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثنا معاوية بن حكيم، عن معمر بن خلاد، قال: قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام، قال لي المأمون يوما: يا أبا الحسن انظر بعض من تثق به نوليه هذه البلدان التي قد فسدت علينا فقلت له تفي لي وأوافي لك فاني إنما دخلت فيما دخلت على أن لا آمر فيه ولا أنهي ولا أعزل ولا أولي ولا اشير حتى يقدمني الله قبلك فو الله أن الخلافة لشئ ما حدثت به نفسي ولقد كنت بالمدينة اتردد في طرقها على دابتي وأن اهلها وغيرهم يسألوني الحوائج فاقضيها لهم، فصيرون كالاعمام لي وأن كتبي لنافذة في الامصار وما زدتني من نعمة هي علي من ربي فقال له: أفي لك 30 – وروي أنه قصد الفضل بن سهل مع هشام بن إبراهيم الرضا عليه السلام فقال له: يا بن رسول جئتك في سر فاخل لي المجلس فأخرج الفضل يمينا مكتوبة بالعتق والطلاق ومالا كفارة له وقالا له: إنما جئناك لنقول كلمة حق وصدق وقد علمنا أن الامرة امرتكم والحق حقكم يا بن رسول الله والذي نقوله بالسنتنا عليه ضمائرنا وإلا ينعتق ما نملك والنساء طوالق وعلى وثلاثون حجة راجلا إنا على أن نقتل المأمون وتخلص لك الامر حتى يرجع الحق إليك فلم يسمع منهما وشتمهما ولعنهما، وقال لهما: كفرتما النعمة فلا تكون لكما السلامة ولا لي إن رضيت بما قلتما فلما سمع الفضل ذلك منه مع هشام علما إنهما أخطئا فقصدا المأمون بعد أن قالا للرضا عليه السلام أردنا بما فعلنا أن نجربك، فقال لهما الرضا عليه السلام: كذبتما فإن قلوبكما على ما أخبرتماني به إلا إنكما لم تجداني كما اردتما فلما دخلا على المأمون قالا: يا أمير المؤمنين إنا قصدنا الرضا عليه السلام وجربناه وأردنا أن نقف ما يضمره لك


[ 178 ]

فقلنا: وقال فقال المأمون وفقتما فلما خرجا من عند المأمون قصده الرضا عليه السلام وأخليا المجلس وأعلمه ما قالا وأمره أن يحفظ نفسه منهما فلما سمع ذلك من الرضا علم أن الرضا عليه السلام هو الصادق


[ 179 ]

41 – باب استسقاء المأمون بالرضا عليه السلام وما أراه الله عز وجل القدرة في الاستجابة له وفي اهلاك من أنكر دلالته ذلك 1 – حدثنا أبو الحسن محمد بن القسم المفسر رضي الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما عن الحسن بن علي العسكري عن أبيه علي بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عليهما السلام إن الرضا عليه السلام علي بن موسى لما جعله المأمون ولي عهده احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون والمتعصبين على الرضا يقولون انظروا لما جاءنا علي بن موسى عليه السلام وصار ولي عهدنا فحبس الله عنا المطر واتصل بالمأمون فاشتد عليه فقال للرضا عليه السلام: قد احتبس المطر، فلو دعوت الله عز وجل أن يمطر الناس فقال الرضا عليه السلام: نعم، قال: فمتى تفعل ذلك؟ وكان ذلك يوم الجمعة، قال: يوم الاثنين فإن رسول الله (ص) أتاني البارحة في منامي ومعه أمير المؤمنين علي عليه السلام وقال: يا بني انتظر يوم الاثنين فابرز إلى الصحراء واستسق، فإن الله تعالى سيسقيهم وأخبرهم بما يريك الله مما لا يعلمون من حالهم ليزداد علمهم بفضلك ومكانك من ربك عز وجل فلما كان يوم الاثنين غدا إلى الصحراء وخرج الخلائق ينظرون فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اللهم يا رب أنت عظمت حقنا أهل البيت فتوسلوا بنا كما أمرت وأملوا فضلك ورحمتك وتوقعوا إحسانك ونعمتك، فاسقهم سقيا نافعا عاما غير رايث (1) ولا


(1) رايث: غير بطئ.

[ 180 ]

ضائر وليكن ابتداء مطرهم بعد إنصرافهم من مشهدهم هذا إلى منازلهم ومقارهم قال: فو الذي بعث محمد بالحق نبيا لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم وأرعدت وأبرقت وتحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر فقال الرضا عليه السلام: على رسلكم (1) أيها الناس فليس هذا الغيم لكم، إنما هو لاهل بلد كذا فمضت السحابة وعبرت ثم جاءت سحابة أخرى تشتمل على رعد وبرق فتحركوا فقال: على رسلكم فما هذه لكم، إنما هي لاهل بلد كذا، فما زالت حتى جاءت عشر سحابة وعبرت ويقول علي بن موسى الرضا عليه السلام: في كل واحدة: على رسلكم ليست هذه لكم إنما هي لاهل بلد كذا ثم أقبلت سحابة حادية عشر فقال: أيها الناس هذه سحابة بعثها الله عز وجل لكم فاشكروا الله على تفضله عليكم وقوموا إلى مقاركم ومنازلكم فانها مسامة لكم ولرؤوسكم ممسكة عنكم إلى أن تدخلوا إلى مقاركم ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله تعالى وجلاله ونزل من على المنبر وانصرف الناس فما زالت السحابة ممسكة أن قربوا من منازلهم ثم جاءت بوابل (2) المطر فملئت الاودية والحياض والغدران والفلوات، فجعل الناس يقولون: هنيئا لولد رسول الله (ص) كرامات الله عز وجل ثم برز إليهم الرضا عليه السلام وحضرت الجماعة الكثيرة منهم فقال: يا أيها الناس إتقوا الله في نعم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه واعلموا أنكم لا تشكرون الله بشئ بعد الايمان بالله وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمد رسول الله (ص) أحب إليه من معاونتكم لاخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم إلى جنان ربهم فان من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى وقد قال رسول الله (ص) في ذلك قولا ما ينبغي لقائل أن يزهد في فضل الله عليه فيه أن تأمله وعمل عليه قيل يا رسول الله هلك فلان يعمل من الذنوب كيت وكيت، فقال رسول الله (ص): بل قد نجى ولا يختم الله عمله إلا بالحسنى، وسيمحوا الله عنه


(1) الرسل: بالكسر: التأني والرفق. (2) الوابل: المطر الشديد.

[ 181 ]

السيئات ويبدلها حسنات إنه كان يمر مرة في طريق عرض له مؤمن قد انكشفت عورته وهو لا يشعر، فسترها عليه ولم يخبره مخافة أن يخجل، ثم أن ذلك المؤمن عرفه في مهواه (1) فقال له: أجزل الله لك الثواب وأكرم لك المآب ولا ناقشك في الحساب فاستجاب الله له فيه فهذا العبد لا يختم الله له إلا بخير بدعاء ذلك المؤمن، فاتصل قول رسول الله (ص) بهذا الرجل فتاب وأناب وأقبل على طاعة الله عز وجل فلم يأت سبعة أيام حتى اغير على سرح (2) المدينة فوجه رسول الله (ص) في أثرهم جماعة ذلك الرجل احدهم فاستشهد فيهم قال: الامام محمد بن علي بن موسى عليهم السلام: وعظم الله تبارك وتعالى البركة في البلاد بدعاء الرضا عليه السلام وقد كان للمأمون من يريد أن يكون هو ولي عهده من دون الرضا عليه السلام وحساد كانوا بحضرة المأمون للرضا عليه السلام فقال للمأمون بعض اولئك يا أمير المؤمنين اعيذك بالله أن تكون تاريخ الخلفاء في اخراجك هذا الشرف العميم والفخر العظيم من بيت ولد العباس إلى بيت ولد علي لقد اعنت على نفسك وأهلك جئت بهذا الساحر ولد السحرة وقد كان خاملا فأظهرته ومتضعا فرفعته ومنسيا فذكرت به ومستخفا فنوهت به (3) قد ملا الدنيا مخرقة وتشوقا (4) بهذا المطر الوارد عند دعائه ما أخوفني أن يخرج هذا الرجل هذا الامر عن ولد العباس إلى ولد علي؟ بل ما أخوفني أن يتوصل بسحره إلى إزالة نعمتك والتواثب على مملكتك هل جنى أحد على نفسه وملكه مثل جنايتك؟ فقال المأمون: كان هذا الرجل مستترا عنا يدعو إلى نفسه فأردنا أن نجعله ولي عهدنا ليكون دعاؤه لنا وليعترف بالملك والخلافة لنا، وليعتقد فيه المفتونون به أنه ليس مما ادعى في قليل ولا في كثير وأن هذا الامر لنا دونه وقد خشينا إن تركناه على تلك الحالة أن ينفتق علينا منه ما لا نسده ويأتي علينا منه ما لا


(1) أي في مسيره، المهواة: المطمئن من الارض ما بين الجبلين. (2) السرح: المال السائم قاله الفيروز آبادي. (3) نوهت به وباسمه: إذا رفعت ذكره. (4) قال في البحار: المخرقة بالقاف الشعبدة كما يظهر من استعمالاتهم وإن لم يجد في اللغة (انتهى) المخرقة: مهب الرياح وفي بعض النسخ (التشوف) بدل (التشوق).

[ 182 ]

نطيقه والان فاذقد فعلنا به ما فعلناه واخطأنا في أمره بما اخطأنا واشرفنا من الهلاك بالتنويه به على ما اشرفنا فليس يجوز التهاون في أمره ولكنا نحتاج أن نضع منه قليلا قليلا حتى نصوره عند الرعايا بصورة من لا يستحق لهذا الامر ثم ندبر فيه بما يحسم عنا مواد بلائه قال الرجل: يا أمير المؤمنين فولني مجادلته فاني أفحمه وأصحابه واضع من قدره فلو لا هيبتك في نفسي لانزلته منزلته وبينت للناس قصوره عما رشحته له، قال المأمون: ما شئ أحب إلي من هذا قال: فاجمع جماعة وجوه مملكتك من القواد والقضاة وخيار الفقهاء لا بين نفضه بحضرتهم فيكون أخذا له عن محله الذي أحللته فيه على علم منهم بصواب فعلك، قال: فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس واسع قعد فيه لهم واقعد الرضا عليه السلام بين يديه في مرتبته التي جعلها له فابتدأ هذا الحاجب المتضمن للوضع من الرضا عليه السلام، وقال له: إن الناس قد اكثروا عنك الحكايات وأسرفوا في وصفك بما أرى إنك أن وقفت عليه برئت إليهم منه قال وذلك أنك قد دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه فجاء فجعلوه آية معجزة لك أوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا وهذا أمير المؤمنين أدام الله ملكه وبقاءه لا يوازي باحد إلا رجح به وقد احلك المحل الذي قد عرفت فليس من حقه عليك أن تسوغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذبونه فقال الرضا عليه السلام: ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله علي وأن كنت لا أبغي أشرا ولا بطرا وأما ما ذكرك صاحبك الذي احلني ما احلني، فما احلني إلا المحل الذي احله ملك مصر يوسف الصديق عليه السلام وكانت حالهما ما قد علمت فغضب الحاجب عند ذلك وقال يا بن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزك قدرك إن بعث الله بمطر مقدر وقته لا يتقدم ولا يتأخر جعلته آية تستطيل بها وصولة تصول بها كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم عليه السلام لما أخذ رؤوس الطير بيده ودعا أعضائها التي كان فرقها على الجبال فأتينه سعيا وتركبن على الرؤوس وخفقن (1) وطرن باذن الله تعالى، فإن كنت صادقا فيما توهم فاحي هذين وسلطهما علي، فإن ذلك يكون حينئذ آية معجزة فاما


(1) خفق الطائر: ضرب بجناحيه.

[ 183 ]

المطر المعتاد مجيئه، فلست أنت احق بان يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه، وكانا متقابلين على المسند فغضب علي بن موسى عليهما السلام وصاح بالصورتين دونكما الفاجر، فافترساه ولا تبقيا له عينا ولا أثرا فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدين فتناولا الحاجب ورضاه (ورضضاه) (1) وهشماه (2) وأكلاه ولحسا (3) دمه والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون فلما فرغا منه أقبلا على الرضا عليه السلام وقالا: يا ولي الله في ارضه ماذا تأمرنا نفعل بهذا أنفعل به ما فعلنا بهذا يشيران إلى المأمون؟ فغشي على المأمون مما سمع منهما، فقال الرضا عليه السلام: قفا فوقفا، قال الرضا عليه السلام: صبوا عليه ماء ورد وطيبوه ففعل ذلك به وعاد الاسدان يقولان: أتاذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟ قال: لا، فإن لله عز وجل فيه تدبيرا هو ممضيه فقالا: ماذا تأمرنا؟ قال: عودا إلى مقركما كما كنتما فصارا إلى المسند وصارا صورتين كما كانتا فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران يعني الرجل المفترس، ثم قال للرضا عليه السلام يا بن رسول هذا الامر لجدكم رسول الله (ص) ثم لكم، فلو شئت لنزلت عنه لك فقال الرضا عليه السلام: لو شئت ناظرتك، ولم أسألك فإن الله تعالى قد أعطاني من طاعة سائر خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين الا جهال بني آدم، فانهم وإن خسروا حظوظهم فلله عز وجل فيه تدبير وقد أمرني بترك الاعتراض عليك واظهار ما أظهرته من العمل من تحت يدك كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون مصر، قال: فما زال المأمون ضئيلا (4) في نفسه إلى أن قضى في علي بن موسى الرضا عليه السلام ما قضى.


(1) رضه: دقه وجرشه. رضض الشئ: بالغ في رضه. (2) هشم الشئ: كسره. (3) لحس القصعة: لعقها وأخذ ما علق بجوانبها بلسانه أو بأصبعه. (4) الضيئل: النحيف الحقير.

[ 184 ]

42 – باب ذكر ما أتاه المأمون من طرد الناس عن مجلس الرضا عليه السلام والاستخفاف به وما كان من دعائه عليه السلام 1 – حدثنا علي بن عبد الله بن الوراق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وحمزة بن محمد بن أحمد العلوي وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم قالوا أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي، وحدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان رضي الله عنه عن أحمد بن ادريس عن إبراهيم بن هاشم عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: رفع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن موسى عليه السلام يعقد مجالس الكلام والناس يفتتنون بعلمه فأمر محمد بن عمرو الطوسي حاجب المأمون فطرد الناس عن مجلسه وأحضره فلما نظر إليه المأمون زبره (1) وأستخف به فخرج أبو الحسن عليه السلام من عنده مغضبا وهو يدمدم (2) بشفتيه ويقول وحق المصطفى والمرتضى وسيدة النساء لاستنزلن من حول الله عز وجل بدعائي عليه ما يكون سببا لطرد كلاب أهل هذه الكورة إياه واستخفافهم به وبخاصته وعامته، ثم أنه عليه السلام أنصرف إلى مركزه واستحضر الميضاة وتوضأ وصلى ركعتين وقنت في الثانية فقال: (اللهم يا ذا القدرة الجامعة والرحمة الواسعة والمنن المتتابعة والالاء المتوالية والايادي الجميلة والمواهب الجزيلة، يا من لا


(1) الزبر: الزجر والمنع والانتهار. (2) دمدم عليه: كلمه مغضبا.

[ 185 ]

يوصف بتمثيل ولا يمثل بنظير ولا يغلب بظهير يا من خلق فرزق والهم فانطق وابتدع فشرع وعلا فارتفع وقدر فاحسن وصور فاتقن واجنح فأبلغ وأنعم فاسبغ واعطى فأجزل، يا من سما في العز ففات خواطف الابصار ودنى في اللطف فجاز هواجس الافكار، يا من تفرد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه وتوحد بالكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الاوهام وحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار الانام، يا عالم خطرات قلوب العارفين وشاهد لحظات أبصار الناظرين، يا من عنت الوجوه لهيبته وخضعت الرقاب لجلالته ووجلت القلوب من خيفته وارتعدت الفرائص من فرقه يا بدئ يا بديع يا قوي يا منيع يا علي رفيع صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه وأنتقم لي ممن ظلمني وأستخف بى وطرد الشيعة عن بابي وأذقه مرارة الذل والهوان كما اذاقنيها وأجعله طريد الارجاس وشريد الانجاس) قال أبو الصلت عبد السلام صالح الهروي: فما استتم مولاي دعاءه حتى وقعت الرجفة في المدينة وارتج البلد وارتفعت الزعقة (1) والصيحة واستفحلت النعرة وثارت الغبرة وهاجت القاعة فلم ازائل مكاني إلى أن سلم مولاي عليه السلام فقال لي: يا أبا الصلت إصعد السطح فإنك سترى امرأة بغية غثة رثة مهيجة الاشرار متسخة الاطمار يسميها أهل هذه الكورة سمانة لغباوتها وتهتكها وقد أسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا وقد شدت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء، فهي تقود جيوش القاعة وتسوق عساكر الطغام (2) إلى قصر المأمون ومنازل قواده، فصعدت السطح فلم أر إلا نفوسا تزعزع بالعصي وهامات (3) ترضخ بالاحجار، ولقد رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر شاهجان متوجها للهرب فما شعرت إلا بشاجرد الحجام قد رمى من بعض أعالي السطوح بلبنة (4) ثقيلة فضرب بها راس المأمون فاسقطت بيضته بعد أن شقت جلد هامته فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون ويلك هذا أمير


(1) الزعقة: الصحية. (2) الطغام: سفلة الناس. (3) الهامات: الرؤوس. ترضخ: تكسر. (4) اللبن: المضروب من الطين مربعا للبناء.

[ 186 ]

المؤمنين فسمعت سمانة تقول اسكت لا أم لك ليس هذا يوم التميز والمحابات ولا يوم إنزال الناس على طبقاتهم، فلو كان هذا أمير المؤمنين لما سلط ذكور الفجار على فروج الابكار وطرد المأمون وجنوده اسوء طردا بعد إذلال وإستخفاف شديد.


[ 187 ]

43 – باب ذكر ما أنشد الرضا عليه السلام المأمون من الشعر في الحلم والسكوت عن الجاهل وترك عتاب الصديق وفي إستجلاب العدو حتى يكون صديقا وفي كتمان السر 1 – حدثنا محمد بن موسى المتوكل رضي الله عنه ومحمد بن محمد بن عصام الكليني وأبو محمد الحسن بن أحمد المؤدب وعلي بن عبد الوراق وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني (ره) قال: حدثنا علي بن إبراهيم العلوي الجواني، عن موسى بن محمد المحاربي، عن رجل ذكر اسمه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أن المأمون قال له هل رويت من الشعر شيئا فقال: قد رويت منه الكثير فقال أنشدني أحسن ما رويته في الحلم فقال عليه السلام: إذا كان دوني من بليت بجهله * أبيت لنفسي أن تقابل بالجهل وإن كان مثلي في محلي من النهى * أخذت بحلمي كي أجل عن المثل وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى * عرفت له حق التقدم والفضل فقال له المأمون: ما احسن هذا من قاله؟! فقال بعض فتياننا قال فانشدني احسن ما رويته في السكوت عن الجاهل وترك عتاب الصديق فقال عليه السلام: أني ليهجرني الصديق تجنبا * فأريه أن لهجره اسبابا واراه أن عاتبته اغربته * فأرى له ترك العتاب عتابا وإذا بليت بجاهل متحكم * يجد المحال من الامور صوابا


[ 188 ]

أوليته مني السكوت وربما * كان السكوت عن الجواب جوابا فقال المأمون: ما أحسن هذا؟! هذا من قاله لبعض فتياننا قال: فانشدني عن أحسن ما رويته في إستجلاب العدو حتى يكون صديقا فقال عليه السلام: وذي غلة سالمة فقهرته * فاوقرته مني لعفو التحمل ومن لا يدافع سيئات عدوه * باحسانه لم يأخذ الطول من عل ولم أر في الاشياء أسرع مهلكا * لغمر (1) قديم من وداد معجل فقال المأمون: ما أحسن هذا؟ هذا من قاله؟ فقال عليه السلام: بعض فتياننا. قال فانشدني أحسن ما رويته في كتمان السر فقال عليه السلام: وأني لانسى السر كي أذيعه * فيا من رأى سرا يصان بان ينسى مخافة أن يجري ببالي ذكره * فينبذه قلبي إلى ملتوى الحشا فيوشك من لم يفش سرا وجال في * خواطره أن لا يطيق له حبسا فقال المأمون: إذا أمرت أن يترب الكتاب كيف تقول؟ قال: ترب، قال: فمن السحا؟ قال: سح قال: فمن الطين؟ قال: طن، قال: فقال المأمون يا غلام ترب هذا الكتاب وسحه وطنه وامض به إلى الفضل بن سهل وخذ لابي الحسن عليه السلام ثلاثمأة ألف درهم. قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: كان سبيل ما يقبله الرضا عليه السلام من المأمون سبيل ما كان يقبله النبي (ص) من الملوك وسبيل ما كان يقبله يقبله الحسن بن علي عليهما السلام من معاوية وسبيل ما كان يقبله الائمه من آبائه عليه السلام من الخلفاء ومن كانت الدنيا كلها له فغلب عليها ثم اعطى بعضها فجائز له أن يأخذه. 2 – حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن سهل بن زياد الادمي عن


(1) الغمر: الحقد ومن لم يجرب الامور.

[ 189 ]

عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: حدثني معمر بن خلاد وجماعة قالوا: دخلنا على الرضا عليه السلام فقال له بعضنا: جعلنا الله فداك ما لي إراك متغير الوجه؟ فقال عليه السلام: إني بقيت ليلتي ساهرا متفكرا في قول مروان بن أبي حفصة: أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبني البنات وراثة الاعمام ثم نمت فإذا أنا بقائل قد أخذ بعضادة الباب وهو يقول: انى يكون وليس ذاك بكائن * للمشركين دعائم الاسلام لبني البنات نصيبهم من جدهم * والعم متروك بغير سهام ما للطليق وللتراث؟ وإنما * سجد الطليق مخافة الصمصام (1) قد كان أخبرك القرآن بفضله * فمضى القضاء به من الحكام أن ابن فاطمة المنوه باسمه * حاز الوراثة عن بني الاعمام وبقي ابن نثلة واقفا مترددا * يبكي ويسعده ذووا الارحام 3 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم، عن عبد الله بن المغيرة قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: إنك في دار لها مدة * يقبل فيها عمل العامل ألا ترى الموت محيطا بها * يكذب فيها أمل الامل؟ تعجل الذنب لما تشتهي * وتأمل التوبة في قابل والموت يأتي أهله بغتة * ما ذاك فعل الحازم العاقل؟! 4 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: أخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن الفضل المعروف بابن الخباز سنة أربع عشرة وثلاثمأة قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد الكاتب قال: حدثنا أحمد بن الحسين كاتب أبي الفياض، عن أبيه قال: حضرنا مجلس علي بن موسى عليهما السلام فشكا رجل أخاه فانشأ يقول:


(1) المراد بالطليق العباس. الصمصمام: السيف الصارم.

[ 190 ]

أعذ أخاك على ذنوبه * وأستر وغط على عيوبه وأصبر على بهت السفيه * وللزمان على خطوبه ودع الجواب تفضلا * وكل الظلوم وإلى حسيبه 5 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن الصلت قال: أنشدني الرضا عليه السلام لعبد المطلب: يعيب الناس كلهم زمانا * وما لزماننا عيب سوانا نعيب زماننا والعيب فينا * ولو نطق الزمان بنا هجانا وأن الذئب يترك لحم ذئب * ويأكل بعضنا بعضا عيانا لبسنا للخداع مسوك طيب * وويل للغريب إذا أتانا 6 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال: حدثنا أبو سعيد الحسين بن علي العدوي قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عن علي بن الحسين عن أبيه عليه السلام، قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: خلقت الخلائق في قدرة * فمنهم سخي ومنهم بخيل فاما السخي ففي راحة * وأما البخيل فشؤم طويل 7 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: حدثني عمى قال: سمعت الرضا عليه السلام يوما ينشد وقليلا ما كان ينشد شعرا: كلنا نأمل مدا في الاجل * والمنايا هن آفات الامل لا تغرنك أباطيل المنى * والزم القصد ودع عنك العلل إنما الدنيا كظل زائل * حل فيه راكب ثم رحل فقلت لمن هذا أعز الله الامير؟ فقال: العراقي لكم قلت انشدنيه أبو


[ 191 ]

العتاهية لنفسه فقال هات اسمه ودع عنك هذا، إن الله سبحانه وتعالى يقول (ولا تنابزوا بالالقاب) (1) ولعل الرجل يكره هذا. 8 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال: حدثني إبراهيم بن محمد الحسني قال: بعث المأمون إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام جارية، فلما أدخلت إليه اشمأزت من الشيب فلما رأى كراهيتها ردها إلى المأمون وكتب إليه بهذه الابيات شعرا: نعى نفسي إلى نفسي المشيب * وعند الشيب يتعظ اللبيب فقد ولى الشباب إلى مداه * فلست أرى مواضعه يؤب سأبكيه وأندبه طويلا * وأدعوه إلي عسى يجيب وهيهات الذي قد فات عنى * تمنيني به النفس الكذوب وراع الغانيات بياض رأسي * ومن مد البقاء له يشيب أرى البيض الحسان يجدف عني * وفي هجرانهن لنا نصيب فإن يكن الشباب مضى حبيبا * فإن الشيب أيضا لي حبيب سأصحبه بتقوى الله حتى * يفرق بيننا الاجل القريب 9 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان قال: حدثنا إبراهيم بن العباس قال: كان الرضا عليه السلام ينشد كثيرا إذا كنت في خير فلا تغترر به * ولكن قل اللهم سلم وتمم


(1) الحجرات: الاية 11.

[ 192 ]

44 – باب في ذكر اخلاق الرضا عليه السلام الكريمة ووصف عبادته 1 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي بنيسابور سنة اثنين وخمسين وثلثمأة قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد عن أبي عباد، قال: كان جلوس الرضا عليه السلام في الصيف على حصير وفي الشتاء على مسح (1) ولبسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزين لهم 2 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا جبلة بن محمد الكوفي قال: حدثنا عيسى بن حماد بن عيسى، عن أبيه عن الرضا عليه السلام عن أبيه عليه السلام، أن جعفر بن محمد عليهما السلام كان يقول: إن الرجل ليسألني الحاجة فابادر بقضائها مخافة أن يستغني عنها فلا يجد لها موقعا إذا جاءته. 3 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثتني جدتي أم أبي واسمها عذر قالت: اشتريت مع عدة جوار من الكوفة وكنت من مولداتها، قالت فحملنا إلى المأمون فكنا في داره في جنة من الاكل والشرب والطيب وكثرة الدنانير فوهبني المأمون للرضا


(1) المسح: البساط من شعر يقعد عليه.

[ 193 ]

عليه السلام فلما صرت في داره فقدت جميع ما كنت فيه من النعيم وكانت علينا قيمة تنبهنا من الليل وتأخذنا بالصلاة وكان ذلك من أشد شئ علينا فكنت أتمنى الخروج من داره إلى أن وهبني لجدك عبد الله بن العباس فلما صرت إلى منزله كنت كأني قد ادخلت الجنة، قال الصولي: وما رأيت امرأة قط أتم من جدتي هذه عقلا ولا اسخى كفا وتوفت سنة سبعين ومأتين ولها نحو مأة سنة وكانت تسأل عن أمر الرضا عليه السلام كثيرا فتقول: ما أذكر منه شيئا إلا أني كنت أراه يتبخر بالعود الهندي السني ويستعمل بعده ماء ورد ومسكا وكان عليه السلام إذا صلى الغداة وكان يصليها في أول وقت يسجد فلا يرفع رأسه إلى أن ترتفع الشمس ثم يقوم فيجلس للناس أو يركب ولم يكن أحد يقدر أن يرفع صوته في داره ما كان إنما يتكلم الناس قليلا قليلا وكان جدي عبد الله يتبرك بجدتي هذه فدبرها يوم وهبت له، فدخل عليه خاله العباس بن الاخنف الحنفي الشاعر فاعجبته، فقال لجدي: هب لي هذه الجارية قال: هي مدبرة فقال العباس بن الاخنف: أيا غدر زين باسمك الغدر * وأساء لا يحسن بك الدهر 4 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس: يقول رأيت الرضا عليه السلام يسأل عن شئ قط إلا علم، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الاول إلى وقته وعصره والمأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شئ فيجيب فيه، وكان كلامه كله وجوابه وتمثله انتزاعات من القرآن وكان يختمه في كل ثلاثة ويقول: لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة تختمت ولكني ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها وفي أي شئ انزلت وفي أي وقت؟ فلذلك صرت أختم في كل ثلاثة أيام. ومن كلامه عليه السلام المشهور قوله: الصغائر من الذنوب طرق إلى الكبائر ومن لم يخف الله في القليل لم تخفه في الكثير ولو لم يخوف الله الناس بجنة ونار لكان الواجب أن يطيعوه ولا يعصوه لتفضله عليهم وإحسانه إليهم وما بدءهم به من أنعامه الذي أستحقوه


[ 194 ]

5 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثني أبي عن أحمد بن علي الانصاري قال: سمعت رجاء بن أبي الضحاك يقول: بعثني المأمون في إشخاص علي بن موسى عليه السلام من المدينة وقد أمرني أن آخذ به على طريق البصرة والاهواز وفارس ولا آخذ به على طريق قم وأمرني أن أحفظه بنفسي بالليل والنهار حتى أقدم به عليه فكنت معه من المدينة إلى مرو فو الله ما رأيت رجلا كان أتقى لله تعالى منه ولا أكثر ذكرا لله في جميع أوقاته ولا أشد خوفا لله عز وجل منه وكان إذا أصبح صلى الغداة، فإذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ويصلي على النبي (ص) حتى تطلع الشمس ثم يسجد سجدة يبقى فيها حتى يتعالى النهار ثم أقبل على الناس يحدثهم ويعظهم إلى قرب الزوال، ثم جدد وضوءه وعاد إلى مصلاه فإذا زالت الشمس قام فصلى ست ركعات يقرأ في الركعة الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الحمد وقل هو الله، ويقرأ في الاربع كل ركعة الحمد لله وقل هو الله أحد ويسلم في كل ركعتين ويقنت فيهما في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة ثم يؤذن ويصلي ركعتين ثم يقيم ويصلي الظهر فإذا سلم سبح الله وحمده وكبره وهلله ما شاء الله ثم سجد سجدة الشكر يقول فيها مأة مرة شكرا لله فإذا رفع رأسه قام فصلى ست ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد ويسلم في كل ركعتين ويقنت في ثانية كل ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة، ثم يؤذن ثم يصلي ركعتين ويقنت في الثانية فإذا سلم قام وصلى العصر فإذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ما شاء الله ثم سجد سجدة يقول فيها مأة مرة حمدا لله فإذا غابت الشمس توضأ وصلى المغرب ثلاثا بأذان وإقامة وقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة فإذا سلم جلس في مصلاه يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ما شاء الله، ثم يسجد سجدة الشكر ثم يرفع رأسه ولم يتكلم حتى يقوم ويصلي أربع ركعات بتسليمتين ويقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع والقراءة وكان يقرأ في الاولى من هذه الاربع الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ويقرأ في الركعتين الباقيتين الحمد وقل هو الله ثم يجلس بعد التسليم في التعقيب ما شاء الله ثم يفطر ثم يلبث حتى يمضى من الليل قريب من الثلث، ثم يقوم فيصلي


[ 195 ]

العشاء الاخرة أربع ركعات ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، فإذا سلم جلس في مصلاه يذكر الله عز وجل ويسبحه ويحمده ويكبره ويهلله ما شاء الله ويسجد بعد التعقيب سجدة الشكر ثم يأوي إلى فراشه فإذا كان الثلث الاخير من الليل قام من فراشه بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار فاستاك، ثم توضى، ثم قام إلى صلاة الليل فيصلي ثمان ركعات ويسلم في كل ركعتين يقرأ في الاوليين منها في كل ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاثين مرة ثم يصلي صلاة جعفر بن أبي طالب عليه السلام أربع ركعات يسلم في كل ركعتين ويقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد التسبيح ويحتسب بها من صلاة الليل ثم يقوم، فيصلي ركعتين الباقيتين يقرأ في الاولى الحمد وسورة الملك وفي الثانية الحمد لله وهل أتى على الانسان، ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع يقرأ في كل ركعة منهما الحمد لله مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة، فإذا سلم قام، فصلى ركعة الوتر يتوجه فيها ويقرأ فيها الحمد مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات وقل أعوذ برب الفلق مرة واحدة وقل أعوذ برب الناس مرة واحدة ويقنت فيها قبل الركوع وبعد القراءة ويقول في قنوته: (اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم إهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت، فانك تقضي ولا يقضي عليك أنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت) ثم يقول: استغفر الله وأسأله التوبة سبعين مرة فإذا سلم جلس في التعقيب ما شاء الله فإذا قرب من الفجر قام فصلى ركعتي الفجر يقرأ في الاولى الحمد وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الحمد وقل الله أحد فإذا طلع الفجر أذن وأقام وصلى الغداة ركعتين، فإذا سلم جلس في التعقيب حتى تطلع الشمس ثم يسجد سجدة الشكر حتى يتعالى النهار وكان قراءته في جميع المفروضات في الاولى الحمد وإنا أنزلناه وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد إلا في صلاة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة، فإنه كان يقرأ فيها بالحمد وسورة الجمعة والمنافقين وكان يقرأ في صلاة العشاء الاخرة ليلة الجمعة في الاولى الحمد وسورة الجمعة وفي الثانية الحمد وسبح اسم ربك الاعلى وكان يقرأ في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس في الاولى


[ 196 ]

الحمد وهل أتى على الانسان وفي الثانية الحمد وهل اتيك حديث الغاشية، وكان يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء وصلاة الليل والشفع والوتر والغداة ويخفي القراءة في الظهر والعصر وكان يسبح في الاخراوين يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات وكان قنوته في جميع صلاته: رب اغفر وأرحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الاعز الاجل الاكرم وكان إذا أقام في بلدة عشرة أيام صائما لا يفطر فإذا جن الليل بدأ بالصلاة قبل الافطار وكان في الطريق يصلي فرائضه ركعتين ركعتين إلا المغرب فانه كان يصليها ثلاثا ولا يدع نافلتها ولا يدع صلاة الليل والشفع والوتر وركعتي الفجر في سفر ولا حضر وكان لا يصلي من نوافل النهار في السفر شيئا وكان يقول بعد كل صلاة يقصرها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ثلاثين مرة ويقول: هذا تمام الصلاة وما رأيته صلى الضحى في سفر ولا حضر، وكان لا يصوم في السفر شيئا وكان عليه السلام يبدأ في دعائه بالصلاة على محمد وآله ويكثر من ذلك في الصلاة وغيرها وكان يكثر بالليل في فراشه من تلاوة القرآن فإذا مر بآية فيها ذكر جنة أو نار بكى وسأل الله الجنة وتعوذ به من النار وكان عليه السلام يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلاته بالليل والنهار وكان إذا قرأ قل هو الله أحد قال سرا الله أحد، فإذا فرغ منها قال كذلك الله ربنا ثلاثا وكان إذا قرأ سورة الجحد قال في نفسه سرا يا أيها الكافرون فإذا فرغ منها قال: ربي الله وديني الاسلام ثلاثا وكان إذا قرأ والتين والزيتون قال عند الفراغ منها: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين وكان إذا قرأ لا أقسم بيوم القيامة قال عند الفراغ سبحانك اللهم وكان يقرأ في سورة الجمعة قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة للذين اتقوا والله خير الرازقين وكان إذا فرغ من الفاتحة قال: الحمد لله رب العالمين، وإذا قرأ سبح اسم ربك الاعلى، قال: سرا سبحان ربي الاعلى، وإذا قرأ يا أيها الذين آمنوا قال: لبيك اللهم لبيك سرا وكان عليه السلام لا ينزل بلدا إلا قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم فيجيبهم ويحدثهم الكثير، عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام عن رسول (ص) فلما وردت به على المأمون سألني عن حاله في طريقه


[ 197 ]

فأخبرته بما شاهدته منه في ليله ونهاره وظعنه (1) وإقامته فقال لي: يا بن أبي الضحاك هذا خير أهل الأرض وأعلمهم وأعبدهم فلا تخبر أحدا بما شاهدته منه لئلا يظهر فضله إلا على لساني وبالله أستعين ما أقوى من الرفع منه والاساءة به. 6 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: جئت إلى باب الدار التي حبس فيها الرضا عليه السلام بسرخس وقد قيد عليه السلام، فاستأذنت عليه السجان، فقال: لا سبيل لك إليه عليه السلام، قلت: ولم؟ قال: لانه ربما صلى في يومه وليلته ألف ركعة وإنما ينفتل من صلاته ساعة في صدر النهار وقبل الزوال وعند إصفرار الشمس فهو في هذه الاوقات قاعد في مصلاه ويناجي ربه، قال: فقلت له: فاطلب لي منه في هذه الاوقات إذنا عليه فاستأذن لي، فدخلت عليه وهو قاعد في مصلاه متفكرا قال أبو الصلت: فقلت له: يا بن رسول الله (ص) ما شئ يحكيه عنكم الناس؟ قال: وما هو؟ قلت: يقولون أنكم تدعون أن الناس لكم عبيد فقال: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت شاهد بأني لم أقل ذلك قط ولا سمعت أحدا من آبائي عليهم السلام قاله قط وأنت العالم بما لنا من المظالم عند هذه الامة وأن هذه منها ثم أقبل علي فقال لي: يا عبد السلام إذا كان الناس كلهم عبيدنا على ما حكوه عنا فممن نبيعهم؟ قلت: يا بن رسول صدقت ثم قال يا عبد السلام أمنكر أنت لما أوجب الله تعالى لنا من الولاية كما ينكره غيرك؟ قلت: معاذ الله بل أنا مقر بولايتكم. 7 – حدثنا الحاكم أبو جعفر بن نعيم بن شاذان رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن العباس، قال: ما رأيت أبا الحسن الرضا عليه السلام جفا أحدا بكلمة قط ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتى يفرغ منه، وما رد أحدا عن حاجة يقدر عليها ولا مد رجله بين يدي جليس له قط ولا أتكئ بين يدي جليس قط، ولا رأيته


(1) الظعن: السير.

[ 198 ]

شتم أحدا من مواليه ومماليكه قط ولا رأيته تفل ولا رأيته يقهقه في ضحكة قط بل كان ضحكه التبسم، وإذا خلا ونصب مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه ومواليه حتى البواب السائس وكان عليه السلام قليل النوم بالليل كثير السهر يحيي أكثر لياليه من أولها إلى الصبح وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر، ويقول ذلك صوم الدهر وكان عليه السلام كثير المعروف والصدقة في السر وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة فمن زعم أنه رأى مثله في فضله فلا تصدق


[ 199 ]

45 – باب ذكر ما يتقرب به المأمون إلى الرضا عليه السلام من مجادلة المخالفين في الامامة والتفضيل 1 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثنا أبي، قال: حدثني أحمد بن علي الانصاري، عن إسحاق بن حماد قال: كان المأمون يعقد مجالس النظر ويجمع المخالفين لاهل البيت عليهم السلام ويكلمهم في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وتفضيله على جميع الصحابة تقربا إلى أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام، وكان الرضا عليه السلام يقول لاصحابه الذين يثق بهم ولا تغتروا منه بقوله، فما يقتلني والله غيره ولكنه لا بد لي من الصبر حتى يبلغ الكتاب أجله. 2 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن ادريس جميعا قالا حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثني أبو الحسين صالح بن أبي حماد الرازي، عن إسحاق بن حماد بن زيد قال: جمعنا يحيى بن أكثم القاضي قال أمرني المأمون باحضار جماعة من أهل الحديث وجماعة من أهل الكلام والنظر فجمعت له من الصنفين زهاء (1) إربعين رجلا ثم مضيت بهم، فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لاعلمه بمكانهم ففعلوا فاعلمته فأمرني بادخالهم فدخلوا، فسلموا، فحدثهم ساعة وآنسهم ثم قال: إني أريد أن


(1) الزهاء: المقدار يقال (عندي زهاء) خمسين درهما).

[ 200 ]

أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة فمن كان حاقنا (1) أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته وانبسطوا وسلوا خفافكم وضعوا أرديتكم ففعلوا ما أمروا به فقال: يا أيها القوم إنما استحضرتكم لاحتج بكم عند الله تعالى فاتقوا الله وانظروا لانفسكم وامامكم ولا يمنعكم جلالتي ومكاني من قول الحق حيث كان ورد الباطل على من أتى به واشفقوا على أنفسكم من النار وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه وإيثار طاعته فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه عليه فناظروني بجميع عقولكم إني رجل أزعم أن عليا عليه السلام خير البشر بعد رسول الله (ص) فإن كنت مصيبا فصوبوا قولي وإن كنت مخطئا فردوا علي وهلموا، فإن شئتم سألتكم وإن شئتم سألتموني فقال له الذين يقولون بالحديث: بل نسألك، فقال: هاتوا وقلدوا كلامكم رجلا واحدا منكم فإذا تكلم فإن كان عند أحدكم زيادة فليزد وإن أتى بخلل فسددوه، فقال قائل منهم: إنما نحن نزعم أن خير الناس بعد رسول الله (ص) أبو بكر من قبل أن الرواية المجمع عليها جاءت عن الرسول الله (ص) أنه قال: اقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر فلما أمر نبي الرحمة بالاقتداء بهما علمنا أنه لم يإمر بالاقتداء إلا بخير الناس فقال المأمون: الروايات كثيرة ولا بد من أن تكون كلها حقا أو كلها باطلا أو بعضها حقا أو بعضها باطلا، فلو كانت كلها حقا كانت كلها باطلا من قبل أن بعضها ينقض بعضا، ولو كانت كلها باطلا كان في بطلانها بطلان الدين ودروس الشريعة، فلما بطل الوجهان ثبت الثالث بالاضطرار وهو بعضها حق وبعضها باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها ليعتقد وينفي خلافه فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقا كان أولى ما اعتقده وأخذ به وروايتك هذه من الاخبار التي ادلتها باطلة في نفسها وذلك رسول الله (ص) احكم الحكماء واولى الخلق بالصدق وأبعد الناس من الامر بالمحال وحمل الناس على التدين بالخلاف وذلك أن هذين الرجلين لا يخلوا من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مختلفين فإن كانا متفقين من كل جهة كانا واحدا في العدد والصفة والصورة والجسم وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى


(1) الحاقن: الذي له بول شديد.

[ 201 ]

واحد من كل جهة وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما وهذا تكليف ما لا يطاق، لانك إذا اقتديت لواحد خالفت الاخر والدليل على اختلافهما أن أبا بكر سبى أهل الردة وردهم عمر أحرارا وأشار إلى أبي بكر بعزل خالد وبقتله بمالك بن نويرة، فأبى أبو بكر عليه وحرم عمر المتعتين ولم يفعل ذلك أبو بكر ووضع عمر ديوان العطية ولم يفعله أبو بكر وأستخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر ولهذا نظائر كثيرة. قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: في هذا فصل ولم يذكر المأمون لخصمه وهو أنهم لم يرووا أن النبي (ص) قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وإنما رووا أبو بكر وعمر، ومنهم من روى أبا بكر وعمر فلو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب اقتدوا باللذين من بعدي كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر ومعنى قوله بالرفع: إقتدوا أيها الناس وأبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله والعترة رجعنا إلى حديث المأمون، فقال آخر من أصحاب الحديث فإن النبي (ص) قال: لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا فقال المأمون: هذا مستحيل من قبل أن رواياتكم أنه (ص) آخى بين أصحابه وآخر عليا عليه السلام، فقال له في ذلك؟ فقال: وما أخرتك إلا لنفسي، فأي الروايتين ثبتت بطلت الاخرى؟ قال الاخران عليا عليه السلام قال: على المنبر خير هذه الامة بعد نبيها أبو وعمر، وقال المأمون: هذا مستحيل من قبل النبي (ص) لو علم إنهما أفضل ما ولى عليهما مرة عمرو بن العاص ومرة أسامة بن زيد ومما يكذب هذه الرواية قول علي عليه السلام لما قبض النبي (ص): وأنا أولى بمجلسه مني بقميصي ولكني أشفقت أن يرجع الناس كفارا وقوله عليه السلام: أنى يكونان خيرا مني وقد عبدت الله تعالى قبلهما وعبدته بعدهما؟ قال آخر: فإن أبا بكر أغلق بابه وقال: هل من مستقيل فأقيله؟ فقال علي عليه السلام: قدمك رسول الله (ص) فمن ذا يؤخرك؟ فقال المأمون: هذا باطل من قبل أن عليا عليه السلام قعد بيعة أبي بكر ورويتم أنه قعد عنها حتى قبضت فاطمة عليها السلام وأنها أوصت أن تدفن ليلا لئلا يشهدا جنازتها ووجه آخر وهو إنه أن كان النبي (ص) استخلفه فكيف كان له أن يستقيل وهو يقول للانصار: قد رضيت لكم أحد


[ 202 ]

هذين الرجلين أبا عبيدة وقال آخر: إن عمرو بن العاص قال: يا نبي الله من أحب الناس اليك من النساء؟ قال: عائشة من الرجال؟ فقال: أبوها فقال المأمون: هذا باطل قبل إنكم رويتم: أن النبي (ص) وضع بين يديه طائر مشوي فقال اللهم ايتني بأحب خلقك إليك فكان عليا عليه السلام فأي روايتكم تقبل؟ فقال آخر: فإن عليا عليه السلام قال من فضلني على أبي بكر وعمر جلدته حد المفتري قال المأمون كيف يجوز أن يقول علي عليه السلام: أجلد الحد على من لا يجب حد عليه فيكون متعديا لحدود الله عز وجل عاملا بخلاف أمره وليس تفضيل من فضله عليهما فرية وقد رويتم عن إمامكم أنه قال: وليتكم ولست بخيركم فأي الرجلين أصدق عندكم أبو بكر على نفسه أو علي عليه السلام على أبي بكرمع تناقض الحديث في نفسه؟ ولا بد له في قوله من أن يكون صادقا أو كاذبا فإن كان صادقا فأني عرف ذلك؟ بوحي؟ فالوحي منقطع أو بالتظني فالمتظني متحير (1) أو بالنظر فالنظر مبحث، وإن كان غير صادق فمن المحال أن يلي أمر المسلمين ويقوم بأحكامهم ويقيم حدودهم كذاب، قال آخر: جاء أن النبي (ص) قال: أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة قال المأمون: هذا الحديث محال لانه لا يكون في الجنة كهل ويروى أن اشجعيه كانت عند النبي (ص) فقال: لا يدخل الجنة عجوز فبكت فقال لها النبي (ص): إن الله تعالى يقول: (إنا انشأناهن انشآء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا) (2) فإن زعمتم إن أبا بكر ينشأ شابا إذا دخل الجنة فقد رويتم أن النبي (ص) قال للحسن والحسين: إنهما سيدا شباب أهل الجنة من الاولين والاخرين وأبوهما خير منهما قال آخر: فقد جاء أن النبي (ص): قال: لو لم أكن أبعث فيكم لبعث عمر قال المأمون: هذا محال لأن الله تعالى يقول (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) (3) وقال تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح


(1) التظني: اعمال الظن. (2) سورة الواقعة: الاية (35 – 37). (3) سورة النساء: الاية 163.

[ 203 ]

وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم) (1) فهل يجوز أن يكون من لم يؤخذ ميثاقه على النبوة مبعوثا ومن أخذ ميثاقا على النبوة مؤخرا؟ قال آخر: إن النبي (ص) نظر إلى عمر يوم عرفة فتبسم فقال: إن الله تبارك وتعالى باهى بعباده عامة وبعمر خاصة فقال: المأمون: هذا مستحيل من قبل أن الله تبارك وتعال لم يكن ليباهي بعمر ويدع نبيه (ص) فيكون عمر في الخاصة والنبي (ص) في العامة، وليست هذه الروايات بأعجب من روايتكم: أن النبي (ص) قال: دخلت الجنة: فسمعت خفق نعلين، فإذا بلال مولا أبي بكر سبقني إلى الجنة، وإنما قالت الشيعة: علي عليه السلام خير من أبي بكر فقلتم عبد أبي بكر خير من الرسول (ص) لأن السابق أفضل من المسبوق وكما رويتم أن الشيطان يفر من ظل عمر والقى على لسان نبى الله (ص) وأنهن الغرانيق العلى ففر من عمر وألقى على لسان النبي (ص) بزعمكم الكفار، قال آخر: قد قال النبي (ص): لو نزل العذاب ما نجى إلا عمر بن الخطاب قال المأمون: هذا خلاف الكتاب أيضا، لأن الله تعالى يقول لنبيه (ص) (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (2) فجعلتم عمر مثل الرسول، قال آخر: فقد شهد النبي (ص) لعمر بالجنة في عشرة من الصحابة فقال المأمون: لو كان هذا كما زعمتم لكان عمر لا يقول لحذيفة: نشدتك بالله أمن المنافقين أنا؟ فإن كان قد قال له النبي (ص): أنت من أهل الجنة ولم يصدقه حتى ذكاة حذيفة فصدق حذيفة ولم يصدق النبي (ص) فهذا على غير الاسلام وإن كان قد صدق النبي (ص) فلم سأل حذيفة؟ وهذان الخبران متناقضان في أنفسهما قال الاخر: قال النبي (ص): وضعت في كفة الميزان ووضعت أمتي في كفة أخرى فرجحت بهم ثم وضع مكاني أبو بكر فرجح بهم، ثم عمر فرجح بهم، ثم رفع الميزان فقال، المأمون: هذا محال من قبل أنه لا يخلو من أن يكون أجسامهما أو أعمالهما فإن كانت الاجسام فلا يخفى على ذي روح أنه محال لانه لا يرجح اجسامهما باجسام الامة وإن كانت أفعالهما فلم تكن بعد فكيف ترجح بما ليس،


(1) سورة الاحزاب: الاية 7. (2) سورة الانفال: الاية 33.

[ 204 ]

فأخبروني بما يتفاضل الناس؟ فقال بعضهم بالاعمال الصالحة قال: فأخبروني فممن فضل صاحبه على عهد النبي (ص) ثم أن المفضول عمل بعد وفاة رسول الله باكثر من عمل الفاضل على عهد النبي (ص) أيلحق به؟ فإن قلتم: نعم اوجدتكم في عصرنا هذا من هو أكثر جهادا وحجا وصوما وصلاة وصدقة من أحدهم! قالوا: صدقت لا يلحق فاضل دهرنا لفاضل عصر النبي (ص) قال المأمون: فانظروا فيما روت ائمتكم الذين أخذتم عنهم اديانكم في فضائل علي عليه السلام وقيسوا إليها ما رووا في فضائل تمام العشرة الذين شهدوا لهم بالجنة فإن كانت جزءا من اجزاء كثيرة فالقول قولكم وإن كانوا قد رووا في فضائل علي عليه السلام أكثر فخذوا عن أئمتكم ما رووا ولا تعدوه قال: فأطرق القوم جميعا فقال المأمون: ما لكم سكتم؟ قالوا: قد أستقصينا، قال المأمون: فأني اسألكم خبروني أي الاعمال كان أفضل يوم بعث الله نبيه (ص)؟ قالوا: السبق إلى الاسلام لان الله تعالى يقول: (السابقون السابقون اولئك المقربون) (1) قال: فهل علمتم أحدا أسبق من علي عليه السلام إلى الاسلام؟ قالوا: إنه سبق حدثا لم يجر عليه حكم وأبو بكر أسلم كهلا قد جرى عليه الحكم وبين هاتين الحالتين فرق قال المأمون: فخبروني عن إسلام علي عليه السلام بالهام من قبل الله تعالى أم بدعاء النبي (ص) فإن قلتم بإلهام فضلتموه على النبي (ص) لأن النبي (ص) لم يلهم بل أتاه جبرئيل عن الله تعالى داعيا ومعرفا فإن قلتم بدعاء النبي (ص) فهل دعاه من قبل نفسه أو بأمر الله تعالى؟ فإن قلتم: من قبل نفسه فهذا خلاف ما وصف الله تعالى به نبيه (ص) في قوله تعالى (وما انا من المتكلفين) (2) وفي قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) (3) وإن كان من قبل الله تعالى فقد أمر الله تعالى نبيه (ص) بدعاء علي عليه السلام من بين صبيان الناس وايثاره عليهم، فدعاه ثقة به وعلما بتأييد الله تعالى وعلة أخرى خبروني


(1) سورة الواقعة الاية: 10 و 11. (2) سورة ص. الاية: 86. (3) سورة النجم: الاية 3 و 4.

[ 205 ]

عن الحكيم هل يجوز أن يكلف خلقه ما لا يطيقون؟ فإن قلتم: نعم فقد كفرتم وإن قلتم: لا فكيف يجوز أن يأمر نبيه (ص) بدعاء من لا يمكنه قبول ما يؤمر به لصغره وحداثة سنه وضعفه عن القبول وعلة أخرى هل رأيتم النبي (ص) دعا أحدا من صبيان أهله وغيرهم فيكونوا أسوة علي عليه السلام؟ فإن زعمتم أنه لم يدع غيره فهذه فضيلة لعلي عليه السلام على جميع صبيان الناس ثم قال: أي الاعمال بعد السبق إلى الايمان قالوا: الجهاد في سبيل الله، قال: فهل تجدون لاحد من العشرة في الجهاد ما لعلي عليه السلام في جميع مواقف النبي (ص) من الاثر هذه؟ بدر قتل من المشركين فيها نيف وستون رجلا قتل علي عليه السلام منهم نيفا وعشرين وأربعون لسائر الناس فقال قائل: كان أبو بكر مع النبي (ص) في عريشة يدبرها فقال المأمون: لقد جئت بها عجيبة! أكان يدبر دون النبي (ص) أو معه فيشركه أو لحاجة النبي (ص) إلى رأي أبي بكر؟ أي الثلاث أحب إليك أن تقول؟ فقال: أعوذ بالله من أن أزعم أنه يدبر دون النبي (ص) أو يشركه أو بافتقار من النبي (ص) إليه قال: فما الفضيلة في العريش؟ فإن كانت فضيلة أبي بكر بتخلفه عن الحرب فيجب أن يكون كل متخلف فاضلا أفضل من المجاهدين والله عز وجل يقول: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) الاية (1) قال: إسحاق بن حماد بن زيد ثم قال لي: إقرأ (هل أتى على الانسان حين من الدهر) فقرأت حتى بلغت (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) إلى قوله: (وكان سعيكم مشكورا) (2) فقال: فيمن نزلت هذه الايات: فقلت في علي عليه السلام قال: فهل بلغك أن عليا عليه السلام قال: حين أطعم المسكين واليتيم والاسير: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا) على ما وصف الله عز وجل في كتابه؟ فقلت: لا، قال فإن الله تعالى عرف سريرة علي عليه السلام ونيته فاظهر ذلك


(1) سورة النساء: الاية 95. (2) سورة الدهر: الاية 9.

[ 206 ]

في كتابه تعريفا لخلقه أمره فهل علمت أن الله تعالى وصف في شئ مما وصف في الجنة ما في هذه السورة (قوارير من فضة) (3) قلت: لا قال: فهذه فضيلة أخرى فكيف تكون القوارير من فضة؟ فقلت: لا أدري قال يريد كأنها من صفائها من فضة يرى داخلها كما يرى خارجها وهذا مثل قوله (ص) يا إسحاق رويدا شوقك بالقوارير وعني به نساء كأنها القوارير رقة وقوله (ص): ركبت فرس أبي طلحة فوجدته بحرا أي كأنه بحر من كثرة جريه وعدوه وكقول الله تعالى: (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ورائه عذاب غليظ) (4) أي كأنه يأتيه الموت ولو أتاه من مكان واحد مات ثم قال: يا إسحاق ألست ممن يشهد أن العشرة في الجنة؟ فقلت: بلى ثم قال: أرأيت لو أن رجلا قال: ما أدري أصحيح هذا الحديث أم لا، أكان عندك كافرا؟ قلت لا قال أفرأيت لو قال ما أدري هذه السورة قرآن أم لا أكان عندك كافرا؟ قلت بلى قال: أرى فضل الرجل يتأكد خبروني يا إسحاق عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك؟ قلت: بلى قال: بان والله عنادك لا يخلوا هذا من أن يكون كما دعاه النبي (ص) أو يكون مردودا أو عرف الله الفاضل من خلقه وكان المفضول أحب إليه أو تزعم إن الله لم يعرف الفاضل من المفضول فأي الثلاث أحب إليك أن تقول به؟ قال: إسحاق: فأطرقت ساعة ثم قلت: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول في أبي بكر: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) (1) فنسبه الله عز وجل إلى صحبة نبيه (ص) فقال المأمون: سبحان الله ما أقل علمك باللغة والكتاب؟ أما يكون الكافر صاحبا للمؤمن؟ فأي فضيلة في هذا أما سمعت قول الله تعالى: (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سويك رجلا) (2) فقد جعله له صاحبا وقال الهذلي شعرا:


(1) الاية 16. (2) سورة إبراهيم: الاية 17. (3) سورة التوبة: الاية 40. (4) سورة الكهف: الاية 37.

[ 207 ]

ولقد غدوت وصاحبي وحشية * تحت الرداء بصيرة بالمشرق وقال الازدي شعرا: ولقد ذعرت الوحش فيه وصاحبي * محض القوائم من هجان هيكل فصير فرسه صاحبه وأما قوله إن الله معنا فان الله تبارك وتعالى مع البر والفاجر، أما سمعت قوله تعالى: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا) (1) وأما قوله: لا تحزن فاخبرني من حزن أبي بكر أكان طاعة أو معصية فإن زعمت إنه طاعة فقد جعلت النبي (ص) ينهى عن الطاعة وهذا خلاف صفة الحكيم، وإن زعمت أنه معصية فأي فضيلة للعاصي؟ وخبرني عن قوله تعالى (فانزل الله سكينته عليه) على من؟ قال إسحاق: فقلت على أبي بكر لأن النبي (ص) كان مستغنيا عن الصفة السكينة قال: فخبرني عن قوله عز وجل: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) (2) أتدري من المؤمنون الذين أراد الله تعالى في هذا الموضع؟ قال: فقلت لا، فقال: إن الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي (ص) إلا سبعة من بني هاشم علي عليه السلام يضرب بسيفه والعباس أخذ بلجام بغلة رسول الله (ص) والخمسة يحدقون بالنبي (ص) خوفا من أن يناله سلاح الكفار حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله (ص) الظفر عني بالمؤمنين في هذا الموضع عليا عليه السلام ومن حضر من بني هاشم فمن كان أفضل أمن كان مع النبي (ص) فنزلت السكينة على النبي (ص) وعليه أم من كان في الغار مع النبي (ص) ولم يكن أهلا لنزولها عليه يا إسحاق من أفضل؟ من مع النبي (ص) في الغار أو من نام على مهاده وفراشه ووقاه بنفسه حتى تم للنبى (ص) ما عزم عليه من الهجرة، إن الله تبارك وتعالى أمر


(1) سورة المجادلة: الاية 7. (2) سورة التوبة: الاية 25 و 26.

[ 208 ]

نبيه (ص) أن يأمر عليا عليه السلام بالنوم على فراشه ووقايته بنفسه فأمره بذلك فقال علي عليه السلام أتسلم يا نبي الله؟ قال: بلى قال سمعا وطاعة ثم أتى مضجعه وتسجى بثوبه واحدق المشركون به لا يشكون في أنه النبي (ص) وقد أجمعوا على أن يضربه من كل بطن من قريش رجل ضربة لئلا يطلب الهاشميون بدمه وعلي عليه السلام يسمع بأمر القوم فيه من التدبير في تلف نفسه؟ فلم يدعه إلى الجزع كما جزع أبو بكر في الغار وهو مع النبي (ص) وعلي عليه السلام وحده فلم يزل صابرا محتسبا فبعث الله تعالى ملائكته تمنعه من مشركي قريش فلما أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا: أين محمد؟ قال: وما علمي به قالوا: فأنت غدرتنا ثم لحق بالنبي (ص) فلم يزل علي عليه السلام أفضل لما بدأ منه إلا ما يزيد خيرا حتى قبضه الله تعالى إليه وهو محمود مغفور يا إسحاق أما تروي حديث الولاية؟ فقلت: نعم قال: أروه فرويته فقال أما ترى أنه أوجب لعلي عليه السلام على أبي بكر وعمر من الحق ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت: إن الناس يقولون إن هذا قاله بسبب زيد بن حارثة فقال: وأين قال النبي (ص) هذا؟ قلت: بغدير خم بعد منصرفه من حجة الوداع قال فمتى قتل زيد بن حارثة؟ قلت: بموته قال: أفليس قد كان قتل زيد بن حارثة قبل غدير خم؟ قلت بلى قا: أخبرني لو رأيت ابنا لك أتت عليه خمسة عشر سنة يقول مولاي مولى ابن عمي أيها الناس فأقبلوا أكنت تكره له ذلك؟ فقلت: بلى، قال: أفتنزه ابنك عما لا يتنزه النبي (ص) عنه ويحكم! أجعلتم فقهاءكم أربابكم إن الله تعالى يقول: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) (1) والله ما صاموا ولا صلوا لهم ولكنهم أمروا لهم فاطيعوا ثم قال: أتروي قول النبي (ص) لعلي عليه السلام أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت: نعم قال أما تعلم أن هارون أخو موسى لابيه وأمه؟ قلت: بلى، قال: فعلي عليه السلام كذلك قلت: لا قال وهارون نبي وليس علي كذلك فما المنزلة الثالثة إلا الخلافة وهذا كما قال المنافقون استخلفه استثقالا له فأراد أن يطيب بنفسه وهذا


(1) سورة التوبة: الاية 31.

[ 209 ]

كما حكى الله تعالى عن موسى عليه السلام حيث يقول لهارون (أخلفني في قومي وأصلح لي ولا تتبع سبيل المفسدين) (1) فقلت: إن موسى خلف هارون في قومه وهو حي ثم مضى إلى ميقات ربه تعالى وأن النبي (ص) خلف عليا عليه السلام حين خرج إلى غزاته فقال: أخبرني عن موسى حين خلف هارون أكان معه حيث مضى إلى ميقات ربه عز وجل أحد من أصحابه؟ فقلت: نعم، قال: أو ليس قد أستخلفه على جميعهم؟ قلت: بلى، قال: فكذلك علي عليه السلام خلفه النبي (ص) حين خرج إلى غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان إذا كان أكثر قومه معه وأن كان قد جعله خليفة على جميعهم والدليل على أنه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قوله (ص): علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وهو وزير النبي (ص) أيضا بهذا القول لأن موسى عليه السلام قد دعا الله تعالى وقال فيما دعا: (وأجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري) (2) فإذا كان علي عليه السلام منه (ص) بمنزلة هارون من موسى فهو وزيره كما كان هارون وزير موسى وهو خليفته كما كان هارون خليفه موسى عليه السلام ثم أقبل على أصحاب النظر والكلام فقال: اسألكم أو تسألوني؟ فقالوا: بل نسألك قال: قولوا فقال قائل منهم: أليست إمامة علي عليه السلام من قبل الله عز وجل نقل ذلك عن رسول الله (ص) من نقل الفرض مثل الظهر أربع ركعات وفي مأتي درهم خمسة دراهم والحج إلى مكة؟ فقال: بلى قال: فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرض واختلفوا في خلافة علي عليه السلام وحدها؟ قال المأمون: لأن جميع الفرض لا يقع فيه من التنافس (3) والرغبة ما يقع في الخلافة فقال آخر: ما أنكرت أن يكون النبي (ص) أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة بهم ورقة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه فيعصي خليفته فينزل بهم العذاب؟ فقال: أنكرت ذلك من قبل أن الله تعالى أرأف بخلقه من النبي (ص) وقد بعث نبيه (ص) إليهم وهو يعلم أن فيهم عاص


(1) سورة الاعراف: الاية 142. (2) سورة طه: الاية 29 – 32. (3) تنافس القوم في الامر: رغبوا فيه على وجه المباراة في الكرم.

[ 210 ]

ومطيع فلم يمنعه تعالى ذلك من إرساله وعلة أخرى: ولو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يامرهم كلهم أو بعضهم فلو أمر الكل من كان المختار؟ ولو أمر بعضنا دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا البعض علامة فإن قلت: الفقهاء، فلا بد من تحديد الفقيه وسمته قال آخر: فقد روي: أن النبي (ص) قال: ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله تعالى حسن وما رأوه قبيحا فهو عند الله قبيح فقال هذا القول لا بد من أن يكون يريد كل المؤمنين أو البعض فإن أراد الكل فهذا مفقود لأن الكل لا يمكن إجتماعهم وإن كان البعض فقد روى كل في صاحبه حسنا مثل رواية الشيعة في على ورواية الحشوية في غيره فمتى يثبت ما تريدون من الامامة؟ قال آخر: فيجوز أن تزعم أن أصحاب محمد اخطأوا قال: كيف نزعم أنهم اخطأوا وأجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا فرضا ولا سنة لانك تزعم أن الامامة لا فرض من الله تعالى ولا سنة من الرسول (ص) فكيف يكون فيما ليس عندك بفرض ولا سنة خطأ؟ قال آخر: أن كنت تدعي لعلي عليه السلام من الامامة دون غيره فهات بينتك على ما تدعي فقال: ما أنا بمدع ولكني مقر ولا بينة على مقر والمدعي من يزعم أن إليه التولية والعزل وأن إليه الاختيار والبينة لا تعري من أن تكون من شركائه فهم خصماء أو تكون من غيرهم والغير معدوم فكيف يؤتي بالبينة على هذا؟ قال آخر: فما كان الواجب على علي عليه السلام بعد مضي رسول الله (ص)؟ قال: ما فعله قال: أفما وجب عليه أن يعلم الناس إنه إمام؟ فقال: إن الامامة لا تكون بفعل منه في نفسه ولا بفعل من الناس فيه من إختيار أو تفضيل أو غير ذلك وأنها يكون بفعل من الله تعالى فيه كما قال لابراهيم عليه السلام: (إني جاعلك للناس إماما) (1) وكما قال تعالى لداود عليه السلام: (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) (2) وكما قال عز وجل للملائكة في آدم: (إني جاعل في الارض خليفة) (3) فالامام إنما يكون إماما من قبل الله تعالى


(1) سورة البقرة: الاية 124. (2) سورة ص: الاية 26 – 30. (3) سورة البقرة: الاية 30.

[ 211 ]

وباختياره إياه في بدء الصنيعة والتشريف في النسب والطهارة في المنشأ والعصمة في المستقبل ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقا للامامة وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة قبل أفعاله قال آخر: فلم أوجبت الامامة لعلي عليه السلام بعد الرسول (ص)؟ فقال: لخروجه من الطفولية إلى الايمان كخروج النبي (ص) من الطفولية إلى الايمان والبراءة من ضلالة قومه عن الحجة وإجتنابه الشرك كبراءة النبي (ص) من الضلالة وإجتنابه للشرك لأن الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماما ولا من عبد وثنا باجماع ومن شرك فقد حل من الله تعالى محل اعدائه فالحكم فيه الشهادة عليه بما أجتمعت عليه الامة حتى يجئ إجماع آخر مثله ولأن من حكم عليه مرة فلا يجوز أن يكون حاكما فيكون الحاكم محكوما عليه فلا يكون حينئذ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه قال آخر: فلم يقاتل علي عليه السلام أبا بكر وعمر كما قاتل معاوية؟ فقال المسألة محال لأن لم اقتضاء ولم يفعل نفي والنفي لا يكون له علة، إنما العلة للاثبات وإنما يجب أن ينظر في أمر علي عليه السلام أمن قبل الله أم من قبل غيره فإن صح أنه من قبل الله تعالى فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (1) فافعال الفاعل تبع لاصله، فإن كان قيامه عن الله تعالى فأفعاله عنه وعلى الناس الرضا والتسليم وقد ترك رسول الله (ص) القتال يوم الحديبية يوم صد المشركون هديه عن البيت فلما وجد الاعوان وقوى حارب كما قال الله تعالى في الاول: (فاصفح الصفح الجميل) (2) ثم قال عز وجل: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحصروهم وأقعدوا لهم كل مرصد) (3) قال آخر إذا زعمت أن إمامة علي عليه السلام من قبل الله تعالى وإنه مفترض الطاعة فلم لم يجز إلا التبليغ والدعاء للانبياء عليهم السلام وجاز لعلي أن يترك ما أمر به من دعوه الناس إلى طاعته؟ فقال: من قبل انا لم نزعم إن عليا عليه السلام أمر بالتبليغ


(1) سورة النساء: الاية 65. (2) سورة الحجر: الاية 85. (3) سورة التوبة: الاية 5.

[ 212 ]

فيكون رسولا ولكنه عليه السلام وضع علما بين الله تعالى وبين خلقه فمن تبعه كان مطيعا ومن خالفه كان عاصيا فإن وجد أعوانا يتقوى بهم جاهد وإن لم يجد أعوانا فاللوم عليهم لا عليه لانهم أمروا بطاعته على كل حال ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلا بقوة وهو بمنزلة البيت على الناس الحج إليه فإذا حجوا أدوا ما عليهم وإذا لم يفعلوا كانت اللائمة عليهم لا على البيت وقال آخر إذا أوجب أنه لا بد من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار كيف يجب بالاضطرار أنه علي عليه السلام دون غيره؟ فقال: من قبل أن الله تعالى لا يفرض مجهولا ولا يكون المفروض ممتنعا إذ المجهول ممتنع فلا بد من دلالة الرسول (ص) على الفرض ليقطع العذر بين الله عز وجل وبين عباده أرايت لو فرض الله تعالى على الناس صوم شهر فلم يعلم الناس أي شهر هو؟ ولم يوسم بوسم وكان على الناس إستخراج ذلك بعقولهم حتى يصيبوا ما أراد الله تعالى فيكون الناس حينئذ مستغنين عن الرسول المبين لهم وعن الامام الناقل خبر الرسول إليهم وقال آخر: من أين أوجبت أن عليا عليه السلام كان بالغا حين دعاه النبي (ص) فان الناس يزعمون إنه كان صبيا حين دعى ولم يكن جاز عليه الحكم ولا بلغ مبلغ الرجال فقال: من قبل أنه لا يعرى في ذلك الوقت من أن يكون ممن أرسل إليه النبي (ص) ليدعوه فإن كان كذلك فهو محتمل التكليف قوي على أداء الفرائض وإن كان ممن لم يرسل إليه فقد لزم النبي (ص) قول الله عز وجل: (ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين) (1) وكان مع ذلك فقد كلف النبي (ص) عباد الله ما لا يطيقون عن الله تبارك وتعالى وهذا من المحال الذي يمتنع كونه ولا يأمر به حكيم ولا يدل عليه الرسول تعالى الله عن أن يامر بالمحال وجل الرسول من أن يأمر بخلاف ما يمكن كونه في حكمة الحكيم فسكت القوم عند ذلك جميعا فقال المأمون: قد سألتموني ونقضتم علي أفاسألكم؟ قالوا: نعم، قال: أليس قد روت الامة بإجماع أن النبي (ص) قال: من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار؟ قالوا: بلى قال: ورووا عنه عليه السلام إنه قال: من عصى الله


(1) الحاقة. الاية: 44 – 46. الوتين: عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.

[ 213 ]

بمعصية صغرت أو كبرت ثم أتخذها دينا ومضى مصرا عليها فهو مخلد بين أطباق الجحيم؟ قالوا: بلى قال: فخبروني عن رجل يختاره الامة فتنصبه خليفة هل يجوز أن يقال له خليفة رسول (ص) ومن قبل الله عز وجل ولم يستخلفه الرسول: فإن قلتم: نعم، فقد كابرتم وإن قلتم: لا، وجب أن أبا بكر لم يكن خليفة رسول الله (ص) ولا كان من قبل الله عز وجل وأنكم تكذبون على نبي الله (ص) فإنكم متعرضون لأن تكونوا ممن وسمه النبي (ص) بدخول النار، وخبروني في أي قوليكم صدقتم أفي قولكم مضى عليه السلام ولم يستخلف أو في قولكم لابي بكر يا خليفة رسول الله (ص)؟ فإن كنتم صدقتم في القولين فهذا ما لا يمكن كونه إذ كان متناقضا وإن كنتم صدقتم في أحدهما بطل الاخر فاتقوا الله وانظروا لانفسكم ودعوا التقليد وتجنبوا الشبهات فو الله ما يقبل الله تعالى إلا من عبد لا يأتي إلا بما يعقل ولا يدخل إلا فيما يعلم أنه حق والريب شك وإدمان (1) الشك كفر بالله تعالى وصاحبه في النار وخبروني هل يجوز أن يبتاع أحدكم عبدا فإذا أبتاعه صار مولاه وصار المشتري عبده؟ قالوا: لا قال: فكيف جاز أن يكون من اجتمعتم عليه أنتم لهواكم واستخلفتموه صار خليفة عليكم وأنتم وليتموه إلا كنتم أنتم الخلفاء عليه بل تؤتون خليفة وتقولون إنه خليفة رسول الله (ص) ثم إذا اسخطتم عليه قتلتموه كما فعل بعثمان بن عفان؟ فقال قائل منهم: لأن الامام وكيل المسلمين إذا رضوا عنه ولوه وإذا سخطوا عليه عزلوه قال: فلمن المسلمون والعباد والبلاد؟ قالوا لله تعالى فو الله أولى أن يوكل على عباده وبلاده من غيره لأن من إجماع الامة أنه من أحدث حدثا في ملك غيره فهو ضامن وله أن يحدث فإن فعل فآثم غارم ثم قال: خبروني عن النبي (ص) هل استخلف حين مضى أم لا فقالوا: لم يستخلف قال فتركه ذلك هدى أم ضلال؟ قالوا: هدى فعلى الناس أن يتبعوا الهدى ويتركوا الباطل ويتنكبوا الضلال قالوا: قد فعلوا ذلك قال: فلم استخلف الناس بعده وقد تركه هو فترك فعله ضلال، ومحال أن يكون خلاف الهدى هدى، وإذا كان


(1) ادمن الشئ: أدامه يقال (رجل مدمن خمر) أي مداوم شربها.

[ 214 ]

ترك الاستخلاف هدى فلم أستخلف أبو بكر ولم يفعله النبي (ص)؟ ولم جعل عمر الامر بعده شورى بين المسلمين خلافا على صاحبه؟ لانكم زعمتم أن النبي لم يستخلف وأن أبا بكر إستخلف وعمر لم يترك الاستخلاف كما تركه النبي (ص) بزعمكم ولم يستخلف كما فعل أبو بكر وجاء بمعنى ثالث فخبروني أي ذلك ترونه صوابا؟ فإن رأيتم فعل النبي (ص) صوابا فقد أخطأتم أبا بكر وكذلك القول في بقية الاقاويل وخبروني أيهما أفضل ما فعله النبي (ص) بزعمكم من ترك الاستخلاف أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف؟ وخبروني هل يجوز أن يكون تركه من الرسول (ص) هدى وفعله من غيره هدى فيكون هدى ضد هدى؟ فأين الضلال حينئذ وخبروني هل ولى أحد بعد النبي (ص) باختيار الصحابة منذ قبض النبي (ص) إلى اليوم؟ فإن قلتم: لا، فقد أوجبتم أن الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي (ص) وأن قلتم: نعم كذبتم الامة وأبطل قولكم الوجود الذي لا يدفع، وخبروني عن قول الله عز وجل: (قل لمن ما في السموات والأرض قل لله) (1) أصدق هذا أم كذب؟ قالوا: صدق قال: أفليس ما سوى الله لله إذ كان محدثه ومالكه؟ قالوا: نعم قال: ففي هذا بطلان ما أوجبتم اختياركم خليفة تفترضون طاعته وتسمونه خليفة رسول الله (ص) وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنكم إذا غضبتم عليه وعمل بخلاف محبتكم ومقتول إذا أبى الاعتزال ويلكم! لا تفتروا على الله كذبا فتلقوا وبال ذلك غدا إذا قمتم بين يدي الله تعالى وإذا وردتم على رسول الله (ص) وقد كذبتم عليه متعمدين وقد قال من كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ثم استقبل القبلة ورفع يديه وقال: اللهم إني قد أرشدتهم اللهم إني قد اخرجت ما وجب علي إخراجه من عنقي اللهم إني لم ادعهم في ريب ولا في شك، اللهم إني أدين بالتقرب إليك بتقديم علي عليه السلام على الخلق بعد نبيك محمد (ص) كما أمرنا به رسولك (ص) قال: ثم افترقنا فلم نجتمع بعد ذلك حتى قبض المأمون قال محمد بن يحيى بن عمران الاشعري: وفي حديث آخر، قال: فسكت القوم، فقال لهم: لم سكتم؟


[ 215 ]

قالوا: لا ندري ما تقول؟ قال: تكفيني هذه الحجة عليكم ثم أمر باخراجهم قال: فخرجنا متحيرين خجلين ثم نظر المأمون إلى الفضل بن سهل فقال: هذا اقصى ما عند القوم فلا يظن ظان أن جلالتي منعتهم من النقض علي


[ 216 ]

46 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وجه دلائل الائمة عليهم السلام والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله 1 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثني أبي قال: حدثنا أحمد بن علي الانصاري عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله بأي شئ تصح الامامة لمدعيها؟ قال بالنص والدليل، قال له: فدلالة الامام فيما هي؟ قال في العلم واستجابة الدعوة قال: فما وجه أخباركم بما يكون؟ قال: ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله (ص) قال: فما وجه اخباركم بما في قلوب الناس قال عليه السلام له: أما بلغك قول الرسول (ص) اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله قال: بلى، قال: وما من مؤمن إلا وله فراسة ينظر بنور الله على قدر إيمانه ومبلغ استبصاره وعلمه وقد جمع الله الائمة منا فرقة في جميع المؤمنين وقال عز وجل في محكم كتابه: (إن في ذلك لايات للمتوسمين) (1) فأول المتوسمين الله (ص) ثم أمير المؤمنين عليه السلام من بعده ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين عليهم السلام إلى يوم القيامة قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت، فقال الرضا عليه السلام إن الله عز وجل ايدنا


(1) سورة الحجر الاية: 75.

[ 217 ]

بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك لم تكن مع أحد ممن مضى إلا مع رسول الله (ص) وهي مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم وهو عمود من نور بيننا وبين الله عز وجل قال له المأمون: يا أبا الحسن بلغني أن قوما يغلون فيكم ويتجاوزون فيكم الحد فقال الرضا عليه السلام: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه عن جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام، قال قال رسول الله (ص): لا ترفعوني فوق حقى فإن الله تبارك تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا، قال الله تبارك وتعالى: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيامركم بالكفر بعد إذ انتم مسلمون) (1) قال علي عليه السلام: يهلك في اثنان ولا ذنب لي محب مفرط ومبغض مفرط وأنا ابرء إلى الله تبارك وتعالى ممن يغلو فينا ويرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى بن مريم عليه السلام من النصارى قال الله تعالى: (وإذ قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد) (2) وقال عز وجل: (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون) (3) وقال عز وجل: (ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام) (4) ومعناه إنهما كانا يتغوطان فمن ادعى للانبياء ربوبية وادعى للائمة ربوبية أو نبوة أو لغير الائمة إمامة فنحن منه براء في الدنيا والاخرة فقال المأمون: يا أبا فما تقول في


(1) سورة آل عمران: الاية 79 – 80. (2) سورة المائدة: الاية 116 – 117. (3) سورة النساء: الاية 172. (4) سورة المائدة الاية 75.

[ 218 ]

الرجعة فقال الرضا عليه السلام: إنها لحق قد كانت في الامم السالفة ونطق به القرآن وقد قال رسول الله (ص) يكون في هذه الامة كل ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة (1) قال عليه السلام: إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم عليه السلام فصلى خلفه وقال عليه السلام: إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء قيل: يا رسول الله ثم يكون ماذا؟ قال ثم يرجع الحق إلى أهله فقال المأمون يا أبا الحسن فما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقال الرضا عليه السلام: من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم مكذب بالجنة والنار قال المأمون: ما تقول في المسوخ؟ قال الرضا عليه السلام: اولئك قوم غضب الله عليهم فمسخهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتناسلوا فما يوجد في الدنيا من القردة والخنازير وغير ذلك مما وقع عليهم أسم المسوخية فهو مثل ما لا يحل أكلها والانتفاع بها قال المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن فو الله ما يوجد العلم الصحيح إلا عند أهل البيت وإليك انتهت علوم آبائك فجزاك الله عن الاسلام وأهله خيرا قال الحسن بن جهم: فلما قام الرضا عليه السلام تبعته فانصرف إلى منزله فدخلت عليه وقلت له: يا بن رسول الله الحمد لله الذي وهب من جميل رأي أمير المؤمنين عليه السلام ما حمله ما أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك فقال عليه السلام يا بن الجهم لا يغرنك ما الفيته عليه من إكرامي والاستماع مني فانه سيقتلني بالسم وهو ظالم إلى أن أعرف ذلك بعهد معهود إلي من آبائي عن رسول الله (ص) فاكتم هذا ما دمت حيا قال الحسن بن الجهم: فما حدثت أحدا بهذا الحديث إلى مضى عليه السلام بطوس مقتولا بالسم ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها قبر هارون الرشيد إلى جانبه. 2 – حدثنا محمد بن موسى المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد الصيرفي قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: من قال بالتناسخ فهو كافر ثم قال عليه السلام لعن الله الغلاة إلا كانوا يهودا إلا كانوا مجوسا إلا كانوا نصارى إلا


(1) القذة بالضم: ريش السهم.

[ 219 ]

كانوا قدرية إلا كانوا مرجئة إلا كانوا حرورية ثم قال عليه السلام: لا تقاعدوهم ولا تصادقوهم وابرؤوا منهم برئ الله منهم. 3 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (ره) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ياسر الخادم قال: قلت للرضا عليه السلام ما تقول في التفويض؟ فقال: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه (ص) أمر دينه فقال: (ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا) (1) فاما الخلق والرزق فلا، ثم قال عليه السلام: إن الله عز وجل يقول: (الله خالق كل شئ) (2) وهو يقول: (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم قل هل من شركائكم يفعل من ذلكم من شئ سبحانه وتعالى عما يشركون) (3). 4 – حدثنا محمد بن علي بن بشار (ره) قال: حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد بن الحسن القزويني قال: حدثنا العباس بن محمد بن قاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر عليه السلام قال: حدثنا الحسن بن سهل القمي عن محمد بن خالد عن أبي هاشم الجعفري قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الغلاة والمفوضة فقال: الغلاة كفار والمفوضة مشركون من جالسهم أو خالطهم أو آكلهم أو شاربهم أو واصلهم أو زوجهم أو تزوج منهم أو آمنهم أو ائتمنهم على امانة أو صدق حديثهم أو أعانهم بشطر كلمة خرج من ولاية الله عز وجل وولاية رسول الله (ص) وولايتنا أهل البيت. 5 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي قال: حدثني أبي عن أحمد بن علي الانصاري عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام يا بن رسول الله إن في سواد الكوفة قوما يزعمون أن النبي (ص) لم يقع عليه السهو في صلاته، فقال: كذبوا لعنهم الله أن الذي لا يسهو هو الله الذي لا إله إلا هو قال: قلت يا بن رسول الله وفيهم قوما يزعمون أن الحسين بن


(1) سورة الحشر: الاية 7. (2) سورة الرعد: الاية 16. (3) سورة الروم: الاية 40.

[ 220 ]

علي عليه السلام لم يقتل وأنه القي شبهه على حنظلة بن أسعد الشامي وأنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم عليه السلام ويحتجون بهذه الاية (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) (1) فقال: كذبوا عليهم غضب الله ولعنته وكفروا بتكذيبهم لنبي الله (ص) في اخباره بأن الحسين بن علي عليه السلام سيقتل والله لقد قتل الحسين عليه السلام وقتل من كان خيرا من الحسين أمير المؤمنين والحسن بن علي عليهم السلام وما منا إلا مقتول وإني والله لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني اعرف ذلك بعهد معهود إلي من رسول الله (ص) أخبره به جبرئيل عن رب العالمين عز وجل وأما قول الله عز وجل: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) فانه يقول: لن يجعل الله لكافر على مؤمن حجة ولقد أخبر الله عز وجل عن كفار قتلوا النبيين بغير الحق ومع قتلهم إياهم أن يجعل لهم على إنبيائه عليهم السلام سبيلا من طريق الحجة وقد أخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب إبطال الغلو والتفويض


(1) سورة النساء: الاية 141.

[ 221 ]

47 – باب (دلالات الرضا عليه السلام) 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عمير بن يزيد قال: كنت عند أبي الحسن الرضا عليه السلام فذكر محمد بن جعفر بن محمد عليهما السلام فقال أني جعلت علي نفسي أن لا يظلني وإياه سقف بيت، فقلت في نفسي: هذا يأمرنا بالبر والصلة ويقول: هذا لعمه فنظر إلي فقال: هذا من البر والصلة إنه متى يأتيني ويدخل علي فيقول في يصدقه الناس، وإذا لم يدخل علي ولم أدخل عليه لم يقبل قوله إذا قال. دلالة أخرى 2 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد قال: إن محمد بن عبد الله الطاهري كتب إلى الرضا عليه السلام يشكو عمه بعمل السلطان والتلبس به وأمر وصيته في يديه، فكتب عليه السلام: أما الوصية فقد كفيت أمرها فاغتم الرجل وظن إنها تؤخذ منه فمات بعد ذلك بعشرين يوما. دلالة أخرى 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا محمد بن الحسن بن علان


[ 222 ]

عن محمد بن عبد الله القمي قال: كنت عند الرضا عليه السلام وبي عطش شديد فكرهت أن استسقي فدعا بماء وذاقه وناولني فقال: يا محمد اشرب فانه بارد فشربت. دلالة أخرى 4 – حدثنا محمد بن موسى المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الاشعري عن عمران بن موسى عن أبي الحسن داود بن محمد النهدي عن علي بن جعفر عن أبي الحسن الطيب قال: سمعته يقول: لما توفى أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام دخل أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام لسوق، فاشترى كلبا وكبشا وديكا فلما كتب صاحب الخبر إلى هارون بذلك قال: قد أمنا جانبه وكتب الزبيري أن علي بن موسى الرضا عليه السلام قد فتح بابه ودعا إلى نفسه فقال هارون: واعجبا من هذا! يكتب إن علي بن موسى عليه السلام قد اشترى كلبا وكبشا وديكا ويكتب فيه بما يكتب دلالة أخرى 5 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا يعقوب بن يزيد قال: حدثنا محمد بن حسان وأبو محمد النيلي عن الحسين بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن علي بن شاهويه بن عبد الله عن أبي الحسن الصائغ عن عمه قال: خرجت مع الرضا عليه السلام إلى خراسان اؤامره في قتل رجاء بن أبي الضحاك الذي حمله إلى خراسان فنهاني عن ذلك وقال: أتريد أن تقتل نفسا مؤمنة بنفس كافرة؟ قال: فلما صار إلى الاهواز قال لاهل الاهواز إطلبوا لي قصب سكر فقال بعض أهل الاهواز ممن لا يعقل اعرابي (1) لا يعلم أن القصب لا يوجد في الصيف فقالوا: يا سيدنا إن القصب لا يوجد في هذا الوقت إنما يكون في الشتاء فقال: بلى اطلبوه فإنكم ستجدونه فقال إسحاق بن إبراهيم: والله ما طلب سيدي إلا موجودا


(1) الاعرابي: الجاهل من العرب.

[ 223 ]

فارسلوا إلى جميع النواحي فجاء اكرة (1) إسحاق فقالوا: عندنا شئ ادخرناه للبذرة نزرعه فكانت هذه إحدى براهينه فلما صار إلى قرية سمعته يقول في سجوده: لك الحمد أن اطعتك ولا حجة لي إن عصيتك ولا صنع لي ولا لغيري في احسانك ولا عذر لي إن اسأت ما اصابني من حسنة فمنك يا كريم إغفر لمن في مشارق ومغاربها من المؤمنين والمؤمنات قال: فصلينا خلفه أشهرا فما زاد في الفرائض على الحمد وإنا انزلناه في الاولى وعلى الحمد وقل هو الله أحد في الثانيه. دلالة أخرى 6 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن محمد بن حسان الرازي عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن بن هارون الحارثي عن محمد بن داود قال: كنت أنا وأخي عند الرضا عليه السلام فأتاه من اخبره إنه قد ربط ذقن محمد بن جعفر فمضى أبو الحسن عليه السلام ومضينا معه وإذا لحياه قد ربطا وإذا إسحاق بن جعفر وولده وجماعة آل أبي طالب يبكون فجلس أبو الحسن عليه السلام عند رأسه ونظر في وجهه فتبسم فنقم من كان في المجلس عليه فقال بعضهم: إنما تبسم شامتا بعمه قال: وخرج ليصلي في المسجد فقلنا له: جعلت فداك قد سمعنا فيك من هؤلاء ما نكره حين تبسمت، فقال أبو الحسن عليه السلام: إنما تعجبت من بكاء إسحاق وهو يموت والله قبله ويبكيه محمد قال: فبرأ ومات إسحاق *. دلالة أخرى 7 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن الحسن بن علي الحذاء قال حدثني يحيى بن محمد بن جعفر قال: مرض أبي مرضا شديدا فأتاه أبو الحسن الرضا عليه السلام يعوده وعمي إسحاق جالس يبكي قد جزع عليه جزعا شديدا قال يحيى: فالتفت


(1) الاكرة: الزارعين والحراث.

[ 224 ]

إلي أبو الحسن عليه السلام فقال مما يبكي عمك؟ قلت: يخاف عليه ما ترى! قال: فالتفت إلي أبو الحسن عليه السلام قال: لا تغتمن فإن إسحاق سيموت قبله، قال يحيى: فبرأ أبي محمد ومات إسحاق قال: مصنف هذا الكتاب (ره): علم الرضا عليه السلام ذلك بما كان عنده من كتاب علم المنايا وفيه مبلغ إعمار بيته متوارثا عن رسول الله (ص) ومن ذلك قال أمير المؤمنين عليه السلام: أوتيت علم المنايا والبلايا والانساب وفصل الخطاب. دلالة أخرى 8 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أبي الخطاب، قال: حدثني إسحاق بن موسى قال: لما خرج عمي محمد بن جعفر بمكة ودعا إلى نفسه ودعى بأمير المؤمنين وبويع له بالخلافة ودخل عليه الرضا عليه السلام وأنا معه فقال له: يا عم لا تكذب أباك ولا أخاك فإن هذا أمر لا يتم ثم خرج وخرجت معه إلى المدينة فلم يلبث إلا قليلا حتى أتى الجلودي فلقيه فهزمه ثم استأمن إليه فلبس السواد وصعد المنبر فخلع نفسه وقال: إن هذا الامر للمأمون وليس لي فيه حق ثم أخرج إلى خراسان فمات بجرجان. دلالة أخرى 9 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال: حدثني أبي وسعد بن عبد الله جميعا عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن عبد الصمد بن عبيد الله عن محمد بن الاثرم وكان على شرطة محمد بن سليمان العلوي بالمدينة أيام أبي السرايا قال: اجتمع عليه أهل بيته وغيرهم من قريش فبايعوه وقالوا له: لو بعثت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام كان معنا وكان أمرنا واحدا فقال محمد بن سليمان: إذهب إليه فاقرأه السلام وقل له: إن أهل بيتك اجتمعوا واحبوا أن تكون معهم فإن


[ 225 ]

رأيت أن تأتينا فافعل قال: فأتيته وهو بالحمراء (1) فأديت ما أرسلني به إليه فقال اقرأه منى السلام وقل له: إذا مضى عشرون يوما اتيتك قال: فجئته فابلغته ما أرسلني به فمكثنا أياما فلما كان يوم ثمانية عشر جاءنا ورقاء قائد الجلودي فقاتلنا وهزمنا وخرجت هاربا نحو الصورين (2) فإذا هاتف يهتف بي: يا اثرم فالتفت إليه، فإذا أبو الحسن عليه السلام وهو يقول: مضت العشرون أم لا؟ وهو محمد بن سليمان بن داود بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. دلالة أخرى 10 – حدثنا محمد بن أحمد بن ادريس قال: حدثني أبي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن معمر بن خلاد قال: قال لي الريان بن الصلت بمرو وقد كان الفضل بن سهل بعثه إلى بعض كور (3) خراسان فقال لي: احب أن تستأذن لي على أبي الحسن عليه السلام فاسلم عليه واحب أن يكسوني من ثيابه واحب أن يهب لي من الدراهم التي ضربت باسمه فدخلت على الرضا عليه السلام فقال لي مبتديا: إن الريان بن الصلت يريد الدخول علينا والكسوة من ثيابنا والعطية من دراهمنا فاذنت له فدخل فسلم فأعطاه ثوبين وثلاثين درهما من الدارهم المضروبة باسمه. دلالة أخرى. 11 – حدثنا أبو القسم علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي رحمه الله قال: حدثني أبي وعلي بن محمد بن ماجيلويه جميعا عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن الحسين بن موسى بن جعفر بن محمد العلوي قال: كنا حول أبي الحسن الرضا عليه السلام ونحن شبان من بني هاشم إذ مر علينا جعفر بن عمر العلوي وهو رث (4) الهيئة فنظر بعضنا إلى


(1) حمراء الاسد: موضع على ثمانية أميال من المدينة قاله الفيروز آبادي. (2) الصوران: موضع بقرب المدينة. (3) الكور: جمع كورة: البلد. (4) رث الثوب: بلى. الرث: البالي وضعفاء الناس.

[ 226 ]

بعض وضحكنا من هيئة جعفر بن عمر فقال الرضا عليه السلام: لترونه عن قريب كثير المال كثير التبع فما مضى إلا شهر أو نحوه حتى ولي المدينة وحسنت حاله فكان يمر بنا ومعه الخصيان والحشم وجعفر هذا هو جعفر بن عمر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. دلالة أخرى 12 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسين بن بشار قال: قال الرضا عليه السلام: إن عبد الله يقتل محمدا فقلت له: عبد الله بن هارون يقتل محمد بن هارون؟ فقال لي: نعم عبد الله الذي بخراسان يقتل محمد بن زبيدة الذي هو ببغداد فقتله. دلالة أخرى 13 – حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام بقم في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمأة قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم فيما كتب إلي سنة سبع وثلاثمأة قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد عن عبد الرحمن بن أبي نجران وصفوان بن يحيى قالا: حدثنا الحسين بن قياما (1) وكان من رؤساء الواقفة فسألنا أن نستأذن له على الرضا عليه السلام ففعلنا فلما صار بين يديه قال له: أنت إمام؟ قال: نعم قال: إني أشهد الله إنك لست بامام قال: فنكت عليه السلام في الأرض طويلا منكس الرأس ثم رفع رأسه إليه فقال له: ما علمك إني لست بامام؟ قال له: إنا قد روينا عن أبي عبد الله عليه السلام إن الامام لا يكون عقيما وأنت قد بلغت السن وليس لك ولد قال فنكس رأسه أطول من المرة الاولى ثم رفع رأسه فقال: إني أشهد الله أنه لا تمضي الايام والليالي حتى يرزقني الله ولدا مني قال عبد الرحمن بن أبي نجران: فعددنا الشهور من الوقت الذي قال فوهب له أبا جعفر عليه السلام في


(1) قياما: من أصحاب الكاظم عليه السلام واقفي كما في بعض كتب الرجال.

[ 227 ]

أقل من سنة قال: وكان الحسين بن قياما هذا واقفا في الطواف فنظر إليه أبو الحسن الاول عليه السلام فقال ما لك حيرك الله تعالى؟! فوقف عليه بعد الدعوة. دلالة أخرى 14 – حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن محمد بن أبي يعقوب عن موسى بن هارون قال: رأيت الرضا عليه السلام وقد نظر إلى هرثمة بالمدينة فقال: كأني به وقد حمل إلى مرو فضربت عنقه فكان كما قال. دلالة أخرى 15 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى عن أبي حبيب البناجي (1) أنه قال رأيت رسول الله (ص) في المنام وقد وافى البناج ونزل بها في المسجد الذي ينزله الحاج كل سنة وكأني مضيت إليه وسلمت عليه ووقفت بين يديه ووجدت عنده طبقا من خوص (2) نخل المدينة فيه تمر صيحاني فكأنه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني منه فعددته فكان ثمانية عشرة تمرة فتأولت أني أعيش بعدد كل تمرة سنة فلما كان بعد عشرين يوما كنت في ارض تعمر بين يدي للزراعة حتى جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة ونزوله ذلك المسجد ورأيت الناس يسعون إليه فمضيت نحوه فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي (ص) وتحته حصير مثل ما كان تحته وبين يديه طبق خوص فيه تمر صيحاني فسلمت عليه فرد السلام علي واستدناني فناولني قبضة من ذلك التمر فعددته فإذا عدده مثل ذلك التمر الذي ناولني رسول الله (ص) فقلت له: زدني منه يا بن رسول الله (ص) فقال عليه السلام: لو زادك رسول الله (ص) لزدناك.


(1) البناج ككتاب: قرية في البادية قاله الفيروز آبادي. (2) الخوص: ورق النخل.

[ 228 ]

قال: مصنف هذا الكتاب رحمه الله: للصادق عليه السلام دلالة مثل هذه الدلالة وقد ذكرتها في الدلائل. دلالة أخرى 16 – حدثنا أبو حامد أحمد بن علي بن الحسين الثعالبي قال: حدثنا أبو أحمد عبد الله بن عبد الرحمن المعروف بالصفواني قال: قد خرجت قافلة من خراسان إلى كرمان فقطع اللصوص عليهم الطريق واخذوا منهم رجلا اتهموه بكثرة المال، فبقي في أيديهم مدة يعذبونه ليفتدي منهم نفسه واقاموه في الثلج وملؤوا فاه من ذلك الثلج فشدوه فرحمته امرأة من نسائهم فأطلقته وهرب فانفسد فمه ولسانه حتى لم يقدر على الكلام ثم انصرف إلى خراسان وسمع بخبر علي بن موسى الرضا عليه السلام وأنه بنيسابور فرأى فيما يرى النائم كان قائلا يقول له إن ابن رسول (ص) قد ورد خراسان فسله عن علتك فربما يعلمك دواء تنتفع به قال فرأيت كأني قد قصدته عليه السلام وشكوت إليه ما كنت دفعت إليه وأخبرته بعلتي فقال لي: خذ من الكمون والسعتر (1) والملح ودقه وخذ منه في فمك مرتين أو ثلاثا فأنك تعافى فانتبه الرجل من منامه ولم يفكر فيما كان رأى في منامه ولا أعتد به حتى ورد باب نيسابور فقيل له: إن علي بن موسى الرضا عليه السلام قد ارتحل من نيسابور وهو برباط سعد فوقع في نفس الرجل أن يقصده ويصف له أمره ليصف له ما ينتفع به من الدواء فقصده إلى رباط سعد فدخل إليه فقال له: يا بن رسول الله كان من أمري كيت وكيت وانفسد علي فمي ولساني حتى لا أقدر على الكلام إلا بجهد فعلمني دواء انتفع به فقال الرضا عليه السلام ألم أعلمك اذهب فاستعمل ما وصفته لك في منامك له الرجل: يا بن رسول الله إن رأيت أن تعيده علي فقال عليه السلام لي: خذ من الكمون والسعتر والملح فدقه وخذ منه في فمك مرتين أو ثلاثا فانك ستعافى قال الرجل: فاستعملت ما وصف لي فعوفيت. قال أبو حامد بن علي بن الحسين الثعالبي: سمعت أبا أحمد عبد الله بن عبد الرحمن المعروف بالصفواني يقول:


(1) السعتر: نبات طيب الرائحة يخلف بزرا دون بزر الريحان زهره أبيض إلى الغبرة.

[ 229 ]

رأيت هذا الرجل وسمعت منه هذه الحكاية. 17 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني الريان بن الصلت قال: لما أردت الخروج إلى العراق وعزمت على توديع الرضا عليه السلام فقلت في نفسي: إذا ودعته سألته قميصا من ثياب جسده لاكفن به، ودراهم من ماله أصوغ بها لبناتي خواتيم فلما ودعته شغلني البكاء والاسف على فراقه عن مسألة ذلك فلما خرجت من بين يديه صاح بي يا ريان إرجع فرجعت فقال لي: أما تحب أن أدفع إليك قميصا من ثياب جسدي تكفن فيه إذا فنى أجلك؟ أوما تحب أن أدفع إليك دراهم تصوغ بها لبناتك خواتيم؟ فقلت: يا سيدي قد كان في نفسي أن اسألك ذلك فمنعني الغم بفراقك فرفع عليه السلام الوسادة وأخرج قميصا فدفعه إلي ورفع جانب المصلى فاخرج دراهم فدفعها إلي وعددتها فكانت ثلاثين درهما. دلالة أخرى 18 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال كنت شاكا في أبي الحسن الرضا عليه السلام فكتبت إليه كتابا اسأله فيه الاذن عليه وقد أضمرت في نفسي أن اسأله إذا دخلت عليه عن ثلاث آيات قد عقدت قلبي عليها قال: فأتاني جواب ما كتبت به إليه عافانا الله وإياك أما ما طلبت من الاذن علي فإن الدخول إلي صعب وهؤلاء قد ضيقوا علي في ذلك فلست تقدر عليه الان وسيكون أن شاء الله وكتب عليه السلام بجواب ما أردت أن اسأله عنه عن الايات الثلاث في الكتاب ولا والله ما ذكرت له منهن شيئا ولقد بقيت متعجبا لما ذكرها في الكتاب ولم أدر أنه جوابي إلا بعد ذلك فوقفت على معنى ما كتب به عليه السلام. دلالة أخرى 19 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رض) قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن


[ 230 ]

يحيى بن أبي نصر البزنطي قال: بعث الرضا عليه السلام إلي بحمار فركبته واتيته فاقمت عنده بالليل إلى أن مضى منه ما شاء الله فلما أراد أن ينهض قال لي: لا أراك تقدر على الرجوع إلى المدينة قلت: أجل جعلت فداك قال: فبت عندنا الليلة واغد على بركة الله عز وجل قلت: أفعل جعلت فداك قال: يا جاريد إفرشي له فراشي واطرحي عليه ملحفتي التي أنام فيها وضعي تحت رأسه مخدتي (1) قال: فقلت في نفسي من أصاب ما اصبت في ليلتي هذه لقد جعل الله لي من المنزلة عنده واعطاني من الفخر ما لم يعطه أحدا من أصحابنا بعث إلي بحماره فركبته وفرش لي فراشه وبت في ملحفته ووضعت لي مخدته ما أصاب مثل هذا أحد من اصحابنا قال وهو قاعد معي وأنا أحدث نفسي فقال عليه السلام لي: يا أحمد أن أمير المؤمنين عليه السلام أتى زيد بن صوحان في مرضه يعود فافتخر على الناس بذلك فلا تذهبن نفسك إلى الفخر وتذلل لله عز وجل واعتمد على يده فقام عليه السلام. دلالة أخرى 20 – حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال حدثني جرير بن حازم عن أبي مسروق قال: دخل على الرضا جماعة من الواقفة فيهم علي بن أبي حمزة البطائني ومحمد بن إسحاق بن عمار والحسين بن مهران والحسن أبي سعيد المكاري فقال له علي بن أبي حمزة: جعلت فداك أخبرنا عن أبيك عليه السلام ما حاله؟ فقال له إنه قد مضى فقال له فإلى من عهد؟ فقال: إلي فقال له: إنك لتقول قولا ما قاله أحد من آبائك علي بن أبي طالب عليه السلام فمن دونه قال لكن قد قاله خير آبائي وافضلهم رسول الله (ص) فقال له: فقال له: أما تخاف هؤلاء على نفسك؟ فقال لو خفت عليها كنت عليها معينا أن رسول الله (ص) أتاه أبو لهب فتهدده فقال له رسول الله (ص) إن خدشت من قبلك خدشة فانا كذاب فكانت أول آية نزع بها رسول الله (ص) وهي أول آية انزع لكم أن خدشت خدشة قبل هارون فانا كذاب فقال له الحسن بن مهران: قد أتانا ما


(1) المخدة: ما تجعل عليه الخد عند النوم.

[ 231 ]

نطلب إن أظهرت هذا القول قال فتريدها ذا أتريد أن أذهب إلى هارون فأقول له: أني إمام وأنت لست في شئ ليس هكذا صنع رسول الله (ص) في أول أمره إنما قال ذلك لاهله ومواليه ومن يثق به فقد خصهم به دون الناس وإنتم تعتقدون الامامة لمن كان قبلي من آبائي ولا تقولون إنه إنما يمنع علي بن موسى أن يخبر أباه حي تقية فإني لا اتقيكم في أن أقول: إني إمام فكيف اتقيكم في أن أدعي أنه حي لو كان حيا؟! قال مصنف هذا الكتاب (ره) إنما لم يخش الرشيد لانه قد كان عهد إليه إن صاحبه المأمون دونه. دلالة أخرى 21 – حدثنا الحسين بن أحمد بن إبراهيم بن هشام المكتب رضي الله عنه قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن يحيى بن بشار قال دخلت على الرضا عليه السلام بعد مضي أبيه عليه السلام فجعلت استفهمه بعض ما كلمني به فقال لي: نعم يا سماع فقلت جعلت فداك كنت والله ألقب بهذا في صباي وأنا في الكتاب قال: فتبسم في وجهي. دلالة أخرى 22 – حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا محمد بن خلف قال حدثني هرثمة بن أعين قال: دخلت على سيدي ومولاي يعني الرضا عليه السلام في دار المأمون وكان قد ظهر في دار المأمون أن الرضا عليه السلام قد توفى ولم يصح هذا القول فدخلت أريد الاذن عليه قال: وكان في بعض ثقات خدم المأمون غلام يقال له صبيح الديلمي وكان يتوالى سيدي حق ولايته وإذا صبيح قد خرج فلما رآني قال لي: يا هرثمة ألست تعلم إني ثقة المأمون على سره وعلانيته؟ قلت: بلى قال: إعلم يا هرثمة أن المأمون دعاني وثلاثين غلاما من ثقاته على سره وعلانيته في الثلث الاول من الليل، فدخلت عليه وقد صار ليله


[ 232 ]

نهارا من كثرة الشموع وبين يديه سيوف مسلولة مشحوذة (1) مسمومة فدعا بنا غلاما غلاما وأخذ علينا العهد والميثاق بلسانه وليس بحضرتنا أحد من خلق الله غيرنا فقال لنا: هذا العهد لازم لكم إنكم تفعلون ما آمركم به ولا تخالفوا فيه شيئا قال: فحلفنا له فقال يأخذ كل واحد منكم سيفا بيده وامضوا حتى تدخلوا على علي بن موسى الرضا عليه السلام في حجرته فإن وجدتموه قائما أو قاعدا أو نائما فلا تكلموه وضعوا أسيافكم عليه واخلطوا لحمه ودمه وشعره وعظمه ومخه ثم أقلبوا عليه بساطه وامسحوا أسيافكم به وصيروا إلي وقد جعلت لكل واحد منكم على هذا الفعل وكتمانه عشر بدر دراهم وعشر ضياع منتخبة والحظوظ عندي ما حييت وبقيت قال: فاخذنا الاسياف بأيدينا ودخلنا عليه في حجرته فوجدناه مضطجعا يقلب طرف يديه ويكلم بكلام لا نعرفه قال: فبادر الغلمان إليه بالسيوف ووضعت سيفي وأنا قائم أنظر إليه وكأنه قد كان علم مصيرنا إليه فلبس على بدنه ما لا تعمل فيه السيوف فطووا على بساطه وخرجوا حتى دخلوا على المأمون فقال ما صنعتم؟ قالوا فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين قال لا تعيدوا شيئا مما كان فلما كان عند تبلج الفجر خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلل الازرار واظهر وفاته وقعد للتعزية ثم قام حافيا حاسرا فمشى لينظر إليه وأنا بين يديه فلما دخل عليه حجرته سمع همهمته فارعد ثم قال من عنده؟ قلت لا علم لنا يا أمير المؤمنين فقال اسرعوا وانظروا قال صبيح فاسرعنا إلى البيت فإذا سيدي عليه السلام جالس في محرابه يصلي ويسبح فقلت يا أمير المؤمنين هو ذا نرى شحصا في محرابه يصلي ويسبح فانتفض (2) المأمون وارتعد ثم قال غدرتموني لعنكم الله ثم التفت إلي من بين الجماعة فقال لي: يا صبيح أنت تعرفه فانظر من المصلي عنده؟ قال صبيح فدخلت وتولى المأمون راجعا ثم صرت إليه عند عتبة الباب قال عليه السلام لي: يا صبيح قلت لبيك يا مولاي وقد سقطت لوجهي فقال قم يرحمك الله يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره


(1) شحذ السكين كمنع: أحدها. (2) نفضت الثوب والشجر: حركته. نفضته الحمى: أخذته. أرعدته.

[ 233 ]

الكافرون قال: فرجعت إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع (1) الليل المظلم فقال لي: يا صبيح ما وراءك فقلت له: يا أمير المؤمنين هو والله جالس في حجرته وقد ناداني وقال كيت وكيت قال فشد أزراره وأمر برد اثوابه وقال: قولوا إنه كان غشي عليه وإنه قد افاق قال هرثمة فأكثرت لله عز وجل شكرا وحمدا ثم دخلت على سيدي الرضا عليه السلام فلما رأني قال: يا هرثمة لا تحدث أحدا بما حدثك صبيح إلا من امتحن الله قلبه للايمان بمحبتنا وولايتنا فقلت نعم يا سيدي ثم قال عليه السلام: يا هرثمة والله لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله. دلالة أخرى 23 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن حعفر الكوفي الاسدي قال: حدثنا الحسن بن عيسى الخراط قال: حدثنا جعفر بن محمد النوفلي قال أتيت الرضا وهو بقنطرة اربق (2) فسلمت عليه ثم جلست وقلت: جعلت فداك إن إناسا يزعمون أن أباك حي فقال كذبوا لعنهم الله ولو كان حيا ما قسم ميراثه ولا نكح نساؤه ولكنه والله ذاق الموت كما ذاقه علي بن أبي طالب عليه السلام قال: فقلت له ما تأمرني؟ قال: عليك بابني محمد من بعدي وأما أنا فإني ذاهب في وجه الأرض لا أرجع منه بورك قبر بطوس وقبران ببغداد قال: قلت جعلت فداك قد عرفنا واحدا فما الثاني؟ قال ستعرفونه ثم قال عليه السلام قبري وقبر هارون الرشيد هكذا وضم بأصبعيه. دلالة أخرى 24 – حدثنا الحسن بن أحمد بن إدريس عن أبيه عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن حفص عن حمزة بن جعفر الارجاني قال: خرج هارون من المسجد الحرام من باب وخرج الرضا عليه السلام من باب فقال


(1) القطع بالكسر: ظلمة آخر الليل. (2) اربق بضم الباء: قرية برامهرمز قاله الفيروز آبادي في القاموس.

[ 234 ]

الرضا عليه السلام وهو يعتبر لهارون ما أبعد الدار وأقرب اللقا بطوس؟ يا طوس يا طوس ستجمعني وإياه. دلالة أخرى 25 – حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم بن شاذان رضي الله عنه قال أخبرنا أحمد بن ادريس عن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن حفص قال: حدثني مولى العبد الصالح أبي الحسن موسى بن جعفر عليهم السلام قال: كنت وجماعة مع الرضا عليه السلام في مفازة (1) فأصابنا عطش شديد ودوابنا حتى خفنا على أنفسنا فقال لنا الرضا عليه السلام: إئتوا موضعا وصفه لنا فانكم تصيبون الماء فيه قال: فأتينا الموضع فأصبنا الماء وسقينا دوابنا حتى رويت وروينا ومن معنا من القافلة، ثم رحلنا فأمرنا عليه السلام بطلب العين فطلبناها فما أصبنا إلا بقرة الابل ولم نجد للعين أثرا فذكر ذلك لرجل من ولد قنبر كان يزعم أنه له مأة وعشرون سنة، فأخبرني القنبر بمثل هذا الحديث سواء قال: كنت أنا أيضا معه في خدمته وأخبرني القنبري أنه كان في ذلك مصعدا إلى خراسان. دلالة أخرى 26 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال: حدثني محول السجستاني قال: لما ورد البريد باشخاص الرضا عليه السلام إلى خراسان كنت أنا بالمدينة فدخل المسجد ليودع رسول الله (ص) فودعه مرارا كل ذلك يرجع إلى القبر ويعلو صوته بالبكاء والنحيب فتقدمت إليه وسلمت عليه فرد السلام وهنأته فقال: ذرني فاني أخرج من جوار جدي (ص) وأموت في غربة وأدفن في جنب هارون قال: فخرجت متبعا لطريقه حتى مات بطوس ودفن إلى جنب هارون.


(1) المفازة: الفلاة لا ماء فيها.

[ 235 ]

دلالة أخرى 27 – حدثنا محمد بن أحمد السناني رحمه الله قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثني سعد بن مالك عن أبي حمزة عن ابن أبي كثير قال: لما توفي موسى عليه السلام وقف الناس في أمره فحججت تلك السنة فإذا أنا بالرضا عليه السلام فأضمرت في قلبي أمرا فقلت: (أبشرا منا واحدا نتبعه) (1) الاية فمر علي عليه السلام كالبرق الخاطف فقال: أنا والله البشر الذي يجب عليك أن تتبعني فقلت: معذرة إلى الله تعالى وإليك فقال: مغفور لك وحدثني بهذا الحديث غير واحد من المشايخ عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي بهذا الاسناد دلالة أخرى 28 – حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم الحاكم الشاذاني رحمه الله قال: أخبرنا أحمد بن ادريس عن محمد بن عيسى بن عبيد عن الحسن بن علي الوشا قال: قال لي الرضا عليه السلام إني حيث أرادوا الخروج بي من المدينة جمعت عيالي فأمرتهم أن يبكوا علي حتى أسمع ثم فرقت فيهم اثنى عشر ألف دينار ثم قلت: أما إني لا أرجع إلى عيالي أبدا. دلالة أخرى 29 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال: حدثني محمد بن جعفر بن بطة، قال حدثني محمد بن الحسن الصفار عن محمد عبد الرحمن الهمداني قال: حدثني أبو محمد الغفاري قال: لزمني دين ثقيل فقلت: ما لقضاء ديني غير سيدي ومولاي أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام فلما أصبحت أتيت منزله فاستأذنت فأذن لي فلما دخلت قال لي ابتداءا يا أبا محمد قد عرفنا حاجتك وعلينا قضاء دينك فلما أمسينا أتي بطعام للافطار فأكلنا فقال: يا أبا محمد تبيت أو تنصرف؟ فقلت: يا سيدي إن قضيت


(1) سورة القمر: الاية 24.

[ 236 ]

حاجتي فالانصراف أحب إلي قال: فتناول عليه السلام من تحت البساط قبضة فدفعها إلي فخرجت ودنوت من السراج فإذا هي دنانير حمر وصفر فأول دينار وقع بيدي ورأيت نقشة كان عليه: يا أبا محمد الدنانير خمسون، ستة وعشرون منها لقضاء دينك وأربعة وعشرون لنفقة عيالك فلما أصبحت فتشت الدنانير فلم أجد ذلك الدينار وإذا هي لا تنقص شيئا. دلالة أخرى 30 – حدثنا أحمد بن الهارون الفامي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى بن عبيد عن موسى بن عمر بزيع قال: كان عندي جاريتان حاملتان فكتبت إلى الرضا عليه السلام أعلمه ذلك وأسأله أن يدعو الله تعالى أن يجعل ما في بطونهما ذكرين وأن يهب لي ذلك قال: فوقع عليه السلام إفعل إنشاء الله تعالى ثم ابتدأني عليه السلام بكتاب مفرد نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله وإياك بأحسن عافية في الدنيا والاخرة برحمته الامور بيد الله عز وجل يمضي فيها مقاديره على ما يحب يولد لك غلام وجارية إنشاء الله تعالى فسم الغلام محمدا والجارية فاطمة على بركة الله تعالى، قال فولد لي غلام وجارية على ما قاله عليه السلام. دلالة أخرى 31 – حدثنا علي بن الحسين بن شاذويه المؤدب (ره) قال حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال قال: قال لنا عبد الله بن المغيرة كنت واقفيا وحججت على ذلك، فلما صرت بمكة إختلج في صدري شئ فتعلقت بالملتزم ثم قلت: اللهم قد علمت طلبتي وارادتي فارشدني خير إلى الاديان فوقع في نفسي أن آتي الرضا عليه السلام فأتيت المدينة فوقفت ببابه فقلت للغلام قل لمولاك رجل من أهل العراق بالباب فسمعت نداءه عليه السلام وهو يقول إدخل يا عبد الله بن المغيرة فدخلت فلما نظر إلي قال قد أجاب الله دعوتك وهداك لدينه فقلت أشهد إنك حجة الله وأمين الله على خلقه.


[ 237 ]

دلالة أخرى 32 – حدثنا أبي رحمه الله قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن داود رزين قال: كان لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عندي مال فبعث فأخذ بعضه وترك عندي بعضه وقال: من جاءك بعدي يطلب ما بقي عندك فانه صاحبك فلما مضى عليه السلام أرسل إلي علي ابنه عليه السلام إبعث إلي بالذي هو عندك وهو كذا وكذا فبعثت إليه ما كان له عندي. دلالة أخرى 33 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء قال سألني العباس بن جعفر بن محمد بن الاشعث أن أسأل الرضا عليه السلام أن يحرق كتبه إذا قرأها مخافة أن تقع في يد غيره قال الوشاء: فابتدأني عليه السلام بكتاب قبل أن أسأله أن يحرق كتبه فيه: إعلم صاحبك إني قرأت كتبه إلي حرقتها. دلالة أخرى 34 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال تمنيت في نفسي إذا دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام أن اسأله كم أتي عليك من السن؟ فلما دخلت عليه وجلست بين يديه جعل ينظر ويتفرس في وجهي ثم قال كم أتى لك فقلت جعلت فداك كذا وكذا قال: فانا اكبر منك وقد أتى علي اثنان وأربعون سنة فقلت جعلت فداك قد والله أردت أن أسألك عن هذا؟ فقال قد اخبرتك. دلالة أخرى 35 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدثني


[ 238 ]

فيض بن مالك المدائني قال: دثني زروان المدائني بأنه دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام يريد أن يسأله عن عبد الله بن جعفر الصادق قال: فأخذ بيدي فوضعها على صدري قبل أن أذكر له شيئا مما أردت ثم قال لي: يا محمد بن آدم إن عبد الله لم يكن اماما فأخبرني بما أردت أن أسأله عنه قبل أن أسأله. دلالة أخرى. 36 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى اليقطيني قال: سمعت الهشام العباسي يقول: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام وأنا أريد أن أسأله أن يعوذني لصداع أصابني وأن يهب لي ثوبين من ثيابه احرم فيهما، فلما دخلت سألت عن مسائلي فأجابني ونسيت حوائجي فلما قمت لاخرج وأردت أن أودعه قال لي: اجلس فجلست بين يديه فوضع يده على رأسي وعوذني ثم دعا لي بثوبين من ثيابه فدفعهما إلي وقال لي: أحرم فيهما قال العباسي وطلبت بمكة ثوبين سعيديين (1) أحديهما لابني فلم أصب بمكة منهما شيئا على نحو ما أردت فمررت بالمدينة في منصرفي فدخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فلما ودعته واردت الخروج دعا بثوبين سعيديين على عمل الموشى الذي كنت طلبته فدفعهما إلي. دلالة أخرى 37 – حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس عن أبيه عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن موسى قال: خرجنا مع أبي الحسن الرضا عليه السلام إلى بعض أملاكه في يوم لا سحاب فيه فلما برزنا قال: حملتم معكم المماطر؟ قلنا لا وما حاجتنا إلى المماطر، وليس سحاب ولا نتخوف المطر فقال لكني حملته وستمطرون قال: فما مضينا إلا يسيرا حتى ارتفعت سحابة ومطرنا حتى اهمتنا أنفسنا فما بقي منا أحد إلا ابتل.


(1) السعيدية: قرية بمصر.

[ 239 ]

دلالة أخرى 38 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال: حدثني أبي عن محمد بن عيسى عن موسى بن مهران أنه كتب إلى الرضا عليه السلام يسأله أن يدعو الله لابن له فكتب عليه السلام إليه وهب الله لك ذكرا صالحا فمات ابنه ذلك وولد له ابن. دلالة أخرى 39 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن الهيثم بن أبي المسروق النهدي عن محمد بن الفضيل قال: نزلت ببطن مر (1) فأصابني العرق المديني في جنبي وفي رجلي فدخلت على الرضا عليه السلام بالمدينة فقال: ما لي أراك متوجعا فقلت إني لما أتيت بطن مر أصابني العرق المديني في جنبي وفي رجلي فأشار عليه السلام إلى الذي في جنبي تحت الابط وتكلم بكلام وتفل عليه ثم قال عليه السلام ليس بأس من هذا ونظر إلى الذي في رجلي فقال: قال أبو جعفر عليه السلام من بلي من شيعتنا ببلاء فصبر كتب الله عز وجل له مثل أجر ألف شهيد فقلت في نفسي لا ابرأ والله من رجلي أبدا قال الهيثم فما زال يعرج منها حتى مات دلالة أخرى 40 – حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن أبي علي الحسن بن راشد قال: قدمت أحمال وأتاني رسول الرضا عليه السلام قبل أن انظر في الكتب أو أوجه بها إليه فقال لي: يقول الرضا عليه السلام سرح إلي بدفتر ولم يكن لي في منزلي دفتر أصلا قال: فقلت فأطلب ما لا أعرف بالتصديق له فلم أجد شيئا ولم أقع على شئ فلما ولى الرسول قلت مكانك فحللت بعض الاحمال فتلقاني دفتر لم أكن علمت به إلا إني علمت أنه لم يطلب إلا الحق فوجهت به إليه


(1) بطن مر: موضع وهو من مكة على مرحلة.

[ 240 ]

دلالة أخرى 41 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي عن محمد بن الوليد بن يزيد الكرماني عن أبي محمد المصري قال: قدم أبو الحسن الرضا عليه السلام فكتبت إليه أسأله الاذن في الخروج إلى مصر أتجر إليها فكتب إلي أقم ما شاء الله قال فأقمت سنتين ثم قدم الثالثة فكتبت إليه استأذنه فكتب إلي أخرج مباركا لك صنع الله لك فإن الامر يتغير قال: فخرجت فأصبت بها خيرا ووقع الهرج ببغداد فسلمت من تلك الفتنة. دلالة أخرى 42 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال: حدثني أبي عن محمد بن إسحاق الكوفي عن عمه أحمد بن عبد الله بن حارثة الكرخي قال: كان لا يعيش لي ولد وتوفي لي بضعة عشر من الولد فحججت ودخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام فخرج إلي وهو متزر بازار مورد فسلمت عليه وقبلت يده وسألته عن مسائل ثم شكوت إليه بعد ذلك ما ألقى من قلة بقاء الولد فأطرق طويلا ودعا مليا ثم قال لي: إني لارجو أن تنصرف ولك حمل وأن يولد لك ولد بعد ولد وتمتع بهم أيام حياتك فإن الله تعالى إذا أراد أن يستجيب الدعاء فعل وهو على كل شئ قدير قال فانصرفت من الحج إلى منزلي فأصبت أهلي ابنة خالي حاملا فولدت لي غلاما سميته إبراهيم ثم حملت بعد ذلك فولدت لي غلاما سميته محمدا وكنيته بأبي الحسن فعاش إبراهيم نيفا وثلاثين سنة وعاش أبو الحسن أربع وعشرين سنة ثم إنهما إعتلا جميعا وخرجت حاجا وانصرفت وهما عليلان فمكثا بعد قدومي شهرين ثم توفي إبراهيم في أول الشهر وتوفي محمد في آخر الشهر ثم مات بعدهما بسنة ونصف ولم يكن يعيش له قبل ذلك ولد إلا أشهر. دلالة أخرى 43 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر


[ 241 ]

الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن سعيد بن سعد أبي الحسن الرضا عليه السلام إنه نظر إلى رجل فقال له: يا عبد الله أوص بما تريد واستعد لما لابد منه فكان كما قال، فمات بعد ذلك بثلاثة أيام. دلالة أخرى حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد الله بن محمد الهاشمي قال: دخلت على المأمون يوما فأجلسني وأخرج من كان عنده ثم دعا بالطعام فطعمنا ثم طيبنا ثم أمر بستارة فضربت ثم أقبل على بعض من كان في الستارة فقال بالله لما رثيت لنا من بطوس فأخذت يقول: سقيا بطوس ومن أضحى بها قطنا * من عترة المصطفى أبقا لنا حزنا قال ثم بكى وقال لي: يا عبد الله أيلومني أهل بيتي وأهل بيتك أن نصبت أبا الحسن الرضا عليه السلام علما فو الله لاحدثك بحديث تتعجب منه جئته يوما فقلت له: جعلت فداك أن آبائك موسى بن حعفر وجعفر بن محمد ومحمد بن علي وعلي بن الحسين عليهم السلام كان عندهم علم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة وأنت وصي القوم ووارثهم وعندك علمهم وقد بدت لي إليك حاجة قال: هاتها فقلت هذه الزاهرية خطتني (1) ولا اقدم عليها من جواري قد حملت غير مرة وأسقطت وهي الان حامل فدلني على ما نتعالج به فتسلم فقال لا تخف من اسقاطها فأنها تسلم وتلد غلاما أشبه الناس بأمه ويكون له خنصر زائدة في يده اليمنى ليست بالمدلاة وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة فقلت في نفسي أشهد أن (الله على كل شئ قدير) فولدت الزاهرية غلاما أشبه الناس بأمه في يده اليمنى خنصر زائدة ليست بالمدلاة وفي رجله اليسرى خنصر زائدة ليست بالمدلاة على ما كان وصفه لي الرضا عليه السلام فمن يلومني على نصبي إياه علما. والحديث فيه زياده حذفناها ولا حول وقوه إلا بالله العلي العظيم.


(1) خطيت المرأة عند زوجها: دنت من قبله.

[ 242 ]

قال مصنف هذا الكتاب: إنما علم الرضا عليه السلام ذلك مما وصل إليه عن آبائه عن رسول الله (ص) وذلك أن جبرئيل عليه السلام قد كان نزل عليه بأخبار الخلفاء وأولادهم من بني أمية وولد العباس وبالحوادث التي تكون في أيامهم وما يجري على أيديهم ولا قوة إلا بالله.


[ 243 ]

48 – باب دلالة الرضا عليه السلام في إجابة الله عز وجل دعائه على بكار بن عبد الله بن مصعب بن الزبير بن بكار لما ظلمه 1 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثني محمد بن يحيى الصولي قال حدثني أحمد بن محمد بن إسحاق الخراساني قال: سمعت علي بن محمد النوفلي يقول استحلف الزبير بن بكار رجل من الطالبيين على شئ بين القبر والمنبر فحلف فبرص فانا رأيته وبساقيه وقدميه برص كثير وكان أبوه بكار قد ظلم علي بن موسى الرضا عليه السلام في شئ فدعا عليه فسقط في وقت دعائه عليه حجر من قصر فاندقت عنقه وأما أبوه عبد الله بن مصعب فانه مزق عهد يحيى بن عبد الله بن الحسن وأهانه بين يدي الرشيد وقال أقتله يا أمير المؤمنين فأنه لا أمان له فقال يحيى للرشيد إنه خرج مع أخي بالامس وأنشد أشعارا له فانكرها فحلفه يحيى بالبراءة وتعجيل العقوبة فحم من وقته ومات بعد ثلاثة وأنخسف قبره مرات كثيره وذكر خبرا طويلا له اختصرت هذا منه.


[ 244 ]

49 – باب دلالته فيما أخبر به من أمره أنه لا يرى بغداد ولا تراه فكان كما قال عليه السلام 1 – حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي عباد قال: قال المأمون يوما للرضا عليه السلام: ندخل بغداد إنشاء الله تعالى فنفعل كذا وكذا فقال عليه السلام: له تدخل أنت بغداد يا أمير المؤمنين فلما خلوت به قلت له: إني سمعت شيئا غمني وذكرته له فقال يا حسين وما أنا وبغداد؟! لا أرى بغداد ولا تراني.


[ 245 ]

50 – باب دلالته عليه السلام في إجابة الله عز وجل دعائه في آل برمك واخباره بما يجرى عليهم وبأنه لا يصل إليه من الرشيد مكروه 1 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (ره) قالا: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدثنا علي بن الحكم عن محمد بن الفضيل قال: لما كان في السنة التي بطش هارون بآل برمك بدأ بجعفر بن يحيى وحبس يحيى بن خالد ونزل بالبرامكة ما نزل كان أبو الحسن عليه السلام واقفا بعرفة يدعو ثم طأطأ رأسه، فسأل عن ذلك فقال: إني كنت ادعو الله تعالى على البرامكة بما فعلوا بأبي عليه السلام فاستجاب الله لي اليوم فيهم فلما انصرف لم يلبث إلا يسيرا حتى بطش بجعفر ويحيى وتغيرت أحوالهم. 2 – حدثنا محمد بن موسى المتوكل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء عن مسافر قال: كنت مع أبي الحسن الرضا عليه السلام بمنى فمر يحيى بن خالد مع قوم من آل برمك فقال عليه السلام: مساكين هؤلاء لا يدرون ما يحل بهم في هذه السنة؟! ثم قال: هاه واعجب من هذا هارون وانا كهاتين وضم بأصبعيه قال مسافر: فو الله ما عرفت معنى حديثه حتى دفناه معه. 3 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور سنة اثنين وخمسين وثلاثمأة قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة عن


[ 246 ]

الفضل بن شاذان عن صفوان بن يحيى عن محمد بن يعفور البلخي عن موسى بن مهران قال: سمعت جعفر بن يحيى يقول: سمعت عيسى بن جعفر يقول لهارون حيث توجه من الرقة إلى مكة اذكر يمينك التي حلفت بها في آل أبي طالب فإنك حلفت أن ادعى أحد بعد موسى الامامة ضربت عنقه صبرا وهذا علي ابنه يدعي هذا الامر ويقال فيه ما يقال في أبيه فنظر إليه مغضبا فقال: وما ترى؟ تريد أن أقتلهم كلهم؟! قال موسى بن مهران: فلما سمعت ذلك صرت إليه: فأخبرته فقال عليه السلام: ما لي ولهم لا يقدرون إلي على شئ. 4 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن صفوان بن يحيى قال: لما مضى أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وتكلم الرضا عليه السلام خفنا عليه من ذلك فقلت له: إنك قد أظهرت أمرا عظيما وإنا نخاف من هذا الطاغي فقال ليجهد جهده فلا سبيل له علي، قال صفوان: فأخبرنا الثقة أن يحيى بن خالد قال للطاغي هذا علي ابنه قد قعد وادعى الامر لنفسه فقال: ما يكفينا ما صنعنا بأبيه؟! تريد أن نقتلهم جميعا ولقد كانت البرامكة مبغضين على بيت رسول الله (ص) مظهرين لهم العداوة.


[ 247 ]

51 – باب دلالته عليه السلام في اخباره بأنه يدفن مع هارون في بيت واحد 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن موسى بن مهران قال: رأيت علي بن موسى الرضا عليهما السلام في مسجد المدينة وهارون يخطب فقال: أترونني وإياه ندفن في بيت واحد؟. 2 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم قال: حدثني محمد بن علي القرشي عن محمد بن الفضيل قال: أخبرني من سمع الرضا عليه السلام وهو ينظر إلى هارون بمنى أو بعرفات فقال: أنا وهارون هكذا وضم بين اصبعيه فكنا لا ندري ما يعني بذلك؟ حتى كان من أمره بطوس ما كان، فأمر المأمون بدفن الرضا عليه السلام إلى جنب هارون.


[ 248 ]

52 – باب اخباره عليه السلام بأنه سيقتل مسموما ويقبر إلى جنب هارون الرشيد 1 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إني سأقتل بالسم مظلوما وأقبر إلى جنب هارون ويجعل الله تربتي مختلف شيعتي وأهل محبتي فمن زارني في غربتي وجبت له زيارتي يوم القيامة والذي أكرم محمدا (ص) بالنبوة وأصطفاه على جميع الخليقة لا يصلي أحد منكم عند قبري ركعتين إلا استحق المغفرة من الله عز وجل يوم يلقاه والذي أكرمنا بعد محمد (ص) بالامامة وخصنا بالوصية إن زوار قبري لاكرم الوفود على الله يوم القيامة وما من مؤمن يزورني فيصيب وجهه قطرة من الماء إلا حرم الله تعالى جسده على النار.


[ 249 ]

53 – باب صحة فراسة الرضا عليه السلام ومعرفته بأهل الايمان وأهل النفاق 1 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن عامر بن سعد عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال: كتب أبو الحسن الرضا عليه السلام وأقرأنيه رسالة إلى بعض اصحابنا إنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الايمان وبحقيقة النفاق.


[ 250 ]

54 – باب معرفته عليه السلام بجميع اللغات 1 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن جزك (1) عن ياسر الخادم قال: كان غلمان لابي الحسن عليه السلام في البيت الصقالبة (2) ورومية وكان أبو الحسن عليه السلام قريبا منهم فسمعهم بالليل يتراطنون (3) بالصقلبية والرومية ويقولون: إنا كنا نفتصد في كل سنة في بلادنا ثم ليس نفتصد هيهنا فلما كان من الغد وجه أبو الحسن إلى بعض الاطباء فقال له: أفصد فلانا عرق كذا وأفصد فلانا عرق كذا وافصد فلانا عرق كذا وافصد هذا عرق كذا، ثم قال: يا ياسر لا تفتصد أنت قال: فافتصدت فورمت يدي وإحمرت فقال لي: يا ياسر ما لك؟ فاخبرته فقال: ألم أنهك عن ذلك؟ هلم يدك فمسح يده عليها وتفل فيها، ثم أوصاني أن لا أتعشى فمكثت بعد ذلك ما شاء لا أتعشى ثم أغافل فاتعشى فيضرب علي. 2 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال:


(1) جزك بالجيم والزاء والكاف الجمال من أصحاب الهادي عليه السلام. (2) الصقالبة وهم قوم كانت تتاخم بلادهم بلاد الخزر ثم انتشروا منها إلى بلاد سواها من أوربا. (3) يتراطنون فيما بينهم: تكلموا بالاعجمية.

[ 251 ]

حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقي قال: حدثنا أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: كنت أتغدى مع أبي الحسن عليه السلام فيدعو بعض غلمانه بالصقلبية والفارسية وربما بعثت غلامي هذا بشئ من الفارسية فيعلمه وربما كان ينغلق الكلام على غلامه بالفارسية فيفتح على غلامه. 3 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبي الصلت الهروي قال: كان الرضا عليه السلام يكلم الناس بلغاتهم وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة فقلت له يوما: يا بن الله إني لاعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها! فقال: يا أبا الصلت أنا حجة الله على خلقه وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم أو ما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام: أوتينا فصل الخطاب؟! فهل فصل الخطاب إلا معرفة اللغات.


[ 252 ]

* 55 – باب دلالته عليه السلام في اجابته الحسن بن علي الوشاء عن المسائل التي أراد أن يسأله عنها قبل السؤال 1 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أبو الخير صالح بن أبي حماد، عن الحسن بن علي الوشاء قال: كنت كتبت معي مسائل كثيرة قبل أن أقطع على أبي الحسن عليه السلام وجمعتها في كتاب مما روى عن آبائه عليهم السلام وغير ذلك واحببت أن أثبت في أمره واختبره فحملت الكتاب في كمي وصرت إلى منزله وأردت أن آخذ منه خلوة فأناوله الكتاب فجلست ناحية وأنا متفكر في طلب الاذن عليه وبالباب جماعة جلوس يتحدثون فبينا أنا كذلك في الفكرة في الاحتيال للدخول عليه إذ أنا بغلام قد خرج من الدار في يده كتاب فنادى أيكم الحسن بن علي الوشاء ابن بنت الياس البغدادي؟ فقمت إليه فقلت: أنا الحسن بن علي فما حاجتك؟ فقال: هذا الكتاب امرت بدفعه إليك فهاك خذه، فأخذته وتنحيت ناحية فقرأته فإذا والله فيه جواب مسألة مسألة فعند ذلك قطعت عليه وتركت الوقف. دلالة أخرى عليه السلام 1 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أبو الخير صالح بن أبي حماد عن الحسن بن علي الوشاء قال: بعث إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام غلامه ومعه رقعة فيها: إبعث إلي بثوب من ثياب موضع كذا وكذا من ضرب كذا فكتبت إليه وقلت للرسول: ليس


[ 253 ]

عندي ثوب بهذه الصفة وما اعرف هذا الضرب من الثياب فأعاد الرسول إلي وقال: فاطلبه فأعدت إليه الرسول وقلت: ليس عندي من هذا الضرب شئ، فأعاد إلى الرسول أطلبه فإنه عندك منه قال الحسن بن علي الوشاء: وقد كان ابضع مني رجل ثوبا منها وأمرني ببيعه وكنت قد نسيته فطلبت كل شئ كان معي فوجدته في سفط (1) تحت الثياب كلها فحملته إليه. دلالة أخرى له عليه السلام 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن صفوان بن يحيى قال: كنت عند الرضا عليه السلام فدخل عليه الحسين بن خالد الصيرفي فقال له: جعلت فداك إني أريد الخروج إلى الاعوض فقال: حيث ما ظفرت بالعافية فالزمه فلم يقنعه ذلك فخرج يريد الاعوض فقطع عليه الطريق وأخذ كل شئ كان معه من المال.


(1) السفط: موضع الثياب.

[ 254 ]

56 – باب جواب الرضا عليه السلام عن سؤال أبي قرة صاحب الجاثليق 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المكتب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن صفوان بن يحيى صاحب السابري قال: سألني أبو قرة صاحب الجاثليق أن أوصله إلى الرضا عليه السلام فاستأذنته في ذلك عليه السلام: أدخله علي فلما دخل عليه قبل بساطه وقال: هكذا علينا في ديننا أن نفعل باشراف أهل زماننا ثم قال: اصلحك الله ما تقول في فرقة ادعت دعوى فشهدت لهم فرقة أخرى معدلون؟ قال: الدعوى لهم قال: فأدعت فرقة أخرى دعوى فلم يجدوا شهودا من غيرهم قال: لا شئ لهم قال: فانا نحن ادعينا إن عيسى روح الله وكلمته القاها فوافقنا على ذلك المسلمون وادعى المسلمون أن محمدا نبي فلم نتابعهم عليه وما أجمعنا عليه خير مما أفترقنا فيه فقال له الرضا عليه السلام: ما اسمك؟ قال: يوحنا قال: يا يوحنا إنا آمنا بعيسى بن مريم عليه السلام روح الله وكلمته الذي كان يؤمن بمحمد (ص) ويبشر به ويقر على نفسه إنه عبد مربوب فإن كان عيسى الذي هو عندك روح الله وكلمته ليس هو الذي آمن بمحمد (ص) وبشر به ولا هو الذي أقر لله عز وجل بالعبودية والربوبية فنحن منه براء فأين اجتمعنا؟! فقام وقال لصفوان بن يحيى: قم فما كان أغنانا عن هذا المجلس.


[ 255 ]

57 – باب ذكر ما كلم به الرضا عليه السلام يحيى بن الضحاك السمرقندي في الامامة عند المأمون 1 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: يحكى عن الرضا عليه السلام خبر مختلف الالفاظ لم تقع لي روايته باسناد اعمل عليه وقد اختلفت الفاظ من رواه إلا أني سأتي به وبمعانيه وأن اختلفت الفاظه كان المأمون في باطنه يحب سقطات الرضا عليه السلام وأن يعلوه المحتج وأن أظهر غير ذلك فاجتمع عنده الفقهاء والمتكلمون فدس إليهم أن ناظروه في الامامة فقال لهم الرضا عليه السلام: اقتصروا على واحد منكم يلزمكم ما يلزمه فرضوا برجل يعرف بيحيى بن الضحاك السمرقندي ولم يكن بخراسان مثله فقال له الرضا عليه السلام: يا يحيى سل عما شئت فقال: نتكلم في الامامة كيف ادعيت لمن لم يؤم وتركت أم ووقع الرضا به؟ فقال له: يا يحيى أخبرني عمن صدق كاذبا على نفسه أو كذب صادقا على نفسه أيكون محقا مصيبا مبطلا مخطيا؟ فسكت يحيى فقال له المأمون: أجبه فقال: يعفيني أمير المؤمنين من جوابه فقال المأمون: يا أبا الحسن عرفنا الغرض في هذه المسألة فقال: لا بد ليحيى من أن يخبر عن ائمته أنهم كذبوا على أنفسهم أو صدقوا؟ فإن زعم أنهم كذبوا فلا أمانة لكذاب وإن زعم أنهم صدقوا فقد قال أولهم: وليتكم ولست بخيركم وقال تاليه كانت بيعته فلته فمن عاد لمثلها فاقتلوه فو الله ما رضي لمن فعل مثل فعلهم إلا بالقتل فمن لم يكن بخير الناس والخيرية لا تقع إلا بنعوت منها العلم ومنها


[ 256 ]

الجهاد ومنها سائر الفضائل وليست فيه ومن كانت بيعته فلته يجب القتل على من فعل مثلها كيف يقبل عهده غيره إلى غيره وهذه صورته؟! ثم يقول على المنبر: إن لي شيطانا يعتريني فإذا مال بي فقوموني وإذا أخطأت فارشدوني فليسوا ائمة بقولهم إن صدقوا أو كذبوا فما عند يحيى في هذا جواب فعجب المأمون من كلامه وقال: يا أبا الحسن ما في الأرض من يحسن هذا سواك.


[ 257 ]

58 – باب قول الرضا عليه السلام لاخيه زيد بن موسى حين افتخر على من في مجلسه وقوله عليه السلام فيمن يسئ عشرة الشيعة من أهل بيته ويترك المراقبة. 1 – حدثنا محمد بن أحمد السناني قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا أبو الفيض صالح بن أحمد قال: حدثنا سهل بن زياد قال: حدثنا صالح بن أبي حماد قال: حدثنا الحسن بن موسى بن علي الوشاء البغدادي قال: كنت بخراسان مع علي بن موسى الرضا عليه السلام في مجلسه وزيد بن موسى حاضر قد أقبل على جماعة في المجلس يفتخر عليهم ويقول: نحن ونحن وأبو الحسن عليه السلام مقبل على قوم يحدثهم فسمع مقالة زيد فالتفت إليه فقال: يا زيد أغرك قول ناقلي الكوفة: أن فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار فو الله ما ذاك إلا للحسن والحسين وولد بطنها خاصة فاما أن يكون موسى بن جعفر عليهما السلام يطيع الله ويصوم نهاره ويقوم ليله وتعصيه أنت ثم تجيئان يوم القيامة سواء؟ لانت اعز على الله عز وجل منه إن علي بن الحسين عليه السلام كان يقول: لمحسننا كفلان من الاجر ولمسيئنا ضعفان من العذاب قال الحسن الوشاء: ثم التفت إلي فقال لي: يا حسن كيف تقرؤن هذه الاية؟ (قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) (1) فقلت من الناس من يقرأ إنه عمل غير صالح ومنهم من يقرأ إنه عمل غير صالح فمن قرأ أنه عمل غير


(1) سورة هود: الاية 46.

[ 258 ]

صالح فقد نفاه عن أبيه فقال عليه السلام: كلا لقد كان ابنه ولكن لما عصى الله عز وجل نفاه عن أبيه كذا من كان منا لم يطع الله عز وجل فليس منا وأنت إذا أطعت الله عزوجل فأنت منا أهل البيت. 2 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: حدثني ابن أبي عبدون عن أبيه قال: لما جئ بزيد بن موسى أخي الرضا عليه السلام إلى المأمون وقد خرج بالبصرة وأحرق دور العباسيين وذلك في سنة تسع وتسعين ومأة فسمي زيد النار قال له المأمون: يا زيد خرجت بالبصرة وتركت أن تبدأ بدور اعدائنا بني أمية وثقيف وعدي وباهله وآل زياد وقصدت دور بني عمك؟ قال: وكان مزاحا اخطأت يا أمير المؤمنين من كل جهة وإن عدت بدأت باعدائنا فضحك المأمون وبعث به إلى أخيه الرضا عليه السلام وقال: قد وهبت جرمه لك فلما جاؤا به عنفه وخلى سبيله وحلف أن لا يكلمه أبدا ما عاش. 3 – حدثنا أبو الخير علي بن أحمد النسابة عن مشايخه أن زيد بن موسى كان ينادم المستنصر وكان في لسانه فضل وكان زيديا وكان زيد هذا ينزل بغداد على نهر كرخايا (1) وهو الذي كان بالكوفة أيام أبي السرايا فولاه فلما قتل أبو السرايا تفرق الطالبيون فتوارى بعضهم ببغداد وبعضهم بالكوفة وصار بعضهم إلى المدينة وكان ممن توارى زيد بن موسى هذا فطلبه الحسن بن سهل حتى دل عليه فأتى به فحبسه ثم أحضره على أن يضرب عنقه وجرد السياف السيف ليضرب عنقه وكان حضر هناك الحجاج بن خثيمة فقال: أيها الامير إن رأيت أن لا تعجل وتدعوني إليك فإن عندي نصيحة ففعل وأمسك السياف فلما دنى منه قال: أيها الامير أتاك بما تريد أن تفعله أمر من أمير المؤمنين؟ قال: لا قال فعلام تقتل ابن عم أمير المؤمنين من غير إذنه وأمره واستطلاع رأيه فيه؟ ثم حدثه بحديث أبي عبد الله بن افطس وأن الرشيد حبسه عند جعفر بن يحيى فأقدم عليه جعفر فقتله من غير أمره وبعث برأسه إليه.


(1) كرخايا: شرب يفيض الماء من عمول نهر عيسى ق.

[ 259 ]

في طبق مع هدايا النيروز وأن الرشيد لما أمر مسرور الكبير بقتل جعفر بن يحيى قال له: إذا سألك جعفر عن ذنبه الذي تقتله به، فقل له: إنما أقتلك بابن عمي ابن الافطس قتلته من غير أمري ثم قال الحجاج بن خثيمة للحسن بن سهل أفتأمن أيها الامير حادثة تحدث بينك وبين أمير المؤمنين وقد قتلت هذا الرجل فيحتج عليك بمثل ما احتج به الرشيد على جعفر بن يحيى؟ فقل الحسن للحجاج: جزاك الله خيرا ثم أمر برفع زيد وأن يرد إلى محبسه فلم يزل محبوسا إلى أن ظهر أمر إبراهيم بن المهتدي فخير أهل بغداد بالحسن بن سهل فأخرجوه عنها فلم يزل محبوسا حتى حمل إلى المأمون فبعث به إلى أخيه الرضا عليه السلام فأطلقه وعاش زيد بن موسى إلى آخر خلافة المتوكل ومات بسر من رأى. 4 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ومحمد بن موسى المتوكل وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم هاشم قال: حدثني ياسر أنه خرج زيد بن موسى أخو أبي الحسن عليه السلام بالمدينة وأحرق وقتل وكان يسمى زيد النار فبعث إليه المأمون فأسر وحمل إلى المأمون فقال المأمون: اذهبوا به إلى أبي الحسن، قال ياسر: فلما أدخل إليه قال له أبو الحسن عليه السلام: يا زيد أغرك قول سفلة أهل الكوفة أن فاطمة عليها السلام أحصنت فرجها فحرم الله ذريتها على النار ذلك للحسن والحسين خاصة إن كنت ترى إنك تعصي الله عز وجل وتدخل الجنة وموسى بن جعفر عليه السلام أطاع الله ودخل الجنة فانت إذا اكرم على الله عز وجل من موسى بن جعفر عليه السلام والله ما ينال أحد ما عند الله عز وجل إلا بطاعته وزعمت أنك تناله بمعصيته فبئس ما زعمت! فقال له زيد: أنا أخوك وابن أبيك فقال له أبو الحسن عليه السلام: أنت أخي ما أطعت الله عز وجل أن نوحا عليه السلام قال: (رب إن ابني من أهلي وأن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين) (1) فقال الله عز وجل: (يا نوح إنه ليس من


(1) سورة هود: الاية 45.

[ 260 ]

أهلك إنه عمل غير صالح) فأخرجه الله عز وجل من أن يكون من أهله بمعصيته. 5 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثنا أبو علي أحمد بن علي الانصاري عن أبي الصلت الهروي قال: سمعت الرضا عليه السلام يحدث عن أبيه أن إسماعيل قال للصادق عليه السلام: يا أبتاه ما تقول في المذنب منا ومن غيرنا؟ فقال عليه السلام: (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به) (1). 6 – حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا أبو الخير صالح بن أبي حماد عن الحسن بن الجهم قال: كنت عند الرضا عليه السلام وعنده زيد بن موسى أخوه وهو يقول: يا زيد اتق الله فانه بلغنا ما بلغنا بالتقوى فمن لم يتق الله ولم يراقبه فليس منا ولسنا منه، يا زيد إياك أن تهين من به تصول من شيعتنا فيذهب نورك يا زيد إن شيعتنا إنما أبغضهم الناس وعادوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم لمحبتهم لنا واعتقادهم لولايتنا فان أنت أسأت إليهم ظلمت نفسك وبطلت حقك قال الحسن بن الجهم: ثم التفت عليه السلام إلي فقال لي: يا بن الجهم من خالف دين الله فابرأ منه كائنا من كان من أي قبيلة كان ومن عادى الله فلا تواله كائنا من كان من أي قبيلة كان فقلت له: يا بن رسول الله ومن الذي يعادي الله تعالى؟ قال: من يعصيه. 7 – حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم الشاذاني رضي الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن ادريس قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: من احب عاصيا فهو عاص ومن أحب مطيعا فهو مطيع ومن أعان ظالما فهو ظالم ومن خذل عادلا فهو ظالم إنه ليس بين الله وبين أحد قرابة ولا ينال أحد ولاية الله إلا بالطاعة ولقد قال: رسول الله (ص) لبني عبد المطلب ائتوني باعمالكم لا


(1) سورة النساء: الاية 123.

[ 261 ]

بأحسابكم وانسابكم قال الله تعالى: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون) (1) 8 – حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا أبو الحسن صالح بن شعيب الغرياني من قرى الغازيات قال: حدثنا زيد بن محمد البغدادي قال: حدثنا علي بن أحمد العسكري قال: حدثنا عبد الله بن داود بن قبيصة الانصاري عن موسى بن علي القرشي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: رفع القلم عن شيعتنا فقلت: يا سيدي كيف ذاك؟ قال: لانهم أخذ عليهم العهد بالتقية في دولة الباطل يأمن الناس ويخوفون ويكفرون فينا ولا نكفر فيهم ويقتلون بنا ولا نقتل بهم ما من أحد من شيعتنا ارتكب ذنبا أو خطأ إلا ناله في ذلك غم يمحص عنه ذنوبه ولو أنه أتى بذنوب بعدد القطر والمطر وبعدد الحصى والرمل وبعدد الشوك والشجر فإن لم ينله في نفسه ففي أهله وماله فان لم ينله في أمر دنياه وما يغتم به تخايل له منامه ما يغتم به فيكون ذلك تمحيصا لذنوبه. 9 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثني الحسين بن أبي قتادة عن محمد بن سنان قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: انا أهل بيت وجب حقنا برسول الله (ص) فمن أخذ برسول الله حقا ولم يعط الناس من نفسه مثله فلا حق له. 10 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي قال: سمعت أبي، يقول: قال رجل للرضا عليه السلام: والله ما على وجه الأرض اشرف منك أبا، فقال: التقوى شرفهم وطاعة الله أحظتهم فقال له آخر: أنت والله خير الناس، فقال له: لا تحلف يا هذا خير مني من كان اتقى لله تعالى واطوع له والله ما نسخت هذه الاية: (وجعلناكم شعوبا


(1) الحسب: ما يعده الانسان من مفاخر الاباء: وقيل: حسبه دينه، وقيل: ماله. (2) سورة المؤمنون: الاية 101 إلى 103.

[ 262 ]

وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) (1). 11 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: حلفت بالعتق ألا احلف بالعتق إلا أعتقت رقبة وأعتقت بعدها جميع ما أملك إن كان يرى أنه خير من هذا (وأومى إلى عبد أسود من غلمانه) بقرابتي من رسول الله (ص) إلا أن يكون لي عمل صالح فأكون افضل به منه.


(1) سورة الحجرات: الاية 13 حاول بذلك عليه الصلاة والسلام التنبيه على أن الاعتماد على محض القرابة ليس يستحسن في العقول وإنما الشرف في الكمال العلمي والعملي ورأسهما التقوى. من هامش بعض النسخ.

[ 263 ]

59 – باب الاسباب التي من أجلها قتل المأمون علي بن موسى الرضا عليه السلام بالسم 1 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن سنان قال: كنت عند مولاي الرضا عليه السلام بخراسان وكان المأمون يقعده يمينه إذا قعد للناس يوم الاثنين ويوم الخميس فرفع إلى المأمون أن رجلا من الصوفية سرق فأمر باحضاره فلما نظر إليه وجده متقشفا بين عينيه أثر السجود فقال له: سوأة لهذه الاثار الجميلة ولهذا الفعل القبيح أتنسب إلى السرقة مع ما ارى من جميل آثارك وظاهرك؟ قال: فعلت ذلك اضطرارا لا اختيارا حين منعتني حقي من الخمس والفئ فقال المأمون: أي حق لك في الخمس والفئ؟ قال: إن الله تعالى قسم الخمس ستة أقسام وقال الله تعالى: (وأعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) (1) وقسم الفئ على ستة أقسام فقال الله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كيلا يكون دولة


(1) سورة الانفال: الاية 41.

[ 264 ]

بين الاغنياء منكم) (1) قال الصوفي: فمنعتني حقي وأنا ابن السبيل منقطع بي ومسكين لا ارجع على شئ ومن حملة القرآن فقال له المأمون: أعطل حدا من حدود الله وحكما من احكامه في السارق من أجل أساطيرك هذه؟ فقال الصوفي: ابدأ بنفسك تطهرها ثم طهر غيرك وأقم حد الله عليها ثم على غيرك فالتفت المأمون إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام فقال: ما يقول؟ فقال: إنه يقول سرق فسرق فغضب المأمون غضبا شديدا ثم قال للصوفي: والله لاقطعنك فقال الصوفي: أتقطعني وأنت عبد لي؟ فقال المأمون: ويلك ومن أين صرت عبدا لك؟ قال: لأن أمك اشتريت من مال المسلمين فأنت عبد لمن في المشرق والمغرب حتى يعتقوك وأنا لم اعتقك ثم بلعت الخمس وبعد ذلك فلا اعطيت آل الرسول حقا ولا اعطيتني ونظرائي حقنا والاخرى أن الخبيث لا يطهر خبيثا مثله إنما يطهره طاهر ومن في جنبه الحد لا يقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسه أما سمعت الله تعالى يقول: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) (2) فالتفت المأمون إلى الرضا عليه السلام فقال: ما ترى في أمره؟ فقال عليه السلام: إن الله تعالى قال لمحمد (ص): (قل فلله الحجة البالغة) (3) وهي التي لم تبلغ الجاهل فيعلمها على جهله يعلمها العالم بعلمه والدنيا والاخرة قائمتان بالحجة وقد احتج الرجل فأمر المأمون عند ذلك باطلاق الصوفي واحتجب عن الناس واشتغل بالرضا عليه السلام حتى سمه فقتله وقد كان قتل الفضل بن سهل وجماعة من الشيعة. قال مصنف هذا الكتاب (ره) روي هذا الحديث كما حكيته وأنا برئ من عهدة صحته. 2 – حدثنا أبو الطيب الحسين بن أحمد بن محمد الرازي رضي الله عنه بنيسابور سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقي قال: أخبرني أبي قال: أخبرني


(1) سورة الحشر: الاية 7. (2) سورة البقرة: الاية 44. (3) سورة الانعام: الاية 149.

[ 265 ]

الريان بن شبيب خال المعتصم أخو ماردة أن المأمون لما أراد أن يأخذ البيعة لنفسه بإمرة المؤمنين ولابي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام بولاية العهد ولفضل بن سهل بالوزارة أمر بثلاثة كراسي فنصبت لهم فلما قعدوا عليها أذن للناس فدخلوا يبايعون فكانوا يصفقون بايمانهم على ايمان الثلاثة من أعلى الابهام إلى الخنصر ويخرجون حتى بايع في آخر الناس فتى من الانصار فصفق بيمينه من أعلى الخنصر إلى أعلى الابهام فتبسم أبو الحسن الرضا عليه السلام ثم قال: كل من بايعنا بايع بفسخ البيعة غير هذا الفتى فانه بايعنا بعقدها فقال المأمون: وما فسخ البيعة من عقدها؟ قال أبو الحسن عليه السلام: عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الابهام وفسخها من أعلى الابهام إلى أعلى الخنصر قال: فماج الناس في ذلك وأمر المأمون باعادة الناس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن عليه السلام وقال الناس: كيف يستحق الامامة من لا يعرف عقد البيعة؟ أن من علم لاولى بها ممن لا يعلم قال فحمله ذلك على ما فعله من سمه. 3 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثنا أبي عن أحمد بن علي الانصاري قال: سألت أبا الصلت الهروي فقلت له كيف طابت نفس المأمون بقتل الرضا عليه السلام مع اكرامه ومحبته له وما جعل له من ولاية العهد بعده؟! فقال: إن المأمون إنما كان يكرمه ويحبه لمعرفته بفضله وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس أنه راغب في الدنيا فيسقط محله من نفوسهم فلما لم يظهر منه في ذلك للناس إلا ما أزداد به فضلا عندهم ومحلا في نفوسهم جلب عليه المتكلمين من البلدان طمعا في أن يقطعه واحد منهم فيسقط محله عند العلماء (وبسببهم) يشتهر نقصه عند العامة فكان لا يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين والبراهمة والملحدين والدهرية ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين إلا قطعه والزمه الحجة وكان الناس يقولون: والله إنه أولى بالخلافة من المأمون وكان أصحاب الاخبار يرفعون ذلك إليه فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده له وكان الرضا عليه السلام لا يحابي المأمون من حق وكان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله فيغيظه ذلك ويحقده عليه ولا يظهره له فلما اعيته الحيلة في أمره اغتاله فقتله بالسم.


[ 266 ]

60 – باب نص الرضا عليه السلام علي ابنه أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام بالامامة والخلافة 1 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: حدثنا أبو الحسين بن محمد بن أبي عباد وكان يكتب للرضا عليه السلام ضمه إليه الفضل بن سهل قال: ما كان عليه السلام يذكر محمدا ابنه إلا بكنيته يقول: كتب إلي أبو جعفر عليه السلام وكنت اكتب إلى أبي جعفر عليه السلام وهو صبي بالمدينة فيخاطبه بالتعظيم وترد كتب أبي جعفر عليه السلام في نهاية البلاغة والحسن فسمعته يقول: أبو جعفر وصيي وخليفتي في أهلي من بعدي.


[ 267 ]

61 – باب وفاة الرضا عليه السلام مسموما باغتيال المأمون 1 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال حدثنا: محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله ومحمد بن موسى بن نصر الرازي عن أبيه والحسين بن عمر الاخباري عن علي بن الحسين كاتب بقاء الكبير في آخرين أن الرضا عليه السلام، حم فعزم على الفصد فركب المأمون وقد كان قال لغلام له: فت هذا بيدك الشئ أخرجه برنية (1) ففته في صينية ثم قال: كن معي ولا تغسل يدك وركب إلى الرضا عليه السلام فجلس حتى فصد بين يديه وقال عبيد الله: بل اخر فصده وقال المأمون لذلك الغلام: هات من ذلك الرمان وكان الرمان في شجرة في بستان دار الرضا عليه السلام فقطف منه ثم قال: إجلس ففته ففت منه في جام وأمر بغسله ثم قال للرضا عليه السلام: مص منه شيئا فقال: حتى يخرج أمير المؤمنين فقال: لا والله إلا بحضرتي ولو لا خوفي أن يرطب معدتي لمصصته معك فمص منه ملاعق وخرج المأمون فما صليت العصر حتى قام الرضا عليه السلام خمسين مجلسا فوجه إليه المأمون وقال: قد علمت أن هذه آفة وقتار للفصد الذي في يدك وزاد الامر في الليل فأصبح عليه السلام ميتا فكان آخر ما تكلم به: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى


(1) البرنية: إناء من خزف.

[ 268 ]

مضاجعهم) (1) (وكان أمر الله قدرا مقدورا) (2) وبكر المأمون من الغد فأمر بغسله وتكفينه ومشى خلف جنازته حافيا حاسرا يقول: يا أخي لقد ثلم الاسلام بموتك وغلب القدر تقديري فيك وشق لحد الرشيد فدفنه معه فقال: نرجو أن الله تبارك وتعالى ينفعه بقربه.


(1) سورة آل عمران: الاية 54. (2) سورة الاحزاب: الاية 38.

[ 269 ]

62 – باب ذكر خبر آخر في وفاة الرضا عليه السلام عن طريق الخاصة 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا ياسر الخادم قال: لما كان بيننا وبين طوس سبعة منازل اعتل أبو الحسن عليه السلام فدخلنا طوس وقد اشتدت به العلة فبقينا بطوس أياما فكان المأمون يأتيه في كل يوم مرتين فلما كان في آخر يومه الذي قبض فيه كان ضعيفا في ذاك اليوم فقال لي ما صلى الظهر: يا ياسر ما أكل الناس شيئا يا سيدي من يأكل هيهنا مع ما أنت فيه فانتصب عليه السلام ثم قال: هاتوا المائدة ولم يدع من حشمه أحدا إلا أقعده معه على المائدة يتفقد واحدا واحدا فلما أكلوا قال: إبعثوا إلى النساء بالطعام فحمل الطعام إلى النساء فلما فرغوا من الاكل أغمي عليه وضعف فوقعت الصيحة وجاءت جواري المأمون ونساؤه حافيات حاسرات ووقعت الوحية (1) بطوس وجاء المأمون حافيا حاسرا يضرب على رأسه ويقبض على لحيته ويتأسف ويبكي وتسيل دموعه على خديه فوقف على الرضا عليه السلام وقد أفاق فقال: يا سيدي والله ما أدري أي المصيبتين أعظم علي؟ فقدي لك وفراقي إياك؟ أو تهمة الناس لي إني اغتلتك وقتلتك؟! قال: فرفع طرفه إليه ثم قال: أحسن يا أمير المؤمنين معاشرة أبي جعفر عليه السلام، فان


(1) الوحية: الصوت يكون في الناس وغيرهم. الويحة: كلمة رحمة.

[ 270 ]

عمرك وعمره هكذا وجمع بين سبابتيه قال: فلما كان من تلك الليلة قضى عليه بعد ما ذهب من الليل بعضه فلما أصبح اجتمع الخلق وقالوا: إن هذا قتله واغتاله يعنون المأمون وقالوا: قتل ابن رسول الله (ص) واكثر القول والجلبة (1) وكان محمد بن جعفر بن محمد استأمن إلى المأمون وجاء إلى خراسان وكان عم أبي الحسن عليه السلام فقال المأمون: يا أبا جعفر اخرج إلى النسا واعلمهم أن أبا الحسن لا يخرج اليوم وكره يخرجه فتقع الفتنه فخرج محمد بن جعفر إلى الناس فقال: أيها الناس تفرقوا فإن أبا الحسن عليه السلام لا يخرج اليوم فتفرق الناس وغسل أبو الحسن عليه السلام في الليل ودفن قال علي بن إبراهيم: وحدثني ياسر بما لم أحب ذكره في الكتاب.


(1) الجبلة: اختلاط الصوت.

[ 271 ]

63 – باب ما حدث به أبو الصلت الهروي عن ذكر وفاة الرضا عليه السلام أنه سم في عنب 1 – * حدثنا محمد بن علي ماجيلويه ومحمد بن موسى المتوكل وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم بن تاتانه والحسين بن إبراهيم أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أبي الصلت الهروي، قال: بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام إذ قال لي: يا أبا الصلت ادخل هذه القبة التي فيها قبر هارون وائتني بتراب من أر بعد جوانبها قال: فمضيت فأتيت به فلما مثلت بين يديه فقال لي: ناولني هذا التراب وهو من عند الباب فناولته فاخذه وشمه ثم رمى به، ثم قال سيحفر لي هيهنا فتظهر صخرة لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها ثم قال في الذي عند الرجل والذي عند الرأس مثل ذلك، ثم قال: ناولني هذا التراب فهو من تربتي. ثم قال: سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل وأن يشق لي ضريحة فإن أبوا إلا أن يلحدوا فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا فإن الله سيوسعه ما يشاء فإذا فعلوا ذلك فانك ترى عند رأسي نداوة، فتكلم بالكلام الذي أعلمك فانه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد وترى فيه حيتانا صغارا ففت لها الخبز الذي أعطيك فانها تلتقطه فإذا لم يبق منه شئ خرجت منه حوته كبيرة فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى


[ 272 ]

منها شئ، ثم تغيب فإذا غابت فضع يدك على الماء ثم تكلم بالكلام الذي أعلمك فانه ينضب الماء ولا يبقى منه ولا تفعل إلا بحضرة المأمون ثم قال عليه السلام: يا أبا الصلت غدا ادخل على هذا الفاجر فإن أنا خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلم اكلمك وإن أنا خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني، قال أبو الصلت: فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس فجعل في محرابه ينتظر فبينما هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون فقال له: اجب أمير المؤمنين فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا اتبعه حتى دخل المأمون وبين يديه طبق عليه عنب وأطباق فاكهة وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه فلما أبصر بالرضا عليه السلام وثب إليه فعانقه وقبل ما بين عينيه وأجلسه معه ثم ناوله العنقود وقال: يا بن رسول الله ما رأيت عنبا احسن من هذا، فقال الرضا عليه السلام: ربما كان عنبا حسنا يكون من الجنة، فقال له: كل منه فقال له الرضا عليه السلام: تعفيني منه، فقال: لا بد من ذلك وما يمنعك منه لعلك تتهمنا بشئ فتناول العنقود فأكل منه ثم ناوله فأكل منه الرضا عليه السلام ثلاث حبات ثم رمى به وقام، فقال المأمون: إلى أين؟ فقال: إلى حيث وجهتني فخرج عليه السلام مغطى الرأس فلم أكلمه حتى دخل الدار فأمر أن يغلق الباب فغلق ثم نام عليه السلام على فراشه ومكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا فبينما أنا كذلك أذ دخل علي شاب حسن الوجه قطط الشعر أشبه الناس بالرضا عليه السلام فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت والباب مغلق؟ فقال: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت هو الذي ادخلني الدار والباب مغلق؟ فقلت له: ومن أنت؟ فقال لي: أنا حجه الله عليك يا أبا الصلت أنا محمد بن على ثم مضى نحو أبيه عليهما السلام فدخل وأمرني بالدخول معه فلما نظر إليه الرضا عليه السلام وثب إليه فعانقه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه ثم سحبه سحبا (1) إلى فراشه واكب عليه محمد بن علي عليه السلام يقبله ويساره بشئ أفهمه ورأيت على شفتي الرضا عليه السلام زبدا أشد بياضا من الثلج ورأيت أبا جعفر عليه السلام يلحسه بلسانه ثم ادخل يده بين ثوبيه


(1) سحبه سحبا: أي جره على وجه الارض.

[ 273 ]

وصدره فاستخرج منه شيئا شبيها بالعصفور فابتلعه أبو جعفر عليه السلام ومضى الرضا عليه السلام، فقال أبو جعفر عليه السلام: قم يا أبا الصلت ائتني بالمغتسل والماء من الخزانة، فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء وقال لي ائته إلي ما آمرك به فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء فأخرجته وشمرت ثيابي لاغسله فقال لي: تنح يا أبا الصلت، فإن لي من يعينني غيرك فغسله ثم قال لي: ادخل الخزانة فاخرج إلى السفط الذي فيه كفنه وحنوطه، فدخلت، فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط فحملته إليه، فكفنه وصلى عليه ثم قال لي: ائتني بالتابوت فقلت: امضي إلى النجار حتى يصلح التابوت قال: قم فان في الخزانة تابوتا فدخلت الخزانة فوجدت تابوتا لم أره قط فأتيته به فأخذ الرضا عليه السلام بعد ما صلى عليه فوضعه في التابوت وصف قدميه وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت وانشق السقف فخرج منه التابوت ومضى، فقلت: يا بن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون ويطالبنا بالرضا عليه السلام، فما نصنع؟ فقال لي: أسكت فانه سيعود يا أبا الصلت ما من نبي يموت بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله بين أرواحهما وأجسادهما وما أتم الحديث حتى إنشق السقف ونزل التابوت فقام عليه السلام فاستخرج الرضا عليه السلام من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يغسل ولم يكفن ثم قال لي: يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون ففتحت الباب، فإذا المأمون والغلمان بالباب فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه ولطم رأسه وهو يقول: يا سيداه فجعت بك يا سيدي ثم، دخل فجلس عند رأسه وقال: خذوا في تجهيزه فأمر بحفر القبر فحفرت الموضع فظهر كل شئ على ما وصفه الرضا عليه السلام، فقال له بعض جلسائه: ألست تزعم إنه إمام؟ فقال: بلى لا يكون الامام إلا مقدم الناس فامر أن يحفر له في القبلة فقلت له: أمرني أن يحفر له سبع مراقي وأن اشق له ضريحه فقال: انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح ولكن يحفر له ويلحد فلما رأى ما ظهر له من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون: لم يزل الرضا عليه السلام يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته أيضا فقال له وزير كان معه: أتدري ما أخبرك به الرضا عليه السلام؟ قال: لا قال: إنه قد


[ 274 ]

أخبرك إن ملككم يا بني العباس مع كثرتكم وطول مدتكم مثل هذه الحيتان حتى إذا فنيت آجالكم وانقطعت آثاركم وذهبت دولتكم سلط الله تعالى عليكم رجلا منا فافناكم عن آخركم قال له: صدقت، ثم قال لي: يا أبا الصلت علمني الكلام الذي تكلمت به، قلت: والله لقد نسيت الكلام من ساعتي وقد كنت صدقت فأمر بحبسي ودفن الرضا عليه السلام فحبست سنة فضاق علي الحبس وسهرت الليلة ودعوت الله تبارك وتعالى بدعاء ذكرت فيه محمدا وآل محمد صلوات الله عليهم وسألت الله بحقهم أن يفرج عني فما استتم دعائي حتى دخل على أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلام فقال لي: يا أبا الصلت ضاق صدرك؟ فقلت: أي والله قال: قم فاخرجني ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت علي ففكها وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمان يرونني فلم يستطيعوا أن يكلموني وخرجت من باب الدار، ثم قال لي إمض في ودائع الله فإنك لن تصل إليه ولا يصل إليك أبدا، فقال أبو الصلت: فلم التق المأمون إلى هذا الوقت. 2 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: كانت البيعة للرضا عليه السلام لخمس خلون من شهر رمضان سنة احدى ومأتين وزوجه ابنته أم حبيب في أول سنة اثنتين ومأتين وتوفي سنة ثلاث ومأتين بطوس والمأمون متوجه إلى العراق في رجب ولي غيره: أن الرضا عليه السلام توفي وله تسع وأربعون سنة وستة أشهر والصحيح أنه عليه السلام توفي في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثلاث ومأتين من هجرة النبي (ص).


[ 275 ]

64 – باب ما حدث به أبو حبيب هرثمة بن اعين من ذكر وفاة الرضا عليه السلام وأنه سم في العنب والرمان جميعا 1 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه، قال: حدثنا أبي، قال: حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثني بن خلف الطاطري قال: حدثني هرثمة بن أعين قال: كنت ليلة بين يدي المأمون حتى مضى من الليل أربع ساعات ثم أذن لي في الانصراف فانصرفت فلما مضى من الليل نصفه قرع قارع الباب، فأجابه بعض غلماني فقال له: قل لهرثمة أجب سيدك، قال: فقمت مسرعا وأخذت على اثوابي وأسرعت إلى سيدي الرضا عليه السلام فدخل الغلام بين يدي ودخلت وراءه فإذا أنا بسيدي عليه السلام في صحن داره جالس فقال لي: يا هرثمة، فقلت: لبيك يا مولاي فقال لي: إجلس فجلست فقال لي: إسمع وعه يا هرثمة هذا أوان رحيلي إلى الله تعالى ولحوقي بجدي وآبائي عليهم السلام، وقد بلغ الكتاب أجله وقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب ورمان مفروك، فأما العنب فانه يغمس السلك في السم ويجذبه بالخيط بالعنب وأما الرمان فانه يطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان بيده ليتلطخ حبة ذلك السم وأنه سيدعوني في اليوم المقبل ويقرب إلي الرمان والعنب ويسألني أكلها فآكلها ثم ينفذ الحكم ويحضر القضاء فإذا أنا مت فسيقول أنا أغسله بيدي فإذا قال ذلك


[ 276 ]

فقل له: عني بينك وبينه إنه قال لي: لا تتعرض لغسلي ولا لتكفيني ولا لدفني فانك إن فعلت ذلك عاجلك من العذاب ما أخر عنك وحل بك أليم ما تحذر فانه سينتهي، قال: فقلت نعم يا سيدي قال: فإذا خلي بينك وبين غسلي حتى ترى فيجلس في علو من ابنيته مشرفا على موضع غسلي لينظر فلا تتعرض يا هرثمة لشئ من غسلي حتى ترى فسطاطا أبيض قد ضرب في جانب الدار فإذا رأيت ذلك فاحملني في أثوابي التي أنا فيها فضعني من وراء الفسطاط وقف من ورائه ويكون من معك دونك ولا تكشف عني الفسطاط حتى تراني فتهلك فانه سيشرف عليك ويقول لك، يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لا يغسله إلا إمام مثله، فمن يغسل أبا الحسن علي بن موسى وابنه محمد بالمدينة من بلاد الحجاز ونحن بطوس فإذا قال ذلك فأجبه وقل له: إنا نقول إن الامام لا يجب أن يغسله إلا امام مثله فإن تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله ولا بطلت إمامة الامام الذي بعده بان غلب على غسل أبيه ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا مكشوفا ولا يغسله الان أيضا إلا هو من حيث يخفى فإذا ارتفع الفسطاط فسوف تراني مدرجا في أكفاني فضعني على نعشي واحملني فإذا أراد أن يحفر قبري فانه سيجعل قبر أبيه هارون الرشيد قبلة لقبري ولا يكون ذلك أبدا فإذا ضربت المعاول ينب عن الأرض ولم يحفر لهم منها شئ ولا مثل قلامة ظفر فإذا اجتهدوا في ذلك وصعب عليهم فقل له عني إني أمرتك أن تضرب معولا واحدا في قبلة قبر أبيه هارون الرشيد فإذا ضربت نفذ في الأرض إلى قبر محفور وضريح قائم فإذا انفرج القبر فلا تنزلني إليه حتى يفور من ضريحه الماء الابيض فيمتلئ منه ذلك القبر حتى يصير الماء (مساويا مع وجه الأرض) ثم يضطرب فيه حوت بطوله فإذا اضطرب فلا تنزلني إلى القبر إلا إذا غاب الحوت وأغار الماء فانزلني في ذلك القبر والحدني في ذلك الضريح ولا تتركهم يأتوا بتراب يلقونه علي فإن القبر ينطبق من نفسه ويمتلئ قال: قلت: نعم سيدي، ثم قال لي: احفظ ما عهدت إليك وأعمل به ولا تخالف قلت: أعوذ بالله أن أخالف لك أمرا يا سيدي قال هرثمة: ثم خرجت باكيا حزينا فلم أزل كالحبة المقلاة لا يعلم ما في نفسي إلا الله


[ 277 ]

تعالى، ثم دعاني المأمون، فدخلت إليه، فلم أزل قائما إلى ضحى النهار ثم قال المأمون: امض يا هرثمة إلى أبي الحسن عليه السلام فاقرأه مني السلام وقل له: تصير إلينا أو نصير إليك؟ فإن قال لك: بل نصير إليه فاسأله عني أن يقدم ذلك، قال: فجئته فلما اطلعت عليه، قال: يا هرثمة أليس قد حفظت ما أوصيتك به قلت: بلى، قال: قدموا إلي نعلي فقد علمت ما أرسلك به قال: فقدمت نعليه ومشى إليه فلما دخل المجلس قام إليه المأمون قائما فعانقه وقبل ما بين عينيه واجلسه إلى جانبه على سريره وأقبل عليه يحادثه ساعة من النهار طويلة ثم قال لبعض غلمانه: يؤتى بعنب ورمان قال هرثمة: فلما سمعت ذلك لم أستطع الصبر ورأيت النفضة (1) قد عرضت في بدني فكرهت أن يتبين ذلك في فتراجعت القهقري حتى خرجت فرميت نفسي في موضع من الدار فلما قرب زوال الشمس أحسست بسيدي قد خرج من عنده ورجع إلى داره ثم رأيت الامر قد خرج من عند المأمون باحضار الاطباء والمترفقين فقلت ما هذا؟ فقيل لي: علة عرضت لابي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام وكان الناس في شك وكنت على يقين لما اعرف منه قال: فما كان من الثلث الثاني من الليل حتى علا الصياح وسمعت الصيحة من الدار فأسرعت فيمن اسرع فإذا نحن بالمأمون مكشوف الرأس محلل الازرار قائما على قدميه ينتحب ويبكي قال: فوقفت فيمن وقف وأنا أتنفس الصعداء ثم اصبحنا فجلس المأمون للتعزية، ثم قام فمشى إلى الموضع الذي فيه سيدنا عليه السلام فقال له: اصلحوا لنا موضعا فاني أريد أن اغسله فدنوت منه، فقلت له: ما قاله سيدي بسبب الغسل والتكفين والدفن فقال لي: لست أعرض لذلك، ثم قال: شأنك يا هرثمة قال: فلم أزل قائما حتى رأيت الفسطاط قد ضرب فوقفت من ظاهره وكل من في الدار دوني وأنا اسمع التكبير والتهليل والتسبيح وتردد الاواني وصب الماء وتضوع (2) الطيب لم أشم أطيب منه قال: فإذا أنا بالمأمون قد أشرف على بعض أعالي داره فصاح: يا هرثمة أليس زعمتم أن الامام لا يغسله إلا


(1) النفضة: رعدة الحمى. (2) تضوع المسك: انتشرت رائحته.

[ 278 ]

إمام مثله؟ فأين محمد بن علي ابنه عنه وهو بمدينة رسول الله (ص) وهذا بطوس خراسان؟! قال: فقلت له: يا أمير المؤمنين إنا نقول: إن الامام لا يجب أن يغسله إلا امام مثله فإن تعدى متعد فغسل الامام لم تبطل إمامة الامام لتعدي غاسله ولا تبطل إمامة الامام الذي بعده بان غلب على غسل أبيه، ولو ترك أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام بالمدينة لغسله ابنه محمد ظاهرا ولا يغسله الان أيضا إلا هو من حيث يخفى، قال: فسكت عني ثم ارتفع الفسطاط فإذا أنا بسيدي عليه السلام مدرج في أكفانه فوضعته على نعشه ثم حملناه فصلى عليه المأمون وجميع من حضر ثم جئنا إلى موضع القبر فوجدتهم يضربون المعاول دون قبر هارون ليجعلوه قبلة لقبره والمعاول تنبو عنه حتى ما يحفر ذرة من تراب الأرض فقال لي: ويحك يا هرثمة أما ترى الأرض كيف تمتنع من حفر قبر له؟ فقلت له: يا أمير المؤمنين إنه قد أمرني أن اضرب معولا واحدا في قبلة قبر أمير المؤمنين أبيك الرشيد ولا اضرب غيره قال: فإذا ضربت هرثمة يكون ماذا؟ قلت إنه أخبر أنه لا يجوز أن يكون قبر أبيك قبلة لقبره فإذا أنا ضربت المعول الواحد نفذ إلى قبر محفور من غير يد تحفره وبان ضريح في وسطه قال المأمون: سبحان الله ما أعجب هذا الكلام؟! ولا أعجب من أمر أبي الحسن عليه السلام فاضرب يا هرثمة حتى نرى قال هرثمة: فأخذت المعول بيدي فضربت به في قبلة قبر هارون الرشيد قال: فنفذ إلى قبر محفور من غير يد تحفره وبان ضريح في وسطه والناس ينظرون إليه فقال: أنزله إليه يا هرثمة فقلت: يا أمير المؤمنين إن سيدي أمرني أن لا انزل إليه حتى ينفجر من ارض هذا القبر ماء ابيض فيمتلئ منه القبر حتى يكون الماء مع وجه الارض ثم يضطرب فيه حوت بطول القبر فإذا غاب الحوت وغار الماء وضعته على جانب القبر وخليت بينه وبين ملحده فقال: فافعل يا هرثمة ما أمرت به قال هرثمة: فانتظرت ظهور الماء والحوت فظهر ثم غاب وغار الماء والناس ينظرون ثم جعلت النعش إلى جانب قبره فغطى قبره بثوب أبيض لم أبسطه ثم أنزل إلى قبره بغير يدي ولا يد أحد ممن حضر فأشار المأمون إلى الناس: أن هاتوا التراب بأيديكم واطرحوه فقلت: لا نفعل يا أمير المؤمنين قال: ويحك! فمن


[ 279 ]

يملؤه؟ فقلت: قد أمرني أن لا يطرح عليه التراب واخبرني أن القبر يمتلئ من ذات نفسه ثم ينطبق ويتربع على وجه الأرض فأشار المأمون إلى الناس: أن كفوا قال: فرموا ما في أيديهم من التراب ثم امتلا القبر وانطبق وتربع على وجه الارض فانصرف المأمون وانصرفت فدعاني المأمون وخلاني ثم قال لي: اسألك بالله يا هرثمة لما صدقتني عن أبي الحسن (قدس الله روحه) بما سمعته منه قال: فقلت قد اخبرت يا أمير المؤمنين بما قال لي، فقال: بالله إلا ما صدقتني عما أخبرك به غير هذا الذي قلت لي: قال: فقلت: يا أمير المؤمنين فعما تسألني فقال لي: يا هرثمة هل أسر إليك شيئا غير هذا؟ قلت: نعم، قال: ما هو؟ قلت: خبر العنب والرمان، قال: فأقبل المأمون يتلون الوانا يصفر مرة ويحمر أخرى ويسود أخرى ثم تمدد مغشيا عليه فسمعته في غشيته وهو يجهر ويقول: ويل للمأمون من الله ويل له من رسول الله (ص) وويل له من علي بن أبي طالب عليه السلام ويل للمأمون من فاطمة الزهراء عليها السلام ويل للمأمون من الحسن والحسين ويل للمأمون من علي بن الحسين ويل للمأمون من محمد بن علي ويل للمأمون من جعفر بن محمد ويل له من موسى بن جعفر ويل للمأمون من علي بن موسى الرضا عليه السلام هذا والله هو الخسران المبين يقول هذا القول ويكرره فلما رأيته قد أطال ذلك وليت عنه، وجلست في بعض نواحي الدار قال: فجلس ودعاني فدخلت عليه وهو جالس كالسكران فقال: والله ما أنت علي أعز منه ولا جميع من في الأرض والسماء والله لئن بلغني إنك أعدت مما رأيت وسمعت شيئا ليكونن هلاكك فيه قال: فقلت: يا أمير المؤمنين إن ظهرت على شئ من ذلك مني فأنت في حل من دمي قال: لا والله وتعطيني عهدا وميثاقا على كتمان هذا وترك اعادته فأخذ علي العهد والميثاق وأكده علي قال: فلما وليت عنه صفق بيديه وقال: (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضي من القول وكان الله بما تعملون محيطا) (1) وكان للرضا عليه السلام من الولد محمد الامام عليه السلام وكان يقول له الرضا عليه السلام: الصادق والصابر والفاضل وقرة أعين المؤمنين وغيظ الملحدين


(1) سورة النساء: الاية 108.

[ 280 ]

65 – باب ذكر بعض ما قيل من المراثي في حق أبي الحسن الرضا عليه السلام 1 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثنا أبي عن أحمد بن علي الانصاري قال: قال ابن المشيع المدني يرثي الرضا عليه السلام بشعر يأتي ذكره إن شاء الله تعالى: يا بقعة مات بها سيدي * ما مثله في الناس من سيد مات الهدى من بعده والندى * وشمر الموت به يقتدي لا زال غيث الله يا قبره * عليك منه رائحا مغتدي كان لنا غيثا به نرتوي * وكان كالنجم به نهتدي ان عليا بن موسى الرضا * قد حل والسؤدد في ملحد يا عين فابكي بدم بعده * على انقراض المجد والسؤدد ولعلي بن أبي عبد الله الخوافي يرثي الرضا عليه السلام: شعر يا ارض طوس سقاك الله رحمته * ماذا حويت من الخيرات يا طوس؟ طابت بقاعك في الدنيا وطيبها * شخص ثوى بسناباد مرموس (1)


(1) الثوى: الاقامة وفي حديث الميت مع اخوانه اشكو إليكم طول الثواء في قبري أي الاقامة. المرموس: المدفون.

[ 281 ]

شخص عزيز على الاسلام مصرعه * في رحمة الله مغمور ومغموس يا قبره أنت قبر قد تضمنه * حلم وعلم وتطهير وتقديس فخرا فانك مغبوط بجثته * وبالملائكة الابرار محروس 2 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي قال: حدثني محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني هارون بن عبد الله المهلبي قال: حدثني دعبل بن علي قال: جاءني خبر موت الرضا عليه السلام وأنا بقم وقلت قصيدتي الرائية في مرثيته عليه السلام: أرى أمية معذورين أن قتلوا * ولا أرى لبني العباس من عذر أولاد حرب ومروان وأسرتهم * بنو معيط ولاة الحقد والوغر قوم قتلتم على الاسلام أولهم * حتى إذا استمكوا جازوا على الكفر أربع بطوس على قبر الزكي به * ان كنت تربع من دين على فطر قبران في طوس خير الناس كلهم * وقبر شرهم هذا من العبر ما ينفع الرجس قرب الزكي وما * على الزكي بقرب الرجس من ضرر؟! هيهات كل أمرئ رهن بما كسبت له * يداه فخذ ما شئت أو فذر قال الصولي: وانشدني عون بن محمد قال: انشدني منصور بن طلحة، قال أبو طلحة قال: أبو محمد اليزيدي: لما مات الرضا عليه السلام رثيته فقلت: ما لطوس لا قدس الله طوسا * كل يوم تحوز علقا نفيسا (1) بدأت بالرشيد فاقتبضته * وثنت بالرضا علي بن موسى بامام لا كالائمة فضلا * فسعود الزمان عادت نحوسا ووجدت في كتاب لمحمد بن حبيب الضبي: قبر بطوس به أقام إمام * حتم إليه زيارة ولمام قبر أقام السلام وان غدا * تهدي إليه تحية وسلام


(1) العلق: النفيس في كل شئ.

[ 282 ]

قبر سنا انواره تجلو العمى * وبتر به قد تدفع الاسقام قبر يمثل للعيون محمدا * ووصيه والمؤمنون قيام خشع العيون لذا وذاك مهابة * في كنهها لتحير الافهام قبر إذا حل الوفود بربعه * رحلوا وحطت عنهم الاثام وتزودوا امن العقاب واومنوا * من أن يحل عليهم الاعدام الله عنه به لهم متقبل * وبذاك عنهم جفت الاقلام إن يغن عن سقي الغمام فإنه * لولاه تسق البلاد غمام قبر علي بن موسى حله * بثراه يزهو الحل والاحرام فرض إليه السعي كالبيت الذي * من دونه حق له الاعظام من زاره في الله عارف حقه * فالمس منه على الجحيم حرام ومقامه لا شك يحمد في غد * وله بجنات الخلود مقام وله بذاك الله أوفى ضامن * قسما إليه تنتهي الاقسام صلى الاله على النبي محمد * وعلت عليا نصرة وسلام وكذا على الزهراء صلى سرمدا * رب بواجب حقها علام وعليه صلى ثم بالحسن ابتدى * وعلى الحسين لوجهه الاكرام وعلى علي ذي التقى ومحمد * صلى وكل سيد وهمام وعلى المهذب والمطهر جعفر أزكى الصلاة وإن أبي الاقزام الصادق المأثور عنه علم ما * فيكم به تتمسك الاقوام وكذا على موسى أبيك وبعده * صلى عليك وللصلاة دوام وعلى محمد الزكي فضوعفت * وعلى علي ما استمر كلام وعلى الرضا ابن الرضا الحسن الذي * عم البلاد لفقده الاظلام وعلى خليفته الذي لكم به * تم النظام فكان فيه تمام فهو المؤمل أن يعود به الهدى * غضا وأن تستوثق الاحكام لولا الائمة واحد عن واحد * درس الهدى واستسلم الاسلام كل يقوم مقام صاحبه إلى * أن تنتهي بالقائم الايام يا بن النبي وحجة الله التي * هي للصلاة وللصيام قيام ما من إمام غاب عنكم لم يقم * خلف له تشفى به الارغام


[ 283 ]

إن الائمد تستوي في فضلها * والعلم كهل منكم وغلام أنتم إلى الله الوسيلة والاولى * علموا الهدى فهم له أعلام أنتم إلى ولاة الدين والدنيا ومن * لله فيه حرمة وذمام (1) ما الناس إلا من أقر بفضلكم * والجاحدون بهائم وسوام بل هم أضل عن السبيل بكفرهم * والمقتدي منهم بهم أزلام يدعون في دنياكم وكأنهم * في جحدهم أنعامكم أنعام يا نعمة الله التي تحبو بها * من يصطفي من خلقه المنعام إن غاب منك الجسم عنا أنه * للروح منك أقامة ونظام أروا حكم موجودة اعيانها * ان عن عيون غيبت أجسام الفرق بينك والنبي نبوة * إذ بعد ذلك تستوي الاقدام قبران في طوس الهدى في واحد * والغي في لحد يراه ضرام قبران مقترنان هذا ترعة (2) * جنوية فيها يزار إمام وكذاك ذلك من جهنم حفرة * فيها يجدد للغوى هيام (3) قرب الغوي من الزكي مضاعف * لعذابه ولانفه الارغام أن يدن منه فانه لمباعد * وعليه من خلع العذاب ركام وكذاك ليس يضرك الرجس الذي * يدنيه منك جنادل ورخام لا بل يريك عليك أعظم حسرة * إذ أنت تكرم واللعين يسام سوء العذاب مضاعف تجري به * الساعات والايام والاعوام يا ليت شعري هل بقائمكم غدا * يغدو ويكفي للقراع حسام تطفي يداي به غليلا فيكم * بين الحشا لم ترو منه أوام ولقد يهيجني قبوركم إذا * هاجت سواي معالم وخيام من كان يغرم بامتداح ذوي الغنى * فبمدحكم لي صبوة وغرام (4) وإلى أبي الحسن الرضا اهديتها * مرضية تلتذها الافهام


(1) الذمام بالكسر: الحق والحرمة. (2) الترعة: الروضة وفي الديث أن منبري هذا على ترع من ترع الجنة. (3) الهيام: العطش والجنون. (4) الصبوة: العشق. الغرام: الولوع.

[ 284 ]

خذها عن الضبي عبدكم الذي * هانت عليه فيكم الالوام ان أقض حق الله فيك فإن لي * حق القرى للضيف إذ يعتام (1) فاجعله منك قبول قصدي أنه * غنم عليه حداني استغنام من كان بالتعليم أدرك حبكم * فمحبتي إياكم إلهام


(1) اعتام الرجل إذا أخذ العيمة. العمية: خيار المال، شهوة اللبن.

[ 285 ]

66 – باب في ذكر ثواب زياره الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ياسر الخادم قال: قال علي بن موسى الرضا عليه السلام: لا تشد الرحال إلى شئ من القبور إلا إلى قبورنا ألا وإني مقتول بالسم ظلما ومدفون في موضع غربة فمن شد رحله إلى زيارتي استجيب دعاؤه وغفر له ذنوبه. 2 – حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد الله الوراق والحسين بن إبراهيم بن هشام المكتب رضي عنهم قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي الاسدي عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي عن حمدان الديواني قال: قال الرضا عليه السلام من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى أخلصه من أهوالها إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا وعند الصراط وعند الميزان. 3 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه قال: حدثنا عبد الرحمن بن حماد عن عبد الله بن إبراهيم عن أبيه عن الحسين بن زيد قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام يقول: يخرج رجل من ولد ابني موسى


[ 286 ]

اسمه اسم أمير المؤمنين عليه السلام إلى أرض طوس وهي بخراسان يقتل فيها بالسم فيدفن فيها غريبا من زاره عارفا بحقه أعطاه الله عز وجل أجر من انفق من قبل الفتح وقاتل. 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): سيدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله عز وجل له الجنة وحرم جسده على النار. 5 – حدثنا أحمد بن الحسن القطاني ومحمد بن أحمد بن إبراهيم الليثي ومحمد بن إبراهيم بن إسحاق المكتب الطالقاني ومحمد بن بكران النقاش قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام أنه قال: إن بخراسان لبقعة يأتي عليها زمان تصير مختلف الملائكة ولا يزال فوج ينزل من السماء وفوج يصعد إلى أن ينفخ في الصور فقيل له يا بن رسول الله: وأي بقعة هذه؟ قال: هي بأرض طوس وهي والله روضة من رياض الجنة من زارني في تلك البقعة كان كمن زار رسول الله (ص) وكتب الله تعالى له ثواب الف حجة مبرورة وألف عمرة مقبولة وكنت أنا وآبائي شفعائه يوم القيامة. 6 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: إن بين جبلي طوس قبضة قبضت من الجنة من دخلها كان آمنا يوم القيامة من النار. 7 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام قال: ضمنت لمن زار أبي عليه السلام


[ 287 ]

بطوس عارفا بحقه الجنة على الله تعالى. 8 – وبهذا الاسناد عن عبد العظيم بن عبد الله قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: قد تحيرت بين زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام وبين زيارة قبر أبيك عليه السلام بطوس فما ترى؟ فقال لي مكانك، ثم دخل وخرج ودموعه تسيل على خديه، فقال زوار قبر أبي عبد الله عليه السلام كثيرون وزوار قبر (أبي. ظ) عليه السلام بطوس قليلون. 9 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: والله ما منا إلا مقتول شهيد فقيل له: ومن يقتلك يا بن رسول الله؟ قال: شر خلق الله في زماني يقتلني بالسم ثم يدفنني في دار مضيقة وبلاد غربة ألا فمن زارني في غربتي كتب الله تعالى له أجر مائة ألف شهيد ومائة ألف صديق ومائة ألف حاج ومعتمر ومائة ألف مجاهد وحشر في زمرتنا وجعل في الدرجات العلى في الجنة رفيقنا. 10 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: قرأت كتاب أبي الحسن الرضا عليه السلام أبلغ شيعتنا أن زيارتي تعدل عند الله ألف حجة، قال: فقلت لابي جعفر عليه السلام ابنه: ألف حجة؟ قال: اي والله ألف ألف حجة لمن زاره عارفا بحقه. 11 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم عن علي بن الحسين بن علي بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام، أنه قال له رجل من أهل خراسان: يا ابن رسول الله رأيت رسول الله (ص) في المنام كأنه يقول لي كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي واستحفظتم وديعتي وغيب في ثراكم نجمي؟! فقال له الرضا عليه السلام: أنا المدفون في


[ 288 ]

أرضكم وأنا بضعة نبيكم فانا الوديعة والنجم ألا ومن زارني وهو يعرف ما اوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي فانا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ومن كنا شفعاءه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والانس ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (ص) قال: من زارني في منامه فقد زارني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من اوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم وأن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة. 12 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام ما تقول لمن زار أباك قال: الجنة والله. 13 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن علي بن اسباط قال: سألت أبا جعفر عليه السلام ما لمن زار والدك عليه السلام بخراسان؟ قال: الجنة والله الجنة والله. 14 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد قال: حدثنا محمد بن سليمان المصري عن أبيه عن إبراهيم بن أبي حجر الاسلمي، قال: حدثنا قبيصة بن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعت وصي الاوصياء ووارث علم الانبياء أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام يقول: حدثني سيد العابدين علي بن الحسين عن سيد الشهداء الحسين بن علي عن سيد الاوصياء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): ستدفن بضعة مني بأرض خراسان ما زارها مكروب إلا نفس الله كربته ولا مذنب إلا غفر الله ذنوبه. 15 – حدثنا جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي رضي الله عنه قال: حدثني جدي الحسين بن علي عن الحسين بن


[ 289 ]

يوسف عن محمد بن اسلم، عن محمد بن سليمان قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليهما السلام عن رجل حج حجة الاسلام فدخل متمتعا بالعمرة إلى الحج فأعانه الله تعالى على حجه وعمرته ثم أتى المدينة فسلم على النبي (ص) ثم أتى أباك أمير المؤمنين عليه السلام عارفا بحقه يعلم إنه حجة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه فسلم عليه، ثم أتى أبا عبد الله الحسين بن علي عليه السلام فسلم عليه ثم أتى بغداد فسلم على أبي الحسن موسى عليه السلام، ثم أنصرف إلى بلاده فلما كان في هذا الوقت رزقه الله تعالى ما يحج به فأيهما أفضل؟ أهذا الذي حج حجة الاسلام يرجع ايضا فيحج أو يخرج إلى خراسان ألى أبيك علي بن موسى الرضا عليهما السلام فيسلم عليه؟ قال: بلى يأتي إلى خراسان فيسلم على أبي عليه السلام أفضل وليكن ذلك في رجب ولا ينبغي أن تفعلوا هذا اليوم فإن علينا وعليكم من السلطان شنعة. 16 – حدثنا أبي رحمه الله ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما زارني أحد من اوليائي عارفا بحقي إلا تشفعت له يوم القيامة. 17 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدثنا عمران بن موسى عن الحسين بن علي بن النعمان عن محمد بن الفضيل عن غزوان الضبي قال: اخبرني عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: سيقتل رجل من ولدي بأرض خراسان بالسم ظلما اسمه اسمى واسم أبيه اسم ابن عمران موسى عليه السلام ألا فمن زاره في غربته غفر الله تعالى ذنوبه ما تقدم منها وما تأخر ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الامطار وورق الاشجار. 18 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن تاتانة والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن


[ 290 ]

هشام المكتب وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن علي ماجيلويه ومحمد بن موسى بن المتوكل وعلي بن هبة الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير عن حمزة بن حمران قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها: طوس من زاره إليها عارفا بحقه أخذته بيدي يوم القيامة فأدخلته الجنة وإن كان من أهل الكبائر قال: قلت: جعلت فداك وما عرفان حقه؟ قال: يعلم إنه إمام مفترض الطاعة شهيد، من زاره عارفا بحقه أعطاه الله تعالى له أجر سبعين ألف شهيد ممن استشهد بين يدي رسول الله (ص) على حقيقة وفي حديث آخر قال: قال الصادق عليه السلام: يقتل لهذا (وأومى بيده إلى موسى عليه السلام) ولد بطوس ولا يزوره من شيعتنا إلا الاندر فالاندر. 19 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن موسى عليه السلام يقول: من زار قبر أبي عليه السلام بطوس غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فإذا يوم القيامة نصب له منبر بحذاء منبر رسول الله (ص) حتى يفرغ الله تعالى من حساب العباد. 20 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضي الله عنه قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر، عن سليمان بن حفص المروزي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يقول: من زار قبر ولدي علي كان له عند الله تعالى سبعون حجة مبرورة قلت: سبعون حجة؟ قال: نعم وسبعون ألف حجة ثم قال: رب حجة لا تقبل ومن زاره أو بات عنده ليله كمن زار الله تعالى في عرشه قلت: كمن زار الله في عرشه؟ قال: نعم إذا كان يوم القيامة كان على عرش الله تعالى أربعة من الاولين وأربعة من الاخرين، فاما الاولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام، وأما الاربعة الاخرون فمحمد وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم ثم يمد المطمار (1) فتقعد معنا زوار قبور الائمة، ألا


(1) المطمار: خيط للبناء يقدر به.

[ 291 ]

إن أعلاهم درجة وأقربهم حبوة زوار قبر ولدي علي. قال مصنف هذا الكتاب رحمة الله عليه: معنى قوله عليه السلام: كان كمن زار الله تعالى في عرشه ليس بتشبيه لأن الملائكة تزور العرش وتلوذ به وتطوف حوله وتقول نزور الله في عرشه كما نقول: نحج بيت الله ونزور الله لأن الله تعالى ليس بموصوف بمكان تعالى عن ذلك علوا كبيرا. 21 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضي الله عنه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن علي الانصاري عن أبي الصلت الهروي قال: كنت عند الرضا عليه السلام فدخل عليه قوم من أهل قم فسلموا عليه فرد عليهم وقربهم ثم قال لهم الرضا عليه السلام: مرحبا بكم وأهلا فانتم شيعتنا حقا وسيأتي عليكم يوم تزوروني فيه تربتي بطوس ألا فمن زارني وهو على غسل خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. 22 – حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي قال: حدثني سهل بن زياد الادمي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: سمعت علي بن محمد العسكري عليه السلام يقول: أهل قم وأهل آبة (1) مغفور لهم لزيارتهم لجدي علي بن موسى الرضا عليه السلام بطوس ألا ومن زاره فأصابه في طريقه قطرة من السماء حرم الله جسده على النار. 23 – حدثنا أحمد بن هارون الفامي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثنا محمد بن علي بن محبوب، عن إبراهيم بن هاشم عن سليمان بن حفص المروزي قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ابني علي مقتول بالسم ظلما ومدفون إلى جنب هارون بطوس من زاره كمن زار رسول الله (ص). 24 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: إن لكل


(1) ابة: قرية قرب ساوه قرب قم.

[ 292 ]

امام عهدا في عنق أوليائه وشيعته وأن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الاداء زيارة قبورهم فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقا بما رغبوا فيه كانت ائمتهم شفعاءهم يوم القيامة. 25 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن علي بن محمد الحصيني عن علي بن محمد بن مروان، عن إبراهيم بن عقبة قال: كتبت إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام اسأله عن زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام وعن زيارة أبي الحسن وأبي جعفر عليهما السلام فكتب إلي: أبو عبد الله عليه السلام المقدم وهذا اجمع واعظم اجرا. 26 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن العباس بن معروف عن علي بن مهزيار قال: قلت لابي جعفر عليه السلام يعنى محمد بن علي الرضا عليه السلام: جعلت فداك زيارة الرضا عليه السلام أفضل أم زيارة أبي عبد الله الحسين عليه السلام؟ فقال: زيارة أبي عليه السلام أفضل وذلك أن أبا عبد الله عليه السلام يزوره كل الناس وأبي عليه السلام لا يزوره إلا الخواص من الشيعة (1). 27 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي الوشاء قال: أبو الحسن الرضا عليه السلام: أني سأقتل بالسم مظلوما فمن زارني عارفا بحقي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. 28 – حدثنا محمد بن أحمد السناني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن


(1) والخواص من الشيعة في الرواية هم الفرقة الناجية الاثني عشرية بقرينة الروايات الاخر وذلك لان سائر فرق الشيعة من الزيدية والجارودية والكيسانية والفطحية وغيرهم في زمان ورود هذه الاخبار في غاية الكثرة كما نص عليه بعض الاجلة والفرقة الاثني عشرية قليلون فيه وأهل أكثر بلدان العجم كانوا من المخالفين كما ينبئ عنه آثارها القديمة من المساجد والمقابر وغيرهما ومن المعلوم زيارة كلهم أبا عبد الله عليه السلام بخلاف الرضا عليه السلام فانه لا يزوره الواقفية بل ولا سائر الفرق البعيدة ولا المخالفون لاجل تعصبهم الزائد من المخالطة مع العجم من الشيعة كما هو مشاهد الان. على أن للحسين عليه السلام محبة خاصة ووقعا في القلوب كما في الحديث ليس لغيره عليه السلام من الائمة فلا يزور الرضا عليه السلام إلا قليل من الاثني عشرية فتأمل من اللؤلؤة الغالية.

[ 293 ]

يحيى بن زكريا القطان قال، حدثنا أبو محمد بكر بن عبيد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول عن أبيه عن إسماعيل بن مهران عن جعفر بن محمد عليه السلام قال: إذا حج احدكم فليختم حجه بزيارتنا لأن ذلك من تمام الحج. 29 – حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: تمام الحج لقاء الامام. 30 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن اذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الاحجار فيتطوفوا بها ثم يأتوننا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرتهم. 31 – حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عقبة عن زيد الشحام قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ما لمن زار واحدا منكم؟ قال: كمن زار رسول الله (ص). 32 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب ومحمد بن علي ماجيلويه وأحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم ناتانة وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهم قالوا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الصقر بن دلف قال: سمعت سيدي علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول: من كانت له إلى الله حاجة فليزر قبر جدي الرضا عليه السلام بطوس وهو على غسل وليصل عند رأسه ركعتين وليسأل الله حاجته في قنوته فانه يستجيب له ما لم يسأل في مآثم أو قطيعة رحم وأن موضع قبره لبقعة من بقاع الجنة لا يزورها مؤمن إلا اعتقه الله من النار وأحله إلى دار القرار. 33 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه


[ 294 ]

قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: حدثنا علي بن بن فضال عن أبيه قال: سمعت أبا الحسن علي موسى الرضا عليه السلام يقول: أنا مقتول ومسموم ومدفون بأرض غربة اعلم ذلك بعهد عهده إلي أبي عن أبيه عن آبائه عن علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله (ص): ألا فمن زارني في غربتي كنت أنا وآبائي شفعاءه القيامة ومن كنا شفعاءه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين. 34 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب وعلي بن عبد الله الوراق رضي الله عنهما قالا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: دخل دعبل بن علي الخزاعي (ره) علي موسى الرضا عليهما السلام بمرو فقال له: يا بن رسول الله (ص) إني قد قلت فيك قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال عليه السلام: هاتها فانشده: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات فلما بلغ إلى قوله: أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وايديهم من فيئهم صفرات بكى أبو الحسن الرضا عليه السلام وقال له: صدقت يا خزاعي فلما بلغ إلى قوله: إذا وتروا مدوا إلى واتريهم * اكفا عن الاوتار منقبضات جعل أبو الحسن عليه السلام يقلب كفيه ويقول: أجل والله منقبضات فلما بلغ إلى قوله: لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها * وإني لارجو الامن بعد وفاتي قال الرضا عليه السلام: آمنك الله يوم الفزع الاكبر فلما انتهى إلى قوله: وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها الرحمن في الغرفات


[ 295 ]

قال له الرضا عليه السلام: أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟ فقال: بلى يا ابن رسول الله، فقال عليه السلام: وقبر بطوس يا لها من مصيبة * توقد في الاحشاء بالحرقات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات فقال دعبل: يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا عليه السلام: قبري ولا تنقضي الايام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له ثم نهض الرضا عليه السلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له: يقول لك مولاي إجعلها في نفقتك فقال دعبل: والله ما لهذا جئت ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ورد الصرة وسأل ثوبا من ثياب الرضا عليه السلام ليتبرك ويتشرف به فانفذ إليه الرضا عليه السلام جبة خز مع الصرة وقال للخادم: قل له خذ هذه الصرة فانك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها فأخذ دعبل الصرة والجبة وانصرف وسار من مرو في قافلة فلما بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص فاخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل فيمن كتف وملك اللصوص القافلة وجعلوا يقسمونها بينهم فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل في قصيدته: أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات فسمعه دعبل فقال له: لمن هذا البيت؟ فقال لرجل من خزاعة يقال له: دعبل بن علي، قال: فانا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل وكان من الشيعة فأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل وقال له: أنت دعبل؟ فقال نعم فقال له أنشدني القصيدة فانشدها فحل كتافه وكتاف جميع أهل القافلة ورد إليهم جميع ما أخذ منهم لكرامة دعبل وسار دعبل حتى وصل إلى قم فسأله أهل قم أن


[ 296 ]

ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع فلما اجتمعوا صعد المنبر فانشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع بشئ كثير واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها بألف دينار فامتنع من ذلك فقالوا له: فبعنا شيئا منها بألف دينار فأبى عليهم وسار عن قم فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من أحداث العرب وأخذوا الجبة منه فرجع دعبل إلى قم وسألهم رد الجبة فامتنع الاحداث من ذلك وعصوا المشايخ في أمرها فقالوا لدعبل: لا سبيل إلى لك إلى الجبة فخذ ثمنها ألف دينار فأبى عليهم فلما يئس من ردهم الجبة سألهم أن يدفعوا إليه شيئا منها فأجابوه إلى ذلك وأعطوه بعضها ودفعوا إليه ثمن باقيها ألف دينار وانصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص قد أخذوا جميع ما كان في منزله فباع المأة الدينار التي كان الرضا عليه السلام وصله بها فباع من الشيعة كل دينار بمأة درهم فحصل في يده عشرة آلاف درهم فذكر قول الرضا عليه السلام: إنك ستحتاج إلى الدنانير وكانت له جارية من قلبه محل فرمدت عينها رمدا عظيما فادخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا: أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت وأما اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تسلم فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما ثم إنه ذكر ما كان معه من وصلة الجبة فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة (1) منها أول الليل فأصبحت وعيناها أصح ما كانتا قبل من ببركة أبي الحسن الرضا عليه السلام. قال مصنف هذا الكتاب (رحمة الله عليه): إنما ذكرت هذا الحديث في هذا الكتاب وفي هذا الباب لما فيه من ثواب زيارة الرضا عليه السلام. ولدعبل بن علي خبر عن الرضا عليه السلام في النص على القائم عليه السلام أحببت ايراده على أثر هذا الحديث. 35 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح


(1) العصابة: ما عصب به من منديل ونحوه.

[ 297 ]

الهروي قال سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول لما أنشدت مولاي الرضا عليه السلام قصيدتي التي أولها: مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات فلما انتهيت إلى قولي: خروج إمام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطل * ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا عليه السلام بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي: يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الامام؟ ومتى يقوم؟ فقلت: لا يا سيدي إلا إني سمعت بخروج إمام منكم يطهر الأرض من الفساد ويملؤها عدلا فقال: يا دعبل الامام بعدي محمد ابني وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملاها عدلا كما ملئت جورا وظلما وأما متى؟ فأخبار عن الوقت ولقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام أن النبي (ص) قيل له: يا رسول الله (ص) متى يخرج القائم من ذريتك؟ فقال: مثله مثل الساعة (لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والارض لا يأتيكم إلا بغتة) (1) خبر دعبل عند وفاته 6 – حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الهرمزي البيهقي قال: سمعت أبا الحسن داود البكري يقول: سمعت علي بن دعبل بن علي الخزاعي يقول: لما أن حضرت أبي الوفاة تغير لونه وانعقد لسانه وأسود وجهه فكدت الرجوع من مذهبه فرأيته بعد ثلاثة أيام فيما يرى النائم وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء فقلت له: يا أبت ما فعل الله بك؟ فقال يا بني


(1) سورة الاعراف: الاية 187.

[ 298 ]

إن الذي رأيته من اسوداد وجهي وانعقاد لساني كان من شربي الخمر في دار الدنيا ولم أزل كذلك حتى لقيت رسول الله (ص) وعليه ثياب بيض وقلنسوة بيضاء فقال لي: أنت دعبل؟ قلت: نعم يا رسول الله قال: فانشدني قولك في أولادي فانشدته قولي: لا اضحك الله سن الدهر أن ضحكت * وآل أحمد مظلومون قد قهروا مشردون نفوا عن عقر دارهم * كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر قال: فقال لي: احسنت وشفع في وأعطاني ثيابه وها هي وأشار إلى ثياب بدنه. ذكر ما وجد على قبر دعبل مكتوبا 37 – سمعت أبا نصر محمد بن الحسن الكرخي الكاتب، يقول: رأيت على قبر دعبل بن علي الخزاعي مكتوبا: أعد لله يوم يلقاه * دعبل أن لا إله إلا هو يقولها مخلصا عساه بها * يرحمه في القيامة الله الله مولاه والرسول ومن * بعدهما فالوصي مولاه


[ 299 ]

67 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في ثواب زيارة فاطمه بنت موسى بن جعفر عليه السلام بقم 1 – حدثنا أبي ومحمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قالا: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن سعد بن سعد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن زياره فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام، فقال: من زارها فله الجنة.


[ 300 ]

68 – باب في ذكر زيارة الرضا عليه السلام بطوس ذكرها شيخنا محمد بن الحسن في جامعه فقال: إذا أردت زيارة الرضا عليه السلام بطوس فاغتسل عند خروجك من منزلك وقل حين تغتسل: (اللهم طهرني وطهر قلبي وأشرح لي صدري واجر على لساني مدحتك والثناء عليك فانه لا حول ولا قوة إلا بك، اللهم اجعله لي طهورا وشفائا) وتقول حين تخرج: (بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله وإلى الله وإلى ابن رسول الله حسبي الله توكلت على الله، اللهم إليك توجهت وإليك قصدت وما عندك أردت) فإذا خرجت فقف على باب دارك وقل: (اللهم إليك وجهت وجهي وخلفت وعليك خلفت أهلي ومالي وولدي وما خولتني وبك وثقت تخيبني يا من لا يخيب من أراده ولا يضيع من حفظه صل على محمد وآل محمد واحفظني بحفظك فانه لا يضيع من حفظته) فإذا وافيت سالما فاغتسل وقل حين تغتسل: (اللهم طهرني وطهر لي قلبى واشرح لي صدري واجر على لساني مدحتك ومحبتك والثناء عليك * فإنه لا قوة إلا إلا بك، وقد علمت أن قوة ديني التسليم لامرك والاتباع لسنة نبيك والشهادة على جميع خلقك، اللهم إجعل لي شفاء ونورا إنك على كل شئ قدير) وألبس أطهر ثيابك وأمش حافيا وعليك السكينة والوقار والتكبير والتهليل والتمجيد قصر خطاك وقل حين تدخل: (بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله (ص) أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأشهد أن عليا ولي الله).


[ 301 ]

وسر حتى تقف على قبره عليه السلام وتستقبل وجهه بوجهك واجعل القبلة بين كتفيك: (وقل أشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله وأنه سيد الاولين والاخرين وإنه سيد الانبياء والمرسلين اللهم صل على محمد عبدك ورسولك ونبيك وسيد خلقك أجمعين صلاة لا يقوى على احصائها غيرك، اللهم صل على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عبدك وأخي رسولك الذي انتجبته بعلمك وجعلته هاديا لمن شئت من خلقك والدليل على من بعثته برسالتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك والمهيمن على ذلك كله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على فاطمة بنت نبيك وزوجة وليك وأم السبطين الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة الطهرة الطاهرة المطهرة التقية النقية الرضية (المرضية) الزكية سيدة نساء أهل الجنة اجمعين صلاة لا يقوى على احصائها غيرك، اللهم صل على الحسن والحسين سبطي نبيك وسيدي شباب أهل الجنة القائمين في خلقك والدليلين على من بعثته برسالتك ودياني الدين بعدلك وفصلي قضائك بين خلقك، اللهم صل على علي بن الحسين عبدك القائم في خلقك والدليل على من بعثته برسالتك وديان الدين بعدلك وفصل قضائك بين خلقك سيد العابدين، اللهم صل على محمد بن علي عبدك وخليفتك في ارضك باقر علم النبيين، اللهم صل على على جعفر بن محمد الصادق عبدك وولي دينك وحجتك على خلقك أجمعين الصادق البار، اللهم صل على موسى بن جعفر عبدك الصالح ولسانك في خلقك الناطق بحكمك والحجة على بريتك، اللهم صل على علي بن موسى الرضا المرتضى عبدك وولي دينك القائم بعدلك والداعي إلى دينك ودين آبائه الصادقين صلاة لا يقوى على احصائها غيرك، اللهم صل على محمد بن علي عبدك ووليك القائم بأمرك والداعي إلى سبيلك، اللهم صل على علي بن محمد عبدك وولي دينك اللهم صل على الحسن بن علي العامل بأمرك القائم في خلقك وحجتك المؤدي عن نبيك وشاهدك على خلقك المخصوص بكرامتك الداعي إلى طاعتك وطاعة رسولك صلواتك عليهم أجمعين، اللهم صل على حجتك ووليك القائم في خلقك صلاة تامة نامية باقية تعجل بها فرجه وتنصره بها وتجعلنا معه في الدنيا والاخرة، اللهم إني أتقرب إليك بحبهم


[ 302 ]

وأوالي وليهم وأعادي عدوهم وارزقني بهم خير الدنيا والاخرة وأصرف عني بهم شر الدنيا والاخرة واهوال يوم القيامة)، ثم تجلس عند رأسه وتقول: (السلام عيك يا ولي الله، السلام عليك يا حجة الله السلام عليك يا نور الله في ظلمات الأرض السلام عليك يا عمود الدين، السلام عليك يا وارث آدم صفي الله، السلام عليك يا وارث نوح نجي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث إسماعيل ذبيح الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله، السلام عليك يا وارث محمد بن عبد الله خاتم النبيين وحبيب رب العالمين، السلام عليك يا وارث علي بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين ولي الله، السلام عليك يا وارث فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا وارث الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، السلام عليك يا وارث علي بن الحسين سيد العابدين، السلام عليك يا وارث محمد بن علي باقر علم الاولين والاخرين، السلام يا وارث جعفر بن محمد الصادق البار الامين، السلام يا وارث أبي الحسن موسى الكاظم الحليم السلام عليك أيها الشهيد السعيد المظلوم المقتول، السلام أيها الصديق الوصي البار التقي أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وعبدت الله مخلصا حتى أتاك اليقين، السلام عليك يا أبا الحسن ورحمة الله وبركاته إنه حميد مجيد، لعن الله أمة قتلتك لعن الله أمة ظلمتك لعن الله أمة أسست أساس الظلم والجور والبدعة عليكم أهل البيت) ثم تنكب على القبر وتقول: (اللهم إليك صمدت من أرضي وقطعت البلاد رجاء رحمتك فلا تخيبني ولا تردني بغير قضاء حوائجي وارحم تقلبي على قبر ابن أخي رسولك صلواتك عليه وآله بأبي وأمي اتيتك زائرا وافدا عائذا مما جنيت على نفسي واحتطبت على ظهري فكن لي شافعا إلى الله تعالى يوم حاجتي وفقري وفاقتي فلك عند الله مقاما محمودا وأنت عند الله وجيه) ثم ترفع يدك اليمنى وتبسط اليسرى على القبر وتقول: (اللهم إني أتقرب إليك بحبهم وبولايتهم أتولى آخرهم بما توليت به أولهم وابرأ إلى الله من كل وليجة دونهم اللهم العن الذين بدلوا دينك وغيروا نعمتك وأتهموا نبيك وجحدوا بآياتك وسخروا بامامك


[ 303 ]

وحملوا الناس على أكتاف آل محمد، اللهم إني أتقرب إليك باللعنة عليهم والبراءة في الدنيا والاخرة يا رحمن) ثم تحول عند رجليه وتقول: (صلى الله عليك يا أبا الحسن صلى الله على روحك وبدنك صبرت وأنت الصادق المصدق لعن الله من قتلك بالايدي والالسن). ثم ابتهل في اللعنة على قاتل أمير المؤمنين وعلى قتلة الحسن والحسين وعلى جميع قتلة أهل بيت رسول الله (ص) ثم تحول عند رأسه من خلفه وصل ركعتين تقرأ احديهما الحمد ويس وفي الاخرى الحمد والرحمن وأن لم تحفظهما فتقرأ سورة الاخلاص في كليهما وتدعو للمؤمنين والمؤمنات وخاصة لوالديك وتجتهد في الدعاء والتضرع واكثر من الدعاء لنفسك ولوالديك ولجميع اخوانك وأقم عند رأسه ما شئت ولتكن صلاتك عند القبر. الوداع فإذا أردت أن تودعه فقل: (السلام يا مولاي وابن مولاي ورحمة الله وبركاته أنت لنا جنة من العذاب وهذا أوان إنصرافي عنك إن كنت أذنت لي غير راغب عنك ولا مستبدل بك ومؤثر عليك ولا زاهد في قربك وقد جرت بنفسي للحدثان وتركت الاهل والاولاد والاوطان فكن لي شافعا يوم حاجتي وفقري وفاقتي يوم لا يغني عني حميمي وقريبي يوم لا يغني عني والدي ولا ولدي * اسأل الله الذي قدر علي رحيلي إليك أن تنفس بك كربتي واسأل الله الذي قدر علي فراق مكانك أن لا يجعله آخر العهد من زيارتي لك ورجوعي إليك واسأل الله الذي ابكى عليك عيني أن يجعله سببا لي وذخرا واسأل الله الذي أراني مكانك وهداني للتسليم عليك وزيارتي إياك أن يوردني حوضكم ويرزقني من مرافقتكم في الجنان، السلام عليك صفوة الله السلام على علي أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين وقائد الغر المحجلين، السلام على الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة السلام الائمة) وتسميهم واحدا واحدا عليهم السلام: (ورحمة الله وبركاته، السلام على ملائكة الله الحافين السلام على ملائكة الله المقيمين المسبحين الذين هم بأمره يعملون، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتي إياه، فإن جعلته


[ 304 ]

فاحشرني معه وآبائي (آبائه. ظ) الماضين وأن ابقيتني يا رب فارزقني زيارته ابدا ما ابقيتني إنك على كل شئ قدير) وتقول: (استودعك الله واسترعيك واقرأ عليك السلام آمنا بالله ودعوت إليه (1)، اللهم فاكتبنا مع الشاهدين، اللهم فارزقني حبهم ومودتهم أبدا ما أبقيتني السلام على ملائكة الله وزوار قبرك يا ابن نبي الله السلام عليك مني أبدا بقيت ودائما إذا فنيت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) وإذا خرجت من القبة فلا تول وجهك حتى يغيب عن بصرك إنشاء الله تعالى. ما يجزى من القول عند زيارة جميع الائمة عليهم السلام عن الرضا عليه السلام 1 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن علي بن حسان قال: سئل الرضا عليه السلام في اتيان قبر أبي الحسن موسى عليه السلام، فقال: صلوا في المساجد حوله ويجزي في المواضع كلها أن تقول: (السلام على اولياء الله واصفيائه السلام على امناء الله وأحبائه، السلام على أنصار الله وخلفائه، السلام على محال معرفة الله، السلام على مساكن ذكر الله، السلام على مظهري أمر الله ونهيه، السلام على الدعاة إلى الله، السلام على المستقرين في مرضات الله السلام على المخلصين في طاعة الله، السلام على الادلاء على الله، السلام على الذين من والاهم فقد والى الله ومن عاداهم فقد عادى الله ومن عرفهم فقد عرف الله ومن جهلهم فقد جهل الله، ومن اعتصم بهم فقد اعتصم بالله ومن تخلى منهم فقد تخلى من الله أشهد الله إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم مؤمن بسركم وعلانيتكم مفوض في ذلك كله إليكم لعن الله عدو آل محمد من الجن والانس من الاولين والاخرين وابرأ إلى الله منهم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين). هذا يجزي في الزيارات كلها وتكثر من الصلاة على محمد وآل محمد


(1) وفي نسخة أخرى (دللت عليه).

[ 305 ]

والائمة وتسمي واحدا واحدا باسمائهم وتبرأ من اعدائهم وتخير ما شئت من الدعاء لنفسك وللمؤمنين والمؤمنات. زيارة أخرى جامعة للرضا علي بن موسى عليه السلام ولجميع الائمة عليه السلام. 1 – حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضي الله عنه ومحمد بن أحمد السناني وعلي بن عبد الوراق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي وأبو الحسين الاسدي قالوا: حدثنا محمد بن إسماعيل المكي البرمكي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام: علمني يا ابن رسول الله قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم فقال: إذا صرت إلى الباب فقف وأشهد الشهادتين وأنت على غسل فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وقل: الله أكبر ثلاثين مرة ثم أمش قليلا وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك ثم قف وكبر الله عز وجل ثلاثين مرة ثم أدن من القبر وكبر الله أربعين مرة تمام مأة تكبيرة ثم قل: (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي ومعدن الرسالة وخزان العلم ومنتهى الحلم وأصول الكرم وقادة الامم واولياء النعم وعناصر الابرار ودعائم الاخيار وساسة (1) العباد وأركان البلاد وأبواب الايمان وأمناء الرحمن وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين ورحمة الله وبركاته، السلام ائمة الهدى ومصابيح الدجى واعلام التقى وذوى النهى وأولي الحجى وكهف الورى (2) وورثة الانبياء والمثل الاعلى والدعوة الحسنى وحجج الله على أهل الاخرة والاولى ورحمة الله وبركاته، السلام على محال معرفة الله ومساكن بركة الله ومعادن حكمة الله وحفظة سر الله وحملة كتاب الله وأوصياء نبي الله وذرية رسول الله (ص) ورحمة


(1) الساسة جمع سائس أي المدبر وفي الحديث: الامام عارف بالسياسة. (2) الكهف: الملجأ. والمراد بالورى جميع ما سوى الله لانه بمعنه الخلق.

[ 306 ]

الله وبركاته السلام على الدعاة إلى الله والادلاء على على مرضات الله والمستقرين في أمر الله ونهيه والتامين في محبة الله والمخلصين في توحيد الله والمظهرين لامر الله ونهيه وعباده المكرمين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة الله وبركاته، السلام على ائمة الدعاة والقادة الهداة والسادة الولاة والذادة الحماة وأهل الذكر وأولي الامر وبقية الله وخيرته وحزبه وعيبة علمه وحجته وصراطه ونوره وبرهانه ورحمة الله وبركاته، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له كما شهد الله لنفسه وشهدت له ملائكته وأولوا العلم من خلقه لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده المصطفى ورسوله المرتضى أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وأشهد أنكم الائمة الراشدون المهديون المعصومون المكرمون المقربون المتقون الصادقون المصطفون المطيعون لله القوامون بأمره العاملون بإرادته الفائزون بكرامته أصطفاكم بعلمه وأرتضاكم لدينه واختاركم لسره وأجتباكم بقدرته وأعزكم بهداه وخصكم ببرهانه وأنتجبكم لنوره وأيدكم بروحه ورضيكم خلفاء في أرضه وحججا على بريته وأنصارا لدينه وحفظة لسره وخزنة لعلمه ومستودعا لحمكته وتراجمة لوحيه وأركانا لتوحيده وشهداء على خلقه وأعلاما لعباده ومنارا في بلاده وادلاء على صراطه، عصمكم الله من الزلل وآمنكم من الفتن وطهركم من الدنس وأذهب عنكم الرجس وطهركم تطهيرا فعظمتم جلاله وكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وادمنتم ذكره ووكدتم ميثاقه وحكمتم عقد طاعته ونصحتم له في السر والعلانية ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم أنفسكم في مرضاته وصبرتم على ما أصابكم في جنبه وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده حتى اعلنتم دعوته وبينتم فرائضه وأقمتم حدوده ونشرتم شرائع أحكامه وسننتم سنته وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم له القضاء وصدقتم من رسله من مضى، فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في حقكم زاهق والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم وأنتم أهله ومعدنه وميراث النبوة عندكم وإياب الخلق إليكم وحسابه عليكم وفصل الخطاب عندكم وآيات الله لديكم وعزائمه فيكم ونوره وبرهانه عندكم وأمره إليكم من والاكم فقد


[ 307 ]

والى الله ومن عاداكم عادى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن إعتصم بكم فقد إعتصم بالله أنتم السبيل الاعظم والصراط الاقوم وشهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء والرحمة الموصلة والاية المخزونة والامانة المحفوظة والباب المبتلى به الناس، من اتيكم نجى ومن لم يأتكم هلك، إلى الله تدعون وعليه تدلون وبه تؤمنون وله تسلمون وبأمره تعملون وإلى سبيله ترشدون وبقوله تحكمون سعد والله من والاكم وهلك من عاداكم وخاب من جحدكم وضل من فارقكم وفاز من تمسك بكم وأمن من لجأ إليكم وسلم صدقكم وهدى من أعتصم بكم ومن اتبعكم فالجنة مأواه ومن خالفكم فالنار مثواه ومن جحدكم كافر ومن حاربكم مشرك ومن رد عليكم فهو في أسفل درك من الجحيم، أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى وجار لكم فيما بقى وأن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة طابت وطهرت بعضها من بعض خلقكم أنوارا فجعلكم بعرشه محدقين حتى من علينا فجعلكم الله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه وجعل صلاتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا وطهارة لانفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبنا فكنا عنده مسلمين بفضلكم ومعروفين بتصديقنا إياكم فبلغ الله بكم أشرف محل المكرمين وأعلى منازل المقربين وأرفع درجات أوصياء المرسلين حيث لا يلحقه لاحق ولا يفوقه فائق ولا يسبقه سابق ولا يطمع في إدراكه طامع حتى لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد ولا عالم ولا جاهل ولا دني ولا فاضل ولا مؤمن صالح ولا فاجر طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلا عرفهم جلالة أمركم وعظم خطركم وكبر شأنكم وتمام نوركم وصدق مقاعدكم وثبات مقامكم وشرف محلكم ومنزلتكم عنده وكرامتكم عليه وخاصتكم لديه وقرب منزلتكم منه بأبي أنتم وأمي وأهلي ومالي وأسرتي أشهد الله وأشهدكم إني مؤمن بكم وبما أتيتم به كافر بعدوكم وبما كفرتم به مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم موال لكم ولاوليائكم مبغض لاعدائكم ومعاد لهم وسلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم محقق لما حققتم مبطل لما أبطلتم مطيع لكم عارف بحقكم مقر بفضلكم محتمل لعلمكم محتجب بذمتكم معترف بكم مؤمن بإيابكم مصدق برجعتكم منتظر لامركم مرتقب لدولتكم آخذ


[ 308 ]

بقولكم عامل بأمركم مستجير بكم زائر لكم عائذ بكم لائذ بقبوركم مستشفع إلى الله عز وجل بكم ومتقرب بكم إليه ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وأرادتي في كل أحوالي وأموري، مؤمن بسركم وعلانيتكم وشاهدكم وغائبكم وأولكم وآخركم ومفوض في ذلك كله إليكم ومسلم فيه معكم وقلبي لكم مؤمن ورأيي لكم تبع ونصرتي لكم معدة يحيي الله تعالى دينه بكم ويردكم في أيامه ويظهركم لعدله ويمكنكم في أرضه، فمعكم معكم لا مع عدوكم آمنت بكم وتوليت آخركم بما توليت به أولكم وبرئت إلى الله تعالى من اعدائكم ومن الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم والجاحدين لحقكم والمارقين من ولايتكم والغاصبين لارثكم الشاكين فيكم المنحرفين عنكم ومن كل وليجة دونكم وكل مطاع سواكم ومن الائمة الذين يدعون إلى النار، فثبتني الله أبدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم ووفقني لطاعتكم ورزقني شفاعتكم وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه وجعلني ممن يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم ويهتدي بهداكم ويحشر في زمرتكم ويكر في رجعتكم ويملك في دولتكم ويشرف في عافيتكم ويمكن في أيامكم وتقر عينه غدا برؤيتكم بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي، من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه إليكم، موالي لا أحصي ثنائكم ولا أبلغ من المدح كنهكم ومن الوصف قدركم وأنتم نور الاخيار وهداة الابرار وحجج الجبار بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا باذنه وبكم ينفس الهم وبكم يكشف الضر وعندكم ما ينزل به رسله وهبطت به ملائكته وإلى جدكم بعث الروح الامين) (وإن كانت الزيارة لامير المؤمنين عليه السلام، فقل: وإلى أخيك بعث الروح الامين) (آتاكم الله ما يؤت أحدا من العالمين، طأطأ كل شريف لشرفكم وبخع (1) كل متكبر لطاعتكم وخضع كل جبار لفضلكم وذل كل شئ لكم وأشرقت الأرض بنوركم وفاز الفائزون بولايتكم بكم يسلك إلى الرضوان وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي ذكركم في الذاكرين واسماءكم في الاسماء وأجسادكم في الاجساد وأرواحكم في الارواح وأنفسكم في النفوس


(1) بخ بالحق: أقر به وأذعن.

[ 309 ]

وآثاركم في الاثار وقبوركم في القبور فما أحلى اسماءكم وأكرم أنفسكم واعظم شأنكم وأجل خطركم وأوفى عهدكم كلامكم نور وأمركم رشد ووصيتكم التقوى وفعلكم الخير وعادتكم الاحسان وسجيتكم الكرم وشأنكم الحق والصدق والرفق وقولكم حكم وحتم ورأيكم علم وحلم وحزم، إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه، بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي كيف أصف حسن ثنائكم؟ وكيف أحصي جميل بلائكم وبكم اخرجنا الله من الذل وفرج عنا غمرات الكروب وانقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار، بأبي أنتم وأمي ونفسي بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا وأصلح ما كان فسد من دنيانا وبموالاتكم تمت الكلمة وعظمت النعمة وائتلفت الفرقة، وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة ولكم المودة الواجبة والدرجات الرفيعة والمقام المحمود عند الله تعالى والمكان المعلوم والجاه العظيم والشأن الرفيع والشفاعة المقبولة ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ياوليي الله إن بينى وبين الله ذنوبا لا يأتي عليها إلا رضاكم فبحق من ائتمنكم على سره واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته، لما استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي إني لكم مطيع من أطاعكم فقد أطاع الله ومن عصاكم عصى الله ومن أحبكم فقد أحب الله ومن أبغضكم فقد أبغض الله اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الاخيار الائمة الابرار لجعلتهم شفعائي فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك، اسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم وفي زمرة المرجوين لشفاعتهم إنك أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله حسبنا الله ونعم الوكيل. الوداع إذا أردت الانصراف فقل: (السلام عليكم يا أهل بيت النبوة سلام مودع لا سأم (1) ولا قال ورحمة الله وبركاته إنك حميد مجيد سلام ولي غير راغب


(1) السآمة: السلالة وزنا ومعنى.

[ 310 ]

عنكم ولا مستبدل بكم ولا مؤثر عليكم ولا منحرف عنكم ولا زاهد في قربكم لا جعله الله آخر العهد من زيارة قبوركك واتيان مشاهدكم والسلام عليكم وحشرني الله في زمرتكم وأوردني حوضكم وجعلني من حزبكم وارضاكم عني ومكنني من دولتكم واحياني في رجعتكم وملكني في أيامكم وشكر سعيي بكم وغفر ذنبي بشفاعتكم وأقال عثرتي بحبكم وأعلى كعبي بموالاتكم وشرفني بطاعتكم وأعزني بهداكم وجعلني ممن انقلب مفلحا منجحا غانما سالما معافا غنيا فائزا برضوان الله وفضله وكفايته بأفضل ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ومحبيكم وشيعتكم ورزقني الله العود ثم العود ابدا ما أبقاني ربي بنية صادقة وإيمان وتقوى واخبات ورزق واسع حلال طيب، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم وأوجب إلي المغفرة والخير والبركة والنور والايمان وحسن الاجابة كما لاوليائك العارفين بحقهم الموجبين لطاعتهم والراغبين في زيارتهم المتقربين إليك وإليهم، بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي إجعلوني في همتكم وصيروني في حزبكم وادخلوني في شفاعتكم واذكروني عند ربكم اللهم صل على محمد وآل محمد وابلغ أرواحهم واجسادهم مني السلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا وحسبنا الله ونعم الوكيل).


[ 311 ]

69 – باب ذكر ما ظهر للناس في وقتنا من بركة هذا المشهد وعلاماته واستجابة الدعاء فيه. 1 – حدثنا أبو طالب الحسين بن عبد الله بن بنان الطائي قال: سمعت محمد بن عمر النوقاني يقول: بينما أنا نائم بنوقان في علية (1) لنا في ليلة ظلماء إذ انتبهت فنظرت إلى الناحية التي فيها مشهد علي بن موسى الرضا عليه السلام بسناباد فرأيت نورا قد علا حتى امتلا منه المشهد وصار مضيئا كأنه نهار وكنت شاكا في أمر الرضا عليه السلام ولم أكن علمت إنه حق فقالت لي أمي وكانت مخالفه: ما لك يا بني؟ فقلت لها: رأيت نورا ساطعا قد امتلا منه المشهد فأعلمت أمي ذلك وجئت بها إلى المكان الذي كنت فيه حتى رأت ما رأيت من النور وامتلا المشهد منه فاستعظمت ذلك، فأخذت في الحمد لله إلا إنها لم تؤمن بها كإيماني فقصدت المشهد فوجدت الباب مغلقا فقلت: اللهم إن كان أمر الرضا عليه السلام حقا فافتح هذا الباب ثم دفعته بيدي فانفتح فقلت في نفسي لعله لم يكن مغلقا على ما وجب فغلقته حتى علمت إنه لم يمكن فتحه إلا بمفاتح ثم قلت: اللهم إن كان أمر الرضا عليه السلام (حقا. ظ) فافتح لي هذا الباب ثم دفعته بيدي فانفتح فدخلت وزرت وصليت واستبصرت في أمر الرضا عليه السلام فكنت أقصده بعد ذلك في كل ليلة جمعة زائرا من نوقان وأصلي عنده إلى وقتي هذا.


(1) العلية: غرفة منفصلة عن الارض بغرفة ونحوها.

[ 312 ]

2 – حدثنا أبو طالب الحسين بن عبد الله بن بنان الطائي قال: سمعت أبا منصور بن عبد الرزاق يقول للحاكم بطوس المعروف بالبيوردي: هل لك ولد؟ فقال: لا، فقال له أبو منصور: لم لا تقصد مشهد الرضا عليه السلام وتدعو الله عنده حتى يرزقك ولدا؟ فإني سألت الله تعالى هناك في وائج فقضيت لي قال الحاكم: فقصدت المشهد على ساكنه السلام ودعوت الله عز وجل عند الرضا عليه السلام أن يرزقني ولدا فرزقني الله عز وجل ولدا ذكرا فجئت إلى أبي منصور ابن عبد الرزاق واخبرته باستجابة الله تعالى في هذا المشهد فوهب لي وأعطاني واكرمني على ذلك. قال مصنف هذا الكتاب (ره): لما استأذنت الامير السعيد ركن الدولة في زيارة مشهد الرضا عليه السلام فأذن لي في ذلك في رجب من سنة اثنتين وخمسين وثلاثمأة فلما انقلبت عنه ردني، فقال لي: هذا مشهد مبارك قد زرته وسألت الله تعالى حوائج كانت في نفسي فقضاها لي، فلا تقصر في الدعاء لي هناك والزيارة عني فإن الدعاء فيه مستجاب فضمنت ذلك له ووفيت به فلما عدت من المشهد على ساكنه التحية والسلام ودخلت إليه، فقال لي: هل دعوت لنا وزرت عنا؟ فقلت: نعم فقال لي: قد احسنت قد صح لي إن الدعاء في ذلك المشهد مستجاب. 3 – حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسين الضبي وما لقيت انصب منه وبلغ من منصبه أنه كان يقول: اللهم صل على محمد فردا ويمتنع من الصلاة على آله قال: سمعت أبا بكر الحمامي الفراء في سكة حرب (1) نيسابور وكان من أصحاب الحديث يقول: أودعني بعض الناس وديعة فدفنتها ونسيت موضعها، فتحيرت، فلما أتى على ذلك مدة جاءني صاحب الوديعة يطالبني بها فلم أعرف موضعها وتحيرت واتهمني صاحب الوديعة فخرجت من بيتي مغموما متحيرا ورأيت جماعة من الناس يتوجهون إلى مشهد الرضا عليه السلام فخرجت معهم إلى المشهد وزرت ودعوت الله عز وجل أن يبين لي موضع الوديعة فرأيت هناك فيما يرى النائم كان آت أتاني فقال لي: دفنت


(1) قيل: انه من شوارع نيسابور.

[ 313 ]

الوديعة في موضع كذا وكذا فرجعت إلى صاحب الوديعة، فأرشدته إلى ذلك الموضع الذي رأيته في المنام وأنا غير مصدق بما رأيت فقصد صاحب الوديعة ذلك المكان فحفره واستخرج منه الوديعة بختم صاحبها فكان الرجل بعد ذلك يحدث الناس بهذا الحديث ويحثهم على زيارة هذا المشهد على ساكنه التحية والسلام. 4 – حدثنا أبو جعفر محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الفضل التميمي الهروي (ره) قال: سمعت أبا الحسن علي بن الحسن القهستاني قال: كنت بمرو الرود فلقيت بها رجلا من أهل مصر مجتازا اسمه حمزة فذكر إنه خرج من مصر زائر إلى مشهد الرضا عليه السلام بطوس وإنه لما دخل المشهد كان قرب غروب الشمس فزار وصلى ولم يكن ذلك اليوم زائرا غيره فلما صلى العتمة (1) أراد خادم القبر أن يخرجه ويغلق الباب فسأله أن يغلق عليه الباب ويدعه في المشهد ليصلي فيه فانه جاء من بلد شاسع (2) ولا يخرجه وأنه لا حاجد له في الخروج فتركه وغلق عليه الباب وأنه كان يصلي وحده إلى أن اعيى فجلس ووضع رأسه على ركبتيه ليستريح ساعة فلما رفع رأسه رأى في الجدار مواجهة وجهه رقعة عليها هذان البيتان: من سره أن يرى قبرا برؤيته * يفرج الله عمن زاره كربه فليأت ذا القبر أن الله أسكنه * سلالة من نبي الله منتجبه قال: فقمت واخذت في الصلاة إلى وقت السحر ثم جلست كجلستي الاولى ووضعت رأسي على ركبتي فلما رفعت رأسي لم أر ما على الجدار شيئا وكان الذي أراه مكتوبا رطبا كأنه كتب في تلك الساعة قال: فانفلق الصبح وفتح الباب وخرجت من هناك. 5 – حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي النيسابوري قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن علي البصري المعدل قال: رأى رجل


(1) العتمة: الثلث الاول من الليل. (2) الشاسع: البعيد.

[ 314 ]

من الصالحين فيما يرى النائم رسول الله (ص) فقال: يا رسول الله من أزور من اولادك؟ فقال: إن من أولادي من اتاني مسموما وإن من أولادي من أتاني مقتولا، قال: فقلت له فمن أزور منهم يا رسول الله مع تشتت مشاهدهم أو قال أماكنهم؟ قال: من هو أقرب منك يعني بالمجاورة وهو مدفون بأرض الغربة قال: فقلت يا رسول الله تعني الرضا عليه السلام؟ فقال (ص): قل: صلى الله عليه قل صلى الله عليه ثلاثا. 6 – حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال: حدثنا أبو عمرو ومحمد بن الله الحكمي الحاكم بنوقان قال خرج علينا رجلان من الري برسالة بعض السلاطين بها إلى الامير نصر بن أحمد ببخارا وكان احدهما من أهل الري والاخر من أهل قم وكان القمي على المذهب الذي كان قديما بقم في النصب وكان الرازي متشيعا فلما بلغا بنيسابور قال الرازي للقمي: ألا تبدأ بزيارة الرضا عليه السلام ثم نتوجه إلى بخارا؟ فقال القمي: قد بعثنا سلطاننا برسالة إلى الحضرة ببخارا فلا يجوز لنا أن نشتغل بغيرها حتى نفرغ منها فقصدا البخارا واديا الرسالة ورجعا حتى إذا حاذيا طوس فقال الرازي للقمي: ألا تزور الرضا عليه السلام؟ فقال: خرجت من الري مرجئا لا أرجع إليها رافضيا قال: فسلم الرازي امتعته ودوابه إليه وركب حمارا وقصد مشهد الرضا عليه السلام وقال لخدام المشهد: خلوا لي المشهد الليلة وادفعوا إلي مفتاحه ففعلوا ذلك قال: فدخلت المشهد وغلقت الباب وزرت الرضا عليه السلام ثم قمت عند رأسه وصليت ما شاء الله تعالى وابتدأت في قراءة القرآن من أوله قال: فكنت أسمع صوتا بالقرآن اقرأ فقطعت صوتي وزرت المشهد كله وطلبت نواحيه فلم أر أحدا فعدت إلى مكاني وأخذت في القراءة من أول القرآن فكنت أسمع الصوت كما اقرأ لا ينقطع فسكت هنيئة واصغيت بأذني فإذا الصوت من القبر، فكنت أسمع مثل ما اقرأ حتى بلغت آخر سورة مريم عليها السلام فقرأت: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا) فسمعت الصوت من القبر: (يوم يحشر المتقون إلى الرحمن


[ 315 ]

وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا) حتى ختمت القرآن وختم فلما اصبحت رجعت إلى نوقان، فسألت من بها من المقرئين عن هذه القراءة؟ فقالوا: هذا اللفظ والمعنى مستقيم لكنا لا نعرفه في قراءة أحد قال: فرجعت إلى نيسابور فسألت من بها من المقرئين عن هذه القراءة فلم يعرفها أحد منهم حتى رجعت إلى الري فسألت بعض المقرئين عن هذه القراءة؟ فقلت: قرأ (يوم يحشر المتقون إلى الرحمن وفدا ويساق المجرمون إلى جهنم وردا) فقال لي: من أين جئت بهذا؟ فقلت: وقع لي احتياج إلى معرفتها في أمر حدث لي فقال: هذه قراءة رسول الله (ص) من رواية أهل البيت عليهم السلام ثم استحكاني السبب الذي من أجله سألت عن هذه القراءة فقصصت عليه القصة وصحت لي القراءة. 7 – حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى المعاذي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أبي عبد الله الهروي قال: حضر المشهد رجل من أهل بلخ ومعه مملوك له فزار هو ومملوكه الرضا عليه السلام وقام الرجل عند رأسه يصلي ومملوكه يصلي عند رجليه فلما فرغا من صلاتهما سجدا فأطالا سجودهما فرفع الرجل رأسه من السجود قبل المملوك ودعا بالمملوك فرفع رأسه من السجود وقال: لبيك يا مولاي فقال له: تريد الحرية؟ فقال: نعم فقال: أنت حر لوجه الله ومملوكتي فلانة ببلخ حرة لوجه الله تعالى وقد زوجتها منك بكذا وكذا من الصداق وضمنت لها ذلك عنك وضيعتي الفلانة وقف عليكما وعلى أولادكما وأولاد أولادكما ما تناسلوا بشهادة هذا الامام عليه السلام فبكى الغلام وحلف بالله تعالى وبالامام عليه السلام أنه ما كان يسأل في سجوده إلا هذه الحاجة بعينها وقد تعرفت الاجابة من الله تعالى بهذه السرعة. 8 – حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن يحيى العطار المعاذي قال: حدثنا أبو النصر المؤذن النيسابوري قال: اصابتني علة شديدة ثقل منها لساني فلم أقدر على الكلام فخطر ببالي أن أزور الرضا عليه السلام وادعو الله تعالى عنده وأجعله شفيعي إليه حتى يعافيني من علتي ويطلق لساني


[ 316 ]

فركبت حمارا وقصدت المشهد وزرت الرضا عليه السلام وقمت عند رأسه وصليت ركعتين وسجدت وكنت في الدعاء والتضرع مستشفعا بصاحب هذا القبر إلى الله تعالى أن يعافيني من علتي ويحل عقدة لساني فذهبت في النوم في سجودي فرأيت في المنام كان القبر قد انفرج وخرج منه رجل كهل ادم شديد الادمة فدنا مني وقال لي: يا أبا نصر قل: لا إله إلا الله قال: فأومات إليه كيف أقول ولساني مغلق قال: فصاح علي صيحة فقال: تنكر لله قدرة؟ قل: لا إله إلا الله، قال: فانطلق لساني، فقلت: لا إله إلا الله ورجعت إلى منزلي راجلا وكنت أقول: لا إله إلا الله وانطلق لساني ولم ينغلق بعد ذلك. 9 – حدثنا أبو علي محمد بن أحمد المعاذي قال: سمعت أبا النصر المؤدب امتلا السيل يوما بسناباد وكان الوادي اعلى من المشهد فأقبل السيل حتى إذا قرب من المشهد خفنا على المشهد منه فأرتفع باذن الله ووقع في قناة أعلى من الوادي ولم يقع في المشهد منه شئ. 10 – حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن إسماعيل السليطي النيسابوري، قال: حدثني محمد بن أحمد السناني النيسابوري قال: كنت في خدمة الامير أبي نصر بن أبي علي الصغاني (1) صاحب الجيش وكان محسنا إلي فصحبته إلى صغانيان وكان أصحابه يحسدونني على ميله إلي وإكرامه لي فسلم إلي في بعض الاوقات كيسا فيه ثلاث آلاف درهم وبختمه وأمرني أن أسلمه في خزانته فخرجت من عنده فجلست في المكان الذي يجلس فيه الحاجب ووضعت الكيس عندي وجعلت أحدث الناس في شغل لي فسرق ذلك الكيس فلم أشعر به وكان للامير أبي النصر غلام يقال له خطلخ تاش وكان حاضرا فلما نظرت لم أر الكيس فأنكر جميعهم أن يعرفوا له خبرا وقالوا لي: ما وضعت هيهنا شيئا، فما وضعت هذا إلا افتعالا (2) وكنت عارفا بحسدهم لي، فكرهت على تعريف الامير أبي نصر الصغاني لذلك خشيد أن يتهمني فبقيت متحيرا متفكرا لا أدري من أخذ الكيس؟ وكان أبي إذا وقع


(1) صغانيان: مدينة بما وراء النهر والنسبة صغاني وصاغاني. (2) الافتعال: الافتراء.

[ 317 ]

له أمر يحزنه فزع إلى مشهد الرضا عليه السلام فزاره ودعا الله تعالى عنده وكان يكفي ذلك ويفرج عنه فدخلت إلى الامير أبي نصر من الغد فقلت له: أيها الامير تأذن لي في الخروج إلى طوس فلى بها شغل؟ فقال لي: وما هو؟ قلت: لي غلام طوسي فهرب مني وقد فقدت الكيس وأنا أتهمه به، فقال لي: انظر أن لا تفسد حالك عندنا فقلت: أعوذ بالله من ذلك فقال لي: ومن تضمن لي الكيس إن تأخرت؟ فقلت له: إن لم أعد بعد أربعين يوما فمنزلي وملكي بين يديك فكتب إلى أبي الحسن الخزاعي بالقبض على جميع اسبابي بطوس، فأذن لي فخرجت وكنت اكتري من منزل إلى منزل حتى وافيت المشهد على ساكنه السلام فزرت ودعوت الله تعالى عند رأس القبر أن يطلعني على موضع الكيس فذهب بي النوم هناك فرأيت رسول الله (ص) في المنام يقول لي: قم فقد قضى الله حاجتك فقمت وجددت الوضوء وصليت ما شاء الله تعالى ودعوت فذهب بي النوم فرأيت رسول الله (ص) في المنام فقال لي: الكيس سرقه خطلخ تاش ودفنه تحت الكانون (1) في بيته وهو هناك بختم أبي نصر الصغاني قال: فانصرفت إلى الامير أبي نصر قبل الميعاد بثلاثة أيام فلما دخلت عليه فقلت له: قضيت لي حاجتي فقال: الحمد لله فخرجت وغيرت ثيابي وعدت إليه فقال: أين الكيس؟ فقلت له: الكيس مع خطلخ تاش فقال: من أين علمت؟ فقلت: أخبرني به رسول الله (ص) في منامي عند قبر الرضا عليه السلام قال: فاقشعر بدنه لذلك وأمر باحضار خطلخ تاش فقال له: أين الكيس الذي أخذته من بين يديه؟ فانكر وكان من اعز غلمانه فأمر أن يهدد بالضرب فقلت: أيها الامير لا تأمر بضربه فإن رسول الله (ص) قد أخبرني بالموضع وضعه فيه قال: وأين هو؟ قلت هو في بيته مدفون تحت الكانون بختم الامير فبعث إلى منزله بثقة وأمر بحفر موضع الكانون فتوجه إلى منزله وحفر واخرج الكيس مختوما فوضعه بين يديه فلما نظر الامير إلي الكيس وختمه عليه قال لي: يا أبا نصر لم أكن عرفت فضلك قبل الوقت وسأزيد في برك واكرامك وتقديمك ولو عرفتني


(1) الكانون: الموقد والمصطلى.

[ 318 ]

إنك تريد قصد المشهد لحملتك على دابة من دوابي قال أبو نصر: فخشيت اولئك الاتراك أن يحقدوا على ما جرى فيوقعوني في بلية فأستأذنت الامير وجئت نيسابور وجلست في الحانوت ابيع التبن إلى وقتي ولا قوة إلا بالله. 11 – حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن إسماعيل السليطي رضي الله عنه قال: سمعت الحاكم الرازي صاحب أبي جعفر العتبي يقول: بعثني أبو جعفر العتبي رسولا إلى أبي منصور بن عبد الرزاق فلما كان يوم الخميس استأذنته في زيارة الرضا عليه السلام فقال: إسمع مني ما احدثك به في أمر هذا المشهد كنت في أيام شبابي أتصعب على أهل هذا المشهد وأتعرض الزوار في الطريق وأسلب ثيابهم ونفقاتهم ومرقعاتهم فخرجت متصيدا ذات يوم وأرسلت فهدا (1) غزال فما زال يتبعه حتى التجأ إلى حائط المشهد فوقف الغزال ووقف الفهد مقابله لا يدنو منه فجهدنا كل الجهد بالفهد أن يدنو منه فلم ينبعث وكان متى فارق الغزال موضعه يتبعه الفهد فإذا التجأ إلى الحائط رجع عنه فدخل الغزال حجرا في حائط المشهد فدخلت الرباط فقلت لابي النصر المقري: أين الغزال الذي دخل هيهنا الان؟ فقال: لم أره فدخلت المكان الذي دخله فرأيت بعر الغزال وأثر البول ولم أر الغزال وفقدته فنذرت الله تعالى أن لا اوذي الزوار بعد ذلك ولا أتعرض إلا بسبيل الخير وكنت متى ما دهمني أمر فزعت إلى هذا المشهد فزرته وسألت الله تعالى فيه حاجتي فيقضيها لي ولقد سألت الله تعالى أن يرزقنى ولدا ذكرا فرزقني ابنا حتى إذا بلغ وقتل عدت إلى مكاني من المشهد. ولقد سألت الله تعالى أن يرزقني ولدا ذكرا فرزقني ابنا آخر ولم يسأل الله تعالى هناك حاجة إلا قضاها لي فهذا ما ظهر لي من بركة هذا المشهد على ساكنه السلام. 12 – حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن إسماعيل السليطي قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن أبي الفضل السليطي قال: خرج حمويه صاحب


(1) الفهد: نوع من السباع بين الكلب والنمر قوائمه أطول من قوائم النمر وهو منقط بنقط أسود لا يتكون منها خلق كالنمر.

[ 319 ]

جيش خراسان ذات يوم بنيسابور على ميدان الحسين بن يزيد لينظر إلى من كان معه من القواد باب عقيل وكان قد أمر أن يبني ويجعل بيمارستان فمر به رجل فقال لغلام له: اتبع هذا الرجل ورده إلى داري حتى اعود فلما عاد الامير حمويه إلى الدار أجلس من كان معه من القواد على الطعام فلما جلسوا على المائدة، فقال للغلام: أين الرجل قال: هو على الباب قال: أدخله فلما دخل أمر أن يصب على يده الماء وأن يجلس على المائدة فلما فرغ قال له: أمعك حمار؟ قال: لا، فأمر له بحمار، ثم قال له: أمعك دراهم للنفقة؟ فقال: لا، فأمر له بألف درهم وبزوج جوالق خوزية وبسفرة وبالات ذكرها فأتى بجميع ذلك ثم التفت حمويه إلى القواد فقال لهم: أتدرون من هذا؟ قالوا: لا، قال: إعلموا أني كنت في شبابي زرت الرضا عليه السلام وعلى أطمار رثة (1) ورأيت الرجل هناك وكنت أدعو الله تعالى عند القبر أن يرزقني ولاية خراسان وسمعت هذا الرجل يدعو الله تعالى ويسأله ما قد أمرت له به، فرأيت حسن إجابة الله تعالى لي فيما دعوته فيه ببركة هذا المشهد فأحببت أن أرى حسن اجابة الله تعالى لهذا الرجل على يدي ولكن بيني وبينه قصاص في شئ، قالوا: ما هو؟ قال: إن هذا الرجل لما رآني وعلى تلك الاطمار الرثة وسمع طلبتي بشئ عظيم فصغر عنده محلي في الوقت وركلني (2) برجله وقال لي: مثلك بهذا الحال يطمع في ولاية خراسان وقود الجيش؟! فقال له القواد: أيها الامير أعف عنه واجعله في حل حتى تكون قد أكملت الصنيعة إليه قال: قد فعلت وكان حمويه بعد ذلك يزور هذا المشهد وزوج ابنته من زيد بن محمد بن زيد العلوي بعد قتل أبيه (رض) بجرجان وحوله إلى قصره وسلم إليه ما سلم من النعمة كل ذلك لما كان يعرفه من بركة هذا المشهد ولما خرج أبو الحسين محمد بن أحمد بن زياد العلوي (ره) وبايع له عشرون ألف رجل بنيسابور اخذه الخليفة بها وانفذه إلى بخارا فدخل حمويه ورفع قيده وقال لامير خراسان هؤلاء أولاد رسول الله (ص) وهم جياع


(1) الطمر: الثوب البالي الذي لا يملك شيئا ج أطمار. (2) ركله: ضربه برجل واحدة.

[ 320 ]

فيجب أن تكفيهم حتى لا يخرجوا إلى طلب المعاش فاخرج له رسما في كل شهر واطلق عنه ورده إلى نيسابور فصار ذلك سببا لما جعل لاهل الشرف ببخارا من الرسم وذلك ببركة هذا المشهد على ساكنه السلام. 13 – حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الحاكم رضي شهر واطلق عنه ورده إلى نيسابور فصار ذلك سببا لما جعل لاهل الشرف ببخارا من الرسم وذلك ببركة هذا المشهد على ساكنه السلام. 13 – حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين الحاكم رضي الله عنه قال: سمعت أبا علي عامر بن عبد الله البيوردي الحاكم بمرو الرود وكان من أصحاب الحديث يقول: حضرت مشهد الرضا عليه السلام بطوس فرأيت رجلا تركيا قد دخل القبة ووقف عند الرأس وجعل يبكي ويدعو بالتركية ويقول: يا رب إن كان ابني حيا فاجمع بيني وبينه وإن كان ميتا فاجعلني من خبره على علم ومعرفة قال: وكنت أعرف اللغة التركية فقلت له: أيها الرجل ما لك؟ فقال كان لي ولد وكان معي في حرب إسحاق آباد ففقدته ولا أعرف خبره وله أم تديم البكاء عليه، فأنا أدعو الله تعالى هيهنا في ذلك لاني سمعت أن الدعاء في هذا المشهد مستجاب قال: فرحمته وأخذته بيده وأخرجته لاضيفه ذلك اليوم فلما خرجنا من المسجد لقينا رجل شاب طوال مختط (1) عليه مرقعة فلما أبصر بذلك التركي وثب إليه فعانقه وبكى وعرف كل واحد منهما صاحبه فإذا هو ابنه الذي كان يدعو الله تعالى أن يجمع بيننا وبينه أو يجعله من خبره على علم عند قبر الرضا عليه السلام، قال: فسألته كيف وقعت إلى هذا الموضع؟ فقال: وقعت إلى طبرستان بعد حرب إسحاق آباد ورباني ديلمي هناك فالان لما كبرت خرجت في طلب أبي وامي وقد كان خفي علي خبرهما وكنت مع قوم اخذوا الطريق إلى هيهنا فجئت معهم فقال ذلك التركي: قد ظهر لي من أمر هذا المشهد ما صح لي به يقيني وقد آليت على نفسي أن لا افارق هذا المشهد ما بقيت والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله وسلم تسليما كثيرا

اترك تعليقاً