عيون الأخبار ج ٢ – محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق

عيون أخبار الرضا (ع)

الشيخ الصدوق ج 2


[ 1 ]

عيون اخبار الرضا


[ 3 ]

عيون اخبار الرضا للشيخ الاقدم والمحدث الاكبر ابي جعفر الصدوق محمد بن علي بن الحسين بابويه القمي قدة المتوفي سنة 381 صححه وقدم له وعلق عليه العلامة الشيخ حسين الاعلمي الجزء الثاني منشورات موسسة الاعلمي للمطبوعات بيروت – لبنان ص ب 7120


[ 4 ]

الطبعة الاولى جميع الحقوق على هذه الطبعة المحققة والمزدانة بالتعاليق محفوظة للناشر 1404 ه‍ – 1984 م طبع على مطابع: مؤسسة الاعلمي للمبطوعات بيروت – لبنان شارع الاستقلال جنب ثانوية ابن سينا ص. ب: 7120 تلفون: 259860 – 290133 – 242205


[ 5 ]

نبذة من حياة المؤلف هو رئيس المحدثين والشيخ الاقدم أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المعروف قدس الله سره. القلم عاجز عن اطرائه والثناء عليه لعظمته وشدته في العلم والوثاقة وكثرة التصانيف فهو وجه الشيعة على الاطلاق وفقيههم ولم يرق درجته احد، لقد انحدر في اشهر بيوتات العلم في قم بيت بابويه الذين ذاع صيتهم في الفضيلد ويكفيه فخرا حيث وصفه الامام الحادي عشر أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام بالولد العالم حيث كتب الامام عليه السلام رسالة الى والد المؤلف يقوله فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: الحمدلله رب العالمين والعاقبد للمتقين، والجنة للموحدين والنار للملحدين ولا عدوان الا على الظالمين ولا اله الا الله احسن الخالقين والصلاة على خير خلقه محمد وعترته الطاهرين اما بعد اوصيك يا شيخي ومعتمدي وفقيهي ابا الحسن علي بن الحسين القمي وفقك الله لمرضاته وجعل من صلبك اولادا صالحين برحمته بتقوى الله واقامة الصلاة وايتاه الزكاة فانه لاتقبل الصلاة من مانعي الزكاة الخ.


[ 6 ]

مولده ونشأته: ولد ” بقم ” (1) في حدود سنة 306 ه‍ ونشأ بها تحت رعاية ابيه الذي كان اعلم الناس في زمانه وأتقاهم، وتخرج على مشايخها، ثم هاجر الى الري سنة 338 ه‍ بدعوة من اهاليها واقام بها الى سنة 352 ه‍، ثم استأذن من الملك ركن الدولة البويهي للسفر الى زيارة الرضا عليه السلام، فسافر في تلك السنة الى خراسان وذلك في شهر رجب، وبعد إكمال الزيارة والدعاء له وللمؤمنين تحت قبة الامام الثامن عليه السلام: دخل نيسابور في شهر شعبان من نفس السنة، وسمع جمعا من مشايخها، ثم رحل الى بغداد في تلك السنة وسمع جمعا من مشايخها، منهم أبن ابي طاهر العلوي الحسيني، والدواليبي، وابراهيم الهيستي. وفي سنة 354 ه‍ ورد الكوفة وسمع جماعة من مشايخها. ثم زار بيت الله الحرام بمكة في تلك السنة وعند رجوعه من مكة حدثه بفيد (2) أبو علي البيهقي وفي تلك السنة ورد همذان وسمع شيوخها. ثم دخل بغداد مرة أخرى سنة 355 ه‍، وزار مشهد الامام الثامن بخراسان مرتين اخريين مرة في سنة 367، ومرة يوم الثلاثاء، في السابع عشر من شعبان سنة 368 ه‍ ثم خرج الى بلاد ما وراء النهر ورحل الى بلخ وسمع مشايخها، وحدثه ببلخ الحاكم أبو حامد احمد بن الحسين بن الحسن بن علي، ثم ورد سرخس وسمع ابا نصر الفقيه محمد بن أحمد بن تميم السرخسي، ثم سمع بمدينة إيلان مشايخها، ورود عليه بتلك القصبة: الشريف أبو عبد الله محمد بن زكريا الرازي في الطب واسماه ” من لا يحضره الطبيب ” وسأله أن يصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام والشرائع والاحكام موفيا على جميع


(1) قم مدينة علمية معروفة منذ القدم تقع على 135 كلم من طهران، ولحد اليوم هي إحدي المزاكز العلمية، وعاصمة الشيعة. (2) فيد: بلدة في نصف طريق مكة الكوفة، عامرة الان في الاراضي السعودية.

[ 7 ]

ما صنف له في معناه فأجابه وألف له كتاب ” من لا يحضره ” والكتاب هو المرج ع الاعلى للفقه الجعفري واحدى الكتب الاربعة المعتدمة عند الطائفة الشيعية. اقوال العلماء فيه: قال الشيخ الطوسي: محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي جليل القدر حافظ للاحاديث بصير بالرجال، ناقد للاخبار لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو ثلاثمائة مصنف. وقال النجاشي في رجاله: أبو جعفر نزيل الري، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان، ورد بغداد سنة 355 ه‍ وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن. وقال الخطيب البغدادي في تاريخه: نزل بغداد وحدث بها عن ابيه، وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة، حدثنا عنه محمد بن طلحة الثعالبي. وقال ابن ادريس في السرائر: كان ثقة جليل القدر، بصيرا بالاخبار ناقدا للاثار عالما بالرجال، وهو استاذ شيخنا المفيد. وأطراه كل من ابن شهر آشوب في معالم العلماء، والسيد ابن طاووس في الاقبال، والمحقق الحلي في مقدمة المعتبر، والعلامة الحلي في خلاصة الاقوال. وقال أبو داود في رجاله: أبو جعفر الصدوق جليل القدر بصير بالفقه والاخبار، شيخ الطائفة وفيهها بخراسان، له مصنفات كثيرة. ووصفه فخر المحققين: بالشيخ الامام. والشهيد الاول بالامام ابن الامام الصدوق. والشيخ علي بن هلال الجزائري: بالصدوق الحافظ. والمحقق الكركي: بالشيخ الفقيه الثقة امام عصره. والشيخ ابراهيم القطيفي: بالشيخ الصدوق الحافظ.


[ 8 ]

والشهيد الثاني: بالشيخ الامام العالم الفقيه الصدوق. والشيخ البهائي في الدراية: برئيس المحدثين حجة الاسلام. والمحقق الداماد بالصدوق ابن الصدوق عروة الاسلام. والمولى المجلسي الاول: بالامام السعيد الفقيه ركن من اركان الدين. والعلامة المجلسي الثاني: بالفقيه الجليل المشهور. والحر العاملي: بالشيخ الثقة الصدوق رئيس المحدثين. والسيد هاشم البحارني: بالشيخ الصدوق وجه الطائفة، رئيس المحدثين الثقة. وقال السيد الخونساري في روضات الجنات ص 53: الشيخ المعلم الامين، عماد الملة والدين، رئيس المحدثين، أبو جعفر الثاني محمد بن الشيخ المعتمد الفقيه النبيه أبي الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المشتهر بالصدوق، امره في العلم والعدلة والفهم والنبالة والفقه والجلالة والثقة وحسن الحالة وكثرة التصنيف وجودة التأليف، وغير ذلك من صفات البارعين، وسمات الجامعين، أوضح من أن يحتاج الى بيان، أو يفتقر الى تقرير القلم في مثل هذا المكان، إلى آخر ما قاله في عظمته ووثاقته وبقية ترجمته. آثاره القيمة: ان مصنفات الشيخ تبلغ ثلاثمائة كتاب في شتي فنون العلم وانواعه نص على ذلك الشيخ الطوسي في الفهرست وعد اربعين كتابا، وأورد النجاشي في رجاله نحوا من مأتين من كتبه كلها قيمة، قد استفادت عنه الامة منذ تأليف الكتب الى زماننا الحاضر ونورد أسماء بعضها: 1 – من لا يحضره الفقيه. 2 – علل الشرائع 3 – معاني الاخبار.


[ 9 ]

4 – التوحيد 5 – الامالي أو المجالس 6 – الخصال 7 – ثواب الاعمال 8 – كمال الدين وتمام النعمة 9 – مشيخة الفقيه. 10 – عيون اخبار الرضا عليه السلام وهو هذا الكتاب (1). مشايخه وتلامذته: إن أساتذته ومشايخه ومن روى عنهم كثيرون، لا يمكن في هذه الصفحات ان نذكر اسماءهم، وقد سجل في كتب التراجم والسير أكثر من (250) شخص من كبار الرواة في مختلف المدن. واما تلامذته والراوون عنه فإن شيوخ الطائفة قد سمعوا منه وهو حدث السن، وإن عددهم اكثر من مشايخه، ولكن لم نقف على اسمائهم بالتفصيل إلى على القليل والقليل جدا: 1 – الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان التلعكبري. 2 – السيد المرتضى على الهدى. 3 – والد الرجالي الكبير النجاشي علي بن احمد بن العباس 4 – محمد بن طلحة النعالي شيخ الخطيب البغدادي صاحب التاريخ.


(1) وقد طبع هذا السفر القيم عدة مرات في كل من العراق وايراه، وقد تصدي هذه المؤسسة الثقافية لاخراجه باسلوب رائع وتحقيقات وتعليقات قيمة، وقد اقتبسنا بعض التعليقات من الطبعة الايرانية المعلق عليها العلامة السيد مهدي الحسيني اللاجوردي آملين ان ينتفع بها الناس اجمعين آمين رب العالمين

[ 10 ]

5 – اخوه أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. 6 – أبو علي الشيباني القمي مؤلف ” تاريخ قم “. وفاته ومدفنه: توفي الشيخ رحمه الله في بلدة الري سنة 381 ه‍، وقد بلغ عمره الشريف نيف وسبعين سنة، ودفن بالقرب من قبر السيد عبد العظيم الحسني بالري في بستان طغرلية في بقعة شريفة وعليها قبة عالية، يزوره الناس ويتبركون به، وقد جدد المرقد الشريف السلطان فتح علي شاه قاجار سنة 1237 ه‍ وذلك بعد ما شاع من حصول كرامات عديدة من مرقده بعد وفاته بيروت في 1 / 7 / 1984 حسين الالمي


[ 11 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد القهار (1)، العزيز الجبار، الرحيم الغفار، فاطر الأرض والسماء، خالق الظلمه والضياء، مقدر الازمنة والدهور، مدبر الاسباب والامور، باعث من في القبور المطلع ما ظهر واستتر، العالم بما سلف وغبر، (2) الذي المنه والطول والقوه والحول احمده على كل الاحوال واستهديه لافضل الاعمال واعوذ به من الغى والضلال، واشكره شكرا استوجب به المزيد واستنجز به المواعيد واستعينه على ما ينجى من الهلكه والوعيد واشهد لا اله إلا الله الاول فلا يوصف بابتداء والاخر يوصف بانتهاء الها يدوم ويبقى ويعلم السر واخفى واشهد ان محمدا عبده المكين ورسوله


1 – في بعض النسخ الخطية العتيقة القديمة هكذا: حدثني الشيخ المؤتمن الوالد أبو الحسن علي بن أبي طالب بن محمد بن أبي طالب التميمي المجاور قال: حدثني الامير السيد الاوحد الفقيه العالم عز الدين سيد الشرف شرف السادة أبو محمد شرفشاه بن أبي الفتوح محمد بن الحسين بن زبارة العلوي الحسيني الافطسي النيسابوري في شهور سنة ثلاث وسبعين وخمسمأة (573) بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعند مجاورته به قال: حدثني الشيخ الفقيه العالم أبو الحسن علي بن عبد الصمد التميمي رضي الله عنه في داره بنيسابور في شهور سنة احدى وأربعين وخمسمأة (541) قال: حدثنا السيد الامام الزاهد أبو البركات الجوري رضي الله عنه قال: حدثنا الشيخ الامام العالم الواحد أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه قال: الحمد لله الخ. 2 – غبر غبورا من باب قعد: بقي وقد يستعمل فيما مضى ايضا: فيكون من الاضداد وفي لغة بالمهملة للماضي وبالمعجمة للباقي.

[ 12 ]

الامين المعروف بالطاعة المنتجب للشفاعه فانه ارسله لاقامه العوج وبعثه لنصب الحجج ليكون رحمه للمؤمنين وحجه على الكافرين ومؤيدا بالملائكه المسومين (1) حتى اظهر دين الله على كره المشركين صلى الله وآله الطيبين واشهد ان على بن ابي طالب أمير المؤمنين ومولى المسلمين وخليفه رسول العالمين واشهد ان الائمه من ولده حجج الله الى يوم الدين وورثه علم النبيين صلوات الله ورحمته وسلامه وبركاته عليهم اجمعين. أما بعد قال: أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن موسى بابويه القمي الفقيه مصنف هذا الكتاب رحمة الله عليه: وقع الى قصيدتان من قصايد الصاحب الجليل كافى الكفاة أبي القاسم اسماعيل بن عباد (2) اطال الله بقائه وادام دولته ونعمائه وسلطانه واعلاه في اهداء السلام الى الرضا علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام فصنف هذا الكتاب لخزانته المعمورة ببقائه إذ لم اجد شيئا آثر عنده واحسن موقعا لديه علوم أهل البيت عليهم السلام لتعلقه بحبهم واستمساكه بولايتهم واعتقاده بفرض طاعتهم وقوله بامامتهم واكرامه لذريتهم ادام الله عزه واحسانه الى شيعتهم قاضيا بذلك حق انعامه ومتقربا به إليه لاياديه الزهر عندي ومننه الغر لدي ومتلافيا بذلك تفريطي الواقع في خدمه حضرته راجيا قبوله لعذري وعفوه عن تقصيري وتحقيقه لرجائي واملى والله تعالى ذكره يبسط بالعدل يده ويعلى بالحق كلمته ويديم على الخير قدرته يسهل المحان بكرمه وجوده وابتدات بذكر القصيدتين لانهما سبب لتصنيفي هذا الكتاب وبالله التوفيق. قال الصاحب الجليل اسماعيل بن عباد رضى الله في اهداء السلام الى الرضا عليه افضل الصلوات والسلام يا سايرا زائرا الى طوس مشهد طهر وارض تقديس


1 – المسومة: المرعية والمعلمة. 2 – هو الوزير الاديب الفاضل المعروف بالصاحب كان نابغة في العلوم سيما الكلام وله تصانيف.

[ 13 ]

ابلغ سلامى الرضا وحط على اكرم رمس (1) لخير مرموس والله والله حلفة صدرت من مخلص في الولاء مغموس إني لو مالكا إربي (2) كان بطوس الفناء (3) تعريس وكنت امضى العزيم مرتحلا منتسفا فيه قوه العيس لمشهد بالذكاء ملتحف وبالسناء والثناء مأنوس يا سيدى وابن سادتي ضحكت وجوه دهري بعقب تعبيس لما رايت النواصب انتكست راياتها في زمان تنكيس صدعت بالحق في ولائكم والحق مذ كان غير منحوس يا بن النبي الذي به قمع الله ظهور الجبابر الشوس (4) وابن الوصي الذي تقدم في الفضل على البزل (5) القناعيس (6) وحائز الفخر غير منتقص ولابس المجد غير تلبيس ان بني النصب كاليهود وقد يخلط تهويدهم بتمجيس كم دفنوا في القبور من نجس اولى به الطرح في النواويس (7) عالمهم عندما اباحثه في جلد ثور ومسك جاموس إذا تأملت شوم جبهته عرفت فيها اشتراك ابليس لم يعلموا والاذان يرفعكم صوت اذان ام قرع ناقوس انتم حبال اليقين اعلقها ما وصل العمر حبل تنفيس كم فرقه فيكم تكفرنى ذللت هاماتها بفطيس (8) قمعتها بالحجاج فانخذلت تجفل (9) عنى بطير منحوس


1 – رمست الميت رمسا من ضربت: دفنته الرمس: تراب القبر. 2 – الارب بكسر الهمزة وفتح الراء النفس وبكسر الهمزة وسكون الراء: الحاجة. 3 – الفنا بالفاء هو سعة امام البيت وما امتد من جوانبه والمراد من البيت اني لو كنت مالكا لنفسي لخرجت من منزلي واسرعت الى طوس. 4 – الشوس جمع الاشوس وهو الرافع رأسه تكبرا. 5 – البزل جمع البازل وهو البعير الذي انشق نابه وهو في السنة التاسعة. الرجل الكامل في تجربته. 6 – القناعيس جمع قنعاس كمفتاح: الرجل الشديد المنيع ومن الابل العظيم. 7 – الناووس على زنة فاعول: مقبرة النصارى والمجوس. 8 – الفطيس مثل الفسيق: المطرقة العظيمة والكلمة رومية أو سريانية. 9 – أجفل القوم: هربوا.

[ 14 ]

ان ابن عباد استجار بكم فما يخاف الليوث في الخيس (1) كونوا ايا سادتي وسائله يفسح له الله في الفراديس كم مدحه فيكم يحيزها كأنها حله الطواويس وهذه كم يقول قارئها قد نشر الدر في القراطيس يملك رق القريض قائلها ملك سليمان عرش بلقيس بلغه الله ما يؤمله حتى يزور الامام طوس وله ايضا في اهداء السلام الى الرضا عليه السلام: يا زائرا قد نهضا مبتدرا قد ركضا وقد مضى كانه البرق ما اومضا (2) ابلغ سلامى زاكيا بطوس مولاى الرضا سبط المصطفى وابن الوصي المرتضى من حاز عزا اقعسا وشاد مجدا ابيضا وقل له من مخلص يرى الولا مفترضا في الصدر لفح حرقه تترك قلبى حرضا (3) من ناصبين غادروا قلب الموالى ممرضا صرحت عنهم معرضا ولم اكن معرضا نابذتهم (4) ولم ابل ان قيل قد ترفضا يا حبذا رفضي لمن نابذكم وابغضا ولو قدرت زرته ولو على جمر الغضا (5) لكننى معتقل بقيد خطب عرضا جعلت مدحى بدلا من قصده وعوضا


1 – الخيس: منزل الاسد. 2 – الومضان: اللمعان. 3 – رجل حرض: فاسد ومريض. 4 – نابذه الحرب: كاشفه. 5 – الغضا: اسم شجر.

[ 15 ]

امانه مورده الرضا ليرتضى رام ابن عباد بها شفاعه لن تدحضا 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني بهمدان رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن عبد الله ابن الفضل الهاشمي قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من قال فينا بيت شعر بني الله تعالى له بيتا الجنة. 2 – حدثنا على بن عبد الله الوراق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن عبد الله الكوفى قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن على بن سالم عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ما قال فينا قائل بيتا (1) من الشعر حتى يؤيد بروح القدس. 3 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشى رضى الله قال: حدثني أبي عن أحمد بن على الانصاري عن الحسن بن الجهم قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: ما قال فينا مؤمن شعرا يمدحنا به إلا بني الله له مدينه في الجنة اوسع من الدنيا سبع مرات يزوره كل ملك مقرب وكل نبى مرسل فاجزل الله للصاحب الجليل الثواب على جميع اقواله الحسنه وافعاله الجميله واخلاقه الكريمه وسيرته الرضية وسنته العادله وبلغه كل مأمول وصرف عنه كل محذور واظفره بكل خير مطلوب واجاره من كل بلاء ومكروه بمن استجار من حججه الائمه عليهم السلام بقوله في بعض اشعاره فيهم: ان ابن عباد استجار بمن يترك عنه الصروف مصروفه وفي قوله في قصيده اخرى: ان ابن عباد استجار بكم فكل ما خافه سيكفاه


1 – مطلقا سواء كان في فضائلهم أو في مصائبهم عليهم السلام وقد وردت روايات كثيرة عنهم في ثواب انشاد الشعر وانشائه فيهم: (لكل بيت بيت في الجنة).

[ 16 ]

وجعل الله شفعاؤه الذين اسماؤهم على نقش خاتمه شفيع اسماعيل في الاخرة محمد والعترة الطاهره وجعل دولته متسعه الايام متصله النظام مقرونه بالدوام ممتده الى التمام مؤيده له الى سعاده الابد وباقيه له الى غايه الامد بمنه وفضله. وجعلتها تسعه وستون بابا 1 – باب العله التي من اجلها سمى على بن موسى الرضا عليه السلام. 2 – باب في ذكر جاء في ام الرضا عليه السلام واسمها. 3 – باب في ذكر مولد الرضا. 4 – باب في نص أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام على ابنه على بن موسى عليه السلام بالامامه والوصيه ويذكر فيها ثمانيه وعشرون نصا. 5 – باب في ذكر نسخه وصيه موسى بن جعفر عليه السلام. 6 – باب النصوص على الرضا بالامامه في جمله الائمه الاثنا عشر عليهم السلام. 7 – باب جمل من اخبار موسى بن جعفر عليهما السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدى. 8 – باب الاخبار التي رويت في صحه وفات أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام. 9 – باب ذكر من قتله الرشيد من اولاد رسول الله (ص) في ليله واحده بعد قتله لموسى بن جعفر عليهما السلام سوى من قتل منهم في سائر الايام والليالي. 10 – باب السبب من اجله قيل بالوقف على موسى بن جعفر عليهما السلام. 11 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار في التوحيد وخطبه الرضا عليه السلام في التوحيد.


[ 17 ]

12 – باب ذكر مجلس الرضا مع أهل الاديان واصحاب المقالات في التوحيد عند المأمون. 13 – باب في ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزى متكلم خراسان عند المأمون في التوحيد. 14 – باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما اجاب به على بن محمد بن الجهم في عصمه الانبياء عليه السلام 15 – باب ذكر مجلس آخر للرضا عند المأمون في عصمه الانبياء عليهم السلام. 16 – باب ما جاء عن الرضا في حديث اصحاب الرس. 17 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في قول الله عز وجل: وفديناه بذبح عظيم (1). 18 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في قول النبي (ص): انا ابن الذبيحين. 19 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في علامات الامام. 20 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الامامه والامام وذكر فضل الامام ورتبته. 21 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في تزويج فاطمه عليها السلام. 22 – باب ما جاء الرضا في الايمان وانه معرفه بالقلب واقرار باللسان وعمل بالاركان. 23 – باب في ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين


1 – سورة الصافات: الاية 107.

[ 18 ]

العتره والامه. 24 – باب ما جاء عن الرضا من خبر الشامي وما سال عنه أمير المؤمنين عليه السلام. 25 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في زيد بن علي عليه السلام. 26 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار النادرة في فنون شتى. 27 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت. 28 – باب فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المتفرقة. 29 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في صفة النبي (ص) ومن الاخبار المنثورة عن الرضا عليه السلام. 30 – باب فيما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار المجموعة. 31 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من العلل. 32 – باب ذكر ما كتب الرضا عليه السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل. 33 – باب العلل التي ذكر الفضل بن شاذان في آخرها انه سمعها من الرضا على بن موسى عليهما السلام مره مره وشيئا بعد شئ فجمعها واطلق لعلى بن بن قتيبه النيسابوري روايتها عنه عن الرضا عليه السلام. 34 – باب ما كتبه الرضا عليه السلام للمأمون من محض الاسلام وشرايع الدين ومن اخباره عليه السلام. 35 – باب دخول الرضا بنيسابور وذكر الدار التي نزل بها والمحلة. 36 – باب ما حدث به الرضا عليه السلام في مربعه (1) النيسابور وهو


1 – مربعة اسم مكان خارج نيسابور سمي مربعة لانه محل قسمة مياههم ارباعا.

[ 19 ]

يريد قصد المأمون بمرو. 37 – باب خبر نادر عن الرضا عليه السلام. 38 – باب خروج الرضا عليه السلام من نيسابور الى طوس ومنها الى مرو. 39 – باب السبب الذي من اجله قبل على بن موسى الرضا عليه السلام ولايه العهد من المأمون وذكر ما جرى من ذلك ومن كرهه ومن رضى به وغير ذلك ولعلى بن الحسين كلام في هذا النحو. 40 – باب استسقاء المأمون بالرضا عليه السلام وما اراه عز وجل من القدره في الاستجابة له في اهلاك من أنكره دلالته في ذلك اليوم. 41 – باب ذكر ما اتاه المأمون من طرد الناس من مجلس الرضا عليه السلام والاستخفاف وما كان من دعائه عليه السلام. 42 – باب ذكر ما انشد الرضا للمأمون من الشعر في الحلم والسكوت عن الجاهل وترك عتاب الصديق وفي استجلاب العدو حتى يكون صديقا وفي كتمان السر ومما انشده الرضا عليه السلام وتمثل به. 43 – باب ذكر اخلاق الرضا عليه السلام الكريمه ووصف عبادته. 44 – باب ذكر ما كان يتقرب به المأمون الى الرضا عليه السلام من مجادله المخالفين في الامامه والتفضيل. 45 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وجه دلائل الائمه عليهم السلام والرد على الغلاه والمفوضه لعنهم الله. 46 – باب دلالات الرضا وهي اثنان واربعون دلاله. 47 – باب دلاله الرضا في اجابه الله دعائه على بكار بن عبد الله بن مصعب بن الزبير بن بكار لما ظلمه. 48 – باب دلالته فيما اخبر به من امره انه لا يرى بغداد ولا تراه فكان كما قال.


[ 20 ]

49 – باب دلالته عليه السلام في اجابه الله تعالى دعائه في آل برمك واخباره بما تجرى عليهم وبانه يصل إليهم من الرشيد مكروه. 50 – باب دلالته عليه السلام في اخباره بانه يدفن مع هارون في بيت واحد. 51 – باب اخباره عليه السلام بانه سيقتل مسموما ويقبر الى جنب هرون الرشيد. 52 – باب صحه فراسه الرضا عليه السلام ومعرفته باهل الايمان واهل النفاق. 53 – باب معرفته عليه السلام بجميع اللغات. 54 – باب دلالته عليه السلام في اجابه الحسن بن على الوشا عن المسائل التي اراد ان يساله عنها قبل السؤال. دلاله اخرى له عليه السلام. دلاله اخرى له عليه السلام. 55 – باب جواب الرضا عليه السلام عن سؤال أبي قره صاحب الجاثليق. 56 – باب ذكر ما تكلم به الرضا عليه السلام يحيى بن ضحاك السمرقندى في الامامه عند المأمون. 57 – باب قول الرضا عليه السلام لاخيه زيد بن موسى حين ما افتخر على من في مجلسه وقوله عليه السلام فيمن يسئ عشره الشيعه من أهل بيته وبترك المراقبة. 58 – باب الاسباب التي من اجلها قتل المأمون على بن موسى الرضا عليه السلام بالسم. 59 – باب نص الرضا عليه السلام على ابنه محمد بن على عليه السلام بالامامه والخلافه. 60 – باب وفاه الرضا عليه السلام مسموما باغتيال المأمون اياه.


[ 21 ]

61 – باب ذكر خبر آخر في وفاه الرضا عليه السلام من طريق الخاصه. 62 – باب ما حدث به أبو الصلت الهروي من ذكر وفاه الرضا عليه السلام وانه يسم في عنب. 63 – باب ما حدث به هرثمه بن اعين من ذكر وفاه الرضا عليه السلام وانه يسم العنب والرمان جميعا. 64 – باب ذكر بعض ما قيل من المراثى في الرضا عليه السلام. 65 – باب ثواب زياره الرضا عليه السلام خبر ذكره دعبل بن على الخزاعى رحمه الله عن الرضا في النص على القائم عجل الله فرجه اوردته على اثر اخباره في ثواب الزيارة وخبر دعبل عند وفاته وذكر ما وجد على قبر دعبل مكتوبا. 66 – باب ما جاء عن الرضا في ثواب زياره قبر فاطمه بنت موسى بن جعفر عليهما السلام بقم. 67 – باب في كيفيه زياره الرضا عليه السلام بطوس. 68 – باب ما يجزى من القول عند زياره جميع الائمه عليهم السلام عن الرضا عليه السلام وزياره اخرى جامعه للرضا عليه السلام ولجميع الائمه عليهم السلام. 69 – باب في ذكر ما ظهر للناس في وقتنا من بركه هذا المشهد وعلاماته واستجابه الدعاء فيه فذلك تسعه وستون بابا.


[ 22 ]

* 1 – باب العله التي من اجلها سمى على بن موسى الرضا عليه السلام قال أبو جعفر محد بن على بن الحسين بن موسى بن بابويه القمى الفقيه مصنف الكتاب رحمه الله قال: 1 – حدثنا أبي ومحمد بن بن المتوكل ومحمد بن على بن ماجيلويه وأحمد بن على بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن تاتانه وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني وبن إبراهيم بن هشام المكتب وعلى بن عبد الله الوراق رضى الله عنهم قالوا: حدثنا على بن بن هاشم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال: قلت لابي جعفر محمد بن على موسى عليهم السلام: ان قوما من مخالفيكم يزعمون اباك انما سماه المأمون الرضا لما رضيه لولايه عهده فقال: كذبوا والله وفجروا بل الله تبارك وتعالى سماه الرضا لانه كان رضى الله عز وجل في سمائه ورضى لرسوله والائمه من بعده صلوات الله عليهم في ارضه قال: فقلت له: الم يكن كل واحد من آبائك الماضين عليهم السلام رضى لله تعالى ولرسوله والائمه عليه السلام فقال: بلى فقلت: فلم سمى ابوك بينهم الرضا قال: لانه رضى به المخالفون من اعدائه كما رضى به الموافقون من اوليائه ولم يكن ذلك لاحد من آبائه عليهم السلام فلذلك سمى من بينهم الرضا عليه السلام. 2 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى عن سهل زياد الادمى عن عبد العظيم


[ 23 ]

ابن عبد الله الحسنى عن سليمان بن حفص المروزى قال: كان موسى جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على أبي طالب عليهم السلام ليسمى ولده عليا عليه السلام الرضا وكان يقول: ادعوا الى ولدى الرضا وقلت لولدي الرضا وقال لي ولدى الرضا وإذا خاطبه قال يا أبا الحسن (1).


1 – إذا اطلق في الروايات أبو الحسن فهو الكاظم عليه السلام وإذا قيل: أبو الحسن الثاني فهو الرضا عليه السلام وإذا قيل أبو الحسن الثالث فهو الهادي عليه السلام.

[ 24 ]

2 – باب ما جاء في ام الرضا على بن موسى الرضا عليهما السلام واسمها 1 – حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقى في داره بنيسابور في سنه اثنين وخمسين وثلثمأة قال: اخبرنا محد بن يحيى الصولى قراءه عليه قال: أبو الحسن الرضا عليه السلام هو على بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام وامه ام ولد تسمى تكتم عليه استقر اسمها حين ملكها أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام. 2 – حدثنا الحاكم أبو على الحسين بن أحمد البيهقى قال: حدثنا الصولى قال: حدثني عون بن محمد الكندى قال: سمعت ابي الحسن على بن ميثم يقول وما رايت احدا قط اعرف بامور الائمه عليهم السلام واخبارهم ومناكحهم منه قال: اشترت حميده المصفاه وهي ام أبي الحسن موسى بن جعفر وكانت من اشراف العجم جاريه مولده (1) واسمها تكتم وكانت من افضل النساء في عقلها ودينها واعظامها لمولاتها حميده المصفاه حتى انها ما جلست بين يديها منذ ملكتها اجلالا لها فقالت لابنها موسى عليه السلام يا بني ان تكتم جاريه ما رايت جاريه قط افضل منها ولست اشك ان الله تعالى سيظهر نسلها ان كان لها نسل وقد وهبتها لك فاستوص خيرا بها فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهره قال: والرضا عليه السلام يرتضع كثيرا وكان تام الخلق فقالت اعينوني بمرضع فقيل لها: انقص الدر؟ فقالت: ما


1 – المولدة: التي ولدت بين العرب ونشأت مع اولادهم.

[ 25 ]

اكذب والله نقص الدر ولكن على ورد من صلواتي وتسبيحى وقد نقص منذ ولدت قال الحاكم أبو على: قال الصولى: والدليل على ان اسمها تكتم قول الشاعر يمدح الرضا عليه السلام: إلا ان خير الناس نفسا ووالدا ورهطا واجدادا على المعظم اتتنا به للعلم والحلم ثامنا اماما يؤدى حجه الله تكتم وقد نسب قوم هذا الشعر الى عم أبي إبراهيم بن العباس ولم اروه له وما لم يقع لي به روايه وسماعا فانى لا احققه ولا ابطله بل الذي لا اشك فيه انه لعم أبي إبراهيم بن العباس قوله: كفى بفعال امرء عالم على اهله عادلا شاهدا ارى لهم طارفا مونقا ولا يشبه الطارف (1) التالدا يمن عليكم باموالكم وتعطون من مأة واحدا فلا يحمد الله مستبصرا يكون لاعدائكم حامدا فضلت قسيمك في قعدد (2) كما فضل الوالد الوالدا قال الصولى: وجدت هذه الابيات بخط أبي على ظهر دفتر له يقول فيه انشدني اخى لعمه في علي يعنى الرضا عليه السلام تعليق متوق فنظرت فإذا هو بقسيمه في القعدد المأمون لأن عبد المطلب هو الثامن من آبائهما جميعا وتكتم من اسماء نساء العرب قد جاءت في الاشعار كثيرا منها في قولهم: طاف الخيالان فهاجا سقما خيال تكنى وخيال تكتما قال الصولى: وكانت لابراهيم بن العباس الصولى عم أبي في الرضا عليه السلام مدايح كثيره اظهرها ثم اضطر الى ان سترها وتتبعها فاخذها من كل مكان.


1 – الطارف: المستحدث الجدير من المال والتالد ضده والمراد من الطارف هنا الرضا عليه السلام وبالتالد المأمون أي أرى لبني العباس مجدا عرضيا ومجدكم اصيل وأين العرضي من الاصلي والذاتي؟؟ وأين التراب ورب الارباب؟ 2 – رجل قعدد إذا كان قريب الاباء الى الجد الاكبر.

[ 26 ]

وقد روى قوم ان ام الرضا عليه السلام تسمى سكن النوبيه وسميت اروى وسميت نجمه وسميت سمان وتكنى ام البنين. 3 – حدثنا تميم بن عبد الله بن عبد الله بن تميم القرشى رضى الله عنه قال: حدثني أبي عن أحمد بن على الانصاري قال: حدثني على بن ميثم عن أبيه قال: لما اشترت الحميده ام موسى بن جعفر عليهما السلام ام الرضا عليه السلام نجمه ذكرت حميده: انها رات في المنام رسول الله (ص) لها يا حميده هبى نجمه لابنك موسى فانه سيولد له منها خير أهل الأرض فوهبتها له فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهره وكانت لها اسماء منها نجمه واروى (1) وسكن وسمان وتكتم وهو آخر اساميها قال على بن ميثم: سمعت أبي يقول: سمعت امى تقول: كانت نجمه بكرا لما اشترتها حميده. 4 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن يعقوب بن اسحق عن أبي زكريا الواسطي هشام بن أحمد قال: قال أبو الحسن الاول عليه السلام: هل علمت احدا من أهل المغرب قدم؟ قلت: لا فقال عليه السلام: بلى قد قدم رجل احمر فانطلق بنا فركب وركبنا معه حتى انتهينا الى الرجل فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق فقال له: اعرض علينا فعرض علينا تسع جوار كل ذلك يقول أبو الحسن عليه السلام: لا حاجه لي فيها ثم قال له: اعرض علينا قال ما عندي شئ فقال له بلى اعرض علينا قال: لا والله ما عندي إلا جاريه مريضه فقال له: ما عليك ان تعرضها؟ فابى عليه ثم انصرف ثم انه ارسلني من الغد إليه فقال لي: قل له كم غايتك فيها؟ فإذا قال: كذا وكذا. فقل: قد اخذتها فاتيته فقال: ما اريد ان انقصها من كذا فقلت: قد اخذتها وهو لك فقال: هي لك ولكن من الرجل الذي كان معك بالامس فقلت رجل من بني هاشم فقال: أي بني هاشم؟ فقلته من نقبائهم فقال: اريد اكثر منه فقلت ما


1 – أروى: أسم امرأة.

[ 27 ]

عندي اكثر من هذا فقال: اخبرك عن الوصيفة (1) انى اشتريتها من اقصى بلاد المغرب فلقيتنى امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ فقلت: اشتريتها لنفسي فقالت: ما ينبغى ان تكون هذه الوصيفة عند مثلك! ان هذه الجارية ينبغى ان تكون عند خير أهل الأرض فلا تلبث عنده إلا قليلا حتى تلد منه غلاما يدين له شرق الأرض وغربها قال: فاتيته بها فلم تلبث عنده قليلا حتى ولدت له عليا عليه السلام. 5 – وحدثني بهذا الحديث محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثني عمى محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفى عن محمد بن خالد عن هشام بن أحمد مثله سواء.


1 – وفي نسخة اخرى (الوصيف) الوصيف: الخادم غلاما كان أو جارية.

[ 28 ]

3 – باب في ذكر مولد الرضا علي بن موسى عليه السلام 1 – حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثني الحسن بن على بن زكريا بمدينة السلام قال: حدثني عبد الله محمد بن خليلان قال: حدثني أبي عن ابيه عن جده عن غياث بن اسيد قال: سمعت جماعه من أهل المدينة يقولون: ولد الرضا على بن موسى عليه السلام بالمدينة يوم الخميس لاحدى عشره ليله خلت من ربيع الاول سنه ثلاث وخمسين ومائه من الهجره بعد وفاه أبي عبد الله عليه السلام بخمس سنين وتوفى بطوس في قريه يقال: سناباذ (1) من رستاق نوقان ودفن في دار حميد بن قحطبه الطائى في القبه التي فيها هرون الرشيد الى جانبه مما يلى القبله وذلك في شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعه سنه ثلاث وماتين وقد تم عمره تسعا واربعين سنه وسته اشهر منها مع أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام تسعا وعشرين سنه وشهرين وبعد أبيه ايام امامته عشرين سنه واربعه اشهر وقام عليه السلام بالامر وله تسع وعشرون سنه وشهران وكان في ايام امامته عليه السلام بقيه ملك الرشيد ثم ملك الرشيد محمد المعروف بالامين وهو ابن زبيده ثلاث سنين وخمسه وعشرين يوما ثم خلع الامين واجلس عمه إبراهيم بن شكله


1 – سناباذ هي بالسين المهملة ثم نون بعدها الف ثم باء موحدة وذال معجمة في الاخر بينها الف: بلدة بخراسان وهي الموضع الذي دفن فيه الرضا عليه السلام وهي من نوقان على دعوة اي قدر سماع صوت الشخص.

[ 29 ]

اربعه عشر يوما اخرج محمد بن زبيده من الحبس وبويع له ثانيه وجلس في الملك سنه وسته اشهر وثلاثه وعشرين يوما ثم ملك عبد الله المأمون عشرين سنه وثلاثه وعشرين يوما فاخذ البيعه في ملكه لعلى بن موسى الرضا عليه السلام بعهد المسلمين من غير رضاه وذلك بعد ان هدده بالقتل والح عليه مره بعد اخرى في كلها يابى عليه اشرف من تابيه على الهلاك فقال عليه السلام. (اللهم انك نهيتني عن الالقاء بيدى الى التهلكه وقد اكرهت واضطررت كما اشرفت من قبل عبد الله المأمون على القتل متى لم اقبل ولايه عهده (1) وقد اكرهت واضطررت كما اضطر يوسف ودانيال عليه السلام! قبل كل واحد منهما الولاية من طاغيه زمانه اللهم لا عهد الا عهدك ولا ولايه لي إلا من قبلك فوفقني لاقامه دينك واحياء سنه نبيك محمد (ص) فانك أنت المولى والنصير ونعم المولى أنت ونعم النصير) ثم قبل عليه السلام ولايه العهد من المأمون وهو باك حزين على ان لا يولى احدا ولا يعزل احدا ولا يغير رسما ولا سنه وان يكون في الامر مشيرا من بعيد فاخذ المأمون له البيعه على الناس الخاص منهم والعام فكان متى ما ظهر للمأمون من الرضا عليه السلام فضل وعلم وحسن تدبير حسده على ذلك وحقد عليه حتى ضاق صدره فغدر به وقتله بالسم ومضى الى رضوان الله تعالى وكرامته. 2 – حدثني تميم بن عبد الله بن نعيم القرشى رضى الله عنه قال: حدثني أبي عن احمد بن على الانصاري عن على بن ميثم عن أبيه قال: سمعت امى تقول: سمعت نجمه ام الرضا عليه السلام تقول: لما حملت بابنى على لم اشعر بثقل الحمل وكنت اسمع منامي تسبيحا وتهليلا وتمجيدا من بطني فيفزعنى ويهولني فإذا انتبهت لم اسمع شيئا فلما وضعته وقع الأرض واضعا يديه على الأرض رافعا راسه السماء يحرك شفتيه كانه يتكلم فدخل الى ابوه موسى بن جعفر عليه السلام فقال لي: هنيئا لك يا نجمه كرامه ربك


1 – العهد اليمين: وهو الذي كان الخلفاء يأخذونه من الناس عند البيعة على الطاعة لهم فولي العهد هو الذي يأخذون له العهد.

[ 30 ]

فناولته اياه في خرقه بيضاء فاذن في اذنه الايمن واقام في الايسر ودعا بماء الفرات فحنكه به ثم رده الى فقال: خذيه فانه بقيه الله تعالى في ارضه


[ 31 ]

4 – باب نص أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام على ابنه الرضا على بن موسى بن جعفر عليه السلام بالامامه والوصيه 1 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثني الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى عن أبيه عن الحسن بن موسى الخشاب عن محمد الاصبغ عن أحمد بن الحسن الميثمى وكان واقفيا قال: حدثني محمد بن اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وقد اشتكى شكايه شديده فقلت له: ان كان ما أسأل الله ان لا يريناه فالى من؟ قال: الى على ابني وكتابه كتابي وهو وصيى وخليفتي من بعدى. 2 – نص آخر حدثنا محمد بن (1) الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا عن أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري عن الحسن بن علي بن يقطين عن اخيه الحسين عن أبيه على بن يقطين قال: كنت عند أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وعنده على ابنه عليه السلام فقال: يا على هذا ابني سيد ولدى وقد نحلته كنيتي قال: فضرب هشام يعنى سالم يده على جبهته فقال: انا لله نعى والله اليك نفسه. 3 – نص آخر حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن


1 – قال في المنتهي: محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد أبو جعفر شيخ القميين وفقيههم ومتقدمهم ووجههم ويقال: انه نزل الى قم الى ان قال: يروي عن الصفار وعن سعد.

[ 32 ]

الحسن بن محبوب وعثمان بن عيسى عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: كنت انا وهشام بن الحكم وعلى بن يقطين ببغداد فقال على بن يقطين: كنت عند العبد الصالح موسى بن جعفر عليهما السلام جالسا فدخل عليه ابنه الرضا عليه السلام فقال: يا على هذا سيد ولدى وقد نحلته كنيتي فضرب هشام براحته جبهته! ثم قال: ويحك كيف قلت؟ فقال على بن يقطين: سمعت والله منه كما قلت لك فقال هشام: اخبرك والله ان الامر فيه من بعده. 4 – نص آخر حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا على بن الحسين السعد آبادى عن أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن أبيه عن خلف بن حماد عن داود بن زربى (1) عن على بن يقطين قال: قال لي موسى بن جعفر ابتداء منه: هذا افقه ولدى واشار بيده الى الرضا عليه السلام وقد نحلته كنيتي. 5 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عبد الله بن عيسى عن عن الحسن بن موسى الخشاب عن محمد بن الاصبغ عن أبيه عن غنام بن القاسم قال: قال لي منصور يونس بن بزرج (2) دخلت على أبي الحسن يعنى موسى بن جعفر عليهما السلام يوما فقال لي: يا منصور اما علمت ما احدثت في يومى هذا؟ قلت: لا قال: قد صيرت عليا ابني وصيى واشار بيده الى الرضا عليه السلام وقد نحلته كنيتي والخلف من بعدى فادخل عليه وهنئه بذلك واعلم اني امرتك بهذا قال: فدخلت عليه فهنيته بذلك واعلمته ان أمرنى بذلك ثم جحد منصور فاخذ الاموال التي كانت في يده وكسرها. 6 – نص آخر حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا


1 – زربى بالزاء المضمومة والراء الساكنة بعدها والباء المنقطة تحتها نقطة وقيل بتقديم الراء المكسورة على الزاء اي رزبى والصواب هو الاول وهو من رواة الحديث. 2 – منصور بن يونس بن بزرج أبو يحيى وقيل أبو سعيد كوفي ثقة روى عن ابي عبد الله وأبي الحسن قال الكشي عن الحسن بن موسى عن محمد بن الاصبغ عن ابراهيم عن عثمان بن القاسم ان منصور بن يونس بن بزرج جحد النص على الرضا عليه السلام. لاموال كانت في يده وانتهى).

[ 33 ]

محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن احمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى عن زكريا بن آدم عن داود بن كثير قال: قلت لابي عبد الله: جعلت فداك وقدمني للموت قبلك ان كان كون فالى من؟ قال: الى ابني موسى فكان ذلك الكون فو الله شككت في موسى عليه السلام طرفه عين قط ثم مكثت نحوا من ثلثين سنه ثم اتيت أبا الحسن موسى فقلت له: جعلت فداك ان كان كون فالى من؟ قال: على ابني قال: فكان ذلك الكون فو الله ما شككت في علي عليه السلام طرفه عين قط. 7 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثني سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد بن الحجال قال: حدثنا محمد بن سنان عن داود الرقى قال: قلت لابي إبراهيم موسى بن جعفر عليه السلام جعلت فداك قد كبر سنى فحدثني من الامام بعدك؟ قال: فاشار الى أبي الحسن الرضا عليه السلام وقال: هذا صاحبكم من بعدى. 8 – نص آخر حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الصفار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى عن أبي على الخزاز عن داود الرقى قال: قلت لابي إبراهيم يعنى موسى الكاظم عليه السلام فداك أبي انى قد كبرت وخفت ان يحدث بى حدث ولا القاك فاخبرني من الامام من بعدك؟ فقال: ابني على عليه السلام. 9 – نص آخر حدثنا أبي ومحمد الحسن بن أحمد بن الوليد ومحمد بن موسى بن المتوكل وأحمد بن محمد بن يحيى العطار ومحمد بن علي ماجيلويه رضى الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عبد الله بن محمد الشامي عن الحسن بن موسى الخشاب عن على بن اسباط عن الحسين مولى أبي عبد الله عن أبي الحكم عن عبد الله بن إبراهيم الجعفري عن يزيد بن سليط الزيدى قال: لقينا أبا عبد الله عليه السلام في طريق مكه ونحن جماعه فقلت له: بابى أنت وامى انتم الائمه المطهرون والموت لا يعرى أحد منه فاحدث الى شيئا القيه من


[ 34 ]

يخلفني فقال لي: نعم هؤلاء ولدى وهذا سيدهم واشار الى ابنه موسى عليه السلام وفيه العلم والحكم والفهم والسخاء والمعرفة بما يحتاج الناس إليه فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم وفيه حسن الخلق وحسن الجوار وهو باب من ابواب الله تعالى عز وجل وفي اخرى هي خير من هذا كله فقال له أبي وما هي بابى أنت وامى قال: يخرج الله منه عز وجل غوث هذه الامه وغياثها وعلمها ونورها وفهمها وحكمها وخير مولود وخير ناشئ يحقن الله الدماء ويصلح به ذات البين ويلم به الشعث ويشعب به (1) الصدع ويكسو به العارى ويشبع به الجائع ويؤمن به الخائف وينزل به القطر وياتمر العباد خير كهل وخير ناشئ يبشر به عشيرته اوان حلمه قوله حكم وصمته علم يبين للناس ما يختلفون فيه. قال: فقال أبي: بابى أنت وامى فيكون له ولد بعده فقال: نعم ثم قطع الكلام وقال يزيد: ثم لقيت أبا الحسن يعنى موسى بن جعفر عليه السلام بعد فقلت له: بابى أنت وامى انى اريد ان تخبرني بمثل ما اخبرني به ابوك قال: فقال: كان أبي عليه السلام في زمن ليس هذا مثله قال يزيد فقلت: من يرضى منك بهذا فعليه لعنه الله قال: فضحك ثم قال: اخبرك يا با عماره اني خرجت من منزلي فاوصيت في الظاهر الى بني فاشركتهم مع ابني على وافردته بوصيتي في الباطن ولقد رايت رسول الله في المنام وأمير المؤمنين عليه السلام معه ومعه خاتم وسيف وعصا وكتاب وعمامه فقلت له: ما هذا؟ فقال: أما العمامة فسلطان تعالى عز وجل وأما السيف فعزه الله عز وجل وأما الكتاب فنور الله عز وجل وأما العصا فقوه الله عز وجل وأما الخاتم فجامع هذه الامور ثم قال: قال رسول الله (ص) والامر يخرج الى على ابنك. قال: ثم قال: يا يزيد انها وديعه عندك فلا تخبر إلا عاقلا أو عبدا امتحن الله قلبه للايمان أو صادقا ولا تكفر نعم الله تعالى وان سئلت عن الشهادة فادها فإن الله تعالى يقول: (ان الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها) (2) وقال الله عز


1 – الشعب كالمنع: الجمع والتفريق والاصلاح والفساد: وهو من الاضداد: الصدع: الفرقة. 2 – سورة النساء: الاية 58.

[ 35 ]

وجل: (ومن اظلم ممن كتم شهاده عنده الله) (1) فقلت: والله ما كنت لافعل هذا ابدا قال: ثم قال أبو الحسن عليه السلام: ثم وصفه لي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال على ابنك الذي ينظر بنور الله ويسمع بتفهيمه وينطق بحكمته يصيب ولا يخطى ويعلم ولا يجهل وقد ملئ حكما وعلما وما اقل مقامك معه! إنما هو شئ كان لم يكن فإذا رجعت من سفرك فاصلح امرك وافرغ مما اردت فانك منتقل عنه ومجاور غيره فاجمع ولدك واشهد الله عليهم جميعا وكفى بالله شهيدا ثم قال يا يزيد انى اوخذ في هذه السنه وعلى ابني سمى على بن ابي طالب عليه السلام وسمى على بن الحسين عليه السلام اعطى فهم الاول وعلمه ونصره وردائه (2) وليس له ان يتكلم بعد هارون باربع سنين فإذا مضت اربع سنين فاسأله عما شئت يجيبك ان شاء الله تعالى. 10 – نص آخر أبي (رض) قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن احمد بن محمد بن عيسى عن العباس النجاشي الاسدي قلت للرضا عليه السلام أنت صاحب هذا الامر: قال: إي والله على الانس والجن. 11 – نص آخر حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن خالد البرقى عن سليمان بن حفص المروزى قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وانا اريد ان اسئله عن الحجه على الناس بعده فلما نظر الى فابتدانى وقال: يا سليمان ان عليا ابني ووصيي والحجه على الناس بعدى وهو افضل ولدى فان بقيت بعدى فاشهد له بذاك عند شيعتي وأهل ولايتى المستخبرين عن خليفتي من بعدى. 12 – نص آخر حدثنا أبي رضى عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد بن الحجال قال: حدثنا


1 – سورة البقرة الاية 154. 2 – وفسر الرداء بالخلاق الحسنة لاشتمالها على صاحبها كالرداء كما قال تعالى: الكبرياء ردائي.

[ 36 ]

سعد بن زكريا بن آدم عن على بن عبد الله الهاشمي قال: كنا عند القبر نحو ستين رجلا منا ومن موالينا إذ اقبل أبو إبراهيم موسى جعفر عليه السلام ويد على ابنه عليه السلام في يده فقال: تدرون من انا قلنا: أنت سيدنا وكبيرنا فقال: سموني وانسبوني فقلنا: أنت موسى بن جعفر بن محمد فقال: من هذا معى؟ قلنا: هو على بن موسى بن جعفر قال: فاشهدوا انه وكيلى في حياتي ووصيي بعد موتى. 13 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن مرحوم قال: خرجت من البصره اريد المدينة فلما صرت في بعض الطريق لقيت أبا إبراهيم عليه السلام وهو يذهب به الى البصره فارسل الى فدخلت عليه فدفع الى كتبا وامرني ان اوصلها بالمدينة فقلت: الى من ادفعها جعلت فداك؟ قال: الى ابني على فانه وصيى والقيم بامرى وخير بني. 14 – نص آخر حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن محمد بن الفضيل عن عبد الله بن الحرث وامه من ولد جعفر بن أبي طالب قال: بعث الينا أبو إبراهيم عليه السلام فجمعنا ثم قال: اتدرون لم جمعتكم؟ قلنا لا قال: اشهدوا ان عليا ابني هذا وصيى والقيم بامرى وخليفتي من بعدى من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا ومن كانت له عندي عدة فليستنجزها منه ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقنى إلا بكتابه. 15 – نص آخر حدثنا المظفر بن جعفر العلوى السمرقندى رضى الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه قال: حدثنا يوسف بن السخت (1) عن على بن القاسم العريضى عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن حيدر بن ايوب عن محمد بن يزيد الهاشمي انه قال:


1 – السخت بالسين المهملة والخاء المعجمة والتاء المنقطة فوقها نقطتين: بصري ضعيف.

[ 37 ]

الان تتخذ الشيعه على بن موسى عليه السلام اماما قلت وكيف ذلك؟ قال: دعاه أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام فأوصى إليه. 16 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد عيسى عن على بن الحكم عن حيدر بن ايوب قال: كنا بالمدينة في موضع يعرف بالقبا فيه بن زيد بن على فجاء بعد الوقت الذي كان يجئينا فقلنا له جعلنا الله فداك ما حبسك؟ قال: دعانا أبو إبراهيم عليه السلام اليوم سبعه عشر رجلا من ولد على وفاطمة عليهما السلام فاشهدنا لعلى ابنه بالوصية والوكاله في حيوته وبعد موته وان امره جايز عليه وله ثم قال محمد بن زيد: والله يا حيدر لقد عقد له الامامه اليوم وليقولن الشيعه به من بعده قال حيدر: قلت: بل يبقيه الله وأي شئ هذا؟ قال: يا حيدر إذا اوصى إليه فقد عقد له الامامه قال على بن الحكم: مات حيدر وهو شاك. 17 – نص آخر حدثنا محمد بن على ماجيلويه قال: حدثنا عمى محمد بن أبي القاسم عن محمد بن على الكوفى عن محمد بن الخلف عن يونس بن عبد الرحمن عن اسد بن أبي العلا عن عبد الصمد بن بشير وخلف بن حماد عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: اوصى أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام الى ابنه على عليه السلام وكتب له كتابا اشهد فيه ستين رجلا من وجوه أهل المدينة. 18 – نص آخر حدثنا أحمد بن زياد جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن اسمعيل بن مرار وصالح بن السندي عن يونس بن عبد الرحمن عن حسين بن بشير قال: اقام لنا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ابنه عليا عليه السلام كما اقام رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام يوم غدير خم فقال: يا أهل المدينة أو قال: يا أهل المسجد هذا وصيى من بعدى. 19 – نص آخر حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن الخزاز


[ 38 ]

قال: خرجنا الى مكه ومعنا على بن أبي حمزه ومعه مال ومتاع فقلنا: ما هذا؟ قال: للعبد الصالح عليه السلام امرني ان احمله الى على ابنه عليه السلام وقد اوصى إليه. قال مصنف هذا الكتاب: أن على بن أبي حمزه انكر ذلك بعد وفاه موسى بن جعفر عليه السلام وحبس المال عن الرضا عليه السلام. 20 – نص آخر حدثنا على بن عبد الله الوراق قال: حدثنا اسعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد يونس بن عبد الرحمن عن صفوان بن يحيى عن أبي ايوب الخزاز عن سلمه بن محرز قال: قلت لابي الله عليه السلام ان رجلا من العجليه (1) قال لي كم عسى يبقى لكم هذا الشيخ إنما هو سنه أو سنتين حتى يهلك ثم تصيرون ليس لكم أحد تنظرون إليه فقال أبو عبد الله عليه السلام: الا قلت له: هذا موسى بن جعفر عليه السلام قد ادرك ما يدرك الرجال وقد اشترينا له جاريه تباح له فكانك ان شاء الله وقد ولد له فقيه خلف. 21 – نص آخر حدثنا المظفر بن جعفر بن مظفر العلوى السمرقندى قال: حدثني جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه عن يوسف بن السخت عن على بن القاسم عن أبيه عن جعفر بن خلف عن اسماعيل بن الخطاب قال: كان أبو الحسن عليه السلام يبتدى بالثناء على أبيه على عليه السلام ويطريه ويذكر من فضله وبره ما لا يذكر من غيره كانه يريد أن يدل عليه. 22 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس بن عبد الرحمن عن جعفر


1 – العجلية فرقتان: الاولى: المغيرية اصحاب المغيرة بن سعيد العجلي قالوا الله عز شأنه على صورة رجل من نور على رأسه تاج ويقولون: الامام المنتظر زكريا بن محمد بن علي بن الحسين بن علي وهو حي مقيم في جبل حاجز. الثانية المنصورية: اصحاب أبو منصور العجلي عزى نفسه الى الباقر عليه السلام فتبرء منه وطرده وادعى الامامة لنفسه قالوا: الامامة لمحمد بن علي بن الحسين ثم انتقلت عنه الى ابي منصور: وزعموا ان أبا منصور عرج الى السماء.

[ 39 ]

ابن خلف قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام يقول: سعد امرء لم يمت حتى يرى منه خلف وقد ارانى الله من ابني هذا خلفا واشار إليه يعنى الرضا عليه السلام. 23 – نص آخر حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى ومحمد بن سنان وعلى بن سنان وعلى عن الحكم عن الحسين بن المختار قال: خرجت الينا الواح من أبي إبراهيم موسى عليه السلام وهو في الحبس فإذا فيها مكتوب عهدي الى اكبر ولدى. 24 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عبد الرحمن عن الحسين بن المختار قال لما مر بنا أبو الحسن عليه السلام بالبصره خرجت الينا منه الواح مكتوب فيها بالعرض عهدي الى اكبر ولدى 25 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن زياد بن مروان القندى قال: دخلت على أبي ابراهيم عليه السلام وعنده على ابنه فقال لي: يا زياد هذا كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي وما قال فالقول قوله. قال مصنف هذا الكتاب: ان زياد بن مروان القندى روى هذا الحديث ثم انكره (1) بعد مضى موسى عليه السلام وقال بالوقف وحبس ما كان عنده من مال موسى بن جعفر عليه السلام. 26 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الله بن محمد الحجال قال: حدثنا سعيد بن أبي الجهم عن نصر بن قابوس قال: قلت لابي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام: انى سألت اباك عليه السلام من الذي بعدك؟


1 – زياد بن مروان القندي واقفي مذموم.

[ 40 ]

فاخبرني انك أنت هو؟ فلما توفى أبو عبد الله عليه السلام ذهب الناس يمينا وشمالا وقلت واصحابي بك فاخبرني من الذي يكون بعدك؟ قال: ابني على عليه السلام. 27 – نص آخر حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن نعيم بن قابوس قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: على ابني اكبر ولدى واسمعهم لقولي واطوعهم لامرى ينظر معى في كتابي الجفر والجامعه وليس ينظر فيه إلا نبى أو وصى نبى. 28 – نص آخر حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن أبيه عن عبد الله بن عبد الرحمن عن المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وعلى عليه السلام ابنه في حجره (1) وهو يقبله ويمص لسانه ويضعه على عاتقه ويضمه إليه ويقول بابى أنت وامى ما اطيب ريحك واطهر خلقك وابين فضلك؟! قلت: جعلت فداك لقد وقع في قلبى لهذا الغلام من الموده ما لم يقع لاحد إلا لك فقال لي: يا مفضل هو منى بمنزلتي من أبي عليه السلام (ذريه بعضها من بعض والله سميع عليم) قال: قلت هو صاحب هذا الامر من بعدك؟ قال: نعم من اطاعه رشد وعصاه كفر. 29 – نص آخر حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال حدثنا على إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن سنان (2) قال: دخلت على أبي الحسن عليه السلام قبل ان يحمل العراق بسنه وعلى ابنه عليه السلام بين يديه فقال لي: يا محمد فقلت: لبيك قال: انه سيكون في هذه السنه حركه تجزع منها ثم اطرق ونكت (3) بيده في الأرض ورفع راسه الى وهو


1 – الحجر بالكسر: ما بين يديك من ثوبك. 2 – ذكر شيخنا المفيد وقدم في شأن محمد: انه من خاصة الكاظم عليه السلام وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته ومن روى النص على الرضا. 3 – نكت الارض بأصبعه أو بعصا أو غيرها: ضربها بها فأثر فيها يفعلون ذلك حين التفكر.

[ 41 ]

يقول: ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء قلت: وما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحد امامته من بعدى كان كمن ظلم على بن أبي طالب عليه السلام حقه وجحد امامته بعد محمد عليه السلام فعلمت انه قد نعى الى نفسه ودل على ابنه فقلت: والله لئن مد الله في عمرى لاسلمن إليه حقه ولاقرن له بالامامه واشهد انه من بعدك حجه الله تعالى على خلقه والداعى الى دينه فقال لي: يا محمد يمد الله في عمرك وتدعو الى امامته وامامه من يقوم مقامه من بعده فقلت: من ذاك جعلت فداك؟ قال: محمد ابنه قال: قلت فالرضا والتسليم قال: نعم كذلك وجدتك في كتاب أمير قوله المؤمنين عليه السلام: أما انك في شيعتنا ابين من البرق في الليله الظلماء ثم قال: يا محمد ان المفضل كان انسى ومستراحي وأنت انسهما ومستراحهما حرام على النار ان تمسك ابدا.


[ 42 ]

5 – باب نسخه وصيه موسى بن جعفر عليهما السلام 1 – حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن أبي الصهبان عن عبد الله بن محمد الحجال ان إبراهيم بن عبد الله الجعفري حدثه عن عده من أهل بيته ان إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام اشهد على وصيته اسحاق بن جعفر بن محمد وإبراهيم بن محمد الجعفري وجعفر بن صالح ومعاويه بن الجعفريين ويحيى بن الحسين بن زيد وسعد بن عمران الانصاري ومحمد بن الحارث الانصاري ويزيد بن سليط الانصاري ومحمد بن جعفر الاسلمي بعد ان اشهدهم انه يشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان الساعه آتيه لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور وان البعث بعد الموت حق وان الحساب والقصاص حق وان الوقوف بين يدى الله عز وجل حق وان ما جاء به محمد صلى الله عليه وآله حق حق حق وان ما نزل به الروح الامين حق على ذلك احيى وعليه اموت وعليه ابعث انشاء الله اشهدهم ان هذه وصيتى بخطى وقد نسخت وصيه جدى أمير المؤمنين عليه السلام ووصايا الحسن والحسين وعلى بن الحسين ووصيه محمد بن على الباقر ووصيه جعفر بن محمد عليهم السلام قبل ذلك حرفا بحرف واوصيت بها الى على ابني وبني بعده معه ان شاء الله فإن آنس منهم رشدا واحب اقرارهم فذاك له وان كرههم واحب يخرجهم فذاك له ولا أمر لهم معه واوصيت إليه بصدقاتي واموالي وصبياني الذي خلفت وولدى والى إبراهيم والعباس واسماعيل وأحمد وام أحمد والى على أمر نسائى دونهم


[ 43 ]

وثلث صدقه أبي وأهل بيتى يضعه حيث يرى ويجعل منه ما يجعل ذو المال في ماله ان احب ان يجيز ما ذكرت في عيالي فذاك إليه وان كره فذاك إليه وان احب ان يبيع أو يهب أو ينحل أو يتصدق على غير ما وصيته فذاك إليه وهو انا في وصيتى في مالى وفي اهلي وولدى وان راى ان يقر اخوته الذين سميتهم في صدر كتابي هذا اقرهم وان كره فله ان يخرجهم غير مردود عليه وان اراد رجل منهم ان يزوج اخته فليس له ان يزوجها الا باذنه وامره وأي سلطان كشفه عن شئ أو حال بينه وشئ مما ذكرت في كتابي فقد برئ من الله تعالى ومن رسوله والله ورسوله منه بريان وعليه لعنه الله ولعنه اللاعنين والملائكة المقربين والنبيين والمرسلين اجمعين وجماعه المؤمنين وليس لاحد من السلاطين ان يكشفه شئ لي عنده من بضاعة ولا لاحد من ولدى ولي عنده مال وهو مصدق فيما ذكر من مبلغه ان اقل أو اكثر فهو الصادق وإنما اردت بادخال الدين ادخلت معه من ولدى التنويه (1) باسمائهم واولادي الاصاغر وامهات اولادي ومن اقام منهم في منزله وفي حجابه فله ما كان يجرى عليه في حياتي ان اراد ذلك ومن خرج منهن الى زوج فليس لها ان ترجع الى جرايتى (2) إلا ان يرى على ذلك وبناتي مثل ذلك ولا يزوج بناتى أحد من اخواتهن من امهاتهن ولا سلطان ولا عمل لهن إلا برايه ومشورته فإن فعلوا ذلك فقد خالفوا الله تعالى ورسوله عليه السلام وحادوه في ملكه وهو اعرف بمناكح قومه ان اراد ان يزوج زوج وان اراد ان يترك ترك وقد اوصيتهم بمثل ذكرت في صدر كتابي هذا واشهد الله عليهم وليس لاحد ان يكشف وصيتى ولا ينشرها وهي على ما ذكرت وسميت فمن اساء فعليه ومن احسن فلنفسه وما ربك بظلام للعبيد وليس لاحد من سلطان ولا غيره ان نقض كتابي هذا الذي ختمت عليه اسفل فمن فعل ذلك فعليه لعنه الله وغضبه والملائكة بعد ذلك ظهير وجماعه المسلمين والمؤمنين وختم موسى بن جعفر عليه السلام والشهود. قال عبد الله بن محمد الجعفري: قال العباس بن موسى عليه السلام


1 – نوه الشئ: رفع ذكره وعظمه. ونوه باسمه دعاه. 2 – الجراية بكسر الجيم الجاري من الوظائف.

[ 44 ]

لابن عمران القاضى الطلحى: ان اسفل هذا الكتاب كنز لنا وجوهر يريد ان يحتجزه دوننا ولم يدع ابونا شيئا إلا جعله له وتركنا عياله فوثب إليه إبراهيم بن محمد الجعفري فاسمعه فوثب عليه اسحاق بن جعفر عمه ففعل به مثل ذلك فقال العباس للقاضى: اصلحك الله فض الخاتم واقرا ما تحته فقال: لا افضه ولا يلعننى ابوك فقال العباس: انا افضه قال: ذلك اليك ففض العباس الخاتم فإذا فيه اخراجهم الوصيه واقرار على عليه السلام وحده وادخاله اياهم ولايه على ان احبوا أو كرهوا وصاروا كالايتام في حجره واخرجهم من حد الصدقة وذكرها ثم التفت على بن موسى عليه السلام الى العباس فقال: يا اخى لاعلم انه إنما حملكم على هذه الغرام والديون التي عليكم فانطلق يا سعد فتعين لي ما عليهم واقضه عنهم واقبض ذكر حقوقهم وخذلهم البرائه فلا والله لا ادع مواساتكم وبركم ما اصبحت وامشي على ظهر الأرض فقولوا ما شئتم فقال العباس ما تعطينا إلا من فضول اموالنا ومالنا عندك اكثر فقال: قولوا ما شئتم فالعرض عرضكم اللهم اصلحهم واصلح بهم واخسا عنا وعنهم الشيطان واعنهم على طاعتك والله على ما نقول وكيل قال العباس ما اعرفني بلسانك وليس لمسحاتك عندي طين ثم ان القوم افترقوا. 2 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن محمد ابن أبي الصهبان عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن الحجاج قال: بعث الى أبو الحسن عليه السلام بوصيه أمير المؤمنين عليه السلام وبعث الى بصدقه مع أبي اسماعيل مصادف وذكر صدقه جعفر بن محمد عليهما السلام وصدقه نفسه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به موسى بن جعفر تصدق بارضه مكان كذا وكذا وحدود الأرض كذا وكذا كلها ونخلها وارضها وبياضها ومائها وارجائها وحقوقها وشربها من الماء وكل حق هو لها في مرفع أو مظهر أو غيض أو مرفق أو ساحه أو مسيل أو عامر أو غامر تصدق بجميع حقه من ذلك على ولده من صلبه للرجال والنساء يقسم واليها ما اخرج الله تعالى من غلتها بعد الذي يكفيها عمارتها ومرافقها وبعد ثلثين غدقا (1)


1 – الغدق بالفتح: النخلة بحملها.

[ 45 ]

يقسم في مساكين أهل القرية بين ولد موسى بن جعفر للذكر مثل حظ الانثيين فإن تزوجت امرأه من ولد موسى بن جعفر فلا حق لها في هذه الصدقة ترجع إليها بغير زوج فإن رجعت كان لها مثل حظ التي لم تتزوج قط من بنات موسى ومن توفى من ولد وله ولد فولده على سهم ابيهم للذكر مثل حظ الانثيين على مثل ما شرط موسى بين ولده من صلبه ومن توفى من ولد موسى ولم يترك ولد ارد حقه على أهل الصدقة وليس لولد بناتى في صدقتي هذه حق إلا ان يكون آباءهم من ولدى وليس لاحد في صدقتي حق مع ولدى وولد ولدى واعقابهم ما بقى منهم أحد فإن انقرضوا ولم يبق منهم أحد فصدقتي على ولد أبي من امى بقى منهم أحد على ما شرطت بين ولدى وعقبى فان انقرض ولد أبي من امى فصدقتي على ولد أبي واعقابهم ما بقى منهم أحد فإن لم يبق منهم أحد فصدقتي على الاولى فالاولى حتى يرث الله تعالى الذي ورثها وهو خير الوارثين تصدق موسى بن جعفر بصدقه هذه وصحيح صدقه حبيسا بتا بتلا لا مثنويه فيها ولا ردا ابدا ابتغاء وجه الله تعالى والدار الاخرة لا يحل لمؤمن يؤمن بالله واليوم الاخر ان يبيعها أو يبتاعها يهبها أو ينحلها ويغير شيئا مما وضعتها عليه حتي يرث الله الأرض ومن عليها وجعل صدقه هذه الى على وإبراهيم فإن انقرض احدهما دخل القاسم مع الباقي مكانه فإن انقرض احدهما دخل اسماعيل مع الباقي منهما مكانه فإن انقرض احدهما دخل العباس مع الباقي منهما فإن انقرض احدهما فالاكبر من ولدى يقوم مقامه فإن لم يبق من ولدى إلا واحد فهو الذي يقوم به قال: وقال أبو الحسن عليه السلام ان اباه قدم اسماعيل في صدقه على العباس وهو اصغر منه. 3 – حدثنا المظفر بن جعفر العلوى السمرقندى رضى الله عنه قال حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي عن أبيه قال: حدثنا يوسف بن السخت عن على بن القاسم العريضى الحسينى عن صفوان بن يحيى عن عبد الرحمن بن الحجاج عن اسحاق وعلى ابني أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: انهما دخلا على عبد الرحمن بن اسلم بمكه في السنه الذي اخذ فيها موسى بن جعفر عليهما السلام ومعهما (1) كتاب أبي الحسن عليه السلام


1 – أي مع اسحاق وعلي ابني جعفر الصادق عليه السلام.

[ 46 ]

بخطه فيه حوائج قد أمر بها فقالا: أمر بهذه الحوائج من هذا الوجه فإن كان من امره شئ فادفعه الى ابنه على عليه السلام فانه خليفته والقيم بامره وكان هذا بعد النفر (1) بيوم بعد ما اخذ أبو الحسن عليه السلام بنحو من خمسين يوما واشهد اسحاق وعلى ابنا أبي عبد الله عليه السلام والحسين بن أحمد المنقرى واسماعيل بن عمر وحسان بن معاويه والحسين بن محمد صاحب الختم على شهادتهما: ان أبا الحسن علي بن موسى عليهما السلام وصى أبيه عليه السلام وخليفته فشهد اثنان بهذه الشهادة واثنان قالا خليفته ووكيله فقبلت شهادتهم عند حفص بن غياث القاضى. 4 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن بكر بن صالح قال: قلت لابراهيم بن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ما قولك في ابيك؟ قال: هو حى قلت: فما قولك في اخيك أبي الحسن عليه السلام قال: ثقه صدوق قلت فانه يقول: ان اباك قد مضى قال: هو اعلم بما يقول فاعدت عليه فاعاد على قلت: فأوصى ابوك قال: نعم قلت: الى من اوصى؟ قال: الى خمسه منا وجعل عليا المقدم علينا.


1 – أي النفر من منى الى مكة.

[ 47 ]

باب النصوص على الرضا عليه السلام بالامامه في جمله الائمه الاثنا عشر عليهم السلام 1 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: حدثنا الحسين ابن اسماعيل قال: حدثنا أبو عمرو سعيد بن محمد بن نصر القطان قال: حدثنا عبيد الله بن محمد السلمى قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال: حدثنا محمد بن سعيد بن محمد قال: حدثنا العباس بن أبي عمرو عن صدقه بن أبي موسى عن أبي نضره قال: لما احتضر أبو جعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام عند الوفاه دعا بابنه الصادق عليه السلام ليعهد إليه عهدا فقال له اخوه زيد بن على عليه السلام: لو امتثلت في تمثال الحسن والحسين عليهما السلام لرجوت ان لا تكون اتيت منكرا فقال له: يا أبا الحسن ان الامانات ليست بالتمثال ولا العهود بالرسوم وإنما هي امور سابقه عن حجج الله عز وجل ثم دعا بجابر بن عبد الله فقال: له جابر حدثنا بما عاينت من الصحيفه فقال له جابر: نعم يا أبا جعفر دخلت على مولاتي فاطمه بنت رسول الله صلى الله عليه وآله لاهنئها بمولودها الحسين عليه السلام فإذا بيديها صحيفه بيضاء من دره فقلت لها: يا سيده النساء ما هذه الصحيفه التي اراها معك؟ قالت: فيها اسماء الائمه من ولدى قلت لها: ناوليني لانظر فيها قالت: يا جابر لولا النهى لكنت افعل لكنه قد نهى ان يمسها إلا نبى أو وصى نبى أو أهل بيت نبى ولكنه ماذون لك ان تنظر باطنها من ظاهرها قال جابر: فإذا أبو القاسم محمد بن عبد الله المصطفى امه آمنه أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى امه فاطمه بنت اسد بن هاشم بن عبد


[ 48 ]

مناف أبو محمد الحسن بن على البر عبد الله الحسين بن التقى امهما فاطمه بنت محمد أبو محمد على بن الحسين العدل امه شهربانو بنت يزدجرد أبو جعفر محمد بن على الباقر امه ام عبد الله (1) بنت الحسن بن على بن أبي طالب عليه السلام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق وامه ام فروه بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر أبو إبراهيم موسى بن جعفر امه جاريه اسمها حميده المصفاه أبو الحسن على بن موسى الرضا امه جاريه اسمها نجمه أبو جعفر محمد بن على الزكي امه جاريه اسمها خيزران أبو الحسن على بن محمد بن الامين امه جاريه اسمها سوسن أبو محمد الحسن بن على الرفيق امه جاريه اسمها سمانه وتكنى ام الحسن أبو القاسم محمد الحسن هو حجه الله القائم امه جاريه اسمها نرجس صلوات الله عليهم اجمعين قال مصنف هذا الكتاب: جاء هذا الحديث هكذا بتسميه القائم عليه السلام والذي اذهب إليه النهى عن تسميته عليه السلام. 2 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قالا: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميرى جميعا عن أبي الخير صالح بن أبي حماد والحسن بن ظريف جميعا عن بكر بن صالح وحدثنا أبي ومحمد بن م وسى بن المتوكل ومحمد بن على ماجيلويه وأحمد بن على بن إبراهيم بن هاشم والحسين بن إبراهيم بن تاتانه وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنهم قالوا: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن بكر بن صالح عن عبد الرحمن بن سالم عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال أبي عليه السلام لجابر بن عبد الله الانصاري: ان لي اليك حاجه فمتى يخف عليك ان اخلو بك فاسئلك عنها؟ قال له جابر: في أي الاوقات شئت فخلا به أبي عليه السلام فقال له: يا جابر اخبرني عن اللوح الذي رايته في يد امى فاطمه بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وما اخبرتك به امى ان في ذلك


1 – وهي كنيتها ولم يعلم اسم غير هذا وكان عبد الله بن علي بن الحسين عليه السلام أخو أبو جعفر يلي صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله وصدقات أمير المؤمنين عليه السلام وكان فاضلا فقيها. من الارشاد.

[ 49 ]

اللوح مكتوبا قال جابر: اشهد بالله انى دخلت على امك فاطمه في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله لاهنئها بولاده الحسين عليه السلام فرايت في يدها لوحا اخضر ظننت انه زمرد ورايت فيه كتابا ابيض شبه نور الشمس فقلت بابى أنت وامى يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح اهداه الله عز وجل الى رسوله صلى الله عليه وآله فيه اسم أبي واسم بعلى واسم ابني واسماء الاوصياء من ولدى فاعطانيه أبي عليه السلام ليسرني بذلك قال جابر: فاعطتنيه امك فاطمه فقراته وانتسخته فقال أبي عليه السلام: فهل لك يا جابر ان تعرضه على قال نعم فمشى معه أبي عليه السلام حتى انتهى الى منزل جابر فاخرج أبي عليه السلام صحيفه من رق (1) قال جابر فاشهد بالله انى هكذا رايته في اللوح مكتوبا: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم لمحمد نوره وسفيره وححابه ودليله نزل به الروح الامين من عند رب العالمين عظم يا محمد اسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائى انى انا الله لا اله انا قاصم الجبارين ومذل الظالمين وديان الدين انا الله لا اله إلا انا فمن رجا غير فضلى أو خاف غير عذابي عذبته عذابا لا اعذب احدا من العالمين فاياى فاعبد وعلى فتوكل انى لم ابعث نبيا فاكملت ايامه وانقضت مدته إلا جعلت له وصيا وانى فضلتك على الانبياء وفضلت وصيك على الاوصياء واكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك الحسن والحسين فجعلت حسنا معدن علمي انقضاء مده أبيه وجعلت حسينا خازن وحيى واكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة فهو افضل من استشهد وارفع الشهداء درجه عندي وجعلت كلمتي (2) التامه معه والحجه البالغه عنده بعترته اثيب واعاقب اولهم: على سيد العابدين وزين اوليائي الماضين وابنه شبيه جده المحمود محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد على حق القول منى لاكرمن مثوى جعفر ولاسرنه في اشياعه وانصاره واوليائه انتجبت بعده موسى وانتحبت بعده فتنه عمياء حندس لأن


1 – الرق بالفتح: ما يكتب فيه وهو جلد رقيق ومنه قوله تعالى: في رق منشور. 2 – أي الامامة لانها المراد من قوله تعالى: وتمت كلمة ربك وهي تامة في الكمال على جميع الاحوال وهم عليهم السلام كلمة الله كما قال علي عليه السلام: انا كلام الله الناطق.

[ 50 ]

خيط فرضى لا ينقطع وحجتي لا تخفى وان اوليائي لا يشقون إلا ومن جحد واحدا منهم فقد جحد نعمتي ومن غير آية من كتابي فقد افترى على وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مده عبدى موسى وحبيبي وخيرتي ان المكذب بالثامن مكذب بكل اوليائي وعلى وليى وناصري ومن اضع عليه اعباء النبوه وامنحه بالاضطلاع يقتله عفريت مستكبر يدفن بالمدينة التي بناها العبد الصالح الى جنب شر خلقي حق القول منى لاقرن عينيه بمحمد ابنه وخليفته من بعده فهو وارث علمي ومعدن حكمي وموضع سرى وحجتي على خلقي جعلت الجنة مثواه وشفعته في سبعين من أهل بيته كلهم قد استوجبوا النار واختم بالسعادة لابنه على وليى وناصري والشاهد في خلقي واميني على وحيى اخرج منه الداعي سبيلى والخازن لعلمي الحسن ثم اكمل ذلك بابنه رحمه للعالمين عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر ايوب سيذل في زمانه اوليائي وتتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنين في نسائهم اولئك اوليائي حقا بهم ادفع كل فتنه عمياء حندس وبهم اكشف الزلازل وارفع الاصار (1) والاغلال اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمه واولئك هم المهتدون قال عبد الرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلا هذا الحديث لكفاك فصنه عن اهله. 3 – وحدثنا أبو محمد الحسن بن حمزه العلوى رضى الله عنه قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن درست السروى عن جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثنا محمد بن عمران الكوفى عن عبد الرحمن بن أبي نجران وصفوان بن يحيى عن اسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: يا اسحاق الا ابشرك؟ قلت: بلى جعلني الله فداك يا بن رسول الله قال: وجدنا صحيفه باملاء رسول الله (ص) وخط أمير المؤمنين عليه السلام فيها: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله العزيز العليم وذكر الحديث مثله سواء إلا انه قال في حديثه في آخره: ثم قال الصادق عليه السلام يا


1 – الاصار: الاثقال.

[ 51 ]

اسحاق هذا دين الملائكه والرسل فصنه عن غير اهله يصنك الله تعالى ويصلح بالك ثم قال: من دان بهذا امن من عقاب الله عز وجل. 4 – وحدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا الحسن بن اسماعيل قال: حدثنا سعيد بن محمد القطان قال: حدثنا عبد الله بن موسى الرويانى أبو تراب عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن على بن الحسن بن زيد الحسن بن على بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثني عبد الله بن محمد بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ان محمد بن على الباقر جمع ولده وفيهم عمهم زيد بن على عليه السلام ثم اخرج إليهم كتابا بخط على عليه السلام واملاء رسول الله صلى الله عليه وآله مكتوب فيه: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم حديث اللوح الى الموضع يقول فيه: واولئك هم المهتدون ثم قال في آخره: قال عبد العظيم: العجب كل العجب لمحمد بن جعفر وخروجه وقد سمع اباه عليه السلام يقول هذا ويحكيه ثم قال: هذا سر الله ودينه ودين ملائكته فصنه إلا عن اهله واوليائه 5 – حدثنا على بن الحسين بن شاذويه المؤدب رضى الله عنه وأحمد بن هارون العامي رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميرى عن أبيه عن جعفر بن محمد بن مالك الفزارى (1) الكوفى عن مالك بن السلولى عن درست عن عبد الحميد عن عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن جبله عن أبي السفاتج عن جابر الجعفي عن أبي خعفر محمد بن على الباقر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: دخلت على فاطمه بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وقدامها لوح يكاد ضوئه يغشى الابصار وفيه اثنا عشر اسما ثلثه في ظاهره وثلاثه في باطنه وثلثه اسماء في آخره وثلثه اسماء في طرفه فعددتها فإذا هي اثنا عشر قلت: اسماء من هؤلاء؟ قالت: هذه اسماء الاوصياء اولهم ابن عمى وأحد عشر من ولدى آخرهم القائم قال جابر:


1 – الفزاري بتقديم الزاي المخففة على الراء المهملة منسوب الى فزارة وهي طائفة من قبائل العرب وقال أبو جعفر بن مالك أبو عبد الله الفزاري هو ابن محمد المالك.

[ 52 ]

فرايت فيه محمد محمد محمد في ثلاثه مواضع وعليا عليا عليا عليا في اربعه مواضع. 6 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضى الله عنه قال: حدثنا أبي عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: دخلت على فاطمه عليها السلام وبين يديها لوح فيه اسماء الاوصياء فعددت اثنا عشر آخرهم القائم ثلاثه منهم محمد واربعه منهم على عيهم السلام. 7 – حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضى الله عنه قال: حدثنا أبي عن أحمد بن محمد بن عيسى وابراهيم بن هاشم جميعا عن الحسن بن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام عن جابر بن عبد الله الانصاري قال: دخلت على فاطمه عليها السلام وبين يديها لوح فيه اسماء الاوصياء فعددت اثنا عشر آخرهم القائم عليه السلام ثلاثه منهم محمد واربعه منهم على عليهم السلام. 8 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن عمر بن اذينه عن ابان بن أبي عياش عن سليم (1) بن قيس الهلالي قال: سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول لنا عند معاويه والحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن عباس وعمر بن أبي سلمه واسامه بن زيد يذكر حديثنا جرى بينه وبينه وأنه قال لمعاويه بن أبي سفيان: سمعت رسول الله (ص) يقول: انا اولى بالمؤمنين من انفسهم ثم اخى علي بن أبي طالب عليه السلام اولى بالمؤمنين من انفسهم فإذا استشهد فابنى الحسن اولى بالمؤمنين من انفسهم ثم ابني الحسين عليه السلام اولى بالمؤمنين من انفسهم فإذا استشهد فابنى على بن


1 – سليم بضم سين ابن قيس الهلالي حكى عن النجاشي هو يكنى ابا صادق له كتاب معروف طبع مرات وهو من أقدم الكتب وقد حكم بعض بصحته وممن نقل عنه شيخنا المفيد (قده) وشيخنا الصدوق (ره) والكليني (ره) ونسب الى الصادق عليه السلام في حق هذا الكتاب قال من لم يكن من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم بن قيس الهلالي فليس عنده من أمرنا شئ.

[ 53 ]

الحسين اولى بالمؤمنين من انفسهم وستدركه يا على ثم ابني محمد بن على الباقر اولى بالمؤمنين من انفسهم وستدركه يا عبد الله وتكمله اثنى عشر اماما تسعه من ولد الحسين قال عبد الله: ثم استشهدت الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن عباس وعمر بن أبي سلمه واسامه بن زيد فشهدوا لي عند معاويه قال سليم بن قيس: وقد كنت سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد واسامه انهم سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله. 9 – حدثنا أبو علي أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي الرجال البغدادي قال: حدثنا محمد بن عبدوس الحرانى قال: حدثنا عبد الغفار بن الحكم قال: حدثنا منصور بن أبي الاسود عن المطرف عن الشعبى عن عمه قيس بن عبد الله قال: كنا جلوسا في حلقه فيها عبد الله بن مسعود فجاء اعرابي فقال: ايكم عبد الله بن مسعود؟ فقال عبد الله: انا عبد الله بن مسعود قال: هل حدثكم نبيكم (ص) كم يكون بعده من الخلفاء؟ قال: نعم اثنا عشر عده نقباء (1) بني اسرائيل. 10 – حدثنا أبو على أحمد بن أبي الحسن بن على بن عبدويه القطان (2) قال: حدثنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد بن يزيد المروزى بالرى في شهر ربيع الاول سنه اثنتين وثلاث مأه قال: حدثنا اسحاق بن إبراهيم الحنظلي في سنه ثمان وثلاثين ومأتين وهو المعروف باسحاق بن راهويه قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: حدثنا هيثم عن مجالد عن الشعبى عن مسروق قال: بينا نحن عند عبد الله بن مسعود نعرض مصاحفنا عليه إذ قال له فتى شاب: هل عهد اليكم نبيكم كم يكون من بعده خليفه؟ قال: انك لحديث السن وان هذا شئ ما سألني عنه أحد قبلك نعم عهد الينا نبينا صلى الله عليه وآله انه يكون بعده اثنا عشر خليفه بعدد نقباء بني اسرائيل.


1 – نقباء بني اسرائيل اشراف قوم هم اثنا عشر رجلا منهم يوشع. 2 – احمد بن محمد بن الحسن القطان المعروف بابي علي بن عبد ربه الرازي هو شيخ كبير لاصحاب الحديث جاء هكذا في كمال الدين.

[ 54 ]

11 – حدثنا أبو القاسم غياث بن محمد الورامينى الحافظ قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل ومحمد بن عبد الله بن سوار قالا: حدثنا عبد الغفار بن الحكم قال: حدثنا منصور بن أبي الاسود عن مطرف عن الشعبى وحدثنا عتاب بن محمد قال: حدثنا اسحاق بن محمد الانماطى قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن اشعث بن سوار عن الشعبى وحدثنا عتاب بن محمد قال: حدثنا الحسين محمد الحرانى قال: حدثنا ايوب بن محمد الوزان قال: حدثنا سعيد بن مسلمه قال: حدثنا اشعث سوار عن الشعبى كلهم قالوا عن عمه قيس بن عبد الله قال أبو القاسم عتاب: وهذا حديث مطرف قال: كنا جلوسا في المسجد ومعنا عبد الله بن مسعود فجاء اعرابي فقال: فيكم عبد الله؟ قال: نعم عبد الله فما حاجتك؟ قال: يا عبد الله هل اخبركم نبيكم صلى الله عليه وآله كم يكون فيكون خليفه؟ قال: لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه منذ قدمت العراق نعم اثنا عشر عده نقباء بني اسرائيل وقال أبو عرويه حديثه: نعم هذه عده نقباء بني اسرائيل وقال جرير: عن اشعث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الخلفاء بعدى اثنا عشر كعده نقباء (1) بني اسرائيل. 12 – حدثنا احمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو بكر أحمد محمد بن عبيده النيسابوري قال: حدثنا أبو القاسم هارون اسحاق يعنى الهمداني قال: حدثني عمى إبراهيم بن محمد عن زياد بن علاقه وعبد الملك بن عمير عن جابر بن سمره (2) قال: كنت مع أبي عند النبي (ص) فسمعته يقول: يكون بعدى اثنا عشر اميرا ثم اخفى صوته فقلت لابي: ما الذي اخفى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: قال: كلهم من قريش.


1 – النقيب: شاهد القوم وعريفهم والنقاب بالكسر: العلامة. 2 – السمرة بضم الميم: اسم رجل أو لقبه. وفي الصحاح: السمرة بضم الميم من شجر الطلح.

[ 55 ]

13 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو على محمد بن على بن اسماعيل المروزى بالرى قال: حدثنا الفضل بن عبد الجبار المروزى قال: حدثنا على بن الحسن يعنى ابن شقيق قال: حدثنا الحسين بن واقد قال: حدثني سماك بن حرب عن جابر بن سمره قال: اتيت النبي صلى الله عليه وآله فسمعته يقول: ان هذا الامر لن ينقضى حتى يملك اثنا عشر خليفه فقال كلمه خفيه فقلت لابي: ما قال؟ فقال: قال: كلهم قريش. 14 – حدثنا أحمد بن محمد بن اسحاق القاضى قال: حدثنا أبو يعلى قال: حدثنا على بن الجعد قال: حدثنا زهير عن زياد بن خيثمه عن اسود بن السعيد الهمداني قال: سمعت جابر بن سمره يقول: سمعت رسول الله (ص) يقول: يكون بعدى اثنا عشر خليفه كلهم من قريش فلما رجع الى منزله فاتيته فيما بينى وبينه فقلت ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج. 15 – حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الصائغ قال: أبو عبد الله محمد بن سعيد قال: حدثنا الحسن بن على قال: حدثنا شيخ ببغداد يقال له: يحيى سقط عنى اسم أبيه قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمى قال: حدثنا حاتم بن أبي مغيره عن أبي بحير قال: كان أبو الخلد جارى فسمعته يقول: ويحلف عليه: ان هذه الامه لا تهدى حتى تكون فيها اثنا عشر خليفه كلهم يعمل بالهدى ودين الحق. 16 – حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الصايغ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن سعيد قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا صفوان بن عمرو عن شريح بن عبيد عن عمرو البكائى عن كعب الاحبار قال في الخلفاء: هم اثنا عشر فإذا كان عند انقضائهم واتى طبقه صالحه مد الله لهم في العمر كذلك وعد الله هذه الامه ثم قرأ (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) (1) قال وكك فعل الله عز وجل ببنى اسرائيل وليس


1 – سورة النور: الاية 55.

[ 56 ]

بعزيز ان يجمع هذا الامه يوما أو نصف يوم وان يوما عند ربك كالف سنه مما تعدون (2) وقد اخرجت طرق هذه الاخبار في كتاب الخصال. 17 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف قال: حدثنا يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن ابان بن خلف عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسى (ره) قال: دخلت على النبي (ص) فإذا الحسين على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: أنت سيد بن سيد أنت امام بن امام أنت حجه بن حجه أبو حجج تسعه من صلبك تاسعهم قائمهم 18 – حدثنا حمزه بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام في سنه رجب تسع وثلاثين وثلثمأه قال: اخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى مولى بني هاشم قال: اخبرني القاسم بن محمد بن حماد قال: حدثنا غياث بن إبراهيم قال: حدثنا حسين بن زيد بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السلام قال: عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشروا ثم ابشروا ثلاث مرات إنما مثل امتى كمثل غيث لا يدرى اوله خير ام آخره؟ إنما مثل امتى كمثل حديقه اطعم منها فوج عاما ثم اطعم منها فوج عاما لعل آخرها فوج يكون اعرضها بحرا واعمقها طولا وفرعا واحسنها حبا وكيف تهلك امة أنا اولها واثنا عشر من بعدى من السعداء واولوا الالباب والمسيح عيسى بن مريم آخرها؟ ولكن يهلك من بين ذلك انتج الهرج ليسوا منى ولست منهم. 19 – حدثنا أبي رضى الله عنه: قال حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين الثقفى عن صالح بن عقبه عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: لما هلك أبو بكر واستخلف عمر رجع عمر الى المسجد فقعد فدخل عليه رجل فقال يا أمير المؤمنين انى رجل من اليهود وأنا علامتهم وقد اردت ان اسئلك عن مسائل ان اجبتني


1 – اشارة الى قوله تعالى في سورة الحج الاية 47.

[ 57 ]

فيها اسلمت قال: ما هي؟ قال: ثلاث وثلاث وواحده فان شئت سألتك وان كان في قومك أحد اعلم منك فارشدني قال: عليك بذلك الشاب يعنى على بن أبي طالب عليه السلام فاتى عليا عليه السلام فسأله فقال له: لم قلت ثلاث وثلاث وواحده إلا قلت سبعا؟ قال: انا إذا جاهل لم تجبني في الثلاث اكتفيت قال: فإن اجبتك تسلم؟ قال نعم فقال: سل قال: اسألك عن اول حجر وضع على وجه الارض؟ واول عين نبعت؟ واول شجره نبتت؟ قال يا يهودى: انتم تقولون ان اول حجر وضع على وجه الأرض الحجر الذي في بيت المقدس وكذبتم هو الحجر الذي نزل به آدم من الجنة قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى قال: وانتم تقولون: ان اول عين نبعت على وجه الارض العين التي في بيت المقدس وكذبتم هي عين الحياه التي غسل فيها يوشع بن نون السمكة وهي العين التي شرب منها الخضر وليس يشرب منها أحد إلا حى قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى قال: وانتم تقولون ان: اول شجره نبعت على وجه الأرض الزيتون وكذبتم هي العجوه (1) التي نزل بها آدم عليه السلام من الجنة معه قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى قال والثلاث الاخرى كم لهذه الامه من امام هدى لا يضرهم من خذلهم؟ قال: اثنا عشر اماما قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى قال: فاين يسكن نبيكم في الجنة؟ قال: في اعلاها درجه واشرفها مكانا في جنات عدن قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى قال: فمن ينزل معه في منزله؟ قال: اثنى عشر اماما قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى ثم قال السابعه فاسئلك كم يعيش وصيه بعده؟ قال: ثلاثين سنه قال: ثم ماذا؟ يموت أو يقتل؟ قال: يقتل ويضرب على قرنه فتخضب لحيته قال: صدقت والله انه لبخط هارون واملاء موسى. ولهذا الحديث طرق آخر اخرجتها في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في اثبات الغيبه وكشف الحيره. 20 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن


1 – العجوة بالفتح: نوع من أجود التمر بالمدينة ونخلها تسمى لينة.

[ 58 ]

زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا الله بن أبي الهذيل وسالته عن الامامه فيمن تجب وما علامه من تجب له الامامه؟ فقال: ان الدليل على والحجه على المؤمنين والقائم بامور المسلمين والناطق بالقرآن والعالم بالاحكام اخو نبى الله وخليفته على امته ووصيه عليهم ووليه الذي كان منه بمنزله هارون من موسى المفروض الطاعه بقول الله عز وجل (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم) (1) الموصوف بقوله عز وجل (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوه ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (2) والمدعو إليه بالولاية المثبت له الامامه يوم غدير خم (3) بقول الرسول (ص) عن الله عز وجل: الست اولى بكم منكم بانفسكم قالوا: بلى قال: فمن كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله واعن من اعانه على بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد (4) الغر المحجلين وافضل الوصيين وخير الخلق اجمعين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده الحسن بن على ثم الحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وآله وابنا خيره النسوان اجمعين ثم على بن الحسين ثم محمد بن على ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم على بن موسى ثم محمد بن على ثم على بن محمد ثم الحسن بن على ثم محمد بن الحسن عليهم السلام الى يومنا هذا واحدا بعد واحد وهم عتره الرسول عليه وعليهم السلام المعروفون بالوصية والامامة لا تخلو الأرض من حجه منهم في كل عصر وزمان وفي كل وقت واوان وهم العروه الوثقى وائمه الهدى والحجه على أهل الدنيا الى ان يرث الله الأرض ومن عليها وكل من خالفهم ضال مضل تارك للحق والهدى وهم المعبرون عن


1 – سورة المائدة: الية 59. 2 – المائدة: الاية 55. ولا يخفى ان نزول الاية الشريفة في حق مولانا ومقتدانا سيد الاوصياء علي بن أبي طالب (ع) مما دلت عليه الروايات المتواترة معنى وعليك بكتب الحديث والتفسير. 3 – وقد روى جم غفير من محدثي القوم حديث غدير خم في كتبهم فراجع. 4 – الغرة: بياض في جباه الخيل وهي تكون في المؤمن يوم القيامة نور يبدو على مواضع الوضوء من اعضائه يقطع بذلك النور ظلمات القيامة وهو عليه السلام قائدهم وامامهم الى الجنة.

[ 59 ]

القرآن والناطقون عن الرسول صلى الله عليه وآله من مات ولا يعرفهم مات ميته جاهليه ودينهم الورع والعفه والصدق والصلاح والاجتهاد واداء الامانه الى البر والفاجر وطول السجود وقيام الليل واجتناب المحارم وانتظار الفرج بالصبر وحسن الصحبه وحسن الجوار ثم قال تميم بن بهلول: حدثني أبو معاويه عن الاعمش عن جعفر بن محمد عليهما السلام في الامامه مثله سواء. 21 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم (1) عن محمد عيسى بن عبيد ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات عن محمد بن الفضيل الصيرفى عن أبي حمزه الثمالى عن أبي جعفر عليه السلام قال: ان الله عز وجل ارسل محمدا الى الجن والانس وجعل من بعده اثنا عشر وصيا منهم من سبق ومنهم من بقى وكل وصى جرت به سنه والاوصياء الذين من بعد محمد صلى الله عليه وآله على سنه اوصياء عيسى عليه السلام وكانوا اثنا عشر وكان أمير المؤمنين عليه السلام (2) على سنة المسيح عليه السلام. 22 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد البصري عن الحسن بن على الوشا عن ابان بن عثمان عن زراره اعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر اماما منهم الحسن والحسين ثم الائمه من ولد الحسين عليهم السلام. 23 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسن الصفار عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمى عن عثمان بن عيسى عن سماعه بن مهران قال: انا وأبو


1 – علي بن ابراهيم بن هاشم القمي أبو الحسن ثقة في الحديث ثبت معتمد صحيح المذهب سمع فأكثر وصنف كتبا وأضر في وسط عمره. 2 – قد ورد في الاحاديث ان الناس افترقوا في علي ثلاق فرق كافتراقهم في عيسى على نبينا وآله وعليه السلام فالغلاة من الشيعة إدعوا له الربوبية وكذلك غلاة النصارى قالوا: المسيح ابن الله والخوارج طعنوا عليه وسبوه على المنابر ثمانين سنة وحكموا عليه بالكفر وكذلك اليهود طعنوا على عيسى عليه السلام ونسبوا امه الى المناكير: وأما الفرقة الثالثة فهم أهل العدل الذين نزلوهما منزلتهما عند الله.

[ 60 ]

بصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه السلام في منزل فقال محمد بن عمران: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر محدثا فقال له أبو بصير: بالله لقد سمعت ذلك من أبي عبد الله عليه السلام فحلفه مره أو مرتين فحلف انه سمعته فقال له أبو بصير: لكنى سمعته من أبي جعفر عليه السلام. 24 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا أبو على الاشعري عن الحسين بن عبيد الله عن الحسن بن موسى الخشاب عن على بن سماعه عن على بن الحسن بن رباط (1) عن أبيه عن ابن اذينه عن زراره بن اعين قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر اماما من آل محمد كلهم محدثون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى بن أبي طالب منهم. 25 – حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن أبي عمير عن غياث بن إبراهيم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عليه السلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله انى مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي من العتره؟ فقال: انا والحسن والحسين والائمه التسعه من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلى الله عليه وآله حوضه. 26 – حدثنا على بن الفضل البغدادي قال: سمعت أبا عمر صاحب أبي العباس تغلب يسال عن معنى قوله صلى الله عليه وآله انى تارك فيكم الثقلين لم سميا بالثقلين قال: لأن التمسك بهما ثقيل. 27 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: حدثنا محمد بن


1 – علي بن الحسن بن رباط بالباء الموحدة والطاء المهملة البجلي أبو الحسن كوفي ثقة من اصحاب الرضا عليه السلام.

[ 61 ]

همام قال: حدثنا أحمد بن بندار (1) قال: حدثنا أحمد بن هلال عن محمد بن أبي عمير عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسرى بى الى السماء اوحى الى ربى جل جلاله فقال: يا محمد اني اطلعت الى الأرض اطلاعا (2) فاخترتك منها فجعلتك نبيا وشققت لك من اسمى اسما فانا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت الثانيه فاخترت منها علي وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسما من اسمائي فانا العلى الاعلى وهو على وجعلت فاطمه والحسن والحسين من نوركما ثم عرضت ولايتهم على الملائكه فمن قبلها كان عندي المقربين يا محمد لو ان عبدا عبدنى حتى ينقطع ويصير كالشن (3) البالى ثم اتانى جاحدا لولايتهم اسكنته جنتي ولا اظللته تحت عرشى يا محمد اتحب ان تراهم؟ قلت: نعم يا ربى فقال عز وجل: ارفع راسك فرفعت راسى فإذا انا بانوار على وفاطمة والحسن والحسين وعلى بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد بن على وعلى بن محمد والحسن بن على والحجه بن الحسن القائم في وسطهم كانه كوكب درى قلت: رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الائمه وهذا القائم الذي يحل حلالى ويحرم حرامى وبه انتقم من اعدائي وهو راحه لاوليائي وهو الذي يشفى قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما فلفتنه الناس بهما يومئذ اشد من فتنه العجل والسامري 28 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن الحسن بن على بن أبي حمزه عن أبيه عن يحيى بن أبي القاسم عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده


1 – خ ل (ما بندار – بنداز). 2 – خ ل (اطلاعة). 3 – الشن: القربة البالية.

[ 62 ]

عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله الائمه بعدى اثنا عشر اولهم على بن أبي طالب وآخرهم القائم هم خلفائي واوصيائى واوليائي وحجج الله على امتى بعدى المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر 29 – حدثنا أبو الحسن على بن ثابت الدوالينى رضى الله عنه بمدينة السلام سنه اثنتين وخمسين وثلاث مأه قال: حدثنا محمد بن على بن عبد الصمد الكوفى قال: حدثنا علي بن عاصم عن محمد بن على بن موسى عن أبيه على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على أبي طالب عليهم السلام قال: دخلت على رسول الله (ص) وعنده أبي بن كعب فقال لي رسول الله (ص): مرحبا بك يا أبا عبد الله يا زين السموات والارضين قال له أبي: وكيف يكون يا رسول الله (ص) زين السموات والارضين أحد غيرك؟ قال: يا أبي والذي بعثنى بالحق نبيا ان الحسين بن على في السماء اكبر منه في الأرض وانه لمكتوب عن يمين عرش الله عز وجل: مصباح هدى وسفينه نجاه وامام خير ويمن وعز وفخر وعلم وذخر وان الله عز وجل ركب في صلبه نطفه طيبه مباركه زكيه ولقد لقن دعوات ما يدعو بهن مخلوق إلا حشره الله عز وجل معه وكان شفيعه في آخرته وفرج الله كربه وقضى بها دينه ويسر امره واوضح سبيله وقواه على عدوه ولم يهتك ستره فقال له أبي بن كعب: وما هذه الدعوات يا رسول الله (ص)؟ قال: تقول إذا فرغت من صلاتك وأنت قاعد: (اللهم انى اسئلك بكلماتك ومعاقد عرشك وسكان سمواتك وانبيائك ورسلك ان تستجيب لي فقد رهقني (1) من امرى عسرا فاسألك ان تصلى على محمد وآل محمد وان تجعل لي من امرى يسرا) فإن الله عز وجل يسهل امرك ويشرح صدرك ويلقنك شهاده ان لا اله إلا عند خروج نفسك قال له أبي: يا رسول الله فما هذه النطفة التي في صلب حبيبي الحسين؟ قال: مثل هذه النطفة كمثل القمر وهي نطفه تبيين وبيان يكون من اتبعه رشيدا ومن ضل عنه هويا قال: فما اسمه وما دعاؤه؟ قال: اسمه على ودعاؤه: (يا دائم يا ديموم


1 – رهق كفرح: غشيه وقطعه ودنى منه.

[ 63 ]

يا حى يا قيوم يا كاشف الغم ويا فارج الهم ويا باعث الرسل ويا صادق الوعد) من دعا بهذا الدعاء حشره الله عز وجل مع على بن الحسين وكان قائده الى الجنة فقال له أبي: يا رسول الله فهل له من خلف ووصى؟ قال: نعم له مواريث السموات والارض قال: ما معنى مواريث السموات والأرض يا رسول الله؟ قال: القضاء بالحق والحكم بالديانة وتأويل الاحكام وبيان ما يكون قال: فما اسمه؟ قال: اسمه محمد وان الملائكه لتستانس به في السموات ويقول في دعائه: (اللهم ان كان لي عندك رضوان وود فاغفر لي ولمن تبعني من اخواني وشيعتي وطيب ما في صلبى) فركب الله عز وجل في صلبه نطفه طيبه مباركه زكيه واخبرني جبرئيل عليه السلام: ان الله عز وجل طيب هذه النطفة وسماها عنده جعفرا وجعله هاديا مهديا راضيا مرضيا يدعو ربه فيقول في دعائه: (يا دان غير متوان يا ارحم الراحمين اجعل لشيعتي من النار وقاء ولهم عندك رضا واغفر ذنوبهم ويسر امورهم واقض ديونهم واستر عوراتهم وهب لهم الكباير التي بينك وبينهم يا من لا يخاف الضيم ولا تأخذه سنه ولا نوم اجعل لي من كل غم فرجا) من دعا بهذا الدعاء حشره الله تعالى ابيض الوجه مع جعفر بن محمد الى الجنة يا أبي ان تبارك وتعالى ركب على هذه النطفة نطفه زكيه مباركه طيبه انزل عليها الرحمه وسماها عنده موسى قال له أبي يا رسول الله كأنهم يتواصفون ويتناسلون ويتوارثون ويصف بعضهم بعضا قال: وصفهم لي جبرئيل (1) عن رب العالمين جل جلاله قال: فهل لموسى من دعوه يدعو سوى دعاء آبائه قال: نعم يقول في دعائه: (يا خالق الخلق وباسط الرزق وفالق الحب والنوى وبارئ النسم ومحيى الموتى ومميت الاحياء ودائم الثبات ومخرج النبات افعل بى ما أنت اهله) من دعا بهذا الدعاء قضى الله تعالى حوائجه وحشره يوم القيمه مع موسى بن جعفر وان الله عز وجل ركب في صلبه نطفه مباركه زكيه رضيه مرضيه وسماها عنده عليا يكون لله تعالى في خلقه رضيا في علمه وحكمه ويجعله حجه لشيعته يحتجون به يوم القيامة وله دعاء يدعو به (اللهم اعطني الهدى وثبتنى عليه واحشر بى


1 – فيه لغات كجبرعيل وجبريل وجبرال وجبرين وغيرهن.

[ 64 ]

عليه آمنا آمن من لا خوف عليه ولا حزن ولا جزع انك أهل التقوى وأهل المغفره) وان الله عز وجل ركب في صلبه نطفه مباركه طيبه زكيه رضيه مرضيه وسماها محمد بن على فهو شفيع شيعته ووارث علم جده له علامه بينه وحجه ظاهره إذا ولد يقول: لا اله إلا الله محمد الله (ص) ويقول في دعائه: (يا من لا شبيه ولا مثال أنت الله الذي لا اله إلا أنت ولا خالق أنت تفنى المخلوقين وتبقى أنت حلمت عمن عصاك والمغفرة رضاك) من دعا بهذا الدعاء كان محمد بن على شفيعه يوم القيامة وان الله تعالى ركب في صلبه نطفه لا باغيه ولا طاغيه باره مباركه طيبه طاهره سماها عنده على بن محمد فالبسها السكينه والوقار واودعها العلوم وكل سر مكتوم من لقيه وفي صدره شئ انباه به وحذره من عدوه ويقول في دعائه: (يا نور يا برهان يا منير يا مبين يا رب اكفني شر الشرور وآفات الدهور واسئلك النجاه يوم ينفخ في الصور) من دعا بهذا الدعاء كان على بن محمد شفيعه وقائده الى الجنة وان الله تبارك وتعالى ركب في صلبه نطفه وسماها عنده الحسن: فجعله نورا في بلاده وخليفه في ارضه وعزا لامه جده وهاديا لشيعته وشفيعا لهم عند ربه ونقمه على من خالفه وحجه لمن والاه وبرهانا لمن اتخذه اماما يقول في دعائه: (يا عزيز العز في عزه ما اعز عزيز العز في عزه يا عزيزا عزنى بعزك وايدنى بنصرك وابعد عنى همزات الشياطين وادفع عنى بدفعك وامنع عنى بمنعك واجعلني من خيار خلقك يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد) من دعا بهذا الدعاء حشره الله عز وجل معه ونجاه من النار ولو وجبت عليه وان الله تبارك وتعالى ركب في صلب الحسن نطفه مباركه زكيه طيبه طاهره مطهره يرضى بها كل مؤمن ممن قد اخذ الله تعالى ميثاقه في الولاية ويكفر بها كل جاحد فهو امام تقى نقى سار مرضى هادى مهدى يحكم بالعدل ويامر به يصدق الله تعالى ويصدقه الله تعالى في قوله يخرج من تهامه (1) حين تظهر الدلائل والعلامات وله كنوز لا ذهب ولا فضه إلا خيول مطهمه (2) ورجال مسومه (3) يجمع الله تعالى له من اقاصي البلاد على عده أهل


1 – التهامة بالكسر وتخفيف الميم: بلاد شرقي الحجاز والنسبة إليه تهامي – مكة. 2 – المطهم: التام من كل شئ ووجه مطهم أي مجتمع مدور جميل. 3 – وخيل المسومة أي المرعية والمسومة ايضا المعلمة.

[ 65 ]

بدر ثلثمأه وثلاثه عشر رجلا معه صحيفه مختومه فيها عدد اصحابه باسمائهم وانسابهم وبلدانهم وطبائعهم وحلاهم وكناهم كدادون مجدون في طاعته فقال له أبي: وما دلايله وعلاماته يا رسول الله؟ قال: له علم إذا حان وقت خروجه انتشر ذلك العلم من نفسه وانطقه الله تعالى فناداه العلم: اخرج يا ولى الله فاقتل اعداء الله وهما رايتان وعلامتان وله سيف مغمد فإذا حان وقت خروجه اختلع ذلك السيف من غمده وانطقه الله عز وجل فناداه السيف: اخرج يا ولى الله فلا يحل لك ان تقعد عن اعداء الله فيخرج ويقتل اعداء الله حيث ثقفهم (1) ويقيم حدود الله ويحكم بحكم الله يخرج جبرئيل عليه السلام عن يمينه وميكائيل عن يساره وسوف تذكرون ما اقول لكم ولو بعد حين وافوض امرى الى الله تعالى عز وجل يا أبي طوبى لمن لقيه وطوبى لمن احبه وطوبى لمن قال به ينجيهم الله به من الهلكه وبالاقرار بالله وبرسوله وبجميع الائمه يفتح الله لهم الجنة مثلهم في الأرض كمثل المسك الذي يسطع ريحه ولا يتغير ابدا ومثلهم في السماء كمثل القمر المنير لا يطفى نوره ابدا قال أبي: يا رسول الله كيف بيان حال هؤلاء الائمه عن الله عز وجل قال: ان الله عز وجل انزل علي اثنا عشر صحيفه اسم كل امام على (2) خاتمه وصفته في صحيفته. 30 – حدثنا على بن عبد الله الوراق (3) الرازي قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا الهيثم بن أبي مسروق النهدي (4) عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن سعد بن طريف (5) عن الاصبغ بن نباته عن عبد الله بن عباس قال: سمعت رسول الله (ص) يقول انا وعلى


1 – ثقفه كسمعه: صادفه وأخذه أو ظفر به أو ادركه. 2 – خ ل (في). 3 – وفي نسخة اخرى (علي بن ابراهيم) قال أبو علي: علي بن ابراهيم الوراق الرازي من الثقة كذا قال الصدووق (ره) في العيون استاده من تلامذة سعد بن عبد الله. وقال ايضا علي بن عبد الله الوراق يروي عنه الصدوق. 4 – وفي بعض النسخ الهندي. 5 – سعد بن طريف الحنظلي الاسكاف مولى بني تميم السكوني روى عن الاصبغ بن نباتة وهو صحيح الحديث.

[ 66 ]

والحسن والحسين وتسعه ولد الحسين (1) مطهرون معصومون. 31 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا الفضل بن الصقر العبدى قال: حدثنا أبو معاويه عن الاعمش عن عبابه بن الربعي عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله (ص) انا سيد النبيين وعلى بن أبي طالب سيد الوصيين وان اوصيائي بعدى اثنا عشر اولهم على بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم القائم. 32 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسينى (2) قال: حدثنا محمد بن عبد الله البصري قال: حدثنا إبراهيم بن مهزم عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام عن آبائه عن على عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اثنا عشر من أهل بيتى اعطاهم الله فهمي وعلمي وحكمتي وخلقهم طينتي فويل للمنكرين عليهم بعدى القاطعين فيهم صلتي ما لهم لا انالهم الله شفاعتي. 33 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن همام أبو علي عن عبد الله بن جعفر الحميرى عن الحسن بن موسى الخشاب عن أبي المثنى النخعي عن زيد بن على بن الحسين عن أبيه على بن الحسين عن أبيه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله كيف تهلك امه وعلى وأحد عشر من ولدى اولوا الالباب اولها والمسيح بن مريم آخرها ولكن يهلك بين ذلك من لست منه ومنى. 34 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أبي عن محمد بن عبد الجبار عن أبي أحمد محمد بن زياد الازدي عن ابان بن عثمان عن ثابت بن دينار عن سيد العابدين على بن الحسين عن سيد الشهداء الحسين بن على عن سيد الاوصياء أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه


1 – وفي بعض النسخ بدل (وتسعة من ولد الحسين) والتسعة من ذرية الحسين. 2 – القرميسين بالكسر: بلد قرب الدينور.

[ 67 ]

السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله الائمه من بعدى اثنا عشر اولهم أنت يا على وآخرهم القائم الذي يفتح الله تبارك وتعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها. 35 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميرى ومحمد بن يحيى العطار وأحمد بن ادريس جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن ابي عبد الله البرقى قال: حدثنا أبي هاشم (1) داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام قال: اقبل امير المؤمنين عليه السلام ذات يوم ومعه الحسن بن على عليهما السلام وسلمان الفارسى رضى الله عنه وأمير المؤمنين عليه السلام متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام إذ اقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين عليه السلام فرد عليه السلام فجلس ثم قال: يا أمير المؤمنين عليه السلام اسالك عن ثلاث مسائل ان اخبرتني بهن علمت ان القوم قد ركبوا من امرك ما اقضي عليهم انهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم وان تكن الاخرى علمت انك وهم شرع (2) سواء فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سلنى عما بدا لك فقال: اخبرني عن الرجل إذا نام اين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال لا فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام الى أبي محمد الحسن بن على عليهما السلام فقال: يا أبا محمد اجبه فقال عليه السلام أما ما سالت عنه من أمر الانسان إذا نام اين تذهب روحه؟ فإن ر وحه متعلقه بالريح والريح متعلقه بالهواء الى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظه فإن اذن الله تعالى برد تلك الروح على صاحبها جذبت تلك الريح الروح وجذبت تلك الريح الهواء فرجعت الروح فاسكنت في بدن صاحبها وان لم ياذن الله عز وجل برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها الى وقت ما يبعث وأما ما ذكرت من أمر


1 – ثقة جليل من أصحاب ابي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث وأبي محمد عليهم السلام. 2 – شرع بفتح الراء وسكونها ايضا قال في الصحاح: وقولهم (في هذا الامر شرع) أي سواء يحرك ويسكن يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث.

[ 68 ]

الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق فإن صلى الرجل على ذلك على محمد وآل محمد صلاه تامه انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فاضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسى فإن هو لم يصل محمد وآل محمد أو نقص من الصلاه عليهم انطبق الطبق على ذلك الحق فاظلم القلب ونسى الرجل ما كان ذكره واما ما ذكرت من أمر المولود الذي يشبه اعمامه واخواله فإن الرجل إذا اتى اهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئه وبدن غير مضطرب فاستكنت تلك النطفة في جوف الرحم خرج الولد يشبه اباه وامه وان هو اتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئه وبدن مضطرب اضطربت النطفة فوقعت حال اضطرابها على بعض العروق فإن وقعت على عرق من عروق الاعمام اشبه الولد اعمامه وان وقعت على عرق من عروق الاخوال اشبه الولد اخواله فقال الرجل: اشهد لا اله إلا الله ولم ازل اشهد بها واشهد ان محمدا رسول الله ولم ازل اشهد بذلك واشهد انك وصى رسوله والقائم بحجته واشار الى أمير المؤمنين عليه السلام ولم ازل اشهد بها واشهد انك وصيه والقائم بحجته بعدك واشار الى الحسن عليه السلام واشهد ان الحسين بن على وصى ابيك والقائم بحجته بعدك واشهد على علي بن الحسين انه القائم بامر الحسين بعده واشهد على محمد بن على انه القائم بامر علي بن الحسين بعده واشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بامر محمد بن على واشهد على موسى بن جعفر انه القائم بامر جعفر بن محمد واشهد على علي بن موسى انه القائم بامر موسى بن جعفر واشهد على محمد بن على انه القائم بامر علي بن موسى واشهد على على بن محمد انه القائم بامر محمد بن على واشهد على الحسن بن على القائم بامر على بن محمد واشهد على رجل من ولد الحسن بن على لا يكنى (1) ولا يسمى حتى يظهر في الأرض امره فيملاها


1 – قوله: لا يكنى يعني بأبي القاسم وفي هذا الحديث دلالة على استمرار تحريم التسمية الى وقت ظهوره عليه السلام. وبه قال اكثر علمائنا سيما ارباب الحديث منهم لان في الاختيار لا يسميه باسمه الا كافر حتى يظهر وذهب صاحب كشف الغمة ونصير الدين الطوسي وبهاء الملة والدين الى جوازه في هذه الاعصار لعدم التقية وحملوا اخبار النهي على اعصار الخوف والتقية والاول هو الاظهر من الاحاديث وموافق للاولى والاحوط.

[ 69 ]

عدلا كما ملئت جورا انه القائم بامر الحسن بن على والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمه الله وبركاته ثم قام ومضى فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا أبا محمد اتبعه فانظر اين يقصد؟ فخرج الحسن عليه السلام في اثره قال: فما كان إلا ان وضع رجله خارجا المسجد فما دريت اين اخذ من ارض الله عز وجل؟ فرجعت الى أمير المؤمنين عليه السلام فاعلمته فقال: يا أبا محمد اتعرفه؟ فقلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين اعلم فقال: هو الخضر عليه السلام. 36 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: اخبرنا وكيع عن الربيع بن سعد عن عبد الرحمن بن سليط قال: قال الحسين بن على بن أبي طالب عليهما السلام: منا اثنا عشر مهديا اولهم أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم التاسع من ولدى وهو القائم بالحق يحيى الله تعالى به الأرض موتها ويظهر به دين الحق على الدين كله ولو كره المشركون له غيبه يرتد فيها قوم ويثبت على الدين فيها آخرون فيؤذون فيقال لهم: متى هذا الوعد ان كنتم صادقين أما ان الصابر في غيبته على الاذى والتكذيب بمنزله المجاهد بالسيف بين يدى رسول الله (ص) 37 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: حدثنا أبو عبد الله العاصمى عن الحسين بن قاسم بن ايوب عن الحسن بن محمد بن سماعه عن ثابت الصباغ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: منا اثنا عشر مهديا مضى سته وبقى سته ويصنع الله في السادس ما احب. وقد اخرجت الاخبار التي رويتها في هذا المعنى في كتاب كمال الدين وتمام النعمة في اثبات الغيبه وكشف الحيره والله تعالى اعلم.


[ 70 ]

7 – باب جل من اخبار موسى بن جعفر عليهما السلام (مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدى) 1 – حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولى قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله عن على بن محمد بن سليمان النوفلي عن صالح بن على بن عطيه قال: كان السبب في وقوع موسى بن جعفر عليهما السلام الى بغداد: ان هارون الرشيد اراد ان يقعد الامر لابنه محمد بن زبيده وكان من البنين له اربعه عشر ابنا فاختار منهم ثلاثه محمد بن زبيده وجعله ولى عهده وعبد الله المأمون وجعل الامر له بعد ابن زبيده والقاسم المؤتمن وجعل له الامر من بعد المأمون فاراد ان يحكم الامر ذلك ويشهره شهره يقف عليها الخاص والعام فحج في سنه تسع وسبعين ومأه وكتب الى جميع الافاق يامر الفقهاء والعلماء والقراء والامراء ان يحضروا مكه ايام الموسم فاخذ هو طريق المدينة قال علي بن محمد النوفلي: فحدثني أبي انه كان سبب سعايه يحيى بن خالد بموسى بن جعفر عليهما السلام وضع الرشيد ابنه محمد بن زبيده في حجر جعفر بن محمد بن الاشعث فساء ذلك يحيى وقال: إذا مات الرشيد وافضى الامر الى محمد انقضت دولتي ودوله ولدى وتحول الامر الى جعفر بن محمد بن الاشعث وولده وكان قد عرف مذهب جعفر في التشيع فاظهر له انه على مذهبه فسر جعفر وافضى إليه بجميع اموره وذكر له ما عليه في موسى بن جعفر عليه السلام فلما وقف على مذهبه سعى به الى الرشيد وكان الرشيد يرعى له موضعه وموضع من نصرة الخلافه فكان يقدم في امره ويؤخر ويحيى لا يالو ان


[ 71 ]

يخطب عليه الى ان دخل يوما الى الرشيد فاظهر له اكراما وجرى بينهما كلام مزيه جعفر لحرمته وحرمه أبيه فامر له الرشيد في ذلك اليوم بعشرين الف دينار فامسك يحيى عن ان يقول فيه شيئا حتى امسى ثم قال للرشيد: يا أمير المؤمنين قد كنت اخبرتك عن جعفر ومذهبه فتكذب عنه وهيهنا أمر فيه الفيصل قال: وما هو؟ قال: انه لا يصل إليه مال من جهه الجهات إلا اخرج خمسه فوجه به الى موسى بن جعفر ولست اشك انه قد فعل ذلك في العشرين الالف دينار التي امرت بها له فقال هارون: ان في هذا لفيصلا فارسل الى جعفر ليلا وقد كان عرف سعايه يحيى به فتباينا واظهر كل واحد منهما لصاحبه العداوة فلما طرق جعفر رسول الرشيد بالليل خشى ان يكون قد سمع فيه قول يحيى وانه (1) إنما دعاه ليقتله فافاض عليه ماء ودعا بمسك وكافور فتحنط بهما ولبس برده فوق ثيابه واقبل الى الرشيد فلما وقعت عليه عينه وشم رائحه الكافور وراى البرده عليه قال: يا جعفر ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين قد علمت انه (2) سعى بى عندك فلما جاءني رسولك في هذه الساعه لم آمن ان يكون قد قرح في قلبك ما يقول على فارسلت الى لتقتلني قال: كلا ولكن قد خبرت انك تبعث الى موسى بن جعفر من كل ما يصير اليك بخمسه وانك فعلت بذلك في العشرين الالف دينار فاحببت ان اعلم ذلك فقال جعفر: الله اكبر يا أمير المؤمنين تامر بعض خدمك يذهب فيأتيك بها بخواتيمها فقال الرشيد لخادم له: خذ خاتم جعفر وانطلق به تأتيني بهذا المال وسمى له جعفر جاريته التي عندها المال فدفعت إليه البدر بخواتيمها فاتى بها الرشيد فقال له جعفر: هذا اول ما تعرف به كذب من سعى بى اليك قال: صدقت يا جعفر انصرف آمنا فانى لا اقبل فيك قول أحد قال وجعل يحيى يحتال في اسقاط جعفر. قال النوفلي: فحدثني على بن الحسن بن على بن عمر بن على عن بعض مشايخه وذلك حجه الرشيد قبل هذه الحجه قال: لقيني على بن اسماعيل بن جعفر بن محمد فقال لي: ما لك قد اخملت نفسك؟! ما لك لا تدبر امور الوزير؟ فقد ارسل الى


1 – أي هرون الرشيد. 2 – اي يحيى.

[ 72 ]

فعادلته وطلبت الحوائج إليه وكان سبب ذلك ان يحيى خالد قال ليحيى بن أبي مريم: الا تدلني على رجل من آل أبي طالب له رغبه في الدنيا فأوسع له منها قال: بلى ادلك على رجل بهذه الصفه وهو على بن اسماعيل بن جعفر فارسل إليه يحيى فقال: اخبرني عن عمك (1) وعن شيعته والمال الذي يحمل إليه فقال له: عندي الخبر وسعى بعمه فكان من سعايته ان قال: من كثره المال عنده انه اشترى ضيعه تسمى البشريه بثلاثين الف دينار فلما احضر المال قال البايع: لا اريد هذا النقد اريد نقدا كذا وكذا فامر بها فصبت في بيت ماله واخرج منه ثلاثين الف دينار من ذلك النقد ووزنه في ثمن الضيعه قال النوفلي: قال أبي: وكان موسى بن جعفر عليهما السلام يامر لعلى بن اسماعيل ويثق به حتى ربما خرج الكتاب منه بعض شيعته بخط على بن اسماعيل ثم استوحش منه فلما اراد الرشيد الرحله الى العراق بلغ موسى بن جعفر ان عليا ابن اخيه يريد الخروج مع السلطان الى العراق فارسل إليه مالك والخروج مع السلطان؟! قال: لأن على دينا فقال: دينك على قال: فتدبير عيالي؟! قال: انا اكفيهم فابى إلا الخروج فارسل إليه مع اخيه محمد بن اسماعيل بن جعفر بثلاثمأه دينار واربعه آلاف درهم فقال له: اجعل هذا في جهازك ولا تؤتم ولدى. 2 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن موسى بن القاسم البجلى (2) عن على بن جعفر قال: جاءني محمد بن اسماعيل بن جعفر بن محمد وذكر لي: ان محمد بن جعفر دخل على هارون الرشيد فسلم عليه بالخلافه ثم قال له: ما ظننت ان الأرض خليفتين حتى رايت اخى موسى بن جعفر عليهما السلام يسلم عليه بالخلافه وكان ممن سعى


1 – وعمه موسى بن جعفر عليهما السلام لان اسماعيل ابوه وهو أخو موسى بن جعفر عليهما السلام. 2 – موسى بن القاسم بن معاوية بن وهب يلقب البجلي من اصحاب الامام الرضا عليه السلام كوفي ثقة جليل واضح الحديث حسن الطريقة يروي عن علي بن جعفر وعن صباح الحذاء.

[ 73 ]

بموسى بن جعفر عليهما السلام يعقوب بن داود وكان يرى راى الزيديه. 3 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولى قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله عن على بن محمد بن سليمان النوفلي قال: حدثنا ابراهيم بن أبي البلاد قال: كان يعقوب بن داود يخبرني قد قال بالامامه فدخلت عليه بالمدينة في الليله التي اخذ فيها موسى بن جعفر عليهما السلام في صبيحتها فقال لي: كنت عند الوزير الساعه يعنى يحيى بن خالد فحدثني انه سمع الرشيد يقول عند قبر رسول الله صلى الله عليه وآله كالمخاطب له: بابى أنت وامى يا رسول الله انى اعتذر اليك من أمر قد عزمت عليه فانى اريد ان آخذ موسى بن جعفر فاحبسه لانى قد خشيت ان يلقى بين امتك حربا تسفك فيها دماؤهم وانا احسب انه سيأخذه غدا فلما كان من الغد ارسل إليه الفضل الربيع وهو قائم يصلى في مقام رسول الله (ص) فامر بالقبض عليه وحبسه. 4 – حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا على بن ابراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد الله بن صالح قال: حدثني صاحب الفضل بن الربيع عن الفضل بن الربيع قال: كنت ذات ليله في فراشي مع بعض جواري فلما كان في نصف الليل سمعت حركه باب المقصورة فراعني ذلك فقالت الجارية: لعل هذا من الريح فلم يمض إلا يسير حتى رايت باب البيت الذي كنت فيه قد فتح وإذا مسرور الكبير (1) قد دخل على فقال لي: اجب الامير ولم يسلم على فايست في نفسي وقلت: هذا مسرور دخل الى بلا اذن ولم يسلم ما هو إلا القتل وكنت جنبا فلم اجسر ان اساله انظاري حتى اغتسل فقالت الجارية لما رات تحيري وتبلدى: ثق بالله عز وجل وانهض فنهضت ولبست ثيابي وخرجت معه حتى اتيت الدار فسلمت أمير المؤمنين وهو في مرقده فرد على السلام فسقطت فقال: تداخلك رعب؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين فتركني ساعه حتى سكنت ثم قال لي: سر الى حبسنا فاخرج موسى بن جعفر بن محمد وادفع إليه ثلاثين الف درهم فاخلع


1 – كان من ملازمي هارون الرشيد.

[ 74 ]

عليه خمس خلع واحمله على ثلاث مراكب وخيره بين المقام معنا أو الرحيل عنا الى أي بلد اراد واحب فقلت: يا أمير تامر باطلاق موسى بن جعفر؟ قال لي: نعم فكررت ذلك عليه ثلاث مرات فقال لي: نعم ويلك اتريد ان انكث العهد؟! فقلت: يا أمير المؤمنين وما العهد؟ قال: بينا في مرقدى هذا إذ ساورني اسود ما رايت من السودان اعظم منه فقعد على صدري وقبض على حلقى وقال لي: حبست موسى بن جعفر ظالما له؟! فقلت: فانا اطلقه واهب له واخلع عليه فاخذ على عهد الله عز وجل وميثاقه وقام عن صدري وقد كادت نفسي تخرج فخرجت من عنده ووافيت موسى بن جعفر عليهما السلام وهو في حبسه فرأيته قائما يصلى فجلست حتى سلم ثم ابلغته سلام أمير المؤمنين واعلمته بالذى امرني به في امره وانى قد احضرت اوصله به فقال: ان كنت امرت بشئ غير هذا فافعله فقلت: لا وحق جدك رسول الله (ص) ما امرت الا بهذا قال: لا حاجه لي في الخلع والحملان والمال إذا كانت فيه حقوق الامه فقلت: ناشدتك بالله لا ترده فيغتاظ فقال: اعمل به ما احببت فاخذت بيده عليه السلام واخرجته من السجن ثم قلت له: يا بن رسول الله اخبرني السبب الذي نلت به هذه الكرامة من هذا الرجل؟ فقد وجب حقى عليك لبشارتي اياك ولما اجراه الله على يدى من هذا الامر فقال عليه السلام: رايت النبي (ص) ليله الاربعاء في النوم فقال لي: يا موسى أنت محبوس مظلوم؟! فقلت: نعم يا رسول الله (ص) محبوس مظلوم فكرر على ذلك ثلاثا ثم قال: (وان ادرى لعله فتنه لكم ومتاع الى حين) اصبح غدا صائما واتبعه بصيام الخميس والجمعه فإذا كانت وقت الافطار فصل اثنا عشر ركعه تقرا في كل ركعه الحمد مره واثنا عشر مره قل هو الله أحد فإذا صليت منها اربع ركعات فاسجد ثم قل (يا سابق الفوت ويا سامع كل صوت يا محيى العظام وهي رميم بعد الموت اسالك باسمك العظيم الاعظم ان تصلى على محمد عبدك ورسولك وعلى أهل بيته الطيبين وتعجل لي الفرج مما انا فيه) ففعلت فكان الذي رايت. 5 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني محمد بن الحسن المدنى عن أبي عبد الله


[ 75 ]

بن الفضل عن أبيه الفضل قال: كنت احجب الرشيد فاقبل على يوما غضبانا وبيده سيف يقلبه فقال لي: يا فضل بقرابتي من رسول الله (ص) لئن لم تاتنى بابن عمى الان لاخذن الذي فيه عيناك فقلت: بمن اجيئك؟ فقال: بهذا الحجازى فقلت: وأي الحجازى؟ قال: موسى جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام قال: الفضل فخفت من الله عز وجل ان اجئ به إليه ثم فكرت في النقمة فقلت له: افعل فقال: اتينى بسوطين وهسارين وجلادين قال: فاتيته بذلك ومضيت الى منزل أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام فاتيت الى خربه فيها كوخ من جرايد النخل فإذا انا بغلام اسود فقلت له: استاذن لي على مولاك يرحمك الله فقال لي: لج فليس له حاجب ولا بواب فولجت إليه فإذا انا بغلام اسود بيده مقص ياخذ اللحم من جبينه وعرنين (1) انفه من كثره سجوده فقلت: له السلام عليك يا بن رسول الله اجب الرشيد فقال: ما للرشيد وما لي؟ اما تشغله نقمته عنى؟ ثم وثب مسرعا وهو يقول: لو لا انى سمعت في خبر عن جدى رسول الله (ص) ان طاعه السلطان للتقيه واجبه إذا ما جئت فقلت له: استعد للعقوبه يا أبا إبراهيم رحمك الله فقال عليه السلام: اليس معى من يملك الدنيا والاخره؟! ولن يقدر اليوم على سوء بى ان شاء الله تعالى قال: فضل بن الربيع فرأيته وقد ادار يده عليه السلام يلوح بها على راسه عليه السلام ثلاث مرات فدخلت على الرشيد فإذا هو كانه امراه ثكلى قائم حيران فلما رانى قال لي: يا فضل فقلت: لبيك فقال جئتني بابن عمى؟ قلت: نعم قال: لا تكون ازعجته فقلت: لا قال: لا تكون اعلمته اني عليه غضبان فانى قد هيجت على نفسي ما لم ارده ائذن له بالدخول فاذنت له فلما رآه وثب إليه قائما وعانقه وقال له: مرحبا بابن عمى واخى ووارث نعمتي ثم اجلسه على فخذيه فقال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟ فقال سعه مملكتك وحبك للدنيا فقال: ايتونى بحقه الغاليه فاتى بها فغلفه بيده ثم أمر ان يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير موسى بن جعفر عليهما


1 – عرنين الانف: تحت مجمع الحاجبين وهو اول الانف. اول كل شئ.

[ 76 ]

السلام: والله لو لا انى ارى ازوج بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله ابدا ما قبلتها ثم تولى عليه وهو يقول: الحمد لله رب العالمين فقال: الفضل يا أمير المؤمنين اردت ان تعاقبه فخلعت عليه واكرمته فقال لي: يا فضل انك لما مضيت لتجيئني رايت اقواما قد احدقوا بدارى بايديهم حراب قد غرسوها في اصل الدار يقولون: ان اذى ابن رسول الله خسفنا به وان احسن إليه انصرفنا عنه وتركناه فتبعته عليه السلام فقلت له: ما الذي قلت: حتى كفيت أمر الرشيد فقال دعاء جدى على بن أبي طالب كان إذا دعا به ما برز الى عسكر إلا هزمه ولا الى فارس إلا قهره وهو دعاء كفايه البلاء قلت: وما هو؟ قال: قلت: (بك اساور وبك احاول وبك اجاور وبك اصول وبك انتصر وبك اموت وبك احيا اسلمت نفسي اليك وفوضت امرى اليك ولا حول ولا قوه إلا بالله العلى العظيم اللهم انك خلقتني ورزقتني وسترتني عن العباد بلطف ما خولتني واغنيتني إذا هويت رددتني وإذا عثرت قومتنى وإذا مرضت شفيتني وإذا دعوت اجبتني يا سيدى ارض عنى فقد ارضيتني). 6 – حدثنا ابي رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن اصحابه قال: قال أبو يوسف للمهدى وعنده موسى بن جعفر عليه السلام: تأذن لي ان اسأله عن مسائل ليس عنده فيها شئ؟ فقال له: نعم فقال لموسى بن جعفر عليه السلام اسئلك؟ قال: نعم قال: ما تقول في التظليل للمحرم؟ قال: يصلح قال: فيضرب الخباء في الأرض ويدخل البيت؟ قال: نعم قال: فما الفرق بين هذين؟ قال أبو الحسن عليه السلام: ما تقول في الطامث اتقضى الصلاه؟ قال: لا قال: فتقضى الصوم؟ قال: نعم قال: ولم؟ قال: هكذا جاء قال أبو الحسن عليه السلام: وهكذا جاء هذا فقال المهدى لابي يوسف: ما اراك صنعت شيئا؟! قال: رماني بحجر دامغ (1) 7 – حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن محمد


1 – الدامغة: شجة تبلغ الدماغ فتقتل لوقتها.

[ 77 ]

الوراق قال: حدثنا علي بن هارون الحميرى قال: حدثنا على بن محمد بن سليمان النوفلي قال: حدثني أبي عن على بن يقطين قال: انهى الخبر الى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام وعنده جماعه من أهل بيته بما عزم إليه موسى بن المهدى في امره فقال لاهل بيته: ما تشيرون؟ قالوا: نرى ان تتباعد عنه وان تغيب شخصك فانه يؤمن شره فتبسم أبو الحسن عليه السلام ثم قال: شعر: زعمت سخينه (1) ان ستغلب ربها وليغلبن مغالب الغلاب. ثم قال: رفع يده السماء فقال: (اللهم كم من عدو شحذ (2) لي ظبه مديته وارهف لي شباحده وداف لي قواتل سمومه ولم تنم عنى عين حراسته فلما رايت ضعفى عن احتمال الفوادح وعجزي ذلك عن ملمات الحوائج صرفت عني بذلك بحولك وقوتك لا بحولى وقوتى فالقيته في الحفير الذي احتفره خائبا مما امله في دنياه متباعدا مما رجاه آخرته فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك سيدى اللهم فخذه بعزتك واقلل حده عنى بقدرتك واجعل له شغلا فيما يليه وعجزا عمن يناويه اللهم واعدني عليه من عدوى حاضره تكون من غيظي شفاء ومن حقى عليه وفاء وصل اللهم دعائي بالاجابه وانظم شكايتي بالتغيير وعرفه عما قليل ما وعدت الظالمين وعرفني ما وعدت في اجابه المضطرين انك ذو الفضل العظيم والمن الكريم) قال: ثم تفرق القوم فما اجتمعوا إلا لقراءه الكتاب الوارد عليه بموت موسى بن المهدى ففى ذلك يقول بعض من حضر موسى بن جعفر عليهما السلام من أهل بيته شعرا: وساريه لم تسر في الأرض تبتغى محلا ولم تقطع بها البعد قاطع سرت حيث تجدى الركاب ولم تنخ لو رد ولم يقصر لها العبد مانع


1 – سخينة: اسم قريش. 2 – شحذ: حدد ظبة السهم والسيف طرفه المدية بالضم: الشفرة. ارهضت السيف: حددته ورفقته. شباحده: طرف حدته.

[ 78 ]

تمر وراء الليل والليل ضارب بحثمانه فيه سمير وهاجع تفتح ابواب السماء ودونها إذا قرع الابواب منهن قارع إذا وردت لم يرد الله وفدها على اهلها والله راى وسامع واني لارجو الله حتى كانما ارى بجميل الظن ما الله صانع 8 – حدثنا أبو أحمد هاني بن محمد بن محمود العبدى رضى الله عنه قال: حدثني أبي باسناده رفعه: ان موسى بن جعفر عليهما السلام دخل على الرشيد فقال له الرشيد: يا بن رسول الله اخبرني الطبايع الاربع فقال موسى عليه السلام: أما الريح فانه ملك يدارى وأما الدم فانه عبد غارم (1) وربما قتل العبد مولاه وأما البلغم فانه خصم جدل ان سددته من جانب انفتح من آخر وأما المره (2) فانها الأرض إذا اهتزت (3) رجفت بما فوقها فقال له هارون: يا بن رسول الله تنفق الناس من كنوز الله ورسوله. 9 – حدثنا أبو أحمد هاني محمد بن محمود العبدى قال: حدثنا بن محمود باسناده رفعه الى موسى بن جعفر عليه السلام: انه قال: لما دخلت على الرشيد سلمت عليه فرد علي السلام ثم قال: يا موسى بن جعفر خليفتين يجبى اليهما الخراج؟! فقلت: يا أمير المؤمنين اعيذك بالله ان تبوء باثمى واثمك وتقبل الباطل من اعدائنا علينا فقد علمت انه قد كذب علينا منذ قبض رسول الله (ص) بما علم ذلك عندك فإن رايت بقرابتك من رسول الله (ص) ان تأذن لي احدثك بحديث اخبرني به أبي عن آبائه عن جده رسول الله (ص) فقال: قد اذنت لك فقلت: اخبرني أبي عن آبائه عن جده رسول الله (ص) انه قال: ان الرحم إذا مست الرحم تحركت واضطربت فناولني يدك جعلني الله فداك فقال: ادن فدنوت منه فاخذ بيدى ثم جذبني الى نفسه وعانقني طويلا ثم تركني وقال: اجلس يا موسى فليس عليك باس فنظرت فإذا انه قد دمعت عيناه فرجعت الى نفسي


1 – عبد غارم شرس سئ الخلق. 2 – المرة: الصفراء. 3 – اهتزت تحركت. الرجفة: الزلزلة. وفي بعض النسخ الخطية (رجعت) بدل (رجفت).

[ 79 ]

فقال: صدقت وصدق جدك (ص) لقد تحرك دمى واضطربت عروقي حتى غلبت على الرقه وفاضت عيناى وانا اريد ان اسئلك عن اشياء تتلجلج (1) في صدري منذ حين لم اسأل عنها احدا فإن أنت اجبتني عنها خليت عنك ولم اقبل قول أحد فيك وقد بلغني انك لم تكذب قط فاصدقني عما اسالك مما قلبى فقلت: ما كان علمه عندي فانى مخبرك ان أنت امنتني فقال لك الامان ان صدقتني وتركت التقيه التي تعرفون بها معشر بني فاطمه فقلت: اسأل يا أمير المؤمنين عما شئت قال: اخبرني لم فضلتم علينا ونحن في شجره واحده وبنو عبد المطلب ونحن وانتم واحد انا بنو العباس وانتم ولد أبي طالب وهما عما رسول الله (ص) وقرابتهما منه سواء؟! فقلت: نحن اقرب قال: وكيف ذلك؟ قلت: لأن عبد الله وأبا طالب لاب وام وابوكم العباس ليس هو من ام عبد الله ولا من ام أبي طالب قال: فلم ادعيتم انكم ورثتم النبي (ص) والعم يصحب ابن العم وقبض رسول الله (ص) وقد توفى أبو طالب قبله والعباس عمه حى؟ فقلت له: ان راى أمير المؤمنين ان يعفينى من هذه المسألة ويسألني عن كل باب سواه يريده فقال: لا أو تجيب فقلت: فآمنى فقال: قد آمنتك قبل الكلام فقلت: ان في قول على بن أبي طالب عليه السلام: انه ليس مع ولد الصلب ذكرا كان أو انثى لاحد سهم إلا للابوين والزوج والزوجه ولم يثبت للعم مع ولد الصلب ميراث ولم ينطق به الكتاب إلا ان تيما وعديا وبني اميه (2) قالوا العم: والد رايا منهم بلا حقيقه ولا اثر عن الرسول (ص) ومن قال بقول على عليه السلام من العلماء فقضاياهم خلاف قضايا هؤلاء نوح بن دراج يقول في هذه المسألة بقول على عليه السلام وقد حكم به وقد ولاه أمير المؤمنين (3) المصرين الكوفه والبصره وقد قضى به فانهى الى أمير المؤمنين فامر باحضاره واحضار من يقول بخلاف قوله منهم سفيان الثوري وإبراهيم المدنى والفضيل بن عياض فشهدوا: انه قول على عليه السلام في هذه المسألة فقال لهم فيما ابلغنى بعض العلماء أهل


1 – التلجلج: التردد في الكلام. 2 – المراد بالتيم هنا أبو بكر والعدي عمر وبني اميه عثمان ومعاوية ومروان وبنو مروان. 3 – المراد به هاررون الرشيد.

[ 80 ]

الحجاز (1) فلم لا تفتون به وقد قضى به نوح بن دراج؟ فقالوا: جسر نوح وجبنا وقد امضى أمير المؤمنين عليه السلام قضيه يقول قدماء العامه عن النبي (ص): انه قال: على اقضاكم وكذلك قال عمر بن الخطاب: على اقضانا وهو اسم جامع لأن جميع ما مدح به النبي (ص) اصحابه من القراءة والفرائض والعلم داخل في القضاء. قال: زدنى يا موسى قلت: المجالس بالامانات وخاصه مجلسك فقال: لا باس عليك فقلت: ان النبي (ص) لم يورث من لم يهاجر ولا اثبت له ولايه حتى يهاجر فقال: ما حجتك فيه؟ فقلت: قول الله تعالى (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شئ يهاجروا) (2) وان عمى العباس لم يهاجر فقال لي: اسئلك يا موسى هل افتيت بذلك احدا من اعدائنا ام اخبرت احدا من الفقهاء في هذه المسألة بشئ؟ فقلت: اللهم لا وما سألني عنها إلا أمير المؤمنين ثم قال: لم جوزتم للعامه والخاصه ان ينسبوكم الى رسول الله (ص) ويقولون لكم: يا بني رسول الله (ص) وانتم بنو على وانما ينسب المرء الى أبيه وفاطمة إنما هي وعاء والنبي (ص) جدكم من قبل امكم؟ فقلت: يا أمير المؤمنين لو ان النبي (ص) نشر فخطب اليك كريمتك هل كنت تجيبه؟ فقال: سبحان الله ولم لا اجيبه؟ بل افتخر علي العرب والعجم وقريش بذلك فقلت له: لكنه (ص) لا يخطب الى ولا ازوجه (3) فقال: ولم؟ فقلت: لانه (ص) ولدنى ولم يلدك فقال: احسنت يا موسى ثم قال: كيف قلتم: انا ذريه النبي (ص) والنبي (ص) لم يعقب وإنما العقب للذكر لا للانثى: وانتم ولد البنت ولا يكون لها عقب؟! فقلت: اسالك يا أمير المؤمنين بحق القرابة والقبر ومن فيه إلا ما اعفاني عن هذه المسألة فقال: لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد على وأنت يا موسى يعسوبهم (4) وامام زمانهم


1 – ومراده من بعض العلماء هو موسى بن جعفر عليهما السلام. 2 – سورة الانفال. الاية 72: نزلت في الميراث وكانوا يتوارثون بالهجرة وكانوا يعملون بذلك حنى نزلت واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض فنسختها. 3 – أي ولا أزوج كريمتي منه قط. 4 – اليعسوب السيد والرئيس والمقدم.

[ 81 ]

كذا انهى الى ولست اعفيك في كل ما اسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجه من كتاب الله تعالى وانتم تدعون معشر ولد على انه لا يسقط عنكم منه بشئ (1) الف ولا واو إلا وتاويله عندكم واحتججتم بقوله عز وجل (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (2) وقد استغنيتم عن راى العلماء وقياسهم فقلت: تأذن لي في الجواب: قال: هات قلت: (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ومن ذريته داود وسليمان وايوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزى المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى والياس) (3) من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟ فقال: ليس لعيسى اب فقلت: إنما الحقناه بذرارى الانبياء عليهم السلام من طريق مريم عليها السلام وكذلك الحقنا بذرارى النبي (ص) من قبل امنا فاطمه عليها السلام ازيدك يا أمير المؤمنين؟ قال: هات قلت: قول الله عز وجل (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع ابنائنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنه الله على الكاذبين) (4) ولم يدع أحد انه ادخل (5) النبي (ص) تحت الكساء عند المباهلة للنصارى إلا على بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين فكان تأويل قوله تعالى (ابنائنا) الحسن والحسين ونساءنا فاطمه وانفسنا على بن أبي طالب عليهم السلام على ان العلماء قد اجمعوا على ان جيرئيل عليه السلام قال يوم أحد: يا محمد ان هذه لهى المواساة من على قال: لانه منى وانا منه فقال جبرئيل: وانا منكما يا رسول الله (ص) ثم قال: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي فكان كما مدح الله تعالى به خليله عليه السلام: إذ


1 – وفي نسخة اخرى: شئ. 2 – الانعام: الاية 38. 3 – الانعام: الاية 84 و 85. والضمير في ذريته يرجع الى ابراهيم عليه السلام. 4 – سورة آل عمران: الايد 61. المباهلة الملاعنة. 5 – لا يخفى ان في عبارة المتن اضطرابا واضحا وذلك ان موضوع ادخال النبي عليا وولديه الحسن والحسين وامهما فاطمة تحت الكساء موضوع منفرد عن موضوع المباهلة وان كان الافراد الذي اخرجهم (ص) للمباهلة بينهم الافراد الذي ادخلهم تحت الكساء الا ان هاتين القضيتين في زمانين ومحلين لا ربط لاحدهما بالاخرى كما هو محرر في الكتب الخاصة والعامة جميعا فليتدبر.

[ 82 ]

يقول: (فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) (1) انا معشر بني عمك نفتخر بقول جبرئيل: انه منا فقال: احسنت يا موسى ارفع الينا حوائجك فقلت له: اول حاجه ان تأذن لابن عمك ان يرجع الى حرم جده والى عياله فقال: ننظر انشاء الله تعالى فروى: انه انزله عند السندي بن شاهك فزعم انه توفى عنده والله اعلم. 10 – حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولى قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله عن على بن محمد بن سليمان النوفلي قال: سمعت أبي يقول: لما قبض الرشيد على موسى جعفر عليهما السلام قبض عليه وهو عند راس النبي (ص) قائما يصلى فقطع عليه صلاته وحمل وهو يبكى ويقول: اشكو اليك يا رسول الله ما القى واقبل من كل جانب يبكون ويصيحون فلما حمل الى يدى الرشيد شتمه وجفاه فلما جن عليه الليل أمر ببيتين فهيا له فحمل موسى بن جعفر عليهم السلام الى احدهما في خفاء ودفعه الى حسان السروى وامره بان يصير به في قبه الى البصره فيسلم الى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر وهو اميرها ووجه قبه اخرى علانيه بارا الى الكوفه معها جماعه ليعمى على الناس أمر موسى بن جعفر عليهما السلام فقدم حسان البصره قبل الترويه بيوم فدفعه الى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر نهارا علانيه حتى عرف ذلك وشاع خبره فحبسه عيسى بيت من بيوت المجلس الذي كان يجلس فيه واقفل عليه وشغله العبد عنه فكان لا يفتح عنه الباب إلا حالتين حاله يخرج فيها الى الطهور وحاله يدخل فيها الطعام قال أبي: فقال لي الفيض بن أبي صالح وكان نصرانيا ثم اظهر الاسلام وكان زنديقا وكان يكتب لعيسى بن جعفر وكان بى خاصا فقال: يا أبا الله لقد سمع هذا الرجل الصالح في


1 – سورة الانبياء الاية 60. يعني قول جبرئيل: لا فتى الا علي كقوله تعالى حكاية: فتى يذكرهم يريد ابراهيم. وفي قوله: لانه مني وانا منه دلالة على ان ولد علي عليه السلام اولاده صلى الله عليه وآله وسلم لمكان الاتحاد ولعل هذا الاتحاد اشارد الى قوله: خلقت ان وعلي من نور واحد والى ما هو اعم منه.

[ 83 ]

ايامه هذه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش والمناكير ما اعلم ولا اشك انه لم يخطر بباله قال أبي: وسعى بى في تلك الايام الى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر على بن يعقوب بن عون بن العباس بن ربيعه في رقعه دفعها إليه أحمد بن اسيد حاجب عيسى قال: وكان على بن يعقوب من مشايخ بني هاشم وكان اكبرهم سنا وكان مع كبر سنه يشرب الشراب ويدعو أحمد بن اسيد الى منزله فيحتفل له ويأتيه بالمغنين والمغنيات يطمع في ان يذكره لعيسى فكان في رقعته التي رفعها إليه: انك تقدم علينا محمد بن سليمان في اذنك واكرامك وتخصه بالمسك وفينا من هو اسن منه وهو يدين بطاعة موسى بن جعفر المحبوس عندك قال أبي: فانى لقائل (1) يوم قايظ (2) إذ حركت حلقه الباب على فقلت: ما هذا؟ قال لي الغلام: قعنب بن يحيى على الباب يقول: لا بد من لقائك الساعه فقلت: ما جاء إلا لامر ائذنوا له فدخل فخبرني عن الفيض بن أبي صالح بهذه القصه والرقعه قال: وقد كان قال لي الفيض بعد ما اخبرني لا تخبر أبا عبد الله فتحزنه فإن الرافع عند الامير لم يجد فيه مساعا وقد قلت للامير: افي نفسك من هذا شئ حتى اخبر أبا عبد الله فيأتيك ويحلف على كذبه؟ فقال: لا تخبره فتغمه فإن ابن عمه إنما حمله على هذا الحسد له فقلت له: يا ايها الامير أنت تعلم انك تخلو باحد خلوتك به فهل حملك على أحد قط؟ قال: معاذ الله قلت: فلو كان له مذهب يخالف فيه الناس لاحب ان يحملك عليه قال: اجل ومعرفتي به اكثر قال أبي: فدعوت بدابتي وركبت الى الفيض ساعتي فصرت إليه ومعى قعنب في الظهيره فاستاذنت فارسل الى وقال: جعلت فداك قد جلست مجلسا ارفع قدرك عنه وإذا هو جالس على شرابه فارسلت إليه والله لا بد من لقائك فخرج الى في قميص رقيق وازار مورد فاخبرته بما بلغني فقال لقعنب: لاجزيت خيرا الم اتقدم اليك لا تخبر أبا عبد الله فتغمه؟ ثم قال لي: لا باس فليس في قلب الامير من ذلك شئ قال: فما مضت ذلك إلا ايام يسيره حتى حمل موسى بن جعفر عليهم السلام سرا الى بغداد


1 – من القيلولة القائلة: الظهيرة وقد تكون بمعنى القيلولة وهي النوم في الظهيرة فهو قائل. 2 – قاظ يومنا: اشتد حره.

[ 84 ]

وحبس ثم اطلق ثم حبس ثم سلم الى السندي بن شاهك فحبسه وضيق عليه ثم بعث الرشيد بسم في رطب وامره ان يقدمه إليه ويحتم عليه في تناوله منه ففعل فمات صلوات الله عليه. 11 – حدثنا على بن عبد الله الوراق والحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام بن المكتب وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني والحسين بن إبراهيم بن تاتانه وأحمد بن على بن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن على ماجيلويه ومحمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنهم قالوا: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن سفيان بن نزار قال: كنت يوما على راس المأمون فقال: اتدرون من علمني التشيع؟ فقال: القوم جميعا: لا والله ما نعلم قال: علمنيه الرشيد قيل له: وكيف ذلك والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟ قال: كان يقتلهم على الملك لان الملك عقيم ولقد حججت معه سنه فلما صار الى المدينة تقدم الى حجابه وقال: لا يدخلن على من أهل المدينة ومكه من أهل المهاجرين والانصار وبني هاشم وساير بطون قريش إلا نسب نفسه وكان الرجل إذا دخل عليه قال: انا فلان بن فلان ينتهى الى جده من هاشمى أو قرشي أو مهاجري أو انصاري فيصله من المال بخمسه آلاف دينار وما دونها الى مأتى دينار على قدر شرفه وهجره آبائه فانا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال: يا أمير المؤمنين على الباب رجل يزعم انه موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام فاقبل علينا ونحن قيام على راسه والامين والمؤتمن وساير القواد فقال: احفظوا على انفسكم ثم قال لاذنه: ائذن له ولا ينزل إلا على بساطى فانا كذلك إذ دخل شيخ مسخد (1) قد انهكته العبادة كانه شن بال قد كلم من السجود وجهه وانفه فلما راى الرشيد رمى بنفسه عن حمار كان راكبه فصاح الرشيد: لا والله إلا على بساطى فمنعه الحجاب من الترجل ونظرنا إليه باجمعنا بالاجلال والاعظام فما زال يسير على حماره حتى صار الى البساط والحجاب والقواد محدقون به فنزل فقام إليه الرشيد واستقبله الى آخر البساط وقبل وجهه وعينيه واخذ بيده حتى صيره في صدر المجلس واجلسه معه وجعل يحدثه


1 – المسخد: الرجل المصفر الوجه.

[ 85 ]

ويقبل بوجهه عليه ويساله عن احواله ثم قال له: يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟ فقال: يزيدون على الخمسمأه قال: اولاد كلهم؟ قال: لا اكثرهم موالى وحشم أما الولد فلى نيف وثلاثون والذكران منهم كذا والنسوان منهم كذا قال: فلم لا تزوج النسوان من بني عمومتهن واكفائهن؟ قال: اليد تقصر عن ذلك قال: فما حال الضيعه؟ قال: تعطى في وقت وتمنع في آخر قال: فهل عليك دين؟ قال: نعم قال: كم؟ قال: نحو عشره الاف دينار فقال الرشيد: يا بن عم انا اعطيك من المال ما تزوج الذكران والنسوان وتقضى الدين وتعمر الضياع فقال له: وصلتك رحم يا بن عم وشكر الله لك هذه النية الجميله والرحم ماسه والقرابة واشجه والنسب واحد والعباس عم النبي (ص) وصنو أبيه وعم على بن أبي طالب عليه السلام وصنو أبيه وما ابعدك الله من ان تفعل وقد بسط يدك واكرم عنصرك واعلى محتدك (1) فقال: افعل ذلك يا أبا الحسن وكرامة فقال: يا أمير المؤمنين ان الله عز وجل قد فرض على ولاه عهده ان ينعشوا فقراء الامه ويقضوا عن الغارمين ويؤدوا عن المثقل ويكسوا العارى ويحسنوا الى العانى (2) فانت اولى من يفعل ذلك فقال: افعل يا أبا الحسن ثم قام فقام الرشيد لقيامه وقبل عينيه ووجهه ثم اقبل علي وعلى الامين والمؤتمن فقال: يا عبد الله ويا محمد ويا إبراهيم امشوا بين يدى عمكم وسيدكم خذوا بركابه وسووا عليه ثيابه وشيعوه الى منزله فاقبل على أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام سرا بينى وبينه فبشرني بالخلافه فقال لي: إذا ملكت هذا الامر فاحسن الى ولدى ثم انصرفنا وكنت اجرى ولد أبي عليه فلما خلا المجلس قلت: يا أمير المؤمنين من هذا الرجل الذي قد اعظمته واجللته وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته واقعدته في صدر المجلس وجلست دونه ثم امرتنا باخذ الركاب له؟! قال: هذا امام الناس وحجه على خلقه وخليفته على عباده فقلت: يا أمير المؤمنين اوليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟ فقال: انا امام الجماعه في الظاهر والغلبة والقهر وموسى بن جعفر امام حق والله يا بني انه لاحق بمقام رسول الله (ص) منى ومن الخلق


1 – المحتد: الاصل. 2 – العاني: الاسير. الفقير.

[ 86 ]

جميعا ووالله لو نازعتنى هذا الامر لاخذت الذي فيه عيناك فإن الملك عقيم. فلما اراد الرحيل من المدينة الى مكه أمر بصره سوداء فيها مائتا دينار ثم اقبل على الفضل بن الربيع فقال له: اذهب بهذه الى موسى بن جعفر وقال له: يقول لك أمير المؤمنين: نحن في ضيقه وسيأتيك برنا بعد الوقت فقمت في صدره فقلت: يا أمير المؤمنين تعطى ابناء المهاجرين والانصار وساير قريش وبني هاشم ومن لا تعرف حسبه ونسبه خمسه آلاف دينار الى ما دونها وتعطى موسى بن جعفر وقد اعظمته واجللته مأتى دينار اخس عطيه اعطيتها احدا من الناس؟! فقال: اسكت لا ام لك فانى لو اعطيت هذا ما ضمنته له ما كنت امنته ان يضرب وجهى غدا بمائه الف سيف من شيعته ومواليه وفقر هذا وأهل بيته اسلم لي ولكم من بسط ايديهم واعينهم فلما نظر الى ذلك مخارق المغنى دخله في ذلك غيظ فقام الى الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين قد دخلت المدينة واكثر اهلها يطلبون منى شيئا وان خرجت ولم اقسم فيهم شيئا لم يتبين لهم تفضل أمير المؤمنين على ومنزلتي عنده فامر له بعشره آلاف دينار فقال: يا أمير المؤمنين هذا لاهل المدينة وعلى دين احتاج ان اقضيه فامر له بعشره آلاف دينار اخرى فقال له: يا أمير المؤمنين بناتى اريد ازوجهن وانا محتاج الى جهازهن فامر له بعشره آلاف دينار اخرى فقال له: يا أمير المؤمنين لا بد من غله (1) تعطينيها ترد على وعلى عيالي وبناتي وازواجهن القوت فامر له باقطاع ما تبلغ غلته في السنه عشره آلاف دينار وأمر ان يعجل ذلك عليه من ساعته. ثم قام مخارق من فوره وقصد موسى بن جعفر عليهما السلام وقال له: قد وقفت على ما عاملك به هذا الملعون وما أمر لك به وقد احتلت عليه لك واخذت منه صلات ثلثين الف دينار واقطاعا يغل في السنه عشره آلاف دينار ولا والله يا سيدى ما احتاج الى شئ من ذلك ما اخذته الا لك وانا اشهد لك بهذه الاقطاع وقد حملت المال اليك فقال: بارك الله لك في مالك واحسن جزاك ما كنت لاخذ منه درهما واحدا ولا من هذه الاقطاع شيئا وقد قبلت


1 – الغلة: الدخل من كراء دار وأجر غلام أو فائدة ارض وهي المتبادر منها.

[ 87 ]

صلتك وبرك فانصرف راشدا ولا تراجعني في ذلك فقبل يده وانصرف 12 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن شبيب قال: سمعت المأمون يقول: ما زلت احب أهل البيت عليهم السلام واظهر للرشيد بغضهم تقربا إليه فلما حج الرشيد كنت ومحمد والقاسم معه فلما كان بالمدينة استاذن عليه الناس وكان آخر من اذن له موسى بن جعفر عليهما السلام فدخل فلما نظر إليه الرشيد تحرك مد بصره وعنقه إليه حتى دخل البيت الذي فيه فلما قرب جثى الرشيد على ركبتيه وعانقه ثم اقبل عليه فقال له: كيف أنت يا أبا الحسن وكيف عيالك وعيال ابيك؟ كيف انتم ما حالكم؟ فما زال يساله هذا وأبو الحسن يقول: خير خير فلما قام اراد الرشيد ان ينهض فاقسم عليه الحسن فاقعده وعانقه وسلم عليه وودعه قال المأمون: وكنت اجرى ولد أبي عليه فلما خرج أبو الحسن موسى بن جعفر قلت لابي: يا أمير المؤمنين لقد رايتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رايتك فعلته باحد من ابناء المهاجرين والانصار ولا ببنى هاشم فمن هذا الرجل فقال: يا بني هذا وارث علم النبيين هذا موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام ان اردت العلم الصحيح فعند هذا قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبى محبتهم. 13 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن ابيه قال: سمعت رجلا من اصحابنا يقول: لما حبس الرشيد موسى بن جعفر عليهما السلام جن عليه الليل فخاف ناحيه هارون ان يقتله فجدد موسى بن جعفر عليهما السلام طهوره فاستقبل بوجهه القبله وصلى لله عز وجل اربع ركعات ثم دعا بهذه الدعوات فقال: (يا سيدى نجنى من حبس هارون وخلصني من يده يا مخلص الشجر من بين رمل وطين ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ويا مخلص الولد من بين مشيمه ورحم ويا مخلص النار من الحديد والحجر ويا مخلص الروح من بين الاحشاء والامعاء خلصني يد هارون) قال: فلما دعا موسى عليه السلام بهذه الدعوات اتى هارون رجل اسود في منامه وبيده سيف قد سله فوقف على راس هارون وهو يقول يا


[ 88 ]

هارون اطلق موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك (1) بسيفي هذا فخاف هارون من هيبته ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب فقال له: اذهب الى السجن فاطلق عن موسى بن جعفر عليهم السلام قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فاجابه صاحب السجن فقال: من ذا؟ قال: ان الخليفه يدعو موسى بن جعفر عليهما السلام فاخرجه من سجنك واطلق عنه فصاح السجان: يا موسى ان الخليفه يدعوك فقام موسى عليه السلام مذعورا فزعا وهو يقول: لا يدعوني في جوف هذا الليل إلا لشر يريده بى فقام باكيا حزينا مغموما آيسا من حياته فجاء هارون وهو يرتعد فرائصه (2) فقال: سلام على هارون فرد عليه السلام ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوت في جوف هذا الليل بدعوات فقال: نعم قال: وما هن؟ قال: جددت طهورا وصليت لله عز وجل اربع ركعات ورفعت طرفي الى السماء وقلت: (يا سيدى خلصني من يد هارون وشره) وذكر له ما كان من دعائه فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك يا حاجب اطلق عن هذا ثم دعا بخلع عليه ثلاثا وحمله على فرسه واكرمه وصيره نديما لنفسه ثم قال: هات الكلمات فعلمه قال: فاطلق عنه وسلمه الى الحاجب ليسلمه الدار ويكون معه فصار موسى بن جعفر عليهما السلام كريما شريفا عند هارون وكان يدخل عليه في كل خميس الى ان حبسه الثانيه فلم يطلق عنه حتى سلمه الى السندي شاهك وقتله بالسم. 14 – حدثنا أبو بكر محمد بن على بن محمد بن حاتم قال: حدثنا عبد الله بن بحر الشيباني قال: حدثني الخرزى أبو العباس بالكوفة قال: حدثنا الثوبانى قال: كانت لابي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام بضع عشره سنه كل يوم سجده انقضاض الشمس الى وقت الزوال فكان هارون ربما صعد سطحا يشرف منه على الحبس الذي حبس أبو الحسن عليه السلام فكان يرى أبا الحسن عليه السلام ساجدا فقال للربيع: يا ربيع ما ذاك


1 – العلاوة بالكسر: أعلى الرأس والعنق وفي بعض النسخ الخطية (هامتك) بدل (علاوتك). 2 – الفريصة: اللحمة: التي بين جنبي الدابة وكتفها لا تزال ترعد.

[ 89 ]

الثوب الذي اراه كل يوم في ذلك الموضع؟! فقال: يا أمير المؤمنين ما ذاك بثوب وإنما هو موسى بن جعفر عليهما السلام له كل يوم سجده بعد طلوع الشمس الى وقت الزوال قال الربيع: فقال لي هارون: أما ان هذا من رهبان بني هاشم قلت: فمالك قد ضيقت عليه الحبس قال: هيهات لا بد من ذلك!.


[ 90 ]

8 – باب الاخبار التي رويت في صحه وفاة أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام 1 – حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله جميعا عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن يقطين عن اخيه الحسين عن أبيه على بن يقطين قال: استدعى الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام ويقطعه ويخجله في المسجد فانتدب رجل معزم (1) فلما احضرت المائدة عمل ناموسا (2) على الخبز فكان كلما رام أبو الحسن عليه السلام تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه واستفز من هارون الفرح والضحك لذلك فلم يلبث أبو الحسن عليه السلام ان رفع راسه الى اسد مصور على بعض الستور فقال له: يا اسد خذ عدو الله قال: فوثبت تلك الصورة كاعظم ما يكون من السباع فافترست ذلك المعزم فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشيا عليهم فطارت عقولهم خوفا من هول ما راوه فلما افاقوا ذلك قال هارون لابي الحسن عليه السلام: سألتك بحقى عليك لما سالت الصورة ان ترد الرجل فقال: ان كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم فان


1 – العزائم الرقى وهي جمع رقية. 2 – وهو اسم يكتب على القطعة من الخبز بحيث لا يتمكن لاحد ان يتناوله الا طار من بين يديه. الناموس: صاحب السر المطلع على باطن امرك. وقد يطلق الناموس على جبرائيل عليه السلام.

[ 91 ]

هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل فكان ذلك اعمل الاشياء في افاته نفسه. 2 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطينى عن الحسن بن محمد بن بشار قال: حدثني شيخ من أهل قطيعه الربيع من العامه ممن كان يقبل قوله قال: قال لي: رايت بعض من يقرون بفضله من أهل هذا البيت فما رايت مثله قط نسكه وفضله قال: قلت من هو وكيف رايته؟ جمعنا ايام السندي بن شاهك ونحن ثمانون رجلا فادخلنا على موسى بن جعفر عليهما السلام فقال لنا السندي: يا هؤلاء انظروا الى هذا الرجل هل حدث به حدث؟ فإن الناس يزعمون انه فعل به مكروه ويكثرون في ذلك وهذا منزله وفراشه موسع عليه غير مضيق ولم يرد به أمير المؤمنين سوء وإنما ينتظره ان يقدم فيناظره أمير المؤمنين وها هو ذا هو صحيح فسلوه فقال: اما ما ذكر من التوسعه فهو على ما ذكر غير انى اخبركم ايها النفر: انى قد سممت في تسع تمرات وانى اخضر غدا وبعد غد اموت قال: فنظرت الى السندي بن شاهك ترتعد فرايصه ويضطرب مثل السعفه (1) قال الحسن: وكان هذا الشيخ من خيار العامه شيخ صدوق مقبول القول ثقه جدا عند الناس. 3 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عامر قال: حدثني الحسن بن محمد القطعي قال: حدثنا الحسن بن على النخاس العدل قال: حدثنا الحسن بن عبد الواحد الخزاز قال: حدثنا على بن جعفر بن عمر قال: حدثني عمر بن واقد قال: ارسل السندي بن شاهك في بعض الليل وانا ببغداد يستحضرني فخشيت ان يكون ذلك لسوء يريده بى قال: فاوصيت عيالي بما احتجت إليه وقلت: (انا لله وانا إليه راجعون) ثم ركبت إليه فلما رأني مقبلا قال: يا أبا حفص لعلنا ارعبناك وافزعناك؟ قلت: نعم قال: فليس هناك


1 – السعفة بالتحريك: غصن النخل. والفريص: اوداج العنق والفريصة واحدته وهي اللحمة بين الجنب والكتف.

[ 92 ]

الا خير قلت: فرسول تبعثه الى منزلي يخبرهم بخبرى قال: نعم ثم قال: يا أبا حفص اتدرى لم ارسلت اليك؟ فقلت: لا قال: اتعرف موسى بن جعفر عليهما السلام؟ قلت: أي والله انى لاعرفه وبيني وبينه صداقه منذ دهر فقال: من هيهنا ببغداد يعرفه ممن يقبل قوله؟ فسميت له اقواما ووقع في نفسي انه عليه السلام قد مات قال: فبعث فجاء بهم كما جاء بى فقال: هل تعرفون قوما يعرفون موسى بن جعفر؟ فسموا له قوما فجاء بهم فاصبحنا ونحن في الدار نيف وخمسون رجلا ممن يعرف موسى بن جعفر عليهما السلام وقد صحبه قال ثم قام ودخل وصلينا فخرج كاتبه ومعه طومار وكتب اسماؤنا ومنازلنا واعمالنا وحلانا ثم دخل الى السندي قال: فخرج السندي فضرب يده فقال لي: قم يا أبا حفص فنهضت ونهض اصحابنا ودخلنا فقال لي: يا أبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر فكشفته فرأيته ميتا فبكيت واسترجعت ثم قال للقوم: انظروا إليه فدنا واحد واحد فنظروا إليه ثم قال: تشهدون كلكم ان هذا موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام قال: قلنا: نعم نشهد أنه موسى بن جعفر بن محمد عليهم السلام ثم قال: يا غلام اطرح على عورته منديلا واكشفه قال: ففعل قال: اترون اثرا تنكرونه؟ فقلنا: لا ما نرى به شيئا ولا نراه ميتا قال: فلا تبرحوا حتى تغسلوه وتكفنوه قال: فلم نبرح حتى غسل وكفن وحمل الى المصلى فصلى عليه السندي بن شاهك ودفناه ورجعنا. وكان عمر بن واقد يقول: ما أحد هو اعلم بموسى بن جعفر عليهما السلام منى كيف يقولون انه حى وانا دفنته؟! 4 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا الحسن بن على بن زكريا بمدينة السلام قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن خليلان قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن عتاب بن اسيد عن جماعه من مشايخ أهل المدينة قالوا لما مضى خمسه عشر سنه من ملك الرشيد استشهد ولى الله موسى بن جعفر عليهما السلام مسموما سمه السندي بن شاهك بامر الرشيد في الحبس المعروف بدار المسيب بباب الكوفه وفيه السدره (1) ومضى الى رضوان الله تعالى وكرامته يوم الجمعه لخمس خلون من


1 – السدرة: شجرة معروفة.

[ 93 ]

رجب سنه ثلاث وثمانين ومائه من الهجره وقد تم عمره اربعا وخمسين سنه وتربته بمدينة السلام في الجانب الغربي بباب التبن في المقبره المعروفة بمقابر قريش. 5 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري بنيسابور في شعبان سنه اثنتين وخمسين وثلاث مائه قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبه عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن الحسن بن عبد الله الصيرفى عن أبيه قال. توفى موسى بن جعفر عليهما السلام في يد السندي بن شاهك فحمل على نعش ونودى عليه: هذا امام الرافضة فاعرفوه فلما اتى به مجلس الشرطة (1) اقام اربعه نفر فنادوا: إلا من اراد ان يرى الخبيث بن الخبيث فليخرج وخرج سليمان بن أبي جعفر الجعفري عن قصره الى الشط فسمع الصياح والضوضاء فقال لغلمانه ولولده: ما هذا؟ قالوا: السندي بن شاهك ينادى على موسى بن جعفر عليهما السلام على نعشه لولده وغلمانه: يوشك ان يفعل هذا به في الجانب الغربي فإذا عبر به فانزلوا مع غلمانكم فخذوه من ايديهم فان مانعوكم فاضربوهم وخرقوا ما عليهم من السواد فلما عبروا به نزلوا إليهم فاخذوه من ايديهم وضربوهم وخرقوا عليهم من سوادهم ووضعوه في مفرق اربعه طرق واقام المنادين ينادى إلا ومن اراد ان يرى الطيب بن الطيب موسى بن جعفر عليهما السلام فليخرج وحضر الخلق وغسل وحنط بحنوط فاخر وكفنه بكفن فيه حبره استعملت بالفين وخمس مائه دينار عليها القرآن كله واحتفى ومشى في جنازته متسلبا (2) مشقوق الجيب الى مقابر قريش فدفنه (ع) هناك وكتب بخبره الى الرشيد فكتب الرشيد الى سليمان بن أبي جعفر وصلتك رحم يا عم واحسن الله جزاك والله ما فعل السندي شاهك لعنه الله تعالى ما فعله عن امرنا.


1 – الشرط: اعوان السلطان المأمورون لتتبع احوال الناس سموا ببذلك لانهم كانوا يعلمون أنفسهم بعلامات يعرفون بها. والاشراط والعلامات. 2 – خلع لباس الرينة ولبس أثواب المصيبة. قالت اسماء بنت عميس بعد مقتل جعفر: تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت اي البسي ثوب الحداد متلبيا اي مخرجا نحره وصدره كما يفعله المصابون.

[ 94 ]

6 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشى رضى الله عنه قال: حدثني أبي عن أحمد بن على الانصاري عن سليمان بن جعفر البصري عن عمر بن واقد قال: ان هرون الرشيد لما ضاق صدره مما يظهر له من فضل موسى بن جعفر عليهما السلام وما كان يبلغه من قول الشيعه بامامته واختلافهم في السر إليه بالليل والنهار خشيه على نفسه وملكه ففكر في قتله بالسم فدعا برطب واكل منه ثم اخذ صينيه فوضع عليها عشرين رطبه واخذ سلكا فعركه (1) في السم وادخله في سم الخياط فاخذ رطبه من ذلك الرطبه فاقبل يردد إليها ذلك السم بذلك الخيط حتى قد علم انه قد حصل السم فاستكثر منه ثم ردها في ذلك الرطب وقال لخادم له: احمل هذه الصينيه الى موسى بن جعفر وقل له: ان أمير المؤمنين اكل من هذا الرطب وتنغص لك ما به وهو يقسم عليك بحقه لما اكلتها عن آخر رطبه فانى اخترتها لك بيدى ولا تتركه يبقى منها شيئا ولا تطعم منه احدا فاتاه بها الخادم وابلغه الرساله فقال: ايتنى بخلال فناوله خلالا وقام بازائه وهو ياكل الرطب وكانت للرشيد كلبه تعز عليه فجذبت نفسها وخرجت تجر سلاسلها من ذهب وجوهر حتى حاذت بن جعفر عليهما السلام فبادر بالخلال الى الرطبه المسمومه. ورمى بها الى الكلبه فاكلتها فلم تلبث ان ضربت بنفسها وعوت وتهرت قطعه قطعه واستوفى عليه السلام باقى الرطب وحمل الغلام الصينيه حتى صار بها الى الرشيد فقال له: قد اكل الرطب عن آخره قال: نعم يا أمير المؤمنين قال: فكيف رايته؟ قال: ما انكرت منه شيئا يا أمير المؤمنين ثم قال: ثم ورد عليه خبر الكلبه بانها تهرت وماتت فقلق الرشيد لذلك قلقا شديدا واستعظمه ووقف على الكلبه فوجدها متهريه بالسم فاحضر الخادم ودعا بسيف ونطع وقال له: لتصدقني عن خبر الرطب أو لاقتلنك فقال له: يا أمير المؤمنين انى حملت الرطب الى موسى بن جعفر وابلغته سلامك وقمت بازائه وطلب منى خلالا فدفعته إليه فاقبل يغرز في الرطبه بعد الرطبه وياكلها حتى مرت الكلبه فغرز الخلال في رطبه من ذلك الرطب فرمى بها


1 – العرك: الدلك.

[ 95 ]

فاكلتها الكلبه واكل هو باقى الرطب فكان ما ترى يا أمير المؤمنين فقال الرشيد: ما ربحنا من موسى عليه السلام إلا انا اطعمناه جيد الرطب وضيعنا سمنا وقتل كلبتنا ما في موسى بن جعفر حيله ثم ان سيدنا موسى عليه السلام دعا بالمسيب وذلك قبل وفاته بثلاثة ايام وكان موكلا به فقال له: يا مسيب قال: لبيك يا مولاى قال: انى ظاعن (1) هذه الليله الى المدينة مدينه جدى رسول الله (ص) لاعهد الى على ابني ما عهده الى أبي واجعله وصيى وخليفتي وآمره امرى قال المسيب: فقلت: يا مولاى كيف تأمرني ان افتح لك الابواب واقفالها والحرس معى على الابواب؟! فقال: يا مسيب ضعف يقينك بالله عز وجل وفينا قلت: لا يا سيدى قال: فمه قلت: يا سيدى ادع الله يثبتني فقال: اللهم ثبته ثم قال: انى ادعو الله عز وجل باسمه العظيم الذي دعا آصف حتى جاء بسرير بلقيس ووضعه بين يدى سليمان قبل ارتداد طرفه حتى يجمع بينى وبين ابني على بالمدينة. قال المسيب: فسمعته عليه السلام يدعو ففقدته عن مصلاه فلم ازل قائما قدمى حتى رايته قد عاد الى مكانه واعاد الحديد رجليه فخررت لله ساجدا لوجهي شكرا على ما انعم به على من معرفته فقال لي: ارفع راسك يا مسيب واعلم انى راحل الى الله عز وجل في ثالث هذا اليوم قال: فبكيت فقال لي: لا تبك يا مسيب فان عليا ابني هو امامك ومولاك بعدى فاستمسك بولايته فانك لن تضل ما لزمته فقلت: الحمد لله قال: ثم ان سيدى عليه السلام دعاني في ليله اليوم الثالث فقال لي: انى على ما عرفتك من الرحيل الى الله عز وجل فإذا دعوت بشربه من ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني واصفر لوني واحمر واخضر وتلون الوانا فخبر الطاغية بوفاتي فإذا رايت بى هذا الحدث فاياك ان تظهر عليه احدا ولا على من عندي إلا بعد وفاتي قال المسيب بن زهير: فلم ازل ارقب وعده حتى دعا عليه السلام بالشربة فشربها ثم دعاني فقال لي: يا مسيب ان هذا الرجس السندي شاهك سيزعم انه


1 – الظعن بالظاء المعجمة: السير والسفر وهو نقيض الحضر وقوله عليه السلام: أني ظاعن أي اني مسافر في هذه الليلة الى المدينة الطيبة وكان عليه السلام ببغداد.

[ 96 ]

يتولى غسلى ودفني هيهات هيهات ان يكون ذلك ابدا! فإذا حملت الى المقبره المعروفة بمقابر قريش فالحدونى بها ولا ترفعوا قبري فوق اربع اصابع مفرجات ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به. فإن كل تربه لنا محرمه إلا تربه جدى الحسين بن على عليهما السلام فإن، تعالى جعلها شفاء لشيعتنا واوليائنا قال: ثم رايت شخصا اشبه الاشخاص به جالسا الى جانبه وكان عهدي بسيدي الرضا عليه السلام وهو غلام فاردت سؤاله فصاح بى سيدى موسى عليه السلام فقال: اليس قد نهيتك يا مسيب؟! فلم ازل صابرا مضى وغاب الشخص ثم انهيت الخبر الى الرشيد فوافى السندي بن شاهك فو الله لقد رايتهم بعينى وهم يظنون انهم يغسلونه فلا تصل ايديهم إليه ويظنون انهم يحنطونه ويكفنونه واراهم لا يصنعون به شيئا ورايت ذلك الشخص يتولى غسله وتحنيطه وتكفينه وهو يظهر المعاونة لهم وهم لا يعرفونه فلما فرغ من امره قال لي ذلك الشخص: يا مسيب مهما شككت فيه فلا تشكن في فانى امامك ومولاك وحجه الله عليك بعد أبي عليه السلام يا مسيب مثلى مثل يوسف الصديق عليه السلام ومثلهم مثل اخوته حين دخلوا فعرفهم وهم له منكرون ثم حمل عليه السلام حتى دفن مقابر قريش ولم يرفع قبره اكثر مما أمر به ثم رفعوا قبره بعد ذلك وبنوا عليه. 7 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن سليمان بن حفص المروزى قال: ان هارون الرشيد قبض على موسى بن جعفر (ع م) سنه تسع وسبعين ومائه وتوفى في حبسه ببغداد لخمس ليال بقين من رجب سنه ثلاث وثمانين ومائه وهو ابن سبع واربعين سنه (1) ودفن في مقابر قريش وكانت امامته خمسا وثلاثين سنه واشهرا وامه ام ولد يقال لها: حميده وهي ام اخويه اسحاق ومحمد ابني


1 – قد سهى الراوي أو الكاتب في تبلغ عمر الامام موسى الكاظم عليه السلام في هذه الرواية لانه كان له عليه السلام عند وفاة ابيه أبي عبد الله الصادق عليه السلام أزيد من ثمانية عشر بالاتفاق ومدة امامته بعد ابيه كانت خمسا وثلثين سنة واشهرا وعلى هذا يكون مبلغ عمره عليه السلام اربع وخمسين سنة ويؤيد ذلك ما رواه المفيد (قده) والشهيد (ره) فتأمل.

[ 97 ]

جعفر بن محمد عليهما السلام ونص على ابنه على بن موسى الرضا عليهما السلام بالامامه بعده. 8 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن صدقه العنبري قال: لما توفى أبو إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام جمع هارون الرشيد شيوخ الطالبية وبني العباس وساير أهل المملكة والحكام واحضر أبا إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام فقال: هذا موسى بن جعفر قد مات حتف (1) انفه وما كان بينى وبينه ما استغفر الله منه في امره يعنى في قتله فانظروا إليه فدخلوا عليه سبعون رجلا من شيعته فنظروا الى موسى بن جعفر عليهما السلام وليس به اثر جراحه ولا خنق وكان في رجله اثر الحناء فاخذه سليمان بن أبي جعفر فتولى غسله وتكفينه وتحفى (2) وتحسر جنازته قال مصنف هذا الكتاب: إنما اوردت هذه الاخبار في هذا الكتاب ردا على الواقفية على موسى بن جعفر عليهما السلام فانهم يزعمون انه حى وينكرون امامه الرضا عليه السلام وامامه من بعده من الائمه عليهم السلام وفي صحه وفاه موسى بن جعفر ابطال مذهبهم ولهم هذه الاخبار كلام يقولون: ان الصادق عليه السلام قال: الامام لا يغلسه إلا الامام ولو كان الرضا عليه السلام اماما كما ذكرتم لغسله وفي هذه الاخبار (3) ان موسى عليه السلام غسله غيره ولا حجه لهم علينا في ذلك لأن الصادق عليه السلام إنما نهى ان يغسل الامام إلا من يكون اماما فان دخل من يغسل الامام في نهيه فغسله لم يبطل بذلك امامه الامام بعده ولم يقل عليه السلام: ان الامام لا يكون إلا الذي يغسل من قبله من الائمه عليهم السلام فبطل تعلقهم علينا بذلك على انا قد روينا في بعض هذه الاخبار: ان الرضا عليه السلام قد غسل اباه موسى بن جعفر عليهما السلام


1 – الحتف: الموت. يقال: مات فلان حتف انفه إذا مات من غير قتل ولا ضرب ولا يبني منه فعل. 2 – اي بالغ في اكرام جنازته عليه السلام واعظامه. التحسر: التلهف. تحسر: كشف عن عامة بدنه. 3 – أي اخبار السندي وتغسيله موسى بن جعفر عليهم السلام.

[ 98 ]

من حيث خفى على الحاضرين لغسله غير من اطلع عليه ولا تنكر الواقفية ان الامام يجوز ان يطوى الله تعالى له البعد حتى يقطع المسافه البعيده في المده اليسيره. 9 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضى الله عنه قال: الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد البصري قال: حدثنا على بن رباط قال: قلت لعلى بن موسى الرضا عليه السلام: ان عندنا رجلا يذكر ان اباك عليه السلام حى وانك تعلم من ذلك ما تعلم فقال عليه السلام: سبحان الله مات رسول الله (ص) ولم يمت موسى بن جعفر عليه السلام! بلى والله لقد مات وقسمت امواله ونكحت جواريه. 10 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن محمد بن عيسى اليقطينى عن أحمد بن عبد الله الغروى عن أبيه قال: دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي: ادن فدنوت حتى حاذيته ثم قال لي: اشرف الى بيت الدار فاشرفت فقال: ما ترى في البيت؟ فقلت: ثوبا مطروحا فقال: انظر حسنا فتأملت ونظرت فتيقنت فقلت: رجل ساجد فقال لي: تعرفه؟ قلت: لا قال: مولاك قلت: ومن مولاى؟ فقال: تتجاهل على؟ فقلت: ما اتجاهل ولكني لا اعرف لي مولى فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام انى اتفقده الليل والنهار فلا اجده في وقت من الاوقات إلا على الحال التي اخبرك بها انه يصلى الفجر فيعقب ساعه دبر الصلاه الى ان تطلع الشمس ثم يسجد سجده فلا يزال ساجدا حتى تزول الشمس وقد وكل من يترصد له الزوال فلست ادرى متى يقول الغلام: قد زالت الشمس! إذ يثب فيبتدئ الصلاه من غير ان يحدث فاعلم انه لم ينم في سجوده ولا اغفى ولا يزال الى ان يفرغ من صلاه العصر فإذا صلى سجد سجده فلا يزال ساجدا الى ان تغيب الشمس فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير ان يحدث حدثا ولا يزال صلاته وتعقيبه الى ان يصلى العتمه فإذا صلى العتمه افطر على شوى يؤتى به ثم يجدد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع راسه فينام نومته خفيفه ثم يقوم


[ 99 ]

فيجدد الوضوء ثم يقوم فلا يزال يصلى في جوف الليل حتى يطلع الفجر فلست ادرى متى يقول الغلام ان الفجر قد طلع؟! إذ قد وثب هو لصلاه الفجر فهذا دابه منذ حول الى فقلت: اتق الله ولا تحدثن في امره حدثا يكون فيه زوال النعمة فقد تعلم انه لم يفعل أحد باحد منهم سوءا إلا كانت نعمته زائله فقال: قد ارسلوا الى غير مره يامروني بقتله فلم اجبهم الى ذلك واعلمتهم انى لا افعل ذلك ولو قتلوني ما اجبتهم الى ما سالونى فلما كان بعد ذلك حول عليه السلام الى الفضل بن يحيى البرمكى فحبس عنده اياما فكان الفضل بن الربيع يبعث إليه في كل يوم مائده حتى مضى ثلاثه ايام ولياليها فلما كانت الليله الرابعة قدمت مائده للفضل بن يحيى فرفع عليه السلام يده الى السماء فقال: يا رب انك تعلم انى لو اكلت قبل اليوم كنت قد اعنت على نفسي فاكل فمرض فلما كان الغد جاءه الطبيب فعرض عليه خضره في بطن راحته وكان السم الذي سم به قد اجتمع في ذلك الموضع فانصرف الطبيب إليهم فقال: والله لهو اعلم بما فعلتم به منكم ثم توفى عليه السلام.


[ 100 ]

9 – باب ذكر من قتله الرشيد من اولاد رسول الله (ص) بعد قتله لموسى بن جعفر عليهما السلام بالسم في ليله واحده سوى قتل منهم في سائر الايام والليالي 1 – حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن البزاز قال: حدثنا أبو طاهر السامانى قال: حدثنا أبو القاسم بشر بن محمد بن بشير قال: حدثني أبو الحسين أحمد بن سهل بن ماهان قال: حدثني عبيد الله البزاز النيسابوري وكان مسنا قال: كان بينى وبين حميد بن قحطبه الطائى الطوسى معامله فرحلت إليه في بعض الايام فبلغه خبر قدومى فاستحضرني للوقت وعلى ثياب السفر لم اغيرها وذلك في شهر رمضان وقت صلاه الظهر فلما دخلت عليه رايته في بيت يجرى فيه الماء فسلمت عليه وجلست فاتى بطشت وابريق فغسل يديه ثم امرني فغسلت يدى واحضرت المائدة وذهب عنى انى صائم وانى في شهر رمضان ثم ذكرت فامسكت يدى فقال لي حميد: ما لك لا تأكل؟ فقلت: ايها الامير هذا شهر رمضان ولست بمريض ولا بى عله توجب الافطار ولعل الامير له عذر في ذلك أو عله توجب الافطار فقال: ما بى عله توجب الافطار وأني لصحيح البدن ثم دمعت عيناه وبكى فقلت له بعد ما فرغ من طعامه: ما يبكيك ايها الامير؟ فقال: انفذ هرون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل ان اجب فلما دخلت عليه رايته بين يديه شمعه تتقد وسيفا اخضر مسلولا وبين يديه خادم واقف فلما قمت يديه رفع راسه الى فقال: كيف طاعتك لامير المؤمنين؟ فقلت: بالنفس والمال فاطرق ثم اذن لي في الانصراف فلم البث في منزلي حتى عاد الرسول الى وقال: اجب أمير المؤمنين فقلت في نفسي: انا لله اخاف يكون قد عزم على قتلى وانه لما


[ 101 ]

رأني استحيى منى قعدت الى بين يديه فرفع راسه الى فقال: كيف طاعتك لامير المؤمنين فقلت: بالنفس والمال والاهل والولد فتبسم ضاحكا ثم اذن لي في الانصراف فلما دخلت منزلي لم البث ان عاد الى الرسول فقال: اجب أمير المؤمنين فحضرت بين يديه وهو على حاله فرفع راسه الى وقال لي كيف طاعتك لامير المؤمنين؟ فقلت: بالنفس والمال والاهل والولد والدين فضحك ثم قال لي: خذ هذا السيف وامتثل ما يامرك به الخادم قال: فتناول الخادم السيف وناولنيه وجاء بى الى بيت بابه مغلق ففتحه فإذا فيه بئر في وسطه وثلاثه بيوت ابوابها مغلقه ففتح باب بيت منها فإذا فيه عشرون نفسا عليهم الشعور والذوائب شيوخ وكهول وشبان مقيدون فقال لي: ان أمير المؤمنين يامرك بقتل هؤلاء وكانوا كلهم علويه من ولد على وفاطمة عليهما السلام فجعل يخرج الي واحدا بعد واحد فاضرب عنقه حتى اتيت على آخرهم ثم رمى باجسادهم ورؤوسهم في تلك البئر ثم فتح باب بيت آخر فإذا فيه ايضا عشرون نفسا من العلويه من ولد علي وفاطمة عليهما السلام مقيدون فقال لي: ان أمير المؤمنين يامرك بقتل هؤلاء فجعل يخرج الى واحدا بعد واحد فاضرب عنقه ويرمى به في تلك البئر حتى اتيت الى آخرهم ثم فتح باب البيت الثالث فإذا فيه مثلهم عشرون نفسا من ولد على وفاطمة عليهما السلام مقيدون عليهم الشعور والذوائب فقال لي: ان أمير المؤمنين يامرك بقتل هؤلاء ايضا فجعل يخرج الى واحدا بعد واحد فاضرب عنقه ويرمى به في تلك البئر حتى اتيت على تسعه عشر نفسا منهم وبقى شيخا منهم عليه شعر فقال لي: تبا (1) لك يا ميشوم! أي عذر لك يوم القيامة إذا قدمت عليه جدنا رسول الله (ص) وقد قتلت من اولاده ستين نفسا قد ولدهم على وفاطمة عليهما السلام؟! فارتعشت يدى وارتعدت فرايصى فنظر الى الخادم مغضبا وزبرنى (2) فاتيت على ذلك الشيخ ايضا فقتلته ورمى به في تلك البئر فإذا كان فعلى هذا وقد قتلت ستين نفسا من ولد رسول الله (ص) فما ينفعني صومي وصلاتي؟! وانا لا


1 – التباب: الخسران والهلاك. 2 – زبره: زجره ونهره.

[ 102 ]

اشك انى مخلد في النار. قال مصنف هذا الكتاب: للمنصور مثل هذه الفعله في ذريه رسول الله (ص) 2 – حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين البزاز قال: حدثنا أبو منصور المطرز قال: سمعت الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الانماطى النيسابوري يقول باسناد متصل ذكر: انه لما بني المنصور الابنيه ببغداد جعل يطلب العلويه طلبا شديدا ويجعل من ظفر منهم في الاسطوانات المجوفة المبنية من الجص والاجر فظفر ذات يوم بغلام متهم حسن الوجه عليه شعر اسود من ولد الحسن بن على بن أبي طالب عليهم السلام فسلمه الى البناء الذي كان يبنى له وامره ان يجعله في جوف اسطوانه ويبنى عليه ووكل عليه من ثقاته من يراعى ذلك حتى يجعله في جوف اسطوانه بمشهده فجعله البناء في جوف اسطوانه فدخلته رقه عليه ورحمه له فترك الاسطوانة فرجه يدخل منها الروح فقال للغلام: لا باس عليك فاصبر فانى سأخرجك من جوف هذه الاسطوانة إذا جن الليل فلما جن الليل جاء البناء في ظلمه فاخرج ذلك العلوى من جوف تلك الاسطوانة وقال له: اتق الله في دمى ودم الفعله الذين معى وغيب شخصك فانى إنما اخرجتك ظلمه هذه الليله من جوف هذه الاسطوانة لانى خفت ان تركتك في جوفها ان يكون جدك رسول الله (ص) يوم القيامة خصمى بين يدى الله عز وجل ثم اخذ شعره بالات الجصاصين كما امكن وقال: غيب شخصك وانج بنفسك ولا ترجع الى امك فقال الغلام: فإن كان هذا هكذا فعرف امى انى قد نجوت وهربت لتطيب نفسها ويقل جزعها وبكاؤها. وان لم يكن لعودي إليها وجه فهرب الغلام ولا يدرى اين قصد من وجه ارض الله تعالى ولا الى أي بلد وقع؟! قال ذلك البناء: وقد كان الغلام عرفني مكان امه واعطاني العلامه فانهيت إليها في الموضع الذي دلنى عليه فسمعت دويا كدوى النحل من البكاء فعلمت انها امه فدنوت منها وعرفتها خبر ابنها واعطيتها شعره وانصرفت.


[ 103 ]

10 – باب السبب الذي قيل من اجله بالوقف على موسى بن جعفر عليه السلام 1 – حدثنا على بن عبد الله الوراق رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن أبيه عن ربيع بن عبد الرحمن قال: كان والله موسى بن جعفر عليهما السلام من المتوسمين يعلم من يقف عليه بعد موته ويجحد الامام بعد امامته فكان يكظم غيظه عليهم ولا يبدى لهم ما يعرفه منهم فسمى الكاظم لذلك. 2 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن محمد بن جمهور عن أحمد بن الفضل عن يونس بن عبد الرحمن قال: لما مات أبو الحسن عليه السلام وليس من قوامه إلا وعنده المال الكثير فكان ذلك سبب وقفهم وجحودهم لموته وكان عند زياد القندى سبعون الف دينار وعند بن أبي حمزه ثلاثون الف دينار قال: فلما رايت ذلك وتبين لي الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا عليه السلام ما عرفت تكلمت ودعوت الناس إليه قال فبعثا الي وقالا لي: ما يدعوك الى هذا؟ ان كنت تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي عشره الاف دينار وقالا لي: كف فابيت فقلت لهما: انا روينا عن الصادقين عليهما السلام انهم قالوا: إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب نور الايمان وما كنت لادع الجهاد في أمر الله عز وجل على كل حال فناصباني واظهرا لي العداوة.


[ 104 ]

3 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن الحسين بن سعيد عن محمد بن جمهور عن أحمد بن حماد قال: كان القوام عثمان بن عيسى الرواسى وكان يكون بمصر وكان عنده مال كثير وست جواري قال: فبعث إليه أبو الحسن الرضا عليه السلام فيهن وفي المال قال: فكتب إليه: ان اباك لم يمت قال: فكتب إليه: ان أبي قد مات وقد قسمنا ميراثه وقد صحت الاخبار بموته واحتج عليه فيه قال: فكتب إليه ان لم يكن ابوك مات فليس لك من ذلك شئ وان كان قد مات على ما تحكى فلم يامرني بدفع شئ اليك وقد اعتقت الجوارى وتزوجتهن قال مصنف هذا الكتاب: لم يكن موسى بن جعفر عليهما السلام ممن يجمع المال ولكنه حصل في وقت الرشيد وكثر اعداؤه ولم يقدر على تفريق ما كان يجتمع إلا على القليل ممن يثق بهم في كتمان السر فاجتمعت هذه الاموال لاجل ذلك واراد ان لا يحقق على نفسه قول من كان يسعى به الى الرشيد ويقول: انه تحمل الاموال ويعتقد له الامامه ويحمل على الخروج عليه ولو لا ذلك لفرق ما اجتمع من هذه الاموال على انها لم تكن اموال الفقراء وإنما كانت اموال يصل مواليه ليكون له اكراما منهم له وبرا منهم به عليه السلام.


[ 105 ]

11 – باب ما جاء عن الرضا على بن موسى عليه السلام من الاخبار في التوحيد 1 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الصقر بن دلف عن ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليهما السلام يقول: من شبه الله تعالى بخلقه فهو مشرك ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر. 2 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفى قال حدثنا عبيد الله بن موسى الرويانى (1) قال: عبد العظيم بن عبد الله بن على بن الحسن زيد بن الحسن بن على بن أبي طالب عليهم السلام عن ابراهيم بن أبي محمود قال: قال على بن موسى الرضا عليهم السلام في قول الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضره الى ربها ناظره) قال: يعنى مشرقه ينتظر ثواب ربها. 3 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعلى بن موسى الرضا عليهما السلام: يا بن رسول الله (ص) ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: ان المؤمنين يزورون ربهم


1 – الرويان بضم الراء المهملة وبعدها الواو الساكنة وبعدها الياء المنقطة بنقطتين تحتانية: قرية من قرى الكوفة كذا في ايضاح الرجال.

[ 106 ]

في منازلهم في الجنة فقال عليه السلام: يا أبا الصلت ان الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمدا (ص) على جميع خلقه من النبيين والملائكة وجعل طاعته طاعته ومتابعته متابعته وزيارته في الدنيا والاخره زيارته فقال عزو جل: (من يطع الرسول فقد اطاع الله) (1) وقال: (ان الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم) (2) وقال النبي (ص): من زارني في حياتي أو بعد موتى فقد زار الله تعالى ودرجه النبي (ص) في الجنة ارفع الدرجات فمن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى قال: فقلت له: يا بن رسول الله (ص) فما معنى الخبر الذي رووه: ان ثواب لا اله إلا الله النظر الى وجه الله تعالى فقال عليه السلام: يا أبا الصلت من وصف الله تعالى بوجه كالوجوه فقد كفر ولكن وجه الله تعالى انبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم هم الذين بهم يتوجه الى الله عز وجل والى دينه ومعرفته وقال الله تعالى: (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) (3) وقال عز وجل (كل شى هالك إلا وجهه) (4) فالنظر الى انبياء الله تعالى ورسله وحججه عليهم السلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة وقد قال النبي (ص): من ابغض أهل بيتى وعترتي لم يرنى ولم اره يوم القيامة وقال: ان فيكم من لا يرانى بعد ان يفارقنى يا أبا الصلت ان الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يدرك بالابصار والاوهام قال: قلت له: يا ابن رسول الله فاخبرني عن الجنة والنار اهما اليوم مخلوقتان؟ فقال: نعم وان رسول الله (ص) قد دخل الجنة وراى النار لما عرج به الى السماء قال: فقلت له: ان قوما يقولون: انهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين فقال عليه السلام: لا هم منا ولا نحن منهم من انكر خلق الجنة والنار كذب النبي (ص) وكذبنا وليس من


1 – سورة النساء الاية 80. 2 – سورة الفتح الاية 10. 3 – سورة الرحمن: الاية 26 و 27. ولعل تفسير الوجه بالمعصومين الاربعة عشر عليهم السلام انما لاجل ان كلمة (وجه) في حروف الابجد على عدد المعصومين عليهم السلام فتأمل و – 6 + ج – 3 + ه‍ – 5 = 14 وجه. 4 – سورة القصص: الاية 88.

[ 107 ]

ولايتنا شئ ويخلد في نار جهنم قال الله تعالى (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن) (2) وقال النبي (ص): لما عرج بى الى السماء اخذ بيدى جبرائيل عليه السلام فادخلني الجنة فناولني من رطبها فاكلته فتحول ذلك نطفه في صلبى فلما هبطت الأرض واقعت خديجه فحملت بفاطمة عليها السلام ففاطمه حوراء انسيه فكلما اشتقت الى رائحه الجنة شممت رائحه ابنتى فاطمه عليها السلام 4 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا على ابن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن الصلت عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): قال الله جل جلاله: (ما آمن بى من فسر برايه كلامي وما عرفني من شبهني بخلقي وما على دينى من استعمل القياس في دينى) 5 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عن بعض اصحابنا قال: مر أبو الحسن الرضا عليه السلام بقبر من قبور أهل بيته فوضع يده عليه ثم قال: (الهى بدت قدرتك ولم تبد واهيه فجهلوك وقدروك والتقدير على غير ما به وصفوك وانى برئ يا الهى من الذين بالتشبيه طلبوك ليس كمثلك شئ الهى ولن يدركوك وظاهر ما بهم نعمك دليلهم عليك لو عرفوك وفي خلقك يا الهى مندوحه ان يتناولوك بل سووك بخلقك فمن ثم لم يعرفوك واتخذوا بعض آياتك ربا فبذلك وصفوك فتعاليت ربى عما به المشبهون نعتوك). 6 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن الحسين أبي الخطاب عن أحمد بن محمد أبي نصر قال: جاء قوم من وراء النهر الى أبي الحسن الرضا عليه السلام فقالوا: جئناك نسالك عن ثلاث مسائل فإن اجبتنا فيها علمنا انك عالم فقال: سلوا فقالوا:


1 – سورة الرحمن الاية 43 و 44.

[ 108 ]

اخبرنا عن الله تعالى اين كان؟ كيف كان؟ وعلى اي شئ كان اعتماده؟ فقال عليه السلام: ان الله تعالى كيف الكيف فهو بلا كيف واين الاين فهو بلا اين وكان اعتماده على قدرته فقالوا: نشهد انك عالم. قال مصنف الكتاب: يعنى بقوله وكان اعتماده على قدرته أي على ذاته لأن القدره من صفات ذات الله تعالى. 7 – حدثنا محمد بن أحمد السنانى رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى قال: حدثنا محمد بن اسماعيل البرمكى قال: حدثنا الحسين بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عيسى عن محمد بن عرفه (1) قال: قلت للرضا عليه السلام: خلق الله الاشياء بالقدرة ام بغير القدره؟ فقال عليه السلام: لا يجوز ان يكون خلق الاشياء بالقدرة لانك إذا قلت: خلق الاشياء بالقدرة فكانك قد جعلت القدره شيئا غيره وجعلتها آله له بها خلق الاشياء وهذا شرك وإذا قلت خلق الاشياء بغير قدره فانما تصفه انه جعلها باقتدار عليها وقدره ولكن ليس هو بضعيف وعاجز ولا محتاج الى غيره بل هو سبحانه قادر لذاته لا بالقدرة. 8 – حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب القرشى قال: حدثنا أحمد بن الفضل بن المغيره قال: حدثنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن ابراهيم الاصبهاني قال: حدثنا على بن عبد الله قال: حدثنا الحسين بن بشار عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام قال: سألته ايعلم الله الشئ الذي لم يكن لو كان كيف كان يكون؟ قال: ان الله تعالى هو العالم بالاشياء قبل كون الاشياء قال عز وجل: (انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) (2) وقال لاهل النار: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون) (3) فقد علم عز وجل انه لو ردوهم لعادوا لما نهوا عنه وقال للملائكة لما قالت: (اتجعل


1 – خ ل (عروة). 2 – سورة الجاثية: الاية 29. 3 – سورة الانعام: الاية 28.

[ 109 ]

فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال انى اعلم ما لا تعلمون) (1) فلم يزل الله عز وجل علمه سابقا للاشياء قديما قبل ان يخلقها فتبارك الله ربنا وتعالى علوا كبيرا خلق الاشياء وعلمه بها سابق لها كما شاء كذلك ربنا يزل عالما سميعا بصيرا. 9 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس (2) العطار النيسابوري بنيسابور في شعبان سنه اثنين وخمسين وثلثمائه قال: حدثنا بن محمد بن قتيبه النيسابوري عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول في دعائه: (سبحان خلق الخلق بقدرته واتقن ما خلق بحكمته ووضع كل شئ منه موضعه بعلمه سبحان من يعلم خائنه الاعين وما تخفى الصدور وليس كمثله وهو السميع البصير. 10 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى عن محمد بن اسماعيل البرمكى قال: حدثنا الفضل بن سليمان الكوفى عن الحسين بن خالد قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول لم يزل الله تعالى عالما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا فقلت له: يا ابن رسول الله ان قوما يقولون: لم يزل الله عالما بعلم وقادرا بقدره وحيا بحياه وقديما بقدم وسميعا بسمع وبصيرا ببصر فقال عليه السلام: من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهه اخرى وليس من ولايتنا على شئ ثم قال عليه السلام: لم يزل الله عز وجل عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته تعالى عما يقولون المشركون والمشبهون علوا كبيرا. 11 – حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس عن أبيه عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: اخبرني عن الارادة من الله تعالى ومن الخلق فقال الارادة من المخلوق الضمير وما يبدو له بعد ذلك من الفعل وأما من الله عز وجل: فارادته احداثه لا غير ذلك


1 – سورة البقر ة: الاية 30. 2 – عبدوس بضم العين المهملة وسكون الباء وضم الدال المهملة والواو الساكنة وفي آخره السين المهملة.

[ 110 ]

لانه لا يروى ولا يهم (1) ولا يتفكر وهذه الصفات منفيه عنه وهي من صفات الخلق فاراده الله تعالى هي الفعل لا غير ذلك يقول له: كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همه ولا تفكر وكيف كذلك كما انه بلا كيف. 12: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على معبد عن الحسين بن خالد قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله (ص) ان الناس يروون: ان رسول الله (ص) قال: ان الله عز وجل خلق آدم صورته فقال: قاتلهم الله لقد حذفوا اول الحديث: ان رسول الله (ص) مر برجلين يتسابان فسمع احدهما يقول لصاحبه قبح الله وجهك ووجه من يشبهك فقال (ص) له: يا عبد الله لا تقل هذا لاخيك فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته (2). 13 – حدثنا محمد بن محمد بن عاصم الكليني رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن سيف عن محمد بن عبيده قال: سالت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل لابليس: (ما منعك ان تسجد خلقت بيدى) قال عليه السلام: يعنى بقدرتي وقوتى. قال مصنف هذا الكتاب: سمعت بعض مشايخ الشيعه يذكر في هذه الايه: ان الائمه عليهم السلام كانوا يقفون على قوله: ما منعك ان تسجد لما خلقت ثم يبتدؤون بقوله عز وجل: بيدى استكبرت ام كنت من العالين قال: ومثل قول القائل: بسيفي تقاتلني وبرمحى تطاعننى كانه يقول عز وجل: بنعمتي عليك واحساني اليك قويت الاستكبار والعصيان. 14 – حدثنا الحسين بن ابراهيم بن أحمد بن هشام المكتب رضى الله عنه قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الكوفى الاسدي قال: حدثنا


1 – الهم: ما هم به الرجل في نفسه. 2 – لعل الضمير راجع الى الرجل والمعنى: ان الله خلق آدم على صورة هذا الرجل فكيف يقول قبح الله وجهك ووجه من شبهك.

[ 111 ]

محمد بن اسماعيل البرمكى قال: حدثنا الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسن (1) بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في قوله عز وجل: (يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود) (2) قال: حجاب نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا وتدمج (3) اصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود. 15 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن على العدوى قال: حدثنا الهيثم بن عبد الله الرماني قال: حدثنا على بن موسى الرضا عليهما السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام قال: خطب أمير المؤمنين عليه السلام الناس في مسجد الكوفه فقال: الحمد لله الذي لا من شئ كان ولا من شئ كون ما قد كان المستشهد بحدوث الاشياء على ازليته وبما وسمها به من العجز على قدرته وبما اضطرها إليه من الفناء على دوامه لم يخل منه مكان فيدرك بأينيته ولا له شبح مثال فيوصف بكيفيته ولم يغب عن شئ فيعلم بحيثيته مباين لجميع ما احدث في الصفات وممتنع عن الادراك بما ابتدع من تصريف الذوات وخارج بالكبرياء والعظمه من جميع تصرف الحالات محرم على بوارع (4) ناقبات الفطن تجديدها وعلى غوامض ثاقبات الفكر تكييفه وعلى غوائص سابحات النظر تصويره لا تحويه الاماكن لعظمته ولا تدركه المقادير لجلاله ولا تقطعه المقائيس لكبريائه ممتنع عن الاوهام ان تكتنهه وعن الافهام ان تستغرقه وعن الاذهان ان تمثله وقد يئست من استنباط الاحاطه به طوامح العقول ونضبت عن الاشاره إليه بالاكتناه


1 – قال في الايضاح الحسن والحسين هما ابنا سعيد كانا ثقتان ومراتبهما جليلة وقد يروي الحسين بن سعيد بعض الاحاديث عن اخيه الحسن وللحسين مصنفات في جميع الاحاديث مشتملة على أربعمأة اصل جمعها أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني في الكافي رحمة الله عليهم اجمعين. 2 – سورة القلم: الاية 42. 3 – دمج الشئ دموجا: إذا دخل في الشئ واستحكم فيه. 4 – البوارع جمع البارع: الفائق. الناقب: الخارق.

[ 112 ]

بحار العلوم ورجعت بالصغر عن السمو الى وصف قدرته لطائف الخصوم واحد لا من عدد ودائم لا بامد وقائم لا بعمد ليس بجنس فتعادله الاجناس ولا بشبح فتضارعه الاشباح ولا كالاشياء فتقع عليه الصفات قد ضلت العقول في امواج تيار (1) ادراكه وتحيرت الاوهام عن احاطه ذكر ازليته وحصرت الافهام عن استشعار وصف قدرته وغرقت الاذهان في لجج افلاك ملكوته مقتدر بالالاء وممتنع بالكبرياء ومتملك على الاشياء فلا دهر يخلقه ولا زمان يبليه ولا وصف يحيط به وقد خضعت له الرقاب الصعاب في محل تخوم قرارها واذعنت له رواصن الاسباب في منتهى شواهق (2) اقطارها مستشهد بكليه الاجناس على ربوبيته وبعجزها على قدرته وبفطورها على قدمته وبزوالها على بقائه فلا لها محيص عن ادراكه اياها ولا خروج من احاطته بها ولا احتجاب عن احصائه لها ولا امتناع من قدرته عليها كفى باتقان الصنع لها آيه وبمركب الطبع عليها دلاله وبحدوث الفطر (3) عليها قدمه وباحكام الصنعه لها عبره فلا إليه حد منسوب ولا له مثل مضروب ولا شئ عنه محجوب تعالى عن ضرب الامثال والصفات المخلوقة علوا كبيرا واشهد ان لا اله إلا هو ايمانا بربوبيته وخلافا على من انكره واشهد ان محمدا عبده ورسوله المقر في خير المستقر المتناسخ (4) من اكارم الاصلاب ومطهرات الارحام المخرج من اكرم المعادن محتدا وافضل المنابت منبتا من امنع ذروه واعز ارومه من الشجره التي صاغ الله منها انبياؤه وانتجب منها امناؤه الطيبه العود المعتدلة العمود الباسقة الفروع الناضره الغصون اليانعة الثمار الكريمه الجناه في كرم غرست وفي حرم انبتت وفيه تشعبت واثمرت وعزت وامتنعت فسمت به وشمخت حتى اكرم الله تعالى بالروح الامين والنور المبين والكتاب المستبين وسخر له البراق وصافحته الملائكه وارعب به الاباليس وهدم به الاصنام والالهه


1 – التيار: موج البحر: فاضافة الامواج إليه للمبالغة. 2 – الشواهق جمع الشاهق: الجبل المرتفع. 3 – الفطر بالفتح: الابتداء والاختراع. 4 – المتناسخ: المتوالد وتناسخ الازمنة تداولها وانقراض قرن بعد آخر.

[ 113 ]

المعبودة دونه سنته الرشد وسيرته العدل وحكمه الحق صدع بما امره به ربه وبلغ ما حمله حتى افصح بالتوحيد دعوته واظهر الخلق: ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له حتى خلصت الوحدانية وصفت الربوبيه فاظهر الله بالتوحيد حجته واعلى بالاسلام درجته واختار الله عز وجل لنبيه ما عنده من الروح والدرجه والوسيله صلى عليه وعلى آله الطاهرين. 16 – حدثنا محمد بن أحمد السنانى رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى عن سهل بن زياد الادمى (1) عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى رضى الله عنه عن إبراهيم بن أبي محمود قال: سالت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن قول الله تعالى: (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) (2) فقال: ان الله تبارك وتعالى لا يوصف بالترك كما يوصف خلقه ولكنه متى علم انهم لا يرجعون عن الكفر والضلال منعهم المعاونة واللطف وخلى بينهم وبين اختيارهم قال: وسالته عن قول الله عز وجل: (ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) (3) قال: الختم هو الطبع قلوب الكفار عقوبة على كفرهم كما قال عز وجل: (بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) (4) قال: وسالته عن الله عز وجل: هل يجبر عباده على المعاصي؟ فقال: بل يخيرهم ويمهلهم حتى يتوبوا قلت: فهل يكلف عباده ما لا يطيقون؟ فقال: كيف يفعل ذلك؟ وهو يقول: (وما ربك بظلام للعبيد) (5) ثم قال عليه السلام: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال: من زعم ان الله تعالى يجبر عباده على المعاصي أو يكلفهم ما لا يطيقون فلا تأكلوا ذبيحته ولا تقبلوا شهادته ولا تصلوا ورائه ولا تعطوه من الزكاة شيئا.


1 – الادمى منسوب الى آدم وهو من اولاد زكريا بن آدم الذي هو شيخ القميين ثقة جليل القدر. 2 – سورة البقرة: الاية 17. 3 – سورة البقرة: الاية 7. 4 – سورة النساء: الاية 155. 5 – سورة فصلت. الاية 46.

[ 114 ]

17 – حدثنا تميم بن عبد الله بن القرشى رضى الله عنه قال: حدثنا أبي عن أحمد بن على الانصاري عن بريد عمير بن معاويه الشامي قال: دخلت على علي بن موسى الرضا بمرو فقلت له: يا بن رسول الله ر وى لنا عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام قال: انه لا جبر ولا تفويض بل أمر بين امرين فما معناه؟ قال: من زعم ان الله يفعل افعالنا ثم يعذبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم ان الله عز وجل فوض أمر الخلق والرزق الى حججه عليهم السلام فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك فقلت له: يا بن رسول الله فما أمر بين امرين؟ فقال: وجود السبيل الى اتيان ما امروا به وترك ما نهوا عنه فقلت له: فهل لله عز وجل مشيه واراده في ذلك؟ فقال: فاما الطاعات فاراده الله ومشيته فيها الامر بها والرضا لها والمعاونة عليها وارادته ومشيته في المعاصي النهى عنها والسخط لها والخذلان عليها قلت: فهل لله فيها القضاء؟ قال: نعم من فعل يفعله العباد من خير أو شر إلا ولله فيه قضاء قلت: ما معنى هذا القضاء؟ قال: الحكم عليهم بما يستحقونه على افعالهم من الثواب والعقاب في الدنيا والاخره. 18 – حدثنا محمد بن محمد بن عصام قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا على بن محمد المعروف بعلان قال: حدثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسين بن القاسم الرقام عن القاسم بن مسلم عن اخيه عبد العزيز بن مسلم قال: سئلت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: (نسوا الله فنسيهم) (1) فقال ان الله تعالى لا ينسى ولا يسهو وانما ينسى ويسهو المخلوق المحدث الا تسمعه عز وجل يقول: (وما كان ربك نسيا) (2) وإنما يجازى من نسيه ونسى لقاء يومه بان ينسيهم انفسهم كما قال الله عز وجل: (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فانساهم انفسهم اولئك الفاسقون) (3) وقال تعالى: (فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم


1 – سورة التوبة الاية 67. 2 – سورة مريم: الاية 64. 3 – سورة الحشر: الاية 19.

[ 115 ]

هذا) (1) أي نتركهم كما تركوا الاستعداد للقاء يومهم هذا قال المصنف قوله: نتركهم أي لا نجعل لهم ثواب من كان يرجو لقاء يومه لان الترك لا يجوز على الله تعالى فاما قول الله تعالى: (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) أي لا يعالجهم بالعقوبة وامهلهم ليتوبوا. 19 – حدثنا محمد بن أحمد بن ابراهيم المعاذى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى الهمداني قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه قال: سئلت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: (كلا انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) (2) فقال: ان الله تعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده ولكنه يعنى انهم عن ثواب ربهم محجوبون قال: وسالته عن قول الله عز وجل: (وجاء ربك والملك صفا صفا) (3) فقال: ان الله تعالى لا يوصف بالمجئ والذهاب تعالى عن الانتقال إنما يعنى بذلك وجاء أمر ربك والملك صفا صفا قال: وسالته عن قول الله عز وجل: (هل ينظرون الا ان ياتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) (4) قال: يقول: هل ينظرون إلا ان ياتيهم الله بالملائكه في ظلل من الغمام وهكذا نزلت قال: وسالته عن قوله تعالى: (سخر الله منهم) (5) وعن قوله: (الله يستهزئ بهم) (6) وعن قوله: (ومكروا ومكر الله) (7) وعن قوله: (يخادعون الله وهو خادعهم) (8): فقال ان الله لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ولكنه تعالى يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر الخديعه تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. 20 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال:


1 – سورة الاعراف: الاية 51. 2 – سورة المطففين: الاية 15. 3 – سورة الفجر. الاية 22. 4 – سورة البقرة: الاية 210. 5 – سورة التوبة: الاية 79. 6 – سورة البقرة: الاية 15. 7 – سورة آل عمران: الاية 54. 8 – سورة النساء: الاية 142.

[ 116 ]

حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على الخزاز عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ان رسول الله (ص) يوم القيامة آخذ بحجزه تعالى ونحن آخذون بحجزه نبينا وشيعتنا آخذون بحجزتنا ثم قال: والحجزه النور وقال في حديث اخر: معنى الحجزه: الدين (1). 21 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفى قال: حدثنا عبيد الله بن موسى بن ايوب الرويانى عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى رضى الله عنه عن إبراهيم بن أبي محمود؟ قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله (ص) انه قال: ان الله تبارك وينزل كل ليله جمعه الى السماء الدنيا فقال: لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه والله ما قال: رسول الله كذلك إنما قال: ان الله تعالى ينزل ملكا الى السماء الدنيا كل ليله في الثلث الاخير وليله الجمعه في اول الليل فيأمره فينادى هل من سائل فاعطيه؟ هل من تائب فاتوب عليه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ يا طالب الخير اقبل ويا طالب الشر اقصر فلا يزال ينادى بهذا حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد الى محله من ملكوت السماء حدثني بذلك أبي عن جدى عن آبائه عن رسول الله (ص). 22 – حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الاشنانى الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا على بن مهرويه القزويني عن داود بن سليمان الفراء عن على بن موسى الرضا عليهم السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): ان موسى بن عمران لما ناجى ربه عز وجل قال: يا رب ابعيد أنت منى فاناديك ام قريب فاناجيك؟ فأوحى الله عز وجل إليه: انا جليس من ذكرني فقال موسى عليه السلام؟ يا رب انى اكون في حال اجلك ان اذكرك فيها فقال: يا موسى اذكرني على كل حال.


1 – في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: خذوا بحجزة: هذا الانزع يعني عليا عليه السلام فانه الصديق الاكبر والفاروق الاعظم يفرق بين الحق والباطل.

[ 117 ]

23 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام قال: سمعته يقول في الله عز وجل هو اللطيف الخبير السميع البصير الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد منشئ الاشياء ومجسم الاجسام ومصور الصور لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق ولا المنشئ من المنشئ لكنه المنشئ فرق بين من جسمه وصوره وانشاءه إذ كان لا يشبهه شئ ولا يشبه شيئا قلت: اجل جعلني الله فداك لكنك قلت: الاحد الصمد وقلت: لا يشبه شيئا والله واحد والانسان واحد اليس تشابهت الوحدانية؟ قال: يا فتح احلت ثبتك الله تعالى إنما التشبيه في المعاني فاما في الاسماء فهى واحده وهي دلاله على المسمى وذلك ان الانسان وان قيل: واحد فانما يخبر انه جثه واحده وليس باثنين فالانسان نفسه ليست بواحده لأن اعضاءه مختلفه والوانه مختلفه كثيره غير واحده وهو اجزاء مجزاه ليست بسواء دمه غير لحمه ولحمه غير دمه وعصبه غير عروقه وشعره غير بشره وسواده غير بياضه وكذلك ساير جمع الخلق فالانسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى والله جل جلاله واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زياده ولا نقصان فاما الانسان المخلوق المصنوع المؤلف من اجزاء مختلفه وجواهر شتى غير انه بالاجتماع شئ واحد قلت جعلت فداك فرجت عنى فرج الله عنك فقولك: اللطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد فانى اعلم ان لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل غير انى احب ان تشرح لي ذلك فقال: يا فتح انما قلنا: اللطيف للخلق اللطيف ولعلمه بالشئ اللطيف وغير اللطيف وفي الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض والجرجس (1) وما هو اصغر منها ما لا تكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الانثى والحدث المولود من القديم فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للسفاد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه مما في لجج البحار وما في لحاء الاشجار والمفاوز والقفار وفهم بعضها عن بعض منطقها


1 – الجرجس لغة في القرقس وهو بعوض الصغار فيكون من باب ذكر الخاص بعد العام.

[ 118 ]

وما تفهم به اولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثم تأليف الوانها حمره مع صفره وبياضها مع خضره وما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها ولا تراه عيوننا ولا تلمسه ايدينا علمنا ان خالق هذا الخلق لطيف لطف في خلق ما سمينا بلا علاج ولا اداه ولا آله ان كل صانع شئ فمن شئ صنعه والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شئ (1). 24 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن الحسين بن عبد الله عن محمد بن عبيد الله وموسى بن عمر والحسن بن علي بن أبي عثمان عن محمد بن سنان قال: سالت أبا الحسن الرضا عليه السلام هل كان الله عارفا بنفسه ان يخلق الخلق؟ قال: نعم قلت: يريها ويسمعها؟ قال: ما كان محتاجا الى ذلك لانه لم يكن يسالها ولا يطلب منها هو نفسه ونفسه هو قدرته نافذه فليس يحتاج الى ان يسمى نفسه ولكنه اختار لنفسه اسماء لغيره يدعوه (2) بها لانه إذا لم يدع باسمه لم يعرف فاول ما اختاره لنفسه (العلى العظيم) لانه اعلى الاشياء كلها فمعناه الله واسمه العلى العظيم هو اول اسمائه لانه على على كل شئ. 25 – وبهذا الاسناد عن محمد بن سنان قال: سألته يعنى الرضا عليه السلام عن الاسم ما هو؟ فقال: صفه لموصوف. 26 – حدثنا محمد بن بكران النقاش رضى الله عنه بالكوفة سنه اربع وخمسين وثلاث مأه قال: حدثنا أحمد محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليهما السلام قال: ان اول ما خلق الله تعالى ليعرف به خلقه الكتابة الحروف المعجم وان الرجل إذا ضرب على راسه بعصا فزعم انه لا يفصح ببعض الكلام فالحكم فيه ان تعرض عليه حروف


1 – اي لا من آلات وأدوات كما يصنع الصانعون بها لاحتياجهم: وهو تعالى وتقدس لا يحتاج قط وهو غني تبارك الله احسن الخالقين. 2 – قال الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه المرسل: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ااية 110 من سورة الاسراء.

[ 119 ]

المعجم ثم يعطى الديه بقدر ما لم يفصح منها ولقد حدثني أبي عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين عليهم السلام في ا ب ت ث قال: الالف آلاء الله والباء بهجه الله والتاء تمام الامر لقائم آل محمد صلوات الله عليهم والثاء ثواب المؤمنين على اعمالهم الصالحه ج ح خ فالجيم جمال الله وجلاله والحاء حلم الله عن المذنبين والخاء خمول ذكر أهل المعاصي عند الله عز وجل د ذ فالدال دين الله والذال من ذى الجلال ر ز فالراء من الرؤوف الرحيم والزاء زلازل القيامة س ش فالسين سناء الله والشين شاء الله ما شاء واراد ما اراد وما تشاؤون إلا ان يشاء الله ص ض فالصاد من صادق الوعد في حمل الناس على الصراط وحبس الظالمين عند المرصاد والضاد ضل من خالف محمدا وآل محمد (ص) ط ظ فالطاء طوبى للمؤمنين وحسن مآب والظاء ظن المؤمنين بالله خيرا وظن الكافرين سوءا ع غ فالعين من العلم والغين من الغنى ف ق فالفاء فوج من افواج النار والقاف قرآن على الله جمعه وقرآنه ك ل فالكاف من الكافي واللام لغو الكافرين في افترائهم على الله الكذب م ن فالميم ملك الله يوم لا مالك غيره ويقول عز وجل: (لمن الملك اليوم) ثم ينطق ارواح انبيائه ورسله وحججه فيقولون: (لله الواحد القهار) فيقول جل جلاله: (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ان الله سريع الحساب) (1) والنون نوال الله للمؤمنين ونكاله بالكافرين وهو فالواو ويل لمن عصى الله والهاء هان على الله من عصاه لا ى فلام الف لا اله الله وهي كلمه الاخلاص ما من عبد قالها مخلصا الا وجبت له الجنة والياء يد الله فوق خلقه باسطه بالرزق سبحانه وتعالى عما يشركون ثم قال عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى انزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب ثم قال: (قل لئن اجتمعت الانس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القرآن لا ياتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (2). 27 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار رضى الله عنه


1 – المومن: الاية 16 – 17. 2 – سورة الاسراء. الاية 88.

[ 120 ]

قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبه النيسابوري عن حمدان بن سليمان بن النيسابوري قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: (فمن يرد الله يهديه يشرح صدره للاسلام) (1) قال عليه السلام: ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا قال: من يرد الله ان يهديه بايمانه في الدنيا الى جنته ودار كرامته في الاخرة يشرح صدره للتسليم لله والثقه به والسكون الى ما وعده من ثوابه حتى يطمئن إليه (ومن يرد ان يضله) عن جنته ودار كرامته في الاخرة لكفره به وعصيانه له في الدنيا (يجعل صدره ضيقا) حرجا حتى يشك في كفره ويضطرب من اعتقاد قلبه حتى يصير (كانما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون). 28 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثني عمى محمد بن أبي القاسم قال: حدثني أبو سمينه محمد بن على الكوفى الصيرفى عن محمد بن عبد الله الخراساني خادم الرضا عليه السلام قال: دخل رجل من الزنادقه على الرضا عليه السلام وعنده جماعه فقال له أبو الحسن عليه السلام: ارايت ان كان القول قولكم وليس هو كما تقولون السنا واياكم شرع سواء ولا يضرنا ما صلينا وصمنا وزكينا واقررنا فسكت فقال أبو الحسن عليه السلام: وان يكن القول قولنا وهو قولنا وكما نقول الستم قد هلكتم ونجونا؟ قال: رحمك الله فأوجدني كيف هو؟ واين هو؟ قال: ويلك ان الذي ذهبت إليه غلط وهو اين الاين وكان ولا اين وكيف الكيف وكان ولا كيف فلا يعرف بكيفوفيه ولا باينونيه ولا يدرك بحاسه ولا يقاس بشئ قال الرجل: فإذا انه لا شئ إذا يدرك بحاسه من الحواس فقال أبو الحسن عليه السلام: ويلك لما عجزت حواسك عن ادراكه انكرت ربوبيته ونحن إذا عجزت حواسنا عن ادراكه ايقنا انه ربنا وانه شئ بخلاف الاشياء قال الرجل: فاخبرني متى كان؟ قال: أبو الحسن عليه السلام: اخبرني متى لم يكن فاخبرك متى كان؟! قال الرجل: فما الدليل عليه؟ قال أبو الحسن: انى لما نظرت جسدي فلم يمكني زياده ولا نقصان في العرض والطول ودفع المكاره


1 – سورة الانعام: الاية 125.

[ 121 ]

عنه وجر المنفعة إليه علمت ان لهذا البنيان بانيا فاقررت به مع ما ارى من دوران الفلك بقدرته وانشاء السحاب وتصريف الرياح ومجرى الشمس والقمر والنجوم وغير ذلك من الايات العجيبات المتقنات علمت ان لهذا مقدرا ومنشا قال الرجل: فلم احتجب؟ فقال أبو الحسن: ان الحجاب على الخلق لكثره ذنوبهم فاما هو فلا يخفى عليه خافيه في آناء الليل والنهار قال: فلم لا يدركه حاسه الابصار قال: للفرق بينه وبين خلقه الذين تدركهم حاسه الابصار منهم ومن غيرهم ثم هو اجل من ان يدركه بصر أو يحيطه وهم أو يضبطه عقل قال: فحده لي قال لا حد له قال: ولم؟ قال: لأن كل محدود متناه الى حد وإذا احتمل التحديد احتمل الزيادة وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان فهو غير محدود ولا متزايد ولا متناقص ولا متجزى ولا متوهم قال الرجل: فاخبرني عن قولكم: انه لطيف وسميع وحكيم وبصير وعليم ايكون السميع الا باذن والبصير إلا بالعين واللطيف إلا بالعمل باليدين والحكيم إلا بالصنعه؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: ان اللطيف منا على حد اتخاذ الصنعه أو ما رايت الرجل يتخذ شيئا يلطف في اتخاذه؟ فيقال ما الطف فلانا فكيف لا يقال للخالق الجليل: لطيف؟ إذ خلق خلقا لطيفا وجليلا وركب في الحيوان منه ارواحها وخلق كل جنس متباينا من جنسه في الصورة لا يشبه بعضه بعضا فكل له لطف (1) من الخالق اللطيف الخبير في تركيب صورته ثم نظرنا الى الاشجار وحملها اطايبها المأكولة فقلنا عند ذلك: ان خالقنا لطيف لا كلطف خلقه في صنعتهم وقلنا: انه سميع لا يخفى عليه اصوات خلقه ما بين العرش الى الثرى من الذره الى اكبر منها في برها وبحرها ولا يشتبه عليه لغاتها فقلنا عند ذلك: انه سميع باذن وقلنا: انه بصير لا ببصر لانه يرى اثر الذره السحماء (2) في الليله الظلماء على الصخره السوداء ويرى دبيب النمل الليله الدجنه (3) ويرى مضارها ومنافعها واثر سفادها وفراخها ونسلها فقلنا عند ذلك: انه بصير لا كبصر خلقه قال: فما برح


1 – مثل كل له قانتون. 2 – السحماء: السوداء. 3 – الدجنة أو الدجية: الظلمة.

[ 122 ]

حتى اسلم وفيه كلام غير ذلك. 29 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن مختار بن محمد بن المختار الهمداني عن الفتح يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام قال: سئلته ادنى المعرفة قال: الاقرار بانه لا اله غيره ولا شبيه ولا نظير له وانه مثبت قديم موجود غير فقيد وانه ليس كمثله شئ. 30 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى قال: حدثنا بن اسماعيل البرمكى قال: حدثني الحسين بن الحسن قال: حدثني بكر بن زياد عن عبد العزيز بن المهتدى قال: سألت الرضا عليه السلام عن التوحيد فقال: كل من قرأ قل هو الله أحد وآمن بها فقد عرف التوحيد قلت: كيف يقرأها؟ قال: كما يقرأها الناس وزاد فيه كذلك الله ربى كذلك الله ربى كذلك الله ربى ثلاثا. 31 – حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضى الله عنه عن أبيه قال: حدثنا محمد بن بندار (1) عن محمد بن على الكوفى عن محمد بن على الخراساني خادم الرضا عليه السلام قال: قال بعض الزنادقه لابي الحسن عليه السلام هل يقال لله: انه شئ؟ فقال: نعم وقد سمى نفسه بذلك في كتابه فقال: (قل أي شئ اكبر شهاده قل الله شهيد بينى وبينكم) (2) فهو شئ ليس كمثله شئ. 32 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضى الله عنه حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليهما السلام انه دخل عليه رجل فقال له: يا بن رسول الله (ص) ما الدليل على حدوث


1 – محمد بن بندار بالباء الموحدة المضمومة وبعدها نون ساكنة: قمي ثقة. 2 – سورة الانعام الاية 19.

[ 123 ]

العالم؟ فقال: أنت لم تكن ثم كنت وقد علمت انك تكون نفسك ولا كونك من هو مثلك. 33 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشى قال: حدثنا أبي عن أحمد بن على الانصاري عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سأل المأمون أبا الحسن على بن موسى الرضا عليهما السلام عن قول الله تعالى: (وهو الذي خلق السموات والأرض في سته ايام وكان عرشه على الماء ليبلوكم ايكم احسن عملا) (1) فقال: ان الله تبارك وتعالى خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السموات والارض فكانت الملائكه تستدل بانفسها وبالعرش وبالماء على الله عز وجل ثم جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فتعلموا انه على كل شئ قدير ثم رفع العرش بقدرته ونقله وجعله فوق السموات السبع ثم خلق السموات والارض في سته ايام وهو مستولى على عرشه وكان قادرا على ان يخلقها في طرفه عين ولكنه تعالى خلقها في سته ايام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شئ فيستدل بحدوث ما يحدث على الله تعالى مره بعد مره ولم يخلق الله العرش لحاجه به إليه لانه غني عن العرش وعن جميع ما خلق لا يوصف بالكون على العرش لانه ليس بجسم تعالى عن صفه خلقه علوا كبيرا وأما قوله عز وجل: (ليبلوكم ايكم احسن عملا) فانه عز وجل خلقهم ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربه لانه لم يزل عليما بكل شئ فقال المأمون: فرجت عنى يا أبا الحسن عليه السلام فرج الله عنك ثم قال له: يا بن رسول الله فما معنى قول الله عز وجل: (ولو شاء ربك لامن من في الأرض كلهم جميعا افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس ان تؤمن إلا باذن الله) (2) فقال الرضا عليه السلام: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام قال: ان


1 – سورة هود: الاية 7. 2 – سورة يونس: الاية 99 و 100.

[ 124 ]

المسلمين قالوا لرسول الله (ص): لو اكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الاسلام لكثر عددنا وقوينا على عدونا فقال رسول الله (ص): ما كنت لالقى الله عز وجل ببدعه لم يحدث الى فيها شيئا وما انا من المتكلفين فانزل الله تعالى عليه يا محمد (ولو شاء ربك لامن من في الأرض كلهم جميعا) على سبيل الالجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤيه الباس في الاخرة ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقوا منى ثوابا ولا مدحا لكنى اريد منهم ان يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا منى الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنه الخلد (افانت تكره حتى يكونوا مؤمنين) وأما قوله تعالى: (وما لنفس ان تؤمن إلا باذن الله) فليس ذلك على سبيل تحريم الايمان عليها ولكن على معنى انها ما كانت لتؤمن إلا باذن الله واذنه امره لها بالايمان ما كانت مكلفه متعبده والجاه اياها الى الايمان عند زوال التكليف والتبعد عنها فقال المأمون: فرجت عنى يا أبا الحسن فرج عنك فاخبرني عن قول الله تعالى: (الذين كانت اعينهم في غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا) (1) فقال عليه السلام: ان غطاء العين لايمنع من الذكر والذكر لا يرى بالعين ولكن الله عز وجل شبه الكافرين بولاية على بن أبي طالب عليهما السلام بالعميان لانهم كانوا يستثقلون قول النبي (ص) فيه: فلا يستطيعون له سمعا فقال المأمون: فرجت عنى فرج الله عنك. 34 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضى الله عنه قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبه النيسابوري عن حمدان بن سليمان قال: كتبت الى الرضا عليه السلام اساله عن افعال العباد امخلوقه ام غير مخلوقه؟ فكتب عليه السلام: افعال العباد مقدره في علم الله قبل خلق العباد بالفى عام. 35 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن


1 – سورة الكهف: الاية 101.

[ 125 ]

خالد عن على بن موسى الرضا عليهما السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): من لم يؤمن بحوضى فلا اورده الله حوضى ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا اناله الله شفاعتي ثم قال عليه السلام: إنما شفاعتي لاهل الكباير من امتى فاما المحسنون فما عليهم من سبيل قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا عليه السلام يا ابن رسول الله فما معنى قول الله عز وجل (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) (2) قال: لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه قال المصنف: المؤمن هو الذي تسره حسنته وتسؤه سيئته لقول النبي (ص): من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن ومن سائته سيئته ندم عليها والندم توبه والتائب مستحق للشفاعه والغفران ومن لم تسؤه سيئته فليس بمؤمن وإذا لم يكن مؤمنا لم يستحق الشفاعة لأن الله عز وجل غير مرتضى لدينه. 36 – حدثنا محمد بن القاسم المفسر رضى الله عنه قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد على عن أبيه على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم السلام في قول الله عز وجل: (الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء) قال: جعلها ملايمه لطبايعكم موافقه لاجسادكم ولم يجعلها شديده الحماء والحراره فتحرقكم ولا شديده البروده فتجمدكم ولا شديده طيب الريح فتصدع هاماتكم ولا شديده النتن فتعطبكم ولا شديده اللين كالماء فتغرقكم ولا شديده الصلابه فتمتنع عليكم في دوركم وابنيتكم وقبور موتاكم ولكنه عز وجل جعل فيها من المتانه ما تنتفعون به وتتماسكون وتتماسك عليها ابدانكم وبنيانكم وجعل فيها ما تنقاد به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم فلذلك جعل الارض فراشا لكم ثم قال عز وجل: (والسماء بناء) سقفا من فوقكم محفوظا يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم ثم قال عز وجل: (وانزل من السماء


1 – سورة الانبياء: الاية 28.

[ 126 ]

ماء) يعنى المطر ينزله من على ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم (1) واوهادكم (2) ثم فرقه رذاذا ووابلا وهطلا (3) لتنشفه ارضوكم ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعه واحده فيفسد ارضيكم واشجاركم وزروعكم وثماركم ثم قال عز وجل: (فاخرج به من الثمرات رزقا لكم) يعنى مما يخرجه من الأرض رزقا لكم فلا تجعلوا لله انداد اي اشباها وامثالا من الاصنام التي لا تعقل ولا تسمع وتبصر ولا تقدر على شئ وانتم تعلمون انها لا تقدر شئ من هذه النعم الجليله التي انعمها عليكم ربكم تبارك وتعالى. 37 – حدثنا محمد بن أحمد السنانى رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى قال: حدثنا سهل بن زياد الادمى عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن الامام على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن موسى الرضا عليهم السلام قال: خرج أبو حنيفه ذات يوم من عند الصادق عليه السلام فاستقبله موسى بن جعفر عليهما السلام فقال: له يا غلام ممن المعصية؟ قال: لا تخلو من ثلاث أما ان تكون من الله تعالى وليست منه ولا ينبغى للكريم ان يعذب عبده بما لا يكتسبه وأما ان تكون من الله عز وجل ومن العبد فلا ينبغى للشريك القوى ان يظلم الشريك الضعيف واما ان تكون من العبد وهي منه فإن عاقبه الله تعالى فبذنبه وان عفى عنه فبكرمه وجوده. 38 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الطائى قال: حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الادمى الرازي عن على جعفر الكوفى قال: سمعت سيدى على بن محمد عليهما السلام يقول: حدثني أبي محمد بن على عن أبيه الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عليهم السلام


1 – الهضبة: المرتفع من الارض والجبل الصغير جمعها هضاب. 2 – الاوهاد: الاودية: الوهدة: الارض المنخفضة. 3 – الرذاذ بالفتح المطر الضعيف الصغار القطر كالغبار: الوابل والوبل: المطر الشديد الضخم القطر: الهطل: المطر الضعيف الدائم وتتابع المطر المتفرق العظيم القطر.

[ 127 ]

وحدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال: حدثني أبو القاسم اسحاق بن جعفر العلوى قال: حدثني أبي جعفر بن محمد بن على عن سليمان بن محمد القرشى عن اسماعيل بن أبي زياد عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده على بن الحسين عن على عليهم السلام وحدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن اسحاق الفارسى الغرائمى قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي (1) بجرجان قال: حدثنا عبد العزيز بن اسحاق بن جيفر ببغداد قال: حدثني عبد الوهاب بن عيسى المروزى قال: حدثني الحسن بن على بن محمد البلوى قال: حدثني محمد بن عبد الله بن نجيح عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه عليهم السلام وحدثنا احمد بن الحسن القطان قال: حدثنا الحسن بن على السكرى قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهرى قال: حدثنا العباس بن بكار الضبى قال: حدثنا أبو بكر الهذلى عن عكرمه عن ابن عباس قال: لما انصرف أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهما السلام من الصفين قام إليه شيخ ممن شهد معه الواقعة فقال: يا أمير المؤمنين اخبرنا عن مسيرنا هذا بقضاء من الله تعالى وقدره وقال الرضا عليه السلام في روايته عن آبائه عن على بن الحسين بن على عليهم السلام دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين فقال اخبرني عن خروجنا الى أهل الشام ابقضاء من الله وقدره فقال له أمير المؤمنين عليه السلام اجل يا شيخ فو الله ما علوتم تلعه ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدره فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام: مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء (2) حتما وقدرا لازما لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والامر والنهى والزجر واسقط معنى الوعد والوعيد ولم


1 – نسا: بلد بفارس وقرية بسرخس وبكرمان وبهمدان والنسبة نسوي. 2 – وفي شرح النهج للشيخ محمد عبدة (ج 4 ص 99 ط مصر) القضاء: علم الله السابق بحصول الاشياء على أحوالها في أوضاعها والقدر: ايجاده لها عند وجود اسبابها ولا شئ منهما يضطر العبد لفعل من افعاله. فالعبد وما يجد من من نفسه من باعث على الخير والشر ولا يجد شخص الا ان اختياره دافعه الى ما يعمل والله يعلمه فاعلا باختياره اما شقيا له وأما سعيدا والدليل على ما ذكره الامام. (انتهى).

[ 128 ]

تكن على المسيئ لائمه ولا لمحسن محمده ولكان المحسن اولى باللائمة من المذنب والمذنب اولى بالاحسان من المحسن تلك مقاله عبده الاوثان وخصماء الرحمن وقدريه (1) هذه الامه ومجوسها يا شيخ ان الله تعالى كلف تخييرا ونهى تحذيرا واعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يخلق السموات والارض وما بينهما باطلا (ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) قال: فنهض الشيخ وهو يقول: أنت الامام نرجو بطاعته يوم النجاه من الرحمن غفرانا اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربك عنا فيه احسانا فليس معذره في فعل فاحشه قد كنت راكبها فسقا وعصيانا لا لا ولا قائلا ناهيه اوقعه فيها عبدت إذا يا قوم شيطانا ولا احب ولا شاء الفسوق ولا قتل الولى له ظلما وعدوانا انى يحب وقد صحت عزيمته ذو العرش اعلن ذاك الله اعلانا ولم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث من الشعر إلا بيتين من اوله. 39 – حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزى (2) بنيسابور قال: حدثنا أبو اسحاق إبراهيم بن محمد بن مروان الخوزى قال: حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوزى قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الجويبارى الشيباني عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص) ان الله عز وجل قدر المقادير ودبر التدابير قبل ان يخلق آدم بالفى عام 40 – حدثنا الحسين بن محمد الاشنانى الرازي العدل ببلخ قال: حدثنا على بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الفراء قال: حدثنا


1 – روى في كنز العمال (ج 1 ص 121 ط حيدر آباد حديث 2677): ان لكل امة مجوس ومجوس امتي هذه القدرية وروى ايضا في هذه الصفحة: (القدرية مجوس امتي) الى غير ذلك من الاثار. 2 – الخوز بالزاء المعجمة: اسم لجميع بلاد خوزستان في نسخة: (الجوزي) وفي بعضها الاخر (الحوزي) في المواضع الثلاثة.

[ 129 ]

على موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: ان يهوديا سئل أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهما السلام فقال: اخبرني عما ليس لله وعما ليس عند الله وعما لا يعلمه الله فقال على عليه السلام: أما ما لا يعلمه الله فذلك قولكم معشر اليهود ان عزيرا ابن الله والله لا يعلم له ولدا وأما قولك: ما ليس عند الله فليس عند الله ظلم للعباد وأما قولك ما ليس لله فليس لله شريك فقال اليهودي: اشهد ان لا اله إلا الله واشهد ان محمدا رسول الله. 41 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن أحمد بن سليمان قال: سأل رجل أبا الحسن عليه السلام وهو في الطواف فقال له: اخبرني عن الجواد فقال: ان لكلامك وجهين فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدى ما افترض الله تعالى عليه والبخيل من بخل بما افترض الله تعالى عليه وان كنت تعنى الخالق فهو الجواد ان اعطى وهو الجواد ان منع لانه ان اعطى عبدا اعطاه ما ليس له وان منع منع ما ليس له. 42 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدب رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن على بن موسى الرضا عن ابيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن ابيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن ابيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام فقال: سمعت رسول الله (ص) يقول: قال الله جل جلاله: من لم يرض بقضائي ومن لم يؤمن بقدرى فليلتمس الها غيرى وقال رسول الله (ص): في كل قضاء الله عز وجل خيره للمؤمن. 43 – حدثنا الحاكم أبو على الحسين بن أحمد البيهقى قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولى قال: حدثنا أبو ذكوان قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: سمعت الرضا عليه السلام وقد سئله رجل ايكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال: هو اعدل من ذلك قال: افيقدرون على كل ما ارادوه قال: هم


[ 130 ]

اعجز من ذلك. 44 – حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن على البصري قال: حدثنا أبو الحسن على بن الحسن بن الميثمى قال: حدثنا أبو الحسن على بن مهرويه القزويني قال: حدثنا أبو أحمد الغازى قال: حدثنا أبو الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: أبي محمد بن على قال: حدثنا أبي على بن الحسين قال: حدثنا أبي الحسين بن على عليهم السلام قال: سمعت أبي على بن أبي طالب عليهما السلام يقول: الاعمال على ثلاثه احوال فرايض وفضايل ومعاصي فاما الفرايض فبامر الله وبرضاء الله وبقضاء الله وتقديره ومشيته وعلمه وأما الفضايل فليست بامر الله ولكن برضاء الله وبقضاء الله وتقديره ومشيته وبعلمه وأما المعاصي فليست بامر الله ولكن بقدر الله وبعلمه ثم يعاقب عليها. 45 – حدثنا أحمد بن إبراهيم بن هارون الفامى في مسجد الكوفه قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميرى عن أبيه قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليهم السلام قال: قلت له: يا بن رسول الله ان الناس ينسبوننا الى القول بالتشبيه والجبر لما روى من الاخبار في ذلك عن آبائك الائمه عليهم السلام فقال: يا بن خالد اخبرني عن الاخبار التي رويت عن آبائى الائمه عليهم السلام في التشبيه والجبر اكثر ام الاخبار التي رويت عن النبي (ص) في ذلك؟ فقلت: بل ما روى عن النبي في ذلك اكثر قال: فليقولوا: ان رسول الله (ص) كان يقول بالتشبيه والجبر إذا فقلت له: انهم يقولون: ان رسول الله لم يقل من ذلك شيئا وإنما روى عليه قال فليقولوا في آبائى الائمه عليهم السلام انهم لم يقولوا من ذلك شيئا وإنما روى ذلك عليهم ثم قال عليه السلام: من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ونحن منه برآء في الدنيا والاخره يا بن خالد إنما وضع الاخبار عنا في التشبيه والجبر الغلاه صغروا عظمه الله تعالى فمن احبهم فقد ابغضنا ومن ابغضهم فقد احبنا ومن


[ 131 ]

والاهم فقد عادانا ومن عاداهم فقد والانا ومن وصلهم فقد قطعنا ومن قطعهم فقد وصلنا ومن جفاهم فقد برنا ومن برهم فقد جفانا ومن اكرمهم فقد اهاننا ومن اهانهم فقد اكرمنا ومن قبلهم فقد ردنا ومن ردهم فقد قبلنا ومن احسن إليهم فقد اساء الينا ومن اساء إليهم فقد احسن الينا ومن صدقهم فقد كذبنا ومن كذبهم فقد صدقنا ومن اعطاهم فقد حرمنا ومن حرمهم فقد اعطانا يا بن خالد من كان من شيعتنا فلا يتخذن منهم وليا ولا نصيرا. 46 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضى الله عنه قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن معلى بن محمد البصري عن الحسن بن على الوشا عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سئلته فقلت: الله فوض الامر الى العباد؟ فقال: هو اعز من ذلك فقلت: اجبرهم على المعاصي؟ قال: الله اعدل واحكم من ذلك ثم قال: قال الله عز وجل: يا بن آدم انا اولى بحسناتك منك وأنت اولى بسيئاتك (1) منى عملت المعاصي بقوتى التي جعلتها فيك. 47 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق المؤدب رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن على الانصاري عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن على بن موسى بن جعفر عليهم السلام يقول: من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة شيئا ولا تقبلوا له شهاده ابدا ان الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها (2) ولا يحملها فوق طاقتها ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازره وزر اخرى (3). 48 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد البرقى عن أبيه عن سليمان بن جعفر


1 – قال الله تعالى في سورة النساء. الاية 79: ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك الاية. 2 – اقتباس من قوله تعالى في سورة البقرة الاية 286. 3 – اقتباس من قوله تعالى في سورة الانعام الاية 164.

[ 132 ]

الحميرى (1) عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ذكر عنده الجبر والتفويض فقال: الا اعطيكم في هذا اصلا لا يختلفون ولا يخاصمكم عليه أحد إلا كسرتموه؟ قلنا: ان رايت ذلك فقال: ان الله تعالى لم يطع باكراه ولم يعص بغلبه ولم يهمل العباد في ملكه هو المالك لما ملكهم والقادر على ما اقدرهم عليه فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا وان ائتمروا بمعصيته فشاء ان يحول بينهم وبين ذلك فعل وان لم يحل ففعلوا فليس هو الذي ادخلهم فيه ثم قال عليه السلام: من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه. 49 – حدثنا أبي رضى الله عنه ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قالا: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: ان اصحابنا بعضهم يقول بالجبر وبعضهم يقول بالاستطاعه فقال لي: اكتب قال الله تعالى: يا بن آدم بمشيتي أنت الذي تشاء وبقوتي اديت لي فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتى جعلتك سميعا بصيرا قويا ما اصابك من سيئه فمن نفسك وذلك انى اولى بحسناتك منك وأنت اولى بسيئاتك منى وذلك انى لا اسال عما افعل وانتم تسألون ونظمت لك كل شئ تريد. 50 – حدثنا على بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا على بن محمد المعروف بعلان عن محمد بن عيسى عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه قال: اعلم علمك الله الخير ان الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفه دلت العاقل على انه لا شئ قبله ولا شئ معه في ديمومته فقد بان لنا باقرار العامه معجزه الصفه انه لا شئ قبل الله ولا شئ مع الله في بقائه


1 – (الجعفري) وهو الصواب الموافق لكتب الرجال وهو الذي عده الشيخ تارة من اصحاب الكاظم عليه السلام وأخرى من أصحاب الرضا عليه السلام وقال في الفهرست: سليمان بن جعفر الجعفري ثقة له كتاب.

[ 133 ]

وبطل قول من زعم انه كان قبله أو كان معه شئ وذلك انه لو كان معه شئ في بقائه لم يجز ان يكون خالقا له لانه لم يزل معه فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه؟ ولو قبله شئ كان الاول ذلك الشئ لا هذا وكان الاول اولى بان يكون خالقا للاول ثم وصف نفسه تبارك وتعالى باسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم الى ان يدعوه بها فسمى نفسه سميعا بصيرا قادرا قاهرا حيا قيوما ظاهرا باطنا لطيفا خبيرا قويا عزيزا حكيما عليما وما اشبه هذه الاسماء فلما راى ذلك من اسمائه الغالون المكذبون وقد سمعونا نحدث عن الله انه لا شئ مثله ولا شئ من الخلق في حاله قالوا: اخبرونا إذ زعمتم انه لا مثل لله ولا شبه له كيف شاركتموه في اسماء الحسنى فتسميتم بجميعها؟! فإن في ذلك دليلا على انكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض إذ قد جمعتكم الاسماء الطيبه قيل لهم: ان الله تبارك وتعالى الزم العباد اسماء من اسمائه على اختلاف المعاني وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين والدليل على ذلك قول الناس: الجائز عندهم السائغ وهو الذي خاطب الله عز وجل به الخلق فكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجه في تضييع ما ضيعوا وقد يقال للرجل: كلب وحمار وثور وسكره وعلقمه واسد وكل ذلك على خلافه لانه لم تقع الاسماء على معانيها التي كانت بنيت عليها لأن الانسان ليس باسد وكلب فافهم ذلك يرحمك الله وإنما يسمى الله عز وجل بالعالم لغير علم حادث علم به الاشياء واستعان به على حفظ ما يستقبل من امره والرويه فيما يخلق من خلقه وتفنيه ما مضى مما افنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم ويغيبه كان جاهلا ضعيفا كما انا رأينا علماء الخلق إنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهله وربما فارقهم العلم بالاشياء فصاروا الى الجهل وإنما سمى الله عالما لانه لا يجهل شيئا فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العلم واختلف المعنى على ما رايت وسمى ربنا سميعا لا جزء فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به كما ان جزئنا الذي نسمع به لا نقوى على النظر به ولكنه عز وجل اخبر انه لا تخفى عليه الاصوات ليس على حد ما سمينا نحن فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى وهكذا البصير لا لجزء به ابصر كما انا نبصر بجزء منا لا ينتفع به في غيره ولكن الله بصير لا يجهل


[ 134 ]

شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كما قامت الاشياء ولكن اخبر انه قائم يخبر انه حافظ كقول الرجل: القائم بامرنا فلان وهو عز وجل القائم على كل نفس بما كسبت والقائم ايضا في كلام الناس الباقي والقائم ايضا يخبر عن الكفايه كقولك للرجل: قم بامر فلان أي اكفه والقائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى وأما اللطيف فليس على قله وقضافه (1) وصغر ولكن ذلك على النفاذ في الاشياء والامتناع من ان يدرك كقولك: لطف عن هذا الامر ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك انه غمض فبهر العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متطلاق لا يدركه الوهم فهكذا لطف الله تبارك وتعالى عن ان يدرك بحد أو يحد بوصف واللطافه منا الصغر والقله فقد جمعنا الاسم اختلف المعنى وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شئ ولا يفوته ليس للتجربه والاعتبار بالاشياء فتفيده التجربه والاعتبار علما لولاهما ما علم لأن من كان كذلك كان جاهلا والله تعالى لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى واما الظاهر فليس من اجل انه علا للاشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنم لذراها ولكن ذلك لقهره ولغلبه الاشياء وقدرته عليها كقول الرجل: ظهرت على اعدائي واظهرني الله على خصمى يخبر على الفلج والغلبة فهكذا ظهور الله على الاشياء ووجه آخر وهو: انه وهو الظاهر لمن اراده لا يخفى عليه شئ وانه مدبر لكل ما يرى فاى ظاهر اظهر واوضح امرا من الله تعالى؟ فانك لا تعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للاشياء بان يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للاشياء علما وحفظا وتدبيرا كقول القائل: ابطنته يعنى خبرته وعلمت مكتوم سره والباطن منا بمعنى الغائر في الشئ المستتر فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى وأما القاهر فانه ليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراه ومكر كما يقهر العباد بعضهم بعضا فالمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا ولكن ذلك من تبارك


1 – القضف بالتحريك: الدقة. الهزال.

[ 135 ]

وتعالى على ان جميع ما يخلق ملتبس به الذل لفاعله وقله الامتناع لما اراد به لم يخرج منه طرفه عين غير انه يقول له: كن فيكون والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى وهكذا جميع الاسماء وان كنا لم نسمها كلها فقد يكتفى الاعتبار بما القينا اليك والله عز وجل عوننا وعونك في ارشادنا وتوفيقنا. خطبه الرضا عليه السلام في التوحيد 51 – حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن عمر الكاتب عن محمد بن زياد القلزمى عن محمد بن أبي زياد الجدى صاحب الصلاه بجده قال: حدثني محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام: قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يتكلم بهذا الكلام عند المأمون في التوحيد قال: ابن أبي زياد: ورواه لي واملى ايضا أحمد بن عبد الله العلوى مولى لهم وخالا لبعضهم عن القاسم ايوب العلوى ان المأمون لما اراد ان يستعمل الرضا عليه السلام جمع بني هاشم فقال لهم: انى اريد ان استعمل الرضا عليه السلام على هذا الامر من بعدى فحسده بنو هاشم وقالوا: اتولى رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبير الخلافه؟ فابعث إليه رجلا ياتنا فترى من جهله ما تستدل به عليه فبعث إليه فاتاه فقال له بنو هاشم يا: أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه فصعد عليه السلام المنبر فقعد مليا لا يتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضه واستوى قائما وحمد الله تعالى واثنى عليه وصلى على نبيه وأهل بيته ثم قال: اول عباده الله تعالى معرفته واصل معرفه الله توحيده ونظام توحيد الله نفى الصفات عنه لشهاده العقول ان كل صفه وموصوف مخلوق وشهاده كل موصوف ان له خالقا ليس بصفة ولا موصوف وشهاده كل صفه وموصوف بالاقتران وشهاده الاقتران بالحدوث وشهاده الحدوث بالامتناع من الازل


1 – في بعض النسخ الخطية والمطبوعة الجديدة جعلت هذه الخطبة بابا مستقلا وقد جعلناها من أجزاء هذا الباب (11) كما في الاصل وفي المطبوعة القديمة وأكثر النسخ الخطية وفي بعض النسخ (ما جاء عن الرضا عليه السلام في التوحيد عند المأمون) بدل (خطبة الرضا عليه السلام في التوحيد).

[ 136 ]

الممتنع من الحدوث فليس الله من عرف بالتشبيه ذاته ولا اياه وحده من اكتنهه ولا حقيقته اصاب من مثله ولا به صدق من نهاه ولا صمد صمده من اشار إليه ولا اياه عنى من شبهه ولا له تذلل من بعضه ولا اياه اراد من توهمه كل معروف بنفسه مصنوع وكل قائم في سواه معلول بصنع الله يستدل عليه وبالعقول تعتقد معرفته وبالفطرة تثبت حجته خلق الخلق حجابا بينه وبينهم ومباينته اياهم ومفارقته اينيتهم وابتداءه اياهم دليلهم على ان لا ابتداء له لعجز مبتدا عن ابتداء غيره وادوات اياهم دليلهم ان لا ادوات فيه لشهاده الادوات بفاقه المادين فاسمائه تعبير وافعاله تفهيم وذاته حقيقه وكنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه فقد جهل الله من استوصفه وقد تعداه من اشتمله وقد اخطاه من اكتنهه ومن قال: كيف؟ فقد شبهه ومن قال: لم؟ فقد علله ومن قال: متى؟ فقد وقته ومن قال: فيم؟ فقد ضمنه ومن قال: الى م؟ فقد نهاه ومن قال: حتى م؟ فقد غياه ومن غياه فقد غاياه ومن غاياه فقد جزاه ومن جزاه فقد وصفه ومن وصفه فقد الحد فيه ولا يتغير الله بانغيار المخلوق كما لا يتحدد بتحديد المحدود أحد لا بتأويل عدد ظاهر لا بتأويل المباشرة متجلى لا باستقلال رؤيه باطن لا بمزايله مباين لا بمسافه قريب لا بمداناه لطيف لا بتجسم موجود لا بعد عدم فاعل لا باضطرار مقدر لا بحول فكره مدبر لا بحركه مريد لا بهمامه شاء لا بهمه مدرك لا بمحسه سميع لا باله بصير لا باداه لا تصحبه الاوقات ولا تضمنه الاماكن ولا تأخذه السنات ولا تحده الصفات ولا تقيده الادوات سابق الاوقات كونه والعدم وجوده والابتداء ازله بتشعيره المشاعر عرف ان لا مشعر له وبتجهيره الجواهر عرف ان لا جوهر له وبمضادته بين الاشياء عرف ان لا ضد له وبمقارنته بين الامور عرف ان لا قرين له ضاد النور بالظلمة والجلايه بالبهم (1) والحسو بالبلل والصرد (2) بالحرور مؤلف بين متعادياتها مفرق بين


1 – اي الامور المشكلة. الحسو بالحاء المهملة: ما تنشفه الارض. وفي نسخة: (الجف) بدل (الحسو). 2 – الصرد: البرد وهو ضد الحر.

[ 137 ]

متدانياتها آله بتفريقها على مفرقها وبتاليفها على مؤلفها ذلك قوله تعالى: (ومن كل شئ خلقنا زوجين لعلكم تذكرون) (1) ففرق بها بين قبل وبعد ليعلم ان لا قبل له ولا بعد شاهده بغرائزها ان لا غريزه لمغرزها داله بتفاوتها ان لا تفاوت لمفاوتها مخبره بتوقيتها ان لا وقت لموقتها حجب بعضها عن بعض ليعلم ان لا حجاب بينه وبينها غيرها له معنى الربوبيه إذ لا مربوب وحقيقه الالهيه إذ لا مالوه ومعنى العالم ولا معلوم ومعنى الخالق ولا مخلوق وتاويل السمع ولا مسموع ليس مذ خلق استحق معنى الخالق ولا باحداثه البرايا استفاد معنى البرائيه كيف؟ وتغيبه مذ ولا تدنيه قد ولا يحجبه لعل ولا توقته متى ولا يشتمله حين ولا تقاربه مع إنما تحد الادوات انفسها وتشير الاله الى نظائرها وفي الاشياء يوجد افعالها منعتها مذ القديمة وحمتها قد الازلية لو لا الكلمه افترقت فدلت على مفرقها وتباينت فاعربت عن مباينها لما تجلى صانعها للعقول وبها احتجب عن الرؤيه واليها تحاكم الاوهام: وفيها اثبت غيره ومنها انبط الدليل وبها عرفها الاقرار وبالعقول يعتقد التصديق بالله وبالاقرار يكمل الايمان به ولا ديانه إلا بعد معرفه ولا معرفه إلا بالاخلاص ولا اخلاص مع التشبيه ولا نفى مع اثبات الصفات للتشبيه فكل ما في الخلق يوجد في خالقه وكل ما يمكن فيه يمتنع في صانعه لا تجرى عليها الحركه والسكون وكيف يجرى عليه ما هو اجراه أو يعود فيه ما هو ابتداه؟! إذا لتفاوتت ذاته ولتجزء كنهه ولامتنع من الازل معناه ولما كان للبارى معنى غير معنى المبروء ولو حد له وراء إذا لحد له امام ولو التمس له التمام إذا لزمه النقصان كيف يستحق الازل من لا يمتنع من الحدوث؟ وكيف ينشئ الاشياء من يمتنع من الانشاء؟ وإذا لقامت فيه آيه المصنوع ولتحول دليلا بعد ما كان مدلولا عليه ليس في مجال القول حجه ولا في المساله عنه جواب ولا في معناه لله تعظيم وفي ابانته عن الخلق ضيم إلا بامتناع الازلي ان يثنى ولما لا بدئ له ان يبتدء لا اله إلا الله العلى العظيم كذب العادلون وضلوا ضلالا بعيدا وخسرو خسرانا مبينا وصلى الله على محمد


1 – سورة الذاريات الاية 49.

[ 138 ]

وأهل بيته الطاهرين (1).


1 – ان هذا الباب (11) يشتمل على مطالب عظيمة من المسائل الالهية منها مسألة القضاء والقدر ومنها الجبر والتفويض وغيرهما وكل منها بحر عميق ولما كان هذه المسائل في غاية الغموض منع في بعض الاخبار عن التفحص عن احوال القضاء والقدر بالنسبة الى نوع الامة.

[ 139 ]

12 – باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع أهل الاديان واصحاب المقالات في التوحيد عند المأمون 1 – حدثنا أبو محمد جعفر بن على بن أحمد الفقيه القمى ثم الايلاقى رضى الله عنه قال: اخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن على بن صدقه القمى قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الانصاري الكجى قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي ثم الهاشمي يقول: لما قدم على بن موسى الرضا عليه السلام على المأمون أمر الفضل بن سهل ان يجمع له اصحاب المقالات مثل الجاثليق (1) وراس الجالوت (2) ورؤساء الصابئين (3) والهربذ (4) الاكبر واصحاب زردهشت (5) ونسطاس (6) الرومي


1 – الجاثليق والجثليق: رئيس الاساقفة دخيل معرب. 2 – هو عالم من اليهود. 3 – الصابئة: قوم دينهم التعبد للروحانيات اي الملائكة وضد الحنفاء الدين دعوتهم الفطرة مؤدي مذهبهم: ان للعالم صانعا فاطرا حكيما مقدسا من سمات الحدثان والواجب علينا معرفة العجز عن الوصول الى جلاله وانما يتقرب إليه بالمتوسطات المقربين لديه وهم الروحانيون المطهرون المقدسون جوهرا وفعلا وحالة. من دائرة المعارف (ج 5 ص 426 الطبعة الثالثة). 4 – الهرابذة: خدم نار المجوس وقيل: انهم عظماء الهنود وعلمائهم (فارسية). 5 – وفي نسخة اخرى (زرادشت – زردشت) وفي أمره كان اختلافا شديدا بين ارباب الملل والنحل وكلمات المؤرخين ويظهر من بعض ان زرداشت كان تلميذ النبي وبعض اهل الكتاب يقولون: انه هو (منوجهر) وقال بعض: انه مرسل من قبل بعض انبياء بني اسرائيل وبعض المؤرخين جعل وجوده موهوما محضا. 6 – النسطاس بالكسر: علم وبالرومية عالم بالطب.

[ 140 ]

والمتكلمين ليسمع كلامه وكلامهم فجمعهم الفضل بن سهل ثم اعلم المأمون باجتماعهم فقال: ادخلهم على ففعل فرحب بهم المأمون ثم قال لهم: انى إنما جمعتكم لخير واحببت ان تناظروا ابن عمى هذا المدنى القادم على فإذا كان بكره فاغدوا ولا يتخلف منكم أحد فقالوا: السمع والطاعه يا أمير المؤمنين نحن مبكرون انشاء الله قال الحسن بن محمد النوفلي: فبينا نحن في حديث لنا عند أبي الحسن الرضا عليه السلام إذ دخل علينا ياسر الخادم وكان يتولى أمر أبي الحسن عليه السلام فقال له: يا سيدى ان أمير المؤمنين يقرئك السلام ويقول: فداك اخوك انه اجمع الى اصحاب المقالات وأهل الاديان والمتكلمون من جميع الملل فرايك في البكور الينا ان احببت كلامهم وان كرهت ذلك فلا تتجشم وان احببت ان نصير اليك خف ذلك علينا فقال أبو الحسن الله ابلغه السلام وقل له: قد علمت ما اردت وانا صائر اليك بكره انشاء الله قال الحسن بن النوفلي: فلما مضى ياسر التفت الينا ثم قال لي: يا نوفلي أنت عراقى ورقه العراقى غير غليظه فما عندك في جمع ابن عمك علينا؟ أهل الشرك واصحاب المقالات؟ فقلت: جعلت فداك يريد الامتحان ويحب ان يعرف ما عندك؟ ولقد بني على اساس غير وثيق البنيان وبئس والله ما بني فقال لي: وما بناؤه في هذا الباب؟ قلت: ان اصحاب الكلام والبدعه خلاف العلماء وذلك ان العالم لا ينكر غير المنكر واصحاب المقالات والمتكلمون وأهل الشرك اصحاب انكار ومباهته ان احتججت عليهم بان الله واحد قالوا: صح وحدانيته وان قلت: ان محمدا رسول الله (ص) قالوا: اثبت رسالته ثم يباهتون وهو يبطل عليهم بحجته ويغالطونه حتى يترك قوله فاحذرهم جعلت فداك قال فتبسم ثم قال لي: يا نوفلي افتخاف ان يقطعوا على حجتى؟ فقلت: لا والله ما خفت عليك قط وانى لارجو ان يظفرك الله بهم ان شاء الله تعالى فقال لي: يا نوفلي اتحب ان تعلم متى يندم المأمون؟ قلت: نعم قال: إذا سمع احتجاجى على أهل التورية بتوراتهم وعلى أهل الانجيل بانجيلهم وعلى أهل الزبور بزبورهم وعلى الصابئين بعبرانيتهم وعلى أهل الهرابذه بفارسيتهم وعلى أهل الروم بروميتهم وعلى اصحاب المقالات بلغاتهم فإذا قطعت كل صنف


[ 141 ]

ودحضت (1) حجته وترك مقالته ورجع الى قولى علم المأمون الموضع الذي هو سبيله ليس بمستحق له فعند يكون الندامة ولا حول ولا قوه إلا بالله العلى العظيم فلما اصبحنا اتانا الفضل بن سهل فقال له: جعلت فداك ان ابن عمك ينظرك وقد اجتمع القوم فما رايك في اتيانه فقال له الرضا: عليه السلام تقدمنى فانى صائر الى ناحيتكم ان شاء الله ثم توضأ وضوء للصلاه وشرب شربه سويق وسقانا منه ثم خرج وخرجنا معه حتى دخلنا على المأمون وإذا المجلس غاص (2) باهله ومحمد بن جعفر وجماعه من الطالبيين والهاشميين والقواد حضور فلما دخل الرضا عليه السلام قام المأمون وقام محمد بن جعفر وجميع بني هاشم فما زالوا وقوفا والرضا جالس مع المأمون حتى امرهم بالجلوس فجلسوا فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدثه ساعه ثم التفت الى الجاثليق فقال يا جاثليق هذا ابن عمى على بن موسى بن جعفر وهو من ولد فاطمه بنت نبينا وابن على بن طالب صلوات الله عليهم فاحب ان تكلمه أو تحاجه وتنصفه فقال الجاثليق: يا أمير المؤمنين كيف احاج رجلا يحتج على بكتاب انا منكره ونبى لا اومن به؟ فقال له الرضا عليه السلام: يا نصراني فإن احتججت عليك بانجيلك أتقر به؟ قال: الجاثليق: وهل اقدر على رفع ما نطق الانجيل؟! نعم والله اقر به على رغم انفي فقال له الرضا عليه السلام: سل عما بدا لك واسمع الجواب فقال الجاثليق: ما تقول في نبوه عيسى وكتابه هل تنكر منهما شيئا؟ قال الرضا: انا مقر بنبوة عيسى وكتابه وما بشر به امته واقرت به الحواريون وكافر بنبوة كل عيسى لم يقر بنبوة محمد (ص) وبكتابه ولم يبشر به امته قال الجاثليق: اليس إنما نقطع الاحكام بشاهدي عدل؟ قال عليه السلام: بلى قال: فاقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوه محمد (ص) ممن لا تنكره النصرانية وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا قال الرضا عليه السلام: الان جئت بالنصفه يا نصراني الا تقبل منى العدل المقدم عند المسيح عيسى بن مريم عليه السلام؟


1 – دحضت حجته: بطلت. 2 – المجلس غاص باهله: ممتلئ. اغص عليه الارض: ضيقها.

[ 142 ]

قال الجاثليق: ومن هذا العدل؟ سمه لي قال: ما تقول يوحنا الديلمى؟ قال: بخ بخ ذكرت احب الناس الى المسيح قال: فاقسمت عليك هل نطق الانجيل: ان يوحنا قال: إنما المسيح اخبرني بدين محمد العربي وبشرني به انه يكون من بعده فبشرت به الحواريين (1) فامنوا به قال الجاثليق: قد ذكر ذلك يوحنا عن المسيح وبشر بنبوة رجل وبأهل بيته ووصيه ولم يلخص متى يكون ذلك؟ ولم تسم لنا القوم فنعرفهم قال الرضا عليه السلام: فإن جئناك بمن يقرأ الانجيل فتلا عليك ذكر محمد وأهل بيته وامته اتؤمن به؟ قال: سديدا قال الرضا عليه السلام: لنسطاس الرومي كيف حفظك للسفر (2) الثالث الانجيل قال: ما احفظني له ثم التفت الى راس الجالوت فقال: الست تقرا الانجيل؟ قال: بلى لعمري قال: فخذ على السفر فإن كان فيه ذكر محمد وأهل بيته وامته فاشهدوا لي وان لم يكن فيه ذكره فلا تشهدوا لي ثم قرء (ع) السفر الثالث حتى بلغ ذكر النبي (ص) وقف ثم قال: يا نصراني انى اسألك بحق المسيح وامه اتعلم انى عالم بالانجيل؟ قال: نعم ثم تلا علينا ذكر محمد وأهل بيته وامته ثم قال: ما تقول يا نصراني هذا قول عيسى مريم عليه السلام فإن كذبت بما ينطق به الانجيل فقد كذبت موسى وعيسى عليهما السلام ومتى انكرت هذا الذكر وجب عليك القتل لانك تكون قد كفرت بربك ونبيك وبكتابك قال الجاثليق: لا انكر ما قد بان لي في الانجيل وانى لمقر به قال الرضا عليه السلام: اشهدوا على اقراره ثم قال: يا جاثليق سل عما بدا لك قال الجاثليق: اخبرني عن حوارى عيسى بن مريم عليه السلام كم كان عدتهم؟ وعن علماء الانجيل كم كانوا؟ قال الرضا عليه السلام: على الخبير سقطت أما الحواريون فكانوا اثنى عشر رجلا وكان اعلمهم وافضلهم الوقا وأما علماء النصارى فكانوا ثلاثه رجال يوحنا الاكبر باج ويوحنا بقرقيسيا (3) ويوحنا


1 – الحواري: الناصر أو ناصر الانبياء. وفي بعض النسخ المصححة القديمة: الحواريون بالرفع. 2 – السفر بالكسر: الكتاب الكبير يقال: حطمني طول ممارسة الاسفار وكثرة مدارسة الاسفار. 3 – بلد على الخابور عند مصبه وهي على الفرات جانب منها على الخابور وجانب على الفرات فوق رحبة مالك بن طوق وأج أو أخ موضع بالبصرة.

[ 143 ]

الديلمى برجاز (1) وعنده كان ذكر النبي (ص) وذكر أهل بيته وامته وهو الذي بشر امه عيسى وبني اسرائيل به ثم قال له: يا نصراني والله انا لنؤمن بعيسى الذي آمن بمحمد (ص) وما ننقم على عيساكم شيئا ضعفه وقله صيامه وصلاته قال الجاثليق: افسدت والله علمك وضعفت امرك وما كنت ظننت إلا انك اعلم أهل الاسلام قال الرضا عليه السلام: وكيف ذاك؟ قال الجاثليق: من قولك: ان عيسى كان ضعيفا قليل الصيام قليل الصلاه وما افطر عيسى يوما قط ولا نام بليل قط وما زال صائم الدهر وقائم الليل قال الرضا عليه السلام: فلمن كان يصوم ويصلى؟! قال فخرس الجاثليق وانقطع قال الرضا عليه السلام: يا نصراني اسئلك عن مسألة قال: سل فإن كان عندي علمها اجبتك قال الرضا عليه السلام: ما انكرت ان عيسى عليه السلام كان يحيى الموتى باذن الله عز وجل قال الجاثليق: انكرت ذلك من اجل ان من احيى الموتى وابرء الاكمه والابرص فهو رب مستحق لان يعبد قال الرضا عليه السلام: فإن اليسع قد صنع مثل صنع عيسى عليه السلام مشى على الماء واحيى الموتى وابرء الاكمه والابرص فلم تتخذه امته ربا ولم يعبده أحد من دون الله عز وجل ولقد صنع حزقيل (2) النبي عليه السلام مثل ما صنع عيسى بن مريم فاحيا خمسه وثلاثين الف رجل من بعد موتهم بستين سنه ثم التفت الى راس الجالوت فقال له: يا راس الجالوت اتجد هؤلاء في شباب بني اسرائيل في التوراة اختارهم بخت نصر من سبى بني اسرائيل حين غزا بيت المقدس ثم انصرف بهم الى بابل فارسله الله عز وجل إليهم فاحياهم هذا في التوراة لا يدفعه إلا كافر منكم قال راس الجالوت: قد سمعنا به وعرفناه قال: صدقت ثم قال: يا يهودى خذ على هذا السفر من التوراة فتلا عليه السلام علينا من التوراة آيات فاقبل اليهودي يترجج (3) لقرائته ويتعجب! ثم اقبل النصراني فقال: يا نصراني افهؤلاء


1 – الرجاز بفتح اوله وتشديد ثانية وآخره زاء: اسم واد بنجد عظيم. والرجاز بكسر اوله وتخفيف ثانيه وآخره زاء بوزن القتال: موضع آخر. 2 – حزقيل بالكسر ثم السكون على زنة زنبيل نبي من الانبياء عليهم السلام كما قال في القاموس. 3 – الترجج بالجيمين والراء المهملة: الاضطراب والتذبذب. الرج: التحرك والاهتزاز.

[ 144 ]

كانوا قبل عيسى ام عيسى كان قبلهم؟ قال: بل كانوا قبله فقال الرضا عليه السلام: لقد اجتمعت قريش على رسول الله (ص) فسألوه: أن يحيي لهم موتاهم فوجه معهم على بن أبي طالب عليه السلام فقال له: اذهب الى الجبانه (1) فناد باسماء هؤلاء الرهط الذين يسئلون عنهم باعلى صوتك: يا فلان ويا فلان ويا فلان يقول لكم محمد رسول الله (ص): قوموا باذن الله عز وجل فقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم فاقبلت قريش يسألهم عن امورهم ثم اخبروهم ان محمدا بعث نبيا فقالوا: وددنا انا ادركناه فنؤمن به ولقد ابرء الاكمه والابرص والمجانين وكلمه البهايم والطير والجن والشياطين ولم نتخذه ربا من دون الله عز وجل ولم ننكر لاحد من هؤلاء فضلهم فمتى اتخذتم عيسى ربا جاز لكم ان تتخذوا اليسع وحزقيل ربا؟! لانهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى بن مريم عليه السلام من احياء الموتى وغيره وان قوما من بني اسرائيل خرجوا من بلادهم من الطاعون وهم الوف حذر الموت فاماتهم الله في ساعه واحده فعمد أهل تلك القرية فحظروا عليهم حظيره فلم يزالوا فيها حتى نخرت (2) عظامهم وصاروا رميما فمر بهم نبى من انبياء بني اسرائيل فتعجب منهم ومن كثره العظام الباليه فأوحى الله عز وجل إليه: أتحب ان احييهم لك فتنذرهم؟ قال: نعم يا رب فأوحى الله عز وجل إليه: ان ناداهم فقال: ايتها العظام الباليه قومي باذن الله عز وجل فقاموا احياء اجمعون ينفضون التراب عن رؤوسهم ثم إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام حين اخذ الطير فقطعهن قطعا ثم وضع على كل جبل منهن جزء ثم ناداهن فاقبلن سعيا إليه ثم موسى بن عمران عليه السلام واصحابه السبعون الذين اختارهم صاروا معه الى الجبل فقالوا له: انك قد رايت الله سبحانه: فارناه رايته فقال: لهم انى لم اره فقالوا: لن نؤمن حتى نرى الله جهره فاخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم وبقى موسى وحيدا فقال: يا رب اخترت سبعين رجلا من بني اسرائيل فجئت بهم وارجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما اخبرهم به؟! فلو شئت اهلكتهم من قبل


1 – الجبان والجبنة مشددتين: المقبرة والصحراء. 2 – نخر الشئ بالكسر: بلى وتفتت اي تكسر ويقال: عظام نخرة.

[ 145 ]

واياى اتهلكنا بما فعل السفهاء منا؟ فاحياهم الله عز وجل من بعد موتهم وكل شئ ذكرته لك من هذا لا تقدر على دفعه لان التوراة والانجيل والزبور والفرقان قد نطقت فإن كان كل من احيى الموتى وابرء الاكمه والابرص والمجانين يتخذ ربا من دون الله فاتخذ هؤلاء كلهم اربابا ما تقول يا يهودى؟!. فقال الجاثليق: القول قولك ولا اله الا الله ثم التفت الى راس الجالوت فقال: يا يهودى اقبل على اسئلك بالعشر (1) الايات التي انزلت على موسى بن عمران عليه السلام هل تجد في التوراة مكتوبا بنبأ محمد (ص) وامته إذا جاءت الامه الاخيرة اتباع راكب البعير يسبحون الرب جدا جدا تسبيحا جديدا في الكنائس الجدد (2) فليفرغ بنو اسرائيل إليهم والى ملكهم لتطمئن قلوبهم فإن بايديهم (3) سيوفا ينتقمون بها من الامم الكافره في اقطار الأرض اهكذا هو في التوراة مكتوب؟ قال راس الجالوت: نعم انا لنجده كذلك ثم قال للجاثليق: يا نصراني كيف علمك بكتاب شعيا عليه السلام؟ قال: اعرفه حرفا حرفا قال لهما (4): اتعرفان هذا من كلامه يا قوم: اني رايت صوره راكب الحمار لابسا جلابيب النور ورايت راكب البعير ضوء مثل ضوء القمر فقالا: قد قال ذلك شعيا عليه السلام قال الرضا عليه السلام: يا نصراني هل تعرف في الانجيل قول عيسى عليه السلام: انى ذاهب الى ربكم وربى والبار قليطا (5) جاء هو الذي يشهد لي بالحق كما شهدت وهو الذي


1 – وهي يد موسى وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وتحريم الصيد. 2 – الجدة بالضم: الطريقة والجمع جدد على وزن صرد. الجدة بالكسر: ضد البلى. 3 – اي بأيدي اتباع راكب البعير. 4 – اي قال الرضا عليه السلام للجاثليق ولرأس الجالوت: اتعرفان هذا من كلام شعيا عليه السلام؟. 5 – وفي نسخة اخرى: الفار فليطا: بالفاء ثم الالف ثم الراء المكسورة ثم الفاء الساكنة ثم اللام المكسورة ثم الياء ثم الطاء ثم الالف المقصورة: لفظ عبراني بمعنى الفارق بين الحق والباطل والمراد به سيدنا الخاتم.

[ 146 ]

يفسر لكم كل شئ وهو الذي يبدأ فضائح الامم وهو الذي يكسر عمود الكفر. فقال الجاثليق: ما ذكرت شيئا من الانجيل إلا ونحن مقرون به فقال: اتجد هذا الانجيل ثابتا يا جاثليق؟ قال: نعم قال: الرضا عليه السلام: يا جاثليق الا تخبرني عن الانجيل الاول حين افتقدتموه عند من وجدتموه ومن وضع لكم هذا الانجيل؟ فقال له: ما افتقدنا الانجيل إلا يوما واحدا حتى وجدناه غضا طريا فاخرجه الينا يوحنا ومتى فقال له الرضا عليه السلام: ما اقل معرفتك بسنن الانجيل وعلمائه؟! فإن كان هذا كما تزعم! فلم اختلفتم في الانجيل وإنما وقع الاختلاف في هذا الانجيل الذي في اياديكم اليوم فلو كان على العهد الاول لم تختلفوا فيه ولكني مفيدك علم ذلك اعلم انه لما افتقد الانجيل الاول اجتمعت النصارى الى علمائهم فقالوا لهم: قتل عيسى بن مريم عليه السلام وافتقدنا الانجيل وانتم العلماء فما عندكم؟ فقال لهم الوقا ومر قابوس (1) ان الانجيل في صدورنا ونحن نخرجه اليكم سفرا سفرا في كل أحد فلا تحزنوا عليه ولا تخلوا الكنائس فانا سنتلوه عليكم في كل أحد سفرا سفرا حتى نجمعه كله فقعد الوقا ومر قابوس ويوحنا ومتى فوضعوا لكم هذا الانجيل بعد ما افتقدتم الانجيل الاول وإنما كان هؤلاء الاربعة تلاميذ تلاميذ الاولين اعلمت ذلك؟ فقال الجاثليق: أما هذا فلم اعلمه وقد علمته الان وبان لي من فضل علمك بالانجيل وسمعت اشياء مما علمته شهد قلبى انها حق فاستزدت (2) كثيرا من الفهم فقال له الرضا عليه السلام: فكيف شهاده هؤلاء عندك؟ قال: جائزه هؤلاء علماء الانجيل وكلما شهدوا به فهو حق قال الرضا عليه السلام للمأمون ومن حضره من أهل بيته ومن غيره: اشهدوا عليه قالوا: قد شهدنا ثم قال عليه السلام: للجاثليق: بحق الابن وامه هل تعلم ان متى قال: ان المسيح هو بن داود بن إبراهيم بن اسحاق بن يعقوب يهوذا بن


1 – الوقا ومر قابوس ويوحنا ومتي: علماء أهل الانجيل و 2 – استزاده: استقصره استزدت كثيرا اي انا مقصر كثيرا من فهم المطالب التي سمعتها منك.

[ 147 ]

خضرون فقال مرقابوس في نسبه عيسى مريم عليه السلام: انه كلمه الله احلها في جسد الادمى فصارت انسانا وقال الوقا: ان عيسى بن مريم عليه السلام وامه كانا انسانين من لحم ودم فدخل فيها الروح القدس ثم انك تقول من شهاده عيسى على نفسه حقا اقول لكم: يا معشر الحواريين انه لا يصعد الى السماء إلا من نزل منها إلا راكب البعير خاتم الانبياء فانه يصعد الى السماء وينزل فما تقول في هذا القول؟ قال الجاثليق: هذا قول عيسى لا ننكره قال الرضا عليه السلام: فما تقول في شهاده الوقا ومر قابوس ومتى على عيسى وما نسبوه إليه؟ قال الجاثليق: كذبوا على عيسى فقال: الرضا عليه السلام: يا قوم اليس قد زكاهم وشهد انهم علماء الانجيل وقولهم حق فقال الجاثليق: يا عالم المسلمين احب ان تعفيني من أمر هؤلاء قال الرضا عليه السلام: فانا قد فعلنا سل يا نصراني عما بدا لك قال الجاثليق: ليسألك غيرى فلا وحق المسيح ما ظننت ان في علماء المسلمين مثلك فالتفت الرضا عليه السلام الى راس الجالوت فقال له: تسألني أو اسألك؟ فقال: بل اسألك ولست اقبل منك حجه إلا من التوراة أو من الانجيل أو من زبور داود أو بما في صحف إبراهيم وموسى قال الرضا عليه السلام: لا تقبل منى حجه إلا بما تنطق به التوراة على لسان موسى بن عمران والانجيل على لسان عيسى بن مريم والزبور على لسان داود فقال راس الجالوت: من اين تثبت نبوه محمد (ص)؟ قال الرضا عليه السلام: شهد بنبوته موسى بن عمران وعيسى بن مريم وداود خليفه الله عز وجل في الأرض فقال له: ثبت قول موسى بن عمران فقال له الرضا عليه السلام: هل تعلم يا يهودى ان موسى اوصى بني اسرائيل فقال لهم: انه سيأتيكم نبى من اخوانكم فيه (1) فصدقوا ومنه فاسمعوا فهل تعلم ان لبنى


1 – هكذا في النسخ الخطية والمطبوعتين: والصواب الظاهر: (فبه) بالباء: اي ان ادركتم صحبته فبه اي فبما معه فصدقوا وما قال من امور دينه وشريعته فمنه اسمعوا. ثم اعلم انه قد ورد اسماء النبي والائمة الاثنى عشر صلوات الله عليهم في التوراة بلسان العبرانية وقد نقل عنها بهذه العبارة: ميذ ميذ (محمد المصطفى) ايليا (علي المرتضى) قيذور (الحسن المجتبى) ايرييل (الحسين الشهيد) مشفور (زين العابدين) مسهور (محمد الباقر) مشموط (جعفر الصادق) =

[ 148 ]

اسرائيل اخوه غير ولد اسماعيل ان كنت تعرف قرابه اسرائيل من اسماعيل والسبب (1) الذي بينهما من قبل ابراهيم عليه السلام فقال راس الجالوت: هذا قول موسى لا ندفعه فقال له الرضا عليه السلام: هل جاءكم من اخوه بني اسرائيل نبى غير محمد (ص) قال: لا قال الرضا عليه السلام: اوليس قد صح هذا عندكم؟ قال: نعم ولكني احب ان تصححه الى من التوراة فقال له الرضا عليه السلام: هل تنكر ان التوراة تقول لكم: جاء النور من قبل طور سيناء واضاء لنا من جبل ساعير واستعلن علينا من جبل فاران؟ قال راس الجالوت: اعرف هذه الكلمات وما اعرف تفسيرها قال الرضا عليه السلام: أنا اخبرك به أما قوله: جاء النور من قبل طور سيناء فذلك وحى الله تبارك وتعالى الذي انزله على عليه السلام على جبل طور سيناء وأما قوله: واضاء لنا من جبل ساعير فهو الجبل الذي اوحى الله عز وجل الى عيسى بن مريم عليه السلام وهو عليه وأما قوله: واستعلن علينا جبل فاران فذلك جبل من جبال مكه بينه وبينها يوم وقال شعياء النبي عليه السلام فيما تقول أنت واصحابك في التوراة رايت راكبين اضاء لهم الأرض احدهما على حمار والاخر على جمل فمن راكب الحمار ومن راكب الجمل؟ قال راس الجالوت: لا اعرفهما فخبرني بهما قال: اما راكب الحمار فعيسى عليه السلام وأما راكب الجمل فمحمد (ص) اتنكر هذا من التوراة قال: لا ما انكره ثم قال الرضا عليه السلام: هل تعرف حيقوق النبي عليه السلام؟ قال: نعم انى به لعارف قال: فانه قال: وكتابكم ينطق به جاء الله تعالى بالبيان من جبل فاران وامتلات السموات من تسبيح أحمد وامته يحمل خيله في البحر كما يحمل في البر ياتينا بكتاب جديد بعد خراب بيت المقدس يعنى


= ذومرا (موسى الكاظم) هذاذ (علي بن موسى الرضا): تيمورا (محمد التقي) نسطور (علي التقي) نوقش (الحسن العسكري) قديمونيا (محمد بن الحسن) صاحب الزمان روحي وارواح العالمين له الفداء وقد نقل من كتب المتقدمين باسناد صحيح: ان لكل صاحب شريعة كان اثنا عشر وصيا لا ازيد ولا انقص ويأتي قول بعض المفسرين في تقريره انشاء الله تعالى في محل آخر. 1 – وفي نسخة اخرى (النسب). وفي هامش بعض النسخ: لان اسماعيل واسحاق ابنا ابراهيم واسرائيل اسمه يعقوب وهو ابن اسحاق ونبينا صلى الله عليه وآله من أولاد اسماعيل وبنو اسرائيل من اولاد اسحاق وفي النسخة المصححة العتيقة: (بينهم) بدل بينهما.

[ 149 ]

بالكتاب الفرقان اتعرف هذا وتؤمن به؟ قال راس الجالوت قد قال: ذلك حيقوق النبي عليه السلام ولا ننكر قوله قال الرضا عليه السلام: فقد قال داود في زبوره. وأنت تقراه: اللهم ابعث مقيم السنه بعد الفتره فهل تعرف نبيا اقام السنه بعد الفتره غير محمد (ص)؟ قال راس الجالوت: هذا قول داود نعرفه ولا ننكر ولكن عنى بذلك عيسى وايامه هي الفتره قال له الرضا عليه السلام: جهلت ان عيسى عليه السلام لم يخالف السنه وكان موافقا لسنه التوراة حتى رفعه الله إليه وفي الانجيل مكتوب: ان ابن البره ذاهب والبار قليطا جاء من بعده وهو الذي يحفظ الاصار ويفسر لكم شئ ويشهد لي كما شهدت له انا جئتكم بالامثال وهو ياتيكم بالتأويل اتؤمن بهذا في الانجيل؟ قال: نعم فقال له الرضا عليه السلام: يا راس الجالوت اسألك عن نبيك موسى بن عمران عليه السلام فقال: سل قال: ما الحجه على ان موسى ثبتت نبوته؟ قال اليهودي: انه جاء لم يجئ به أحد من الانبياء قبله قال له: مثل ماذا؟ قال: مثل فلق البحر وقلبه العصا حيه تسعى وضربه الحجر فانفجرت منه العيون واخراجه يده بيضاء للناظرين وعلاماته لا يقدر الخلق على مثلها قال له الرضا عليه السلام: صدقت في انه كانت حجته على نبوته انه جاء بما لا يقدر الخلق على مثله افليس كل من ادعى انه نبى ثم جاء بما لا يقدر الخلق مثله وجب عليكم تصديقه؟! قال: لا لأن موسى عليه السلام لم يكن له نظير لمكانه من ربه وقربه منه ولا يجب علينا الاقرار بنبوة من ادعاها حتى ياتي من الاعلام بمثل جاء به فقال الرضا عليه السلام: فكيف اقررتم بالانبياء الذين كانوا قبل موسى عليه السلام ولم يفلقوا البحر ولم يفجروا من الحجر اثنى عشره عينا ولم يخرجوا ايديهم مثل اخراج موسى يده بيضاء ولم يقلبوا العصا حيه تسعى قال: اليهودي: قد خبرتك انه متى ما جاؤا على نبوتهم من الايات بما لا يقدر الخلق على مثله ولو جاؤا بما يجئ به موسى أو كان على غير ما جاء به موسى وجب تصديقهم قال له الرضا عليه السلام: يا راس الجالوت فما يمنعك من الاقرار بعيسى بن مريم وقد كان يحيى الموتى ويبرء الاكمه والابرص ويخلق من الطين كهيئه الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا باذن الله تعالى؟ قال راس


[ 150 ]

الجالوت: يقال: انه فعل ذلك ولم نشهده قال الرضا عليه السلام: ارايت ما جاء به موسى من الايات شاهدته؟ أليس إنما جاءت الاخبار من ثقات اصحاب موسى انه فعل ذلك؟ قال: بلى قال: فكذلك ايضا اتتكم الاخبار المتواتره بما فعل عيسى بن مريم عليه السلام فكيف صدقتم بموسى ولم تصدقوا بعيسى؟ فلم يحر (1) جوابا قال الرضا عليه السلام: وكذلك أمر محمد (ص) وما جاء به وأمر كل نبى بعثه الله ومن آياته انه كان يتيما فقيرا راعيا اجيرا لم يتعلم كتابا ولم يختلف الى معلم ثم جاء بالقرآن الذي فيه قصص الانبياء عليهم السلام واخبارهم حرفا حرفا واخبار من مضى ومن بقى الى يوم القيامة ثم كان يخبرهم باسرارهم وما يعملون في بيوتهم وجاء بآيات كثيره لا تحصى قال راس الجالوت: لم يصح عندنا خبر عيسى ولا خبر محمد (ص) ولا يجوز لنا ان نقر لهما بما لا يصح قال الرضا عليه السلام: فالشاهد الذي شهد لعيسى ولمحمد (ص) شاهد زور فلم يحر جوابا ثم دعا عليه السلام بالهربذ الاكبر فقال له الرضا عليه السلام: اخبرني عن زردهشت الذي تزعم انه نبى ما حجتك على نبوته؟ قال: انه اتى بما لم ياتنا أحد قبله ولم نشهده ولكن الاخبار من اسلافنا وردت علينا بانه احل لنا ما لم يحله غيره فاتبعناه قال: افليس انما اتتكم الاخبار فاتبعتموه؟ قال: بلى قال: فكذلك سائر الامم السالفه اتتهم الاخبار بما اتى به النبيون واتى به موسى وعيسى ومحمد (ص) فما عذركم في ترك الاقرار لهم؟ إذ كنتم إنما اقررتم بزردهشت من قبل الاخبار المتواتره بانه جاء بما لم يجئ به غيره فانقطع الهربذ مكانه (2) فقال الرضا عليه السلام: يا قوم ان كان فيكم أحد يخالف الاسلام واراد ان يسئل فليسئل غير محتشم. فقام إليه عمران الصابى وكان واحدا (3) من المتكلمين فقال: يا عالم


1 – قوله: (فلم يحر) بالحاء المهملة ومنه حديث سطيح: فلم يحر جوابا اي لم يرد وبالجيم المنقوطة تصحيف: التحاور: التجاوب ويقال كلمته فما أحار الى جوابا وما رجع الى حوير اولا محورة اي ما رد الي جوابا. 2 – أي فسكت الهربذ في مكان تكلمه وجوابه عن ذلك لانه قال: وجاء زردهشت بما لم يجئ غيره وعلى هذا يعلم انه اقر بمخالفة زردهشت جميع الانبياء. 3 – اي كان وحيدا فريدا من المتكلمين لا ثاني له في علم الكلام.

[ 151 ]

الناس لو لا انك دعوت الى مسألتك لم اقدم عليك بالمسائل فلقد دخلت بالكوفة والبصره والشام والجزيره ولقيت المتكلمين فلم اقع على أحد يثبت لي واحدا (1) ليس غيره قائما بوحدانيته افتاذن لي اسئلك؟ قال الرضا عليه السلام: ان كان في الجماعه عمران الصابى فانت هو قال: انا هو قال: سل يا عمران وعليك بالنصفه واياك والخطل (2) والجور فقال: والله يا سيدى ما اريد إلا ان تثبت لي شيئا اتعلق به فلا اجوزه قال: سل عما بدا لك فازدحم الناس وانضم بعضهم الى بعض فقال عمران الصابى: اخبرني عن الكائن الاول وعما خلق فقال له: سالت فافهم اما الواحد فلم يزل واحدا كائنا لا شئ معه بلا حدود واعراض ولا يزال كذلك ثم خلق خلقا مبتدعا مختلفا باعراض وحدود مختلفه لا في شئ اقامه ولا في شئ حده ولا على شئ حذاه (3) ومثله له فجعل الخلق من بعد ذلك صفوه وغير صفوه واختلافا وائتلافا والوانا وذوقا وطعما لا لحاجه كانت منه الى ذلك ولا لفضل منزله لم يبلغها إلا به ولا ارى لنفسه فيما خلق زياده ولا نقصانا تعقل هذا يا عمران؟ قال: نعم و الله يا سيدى قال: واعلم يا عمران انه لو كان خلق ما خلق لحاجه (4) لم يخلق إلا من يستعين به على حاجته ولكان ينبغى ان يخلق اضعاف ما خلق لأن الاعوان كلما كثروا كان صاحبهم اقوى والحاجه يا عمران لا يسعها لانه كان لم يحدث من الخلق شيئا إلا حدثت به حاجه اخرى ولذلك اقول: لم يخلق الخلق لحاجه ولكن نقل بالخلق الحوائج بعضهم الى بعض وفضل بعضهم على بعض بلا حاجه منه الى فضل ولا نقمه منه على من اذل فلهذا خلق قال عمران: يا سيدى هل كان الكائن معلوما في نفسه عند نفسه؟ قال الرضا عليه السلام: إنما يكون المعلمه (5) بالشئ لنفى


1 – اي احد من العلماء المتكلمين انه اثبت لي الوحدانية بأنه تعالى واحد لا ثاني له. 2 – الخطل بالتحريك: المنطق الفاسد. نعوذ بالله من الخطل اي نعوذ به من شر منطق السوء. 3 – حذوته اي قعدت بحذائه وحذاء الشئ ازاؤه المحازي: الموازي. 4 – في خطبة علي عليه السلام في صفات المتقين: ان الله خلق الخلق حين خلقهم غنيا عن طاعتهم وامنا من معصيتهم لانه لا تضره معصية من عصاه ولا تنفعه طاعة من اطاعه الخ. 5 – المعلمة بفتح اليهود كسر اللام على وزن المعرفة.

[ 152 ]

خلافه وليكون الشئ نفسه بما نفى عنه موجودا ولم يكن هناك شئ يخالفه فتدعوه الحاجه الى نفى ذلك الشئ عن نفسه بتحديد ما علم منها افهمت يا عمران؟ قال: نعم والله سيدى فاخبرني باى شئ علم ما علم ابضمير ام بغير ذلك؟ قال الرضا عليه السلام: ارايت إذا علم بضمير هل يجد بدا من ان يجعل لذلك الضمير حدا تنتهى إليه المعرفة؟ قال عمران: لا بد من ذلك قال الرضا عليه السلام؟ فما ذلك الضمير؟! فانقطع ولم يحر جوابا قال الرضا عليه السلام: لا باس ان سألتك عن الضمير نفسه تعرفه بضمير آخر؟ فإن قلت: نعم افسدت عليك قولك ودعواك يا عمران اليس ينبغى ان تعلم ان الواحد ليس يوصف بضمير وليس يقال له اكثر من فعل وعمل وصنع وليس يتوهم منه مذاهب وتجزيه كمذاهب المخلوقين وتجزيتهم فاعقل ذلك وابن عليه ما علمت صوابا قال عمران: يا سيدى الا تخبرني حدود خلقه كيف هي؟ وما معانيها؟ وعلى كم نوع يكون؟ قال: قد سألت فاعلم ان حدود خلقه على سته انواع ملموس وموزون ومنظور إليه وما لا ذوق له وهو الروح ومنها منظور إليه وليس له وزن ولا لمس ولا حس ولا لون ولا ذوق والتقدير والاعراض والصور والطول والعرض ومنها العمل والحركات التي تصنع الاشياء وتعملها وتغيرها من حال الى حال وتزيدها وتنقصها فاما الاعمال والحركات فانها تنطلق لانه لا وقت لها اكثر من قدر ما يحتاج إليه فإذا فرغ من الشئ انطلق بالحركة وبقى الاثر ويجرى مجرى الكلام يذهب ويبقى اثره قال عمران: يا سيدى الا تخبرني عن الخالق إذا كان واحدا لا شئ غيره ولا شئ معه؟ أليس قد تغير بخلقه الخلق؟ قال له الرضا عليه السلام: قديم لم يتغير عز وجل بخلقه الخلق ولكن الخلق يتغير بتغيره. قال عمران: يا سيدى فباى شئ عرفناه؟ قال: بغيره قال: فاى شئ غيره؟ قال الرضا عليه السلام: مشيته واسمه وصفته وما اشبه ذلك وكل ذلك محدث مخلوق مدبر قال عمران: يا سيدى فاى شئ هو؟ قال: هو نور بمعنى انه هاد خلقه من أهل السماء وأهل الأرض وليس لك على اكثر من توحيدي اياه قال عمران: يا سيدى أليس قد كان ساكتا قبل الخلق


[ 153 ]

لا ينطق ثم نطق؟ قال الرضا عليه السلام: لا يكون السكوت إلا عن نطق قبله والمثل في ذلك انه لا يقال للسراج هو ساكت لا ينطق ولا يقال: ان السراج ليضئ فيما يريد ان يفعل بنا لأن الضوء من السراج ليس بفعل منه ولا كون وإنما هو ليس شئ غيره فلما استضاء لنا قلنا: قد اضاء لنا حتى استضاءنا به فبهذا تستبصر امرك. قال عمران: يا سيدى فإن الذي كان عندي ان الكائن قد تغير في فعله عن حاله بخلقه الخلق قال الرضا عليه السلام: احلت يا عمران في قولك: ان الكائن يتغير في وجه من الوجوه حتى يصيب الذات منه ما يغيره يا عمران هل تجد النار تغيرها تغير نفسها؟ وهل تجد الحراره تحرق نفسها؟ أو هل رايت بصيرا قط راى بصره؟ قال عمران لم ار هذا إلا ان تخبرني يا سيدى اهو في الخلق؟ ام الخلق فيه؟ قال الرضا عليه السلام: اجل يا عمران عن ذلك ليس هو في الخلق ولا الخلق فيه تعالى عن ذلك وساء علمك ما تعرفه ولا قوه الا بالله اخبرني عن المرآه أنت فيها ام هي فيك؟ فان كان ليس واحد منكما في صاحبه فباى شئ استدللت بها على نفسك يا عمران قال: بضوء بينى وبينها قال الرضا عليه السلام: هل ترى من ذلك الضوء في المرآه اكثر مما تراه في عينك؟ قال: نعم قال الرضا عليه السلام: فارناه فلم يحر جوابا قال: فلا ارى النور إلا وقد دلك ودل المرآه على انفسكما من غير ان يكون في واحد منكما ولهذا امثال كثيره غير هذا لا يجد الجاهل فيها مقالا ولله المثل الاعلى ثم التفت الى المأمون فقال: الصلاه قد حضرت فقال عمران: يا سيدى لا تقطع علي مسألتي فقد رق قلبى قال الرضا عليه السلام: نصلى ونعود فنهض ونهض المأمون فصلى الرضا عليه السلام داخلا وصلى الناس خارجا خلف محمد بن جعفر ثم خرجا فعاد الرضا عليه السلام الى مجلسه ودعا بعمران فقال: سل يا عمران: قال: يا سيدى الا تخبرني عن الله عز وجل هل يوحد بحقيقه أو يوحد بوصف؟ قال الرضا عليه السلام: ان الله المبدئ الواحد الكائن الاول لم يزل واحدا لا شئ معه فردا لا ثانى معه لا معلوما ولا مجهولا ولا محكما ولا متشابها ولا مذكورا ولا منسيا ولا شيئا يقع عليه اسم شئ من الاشياء غيره ولا من وقت كان


[ 154 ]

ولا الى وقت يكون ولا بشئ قام ولا الى شئ يقوم ولا الى شئ استند ولا في شئ استكن وذلك كله قبل الخلق إذ لا شئ غيره وما اوقعت عليه من الكل فهى صفات محدثه وترجمه يفهم بها من فهم. واعلم ان الابداع والمشيئه والاراده معناها واحد واسماؤها ثلاثه وكان اول ابداعه وارادته ومشيته الحروف التي جعلها اصلا لكل شئ ودليلا على كل مدرك وفاصلا لكل مشكل وبتلك الحروف تفريق كل شئ من اسم حق وباطل أو فعل أو مفعول أو معنى أو غير معنى وعليها اجتمعت الامور كلها ولم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير انفسها تتناهى ولا وجود لها لانها مبدعه بالابداع والنور في هذا الموضع اول (1) فعل الله الذي هو نور السموات والأرض والحروف هي المفعول بذلك الفعل وهي الحروف التي عليها مدار الكلام والعبادات كلها من الله عز وجل علمها خلقه وهي ثلاثه وثلاثون حرفا فمنها ثمانيه وعشرون حرفا تدل على لغات العربيه ومن الثمانيه والعشرين اثنان وعشرون حرفا تدل على لغات السريانية والعبرانية ومنها خمسه احرف متحرفه في سائر اللغات. من العجم والاقاليم واللغات كلها وهي خمسه احرف تحرفت من الثمانيه والعشرين حرفا من اللغات فصارت الحروف ثلاثه وثلاثين حرفا فاما الخمسه المختلفه فيتجحخ (2) لا يجوز ذكرها اكثر مما ذكرناه ثم جعل الحروف بعد احصائها واحكام عدتها فعلا منه كقوله عز وجل: (كن فيكون) (3) وكن منه صنع وما يكون به المصنوع فالخلق الاول من الله عز وجل الابداع لا وزن له ولا حركه ولا سمع ولا لون ولا حس والخلق الثاني الحروف لا وزن لها ولا لون وهي مسموعه موصوفه غير منظور إليها والخلق الثالث ما كان من الانواع كلها محسوسا ملموسا ذا ذوق منظورا إليه والله تبارك وتعالى سابق للابداع لانه ليس قبله عز وجل


1 – واعلم ان الاخبار في تعيين الصادر الاول مختلفة المضامين بحسب الظاهر وقد تصدى جمع من المحققين من أهل المعقول والمنقول للجمع بينها بوجوه فراجع مظانها. 2 – وفي هامش بعض النسخ الخطية: وهي خمسة احرف والمراد بها الياء: والتاء المنقوطة بنقطتين والجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة (انتهى). 3 – سورة يس: الاية 72.

[ 155 ]

شئ ولا كان معه شئ والابداع سابق للحروف والحروف لا تدل على غير نفسها قال المأمون: وكيف لا تدل على غير انفسها؟ قال الرضا عليه السلام: لان الله تبارك وتعالى لا يجمع منها شيئا لغير معنى ابدا فإذا الف منها احرفا اربعه أو خمسه أو سته أو اكثر من ذلك أو اقل لم يؤلفها بغير معنى ولم يكن إلا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شئ قال عمران: فكيف لنا بمعرفه ذلك؟ قال الرضا عليه السلام: أما المعرفة فوجه ذلك وبيانه: انك: تذكر الحروف إذا لم ترد بها غير نفسها ذكرتها فردا فقلت: ا ب ت ث ج ح خ حتى تأتى على آخرها فلم تجد لها معنى غير انفسها وإذا الفتها وجمعت منها احرفا وجعلتها اسما وصفه لمعنى ما طلبت ووجه ما عنيت كانت دليله علي معانيها داعيه الى الموصوف بها افهمته؟ قال: نعم قال الرضا عليه السلام: واعلم انه لا يكون صفه لغير موصوف ولا اسم لغير معنى ولا حد لغير محدود والصفات والاسماء كلها تدل على الكمال والوجود ولا تدل على الاحاطه كما تدل الحدود التي هي التربيع والتثليث والتسديس لأن الله عز وجل تدرك معرفته بالصفات والاسماء ولا تدرك بالتحديد بالطول والعرض والقله والكثره واللون والوزن وما اشبه ذلك: وليس يحل بالله وتقدس شئ من ذلك حتى يعرفه خلقه بمعرفتهم انفسهم بالضرورة التي ذكرنا ولكن يدل على الله عز وجل بصفاته ويدرك باسمائه ويستدل عليه بخلقه حق لا يحتاج في ذلك الطالب المرتاد الى رؤيه عين ولا استماع اذن ولا لمس كف ولا احاطه بقلب ولو كانت صفاته جل ثناؤه لا تدل عليه اسماؤه لا تدعو إليه والمعلمة (1) من الخلق لا تدركه لمعناه كانت العبادة من الخلق لاسمائه وصفاته دون معناه فلولا ان ذلك كذلك لكان المعبود الموحد غير الله لان صفاته واسمائه غيره افهمت؟ قال: نعم يا سيدى زدنى قال الرضا عليه السلام: اياك وقول الجهال من أهل العمى والضلال الذين يزعمون ان الله جل وتقدس موجود في الاخرة للحساب في الثواب والعقاب وليس بموجود في الدنيا للطاعه والرجاء ولو كان في الوجود لله عز وجل نقص واهتضام (2) لم


1 – المعلمة بكسر اللام مثال المعرفة بكسر الراء المهملة من اوزان الثلاثي المجرور ونظيرها كثيرة كالمحمدة والمنقبة وأمثالها. 2 – الاهتضام: الكسر والنقص اهتضمه: كسر عليه حقه وظلمه.

[ 156 ]

يوجد في الاخرة ابدا ولكن القوم تاهوا وعموا وصموا عن الحق من حيث لا يعلمون وقوله عز وجل: (ومن كان في هذه اعمى فهو في الاخرة اعمى واضل سبيلا) (1) يعنى اعمى عن الحقائق الموجودة وقد علم ذووا الالباب ان الاستدلال على ما هناك لا يكون إلا بما هيهنا ومن اخذ علم ذلك برايه وطلب وجوده وادراكه عن نفسه دون غيرها لم يزدد من علم ذلك إلا بعدا لان الله عز وجل جعل علم ذلك خاصه عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون قال عمران: يا سيدى الا تخبرني عن الابداع اخلق هو ام غير خلق؟ قال الرضا عليه السلام: بل خلق ساكن لا يدرك بالسكون وإنما صار خلقا لانه شئ محدث والله تعالى الذي احدثه فصار خلقا له وإنما هو الله عز وجل وخلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما فما خلق الله عز وجل لم يعد ان يكون خلقه ويكون الخلق ساكنا ومتحركا ومختلفا ومؤتلفا ومعلوما ومتشابها وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عز وجل. واعلم ان كل ما اوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس وكل حاسه تدل على ما جعل الله عز وجل لها في ادراكها والفهم من القلب بجميع ذلك كله. واعلم الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقا مقدرا بتحديد وتقدير وكان الذي خلق خلقين اثنين التقدير والمقدر وليس في كل واحد منهما لون ولا وزن ولا ذوق فجعل احدهما يدرك بالاخر وجعلهما مدركين بنفسهما ولم يخلق شيئا فردا قائما بنفسه دون غيره للذى اراد من الدلاله على نفسه واثبات وجوده فالله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثانى معه يقيمه ولا يعضده ولا يكنه والخلق يمسك بعضه بعضا باذن الله تعالى ومشيئته وإنما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيروا وطلبوا الخلاص من الظلمه بالظلمة في وصفهم الله تعالى بصفة انفسهم فازدادوا من الحق بعدا ولو وصفوا الله عز وجل بصفاته ووصفوا المخلوقين بصفاتهم لقالوا بالفهم واليقين ولما اختلفوا فلما طلبوا من ذلك ما تحيروا فيه ارتكبوا والله يهدى من يشاء الى


1 – سورة الاسراء. الاية 72.

[ 157 ]

صراط مستقيم قال عمران: يا سيدى اشهد انه كما وصفت ولكن بقيت لي مسألة قال: سل عما اردت قال: اسألك عن الحكيم في أي شئ هو؟ وهل يحيط به شئ؟ وهل يتحول من شئ الى شئ؟ أو به حاجه الى شئ؟ قال الرضا عليه السلام: اخبرك يا عمران فاعقل ما سألت عنه فانه من اغمض ما يرد على الخلق في مسائلهم وليس يفهم المتفاوت عقله العازب حلمه ولا يعجز عن فهمه اولوا العقل المنصفون أما اول ذلك فلو كان خلق ما خلق لحاجه منه لجاز لقائل ان يقول: يتحول الى ما خلق لحاجته الى ذلك ولكنه عز وجل لم يخلق شيئا لحاجه ولم يزل ثابتا لا في شئ ولا على شئ ان الخلق يمسك بعضه بعضا ويدخل بعضه في بعض ويخرج منه والله جل وتقدس بقدرته يمسك ذلك كله وليس يدخل في شئ ولا يخرج منه ولا يؤده حفظه ولا يعجز عن امساكه ولا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك؟ إلا الله عز وجل ومن اطلعه عليه من رسله وأهل سره والمستحفظين لامره وخزانه القائمين بشريعته وإنما امره كلمح البصر أو هو اقرب إذا شاء شيئا فانما يقول له (كن فيكون) بمشيئته وارادته وشئ من خلقه اقرب إليه من شئ ولا شئ ابعد منه من شئ افهمت يا عمران؟ قال: نعم يا سيدى قد فهمت واشهد ان الله تعالى على ما وصفت ووحدت واشهد ان محمدا (ص) عبده المبعوث بالهدى ودين الحق ثم خر ساجدا نحو القبله واسلم. قال الحسن بن محمد النوفلي: فلما نظر المتكلمون الى كلام عمران الصابى وكان جدلا لم يقطعه عن حجته أحد منهم قط لم يدن من الرضا عليه السلام أحد منهم ولم يسألوه عن شئ وامسينا فنهض المأمون والرضا عليه السلام فدخلا وانصرف الناس وكنت مع جماعه من اصحابنا إذ بعث الى محمد بن جعفر فاتيته فقال لي: يا نوفلي اما رايت ما جاء به صديقك؟! لا والله ما ظننت ان على بن موسى الرضا عليه السلام خاض في شئ من هذا قط ولا عرفناه به انه كان يتكلم بالمدينة أو يجتمع إليه اصحاب الكلام قلت: قد كان الحاج ياتونه فيسألونه عن اشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم وربما كلم من ياتيه بحاجه فقال محمد بن جعفر: يا أبا محمد انى اخاف عليه ان يحسده عليه هذا الرجل فيسمه أو يفعل به بليه فاشر عليه بالامساك عن هذه الاشياء


[ 158 ]

قلت: إذا لا يقبل منى وما اراد الرجل إلا امتحانه ليعلم هل عنده شئ من علوم آبائه عليه السلام؟ فقال لي: قل له: ان عمك قد كره هذا الباب واحب ان تمسك عن هذه الاشياء لخصال شتى فلما انقلبت الى منزل الرضا عليه السلام اخبرته بما كان عن عمه محمد بن جعفر فتبسم عليه السلام ثم قال: حفظ الله عمى ما اعرفني به لم كره ذلك؟ يا غلام صر الى عمران الصابى فاتني به فقلت: جعلت فداك انا اعرف موضعه وهو عند بعض اخواننا من الشيعه قال: فلا باس قربوا إليه دابه فصرت الى عمران فاتيته به فرحب به ودعا بكسوه فخلعها عليه وحمله ودعا بعشره آلاف درهم فوصله بها قلت: جعلت فداك حكيت فعل جدك أمير المؤمنين عليه السلام قال عليه السلام: هكذا نحب ثم دعا عليه السلام بالعشاء فاجلسني عن يمينه واجلس عمران عن يساره حتى إذا فرغنا قال لعمران: انصرف مصاحبا وبكر علينا نطعمك طعام المدينة فكان عمران بعد ذلك يجتمع إليه المتكلمون من اصحاب المقالات فيبطل امرهم حتى اجتنبوه ووصله المأمون بعشره آلاف درهم واعطاه الفضل مالا وحمله وولاه الرضا عليه السلام صدقات بلخ فاصاب الرغائب (1).


1 – اي فاصاب عمران بمال كثير وعطاء جزيل. الرغيبة. العطاء الكثير. قال في القاموس الرغيبة الامر المرغوب فيه والعطاء الكثير.

[ 159 ]

13 – باب في ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع سليمان المروزى متكلم خراسان عند المأمون في التوحيد 1 – حدثنا أبو محمد جعفر بن على بن أحمد الفقيه رضى الله عنه قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن على بن صدقه القمى قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن عمرو بن عبد العزيز الانصاري الكجى قال: حدثني من سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول: قدم سليمان المروزى متكلم خراسان على المأمون فأكرمه ووصله ثم قال له: ان ابن عمى على بن موسى الرضا عليهما السلام قدم علي من الحجاز وهو يحب الكلام واصحابه فلا عليك ان تصير الينا يوم الترويه لمناظرته فقال سليمان: يا أمير المؤمنين انى اكره ان اسال مثله في مجلسك في جماعه من بني هاشم فينتقض عند القوم إذا كلمني ولا يجوز الاستقصاء عليه قال المأمون إنما وجهت إليه لمعرفتي بقوتك وليس مرادى الا ان تقطعه عن حجه واحده فقط فقال سليمان: حسبك يا أمير المؤمنين اجمع بينى وبينه وخلنى والذم فوجه المأمون الى الرضا عليه السلام فقال: انه قدم الينا من أهل مروز وهو واحد خراسان من اصحاب الكلام فإن خف عليك ان تتجشم المصير الينا فعلت فنهض عليه السلام للوضوء وقال لنا: تقدموني وعمران الصابى معنا فصرنا الى الباب فاخذ ياسر وخالد بيدى فادخلاني على المأمون فلما سلمت قال: اين اخى أبو الحسن ابقاه الله تعالى؟ قلت: خلفته يلبس ثيابه وامرنا ان نتقدم ثم قلت: يا أمير المؤمنين ان عمران مولاك معى وهو على الباب فقال: ومن عمران؟ قلت: الصابى الذي اسلم على يدك قال: فليدخل فدخل فرحب به المأمون ثم قال


[ 160 ]

له يا عمران لم تمت حتى صرت من بني هاشم قال: الحمد لله الذي شرفني بكم يا أمير المؤمنين فقال له المأمون: يا عمران هذا سليمان المروزى متكلم خراسان قال عمران: يا أمير المؤمنين انه يزعم واحد خراسان في النظر وينكر البداء (1) قال: فلم لا تناظروه؟ قال عمران ذلك إليه فدخل الرضا عليه السلام فقال: في أي شئ كنتم؟ قال عمران: يا بن رسول الله هذا سليمان المروزى فقال له سليمان: اترضى بابى الحسن وبقوله فيه؟ فقال عمران: قد رضيت بقول أبي الحسن في البداء على ان ياتيني فيه بحجه احتج بها على نظرائي من أهل النظر قال المأمون؟ يا أبا الحسن ما تقول فيما تشاجرا فيه؟ قال: وما انكرت من البداء يا سليمان والله عز وجل يقول: (اولم ير الانسان انا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) (2) ويقول عز وجل: (وهو الذي يبدء الخلق ثم يعيده) (3) ويقول: (بديع السموات والأرض) (4) ويقول عز وجل (يزيد في الخلق ما يشاء) (5) ويقول: (وبدء خلق الانسان من طين) (6) ويقول عز وجل: (وآخرون مرجون لامر الله أما يعذبهم وأما يتوب عليهم) (7) ويقول عز وجل: (وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) (8) قال سليمان: هل رويت فيه من آبائك شيئا؟ قال: نعم رويت عن أبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: ان لله عز وجل علمين علما مخزونا مكنونا لا يعلمه الا هو من ذلك يكون البداء وعلما علمه ملائكته ورسله فالعلماء من أهل بيت نبينا يعلمونه قال سليمان: احب ان تنزعه لي من كتاب الله عز وجل قال: قول الله عز وجل لنبيه (ص):


1 – وقد ورت الاخبار والاحاديث عن أهل بيت العصمة عليهم السلام في التحريض على الاعتقاد بالبداء وانه من جملة ما جاء به النبي (ص) وان الاعتقاد به واجب ولازم للمؤمن بالله تعالى ورسوله (ص) وبأوصيائه عليهم السلام فمن لم يعتقد بالبداء فليس بمؤمن. 2 – سورة مريم: الاية 167. 3 – سورة الروم: الاية 27. 4 – سورة البقرة: الاية 117. 5 – سورة الفاطر: الاية 1. 6 – سورة السجدة: الاية 7. 7 – سورة التوبة: الاية 106. 8 – سورة الفاطر: الاية 11.

[ 161 ]

(فتول عنهم فما أنت بملوم) (1) اراد هلاكهم ثم بدا لله تعالى فقال: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) (2) قال سليمان: زدنى جعلت فداك قال الرضا: لقد اخبرني أبي عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله (ص) قال: ان الله عز وجل اوحى الى نبى من انبيائه ان اخبر فلانا الملك: انى متوفيه الى كذا وكذا فاتاه ذلك النبي فاخبره فدعا الى الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير وقال يا رب اجلني حتى يشب طفلي وقضى امرى فأوحى الله عز وجل الى ذلك النبي ان ائت فلانا الملك فاعلم انى قد انسيت في اجله وزدت في عمره الى خمس عشره سنه فقال ذلك النبي عليه السلام: يا رب انك لتعلم انى لم اكذب قط فأوحى الله عز وجل إليه: إنما أنت عبد مامور فأبلغه ذلك والله لا يسئل عما يفعل ثم التفت الى سليمان فقال: احسبك ضاهيت (3) اليهود في هذا الباب قال: اعوذ بالله من ذلك وما قالت اليهود قال: قالت اليهود: (يد الله مغلوله) (4) يعنون: ان الله تعالى قد فرغ من الامر فليس يحدث شيئا فقال الله عز وجل: (غلت ايديهم ولعنوا بما قالوا) ولقد سمعت قوما سالوا أبي موسى بن جعفر عليه السلام عن البداء فقال: وما ينكر الناس من البداء وان يقف الله قوما يرجيهم لامره قال سليمان: الا تخبرني عن (انا انزلناه في ليله القدر) في أي شئ انزلت؟ قال: يا سليمان ليله القدر يقدر الله عز وجل فيها ما يكون من السنه الى السنه من حياه أو موت أو خير أو شر أو رزق فما قدره في تلك الليله فهو من المحتوم قال سليمان: الان قد فهمت جعلت فداك فزدني قال: يا سليمان ان من الامور امورا موقوفه عند الله عز وجل يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويمحو ما يشاء يا سليمان ان عليا عليه السلام كان يقول: العلم علمان فعلم علمه الله وملائكته ورسله فما علمه ملائكته ورسله فانه يكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه احدا


1 – سورة الذاريات: الاية 54. 2 – سورة الذاريات: الاية 55. 3 – وضاهيت اي شابهت وشاكلت اليهود في قولك يا سليمان. 4 – سورة المائدة: الاية 64.

[ 162 ]

من خلقه يقدم منه ما يشاء ويؤخر منه ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء قال سليمان للمأمون: يا أمير المؤمنين لا انكر بعد يومى هذا البداء ولا اكذب به ان شاء الله فقال المأمون: يا سليمان سل أبي الحسن عما بدا لك وعليك بحسن الاستماع والانصاف قال سليمان: يا سيدى اسالك؟ قال الرضا عليه السلام: سل عما بدا لك قال: ما تقول فيمن جعل الارادة اسما وصفه مثل حى وسميع وبصير وقدير؟ قال الرضا عليه السلام: انما قلتم: حدثت الاشياء واختلفت لانه شاء واراد ولم تقولوا: حدثت الاشياء واختلفت لانه سميع بصير فهذا دليل على انهما ليستا مثل سميع ولا بصير ولا قدير قال: سليمان فانه لم يزل مريدا قال عليه السلام: يا سليمان فارادته غيره قال: نعم قال: فقد اثبت معه شيئا غيره لم يزل قال سليمان: ما اثبت قال الرضا عليه السلام: اهي محدثه؟ قال سليمان: لا لا ما هي محدثه فصاح به المأمون! وقال يا سليمان: مثله يعابا أو يكابر؟! عليك بالانصاف اما ترى من حولك من أهل النظر؟! ثم قال: كلمه يا أبا الحسن فانه متكلم خراسان فاعاد عليه المساله فقال: هي محدثه يا سليمان فإن الشئ إذا لم يكن ازليا كان محدثا وإذا لم يكن محدثا كان ازليا قال سليمان: ارادته منه كما ان سمعه وبصره وعلمه منه قال الرضا عليه السلام فاراد نفسه قال: لا قال: فليس المريد مثل السميع والبصير قال سليمان: إنما اراد نفسه كما سمع نفسه وابصر نفسه وعلم نفسه قال الرضا عليه السلام: ما معنى اراد نفسه؟ اراد ان يكون شيئا واراد ان يكون حيا أو سميعا بصيرا أو قديرا؟ قال: نعم قال الرضا عليه السلام: افبارادته كان ذلك؟ قال سليمان: نعم قال الرضا عليه السلام: فليس لقولك: اراد يكون حيا سميعا بصيرا معنى إذا لم يكن ذلك بارادته قال سليمان: بلى قد كان ذلك بارادته فضحك المأمون ومن حوله وضحك الرضا عليه السلام ثم قال لهم: ارفقوا بمتكلم خراسان يا سليمان فقد حال عندكم عن حاله وتغير عنها وهذا ما لا يوصف الله عز وجل به فانقطع ثم قال الرضا عليه السلام: يا سليمان اسألك عن مسأله قال: سل جعلت فداك قال: اخبرني عنك و عن اصحابك تكلمون الناس بما تفقهون


[ 163 ]

وتعرفون؟ أو بما لا تفقهون ولا تعرفون؟ قال: بل بما نفقه ونعلم قال الرضا عليه السلام: فالذي يعلم الناس ان المريد غير الارادة وان المريد قبل الارادة وان الفاعل قبل المفعول وهذا يبطل قولكم: ان الارادة والمريد شئ واحد قال: جعلت فداك ليس ذلك منه على ما يعرف الناس ولا على ما يفقهون قال الرضا عليه السلام: فاراكم ادعيتم علم ذلك بلا معرفه وقلتم: الارادة كالسمع والبصر إذا كان ذلك عندكم على ما لا يعرف ولا يعقل فلم يحر جوابا ثم قال الرضا عليه السلام: يا سليمان هل يعلم الله جميع ما في الجنة والنار؟ قال سليمان: نعم قال: افيكون ما علم الله تعالى انه يكون من ذلك؟ قال: نعم قال: فإذا حتى لا يبقى منه شئ إلا كان ايزيدهم أو يطويه عنهم؟ قال سليمان: بل يزيدهم قال: فاراه في قولك قد زادهم ما لم يكن في علمه انه يكون قال: جعلت فداك فالمريد لا غايه له قال: فليس يحيط علمه عندكم بما يكون فيهما إذا لم يعرف غايه ذلك وإذا لم يحط علمه بما يكون فيهما لم يعلم ما يكون فيهما قبل ان يكون تعالى الله عز وجل عن ذلك علوا كبيرا قال سليمان: إنما قلت: لا يعلمه لانه لا غايه لهذا لان الله عز وجل وصفهما بالخلود وكرهنا ان نجعل لهما انقطاعا قال الرضا عليه السلام: ليس علمه بذلك بموجب لانقطاعه عنهم لانه قد يعلم ذلك ثم يزيدهم ثم لا يقطعه عنهم وكذلك قال الله عز وجل في كتابه: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) (1) وقال لاهل الجنة: (عطاء غير مجذوذ) (2) وقال عز وجل: (وفاكهه كثيره لا مقطوعه وممنوعه) (3) فهو عز وجل يعلم ذلك ولا يقطع عنهم الزيادة ارايت ما اكل أهل الجنة وما شربوا ليس يخلف مكانه؟ قال: بلى قال: افيكون يقطع ذلك عنهم وقد اخلف مكانه؟ قال سليمان: لا قال: فكذلك كلما يكون فيها إذا اخلف مكانه فليس بمقطوع عنهم قال


1 – سورة النساء: الاية 56. 2 – سورة هود: الاية 108. 3 – سورة الواقعة: الاية 33.

[ 164 ]

سليمان: بلى يقطعه عنهم ولا يزيدهم قال الرضا عليه السلام: إذا يبيد (1) فيها وهذا يا سليمان ابطال الخلود وخلاف الكتاب لأن الله عز وجل يقول: (لهم ما يشاؤن فيها ولدينا مزيد) (2) ويقول عز وجل: (عطاء غير مجذوذ) ويقول عز وجل: (وما هم عنها بمخرجين) (3) ويقول عز وجل: (خالدين فيها ابدا) (4) ويقول عز وجل: (وفاكهه كثيره لا مقطوعه ولا ممنوعه) فلم يحر جوابا. ثم قال الرضا عليه السلام: يا سليمان الا تخبرني عن الارادة فعل هي ام غير فعل؟ قال: بلى هي فعل قال عليه السلام: فهى محدثه لأن الفعل كله محدث قال: ليست بفعل قال: فمعه غيره لم يزل قال سليمان: الارادة هي الانشاء قال: يا سليمان هذا الذي عبتموه (5) على ضرار واصحابه من قولهم: ان كل ما خلق الله عز وجل في سماء أو ارض أو بحر أو بر من كلب أو خنزير أو قرد أو انسان أو دابه اراده الله وان اراده الله تحيى وتموت وتذهب وتاكل وتشرب وتنكح وتلذ وتظلم وتفعل الفواحش وتكفر وتشرك فيبرا منها ويعاد بها وهذا حدها قال سليمان: انها كالسمع والبصر والعلم قال الرضا عليه السلام: قد رجعت الى هذا ثانيه فاخبرني عن السمع والبصر والعلم امصنوع؟ قال سليمان: لا قال الرضا عليه السلام: فكيف نفيتموه؟! قلتم: لم يرد ومره قلتم: اراد! وليست بمفعول له قال سليمان: إنما ذلك كقولنا: مره علم ومره لم يعلم قال الرضا عليه السلام: ليس ذلك سواء لأن نفى المعلوم ليس بنفى العلم ونفى المراد نفى الارادة ان تكون لأن الشئ إذا لم يرد لم تكن اراده فقد يكون العلم ثابتا وان لم يكن


1 – من باديبيد: قال في الصحاح: تقول باد اهله اي هلك. وقوله عليه السلام: يبيد ما فيها اي يهلك ما في الجنة. 2 – سورة ق: الاية 35. 3 – سورة الحجر: الاية 48. 4 – سورة البينة: الاية 8. 5 – عبتموه من باب عاب يعيب: عيبتموه من باب التفعيل بالعين المهملة مأخوذ من التعييب يقال عيبه أي نسبه الى العيب. وضرار الاباضي هو من مشايخ المعتزلة في علم الكلام.

[ 165 ]

المعلوم بمنزله البصر فقد يكون الانسان بصيرا وان لم يكن المبصر ويكون العلم ثابتا وان يكن المعلوم قال سليمان: انها مصنوعه قال: فهى محدثه ليست كالسمع والبصر لأن السمع والبصر ليسا بمصنوعين وهذه مصنوعه قال. سليمان: انها صفه من صفاته لم تزل قال: فينبغي أن يكون الانسان لم يزل لأن صفته لم تزل قال سليمان: لا لانه لم يفعلها قال الرضا عليه السلام: يا خراساني ما اكثر غلطك! افليس بارادته وقوله تكون الاشياء؟ قال سليمان: لا قال: فإذا لم تكن بارادته ولا مشيئته ولا امره ولا بالمباشرة فكيف يكون ذلك؟ تعالى الله عن ذلك فلم يحر جوابا ثم قال الرضا عليه السلام: الا اتخبرني عن قول الله عز وجل: (وإذا اردنا ان نهلك قريه امرنا مترفيها ففسقوا فيها) (1) يعنى بذلك انه يحدث اراده قال له: نعم قال عليه السلام: فإذا حدث اراده كان قولك: ان الارادة هي هو أو شئ منه باطلا لانه لا يكون ان يحدث نفسه ولا يتغير عن حاله تعالى الله عن ذلك قال سليمان: انه لم يكن عنى بذلك انه يحدث اراده قال: فما عنى به؟ قال: عنى فعل الشئ قال الرضا عليه السلام: ويلك كم تردد في هذه المساله؟ وقد اخبرتك ان الارادة محدثه لأن فعل الشئ محدث قال: فليس لها معنى قال الرضا عليه السلام: قد وصف نفسه عندكم حتى وصفها بالارادة بما لا معنى له فإذا لم يكن لها معنى قديم ولا حديث بطل قولكم: ان الله عز وجل لم يزل مريدا قال سليمان: إنما عنيت انها فعل من الله تعالى لم يزل قال: الم تعلم ان ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما وحديثا في حاله واحده؟ فلم يحر جوابا. قال الرضا عليه السلام: لا باس اتمم مسألتك قال سليمان: قلت: ان الارادة صفه من صفاته قال: كم تردد انها صفه من صفاته فصفته محدثه أو لم تزل؟ قال سليمان: محدثه قال الرضا عليه السلام: الله اكبر! فالاراده محدثه وان كانت صفه من صفاته لم تزل فلم يرد شيئا قال الرضا عليه السلام: ان ما لم يزل لا يكون مفعولا (2) قال سليمان:


1 – سورة الاسراء: الاية 16. 2 – قوله عليه السلام: (ان ما لم يزل لم يكن مفعولا) صريح في منافاة الازلية للمفعولية ولا مجال لمكابر ان يقول: ان المراد ان ما لم يزل بذاته لم يكن مفعولا لانا منقول: من البين ان =

[ 166 ]

ليس الاشياء اراده ولم يرد شيئا قال الرضا عليه السلام: وسوست يا سليمان فقد فعل وخلق ما لم يزل خلقه وفعله وهذه صفه من لا يدرى ما فعل؟ تعالى الله عن ذلك (1) قال سليمان: يا سيدى فقد اخبرتك انها كالسمع والبصر والعلم قال المأمون: ويلك يا سليمان! كم هذا الغلط والترداد اقطع وخذ في غيره إذ لست تقوى على غير هذا الرد قال الرضا عليه السلام: دعه يا أمير المؤمنين لا تقطع عليه مسالته فيجعلها حجه تكلم يا سليمان قال: قد اخبرتك انها كالسمع والبصر والعلم قال الرضا عليه السلام: لا باس اخبرني عن معنى هذه امعنى واحد ام معان مختلفه؟ قال سليمان: معنى واحد قال الرضا عليه السلام: فمعنى الارادات كلها معنى واحد قال سليمان: نعم قال الرضا عليه السلام: فان كان معناها معنى واحدا كانت اراده القيام اراده القعود واراده الحياه اراده الموت إذا كانت ارادته واحده لم تتقدم بعضها بعضا ولم يخالف بعضها بعضا وكانت شيئا واحدا قال سليمان: ان معناها مختلف قال عليه السلام: فاخبرني عن المريد اهو الارادة أو غيرها؟ قال سليمان بل هو الارادة قال الرضا عليه السلام: فالمريد عندكم مختلف إذا كان هو الارادة قال يا سيدى ليس الارادة المريد قال: فالاراده محدثه وإلا فمعه غيره افهم وزد في مسالتك قال سليمان: فانها اسم من اسمائه قال الرضا عليه السلام: هل سمى نفسه بذلك؟ قال


= سليمان لم يكن يدعي ان الارادة لم تزل بذاتها بل كان يدعي انها فعل له تعالى لكنها لم تزل فلو كا قوله عليه السلام خاصا بما لم تزل بذاته لم يكن جوابه عليه السلام مطابقا لقول سليمان ولا يفيد فيه البطلان فتأمل. 1 – هذه الفقرة صريحة في استلزام ازلية الاثر للايجاب الطبائعي وكون المؤثر موجبا غير ذي شعور وارادة فتنعقد قضية كلية هكذا: كا ذي اثر فهو موجب لا يدري ولا يشعر بفعله والموجبة الكلية تعكس موجبة كلية في عكس النقيض فيلزم من صدقها صدق قولنا: كل ما يدري ويشعر بفعله فليس له اثر ازلي ونجعله كبرى لقولنا: الله سبحانه يدري ويشعر بفعله فينتج في الشكل الاول: انه لله تعالى والاختيار وقصد الشئ مستلزم لعدم ذلك المقصود إذ لا معنى لايجاد الموجود وتحصيل الحاصل فيكون مسبوقا بالعدم وهو الحدوث المقابل للقدم. وعند الحكماء الحدوث ذاتي ولا شئ من الذاتي جاء معللا عندهم فلا مخصص للحدوث ويقولون: الحوادث باسرها مستندة الى الحركة الدائمية الدورية ولا تفتقر هذه الحركة الى علة وحادثة لكونها ليس لها بدو زماني فهي دائمة باعتبار وبه استندت الى علة قديمة وحادثة باعتبار وبه كانت مستندة الى الحوادث فتأمل.

[ 167 ]

سليمان: لا لم يسم به نفسه بذلك قال الرضا عليه السلام: فليس لك ان تسميه بما لم يسم به نفسه قال: قد وصف نفسه بانه مريد قال الرضا عليه السلام: ليس صفته نفسه انه مريد اخبار عن انه اراده ولا اخبار عن ان الارادة اسم من اسمائه قال سليمان: لأن ارادته علمه قال الرضا عليه السلام: يا جاهل! فإذا علم الشئ فقد اراده قال سليمان اجل: فقال: فإذا لم يرده لم يعلمه قال سليمان: اجل قال: من اين قلت ذاك؟ وما الدليل على ان ارادته علمه؟ وقد يعلم ما لا يريده ابدا وذلك قوله عز وجل: (ولئن شئنا لنذهبن بالذى اوحينا اليك) (1) فهو يعلم كيف يذهب به وهو لا يذهب به ابدا قال سليمان: لانه قد فرغ من الامر فليس يزيد فيه شيئا قال الرضا عليه السلام: هذا قول اليهود فكيف قال تعالى: (ادعوني استجب لكم) (2)! قال سليمان: إنما عنى بذلك انه قادر عليه قال: افيعد ما لا يفى به فكيف قال: (يزيد في الخلق ما يشاء) (3) وقال عز وجل: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده ام الكتاب) (4)؟! وقد فرغ من الامر فلم يحر جوابا قال الرضا عليه السلام: يا سليمان هل يعلم ان انسانا يكون ولا يريد ان يخلق انسانا ابدا وان انسانا يموت اليوم ولا يريد ان يموت اليوم؟ قال سليمان: نعم قال الرضا عليه السلام: فيعلم انه يكون ما يريد ان يكون أو يعلم انه يكون ما لا يريد أن يكون قال: يعلم انهما يكونان جميعا قال الرضا عليه السلام: إذا يعلم ان انسانا حى ميت قائم قاعدا عمي بصير في حاله واحده وهذا هو المحال قال: جعلت فداك فانه يعلم انه يكون احدهما دون الاخر قال: لا باس فايهما يكون الذي اراد ان يكون أو الذي لم يرد ان يكون؟ قال سليمان: الذي اراد ان يكون فضحك الرضا عليه السلام والمأمون واصحاب المقالات قال الرضا عليه السلام: غلطت وتركت قولك: انه يعلم ان انسانا يموت اليوم وهو لا


1 – سورة الاسراء: الاية 86. 2 – سورة المؤمن: الاية 60. 3 – سورة الفاطر: الاية 1. 4 – سورة الرعد: الاية 39.

[ 168 ]

يريد ان يموت اليوم وانه يخلق خلقا وانه لا يريد ان يخلقهم وإذا لم يجز العلم عندكم بما لم يرد ان يكون فانما يعلم ان يكون ما اراد ان يكون قال سليمان: فانما قولى: ان الارادة ليست هو ولا غيره قال الرضا عليه السلام: يا جاهل! إذا قلت: ليست هو فقد جعلتها غيره وإذا قلت: ليست هي غيره فقد جعلتها هو قال سليمان: فهو يعلم كيف يصنع الشئ؟ قال: نعم قال سليمان: فإن ذلك اثبات للشئ قال الرضا عليه السلام: احلت لان الرجل قد يحسن البناء وان لم يبن ويحسن الخياطة وان لم يخط ويحسن صنعه الشئ وان لم يصنعه ابدا ثم قال عليه السلام له: يا سليمان هل تعلم انه واحد لا شئ معه؟ قال: نعم قال الرضا عليه السلام. فيكون ذلك اثباثا للشئ قال سليمان: ليس يعلم انه واحد لا شئ معه قال الرضا عليه السلام: افتعلم أنت ذاك؟ قال: نعم قال: فانت يا سليمان إذا اعلم منه قال سليمان: المساله محال قال: محال عندك انه واحد لا شئ معه وانه سميع بصير حكيم قادر قال: نعم قال: فكيف اخبر عز وجل انه واحد حى سميع بصير حكيم قادر عليم خبير وهو لا يعلم ذلك وهذا رد ما قال وتكذيبه تعالى الله عن ذلك ثم قال له الرضا عليه السلام: فكيف يريد صنع ما لا يدرى صنعه ولا ما هو؟ وإذا كان الصانع لا يدرى كيف يصنع الشئ قبل ان يصنعه؟ فانما هو متحير تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا قال سليمان: فإن الارادة القدره قال الرضا عليه السلام: وهو عز وجل يقدر على ما لا يريده ابدا ولا بد من ذلك لانه قال تبارك وتعالى: (ولئن شئنا لنذهبن بالذى اوحينا اليك) فلو كانت الارادة هي القدره كان قد اراد أن يذهب به لقدرته فانقطع سليمان فقال المأمون عند ذلك: يا سليمان هذا اعلم هاشمى ثم تفرق القوم. قال مصنف هذا الكتاب رضى الله عنه: كان المأمون يجلب على الرضا عليه السلام من متكلمي الفرق والاهواء المضله كل من سمع به حرصا على انقطاع الرضا عليه السلام عن الحجه مع واحد منهم وذلك حسدا منه له ولمنزلته من العلم فكان لا يكلمه أحد إلا اقر له بالفضل والتزم الحجه له عليه لأن الله تعالى ذكره يابى إلا ان يعلى كلمته ويتم نوره وينصر حجته وهكذا وعد تبارك وتعالى في كتابه فقال:


[ 169 ]

(انا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياه الدنيا) (1) يعنى بالذين آمنوا الائمه الهداه واتباعهم العارفين بهم والاخذين عنهم بنصرهم بالحجه على مخالفيهم ما داموا في الدنيا وكذلك يفعل بهم في الاخرة وان الله عز وجل لا يخلف الميعاد.


1 – سورة المؤمن: الاية 51.

[ 170 ]

14 – باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه السلام عند المأمون مع أهل الملل والمقالات وما اجاب به على بن محمد بن الجهم في عصمه الانبياء سلام الله عليهم اجمعين 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلى بن عبد الله الوراق رضى الله عنهم قالوا: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكى قال: حدثنا أبو الصلت الهروي قال: لما جمع المأمون لعلى بن موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر المقالات فلم يقم أحد إلا وقد الزمه حجته كانه القم حجرا قام إليه على بن محمد بن الجهم فقال له: بن رسول الله اتقول بعصمه الانبياء؟ قال: نعم قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: (وعصى آدم ربه فغوى) (1) وفي قوله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه) (2) وفي قوله عز وجل في يوسف عليه السلام: (ولقد همت به وهم بها) (3) وفي قوله عز وجل في داود: (وظن داود إنما فتناه) (4) وقوله تعالى في نبيه محمد (ص) (وتخفى في نفسك ما الله مبديه) (5) فقال الرضا عليه السلام: ويحك يا على اتق الله ولا تنسب الى


1 – سورة طه: الاية 121. 2 – سورة الانبياء: الاية 87. 3 – سورة يوسف: الاية 24. سورة ص: الاية 24. 5 – سورة الاحزاب: الاية 37.

[ 171 ]

انبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله برايك فإن الله عز وجل قد قال: (ولا يعلم تأويله الا الله والراسخون) (1) وأما قوله عز وجل في آدم: (وعصى آدم ربه فغوى) فإن الله عز وجل خلق آدم حجه في ارضه وخليفه في بلاده لم يخلقه للجنه وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض وعصمته يجب ان يكون الأرض ليتم مقادير أمر الله فلما اهبط الى الارض وجعل حجه وخليفه عصم بقوله عز وجل: (ان اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (2) وأما قوله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه) إنما ظن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه الا تسمع قول الله عز وجل: (وأما إذا ما ابتليه ربه فقدر عليه رزقه) (3) أي ضيق عليه رزقه ولو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر وأما قوله عز وجل في يوسف (ولقد همت به وهم بها) فانها همت بالمعصيه وهم يوسف بقتلها ان اجبرته لعظم ما تداخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة وهو قوله عز وجل: (كذلك لنصرف السوء والفحشاء) يعنى القتل والزنا وأما داود عليه السلام فما يقول من قبلكم فيه؟ فقال على بن محمد بن الجهم: يقولون: ان داود عليه السلام كان في محرابه يصلى فتصور له ابليس على صوره طير احسن ما يكون الطيور فقطع داود صلاته وقام لياخذ الطير فخرج الطير الى الدار فخرج الطير الى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير دار اوريا بن حنان فاطلع داود في اثر الطير بامراه اوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها وقد اخرج اوريا في بعض غزواته فكتب الى صاحبه ان قدم اوريا امام التابوت فقدم فظفر اوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود فكتب إليه ثانيه ان قدمه امام التابوت فقدم فقتل اوريا فتزوج داود بامراته قال: فضرب الرضا عليه السلام بيده


1 – سورة آل عمران: الاية 7. 2 – سورة آل عمران: الاية 33. 3 – سورة الفجر: الاية 16.

[ 172 ]

على جبهته وقال: انا لله وانا إليه راجعون! لقد نسبتم نبيا من انبياء الله الى التهاون بصلاته حتى خرج في اثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل! فقال: يا بن رسول الله فما كان خطيئته؟ فقال: ويحك! ان داود إنما ظن ان ما خلق الله عز وجل خلقا هو اعلم منه فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا: (خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا الى سواء الصراط ان هذا اخى له تسع وتسعون نعجه ولي نعجه واحده فقال اكفلنيها وعزنى في الخطاب) فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه فقال: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه) ولم يسال المدعى البينه على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئه رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه الا تسمع الله عز وجل يقول: (يا داود انا جعلناك خليفه الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) الى آخر الايه فقال: يا بن رسول الله فما قصته مع اوريا فقال الرضا عليه السلام ان المرأه في ايام داود عليه السلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده ابدا واول من اباح الله له ان يتزوج بامراه قتل بعلها كان داود عليه السلام فتزوج بامراه اوريا لما قتل وانقضت عدتها منه فذلك الذي شق على الناس من قبل اوريا واما محمد (ص) وقول الله عز وجل: (وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشيه الله فان الله عز وجل عرف نبيه (ص) اسماء ازواجه في دار الدنيا واسماء ازواجه في دار الاخرة وانهن امهات المؤمنين واحداهن من سمى له زينب بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثه فاخفى اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يقول أحد من المنافقين انه قال في امراه في بيت رجل انها احدى ازواجه من امهات المؤمنين وخشى قول المنافقين فقال الله عز وجل: (وتخشى الناس والله احق ان تخشيه) يعنى في نفسك وان الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حوا من آدم عليه السلام وزينب من رسول الله (ص) بقوله: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) الايه (1) وفاطمة من على عليه السلام قال: فبكى على بن محمد


1 – سورة الاحزاب: الاية 37. الوطر بالتحريك: الحاجة. قضى منه وطره: نال منه بغيته.

[ 173 ]

ابن الجهم وقال: يا بن رسول الله انا تائب الى الله عز وجل من ان انطق في انبياء الله عليهم السلام بعد يومى إلا بما ذكرته.


[ 174 ]

15 – باب ذكر مجلس آخر للرضا عليه السلام عن المأمون في عصمه الانبياء عليهم السلام 1 – حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشى رضى الله عنه قال: حدثني أبي عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن على بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا على بن موسى عليهما السلام فقال له المأمون: يا بن رسول الله اليس من قولك: الانبياء معصومون؟ قال: بلى قال: فما معنى قول الله عز وجل: (فعصى آدم ربه فغوى) فقال عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى قال لادم: (اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجره) واشار لهما الى شجره الحنطه (فتكونا من الظالمين) ولم يقل لهما: لا تاكلا من هذه الشجره ولا مما كان من جنسها فلم يقربا تلك الشجره ولم ياكلا منها وإنما اكلا من غيرها لما ان وسوس الشيطان اليهما وقال: (ما نهيكما ربكما عن هذه الشجره) وإنما ينهيكما أن تقربا غيرها ولم ينهكما عن الاكل منها (إلا ان تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما انى لكما لمن الناصحين) ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا (فدليهما بغرور) فاكلا منها ثقه بيمينه بالله وكان ذلك من آدم قبل النبوه ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار وإنما كان من الصغائر الموهوبه التي تجوز على الانبياء قبل نزول الوحى عليهم فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيره ولا كبيره قال الله عز وجل: (وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه فهدى) (1) وقال عز


1 – سورة ص: الاية 121 و 122.

[ 175 ]

وجل: (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (1) فقال له المأمون: فما معنى قول الله عز وجل: (فلما اتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما اتاهما) (2) فقال له الرضا عليه السلام: ان حواء ولدت لادم خمس مأه بطن ذكرا وانثى وان آدم عليه السلام وحواء عاهدا الله عز وجل ودعواه وقالا: (لئن آتيتنا صالحا لنكونن من الشاكرين فلما اتيهما صالحا) من النسل خلقا سويا بريئا من الزمانه والعاهه وكان ما اتاهما صنفين صنفا ذكرانا وصنفا اناثا فجعل الصنفان لله تعالى ذكره شركاء فيما آتاهما ولم يشكراه كشكر ابويهما له عز وجل قال الله تبارك وتعالى: (فتعالى الله عما يشركون) فقال المأمون: اشهد انك ابن رسول الله (ص) حقا فاخبرني عن قول الله عز وجل في حق إبراهيم عليه السلام: (فلما جن عليه الليل راى كوكبا قال هذا ربى) (4) فقال الرضا عليه السلام: ان إبراهيم عليه السلام وقع الى ثلاثه اصناف صنف يعبد الزهره وصنف يعبد القمر وصنف يعبد الشمس وذلك حين خرج من السرب (5) الذي اخفى فيه (فلما جن عليه الليل) فراى الزهره قال: (هذا ربى) على الانكار والاستخبار (فلما افل) الكوكب (قال لا احب الافلين) لأن الافول من صفات المحدث لا من صفات القدم (فلما راى القمر بازغا قال هذا ربى) على الانكار والاستخبار: (فلما افل قال لئن لم يهدنى ربى لاكونن من القوم الضالين) يقول: لو لم يهدنى ربى لكنت من القوم الضالين فلما اصبح (وراى الشمس بازغه هذا ربى هذا


1 – سورة آل عمران: الاية 34. 2 – سورة الاعراف: الاية 190. 3 – سورة الاعراف: الاية 190. في تفسير علي بن ابراهيم: قال جعلا للحارث نصيبا في خلق الله ولم يكن اشركا ابليس في عبادة الله (انتهى). كان اسم ابليس عند الملائكة هو الحارث. 4 – سورة الانعام: الاية 76. والايات المشار إليها في المتن المربوطة بقصة ابراهيم مذكورة في سورة الانعام الاية 76 الى 83 قال في الصحاح: جن وأجن بمعنى يقال: جننت عليه: أكننت (انتهى) جن: ستره بظلامه والكوكب كان الزهرة أو المشتري. 5 – السرب بالتحريك: الكهف والبيت تحت الارض وحجر الوحشي والقناة.

[ 176 ]

اكبر) من الزهره والقمر على الانكار والاستخبار لا على الاخبار والاقرار (فلما افلت) قال للاصناف الثلاثه من عبده الزهره والقمر والشمس: (يا قوم انى برئ مما تشركون انى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا وما انا من المشركين) وانما اراد إبراهيم عليه السلام بما قال ان يبين لهم بطلان دينهم ويثبت عندهم ان العبادة لا تحق لما كان بصفة الزهره والقمر والشمس وإنما تحق العبادة لخالقها وخالق السموات والارض وكان ما احتج به على قومه مما الهمه الله تعالى واتاه كما قال الله عز وجل: (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) فقال المأمون: لله درك يا ابن رسول الله فاخبرني عن قول إبراهيم عليه السلام: (رب ارنى كيف تحيى الموتى قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى) (1) قال الرضا عليه السلام: ان الله تبارك وتعالى كان اوحى الى ابراهيم عليه السلام: انى متخذ من عبادي خليلا ان سألني احياء الموتى اجبته فوقع في نفس إبراهيم: انه ذلك الخليل فقال: (رب ارنى كيف تحيى الموتى قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى) على الخلقه قال: (فخذ اربعه من الطير فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزء ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم ان الله عزيز حكيم) (2) فاخذ إبراهيم عليه السلام نسرا وطاووسا وبطا وديكا فقطعهن وخلطهن ثم جعل على كل جبل من الجبل التي حوله وكانت عشره منهن جزء وجعل مناقيرهن بين اصابعه ثم دعاهن باسمائهن ووضع عنده حبا وماء فتطايرت تلك الاجزاء بعضها الى بعض حتى استوت الابدان وجاء كل بدن حتى انضم رقبته وراسه فخلى إبراهيم عليه السلام عن مناقيرهن فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء والتقطن من ذلك الحب وقلن: يا نبى الله احييتنا احياك الله فقال إبراهيم: بل الله يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير قال المأمون: بارك الله فيك يا أبا الحسن فاخبرني عن قول الله عز وجل: (فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان) (3) قال الرضا عليه


1 – سورة البقرة: الاية 260. 2 – وليعلم انه قرئ لفظة (فصرهن) في الاية الشريفة بضم الصاد وكسرها قال الاخفش يعني وجههن يقال صر الى أي أقبل علي. 3 – سورة القصص: الاية 15.

[ 177 ]

السلام: ان موسى دخل مدينه من مدائن فرعون على حين غفله من اهلها وذلك بين المغرب والعشاء (فوجد فيها رجلين يقتتلان من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) فقضى موسى على العدو وبحكم الله تعالى ذكره (فوكزه) فمات (قال هذا من عمل الشيطان) يعنى الاقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى عليه السلام من قتله انه يعنى الشيطان (عدو مضل مبين) فقال المأمون: فما معنى قول موسى (رب انى ظلمت نفسي فاغفر لي) قال: يقول: انى وضعت نفسي غير موضعها بدخولي هذه المدينة (فاغفر لي) أي استرني من اعدائك لئلا يظفروا بى فيقتلوني (فغفر له انه هو الغفور الرحيم) قال موسى عليه السلام: (رب بما انعمت على) من القوة حتى قتلت رجلا بوكزه (فلن اكون ظهيرا للمجرمين) بل اجاهد سبيلك بهذه القوة حتى رضى (فاصبح) موسى عليه السلام في المدينة (خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالامس يستصرخه) على آخر (قال له موسى انك لغوى مبين) قاتلت رجلا بالامس وتقاتل هذا اليوم لاوذينك واراد ان يبطش به: (فلما اراد ان يبطش بالذى هو عدو لهما) وهو من شيعته: (قال يا موسى اتريد ان تقتلني كما قتلت نفسا بالامس ان تريد إلا ان تكون جبارا في الأرض وما تريد ان تكون من المصلحين) قال المأمون: جزاك الله عن انبيائه خيرا يا أبا الحسن فما معنى قول موسى لفرعون: (فعلتها إذا وانا من الضالين) (1) قال الرضا عليه السلام: ان فرعون قال: لموسى لما اتاه: (وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين) بى (قال) موسى: (فعلتها إذا وانا من الضالين) عن الطريق بوقوعي الى مدينه من مدائنك (ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربى حكما وجعلني من المرسلين) وقد قال الله عز وجل لنبيه محمد (ص): (الم يجدك يتيما فاوى) (2) يقول: ألم يجدك وحيدا فاوى اليك الناس (ووجدك ضالا) يعنى عند قومك (فهدى) أي هديهم الى معرفتك (ووجدك عائلا فاغنى) يقول: أغناك بان جعل دعائك مستجابا قال المأمون: بارك الله فيك يا بن


1 – سورة الشعراء: الاية 20. 2 – سورة الضحى: الاية 6.

[ 178 ]

رسول الله فما معنى قول الله عز وجل: (فلما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب ارنى انظر اليك قال لن تراني) (1) كيف يجوز ان يكون كلم الله موسى بن عمران عليه السلام لا يعلم ان الله تبارك وتعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤيه حتى يساله هذا السؤال؟ قال الرضا عليه السلام: ان كليم الله موسى بن عمران عليه السلام علم ان الله تعالى اعز ان يرى بالابصار ولكنه لما كلمه الله عز وجل وقربه نجيا رجع الى قومه فاخبرهم ان الله عز وجل كلمه وقربه وناجاه فقالوا: (لن نؤمن لك) حتى نستمع كلامه كما سمعت وكان القوم سبعمأة الف رجل فاختار منهم سبعين الفا ثم اختار منهم سبعه آلاف ثم اختار منهم سبعمائة ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربهم فخرج بهم الى طور سيناء فاقامهم في سفح (2) الجبل وصعد موسى الى الطور وسأل الله تعالى: ان يكلمه ويسمعهم كلامه فكلمه الله تعالى ذكره وسمعوا كلامه من فوق واسفل ويمين وشمال ووراء وامام لان الله عز وجل احدثه في الشجره وجعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا: (لن نؤمن لك) بان هذا الذي سمعناه كلام الله: (حتى نرى الله جهرة) فلما قالوا هذا القول العظيم واستكبروا وعتوا بعث الله عز وجل عليهم صاعقه فاخذتهم بظلمهم فماتوا فقال موسى: يا رب ما اقول لبنى اسرائيل إذا رجعت إليهم وقالوا: انك ذهبت بهم فقتلتهم؟! لانك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجاه الله عز وجل اياك فاحياهم الله وبعثهم معه فقالوا: انك لو سئلت الله ان يريك ننظر إليه لاجابك وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته؟ فقال موسى: يا قوم ان الله تعالى لا يرى بالابصار ولا كيفيه له وإنما يعرف باياته ويعلم باعلامه فقالوا: (لن نؤمن لك) حتى تسأله فقال موسى: يا رب انك قد سمعت مقاله بني اسرائيل وأنت اعلم بصلاحهم فأوحى الله جل جلاله: يا موسى سلنى ما سألوك فلن اؤاخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسى عليه السلام: (رب ارنى انظر اليك قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فإن استقر مكانه) وهو يهوى (فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل) بايه من آياته


1 – سورة الاعراف: الاية 142. 2 – اي اسفله حيث يسبح فيه الماء سفح الدمع: يسأل: يتعدي ولا يتعدى.

[ 179 ]

(جعله دكا وخر موسى صعقا فلما افاق قال سبحانك تبت اليك) يقول: رجعت الى معرفتي بك عن جهل قومي (وانا اول المؤمنين) منهم بانك لا ترى. فقال المأمون لله درك يا أبا الحسن فاخبرني عن قول الله عز وجل: (ولقد همت به وهم بها لولا ان راى برهان ربه) (1) فقال الرضا عليه السلام: لقد همت به ولولا ان راى برهان ربه لهم بها كما همت لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا ياتيه ولقد حدثني أبي عن أبيه الصادق عليه السلام انه قال: همت بان تفعل وهم بان لا يفعل. فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن فاخبرني عن قول الله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه) (2) فقال الرضا عليه السلام: ذاك يونس بن متى عليه السلام ذهب مغاضبا لقومه فظن بمعنى استيقن (ان لن نقدر عليه) أي لن نضيق رزقه ومنه قوله عز وجل: (وأما إذا ما ابتليه فقدر عليه رزقه) (3) أو ضيق وقتر (فنادى في الظلمات) أي ظلمه الليل وظلمه البحر وظلمه بطن الحوت (ان لا اله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين) بتركي مثل هذه العبادة التي قد فرغتني لها في بطن الحوت فاستجاب الله وله وقال عز وجل: (فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون) (4) فقال المأمون: لله درك أبا الحسن عليه السلام فاخبرني عن قول الله عز وجل: (حتى إذا استياس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا جائهم نصرنا) (5) قال الرضا عليه السلام يقول الله عز وجل: (حتى إذا استيأس الرسل) من قومهم وظن قومهم ان الرسل قد كذبوا جاء الرسل نصرنا فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن فاخبرني قول الله عز


1 – سورة يوسف: الاية 24. 2 – سورة الانبياء: الاية 87. 3 – سورة الفجر: الاية 16. 4 – سورة الصافات: الاية 143. 144. 5 – سورة يوسف: الاية 110.

[ 180 ]

وجل: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (1) قال الرضا عليه السلام: لم يكن أحد عند مشركي أهل مكه اعظم ذنبا من رسول الله (ص) لانهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما فلما جاءهم (ص) بالدعوه الى كلمه الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا: (اجعل الالهه الها واحدا ان هذا لشئ عجاب وانطلق الملا منهم ان امشوا واصبروا على آلهتكم ان هذا لشئ يراد ما سمعنا بهذا في المله الاخرة هذا إلا اختلاق) (2) فلما فتح الله عز وجل على نبيه (ص) مكه قال له يا محمد: (انا فتحنا لك) مكه (فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) عند مشركي أهل مكه بدعائك الى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لأن مشركي مكه اسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكه ومن بقى منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه إذا دعا الناس إليه فصار ذنبه عندهم ذلك مغفورا بظهوره عليهم. فقال المأمون: لله درك أبا الحسن فاخبرني عن قول الله عز وجل: (عفا الله عنك) (3) لم اذنت لهم؟ قال الرضا عليه السلام: هذا مما نزل باياك اعني واسمعي يا جاره (4) خاطب الله عز وجل بذلك نبيه واراد به امته وكذلك قوله: تعالى: (لئن اشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) (5) وقوله عز وجل: (ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا) (6) قال صدقت يا بن رسول الله (ص) فاخبرني عن قول الله عز وجل: (واذ تقول للذى انعم الله عليه وانعمت عليه امسك زوجك واتق الله وتخفى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشيه) (1) قال الرضا عليه السلام: ان رسول الله (ص) قصد دار زيد بن حارثه بن شراحيل الكلبى في


1 – سورة الفتح: الاية 2. 2 – سورة ص: الاية 5 و 6 و 7. 3 – سورة التوبة: الاية 43. 4 – سورة الزمر: الاية 65. 5 – سورة الاسراء: الاية 74. 6 – سورة الاحزاب: الاية 37.

[ 181 ]

أمر اراده فراى امراته تغتسل فقال لها: سبحان الذي خلقك! وانما اراد بذلك تنزيه الباري عز وجل عن قول من زعم ان الملائكه بنات الله فقال الله عز وجل: (افاصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكه اناثا انكم لتقولون قولا عظيما) فقال النبي: لما رآها تغتسل: سبحان الذي خلقك ان يتخذ له ولدا يحتاج الى هذا التطهير والاغتسال فلما عاد زيد الى منزله اخبرته امراته بمجئ رسول الله (ص) وقوله لها: سبحان الذي خلقك! فلم يعلم زيد ما اراد بذلك وظن انه قال ذلك لما اعجبه من حسنها فجاء الى النبي (ص) وقال له: يا رسول الله ان امراتى في خلقها سوء وانى اريد طلاقها فقال النبي (ص): امسك عليك زوجك واتق الله وقد كان الله عز وجل عرفه عدد ازواجه وان تلك المراه منهن فاخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد وخشى الناس ان يقولوا: ان محمدا يقول لمولاه: ان امراتك ستكون لي زوجه يعيبونه بذلك فانزل الله عز وجل: (واذ تقول للذى انعم الله عليه) يعنى بالاسلام (وانعمت عليه) يعنى بالعتق (امسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشاه) ثم ان زيد بن حارثه طلقها واعتدت منه فزوجها الله عز وجل من نبيه محمد (ص) وانزل بذلك قرآنا فقال عز وجل: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا) ثم علم الله عز وجل ان المنافقين سيعيبونه بتزويجها فانزل الله تعالى: (ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له) (2) فقال المأمون: لقد شفيت صدري يا ابن رسول الله واوضحت لي ما كان ملتبسا على فجزاك الله عن انبيائه وعن الاسلام خيرا قال على بن محمد بن الجهم: فقام المأمون الى صلاه واخذ بيد محمد بن جعفر بن محمد عليهما السلام وكان حاضر المجلس وتبعتهما فقال له المأمون: كيف رايت ابن اخيك؟ فقال له: عالم ولم نره يختلف الى أحد من أهل العلم فقال المأمون: ان ابن اخيك من أهل بيت النبي الذين قال فيهم النبي (ص): إلا ان ابرار عترتي


1 – سورة الاسراء: الاية 40. 2 – سورة الاحزاب: الاية 37.

[ 182 ]

واطايب ارومتى احلم (1) الناس صغارا واعلم الناس كبارا فلا تعلموهم فانهم اعلم منكم لا يخرجونكم من باب هدى ولا يدخلونكم في باب ضلاله وانصرف الرضا عليه السلام الى منزله فلما كان من الغد غدوت عليه واعلمته ما كان من قول المأمون وجواب عمه محمد بن جعفر له فضحك عليه السلام ثم قال: يا ابن الجهم لا يغرنك ما سمعته منه فانه سيغتالني والله تعالى ينتقم لي منه قال مصنف هذا الكتاب: هذا الحديث غريب من طريق على بن محمد بن الجهم مع نصبه وبغضه وعداوته لاهل البيت عليه السلام


1 – الاروم بفتح الهمزة: اصل الشجرة. قال في الصحاح: الارومة بالضم: الاصل.

[ 183 ]

16 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من حديث اصحاب الرس 1 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن ابيه قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي (1) قال: حدثنا على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عليهم السلام قال: اتى على بن أبي طالب عليه السلام قبل مقتله بثلاثة ايام رجل من اشراف تميم يقال له: عمرو فقال: يا أمير المؤمنين اخبرني عن اصحاب الرس في أي عصر كانوا؟ واين كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث الله عز وجل إليهم رسولا ام لا؟ وبماذا هلكوا؟ فانى اجد في كتاب الله تعالى ذكرهم ولا اجد غيرهم فقال له على: لقد سألتنى عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ولا يحدثك به أحد بعدى إلا عنى وما في كتاب الله عز وجل آيه الا وانا اعرفها واعرف تفسيرها وفي أي مكان نزلت من سهل أو جبل؟ وفي أي وقت من ليل أو نهار؟ وان هيهنا لعلما جما واشار الى صدره ولكن طلابه يسير وعن قليل يندمون لو فقدوني كان


1 – هراة: مدينة مشهورة بخراسان ومنها معاذ الهروي لانه كان يبيع الثياب الهروية وغيرها وقد اثنى عليه شيخنا البهائي وقدم في كشكوله بأبيات حسنة وارجوزة رائقة في كل من هوائها ومائها ونسائها وثمارها وعنبها وبطيخها حيث قال (قده) فصل في وصفها على الاجمال: ان الهراة بلدة لطيفة (بديعة شائقة شريفة انيقة انيسة بديعة (رشيقة نفيسة منيعة.

[ 184 ]

من قصتهم يا اخا تميم: انهم كانوا قوما يعبدون شجره صنوبره يقال لها شاه درخت كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها: دوشاب كانت انبطت (1) لنوح عليه السلام بعد الطوفان وإنما سموا اصحاب الرس لانهم رسوا بينهم في الارض وذلك بعد سليمان بن داود عليه السلام وكانت لهم اثنتا عشره قريه على شاطئ نهر يقال لها: رس من بلاد المشرق وبهم سمى ذلك النهر ولم يكن يومئذ في الارض نهر اغزر منه ولا اعذب منه ولا قرى اكثر ولا اعمر منها تسمى احديهن آبان والثانيه آذر والثالثه دى والرابعه بهمن والخامسه اسفندار والسادسه فروردين والسابعة اردي بهشت والثامنه خرداد والتاسعه مرداد والعاشرة تير والحاديه عشر مهر والثانيه عشر شهريور وكانت اعظم مدائنهم اسفندار وهي التي ينزلها ملكهم وكان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه السلام (2) وبها العين والصنوبره وقد غرسوا في كل قريه منها حبه من طلع تلك الصنوبره فنبتت الحبه وصارت شجره عظيمه وحرموا ماء العين والانهار فلا يشربون منها ولا انعامهم ومن فعل ذلك قتلوهم ويقولون: هو حيوه آلهتنا فلا ينبغى لاحد ان ينقص من حياتها ويشربونهم وانعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم وقد جعلوا في كل شهر من السنه في كل قريه عيد يجمع إليه اهلها فيضربون على الشجره التي بها كلة (3) من يريد فيها من انواع الصور ثم ياتون بشاة وبقر فيذبحونها قربانا للشجرة ويشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطع دخان تلك الذبائح وقتارها في الهواء وحال بينهم وبين النظر الى السماء خروا للشجرة سجدا ويبكون ويتضرعون إليها ان ترضى عنهم فكان الشيطان يجئ فيحرك اغصانها ويصيح من ساقها صياح الصبى ويقول: قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا وقروا عينا فيرفعون رؤوسهم عند ذلك ويشربون الخمر ويضربون بالمعازف (4) ويأخذون الدست بند فيكونون على ذلك


1 – نبط الماء ينبط نبع والبئر استخرج ماؤها (القاموس). 2 – فرعون ابراهيم: نمرود وفرعون موسى: ريان. وفي بعض النسخ الخطية: تركور بن غابور بن يارش بن سان بن نمرود بن كنعان بن فرعون ابراهيم. 3 – الكلة بالكسر: الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق. 4 – المعازف: الملاهي: الدست بند: لعب للمجوس.

[ 185 ]

يومهم وليلتهم ثم ينصرفون وانما سميت العجم شهورها (1) بآبانماه وآذرماه وغيرهما اشتقاقا من اسماء تلك القرى لقول اهلها بعضهم لبعض: هذا عيد شهر كذا وعيد شهر كذا حتى إذا كان عيد شهر قريتهم العظمى اجتمع إليه صغيرهم فضربوا عند الصنوبره والعين سرادقا من ديباج عليه من انواع الصور له اثنا عشر بابا كل باب لاهل قريه منهم ويسجدون للصنوبره خارجا من السرادق ويقربون له الذبائح اضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجئ ابليس عند ذلك فيحرك الصنوبره تحريكا شديدا ويتكلم من جوفها كلاما جهوريا ويعدهم ويمنيهم باكثر مما وعدتهم ومنتهم الشياطين كلها فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لا يفيقون ولا يتكلمون من الشرب والعزف فيكونون على ذلك اثنى عشر يوما ولياليها بعدد اعيادهم سائر السنه ثم ينصرفون فلما طال كفرهم بالله عز وجل وعبادتهم غيره بعث الله عز وجل إليهم نبيا من بني اسرائيل من ولد يهود بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم الى عباده الله عز وجل ومعرفه ربوبيته فلا يتبعونه فلما راى شده تماديهم في الغى والضلال وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح وحضر عيد قريتهم العظمى قال: يا رب ان عبادك ابوا إلا تكذيبي والكفر بك وغدوا يعبدون شجره لا تنفع ولا تضر فايبس شجرهم اجمع وارهم قدرتك وسلطانك فاصبح القوم وقد يبس شجرهم فهالهم ذلك وقطع بهم وصاروا فرقتين فرقه قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي يزعم انه رسول رب السماء والأرض اليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم الى آلهه وفرقه قالت: لا بل غضبت آلهتكم حين رات هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم الى عباده غيرها فحجبت حسنها وبهائها لكى تغضبوا لها فتنتصروا منه فاجمع رأيهم على قتله فاتخذوا انابيب طوالا من رصاص واسعه الافواه ثم ارسلوها في قرار العين الى اعلى الماء واحده فوق


1 – وفي هامش بعض النسخ: واعلم ان من التواريخ الاربعة المشهورة تاريخ الفرس ويسمى بالتاريخ البروجردي واسامي شهرهم: فروردين ارديبهشت خرداد تير مرداد شهريور مهر آبان دي بهمن اسفند ومنها تاريخ الجلالي المسمى بالملكي ايضا واسامي شهور هذا التاريخ كأسامي شهور تاريخ الفارسية الا انها يقيد بالقديم.

[ 186 ]

والاخرى مثل البرابخ (1) ونزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقه المدخل عميقه وارسلوا فيها نبيهم والقموا فاها صخره عظيمه ثم اخرجوا الانابيب من الماء وقالوا: نرجوا الان ان ترضى عنه آلهتنا إذ رات انا قد قتلنا من كان يقع فيها ويصد عن عبادتها ودفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها ونضارتها كما فبقوا عامة يومهم يسمعون انين نبيهم عليه السلام وهو يقول: سيدى قد ترى ضيق مكاني وشده كربى فارحم ضعف ركني وقله حيلتى وعجل بقبض روحي ولا تؤخر اجابه دعوتي حتى مات عليه السلام فقال الله عز وجل لجبرئيل عليه السلام: يا جبرئيل انظر عبادي هؤلاء الذي غرهم حلمي وامنوا مكرى وعبدوا غيرى وقتلوا رسولي ان يقوموا لغضبى أو يخرجوا من سلطاني كيف؟! وانا المنتقم ممن عصاني ولم يخش عقابي وانى حلفت بعزتي لاجعلنهم عبره ونكالا للعالمين فلم يرعهم وهم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديده الحمره فتحيروا فيها وذعروا منها وانضم بعضهم الى بعض ثم صارت الأرض من تحتهم كحجر كبريت يتوقد واظلتهم سحابه سوداء فالقت عليهم كالقبه جمرا تلتهب فذابت ابدانهم النار كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه ونزول نقمته ولا حول ولا قوه إلا بالله العلى العظيم


1 – البربخ بالبائين الموحدتين والخاء المعجمة ما يعمل من الخزف للبشر ومجاري الماء. من البحار.

[ 187 ]

17 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في تفسير قول الله عز وجل: وفديناه بذبح عظيم 1 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور في شعبان سنه اثنين وخمسين وثلاثمأه قال: حدثنا محمد بن على بن محمد بن قتيبه النيسابوري عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما أمر الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه السلام ان يذبح مكان ابنه اسماعيل الكبش الذي انزله عليه تمنى إبراهيم عليه السلام ان يكون يذبح ابنه اسماعيل عليه السلام بيده وانه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع الى قلبه ما يرجع قلب الوالد الذي يذبح اعز ولده بيده فيستحق بذلك ارفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم من احب خلقي اليك؟ فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو احب الى من حبيبك محمد (ص) فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم افهو احب اليك أو نفسك؟ قال: بل هو احب الى من نفسي قال: فولده احب اليك أو ولدك؟ قال: بل ولده قال: فذبح ولده ظلما على اعدائه اوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه على ايدى اعدائه اوجع لقلبي قال: يا إبراهيم فإن طائفه تزعم انها من امه محمد (ص) ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش فيستوجبون بذلك سخطى فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك وتوجع قلبه واقبل يبكى فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك اسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله واوجبت لك ارفع درجات أهل الثواب على


[ 188 ]

المصائب فذلك قول الله عز وجل: (وفديناه بذبح عظيم) (1) ولا حول ولا قوه إلا بالله العلى العظيم


1 – سورة الصافات: الاية 107.

[ 189 ]

18 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في قول النبي (ص): انا ابن الذبيحين 1 – حدثنا أحمد بن الحسين القطان قال: اخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى قال: حدثنا على بن الحسين بن علي بن الفضال عن أبيه: قال: سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام عن معنى قول النبي (ص): انا ابن الذبيحين؟ قال: يعنى اسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام وعبد الله بن عبد المطلب أما اسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله به إبراهيم (فلما بلغ معه السعي) وهو لما عمل مثل عمله (قال يا بني انى ارى في المنام انى اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا ابت افعل ما تؤمر) ولم يقل: يا ابت افعل ما رايت (ستجدني انشاء الله من الصابرين) فلما عزم على ذبحه فداه الله بذبح عظيم بكبش املح ياكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد ويمشى في سواد ويبول في سواد ويبعر في سواد وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة اربعين عاما وما خرج من رحم انثى وإنما قال الله عز وجل: (كن فيكون) فكان ليفدى به اسماعيل فكل ما يذبح في منى فهو فديه لاسماعيل الى يوم القيامة فهذا أحد الذبيحين وأما الاخر: فإن عبد المطلب كان تعلق بحلقه باب الكعبه ودعا الله ان يرزقه عشره بنين ونذر لله عز وجل ان يذبح واحدا منهم متى اجاب الله دعوته فلما بلغوا عشره قال: قد وفى الله لي فلاوفين لله عز وجل فادخل ولده الكعبه واسهم بينهم فخرج سهم عبد الله أبي رسول الله (ص) وكان احب ولده إليه ثم اجالها (1) ثانيه


1 – اي ادارها: قال في الصحاح: الاجالة. الادارة.

[ 190 ]

فخرج سهم عبد الله ثم اجالها ثالثه فخرج سهم عبد الله فاخذه وحبسه وعزم على ذبحه فاجتمعت قريش ومنعته من ذلك واجتمع نساء عبد المطلب يبكين ويصحن فقالت له ابنته عاتكه: يا ابتاه اغدر فيما بينك وبين الله عز وجل في قتل ابنك قال: وكيف اغدر يا بنيه فانك مباركه؟ قالت اعمد الى تلك السوائم التي لك في الحرم فاضرب بالقداح على ابنك وعلى الابل واعط ربك حتى يرضى فبعث عبد المطلب الى ابله فاحضرها واعزل منها عشرا وضرب السهم على الابل فكبرت قريش تكبيره ارتجت (1) لها جبال تهامه (2) فقال عبد المطلب: لا حتى اضرب بالقداح ثلاث مرات فضرب ثلاثا كل ذلك يخرج السهم على الابل فلما كانت في الثلاثه اجتذبه الزبير وأبو طالب واخواتهما من تحت رجليه فحملوه وقد انسلخت جلده خده الذي كانت على الأرض واقبلوا يرفعونه ويقبلونه ويمسحون عنه التراب فامر عبد المطلب ان تنحر الابل بالحزوره (3) ولا يمنع أحد منها وكانت مأه فكانت لعبد المطلب خمس من السنين اجراها الله عز وجل في الاسلام حرم نساء الاباء على الابناء وسن الديه في القتل مأه من الابل وكان يطوف بالبيت سبعه اشواط ووجد كنزا فاخرج منه الخمس وسمى زمزم حين حفرها سقايه الحاج ولولا ان عمل عبد المطلب كان حجه وان عزمه كان على ذبح ابنه عبد الله شبيه بعزم إبراهيم على ذبح ابنه اسماعيل لما افتخر النبي (ص) بالانتساب إليها لاجل انهما الذبيحان في قوله (ص): انا ابن الذبيحين والعله التي من اجلها دفع الله عز وجل الذبح عن اسماعيل هي العله التي من اجلها دفع الذبح عن عبد الله وهي كون النبي (ص) والائمه المعصومين صلوات الله عليهم في صلبيهما فببركه النبي (ص) والائمه عليهم السلام دفع الله الذبح عنهما فلم تجر السنه في الناس بقتل اولادهم ولولا ذلك لوجب على الناس كل اضحى التقرب الى الله تعالى بقتل اولادهم وكل ما يتقرب الناس به الى


1 – الرج: التحريك والتحرك والاهتزاز. الرجراج: الاضطراب كالارتجاج. 2 – تهامة بالكسر مكة شرفها الله تعالى وأرض معروفة. 3 – الحزورة بالحاء المهملة ثم الزاي المعجمة وبعدها واو ثم الراء المهملد على وزن دحرجة: تل من تلال مكة معروفة. قال في الصحاح: الحزوار: الروابي الصغار الواحدة حزورة وهي تل صغير.

[ 191 ]

الله عز وجل من اضحية فهو فداء لاسماعيل عليه السلام الى يوم القيامة. قال مصنف هذا الكتاب: قد اختلفت الروايات في الذبح فمنها ما ورد بانه اسحاق ومنها ما ورد بانه اسماعيل عليه السلام ولا سبيل الى رد الاخبار متى صح طرقها وكان الذبيح اسماعيل عليه السلام لكن اسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى ان يكون هو الذي أمر ابوه بذبحه فكان يصبر لامر الله عز وجل ويسلم له كصبر اخيه وتسليمه فينال بذلك درجته في الثواب فعلم الله عز وجل ذلك من قلبه فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك وقد اخرجت الخبر في ذلك مسندا في كتاب النبوه.


[ 192 ]

19 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في علامات الامام) 1 – حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقده الكوفى قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليهما السلام قال: للامام علامات يكون اعلم الناس واحكم الناس واتقى الناس واحلم الناس واشجع الناس واسخى الناس واعبد الناس ويلد مختونا ويكون مطهرا ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه ولا يكون له ظل وإذا وقع الى الارض من بطن امه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادتين ولا يحتلم وينام عينه ولا ينام قلبه ويكون محدثا ويستوى عليه درع رسول الله (ص) ولا يرى له بول ولا غائط لأن الله عز وجل قد وكل الأرض بابتلاع يخرج منه ويكون رائحته اطيب من رائحه المسك ويكون اولى بالناس منهم بانفسهم واشفق عليهم من آبائهم وامهاتهم ويكون اشد الناس تواضعا لله عز وجل ويكون آخذ الناس بما يامره به واكف الناس عما ينهى عنه ويكون دعاؤه مستجابا حتى انه لو دعا على صخره لانشقت بنصفين ويكون عنده سلاح رسول الله (ص) وسيفه ذو الفقار ويكون عنده صحيفه فيها اسماء شيعتهم الى يوم القيامة وصحيفه فيها اسماء اعدائهم الى يوم القيامة ويكون عنده الجامعه وهي صحيفه طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم ويكون عنده الجفر الاكبر والاصغر


[ 193 ]

واهاب (1) ماعز واهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى ارش الخدش وحتى الجلده ونصف الجلده ويكون عنده مصحف فاطمه عليها السلام. 2 – وفي حديث آخر: ان الامام مؤيد بروح القدس وبينه وبين الله عمود من نور يرى فيه اعمال العباد وكلما احتاج إليه لدلاله اطلع عليه ويبسطه فيعلم ويقبض عنه فلا يعلم والامام يولد ويلد ويصح ويمرض وياكل ويشرب ويبول ويتغوط وينكح وينام وينسى ويسهو ويفرح ويحزن ويضحك ويبكى ويحيى ويموت ويقبر ويزار ويحشر ويوقف ويعرض ويسأل ويثاب ويكرم ويشفع ودلالته في خصلتين في العلم واستجابه الدعوه وكل ما اخبر به من الحوادث التي تحدث قبل كونها فذلك بعهد معهود إليه من رسول الله (ص) توارثه وعن آبائه عنه عليهم السلام ويكون ذلك مما عهد إليه جبرئيل عليه السلام من علام الغيوب عز وجل وجميع الائمه الاحد عشر بعد النبي (ص) قتلوا منهم بالسيف وهو أمير المؤمنين والحسين عليهما السلام والباقون قتلوا بالسم قتل كل واحد منهم طاغيه (2) زمانه وجرى ذلك عليهم على الحقيقة والصحه لا كما تقوله الغلاة (3) والمفوضه (4) لعنهم الله فانهم يقولون: انهم لم يقتلوا على الحقيقة وانه شبه للناس امرهم فكذبوا عليهم غضب الله فانه ما شبه أمر أحد من انبياء الله وحججه للناس إلا أمر عيسى بن مريم عليه السلام وحده لانه رفع من الأرض حيا وقبض روحه بين السماء والأرض ثم رفع الى السماء ورد عليه روحه وذلك قول الله تعالى: (إذ قال الله يا عيسى انى متوفيك ورافعك الى ومطهرك) (5) وقال عز وجل حكايه لقول عيسى عليه


1 – الاهاب بالكسر ككتاب ابجلد الذي يدبغ أو لم يدبغ. 2 – خ ل (طاغوت). 3 – الغلاة جمع الغالية: من الفرق الاسلامية هم الذين غلوا في حق أئمتهم وربما شبهوا الاله بالخلق والخلق بالاله وانما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية ومذاهب التناسخية من كتاب الفرق بين الفرق. 4 – المفوضة: قوم زعموا ان الله تعالى خلق محمدا (ص) ثم فوض إليه خلق العالم وتدبيره ثم فوض (ص) تدبير العالم الى علي بن أبي طالب عليه السلام فراجع (ص 18 و 153 من كتاب الفرق بين الفرق ط مصر). 5 – سورة آل عمران: الاية 55.

[ 194 ]

السلام يوم القيامة (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيه فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد) (1) ويقولون المتجاوزون للحد في أمر الائمه عليهم السلام: انه ان جاز ان يشبه أمر عيسى عليه السلام للناس فلم لا يجوز ان يشبه امرهم ايضا؟ والذي يجب ان يقال لهم: ان عيسى هو مولود من غير اب فلم لا يجوز ان يكونوا مولودين من غير آباء؟ فانهم لا يجترون على اظهار مذهبهم لعنهم الله في ذلك ومتى جاز ان يكون جميع انبياء الله ورسله وحججه بعد آدم مولودين من الاباء والامهات وكان عيسى عليه السلام من بينهم مولودا من غير اب جاز ان يشبه أمر غيره من الانبياء والحجج عليهم السلام كما جاز ان يولد من غير اب دونهم وإنما اراد الله عز وجل يجعل امره آيه وعلامه ليعلم بذلك انه على كل شئ قدير.


1 – سورة المائدة: الاية 117.

[ 195 ]

20 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في وصف الامامه والامام وذكر فضل الامام ورتبته 1 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن على الهاروني قال: حدثني أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الرقام قال: حدثني القاسم بن مسلم عن اخيه عبد العزيز بن مسلم قال: كنا في ايام على بن موسى الرضا عليهم السلام بمرو فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعه في بدء مقدمنا فإذا راى الناس أمر الامامه وذكروا كثره اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدى ومولاي الرضا عليه السلام فاعلمته ما خاض الناس فيه فتبسم عليه السلام ثم قال: يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن اديانهم ان الله تبارك وتعالى لم يقبض نبيه (ص) حتى اكمل له الدين وانزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شئ بين فيه الحلال والحرام والحدود والاحكام وجميع ما يحتاج إليه كملا فقال عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (1) وانزل في حجه الوداع وفي آخر عمره (ص) (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا) (2) وأمر الامامه في تمام الدين ولم


1 – سورة الانعام: الاية 38. 2 – سورة المائدة: الاية 67 نقل جم غفير من فطاحل اهل السنة في كتبهم انها نزلت في بيان فضل علي عليه السلام يوم الغدير فليراجع صحاحهم وتفاسيرهم وعليك بكتاب العبقات والاحقاق.

[ 196 ]

يمض (ص) حتى بين لامته معالم دينهم واوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد الحق واقام لهم عليا عليه السلام علما واماما وما ترك شيئا يحتاج إليه الامه إلا بينه فمن زعم ان الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله عز وجل ومن رد كتاب الله فهو كافر هل يعرفون قدر الامامه ومحلها من الامه فيجوز فيها اختيارهم؟! ان الامامه اجل قدرا واعظم شانا واعلى مكانا وامنع جانبا وابعد غورا من ان يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بارائهم أو يقيموا اماما باختيارهم ان الامامه خص الله بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوه والخله مرتبه ثالثه وفضيلة شرفه بها واشاد بها ذكره فقال عز وجل: (انى جاعلك للناس اماما) (1) فقال الخليل عليه السلام: سرورا بها (ومن ذريتي) قال الله عز وجل: (لا ينال عهدي الظالمين) فابطلت هذه الايه امامه كل ظالم الى يوم القيامة وصارت في الصفوه ثم اكرمه الله عز وجل بان جعلها ذريته أهل الصفوه والطهارة فقال عز وجل: (ووهبنا له اسحاق ويعقوب نافله وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم ائمه يهدون بامرنا واوحينا إليهم فعل الخيرات واقام الصلاه وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) (2) فلم يزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي (ص) فقال الله عز وجل: (ان اولى بابراهيم (عليه السلام) للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولى المؤمنين) (3) فكانت له خاصه فقلدها (ص) عليا بامر الله عز وجل على رسم ما فرضها الله عز وجل فصارت في ذريته الاصفياء الذين آتاهم الله العلم والايمان بقوله عز وجل: (فقال الذين اوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله الى يوم البعث) (4) فهى في ولد على عليه السلام خاصه الى يوم القيامة إذ لا نبى بعد محمد (ص) فمن اين يختار هؤلاء الجهال؟! ان الامامه هي منزله الانبياء وارث الاوصياء ان الامامه خلافه الله عز وجل وخلافه الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسين عليهما السلام ان


1 – روى الجمهور عن ابن مسعود: ان هذه الاية نزلت في علي عليه السلام فراجع صحاحهم وتفاسيرهم. 2 – سورة الانبياء: الاية 72 و 73. 3 – سورة آل عمران: الاية 67. 4 – سورة الروم: الاية 56.

[ 197 ]

بالامامه زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين ان الامامه اس (1) الاسلام النامى وفرعه السامى بالامام تمام الصلاه والزكاه والصيام والحج والجهاد وتوفير الفئ والصدقات وامضاء الحدود والاحكام ومنع الثغور والاطراف والامام يحل حلال الله ويحرم حرام الله ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو الى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنه والحجه البالغه الامام كالشمس الطالعة للعالم وهي بالافق بحيث لا تنالها الايدى والابصار الامام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الساطع والنجم الهادى في غياهب (2) الدجى والبيد القفار ولجج البحار الامام الماء العذب على الظماء والدال على الهدى والمنجى من الردى والامام النار على اليفاع (3) الحار لمن اصطلى به والدليل في المهالك من فارقه فهالك الامام السحاب الماطر والغيث الهاطل والشمس المضيئة والارض البسيطه والعين الغزيره والغدير والروضه الامام الامين الرفيق والوالد الرفيق والاخ الشفيق ومفزع العباد في الداهيه الامام امين الله في ارضه وحجته على عباده وخليفته في بلاده الداعي الى الله والذاب عن حرم الله الامام المطهر الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم مرسوم بالحلم نظام الدين وعز المسلمين وغيظ المنافقين وبوار الكافرين الامام واحد دهره لا يدانيه أحد ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل وله مثل ولا نظير مخصوص بالفعل كله من غير طلب منه له ولا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفه الامام ويمكنه اختياره؟! هيهات هيهات! ضلت العقول وتاهت الحلوم وحارت الالباب وحسرت العيون وتصاغرت العظماء وتحيرت الحكماء وتقاصرت الحلماء وحصرت الخطباء وجهلت الالباء وكلت الشعراء وعجزت الادباء وعييت البلغاء عن وصف شان من شانه أو فضيله من فضائله فاقرت بالعجز والتقصير وكيف يوصف له أو ينعت بكنهه يفهم شئ من امره أو يوجد من يقام مقامه ويغنى غناه لا كيف وانى وهو بحيت النجم من ايدى المتناولين ووصف الواصفين فاين الاختيار من هذا؟


1 – الاس مثلثة: أصل البناء كما في القاموس. 2 – الغياهب جمع الغيهب: شدة السواد والظلمة الدجى: الظلمة. 3 – اليفاع: ما ارتفع من الارض وفي بعض النسخ (البقاع).

[ 198 ]

واين العقول عن هذا؟ واين يوجد مثل هذا؟ اظنوا ان يوجد ذلك في غير آل الرسول (ص)؟ كذبتهم والله انفسهم ومنتهم الباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا تزل عنه الى الحضيض اقدامهم راموا اقامه الامام بقول جائرة بائرة ناقصه وآراء مضله فلم يزدادوا منه إلا بعدا (قاتلهم الله انى يؤفكون) (1) لقد راموا صعبا وقالوا افكا (وضلوا ضلالا بعيدا) (2) ووقعوا في الحيره إذ تركوا الامام عن بصيره (وزين لهم الشيطان اعمالهم فصدهم عن السبيل وما كانوا مستبصرين) (3) ورغبوا عن اختيار الله واختيار رسوله الى اختيارهم والقرآن يناديهم (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيره سبحان الله وتعالى عما يشركون) (4) وقال الله عز وجل: (وما كان لمؤمن ومؤمنه إذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيره من امرهم) (5) وقال عز وجل: (ما لكم كيف تحكمون ام لكم كتاب فيه تدرسون ان لكم فيه لما تخيرون ام لكم ايمان علينا بالغه الى يوم القيامة ان لكم لما تحكمون سلهم ايهم بذلك زعيم ام لهم شركاء فليأتوا بشركائهم ان كانوا صادقين) (6) وقال عز وجل: (افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها) (7) ام طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون (8) ام (قالوا سمعنا ولا يسمعون ان شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون) (9) و (قالوا سمعنا وعصينا) (10) بل هو (فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) (11) فكيف لهم باختيار الامام؟! والامام عالم لا يجهل راع لا ينكل معدن القدس والطهارة والنسك والزهاده والعلم والعبادة


1 – اقتباس من قوله تعالى في سورة التوبة: الاية 31. 2 – اشارة الى قوله تعالى في سورة النساء: الاية 166. 3 – مقتبس من قوله تعالى في سورة العنكبوت: الاية 38. 4 – سورة القصص: الاية 68. 5 – سورة الاحزاب: الاية 36. 6 – سورة القلم: الاية 36 الى 41. 7 – سورة محمد صلى الله عليه وآله: الاية 24. 8 – اشارة الى قوله تعالى في سورة التوبة: الاية 93 وغيرها من الايات. 9 – سورة الانفال: الاية 31 الى 23. 10 – سورة البقرة: الاية 93. 11 – سورة الحديد: الاية 21.

[ 199 ]

مخصوص بدعوه الرسول وهو نسل المطهرة البتول لا مغمز فيه في نسب ولا يدانيه ذو حسب فالنسب من قريش والذروه من هاشم والعترة من آل الرسول (ص) والرضا من الله شرف الاشراف والفرع من عبد مناف نامى العلم كامل الحلم. مضطلع بالامامه عالم بالسياسه مفروض الطاعه قائم بامر الله عز وجل ناصح لعباد الله حافظ لدين ان الانبياء والائمه صلوات الله عليهم يوفقهم الله ويؤتيهم من مخزون علمه وحكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله تعالى (افمن يهدى الحق احق ان يتبع امن لا يهدى إلا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون) (1)؟! وقوله عز وجل: (ومن يؤت الحكمه فقد اوتى خيرا كثيرا) (2) وقوله عز وجل في طالوت: (ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطه في العلم والجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسع عليم) (3) وقال عز وجل لنبيه (ص): (وكان فضل الله عليك عظيما) (4) وقال عز وجل في الائمه من أهل بيته وعترته وذريته: (ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب والحكمه وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا) (5) وان العبد إذا اختاره الله عز وجل لامور عباده شرح الله صدره لذلك واودع قلبه ينابيع الحكمه والهمه العلم الهاما فلم يعى بعده بجواب ولا يحيد فيه عن الصواب وهو معصوم مؤيد موفق مسدد قد امن الخطايا والزلل والعثار يخصه الله بذلك ليكون حجته على عباده وشاهده على خلقه (وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فهل يقدرون على مثل هذا؟! فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفه فيقدموه؟ تعدوا وبيت الله الحق ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون وفي كتاب الله


1 – سورة يونس: الاية 35. 2 – سورة البقرة: الاية 269. 3 – سورة البقرة: الاية 247. 4 – سورة النساء: الاية 113. 5 – سورة النساء: الاية 54 و 55.

[ 200 ]

الهدى والشفاء فنبذوه واتبعوا اهوائهم فذمهم الله ومقتهم واتعسهم (1) فقال عز وجل: (ومن اضل ممن اتبع هويه بغير هدى من الله ان الله لا يهدى القوم الظالمين) (2) وقال عز وجل: (فتعسا لهم واضل اعمالهم) (3) وقال عز وجل: (كبر مقتا عند وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار) (4). 2 – حدثنا – وحدثني بهذا الحديث محمد بن محمد بن عصام الكليني وعلى بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق وعلى بن عبد الله الوراق واحسن بن أحمد المؤدب والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب رضى الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا أبو محمد القاسم بن العلا قال: حدثنا القاسم بن مسلم عن اخيه عبد العزيز بن مسلم عن الرضا عليه السلام.


1 – التعس بالتحريك: الهلاك. 2 – سورة القصص: الاية 50. 3 – سورة محمد (ص) الاية 8. 4 – سورة المؤمن الاية 35.

[ 201 ]

21 – باب ما جاء عن الرضا في تزويج فاطمه عليها السلام 1 – حدثنا أبو الحسن محمد بن على بن الشاه بمرو الرود قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن المظفر بن الحسين قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا البصري قال: حدثني المهدى بن سابق قال: حدثنا على بن موسى بن جعفر عليهما السلام قال: حدثنا أبي عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال على بن أبي طالب عليه السلام: لقد هممت بالتزويج فلم اجترى ان اذكر ذلك لرسول الله (ص) وان ذلك اختلج في صدري ليلى ونهارى حتى دخلت على رسول الله (ص) فقال لي: يا علي قلت: لبيك يا رسول الله قال: هل لك في التزويج؟ قلت: رسول الله اعلم وظننت انه يريد ان يزوجنى بعض نساء قريش وانى لخائف على فوت فاطمه فما شعرت بشئ إذ دعاني رسول الله (ص) فاتيته في بيت ام سلمه فلما نظر الى تهلل وجهه وتبسم حتى نظرت الى بياض اسنانه يبرق فقال لي: يا على ابشر فإن الله تبارك وتعالى قد كفانى ما كان همنى من أمر تزويجك قلت: وكيف كان ذاك يا رسول الله؟ قال: اتانى جبرئيل عليه السلام ومعه من سنبل الجنة (1) وقرنفلها (2) فناولنيهما فاخذتهما فشممتهما


1 – السنبل بضم السين المهملة والنون الساكنة وبعدها الباء الموحدة المضمومة: ما كان في اعالي سوق النبات من الحنطة والشعير ونحوها ومنه في سورة يوسف: (فما حصدتم فذروه في سنبله). 2 – القرنفل: نبات بستاني له زهر احمر أو ابيض طيب الرائحة ويكثر في الشام.

[ 202 ]

وقلت يا جبرئيل ما سبب هذا السنبل والقرنفل؟ فقال: ان الله تبارك وتعالى أمر سكان الجنان من الملائكه ومن فيها ان يزينوا الجنان كلها بمغارسها وانهارها وثمارها واشجارها وقصورها وأمر رياحها فهبت بانواع العطر والطيب وأمر حور عينها بالقراءه فيها طه وطس وحمعسق ثم أمر الله عز وجل مناديا فنادى: ألا يا ملائكتي وسكان جنتي اشهدوا انى قد زوجت فاطمه بنت محمد (ص) من على بن أبي طالب رضى منى بعضهما لبعض ثم أمر الله تبارك وتعالى ملكا من ملائكه الجنة يقال له: راحيل وليس في الملائكه ابلغ منه فخطب بخطبه لم يخطب بمثلها أهل السماء ولا أهل الأرض ثم مناديا فنادى: إلا يا ملائكتي وسكان جنتي باركوا على علي بن أبي طالب عليه السلام حبيب محمد (ص) وفاطمة بنت محمد (ص) فانى قد باركت عليهما فقال راحيل: يا رب وما بركتك عليهما اكثر مما رأينا لهما في جنانك ودارك فقال الله عز وجل: يا راحيل ان من بركتى عليهما انى اجمعهما على مجتبى واجعلهما حجتى على خلقي وعزتي وجلالى لاخلقن منهما خلقا ولانشان منهما ذريه اجعلهم خزاني في ارضى ومعادن لحكمي بهم احتج على خلقي بعد النبيين والمرسلين فابشر يا على فانى قد زوجتك ابنتى فاطمه على ما زوجك الرحمن وقد رضيت لها بما رضى الله لها فدونك اهلك فانك احق بها منى ولقد اخبرني جبريل عليه السلام: ان الجنة واهلها مشتاقون اليكما ولولا ان الله تبارك وتعالى اراد ان يتخذ منكما ما يتخذ به على الخلق حجه لاجاب فيكما الجنة واهلها فنعم الاخ انت ونعم الختن أنت ونعم الصاحب أنت وكفاك برضاء الله رضا فقال: على عليه السلام: رب اوزعنى ان اشكر نعمتك التي انعمت على فقال رسول الله (ص): آمين. 2 – حدثني بهذا الحديث على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا أبو محمد بكر بن عبد الله بن جندب قال: حدثنا أحمد الحرث قال: حدثنا أبو معاويه عن الاعمش عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: لقد هممت بتزويج فاطمه عليها السلام ولم اجتر ان اذكر ذلك لرسول الله وذكر الحديث مثله سواء.


[ 203 ]

ولهذا الحديث طريق آخر قد اخرجته في مدينه العلم. 3 – حدثنا أبو محمد جعفر بن النعيم الشاذانى رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس حدثنا إبراهيم بن هاشم عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال لي رسول الله (ص): يا على لقد عاتبتني رجال قريش في أمر فاطمه وقالوا: خطبناها اليك فمنعتنا وتزوجت عليا فقلت لهم: والله ما انا منعتكم وزوجته بل الله تعالى منعكم وزوجه فهبط على جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ان الله جل جلاله يقول: لو لم اخلق عليا عليه السلام لما كان لفاطمه ابنتك كفو على وجه الأرض آدم فمن دونه. 4 – وحدثنا بهذا الحديث أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن الرضا عن آبائه عن على بن أبي طالب عليهم السلام عن رسول الله (ص) وقد اخرجت ما رويته في هذا المعنى في كتاب مولد فاطمه عليها السلام وفضائلها.


[ 204 ]

22 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في الايمان وانه معرفه بالجنان واقرار باللسان وعمل بالاركان 1 – حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الرحمن القرشى الحاكم قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خالد بن الحسن المطوعى البخاري قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود ببغداد قال: حدثنا على بن حرب الملائى قال: حدثنا أبو الصلت الهروي قال: حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): الايمان معرفه بالقلب واقرار باللسان وعمل بالاركان. 2 – حدثنا أبو أحمد محمد بن جعفر بن محمد البندار بفرغانه (1) قال: حدثنا أبو العباس محمد بن محمد بن جمهور الحمادي قال: حدثنا محمد بن عمر بن منصور البلخى بمكه قال: حدثنا أبو يونس أحمد بن محمد بن يزيد بن عبد الله الجمحى قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي عن على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): الايمان معرفه بالقلب


1 – فرغانة بالفتح ثم السكون وغين معجمة وبعد الالف نون: مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر متاخمة لبلاد تركستان في زاوية ناحية هيطل من جهة مطلع الشمس على يمين القاصد لبلاد الترك كثيرة الخير واسعة الرستاق يقال: كان بها اربعون منبرا وبينهما وبين سمرقند خمسون فرسخا.

[ 205 ]

واقرار باللسان وعمل بالاركان. 3 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن بكر بن صالح الرازي عن أبي الصلت الهروي قال: سئلت الرضا عليه السلام عن الايمان؟ فقال عليه السلام: الايمان عقد بالقلب ولفظ باللسان وعمل بالجوارح لا يكون الايمان الا هكذا. 4 – اخبرني سليمان بن أحمد بن ايوب اللخمى فيما كتب الى من اصبهان قال: حدثنا على بن عبد العزيز ومعاذ بن المثنى قالا: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي قال: حدثنا على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): الايمان معرفه بالقلب واقرار باللسان وعمل بالاركان. 5 – حدثنا حمزه بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام بقم في رجب سنه تسع وثلاثين وثلاث مأه قال: حدثني أبو الحسن على بن محمد البزاز قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازى قال: حدثنا على بن موسى الرضا عليهما السلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن على الباقر قال: حدثني أبي على بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن على قال: حدثني أبي أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): الايمان اقرار باللسان ومعرفه بالقلب وعمل بالاركان قال حمزه بن محمد العلوى رضى الله عنه وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وسمعت أبي يقول: وقد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح عن علي بن موسى الرضا عليهما السلام باسناده مثله قال أبو حاتم: لو قرئ هذا الاسناد على مجنون لبرأ. 6 – حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا محمد بن معقل القرميسينى عن


[ 206 ]

محمد بن عبد الله بن طاهر قال: كنت واقفا على راس أبي وعنده أبو الصلت الهروي واسحاق بن راهويه وأحمد بن محمد بن حنبل فقال أبي: ليحدثني رجل منكم بحديث فقال أبو الصلت الهروي: حدثنا على بن موسى الرضا عليه السلام وكان والله رضى كما سمى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): الايمان قول وعمل فلما خرجنا قال أحمد بن محمد بن حنبل: ما هذا الاسناد؟ فقال له أبي: هذا سعوط (1) المجانين إذا سعط به المجنون افاق.


1 – السعوط بالفتح: الدواء يصب في الانف: من الصحاح.

[ 207 ]

23 – باب ذكر مجلس الرضا عليه السلام مع المأمون في الفرق بين العتره والامه 1 – حدثنا على بن الحسين بن شاذويه المؤدب وجعفر بن محمد بن مسرور رضى الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميرى (3) عن أبيه عن الريان بن الصلت قال: حضر الرضا عليه السلام مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع في مجلسه جماعه من علماء أهل العراق وخراسان فقال المأمون: اخبروني عن معنى هذه الايه: (ثم اورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (1) فقالت العلماء: اراد الله عز وجل بذلك الامه كلها فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال الرضا عليه السلام: لا اقول كما ولكني اقول: اراد الله عز وجل بذلك العتره الطاهره فقال المأمون: وكيف عنى العتره من دون الامه؟ فقال له الرضا عليه السلام: انه لو اراد الامه لكانت اجمعها في الجنة لقول الله عز وجل: (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله ذلك هو الفضل الكبير) ثم جمعهم كلهم في الجنة فقال عز وجل: (جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من اساور من ذهب) الايه فصارت الوراثة للعتره الطاهره لا لغيرهم فقال المأمون:


1 – باب 23 – فيه حديث واحد. 2 – الحميري منسوب الى حمير بكسر الحاء وبسكون الميم وفتح الياء أبو قبيلة من اليمن كان منهم الملوك في القديم وفيهم جماعة من الرواة ومن مشاهيرهم عبد الله بن جعفر الحميري والسيد اسماعيل الشاعر القائل للقصيدة المشهورة منهم. 3 – سورة فاطر: الاية 32.

[ 208 ]

من العتره الطاهره؟ فقال الرضا عليه السلام: الذين وصفهم الله في كتابه فقال عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (1) وهم الذين قال رسول الله (ص): انى مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتى إلا وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفون فيهما ايها الناس لا تعلموهم فانهم اعلم منكم قالت العلماء: اخبرنا يا أبا الحسن عن العتره اهم الال ام غير الال؟ فقال الرضا عليه السلام: هم الال فقالت العلماء: فهذا رسول الله (ص) يؤثر عنه انه قال: امتى آلى وهؤلاء اصحابه يقولون بالخبر المستفاض الذي لا يمكن دفعه آل محمد امته فقال أبو الحسن عليه السلام: اخبروني فهل تحرم الصدقة على الال فقالوا: نعم قال: فتحرم على الامه قالوا: لا قال: هذا فرق بين الال والامه ويحكم اين يذهب بكم اضربتم عن الذكر صفحا ام انتم قوم مسرفون اما علمتم انه وقعت الوراثة والطهارة على المصطفين المهتدين دون سائرهم؟ قالوا: ومن اين يا أبا الحسن؟ فقال من قول الله عز وجل: (ولقد ارسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوه والكتاب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون) (2) فصارت وراثه النبوه والكتاب للمهتدين دون الفاسقين اما علمتم ان نوحا حين سأل ربه عز وجل: (فقال رب ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وأنت احكم الحاكمين) (3) وذلك ان الله عز وجل وعده ان ينجيه واهله فقال ربه عز وجل: (يا نوح انه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم انى اعظك ان تكون الجاهلين) (4) فقال المأمون: هل فضل الله العتره على سائر الناس؟ فقال أبو الحسن: ان الله عز وجل ابان فضل العتره على سائر الناس في محكم كتابه فقال له المأمون: واين ذلك من كتاب الله؟ فقال له الرضا عليه السلام في قول الله عز وجل: (ان الله اصطفى آدم


1 – سورة الاحزاب: 33. روى الجمهور أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. 2 – سورة الحديد: الاية 26. 3 – سورة هود: الاية 45. 4 – سورة هود: الاية 46.

[ 209 ]

ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذريه بعضها من بعض والله سميع عليم) (1) وقال عز وجل في موضع آخر: (ام يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمه وآتيناهم ملكا عظيما) (2) ثم رد المخاطبة في اثر هذه الى سائر المؤمنين فقال: (يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم) (3) يعنى الذي قرنهم بالكتاب والحكمه وحسدوا عليهما فقوله عز وجل: (ام يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمه وآتيناهم ملكا عظيما) يعنى الطاعه للمصطفين الطاهرين فالملك هيهنا هو الطاعه لهم فقالت العلماء: فاخبرنا هل فسر الله عز وجل الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضا عليه السلام فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنا عشر موطنا وموضعا. فاول ذلك قوله عز وجل: (وانذر عشيرتك الاقربين) (4) ورهطك المخلصين هكذا في قراءة أبي بن كعب وهي ثابته في مصحف عبد الله بن مسعود وهذه منزله رفيعه وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عز وجل بذلك الال فذكره لرسول الله (ص) فهذه واحده. والايه الثانيه – في الاصطفاء قوله عز وجل: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (5) وهذا الفضل الذي لا يجهله أحد إلا معاند ضال لانه فضل بعد طهاره تنتظر فهذه الثانيه. وأما الثالثه فحين ميز الله الطاهرين من خلقه فامر نبيه بالمباهلة بهم في آيه الابتهال فقال عز وجل: يا محمد: (فمن حاجك فيه من بعد جاءك من


1 – سورة آل عمران: الاية 33 و 34. 2 – سورة النساء: الاية 54. وقال الباقر عليه السلام نحن الناس. ورواه عن الباقر عليه السلام عدة. 3 – سورة النساء: الاية 59. 4 – سورة الشعراء: الاية 214. 5 – سورة الاحزاب: الاية 33. قد اجمع المفسرون انها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وقد صرح بعض العامة بهذا الاجماع وقد اوردوا عدة كثيرة من حفاظ الحديث في كتبهم نزول الاية في حق فاطمة وبعلها وبنيها عليهم السلام. فراجع كتبهم.

[ 210 ]

العلم فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنه الله على الكاذبين) (1) فبرز النبي (ص) عليا والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم وقرن انفسهم بنفسه فهل تدرون ما معنى قوله: (وانفسنا وانفسكم)؟ قالت العلماء: عنى به نفسه فقال أبو الحسن عليه السلام: لقد غلطتم إنما عنى بها على بن أبي طالب عليه السلام ومما يدل على ذلك قول النبي (ص): حين قال: لينتهين بنو وليعه (2) أو لابعثن إليهم رجلا كنفسي يعنى على بن أبي طالب عليه السلام وعنى بالابناء الحسن والحسين عليهما السلام وعنى بالنساء فاطمه عليها السلام فهذه خصوصيه لا يتقدمهم فيها أحد وفضل لا يلحقهم فيه بشر وشرف لا يسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس على عليه السلام كنفسه فهذه الثالثه. وأما الرابعة فاخراجه (ص) الناس من مسجده ما خلا العتره حتى تكلم الناس في ذلك وتكلم العباس فقال: يا رسول الله: تركت عليا واخرجتنا؟ فقال رسول الله (ص): ما انا تركته واخرجتكم ولكن الله عز وجل تركه واخرجكم وفي هذا تبيان قوله (ص) لعلى عليه السلام: أنت منى بمنزله هارون من موسى قالت العلماء: واين هذا من القرآن؟ قال أبو الحسن: اوجدكم في ذلك قرآنا واقرأه عليكم قالوا: هات قال: قول الله عز وجل: (واوحينا الى موسى واخيه ان تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبله) ففى هذه الايه منزله هارون من موسى وفيها ايضا منزله على عليه السلام من رسول الله (ص) ومع هذا دليل واضح في قوله رسول الله (ص) حين قال: ألا ان هذا المسجد لا يحل لجنب إلا لمحمد (ص) وآله قالت العلماء: يا أبا الحسن هذا الشرح والبيان لا يوجد إلا عندكم معاشر أهل بيت رسول الله (ص) فقال: ومن ينكر لنا ذلك ورسول الله يقول: انا مدينه


1 – سورة آل عمران: الاية 61 لا ريب في نزول الاية المباهلة في حق الخمسة عليهم السلام قال العلامة في نهج الحق: اجمع المفسرون ان ابنائنا اشارة الى الحسن والحسين عليهما السلام ونسائنا اشارة الى فاطمة عليها السلام وانفسنا اشارة الى علي عليه السلام فجعله الله تعالى نفس محمد صلى الله عليه وآله. 2 – وليعة كسفينة: حي من كندة.

[ 211 ]

العلم وعلى بابها فمن اراد المدينة فليأتها من بابها؟! ففيما اوضحنا وشرحنا من الفضل والشرف والتقدمه والاصطفاء والطهارة ما لا ينكره إلا معاند والله عز وجل والحمد على ذلك فهذه الرابعة. والايه الخامسه قول الله عز وجل: (وآت ذا القربى حقه) (1) خصوصيه خصهم الله العزيز الجبار بها واصطفاهم على الامه فلما نزلت هذه الايه على رسول الله (ص) قال: ادعوا الى فاطمه فدعيت له فقال: يا فاطمه قالت: لبيك يا رسول الله فقال: هذه فدك (2) مما هي لم يوجف عليه بالخيل ولا ركاب وهي لي خاصه دون المسلمين وقد جعلتها لما امرني الله تعالى به فخذيها لك ولولدك فهذه الخامسه. والايه السادسة قول الله عز وجل: (قل لا اسئلكم عليه اجرا إلا الموده في القربى) (3) وهذه خصوصيه للنبى (ص) الى يوم القيامة وخصوصيه للال دون غيرهم وذلك ان الله عز وجل حكى في ذكر نوح في كتابه: (يا قوم لا اسئلكم عليه مالا ان اجرى إلا على الله وما انا بطارد الذين آمنوا انهم ملاقوا ربهم ولكني اريكم قوما تجهلون) (4) وحكى عز وجل عن هود انه قال: (قل لا اسئلكم عليه اجرا ان اجرى إلا على الذي فطرني افلا تعقلون) (5) وقال عز وجل لنبيه محمد (ص): قل يا محمد (لا اسئلكم عليه اجرا إلا الموده في القربى) ويفرض الله تعالى مودتهم إلا وقد علم انهم لا يرتدون عن الدين


1 – سورة الاسراء: الاية 26. 2 – فدك بالتحريك وآخره كاف: قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان وقيل ثلاثة أفاءها الله تعالى على رسوله عليه السلام صلحا فيها عين فوارة ونخل وهي التي قالت فاطمة رضي الله عنها: ان رسول الله نحلنيها فقال أبو بكر: اريد بذلك شهودا. من مراصد الاطلاع الجزء الثالث ص 1020). 3 – سورة الشورى: الاية 20. قال العلامة في نهج الحق: روى الجمهور في الصحيحين وأحمد ين حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره عن ابن عباس رحمه الله قال: لما نزلت (قل لا اسئلكم عليه اجرا الا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله (ص) من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وأبناهما ووجوب المودة تستلزم وجوب الطاعة. 4 – سورة هود: الاية 29. 5 – سورة هود: الاية 51.

[ 212 ]

ابدا ولا يرجعون الى ضلال ابدا واخرى ان يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم له قلب الرجل فاحب الله عز وجل ان لا يكون في قلب رسول الله (ص) على المؤمنين شئ ففرض عليهم الله موده ذوى القربى فمن اخذ بها واحب رسول الله (ص) واحب أهل بيته لم يستطع رسول الله (ص) ان يبغضه ومن تركها ولم ياخذ بها وابغض أهل بيته فعلى رسول الله (ص) ان يبغضه لانه قد ترك فريضه من فرائض الله عز وجل فاى فضيله وأي شرف يتقدم هذا أو يدانيه؟ فانزل الله عز وجل هذه الايه على نبيه (ص) (قل لا اسألكم عليه اجرا إلا الموده في القربى) فقام رسول الله (ص) في اصحابه فحمد الله واثنى عليه وقال: يا ايها الناس ان الله عز وجل قد فرض لي عليكم فرضا فهل انتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد فقال: يا ايها الناس انه ليس من فضه ولا ذهب ولا ماكول ولا مشروب فقالوا: هات إذا فتلا عليهم هذه الايه فقالوا: أما هذه فنعم فما وفى بها اكثرهم وما بعث الله عز وجل نبيا إلا اوحى إليه ان لا يسال قومه اجرا لأن الله عز وجل يوفيه اجر الانبياء ومحمد (ص) فرض الله عز وجل طاعته وموده قرابته على امته وامره ان يجعل اجره فيهم ليؤدوه في قرابته بمعرفه فضلهم الذي اوجب الله عز وجل لهم فإن الموده انما تكون على قدر معرفه الفضل فلما اوجب الله تعالى ذلك ثقل ذلك لثقل وجوب الطاعه فتمسك بها قوم قد اخذ الله ميثاقهم على الوفاء وعاند أهل الشقاق والنفاق والحدوا في ذلك فصرفوه عن حده الذي حده الله عز وجل فقالوا: القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته فعلى أي الحالتين كان فقد علمنا ان الموده هي للقرابه فاقربهم من النبي (ص) اولاهم بالموده وكلما قربت القرابة كانت الموده على قدرها وما انصفوا نبى الله (ص) في حيطته ورافته وما من الله به على امته مما تعجز الالسن عن وصف الشكر عليه ان لا يؤذوه في ذريته وأهل بيته وان يجعلوهم فيهم بمنزله العين من الراس حفظا لرسول الله فيهم وحبا لهم فكيف؟! والقرآن ينطق به ويدعو إليه والاخبار ثابته (1) بانهم أهل الموده والذين فرض الله تعالى مودتهم ووعد الجزاء


1 – من الخاصة والعامة: وروي عدة كثيرة من اصحاب الحديث والتفسير والكلام انهم عليهم السلام اهل المودة الذين فرض الله تعالى مودتهم.

[ 213 ]

عليها فما وفى أحد بها فهذه الموده لا ياتي بها أحد مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة لقول الله عز وجل في هذه الايه: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا اسألكم عليه اجرا إلا الموده القربى) مفسرا ومبينا ثم قال أبو الحسن عليه السلام: حدثني أبي عن جدى عن آبائه عن الحسين بن عليهم السلام قال: اجتمع المهاجرون والانصار الى رسول الله (ص) فقالوا: ان لك يا رسول الله (ص) مؤنه في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود وهذه اموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا ماجورا اعط ما شئت وامسك ما شئت من غير حرج قال: فانزل الله عز وجل عليه الروح الامين فقال: يا محمد: (قل لا اسألكم عليه اجرا إلا الموده في القربى) يعنى ان تودوا قرابتي من بعدى فخرجوا فقال المنافقون: ما حمل رسول الله (ص) على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعد ان هو إلا شئ افتراه في مجلسه وكان ذلك من قولهم عظيما فانزل الله عز وجل هذه الايه: (ام يقولون افتريه قل ان افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو اعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بينى وبينكم وهو الغفور الرحيم) (1) فبعث عليهم النبي (ص) فقال: هل من حدث؟ فقالوا: أي والله يا رسول الله لقد قال بعضنا: كلاما غليظا كرهناه فتلا عليهم رسول الله (ص) الايه فبكوا واشتد بكاؤهم فانزل عز وجل: (وهو الذي يقبل التوبه عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) (2) فهذه السادسة. وأما الايه السابعه فقول الله عز وجل: (ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) قالوا: يا رسول الله قد عرفنا التسليم فكيف الصلاه عليك؟ فقال: تقولون اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد (3) فهل


1 – سورة الاحقاف: الاية 8. 2 – سورة الشورى: الاية 25. 3 – ورد الصلوة على الرسول (ص) وآله المتضمنة للال مما تواترت به الاخبار وأورد ارباب الحديث من العامة والخاصة في كتبهم فليراجع.

[ 214 ]

بينكم معاشر الناس في هذا خلاف؟ فقالوا: لا فقال المأمون: هذا مما خلاف فيه اصلا وعليه اجماع الامه فهل عندك في الال شئ اوضح من هذا في القرآن؟ فقال أبو الحسن: نعم اخبروني عن قول الله عز وجل: (يس والقرآن الحكيم انك لمن المرسلين على صراط مستقيم) فمن عنى بقوله يس؟ قالت العلماء: يس محمد (ص) لم يشك فيه أحد قال أبو الحسن: فإن الله عز وجل اعطى محمدا وآل محمد من ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه الا من عقله وذلك ان الله عز وجل لم يسلم على أحد إلا على الانبياء صلوات الله عليهم فقال تبارك وتعالى: (سلام على نوح في العالمين) (1) وقال: (سلام على إبراهيم) (2) وقال: (سلام على موسى وهارون) (3) ولم يقل: سلام على آل نوح ولم يقل: سلام على آل إبراهيم ولا قال: سلام على آل موسى وهارون وقال عز وجل: (سلام على آل يس) (4) يعنى آل محمد صلوات الله عليهم فقال المأمون: لقد علمت ان في معدن النبوه شرح هذا وبيانه فهذه السابعه. وأما الثامنه فقول الله عز وجل: (واعلموا انما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) (5) فقرن سهم ذى القربى بسهمه وبسهم رسول الله (ص) فهذا فضل ايضا بين الال والامه لأن الله تعالى جعلهم في حيز وجعل الناس في حيز دون ذلك ورضى لهم ما رضى لنفسه واصطفاهم فيه فبدء بنفسه ثم ثنى برسوله ثم بذى القربى في كل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عز وجل لنفسه فرضى لهم فقال وقوله الحق: (واعلموا انما


1 – سورة الصافات: الاية 79. 2 – سورة الصافات: الاية 109. 3 – سورة الصافات: الاية 120. 4 – سورة الصافات: الاية 130. اختلف المفسرون في معنى يس قيل: معناه يا انسان عن ابن عباس وكثر المفسرين وقيل معناه يا رجل عن الحسن وأبي العالية وقيل: معناه يا محمد صلى الله عليه وآله عن سعيد بن جبير ومحد بن الحنفية وقيل معناه سيد الاولين والاخرين وقيل: هو اسم النبي صلى الله عليه وآله عن علي وأبي جعفر الباقر عليهما السلام وروي جمع من فطاحل القوم عن ابن عباس ان المراد من آل ياسين آل محمد صلى الله عليه وآله. 5 – سورة الانفال: الاية 41.

[ 215 ]

غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى) فهذا تأكيد مؤكد واثر قائم لهم الى يوم القيامة في كتاب الله الناطق (الذي لا ياتيه الباطل من يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) وأما قوله: (واليتامى والمساكين) فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم ولم يكن له فيها نصيب وكذلك المسكين انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم ولا يحل له اخذه وسهم ذى القربى قائم الى يوم القيامة فيهم للغنى والفقير منهم لانه لا أحد اغنى من الله عز وجل ولا من رسول الله (ص) فجعل لنفسه منها سهما ولرسوله (ص) سهما فما رضيه لنفسه ولرسوله (ص) رضيه لهم وكذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه (ص) رضيه لذى القربى كما اجراهم في الغنيمة فبدء بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله (ص) وكذلك في الطاعه قال: (يا ايها آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولى الامر منكم) (1) فبدء بنفسه ثم برسوله ثم باهل بيته كذلك آيه الولاية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاه ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (2) فجعل طاعتهم مع طاعه الرسول مقرونه بطاعته كذلك ولايتهم مع ولايه الرسول مقرونه بولايته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه الغنيمة والفئ فتبارك الله وتعالى ما اعظم نعمته على أهل هذا البيت؟! فلما جاءت قصه الصدقة نزه نفسه ورسوله ونزه أهل بيته فقال: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفه قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضه من الله) (3) فهل تجد في شئ من ذلك انه سمى لنفسه أو لرسوله أو لذى القربى لانه لما


1 – سورة انساء: الاية 59. 2 – قال العلامة في نهج الحق في حديث الامامة عند اثبات امامة علي بن أبي طالب عليه السلام واما المنقول والسنة المتواترة أما القرآن فآيات الاولى: (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) اجمعوا على نزولها في علي عليه السلام وهو مذكور في الجمع بين الصحاح الستة لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلات بعض من الصابة من اصحابه والولي هو المتصرف وقد اثبت الله الولاية لذاته وشرك معه الرسول وأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام وولاية الله تعالى عامة فكذلك النبي والولي. 3 – سورة التوبة: الاية 60.

[ 216 ]

نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله ونزه اهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمه على محمد (ص) وآله وهي اوساخ ايدى الناس لا يحل لهم لانهم طهروا من كل دنس ووسخ فلما طهرهم الله عز وجل واصطفاهم رضى لهم ما رضى لنفسه وكره لهم ما كره لنفسه عز وجل فهذه الثامنه. وأما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله عز وجل: (فاسألوا أهل الذكر كنتم لا تعلمون) (1) فنحن أهل الذكر فاسألونا ان كنتم لا تعلمون فقالت العلماء: إنما عنى الله بذلك اليهود والنصارى فقال أبو الحسن عليه السلام: سبحان الله! وهل يجوز ذلك إذا يدعونا الى دينهم ويقولون: انهم افضل من دين الاسلام؟! فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوه يا أبا الحسن؟ فقال أبو الحسن: نعم الذكر رسول الله ونحن اهله وذلك بين في كتاب الله عز وجل حيث يقول في سوره الطلاق: (فاتقوا الله يا اولى الالباب الذين آمنوا قد انزل الله اليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات) فالذكر رسول الله (ص) ونحن اهله فهذه التاسعة. وأما العاشرة فقول الله عز وجل في آيه التحريم: (حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم) الايه (2) فاخبروني هل تصلح ابنتى وابنة ابني وما تناسل من صلبى لرسول الله (ص) ان يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا قال: فاخبروني هل كانت ابنه احدكم تصلح له ان يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: نعم قال: ففى هذا بيان لانى انا من آله ولستم من آله ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتى لانى من آله وانتم من امته فهذا فرق بين الال والامه لأن الال منه والامه إذا لم تكن من الال فليست منه فهذه العاشرة. وأما الحاديه عشره فقول الله عز وجل في سوره المؤمن حكايه عن قول رجل مؤمن من آل فرعون: (وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جائكم بالبينات من ربكم) الى تمام الايه فكان


1 – سورة النحل: الاية 43. 2 – سورة النساء: الاية 23.

[ 217 ]

ابن خال فرعون فنسبه الى فرعون بنسبه ولم يضفه إليه بدينه وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من آل رسول الله (ص) بولادتنا منه وعممنا الناس بالدين فهذا فرق بين الال والامه فهذه الحاديه عشره. وأما الثانيه عشره فقوله عز وجل: (وأمر اهلك بالصلاة واصطبر عليها) (1) فخصصنا الله تبارك وتعالى بهذه الخصوصية إذ امرنا مع الامه باقامه الصلاه ثم خصصنا من دون الامه فكان رسول الله (ص) يجئ الى باب علي وفاطمة عليهم السلام بعد نزول هذه الايه تسعه اشهر كل يوم عند حضور كل صلاه خمس مرات فيقول: الصلاه رحمكم الله وما اكرم الله احدا من ذرارى الانبياء بمثل هذه الكرامة التي اكرمنا بها وخصصنا من دون جميع أهل بيتهم فقال المأمون والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن هذه الامه خيرا فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم


1 – سورة طه: الاية 132.

[ 218 ]

24 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من خبر الشامي وما سال عن أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفه 1 – حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري بايلاق (1) قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبله الواعظ قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا على بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد قال: حدثنا أبي محمد بن على قال: حدثنا أبي علي بن الحسين قال: حدثنا أبي الحسين بن على عليهم السلام قال: كان على بن أبي طالب عليه السلام بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين انى اسألك عن اشياء فقال: سل تفقها ولا تسال تعنتا فاحدق الناس بابصارهم فقال: اخبرني عن اول ما خلق الله تعالى؟ فقال عليه السلام خلق النور قال: فمم خلقت السموات؟ قال عليه السلام: من بخار الماء قال: فمم خلقت الأرض؟ قال عليه السلام: من زبد الماء قال: فمم خلقت الجبال؟ قال: من الامواج قال: فلم سميت مكه ام القرى؟ قال عليه السلام: لأن الأرض دحيت من تحتها وساله عن السماء الدنيا مما هي؟ قال عليه السلام من موج مكفوف وساله عن طول الشمس والقمر وعرضهما؟ قال: تسع مأه فرسخ في تسعمأة


1 – ايلاق: كورة من كور ما وراء النهر تتاخم كورة الشاس وقد يطلق عل بلاد الشاس والشاس بلد بما وراء النهر.

[ 219 ]

فرسخ وساله كم طول الكوكب وعرضه؟ قال: اثنا عشر فرسخا في مثلها وساله عن الوان السموات السبع واسمائها؟ فقال له: اسم اسماء الدنيا رفيع وهي من ماء ودخان واسم السماء الثانيه فيدوم وهي على لون النحاس والسماء الثالثه اسمها: الماروم وهي على لون الشبه والسماء الرابعة اسمها ارفلون وهي على لون الفضه والسماء الخامسه اسمها هيعون وهي على لون الذهب والسماء السادسة اسمها عروس وهي ياقوته خضراء والسماء السابعه اسمها عجماء وهي دره بيضاء وساله عن الثور ما باله غاض طرفه لم يرفع راسه الى السماء؟ قال عليه السلام: حياء من الله عز وجل لما عبد قوم موسى العجل نكس راسه وساله عن من جمع بين الاختين؟ فقال عليه السلام: يعقوب بن اسحاق جمع بين حبار وراحيل فحرم بعد ذلك فانزل: (وان تجمعوا بين الاختين) (1) وساله عن المد والجزر ما هما؟ فقال: ملك من ملئكه الله عز وجل موكل بالبحار يقال له: رومان فإذا وضع قدميه في البحر فاض فإذا اخرجهما غاض وساله عن اسم أبي الجن فقال: شومان وهو الذي خلق من مارج من نار وساله هل بعث الله عز وجل نبيا الى الجن؟ فقال عليه السلام: نعم بعث إليهم نبيا يقال له: يوسف فدعاهم الى الله عز وجل فقتلوه وساله عن اسم ابليس ما كان في السماء؟ قال: اسمه الحارث وساله لم سمى آدم آدم؟ قال عليه السلام: لانه خلق من اديم الأرض وساله لم صارت الميراث للذكر مثل حظ الانثيين؟ فقال عليه السلام: من قبل السنبله كانت عليها ثلاث حبات فبادرت إليها حواء فاكلت منها حبه واطعمت آدم حبتين فمن ذلك ورث للذكر مثل حظ الانثيين وساله من خلق الله عز وجل من الانبياء مختونا فقال عليه السلام: خلق الله عز وجل آدم مختونا وولد شيث مختونا وادريس ونوح وسام بن نوح وإبراهيم وداود وسليمان ولوط واسماعيل وعيسى عليهم السلام ومحمد (ص) وساله كم كان عمر آدم عليه السلام؟: فقال: تسعمأة سنه وثلاثين سنه وساله عن اول من قال الشعر فقال: آدم عليه السلام: قال: وما كان شعره؟ قال عليه السلام: لما انزل الى الأرض


1 – سورة النساء: الاية 23.

[ 220 ]

من السماء فراى تربتها وسعتها وهواها وقتل قابيل هابيل قال آدم عليه السلام: تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الارض مغبر قبيح! تغير كل ذى طعم ولون وقل بشاشه الوجه المليح ارى طول الحياه علي غما وهل انا من حياتي مستريح؟! وما لي لا اجود بسكب دمع! وهابيل تضمنه الضريح قتل قابيل هابيلا اخاه فوا حزنى لقد فقد المليح فاجابه ابليس لعنه الله: تنح عن البلاد وساكنيها فبى في الخلد ضاق بك الفسيح وكنت بها وزوجك في قرار وقلبك من اذى الدنيا مريح فلم تنفك من كيدى ومكري الى ان فاتك الثمن الربيح وبدل اهلها اثلا وخمطا بحبات وابواب منيح فلولا رحمه الجبار اضحى بكفك من جنان الخلد ريح وساله عن بكاء آدم على الجنة وكم كانت دموعه التي جرت من عينيه؟ فقال عليه السلام: بكى مأه سنه أي وخرج من عينه اليمنى مثل الدجله والعين الاخرى مثل الفرات! ساله كم حج آدم من حجه؟ فقال عليه السلام: سبعين حجه ماشيا على قدميه واول حجه حجها كان معه الصرد (1) يدله على مواضع الماء وخرج معه من الجنة وقد نهى عن اكل الصرد والخطاف (2) وساله ما باله لا يمشى؟ قال له: لانه ناح على بيت المقدس فطاف حوله اربعين عاما يبكى عليه ولم يزل يبكى آدم عليه السلام فمن هناك سكن البيوت ومعه تسع آيات من كتاب الله عز وجل مما كان آدم عليه السلام يقرأها في الجنة وهي معه الى يوم القيامة ثلاث آيات من اول الكهف وثلاث آيات من سبحان الذي اسرى وهي: (إذا قرأت القرآن) (3) وثلاث آيات من يس


1 – الصرد بضم الصاد وفتح الراء: طائر ضخم الرأس يصطاد العصافير. 2 – الخطاف: طائر إذا رأى ألة في الماء أقبل إليه ليخطفه. 3 – سورة الاسراء: الاية 45 و 46 و 47.

[ 221 ]

وهي (وجعلنا من بين ايديهم سدا) (1) وساله عن اول من كفر وانشا الكفر فقال عليه السلام: ابليس لعنه الله وساله عن اسم نوح ما كان؟ فقال: اسمه السكن وإنما سمى نوحا لانه ناح على قومه الف سنه إلا خمسين عاما وساله عن سفينه نوح ما كان عرضها وطولها؟ فقال: كان طولها ثمان مأه ذراع وعرضها خمس مأه ذراع وارتفاعها في السماء ثمانين ذراعا ثم جلس الرجل فقام إليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين اخبرنا عن اول شجره غرست في الأرض فقال: العوسجه (2) ومنها عصى موسى عليه السلام وساله عن اول شجره نبتت في الأرض فقال: هي الدبا وهو القرع وساله عن اول من حج من أهل السماء فقال له: جبرئيل وساله عن اول بقعه بسطت من الأرض ايام الطوفان فقال: له موضع الكعبه وزبرجده خضراء وساله عن اكرم واد على وجه الأرض فقال: واد يقال له: سرنديب فسقط فيه آدم عليه السلام من السماء وساله عن شر واد على وجه الأرض فقال: واد باليمن يقال له: برهوت وهو من اوديه جهنم وساله عن سجن سار بصاحبه فقال: الحوت سار بيونس بن متى وساله عن سته لم يركضوا في رحم فقال: آدم وحوا وكبش إبراهيم وعصى موسى وناقه صالح والخفاش الذي عمله عيسى بن مريم عليه السلام وطار باذن الله عز وجل وساله عن شئ مكذوب عليه ليس من الجن ولا من الانس فقال: الذئب الذي كذب عليه اخوه يوسف وساله عن شئ اوحى إليه ليس الجن ولا من الانس فقال: اوحى الله عز وجل الى النحل وساله عن اطهر موضع على وجه الأرض لا تحل الصلاه فيه فقال له ظهر الكعبه وساله عن موضع طلعت عليه الشمس ساعه من النهار ولا تطلع عليه ابدا فقال: ذلك البحر حين فلقه الله لموسى عليه السلام فاصابت ارضه الشمس واطيق عليه الماء فلن يصبه الشمس وساله عن شئ شرب وحى واكل وهو ميت فقال: تلك عصى موسى عليه السلام وساله عن نذير انذر قومه ليس من الجن ولا الانس فقال:


1 – سورة يس: الاية 9 و 10 و 11. 2 – العوسج: ضرب من الشوك الواحدة العوسجة.

[ 222 ]

هي النمله وساله عن اول ما أمر بالختان فقال: إبراهيم عليه السلام: وساله عن اول من خفض من النساء فقال: هاجر ام اسماعيل خفضتها ساره لتخرج من يمينها وساله عن اول امرءه جرت ذيلها فقال: هاجر لما هربت من ساره وساله عن اول من جر ذيله من الرجال قال: قارون وساله عن اول من لبس النعلين فقال: ابراهيم وساله عن اكرم الناس نسبا فقال: صديق الله يوسف بن يعقوب اسرائيل الله بن اسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله صلوات اللله عليهم وساله عن سته من الانبياء لهم اسمان فقال: يوشع بن نون وهو ذو الكفل ويعقوب وهو اسرائيل والخضر وهو حلقيا ويونس وهو ذو النون وعيسى وهو المسيح ومحمد وهو أحمد صلى الله عليه وآله وساله عن شئ يتنفس ليس له لحم ودم فقال له: ذاك الصبح إذا تنفس وساله عن خمسه من الانبياء تكلموا بالعربية فقال عليه السلام: هو هود وشعيب وصالح واسماعيل ومحمد (ص) ثم جلس وقام رجل آخر ساله وتعنته فقال: يا أمير المؤمنين اخبرنا عن قول الله عز وجل: (يوم يفر المرء من اخيه وامه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرء يومئذ شان يغنيه) (1) من هم؟ فقال عليه السلام: قابيل يفر من هابيل والذي يفر من امه موسى والذي يفر من أبيه ابراهيم يعنى الاب المربى لا الوالد والذي يفر من صاحبته لوط والذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان وساله عن اول من مات فجاه فقال عليه السلام: داود مات على منبره يوم الاربعاء وساله عن اربعه لا يشبعن من اربع فقال: الأرض من المطر والانثى من الذكر والعين من النظر والعالم من العلم وساله عن اول من وضع سكه الدنانير والدراهم فقال: نمرود بن كنعان بعد نوح عليه السلام وساله عن اول من عمل عمل قوم لوط فقال عليه السلام: ابليس لانه امكن من نفسه وساله عن معنى هدير الحمام الراعبيه فقال تدعو على أهل المعازف والقيان والمزامير والعيدان وساله عن كنيه البراق فقال عليه السلام: يكنى ابا هلال وساله لم سمى تبع الملك تبعا؟ فقال عليه السلام: لانه كان غلاما


1 – سورة عبس: الاية 24 الى 37.

[ 223 ]

كاتبا وكان يكتب للملك الذي كان قبله وكان إذا كتب كتب باسم الله الذي خلق صبحا وريحا فقال الملك: اكتب وابدا باسم ملك الرعد فقال لا ابدأ الا باسم الهى ثم اعطف على حاجتك فشكر الله عز وجل له ذلك فاعطاه ملك ذلك الملك فتابعه الناس على ذلك فسمى تبعا وساله ما بال الماعز مرفوعه الذنب باديه الحياء والعورة فقال عليه السلام: لأن الماعز عصت نوحا عليه السلام لما ادخلها السفينة فدفعها فكسر ذنبها والنعجة مستوره الحياء والعورة لأن النعجه بادرت بالدخول الى السفينة فمسح نوح عليه السلام يده على حياها وذنبها فاستترت (1) بالاليه وساله عن كلام أهل الجنة فقال: كلام أهل الجنة بالعربية وساله عن كلام أهل النار فقال: بالمجوسيه وساله عن النوم على كم وجه هو؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: النوم على اربعه اصناف الانبياء تنام على اقفيتها مستلقيه واعينها لا تنام متوقعه لوحى ربها عز وجل والمؤمن ينام على يمينه مستقبل القلبه والملوك وابنائها تنام على شمالها ليستمرؤوا ما ياكلون وابليس واخواته وكل مجنون وذو عاهه ينامون على وجوههم منبطحين جلس وقام إليه رجل آخر فقال: يا أمير المؤمنين اخبرني عن يوم الاربعاء وتطيرنا منه وثقله واي اربعاء هو؟ فقال عليه السلام: آخر اربعاء في الشهور وهو المحاق وفيه قتل قابيل هابيل اخاه ويوم الاربعاء القى إبراهيم عليه السلام في النار ويوم الاربعاء وضعوه في المنجنيق ويوم الاربعاء غرق الله فرعون ويوم الاربعاء جعل الله عز وجل قريه لوط عاليها سافلها يوم الاربعاء ارسل الله عز وجل الريح على قوم عاد ويوم الاربعاء اصبحت كالصريم ويوم الاربعاء سلط الله عز وجل على نمرود البقه ويوم الاربعاء طلب فرعون موسى عليه السلام ليقتله ويوم الاربعاء خر عليهم السقف من فوقهم ويوم الاربعاء أمر فرعون بذبح الغلمان ويوم الاربعاء خرب بيت المقدس ويوم الاربعاء احرق مسجد سليمان بن داود باصطخر من كوره فارس ويوم الاربعاء قتل يحيى بن زكريا والاربعاء اظل قوم فرعون اول العذاب ويوم الاربعاء خسف الله عز وجل بقارون ويوم الاربعاء


1 – خ ل (واستترت).

[ 224 ]

ابتلى ايوب عليه السلام بذهاب اهله وولده وماله ويوم الاربعاء ادخل يوسف عليه السلام السجن ويوم الاربعاء قال الله وجل: (انا دمرناهم وقومهم اجمعين) (1) ويوم الاربعاء اخذتهم الصيحة ويوم الاربعاء عقروا الناقه ويوم الاربعاء امطرت عليهم حجاره من سجيل ويوم الاربعاء شج النبي (ص) وكسرت رباعيته ويوم الاربعاء اخذت العمالقة التابوت وساله عن الايام وما يجوز فيها من العمل فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يوم السبت يوم مكر وخديعه ويوم الاحد يوم غرس وبناء ويوم الاثنين يوم حرب ودم ويوم الثلاثاء يوم سفر وطلب ويوم الاربعاء يوم شؤم يتطير فيه الناس ويوم الخميس يوم الدخول على الامراء وقضاء الحوائج ويوم الجمعه يوم خطبه ونكاح. 2 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميرى عن إبراهيم بن هاشم عن أحمد بن عامر الطائى قال: سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليهم السلام يقول: يوم الاربعاء يوم نحس مستمر من احتجم فيه خيف عليه ان تخضر محاجمه ومن تنور فيه خيف عليه البرص


1 – سورة النمل: الاية 51.

[ 225 ]

25 – باب (ما جاء عن الرضا عليه السلام في زيد بن على عليه السلام) 1 – حدثنا أحمد بن يحيى المكتب قال: اخبرنا محمد بن يحيى الصولى قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: حدثني ابن أبي عبدون عن أبيه قال: لما حمل زيد بن موسى بن جعفر الى المأمون وقد كان خرج بالبصره واحرق دور ولد العباس وهب المأمون جرمه لاخيه على بن موسى الرضا عليهما السلام وقال له: يا أبا الحسن لئن خرج اخوك وفعل ما فعل لقد خرج قبله زيد بن على (1) فقتل ولولا مكانك منى لقتلته فليس ما اتاه بصغير فقال الرضا عليه السلام: يا أمير المؤمنين لا تقس اخى زيدا الى زيد بن على فانه كان من علماء آل محمد غضب لله عز وجل فجاهد اعداءه حتى قتل في سبيله ولقد حدثني أبي موسى بن جعفر عليهما السلام انه سمع اباه جعفر بن محمد بن على عليهم السلام يقول: رحم الله عمى زيدا انه دعا الى الرضا من آل محمد ولو ظفر لوفى بما دعا إليه ولقد استشارني في خروجه فقلت له: يا عم ان رضيت ان تكون المقتول المصلوب بالكناسه (2) فشانك فلما ولى قال جعفر بن محمد: ويل لمن سمع واعيته (3) فلم يجبه فقال المأمون: يا أبا الحسن اليس قد جاء فيمن ادعى الامامه بغير حقها ما


1 – اي زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام. 2 – الكناسة بالضم: موضع الزبالة واسم محلة بالكوفة. 3 – الواعية: الصراخ والصوت كما في القاموس.

[ 226 ]

جاء؟ فقال الرضا عليه السلام: ان زيد بن على لم يدع ما ليس له بحق وانه كان اتقى لله من ذلك انه قال: ادعوكم الى الرضا من آل محمد عليهم السلام وإنما جاء ما جاء فيمن يدعى ان الله تعالى نص عليه ثم يدعو الى غير دين الله ويضل عن سبيله بغير علم وكان زيد والله ممن خوطب بهذه الايه: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتبيكم) (1) قال محمد بن على بن الحسين مصنف هذا الكتاب رضى الله عنه: لزيد بن على فضائل كثيره عن غير الرضا احببت ايراد بعضها على اثر هذا الحديث ليعلم من ينظر في كتابنا هذا اعتقاد الامامية فيه. 2 – حدثنا أحمد بن هارون الفامى في مسجد الكوفه سنه اربع وخمسين وثلاث مأه قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر الحميرى عن أبيه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسين بن علوان عن عمر بن ثابت عن داود بن عبد الجبار عن جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر محمد بن على الباقر عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص) للحسين عليه السلام: يا حسين يخرج من صلبك رجل يقال له: زيد يتخطا هو واصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بلا حساب. 3 – حدثنا أحمد بن محمد بن رزمه القزويني قال: حدثنا أحمد بن عيسى العلوى الحسينى قال: حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي قال: حدثنا حبيب بن ارطاه عن محمد بن ذكوان عن عمرو بن خالد قال: زيد بن على بن الحسين عليه السلام وهو آخذ بشعره قال: حدثني أبي على بن الحسين عليهما السلام وهو آخذ بشعره قال: حدثني الحسين بن على عليهما السلام وهو آخذ بشعره قال: حدثني على بن أبي طالب عليه السلام وهو آخذ بشعره عن رسول الله (ص) وهو آخذ بشعره قال: من آذى شعرة منى فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله عز وجل ومن آذى الله عز وجل لعنه الله ملؤ السماء والأرض.


1 – سورة الحج: الاية 78.

[ 227 ]

4 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا على بن الحسين العلوى قال: حدثني الحسين بن على النصرى قدس الله روحه قال: حدثني أحمد بن رشيد عن عمه أبي معمر سعيد بن خيثم عن اخيه معمر قال: كنت جالسا عند الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فجاء زيد بن على بن الحسين عليهم السلام فاخذ بعضادتى (1) الباب فقال له الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: يا عم اعيذك بالله ان تكون المصلوب بالكناسه فقالت ام زيد: والله لا يحملك على هذا القول غير الحسد لابنى فقال عليه السلام: يا ليته حسدا يا ليته حسدا ثلاثا حدثني أبي عن جدى عليه السلام انه قال: يخرج من ولده رجل يقال له: زيد يقتل بالكوفة ويصلب بالكناسه يخرج من قبره حين ينشر تفتح لروحه ابواب السماء يبتهج أهل السموات والأرض يجعل روحه في حوصله طير اخضر يسرح في الجنة حيث يشاء. 5 – حدثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا الاشعث بن محمد الضبى قال: حدثنا شعيب بن عمرو عن أبيه عن جابر الجعفي قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن على عليهما السلام وعنده زيد اخوه فدخل عليه معروف بن خربوذ المكى قال له أبو جعفر عليه السلام: يا معروف انشدني من طرائف عندك فانشده: لعمرك ما ان أبو مالك بوان ولا بضعيف قواه ولا بالد لدى قوله يعادى الحكيم إذا ما نهاه ولكنه سيد بارع كريم الطبايع حلو ثناه إذا سدته سدت مطواعه ومهما وكلت إليه كفاه قال: فوضع محمد بن على يده على كتفي زيد وقال: هذه صفتك يا أبا الحسن.


1 – العضادة بالكسر جانب العتبة من الباب.

[ 228 ]

6 – حدثنا أحمد بن الحسين القطان قال: حدثنا الحسن بن على السكرى قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهرى عن جعفر بن محمد بن عماره عن أبيه عن عمرو بن خالد قال: حدثني عبد الله بن سيابه قال: خرجنا ونحن سبعه نفر فاتينا المدينة فدخلنا على أبي عبد الله الصادق عليه السلام فقال لنا: اعندكم خبر عمى زيد؟ فقلنا: قد خرج أو هو خارج قال: فإن اتاكم خبر فاخبروني فمكثنا اياما فاتى رسول بسام الصيرفى بكتاب فيه: أما بعد فإن زيد بن على عليه السلام قد خرج يوم الاربعاء غره صفر فمكث الاربعاء والخميس وقتل يوم الجمعه وقتل معه فلان وفلان فدخلنا علي الصادق عليه السلام فدفعنا إليه الكتابة فقرأه وبكى ثم قال: انا لله وانا إليه راجعون عند الله احتسب عمى انه كان نعم العم ان عمى كان رجلا لدنيانا وآخرتنا مضى والله عمى شهيدا كشهداء استشهدوا مع رسول الله (ص) وعلى والحسن والحسين صلوات الله عليهم. 7 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن أبيه عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن سنان عن الفضيل بن يسار قال: انتهيت الى زيد بن على بن الحسين عليه السلام صبيحه يوم خرج بالكوفة فسمعته يقول: من يعيننى منكم على قتال انباط أهل الشام؟ فوالذي بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا لا يعيننى منكم على قتالهم أحد إلا اخذت بيده يوم القيامة فادخلته الجنة باذن الله عز وجل فلما قتل اكتريت راحله وتوجهت نحو المدينة فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت في نفسي: والله لاخبرنه بقتل زيد بن على فيجزع عليه فلما دخلت عليه قال: ما فعل عمى زيد؟ فخنقتنى العبره فقال: قتلوه؟ قلت: أي والله قتلوه قال: فصلبوه؟ قلت: أي والله فصلبوه قال: فاقبل يبكى دموعه تنحدر عن جانبى خده كأنها الجمان ثم قال: يا فضيل شهدت مع عمى زيد قتال أهل الشام قلت: نعم فقال: فكم قتلت منهم؟ قلت: سته قال: فلعلك شاك في دمائهم قلت: لو كنت شاكا ما قتلتهم فسمعته وهو يقول: اشركني الله في تلك الدماء ما مضى والله زيد عمى واصحابه إلا شهداء مثل


[ 229 ]

ما مضى عليه على بن أبي طالب عليه السلام واصحابه. اخذنا من الحديث موضع الحاجه والله تعالى هو الموفق.


[ 230 ]

26 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام من الاخبار النادرة في فنون شتى 1 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثني محمد بن عيسى عن عباس مولى الرضا عليه السلام عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: من قال حين يسمع اذان الصبح: (اللهم انى اسألك باقبال نهارك وادبار ليلك وحضور صلواتك واصوات دعائك ان تصلى على محمد وآل محمد وان تتوب على انك التواب الرحيم) وقال مثل ذلك إذا سمع اذان المغرب ثم مات من يومه أو من ليلته مات تائبا. 2 – حدثنا على بن عيسى المجاور في مسجد الكوفه رضى الله عنه قال: حدثنا اسماعيل بن على بن رزين اخى دعبل بن على الخزاعى قال: حدثنا دعبل بن علي قال: حدثني أبو الحسن على بن موسى الرضا عليهم السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): اربعه انا لهم شفيع يوم القيامة المكرم لذريتي من بعدى والقاضى لهم حوائجهم والساعى لهم في امورهم عند اضطرارهم إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه. 3 – حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوى السمرقندى رضى الله عنه قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه أبي النضر محمد بن مسعود العياشي قال: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثني على بن محمد بن شجاع عن محمد بن عثمان عن حميد بن محمد عن أحمد بن الحسن


[ 231 ]

الصالح عن أبيه عن الفتح بن يزيد الجرجاني انه كتب الى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن رجل واقع امرأة في شهر رمضان من حلال أو حرام في يوم واحد عشر مرات قال: عليه عشر كفارات لكل مره كفاره فإن اكل أو شرب فكفاره يوم واحدة. 4 – حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بابى الحسن الجرجاني رضى الله عنه قال: حدثنا يوسف بن زياد عن أبيه عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على الباقر عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام. قال: كان رسول الله (ص) لما جاءه جعفر بن أبي طالب من الحبشه قام إليه واستقبله اثنى عشره خطوه وعانقه وقبل ما بين عينيه وبكى وقال: فما ادرى بايهما انا اشد سرورا؟ بقدومك يا جعفر ام بفتح الله على يد اخيك خيبر؟ وبكى فرحا برؤيته. 5 – حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميرى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على الوشا عن أبي الحسن الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص) لما اسرى بى الى السماء رايت رحما متعلقه بالعرش تشكو رحما الى ربها فقلت لها كم بينك وبينها من اب؟ فقالت: نلتقي في اربعين أبا. 6 – حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوى السمرقندى قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود عن أبيه قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال قال: حدثنا محمد بن الوليد عن العباس بن هلال قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام يقول: من صام من شعبان يوما واحدا ابتغاء ثواب الله دخل الجنة ومن استغفر الله سبعين مره في كل يوم من شعبان حشره الله يوم القيامة في زمره رسول الله (ص) ووجبت له من الله الكرامة ومن تصدق في شعبان بصدقه ولو بشق تمره حرم الله جسده على النار ومن صام ثلاثه ايام من شعبان ووصلها بصيام شهر رمضان كتب الله صوم


[ 232 ]

شهرين متتابعين. 7 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن ادريس جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثني الحسين بن عبد الله عن آدم بن عبد الله الاشعري عن زكريا بن آدم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: الصلاه لها اربعه آلاف باب. 8 – حدثنا محمد بن على بن بشار رضى الله عنه قال: حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد بن الحسن القزويني قال: اخبرنا أبو الفضل العباس بن محمد بن القاسم بن حمزه بن موسى بن جعفر قال: حدثني الحسن بن سهل القمى عن محمد بن حامد عن أبي هاشم الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: ساله عن الصلاه على المصلوب قال: اما علمت ان جدى صلوات الله عليه صلى على عمه قلت: اعلم ذلك ولكني لم افهمه مبينا قال: نبينه لك ان كان وجه المصلوب الى القبله فقم على منكبه الايمن وان كان قفاءه الى القبله فقم على منكبه الايسر فاما ما بين المشرق والمغرب قبله وان كان منكبه الايسر الى القبله فقم على منكبه الايمن وان كان منكبه الايمن الى القبله فقم على منكبه الايسر وكيف كان منحرفا فلا تزايلن مناكبه وليكن وجهك الى ما بين المشرق والمغرب ولا تستقبله ولا تستدبره البته قال أبو هاشم: ثم قال الرضا عليه السلام: قد فهمت ان شاء الله قال مصنف هذا الكتاب رحمه الله: هذا حديث غريب لم اجده في شئ من الاصول والمصنفات ولا اعرفه الا بهذا الاسناد. 9 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس قال: حدثني محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثني سهل بن زياد عن الحارث بن الدلهاث (1) مولى الرضا عليه السلام قال: سمعت أبي الحسن عليه السلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال


1 – الدلهاث على زنة وحراج: الاسد.

[ 233 ]

سنه من ربه وسنه من نبيه وسنه من وليه فالسنه من ربه: كتمان سره قال الله عز وجل: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا إلا من ارتضى من رسول) (1) وأما السنه من نبيه فمداراة الناس فإن الله عز وجل أمر نبيه (ص) بمداراه الناس فقال: (خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين) (2) وأما السنه من وليه فالصبر في البأساء والضراء فان الله عز وجل يقول: (والصابرين في البأساء والضراء) (3). 10 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا عمى محمد بن أبي القاسم عن احمد بن أبي عبد الله البرقى عن على بن محمد عن أبي ايوب المدنى عن سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): تعلموا من الغراب خصالا ثلاثا استتاره بالسفاد (4) وبكوره في طلب الرزق وحذره. 11 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن حمزه الاشعري قال: حدثني ياسر الخادم قال: سمعت أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: ان اوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثه مواطن يوم يولد ويخرج من بطن امه فيرى الدنيا ويوم يموت فيعاين الاخرة واهلها ويوم يبعث فيرى احكاما لم يرها في دار الدنيا وقد سلم الله عز وجل على يحيى عليه السلام في هذه الثلاثه المواطن وآمن روعته فقال: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) (5) وقد سلم عيسى مريم على نفسه في هذه الثلاثه المواطن فقال: (والسلام على يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا) (6). 12 – حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن


1 – سورة الجن: الاية 26 و 27. 2 – سورة الاعراف: الاية 199. 3 – سورة البقرة: الاية 177. 4 – السفاد بالكسر: نزو الذكر على الانثى الجماع من الصحاح. 5 – سورة مريم: الاية 15. 6 – سورة مريم: الاية 33.

[ 234 ]

يحيى بن عمران الاشعري عن سلمة بن الخطاب عن أحمد بن على عن الحسين بن على الديلمى مولى الرضا عليه السلام قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: من حج بثلاثة من المؤمنين فقد اشترى نفسه من الله عز وجل بالثمن ولم يساله من اين اكتسبت ماله من حلال أو حرام؟ قال مصنف هذا الكتاب: يعنى بذلك: انه لم يساله عما وقع في ماله من الشبهه ويرضى عنه خصماؤه بالعوض. 13 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثني أبي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن السيارى عن الحارث بن الدلهاث عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: ان الله عز وجل أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثه اخرى أمر بالصلاة والزكاه فمن صلى ولم يزك لم يقبل منه صلاته وأمر بالشكر له وللوالدين فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله وأمر باتقاء الله وصله الرحم فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عز وجل. 14 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا على بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميدانى (1) عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال: قال أبو الحسن عليه السلام من علامات الفقيه الحلم والعلم والصمت أن الصمت باب من ابواب الحكمه ان الصمت يكسب المحبه انه دليل على كل خير. 15 – حدثنا على بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثني محمد بن أبي عبد الله الكوفى عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي عن حمدان الديواني قال: قال الرضا عليه السلام صديق كل امرء عقله وعدوه جهله. 16 – حدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم الخورى قال: حدثنا زيد بن محمد البغدادي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد الطائى بالبصره قال: حدثنا أبي قال: حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن


1 – كمندان قرية من قرى قم وهو لقب موسى أبي علي وابنه ممن يروى عنه الكليني.

[ 235 ]

على بن أبي طالب عليهم السلام انه دعاه رجل فقال له على عليه السلام: على أن تضمن لي ثلاث خصال قال: وما هي يا أمير المؤمنين قال: لا تدخل علينا شيئا من خارج ولا تدخر عنا شيئا في البيت ولا تجحف بالعيال قال: ذلك لك فاجابه على بن أبي طالب عليه السلام. 17 – حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الاصفهانى قال: حدثنا على بن أبي عبد الله قال: حدثنا داود بن سليمان عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): اربعه انا شفيعهم يوم القيامة ولو آتونى بذنوب أهل الأرض معين أهل بيتى والقاضى لهم حوائجهم عندما اضطروا إليه والمحب لهم بقلبه ولسانه والدافع عنهم بيده. 18 – حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن أبي الحسن عليه السلام انه قال: احتبس القمر عن بني اسرائيل فأوحى الله عز وجل الى موسى: ان اخرج عظام يوسف عليه السلام من مصر ووعده طلوع القمر إذا اخرج عظامه فسال موسى: عليه السلام عن من يعلم موضعه؟ فقيل له ان هيهنا عجوز تعلم علمه فبعث إليها فاتى بعجوز مقعده عمياء فقال لها: اتعرفين موضع قبر يوسف؟ قالت: نعم قال: فاخبريني به فقالت: لا حتى تعطيني اربع خصال تطلق لي رجلى وتعيد الى شبابى وترد الى بصرى وتجعلنى معك في الجنة قال: فكبر ذلك على موسى عليه السلام قال: فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى اعطها ما سالت فانك تعطى على ففعل فدلته عليه فاستخرجه من شاطئ النيل في صندوق مرمر فلما اخرجه طلع القمر فحمله الى الشام فلذلك يحمل أهل الكتاب موتاهم الى الشام. 19 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد مولى بني هاشم عن على بن الحسن بن


[ 236 ]

على بن فضال عن أبيه قال: سألت الرضا عليه السلام عن بسم الله قال: معنى قول القائل: بسم الله أي اسم على نفسي بسمة من سمات الله عز وجل وهي العبودية قال: فقلت له ما السمه؟ قال: العلامه. 20 – حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال: اخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله قال: حدثنا المنذر بن محمد قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا سليمان بن جعفر عن الرضا عليه السلام قال حدثني أبي عن جدى عن آبائه عن على بن أبي طالب عليهم السلام قال: في جناح كل هدهد خلقه الله عز وجل مكتوب بالسريانية: آل محمد خير البريه. 21 – حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قال: اخبرنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الاصفهانى قال: حدثنا علي بن عبد الله الاسكندرانى قال: حدثنا أبو على أحمد بن على بن مهدى الرقى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا على بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): (يا علي طوبى لمن احبك وصدق بك وويل لمن ابغضك وكذب بك محبوك معروفون في السماء السابعه والأرض السابعه السفلى وما بين ذلك هم أهل الدين والورع والسمت (1) الحسن والتواضع لله عز وجل خاشعه ابصارهم وجله قلوبهم لذكر الله عز وجل وقد عرفوا حق ولايتك والسنتهم ناطقه بفضلك واعينهم ساكبه تحننا عليك وعلى الائمه من ولدك يدينون لله بما امرهم به في كتابه وجاءهم به البرهان من سنه نبيه عاملون بما يامرهم به اولو الامر منهم متواصلون غير متقاطعين متحابون غير متباغضين ان الملائكه لتصلى عليهم وتؤمن على دعائهم وتستغفر للمذنب منهم وتشهد حضرته وتستوحش لفقده يوم القيامة.


1 – السمت بالسين المهملة المفتوحة وسكون الميم السيرة والطريقة الحسنة.

[ 237 ]

22 – حدثنا الحسن بن محمد بن سعيد الهاشمي الكوفى بالكوفة سنه اربع وخمسين وثلاثمأه قال: حدثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفى قال: حدثنا محمد بن أحمد بن على الهمداني قال: حدثني أبو الفضل العباس عبد الله البخاري قال: حدثنا محمد بن القاسم بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي عن على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه على بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): ما خلق الله خلقا افضل منى ولا اكرم عليه منى قال على عليه السلام: فقلت: يا رسول الله فانت افضل ام جبرئيل؟ فقال (ص) يا على ان الله تبارك وتعالى فضل انبيائه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين والفضل بعدى لك يا على وللائمه من بعدك وان الملائكه لخدامنا وخدام محبينا يا على الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين آمنوا بولايتنا يا على لولا نحن ما خلق الله آدم عليه السلام ولا الحواء ولا الجنة ولا النار ولا السماء ولا الأرض فكيف لا نكون افضل من الملائكه؟! وقد سبقناهم الى معرفه ربنا وتسبيحه وتهليله وتقديسه لأن اول ما خلق الله عز وجل ارواحنا فانطقها بتوحيده وتمجيده ثم خلق الملائكه فلما شاهدوا ارواحنا نورا واحدا استعظمت امرنا فسبحنا لتعلم الملائكه انا خلق مخلوقون وانه منزه عن صفاتنا فسبحت الملائكه بتسبيحنا ونزهته عن صفاتنا فلما شاهدوا عظم شاننا هللنا لتعلم الملائكه ان لا اله إلا الله وانا عبيد ولسنا بآلهه يجب ان نعبد معه أو دونه فقالوا: لا اله إلا الله فلما شاهدوا كبر محلنا كبرنا لتعلم الملائكه ان الله اكبر من ان ينال عظم المحل إلا به فلما شاهدوا ما جعله الله لنا من العزه والقوه فقلنا: لا حول ولا قوه إلا بالله لتعلم الملائكه انه لا حول لنا ولا قوه إلا بالله فلما شاهدوا ما انعم الله به علينا واوجبه لنا من فرض الطاعه قلنا: الحمد لله لتعلم الملائكه ما يستحق لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه فقالت الملائكه: الحمد لله فبنا اهتدوا الى معرفه توحيد الله عز وجل وتسبيحه وتهليله وتحميده وتمجيده ثم ان


[ 238 ]

الله تبارك وتعالى خلق آدم فاودعنا صلبه وأمر الملائكه بالسجود له تعظيما لنا واكراما وكان سجودهم لله عز وجل عبوديه ولادم اكراما وطاعه لكوننا في صلبه فكيف لا نكون افضل من الملائكه؟ وقد سجدوا لادم كلهم اجمعون وانه لما عرج بى السماء اذن جبرئيل مثنى مثنى واقام مثنى مثنى ثم قال: لي تقدم يا محمد فقلت له: جبرئيل أتقدم عليك؟ قال: نعم لأن الله تبارك وتعالى فضل انبيائه ملائكته اجمعين وفضلك خاصه قال: فتقدمت فصليت بهم ولا فخر فلما انتهيت الى حجب النور قال لي جبرئيل: تقدم يا محمد وتخلف عنى فقلت له: يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تفارقني؟! فقال: يا محمد انتهاء حدى الذي وضعني الله عز وجل فيه الى هذا المكان فإن تجاوزته احترقت اجنحتي بتعدى حدود ربى جل جلاله فزخ بى النور زخة (1) حتى انتهيت الى ما شاء الله عز وجل من علو مكانه فنوديت فقلت: لبيك ربى وسعديك تباركت وتعاليت فنوديت: يا محمد أنت عبد وانا ربك فاياى فاعبد وعلى فتوكل فانك نوري في عبادي ورسولي الى خلقي وحجتي على بريتى لك ولمن تبعك خلقت جنتي ولمن خالفك خلقت نارى ولاوصيائك اوجبت كرامتي ولشيعتهم اوجبت ثوابي فقلت: يا رب ومن اوصيائي؟ فنوديت: يا محمد اوصيائك المكتوبون على ساق عرشى فنظرت وانا بين يدى ربى جل جلاله الى ساق العرش فرايت اثنا عشر نورا في كل نور سطر اخضر عليه اسم وصى من اوصيائي اولهم علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم مهدى امتى فقلت: يا رب هؤلاء اوصيائي بعدى؟ فنوديت: يا محمد هؤلاء اوصيائي واحبائي واصفيائي وحججى بعدك على بريتى وهم اوصياؤك وخلفاؤك وخير خلقي بعدك وعزتي وجلالى لاظهرن بهم دينى ولاعلين بهم كلمتي ولاطهرن الأرض باخرهم من اعدائي ولاملكنه مشارق الأرض ومغاربها ولاسخرن له الرياح ولاذللن له السحاب الصعاب ولارقينه في الاسباب ولانصرنه بجندي ولامدنه بملائكتي حتى يعلن دعوتي ويجمع الخلق على توحيدي ثم لاديمن ملكه ولاداولن الايام بين اوليائي الى يوم القيامة.


1 – زخ الجمر زخا وزخيخا: برق شديدا. زخ الحادي سار بالابل سيرا عنيفا.

[ 239 ]

23 – وبهذا الاسناد قال: قال الرضا عليه السلام: الحياء من الايمان. 24 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عليهم السلام قال: ان سليمان بن داود قال ذات يوم لاصحابه: ان الله تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغى لاحد من بعدى سخر لي الريح والانس والجن والطير والوحوش وعلمني منطق الطير وآتاني من كل شئ ومع جميع ما اوتيت من الملك ما تم لي سرور يوم الى الليل وقد احببت ان ادخل قصرى في غد فاصعد اعلاه وانظر الى ممالكى فلا تأذنوا لاحد بالدخول علي لئلا يرد على ما ينغص (1) على يومى فقالوا: نعم فلما كان من الغد اخذ عصاه بيده وصعد الى اعلى موضع من قصره ووقف متكئا على عصاه ينظر الى ممالكه سرورا بما اوتى فرحا بما اعطى إذ نظر الى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره فلما ابصر به سليمان عليه السلام قال له: من ادخلك الى هذا القصر وقد اردت ان اخلو فيه اليوم؟ فباذن من دخلت؟ فقال الشاب: ادخلني هذا القصر ربه وباذنه دخلت فقال: ربه احق به منى فمن أنت؟ قال: انا ملك الموت قال: وفيما جئت؟ قال: لاقبض روحك فقال: امض بما امرت به في هذا يوم سروري وأبي الله عز وجل ان يكون لي سرورا دون لقائك فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه فبقى سليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه وهم يقدرون انه حى فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم قال: ان سليمان قد بقى متكئا على عصاه هذه الايام الكثيره ولم ياكل ولم يشرب ولم يتعب ولم ينم انه لربنا الذي يجب علينا ان نعبده وقال قوم ان سليمان لساحر وانه يرينا انه واقف متكئ على عصاه يسحر اعيننا وليس كذلك فقال المؤمنون: ان سليمان هو عبد الله


1 – نغص عليه: قطع عليه ما كان احب الاستكثار منه فهو (منغص) وكل من قطع شيئا مما يجب الازدياد منه فهو منغص. تنغص العيش: تكدر.

[ 240 ]

ونبيه يدبر الله امره بما شاء فلما اختلفوا بعث الله عز وجل الارضه (1) فدبت في عصاه فلما اكلت جوفها انكسرت العصا وخرت سليمان من قصره على وجهه فشكرت الجن الارضه على صنيعها فلاجل ذلك لا توجد الارضه في مكان إلا وعندها ماء وطين وذلك قول الله عز وجل: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابه الأرض فاكل منسأته) يعنى عصاه (فلما خر تبينت الجن ان لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين) (2) قال الصادق عليه السلام: وما نزلت هذه الايه هكذا وإنما نزلت: فلما خر تبينت الانس ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.


1 – الارضة بالتحريك: روبية صغيرة تأكل الخشب وغيره. 2 – سورة سبأ: الاية 14.

[ 241 ]

27 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في هاروت وماروت) 1 – حدثنا محمد بن القاسم المعروف بابى الحسن الجرجاني رضى الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا علي بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد في قول الله عز وجل: (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان) قال: اتبعوا ما تتلو كفرة الشياطين من السحر والنيرنجات على ملك سليمان الذين يزعمون ان سليمان به ملك ونحن ايضا به فظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس وقالوا: كان سليمان كافرا ساحرا ماهرا بسحره ملك ما ملك وقدر ما قدر فرد الله عز وجل فقال: (وما كفر سليمان) ولا استعمل السحر الذي نسبوه سليمان والى (ما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) وكان بعد نوح عليه السلام قد كثر السحرة والمموهون (1) فبعث الله عز وجل ملكين الى نبى ذلك الزمان بذكر ما تسحر به السحرة وذكر ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم فتلقاه النبي عليه السلام عن الملكين واداه الى عباد الله بامر الله عز وجل فامرهم ان يقفوا به على السحر وان يبطلوه ونهاهم ان يسحروا به الناس وهذا كما يدل على السم ما


1 – التمويه: التدليس: موه الشئ: طلاه بفضة وذهب وتحته نحاس أو حديد (ق).

[ 242 ]

هو وعلى يدفع به غائله (1) السم ثم قال عز وجل (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنه فلا تكفر) يعنى ان ذلك النبي عليه السلام أمر الملكين ان يظهرا للناس بصوره بشرين ويعلماهم ما علمهما الله من ذلك فقال الله عز وجل: (وما يعلمان من أحد) ذلك السحر وابطاله (حتى يقولا) للمتعلم: (إنما نحن فتنه) وامتحان للعباد ليطيعوا الله عز وجل فيما يتعلمون من هذا ويبطلوا به كيد السحرة ولا يسحروهم (فلا تكفر) باستعمال هذا السحر وطلب الاضرار به ودعا الناس الى ان يعتقدوا انك به تحيي وتميت وتفعل ما لا يقدر عليه الا الله عز وجل فإن ذلك كفر قال الله عز وجل (فيتعلمون) يعنى طالبي السحر (منهما) يعنى مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات (2) ومما (انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) يتعلمون من هذين الصنفين ما يفرقون به بين المرء وزوجه هذا ما يتعلم الاضرار بالناس يتعلمون التضريب بضروب الحيل والتمايم (3) والايهام وانه قد دفن في موضع كذا وعمل كذا ليحبب المرأة الى الرجل والرجل الى المرأه ويؤدى الى الفراق بينهما فقال عز وجل: (وما هم بضارين به من أحد إلا باذن الله) أي ما المتعلمون بذلك بضارين أحد إلا باذن الله يعنى بتخليه الله وعلمه فانه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر ثم قال: (ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم) لانهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا ويضروا فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ولا ينفعهم فيه بل ينسلخون عن دين الله بذلك (ولقد علموا) هؤلاء المتعلمون (لمن اشتراه) بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه (ما له في الاخرة من خلاق) أي من نصيب في ثواب الجنة ثم قال عز وجل: (ولبئس ما شروا به انفسهم) ورهنوها بالعذاب (لو كانوا يعلمون) انهم قد باعوا الاخرة وتركوا نصيبهم من الجنة لأن المتعلمين لهذا


1 – غائلة السم: شرها ومضرتها قال في الصحاح: فلان قليل الغائلة اي قليل الشر. 2 – النيرنج: عمل يشبه السحر. 3 – التمائم جمع تميمة كانت العرب تعلقها على اولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطله الاسلام من النهاية. قال في الصحاح التميمة تعلق على الانسان وفي الحديث من علق تميمة فلا اتم الله له.

[ 243 ]

السحر الذين يعتقدون ان لا رسول ولا اله ولا بعث ولا نشور فقال: (ولقد علموا لمن اشتريه ما له في الاخرة من خلاق) (1) لانهم يعتقدون ان لا آخره فهم يعتقدون انها إذا لم تكن آخره فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا وان كانت بعد الدنيا آخره فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها ثم قال: (ولبئس ما شروا به انفسهم) بالعذاب إذ باعوا الاخرة بالدنيا ورهنوا بالعذاب الدائم انفسهم (لو كانوا يعلمون) انهم قد باعوا انفسهم بالعذاب ولكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به فلما تركوا النظر في حجج الله حتى يعلموا عذبهم على اعتقادهم الباطل وجحدهم الحق. قال يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد سيار عن ابويهما انهما قالا: فقلنا للحسن بن علي عليه السلام: فإن قوما عندنا يزعمون ان هاروت وماروت ملكان اختارهما الله الملائكه لما كثر عصيان بني آدم وانزلهما مع ثالث لهما الى دار الدنيا وانهما افتتنا بالزهرة وارادا الزنا بها وشربا الخمر وقتلا النفس المحرمة وان الله عز وجل يعذبهما ببابل وان السحرة منهما يتعلمون السحر وان الله تعالى مسخ تلك المراه هذا الكوكب الذي هو الزهره فقال الامام عليه السلام: معاذ الله من ذلك! ان ملائكه الله معصومون (2) محفوظون من الكفر والقبائح بالطاف الله تعالى قال الله عز وجل فيهم: (لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون) (3) وقال الله عز وجل: (وله من في السموات والأرض ومن عنده) يعنى الملائكه (لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون) (4) وقال عز وجل في الملائكه ايضا: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن


1 – سورة البقرة: الاية 102. 2 – قال المصنف (قده) في علل الشرايع (ص 21 من الطبعة القديمة) هاروت وماروت ملكان وليس قولي فيها قول اهل الحشو بل كانا عندي معصومين ومعنى هذه الاية واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان الاية. انما هو واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وعلى ما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وقد اخرجت في ذلك مسندا في كتاب عيون اخبار الرضا عليه السلام. 3 – سورة التحريم: الاية 6. 4 – سورة الانبياء: الاية 19 و 20.

[ 244 ]

ارتضى وهم من خشيته مشفقون) (1) ثم قال عليه السلام: لو كان كما يقولون كان الله عز وجل قد جعل هؤلاء الملائكه خلفاءه في الأرض وكانوا كالانبياء في الدنيا أو كالائمة فيكون من الانبياء والائمه عليهم السلام قتل النفس والزنا ثم قال عليه السلام: اولست تعلم ان الله عز وجل لم يخل الدنيا من نبى قط أو امام من البشر اوليس الله عز وجل يقول: (وما ارسلنا قبلك) من رسول يعنى الى الخلق (إلا رجالا يوحى إليهم من أهل القرى) (2) فاخبر انه لم يبعث الملائكه الى الارض ليكونوا ائمه وحكاما وإنما كانوا ارسلوا الى انبياء الله قالا: فقلنا له: فعلى هذا ايضا لم يكن ابليس ايضا ملكا فقال: لا بل كان من الجن اما تسمعان الله عز وجل يقول: (واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا ابليس كان من الجن) (3) فاخبر عز وجل انه كان من الجن وهو الذي قال الله عز وجل: (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) (4) قال الامام الحسين بن عليهما السلام: حدثني أبي عن جدى عن الرضا عن آبائه عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله (ص): ان الله عز وجل اختارنا معاشر آل محمد واختار النبيين واختار الملائكه المقربين وما اختارهم إلا على علم بهم انهم لا يواقعون ما يخرجون عن ولايته وينقطعون به عن عصمته وينتمون به الى المستحقين لعذابه ونقمته قالا فقلنا له: قد روى لنا: ان عليا عليه السلام لما نص عليه رسول الله (ص) بالامامه عرض الله عز وجل ولايته في السماء على فيام من الناس وفيام من الملائكه فابوها فمسخهم الله ضفادع! فقال عليه السلام: معاذ الله! هؤلاء المكذبون لنا المفترون علينا الملائكه هم رسل الله فهم كسائر انبياء الله ورسله الى الخلق افيكون منهم الكفر بالله؟ قلنا: لا قال: فكذلك الملائكه ان شان الملائكه لعظيم وان خطبهم لجليل 2 – % تميم بن عبد الله بن تميم القرشى رضى الله قال:


1 – سورة الانبياء: الاية 26 و 27 و 28. 2 – سورة يوسف: الاية 109. 3 – سورة الكهف: الاية 50. 4 – سورة الحجر: الاية 27.

[ 245 ]

حدثني أبي عن أحمد بن على الانصاري عن على بن محمد بن الجهم قال: سمعت المأمون يسال الرضا على بن موسى عليهما السلام عما يرويه الناس: من أمر الزهره وانها كانت امراه فتن بها هاروت وماروت وما يروونه من أمر سهيل انه كان عشارا باليمن فقال الرضا عليه السلام: كذبوا في قولهم: انهما كوكبان وانما كانتا دابتين من دواب البحر فغلط الناس وظنوا انهما الكوكبان وما كان الله عز وجل ليمسخ اعدائه انوار مضيئه ثم يبقيها ما بقيت السماوات والارض وان المسوخ لم يبق اكثر من ثلاثه ايام حتى ماتت وما تناسل منها شئ وما على وجه الأرض اليوم مسخ وان التي وقع عليه اسم المسوخيه مثل القرد والخنزير والدب واشباهها إنما هي مثل ما مسخ الله على صورها قوما غضب الله عليهم ولعنهم بانكارهم توحيد وتكذيبهم رسله وأما هاروت وماروت فكانا ملكين علما الناس السحر ليحترزوا عن سحر السحرة ويبطلوا به كيدهم وما علما احدا من ذلك شيئا إلا قالا له: (انما نحن فتنه فلا تكفر) فكفر قوم باستعمالهم لما امروا بالاحتراز منه وجعلوا يفرقون بما تعلموه بين المرء وزوجه قال الله عز وجل: (وما هم بضارين من أحد إلا باذن الله) (1) يعنى بعلمه.


1 – سورة البقرة: الاية 102.

[ 246 ]

28 – باب فيما جاء عن الامام على بن موسى عليهما السلام من الاخبار المتفرقة 1 – حدثنا أبي رضى، عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد ابن محمد بن عيسى وعلى بن اسماعيل بن عيسى عن العباس بن معروف عن على بن مهزيار عن محمد بن الهيثم عن محمد بن الفضل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت له: تكون الأرض ولا امام فيها؟ فقال عليه السلام: لا إذا لساخت باهلها. 2 – حدثنا أبي قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن عباد بن سليمان عن سعد بن سعد الاشعري عن أحمد بن عمر عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال قلت له: هل تبقى الأرض بغير امام؟ فقال: لا قلت: فانا نروى عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: لا تبقى إلا ان يسخط الله على العباد فقال: لا تبقى إذا لساخت. 3 – حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضى الله عنه قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد البصري عن الحسن بن على الوشا قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: هل تبقى الأرض بغير امام؟ فقال: لا فقلت: فانا نروى: انها لا تبقى إلا ان يسخط الله على العباد فقال: لا تبقى إذا لساخت. 4 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن الحسن بن على الزيتوني ومحمد بن أحمد بن أبي قتاده عن أحمد بن هلال عن


[ 247 ]

سعيد بن سليمان عن سليمان بن جعفر الحميرى قال: سالت الرضا عليه السلام فقلت: تخلو الأرض من حجه؟ فقال عليه السلام: لو خلت الأرض طرفه عين من حجه لساخت باهلها 5 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام: يا بن رسول الله ما تقول في حديث روى عن الصادق عليه السلام: انه قال: إذا خرج القائم عليه السلام قتل ذرارى قتلة الحسين عليه السلام بفعال آبائهم؟ فقال عليه السلام: هو كذلك فقلت: وقول الله عز وجل: (ولا تزر وازرة وزر اخرى) ما معناه؟ قال: صدق الله في جميع اقواله ولكن ذرارى قتله الحسين عليه السلام يرضون بافعال آبائهم ويفتخرون بها ومن رضى شيئا كان كمن اتاه ولو ان رجلا قتل بالمشرق فرضى بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل وإنما يقتلهم القائم عليه السلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم قال: فقلت له: باى شئ يبدأ القائم عليه السلام منكم إذا قام؟ قال: يبدأ ببنى شيبه فيقاطع ايديهم لانهم سراق بيت الله عز وجل. 6 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أحمد الهمداني قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليهما السلام انه قال: كانى بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدى يطلبون المرعى ولا يجدونه قلت له: ولم ذلك يا بن رسول الله؟ قال: لأن امامهم يغيب عنهم قلت: ولم؟ قال: لئلا يكون في عنقه لاحد بيعه إذا قام بالسيف. 7 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا على بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميدانى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد العزيز بن المهتدى عن الرضا عليه السلام قال: إنما يغسل بالاشنان خارج الفم فاما داخل الفم فلا يقبل الغمر. 8 – حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس رضى الله عنه قال: حدثنا


[ 248 ]

أبي عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن إبراهيم بن هاشم وغيره عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه قال: نهى رسول الله (ص) ان يجيب الرجل احدا وهو على الغائط أو يكلمه حتى يفرغ. 9 – حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بابى الحسن الجرجاني رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسينى عن الحسن بن على عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: قيل للصادق عليه السلام: صف لنا الموت قال: للمؤمن كاطيب ريح يشمه فينعس لطيبه وينقطع التعب والالم كله عنه وللكافر كلسع الافاعى ولدغ العقارب واشد قيل: فإن قوما يقولون: انه اشد نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض ورضخ (1) بالاحجار وتدوير قطب الارحيه على الاحداق قال: كذلك هو على بعض الكافرين والفاجرين الا ترون منهم من يعاين تلك الشدائد؟ فذلكم الذي هو اشد من هذا الامر عذاب الاخرة فانه اشد من عذاب الدنيا قيل: فما بالنا نرى كافرا يسهل عليه النزع فينطفى وهو يحدث ويضحك ويتكلم؟ وفي المؤمنين ايضا من يكون كذلك وفي المؤمنين والكافرين من يقاسى عند سكرات الموت هذه الشدائد فقال: ما كان من راحه للمؤمن هناك فهو تعجيل ثواب وما كان من شديد فتمحيصه من ذنوبه ليرد الاخرة نقيا نظيفا مستحقا للثواب الابد لا مانع له دونه وما كان من سهولة هناك على الكافر فليوفى اجر حسناته في الدنيا ليرد الاخرة وليس له إلا ما يوجب عليه العذاب وما كان من شده على الكافر هناك فهو ابتداء عذاب الله له ذلكم بان الله عدل لا يجور قال: وقيل للصادق عليه السلام: اخبرنا عن الطاعون فقال: عذاب الله لقوم ورحمه لاخرين قالوا: وكيف تكون الرحمه عذابا قال: اما تعرفون ان نيران جهنم عذاب على الكافرين وخزنة جهنم معهم فيها وهي رحمه عليهم. 10 – حدثنا على بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقى


1 – رضخت الحصى والنوى: كسر يقال: رضخت رأس الحية بالحجارة.

[ 249 ]

ومحمد بن موسى البرقى ومحمد بن على ماجيلويه ومحمد بن على بن هاشم وعلى بن عيسى المجاور رضى الله عنهم قالوا: حدثنا على بن محمد ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد السيارى عن على بن اسباط قال: قلت للرضا عليه السلام: يحدث الامر لا اجد بدا من معرفته وليس في البلد الذي انا فيه أحد استفتيه من مواليك قال: فقال: ايت فقيه البلد فاستفته في امرك فإذا افتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه. 11 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن على بن محمد عن أبي ايوب المدينى عن سليمان الجعفري عن الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): الشيب في مقدم الراس يمن وفي العارضين سخاء وفي الذوائب شجاعه وفي القفاء شؤم. 12 – حدثنا أبو الفضل تميم بن عبد الله بن تميم القرشى الحميرى قال حدثنا أبي قال: اخبرنا أبو على أحمد بن على الانصاري قال: حدثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السلام يقول: اوحى الله عز وجل الى نبى من انبيائه إذا اصبحت فاول شئ يستقبلك فكله والثانى فاكتمه والثالث فاقبله والرابع فلا تؤيسه والخامس فاهرب منه فلما اصبح مضى فاستقبله جبل اسود عظيم فوقف وقال: امرني ربى عز وجل ان آكل هذا وبقى متحيرا! ثم رجع الى نفسه وقال: ان ربى جل جلاله لا يامرني إلا بما اطيق فمشى إليه ليأكله فكلما دنى منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمه فاكلها فوجدها اطيب شئ اكله ثم مضى فوجد طستا من ذهب فقال له: امرني ربى ان اكتم هذا فحفر له حفره وجعله فيها والقى عليه التراب ثم مضى فالتفت فإذا بالطست قد ظهر قال: قد فعلت ما امرني ربى عز وجل فمضى فإذا هو يطير وخلفه بازى فطاف الطير حوله فقال: امرني ربى عز وجل ان اقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فقال له البازى: اخذت صيدي وانا خلفه منذ ايام فقال: ان ربى عز وجل امرني ان لا اؤيس هذا فقطع من فخذه قطعه


[ 250 ]

فالقاها إليه ثم مضى فلما مضى إذا بلحم ميته منتن مدود فقال: امرني ربى عز وجل ان اهرب من هذا فهرب منه ورجع فراى في المنام كانه قد قيل له: انك قد فعلت ما امرت به فهل تدرى ما ذاك كان؟ قال: لا قيل له: أما الجبل فهو الغضب لعبد إذا غضب ير نفسه وجهل قدره من عظم الغضب فإذا حفظ نفسه وعرف قدره وسكن غضبه كانت عاقبته كاللقمه الطيبه التي اكلها وأما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد واخفاه أبي الله عز وجل إلا ان يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الاخرة وأما الطير فهو الرجل الذي ياتيك بنصيحه فاقبله واقبل نصيحته وأما البازى فهو الرجل الذي ياتيك في حاجه فلا تؤيسه وأما اللحم المنتن فهو الغيبه فاهرب منها. 13 – حدثنا أحمد بن هارون الفامى رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطه قال: حدثنا محمد بن على بن محبوب عن محمد بن عيسى عن محمد بن اسماعيل بن بزيع قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لا يجتمع المال إلا بخصال خمس ببخل شديد وامل طويل وحرص غالب وقطيعه الرحم وايثار الدنيا على الاخرة. 14 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن على بن محمد القاسانى عن أبي ايوب المدينى عن سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عليه السلام عن آبائه عن على عليهم السلام ان رسول الله (ص) نهى عن قتل خمسه الصرد والصوام والهدهد والنحل والنمله والضفدع وأمر بقتل خمسه الغراب والحداء والحيه والعقرب والكلب العقور قال مصنف هذا الكتاب هذا أمر اطلاق ورخصه أمر وجوب وفرض. 15 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن إبراهيم بن حمويه عن محمد بن عيسى اليقطينى قال: قال الرضا عليه السلام: في الديك الابيض خمس خصال من خصال الانبياء معرفته باوقات الصلاه والغيره والسخاء والشجاعه وكثره الطروقه.


[ 251 ]

16 – حدثنا الحسين بن إبراهيم بن تاتانه والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وأحمد بن زياد بن جعفر الهمداني وعلى بن عبد الله الوراق رضى الله عنهم قالوا: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم أبيه عن أبيه عن ياسر الخادم قال: حدثنا على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): يا على انى سئلت ربى عز وجل فيك خمس خصال فاعطاني أما اولها فانى سألته ان تنشق الأرض عنى ونفض التراب عن راسى وانت معى فاعطاني وأما الثانيه فانى سألته ان يقضى عند كفه الميزان وأنت معى فاعطاني وأما الثالثه فسالت ربى عز وجل ان يجعلك حامل لوائى وهو لواء الله الاكبر عليه مكتوب: المفلحون هم الفائزون بالجنه فاعطاني واما الرابعة فانى سألته ان تسقى امتى من حوضى فاعطاني وأما الخامسه فانى سألته ان يجعلك قائد امتى الى الجنة فاعطاني والحمد لله الذي من على به. 17 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن القاسم بن يحيى عن جده عن يعقوب الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لا باس بالعزل في سته وجوه المرأه التي ايقنت انها لا تلد والمسنه والمرأه السليطه والبذيه والمرأه التي لا ترضع ولدها والامه قال مصنف هذا الكتاب: يجوز ان يكون أبو الحسن صاحب هذا الحديث موسى بن جعفر عليهما السلام ويجوز ان يكون الرضا عليه السلام لأن يعقوب الجعفري قد لقيهما جميعا. 18 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أحمد بن عبد الله الخلنجى (1) عن أبي على الحسن بن راشد قال: سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن تكبيره الافتتاح فقال: سبع قلت: روى عن النبي (ص) انه كان يكبر واحده فقال ان النبي


1 – الخلنج: شجر كالطرفاء زهره ابيض وأحمر وأصفر وهو دخيل معرب.

[ 252 ]

(ص) كان يكبر واحده يجهر ويسر ستا. 19 – حدثنا محمد بن قاسم الاسترابادي رضى الله عنه قال: حدثني يوسف بن محمد بن زياد عن أبيه عن الحسن بن على عن أبيه عن محمد بن على عن أبيه على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن آبائه عن على عليهم السلام قال: ان رسول الله (ص) لما اتاه جبرائيل بنعى النجاشي بكى بكاء حزين عليه وقال: ان اخاكم اصحمه وهو اسم النجاشي مات ثم خرج الى الجبانه وكبر سبعا فخفض الله له كل مرتفع حتى راى جنازته وهو بالحبشه. 20 – حدثنا أبي رضى الله عنه ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنهما قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن ادريس جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن بكر بن صالح عن الجعفري قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: قلموا اظفاركم يوم الثلاثاء واستحموا يوم الاربعاء واصيبوا من الحجامه حاجتكم يوم الخميس وتطيبوا باطيب طيبكم يوم الجمعه. 21 – حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضى الله عنه قال: حدثنا أبي عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن معاويه بن حكيم عن معمر بن خلاد عن أبي الحسن عليه السلام قال: لا ينبغى للرجل ان يدع الطيب في كل يوم فإن لم يقدر فيوم ويوم لا فإن لم يقدر ففى كل جمعه ولا يدع ذلك 22 – حدثنا أبو الحسن على بن عيسى المجاور في مسجد الكوفه قال: حدثنا اسماعيل بن على بن رزين ابن اخى دعبل بن على الخزاعى عن أبيه قال: حدثنا الامام أبو الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن على قال: حدثني أبي على بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي عن أبيه على بن أبي طالب عليهم السلام قال: ان رسول الله تلا هذه الايه (لا يستوى اصحاب النار واصحاب الجنة اصحاب الجنة هم


[ 253 ]

الفائزون) (1) فقال (ص): اصحاب الجنة من اطاعني وسلم لعلى بن أبي طالب عليهما السلام بعدى واقر بولايته واصحاب النار من سخط الولاية ونقض العهد وقاتله بعدى. 23 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى بن عبيد عن سليمان حفص المروزى (2) قال: كتب الى أبو الحسن عليه السلام: قل: في سجده الشكر مأه مره شكرا شكرا وان شئت عفوا عفوا قال: مصنف هذا الكتاب: لقى سليمان بن حفص موسى بن جعفر والرضا عليهما السلام جميعا ولا ادرى هذا الخبر عن ايهما هو؟ 24 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن الحسن بن على الوشا قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إذا نام العبد وهو ساجد قال الله تبارك وتعالى: عبدى قبضت روحه وهو في طاعتي. 25 – حدثنا علي بن عبد الله الوراق رضى الله عنه قال: حدثنا على بن محمد بن مهرويه القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغازى عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليهم السلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام انه قال: الدنيا كلها جهل إلا مواضع العلم والعلم كله حجه إلا ما عمل به والعمل كله رياء الا ما كان مخلصا والاخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له. 26 – حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن على الممتع قال: حدثنا حمدان بن المختار قال: حدثنا محمد بن خالد البرقى قال: حدثني سيدى أبو جعفر محمد بن علي عن أبيه على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال: حدثني الاجلح الكندى عن ابن بريده عن أبيه ان النبي (ص) قال:


1 – سورة الحشر الاية 20. 2 – سليمان بن حفص المروزي ذكزه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي (قده) في فهرسته من أصحاب ابي الحسن الثالث.

[ 254 ]

علي امام كل مؤمن بعدى. 27 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: السجدة بعد الفريضة شكرا لله تعالى ذكره على ما وفق له العبد من اداء فريضته ادنى ما يجزى فيها من القول ان يقال: شكرا لله شكرا لله ثلاث مرات قلت: فما معنى قوله شكرا لله؟ قال: يقول هذه السجدة منى شكرا لله عز وجل على ما وفقني له من خدمته واداء فرائضه والشكر موجب للزيادة فإن كان في الصلاه تقصير لم يتم بالنوافل تم بهذه السجدة. 28 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن اسماعيل بن موسى عن اخيه على بن موسى الرضا عن أبيه عن جده قال سئل على بن الحسين عليه السلام ما بال المتهجدين بالليل من احسن الناس وجها؟ قال: لانهم خلوا بالله فكساهم الله من نوره. 29 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن على بن اسباط عن محمد بن على ابن أبي عبد الله عن أبي الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: (ورهبانيه ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله) (1) قال: صلاه الليل 30 – حدثنا محمد بن القاسم الاستر آبادي المفسر رضى الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: جاء رجل الى الرضا عليه السلام فقال له: يا بن رسول الله


1 – سورة الحديد: الاية 27).

[ 255 ]

اخبرني عن قول الله عز وجل (الحمد لله رب العالمين) ما تفسيره؟ فقال: لقد حدثني أبي عن جدى عن الباقر عن زين العابدين عن أبيه عليهم السلام ان رجلا جاء الى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: اخبرني عن قول الله عز وجل (الحمد لله رب العالمين) ما تفسيره؟ فقال: الحمد لله هو ان عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا إذ لا يقدرون على معرفه جميعها بالتفصيل لانها اكثر من ان تحصى أو تعرف فقال لهم: قولوا الحمد لله على ما انعم به علينا رب العالمين وهم الجماعات من كل مخلوق من الجمادات والحيوانات وأما الحيوانات فهو يقلبها في قدرته ويغذوها من رزقه ويحوطها بكنفه ويدبر كلا منها بمصلحته واما الجمادات فهو يمسكها بقدرته ويمسك المتصل منها ان يتهافت (1) ويمسك المتهافت منها ان يتلاصق ويمسك السماء ان تقع على الأرض إلا باذنه ويمسك الارض ان تنخسف إلا بامره انه بعباده لرؤف رحيم وقال عليه السلام: رب العالمين مالكهم وخالقهم وسائق ارزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون فالرزق مقسوم وهو ياتي ابن آدم على أي سيره سارها من الدنيا ليس تقوى متق بزايده ولا فجور فاجر بناقصه وبينه وبينه ستر وهو طالبه فلو ان احدكم يفر من رزقه لطلبه رزقه كما يطلبه الموت فقال الله جل جلاله قولوا الحمد لله على ما انعم به علينا وذكرنا به من خير في كتب الاولين قبل ان نكون ففى هذا ايجاب على محمد وآل محمد (ص) وعلى شيعتهم ان يشكروه بما فضلهم وذلك ان رسول الله (ص) قال: لما بعث الله عز وجل موسى بن عمران عليه السلام واصطفاه نجيا وفلق له البحر ونجا بني اسرائيل واعطاه التوراة والالواح راى مكانه من ربه عز وجل فقال: يا رب لقد اكرمتني بكرامه لم تكرم بها احدا قبلى فقال الله جل جلاله يا موسى اما علمت ان محمدا عندي افضل من جميع ملائكتي وجميع خلقي قال موسى عليه السلام: يا رب فإن كان محمد (ص) اكرم عندك من جميع خلقك فهل في آل الانبياء اكرم من آلي؟ قال الله جل جلاله: يا موسى اما علمت ان فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمد على جميع المرسلين فقال موسى: يا


1 – التهافت: التساقط.

[ 256 ]

رب فان كان آل محمد كذلك فهل في امم الانبياء افضل عندك من امتى ظللت عليهم الغمام وانزلت عليهم المن والسلوى وفلقت لهم البحر فقال الله جل جلاله يا موسى اما علمت ان فضل امه محمد على جميع الامم كفضله على جميع خلقي فقال موسى عليه السلام: يا رب ليتنى كنت اراهم فأوحى الله عز وجل إليه: يا موسى انك لن تراهم وليس هذا اوان ظهورهم ولكن سوف تراهم في الجنات جنات عدن والفردوس بحضره محمد في نعيمها يتقلبون وفي خيراتها يتبحبحون (1) افتحب ان اسمعك كلامهم؟ فقال: نعم الهى قال الله جل جلاله قم بين يدى واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدى الملك الجليل ففعل ذلك موسى عليه السلام: فنادى ربنا عز وجل يا امه محمد فأجابوه كلهم وهم في اصلاب آبائهم وارحام امهاتهم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك قال فجعل الله عز وجل تلك الاجابة شعار الحاج ثم نادى ربنا عز وجل: يا امه محمد ان قضائي عليكم ان رحمتى سبقت غضبى وعفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم من قبل ان تدعوني واعطيتكم من قبل ان تسألوني من لقيني منكم بشهادة لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله صادق في اقواله محق في افعاله وان على بن أبي طالب اخوه ووصيه من بعده ووليه ويلتزم طاعته يلتزم طاعة محمد وان اوليائه المصطفين الطاهرين المطهرين المنبئين بعجائب آيات الله ودلائل حجج الله من بعدهما اوليائه ادخلته جنتي وان كانت ذنوبه مثل زبد البحر قال عليه السلام: فلما بعث الله عز وجل نبينا محمدا (ص) قال يا محمد (وما كنت بجانب الطور إذ نادينا) (2) امتك بهذه الكرامة ثم قال عز وجل لمحمد (ص): قل: الحمد لله رب العالمين على ما اختصني به من هذه الفضيلة وقال لامته: قولوا انتم: الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل. 31 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن


1 – بحبح الرجل بحبحبه وبحباحا وتبحبح تبحبحا إذا تمكن في المقام والحلول. 2 – سورة القصص (الاية 46).

[ 257 ]

هاشم عن أبيه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال: سالت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الحرم واعلامه كيف صار بعضها اقرب من بعض وبعضها ابعد من بعض؟ فقال: ان الله عز وجل لما اهبط آدم عليه السلام من الجنة اهبط على أبي قبيس فشكى الى ربه عز وجل الوحشة وانه لا يسمع ما كان يسمع في الجنة فاهبط الله عز وجل إليه ياقوته حمراء فوضعها في موضع البيت فكان يطوف بها آدم عليه السلام وكان ضوءها يبلغ موضع الاعلام فعلمت الاعلام على ضوءها فجعله الله حرما. 32 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسين الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي همام اسماعيل بن همام عن أبي الحسن الرضا عليه السلام نحو هذا. وحدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن صفوان بن يحيى قال: سأل أبو الحسن عليه السلام عن الحرم واعلامه فذكر مثله سواء. 33 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا على بن الحسين السعد آبادى قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: حدثني أبو جعفر محمد بن على الرضا عليه السلام قال: حدثني أبي الرضا على بن موسى عليه السلام قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهم السلام يقول دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد الله عليه السلام فلما سلم وجلس عنده تلا هذه الايه قول الله عز وجل: (الذين يجتنبون كبائر الاثم) (1) ثم امسك فقال له أبو عبد الله عليه السلام: ما اسكتك؟ قال: احب اعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال: نعم يا عمرو اكبر الكبائر الشرك بالله يقول الله عز وجل: (انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة وماويه النار وما للظالمين من انصار) (2) وبعده الياس من روح الله لأن الله عز وجل يقول: (ولا


1 – سورة الشورى (الاية 37). 2 – سورة المائدة: الاية 72.

[ 258 ]

تياسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (1) والامن من مكر الله عز وجل لأن الله عز وجل يقول: (ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) (2) ومنها عقوق الوالدين لأن عز وجل جعل العاق جبارا شقيا في قوله حكايه قال عيسى عليه السلام: (وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا) (3) وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق لأن الله عز وجل يقول: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) (4) الى آخر الايه وقذف المحصنات لأن الله تبارك وتعالى يقول: (ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخره ولهم عذاب عظيم) (5) واكل مال اليتيم لقوله عز وجل (ان الذين ياكلون اموال اليتامى ظلما إنما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) (6) والفرار من الزحف لان الله عز وجل يقول: (ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا الى فئه فقد باء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير) (7) واكل الربوا لان الله عز وجل يقول: (الذين ياكلون الربوا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) (8) والسحر لان الله عز وجل يقول: (ولقد علموا لمن اشتريه ما له في الاخرة من خلاق) (9) والزنا لأن الله عز وجل يقول: (ومن يفعل ذلك يلق اثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب) (10) واليمين الغموس (11) لان الله عز وجل يقول: (ان الذين يشترون بعهد الله


1 – سورة يوسف: الاية 87. 2 – سورة الاعراف: الاية 99. 3 – سورة مريم: الاية 32. 4 – سورة النساء: الاية 94. 5 – سورة النور: الاية 23. 6 – سورة النساء: الاية 10. 7 – سورة الانفال: الاية 16. الزحف: الجيش يزحف الى عدوه تسمية بالمصدر لانه يظهر كأنه يزحف لكثرته وثقل حركته. 8 – سورة البقرة: الاية 275. 9 – سورة البقرة: الاية 102. 10 – سورة الفرقان: الاية 68 و 69 و 70. 11 – اليمين الغموس: الكاذبة التي يتعمدها صاحبها عالما بان الامر بخلافه.

[ 259 ]

وايمانهم ثمنا قليلا اولئك لا خلاق لهم في الاخرة) (1) الايه والغلول يقول الله عز وجل: (ومن يغلل يات بما غل يوم القيامة) (2) ومنع الزكاة المفروضة لأن الله عز وجل يقول: (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) (3) وشهاده الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول: (والذين لا يشهدون الزور) (4) الايه ويقول: (ومن يكتمها فانه آثم قلبه) (5) وشرب الخمر لان الله عز وجل عدل بها عباده الاوثان وترك الصلاه متعمدا وشيئا مما فرض الله عز وجل لأن رسول الله (ص) قال: من ترك الصلاه متعمدا من غير عله فقد برئ من ذمه الله وذمه رسوله ونقض العهد وقطيعه الرحم لأن الله عز وجل يقول: (اولئك لهم اللعنه ولهم سوء الدار) (6) قال: فخرج عمرو بن عبيد وله صراخ من بكائه وهو يقول: هلك والله من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم. 34 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا على بن سليمان الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت كيف كان اول الطيب؟ فقال لي: ما يقول من قبلكم فيه؟ قلت: يقولون: ان آدم لما هبط بارض الهند فبكى على الجنة سالت دموعه فصارت عروقا في الأرض فصارت طيبا فقال: ليس كما يقولون ولكن حواء كانت تغلف (7) قرونها من اطراف شجر الجنة فلما هبطت الى الأرض وبليت بالمعصيه رات الحيض فأمرت بالغسل فنقضت قرونها فبعث الله عز وجل ريحا طارت به وخفضته فذرت حيث


1 – سورة آل عمران: الاية 77. 2 – سورة آل عمران: الاية 161. يقال: لا اغلال ولا اسلال اي لا خيانة ولا سرقة ولا رشوة. 3 – سورة التوبة: الاية 355. 4 – سورة الفرقان: الاية 73. 5 – سورة البقرة: الاية 283. 6 – سورة الرعد: الاية 25. 7 – غلف القارورة والكتاب وغيرهما: جعلها في غلاف غلف لحيته بالغالية ضمخها بها.

[ 260 ]

شاء عز وجل فمن ذلك الطيب. 35 – حدثنا محمد بن أحمد بن السنانى رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى قال: حدثنا سهل بن زياد الادمى عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: حدثني على بن محمد العسكري عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: يكره للرجل ان يجامع في اول ليله من الشهر وفي وسطه وفي آخره فانه من فعل ذلك خرج الولد مجنونا الا ترى؟ ان المجنون اكثر ما يصرع في اول الشهر ووسطه وآخره وقال عليه السلام؟ من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى وقال عليه السلام: من تزوج في محاق الشهر فليسلم لسقط الولد. 36 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن محمد بن عيسى بن عبيد رفعه الى أبي الحسن الرضا عليه السلام انه قال: لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوفى ثمن دية يده اظهره الله عليه. 37 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا القاسم بن محمد بن على بن إبراهيم النهاوندي عن صالح بن راهويه عن أبي حيون مولى الرضا عليه السلام قال: نزل جبرئيل على النبي (ص) فقال: يا محمد ان ربك يقرئك السلام ويقول: ان الابكار من النساء بمنزله الثمر على الشجر فإذا اينع الثمر فلا دواء له إلا اجتناؤه والا افسدته الشمس وغيرته الريح وان الابكار إذا ادركن ما يدركن النساء فلا دواء لهن إلا البعول وإلا لم يؤمن عليهن الفتنه فصعد رسول الله (ص) المنبر فخطب الناس ثم اعلمهم ما امرهم الله به فقالوا: ممن يا رسول الله؟ فقال: من الاكفاء فقالوا: ومن الاكفاء؟ فقال: المؤمنون بعضهم اكفاء بعض ثم لم ينزل حتى زوج ضباعه (1) بنت زبير بن عبد المطلب لمقداد بن اسود ثم قال: ايها الناس إنما زوجت ابنه عمى المقداد ليتضع النكاح.


1 – ضباعة كثمامة من الصحابيات بنت زبير بن عبد المطلب من القاموس.

[ 261 ]

38 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميرى عن الريان بن الصلت قال: جاء قوم بخراسان الى الرضا عليه السلام فقالوا: ان قوما من أهل بيتك يتعاطون امورا قبيحه فلو نهيتهم عنها! فقال: لا افعل فقيل: ولم؟ قال: لانى سمعت أبي يقول: النصيحه خشنه (1) 39 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن أبي حيون مولى الرضا عليه السلام قال: من رد متشابه القرآن الى محكمه هدى الى صراط مستقيم ثم قال: ان في اخبارنا متشابها كمتشابه القرآن ومحكما كمحكم القرآن فردوا متشابهها الى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا. 40 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني عن على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام قال: من صام اول يوم من رجب رغبه في ثواب الله عز وجل وجبت له الجنة ومن صام يوما في وسطه شفع في مثل ربيعه ومضر (2) ومن صام يوما في آخره جعله الله عز وجل من ملوك الجنة وشفعه في أبيه وامه وابنه وابنته واخته واخيه وعمه وعمته وخاله وخالته ومعارفه وجيرانه وان كان فيهم مستوجبا للنار. 41 – حدثنا محمد بن القاسم المعروف بابى الحسن المفسر الجرجاني رضى الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عن آبائه عليهم السلام قال: قال


1 – لعله محمول على اثارة الفتنة. 2 – ربيعة قبيلة عربية كانت مع مضر من اقوى القبائل في الجاهلية رحلت من بلاد اليمن الى شمالي الجزيرة العربية ثم الى شمالي بلاد الفرات سمي جدها الاعلى ربيعة الفرس لان نزارا أباه اورثه الخيل المنجد. مضر بن نزار بن سعد بن عدنان: أبو قبيلة مشهورة وقال ابن سيدة: سمي به لولعه بشرب الماضر أو لبياض لونه. من البستان.

[ 262 ]

رسول الله (ص) لاصحابه ذات يوم: يا عبد الله احبب في الله وابغض في الله ووال في الله وعاد في الله فانه لا تنال ولايه الله إلا بذلك ولا يجد رجل طعم الايمان وان كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك وقد صارت مواخاه الناس يومكم هذا اكثرها في الدنيا عليها يتوادون وعليها يتباغضون وذلك لا يغنى عنهم من الله شيئا فقال له: وكيف لي ان اعلم انى قد واليت وعاديت في الله عز وجل ومن ولى الله حتى اواليه ومن عدوه حتى اعاديه؟ فاشار رسول الله (ص) الى على عليه السلام فقال: اترى هذا؟ فقال: بلى قال ولى هذا ولى الله فواله وعدو هذا عدو الله فعاده ووال ولى هذا ولو انه قاتل ابيك وولدك وعاد عدو هذا ولو انه ابوك وولدك. 42 – حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد الهمداني قال: اخبرنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه قال: سمعت على بن موسى الرضا عليه السلام يقول: من استغفر الله تبارك وتعالى في شعبان سبعين مره غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل عدد النجوم. 43 – حدثنا حمزه بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام بقم في رجب سنه تسع وثلاثين وثلاث مأه قال: اخبرنا على بن إبراهيم بن هاشم سنه سبع وثلاثمأه عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): من احب ان يركب سفينه النجاه ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل الله المتين فليوال عليا بعدى وليعاد عدوه ولياتم بالائمه الهداه من ولده فانهم خلفائي واوصيائى وحجج الله على الخلق بعدى وساده امتى وقاده الاتقياء الى الجنة حزبهم حزبى وحزبى حزب الله عز وجل وحزب اعدائهم حزب الشيطان. 44 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا على بن الحسين السعد آبادى عن أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن عبد العظيم


[ 263 ]

بن عبد الله الحسنى عن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام عن أبيه الرضا عليه السلام قال: دخل موسى بن جعفر عليهم السلام على هارون الرشيد وقد استحفه الغضب على رجل فقال: إنما تغضب لله عز وجل فلا تغضب له باكثر مما غضب على نفسه. 45 – حدثنا محمد بن بكران النقاش ومحمد بن إبراهيم بن اسحاق المؤدب رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الهمداني عن علي بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه قال: سالت على بن موسى الرضا عليهما السلام عن ليله النصف من شعبان قال: هي ليله يعتق الله فيها الرقاب من النار ويغفر فيها الذنوب الكبار قلت: فهل فيها صلاه زياده على صلاه سائر الليالى فقال: ليس فيها شئ موظف ولكن ان احببت ان تتطوع فيها بشئ فعليك بصلاه جعفر بن أبي طالب عليه السلام (1) واكثر فيها من ذكر الله عز وجل ومن الاستغفار والدعاء فإن أبي عليه السلام كان يقول: الدعاء فيها مستجاب قلت له: ان الناس يقولون: انها ليله الصكاك فقال: تلك ليله القدر في شهر رمضان. 46 – وبهذا الاسناد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): ان شهر رمضان شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات ويمحو فيه السيئات ويرفع فيه الدرجات من تصدق في هذا الشهر بصدقه غفر الله له ومن احسن فيه الى ما ملكت يمينه غفر الله له ومن حسن فيه خلقه غفر الله له ومن كظم فيه غيظه غفر الله له ومن وصل فيه رحمه غفر الله له ثم قال عليه السلام: ان شهركم هذا ليس كالشهور انه إذا اقبل اليكم اقبل بالبركه والرحمه وإذا ادبر عنكم


1 – وفي هامش مصباح الكفعمي: هذه الصلاة تسمى صلاة التسبيح وصلاة الحبوة واعلم ان الرواية رواها المفضل بن عمر قال: رأيت الصادق عليه السلام صلى صلاة جعفر بن ابي طالب ورفع يده ودعا بما هو مذكور في الاصل وقال: يا مفضل إذا كانت لك حاجة مهمة الى الله فصل هذه الصلاة وادع بهذا الدعاء وسل حاجتك تقضي انشاء الله تعالى فراجع (ص 408) من الكتاب.

[ 264 ]

ادبر بغفران الذنوب هذا شهر الحسنات فيه مضاعفه واعمال الخير فيه مقبوله من صلى منكم في هذا الشهر لله عز وجل ركعتين يتطوع بهما غفر الله له ثم قال عليه السلام: ان الشقى حق الشقى من خرج عنه هذا الشهر ولم يغفر ذنوبه فيخسر حين يفوز المحسنون بجوائز الرب الكريم. 47 – حدثنا حمزه بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عليهم السلام قال: اخبرني على بن ابراهيم بن هاشم سنه سبع وثلاثمأه قال: حدثني أبي عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): يا على أنت اخى ووزيرى وصاحب لوائى في الدنيا والاخره وأنت صاحب حوضى من احبك احبني ومن ابغضك ابغضنى. 48 – حدثنا أحمد بن الحسن القطان ومحمد بن بكران النقاش ومحمد بن إبراهيم بن اسحاق رضى الله عنهم قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: اخبرنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه قال: قال الرضا عليه السلام: من تذكر مصابنا فبكى وابكى لم تبك عينه يوم تبكى العيون ومن جلس مجلسا يحيى فيه امرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلب. 49 – قال وقال الرضا عليه السلام: في قول الله عز وجل: (ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اساتم فلها) (1) قال: عليه السلام ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اساتم فلها رب يغفر لها. 50 – قال: وقال الرضا عليه السلام: في قول الله عز وجل: (فاصفح الصفح الجميل) (2) قال: العفو من غير عتاب. 51 – قال وقال الرضا عليه السلام: في قول الله عز وجل: (وهو


1 – سورة الاسراء: الاية 7. 2 – سورة الحجر: الاية 85.

[ 265 ]

الذي يريكم البرق خوفا وطمعا) (1) قال عليه السلام خوفا للمسافر وطمعا للمقيم. 52 – قال: وقال الرضا عليه السلام: من لم يقدر على ما يكفر به ذنوبه فليكثر من الصلاه على محمد وآله فانها تهدم الذنوب هدما وقال: الصلاه على محمد وآله تعدل عند الله عز وجل التسبيح والتهليل والتكبير. 53 – حدثنا محمد بن بكر بن النقاش وأحمد بن الحسن القطان ومحمد بن أحمد بن إبراهيم المعاذى ومحمد بن إبراهيم بن اسحاق المكتب قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عن أبيه الباقر محمد بن على عن أبيه زين العابدين على بن الحسين عن أبيه سيد الشهداء الحسين بن على عن أبيه سيد الوصيين أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهم الصلاة والسلام قال: ان رسول الله (ص) خطبنا ذات يوم فقال: ايها الناس انه اقبل اليكم شهر الله بالبركه والرحمه والمغفرة شهر هو عند الله افضل الشهور وايامه افضل الايام ولياليه افضل الليالى وساعاته افضل الساعات وشهر دعيتم فيه الى ضيافه الله وجعلتم فيه من أهل كرامه الله انفاسكم فيه تسبيح ونومكم فيه عباده وعملكم فيه مقبول ودعاؤكم فيه مستجاب فاسألوا الله ربكم بنيات صادقه وقلوب طاهره ان يوفقكم لصيامه وتلاوه كتابه فإن الشقى من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم واذكروا بجوعكم وعطشكم جوع يوم القيامة وعطشه وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا ارحامكم واحفظوا السنتكم وغضوا عما لا يحل الاستماع إليه استماعكم وتحننوا على ايتام الناس كما يتحنن على ايتامكم وتوبوا الى الله من ذنوبكم وارفعوا إليه ايديكم بالدعاء في اوقات صلواتكم فانها افضل الساعات ينظر الله عز وجل فيها بالرحمه الى عباده يجيبهم ناجوه ويلبيهم إذا نادوه ويستجيب لهم إذا دعوه ايها الناس


1 – سورة الرعد: الاية 12.

[ 266 ]

ان انفسكم مرهونه باعمالكم ففكوها باستغفاركم وظهوركم ثقيله من اوزاركم فخففوا عنها بطول سجودكم واعلموا ان الله تعالى ذكره اقسم بعزته ان لا يعذب المصلين والساجدين وان لا يروعهم بالنار يوم يقوم الناس لرب العالمين ايها الناس من فطر منكم صائما مؤمنا في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عز وجل عتق رقبه ومغفره لما مضى من ذنوبه فقيل له: يا رسول الله ليس كلنا يقدر على ذلك فقال (ص): اتقوا النار ولو بشق تمره اتقوا النار ولو بشربه من ماء ايها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزل فيه الاقدام ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه ومن كف فيه شره كفف عنه غضبه يوم يلقاه ومن اكرم فيه يتيما اكرمه الله يوم يلقاه ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه ومن قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه ومن تطوع فيه بصلاه كتب الله له براءه من النار ومن ادى فيه فرضا كان له ثواب من ادى سبعين فريضه فيما سواه من الشهور ومن اكثر فيه من الصلاه على ثقل الله ميزانه يوم تخف الموازين ومن تلا فيه آيه من القرآن كان له مثل اجر من ختم القرآن في غيره من الشهور ايها الناس ان ابواب الجنان في هذا الشهر مفتحه فاسألوا ربكم ان لا يغلقها عليكم وابواب النيران مغلقه فاسألوا ربكم ان لا يفتحها عليكم والشياطين مغلوله فاسألوا ربكم ان لا يسلطها عليكم قال أمير المؤمنين عليه السلام فقمت فقلت: يا رسول الله ما افضل الاعمال في هذا الشهر؟ فقال: يا أبا الحسن افضل الاعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عز وجل ثم بكى فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال: يا علي ابكى لما يستحل منك في هذا الشهر كانى بك وأنت تصلى لربك وقد انبعث اشقى الاولين والاخرين شقيق عاقر ناقه ثمود فضربك ضربه على قرنك فخضب منها لحيتك قال أمير المؤمنين عليه السلام: فقلت: يا رسول الله وذلك في سلامه من دينى؟ فقال: (ص) في سلامه من دينك ثم قال: يا علي من قتلك فقد قتلني ومن ابغضك فقد ابغضنى ومن سبك فقد سبنى لانك منى كنفسي روحك من روحي وطينتك من طينتي ان الله تبارك وتعالى خلقني واياك واصطفانى واياك واختارني للنبوه واختارك للامامه فمن


[ 267 ]

انكر امامتك فقد انكر نبوتى يا على أنت وصيى وابو ولدى وزوج ابنتى وخليفتي على امتى في حياتي وبعد موتى امرك امرى ونهيك نهيى اقسم بالذى بعثنى بالنبوة وجعلني خير البريه انك لحجه الله على خلقه وامينه على سره وخليفته على عباده 54 – حدثنا محمد بن القاسم المفسر رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسينى عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا على بن موسى عن موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين بن على قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه وإنما هو كفنه ويبنى بيتا ليسكنه وإنما هو موضع قبره. 55 – وبهذا الاسناد قال: قيل لامير المؤمنين: ما الاستعداد للموت؟ قال: اداء الفرائض واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم ثم لا يبالى ان وقع على الموت أو الموت وقع عليه والله لا يبالى ابن أبي طالب ان وقع على الموت أو الموت وقع عليه. 56 – وبهذا الاسناد قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: في بعض خطبته: ايها الناس: إلا ان الدنيا دار فناء والاخره دار بقاء فخذوا من ممركم لمقركم ولا تهتكوا استاركم عند من لا تخفى عليه اسراركم واخرجوا من الدنيا قلوبكم من قبل ان تخرج منها ابدانكم ففى الدنيا حييتم وللاخره خلقتم إنما الدنيا كالسم ياكله من لا يعرفه ان العبد إذا مات قالت الملائكه: قدم وقال: الناس ما اخر؟ فقدموا فضلا يكن لكم ولا تؤخروا كيلا يكون حسره عليكم فإن المحروم من حرم خير ماله والمغبوط من ثقل بالصدقات والخيرات موازينه واحسن في الجنة بها مهاده وطيب على الصراط بها مسلكه. 57 – حدثنا محمد بن بكران النقاش في مسجد الكوفه ومحمد بن إبراهيم بن اسحاق المكتب رضى الله عنه بالرى قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم قال: حدثنا علي بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام قال: من ترك السعي


[ 268 ]

في حوائجه يوم عاشورا قضى الله له حوائج الدنيا والاخره ومن كان يوم عاشورا يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عز وجل القيامة يوم فرحه وسروره وقرت بنا في الجنان عينه ومن سمى يوم عاشورا يوم بركه وادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنهم الله تعالى الى اسفل دركه من النار. 58 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان بن شبيب قال: دخلت على الرضا عليه السلام في اول يوم من المحرم فقال: يا ابن شبيب اصائم أنت؟ قلت: لا فقال: ان هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا عليه السلام ربه عز وجل فقال: (رب هب لي من لدنك ذريه طيبه انك سميع الدعاء) (1) فاستجاب الله له وأمر الملائكه فنادت زكريا (وهو قائم يصلى في المحراب ان الله يبشرك بيحيى) فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله عز وجل استجاب الله له كما استجاب الله لزكريا ثم قال: يا ابن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته فما عرفت هذه الامه حرمه شهرها ولا حرمه نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساؤه وانتهبوا ثقله فلا غفر الله لهم ذلك ابدا يا ابن شبيب ان كنت باكيا لشئ فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فانه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من أهل بيته ثمانيه عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيهون ولقد بكت السموات السبع والارضون لقتله ولقد نزل الى الأرض من الملائكه اربعه آلاف لنصره فلم يؤذن لهم فهم عند قبره شعث (2) غبر الى ان يقوم القائم عليه السلام فيكونون من انصاره وشعارهم يا لثارات الحسين عليه السلام يا بن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده عليهم السلام انه لما قتل جدى الحسين صلوات الله عليه امطرت السماء دما وترابا احمر يا بن شبيب ان بكيت


1 – سورة آل عمران: الاية 38. 2 – الشعث ككتف: المغبر الرأس الشعث بالفتح: انتشار الامر وخلله كالشعث بالتحريك. 3 – اصله يا آل ثارات فحذفت الهمزة من الال للتخفيف فصار يا لثارات وهو مثل يالبكر اصله يا آل بكر.

[ 269 ]

على الحسين حتى تصير دموعك على خديك غفر الله لك كل ذنب اذنبته صغيرا كان أو كبيرا قليلا كان أو كثيرا يا بن شبيب ان سرك ان تلقى الله عز وجل ولا ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام يا بن شبيب ان سرك ان تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (ص) فالعن قتله الحسين يا بن شبيب ان سرك ان يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين بن على عليه السلام فقل متى ذكرته: ليتنى كنت معهم فافوز فوزا عظيما يا بن شبيب ان سرك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو ان رجلا احب حجرا لحشره الله عز وجل معه يوم القيامة. 59 – حدثنا محمد بن القاسم المفسر الاستر آبادي رضى الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن أبيه أمير المؤمنين على بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله: قال الله عز وجل: قسمت فاتحه الكتاب بينى وبين عبدى فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سال إذا قال العبد (بسم الله الرحمن الرحيم) قال الله جل جلاله: بدأ عبدى باسمى وحق على ان اتمم له اموره وابارك له في احواله فإذا قال: (الحمد لله رب العالمين) قال الله جل جلاله: حمدني عبدى وعلم ان النعم التي له من عندي وان البلايا التي دفعت عنه فبطولي اشهدكم انى اضيف له الى نعم الدنيا نعم الاخرة وادفع عنه بلايا الاخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا فإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله جل جلاله: شهد لي عبدى انى الرحمن الرحيم اشهدكم لاوفرن من رحمتى حظه ولاجزلن من عطائي نصيبه فإذا قال: (مالك يوم الدين) قال الله جل جلاله: اشهدكم كما اعترف انى انا مالك يوم الدين لاسهلن يوم الحساب حسابه ولا تجاوزن عن سيئاته فإذا قال: (اياك نعبد) قال الله عز وجل: صدق عبدى اياى يعبد اشهدكم لاثيبنه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي فإذا قال: (واياك نستعين) قال الله عز وجل: بى استعان عبدى والتجأ الى اشهدكم


[ 270 ]

لاعيننه على امره ولاغيثنه في شدائده ولاخذن بيده يوم نوائبه فإذا قال: (اهدنا الصراط المستقيم) الى آخر السوره قال الله عز وجل: هذا لعبدي ولعبدي ما سال فقد استجبت لعبدي واعطيته ما امل وآمنته مما منه وجل قال: وقيل لامير المؤمنين عليه السلام: يا أمير المؤمنين اخبرنا عن (بسم الله الرحمن الرحيم) اهي من فاتحه الكتاب؟ فقال: نعم: كان رسول الله (ص) يقرأها ويعدها آيه منها ويقول: فاتحه الكتاب هي السبع المثانى. 60 – حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بابى الحسن الجرجاني رضى الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عن اخيه الحسن بن على عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: ان بسم الله الرحمن الرحيم آيه من فاتحه الكتاب وهي سبع آيات تمامها (بسم الله الرحمن الرحيم) سمعت رسول الله (ص) يقول: ان الله عز وجل قال لي: يا محمد (ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم) (1) فافرد الامتنان على بفاتحه الكتاب وجعلها بازاء القرآن العظيم وان فاتحه الكتاب اشرف ما في كنوز العرش وان الله عز وجل خص محمدا (ص) وشرفه بها ولم يشرك معه فيها احدا من انبيائه ما خلا سليمان عليه السلام فانه اعطاه منها (بسم الله الرحمن الرحيم): يحكى عن بلقيس حين قالت: (القي الي كتاب كريم انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم) (2) إلا فمن قراها معتقدا لموالاه محمد وآله الطيبين منقادا لامرها مؤمنا بظاهرهما وباطنهما اعطاه الله عز وجل بكل حرف منها حسنه كل واحده منها افضل من الدنيا وما فيها من اصناف اموالها وخيراتها ومن استمع الى قارئ يقرؤها كان له بقدر ما


1 – سورة الحجر: الاية 87. 2 – سورة النحل: الاية 29 و 30.

[ 271 ]

للقارئ فليستكثر احدكم من هذا الخير المعرض لكم فانه غنيمه لا يذهبن اوانه فتبقى قلوبكم في الحسره. 61 – حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن الريان الصلت عن الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على قال: راى أمير المؤمنين عليه السلام رجلا من شيعته من بعد عهد طويل وقد اثر السن فيه وكان يتجلد في مشيته فقال عليه السلام كبر سنك يا رجل قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام: اجد فيك بقيه قال: هي لك يا أمير المؤمنين. 62 – حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق المؤدب رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفى قال: حدثنا على بن الحسن بن على بن فضال عن أبيه عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عليهم السلام قال لما حضرت الحسن بن على الوفاه بكى فقيل له: يا ابن رسول الله اتبكى ومكانك من رسول الله (ص) مكانك الذي أنت فيه وقد قال: رسول الله (ص) فيك ما قال وقد حججت عشرين حجه ماشيا وقد قاسمت ربك مالك ثلاث مرات حتى النعل وبالنعل فقال: إنما ابكى لخصلتين لهول المطلع وفراق الا حبه. 63 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا الحسين بن أحمد المالكى عن أبيه عن ابراهيم بن أبي محمود عن على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين بن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص) يا على أنت المظلوم من بعدى فويل لمن ظلمك واعتدى عليك وطوبى لمن تبعك ولم يختر عليك يا على أنت المقاتل بعدى فويل لمن قاتلك وطوبى لمن قاتل معك يا على أنت الذي تنطق بكلامي وتتكلم بلساني بعدى


[ 272 ]

فويل لمن رد عليك وطوبى لمن قبل كلامك يا علي أنت سيد هذه الامه بعدى وأنت امامها وخليفتي عليها من فارقك فارقني يوم القيامة ومن كان معك كان معى يوم القيامة يا على أنت اول من آمن بى وصدقني وأنت اول من اعانني على امرى وجاهد معى عدوى وأنت اول من صلى معى والناس يومئذ في غفله الجهاله يا على أنت اول من تنشق عنه الأرض معى وأنت اول من يحوز الصراط معى وان ربى عز وجل اقسم بعزته انه لا يجوز عقبه الصراط إلا من معه براءه بولايتك وولايه الائمه من ولدك وأنت اول من يرد حوضى تسقى منه اولياؤك وتذود عنه اعدائك وأنت صاحبي إذا قمت المقام المحمود تشفع لمحبينا فتشفع فيهم وأنت اول من يدخل الجنة وبيدك لوائى وهو لواء الحمد وهو سبعون شقه الشقه منه اوسع من الشمس والقمر وأنت صاحب شجره طوبى في الجنة اصلها في دارك واغصانها في دور شيعتك ومحبيك قال إبراهيم بن أبي محمود: فقلت للرضا: يا بن رسول الله ان عندنا اخبارا في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وفضلكم أهل البيت وهي من روايه مخالفيكم ولا نعرف مثلها عندكم افندين بها؟ فقال: يا ابن أبي محمود لقد اخبرني أبي عن أبيه عن جده عليه السلام ان رسول الله (ص) قال: من اصغي الى ناطق فقد عبده فإن كان الناطق عن الله عز وجل فقد عبد الله وان كان الناطق عن ابليس فقد عبد ابليس ثم قال الرضا: يا ابن أبي محمود ان مخالفينا وضعوا اخبارا في فضائلنا وجعلوها على ثلاثه اقسام احدها الغلو وثانيها التقصير في امرنا وثالثها التصريح بمثالب اعدائنا فإذا سمع الناس الغلو فينا كفروا شيعتنا ونسبوهم الى القول بربوبيتنا وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا وإذا سمعوا مثالب اعداءنا باسمائهم ثلبونا باسماءنا وقد قال الله عز وجل: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم) (1) يا ابن أبي محمود إذا اخذ الناس يمينا وشمالا فالزم طريقتنا فانه من لزمنا لزمناه ومن فارقنا فارقناه ان ادنى ما يخرج به الرجل من الايمان ان يقول للحصاه هذه نواه ثم يدين بذلك ويبرء ممن خالفه يا بن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك خير الدنيا والاخره.


1 – سورة الانعام: الاية 108.

[ 273 ]

64 – حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن صقر الصائغ وأبو الحسن على بن محمد بن مهرويه قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسن بن الفضل أبو محمد مولى الهاشميين بالمدينة قال: حدثنا على بن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام قال: ارسل أبو جعفر الدوانيقي الى جعفر بن محمد عليهما السلام ليقتله وطرح له سيفا وطعنا وقال للربيع: إذا انا كلمته ثم ضربت باحدى يدى على الاخرى فاضرب عنقه فلما دخل جعفر بن محمد عليه السلام ونظر إليه من بعيد يحرك شفتيه وأبو جعفر فراشه وقال: مرحبا واهلا بك يا أبا عبد الله ما ارسلنا اليك إلا رجاء ان نقضى دينك ونقضى ذمامك ثم سائله مسائله لطيفه عن أهل بيته وقال: قد قضى الله دينك واخرج حائزتك يا ربيع لا تمضين ثالثه حتى يرجع جعفر الى اهله فلما خرج قال له الربيع: يا أبا عبد الله ارايت السيف إنما كان وضع لك والنطع فاى شئ رايتك تحرك به شفتيك؟ قال جعفر عليه السلام: نعم يا ربيع لما رايت الشر وجهه قلت: حسبى الرب من المربوبين وحسبي الخالق من المخلوقين وحسبي الرازق من المرزوقين وحسبي الله رب العالمين حسبى من هو حسبى حسبى من لم يزل حسبى حسبى الله لا اله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم. 65 – حدثنا محمد بن القاسم الاستر آبادي المفسر رضى الله عنه قال: حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن ابويهما عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام قال: قال جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام في قول الله عز وجل: (اهدنا الصراط المستقيم) قال: يقول: ارشدنا الى الطريق المستقيم أي ارشدنا للزوم الطريق المؤدى الى محبتك والمبلغ دينك والمانع من ان نتبع اهوائنا فنعطب أو ناخذ بارائنا فنهلك. 66 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن


[ 274 ]

خالد قال: سالت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن قول الله عز وجل: (انا عرضنا الامانه على السموات والارض والجبال فابين ان يحملنها) (1) فقال: الامانه الولاية من ادعاها بغير حق فقد كفر. 67 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضى الله عنه قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبه عن حمدان بن سليمان عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله اخبرني عن الشجره التي اكل منها آدم وحواء ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروى انها الحنطه ومنهم من يروى انها العنب ومنهم من يروى انها شجره الحسد فقال عليه السلام: كل ذلك حق قلت: فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال: يا أبا الصلت ان شجرة الجنة تحمل انواعا فكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجره الدنيا وان آدم عليه السلام لما اكرمه الله تعالى ذكره باسجاد ملائكته وبادخاله الجنة قال في نفسه: هل خلق الله بشرا افضل منى؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه ارفع راسك يا آدم وانظر الى ساق العرش فرفع آدم راسه فنظر الى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا: لا اله إلا الله محمد رسول (ص) وعلى بن أبي طالب عليه السلام أمير المؤمنين وزوجته فاطمه سيده نساء العالمين والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فقال آدم عليه السلام: يا رب من هؤلاء؟ فقال عز وجل: هؤلاء من ذريتك وهم خير منك ومن جميع خلقي ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ولا السماء والأرض فاياك ان تنظر إليهم بعين الحسد فاخرجك عن جواري فنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهم فتسلط عليه الشيطان حتى اكل من الشجره التي نهى عنها وتسلط على حواء لنظرها الى فاطمه عليها السلام بعين الحسد حتى اكلت من الشجره كما اكل آدم عليه السلام


1 – سورة الاحزاب: الاية 72. اختلفوا في المراد من الامانة المذكورة في الاية الشريفة ما هي؟ قال بعضهم: المراد منها الامانات العهود بين الناس ويستفاد من بعض الروايات ان المراد منها الصلاة وروي ان عليا إذا حصر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل ويتلون فيقال له: ما لك يا أمير المؤمنين؟! فيقول: جاء وقت الصلاة وقت امانة عرضها الله على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها. الحديث. قال علي بن ابراهيم في تفسيره: الامانة هي الامامة والامر والنهي.

[ 275 ]

فاخرجهما الله عز وجل عن جنته فاهبطهما عن جواره الى الأرض. 68 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن عبيد بن هلال قال: سمعت: أبا الحسن الرضا عليه السلام يقول: اني احب ان يكون المؤمن محدثا قال قلت: وأي شئ المحدث؟ قال: المفهم. 69 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضى الله عنه قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبه النيسابوري عن حمدان بن سليمان عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام يقول: رحم الله عبدا احيا امرنا فقلت له: وكيف يحيى امركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا قال: قلت: يا بن رسول الله فقد روى لنا عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: من تعلم علما ليمارى به السفهاء أو يباهى العلماء أو ليقبل بوجوه الناس إليه فهو في النار فقال عليه السلام: صدق جدى عليه السلام افتدرى من السفهاء؟ فقلت: لا يا بن رسول الله قال عليه السلام: هم قصاص مخالفينا أو تدرى من العلماء؟ فقلت: لا يا بن رسول الله (ص) فقال: هم علماء آل محمد عليهم السلام الذين فرض الله طاعتهم واوجب مودتهم ثم قال: أو تدرى ما معنى قوله: أو ليقبل بوجوه الناس إليه؟ فقلت: لا فقال عليه السلام يعنى وبذلك ادعاء الامامه بغير حقها ومن فعل ذلك فهو النار. 70 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس عن أحمد بن محمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثني أبو عبد الله الرازي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن رجل اوصى بجزء من ماله فقال: سبع ثلثه. 71 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنهما قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن ادريس جميعا عن محمد بن أحمد


[ 276 ]

ابن يحيى بن عمران الاشعري عن ابراهيم بن هاشم عن داود بن محمد النهدي عن بعض اصحابنا قال: دخل ابن أبي سعيد المكارى على الرضا عليه السلام فقال له: ابلغ الله من قدرك ان تدعى ما ادعى ابوك فقال عليه السلام: ما لك. اطفأ الله نورك وادخل الفقر بيتك اما علمت ان الله عز وجل اوحى الى عمران: انى واهب لك ذكرا فوهب له مريم ووهب لمريم عيسى فعيسى من مريم ومريم من عيسى وعيسى ومريم عليهما السلام شئ واحد وانا من أبي وأبي منى وانا وأبي شئ واحد فقال له ابن أبي سعيد: فاسألك عن مسألة فقال: لا اخالك تقبل منى ولست من غنمي ولكن هلمها فقال: رجل قال: عند موته: كل مملوك لي قديم فهو حر لوجه الله فقال: نعم ان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: (حتى عاد كالعرجون القديم) (1) فما كان من مماليكه اتى له سته اشهر فهو قديم حر قال: فخرج الرجل فافتقر حتى مات ولم يكن عنده مبيت ليله لعنه الله. 72 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن إبراهيم بن اسحاق عن عبد الله بن أحمد عن اسماعيل الخراساني عن الرضا عليه السلام قال: ليس الحميه (2) من الشئ تركه إنما الحميه من الشئ الاقلال منه. 73 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنهما: قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن ادريس جميعا عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري عن جعفر بن إبراهيم بن محمد الهمداني رحمهم الله وكان معنا حاجا قال: كتبت الى أبي الحسن عليه السلام على يد أبي: جعلت فداك ان اصحابنا اختلفوا في الصاع (3) فبعضهم يقول: الفطرة بصاع المدينة وبعضهم يقول: بصاع العراق فكتب الي: الصاع سته ارطال بالمدني


1 – سورة يس: الاية 39. قال علي بن ابراهيم القمي في تفسيره: العرجون: طلع النخل وهو مثل الهلال في اول طلوعه (انتهى). 2 – الحمية: ما حمى من كل شئ. حمى المريض ما يضره حمية: منعه اياه. 3 – الصاع اربعة امداد باتفاق الفريقين وبه اخبار كثيرة ايضا ولكنهم اختلفوا في المد والتحقيق في كتاب الطهارة في مسألة تحديد الكر بالوزن.

[ 277 ]

وتسعه ارطال بالعراقى قال: واخبرني بالوزن فقال: يكون الفا ومأه وسبعين درهما. 74 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا الحسن بن أحمد المالكى قال: حدثنا عبد الله بن طاوس سنه احدى واربعين ومأتين قال: قلت لابي الحسن الرضا عليه السلام ان لي ابن اخ زوجته ابنتى وهو يشرب الشراب ويكثر ذكر الطلاق فقال: ان كان من اخوانك فلا شئ عليه وان كان من هؤلاء فابنها منه فانه عنى الفراق قال: قلت: جعلت فداك اليس روى عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال: اياكم والمطلقات ثلاثه في مجلس واحد فانهن ذوات ازواج؟ فقال: ذلك ممن كان من اخوانكم لا ممن كان من هؤلاء انه من دان بدين قوم لزمته احكامهم. 75 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن ادريس قال: حدثني على بن الريان قال: عبيد الله بن عبد الله الدهقان الواسطي عن الحسين بن خالد الكوفى عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: قلت: جعلت فداك حديث كان يرويه عبد الله بن بكير عن عبيد بن زراره قال: فقال عليه السلام لي: وما هو؟ قلت: روى عن عبيد بن زراره انه لقى أبا عبد الله عليه السلام في السنه التي خرج فيها ابراهيم بن عبد الله بن الحسن فقال له: جعلت فداك ان هذا قد الف الكلام وسارع الناس إليه فما الذي تامر به؟ قال. فقال: اتقوا الله واسكنوا ما سكنت السماء والأرض قال: وكان عبد الله بن بكير. يقول ولئن كان عبيد بن زراره صادق فما من خروج وما من قائم قال: فقال لي أبو الحسن عليه السلام: ان الحديث على ما رواه عبيد وليس على ما تأوله عبد الله بن بكير إنما عنى أبو عبد الله عليه السلام بقوله: ما سكنت السماء من النداء باسم صاحبكم وما سكنت الارض من الخسف بالجيش. 76 – حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد الوليد رضى الله عنهما وأحمد بن محمد بن يحيى العطار ومحمد بن على ماجيلويه ومحمد بن موسى بن المتوكل رضى الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن ادريس جميعا


[ 278 ]

سهل بن زياد الادمى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال: سالت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام عن قبر فاطمه عليها السلام فقال: دفنت في بيتها فلما زادت بنو اميه في المسجد صارت في المسجد. 77 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن موسى بن القاسم البجلى (1) عن على بن اسباط عن الحسن بن الجهم قال: قال أبو الحسن عليه السلام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا يابى الكرامة إلا حمار قلت: ما معنى ذلك؟ قال: التوسعه في المجلس والطيب يعرض عليه. 78 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن على بن الجهم قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لا يأبى الكرامة إلا حمار قلت: أي شئ الكرامة؟ قال: مثل الطيب وما يكرم به الرجل الرجل. 79 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقى عن على بن ميسر عن أبي زيد المالكى قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول: لا يابى الكرامة إلا حمار يعنى بذلك في الطيب والوسادة. 80 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثنا أبو همام اسماعيل بن همام عن الرضا عليه السلام انه قال لرجل: أي شئ السكينه عندكم؟ فلم يدر القوم ما هي؟ فقالوا: جعلنا الله فداك ما هي؟ قال: ريح تخرج من الجنة طيبه لها صوره كصوره الانسان تكون مع الانبياء عليهم السلام وهي التي


1 – البجلي بالباء الموحدة المفتوحة ثم الجيم المنقطة من تحت ثم اللام: نسبة الى بجلة بسكون الجيم: ابي حي من بني سليم بن منصور ان كان بسكون الجيم والى جبلة ان كان بفتح الجيم. فراجع تنقيح المقال (ج 1 ص 5 باب ابان من ابواب الهمزة).

[ 279 ]

انزلت على إبراهيم عليه السلام حين بني الكعبه فجعلت تأخذ كذا وكذا وتبنى الاساس عليها. 81 – حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر الجرجاني رضى الله عنه قال: حدثنا أحمد بن الحسن الحسينى عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه عن الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عليهم السلام قال: سئل الصادق عن الزاهد في الدنيا قال: الذي يترك حلالها مخافه حسابه ويترك حرامها مخافه عقابه. 82 – حدثنا أبي رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال: قال أبو الحسن عليه السلام في قول الله عز وجل: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم) (1) قال عليه السلام: التفث تقليم الاظفار وطرح الوسخ وطرح الاحرام عنه. 83 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا الحسن بن محمد بن اسماعيل القرشى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن أبي الحسن على بن موسى الرضا عليهما السلام قال: حدثني أبي عن آبائه عن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): دب اليكم داء الامم قبلكم البغضاء والحسد. 84 – حدثنا محمد بن على ماجيلويه رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن داود بن سليمان عن على بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عليهم السلام قال: اوحى الله عز وجل الى داود عليه السلام: ان العبد من عبادي لياتينى بالحسنة فادخله الجنة قال: يا رب: وما تلك الحسنه؟ قال: يفرج عن المؤمن كربته ولو بتمره قال: فقال داود عليه السلام: حق لمن عرفك ان لا ينقطع رجائه منك.


1 – سورة الحج: الاية 29.

[ 280 ]

85 – حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضى الله عنه قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن ابان عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن بنت الياس قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: قال رسول الله (ص): لعن الله من احدث حدثا أو آوى محدثا قلت: وما الحدث؟ قال: القتل. 86 – حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رضى الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفى قال: حدثنا سهل بن زياد الادمى عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى قال: حدثني سيدى على بن محمد بن على الرضا عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا عن آبائه عن الحسين بن على عليهم السلام قال: قال رسول الله (ص): ان أبا بكر منى بمنزله السمع وان عمر منى بمنزله البصر وان عثمان منى بمنزله الفؤاد قال: فلما كان من الغد دخلت إليه وعنده أمير المؤمنين عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان فقلت له: يا ابت سمعتك تقول في اصحابك هؤلاء قولا فما هو فقال (ص): نعم ثم اشار إليهم فقال: هم السمع والبصر والفؤاد وسيسالون عن وصيى هذا واشار الى على بن أبي طالب عليه السلام ثم قال ان الله عز وجل يقول: (ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئوولا) (1) ثم قال عليه السلام: وعزه ربى أن جميع امتى لموقوفون يوم القيامة ومسئوولون عن ولايته وذلك قول الله عز وجل: (وقفوهم انهم مسئولون) (2) 87 – حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه قال: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن على بن معبد عن الحسين بن خالد عن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عليهم السلام انه قال: ان الله تبارك وتعالى ليبغض


1 – سورة الاسراء: الاية 36. 2 – سورة الصافات: الاية 24. قال العلامة في نهج الحق: روى الجمهور عن ابن عباس وعن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وآله قال: عن ولاية امير المؤمنين علي بن أبي طالب (انتهى) وفي تفسير علي بن ابراهيم: انهم مسؤولون عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام (انتهى). وقد صرح بذلك جماعة من مفسري العامة والخاصة.

[ 281 ]

اللحم واللحم السمين فقال له بعض اصحابه: يا بن رسول الله (ص) انا لنحب اللحم وما تخلو بيوتنا منه فكيف ذلك؟ فقال عليه السلام: ليس حيث تذهب إنما البيت اللحم الذي تؤكل فيه لحوم الناس بالغيبة وأما اللحم السمين فهو المتجبر المتكبر المختال في مشيته. 88 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس العطار النيسابوري رضى الله عنه قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبه النيسابوري عن حمدان بن سليمان عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله قد روى عن آبائك فيمن جامع في شهر رمضان أو افطر فيه ثلاث كفارات وروى عنهم ايضا كفاره واحده فباى الخبرين ناخذ؟ فقال عليه السلام: بهما جميعا قال: متى جامع الرجل حراما أو افطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات عتق رقبه وصيام شهرين متتابعين واطعام ستين مسكينا وقضاء ذلك اليوم وان كان نكح حلالا أو افطر على حلال فعليه كفاره واحده وقضاء ذلك اليوم وان كان ناسيا فلا شئ عليه. 89 – حدثنا أبي قال رضى الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن على بن فضال عن أحمد بن اشيم عن الرضا عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك لم سموا العرب اولادهم بكلب ونمر وفهد واشباه ذلك؟ قال: كانت العرب اصحاب حرب فكانت تهول على العدو باسماء اولادهم ويسمون عبيدهم فرج ومبارك وميمون واشباه ذلك يتيمنون بها. 90 – حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار رضى الله عنه قال: حدثنا على بن محمد بن قتيبه عن حمدان بن سليمان النيسابوري عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه السلام يقول: أفعال العباد مخلوقه قلت له: يا بن رسول الله ما معنى مخلوقه؟ قال: مقدره. 91 – حدثنا أبي رضى الله عنه وعلى بن عبد الله الوراق قالا: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثني على بن الحسين الخياط النيسابوري قال:


[ 282 ]

حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عن ياسر الخادم عن أبي الحسن العسكري عن أبيه عن جده على بن موسى الرضا عليه السلام انه كان يلبس ثيابه مما يلى يمينه فإذا لبس ثوبا جديدا دعا بقدح من ماء فقرا عليه انا انزلناه في ليله القدر عشر مرات وقل هو الله أحد عشر مرات وقل يا ايها الكافرون عشر مرات ثم نضحه على ذلك الثوب ثم قال: من فعل هذا بثوبه من ان يلبسه لم يزل في رغد من عيشه ما بقى منه سلك. قال: مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: ياسر الخادم قد لقى الرضا عليه السلام وحديثه عن أبي الحسن العسكري غريب! 29 – باب ما جاء عن الرضا عليه السلام في صفه النبي (ص) 1 – حدثنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: اخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن منيع قال: حدثني اسماعيل بن محمد بن اسحاق بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين عليهم السلام بمدينة الرسول (ص) قال: حدثني على بن موسى بن جعفر بن محمد عن موسى بن جعفر بن محمد عن آبائه عن على بن الحسين عليه السلام قال: قال الحسن بن على بن أبي طالب عليهم السلام سالت خالي هند بن أبي هاله عن حليه (1) رسول الله (ص) وكان وصافا للنبى (ص) فقال: كان رسول الله فخما مفخما يتلالاء وجهه تلالؤ القمر ليله البدر اطول من المربوع واقصر من المشذب (2) عظيم الهامه رجل الشعر إذا انفرقت عقيقته فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمه اذنيه إذا هو وفره ازهر اللون واسع الجبين ازج الحاجبين سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب اقنى العرنين له نور يعلوه


1 – الحلية بالكسر: الصورة والصفة. وفي الحديث: ما بعث الله نبيا الا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبينا صلى الله عليه وآله اصح الانبياء مزاجا واكملهم جسدا. من سيرة الحلبية (ج 3 ص 37 ط مصر 1353). 2 – المشذب بضم الميم وفتح الشين والذال المعجمتين مشددة ثم موحدد على وزن معظم: البائن الطويل في نحافة. الحسن الخلق.

[ 283 ]

يحسبه من لم يتامله اشم كث اللحيه سهل الخدين ضليع الفم اشنب مفلج الاسنان دقيق المسربه كان عنقه جيد دميه في صفاء الفضه معتدل الخلق بادنا متماسكا سواء البطن والصدر بعيد ما بين المنكبين ضخم الكمراديس انور المتجرد موصول ما بين اللبه والسره بشعر يجرى كالخط عارى الثديين والبطن وما سوى ذلك اشعر الذراعين والمنكبين واعالى الصدر طويل الزندين رحب الراحه شثن الكفين والقدمين سائل الاطراف سبط العصب خمصان الاخمصين فسيح القدمين ينبو عنهما الماء إذا زال زال تقلعا يخطو تكفيا ويمشى هونا ذريع المشيه إذا مشى كانما ينحط من صبب وإذا التفت التفت جميعا خافض الطرف نظره الى الأرض اطول من نظره الى السماء جل نظره الملاحظة يبدر من لقيه بالسلام قال: قلت: صف لي منطقه فقال: كان (ص) متواصل الاحزان دائم الفكره ليست له راحه ولا يتكلم في غير حاجه يفتتح الكلام ويختمه باشداقه يتكلم بجوامع الكلم فصلا لا فضول فيه ولا تقصير دمثا ليس بالجافى ولا بالمهين تعظم عنده النعمة وان دقت لا يذم منها شيئا غير انه كان لا يذم ذواقا ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا وما كان لها فإذا تعوطى الحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له وإذا اشار اشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث قارب يده اليمنى من اليسرى فضرب بابهامه اليمنى راحه اليسرى وإذا غضب اعرض بوجهه و اشاح وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم يفتر عن مثل حب الغمام قال الحسن عليه السلام: فكتمت هذا الخبر عن الحسين عليه السلام زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه وساله عما سألته عنه فوجدته قد سال اباه عن مدخل النبي (ص) ومخرجه ومجلسه وشكله فلم يدع منه شيئا قال الحسين عليه السلام: سالت أبي عليه السلام عن مدخل رسول الله (ص) فقال: كان دخوله لنفسه ماذونا له في ذلك فإذا آوى الى منزله جزأ دخوله ثلاثه اجزاء جزء لله تعالى وجزء لاهله وجزء لنفسه ثم جزأ جزء بينه وبين الناس فيرد ذلك بالخاصة على العامه ولا يدخر عنهم منه شيئا وكان من سيرته في جزء الامه ايثار أهل الفضل باذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجه ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل ويشغلهم فيما


[ 284 ]

اصلحهم واصلح الامه من مسألته عنهم واخبارهم بالذى ينبغى ويقول: ليبلغ الشاهد منكم الغائب وابلغوني حاجه من لا يقدر على ابلاغ حاجته فانه من ابلغ سلطانا حاجه من لا يقدر على ابلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة لا يذكر عنده إلا ذلك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون رواد ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون ادله فقهاء فسألته عن مخرج رسول الله (ص) كيف كان يصنع فيه؟ فقال: كان رسول الله (ص) يخزن لسانه إلا عما يعنيه ويؤلفهم ولا ينفرهم ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير ان يطوى أحد بشره ولا خلقه ويتفقد اصحابه ويسال الناس عما في الناس ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الامر غير مختلف لا يغفل مخافه ان يغفلوا أو يميلوا ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه الذين يلونه من الناس خيارهم افضلهم عنده واعمهم نصيحه للمسلمين واعظمهم عنده منزله احسنهم مواساه وموازره قال: فسألته عن مجلسه فقال: كان (ص) لا يجلس ولا يقوم الا على ذكر ولا يوطن الاماكن وينهى عن ايطانها وإذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهى به المجلس ويامر بذلك ويعطى كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب أحد من جلسائه ان احدا اكرم عليه منه من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه من ساله حاجه لم يرجع الا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أبا رحيما وصاروا عنده في الحق سواء مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وامانه ولا ترفع فيه الاصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تثنى فلتاته متعادلين متواصلين بالتقوى متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذا الحاجه ويحفظون الغريب فقلت: كيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح ولا مداح يتغافل عما لا يشتهى فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه قد ترك نفسه من ثلاث المراء والاكثار وما لا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم احدا ولا يعيره ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه إذا تكلم اطرق جلساءه كانما على رؤوسهم الطير وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث وإذا تكلم عنده أحد انصتوا له حتى يفرغ من حديثه يضحك مما


[ 285 ]

يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوه في المسألة والمنطق حتى ان كان اصحابه ليستجلبونهم ويقول: إذا رأيتم حاجه يطلبها فارفدوه ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوزه فيقطعه بنهي أو قيام قال: فسألته عن سكوت رسول الله (ص) فقال عليه السلام: كان سكوته على اربع الحلم والحذر والتقدير والتفكر فاما التقدير ففى تسويه النظر والاستماع بين الناس وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى وجمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شئ ولا يستفزه وجمع له الحذر في اربع اخذه الحسن ليقتدى به وتركه القبيح لينتهى عنه واجتهاده الراى في اصلاح امته والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والاخره صلوات الله عليه وآله الطاهرين. وقد رويت هذه الصفه عن مشايخ باسانيد مختلفه قد اخرجتها في كتاب النبوه وإنما ذكرت من طرقي إليها ما كان فيها عن الرضا عليه السلام لأن هذا الكتاب مصنف في ذكر عيون اخباره عليه السلام وقد ويرحمون الصغير ويؤثرون ذا الحاجه ويحفظون الغريب فقلت: كيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ولا مزاح ولا مداح يتغافل عما لا يشتهى فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه قد ترك نفسه من ثلاث المراء والاكثار وما لا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم احدا ولا يعيره ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه إذا تكلم اطرق جلساءه كانما على رؤوسهم الطير وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث وإذا تكلم عنده أحد انصتوا له حتى يفرغ من حديثه يضحك مما


[ 285 ]

يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوه في المسألة والمنطق حتى ان كان اصحابه ليستجلبونهم ويقول: إذا رأيتم حاجه يطلبها فارفدوه ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوزه فيقطعه بنهي أو قيام قال: فسألته عن سكوت رسول الله (ص) فقال عليه السلام: كان سكوته على اربع الحلم والحذر والتقدير والتفكر فاما التقدير ففى تسويه النظر والاستماع بين الناس وأما تفكره ففيما يبقى ويفنى وجمع له الحلم في الصبر فكان لا يغضبه شئ ولا يستفزه وجمع له الحذر في اربع اخذه الحسن ليقتدى به وتركه القبيح لينتهى عنه واجتهاده الراى في اصلاح امته والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والاخره صلوات الله عليه وآله الطاهرين. وقد رويت هذه الصفه عن مشايخ باسانيد مختلفه قد اخرجتها في كتاب النبوه وإنما ذكرت من طرقي إليها ما كان فيها عن الرضا عليه السلام لأن هذا الكتاب مصنف في ذكر عيون اخباره عليه السلام وقد اخرجت تفسيرها في كتاب معاني الاخبار

اترك تعليقاً