اللمعة الدمشقية

الشهيد الأول


[ 1 ]

اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد : محمد بن جمال الدين مكي العاملي ( الشهيد الأول ) قدس سره 734 – 786


[ 2 ]

منشورات دار الفكر قم شارع ارم تلفن 23636 هوية الكتاب اسم الكتاب : اللمعة الدمشقية المؤلف : الشهيد الأول الناشر : دار الفكر / ايران / قم / شارع ارم ت : 23646 الطبعة : الأولى / 1411 ه‍ . ق المطبعة : قدس / قم العدد : 5000 القيمة : حقوق الطبع محفوظة للناشر


[ 3 ]

المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم يجهل الكثيرون أن مكانة ثروتنا الفقهية الشيعية من الفقه الاسلامي مكانة العقل من الجسد ، وأن مكانة الفقه الاسلامي من الفقه الوضعي مكانة الرأس من الجسد . . فالحقوقيون في بلادنا كما في البلاد الغربية لا يعرفون عن فقه الاسلام إلا القليل ، وإن كان أغلب من أطل عليه منهم يعجب به أي اعجاب ، والحقوقيون وعلماء بقية المذاهب الاسلامية لا يعرفون عن فقهنا الشيعي إلا أقل القليل ، وإن كان أغلب من أطل عليه منهم يعجب به أيما إعجاب . من أمثلة هؤلاء الحقوقيين الدكتور عبد الرزاق السنهوري الذي كان أكبر عقلية حقوقية معاصرة في عالمنا الاسلامي ، والذي استغرق عمره في القوانين الوضعية ولم يطلع إلا من نافذة في آخر عمره على الفقه الاسلامي السني والشيعي ، فأعجب به ودعا إلى دراسته ، بل وإلى تطبيقه على البلاد العربية بدل القوانين الأجنبية ، لأنه القاعدة القانونية الوحيدة المشتركة بين شعوب هذه البلاد . . قال في


[ 4 ]

مقالة بعنوان ( القانون المدني العربي ) ص 26 – 27 ” الفقه الاسلامي إذا أحييت دراسته وانفتح فيه باب الاجتهاد قمين أن ينبث قانونا حديثا لا يقل في الجدة وفي مسايرة العصر عن القوانين اللاتينية والجرمانية ، ويكون هذا القانون مشتقا من الفقه الاسلامي اشتقاق هذا القوانين الحديثة من القانون الروماني العتيق . . والأمر الثاني أن تدرس مذاهب الفقه الاسلامي المختلفة السني والشيعي والخارجي والظاهري وغير ذلك من المذاهب دراسة مقارنة . . ثم تقارن هذه الصناعة بالفقه الغربي الحديث حتى يتضح ما بينهما من الفروق ووجوه الشبه ” . كان هذا الكلام قبل ربع قرن ، أما اليوم وبعد أن نجحت الثورة الاسلامية في ايران وتعاظم المد الاسلامي في أرجاء الوطن الاسلامي فإن الحاجة إلى الفقه الاسلامي تزداد باستمرار ومسؤوليتنا تجاه الفقه تتضاعف . لسنا بصدد أنواع العمل الواجبة على الدول والمؤسسات والعلماء تجاه الفقه وهي كثيرة ، ولكن من البديهي أن تهيئة الكتاب الفقهي والفهرس الفقهي من أولى الخطوات التي تفتح باب التعامل مع المادة الفقهية . في هذا المجال نرى فقهنا الشيعي ما زال أكثره كنوزا مخطوطة في المكتبات أو مطبوعة بطبعات حجرية ، ولم يصدر منه إلى الآن مقدار الربع بالطبعة الجديدة ، فضلا عن عدم وجود الفهارس العلمية التي تسهل على الباحث الاطلاع عليه أو الرجوع إليه .


[ 5 ]

وإذا اقتصرنا على أشهر فقهائنا رضوان الله عليهم من الشيخ الكليني إلى اليوم يعني عبر ألف ومئة سنة لبلغ عددهم أكثر من مئة فقيه ، وبلغت مؤلفاتهم أكثر من ثلاث مأة مجلد ، أما طليعة هؤلاء الفقهاء المؤلفين فهم مجموعة قد تبلغ العشرين فقيها تميزوا بالعمق والغزارة العلمية والقبول والحجية عند عامة فقهاء المذهب ، وكانت مؤلفاتهم وما تزال محور البحث الفقهي في الحوزات العلمية وبين العلماء والطلبة ، أمثال الشيخ الصدوق ، والشيخ المفيد ، والسيد المرتضى ، والشيخ الطوسي ، وابن إدريس ، والحلبيين الثلاثة : أبي الصلاح وابني زهرة ، والمحقق الحلي والعلامة الحلي والشهيد الأول والشهيد الثاني والمحقق الكركي . . إلى أن نصل إلى صاحب الجواهر النجفي وصاحب الحدائق البحريني ، وأعاظم من جاء بعدهم . بهذا نعرف أن الشهيد الأول محمد بن مكي الجزيني النباطي العاملي رضوان الله عليه يأتي في مصاف الدرجة الأولى من فقهائنا ، وأن كتبه وآراءه التي كتبها قبل ستة قرون ما زالت في حيوية إلى اليوم . أما كتابه المختصر هذا ( اللمعة الدمشقية في فقه الامامية ) المعروف باسم ( اللمعة ) فقد درسه منذ تأليفه إلى الآن مئات الالوف من طلبة العلم في المرحلة المتوسطة ، وما زال كتابا تدريسيا في كل حوزاتنا مع شرحه للشهيد الثاني رضوان الله عليهما ، وما ذلك إلا لخصائص عديدة توفرت في هذه الاشراقة وشرحها لم تتوفر في كتاب آخر .


[ 6 ]

والاعجب من هذا الكتاب ومن كتب الشهيد المفصلة مثل الدروس الشرعية والذكرى والبيان والالفية وشرح التهذيب – الاعجب منها كلها شخصية هذا المؤلف الذي عاش اثنين وخمسين عاما فقط 734 – 786 جمع فيها بين الترحال والهجرة في طلب العلم والنبوغ في عدد من العلوم الاسلامية ، والتأليف والتدريس ، والفتيا والتوجيه لشيعة جبل عامل وبلاد الشام كلها ، بل قد يكون نفوذه امتد إلى أوساط بقية المسلمين حتى صار خطرا على حكم المماليك في ولايتي صيدا ودمشق وحلب أيضا ، فلفقوا ضده تهمة شرب الخمر وسب الشيخين وقتلوه ثم صلبوه ثم أحرقوا جسده الطاهر أمام سجن القلعة بدمشق ، في يوم الخميس التاسع من جمادى الأولى سنة 786 . من المؤكد أن الشهيد الأول قدس سره إذا لم يكن صاحب مشروع سياسي لاقامة دولة إسلامية تطبق مذهب أهل البيت عليهم السلام ، فإنه كان صاحب مشروع مرجعية دينية واعية جاءت لمعة في بلاد الشام في عصر المماليك المظلم ، وهذا أمر يستحق البحث وجمع الشواهد التي نشير هنا إليها إشارة مجملة : 1 – انتشار التشيع في ذلك الوقت من ساحل فلسطين إلى لبنان إلى حلب . 2 – خروج مدع للنبوة في منطقة صيدا والنبطية يدعى محمد الجالوشي وفتوى الشهيد ضده ، وإقامته الحد عليه ، بعد معركة معه ومع أتباعه . 3 – انتشار وكلاء الشهيد الذين بلغوا المئات واعتقلتهم


[ 7 ]

السلطة بعد شهادته ، وطلبوا منهم البراءة من الشهيد . 4 – كثرة إجازات علماء السنة له مما يشير إلى قبوله وربما تأثيره على جمهور واسع من المسلمين السنة وعدد من علمائهم . 5 – تقسيم إقامته بين جزين ودمشق قبل فتنة الجالوشي ، وبقاؤه في دمشق ظاهرا بعدها . 6 – اشتهار اسمه في الآفاق حتى جاء الوزير الشيخ شمس الدين الآوي مبعوثا إليه من سلطان خراسان علي بن مؤيد برسالة مليئة بالاجلال والخضوع له ، طالبا إليه السفر إلى دولة خراسان الجديدة التي قامت بعد الانتصار على المغول وطردهم من خراسان ولكن الشهيد اعتذر عن إجابة هذا الطلب وألف لهم حسب طلبهم كتاب ( اللمعة ) ليكون أساسا في قضاء الدولة الخراسانية وحياتها . 7 – في المقابل يوجد عدد من الشواهد في حياة سلطان المماليك برقوق الذي قد يكون أصدر الأمر بقتل الشهيد . وقد عرف برقوق بفقدان القيم في حياته كغيره من المماليك بل أكثر . 8 – وفي حياة والي الشام بيدمر الذي كان صديق الشهيد ودبر أمر سجنه في دمشق ، ثم دبر مسرحية محاكمته وحضرها . 9 – مجموعة قضاة بيدمر الذين كانت تربطهم بالشهيد علاقة الصديق والتلميذ والحاسد ، خاصة شخصية برهان الدين بن جماعة الذي نفذ عملية إصدار الحكم وألبسها الثوب الشرعي ! 10 – وكذلك الشواهد الاجتماعية عن فساد الحالة الخلقية في


[ 8 ]

عصر المماليك حتى كانت زقاق الخمر تهدى إلى سلطان وولاته تقربا إليهم ، وكانت قيم الاسلام وحرمة شخصياته كالصحابة تهان جهارا نهارا . كل ذلك في ظرف سياسي عالمي كانت في القوتان الكبريتان آنذاك – القوة الصليبية بقيادة فرنسا ، والقوة المغولية بقيادة تيمور لنك – تنظران إلى العالم الاسلامي على أنه الرجل المريض الذي يجب توجيه الضربة القاضية إليه واقتسام تركته ، وتتبادلان الرسائل والرسل من أجل ذلك ، بينما السلطان بايزيد والسلطان برقوق وبقية السلاطين والأمراء مشغولون بامورهم الثانوية وباضطهاد الاصوات الحرة وخنقها . كل هذه الشواهد من حياة الشهيد الأول قدس سره وعصره تدل على نبوغه الاجتماعي والسياسي مضافا إلى نبوغه الفقهي والعلمي ، وتفصيل الأمر يتناسب مع مقدمة كتبه المفصلة ، وليس في لمعته الوجيزة المباركة . * * تبقى ملاحظة حول أقدم نسخة مخطوطة صححنا عليها كتاب اللمعة ، وهي النسخة المحفوظة في مكتبة آستان قدس الرضوية تحت رقم عمومي 2547 – فقه 137 بخط إبراهيم بن الحاج علي بن الحاج أحمد اكشيدش من قرية النبي نوح عليه السلام سنة 849 أي بعد شهادة الشهيد بنحو 63 سنة ، وتقع في 222 صفحة ، ولكنها غير


[ 9 ]

خالية من الأخطاء ، وهذا طبيعي فيها وفي جميع مخطوطاتنا الفقهية التي نسخها نساخ غير عرب ولا من أهل العلم جزاهم الله عن الاسلام والتشيع خير الجزاء ، لذا استفدنا كثيرا من النسخ المخطوطة والمطبوعة الأخرى في التصحيح . وعلى النسخة المذكورة عدة حواش من كتابي الشهيد البيان والذكرى ، وقواعد العلامة وتذكرته ، وغيرها ، وعليها حواش مذيلة بحرف ( ز ) تصورها البعض أنها رمز لاسم زين الذي هو اسم الشهيد الثاني ، خاصة أنه يوجد في آخر النسخة شهادة سماع لبعضهم في سنة 940 ه‍ . بامضاء زين الدين علي بن أحمد ، ولكن من البعيد أن يكون هذا هو الشهيد الثاني لأن إسم الشهيد الثاني زين الدين بن علي ، وهذا اسمه علي ، مضافا إلى أن اسمه خال من لقب العاملي أو الجبعي أو الشامي التي كان يستعملها الشهيد الثاني ، على أنا قارنا بين عدد من هذه الحواشي وبين شرح اللمعة للشهيد الثاني فوجدنا بينهما تفاوتا في الآراء الفقهية يبعد أن يكون صادرا من فقيه واحد ، فالمرجح أن يكون علي بن أحمد هذا شخصا غير الشهيد . كما يحتمل أن تكون الحواشي المذيلة بحرف ( ز ) لزين الدين المذكور أو لغيره ، فكتابتها تشبه قلم الناسخ نفسه والفرق بين تاريخ كتابة النسخ وتوقيع زين الدين المذكور إحدى وتسعون سنة ويحتمل أن يكون ( ز ) رمزا لكتاب فقهي أخذت منه الحواشي أيضا . ولعل ما ذكرناه كان السبب في أن صاحب الذريعة وغيره لم يذكروا أن للشهيد الثاني حاشية على اللمعة غير شرحه المعروف .


[ 10 ]

ولا يفوتنا إلا أن نتقدم بالشكر الجزيل والثناء الوافر لسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ علي الكوراني لما قام به من عمل دؤوب في تحقيق هذا السفر الجليل وتقويم نصه فلله دره وعليه أجره . نسأله تعالى أن ينفع بهذه الطبعة المصححة طلبة العلم والعلماء أيدهم الله ، وأن يبارك في حياتهم كما بارك في حياة المؤلف الشهيد وقلمه ودمه ، وهو ولي التوفيق الناشر


[ 11 ]

بسم الله الرحمن الرحيم ألله أحمد استتماما لنعمته والحمد فضله ، وإياه أشكر استسلاما لعزته والشكر طوله ، حمدا وشكرا كثيرا كما هو أهله ، وأسأله تسهيل ما يلزم حمله ، وتعليم ما لا يسع جهله ، وأستعينه على القيام بما يبقى أجره ، ويحسن في الملاء الأعلى ذكره ، ويرجى مثوبته وذخره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا نبي أرسله ، وعلى العالمين اصطفاه وفضله ، صلى الله عليه وعلى آله الذين حفظوا ما حمله ، وعقلوا عنه ما عن جبرئيل عقله ، حتى قرن بينهم وبين محكم الكتاب ، وجعلهم قدوة لأولي الالباب ، صلاة دائمة بدوام الاحقاب .


[ 13 ]

أما بعد : فهذه اللمعة الدمشقية في فقه الامامية إجابة لالتماس بعض الديانين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وهي مبنية على كتب :


[ 14 ]

– – –


[ 15 ]

( 1 ) كتاب الطهارة وهي لغة النظافة ، وشرعا استعمال طهور مشروط بالنية ، والطهور هو الماء والتراب ، قال الله تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) . وقال النبي صلى الله عليه وآله : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا . فالماء مطهر من الحدث والخبث ، وينجس بالتغير بالنجاسة ، ويطهر بزواله إن كان جاريا أو لاقى كرا قدرة ألف ومائتا رطل بالعراقي . وينجس القليل والبئر بالملاقاة ، ويطهر القليل بما ذكر ، والبئر بنزح جميعه للبعير والثور والخمر والمسكر ودم الحدث والفقاع ، وكر للدابة والحمار والبقرة ، وسبعين دلوا معتادة للانسان ، وخمسين للدم الكثير والعذرة الرطبة ، وأربعين للثعلب والأرنب والشاة والخنزير والكلب والهر وبول الرجل ، وثلاثين لماء المطر المخالط للبول والعذرة وخرء الكلب ، وعشر ليابس العذرة وقليل الدم ، وسبع للطير والفأرة مع انتفاخها وبول الصبي وغسل الجنب وخروج الكلب حيا ، وخمس لذرق الدجاج ، وثلاث للفأرة والحية والوزغة ، ودلو للعصفور . ويجب التراوح بأربعة رجال يوما عند الغزارة ووجوب نزح الجميع . ولو تعسر جمع بين المقدر وزوال التغير . مسائل : المضاف ما لا يصدق عليه اسم الماء بإطلاقه وهو طاهر غير


[ 16 ]

مطهر مطلقا ، وينجس بالاتصال بالنجس ، وطهره إذا صار مطلقا على الأصح ، والسؤر تابع للحيوان ، ويكره سؤر الجلال وأكل الجيف مع الخلو عن النجاسة ، والحائض المتهمة ، والبغل والحمار ، والفأرة والحية ، وولد الزنا . الثانية : يستحب التباعد بين البئر والبالوعة بخمس أذرع في الصلبة أو تحتية البالوعة وإلا فسبع ، ولا تنجس بها وإن تقاربتا إلا مع العلم بالاتصال . الثالثة : النجاسة عشرة ، البول والغائط من غير المأكول ذي النفس ، والدم والمني من ذي النفس وإن أكل ، والميتة منه ، والكلب ، والخنزير ، والكافر ، والمسكر ، والفقاع ، يجب إزالتها عن الثوب والبدن ، وعفي عن دم الجروح والقروح مع السيلان ، وعن دون الدرهم من غير الثلاثة ، ويغسل الثوب مرتين بينهما عصر إلا في الكثير والجاري ، ويصب على البدن مرتين في غيرهما ، وكذا الاناء ، فإن ولغ فيه كلب قدم عليهما مسحة بالتراب ، ويستحب السبع في الفأرة والخنزير ، والثلاث في الباقي ، والغسالة كالمحل قبلها . الرابعة : المطهر عشرة ، الماء مطلقا ، والأرض باطن النعل وأسفل القدم ، والتراب في الولوغ ، والجسم الطاهر في غير المتعدي من الغائط ، والشمس ما جففته من الحصر والبواري وما لا ينقل ، والنار ما أحالته ، ونقص البئر ، وذهاب ثلثي العصير ، والاستحالة وانقلاب الخمر خلا ، والاسلام . وتطهر العين والأنف والفم باطنها وكل باطن بزوال العين . ثم الطهارة اسم للوضوء أو الغسل أو التيمم ، فهنا


[ 17 ]

فصول ثلاثة : الأول ، في الوضوء : وموجبه : البول والغائط ، والريح ، والنوم الغالب على السمع والبصر ، ومزيل العقل ، والاستحاضة . وواجبه : النية مقارنة لغسل الوجه مشتملة على التقرب والوجوب والاستباحة ، وجري الماء على ما دار عليه الابهام والوسطى عرضا وما بين القصاص إلى آخر الذقن طولا ، وتخليل خفيف الشعر ، ثم اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع ، ثم اليسرى كذلك ، ثم مسح مقدم الرأس بمسماه ، ثم مسح الرجل اليمنى ثم اليسرى بمسماه ببقية البلل فيهما مرتبا مواليا بحيث لا يجف السابق . وسننه : السواك ، والتسمية ، وغسل اليدين مرتين قبل إدخالهما الاناء ، والمضمضة ، والاستنشاق ، وتثليثهما ، وتثنية الغسلات ، والدعاء عند كل فعل ، وبدأة الرجل بالظهر وفي الثانية بالبطن عكس المرأة . وتتخير الخنثى فيه . والشاك فيه في أثنائه يستأنف ، وبعده لا يلتفت ، وفي البعض يأتي به على حاله إلا مع الجفاف فيعيد ، وبعد انتقاله لا يلتفت ، والشاك في الطهارة محدث ، والشاك في الحدث متطهر وفيهما محدث . مسائل : يجب على المتخلي ستر العورة ، وترك ( استقبال ) القبلة ودبرها ، وغسل البول بالماء والغائط مع التعدي ، وإلا فثلاثة أحجار أبكار أو بعد طهارتها فصاعدا أو شبهها ، ويستحب التباعد ، والجمع بين المطهرين ، وترك استقبال النيرين والريح ، وتغطية الرأس ،


[ 18 ]

والدخول باليسرى ، والخروج باليمنى ، والدعاء في أحواله ، والاعتماد على اليسرى ، والاستبراء ، والتنحنح ثلاثا ، والاستنجاء باليسار ، ويكره باليمنى ، وقائما ، ومطمحا ، وفي الماء ، والشارع ، والمشرع ، والفناء ، والملعن ، ( وتحت ) المثمرة ، وفئ النزال ، والجحرة ، والسواك ، والكلام ، والأكل والشرب . ويجوز حكاية الأذان وآية الكرسي وللضرورة . الفصل الثاني : في الغسل : وموجبه : الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة مع غمس القطنة ، والنفاس ، ومس الميت النجس آدميا ، والموت . وموجب الجنابة : الانزال ، وغيبوبة الحشفة قبلا أو دبرا أنزل أو لا ، فيحرم عليه قراءة العزائم ، واللبث في المساجد ، والجواز في المسجدين ، ووضع شئ فيها ، ومس خط المصحف أو اسم الله تعالى ، أو النبي أو الأئمة عليهم السلام ويكره الأكل والشرب حتى يتمضمض ويستنشق ، والنوم إلا بعد الوضوء ، والخضاب ، وقراءة ما زاد على سبع آيات ، والجواز في المساجد . وواجبه : النية مقارنة ، وغسل الرأس والرقبة ، ثم الأيمن ثم الأيسر ، وتخليل مانع وصول الماء . ويستحب الاستبراء ، والمضمضة والاستنشاق بعد غسل اليدين ثلاثا ، والموالاة ، ونقض المرأة الضفائر ، وتثليث الغسل ، وفعله بصاع ، ولو وجد بللا بعد الاستبراء لم يلتفت وبدونه يغتسل والصلاة السابقة صحيحة ، ويسقط الترتيب


[ 19 ]

بالارتماس ، ويعاد بالحدث في أثنائة على الأقوى . وأما الحيض : فهو ما تراه المرأة بعد تسع وقبل ستين إن كانت قرشية أو نبطية وإلا فالخمسون ، وأقله ثلاثة متوالية وأكثره عشرة وهو أسود أو أحمر حارله دفع غالبا . ومتى أمكن كونه حيضا حكم به ولو تجاوز العشرة ، فذات العادة الحاصلة باستواء مرتين تأخذها ، وذات التمييز تأخذه بشرط عدم تجاوز حديه في المبتدئة والمضطربة ، ومع فقده تأخذ المبتدئة عادة أهلها ، فإن اختلفن فأقرانها ، فإن فقدن أو اختلفن فكالمضطربة في أخذ عشرة من كل شهر وثلاثة من آخر أو سبعة سبعة . ويحرم عليها الصلاة ، والصوم وتقضيه ، والطواف ومس القرآن ، ويكره ( لها ) حمله ولمس هامشه كالجنب ، ويحرم اللبث في المساجد ، وقراءة العزائم ، وطلاقها ووطؤها قبلا عالما عامدا فتجب الكفارة احتياطا بدينار في الثلث الأول ثم نصفه في الثلث الثاني ثم ربعه في الثلث الأخير ، ويكره قراءة باقي القرآن ، والاستمتاع بغير القبل ، ويستحب لها الجلوس في مصلاها بعد الوضوء وتذكر اسم الله تعالى بقدر الصلاة . ويكره لها الخضاب . وتترك ذات العادة برؤية الدم وغيرها بعد ثلاثة ، ويكره وطؤها بعد الانقطاع قبل الغسل على الأظهر ، وتقضي كل صلاة تمكنت من فعلها قبله ، أو فعل ركعة مع الطهارة بعده . وأما الاستحاضة : فهي ما زاد على العشرة أو العادة مستمرا أو بعد اليأس أو بعد النفاس ، ودمها أصفر بارد رقيق فاتر غالبا . فإذا


[ 20 ]

لم تغمس القطنة تتوضأ لكل صلاة مع تغيرها ، وما يغمسها بغير سيل يزيد الغسل للصبح ، وما يسيل تغتسل أيضا للظهرين ثم للعشائين وتغير الخرقة فيهما . وأما النفاس : فدم الولادة معها أو بعدها ، وأقله مسماه وأكثره قدر العادة في الحيض فإن لم يكن فالعشرة . وحكمها كالحائض ، ويجب الوضوء مع غسلهن ، ويستحب قبله . وأما غسل المس : فبعد البرد وقبل التطهير ويجب فيه الوضوء . القول في أحكام الأموات وهي خمسة : الاحتضار : ويجب توجيهه إلى القبلة بحيث لو جلس استقبل ، ويستحب نقله إلى مصلاه وتلقينه الشهادتين والاقرار بالاثنى عشر عليهم السلام وكلمات الفرج ، وقراءة القرآن عنده ، والاصباح إن مات ليلا ، ولتغمض عيناه ويطبق فوه وتمد يداه إلى جنبيه ويغطى بثوب ، ويعجل تجهيزه إلا مع الاشتباه فيصبر عليه ثلاثة أيام ، ويكره حضور الجنب أو الحائض عنده وطرح حديد على بطنه . الثاني : الغسل ، ويجب تغسيل كل مسلم أو بحكمه ولو سقطا إذا كان له أربعة أشهر بالسدر ثم الكافور ثم القراح كالجنابة بالنية ، والأولى بميراثه أولى بأحكامه والزوج أولى مطلقا ، وتجب المساواة في الرجولية والأنوثية في غير الزوجين ، ومع التعذر فالمحرم من وراء الثياب ، فإن تعذر فالكافر والكافرة بتعليم المسلم ، ويجوز تغسيل الرجل ابنة ثلاثة سنين مجردة وكذا المرأة ، والشهيد لا يغسل ولا يكفن


[ 21 ]

بل يصلي عليه . وتجب إزالة النجاسة عن بدنه أولا ، ويستحب فتق قميصه ونزعه من تحته وتغسيله على ساجة مستقبل القبلة ، وتثليث الغسلات ، وغسل يديه مع كل غسلة ومسح بطنه في الاولتين ، وتنشيفه بثوب ، وإرسال الماء في غير الكنيف ، وترك ركوبه وإقعاده ، وقلم ظفره وترجيل شعره . الثالث : الكفن ، والواجب مئزر وقميص وإزار مع القدرة ، وتستحب الحبرة والعمامة والخامسة ، وللمرأة القناع عن العمامة . والنمط ، ويجب إمساس مساجده السبعة بالكافور ، ويستحب كونه ثلاثة عشر درهما وثلثا ووضع الفاضل على صدره ، وكتابة اسمه ، وأنه يشهد الشهادتين وأسماء الأئمة عليهم السلام على العمامة والقميص والأزار والحبرة والجريدتين من سعف النخل ، أو شجر رطب ، فاليمنى عند الترقوة بين القميص وبشرته ، والأخرى بين القميص والأزار من جانبه الأيسر ، ولتخط بخيوطه ولا تبل بالريق . وتكره الاكمام المبتدأة وقطع الكفن بالحديد ، وجعل الكافور في سمعه وبصره على الأشهر . ويستحب اغتسال الغاسل قبل تكفينه ، أو الوضوء . الرابع : الصلاة عليه ، وتجب على من بلغ ستا ممن له حكم الاسلام . وواجبها : القيام والقبلة وجعل رأس الميت إلى يمين المصلي والنية ، وتكبيرات خمس يتشهد الشهادتين عقيب الأولى ، ويصلي على النبي وآله عقيب الثانية ، ويدعو للمؤمنين والمؤمنات عقيب الثالثة ، وللميت عقيب الرابعة ، وفي المستضعف بدعائه ، والطفل لابويه ،


[ 22 ]

والمنافق يقتصر على أربعة ويلعنه ، ولا تشترط فيها الطهارة ولا التسليم . ويستحب إعلام المؤمنين به ، ومشي المشيع خلفه أو إلى جانبيه ، والتربيع والدعاء والطهارة ولو متيمما مع خوف الفوت ، والوقوف عند وسط الرجل وصدر المرأة على الأشهر ، والصلاة في المعتادة ورفع اليدين في التكبير كله على الأقوى ، ومن فاته بعض التكبير أتم الباقي ولاء ولو على القبر ، ويصلي على من لم يصل عليه يوما وليلة أو دائما ، ولو حضرت جنازة في الأثناء أتمها ثم استأنف عليها ، والحديث يدل على احتساب ما بقي من التكبيرات لهما ثم يأتي بالباقي للثانية ، وقد حققناه في الذكرى . الخامس : دفنه ، والواجب مواراته في الأرض مستقبل القبلة على جانبه الأيمن ، ويستحب عمقه نحو قامة ووضع الجنازة أولا ونقل الرجل في ثلاث دفعات والسبق برأسه ، والمرأة عرضا ، ونزول الأجنبي إلا فيها ، وحل عقد الاكفان ووضع خده على التراب ، وجعل تربة معه ، وتلقينه والدعاء له ، والخروج من الرجلين ، والاهالة بظهور الاكف مسترجعين ، ورفع القبر أربع أصابع وتسطيحه ، وصب الماء عليه من قبل رأسه دورا والفاضل على وسطه ، ووضع اليد عليه مترحما ، وتلقين الولي بعد الانصراف ، ويتخير في الاستقبال والاستدبار ، وتستحب التعزية قبل الدفن وبعده . وكل أحكامه من فرض الكفاية أو ندبها .


[ 23 ]

الفصل الثالث ، في التيمم : وشرطه عدم الماء أو عدم الوصول إليه أو الخوف من استعماله ، ويجب طلبه من الجوانب الأربعة غلوة سهم في الحزنة وسهمين في السهلة ، وتجب بالتراب الطاهر أو الحجر لا بالمعادن والنورة ، ويكره بالسبخة والرمل ، ويستحب من العوالي . والواجب : النية ، والضرب على الأرض بيديه مرة للوضوء فيمسح بهما جبهته من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى ، ثم ظهر يده اليمنى ببطن اليسرى من الزند إلى أطراف الأصابع ، ثم اليسرى كذلك ، ومرتين للغسل وتيمم غير الجنب مرتين ، ويجب في النية البدلية والاستباحة والوجه والقربة ، وتجب الموالاة ، ويستحب نفض اليدين . وليكن عند آخر الوقت وجوبا مع الطمع في الماء ، وإلا استحبابا ، ولو تمكن من الماء انتقض ، ولو وجده في أثناء الصلاة أتمها على الأصح .


[ 24 ]

( 2 ) كتاب الصلاة وفصوله أحد عشر : الأول ، في أعدادها : والواجب سبع : اليومية والجمعة والعيدان والآيات والطواف والأموات والملتزم بنذر وشبهه . والمندوب لا حصر له وأفضله الرواتب ، فللظهر ثمان قبلها ، وللعصر ثمان قبلها ، وللمغرب أربع بعدها ، وللعشاء ركعتان جالسا – ويجوز قائما – بعدها ، وثماني الليل ، وركعتا الشفع وركعة الوتر ، وركعتا الصبح قبلها . وفي السفر تنتصف الرباعية وتسقط راتبة المقصورة ، ولكل ركعتين من النافلة تشهد وتسليم ، وللوتر بانفراده ، ولصلاة الأعرابي ترتيب الظهرين بعد الثنائية . الفصل الثاني ، في شروطها ، وهي سبعة : الوقت : فللظهر زوال الشمس المعلوم بزيد الظل بعد نقصه ، وللعصر الفراغ منها ولو تقديرا ، وتأخيرها إلى مصير الظل مثليه أفضل ، وللمغرب ذهاب الحمرة المشرقية ، وللعشاء الفراغ منها وتأخيرها إلى ذهاب المغربية أفضل ، وللصبح طلوع الفجر . ويمتد


[ 25 ]

وقت الظهرين إلى الغروب ، والعشاءين إلى نصف الليل ، والصبح حتى تطلع الشمس ، ونافلة الظهر من الزوال إلى أن يصير الفئ قدمين ، والعصر أربعة أقدام ، والمغرب إلى ذهاب الحمرة المغربية ، والعشاء كوقتها . ولليل بعد نصفه إلى طلوع الفجر ، والصبح حتى تطلع الحمرة . وتكره النافلة المبتدأة بعد صلاتي الصبح والعصر ، وعند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ، إلا يوم الجمعة ، ولا تقدم الليلية إلا لعذر وقضاؤها أفضل ، فأول الوقت أفضل إلا لمن يتوقع زوال عذره ، ولصائم يتوقع فطره . وللعشاءين إلى المشعر . ويعول في الوقت على الظن مع تعذر العلم فإن دخل وهو فيها أجزأ ، وإن تقدمت أعاد . الثاني : القبلة ، وهي الكعبة للمشاهد أو حكمه ، وجهتها لغيره ، وعلامة العراق ومن في سمتهم جعل المغرب على الأيمن والمشرق على الأيسر والجدي خلف المنكب الأيمن ، وللشام جعله خلف الأيسر وسهيل بين العينين ، وللمغرب جعل الثريا والعيوق على يمينه وشماله ، واليمن تقابل الشام ، ويعول على قبلة البلد إلا مع علم الخطأ ، فلو فقد الامارات قلد ، ولو انكشف الخطأ لم يعد ما كان بين اليمين واليسار ، ويعيد ما كان إليهما في وقته ، والمستدبر يعيد ولو خرج الوقت . الثالث : ستر القبل والدبر للرجل ، وجميع البدن عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين للمرأة ، ويجب كون الساتر طاهرا وعفي عما مر وعن نجاسة المربية للصبي ذات الثوب الواحد ويجب غسله كل يوم مرة ، وعما يتعذر إزالته فيصلى فيه للضرورة ، والأقرب تخيير المختار بينه وبين الصلاة عاريا فيومئ بالركوع والسجود ، ويجب


[ 26 ]

كونه غير مغصوب وغير جلد وصوف وشعر من غير المأكول إلا الخز والسنجاب ، وغير ميتة وغير الحرير للرجل والخنثى ، ويسقط ستر الرأس عن الأمة المحضة والصبية ، ولا تجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم إلا مع الساق . ويستحب في العربية ، وترك السواد عدا العمامة والكساء والخف ، وترك الرقيق ، واشتمال الصماء . ويكره ترك التحنك مطلقا وترك الرداء للامام والنقاب للمرأة واللثام لهما ، فإن منعا القراءة حرما ، ويكره في ثوب المتهم بالنجاسة أو الغصب وفي ذي التماثيل ، أو خاتم فيه صورة ، أو قباء مشدودة في غير الحرب . الرابع : المكان ، ويجب كونه غير مغصوب ، خاليا من نجاسة متعدية ، طاهر المسجد ، والأفضل المسجد . يتفاوت في الفضيلة فالمسجد الحرام بمائة ألف صلاة والنبوي بعشرة آلاف وكل من مسجد الكوفة والأقصى بألف والجامع بمائة والقبيلة بخمس وعشرين والسوق بإثني عشرة ، ومسجد المرأة بيتها . ويستحب اتخاذ المساجد استحبابا مؤكدا مكشوفة ، والميضأة على بابها ، والمنارة مع حائطها ، وتقديم الداخل يمينه والخارج يساره ، وتعاهد نعله والدعاء فيهما ، وصلاة التحية قبل جلوسه . ويحرم زخرفتها ونقشها بالصور وتنجيسها وإخراج الحصى منها فيعاد . ويكره تعليتها ، والبصاق فيها ، ورفع الصوت ، وقتل القملة ، وبري النبل ، وعمل الصانع ، وتمكين المجانين والصبيان ، وإنفاذ الأحكام ، وتعريف الضوال ، وإنشاد الشعر ، والكلام فيها بأحاديث


[ 27 ]

الدنيا . وتكره الصلاة في الحمام وبيوت الغائط والنار والمجوس والمعطن ومجرى الماء والسبخة وقرى النمل والثلج اختيارا ، وبين المقابر إلا بحائل ولو عنزة ، أو بعد عشرة أذرع ، وفي الطريق وبيت فيه مجوسي وإلى نار مضرمة أو تصاوير أو مصحف أو باب مفتوحين أو وجه إنسان أو حائط ينز من بالوعة ، وفي مرابض الدواب إلا الغنم ، ولا بأس بالبيعة والكنيسة مع عدم النجاسة . ويكره تقديم المرأة على الرجل أو محاذاتها له على الأصح ويزول بالحائل أو عشرة أذرع ، ولو حاذى سجودها قدمه فلا منع ، ويراعى في مسجد الجبهة الأرض أو نباتها من غير المأكول والملبوس عادة ولا يجوز على المعادن وتجوز على القرطاس المتخذ من النبات ، ويكره المكتوب . الخامس : طهارة البدن من الحدث والخبث ، وقد سبق . السادس : ترك الكلام والفعل الكثير عادة ، وترك السكوت الطويل عادة ، وترك البكاء لامور الدنيا ، وترك القهقهة والتطبيق والتكتف إلا لتقية ، والالتفات إلى ما وراءه ، والأكل والشرب إلا في الوتر لمريد الصوم فيشرب . السابع : الاسلام فلا تصح العبادة من الكافر وإن وجبت عليه ، والتمييز فلا تصح من المجنون والمغمى عليه وغير المميز لافعالها ، ويمرن الصبي لست . * * *


[ 28 ]

الفصل الثالث : في كيفية الصلاة : ويستحب الأذان والإقامة بأن ينويهما ويكبر أربعا في أول الأذان ثم التشهدان ثم الحيعلات الثلاث ثم التكبير ثم التهليل مثنى ، والإقامة مثنى ويزيد بعد حي على خير العمل قد قامت الصلاة مرتين ويهلل في آخرها مرة . ولا يجوز اعتقاد شرعية غير هذه في الأذان والإقامة كالتشهد بالولاية وأن محمدا وآله خير البرية وإن كان الواقع كذلك . واستحبابهما في الخمس أداء وقضاء للمنفرد والجامع ، وقيل يجبان في الجماعة . ويتأكدان في الجهرية وخصوصا الصبح والمغرب ، ويستحبان للنساء سرا . ولو نسيهما تداركهما ما لم يركع ، وتسقطان عن الجماعة الثانية ما لم تتفرق الأولى ، ويسقط الأذان في عصري عرفة والجمعة وعشاء المزدلفة ، ويستحب رفع الصوت بهما للرجل ، والترتيل فيه والحدر فيها ، والراتب يقف على مرتفع واستقبال القبلة والفصل بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة أو خطوة أو سكتة ، وتختص المغرب بالاخيرين . ويكره الكلام في خلالهما . ويستحب الطهارة والحكاية لغير المؤذن ، ويكره الترجيع . ثم يجب القيام مستقبلا مع المكنة فإن عجز ففي البعض فإن عجز اعتمد ، فإن عجز قعد فإن عجز اضطجع فإن عجز استلقى ويومئ للركوع والسجود بالرأس فإن عجز غمض عينيه بهما وفتحهما لرفعهما .


[ 29 ]

والنية معينة الفرض والأداء أو القضاء والوجوب أو الندب والقربة . وتكبيرة الاحرام بالعربية وسائر الاذكار الواجبة ، وتجب المقارنة للنية واستدامة حكمها إلى الفراغ ، وقراءة الحمد وسورة كاملة إلا مع الضرورة في الاولتين ، وتجزئ في غيرهما الحمد وحدها أو التسبيح أربعا أو تسعا أو عشرا أو اثني عشرة ، والحمد أولى . ويجب الجهر في الصبح وأوليي العشاءين والاخفات في البواقي ، ولا جهر على المرأة ، وتتخير الخنثى ، ثم الترتيل والوقوف وتعمد الاعراب وسؤال الرحمة والتعوذ من النقمة مستحب ، وكذا تطويل السورة في الصبح وتوسطها في الظهر والعشاء وقصرها في العصر والمغرب ومع خوف الضيق ، واختيار ( هل أتى وهل أتيك ) في صبح الإثنين والخميس و ( الجمعة والمنافقين ) في ظهريها وجمعتها و ( الجمعة والتوحيد ) في صبحها و ( الجمعة والأعلى ) في عشائيها ، وتحرم العزيمة في الفريضة . ويستحب الجهر في نوافل الليل والسر في النهار ، وجاهل الحمد يجب عليه التعلم فإن ضاق الوقت قرأ ما يحسن منها فإن لم يحسن قرأ من غيرها بقدرها ، فإن تعذر ذكر الله بقدرها و ( الضحى وألم نشرح ) سورة و ( الفيل ولايلاف ) سورة ، وتجب البسملة بينهما . ثم يجب الركوع منحنيا إلى أن تصل كفاه ركبتيه مطمئنا بقدر واجب الذكر وهو سبحان ربي العظيم وبحمده ، أو سبحان الله ثلاثا أو مطلق الذكر للمضطر ، ورفع الرأس منه مطمئنا . ويستحب


[ 30 ]

التثليث في الذكر فصاعدا وترا والدعاء أمامه ، وتسوية الظهر ومد العنق والتجنيح ووضع اليدين على الركبتين والبدأة باليمنى مفرجتين ، والتكبير له رافعا يديه إلى حذاء شحمتي أذنيه ، وقول سمع الله لمن حمده والحمد لله رب العالمين في رفعه . ويكره أن يركع ويداه تحت ثيابه . ثم تجب سجدتان على الأعضاء السبعة قائلا فيهما سبحان ربي الأعلى وبحمده أو ما مر مطمئنا بقدره ، ثم رفع رأسه مطمئنا ، ويستحب الطمأنينة عقيب الثانية والزيادة على الواجب ، والدعاء ، والتكبيرات الأربع والتخوية للرجل والتورك بين السجدتين . ثم يجب التشهد عقيب الثانية وآخر الصلاة وهو ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم صل على محمد وآل محمد ) جالسا مطمئنا بقدره . ويستحب التورك والزيادة في الثناء والدعاء . ثم يجب التسليم وله عبارتان : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبأيهما بدأ استحب الآخر . ويستحب فيه التورك وإيماء المنفرد إلى القبلة ثم بمؤخر عينيه عن يمينه ، والامام بصفحة وجهه يمينا والمأموم كذلك ، وإن كان على يساره أحد سلم أخرى مومئا إلى يساره ، وليقصد المصلي الأنبياء والملائكة والأئمة والمسلمين من الانس والجن ، والمأموم الرد على الإمام ، ويستحب السلام المشهور .


[ 31 ]

الفصل الرابع : في باقي مستحباتها ، وهي : ترتيل التكبير ، ورفع اليدين به كما مر مستقبل القبلة ببطون اليدين مجموعة الأصابع مبسوطة الابهامين ، والتوجه بست تكبيرات : يكبر ثلاثا ويدعو ، واثنتين ويدعو ، وواحدة ويدعو ، ويتوجه بعد التحريمة ، وتربع المصلي قاعدا حال قراءته وثني رجليه حال ركوعه وتوركه حال تشهده ، والنظر قائما إلى مسجد وراكعا إلى ما بين رجليه وساجدا إلى أنفه ومتشهدا إلى حجره ووضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه مضمومة الأصابع وراكعا على عيني ركبتيه الأصابع والابهام مبسوطة جمع ، وساجدا بحذاء أذنيه ، ومتشهدا وجالسا على فخذيه كهيئة القيام . ويستحب القنوت عقيب قراءة الثانية بالمرسوم وأفضله كلمات الفرج ، وأقله سبحان الله ثلاثا أو خمسا ، وليدع فيه وفي أحوال الصلاة لدينه ودنياه من المباح ، وتبطل لو سأل المحرم . والتعقيب وأفضله التكبير ثلاثا رافعا ثم التهليل بالمرسوم ، ثم تسبيح الزهراء عليها السلام يكبر أربعا وثلاثين ويحمد ثلاثا وثلاثين ويسبح ثلاثا وثلاثين ، ثم الدعاء بما سنح ، ثم سجدتا الشكر ويعفر بينهما ويدعو بالمرسوم . الفصل الخامس : في التروك : وهي : ما سلف والتأمين إلا لتقية وتبطل الصلاة ، وكذا ترك الواجب عمدا أو أحد الأركان


[ 32 ]

الخمسة ولو سهوا وهي : النية والقيام والتحريمة والركوع والسجدتان معا ، وكذا الحدث ويحرم قطعها اختيارا . ويجوز قتل الحية وعد الركعات بالحصى ، والتبسم . ويكره الالتفات يمينا وشمالا والتثاؤب والتمطي والعبث والتنخم والفرقعة والتأوه بحرف والأنين به ومدافعة الاخبثين أو الريح . تتمة : يستحب للمرأة أن تجمع بين قدميها في القيام ، والرجل يفرق بينهما إلى شبر أو فتر ، وتضم ثدييها إلى صدرها وتضع يديها فوق ركبتيها راكعة وتجلس على إليتيها وتبدأ بالقعود قبل السجود ، فإذا تشهدت ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض ، فإذا نهضت انسلت . الفصل السادس : في بقية الصلوات ، فمنها الجمعة ، وهي ركعتان كالصبح عوص الظهر ، ويجب فيها تقديم الخطبتين المشتملتين على حمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي وآله صلى الله عليهم ، والوعظ ، وقراءة سورة خفيفة ، ويستحب بلاغة الخطيب ونزاهته ومحافظته على أوائل الأوقات والتعمم والاعتماد على شئ . ولا تنعقد إلا بإمام أو نائبه ولو فقيها مع إمكان الاجتماع في الغيبة ، واجتماع خمسة ، وتسقط عن المرأة والعبد والمسافر والهم والأعمى والأعرج ومن بعد بأزيد من فرسخين ، ولا تنعقد جمعتان في أقل من فرسخ ، ويحرم السفر بعد الزوال على المكلف بها ، ويزاد في نافلتها أربع ركعات والأفضل جعلها سداس في الأوقات الثلاثة وركعتان عند الزوال ، والمزاحم عن السجود يلتحق فإن سجد مع ثانية الإمام نوى بهما


[ 33 ]

الأولى . ومنها صلاة العيدين وتجب بشروط الجمعة ، والخطبتان بعدها ، ويجب فيها التكبير زائدا عن المعتاد خمسا في الأولى وأربعا في الثانية والقنوت بينها ، ويستحب بالمرسوم ، ومع اختلال الشرائط تصلى جماعة وفرادى مستحبا ، ولو فاتت لم تقض . ويستحب الاصحار بها إلا بمكة ، وأن يطعم في الفطر قبل خروجه ، وفي الأضحى بعد عوده من أضحيته ، ويكره التنفل قبلها وبعدها إلا بمسجد النبي صلى الله عليه وآله ، ويستحب التكبير في الفطر عقيب أربع أولها المغرب ليلته ، وفي الأضحى عقيب خمس عشرة بمنى وعشر بغيرها أولها ظهر النحر وصورته : الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر على ما هدانا . ويزيد في الأضحى : الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام . ولو اتفق عيد وجمعة تخير القروي بعد حضور العيد في الجمعة . ومنها الآيات ، وهي الكسوفان والزلزلة والريح السوداء أو الصفراء وكل مخوف سماوي . وتجب فيها النية والتحريمة وقراءة الحمد وسورة ثم الركوع ، ثم يرفع ويقرؤهما هكذا خمسا ثم يسجد سجدتين ثم يقوم إلى الثانية ويصنع كما صنع أولا ، ويجوز له قراءة بعض السورة لكل ركوع ولا يحتاج إلى الفاتحة إلا في الأول فيجب إكمال سورة في كل ركعة مع الحمد مرة ، ولو أتم مع الحمد في ركعة سورة وبعض في الأخرى جاز ، بل لو أتم السورة في بعض الركوعات وبعض في أخر جاز .


[ 34 ]

ويستحب القنوت عقيب كل مزدوج والتكبير للرفع من الركوع والتسميع في الخامس والعاشر وقراءة الطوال مع السعة والجهر فيها وكذا يجهر في الجمعة والعيدين ، ولو جامعت الحاضرة قدم ما شاء ، ولو تضيقت إحداهما قدمها ، ولو تضيقتا فالحاضرة ولا تصلى على الراحلة إلا لعذر كغيرها من الفرائض ، وتقضى مع الفوات وجوبا مع تعمد الترك أو نسيانه أو استيعاب الاحتراق مطلقا . ويستحب الغسل مع التعمد والاستيعاب ، وكذا يستحب الغسل للجمعة والعيدين وفرادى رمضان وليلة الفطر وليلتي نصف رجب وشعبان والمبعث والغدير والمباهلة وعرفة ونيروز الفرس ، والاحرام ، والطواف ، وزيارة المعصومين ، والسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة ، والتوبة عن فسق أو كفر ، وصلاة الحاجة ، والاستخارة ، ودخول الحرم ومكة والمدينة والمسجدين . ومنها المنذورة وشبهها ، وهي تابعة للنذر المشروع . ومنها صلاة النيابة ، بإجارة أو تحمل عن الأب ، وهي بحسب ما يلتزم به . ومن المندوبات صلاة الاستسقاء ، وهي كالعيدين ، ويحول الرداء يمينا ويسارا ، ولتكن بعد صوم ثلاثة آخرها الإثنين أو الجمعة ، والتوبة ، ورد المظالم . ومنها نافلة شهر رمضان وهي ألف ركعة غير الرواتب في العشرين عشرون كل ليلة ثمان بعد المغرب واثنتا عشرة بعد العشاء ، وفي العشر الأخير ثلاثون ، وفي ليالي الأفراد كل ليلة مائة ، ويجوز


[ 35 ]

الاقتصار عليها فتفرق الثمانين على الجمع . ومنها نافلة الزيارة ، والاستخارة ، والشكر ، وغير ذلك . الفصل السابع : في الخلل في الصلاة ، وهو إما عن عمد أو سهو أو شك ، ففي العمد يبطل بالاخلال بالشرط أو الجزء ولو كان جاهلا إلا الجهر والاخفات ، وفي السهو يبطل ما سلف ، وفي الشك لا يلتفت إذا تجاوز محله ولو كان فيه أتى به ، فلو ذكر فعله بطلت إن كان ركنا وإلا فلا ، ولو نسي غير الركن فلا التفات ، ولو لم يتجاوز محله أتى به وكذا الركن . ويقضي بعد الصلاة السجدة والتشهد والصلاة على النبي وآله ويسجد لهما سجدتي السهو ، ويجبان أيضا للتكلم ناسيا ، وللتسليم في الاوليين ناسيا ، وللزيادة أو النقيصة غير المبطلة ، وللقيام في موضع قعود وعكسه ، وللشك بين الأربع والخمس ، ويجب فيهما النية ، وما يجب في سجود الصلاة ، وذكرهما : بسم الله وبالله صلى الله على محمد وآل محمد ، أو بسم الله وبالله والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ثم يتشهد ويسلم . والشاك في عدد الثنائية أو الثلاثية أو في الاوليين من الرباعية أو في عدد غير محصور أو قبل إكمال السجدتين فيما يتعلق بالاوليين يعيد ، وإن أكمل الاوليين وشك في الزائد فهنا صور خمس : الشك بين الاثنتين والثلاث ، والشك بين الثلاث والأربع ويبني على الأكثر فيهما ثم يحتاط بركعتين جالسا أو ركعة قائما ، والشك بين الاثنتين


[ 36 ]

والأربع يبني على الأربع ويحتاط بركعتين قائما ، والشك بين الاثنتين والثلاث والأربع يبني على الأربع ويحتاط بركعتين قائما ثم بركعتين جالسا على المشهور وقيل : يصلي ركعة قائما ثم ركعتين جالسا ، ذكره إبنا بابويه وهو قريب ، والشك بين الأربع والخمس وحكمه قبل الركوع كالشك بين الثلاث والأربع ، وبعده سجدتا السهو ، وقيل : تبطل الصلاة لو شك ولما يكمل السجود إذا كان قد ركع ، والأصح الصحة لقولهم عليهم السلام : ما أعاد الصلاة فقيه . مسائل : لو غلب على ظنه أحد طرفي ما شك فيه بنى عليه ، ولو أحدث قبل الإحتياط أو الأجزاء المنسية تطهر وأتى بها على الأقوى ، ولو ذكر ما فعل فلا إعادة إلا أن يكون قد أحدث . الثانية : حكم الصدوق ابن بابويه رحمه الله بالبطلان في الشك بين الاثنتين والأربع ، والرواية مجهولة المسؤول . الثالثة : أوجب أيضا الإحتياط بركعتين جالسا لو شك في المغرب بين الاثنتين والثلاث وذهب وهمه إلى الثالثة عملا برواية عمار الساباطي عن الصادق عليه السلام وهو فطحي ، وأوجب أيضا ركعتين جلوسا للشك بين الأربع والخمس وهو متروك . الرابعة : خير ابن الجنيد رحمه الله الشاك بين الثلاث والأربع بين البناء على الأقل والاحتياط أو على الأكثر ويحتاط بركعة أو ركعتين ، وهو خيرة الصدوق وترده الروايات المشهورة . الخامسة : قال علي بن بابويه رحمه الله في الشك بين الاثنتين والثلاث إن ذهب الوهم إلى الثالثة أتمها رابعة ثم احتاط بركعة ، وإن ذهب


[ 37 ]

الوهم إلى الاثنتين بنى عليه وتشهد في كل ركعة وسجد للسهو ، وإن اعتدل الوهم تخير بين البناء على الأقل والتشهد في كل ركعة وبين البناء على الأكثر والاحتياط ، والشهرة تدفعه . السادسة : لا حكم للسهو مع الكثرة ولا للسهو في السهو ولا لسهو الإمام مع حفظ المأموم وبالعكس . السابعة : أوجب إبنا بابويه رحمهما الله سجدتي السهو على من شك بين الثلاث والأربع وظن الأكثر ، وفي رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام : إذا ذهب وهمك إلى التمام أبدا في كل صلاة فاسجد سجدتي السهو ، وحملت على الندب . الفصل الثامن : في القضاء : يجب قضاء الفرائض اليومية مع الفوات حال البلوغ والعقل والخلو عن الحيض والنفاس والكفر الاصلي ، ويراعى فيه الترتيب بحسب الفوات ولا يجب الترتيب بينه وبين الحاضرة نعم يستحب ، ولو جهل الترتيب سقط ، ولو جهل عين الفائتة صلى صبحا ومغربا وأربعا مطلقة ، والمسافر يصلي مغربا وثنائية مطلقة ، ويقضي المرتد زمان ردته وفاقد الطهور على الأقوى ، وأوجب ابن الجنيد الإعادة على العاري إذا صلى ثم وجد الساتر في الوقت ، وهو بعيد . ويستحب قضاء النوافل الراتبة فإن عجز تصدق ، ويجب على الولي قضاء ما فات أباه في مرضه ، وقيل : مطلقا ، وهو أحوط . ولو فات مكلف ما لم يحصه تحرى وبنى على ظنه ، ويعدل إلى السابقة لو


[ 38 ]

شرع في اللاحقة ، ولو تجاوز محل العدول أتمها ثم تدارك السابقة لا غير . مسائل : ذهب المرتضى وابن الجنيد وسلار إلى وجوب تأخير أولي الاعذار إلى آخر الوقت ، وجوزه الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله أول الوقت ، وهو الأقرب . الثانية : المروي في المبطون الوضوء لكل والبناء إذا فجأه الحدث ، وأنكره بعض الأصحاب ، والأقرب الأول لتوثيق رجال الخبر عن الباقر عليه السلام ، وشهرته بين الأصحاب . الثالثة : يستحب تعجيل القضاء ولو كان نافلة لم ينتظر بقضائها مثل زمان فواتها ، وفي جواز النافلة لمن عليه فريضة قولان أقربهما الجواز ، وقد بينا مأخذه في كتاب الذكرى . الفصل التاسع : في صلاة الخوف : وهي مقصورة سفرا وحضرا جماعة وفرادى ، ومع إمكان الافتراق فرقتين والعدو في خلاف القبلة يصلون صلاة ذات الرقاع بأن يصلي الإمام بفرقة ركعة ثم يتمون ثم تأتي الأخرى فيصلي بهم ركعة ثم ينتظرهم حتى يتموا ويسلم بهم ، وفي المغرب يصلي بإحداهما ركعتين ، ويجب أخذ السلاح ، ومع الشدة يصلون بحسب المكنة إيماءا مع تعذر السجود ، ومع عدم الامكان يجزئهم عن كل ركعة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . * * *


[ 39 ]

الفصل العاشر : في صلاة المسافر : وشروطها : قصد ستة وتسعين ألف ذراع أو نصفها لمريد الرجوع ليومه ، وأن لا يقطع السفر بمروره على منزله ، أو نية مقام عشرة أو مضي ثلاثين يوما في مصر ، وأن لا يكثر سفره كالمكاري والملاح والأجير والبريد ، وأن لا يكون معصية ، وأن يتوارى عن جدران بلده أو يخفى أذانه فيتعين القصر إلا في مسجدي مكة والمدينة ومسجد الكوفة والحائر على مشرفه السلام فيتخير ، والاتمام أفضل ، ومنعه أبو جعفر ابن بابويه ، وطرد المرتضى وابن الجنيد الحكم في مشاهد الأئمة عليهم السلام . ولو دخل عليه الوقت حاضرا أو أدركه بعد سفره أتم على الأقوى ، ويستحب جبر كل مقصورة بالتسبيحات الأربع ثلاثين مرة . الفصل الحادي عشر : في الجماعة : وهي مستحبة في الفريضة متأكدة في اليومية واجبة في الجمعة والعيدين ، بدعة في النافلة إلا في الاستسقاء والعيدين المندوبة والغدير والاعادة ، ويدركها بإدراك الركوع ، ويشترط بلوغ الإمام وعقله وعدالته وذكوريته ، وتؤم المرأة مثلها لا ذكرا ولا خنثى ولا تؤم الخنثى غير المرأة ، ولا تصح مع حائل بين الإمام والمأموم إلا في المرأة خلف الرجل ، ولا مع كون الإمام أعلى بالمعتد . وتكره القراءة خلفه في الجهرية لا في السرية ، ولو لم يسمع


[ 40 ]

ولو همهمة في الجهرية قرأ مستحبا ، وتجب نية الائتمام بالمعين ، ويقطع النافلة قيل والفريضة لو خاف الفوت وإتمامها ركعتين حسن ، نعم يقطعها لامام الأصل . ولو أدركه بعد الركوع سجد ثم استأنف النية بخلاف إدراكه بعد السجود فإنها تجزئه ، ويدرك فضيلة الجماعة في الموضعين . وتجب المتابعة فلو تقدم ناسيا تدارك وعامدا استمر . ويستحب إسماع الإمام من خلفه ويكره العكس ، وأن يأتم كل من الحاضر والمسافر بصاحبه بل المساوي ، وأن يؤم الأجذم والأبرص الصحيح ، والمحدود بعد توبته ، والاعرابي بالمهاجر ، والمتيمم بالمتطهر بالماء ، وأن يستناب المسبوق ، ولو تبين عدم الاهلية في الأثناء انفرد ، وبعد الفراغ لا إعادة ، ولو عرض للامام مخرج استناب ، ويكره الكلام بعد قد قامت الصلاة . والمصلي خلف من لا يقتدى به يؤذن لنفسه ويقيم ، فإن تعذر اقتصر على قد قامت إلى آخر الإقامة ، ولا يؤم القاعد القائم ولا الامي القارئ ولا المؤوف اللسان بالصحيح ، ويقدم الأقرأ فالأفقه فالأقدم هجرة فالأسن فالأصبح ، والراتب أولى من الجميع وكذا صاحب المنزل والامارة ، ويكره إمامة الأبرص والأجذم والأعمى بغيرهم .


[ 41 ]

( 3 ) كتاب الزكاة وفصوله أربعة ، الأول : تجب زكاة المال على البالغ العاقل الحر المتمكن من التصرف في الانعام الثلاثة والغلات الأربع والنقدين ، وتستحب فيما تنبت الأرض من المكيل والموزون ، وفي مال التجارة وأوجبها ابن بابويه فيه . وفي إناث الخيل السائمة ديناران عن العتيق ودينار عن غيره ، ولا تستحب في الرقيق والبغال والحمير . فنصب الإبل اثنا عشر : خمسة كل واحد خمس ، في كل واحد شاة ، ثم ست وعشرون بنت مخاض ، ثم ست وثلاثون بنت لبون ، ثم ست وأربعون حقة ، ثم إحدى وستون فجذعة ، ثم ست وسبعون بنتا لبون ، ثم إحدى وتسعون حقتان ، ثم كل خمسين حقة وكل أربعين بنت لبون . وفي البقر نصابان : ثلاثون فتبيع أو تبيعة ، وأربعون فمسنة . وللغنم خمسة : أربعون فشاة ، ثم مائة وإحدى وعشرون فشاتان ، ثم مائتان وواحدة فثلاث ، ثم ثلاثمائة وواحدة فأربع على الأقوى ، ثم في كل مائة شاة . وكلما نقص عن النصاب فعفو ،


[ 42 ]

ويشترط فيها السوم والحول بمضي أحد عشر شهرا هلالية ، وللسخال حول بانفرادها بعد غنائها بالرعي ، ولو ثلم النصاب في الحول فلا شئ ولو قربه ، ويجزئ الجذع من الضأن والثني من المعز ، ولا تؤخذ الربى ولا ذات العور ولا المريضة ولا الهرمة ، ولا تعد الاكولة ولا فحل الضراب ، وتجزئ القيمة ومن العين أفضل ، ولو كانت النعم مرضى فمنها ، ولا يجمع بين مفترق في الملك ، ولا يفرق بين مجتمع فيه . وأما النقدان فيشترط فيهما النصاب والسكة والحول ، فنصاب الذهب عشرون دينارا ثم أربعة دنانير ، ونصاب الفضة مائتا درهم ثم أربعون درهما ، والمخرج ربع العشر من العين وتجزئ القيمة . وأما الغلات فيشترط فيها التملك بالزراعة أو الانتقال قبل انعقاد الثمرة والحب ، ونصابها ألفان وسبعمائة رطل بالعراقي ، ويجب في الزائد مطلقا ، والمخرج العشر إن سقي سيحا أو بعلا أو عذيا ونصف العشر بغيره ، ولو سقي بهما فالأغلب ، ومع التساوي ثلاثة أرباع العشر . الفصل الثاني : إنما تستحب زكاة التجارة مع الحول وقيام رأس المال فصاعدا ونصاب المالية ، فتخرج ربع عشر القيمة ، وحكم باقي أجناس الزرع حكم الواجب ، ولا يجوز تأخير الدفع عن وقت الوجوب مع الامكان فيضمن ويأثم ، ولا تقدم على وقت الوجوب إلا قرضا فتحتسب عند الوجوب بشرط بقاء القابض على الصفة ، ولا يجوز نقلها عن بلد


[ 43 ]

المال إلا مع إعواز المستحق فيضمن لا معه ، وفي الإثم قولان ، ويجزئ . الفصل الثالث ، في المستحق : وهو الفقراء والمساكين ويشملهما من لا يملك مؤونة سنة ، والمروي أن المسكين أسوأ حالا ، والدار والخادم من المؤنة ، ويمنع ذو الصنعة والضيعة إذا نهضت بحاجته وإلا تناول التتمة لا غير ، والعاملون وهم السعاة في تحصيلها ، والمؤلفة قلوبهم وهم كفار يستمالون إلى الجهاد ، قيل ومسلمون أيضا ، وفي الرقاب وهم المكاتبون والعبيد تحت الشدة ، والغارمون وهم المدينون في غير معصية ، والمروي أنه لا يعطى مجهول الحال ، ويقاص الفقير بها وإن مات أو كان واجب النفقة ، وفي سبيل الله وهو القرب كلها ، وابن السبيل وهو المنقطع به ولا يمنع غناه في بلده مع عدم تمكنه من الاعتياض عنه ، ومنه الضيف . وتشترط العدالة فيمن عدا المؤلفة ، ولو كان السفر معصية منع ، ويعطى الطفل ولو كان أبواه فاسقين ، وقيل المعتبر تجنب الكبائر . ويعيد المخالف الزكاة لو أعطاها مثله ولا يعيد باقي العبادات ، ويشترط أن لا يكون واجب النفقة على المعطي ولا هاشميا إلا من قبيلة أو تعذر الخمس . ويجب دفعها إلى الإمام مع الطلب بنفسه أو بساعيه ، قيل والفقيه في الغيبة ، ودفعها إليهم إبتداء أفضل ، وقيل يجب . ويصدق المالك في الاخراج بغير يمين .


[ 44 ]

وتستحب قسمتها على الاصناف وإعطاء جماعة من كل صنف ، ويجوز للواحد والاغناء إذا كان دفعة ، وأقل ما يعطى استحبابا ما يجب في أول النقدين ، ويستحب دعاء الإمام أو نائبه للمالك ، ومع الغيبة لا ساعي ولا مؤلف إلا لمن يحتاج إليه ، وليخص بزكاة النعم المتجمل وإيصالها إلى المستحيين من قبولها هدية . الفصل الرابع : في الزكاة الفطرة : وتجب على البالغ العاقل الحر المالك قوت سنته عنه وعن عياله ولو تبرعا ، وتجب على الكافر ولا تصح منه ، والاعتبار بالشرط عند الهلال ، ويستحب لو تجدد السبب ما بين الهلال إلى الزوال ، وقدرها صاع من الحنطة أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الارز أو الاقط أو اللبن ، وأفضلها التمر ثم الزبيب ثم ما يغلب على قوته ، والصاع تسعة أرطال ، ولو من اللبن في الأقوى ، ويجوز إخراج القيمة بسعر الوقت . وتجب النية فيها وفي المالية ، ومن عزل إحداهما لعذر ثم تلفت لم يضمن ، ومصرفها مصرف المالية ، ويستحب أن لا يقصر العطاء عن صاع إلا مع الاجتماع وضيق المال ، ويستحب أن يخص بها المستحق من القرابة والجار ، ولو بان الآخذ غير مستحق ارتجعت ، ومع التعذر تجزئ إن اجتهد إلا أن يكون عبده . * * *


[ 45 ]

( 4 ) كتاب الخمس ويجب في الغنيمة بعد إخراج المؤن ، والمعدن ، والغوص ، وأرباح المكاسب ، والحلال المختلط بالحرام ولا يتميز ولا يعلم صاحبه ، والكنز إذا بلغ عشرين دينارا ، قيل والمعدن كذلك . وقال الشيخ في الخلاف لا نصاب له ، واعتبر أبو الصلاح فيه دينارا ، كالغوص ، وأرض الذمي المنتقلة إليه من مسلم ولم يذكرها كثير ، وأوجبه أبو الصلاح في الميراث والصدقة والهبة ، وأنكره ابن إدريس والأول أحسن ، واعتبر المفيد في الغنيمة والغوص والعنبر عشرين دينارا عينا أو قيمة ، والمشهور أنه لا نصاب للغنيمة ، ويعتبر في الارباح مؤونته ومؤونة عياله مقتصدا . ويقسم ستة أقسام : ثلاثة للامام عليه السلام تصرف إليه حاضرا وإلى نوابه غائبا أو تحفظ ، و ثلاثة لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من الهاشميين بالأب ، وقال المرتضى وبالام . ويشترط فقر شركاء الإمام ، ويكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم ، ولا يعتبر العدالة ويعتبر الايمان . ونفل الإمام أرض انجلى عنها أو تسلمت طوعا أو باد أهلها ،


[ 46 ]

والآجام ، ورؤوس الجبال ، وبطون الاودية وما يكون بها ، وصوافي ملوك الحرب ، وميراث فاقد الوارث ، والغنيمة بغير إذنه . أما المعادن فالناس فيها شرع . * * *


[ 47 ]

( 5 ) كتاب الصوم وهو الكف عن الأكل والشرب مطلقا ، والجماع كله والاستمناء وإيصال الغبار المتعدي والبقاء على الجنابة ، ومعاودة النوم جنبا بعد انتباهتين فيكفر ، ويقضي لو تعمد الاخلال ، ويقضي لو عاد بعد انتباهة أو احتقن بالمائع أو ارتمس متعمدا ، أو تناول من دون مراعاة ممكنة فأخطأ سواء كان مستصحب الليل أو النهار ، وقيل لو أفطر لظلمة موهمة ظانا فلا قضاء ، أو تعمد القئ أو أخبر بدخول الليل فأفطر أو ببقائه فتناول وظهر الخلاف ، أو نظر إلى امرأة أو غلام فأمنى ، ولو قصد فالأقرب الكفارة وخصوصا مع الاعتياد إذ لا ينقص عن الاستمناء بيد أو ملاعبة . وتتكرر الكفارة بتكرر الوطء أو تغاير الجنس أو تخلل التكفير أو اختلاف الأيام وإلا فواحدة ، ويتحمل عن الزوجة المكرهة الكفارة ، والتعزير بخمسة وعشرين سوطا فيعزر خمسين ، ولو طاوعته فعليها . القول في شروطه : ويعتبر في الوجوب البلوغ والعقل والخلو من الحيض


[ 48 ]

والنفاس والسفر ، وفي الصحة التمييز والخلو منها ومن الكفر ، ويصح من المستحاضة إذا فعلت الواجب من الغسل ، ومن المسافر في دم المتعة وبدل البدنة والنذر المقيد به ، قيل وجزاء الصيد . ويمرن الصبي لسبع وقال إبنا بابويه والشيخ في النهاية لتسع . والمريض يتبع ظنه فلو تكلفه مع ظن الضرر قضى . وتجب فيه النية المشتملة على الوجه والقربة لكل ليلة والمقارنة مجزئة ، والناسي يجددها إلى الزوال ، والمشهور بين القدماء الاكتفاء بنية واحدة للشهر ، وادعى المرتضى في الوسيلة فيه الاجماع ، والأول أولى ، ويشترط فيما عدا رمضان التعيين . ويعلم برؤية الهلال أو شهادة عدلين أو شياع أو مضي ثلاثين من شعبان لا الواحد في أوله ، ولا تشترط الخمسون مع الصحو ، ولا عبرة بالجدول والعدد والعلو والانتفاخ والتطوق والخفاء ليلتين . والمحبوس يتوخى فإن ظهر التقدم أعاده . والكف من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب المشرقية ، ولو قدم المسافر أو برأ المريض قبل الزوال ولم يتناولا أجزأهما الصوم بخلاف الصبي والكافر والحائض والنفساء والمجنون والمغمى عليه فإنه يعتبر زوال العذر قبل الفجر ويقضيه كل تارك له عمدا أو سهوا أو لعذر إلا الصبي والمجنون والمغمى عليه والكافر الاصلي ، وتستحب المتابعة في القضاء ، ورواية عمار عن الصادق عليه السلام تتضمن استحباب التفريق . مسائل : من نسي غسل الجنابة قضى الصلاة والصوم في


[ 49 ]

الأشهر ، ويتخير قاضي رمضان ما بينه وبين الزوال ، فإن أفطر بعده أطعم عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام . الثانية : الكفارة في شهر رمضان والنذر المعين والعهد عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا ، ولو أفطر على محرم مطلقا فثلاث . الثالثة : لو استمر المريض إلى رمضان آخر فلا قضاء ، ويفدى عن كل يوم بمد ، ولو برأ وتهاون فدى وقضى ، ولو لم يتهاون قضى لا غير . الرابعة : إذا تمكن من القضاء ثم مات قضى عنه أكبر ولده الذكور ، وقيل الولي مطلقا . وفي القضاء عن المسافر خلاف أقربه مراعاة تمكنه من المقام والقضاء ، ويقضى عن المرأة والعبد ، والانثى لا تقضي وتتصدق من التركة عن اليوم بمد ، ويجوز في الشهرين المتتابعين صوم شهر والصدقة عن آخر . الخامسة : لو صام المسافر عالما أعاد ، ولو كان جاهلا فلا ، والناسي يلحق بالعامد ، وكلما قصرت الصلاة قصر الصوم ، إلا أنه يشترط الخروج قبل الزوال . السادسة : الشيخان إذا عجزا فديا بمد ولا قضاء ، وذو العطاش المأيوس من برئه كذلك ولو برئ قضى . السابعة : الحامل المقرب والمرضع القليلة اللبن يفطران ويفديان ، ولا يجب صوم النافلة بشروعه فيه ، نعم يكره نقضه بعد الزوال إلا لمن يدعى إلى طعام .


[ 50 ]

الثامنة : يجب تتابع الصوم إلا أربعة : النذر المطلق وما في معناه وقضاء الواجب ، وجزاء الصيد ، والسبعة في بدل الهدي . وكلما أخل بالمتابعة لعذر بنى ولا له يستأنف إلا في الشهرين المتتابعين بعد شهر ويوم من الثاني ، وفي الشهر بعد خمسة عشر يوما ، وفي ثلاثة المتعة بعد يومين ثالثهما العيد . التاسعة : لا يفسد الصيام بمص الخاتم وزق الطائر ومضغ الطعام . ويكره مباشرة النساء والاكتحال بما فيه مسك وإخراج الدم المضعف ودخول الحمام وشم الرياحين وخصوصا النرجس والاحتقان بالجامد وجلوس المرأة والخنثى في الماء والظاهر أن الخصي الممسوح كذلك ، وبل الثوب على الجسد والهذر . العاشرة : يستحب من الصوم أول خميس من الشهر وآخر خميس منه ، وأول أربعة من العشر الأوسط ، وأيام البيض ومولد النبي عليه السلام ، ومبعثه ويوم الغدير ، والدحو ، وعرفة لمن لا يضعفه عن الدعاء مع تحقق الهلال ، والمباهلة والخميس ، والجمعة ، وستة أيام بعد عيد الفطر ، وأول ذي الحجة ورجب كله ، وشعبان . الحادية عشرة : يستحب الامساك في المسافر والمريض بزوال عذرهما بعد التناول أو بعد الزوال ، ومن سلف من ذوي الاعذار التي تزول في أثناء النهار . الثانية عشرة : لا يصوم الضيف بدون إذن مضيفه ، وقيل بالعكس أيضا ، ولا المرأة والعبد بدون إذن الزوج والمالك ، ولا الولد


[ 51 ]

بدون إذن الوالد ، والأولى عدم انعقاده مع النهي . الثالثة عشرة : يحرم صوم العيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ، وقيده بعض الأصحاب بالناسك ، وصوم يوم الشك بنية الفرض ولو صامه بنية النفل أجزأ إن ظهر كونه من رمضان ، ولو ردد فقولان أقربهما الأجزاء . ويحرم نذر المعصية وصومه ، والصمت ، والوصال ، وصوم الواجب سفرا سوى ما مر . الرابعة عشرة : يعزر من أفطر في شهر رمضان عامدا عالما لا لعذر ، فإن عاد عزر ، فإن عاد قتل ، ولو كان مستحلا قتل إن كان ولد على الفطرة ، واستتيب إن كان عن غيرها . الخامسة عشرة : البلوغ الذي يجب معه العبادة الاحتلام أو الانبات أو بلوغ خمس عشرة سنة في الذكر وتسع في الأنثى ، وقال في المبسوط وتبعه ابن حمزة بلوغها بعشر ، وقال ابن إدريس الاجماع على التسع . * * *


[ 52 ]

( كتاب الاعتكاف ) ويلحق بذلك الاعتكاف وهو مستحب خصوصا في العشر الاواخر من شهر رمضان . ويشترط الصوم ، فلا يصح إلا من مكلف يصح منه الصوم في زمان يصح صومه وأقله ثلاثة أيام ، والمسجد الجامع ، والحصر في الأربعة أو الخمسة ضعيف ، والإقامة بمعتكفه فيبطل بخروجه إلا لضرورة أو طاعة كعيادة مريض أو شهادة أو تشييع مؤمن ، ثم لا يجلس لو خرج ولا يمشي تحت ظل اختيارا ، ولا يصلي إلا بمعتكفه إلا في مكة ، ويجب بالنذر وشبهه وبمضي يومين على الأشهر ، وفي المبسوط يجب بالشروع . ويستحب الاشتراط كالمحرم فإن شرط وخرج فلا قضاء ، ولو لم يشترط ومضى يومان أتم ، ويحرم عليه نهارا ما يحرم على الصائم ، وليلا ونهارا الجماع وشم الطيب والاستمتاع بالنساء ، ويفسده ما يفسد الصوم ، ويكفر إن فسد الثالث أو كان واجبا ، ويجب بالجماع في الواجب نهارا كفارتان إن كان في شهر رمضان ، وقيل مطلقا ، وليلا واحدة فإن أكره المعتكفة فأربع على الأقوى . * * *


[ 53 ]

( 6 ) كتاب الحج وفيه فصول ، الأول : يجب الحج على المستطيع من الرجال والنساء والخناثي على الفور مرة بأصل الشرع ، وقد يجب بالنذر وشبهه والاستئجار والافساد ، ويستحب تكراره ، ولفاقد الشرائط ولا يجزئ كالفقير والعبد بإذن مولاه . وشرط وجوبه البلوغ والعقل والحرية والزاد والراحلة والتمكن من المسير ، وشرط صحته الاسلام ، وشرط مباشرته مع الاسلام التمييز . ويحرم الولي عن غير المميز ندبا ، ويشترط صحته من العبد إذن المولى ، وشرط صحة الندب من المرأة إذن الزوج ، ولو أعتق العبد أو بلغ الصبي أو أفاق المجنون قبل أحد الموقفين صح وأجزأه عن حجة الاسلام ، ويكفي البذل في تحقق الوجوب ولا يشترط صيغة خاصة . ولو حج به بعض إخوانه أجزأه عن الفرض ، ويشترط وجود ما يمون به عياله الواجبي النفقة إلى حين رجوعه ، وفي استنابة الممنوع بكبر أو مرض أو عدو قولان ، والمروي عن علي عليه السلام ذلك ، ولو زال العذر حج ثانيا . ولا يشترط الرجوع إلى كفاية على


[ 54 ]

الأقوى ، ولا في المرأة المحرم ، ويكفي ظن السلامة ، والمستطيع يجزئه الحج متسكعا . والحج ماشيا أفضل إلا مع الضعف عن العبادة فالركوب أفضل ، فقد حج الحسن عليه السلام ماشيا مرارا ، وقيل إنها خمسة وعشرين حجة ، والمحامل تساق بين يديه . ومن مات بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه ، ولو مات قبل ذلك وكان قد استقر في ذمته قضي عنه من بلده في ظاهر الرواية ، فلو ضاقت التركة فمن حيث بلغت ولو من الميقات . ولو حج ثم ارتد ثم عاد لم يعد على الأقرب ، فلو حج مخالفا ثم استبصر لم يعد إلا أن يخل بركن ، نعم يستحب الإعادة . القول في حج الأسباب : لو نذر الحج وأطلق كفت المرة ولا تجزئ عن حجة الاسلام ، وقيل إن نوى حجة النذر أجزأت وإلا فلا . ولو قيد نذره بحجة الاسلام فهي واحدة ولو قيد غيرها فهما اثنتان ، وكذا العهد واليمين ، ولو نذر الحج ماشيا وجب ويقوم في المعبر ، فلو ركب طريقة أو بعضه قضى ماشيا ، ولو عجز عن المشي ركب وساق بدنة . ويشترط في النائب البلوغ والعقل والخلو من حج واجب مع التمكن منه ولو مشيا والاسلام وإسلام المنوب عنه واعتقاده الحق إلا أن يكون أبا النائب . ويشترط نية النيابة منه وتعين المنوب عنه قصدا ، ويستحب لفظا عند الأفعال ، وتبرأ ذمته لو مات محرما بعد دخول الحرم وإن


[ 55 ]

خرج منه بعد ، ولو مات قبل ذلك استعيد من الأجرة بالنسبة ، ويجب الاتيان بما شرط عليه حتى الطريق مع الفرض ، وليس له الاستنابة إلا مع الإذن صريحا أو إيقاع العقد مقيدا بالإطلاق ، ولا يحج عن اثنين في عام ، ولو استأجراه لعام فسبق أحدهما صح وإن اقترنا بطلا ، وتجوز النيابة في أبعاض الحج ، كالطواف والسعي والرمي مع العجز ، ولو أمكن حمله في الطواف والسعي وجب ويحتسب لهما . وكفارة الاحرام في مال الأجير ، ولو أفسد حجه قضى في القابل ، والأقرب الإجزاء ويملك الأجرة . ويستحب إعادة فاضل الأجرة ، والاتمام له لو أعوز وترك نيابة المرأة الصرورة والخنثى الصرورة . ويشترط علم الأجير بالمناسك وقدرته عليها وعدالته ، فلا يستأجر فاسق ولو حج أجزأه . والوصية بالحج تنصرف إلى أجرة المثل ، ويكفي المرة إلا مع إرادة التكرار . ولو عين القدر والنائب تعينا ، ولو عين لكل سنة قدرا وقصر كمل من الثانية فالثالثة ، ولو زاد حج في عام مرتين من اثنين . والودعي العالم بامتناع الوارث يستأجر عنه من يحج أو بنفسه ، ولو كان عليه حجتان إحداهما نذر فكذلك إذ الأصح أنهما من الأصل ، ولو تعددوا وزعت ، وقيل يفتقر إلى إذن الحاكم ، وهو بعيد . الفصل الثاني : في أنواع الحج : وهي ثلاثة : تمتع : وهو فرض من بعد عن مكة بثمانية وأربعين ميلا من كل جانب على الأصح ، ويقدم عمرته على حجه ناويا بها التمتع .


[ 56 ]

وقران ، وإفراد : وهو فرض من نقص عن ذلك ، ولو أطلق الناذر تخير في الثلاثة وكذا يتخير من حج ندبا ، وليس لمن تعين عليه نوع العدول إلى غيره على الأصح إلا لضرورة ، ولا يقع الاحرام بالحج وعمرة التمتع إلا في شوال وذي القعدة وذي الحجة . ويشترط في التمتع جمع الحج والعمرة لعام واحد ، والاحرام بالحج له من مكة وأفضلها المسجد ، ثم المقام أو تحت الميزاب ، ولو أحرم بغيرها لم يجز إلا مع التعذر ، ولو ضاق الوقت عن إتمام العمرة بحيض أو نفاس أو عذر أو عدو عدل إلى الأفراد وأتى بالعمرة من بعد . ويشترط في الأفراد النية وإحرامه من الميقات أو من دويرة أهله إن كانت أقرب إلى عرفات ، وفي القران ذلك وعقده بسياق الهدي وإشعاره إن كان بدنة ، ويقلده إن كان غيرها بأن يعلق في رقبته نعلا قد صلى فيه ولو نافلة ، ولو قلد الإبل جاز . مسائل : يجوز لمن حج ندبا مفردا العدول إلى التمتع لكن لا يلبي بعد طوافه وسعيه ، فلو لبى بطلت متعته ، وبقى على حجه ، وقيل لا اعتبار إلا بالنية . ولا يجوز العدول للقارن ، وقيل يجوز العدول عن الحج الواجب أيضا ، كما أمر به النبي صلى الله عليه وآله من لم يسق من الصحابة ، وهو قوي . الثانية : يجوز للقارن والمفرد إذا دخلا مكة الطواف والسعي إما الواجب أو الندب لكن يجددان التلبية عقيب صلاة الطواف ، فلو تركاها احلا على الأشهر .


[ 57 ]

الثالثة : لو بعد المكي ثم حج على ميقات أحرم منه وجوبا ، ولو غلبت إقامته في الآفاق تمتع ، ولو تساويا تخير ، والمجاور بمكة ينتقل في الثالثة إلى الأفراد والقران وقبلها يتمتع ، ولا يجب الهدي على غير المتمتع وهو نسك لا جبران . الرابعة : لا يجوز الجمع بين النسكين بنية واحدة فيبطل ، ولا إدخال أحدهما على الآخر قبل تحلله من الأول فيبطل الثاني إن كان عمرة أو حجا قبل السعي ، ولو كان قبل التقصير وتعمد ذلك فالمروي أنه يبقى على حجة مفردة . ولو كان ناسيا صح إحرامه الثاني ويستحب جبره بشاة . الفصل الثالث ، في المواقيت : لا يصح الاحرام قبل الميقات ، إلا بالنذر وشبهه إذا وقع الاحرام في أشهر الحج ، ولو كان عمرة مفردة لم يشترط ، ولو خاف مريد الاعتمار في رجب تقضيه جاز له الاحرام قبل الميقات ولا يجب إعادته فيه . ولا يتجاوز الميقات بغير إحرام ، فيجب الرجوع إليه فلو تعذر بطل إن تعمده وإلا أحرم من حيث أمكن ولو دخل مكة خرج إلى أدنى الحل فإن تعذر فمن موضعه ، ولو أمكنه الرجوع إلى الميقات وجب . والمواقيت ستة : ذو الحليفة للمدينة ، والجحفة للشام ، ويلملم لليمن ، وقرن المنازل للطائف ، والعقيق للعراقي وأفضله المسلخ ، ثم


[ 58 ]

غمرة ثم ذات عرق . وميقات حج التمتع مكة ، وحج الأفراد منزله كما سبق ، وكل من حج على ميقات فهو له ، ولو حج على غير ميقات كفته المحاذاة ، ولو لم يحاذ أحرم من قدر تشترك فيه المواقيت . الفصل الرابع ، في أفعال العمرة : وهي الاحرام والطواف والسعي والتقصير . ويزيد في عمرة الأفراد بعد التقصير طواف النساء ويجوز فيها الحلق لا في عمرة التمتع . القول في الاحرام : يستحب توفير شعر الرأس لمن أراد الحج من أول ذي القعدة وآكد منه هلال ذي الحجة ، واستكمال التنظيف بقص الأظفار وأخذ الشارب والاطلاء ، ولو سبق أجزأ ما لم يمض خمسة عشر يوما . والغسل ، وصلاة سنة الاحرام ، والاحرام عقيب الظهر أو فريضة وتكفي النافلة عند عدم وقت الفريضة . وتجب فيه النية المشتملة على مشخصاته مع القربة ، ويقارن بها : لبيك اللهم لبيك لبيك ، إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبيك . ولبس ثوبي الاحرام من جنس ما يصلي فيه . والقارن يعقد إحرامه بالتلبية أو بالاشعار والتقليد ، ويجوز الحرير والمخيط للنساء ، ويجزئ القباء مقلوبا لو فقد الرداء ،


[ 59 ]

والسراويل لو فقد الازار . ويستحب للرجل رفع الصوت بالتلبية ، ولتجدد عند مختلف الأحوال ويضاف إليها التلبيات المستحبة ويقطعها المتمتع إذا شاهد بيوت مكة ، والحاج إلى زوال عرفة ، والمعتمر منفردا إذا دخل الحرم والاشتراط ويكره الاحرام في السود والمعصفرة وشبههما ، والنوم عليها ، والوسخة ، والمعلمة ، ودخول الحمام ، وتلبية المنادي . وأما التروك المحرمة فثلاثون : صيد البر ولو دلالة وإشارة ، ولا يحرم صيد البحر وهو ما يبيض ويفرخ فيه ، والنساء بكل استمتاع حتى العقد ، والاستمناء ، ولبس المخيط ، وشبهه وعقد الرداء ، ومطلق الطيب ، والقبض من كريه الرائحة ، والاكتحال بالسواد والمطيب ، والادهان ويجوز أكل الدهن غير المطيب ، والجدال وهو قول لا والله وبلى والله ، والفسوق وهو الكذب ، والسباب ، والنظر في المرآة ، وإخراج الدم اختيارا ، وقلع الضرس وقص الظفر وإزالة الشعر ، وتغطية الرأس للرجل والوجه للمرأة ويجوز لها سدل القناع إلى طرف أنفها بغير إصابة وجهها ، والنقاب ، والحناء للزينة والتختم للزينة ولبس المرأة ما لم تعتده من الحلي ، وإظهار المعتاد للزوج ، ولبس الخفين للرجل وما يستر ظهر قدميه ، والتظليل للرجل الصحيح سائرا ، ولبس السلاح اختيارا ، وقطع شجر الحرم وحشيشه إلا الاذخر ، وما ينبت في ملكه ، وعودي المحالة ، وشجر الفواكه ، وقتل هوام الجسد ، ويجوز نقله .


[ 60 ]

القول في الطواف : ويشترط فيه رفع الحدث والخبث ، والختان في الرجل ، وستر العورة . وواجبه : النية ، والبدأة بالحجر الأسود ، والختم به ، وجعل البيت على يساره والطواف بينه وبين المقام ، وإدخال الحجر ، وخروجه بجميع بدنه عن البيت ، وإكمال السبع ، وعدم الزيادة عليها فيبطل إن تعمده ، والركعتان خلف المقام ، وتواصل أربعة أشواط فلو قطع لدونها بطل وإن كان لضرورة أو دخول البيت ، ولو ذكر في أثناء السعي ترتب صحته وبطلانه على الطواف ، ولو شك في العدد بعده لم يلتفت وفي الأثناء يبطل إن شك في النقيصة ، ويبني على الأقل إن شك في الزيادة على السبع ، وأما نفل الطواف فيبني على الأقل مطلقا . وسننه : الغسل من بئر ميمون أو فخ أو غيرهما ، ومضغ الاذخر ، ودخول مكة من أعلاها حافيا بسكينة ووقار ، والدخول من باب بني شيبة ، والدعاء بالمأثور ، والوقوف عند الحجر ، والدعاء فيه وفي حالات الطواف ، وقراءة القرآن ، وذكر الله تعالى ، والسكينة في المشي ، والرمل ثلاثا والمشي أربعا على قول ، واستلام الحجر ، وتقبيله أو الإشارة إليه ، واستلام الأركان والمستجار في السابع ، وإلصاق البطن والخد به ، والدعاء وعد ذنوبه عنده والتداني من البيت ، ويكره الكلام في أثنائه بغير الذكر والقرآن .


[ 61 ]

مسائل : كل طواف ركن إلا طواف النساء ، فيعود وجوبا مع المكنة ومع التعذر يستنيب ، ولو نسي طواف النساء جازت الاستنابة اختيارا . الثانية : يجوز تقديم طواف الحج وسعيه للمفرد على الوقوف ، وللمتمتع عند الضرورة ، وطواف النساء لا يقدم لهما إلا لضرورة ، وهو واجب في كل نسك على كل فاعل إلا في عمرة التمتع ، وأوجبه فيها بعض الأصحاب ، وهو متأخر عن السعي . الثالثة : يحرم لبس البر طلة في الطواف ، وقيل يختص بموضع تحريم ستر الرأس . الرابعة : روي عن علي عليه السلام في امرأة نذرت الطواف على أربع أن عليها طوافين ، وقيل يقتصر على المرأة ويبطل في الرجل ، وقيل يبطل فيهما ، والأقرب الصحة فيهما . الخامسة : يستحب إكثار الطواف ما استطاع ، وهو أفضل من الصلاة للوارد ، وليكن ثلاثمأة وستين طوافا ، فإن عجز جعلها أشواطا . السادسة : القران مبطل في طواف الفريضة ، ولا بأس به في النافلة وإن كان تركه أفضل . القول في السعي والتقصير : ومقدماته : استلام الحجر ، والشرب من زمزم وصب مائها عليه ،


[ 62 ]

والطهارة والخروج من باب الصفا مستقبل الكعبة ، والدعاء والذكر . وواجبه : النية ، والبدأة بالصفا ، والختم بالمروة فهذا شوط وعوده آخر ، فالسابع على المروة . وترك الزيادة على السبع فيبطل عمدا ، والنقيصة فيأتي بها ، ولو زاد سهوا تخير بين الاهدار وتكميل أسبوعين كالطواف ، ولم يشرع استحباب السعي إلا هنا ، وهو ركن يبطل بتعمد تركه ، ولو ظن فعله فواقع أو قلم فتبين الخطأ أتمه وكفر ببقرة ، ويجوز قطعه لحاجة وغيرها ، والاستراحة في أثنائه . ويجب التقصير بعده بمسماه إذا كان سعي العمرة من الشعر أو الظفر وبه يتحلل من إحرامها ، ولو حلق فشاة ، ولو جامع قبل التقصير عمدا فبدنة للموسر وبقرة للمتوسط وشاة للمعسر . ويستحب التشبه بالمحرمين بعده ، وكذا لأهل مكة في الموسم . الفصل الخامس ، في أفعال الحج : وهي الاحرام ، والوقوفان ، ومناسك منى ، وطواف الحج وسعيه ، وطواف النساء ، ورمي الجمرات ، والمبيت بمنى . القول في الاحرام والوقوفين : يجب بعد التقصير الاحرام بالحج على المتمتع ، ويستحب يوم التروية بعد صلاة الظهر ، وصفته كما مر ، ثم الوقوف بعرفة من زوال التاسع إلى غروب الشمس مقرونا بالنية ، وحد عرفة من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى الاراك إلى ذي المجاز ، ولو أفاض قبل الغروب عامدا


[ 63 ]

ولم يعد فبدنة ، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما . ويكره الوقوف على الجبل وقاعدا وراكبا ، والمستحب المبيت بمنى ليلة التاسع إلى الفجر ، ولا يقطع محسرا حتى تطلع الشمس ، والامام يخرج إلى منى قبل الصلاتين وكذا ذو العذر ، والدعاء عند الخروج إليها ومنها وفيها ، والدعاء بعرفة ، وإكثار الذكر وليذكر إخوانه بالدعاء وأقلهم أربعون . ثم يفيض بعد غروب الشمس إلى المشعر مقتصدا في سيره داعيا إذا بلغ الكثيب الأحمر ، ثم يقف به ليلا إلى طلوع الشمس ، والواجب الكون بالنية . ويستحب إحياء تلك الليلة ، والدعاء والذكر والقراءة ، ووطء الصرورة المشعر برجله والصعود على قزح وذكر الله عليه . مسائل : كل من الموقفين ركن يبطل الحج بتركه عمدا ولا يبطل سهوا ، نعم لو سها عنهما بطل . واضطراري عرفة ليلة النحر ، واضطراري المشعر إلى زواله ، وكل أقسامه يجزئ إلا الاضطراري الواحد ، ولو أفاض قبل الفجر عامدا فشاة . ويجوز للمرأة والخائف من غير جبر . وحد المشعر ما بين الحائط والمأزمين ووادي محسر ، ويستحب التقاط حصى الجمار منه وهي سبعون ، . والهرولة في وادي محسر داعيا بالمرسوم . * * *


[ 64 ]

القول في مناسك منى يوم النحر : وهي رمي جمرة العقبة ثم الذبح ثم الحلق ، فلو عكس عمدا أثم وأجزأه . وتجب النية في الرمي وإكمال سبع مصيبة للجمرة بفعله ، بما يسمى رميا بما يسمى حجرا حرميا بكرا . ويستحب البرش الملتقطة بقدر الأنملة ، والطهارة والدعاء والتكبير مع كل حصاة ، وتباعد نحو خمسة عشر ذراعا ورميها خذفا ، واستقبال الجمرة هنا ، وفي الجمرتين الاخيرتين يستقبل القبلة ، والرمي ماشيا . وتجب في الذبح جذع من الضأن أو ثني من غيره تام الخلقة غير مهزول ، ويكفي فيه الظن بخلاف ما لو ظهر ناقصا فإنها لا تجزي ويستحب أن يكون مما عرف به سمينا ينظر ويمشي ويبرك في سواد ، إناثا من الإبل والبقر ، ذكرانا من الغنم ، وتجب النية ويتولاها الذابح ، ويستحب جعل يده معه ، وقسمته بين الاهداء والصدقة والأكل . ويستحب النحر الإبل قائمة قد ربطت بين الخف والركبة ، وطعنها من الأيمن ، والدعاء عنده ، ولو عجز عن السمين فالأقرب إجزاء المهزول وكذا الناقص ، ولو وجد الثمن دونه خلفه عند من يشتريه ويهديه طول ذي الحجة ، ولو عجز عن الثمن صام ثلاثة في الحج متوالية بعد التلبس بالحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ، ويتخير مولى المأذون بين الاهداء عنه وبين أمره بالصوم .


[ 65 ]

ولا يجزئ الواحد إلا عن واحد ولو عند الضرورة ، ولو مات أخرج من صلب المال ، ولو مات قبل الصوم صام الولي عنه العشرة على قول ، وتقوى مراعاة تمكنه منها ، ومحل الذبح والحلق منى ، وحدها من العقبة إلى وادي محسر . ويجب ذبح الهدي القران متى ساقه وعقد به إحرامه ، ولو هلك لم يجب بدله له ، ولو عجز ذبحه وأعلمه علامه الصدقة ، ويجوز بيعه لو انكسر والصدقة بثمنه ، ولو ضل فذبحه الواجد أجزأ ، ولا يجزئ ذبح هدي التمتع لعدم التعين ، ومحله مكة إن قرنه بالعمرة ومنى إن قرنه بالحج ، ويجزئ الهدي الواجب عن الأضحية والجمع أفضل . ويستحب التضحية بما يشتريه ، ويكره بما يربيه . وأيامها بمنى أربعة أولها النحر ، وبالأمصار ثلاثة ، ولو تعذرت تصدق بثمنها ، فإن اختلفت فثمن موزع عليها ، ويكره أخذ شئ من جلودها وإعطاؤها الجزار بل يتصدق بها . وأما الحلق فيتخير بينه وبين التقصير ، والحلق أفضل وخصوصا للملبد والصرورة ، ويتعين على المرأة التقصير . ولو تعذر في منى فعل بغيرها وبعث بالشعر إليها ليدفن مستحبا ، ويمر فاقد الشعر الموسى على رأسه . ويجب تقديم مناسك منى على طواف الحج فلو أخرها عامدا فشاة ، ولا شئ على الناسي ويعيد الطواف ، وبالحلق يتحلل إلا من النساء والطيب والصيد ، فإذا طاف وسعى حل الطيب ، فإذا طاف للنساء حللن له ، ويكره لبس المخيط قبل طواف الزيارة ، والطيب


[ 66 ]

حتى يطوف للنساء . القول في العود إلى مكة للطوافين والسعي : يستحب تعجيل العود من يوم النحر إلى مكة ويجوز تأخيره إلى الغد ، ثم يأثم المتمتع بعده ، وقيل لا إثم ، ويجزئ طول ذي الحجة . وكيفية الجميع كما مر غير أنه ينوي بها الحج . القول في العود إلى منى : ويجب بعد قضاء مناسكه بمنى العود إليها للمبيت بها ليلا ، ورمي الجمرات الثلاث نهارا ، فلو بات بغيرها فعن كل ليلة شاة إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة ، ويكفي أن يتجاوز نصف الليل . ويجب في الرمي الترتيب يبدأ بالأولى ، ثم الوسطى ، ثم جمرة العقبة ، ولو نكس عامدا أو ناسيا بطل ، ويحصل الترتيب بأربع حصيات ، ولو نسي جمرة أعاد على الجميع إن لم يتعين ، ولو نسي حصاة رماها على الجميع ، ويستحب رمي الأولى عن يمينه والدعاء والوقوف عندها وكذا الثانية ولا يقف عند الثالثة ، وإذا بات ليلتين بمنى جاز له النفر في الثاني عشر بعد الزوال إن كان قد اتقى الصيد والنساء ولم تغرب عليه الشمس ليلة الثالث عشر بمنى ، وإلا وجب المبيت ليلة الثالث عشر ورمي الجمرات فيه ، ثم ينفر في الثالث عشر ، ويجوز قبل الزوال بعد الرمي ، ووقته من طلوع الشمس إلى غروبها ، ويرمي المعذور ليلا ويقضي الرمي لو فات مقدما على الأداء ، ولو


[ 67 ]

رحل قبله رجع له ، فإن تعذر استناب فيه في القابل . ويستحب النفر في الآخر ، والعود إلى مكة لطواف الوداع ، ودخول الكعبة وخصوصا الصرورة ، والصلاة بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء وفي زواياها واستلامها ، والدعاء عند الحطيم وهو أشرف البقاع ما بين الباب والحجر الأسود ، واستلام الأركان والمستجار ، وإتيان زمزم والشرب منها ، والخروج من باب الحناطين ، والصدقة بتمر يشتريه بدرهم ، والعزم على العود . ويستحب الاكثار من الصلاة بمسجد الخيف وخصوصا عند المنارة وفوقها إلى القبلة بنحو من ثلاثين ذراعا . ويحرم إخراج من التجأ إلى الحرم بعد الجناية ، نعم يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج ، ولو جنى في الحرم قوبل فيه . الفصل السادس ، في كفارات الاحرام ، وفيه بحثان : الأول ، في الصيد : ففي النعامة بدنة ، ثم الفض على البر ، وإطعام ستين ، والفاضل له ، ولا يلزم الاتمام لو أعوز ، ثم صيام ستين يوما ، ثم صيام ثمانية عشر يوما . والمدفوع إلى المسكين نصف صاع . وفي بقرة الوحش وحماره بقرة أهلية ، ثم الفض ، ونصف ما مضى . وفي الظبي والثعلب والأرنب شاة ، ثم الفض ، وسدس ما مضى .


[ 68 ]

وفي كسر بيض النعام لكل بيضة بكرة من الإبل إن تحرك الفرخ وإلا أرسل فحولة الإبل في إناث بعدد البيض فالناتج هدي ، فإن عجز فشاة عن البيضة ، ثم إطعام عشرة مساكين ثم صيام ثلاثة . وفي كسر كل بيضة من القطا والقبج والدراج من صغار الغنم إن تحرك الفرخ ، وإلا أرسل في الغنم بالعدد ، فإن عجز فكبيض النعام . وفي الحمامة وهي المطوقة أو ما يعب الماء شاة على المحرم في الحل ودرهم على المحل في الحرم ، ويجتمعان على المحرم في الحرم ، وفي فرخها حمل ونصف درهم عليه ، ويتوزعان على أحدهما ، وفي بيضها درهم وربع ويتوزعان على أحدهما . وفي كل واحد من القطا والحجل والدراج حمل مفطوم يرعى . وفي كل من القنفذ والضب واليربوع جدي . وفي كل من القنبرة والصعوة والعصفور مد طعام . وفي الجرادة تمرة ، وقيل كف من طعام . وفي كثير الجراد شاة ، ولو لم يتمكن التحرز فلا شئ . وفي القملة كف طعام . ولو نفر حمام الحرم وعاد فشاة ، وإلا فعن كل واحدة شاة ، ولو أغلق على حمام وفراخ وبيض فكالاتلاف مع جهل الحال أو علم التلف ، ولو باشر الاتلاف جماعة أو تسببوا فعلى كل فداء . وفي كسر قرني الغزال نصف قيمته ، وفي عينيه أو يديه أو رجليه القيمة ، والواحد بالحساب ، ولا يدخل الصيد في ملك المحرم بحيازة ولا عقد ولا إرث . ومن نتف ريشة من حمام الحرم فعليه صدقة


[ 69 ]

بتلك اليد . وجزاؤه بمنى إحرام الحج وبمكة في إحرام العمرة . البحث الثاني ، في باقي المحرمات : في الوطء قبلا أو دبرا قبل المشعر وإن وقف بعرفة بدنة ، ويتم حجه ويأتي به من قابل ، وإن كان الحج نفلا وعليها مطاوعة مثله ، ويفترقان إذا بلغا موضع الخطيئة بمصاحبة ثالث في القضاء ، وقيل في الفاسد أيضا ، ولو كان مكرها لها تحمل البدنة لا غير . ويجب البدنة بعد المشعر إلى أربعة أشواط من طواف النساء والأولى بعد خمسة ، ولكن لو كان قبل طواف الزيارة وعجز عن البدنة تخير بينها وبين بقرة أو شاة ، ولو جامع أمته المحرمة بإذنه محلا فعليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن عجز عن البدنة والبقرة فشاة أو صيام ثلاثة ، ولو نظر إلى أجنبية فأمنى فبدنة للموسر وبقرة للمتوسط وشاة للمعسر ، ولو نظر إلى زوجته بشهوة فأمنى فبدنة ، ولو مسها فشاة إن كان بشهوة وإن لم يمن ، وبغير شهوة لا شئ ، وفي تقبيلها بشهوة جزور وبغيرها شاة ، ولو أمنى بالاستمناء أو بغيره من الأسباب التي تصدر عنه فبدنة . ولو عقد المحرم أو المحل لمحرم على امرأة فدخل فعلى كل منهما بدنة . والعمرة المفردة إذا أفسدها قضاها في الشهر الداخل بناء على أنه الزمان بين العمرتين ، وفي لبس المخيط شاة وكذا لبس الخفين


[ 70 ]

أو الشمشك أو الطيب أو حلق الشعر أو قلم الأظفار في مجلس أو يديه أو رجليه ، وإلا ففي كل ظفر مد ، أو قطع شجرة من الحرم صغيرة أو ادهن بمطيب أو قلع ضرسه أو نتف إبطيه ، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين ، أو أفتى بتقليم الظفر فأدمى المستفتي ، والظاهر أنه لا يشترط كون المفتي محرما ، أو جادل ثلاثا صادقا أو واحدة كاذبا ، وفي اثنين كذبا بقرة وفي الثلاث بدنة ، وفي الشجرة الكبيرة بقرة ، ولو عجز عن شاة في كفارة الصيد فعليه إطعام عشرة مساكين ، فإن عجز صام ثلاثة أيام ، ويتخير بين شاة الحلق لاذى أو غيره وبين إطعام عشرة لكل واحد مد أو صيام ثلاثة ، وفي شعر يسقط من لحيته أو رأسه بمسه كف طعام ، ولو كان في الوضوء فلا شئ . وتتكرر الكفارة بتكرر الصيد عمدا أو سهوا ، وبتكرر اللبس في مجالس والحلق في أوقات وإلا فلا ، ولا كفارة على الجاهل والناسي في غير الصيد ، ويجوز تخلية الإبل للرعي في الحرم . الفصل السابع ، في الاحصار والصد : متى أحصر بالمرض عن الموقفين أو مكة بعث ما ساقه أو هديا أو ثمنه ، فإذا بلغ محله وهي منى إن كان حاجا ومكة إن كان معتمرا حلق أو قصر ، وتحلل إلا من النساء حتى يحج إن كان واجبا ، أو يطاف عنه للنساء إن كان ندبا . ولا يسقط الهدي بالاشتراط ، نعم له تعجيل التحلل ولا يبطل تحلله لو ظهر عدم ذبح الهدي ويبعثه في القابل ، ولا يجب الامساك


[ 71 ]

عند بعثه على الأقوى ، ولو زال عذره التحق ، فإن أدرك وإلا تحلل بعمرة . ومن صد بالعدو عما ذكرناه ولا طريق غيره أو لا نفقة ذبح هديه وقصر أو حلق وتحلل حيث صد حتى من النساء ، ولو أحصر عن عمرة التمتع فتحلل فالظاهر حل النساء أيضا . خاتمة : تجب العمرة بشروط الحج ويؤخرها القارن والمفرد ، ولا تتعين بزمان مخصوص وهي مستحبة مع قضاء الفريضة في كل شهر ، وقيل لا حد ، وهو حسن . * * *


[ 72 ]

( 7 ) كتاب الجهاد ويجب على الكفاية بحسب الحاجة ، وأقله مرة في كل عام بشرط الإمام أو نائبه أو هجوم عدو يخشى منه على بيضة الاسلام . ويشترط البلوغ والعقل والحرية والبصر والسلامة من المرض والعرج والفقر . ويحرم المقام في بلد الشرك لمن لا يتمكن من إظهار شعائر الاسلام . ولأبويه منع الولد مع عدم التعين ، والمدين يمنع الموسر مع الحلول . والرباط مستحب دائما وأقله ثلاثة أيام وأكثره أربعون يوما ، ولو أعان بفرسه أو غلامه أثيب ، ولو نذرها أو نذر صرف مال إلى أهلها وجب وإن كان الإمام غائبا . وهنا فصول ، الأول : يجب قتال الحربي بعد الدعاء إلى الاسلام وامتناعه حتى يسلم أو يقتل ، والكتابي كذلك إلا أن يلتزم بشرائط الذمة وهي بذل الجزية والتزام أحكامنا ، وترك التعرض للمسلمات بالنكاح ، وللمسلمين بالفتنة وقطع الطريق ، وإيواء عين المشركين والدلالة على عورة المسلمين ، وإظهار المنكرات في دار الاسلام . وتقدير الجزية إلى


[ 73 ]

الإمام ، وليكن يوم الجباية ، ويؤخذ منه صاغرا . ويبدأ بقتال الأقرب إلا مع الخطر . ولا يجوز الفرار إذا كان العدو ضعفا أو أقل إلا لمتحرف لقتال أو متحيز إلى فئة ، وتجوز المحاربة بطرق الفتح كهدم الحصون والمنجنيق وقطع الشجر وإن كره ، وكذا يكره بإرسال الماء والنار ، وإلقاء السم ، ولا يجوز قتل الصبيان والمجانين والنساء وإن عاونوا إلا مع الضرورة ، ولا الشيخ الفاني والخنثى المشكل ، ويقتل الراهب والكبير إن كان ذا رأي أو قتال ويجوز قتل الترس ممن لا يقتل ، ولو تترسوا بالمسلمين اجتنب ما أمكن ، ومع التعذر فلا قود ولا دية ، نعم تجب الكفارة . ويكره التبييت ، والقتال قبل الزوال ، وأن تعرقب الدابة ، والمبارزة من دون إذن الإمام ويحرم إن منع ويجب لو ألزم ، وتجب مواراة المسلم فلو اشتبه فليوار كميش الذكر . الفصل الثاني ، في ترك القتال ، ويترك لامور : أحدها : الأمان ولو من آحاد المسلمين لآحاد الكفار ، أو من الإمام أو نائبه للبلد . وشرطه أن يكون قبل الاسر وعدم المفسدة كما لو أمن الجاسوس فإنه لا ينفذ وثانيها : النزول على حكم الإمام ومن يختاره فينفذ حكمه ما لم يخاف الشرع . الثالث والرابع : الاسلام وبذل الجزية .


[ 74 ]

الخامس : المهادنة على ترك الحرب مدة معينة أكثرها عشر سنين ، وهي جائزة مع المصلحة للمسلمين . الفصل الثالث ، في الغنيمة : وتملك النساء والأطفال بالسبي ، والذكور البالغون يقتلون حتما إن أخذوا والحرب قائمة إلا أن يسلموا ، وإن أخذوا بعد أن وضعت الحرب أوزارها لم يقتلوا ، وتخير الإمام فيهم بين المن والفداء والاسترقاق فيدخل ذلك في الغنيمة ، ولو عجز الاسير عن المشي لم يجز قتله ، ويعتبر البلوغ بالانبات . وما لا ينقل ولا يحول لجميع المسلمين ، والمنقول بعد الجعائل والرضخ والخمس والنقل وما يصطفيه الإمام يقسم بين المقاتلة ومن حضر حتى الطفل المولود بعد الحيازة قبل القسمة ، وكذا المدد الواصل إليهم حينئذ ، للفارس سهمان وللراجل سهم ولذوي الافراس ثلاثة ولو قاتلوا في السفن ، ولا يسهم للمخذل والمرجف ولا للقحم والضرع والحطم والرازح من الخيل . الفصل الرابع ، في أحكام البغاة : من خرج على المعصوم من الأئمة عليهم السلام فهو باغ ويجب قتاله حتى يفئ أو يقتل كقتال الكفار ، فذو الفئة يجهز عليهم ويتبع مدبرهم ويقتل أسيرهم وغيرهم يفرقون ، والأصح عدم قسمة أموالهم مطلقا .


[ 75 ]

الفصل الخامس ، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : وهما واجبان عقلا ونقلا على الكفاية ، ويستحب الأمر بالمندوب والنهي عن المكروه ، وإنما يجبان مع علم المعروف والمنكر ، وإصرار الفاعل أو التارك ، والأمن من الضرر ، وتجويز التأثير ، ثم يتدرج في الانكار بإظهار الكراهية ، ثم القول اللين ، ثم الغليظ ، ثم الضرب ، وفي الجرح والقتل قولان ، ويجب الانكار بالقلب على كل حال ، ويجوز للفقهاء حال الغيبة إقامة الحدود مع الامن ، والحكم بين الناس مع اتصافهم بصفات المفتي وهي : الايمان والعدالة ومعرفة الأحكام بالدليل والقدرة على رد الفروع إلى الأصول ، ويجب الترافع إليهم ويأثم الراد عليهم . ويجوز للزوج إقامة الحد على زوجته والوالد على ولده والسيد على عبده ، ولو اضطره السلطان إلى إقامة حد أو قصاص ظلما أو الحكم جاز إلا القتل فلا تقية فيه . * * *


[ 76 ]

( 8 ) كتاب الكفارات فالمرتبة : كفارة الظهار وقتل الخطأ ، وخصالها خصال كفارة الافطار في رمضان ، العتق فالشهران فالستون ، وكفارة من أفطر في قضاء رمضان بعد الزوال وهي إطعام عشرة مساكين ثم صيام ثلاثة أيام . والمخيرة : كفارة شهر رمضان وخلف النذر والعهد ، وفي كفارة جزاء الصيد خلاف ، وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام ، وكفارة الجمع لقتل المؤمن عمدا ظلما ، وهي عتق رقبة وصيام شهرين وإطعام ستين مسكينا . والحالف بالبراءة من الله ورسوله والأئمة عليهم السلام يأثم ويكفر كفارة ظهار ، فإن عجز فكفارة يمين على قول ، وفي توقيع العسكري عليه السلام ( يطعم عشرة مساكين ويستغفر الله تعالى ) . وفي جز المرأة شعرها في المصاب كفارة ظهار ، وقيل مخيرة . وفي نتفه أو خدش وجهها أو شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته كفارة يمين على قول . وقيل من تزوج امرأة في عدتها فارقها وكفر بخمسة أصواع


[ 77 ]

دقيقا ، ومن نام عن العشاء حتى تجاوز نصف الليل أصبح صائما . وكفارة ضرب العبد فوق الحد عتقه مستحبا ، وكفارة الايلاء كفارة اليمين . ويتعين العتق في المرتبة بوجدان الرقبة ملكا أو تسبيبا ، ويشترط فيها الاسلام والسلامة من العمى والاقعاد والجذام والتنكيل ، والخلو عن العوض . وتجب النية والتعيين ومع العجز يصوم شهرين متتابعين ، ومع العجز يطعم ستين مسكينا إما إشباعا أو تسليم مد إلى كل واحد ، وإذا كسا الفقير فثوب ولو غسيلا إذا لم ينخرق ، وكل من وجب عليه صوم شهرين متتابعين فعجز صام ثمانية عشر يوما ، فإن عجز تصدق عن كل يوم بمد ، فإن عجز استغفر الله . * * *


[ 78 ]

( 9 ) كتاب النذر وتوابعه وشرط الناذر : الكمال ، والاختيار ، والقصد ، والاسلام ، والحرية إلا أن يجيز المالك أو تزول الرقية . وإذن الزوج كإذن السيد . والصيغة : إن كان كذا فلله علي كذا . وضابطه ، أن يكون طاعة أو مباحا راجحا مقدورا للناذر ، والأقرب احتياجه إلى اللفظ وانعقاد التبرع . ولا بد من كون الجزاء طاعة والشرط سائغا إن قصد الشكر ، وإن قصد الزجر اشترط كونه معصية أو مباحا راجحا فيه المنع . والعهد كالنذر وصورته : عاهدت الله ، أو علي عهد الله . واليمين هي الحلف بالله كقوله : ومقلب القلوب والأبصار ، والذي نفسي بيده ، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، أو باسمه كقوله : والله ، وبالله ، وتالله ، وأيمن الله ، وأقسم بالله ، وبالقديم ، أو الأزلي ، أو الذي لا أول لوجوده . ولا ينعقد بالموجود والقادر والعالم ، ولا بأسماء المخلوقات الشريفة . وإتباع مشيئة الله تمنع الانعقاد ، والتعليق على مشيئة الغير يحبسها ، ومتعلق اليمين كمتعلق النذر . * * *


[ 79 ]

( 10 ) كتاب القضاء وهو وظيفة الإمام أو نائبه ، وفي الغيبة ينفذ قضاء الفقيه الجامع لشرائط الافتاء ، فمن عدل عنه إلى قضاة الجور كان عاصيا ، وتثبت ولاية القاضي بالشياع وبشهادة عدلين ، ولا بد من الكمال والعدالة وأهلية الافتاء والذكورة والكتابة والبصر ، إلا في قاضي التحكيم ، ويجوز ارتزاق القاضي من بيت المال مع الحاجة ، ولا يجوز الجعل من الخصم . والمرتزقة : والمؤذن والقاسم والكاتب ومعلم القرآن والآداب وصاحب الديوان ووالي بيت المال . ويجب على القاضي التسوية بين الخصمين في الكلام والسلام والنظر وأنواع الاكرام والانصات والانصاف . وله أن يرفع المسلم على الكافر المجلس وأن يجلس المسلم مع قيام الكافر ، ولا تجب التسوية في الميل القلبي . وإذا بدر أحد الخصمين بالدعوى سمع منه ، ولو ابتدرا سمع من الذي عن يمين صاحبه ، وإذا سكتا فليقل ليتكلم المدعي منكما ، أو تكلما ، ويكره تخصيص أحدهما بالخطاب .


[ 80 ]

وتحرم الرشوة فتجب إعادتها ، وتلقين أحد الخصمين حجته ، فإن وضح الحكم لزم القضاء إذا التمسه المقضي له ، ويستحب ترغيبهما في الصلح ، ويكره أن يشفع في إسقاط أو إبطال ، أو يتخذ حاجبا وقت القضاء ، أو يقضي مع اشتغال القلب بنعاس أو جوع أو هم أو غضب . القول في كيفية الحكم : المدعي هو الذي يترك لو ترك ، والمنكر مقابله ، وجواب المدعى عليه إما إقرار أو إنكار أو سكوت . فالاقرار يمضي مع الكمال ، ولو التمس كتابة إقراره كتب وأشهد مع معرفته أو شهادة عدلين بمعرفته أو قناعته بحليته ، فإن ادعى الاعسار وثبت صدقه ببينة مطلعة على باطن أمره أو بتصديق خصمه ، أو كان أصل الدعوى بغير مال وحلف ترك ، وإلا حبس حتى يعلم حاله . وأما الانكار فإن كان الحاكم عالما قضى بعلمه وإلا طلب البينة ، فإن قال لا بينة لي ، عرفه أن له إحلافه ، فإن طلبه أحلفه الحاكم ، ولا يتبرع بإحلافه ولا يستقل به الغريم من دون إذن الحاكم ، فإن حلف سقطت الدعوى عنه وحرمت مقاصته ، ولا تسمع البينة بعده . وإن رد اليمين حلف المدعي ، فإن امتنع سقطت دعواه ، فإن نكل ردت اليمين أيضا ، وقيل يقضي بنكوله والأول أقرب . وإن قال لي بينة ، عرفه أن له إحضارها ، وليقل أحضرها إن شئت ، وإن


[ 81 ]

ذكر غيبتها خيره بين إحلاف الغريم والصبر ، وليس له إلزامه بكفيل ولا ملازمته ، وإن أحضرها وعرف الحاكم العدالة حكم ، وإن عرف الفسق ترك ، وإن جهل استزكى ، ثم سأل الخصم عن الجرح ، فإن استنظر أمهله ثلاثة أيام ، فإن لم يأت بالجارح حكم عليه بعد الالتماس . وإن ارتاب الحاكم بالشهود فرقهم وسألهم عن مشخصات القضية ، فإن اختلفت أقوالهم سقطت ، ويكره له أن يعنت الشهود إذا كانوا من أهل البصيرة بالتفريق ، ويحرم أن يتعتع الشاهد وهو أن يداخله في الشهادة أو يتعقبه أو يرغبه في الإقامة أو يزهده لو توقف ، ولا يقف عزم الغريم عن الاقرار إلا في حقه تعالى لقضية ما عز بن مالك عند النبي صلى الله عليه وآله . وأما السكوت إن كان لآفة توصل إلى الجواب ، وإن كان عنادا حبس حتى يجيب ، أو يحكم عليه بالنكول بعد عرض الجواب عليه . القول في اليمين لا تنعقد اليمين الموجبة للحق ولا المسقطة للدعوى إلا بالله تعالى مسلما كان الحالف أو كافرا ، ولو أضاف مع الجلالة خالق كل شئ في المجوسي كان حسنا ، ولو رأى الحاكم ردع الذمي بيمينهم فعل ، إلا أن يشتمل على محرم ، وينبغي التغليظ بالقول والزمان


[ 82 ]

والمكان في الحقوق كلها إلا أن ينقص المال عن نصاب القطع ، ويستحب للحاكم وعظ الحالف قبله ، ويكفي نفي الاستحقاق وإن أجاب بالاخص ، ويحلف على القطع في فعل نفسه وتركه وفعل غيره ، وعلى نفي العلم في نفي فعل غيره . القول في الشاهد واليمين كل ما يثبت بشاهد وامرأتين يثبت بشاهد ويمين ، وهو كل ما كان مالا أو المقصود منه المال كالدين والقرض والغصب ، وعقود المعاوضات كالبيع ، والصلح والجناية الموجبة للدية كالخطأ وعمد الخطأ وقتل الوالد ولده والعبد ، وكسر العظام والجائفة والمأمومة . ولا تثبت عيوب النساء ولا الخلع والطلاق والرجعة والعتق على قول ، والكتابة والتدبير والنسب والوكالة والوصية إليه بالشاهد واليمين ، وفي النكاح قولان ولو كان المدعون جماعة فعلى كل واحد يمين ، ويشترط شهادة الشاهد أولا وتعديله ، ثم الحكم يتم بهما لا بأحدهما ، ولو رجع الشاهد غرم النصف ، والمدعي لو رجع غرم الجميع ، ويقضى على الغائب عن المجلس الحكم ، ويجب اليمين مع البينة على بقاء الحق ، وكذا تجب في الشهادة على الميت والطفل والمجنون . القول في التعارض لو تداعيا ما في أيديهما حلفا واقتسماه وكذا إن أقاما بينة ، ويقضي لكل منهما بما في يد صاحبه ، ولو خرجا فهي لذي البينة ، ولو


[ 83 ]

أقاماها رجع الاعدل ، فالاكثر ، فالقرعة ، ولو تشبث أحدهما فاليمين عليه ولا تكفي بينته عنها . ولو أقاما بينة ففي الحكم لأيهما خلاف ، ولو تشبثا وادعى أحدهما الجميع والآخر النصف ولا بينة اقتسماها بعد يمين مدعي النصف . ولو أقاما بينة فهي للخارج على القول بترجيح بينته وهو مدعي الكل ، وعلى الآخر بينهما . ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما صار صاحب اليد وللآخر إحلافهما ، ولو كان تاريخ إحدى البينتين أقدم قدمت . القول في القسمة وهي تمييز أحد النصيبين عن الآخر وليست بيعا وإن كان فيها رد ويجبر الشريك لو التمس شريكه ولاضرر ، ولو تضمنت ردا لو يجبر ، وكذا لو كان فيها ضرر كالجواهر والعضائد الضيقة والسيف ، فلو طلب المهاياة جاز ولم يجب ، وإذا عدلت السهام واتفقا على اختصاص كل واحد بسهم لذم ، وإلا أقرع ، ولو ظهر غلط بطلت ، ولو ادعاه أحدهما ولا بينة حلف الآخر فإن حلف تمت ، وإن نكل حلف المدعي ونقضت ، ولو ظهر استحقاق بعض معين بالسوية فلا نقض وإلا نقضت ، وكذا لو كان مشاعا . * * *


[ 84 ]

( 11 ) كتاب الشهادات وفصوله أربعة : الأول ، الشاهد وشرطه البلوغ إلا في الجراح بشرط بلوغ العشر وأن يجتمعوا على مباح وأن لا يتفرقوا ، والعقل ، والاسلام ولو كان المشهود عليه كافرا على الأصح إلا في الوصية عند عدم المسلمين ، والايمان ، والعدالة وتزول بالكبيرة والاصرار على الصغيرة وترك المروءة ، وطهارة المولد ، وعدم التهمة فلا يقبل شهادة الشريك لشريكه في المشترك بينهما والوصي في متعلق وصيته ، والغرماء للمفلس ، والسيد لعبده ، والعاقلة بجرح شهود الجناية . والمعتبر في الشروط وقت الأداء لا وقت التحمل ، وتمنع العداوة الدنيوية بأن يعلم منه السرور بالمساءة وبالعكس ، ولو شهد لعدوه قبل إذا كانت العداوة لا تتضمن فسقا ، ولا تقبل شهادة كثير السهو بحيث لا يضبط المشهود به ولا المتبرع بإقامتها إلا أن يكون في حق الله تعالى ، ولو ظهر للحاكم سبق القادح في الشهادة على حكمه نقض .


[ 85 ]

ومستند الشهادة العلم القطعي أو رؤيته فيما يكفي فيه ، أو سماعا في نحو العقود مع الرؤية أيضا ولا يشهد إلا على من يعرفه ويكفي معرفان عدلان ، وتسفر المرأة عن وجهها . ويثبت بالاستفاضة سبعة : النسب والموت والملك المطلق والوقف والنكاح والعتق وولاية القاضي . ويكفي متاخمة العلم على قول ، ويجب التحمل على من له أهلية الشهادة على الكفاية فلو فقد سواه تعين ، ويصح تحمل الأخرس وأداؤه بعد القطع بمراده ، وكذا يجب الأداء على الكفاية إلا مع خوف ضرر غير مستحق ، ولا يقيمها إلا مع العلم ، ولا يكفي الخط وإن شهد معه ثقة ، ومن نقل عن الشيعة جواز الشهادة بقول المدعي إذا كان أخا في الله معهود الصدق فقد أخطأ في نقله ، نعم هو مذهب العزاقري من الغلاة . الفصل الثاني ، في تفصيل الحقوق فمنها بأربعة رجال وهو الزنا واللواط والسحق . ويكفي في الموجب للرجم ثلاثة رجال وامرأتان ، وللجلد رجلان وأربع نسوة . ومنها برجلين وهي : الردة والقذف والشرب وحد السرقة والزكاة والخمس والنذر والكفارة والاسلام والبلوغ والولاء والتعديل والجرح والعفو عن القصاص والطلاق والخلع والوكالة والوصية إليه والهلال . ومنها ما يثبت برجلين ورجل وامرأتين وشاهد ويمين وهو الديون والأموال والجناية الموجبة للدية .


[ 86 ]

ومنها بالرجال والنساء ولو منفردات كالولادة والاستهلال وعيوب النساء الباطنة والرضاع والوصية له . ومنها بالنساء منضمات خاصة وهو الديون والأموال . الفصل الثالث ، في الشهادة على الشهادة ومحلها حقوق الناس كافة ، سواء كانت عقوبة كالقصاص ، أو غير عقوبة كالطلاق والنسب والعتق ، أو مالا كالقرض وعقود المعارضات وعيوب النساء والولادة والاستهلال والوكالة والوصية بقسميها . ولا تثبت في حق الله تعالى مختصا كالزنا واللواط والسحق ، أو مشتركا كالسرقة والقذف على خلاف . ولو اشتمل الحق على الأمرين ثبت حق الناس خاصة فيثبت بالشهادة على إقراره بالزنا نشر الحرمة لا الحد . ويجب أن يشهد على واحد عدلان ولو شهد على الشاهدين فما زاد جاز . ويشترط تعذر شاهد الأصل بموت أو مرض أو سفر وضابطه المشقة في حضوره ، ولا تقبل الشهادة الثالثة فصاعدا . الفصل الرابع ، في الرجوع إذا رجعا قبل الحكم امتنع الحكم ، وإن كان بعده لم ينتقض الحكم ويضمن الشاهدان ، سواء كانت العين باقية أو تالفة ، ولو كانت الشهادة على قتل أو رجم أو قطع ثم رجعوا واعترفوا بالتعمد اقتص منهم ، أو من بعضهم ويرد الباقون نصيبهم ، وإن قالوا أخطأنا


[ 87 ]

فالدية عليهم . ولو شهدا بطلاق ثم رجعا قال في النهاية : ترد إلى الأول ويغرمان المهر للثاني وتبعه أبو الصلاح ، وفي الخلاف إن كان بعد الدخول فلا غرم وهي زوجة الثاني ، وإن كان قبل الدخول غرما للأول نصف المهر . ولو ثبت تزوير الشهود نقض الحكم واستعيد المال فإن تعذر أغرموا وعزروا على كل حال وشهروا . * * *


[ 88 ]

( 12 ) كتاب الوقف وهو تحبيس الأصل وإطلاق المنفعة ، ولفظه الصريح وقفت ، وأما حبست وسبلت وحرمت وتصدقت فمفتقر إلى القرينة ولا يلزم بدون القبض بإذن الواقف فلو مات قبله بطل . ويدخل في وقف الحيوان لبنه وصوفه الموجودان حال العقد ما لم يستثنهما . وإذا تم لم يجز الرجوع فيه . وشرطه التنجيز والدوام والاقباض وإخراجه عن نفسه . وشرط الموقوف أن يكون عينا مملوكة ينتفع بها مع بقائها ويمكن إقباضها ، ولو وقف ما لا يملكه وقف على إجازة المالك ، ووقف المشاع جائز كالمقسوم . وشرط الواقف الكمال ، ويجوز أن يجعل النظر لنفسه ولغيره ، فإن أطلق فالنظر في الوقف العام إلى الحاكم ، وفي غيره إلى الموقوف عليهم . وشرط الموقوف عليه وجوده وصحة تملكه وإباحة الوقف عليه ، فلا يصح على المعدوم ابتداء ويصح تبعا ، ولا على العبد وجبرئيل . والوقف على المساجد والقناطر في الحقيقة على المسلمين إذ


[ 89 ]

هو مصروف إلى مصالحهم ، ولا على الزناة والعصاة . والمسلمون من صلى إلى القبلة إلا الخوارج والغلاة ، والشيعة من بايع عليا وقدمه ، والامامية الاثني عشرية ، والهاشمية من ولده هاشم بأبيه ، وكذا كل قبيلة . وإطلاق الوقف يقتضي التسوية ولو فضل لزم . وهنا مسائل : نفقة العبد الموقوف والحيوان على الموقوف عليهم ولو عمي العبد أو جذم انعتق وبطل الوقف وسقطت النفقة . الثانية : لو وقف في سبيل الله انصرف إلى كل قربة ، وكذا سبيل الخير وسبيل الثواب . الثالثة : إذا وقف على أولاده اشترك أولاد البنين والبنات بالسوية إلا أن يفضل ، ولو قال على من انتسب إلي ، لم يدخل أولاد البنات . الرابعة : إذا وقف مسجدا لم ينفك وقفه بخراب القرية ، وإذا وقف على الفقراء والعلوية انصرف إلى من في بلد الواقف منهم ومن حضرهم . الخامسة : إذا آجر البطن الأول الوقف ثم انقرضوا تبين بطلان الإجارة في المدة الباقية فيرجع المستأجر على ورثة الآجر إن كان قد قبض الأجرة وخلف تركة . * * *


[ 90 ]

( 13 ) كتاب العطية وهي أربعة : الأول : الصدقة ، وهي عقد يفتقر إلى إيجاب وقبول وقبض بإذن الموجب ، ومن شرطها القربة فلا يجوز الرجوع فيها بعد القبض ، ومفروضها محرم على بني هاشم من غيرهم إلا مع قصور خمسهم ، وتجوز الصدقة على الذمي لا الحربي ، وصدقة السر أفضل إلا أن يتهم بالترك . الثاني : الهبة ، وتسمى نحلة وعطية ، وتفتقر إلى الايجاب والقبول والقبض بإذن الواهب ، ولو وهبه ما بيده لم يفتقر إلى قبض جديد ولا إذن ولا مضي زمان ، وكذا إذا وهب الولي الصبي ما في يد الولي كفى الايجاب والقبول . ولا يشترط في الابراء القبول ولا في الهبة القربة ، ويكره تفضيل بعض الولد على بعض . ويصح الرجوع في الهبة بعد الاقباض ما لم يتصرف أو يعوض أو يكون رحما ، ولو عابت لم يرجع بالأرش على الموهوب ، ولو زادت زيادة متصلة فللواهب والمنفصلة للموهوب له . ولو وهب أو وقف أو تصدق في مرض موته فهي من الثلث إلا


[ 91 ]

أن يجيز الوارث . الثالث ، السكنى ، ولا فيها من إيجاب وقبول وقبض . فإن اقتت بأمد أو عمر أحدهما لزمت وإلا جاز له الرجوع فيها ، وإن مات أحدهما بطلت ، ويعبر عنها بالعمرى والرقبى . وكلما صح وقفه صح إعماره ، وإطلاق السكنى تقتضي سكناه ومن جرت عادته به ، وليس أن يؤجرها ولا أن يسكن غيره إلا بإذن المسكن . الرابع ، التحبيس وحكمه حكم السكنى في اعتبار العقد والقبض والتقييد بمدة . وإذا حبس عبده أو فرسه في سبيل الله أو على زيد لزم ذلك ما دامت العين باقية ، وكذا حبس عبده أو أمته على خدمة الكعبة أو مشهد أو مسجد ، ولو حبس على رجل ولم يعين وقتا ومات الحابس كان ميراثا . * * *


[ 92 ]

( 14 ) كتاب المتاجر وفيه فصول ، الأول : ينقسم موضوع التجارة إلى محرم ومكروه ومباح : فالمحرم : الأعيان النجسة ، كالخمر والنبيذ والفقاع والمائع النجس غير القابل للطهارة إلا الدهن للوضوء تحت السماء ، والميتة والدم وأوراث وأبوال غير المأكول والخنزير والكلب إلا كلب الصيد والماشية والزرع والحائط ، وآلات اللهو والصنم والصليب ، وآلات القمار كالنرد والشطرنج والبقيرى ، وبيع السلاح لاعداء الدين ، وإجارة المساكن والحمولة للمحرم ، وبيع العنب والتمر ليعمل مسكرا والخشب ليعمل صنما ، ويكره بيعه لمن يعمله . ويحرم عمل الصور المجسمة والغناء ومعونة الظالمين بالظلم والنوح بالباطل وهجاء المؤمنين والغيبة وحفظ كتب الضلال ونسخها ودرسها لغير نقض أو الحجة أو التقية ، وتعلم السحر والكهانة والقيافة والشعبذة وتعليمها ، والقمار والغش الخفي ، وتدليس الماشطة وتزيين كل من الرجل والمرأة بما يحرم عليه ، والأجرة على تغسيل الموتى وتكفينهم ودفنهم والصلاة عليهم ، والأجرة على الأفعال الخالية


[ 93 ]

من غرض حكمي كالعبث ، والأجرة على الزنا ورشا القاضي ، والأجرة على الأذان والإقامة والقضاء ، ويجوز الرزق من بيت المال والأجرة على تعليم الواجب من التكاليف . وأما المكروه ، فكالصرف وبيع الاكفان والرقيق واحتكار الطعام والذباحة والنساجة والحجامة وضراب الفحل ، وكسب الصبيان ومن لا يجتنب المحرم . والمباح : ما خلا عن وجه رجحان . ثم التجارة تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة . الفصل الثاني ، في عقد البيع وآدابه وهو الايجاب والقبول الدالان على نقل الملك بعوض معلوم فلا تكفي المعاطاة ، نعم يباح التصرف ويجوز الرجوع مع بقاء العين ، ويشترط وقوعهما بلفظ الماضي كبعت واشتريت وملكت ، ويكفي الإشارة مع العجز . ولا يشترط تقديم الايجاب على القبول وإن كان أحسن . ويشترط في المتعاقدين الكمال والاختيار إلا أن يرضى المكره بعد زوال الكراهة ، والقصد فلو أوقعه الغافل أو النائم أو الهازل لغى ، ويشترط في اللزوم الملك أو إجازة المالك وهي كاشفة عن صحة العقد فالنماء المتخلل للمشتري ونماء الثمن المعين للبائع . ولا يكفي في الاجازة السكوت عند العقد أو عند عرضها عليه ، ويكفي أجزت أو أنفذت أو أمضيت أو رضيت وشبهه ، فإن لم يجز انتزعه من المشتري ، ولو تصرف فيه بماله أجرة رجع بها عليه ،


[ 94 ]

ولو نما كان لمالكه ، ويرجع المشتري على البائع بالثمن إن كان باقيا ، عالما كان أو جاهلا ، وإن تلف قيل لا رجوع مع العلم ، وهو بعيد مع توقع الاجازة ، ويرجع بما اغترم إن كان جاهلا . ولو باع المملوك مع ملكه ولم يجز المالك صح في ملكه وتخير المشتري مع جهله ، فإن رضي صح في المملوك بحصته من الثمن بعد تقويمهما جميعا ثم تقويم أحدهما ، وكذا لو باع ما يملك وما لا يملك كالعبد مع الحر والخنزير مع الشاة ويقوم الحر لو كان عبدا ، والخنزير عند مستحليه . وكما يصح العقد من المالك يصح من القائم مقامه وهم ستة : الأب والجد والوصي والوكيل والحاكم وأمينه ، وبحكم الحاكم المقاص ويجوز للجميع تولي طرفي العقد إلا الوكيل والمقاص ، ولو استأذن الوكيل جاز ، ويشترط كون المشتري مسلما إذا ابتاع مصحفا أو مسلما إلا فيمن ينعتق عليه . وهنا مسائل : يشترط كون المبيع مما يملكه ، فلا يصح بيع الحر وما لا نفع فيه غالبا كالحشرات وفضلات الانسان إلا لبن المرأة والمباحات قبل الحيازة ، ولا الأرض المفتوحة عنوة إلا تبعا لآثار المتصرف ، والأقرب عدم جواز بيع رباع مكة زادها الله شرفا لنقل الشيخ في الخلاف الاجماع ، إن قلنا إنها فتحت عنوة . الثانية : يشترط أن يكون مقدورا على تسليمه ، فلو باع الحمام الطائر لم يصح إلا أن تقضي العادة بعوده ، ولو باع الآبق صح مع الضميمة ، فإن وجده وإلا كان الثمن بإزاء الضميمة ، ولا خيار للمشتري مع


[ 95 ]

العلم بإباقه ، ولو قدر المشتري على تحصيله فالأقرب عدم اشتراط الضميمة وعدم لحوق أحكامها لو ضم . أما الضال والمجحود فيصح البيع ويراعى بإمكان التسليم فإن تعذر فسخ المشتري إن شاء ، وفي احتياج العبد الآبق المجعول ثمنا إلى الضميمة احتمال ولعله الأقرب وحينئذ يجوز أن يكون أحدهما ثمنا والآخر مثمنا مع الضميمتين ، ولا يكفي ضم آبق آخر إليه ، ولو تعددت العبيد كفت ضميمة واحدة . الثالثة : يشترط أن يكون طلقا ، فلا يصح بيع الوقف ولو أدى بقاؤه إلى خرابه لخلف بين أربابه فالمشهور الجواز ، ولا بيع المستولدة ما دام الولد حيا إلا في ثمانية مواضع : أحدها في ثمن رقبتها مع إعسار مولاها سواء كان حيا أو ميتا ، وثانيها إذا جنت على غير المولى ، وثالثها إذا عجز عن نفقتها ، ورابعها إذا مات قريبها ولا وارث له سواها ، وخامسها إذا كان علوقها بعد الارتهان ، وسادسها إذا كان علوقها بعد الافلاس ، وسابعها إذا مات مولاها ولم يخلف سواها وعليه دين مستغرق وإن لم يكن ثمنا لها ، وثامنها بيعها على من تنعتق عليه فإنه في قوة العتق ، وفي جواز بيعها بشرط العتق نظر أقربه الجواز . الرابعة : لو جنى العبد خطأ لم يمنع من بيعه ، ولو جنى عمدا فالأقرب أنه موقوف على رضى المجني عليه أو وليه . الخامسة : يشترط علم الثمن قدرا وجنسا ووصفا ، فلا يصح البيع بحكم أحد المتعاقدين أو أجنبي ، ولا بثمن مجهول القدر وإن


[ 96 ]

شوهد ، ولا مجهول الصفة ، ولا مجهول الجنس وإن علم قدره ، فإن قبض المشتري المبيع والحالة هذه كان مضمونا عليه إن تلف . السادسة : إذا كان العوضان من المكيل أو الموزون أو المعدود فلا بد من اعتبارهما بالمعتاد ، ولو باع المعدود وزنا صح ، ولو باع الموزون كيلا أو بالعكس أمكن الصحة فيهما وتحتمل صحة العكس لا الطرد ، لأن الوزن أصل الكيل ، ولو شق العد اعتبر مكيال ونسب الباقي إليه . السابعة : يجوز ابتياع جزء معلوم النسبة مشاعا تساوت أجزاؤه أو اختلفت إذا كان الأصل معلوما ، فيصح بيع نصف الصبرة المعلومة والشياه المعلومة ، ولو باع شاة غير معلومة من قطيع بطل ، ولو باع قفيزا من صبرة صح ، وإن لم يعلم كمية الصبرة فإن نقصت تخير المشتري بين الأخذ بالحصة وبين الفسخ . الثامنة : تكفي المشاهدة عن الوصف ، ولو غاب وقت الابتياع فإن الظهر المخالفة تخير المغبون ، ولو اختلفا في التغير قدم قول المشتري بيمينه . التاسعة : يعتبر ما يراد طعمه وريحه ولو اشتراه بناء على الأصل جاز ، فإن خرج معيبا تخير المشتري بين الرد والأرش ، ويتعين الأرش لو تصرف فيه ، وإن كان أعمى وأبلغ في الجواز ما يفسد باختباره كالبطيخ والجوز والبيض فإن ظهر فاسدا رجع بأرشه ، ولو لم يكن لمكسوره قيمة رجع بالثمن . وهل يكون العقد مفسوخا من أصله أو يطرأ عليه الفسخ نظر ، فالفائدة في مؤونة نقله عن الموضع .


[ 97 ]

العاشرة : يجوز بيع المسك في فأره وإن لم يفتق ، وفتقه بأن يدخل فيه خيط ويشم أحوط . الحادية عشرة : لا يجوز بيع سمك الآجام مع ضميمة القصب أو غيره ، ولا اللبن في الضرع كذلك ، ولا الجلود والأصواف على الانعام إلا أن يكون الصوف مستجزا أو يشترط جزه فالأقرب الصحة . الثانية عشرة : يجوز بيع دود القز ونفس القز وإن كان الدود فيه ، لأنه كالنوى في التمر . الثالثة عشرة : إذا كان المبيع في ظرف أسقط ما جرت العادة به للظرف ، ولو باعه مع الظرف فالأقرب الجواز . القول في الآداب ، وهي أربعة وعشرون : ا : النفقة فيما يتولاه ويكفي التقليد . ب : التسوية بين المعاملين في الانصاف . ج : إقالة النادم إذا تفرقا من المجلس أو شرط عدم الخيار ، وهل تشرع الاقالة في زمان الخيار الأقرب نعم ، ولا تكاد تتحقق الفائدة إلا إذا قلنا هي بيع ، أو قلنا أن الاقالة من ذي الخيار إسقاط الخيار . ويحتمل سقوط خياره بنفس طلبها مع علمه بالحكم . د : عدم تزيين المتاع . ه‍ : ذكر العيب إن كان .


[ 98 ]

و : ترك الحلف على البيع والشراء . ز : المسامحة فيهما وخصوصا في شراء آلات الطاعات . ح : تكبير المشتري وتشهده الشهادتين بعد الشراء . ط : أن يقبض ناقصا ويدفع راجحا نقصانا ورجحانا لا يؤدي إلى الجهالة . ي : أن لا يمدح سلعته ولا يذم سلعة صاحبه ، ولو ذم سلعة نفسه بما لا يشتمل على الكذب فلا بأس . يا : ترك الربح على المؤمنين إلا مع الحاجة فيأخذ منهم نفقة يوم موزعة على المعاملين . يب : ترك الربح على الموعود بالاحسان . يج : ترك السبق إلى السوق ، والتأخر فيه . يد : ترك معاملة الادنين والمحارفين والمؤوفين والأكراد وأهل الذمة وذوي الشبهة في المال . يه : ترك التعرض للكيل والوزن إذا لم يحسن . يو : ترك الزيادة في السلعة وقت النداء . يز : ترك السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . يح : ترك دخول المؤمن في سوم أخيه بيعا أو شراء بعد التراضي أو قربه ، ولو كان السوم بين اثنين لم يجعل نفسه بدلا من أحدهما ، ولا كراهية فيما يكون في الدلالة ، وفي كراهية طلب المشتري من بعض الطالبين الترك له نظر ، ولا كراهية في ترك الملتمس منه . يط : ترك توكل حاضر لباد .


[ 99 ]

كي : ترك التلقي ، وحدة أربعة فراسخ إذا قصد مع جهل البائع أو المشتري بالسعر ، وترك شراء ما يتلقى ، ولا خيار إلا مع الغبن . كا : ترك الحكرة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والزيت والملح ، ولو لم يوجد غيره وجب البيع وسعر عليه إن أجحف ، وإلا فلا . كب : ترك الربا في المعدود على الأقوى ، وكذا في النسيئة مع اختلاف الجنس . كج : ترك نسبة الربح والوضيعة إلى رأس المال . كه : ترك بيع ما لم يقبض مما يكال أو يوزن . الفصل الثالث ، في بيع الحيوان والاناسي تملك بالسبي مع الكفر الاصلي ويسري الرق وإن أسلموا بعد ما لم يعرض سبب محرر ، والملقوط في دار الحرب رق إذا لم يكن فيها مسلم ، بخلاف دار الاسلام ، إلا أن يبلغ ويقر على نفسه بالرق ، والمسبي حال الغيبة يجوز تملكه ولا خمس فيه رخصة . ولا يستقر للرجل ملك الأصول والفروع والإناث المحرمات نسبا ورضاعا ، ولا للمرأة ملك العمودين ، ولا تمنع الزوجية من الشراء ، فتبطل ، والحمل يدخل مع الشرط ولو شرط فسقط قبل القبض رجع بنسبته بأن تقوم حاملا ومجهضا . ويجوز ابتياع جزء مشاع من الحيوان لا معين ، ويجوز النظر


[ 100 ]

إلى وجه المملوكة إذا أراد شراءها وإلى محاسنها ، ويستحب تغيير اسم المملوك عند شرائه والصدقة عنه بأربعة دراهم وإطعامه حلوا ، ويكره وطء المولودة من الزنا بالملك أو بالعقد . والعبد لا يملك فلو اشتراه ومعه مال فللبائع إلا بالشرط فيراعى فيه شروط المبيع ، ولو جعل العبد جعلا على شرائه لم يلزم . ويجب استبراء الأمة قبل بيعها بحيضة أو مضي خمسة وأربعين يوما ممن لا تحيض وهي في سن الحيض ، ويجب على المشتري أيضا استبراؤها إلا أن يخبره الثقة بالاستبراء ، أو تكون لامرأة أو تكون يائسة ، واستبراء الحامل بوضع الحمل فلا يحرم في مدة الاستبراء غير الوطء ، ويكره التفرقة بين الطفل والأم قبل سبع سنين ، والتحريم أحوط . وهنا مسائل : لو حدث في الحيوان عيب قبل القبض فللمشتري الرد والأرش ، وكذا في زمن الخيار ، وكذا غير الحيوان . الثانية : لو حدث عيب من غير جهة المشتري في زمن الخيار فله الرد بأصل الخيار ، والأقرب جواز الرد بالعيب أيضا ، وتظهر الفائدة لو أسقط الخيار الاصلي والمشترط ، وقال الفاضل نجم الدين أبو القاسم في الدرس : لا يرد إلا بالخيار ، وهو ينافي حكمه في الشرائع بأن الحدث في الثلاثة من المال البائع مع حكمه بعدم الأرش فيه .


[ 101 ]

الثالثة : لو ظهرت الأمة مستحقة فأغرم الواطئ العشر أو نصفه أو مهر المثل والأجرة ، وقيمة الولد يرجع بها على البائع من جهله . الرابعة : لو اختلف مولى مأذون في عبد أعتقه المأذون عن الغير ولا بينة حلف المولى ، ولا فرق بين كونه أبا للمأذون أو لا ، ولا بين دعوى مولى الأب شراؤه من ماله وعدمه ، ولا بين استئجاره على حج وعدمه . الخامسة : لو تنازع المأذونان بعد شراء كل منهما صاحبه في السبق ولا بينة قيل يقرع ، وقيل تمسح الطريق . ولو أجيز عقدهما فلا إشكال ، ولو تقدم العقد من أحدهما صح خاصة إلا مع إجازة الآخر . السادسة : الأمة المسروقة من أرض الصلح لا يجوز شراؤها ، فلو اشتراها جاهلا ردها واستعاد ثمنها ، ولو لم يوجد الثمن ضاع ، وقيل تسعى فيه . السابعة : لا يجوز بيع عبد من عبدين ولا عبيد ، ويجوز شراؤه موصوفا سلما والأقرب جوازه حالا ، فلو دفع إليه عبدين للتخير فأبق أحدهما بقي على ضمان المقبوض بالسوم ، والمروي انحصار حقه فيهما ، وعدم ضمانه على المشتري فيفسخ نصف المبيع ويرجع بنصف الثمن على البائع ، ويكون الباقي بينهما ، إلا أن يجد الآبق يوما فيتخير ، وفي انسحابه في الزيادة على اثنين إن قلنا به تردد ، وكذا لو


[ 102 ]

كان المبيع غير عبد كأمة ، بل أية عين كانت . الفصل الرابع ، في الثمار : ولا يجوز بيع الثمرة قبل ظهورها عاما ولا أزيد على الأصح ، ويجوز بعد بدء صلاحها ، وفي جواز قبله بعد الظهور خلاف أقربه الكراهية ، وتزول بالضميمة أو بشرط القطع أو بيعها مع الأصول . وبدء الصلاح احمرار التمر أو اصفراره وانعقاد ثمرة غيره وإن كانت في كمام . ويجوز بيع الخضر بعد انعقادها لقطة ولقطات معينة ، كما يجوز شراء الثمرة الظاهرة وما يتجدد في تلك السنة أو في غيرها ، ويرجع في اللقطة إلى العرف ، ولو امتزجت الثانية تخير المشتري بين الفسخ والشركة ، ولو اختار الامضاء فهل للبائع الفسخ لعيب الشركة نظر ، أقربه ذلك إذا لم يكن تأخر القطع بسببه ، وحينئذ لو كان الاختلاط بتفريط المشتري مع تمكين البائع وقبض المشتري أمكن عدم الخيار ، ولو قيل بأن الاختلاط إن كان قبل القبض تخير المشتري وإن كان بعده فلا خيار لأحدهما ، كان قويا . وكذا يجوز بيع ما يخرط كالحناء والتوت خرطة وخرطات ، وما يجز كالرطبة والبقل جزة وجزات . ولا تدخل الثمرة في بيع الأصول إلا في النخل بشرط عدم التأبير ، ويجوز استثناء ثمرة شجرة معينة أو شجرات ، وجزء مشاع وأرطال معلومة ، وفي هذين يسقط في الثنيا لو خاست الثمرة بخلاف


[ 103 ]

المعين . مسائل : لا يجوز بيع الثمرة بجنسها على أصولها نخلا كان أو غيره ، وتسمى في النخل مزابنة ، ولا السنبل بحب منه أو من غيره من جنسه وتسمى محاقلة ، إلا العرية بخرصها تمرا من غيرها . الثانية : يجوز بيع الزرع قائما وحصيدا وقصيلا ، فلو لم يقصله المشتري فللبائع قصله ، وله المطالبة بأجرة أرضه . الثالثة : يجوز أن يتقبل أحد الشريكين بحصة صاحبه من الثمرة ولا يكون بيعا ، ويلزم بشرط السلامة . الرابعة : يجوز الأكل مما يمر به من ثمرة النخل والفواكه والزرع بشرط عدم القصد وعدم الافساد ، ولا يجوز أن يحمل ، وتركه بالكلية أولى . الفصل الخامس ، في الصرف : وهو بيع الأثمان بمثلها ، ويشترط فيه التقابض في المجلس أو اصطحابهما إلى القبض أو رضاه بما في ذمته قبضا بوكالته في القبض فيما إذا اشترى بما في ذمته نقدا آخر . ولو قبض البعض صح فيه وتخير إذا لم يكن من أحدهما تفريط ، ولا بد من قبض الوكيل في مجلس العقد قبل تفرق المتعاقدين ، ولو كان وكيلا في الصرف فالمعتبر مفارقته ، ولا يجوز التفاضل في الجنس الواحد وإن كان أحدهما


[ 104 ]

مكسورا أو رديئا . وتراب معدن أحدهما يباع بالآخر أو بجنس غيرهما ، وترابهما يباعان بهما ، ولا عبرة باليسير من الذهب في النحاس واليسير من الفضة في الرصاص ، فلا يمنع من صحة البيع بذلك الجنس . وقيل : يجوز اشتراط صياغة خاتم في شراء درهم بدرهم للرواية ، وهي غير صريحة في المطلوب مع مخالفتها الأصل . والأواني المصوغة من النقدين إذا بيعت بهما جاز ، وإن بيعت بأحدهما اشترط زيادته على جنسه ، وتكفي غلبة الظن ، وحلية السيف والمركب يعتبر فيهما العلم إن أريد بيعهما بجنسهما ، فإن تعذر كفى الظن الغالب بزيادة الثمن عليها ، ولو باعه بنصف دينار فشق إلا أن يراد صحيح عرفا أو نطقا ، وكذا نصف درهم . وحكم تراب الذهب والفضة عند الصياغة حكم المعدن ، وتجب الصدقة به مع جهل أربابه ، والأقرب الضمان لو ظهروا ولم يرضوا بها ، ولو كان بعضهم معلوما وجب الخروج من حقه . خاتمة : الدراهم والدنانير يتعينان بالتعيين في الصرف وغيره ، فلو ظهر عيب في المعين من غير جنسه بطل فيه ، فإن كان بإزائه مجانس بطل البيع من أصله كدراهم بدراهم ، وإن كان مخالفا صح في السليم وما قابله . ويجوز الفسخ مع الجهل ، ولو كان العيب من الجنس وكان بإزائه مجانس فله الرد بغير أرش ، وفي المخالف إن كان صرفا فله الأرش في المجلس والرد ، وبعد التفرق له الرد ، ولا يجوز أخذ الأرش من النقدين ، ولو أخذ من غيرهما قيل جاز ، ولو كان غير صرف فلا شك في جواز الرد والأرش مطلقا ، ولو كانا غير معينين فله الابدال


[ 105 ]

ما داما في المجلس في الصرف ، وفي غيره وإن تفرقا . الفصل السادس ، في السلف : وينعقد بقوله أسلمت إليك ، أو أسلفتك كذا في كذا إلى كذا ، ويقبل المخاطب . ويشترط فيه ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة الذي يختلف لاجله الثمن اختلافا ظاهرا ولا يبلغ في الغاية . واشتراط الجيد والردئ جائز والأجود والاردأ ممتنع . وكل ما لا يضبط وصفه يمتنع السلم فيه كاللحم والخبز والنبل المنحوت والجلود والجواهر واللآلئ الكبار لتعذر ضبطها وتفاوت الثمن فيها ، ويجوز في الحبوب والفواكه والخضر والشحم والطيب والحيوان كله حتى في شاة لبون ، ويلزم تسليم شاة يمكن أن تحلب في مقارن زمان التسليم ، ولا يشترط أن يكون اللبن حاصلا بالفعل حينئذ ، فلو احتلبها وتسلمها اجتزأت ، أما الجارية الحامل أو ذات الولد والشاة كذلك فالأقرب المنع . ولا بد من قبض الثمن قبل التفرق ، أو المحاسبة من دين عليه إذا لم يشترط ذلك في العقد ، فلو شرطه بطل لأنه بيع دين بدين وتقديره بالكيل أو الوزن المعلومين ، أو بالعدد مع قلة التفاوت وتعين الأجل المحروس من التفاوت ، والأقرب جوازه حالا مع عموم الوجود عند العقد ، ولا بد من كونه عام الوجود عند رأس الأجل إذا شرط الأجل ، والشهور تحمل على الهلالية ، ولو شرط تأجيل بعض الثمن بطل في الجميع ، ولو شرط موضع التسليم لزم ، وإلا اقتضى


[ 106 ]

موضع العقد ويجوز اشتراط السائغ في العقد وبيعه بعد حلوله على الغريم وغيره على كراهية ، وإذا دفع فوق الصفة وجب القبول ودونها لا يجب ، ولو رضي به لزم ، ولو انقطع عند الحلول تخير بين الفسخ والصبر . الفصل السابع ، في أقسام البيع بالنسبة إلى الأخبار بالثمن وعدمه وهو أربعة ، أحدها : المساومة . وثانيها : المرابحة ويشترط فيها العلم بقدر الثمن والربح ، ويجب على البائع الصدق ، فإن لم يحدث فيه زيادة قال اشتريته أو هو علي أو تقوم ، وإن زاد بفعله أخبر ، وباستئجاره ضمه فيقول تقوم علي ، لا اشتريت ، إلا أن يقول : أو استأجرت بكذا ، وإن طرأ عيب وجب ذكره ، وإن أخذ أرشا أسقطه ، ولا يقوم أبعاض الجملة . ولو ظهر كذبه أو غلطه تخير المشتري ، ولا يجوز الإخبار بما اشتراه من غلامه أو ولده حيلة ، لأنه خديعة ، نعم لو اشتراه ابتداء من غير سابقة بيع عليهما جاز ، ولا الإخبار بما قوم عليه التاجر ، والثمن له وللدلال الأجرة . وثالثها : المواضعة وهي كالمرابحة في الأحكام إلا أنها بنقيصة معلومة .


[ 107 ]

ورابعها : التولية وهي الاعطاء برأس المال ، والتشريك جائز وهو أن يقول شركتك بنصفه بنسبة ما اشتريت ، مع علمهما ، وهي في الحقيقة بيع الجزء المشاع برأس المال . الفصل الثامن ، في الربا ومورده المتجانسان إذا قدرا بالكيل أو الوزن وزاد أحدهما ، والدرهم منه أعظم من سبعين زنية ، وضابط الجنس ما دخل تحت اللفظ الخاص ، فالتمر جنس ، والزيت جنس ، والحنطة والشعير جنس في المشهور ، واللحوم تابعة للحيوان . ولا ربا في المعدود ، ولا بين الوالد وولده ، ولا بين الزوج وزوجته ، ولا بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الفضل ، ويثبت بينه وبين الذمي ، ولا في القسمة ، ولا يضر عقد التبن والزوان اليسير ويتخلص منه بالضميمة ، ويجوز بيع مدعجوة ودرهم بمدين أو درهمين وبمدين ودرهمين وأمداد ودراهم ويصرف كل إلى مخالفه ، بأن تبيعه بالمماثل ويهبه الزائد من غير شرط ، أو يقرض كل منهما صاحبه ويتبارءا . ولا يجوز بيع الرطب بالتمر ، وكذا كل ما ينقص مع الجفاف ، ومع اختلاف الجنس يجوز التفاضل نقدا ونسيئة ، ولا عبرة بالاجزاء المائية في الخبز والخل والدقيق إلا أن يظهر ذلك للحس ظهورا بينا . ولا يباع اللحم بالحيوان مع التماثل ويجوز مع الاختلاف . * * *


[ 108 ]

الفصل التاسع ، في الخيار وهو أربعة عشر : أ : خيار المجلس ، وهو مختص بالبيع ولا يزول بالحائل ولا بمفارقة المجلس مصطحبين ، ويسقط باشتراط سقوطه في العقد وبإسقاطه بعده وبمفارقة أحدهما صاحبه ، ولو التزم به أحدهما سقط خياره خاصة ، ولو فسخ أحدهما وأجاز الآخر قدم الفاسخ وكذا في كل خيار مشترك ، ولو خيره فسكت فخيارهما باق . ب : خيار الحيوان ، وهو ثابت للمشتري خاصة ثلاثة أيام مبدؤها من حين العقد ، ويسقط باشتراط سقوطه أو إسقاطه بعد أو تصرفه . ج : خيار الشرط ، وهو بحسب الشرط إذا كان الأجل ( الأصل خ . ل . ) مضبوطا ، ويجوز اشتراطه لأحدهما ولكل منهما ولاجنبي عنهما أو عن أحدهما ، واشتراط المؤامرة ، فإن قال المستأجر فسخت أو أجزت فذاك ، وإن سكت فالأقرب اللزوم فلا يلزم الاختيار ، وكذا من جعل له الخيار . ويجب اشتراط مدة للمؤامرة . د : خيار التأخير عن ثلاثة أيام ، في من باع ولا قبض ولا قبض ولا شرط التأخير ، وقبض البعض كلا قبض . وتلفه من البائع مطلقا . ه‍ : خيار ما يفسد ليومه ، وهو ثابت بعد دخول الليل . و : خيار الرؤية ، وهو ثابت لمن لم ير إذا زاد في طرف البائع أو نقص في طرف المشتري ، ولا بد فيه من ذكر الجنس والوصف


[ 109 ]

والإشارة إلى معين به ، ولو رأى البعض ووصف الباقي تخير في الجميع مع عدم المطابقة . ز : خيار الغبن ، وهو ثابت مع الجهالة إذا كان بما لا يتغابن به غالبا ، ولا يسقط بالتصرف إلا أن يكون المغبون المشتري وقد أخرجه عن ملكه ، وفيه نظر للضرر مع الجهل فيمكن الفسخ وإلزامه بالقيمة أو المثل ، وكذا لو تلفت أو استولد الأمة . ح : خيار العيب ، وهو كل ما زاد عن الخلقة الأصلية أو نقص عينا كان كالاصبع أو صفة كالحمى ولو يوما فللمشتري الخيار مع الجهل بين الرد والأرش وهو مثل نسبة التفاوت بين القيمتين من الثمن ، ولو تعددت القيم أخذت قيمة واحدة متساوية النسبة إلى الجميع ، فمن القيمتين نصفهما ومن الخمس خمسها ، ويسقط الرد بالتصرف أو حدوث عيب بعد القبض ، ويبقى الأرش ويسقطان بالعلم به قبل العقد وبالرضا به بعده وبالبراءة من العيوب ولو إجمالا ، والاباق وعدم الحيض عيب وكذا الثفل في الزيت غير المعتاد . ط : خيار التدليس ، فلو شرط صفة كمال كالبكارة أو توهمها كتحمير الوجه ووصل الشعر فظهر الخلاف تخير ولا أرش ، وكذا التصرية للشاة والبقرة والناقة بعد اختبارها ثلاثة أيام ، ويرد معها اللبن حتى المتجدد أو مثله لو تلف . ي : خيار الاشتراط ، ويصح اشتراط سائغ في العقد إذا لم يؤد إلى جهالة في أحد العوضين أو يمنع منه الكتاب والسنة ، كما لو شرط تأخير المبيع أو الثمن ما شاء أو عدم وطء الأمة أو وطء البائع إياها ،


[ 110 ]

وكذا يبطل باشتراط غير المقدور كاشتراط حمل الدابة فيما بعد ، أو أن الزرع يبلغ السنبل ، ولو شرط تبقية الزرع إلى أوان السنبل جاز ، ولو شرط غير السائغ بطل وأبطل ، ولو شرط عتق المملوك جاز فإن أعتقه وإلا تخير البائع ، وكذا كل شرط لم يسلم لمشترطه فإنه يفيد تخيره ، ولا يجب على المشترط عليه فعله وإنما فائدته جعل البيع عرضة للزوال عند عدم سلامة الشرط ، ولزومه عند الاتيان به . يا : خيار الشركة ، سواء قارنت العقد كما لو اشترى شيئا فظهر بعضه مستحقا ، أو تأخرت بعده إلى قبل القبض كما لو امتزج بغيره بحيث لا يتميز ، وقد يسمى هذا عيبا مجازا . يب : خيار تعذر التسليم ، فلو اشترى شيئا ظنا إمكان تسليمه ثم عجز بعد تخير المشتري . يج : خيار تبعيض الصفقة ، كما لو اشترى سلعتين فتستحق إحداهما . يد : خيار التفليس . الفصل العاشر ، في الأحكام وهي خمسة : الأول النقد والنسيئة : إطلاق البيع يقتضي كون الثمن حالا ، وإن شرط تعجيله أكده ، فإن وقت التعجيل تخير لو لم يحصل في الوقت ، وإن شرط التأجيل اعتبر ضبط الأجل ، فلا يناط بما يحتمل الزيادة والنقصان كمقدم الحاج ، ولا بالمشترك كنفيرهم وشهر ربيع ، وقيل يحمل على الأول . ولو جعل الحال ثمنا والمؤجل


[ 111 ]

أزيد منه أو فاوت بين الأجلين بطل ، ولو أجل البعض المعين صح ، ولو اشتراه البائع نسيئة صح قبل الأجل وبعده بجنس الثمن وغيره بزيادة ونقصان ، إلا أن يشترط في بيعه ذلك فيبطل ، ويجب قبض الثمن لو دفعه إلى البائع في الأجل لا قبله ، فلو امتنع قبضه الحاكم فإن تعذر فهو أمانة في يد المشتري لا يضمنه لو تلف بغير تفريطه ، وكذا كل من امتنع من قبض حقه ، ولا حجر في زيادة الثمن ونقصانه إذا عرف المشتري القيمة إلا أن يؤدي إلى السفه ، ولا يجوز تأجيل الحال بزيادة ، ويجب ذكر الأجل في غير المساومة فيتخير المشتري بدونه للتدليس . الثاني ، في القبض : إطلاق العقد يقتضي قبض العوضين فيتقابضان معا لو تمانعا ، سواء كان الثمن عينا أو دينا ، ويجوز اشتراط تأخير إقباض المبيع مدة معينة والانتفاع به منفعة معينة والقبض في المنقول نقله ، وفي غيره التخلية ، وبه ينتقل الضمان إلى المشتري إذا لم يكن له خيار ، فلو تلف قبله فمن البائع مع أن النماء للمشتري ، وإن تلف بعضه أو تعيب تخير المشتري في الامساك مع الأرش والفسخ ، ولو غصب من يد البائع وأسرع عوده أو أمكن نزعه بسرعة فلا خيار وإلا تخير المشتري ، ولا أجرة على البائع في تلك المدة إلا أن يكون المنع منه وليكن المبيع مفرغا . ويكره بيع المكيل والموزون قبل قبضه ، وقيل يحرم إن كان طعاما . ولو ادعى المشتري نقصان المبيع حلف إن لم يكن حضر الاعتبار وإلا أحلف البائع ، ولو حول المشتري الدعوى إلى عدم


[ 112 ]

إقباض الجميع حلف ما لم يكن سبق بالدعوى الأولى . الثالث فيما يدخل في المبيع : ويراعى فيه اللغة والعرف ، ففي البستان الأرض والشجر والبناء . وفي الدار الأرض والبناء أعلاه وأسفله إلا أن يتفرد الأعلى عادة ، والابواب والاغلاق المنصوبة والاخشاب المثبتة والسلم المثبت والمفتاح ، ولا يدخل الشجر بها إلا مع الشرط أو يقول بما أغلق عليه بابها ، أو ما دار عليه حائطها . وفي النخل الطلع إذا لم يؤبر ولو أبر فالثمرة للبائع وتجب تبقيتها إلى أوان أخذها عرفا ، وطلع الفحل للبائع وكذا باقي الثمار مع الظهور ، ويجوز لكل منهما السقي إلا أن يستضرا ، ولو تقابلا في الضرر والنفع رجحنا مصلحة المشتري . وفي القرية البناء والمرافق . وفي العبد ثيابه الساترة للعورة . الرابع في اختلافهما : ففي قدر الثمن يحلف البائع مع قيام العين والمشتري مع تلفها ، وفي تعجيله وقدر الأجل وفي شرط رهن أو ضمين عن البائع يحلف البائع ، وكذا في قدر المبيع . وفي تعيين المبيع يتحالفان ، وقال الشيخ رحمه الله والقاضي رحمه الله يحلف البائع ، كالاختلاف في الثمن ، ويبطل العقد من حينه لا من أصله ، وفي شرط مفسد يقدم مدعي الصحة ، ولو اختلف الورثة نزل كل وارث منزلة مورثه . الخامس : إطلاق الكيل والوزن ينصرف إلى المعتاد ، فإن تعدد فالأغلب ، فإن تساوت ولم يعين بطل البيع . وأجرة اعتبار المبيع على البائع ، واعتبار الثمن على المشتري ، وأجرة الدلال على الآمر ، ولو


[ 113 ]

أمراه فتولى الطرفين فعليهما ، ولا يضمن إلا بتفريط فيحلف على عدمه ، فإن ثبت حلف على القيمة لو خالفه البائع . خاتمة : الاقالة فسخ في حق المتعاقدين والشفيع ، فلا تثبت بها شفعة ، ولا تسقط أجرة الدلال بها ، ولا تصح بزيادة في الثمن ولا نقيصة ، ويرجع كل عوض إلى مالكه فإن كان تالفا فمثله أو قيمته . * * *


[ 114 ]

( 15 ) كتاب الدين وهو قسمان : الأول القرض : والدرهم بثمانية عشر درهما مع أن درهم الصدقة بعشرة . والصيغة أقرضتك ، أو انتفع به أو تصرف فيه وعليك عوضه ، فيقول المقترض قبلت وشبهه . ولا يجوز اشتراط النفع فلا يفيد الملك ، حتى الصحاح عوض المكسرة خلافا لأبي الصلاح ، وإنما يصح إقراض الكامل ، وكلما تتساوى أجزاؤه يثبت في الذمة مثله ، وما لا تتساوى تثبت قيمته يوم القبض ، وبه يملك فله رد مثله وإن كره المقرض ، ولا يلزم اشتراط الأجل فيه ، وتجب نية القضاء وعزله عند وفاته والايصاء به لو كان صاحبه غائبا ، ولو يئس منه تصدق به عنه . ولا تصح قسمة الدين بل الحاصل لهما والثاوي منهما ، ويصح بيعه بحال لا بمؤجل وبزيادة ونقيصة ، إلا أن يكون ربويا ، ولا يلزم المديون أن يدفع إلى المشتري إلا ما دفع المشتري ، على رواية محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ، ومنع ابن إدريس من بيع الدين على غير المديون والمشهور الصحة . ولو باع الذمي مالا يملكه المسلم ثم قضى منه دين المسلم


[ 115 ]

صح قبضه ولو شاهده . ولا تحل الديون المؤجلة بحجر المفلس خلافا لابن الجنيد رحمه الله ، وتحمل إذا مات المديون ، ولا تحل بموت المالك ، وللمالك انتزاع السلعة في الفلس إذا لم تزد زيادة متصلة ، وقيل يجوز وإن زادت . وغرماء الميت سواء في تركته مع القصور ، ومع الوفاء لصاحب العين أخذها في المشهور ، وقال ابن الجنيد يختص بها وإن لم يكن وفاء ولو وجدت العين ناقصة بفعل المفلس ضرب بالنقص مع الغرماء مع نسبته إلى الثمن ، ولا يقبل إقراره في حال التفليس بعين ، لتعلق حق الغرماء ، ويصح بدين ويتعلق بذمته فلا يشارك المقر له ، وقوى الشيخ المشاركة . ويمنع المفلس من التصرف في أعيان أمواله ، وتباع وتقسم على الغرماء ، ولا يدخر للمؤجلة شئ ويحضر كل متاع في سوقه ، ويحبس لو ادعى الاعسار حتى يثبت ، فإذا ثبت خلي سبيله ، وعن علي عليه السلام ” إن شئتم آجروه وإن شئتم استعملوه ” وهو يدل على وجوب التكسب ، واختاره ابن حمزة رحمه الله ومنعه الشيخ وابن إدريس ، والأول أقرب . وإنما يحجر على المديون إذا قصرت أمواله عن ديونه وطلب الغرماء الحجر بشرط حلول الديون ، ولا تباع داره ولا خادمه ولا ثياب تجمله ، وظاهر ابن الجنيد بيعها واستحب للغريم تركه ، والروايات متضافرة بالأول . * * *


[ 116 ]

القسم الثاني ، دين العبد : لا يجوز له التصرف في نفسه ولا فيما بيده إلا بإذن السيد ، فلو استدان بإذنه فعلى المولى وإن أعتقه ، ويقتصر في التجارة على محل الإذن ، وليس له الاستدانة بالإذن في التجارة ، فيلزم ذمته لو تلف ، يتبع به بعد عتقه على الأقوى ، وقيل يسعى فيه . ولو أخذ المولى ما اقترضه تخير المقرض بين رجوعه على المولى وبين إتباع العبد . * * *


[ 117 ]

( 16 ) كتاب الرهن وهو وثيقة للدين . والايجاب رهنتك أو وثقتك أو هذا رهن عندك أو على مالك ، وشبهه . ويكفي الإشارة في الأخرس أو الكتابة معها فيقول المرتهن قبلت ، وشبهه . فإن ذكر أجلا اشترط ضبطه ، ويجوز اشتراط الوكالة للمرتهن وغيره والوصية له ولوارثه . وإنما يتم بالقبض على الأقوى ، فلو جن أو مات أو أغمي عليه أو رجع قبل إقباضه بطل . ولا يشترط دوام القبض فلو أعاده إلى الراهن فلا بأس ، ويقبل إقرار الراهن بالاقباض إلا أن يعلم كذبه ، فلو ادعى المواطأة فله إحلاف المرتهن ، ولو كان بيد المرتهن فهو قبض ، ولا يفتقر إلى إذن في القبض ، ولا إلى مضي زمان ، ولو كان مشاعا فلا بد من إذن الشريك في القبض أو رضاه بعده . والكلام إما في الشروط أو اللواحق ، الأول : شرط الرهن أن يكون عينا مملوكة يمكن قبضها ويصح بيعها . فلا يصح رهن المنفعة ولا الدين ، ورهن المدبر إبطال لتدبيره على الأقوى ، ولا رهن الخمر والخنزير إذا كان الراهن مسلما أو


[ 118 ]

المرتهن ، ولا رهن الحر مطلقا ، ولو رهن ما لا يملك وقف على الاجازة ، ولو استعار للرهن صح ويلزم بعقد الراهن ويضمن الراهن لو تلف أو بيع . ويصح رهن الأرض الخراجية تبعا للابنية والشجر . ولا رهن الطير في الهواء إلا إذا اعتيد عوده ، ولا السمك في الماء إلا إذا كان محصورا مشاهدا ، ولا رهن المصحف عند الكافر أو العبد المسلم إلا أن يوضعا على يد مسلم ، ولا رهن الوقف . ويصح الرهن في زمان الخيار وإن كان للبائع ، لانتقال المبيع بالعقد على الأقوى ، ويصح رهن العبد المرتد ولو عن فطرة والجاني مطلقا ، فإن عجز المولى عن فكه قدمت الجناية ، ولو رهن ما يتسارع إليه الفساد قبل الأجل فليشترط بيعه ورهن ثمنه ، ولو أطلق حمل عليه . وأما المتعاقدان فيشترط فيهما الكمال وجواز التصرف . ويصح رهن مال الطفل مع المصلحة وأخذ الرهن له كما إذا أسلف ماله مع ظهور الغبطة أو خيف على ماله من غرق أو نهب ، ولو تعذر الرهن هنا أقرض من ثقة عدل غالبا . وأما الحق فيشترط ثبوته في الذمة كالقرض ، وثمن المبيع والدية بعد استقرار الجناية ، وفي الخطأ عند الحلول على قسطه ، ومال الكتابة وإن كانت مشروطة على الأقرب ، ومال الجعالة بعد الرد لا قبله ، ولا بد من إمكان استيفاء الحق من الرهن فلا يصح على منفعة المؤجر عينه ، فلو آجره في الذمة جاز ، ويصح زيادة الدين على الرهن وزيادة الرهن على الدين .


[ 119 ]

وأما اللواحق فمسائل : إذا شرط الوكالة في الرهن لم يملك عزله ويضعف بأن المشروط في اللازم يؤثر جواز الفسخ لو أخل بالشرط لا وجوب الشرط ، فحينئذ لو فسخ الوكالة فسخ المرتهن البيع المشروط بالرهن إن كان . الثانية : يجوز للمرتهن ابتياع الرهن وهو مقدم به على الغرماء ، ولو أعوز ضرب بالباقي . الثالثة : لا يجوز لأحدهما التصرف فيه ، ولو كان له نفع أوجر ، ولو احتاج إلى مؤونة فعلى الراهن ، ولو انتفع المرتهن تقاصا . الرابعة : يجوز للمرتهن الاستقلال بالاستيفاء لو خاف جحود الوارث ، إذ القول قول الوارث مع يمينه في عدم الدين وعدم الرهن . الخامسة : لو باع أحدهما توقف على إجازة الآخر . وكذا عتق الراهن لا المرتهن ، ولو وطأها الراهن صارت مستولدة مع الاحبال وقد سبق جواز بيعها ، ولو وطأها المرتهن فهو زان ، فإن أكرهها فعليه العشر إن كانت بكرا وإلا فنصفه ، وقيل مهر المثل ، فإن طاوعت فلا شئ . السادسة : الرهن لازم من جهة الراهن حتى يخرج عن الحق فيبقى أمانة في يد المرتهن ، ولو شرط كونه مبيعا عند الأجل بطلا ، وضمنه بعد الأجل لا قبله . * * *


[ 120 ]

السابعة : يدخل النماء المتجدد في الرهن على الأقرب إلا مع شرط عدم الدخول . الثامنة : ينتقل حق الرهانة بالموت لا الوكالة والوصية إلا مع الشرط ، وللراهن الامتناع من استئمان الوارث ، وبالعكس فليتفقا على أمين ، وإلا فالحاكم . التاسعة : لا يضمنه المرتهن إلا بتعد أو تفريط فيلزم قيمته يوم تلفه على الأصح ، ولو اختلفا في القيمة حلف المرتهن . العاشرة : لو اختلفا في الحق المرهون به حلف الراهن على الأقرب ، ولو اختلفا في الرهن والوديعة حلف المالك ، ولو اختلفا في عين الرهن حلف الراهن وبطلا ، ولو كان مشروطا في عقد لازم تحالفا . الحادية عشرة : لو أدى دينا وعين به رهنا فذاك ، وإن أطلق فتخالفا في القصد حلف الدافع ، وكذا لو كان عليه دين حال فادعى الدفع عن المرهون به الثانية عشرة : لو اختلفا فيما يباع به الرهن بيع بالنقد الغالب ، فأن غلب نقدان بيع بمشابه الحق ، فإن باينهما عين الحاكم .


[ 121 ]

( 17 ) كتاب الحجر وأسبابه ستة : الصغر والجنون والرق والفلس والسفه والمرض . ويمتد حجر الصغير حتى يبلغ ويرشد بأن يصلح ماله وإن كان فاسقا ، ويختبر بما لاءمه ، ويثبت الرشد بشهادة النساء في النساء لا غير ، وبشهادة الرجال مطلقا . ولا يصح إقرار السفيه بمال ولا تصرفه في المال ، ولا يسلم عوض الخلع إليه ، ويجوز أن يتوكل لغيره في سائر العقود . ويمتد حجر المجنون حتى يفيق ، والولاية في مالهما للأب والجد فيشتركان في الولاية ، ثم الوصي ثم الحاكم ، والولاية في مال السفيه الذي لم يسبق رشده كذلك وإن سبق فللحاكم ، والعبد ممنوع مطلقا ، والمريض ممنوع مما زاد عن الثلث وإن نجز على الأقوى . ويثبت الحجر على السفيه بظهور سفهه وإن لم يحكم به الحاكم ، ولا يزول إلا بحكمه ، ولو عامله العالم بحاله استعاد ماله فإن تلف فلا ضمان ، وفي إيداعه أو إعارته أو اجارته فيتلف العين نظر ، ولا يرتفع الحجر عنه ببلوغه خمسا وعشرين سنة ، ولا يمنع من الحج


[ 122 ]

الواجب مطلقا ، ولا من المندوب إن استوت نفقته ، وينعقد يمينه ، ويكفر بالصوم ، وله العفو عن القصاص لا الدية . * * *


[ 123 ]

( 18 ) كتاب الضمان وهو التعهد بالمال من البرئ ، ويشترط كماله وحريته إلا أن يأذن المولى فيثبت في ذمة العبد ، إلا أن يشترطه من مال المولى . ولا يشترط علمه بالمستحق ولا الغريم بل تمييزهما . والايجاب : ضمنت أو تكفلت وتقبلت ، وشبهه . ولو قال مالك عندي ، أو علي ، أوما عليه فعلي ، فليس بصريح ، فيقبل المستحق وقيل يكفي رضاه فلا يشترط فورية القبول . ولا عبرة بالغريم نعم لا يرجع عليه مع عدم إذنه ، ولو أذن رجع بأقل الأمرين مما أداة ومن الحق ، ويشترط فيه الملاءة أو علم المستحق بإعساره ، ويجوز الضمان حالا ومؤجلا عن حال ومؤجل . والمال المضمون ما جاز أخذ الرهن عليه ، ولو ضمن للمشتري عهدة الثمن لزمه في كل موضع يبطل فيه البيع من رأس كالاستحقاق ، ولو ضمن درك ما يحدثه من بناء أو غرس فالأقوى جوازه ، ولو أنكر المستحق القبض فشهد عليه الغريم قبل مع عدم التهمة ، ومع عدم قبول قوله لو غرم الضامن رجع في موضع الرجوع بما أداه أولا ، ولو لم يصدقه على الدفع رجع بالأقل .


[ 124 ]

( 19 ) كتاب الحوالة وهي التعهد بالمال من المشغول بمثله ، ويشترط فيه رضاء الثلاثة فيتحول فيها المال كالضمان ولا يجب قبولها على الملئ ، ولو ظهر إعساره فسخ المحتال . ويصح ترامي الحوالة ودورها وكذا الضمان ، والحوالة بغير جنس الحق ، والحوالة بدين عليه لواحد على دين للمحيل على اثنين متكافلين . ولو أدى المحال عليه وطلب الرجوع لانكار الدين وادعاه المحيل تعارض الأصل والظاهر ، والأول أرجح فيحلف ويرجع ، سواء كان بلفظ الحوالة أو الضمان . * * *


[ 125 ]

( 20 ) كتاب الكفالة وهي التعهد بالنفس ، وتصح حالة ومؤجلة إلى أجل معلوم ، ويبرأ الكفيل بتسليمه تاما عند الأجل أو في الحلول ، ولو امتنع فللمستحق حبسه حتى يحضره أو يؤدي ما عليه ، ولو علق الكفالة بطلت ، وكذا الضمان والحوالة ، نعم لو قال إن لم أحضره إلى كذا كان علي كذا ، صحت الكفالة أبدا ولا يلزمه المال المشروط . ولو قال علي كذا إن لم أحضره ، لزمه ما شرط من المال إن لم يحضره . وتحصل الكفالة بإطلاق الغريم من المستحق قهرا ، فلو كان قاتلا لزمه إحضاره أو الدية ، ولو غاب المكفول أنظر بعد الحلول بمقدار الذهاب والاياب ، وينصرف الإطلاق إلى التسليم في موضع العقد ، ولو عين غيره لزم . ولو قال الكفيل لا حق لك حلف المستحق ، وكذا لو قال أبرأته ، فلو رد اليمين عليه برئ من الكفالة والمال بحاله ، ولو تكفل اثنان بواحد كفى تسليم أحدهما ، ولو تكفل بواحد لإثنين فلا بد من تسليمه إليهما .


[ 126 ]

ويصح التعبير بالبدن والرأس والوجه دون اليد والرجل ، وإذا مات المكفول بطلت إلا في الشهادة على عينه بإتلافه أو المعاملة . * * *


[ 127 ]

( 21 ) كتاب الصلح هو جائز مع الاقرار والانكار إلا ما أحل حراما أو حرم حلالا فيلزم بالايجاب والقبول الصادرين من الكامل الجائز التصرف . وهو أصل في نفسه ، ولا يكون طلبه إقرارا . ولو اصطلح الشريكان على أخذ أحدهما رأس المال والباقي للآخر ربح أو خسر صح عند انقضاء الشركة ، ولو شرطا بقاءهما على ذلك ففيه نظر . ويصح الصلح على كل من العين والمنفعة بمثله وجنسه ومخالفه ، ولو ظهر استحقاق العوض المعين بطل الصلح ، ولا يعتبر في الصلح على النقدين القبض في المجلس . ولو أتلف عليه ثوبا يساوي درهمين فصالح على أكثر أو أقل فالمشهور الصحة ، ولو صالح منكر الدار على سكنى المدعي فيها سنة صح ، ولو أقربها ثم صالحه على سكنى المقر صح ولا رجوع ، وعلى القول بفرعية العارية له الرجوع . ولما كان الصلح مشروعا لقطع التجاذب ذكر فيه أحكام من التنازع . ولنشر إلى بعضها في مسائل : لو كان بيدهما درهمان فادعاهما أحدهما وادعى الآخر


[ 128 ]

أحدهما فللثاني نصف درهم وللأول الباقي ، وكذا لو أودعه رجل درهمين وآخر درهما وامتزجا لا بتفريط وتلف أحدهما . الثانية : يجوز جعل السقي بالماء عوضا للصلح وموردا له ، وكذا إجراء الماء على سطحه أو ساحته ، بعد العلم بالموضع الذي يجري منه الماء . الثالثة : لو تنازع صاحب السفل والعلو في جدار البيت حلف صاحب السفل ، وفي جدران الغرفة يحلف صاحبها وكذا في سقفها ، ولو تنازعا في سقف البيت أقرع بينهما . الرابعة : إذا تنازع صاحب غرف الخان وصاحب بيوته في المسلك حلف صاحب الغرف في قدر ما يسلكه ، وحلف الآخر على الزائد ، وفي الدرجة يحلف العلوي ، وفي الخزانة تحتها يقرع . الخامسة : لو تنازع راكب الدابة وقابض لجامها حلف الراكب ، ولو تنازعا ثوبا في يد أحدهما أكثره فهما سواء ، وكذا في العبد وعليه ثياب لأحدهما ، ويرجح صاحب الحمل في دعوى البهيمة الحاملة ، وصاحب البيت في الغرفة عليه ، وإن كان بابها مفتوحا إلى الآخر . السادسة : لو تداعيا جدارا غير متصل ببناء أحدهما أو متصلا ببنائهما ، فإن حلفا أو نكلا فهو لهما ، وإلا فهو للحالف ، ولو اتصل بأحدهما حلف ، وكذا لو كان عليه جذع ، أما الخوارج والروازن فلا ترجيح بها إلا معاقد القمط في الخص .


[ 129 ]

( 22 ) كتاب الشركة وسببها قد يكون ارثا وعقدا ، وحيازة دفعة ومزجا لا يتميز . والمشترك قد يكون عينا ومنفعة وحقا . والمعتبر شركة العنان لا شركة الأعمال والوجوه والمفاوضة . ويتساويان في الربح والخسران مع تساوي المالين ، ولو اختلفا اختلف ، ولو شرطا غيرهما فالأظهر البطلان . وليس لأحد الشركاء التصرف إلا بإذن الجميع ، ويقتصر من التصرف على المأذون فإن تعدى ضمن ولكل المطالبة بالقسمة عرضا كان المال أو نقدا . والشريك أمين لا يضمن إلا بتعد أو تفريط ، ويقبل يمينه في التلف وإن كان السبب ظاهرا . وتكره مشاركة الذمي وإبضاعه وإيداعه ، ولو باع الشريكان سلعة صفقة وقبض أحدهما من ثمنها شيئا شاركه الآخر فيه ، ولو ادعى المشتري شراء شئ لنفسه أو لهما حلف . * * *


[ 130 ]

( 23 ) كتاب المضاربة وهي أن يدفع مالا إلى غيره ليعمل فيه بحصة معينة من ربحه . وهي جائزة من الطرفين ، ولا يصح اشتراط اللزوم أو الأجل فيها ، لكن يثمر المنع من التصرف بعد الأجل إلا بإذن جديد . ويقتصر من التصرف على ما أذن المالك له ، ولو أطلق تصرف بالاسترباح ، وينفق في السفر كمال نفقته من أصل المال ، وليشتر نقدا بنقد البلد بثمن المثل فما دون ، وليبع كذلك بثمن المثل فما فوقه ، وليشتر بعين المال إلا مع الإذن في الذمة ، ولو تجاوز ما حد له المالك ضمن . والربح على الشرط . وإنما تجوز بالدراهم والدنانير ، وتلزم الحصة بالشرط . والعامل أمين لا يضمن إلا بتعد أو تفريط ، ولو فسخ المالك فللعامل أجرة مثله إلى ذلك الوقت إن لم يكن ربح ، والقول قول العامل في قدر رأس المال وقدر الربح . وينبغي أن يكون رأس المال معلوما عند العقد ، وليس للعامل


[ 131 ]

أن يشتري ما فيه ضرر على المالك كمن تنعتق عليه ، ولا يشتري من رب المال شيئا ، ولو أذن في شراء أبيه صح وانعتق وللعامل الأجرة ، ولو اشترى أبا نفسه صح ، فإن ظهر فيه ربح انعتق نصيبه ويسعى المعتق في الباقي . * * *


[ 132 ]

( 24 ) كتاب الوديعة وهي استنابة في الحفظ . وتفتقر إلى إيجاب وقبول ، ولا حصر في الالفاظ الدالة عليهما ، ويكفي في القبول الفعل ، ولو طرحها عنده أو أكرهه على قبضها لم تصر وديعة فلا يجب حفظها ، ولو قبل وجب الحفظ . ولا ضمان عليه إلا بالتعدي أو التفريط ، ولو أخذت منه قهرا فلا ضمان ، ولو تمكن من الدفع وجب ما لم يؤد إلى تحمل الضرر الكثير كالجرح وأخذ المال ، نعم يجب عليه اليمين لو قنع بها الظالم فيوري . وتبطل بموت كل منهما وجنونه وإغمائه ، وتبقى أمانة شرعية لا يقبل قول الودعي في ردها إلا ببينة . ولو عين موضعا للحفظ اقتصر عليه إلا أن يخاف تلفها فيه فينقلها ولا ضمان . وتحفظ الوديعة بما جرت العادة به كالثوب والنقد في الصندوق ، والدابة في الاصطبل ، والشاة في المراح ولو استودع من طفل أو مجنون ضمن ويبرأ بالرد إلى وليهما . وتجب إعادة الوديعة على المودع ولو كان كافرا ، ويضمن لو أهمل بعد المطالبة ، أو أودعها من غير ضرورة ، أو سافر بها كذلك ، أو طرحها


[ 133 ]

في موضع تتعفن فيه أو ترك سقي الدابة أو علفها ما لا تصبر عليه عادة أو ترك نشر الثوب للريح ، أو انتفع بها أو مزجها ، ولترد إلى المالك أو وكيله ، فإن تعذر فالحاكم عند الضرورة إلى ردها . ولو أنكر الوديعة حلف ، ولو أقام بها بينة قبل حلفه ضمن ، إلا أن يكون جوابه لا يستحق عندي شيئا وشبهه ، والقول قول الودعي في القيمة لو فرط ، وإذا مات المودع سلمها إلى وارثه أو إلى من يقوم مقامه ، ولو سلمها إلى البعض ضمن للباقي ، ولا يبرأ بإعادتها إلى الحرز لو تعدى أو فرط ، ويقبل قوله بيمينه في الرد . * * *


[ 134 ]

( 25 ) كتاب العارية ولا حصر أيضا في ألفاظها ويشترط كون المعير كاملا جائز التصرف . ويجوز إعارة الصبي بإذن الولي وكون العين مما يصح الانتفاع بها مع بقائها وللمالك الرجوع فيها متى شاء إلا في الاعارة للدفن بعد الطم . وهي أمانة لا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط . وإذا استعار أرضا غرس أو زرع أو بنى ، ولو عين له جهة لم يتجاوزها ، ويجوز له بيع غروسه وأبنيته ولو على غير المالك . ولو نقصت بالاستعمال لم يضمن ، ويضمن العارية باشتراط الضمان وبكونها ذهبا أو فضة ، ولو ادعى التلف حلف ، ولو ادعى الرد حلف المالك ، وللمستعير الاستظلال بالشجر ، وكذا للمعير . ولا يجوز إعارة العين المستعارة إلا بإذن المالك ، ولو شرط سقوط الضمان في الذهب والفضة صح ، ولو شرط سقوطه مع التعدي أو التفريط احتمل الجواز ، كما لو أمره بإلقاء متاعه في البحر . ولو قال الراكب أعرتنيها ، وقال المالك آجرتكها ، حلف


[ 135 ]

الراكب وقيل المالك ، وهو أقوى . ولكن يثبت له أجرة المثل ، إلا أن تزيد على ما ادعاه من المسمى . * * *


[ 136 ]

( 26 ) كتاب المزارعة وهي معاملة على الأرض بحصة من حاصلها إلى أجل معلوم ، وعبارتها زارعتك أو عاملتك أو سلمتها إليك وشبهه ، فتقبل لفظا . وعقدها لازم . ويصح التقايل ، ولا تبطل بموت أحدهما ، ولا بد من كون النماء مشاعا تساويا فيه أو تفاضلا ، ولو شرط أحدهما على الآخر شيئا بضميمة مضافا إلى الحصة صح . ولو مضت المدة والزرع باق فعلى العامل الأجرة وللمالك قلعه . ولا بد من إمكان الانتفاع بالأرض بأن يكون لها ماء من نهر أو بئر مصنع أو تسقيها الغيوث غالبا ، ولو انقطع في جميع المدة انفسخت ، وفي الأثناء يتخير العامل ، فإن فسخ فعليه بنسبة ما سلف . وإذا أطلق المزارعة زرع ما شاء ، ولو عين لم يتجاوز . فلو زرع الاضر قيل يتخير المالك بين الفسخ فله أجرة المثل ، وبين الابقاء فله المسمى مع الأرش . ولو كان أقل ضررا جاز ، ويجوز أن يكون من أحدهما الأرض حسب ومن الآخر البذر والعمل والعوامل ، وكل


[ 137 ]

واحدة من الصور ممكنة جائزة . ولو اختلفا في المدة حلف منكر الزيادة ، وفي الحصة صاحب البذر ، ولو أقاما بينة قدمت بينة الآخر ، وقيل يقرع . وللمزارع أن يزارع غيره أو يشارك غيره ، إلا أن يشترط عليه المالك الزرع بنفسه . والخراج على المالك إلا مع الشرط ، وإذا بطلت المزارعة فالحاصل لصاحب البذر وعليه الأجرة ، ويجوز لصاحب الأرض الخرص على الزارع مع الرضا فيستقر بالسلامة ، فلو تلف فلا شئ . * * *


[ 138 ]

( 27 ) كتاب المساقاة وهي معاملة على الأصول بحصة من ثمرتها وهي لازمة من الطرفين . وإيجابها ساقيتك أو عاملتك أو سلمتها إليك أو ما أشبهه . والقبول الرضا به ، وتصح إذا بقي للعامل عمل يزيد به الثمرة ظهرت أو لا . ولا بد من كون الشجر ثابتا ينتفع بثمرته مع بقاء عينه ، وفيما له ورق كالحناء نظر . ويشترط تعيين المدة ويلزم العامل مع الإطلاق كل عمل متكرر كل سنة ، لو شرط بعضه على المالك صح لا جميعه ، وتعيين الحصة بالجزء المشاع لا المعين ، ويجوز اختلاف الحصة في الانواع إذا علماها . ويكره أن يشترط رب المال على العامل ذهبا أو فضة فلو شرط وجب بشرط سلامة الثمرة ، وكلما فسد العقد فالثمرة للمالك وعليه أجرة مثل العامل ، ولو شرط عقد مساقاة في عقد مساقاة فالأقرب الصحة . ولو تنازعا في خيانة العامل حلف ، وليس للعامل أن يساقي غيره . والخراج على المالك إلا مع الشرط ، وتملك الفائدة بظهور


[ 139 ]

الثمرة ، وتجب الزكاة على كل من بلغ نصيبه النصاب ، ولو كانت المساقاة بعد تعلق الزكاة وجوزناه فالزكاة على المالك . وأثبت السيد ابن زهرة الزكاة على المالك في المزارعة والمساقاة دون العامل . والمغارسة باطلة ولصاحب الأرض قلعه ، وله الأجرة لطول بقائه ، ولو نقصت بالقلع ضمن أرشه ، ولو طلب كل منهما ما لصاحبه بعوض لم يجب على الآخر إجابته ، ولو اختلفا في الحصة حلف المالك ، وفي المدة يحلف المنكر . * * *


[ 140 ]

( 28 ) كتاب الإجارة وهي العقد على تمليك المنفعة المعلومة بعوض معلوم ، وإيجاب آجرتك أو أكريتك أو ملكتك منفعتها سنة . ولو نوى بالبيع الإجارة فإن أورده على العين بطل ، وإن قال بعتك سكناها مثلا ، ففي الصحة وجهان ، وهي لازمة من الطرفين . ولو تعقبها البيع لم تبطل سواء كان المشتري هو المستأجر أو غيره ، وعذر المستأجر لا يبطلها كما لو استأجر حانوتا فيسرق متاعه ، أما لو عم العذر كالثلج المانع من قطع الطريق فالأقرب جواز الفسخ لكل منهما ، ولا تبطل بالموت إلا أن تكون العين موقوفة . وكل ما صح الانتفاع به مع بقاء عينه تصح إعارته وإجارته ، منفردا كان أو مشاعا ، ولا يضمن المستأجر العين إلا بالتعدي أو التفريط ، ولو شرط ضمانها فسد العقد . ويجوز اشتراط الخيار لهما ولاحدهما ، نعم ليس للوكيل أو الوصي فعل ذلك إلا مع الإذن أو ظهور الغبطة . ولا بد من كمال المتعاقدين وجواز تصرفهما ، ومن كون المنفعة والأجرة معلومتين ، والأقرب أنه لا يكفي المشاهدة في الأجرة عن


[ 141 ]

اعتبارها ، وتملك بالعقد ، ويجب تسليمها بتسليم العين ، وإن كانت على عمل فبعده . ولو ظهر فيها عيب فللاجير الفسخ أو الأرش مع التعيين ومع عدمه يطالب بالبدل ، وقيل له الفسخ وهو قريب إن تعذر الابدال . ولو جعل أجرتين على تقديرين كنقل المتاع في يوم بعينه بأجرة وفي آخر بأخرى ، أو في الخياطة الرومية وهي التي بدرزين والفارسية وهي التي بواحد ، فالأقرب الصحة . ولو شرط عدم الأجرة على التقدير الآخر لم يصح في مسألة النقل ، وفي ذلك نظر لأن قضية كل إجارة المنع من نقيضها ، فيكون قد شرط قضية العقد فلم يبطل في مسألة النقل أو في غيرها ، غاية ما في الباب أنه إذا أخل بالمشروط يكون البطلان منسوبا إلى الأجير ولا يكون حاصلا من جهة العقد . ولا بد من كون المنفعة مملوكة له أو لوليه ، سواء كانت مملوكة بالأصالة أو بالتبعية ، فللمستأجر أن يؤجر إلا مع شرط استيفاء المنفعة بنفسه ، ولو آجر الفضولي فالأقرب الوقوف على الاجازة . ولا بد من كونها معلومة إما بالزمان كالسكنى ، وإما به أو بالمسافة كالركوب ، وإما به أو بالعمل كالخياطة ، ولو جمع بين المدة والعمل فالأقرب البطلان إن قصد التطبيق ، ولا يعمل الأجير الخاص لغير المستأجر ، ويجوز للمطلق . وإذا تسلم العين ومضت مدة يمكن فيها الانتفاع استقرت الأجرة ، ولا بد من كونها مباحة ، فلو استأجر لتعليم كفر أو غناء أو حمل مسكر بطل ، وأن يكون مقدورا على تسليمها فلا تصح إجارة


[ 142 ]

الآبق ، فإن ضم إليه أمكن الجواز ، ولو طرأ المنع فإن كان قبل القبض فله الفسخ ، وإن كان بعده فإن كان تلفا بطلت ، وإن كان غصبا لم تبطل ويرجع المستأجر على الغاصب . ولو ظهر في المنفعة عيب فله الفسخ وفي الأرش نظر ، ولو طرأ بعد العقد فكذلك كانهدام المسكن . ويستحب أن يقاطع من يستعمله على الأجرة أولا وأن يوفيه عقيب فراغه ، ويكره أن يضمن إلا مع التهمة . مسائل : من تقبل عملا فله تقبيله لغيره بأقل على الأقرب ، ولو أحدث فيه حدثا فلا بحث . الثانية : لو استأجر عينا فله إجارتها بأكثر مما استأجرها به ، وقيل بالمنع ، إلا أن يكون بغير جنس الأجرة ، أو يحدث فيها صفة كمال . الثالثة : إذا فرط في العين ضمن قيمتها يوم التفريط ، والأقرب يوم التلف ، ولو اختلفا في القيمة حلف الغارم . الرابعة : موؤنة الدابة أو العبد على المالك ، ولو أنفق عليه المستأجر بنية الرجوع صح مع تعذر إذن المالك أو الحاكم ، ولو استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه فنفقته على المستأجر في المشهور . الخامسة : لا يجوز إسقاط المنفعة المعينة ، ويجوز إسقاط المطلقة والأجرة ، وإذا تسلم أجيرا فتلف لم يضمن . السادسة : كلما يتوقف عليه توفية المنفعة فعلى المؤجر كالقتب والزمام والحزام ، والمداد في النسخ ، والمفتاح في الدار .


[ 143 ]

السابعة : لو اختلفا في عقد الإجارة حلف المنكر ، وفي قدر الشئ المستأجر حلف النافي ، وفي رد العين حلف المالك ، وفي هلاك المتاع المستأجر عليه حلف الأجير ، وفي كيفية الإذن كالقباء والقميص حلف المالك ، وفي قدر الأجرة حلف المستأجر . * * *


[ 144 ]

( 29 ) كتاب الوكالة وهي استنابة في التصرف ، وإيجابها : وكلتك واستنبتك أو الاستيجاب والايجاب ، أو الأمر بالبيع والشراء ، وقبولها قولي وفعلي . ولا يشترط فيه الفورية فإن الغائب يوكل ، ويشترط فيها التنجيز ، ويصح تعليق التصرف ، وهي جائزة من الطرفين ، ولو عزله اشترط علمه ، ولا يكفي الاشهاد ، وتبطل بالموت والجنون والاغماء والحجر على الموكل فيما وكل فيه ، ولا بالنوم وإن تطاول ما لم يؤد إلى الاغماء ، وتبطل بفعل الموكل ما تعلقت به الوكالة . وإطلاق الوكالة في البيع يقتضي البيع بثمن المثل حالا بنقد البلد ، وكذا في الشراء ، ولو خالف ففضولي ، وإنما تصح الوكالة فيما لا يتعلق غرض الشارع بإيقاعه من مباشر بعينه كالعتق والطلاق والبيع ، لا فيما يتعلق كالطهارة والصلاة الواجبة في الحياة . ولا بد من كمال المتعاقدين وجواز تصرف الموكل . وتجوز الوكالة في الطلاق للحاضر كالغائب ، ولا يجوز للوكيل أن يوكل إلا مع الإذن صريحا أو فحوى ، كاتساع متعلقها وترفع الوكيل عما وكل فيه عادة .


[ 145 ]

ويستحب أن يكون الوكيل تام البصيرة عارفا بالغة التي يحاوربها ، ويستحب لذوي المروءات التوكيل في المنازعات ، ولا تبطل الوكالة بارتداد الوكيل ، ولا يتوكل المسلم للذمي على المسلم على قول ، ولا الذمي على المسلم لمسلم ، ولا لذمي قطعا ، وباقي الصور جائزة وهي ثمان . ولا يتجاوز الوكيل ما حد له إلا أن تشهد العادة بدخوله كالزيادة في ثمن ما وكل في بيعه ، والنقيصة في ثمن ما وكل في شرائه . وتثبت الوكالة بعدلين ، ولا يقبل فيها شهادة النساء منفردات ولا منضمات ، ولا تثبت بشاهد ويمين ولا بتصديق الغريم . والوكيل أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط ، ويجب عليه تسليم ما في يده إلى الموكل إذا طولب به ، فلو أخر مع الامكان ضمن ، وله أن يمتنع حتى يشهد ، وكذا كل من عليه حق وإن كان وديعة ، والوكيل في الوديعة لا يجب عليه الاشهاد بخلاف الوكيل في قضاء الدين وتسليم المبيع ، ولو لم يشهد ضمن . ويجوز للوكيل تولي طرفي العقد بإذن الموكل ، ولو اختلفا في أصل الوكالة حلف المنكر ، وفي الرد حلف الموكل ، وقيل الوكيل ، إلا أن يكون بجعل ، وفي التلف حلف الوكيل ، وكذا في التفريط والقيمة . ولو زوجه امرأة بدعوى الوكالة فأنكر الزوج حلف وعلى الوكيل نصف المهر ولها التزوج ، ويجب على الزوج الطلاق إن كان وكل ، ويسوق نصف المهر إلى الوكيل ، وقيل يبطل ظاهرا ولا غرم


[ 146 ]

على الوكيل . ولو اختلفا في تصرف الوكيل حلف ، وقيل الموكل . وكذا الخلاف لو تنازعا في قدر الثمن الذي اشتريت به السلعة . * * *


[ 147 ]

( 30 ) كتاب الشفعة وهي استحقاق الشريك الحصة المبيعة في شركته ، ولا تثبت لغير الواحد . وموضوعها ما لا ينقل كالارض والشجر تبعا ، وفي اشتراط إمكان قسمته قولان ، ولا تثبت في المقسوم إلا مع الشركة في المجاز والشرب ، ويشترط قدرة الشفيع على الثمن وإسلامه إذا كان المشتري مسلما . ولو ادعى غيبة الثمن أجل ثلاثة ما لم يتضرر المشتري ، وتثبت للغائب فإذا قدم أخذ ، وللصبي والمجنون والسفيه ويتولى الأخذ الولي مع الغبطة ، فإن ترك فلهم عند الكمال الأخذ ، ويستحق بنفس العقد وإن كان فيه خيار ، ولا يمنع من التخاير فإن اختار المشتري أو البائع الفسخ بطلت . وليس للشفيع أخذ البعض بل يأخذ الجميع أو يدع ، ويأخذ بالثمن الذي وقع عليه العقد ، ولا يلزمه غيره من دلالة أو وكالة ، ثم إن كان مثليا فعليه مثله ، وإن كان قيميا فقيمته يوم العقد وهي على الفور ، فإذا علم وأهمل بطلت . ولا تسقط الشفعة بالفسخ المتعقب للبيع بتقايل أو فسخ


[ 148 ]

لعيب ، ولا بالعقود اللاحقة كما لو باع أو وهب أو وقف ، بل للشفيع إبطال ذلك كله ، وله أن يأخذ بالبيع الثاني ، والشفيع يأخذ من المشتري ودركه عليه . والشفعة تورث كالمال بين الورثة ، فلو عفوا إلا واحد أخذ الجميع أو ترك ، ويجب تسليم الثمن أولا ثم الأخذ إلا أن يرضى الشفيع بكونه في ذمته ، ولا يصح الأخذ إلا بعد العلم بقدره وجنسه ، فلو أخذه قبله لغى ، ولو قال أخذته بمهما كان . ولو انتقل الشقص بهبة أو صلح أو صداق فلا شفعة ، ولو اشتراه بثمن كثير ثم عوضه عنه بيسير أو أبرأه من الأكثر ، أخذ الشفيع بالجميع أو ترك ، ولو اختلف الشفيع والمشتري في الثمن حلف المشتري ، ولو ادعى أن شريكه اشترى بعده حلف الشريك ، ويكفيه الحلف على نفي الشفعة ، ولو تداعيا السبق تحالفا ولا شفعة . * * *


[ 149 ]

( 31 ) كتاب السبق والرماية إنما ينعقد السبق من الكاملين الخاليين من الحجر على الخيل والبغال والحمير والإبل والفيلة ، وعلى السيف والسهم والحراب ، لا بالمصارعة والسفن والطيور والعدو . ولا بد فيها من إيجاب وقبول على الأقرب ، وتعيين العوض ، ويجوز كونه منهما ومن بيت المال ، ومن أجنبي . ولا يشترط المحلل ، ويشترط في السبق تقدير المسافة ابتداء وغاية والخطر وتعيين ما يسابق عليه واحتمال السبق في المعينين ، فلو علم قصور أحدهما بطل ، وأن يجعل السبق لأحدهما أو للمحلل إن سبق لا لأجنبي . ولا يشترط التساوي في الموقف ، والسابق هو الذي يتقدم بالعنق ، والمصلي هو الذي يحاذي رأسه صلوي السابق وهما العظمان النابتان عن يمين الذنب وشماله . ويشترط في الرمي معرفة الرشق كعشرين ، وعدد الاصابة ، وصفتها من المارق والخاسق والخازق والخاصل وغيرها ، وقدر المسافة ، والغرض ، والسبق ، وتماثل جنس الآلة لا شخصها .


[ 150 ]

ولا يشترط المبادرة ولا المحاطة ، ويحمل المطلق على المحاطة . فإذا أتم النضال ملك الناضل العوض ، وإذا فضل أحدهما صاحبه فصالحه على ترك الفضل لم يصح ، ولو ظهر استحقاق العوض وجب على الباذل مثله ، أو قيمته . * * *


[ 151 ]

( 32 ) كتاب الجعالة صيغة ثمرتها تحصيل المنفعة بعوض مع عدم اشتراط العلم فيهما ، وتجوز على كل عمل محلل مقصود ، ولا تفتقر إلى قبول ولا إلى مخاطبة شخص معين ، فلو قال من رد عبدي أو خاط ثوبي فله كذا صح ، أو فله مال أو شئ ، إذ العلم بالعوض غير شرط في تحقق الجعالة ، وإنما هو في تشخصه وتعينه ، فإن أراد ذلك فليذكر جنسه وقدره وإلا تثبت بالرد أجرة المثل . ويشترط في الجاعل وعدم الحجر . ولو عين الجعالة لواحد ورد غيره فهو متبرع لا شئ له ، ولو شارك المعين فإن قصد التبرع عليه فالجميع للمعين ، وإلا فالنصف ولا شئ للمتبرع . وتجوز الجعالة من الأجنبي ويجب عليه الجعل مع العمل المشروط ، وهي جائزة من طرف العامل مطلقا ، وأما الجاعل فجائزة قبل التلبس ، وأما بعده فجائزة بالنسبة إلى ما بقي من العمل ، أما الماضي فعليه أجرته ، ولو لم يعلم العامل رجوعه فله كمال الأجرة ، ولو أوقع صيغتين عمل بالاخيرة إذا سمعهما العامل ، وإلا فالمعتبر ما سمع .


[ 152 ]

وإنما يستحق الجعل على الرد بتسليم المردود ، فلو جاء به إلى باب منزل المالك فهرب فلا شئ للعامل ، ولا يستحق الأجرة إلا ببذل الجاعل ، فلو رد بغيره كان متبرعا . مسائل : كلما لم يعين جعل فأجرة المثل إلا في رد الآبق من المصر فدينار ، ومن غيره فأربعة دنانير ، والبعير كذا ، ولو بذل جعلا فرده جماعة استحقوه بينهم بالسوية ، ولو جعل لكل من الثلاثة مغايرا فردوه فلكل ثلث ما جعل له ، ولو لم يسم لبعضهم فله ثلث أجرة المثل ، ولو كانوا أزيد فبالنسبة . ولو اختلفا في أصل الجعالة حلف المالك ، وكذا في تعيين الآبق ، ولو اختلفا في السعي بأن قال المالك حصل في يدك قبل الجعل ، حلف للأصل ، وفي قدر الجعل كذلك ، فيثبت للعامل أقل الأمرين من أجرة المثل ومما ادعاه إلا أن يزيد ما ادعاه المالك ، وقال ابن نما رحمه الله : إذا حلف المالك ثبت ما ادعاه ، وهو قوي كمال الإجارة . * * *


[ 153 ]

( 33 ) كتاب الوصايا وفيه فصول ، الأول : الوصية تمليك عين أو منفعة أو تسلط على تصرف بعد الوفاة . وإيجابها أوصيت ، أو افعلوا كذا بعد وفاتي ، أو لفلان بعد وفاتي . والقبول الرضا ، تأخر أو قارن ، ما لم يرد فإن رد في حياة الموصي جاز القبول بعد وفاته ، وإن رد بعد الوفاة قبل القبول بطلت وإن قبض ، وإن رد بعد القبول لم تبطل وإن لم يقبض . وينتقل حق القبول إلى الوارث ، وتصح مطلقة مثل ما تقدم ، ومقيدة مثل بعد وفاتي في سنة كذا وفي سفر كذا ، فتخصص ، وتكفي الإشارة مع تعذر اللفظ وكذا الكتابة مع القرينة . والوصية للجهة العامة مثل الفقراء والمساجد والمدارس لا تحتاج إلى القبول ، والظاهر أن القبول كاشف عن سبق الملك بالموت . ويشترط في الموصي الكمال ، وفي وصية من بلغ عشرا قول مشهور ، أما المجنون والسكران ومن جرح نفسه بالمهلك فالوصية باطلة . وفي الموصى له الوجود وصحة التملك ، فلو أوصى للحمل


[ 154 ]

اعتبر بوضعه لدون ستة أشهر منذ حين الوصية ، أو بأقصى الحمل إذا لم يكن هناك زوج ولا مولى ، ولو أوصى للعبد لم يصح إلا أن يكون عبده فينصرف إلى عتقه ، وإن زاد المال عن ثمنه فله ، وتصح الوصية للمشقص بالنسبة ، ولام الولد فتنعتق من نصيبه وتأخذ الوصية ، والوصية لجماعة تقتضي التسوية إلا مع التفضيل ، ولو قال على الكتاب الله ، فللذكر ضعف الأنثى ، والقرابة من عرف بنسبه ، والجيران لمن يلي داره إلى أربعين ذراعا ، وللموالي يحمل على العتيق والمعتق إلا مع القرينة ، وقيل تبطل ، وللفقراء ينصرف إلى فقراء ملة الموصي ، ويدخل فيهم المساكين إن جعلناهم مساوين أو أسوأ ، وإلا فلا ، وكذا العكس . الفصل الثاني ، في متعلق الوصية : وهو كل مقصود يقبل النقل ، ولا يشترط كونه معلوما ولا موجودا حال الوصية ، فتصح الوصية بالقسط والنصيب وشبهه ، ويتخير الوارث ، أما الجزء فالعشر ، وقيل السبع ، والسهم الثمن ، والشئ السدس . وتصح الوصية بما ستحمله الأمة أو الشجرة وبالمنفعة ، ولا تصح الوصية بما لا يقبل النقل كحق القصاص ، وحد القذف والشفعة ، وتصح بأحد الكلاب الأربعة لا بالخنزير وكلب الهراش ، ويشترط في الزائد عن الثلث إجازة الوارث وتكفي حال حياة الموصي ، والمعتبر بالتركة حين الوفاة ، فلو قتل فأخذت ديته حسبت من تركته ، ولو أوصى بما يقع اسمه على المحرم والمحلل صرف


[ 155 ]

إلى المحلل كالعود والطبل . ويتخير الوارث في المتواطي كالعبد وفي المشترك كالقوس ، والجمع يحمل على الثلاثة قلة كان كأعبد أو كثرة كالعبيد ، ولو أوصى بمنافع العبد دائما أو بثمرة البستان دائما قومت المنفعة على الموصى له ، والرقبة على الوارث إن فرض لها قيمة ، ولو أوصى بعتق مملوكه وعليه دين قدم الدين ، وعتق من الفاضل ثلثه ، ولو نجز عتقه فإن كانت قيمته ضعف الدين صح العتق ، وسعى في نصفه للديان ، وفي ثلثه للوارث ، ولو أوصى بعتق ثلث عبيده أو عدد منهم استخرج منهم بالقرعة ، ولو أوصى بأمور فإن كان فيها واجب قدم ، وإلا بدئ بالأول فالأول حتى يستوفي الثلث . ولو لم يرتب بسط الثلث على الجميع ، ولو أجاز الورثة فادعوا ظن القلة فإن كان الايصاء بعين لم يقبل منهم ، وإن كان بجزء شائع كالنصف قبل مع اليمين . ويدخل في الوصية بالسيف جفنه وبالصندوق أثوابه وبالسفينة متاعها ، إلا مع القرينة ، ولو عقب الوصية بمضادها عمل وبالاخيرة ، ولو أوصى بعتق رقبة مؤمنة وجب ، فإن لم يجد أعتق من لا يعرف بنصب ، ولو ظنها مؤمنة كفى وإن ظهر خلافه ، ولو أوصى بعتق رقبة بثمن معين وجب ، ولو تعذر إلا بالأقل اشترى وأعتق ودفع إليه ما بقي .


[ 156 ]

الفصل الثالث ، في الأحكام : تصح الوصية للذمي وإن كان أجنبيا بخلاف الحربي وإن كان رحما وكذا المرتد ، ولو أوصى في سبيل الله فلكل قربة ، ولو قال أعطوا فلانا كذا ولم يبين ما يصنع به ، دفع إليه يصنع به ما شاء . ويستحب الوصية لذي القرابة وارثا كان أو غيره ، ولو أوصى للأقرب نزل على مراتب الإرث ، ولو أوصى بمثل نصيب ابنه فالنصف إن كان له ابن واحد ، والثلث إن كان له ابنان ، وعلى هذا . ولو قال مثل سهم أحد وراثي ، أعطي مثل سهم الأقل . ولو أوصى بضعف نصيب ولده فمثلاه ، وبضعفيه ثلاثة أمثاله . ولو أوصى بثلثه للفقراء جاز صرف كل ثلثه إلى فقراء بلد المال ، ولو صرف الجميع في فقراء بلد الموصي جازه ولو أوصي له بأبيه فقبل وهو مريض ثم مات عتق من صلب ماله . ولو قال أعطوا زيدا والفقراء ، فلزيد النصف ، وقيل الربع . ولو جمع بين منجزة ومؤخرة قدمت المنجزة ، ويصح الرجوع في الوصية قولا مثل رجعت أو نقضت أو أبطلت أو لا تفعلوا كذا ، وفعلا مثل بيع العين الموصى بها أو رهنها أو طحن الطعام أو عجن الدقيق أو خلطه بالاجود . * * *


[ 157 ]

الفصل الرابع ، في الوصاية : إنما تصح الوصية على الأطفال بالولاية من الأب والجد له ، أو الوصي المأذون له من أحدهما . ويعتبر في الوصي الكمال والاسلام إلا أن يوصي الكافر إلى مثله ، والعدالة في قول قوي ، والحرية إلا أن يأذن المولى . وتصح الوصية إلى الصبي منضما إلى كامل ، وإلى المرآة ، والخنثى . ويصح تعدد الوصي فيجتمعان إلا أن يشرط لهما الانفراد ، فإن تعاسرا صح فيما لا بد منه كمؤونة اليتيم ، وللحاكم إجبارهما على الاجتماع ، فإن تعذر استبدل بهما وليس لهما قسمة المال ، ولو شرط لهما الانفراد ففي جواز الاجتماع نظر ، ولو نهاهما عن الاجتماع اتبع ، ولو جوز لهما الأمرين أمضي ، فلو اقتسما المال جاز . ولو ظهر من الوصي عجز ضم الحاكم إليه ، ولو خان عزله وأقام مكانه . ويجوز للوصي استيفاء دينه مما في يده ، وقضاء ديون الميت التي يعلم بقاءها ، ولا يوصي إلا بإذن . ويكون النظر بعده إلى الحاكم ، وكذا من مات ولا وصي له ، ومع تعذر الحاكم بعض عدول المؤمنين . والصفات المعتبرة في الوصي يشترط حصولها حال الايصاء ، وقيل حال الوفاة ، وقيل من حين الايصاء إلى حين الوفاة . وللوصي أجرة المثل عن نظره في مال الموصى عليهم مع


[ 158 ]

الحاجة ، ويصح الرد ما دام حيا ، فلو رد ولما يبلغ الرد بطل الرد ، ولو لم يعلم بالوصية إلا بعد وفاة الموصي لزمه القيام بها إلا مع العجز . * * *


[ 159 ]

( 34 ) كتاب النكاح وفيه فصول ، الأول ، في المقدمات : النكاح مستحب مؤكد ، وفضله مشهور محقق حتى أن المتزوج يحرز نصف دينه ، وروي ثلثا دينه . وهو من أعظم الفوائد بعد الاسلام ، وليتخير البكر العفيفة الولود الكريمة الأصل ، ولا يقتصر على الجمال أو الثروة . ويستحب صلاة ركعتين والاستخارة والدعاء بعدهما بالخيرة ، وركعتي الحاجة والدعاء ، والاشهاد والاعلان ، والخطبة أمام العقد ، وإيقاعه ليلا . وليجتنب إيقاعه والقمر في العقرب ، فإذا أراد الدخول صلى ركعتين ودعا والمرأة كذلك ، وليكن ليلا ، ويضع يده على ناصيتها ، ويسمي عند الجماع دائما ، ويسأل الله الولد الذكر السوي الصالح ، وليولم يوما أو يومين ويدعو المؤمنين وتستحب الاجابة ، ويجوز أكل نثار العرس وأخذه بشاهد الحال . ويكره الجماع عند الزوال والغروب حتى يذهب الشفق ، وعاريا ، وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء ، والجماع عند ناظر إليه ، والنظر إلى الفرج حال الجماع وغيره ، والجماع مستقبل القبلة


[ 160 ]

ومستدبرها ، والكلام عند التقاء الختانين إلا بذكر الله تعالى ، وليلة الخسوف ، ويوم الكسوف ، وعند هبوب الريح الصفراء ، أو السوداء ، أو الزلزلة ، وأول ليلة من كل شهر إلا شهر رمضان ، ونصفه ، وفي السفر مع عدم الماء . ويجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وإن لم يستأذنها بل يستحب ، ويختص الجواز بالوجه والكفين ، وينظرها قائمة وماشية ، وروي جواز النظر إلى شعرها ومحاسنها . ويجوز النظر إلى وجه الأمة والذمية لا لشهوة . وينظر الرجل إلى مثله وإن كان شابا حسن الصورة لا لريبة ولا تلذذ ، والنظر إلى جسد الزوجة باطنا وظاهرا وإلى المحارم خلا العورة ولا ينظر إلى الأجنبية إلا مرة من غير معاودة إلا لضرورة كالمعاملة والشهادة والعلاج . كذا يحرم على المرأة أن تنظر إلى الأجنبي أو تسمع صوته إلا لضرورة وإن كان أعمى ، وفي جواز نظر المرأة إلى الخصي المملوك لها أو بالعكس خلاف . ويجوز استمتاع الزوج بما شاء من الزوجة إلا القبل في الحيض والنفاس ، والوطء في دبرها مكروه كراهة مغلظة ، وفي رواية يحرم . ولا يجوز العزل عن الحرة بغير شرط ، فتجب دية النطفة لها عشرة دنانير ، ولا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر ، ولا الدخول قبل تسع فتحرم لو أفضاها ، ويكره للمسافر أن يطرق أهله


[ 161 ]

ليلا . الفصل الثاني ، في العقد : فالإيجاب زوجتك وأنكحتك ومتعتك لا غير . والقبول : قبلت التزويج أو النكاح أو تزوجت أو قبلت . مقتصرا كلاهما بلفظ المضي ، ولا يشترط تقديم الايجاب ولا القبول بلفظه ، فلو قال زوجتك فقال قبلت النكاح صح . ولا يجوز بغير العربية مع القدرة ، والأخرس بالاشارة ، ويعتبر في العاقد الكمال فالسكران باطل عقده ولو أجاز بعده ، ويجوز تولي المرأة العقد عنها وعن غيرها إيجابا وقبولا ، ولا يشترط الشاهدان ولا الولي في نكاح الرشيدة وإن كانا أفضل ، ويشترط تعيين الزوج والزوجة ، فلو كان له بنات وزوجه واحدة ولم يسمها فإن أبهم ولم يعين شيئا في نفسه بطل ، وإن عين فاختلفا في المعقود عليها حلف الأب إن كان الزوج رآهن وإلا بطل العقد . ولا ولاية في النكاح لغير الأب والجد له ، وللمولى والحاكم والوصي ، فولاية القرابة على الصغيرة أو المجنونة أو البالغة سفيهة وكذا الذكر ، لا على الرشيدة في الأصح ، ولو عضلها فلا بحث في سقوط ولايته ، والمولى يزوج رقيقه ، والحاكم والوصي يزوجان من بلغ فاسد العقل مع كون النكاح صلاحا له ، وخلوه من الأب والجد . وهنا مسائل : يصح اشتراط الخيار في الصداق ، ولا يجوز في العقد فيبطل . ويصح توكيل كل من الزوجين في النكاح ، فليقل الولي


[ 162 ]

زوجت من موكلك فلان ، ولا يقل منك ، وليقل : قبلت لفلان ، ولا يزوجها الوكيل من نفسه إلا إذا أذنت عموما أو خصوصا . الثانية : لو ادعى زوجية امرأة فصدقته حكم بالعقد ظاهرا وتوارثا ، ولو اعترف أحدهما قضي عليه به دون صاحبه . الثالثة : لو ادعى زوجية امرأة وادعت أختها عليه الزوجية حلف ، فإن أقامت بينة فالعقد لها ، وإن أقام بينة فالعقد له ، والأقرب توجيه اليمين على الآخر في الموضعين لجواز صدق البينة مع تقدم عقده على من ادعاها ، وصدق بينة من تقدم عقده على من ادعته . ولو أقاما بينة فالحكم لبينته ، إلا أن يكون معها مرجح من دخول ، أو تقدم تأريخ . الرابعة : لو اشترى العبد زوجته لسيده فالنكاح باق ، وإن اشتراها لنفسه بإذنه أو ملكه إياها ، فإن قلنا بعدم ملكه فكالأول ، وإن حكمنا بملكه بطل العقد ، أما المبعض فإنه يبطل العقد قطعا . الخامسة : لا يزوج الولي ولا الوكيل بدون مهر المثل ، ولا بالمجنون ولا بالخصي ، ولا يزوج الطفل بذات العيب ، فيتخير بعد الكمال . السادسة : عقد النكاج لو وقع فضولا يقف على الاجازة من المعقود عليه أو وليه ، ولا يبطل على الأقرب . السابعة : لا يجوز نكاح الأمة إلا بإذن مالكها وإن كانت امرأة ، في الدائم والمتعة ، ورواية سيف منافية للأصل ، ولو زاد العبد المأذون على مهر المثل صح ، وكان الزائد في ذمته يتبع به بعد عتقه ،


[ 163 ]

ومهر المثل على المولى ، ومن تحرر بعضه ليس للمولى إجباره على النكاح ، ولا للمبعض الاستقلال . الثامنة : لو زوج الفضولي الصغيرين فبلغ أحدهما وأجاز العقد لزم ، فلو أجاز ثم مات عزل للصغير قسطه من ميراثه ، وإذا بلغ الآخر وأجاز ، حلف على عدم سببية الإرث في الاجازة ، وورث . التاسعة : لو زوجها الأبوان برجلين واقترنا قدم عقد الجد ، وإن سبق أحدهما صح عقده ، ولو زوجها الاخوان برجلين فالعقد للسابق إن كانا وكيلين وإلا فلتتخير ما شاءت ، وتستحب إجازة عقد الأكبر ، وإن اقترنا بطلا إن كان كل منهما وكيلا وإلا صح عقد الوكيل منهما ، ولو كانا فضوليين تخيرت . العاشرة : لا ولاية للأم فلو زوجته أو زوجتها اعتبر رضاهما ، فلو ادعت الوكالة عن الإبن وأنكر غرمت نصف المهر . الفصل الثالث ، في المحرمات وتوابعها : يحرم بالنسب الأم وإن علت ، والبنت وبنتها وبنت الإبن فنازلا ، والأخت وبنتها فنازلا ، وبنت الأخ كذلك ، والعمة والخالة فصاعدا . ويحرم بالرضاع ما يحرم بالنسب بشرط كونه عن نكاح ، وأن ينبت اللحم أو يشد العظم ، أو يتم يوما وليلة ، أو خمسة عشر رضعة ، والأقرب النشر بالعشر ، وأن يكون المرتضع في الحولين ، وأن لا يفصل بينها برضاع أخرى ، وأن يكون اللبن لفحل واحد ، فلو أرضعت


[ 164 ]

المرأة جماعة بلبن فحلين لم يحرم بعضهم على بعض . وقال الطبرسي صاحب التفسير رحمه الله يكون بينهم أخوة الأم وهي تحرم التناكح . ويستحب اختيار العاقلة المسلمة العفيفة الوضيئة للرضاع ، ويجوز استرضاع الذمية عند الضرورة ، ويمنعها من أكل الخنزير وشرب الخمر ، ويكره تسليم الولد إليها لتحمله إلى منزلها ، والمجوسية أشد كراهة . ويكره أن تسترضع من ولادتها عن زنا . وإذا كملت الشرائط صارت المرضعة أما والفحل أبا وإخوتهما أعماما وأخوالا وأولادهما إخوة وآباؤهما أجدادا ، فلا ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا ، ولا في أولاد المرضعة ولادة ، ولا رضاعا على قول الطبرسي . وينكح إخوة المرتضع نسبا في إخوته رضاعا ، وقيل بالمنع . ولو لحق الرضاع العقد حرم كالسابق . ولا تقبل الشهادة به إلا مفصلة . ويحرم بالمصاهرة زوجة كل من الأب فصاعدا ، أو الإبن فنازلا على الآخر ، وأم الموطوءة وأم المعقود عليها فصاعدا وابنة الموطوءة فنازلا لا ابنة المعقود عليها . أما الأخت فتحرم جمعا لا عينا والعمة والخالة يجمع بينهما وبين ابنة أخيها أو أختها برضاء العمة والخالة لا بدونه ، وحكم الشبهة والزنا السابق على العقد حكم الصحيح في المصاهرة ، وتكره ملموسة الإبن ومنظورته على الأب ، وبالعكس تحرم . مسائل عشرون : لو تزوج الأم ، وابنتها في عقد بطلا ، ولو جمع بين الأختين فكذلك ، وقيل يتخير . ولو وطأ أحد الأختين المملوكتين حرمت الأخرى حتى تخرج الأولى عن ملكه ، فلو وطأ الثانية فعل


[ 165 ]

حراما ولم تحرم الأولى . الثانية : لا يجوز أن يتزوج أمة على حرة إلا بإذنها ، ولو فعل وقف على إجازتها ، ولا أن يتزوج الأمة مع قدرته على زواج الحرة أو مع عجزه إذا لم يخش العنت ، وقيل يجوز وهو مشهور ، فعلى الأول لا يباح إلا بعدم الطول وخوف العنت ، وتكفي الأمة الواحدة ، وعلى الثاني تباح اثنتان . الثالثة : من تزوج امرأة في عدتها بائنة كانت أو رجعية عالما بالعدة والتحريم بطل العقد وحرمت أبدا ، وإن جهل أحدهما أو جهلهما حرمت إن دخل ، وإلا فلا . الرابعة : لا تحرم المزني بها على الزاني إلا أن تكون ذات بعل ، ولا تحرم الزانية ولكن يكره تزوجها على الأصح ، ولو زنت امرأة لم تحرم عليه على الأصح ، وإن أصرت . الخامسة : من أوقب غلاما أو رجلا حرمت على الموقب أم الموطوء وأخته وبنته ، ولو سبق العقد لم يحرم . السادسة : لو عقد المحرم عالما بالتحريم حرمت أبدا بالعقد ، وإن جهل لم تحرم وإن دخل بها . السابعة : لا يجوز للحر أن يجمع زيادة على أربع حرائر ، أو حرتين وأمتين ، أو ثلاث حرائر وأمة ولا للعبد أن يجمع أكثر من أربع إماء ، أو حرتين ، أو حرة وأمتين ، ولا يباح له ثلاث إماء وحرة ، كل ذلك بالدوام ، أما المتعة فلا حصر له على الأصح ، وكذا بملك اليمين إجماعا .


[ 166 ]

الثامنة : إذا طلق ذو النصاب رجعيا لم يجز له التزويج دائما حتى تخرج العدة ، وكذا الأخت دائما ومتعة ، ولو كان بائنا جاز على كراهية شديدة . التاسعة : لا تحل الحرة على المطلق ثلاثا إلا بالمحلل ، وإن كان المطلق عبدا . ولا تحل الأمة المطلقة اثنين إلا بالمحلل ، ولو كان المطلق حرا . أما المطلقة تسعا للعدة ينكحها رجلان فإنها تحرم أبدا . العاشرة : تحرم الملاعنة أبدا ، وكذا الصماء أو الخرساء إذا قذفها زوجها بما يوجب اللعان . الحادية عشرة : تحرم الكافرة غير الكتابية على المسلم إجماعا ، والكتابية دواما لا متعة وملك يمين ، ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول بطل النكاح ، ويجب نصف المهر إن كان الارتداد من الزوج ، ولو كان بعده وقف على انقضاء العدة ولا يسقط شئ من المهر ، وإن كان عن فطرة بانت في الحال . ولو أسلم زوج الكتابية فالنكاح بحاله ، ولو أسلمت دونه وقف على العدة . وإن كان قبل الدخول وأسلمت الزوجة بطل . الثانية عشرة : لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين قبل الدخول بطل ، ويجب النصف بإسلام الزوج ، وبعده يقف على العدة ، ولو أسلما معا فالنكاح بحاله ، ولو أسلم الوثني أو الكتابي على أكثر من أربع فأسلمن أو كن كتابيات تخير أربعا . الثالثة عشرة : لا يحكم بفسخ نكاح العبد بإباقه وإن لم يعد في العدة على الأقوى ، ورواية عمار ضعيفة .


[ 167 ]

الرابعة عشرة : الكفاءة معتبرة في النكاح ، فلا يجوز للمسلمة التزويج بالكافر ، ولا يجوز للناصب التزويج بالمؤمنة ، ويجوز للمسلم التزويج متعة أو استدامة كما مر بالكافرة ، وهل يجوز للمؤمنة التزويج بالمخالف قولان ، أما العكس فجائز لأن المرأة تأخذ من دين بعلها . الخامسة عشرة : ليس التمكن من النفقة شرطا في صحة العقد ، نعم هو شرط في وجوب الاجابة . السادسة عشرة : يكره تزويج الفاسق وخصوصا شارب الخمر . السابعة عشرة : لا يجوز التعرض بالعقد لذات البعل ولا للمعتدة رجعية ، ويجوز في المعتدة بائنا التعريض من الزوج وغيره ، والتصريح منه إن حلت له في الحال ، وتحرم إن توقف على المحلل . وكذا يحرم التصريح من غيره مطلقا ، ويحرم التعريض للمطلقة تسعا من الزوج ، ويجوز من غيره . الثامنة عشرة : تحرم الخطبة بعد إجابة الغير ، ولو عقد صح ، وقيل يكره . التاسعة عشرة : يكره العقد على القابلة المربية ، وأن يزوج ابنه بنت زوجته المولودة بعد مفارقته ، أما قبل تزويجه فلا كراهية . وأن يتزوج بضرة الأم مع غير الأب لو فارقها الزوج العشرون : تحرم نكاح الشغار وهو أن يزوج كل من الوليين الآخر على أن يكون بضع كل واحدة مهرا للأخرى .


[ 168 ]

الفصل الرابع ، في نكاح المتعة ولا خلاف في شرعيته والقرآن مصرح به ، ودعوى نسخه لم تثبت ، وتحريم بعض الصحابة إياه تشريع مردود . وإيجابه كالدائم وقبوله كذلك ، ويزيد الأجل وذكر المهر ، وحكمه كالدائم في جميع ما سلف إلا ما استثني ، ولا تقدير في المهر قلة ولا كثرة ، وكذا الأجل . ولو وهبها المدة قبل الدخول فعليه نصف المسمى ، ولو أخلت بشئ من المدة قاصها ، ولو أخل بالاجل في العقد انقلب دائما أو بطل على خلاف ، ولو تبين فساد العقد فمهر المثل مع الدخول ، ويجوز العزل عنها وإن لم يشترط ، ويلحق به الولد وإن عزل . ويجوز اشتراط السائغ في العقد كاشتراط الاتيان ليلا أو نهارا ، أو مرة أو مرارا في الزمان المعين . ولا يقع بها طلاق ولا إيلاء ولا لعان إلا في القذف بالزنا على قول . ولا توارث إلا مع شرطه ، ويقع بها الظهار . وعدتها حيضتان ولو استرابت فخمسة وأربعون يوما ، ومن الوفاة بشهرين وخمسة أيام إن كانت أمة ، وضعفها إن كانت حرة ، ولو كانت حاملا فبأبعد الأجلين فيهما . * * *


[ 169 ]

الفصل الخامس ، في نكاح الإماء لا يجوز للعبد ولا الأمة أن يعقدا لانفسهما نكاحا إلا بإذن المولى أو إجازته ، وإذا كانا رقا فالولد رق ، ويملكه الموليان إن أذنا لهما أو لم يأذن أحدهما . ولو أذن أحدهما فالولد لمن لم يأذن ، ولو شرط أحد الموليين انفراده بالولد أو بأكثره صح الشرط . ولو كان أحد الزوجين حرا فالولد حر ، ولو شرط رقيته جاز على قول مشهور ضعيف المأخذ . ويستحب إذا زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا من ماله . ويجوز تزويج الأمة بين شريكين لأجنبي باتفاقهما ، ولا يجوز تزويجها لأحدهما ، ولو حلل أحدهما لصاحبه فالوجه الجواز . ولو أعتقت المملوكة فلها الفسخ على الفور وإن كانت تحت حر بخلاف العبد فإنه لا خيار له بالعتق . ويجوز جعل عتق أمته صداقها ويقدم ما شاء من العتق والتزويج ، ويجب قبولها على قول . ولو بيع أحد الزوجين فللمشتري والبائع الخيار ، وكذا من انتقل إليه الملك بأي سبب كان . ولو بيع الزوجان معا على واحد تخير : ولو بيع كل منهما على واحد تخيرا . وليس للعبد طلاق أمة سيده إلا برضاه ، ويجوز طلاق غيرها أمة كانت أو حرة أذن المولى أو لا . وللسيد أن يفرق بين رقيقه متى شاء بلفظ الطلاق أو غيره . وتباح الأمة بالتحليل مثل أحللت لك وطأها ، أو جعلتك في حل من وطئها ، وفي الإباحة قولان والأشبه أنه


[ 170 ]

ملك يمين لا عقد . ويجب الاقتصار على ما تناوله اللفظ وما يشهد الحال بدخوله فيه ، والولد حر ولا قيمة على الأب ، ولا بأس بوطء الأمة وفي البيت آخر وأن ينام بين أمتين ، ويكره ذلك في الحرة . ويكره وطء الأمة الفاجرة ، كالحرة الفاجرة ، ووطء من ولدت من الزنا بالعقد والملك . الفصل السادس ، في المهر كل ما صح أن يملك عينا كان أو منفعة يصح إمهاره ، ولو عقد الذميان على ما لا يملك في شرعنا صح ، فإن أسلما انتقل إلى القيمة . ولا تقدير في المهر قلة ولا كثرة ، ويكره أن يتجاوز السنة وهو خمسمأة درهم ، ويكفي فيه المشاهد عن اعتباره ، ولو تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام فهو خمسمأة درهم ، ويجوز جعل تعليم القرآن مهرا . ويصح العقد الدائم من غير ذكر المهر ، فإن دخل فمهر المثل ، وإن طلق قبل الدخول فلها المتعة حرة كانت أو أمة ، فالغني بالدابة أو الثوب المرتفع أو عشرة دنانير ، والمتوسط بخمسة دنانير ، والفقير بدينار وخاتم وشبهه ، ولا متعة لغير هذه . ولو تراضيا بعد العقد بفرض المهر جاز وصار لازما ، ولو فوضا تقدير المهر إلى أحدهما صح ولزم ما حكم به الزوج مما يتمول ، وما حكمت به الزوجة إذا لم يتجاوز السنة . ولو طلق قبل الدخول فنصف ما يحكم به . ولو


[ 171 ]

مات الحاكم قبل الدخول فالمروي المتعة ، ولو مات أحد الزوجين مع تفويض البضع قبل الدخول فلا شئ . وهنا مسائل عشر : الصداق يملك بالعقد ولها التصرف فيه قبل القبض ، فلو نما كان لها ، فإن تعقبه طلاق قبل الدخول ملك الزوج النصف حينئذ ويستحب لها العفو عن الجميع ولوليها الاجباري العفو عن البعض لا الجميع . الثانية : لو دخل قبل دفع المهر كان دينا عليه وإن طالت المدة ، والدخول هو الوطء قبلا أو دبرا لا مجرد الخلوة . الثالثة : لو أبرأته من الصداق ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه ، وكذا لو خلعها به أجمع . الرابعة : يجوز اشتراط ما يوافق الشرع في عقد النكاح ، فلو شرط ما يخالف لغي الشرط كاشتراط أن لا يتزوج عليها أو لا يتسرى ، ولو شرط إبقاؤها في بلدها لزم ، وكذا في منزلها . الخامسة : لو أصدقها تعليم صنعة ثم طلقها قبل الدخول كان لها نصف أجرة التعليم ، ولو كان قد علمها رجع بنصف الأجرة ، ولو كان تعليم سورة فكذلك ، وقيل يعلمها النصف من وراء حجاب ، وهو قريب ، والسماع هنا من باب الضرورة . السادسة : لو اعتاضت عن المهر بدونه أو أزيد منه ثم طلقها رجع بنصف المسمى لا العوض .


[ 172 ]

السابعة : لو وهبته نصف مهرها مشاعا قبل الدخول فله الباقي ، ولو كان معينا فله نصف الباقي ونصف ما وهبت مثلا أو قيمة . وكذا لو تزوجها بعبدين فمات أحدهما أو باعته ، فللزوج نصف الباقي ونصف قيمة التالف . الثامنة : للزوجة الامتناع قبل الدخول حتى تقبض مهرها إن كان حالا ، وليس لها بعد الدخول امتناع . التاسعة : إذا زوج الأب ولده الصغير وللولد مال ففي ماله المهر ، وإلا ففي مال الأب ولو بلغ الصبي فطلق قبل الدخول كان النصف المستعاد للولد . العاشرة : لو اختلفا في التسمية حلف المنكر ، ولو اختلفا في القدر قدم قول الزوج ، وكذا في الصفة ، وفي التسليم يقدم قولها ، وفي المواقعة لو أنكرها قوله ، وقيل قولها مع الخلوة التامة ، وهو قريب . الفصل السابع في العيوب والتدليس وهي في الرجل خمسة : الجنون والخصاء والجب والعنن ، والجذام على قول . ولا فرق بين الجنون المطبق وغيره ولا بين قبل العقد وبعده ، وطأ أو لا . وفي معنى الخصاء الوجاء . وشرط الجب أن لا يبقى قدر الحشفة ، وشرط العنة أن يعجز عن القبل والدبر منها ومن غيرها بعد إنظاره سنة . وشرط الجذام تحققه . ولو تجددت هذه بعد العقد فلا


[ 173 ]

فسخ ، وقيل لو بان خنثى فلها الفسخ ، ويضعف بأنه إن كان مشكلا فالنكاح باطل ، وإن كان محكوما بذكوريته فلا وجه للفسخ لأنه كزيادة عضو في الرجل . وعيوب المرأة تسعة : الجنون والجذام والبرص والعمى والاقعاد والقرن عظما ، والافضاء والعفل والرتق على خلاف فيهما . ولا خيار لو تجدد بعد العقد أو كان يمكن وطء الرتقاء أو القرناء أو علاجه إلا أن تمتنع . وخيار العيب على الفور ، ولا يشترط فيه الحاكم وليس بطلاق ، ويشترط الحاكم في ضرب أجل العنة ويقدم قول منكر العيب مع عدم البينة . ولا مهر إن كان الفسخ قبل الدخول إلا في العنة فنصفه ، وإن كان بعد الدخول فالمسمى ويرجع به على المدلس . ولو تزوج امرأة على أنها حرة فظهرت أمة فله الفسخ ، وكذا هي لو تزوجته على أنه حر فظهر عبدا . ولا مهر بالفسخ قبل الدخول ويجب بعده ، ولو شرط كونها بنت مهيرة فظهرت بنت أمة فله الفسخ ، فإن كان قبل الدخول فلا مهر ، وإن كان بعده وجب المهر ويرجع به على المدلس ، فإن كانت هي رجع عليها إلا بأقل مهر ، ولو شرطها بكرا فظهرت ثيبا فله الفسخ إذا ثبت سبقه على العقد ، وقيل ينقص من مهرها بنسبة مابين مهر البكر والثيب . الفصل الثامن في القسم والنشوز والشقاق يجب للزوجة الواحدة ليلة من أربع ، وعلى هذا فإذا تمت


[ 174 ]

الأربع فلا فاضل ، ولا فرق بين الحر والعبد والخصي والعنين وغيرهم ، وتسقط القسمة بالنشوز والسفر ، ويختص الوجوب بالليل وأما النهار فلمعاشه إلا في حق الحارس فينعكس . وللأمة نصف القسمة وكذا الكتابية الحرة ، وللكتابية الأمة ربع القسمة فتصير القسمة من ست عشرة ليلة ، ولا قسمة للصغيرة ولا للمجنونة المطبقة إذا خاف أذاها ، ويقسم الولي بالمجنون ، وتختص البكر عند الدخول بسبع والثيب بثلاث . وليس للزوجة أن تهب ليلتها للضرة إلا برضى الزوج ولها الرجوع قبل المبيت لا بعده ، ولو رجعت في أثناء الليلة تحول إليها ، ولو رجعت ولما يعلم فلا شئ عليه ، ولا يصح الاعتياض عن القسم فيجب رد العوض ، ولا يزور الزوج الضرة في ليلة ضرتها ، وتجوز عيادتها في مرضها لكن يقضي لو استوعب الليلة عند المزورة . والواجب المضاجعة لا المواقعة ، ولو جار في القسمة قضى . والنشوز هو الخروج عن الطاعة ، فإذا ظهرت أمارته للزوج بتقطيبها في وجهه والتبرم بحوائجه أو بغير عادتها في أدبها وعظها ، ثم حول ظهره إليها ، ثم اعتزل فراشها ولا يجوز ضربها . وإذا امتنعت عن طاعته فيما يجب له ضربها مقتصرا على ما يؤمل به رجوعها ، ما لم يكن مدميا ولا مبرحا . ولو نشز بمنع حقوقها فلها المطالبة ، وللحاكم إلزامه ، ولو تركت بعض حقوقها استمالة له حل قبوله . والشقاق أن يكون النشوز منهما ويخشى الفرقة ، فيبعث الحاكم الحكمين من أهل الزوجين أو من غيرهما تحكيما ، فإن اتفقا


[ 175 ]

على الاصلاح فعلاه ، وإن اتفقا على التفريق لم يصح إلا بإذن الزوج في الطلاق والزوجة في البذل ، وكل ما شرطاه يلزم إذا كان سائغا . ويلحق بذلك نظران ، الأول : الأولاد : ويلحق الولد بالزوج الدائم بالدخول ، مضي ستة أشهر من حين الوطء ، وعدم تجاوز أقصى الحمل ، وغاية ما قيل عندنا سنة . هذا في التام الذي ولجته الروح ، وفي غيره يرجع إلى المعتاد من الأيام والأشهر وإن نقصت عن الستة أشهر ، ولو فجر بها فالولد للزوج ولا يجوز له نفيه لذلك ، ولو نفاه لم ينتف إلا باللعان ، ولو اختلفا في الدخول أو في ولادته حلف الزوج ، ولو اختلفا في المدة حلفت . وولد المملوكة إذا حصلت الشرائط يلحق به وكذلك المتعة ، لكن لو نفاه انتفى بغير لعان فيهما ، وإن فعل حراما ، فلو عاد واعترف به صح ولحق به ، ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل ، وولد الشبهة يلحق بالواطئ بالشروط وعدم الزوج الحاضر . ويجب استبداد النساء بالمرأة عند الولادة أو الزوج فإن تعذر فالرجال . ويستحب غسل المولود ، والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى ، وتحنيكه بتربة الحسين عليه السلام وماء الفرات ، أو ماء فرات ولو بخلطه بالتمر أو العسل ، وتسميته محمدا إلى اليوم السابع فإن غير جاز ، وأصدق الأسماء عبد الله وأفضلها إسم محمد وعلي وأسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام ، وتكنيته ، ويجوز اللقب ، ويكره الجمع بين كنيته بأبي القاسم وتسميته بمحمد ، وأن يسمي حكما أو حكيما أو خالدا أو حارثا أو ضرارا أو مالكا .


[ 176 ]

وأحكام الأولاد أمور : فمنها العقيقة والحلق والختان وثقب الأذن في اليوم السابع ، وليكن الحلق قبل العقيقة ، ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة ، ويكره القنازع ، ويجب الختان عند البلوغ ، ويستحب خفض النساء وإن بلغن . والعقيقة شاة يجتمع فيها شروط الأضحية ، ويستحب مساواتها الولد في الذكورة والأنوثة ، والدعاء عند ذبحها بالمأثور ، وسؤال الله أن يجعلها فدية له لحما بلحم وعظما بعظم وجلدا بجلد . ولا تكفي الصدقة بقيمتها ، وليخص القابلة بالرجل والورك ، ولو لم تكن قابلة تصدقت به الأم . ولو بلغ الولد ولما يعق عنه استحب له العقيقة عن نفسه ، ولو شك فليعق إذ الأصل عدم عقيقة أبيه . ولو مات الصبي يوم السابع بعد الزوال لم تسقط ، وقبله تسقط ، ويكره للوالدين أن يأكلا منها شيئا وكذا من هو في عيالهما ، وأن يكسر عظامها بل تفصل أعضاء ، ويستحب أن يدعى لها المؤمنون وأقلهم عشرة ، وتطبخ بالماء والملح . ومنها الرضاع ، فيجب على الأم إرضاع اللباء بأجرة على الأب إن لم يكن للولد مال ، ويستحب للأم أن ترضعه طول المدة والأجرة كما قلناه ، ولها إرضاعه بنفسها وبغيرها وهي أولى إذا قنعت بما يقنع به الغير ، ولو طلبت زيادة جاز للأب انتزاعه وتسليمه إلى الغير ، وللمولى إجبار أمته على الارضاع لولدها وغيره . ومنها الحضانة ، فالأم أحق بالولد مدة الرضاع وإن كان ذكرا إذا كانت حرة مسلمة أو كانا رقيقين أو كافرين ، فإذا فصل فالأم أحق بالأنثى إلى سبع والأب أحق بالذكر إلى البلوغ وبالانثى بعد


[ 177 ]

السبع ، والأم أحق من الوصي بالابن ، فإن فقد الأبوان فالحضانة لأب الأب ، فإن فقد فالأقارب الأقرب فالأقرب ، ولو تزوجت الأم سقطت حضانتها ، فإن طلقت عادت الحضانة ، وإذا بلغ الولد رشيدا سقطت الحضانة عنه . النظر الثاني ، في النفقات . وأسبابها الزوجية ، والقرابة ، والملك : فالأول : تجب نفقة الزوجة بالعقد الدائم بشرط التمكين الكامل في كل زمان ومكان يسوغ فيه الاستمتاع ، فلا نفقة للصغيرة ولا للناشزة ولا للساكتة بعد العقد ما لم تعرض التمكين عليه . والواجب القيام بما تحتاج إليه المرأة من طعام وإدام وكسوة وإسكان وإخدام وآلة الدهن تبعا لعادة أمثالها من بلدها ، والمرجع في الاطعام إلى سد الخلة . وتجب الخادم إذا كانت من أهله أو كانت مريضة ، وجنس المأدوم والملبوس والمسكن يتبع عادة أمثالها ، ولها المنع من مشاركة غير الزوج ، ويزيد كسوتها في الشتاء المحشوة لليقظة واللحاف للنوم ، ولو كان في بلد يعتاد فيها الفرو للنساء وجب ، ويرجع في جنسه إلى عادة أمثالها ، وكذا لو احتيج إلى تعدد اللحاف . وتزاد المتجملة ثياب التجمل بحسب العادة ، ولو دخل بها واستمرت تأكل معه على العادة فليس لها مطالبته بمدة مؤاكلته . الثاني : القرابة ، وتجب النفقة على الأبوين فصاعدا والأولاد فنازلا ، ويستحب على باقي الأقارب ويتأكد في الوارث منهم ، وإنما يجب الانفاق على الفقير العاجز عن التكسب وإن كان فاسقا أو كافرا . ويشترط في المنفق أن يفضل ماله عن قوته وقوت زوجته ،


[ 178 ]

والواجب قدر الكفاية من الاطعام والكسوة والمسكن ، ولا يجب إعفاف واجب النفقة . وتقضى نفقة الزوجة لا نفقة الأقارب ، ولو قدرها الحاكم ، نعم لو أذن في الاستدانة أو أمره قضى . والأب مقدم في الانفاق ومع عدمه أو فقره فعلى أب الأب فصاعدا ، فإن عدمت الآباء فعلى الأم ثم على أبويها بالسوية ، والأقرب في كل مرتبة مقدم على الأبعد ، أما المنفق عليهم فالابوان والأولاد سواء ، وهم أولى من آبائهم وأولادهم ، وكل طبقة أولى من التي بعدها مع القصور ، ولو كان للعاجز أب وابن قادران فعليهما بالسوية ، ويجبر الحاكم الممتنع عن الانفاق ، وإن كان له مال باعه الحاكم وأنفق منه . الثالث : الملك ، وتجب النفقة على الرقيق والبهيمة ولو كان للرقيق كسب جاز للمولى أن يكله إليه ، فإن كفاه وإلا أتم له ، ويرجع في جنس ذلك إلى عادة مماليك أمثال السيد من بلده ، ويجبر على الانفاق أو البيع . ولا فرق بين القن والمدبر وأم الولد ، وكذا يجبر على الانفاق على البهيمة المملوكة إلا أن تجتزئ بالرعي ، فإن امتنع أجبر على الانفاق أو البيع أو الذبح إن كانت مقصودة بالذبح ، وإن كان لها ولد وفر عليه من لبنها ما يكفيه إلا أن يقوم بكفايته . * * *


[ 179 ]

( 35 ) كتاب الطلاق وفيه فصول ، الأول ، في أركانه : وهي الصيغة والمطلق والمطلقة والاشهاد . والصريح : أنت أو هذه أو فلانة أو زوجتي مثلا طالق ، فلا يكفي طلاق ، ولا من المطلقات ، ولا مطلقة ، ولا طلقت فلانة على قول ، ولا عبرة بالسراح والفراق والخلية والبرية وإن قصد الطلاق ، وطلاق الأخرس بالاشارة وإلقاء القناع ، ولا يقع بالكتب حاضرا كان أو غائبا ، ولا بالتخيير وإن اختارت نفسها في الحال ، ولا معلقا على شرط أو صفة . ولو فسر الطلقة بأزيد من الواحدة لغي التفسير . ويعتبر في المطلق البلوغ والعقل ، ويطلق الولي عن المجنون لا عن الصبي ولا السكران ، والاختيار فلا يقع طلاق المكره ، والقصد فلا عبرة بعبارة الساهي والنائم والغالط . ويجوز توكيل الزوجة في طلاق نفسها وغيرها ، ويعتبر في المطلقة الزوجية والدوام والطهر من الحيض والنفاس إذا كانت مدخولا بها حائلا حاضرا زوجها معها ، والتعيين على الأقوى . * * *


[ 180 ]

الفصل الثاني ، في أقسامه : وهي إما حرام وهو طلاق الحائض إلا مع المصحح له ، وكذا النفساء ، وفي طهر جامعها فيه ، والثلاث من غير رجعة ، وكله لا يقع لكن يقع في الثلاث واحدة . وإما مكروه وهو الطلاق مع التئام الأخلاق . وإما واجب ، وهو طلاق المولى والمظاهر . وإما سنة ، وهو الطلاق مع الشقاق ، وعدم رجاء الاجتماع ، والخوف من الوقوع في المعصية . ويطلق الطلاق السني على كل طلاق جائز شرعا وهو ما قابل الحرام ، وهو ثلاثة : بائن وهو ستة : طلاق غير المدخول بها ، واليائسة ، والصغيرة ، والمختلعة ، والمباراة ما لم يرجعا في البذل ، والمطلقة ثالثة بعد رجعتين . ورجعي وهو ما للمطلق فيه الرجعة ، رجع أو لا . وطلاق العدة وهو أن يطلق على الشرائط ثم يرجع في العدة ويطأ ثم يطلق في طهر آخر ، وهذه تحرم في التاسعة أبدا ، وما عداه في كل ثالثة للحرة . والأفضل في الطلاق أن يطلق على الشرائط ثم يتركها حتى تخرج من العدة ثم يتزوجها إن شاء وعلى هذا ، وقد قال بعض الأصحاب إن هذا الطلاق لا يحتاج إلى محلل بعد الثلاث والأصح احتياجه إليه . ويجوز طلاق الحامل أزيد من مرة ويكون طلاق عدة إن وطأ وإلا فسنة بمعناه الأعم . والأولى تفريق الطلقات على الأطهار لمن يطلق ويراجع ، ولو طلق مرات في طهر واحد فخلاف


[ 181 ]

أقربه الوقوع مع تخلل الرجعة ، وتحتاج مع كمال الثلاث إلى المحلل ، ولا يلزم الطلاق بالشك . ويكره للمريض الطلاق ، فإن فعل توارثا في الرجعية ، وترثه في البائن والرجعى إلى سنة ما لم يتزوج أو يبرأ من مرضه . والرجعة تكون بالقول مثل رجعت وارتجعت ، وبالفعل كالوطء والتقبيل واللمس بشهوة ، وإنكار الطلاق رجعة . ولو طلق الذمية جاز مراجعتها ولو منعنا من ابتداء نكاحها دواما ، ولو أنكرت الدخول عقيب الطلاق حلفت . ورجعة الأخرس بالاشارة وأخذ القناع ، ويقبل قولها في انقضاء العدة في الزمان المحتمل ، وأقله ستة وعشرون يوما ولحظتان ، والأخيرة دلالة على الخروج لا جزء ، وظاهر الروايات أنه لا يقبل منها غير المعتاد إلا بشهادة أربع من النساء المطلعات على باطن أمرها وهو قريب . الفصل الثالث ، في العدد : لا عدة على من لم يدخل بها الزوج إلا في الوفاة فتجب أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت حرة ونصفها إن كانت أمة دخل بها أو لا ، وفي باقي الأسباب تعتد ذات الأقراء المستقيمة الحيض مع الدخول بثلاثة أطهار ، وذات الشهور وهي التي لا يحصل لها الحيض بالمعتاد وهي في سن من تحيض بثلاثة أشهر ، والأمة بطهرين أو خمسة وأربعين يوما ، ولو رأت الدم في الأشهر مرة أو مرتين انتظرت تمام الأقراء ، فإن


[ 182 ]

تمت وإلا صبرت تسعة أشهر أو سنة ، فإن وضعت ولدا أو اجتمعت الأقراء فذاك ، وإلا اعتدت بعدها بثلاثة أشهر ، إلا أن تتم الأقراء قبلها . وعدة الحامل وضع الحمل وإن كان علقة في غير الوفاة ، وفيها بأبعد الأجلين من وضعه ومن الأشهر ، ويجب الحداد على المتوفى عنها وهو ترك الزينة من الثياب والادهان والطيب والكحل الأسود ، وفي الأمة قولان ، والمروي أنها لا تحد . والمفقود إذا جهل خبره ولم يكن له ولي ينفق عليها وطلب أربع سنين ثم يطلقها الحاكم بعدها وتعتد ، والمشهور أنها تعتد عدة الوفاة وتباح للأزواج ، فإن جاء في العدة فهو أملك بها وإلا فلا سبيل له عليها وتزوجت أو لا ، وعلى الإمام أن ينفق عليها من بيت المال طول المدة . ولو أعتقت الأمة في أثناء العدة أكملت عدة الحرة إن كان الطلاق رجعيا أو عدة وفاة ، والذمية كالحرة في الطلاق والوفاة على الأشهر ، وتعتد أم الولد من وفاة زوجها أو سيدها عدة الحرة ، ولو أعتق السيد أمته فثلاثة أقراء ، ويجب الاستبراء بحدوث الملك وزواله بحيضة إن كانت تحيض أو بخمسة وأربعين يوما إذا كانت لا تحيض وهي في سن من تحيض . الفصل الرابع ، في الأحكام : يجب الانفاق في العدة الرجعية كما كان في صلب النكاح ، ويحرم عليها


[ 183 ]

الخروج من المنزل الطلاق ، ويحرم عليه الاخراج إلا أن تأتي بفاحشة يجب بها الحد أو تؤذي أهله . ويجب الانفاق في الرجعية على الأمة إذا أرسلها مولاها ليلا ونهارا ، ولا نفقة للبائن إلا أن تكون حاملا ، ولو انهدم المسكن أو كان مستعارا فرجع مالكه أو مستأجرا انقضت مدته ، أخرجها إلى مسكن يناسبها ، وكذا لو طلقت في مسكن لا يناسبها أخرجها إلى مسكن مناسب . ولو مات فورث المسكن جماعة لم يكن لهم قسمته إذا كانت حاملا وقلنا لها السكنى ، وإلا جازت القسمة . وتعتد زوجة الحاضر من حين السبب ، وزوجة الغائب في الوفاة من حين بلوغ الخبر ، وفي الطلاق من حين الطلاق . * * *


[ 184 ]

( 36 ) كتاب الخلع والمباراة وصيغة الخلع أن يقول : خالعتك على كذا أو أنت مختلعة ، ثم يتبعه بالطلاق في القول الأقوى . ولو أتى بالطلاق مع العوض أغنى عن لفظ الخلع ، وكل ما صح أن يكون مهرا صح أن يكون فدية ، ولا تقدير فيه فيجوز على أزيد مما وصل إليها منه ويصح بذل الفدية منها ومن وكيلها وممن يضمنها بإذنها . وفي المتبرع قولان أقربهما المنع ، ولو تلف العوض قبل القبض فعليها ضمانه مثلا أو قيمة وكذا لو ظهر استحقاقه لغيرها . ويصح البذل من الأمة بإذن المولى فإن عين قدرا وإلا انصرف إلى مهر المثل ، ولو لم يأذن صح وتبعت به بعد العتق . والمكاتبة المشروط كالقن ، وأما المطلقة فلا اعتراض عليها ، ولا يصح الخلع إلا مع كراهيتها ، ولو لم تكره بطل البذل ووقع الطلاق رجعيا ، ولو أكرهها على الفدية فعل حراما ولا يملكها بالبذل وطلاقها رجعي ، نعم لو أتت بفاحشة جاز عضلها لتفدي نفسها . وإذا تم الخلع فلا رجعة للزوج ، وللزوجة الرجعة في البذل ما دامت في العدة ، فإذا رجعت رجع هو إن شاء ، ولو تنازعا في القدر حلفت وكذا لو تنازعا في الجنس أو الارادة ، ولو قال خلعتك على ألف في ذمتك ،


[ 185 ]

فقالت بل في ذمة زيد ، حلفت على الأقوى . والمباراة كالخلع إلا أنها تترتب على كراهية الزوجين فلا يجوز له الزيادة على ما أعطاها ، ولا بد من الاتباع بالطلاق ، ولو قلنا في الخلع لا يجب . ويشترط في الخلع والمباراة شروط الطلاق . * * *


[ 186 ]

( 37 ) كتاب الظهار وصيغته : هي كظهر أمي أو أختي أو بنتي ، ولو من الرضاع على الأشهر . ولا اعتبار بغير لفظ الظهر ولو بالتشبيه بالأب ، أو الأجنبية ، أو أخت الزوجة ، أو مظاهرتها منه . ولا يقع إلا منجزا وقيل يصح تعليقه على الشرط لا الصفة ، وهو قوي . والأقرب صحة توقيته . ولا بد من حضور عدلين وكونها طاهرا من الحيض والنفاس ، وأن لا يكون قد قربها في ذلك الطهر وأن يكون المظاهر كاملا قاصدا . ويصح من الكافر ، والأقرب صحته بملك اليمين . والمروي اشتراط الدخول ويكفي الدبر . ويقع الظهار بالرتقاء والقرناء والمريضة التي لا توطأ . وتجب الكفارة بالعود وهو إرادة الوطء ، بمعنى تحريم وطئها حتى يكفر . ولو وطأ قبل التكفير فكفارتان ، ولو كرر تكررت الواحدة ، وكفارة الظهار بحالها . ولو طلقها بائنا أو رجعيا وانقضت العدة حلت له من غير تكفير ، وكذا لو ظاهر من أمة ثم اشتراها .


[ 187 ]

ويجب تقديم الكفارة على المسيس ، ولو ماطل رافعته إلى الحاكم فينظره ثلاثة أشهر حتى يكفر ويفئ أو يطلق ، ويجبره على ذلك بعدها لو امتنع . * * *


[ 188 ]

( 38 ) كتاب الايلاء وهو الحلف على ترك وطء الزوجة الدائمة للاضرار بها أبدا أو مطلقا أو زيادة على أربعة أشهر ، ولا ينعقد إلا باسم الله تعالى متلفظا به بالعربية وغيرها ، ولا بد من الصريح كإدخال الفرج في الفرج أو اللفظة المختصة بذلك . ولو تلفظ بالجماع والوطء وأراد الايلاء صح ، ولو كنى بقوله : لا جمع رأسي ورأسك مخدة ، ولا ساقفتك ، وقصد الايلاء حكم الشيخ بالوقوع . ولا بد من تجريده عن الشرط والصفة ، ولا يقع لو جعله يمينا أو حلف بالطلاق أو العتاق . ويشترط في المولى الكمال والاختيار والقصد ، ويجوز من العبد والذمي . وإذ تم الايلاء فللزوجة المرافعة مع امتناعه عن الوطء فينظره الحاكم أربعة أشهر ثم يجبره بعدها على الفئة أو الطلاق ولا يجبره على أحدهما عينا ولو آلى مدة معينة ودافع حتى انقضت سقط حكم الايلاء ، ولو اختلفا في انقضاء المدة قدم قول مدعي البقاء ، ولو اختلفا في زمان إيقاع الايلاء حلف من يدعي تأخره .


[ 189 ]

ويصح الايلاء من الخصي والمجبوب . وفئته ( منه ) العزم على الوطء مظهرا له معتذرا من عجزه ، وكذا لو انقضت المدة وله مانع من الوطء ، ومتى وطأ لزمته الكفارة سواء كان في مدة التربص أو بعدها . ومدة الايلاء من حين الترافع ، ويزول حكم الايلاء بالطلاق البائن وبشراء الأمة ثم عتقها . ولا تتكرر الكفارة بتكرر اليمين قصد التأكيد أو التأسيس إلا مع تغاير الزمان ، وفي الظهار خلاف أقربه التكرار ، فإذا وطأ المولى ساهيا أو مجنونا أو لشبهة بطل حكم الايلاء عند الشيخ ، ولو ترافع الذميان إلينا تخير الإمام بين الحكم بينهم بما يحكم على المولى مسلما ، وبين ردهم إلى نحلتهم ، ولو آلى ثم ارتد حسب عليه من المدة زمان الردة على الأقوى . * * *


[ 190 ]

( 39 ) كتاب اللعان وله سببان ، أحدهما : رمي الزوجة المحصنة المدخول بها بالزنا قبلا أو دبرا مع دعوى المشاهدة ، قيل وعدم البينة . والمعني بالمحصنة العفيفة ، فلو رمى المشهورة بالزنا فلا حد ولا لعان ، ولا يجوز القذف إلا مع المعاينة كالميل في المكحلة لا بالشياع أو غلبة الظن . الثاني : إنكار من ولد على فراشه بالشرائط السابقة وإن سكت حال الولادة على الأقوى ما لم يسبق الاعتراف به صريحا أو فحوى ، مثل أن يقال له : بارك الله لك في هذا الولد فيؤمن أو يقول إن شاء الله ، بخلاف بارك الله فيك وشبهه . ولو قذفها ونفى الولد وأقام بينة سقط الحد ولم ينتف عنه الولد إلا باللعان . ولا بد من كون الملاعن كاملا ولو كان كافرا . ويصح لعان الأخرس بالاشارة المعقولة إن أمكن معرفته ، ويجب نفي الولد إذا عرف اختلال شروط الالحاق ، ويحرم بدونه وإن ظن انتفاءه عنه أو خالفت صفاته صفاته . ويعتبر في الملاعنة الكمال والسلامة من الصمم والخرس والدوام ، إلا أن يكون اللعان لنفي الحد . وفي الدخول قولان . ويثبت


[ 191 ]

بين الحر والمملوكة لنفي الولد أو التعزير ، ولا يلحق ولد المملوكة إلا بالاقرار ولو اعترف بوطئها ، ولو نفاه انتفى بغير لعان . القول في كيفية اللعان وأحكامه : يجب كونه عند الحاكم أو من نصبه ، ويجوز التحكيم فيه للعالم المجتهد فيشهد الرجل أربع مرات أنه لمن الصادقين فيما رماها به ، ثم يقول : إن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، ثم تشهد المرأة أربع شهادات أنه لمن الكاذبين فيما رماها به ، ثم تقول : إن غضب الله عليها إن كان من الصادقين . ولا بد من التلفظ بالشهادة على الوجه المذكور ، وأن يكون الرجل قائما عند إيراده وكذا المرأة ، وقيل يكونان معا قائمين في الايرادين . وأن يتقدم الرجل أولا ، وأن يميز الزوجة عن غيرها تمييزا يمنع المشاركة ، وأن يكون باللفظ العربي إلا مع التعذر فيفتقر الحاكم إلى مترجمين عدلين إن لم يعرف تلك اللغة . وتجب البدأة بالشهادة ثم اللعن ، وفي المرأة بالشهادة ثم الغضب ، ويستحب أن يجلس الحاكم مستدبر القبلة ، وأن يقف الرجل عن يمينه والمرأة عن يمين الرجل ، وأن يحضر من يسمع ، وأن يعظه الحاكم قبل كلمة اللعنة ويعظها قبل كلمة الغضب ، وأن يغلظ بالقول والمكان كبين الركن والمقام بمكة وفي الروضة بالمدينة وتحت الصخرة في الاقصى وفي المساجد بالامصار أو المشاهد الشريفة . وإذا لاعن الرجل سقط عنه الحد ووجب على المرأة ، فإذا أقرت أو نكلت وجب الحد ، وإن لاعنت سقط . ويتعلق بلعانهما


[ 192 ]

أحكام أربعة : سقوط الحدين عنهما ، وزوال الفراش ، ونفي الولد عن الرجل ، والتحريم المؤبد . ولو أكذب نفسه في أثناء اللعان وجب عليه حد القذف ، وبعد لعانه قولان ، وكذا بعد لعانهما ، لكن لا يعود الحل ولا يرث الولد وإن ورثه الولد . ولو أكذبت نفسها بعد لعانها فكذلك ولا حد عليها إلا أن تقر أربعا على خلاف . ولو قذفها برجل وجب عليه حدان وله إسقاط أحدهما باللعان ، ولو أقام بينة سقط الحدان . ولو قذفها فماتت قبل اللعان سقط اللعان وورثها وعليه الحد للوارث وله أن يلاعن لسقوطه ، ولا ينتفي الإرث بلعانه بعد الموت إلا على رواية . ولو كان الزوج أحد الأربعة فالأقرب حدها إن لم تختل الشرائط بخلاف ما إذا سبق الزوج بالقذف ، أو اختل غيره من الشرائط فإنها لا تحد ، ويلاعن الزوج وإلا حد . * * *


[ 193 ]

( 40 ) كتاب العتق وفيه أجر عظيم وعبارته الصريحة التحرير مثل : أنت مثلا حر . وفي قوله أنت عتيق أو معتق خلاف ، الأقرب وقوعه . ولا عبرة بغير ذلك من الالفاظ ، صريحا كان مثل أزلت عنك الرق أو فككت رقبتك ، أو كناية مثل أنت سايبة . وكذا لا عبرة بالنداء مثل يا حر وإن قصد التحرير بذلك كله . وفي اعتبار التعيين نظر . ويشترط بلوغ المولى واختياره ورشده وقصده والتقرب به إلى الله تعالى ، وكونه غير محجور عليه بفلس أو مرض فيما زاد على الثلث . والأقرب صحة مباشرة الكافر ، وكونه محلا بالنذر لا غير . ولا يقف العتق على إجازة بل يبطل عتق الفضولي ، ولا يجوز تعليقه على شرط إلا في التدبير فإنه يعلق بالموت لا بغيره ، نعم لو نذر عتق عبده عند شرط انعقد ، ولو شرط عليه خدمة صح ، ولو شرط عوده في الرق إن خالف فالأقرب بطلان العتق . ويستحب عتق المؤمن إذا أتى عليه سبع سنين بل يستحب مطلقا . ويكره عتق العاجز عن اكتساب إلا أن يعينه ، وعتق المخالف لا المستضعف .


[ 194 ]

ومن خواص العتق السراية فمن أعتق شقصا من عبده عتق كله ، إلا أن يكون مريضا ولم يبرأ ولم يخرج من الثلث إلا مع الاجازة ولو كان له فيه شريك قوم عليه نصيبه مع يساره وسعى العبد مع إعساره ، ولو عجز العبد فالمهاياة في كسبه ، وتتناول المعتاد والنادر ، ولو اختلفا في القيمة حلف الشريك لأنه ينتزع من يده . وقد يحصل العتق بالعمى والجذام والاقعاد وإسلام المملوك في دار الحرب سابقا على مولاه ، ودفع قيمة الوارث وتنكيل المولى بعبده وبالملك ، وقد سبق . ويلحق بذلك مسائل : لو قيل لمن أعتق بعض عبيده : أعتقتهم ، فقال نعم ، لم يعتق سوى من أعتقه . ولو نذر عتق أول ما تلده فولدت توأمين عتقا ، وكذا لو نذر عتق أول ما يملكه فملك جماعة عتقوا . ولو قال أول مملوك أملكه ، فملك جماعة أعتق أحدهم بالقرعة وكذا لو قال أول مولود تلده . ولو نذر عتق أمته إن وطأها فأخرجها عن ملكه ثم أعادها ، لم تعد اليمين ولو نذر عتق كل مملوك قديم انصرف إلى من مضى عليه في ملكه ستة أشهر . ولو اشترى أمة نسيئة وأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها


[ 195 ]

أو تزوجها بمهر ثم مات ولم يخلف شيئا ، نفذ العتق ولا تعود رقا ولا ولدها على ما تقضيه الأصول ، وفي رواية هشام بن سالم الصحيحة عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام : رقها ورق ولدها لمولاها الأول . وعتق الحامل لا يتناول الحمل إلا على رواية . * * *


[ 196 ]

( 41 ) كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد والنظر في أمور ثلاثة ، الأول : التدبير تعليق عتق بوفاته أو تعليقه على وفاة زوج المملوكة أو مخدوم العبد على قول مشهور . والوفاة قد تكون مطلقة وقد تكون مقيدة كما تقدم في الوصية ، والصيغة : أنت حر أو عتيق أو معتق بعد وفاتي أو بعد فلان مع القصد إلى ذلك ، ولا يشترط فيه التقرب . وشرطها التنجيز وأن تعلق بعد الوفاة بلا فصل ، فلو قال أنت حر بعد وفاتي سنة ، بطل . وشرط المباشرة الكمال والاختيار وجواز التصرف . ولا يشترط الاسلام فيصح مباشرة الكافر وإن كان حربيا ، فإن دبر مثله واسترق أحدهما أو كلاهما بطل التدبير ، ولو أسلم المدبر بيع على الكافر وبطل تدبيره ، ولو حملت المدبرة من مملوك فولدها مدبر ، ولو حملت من سيدها صارت أم ولد فتعتق من الثلث ، فإن فضلت فمن نصيب الولد ، ولو رجع في تدبيرها لم يكن رجوعا في تدبير ولدها ، ولو صرح بالرجوع في تدبيره فقولان ، المروي المنع . ودخول الحمل في التدبير للأم مروي كعتق الحامل ، ويتحرر المدبر من الثلث ، ولو جامع الوصايا قدم الأول فالأول ، ولو كان على الميت دين قدم الدين


[ 197 ]

فإن فضل شئ عتق من المدبر ثلث ما بقي . ويصح الرجوع في التدبير قولا مثل رجعت في تدبيره . وفعلا كأن يهب أو يبيع أو يوصي ، وإنكاره ليس برجوع . ويبطل التدبير بالاباق فلو ولد له حال الاباق كانوا رقا وقبله على التدبير . ولا يبطل بارتداد السيد ولا بارتداد العبد إلا أن يلحق بدار الحرب . وكسب المدبر في الحياة للمولى لأنه رق ، ولو استفاده بعد الوفاة فله جميع كسبه إن خرج من الثلث ، وإلا فبنسبة ما عتق منه والباقي للوارث . النظر الثاني ، في الكتابة : وهي مستحبة مع الأمانة والتكسب ، ومتأكدة بالتماس العبد ، ولو عدم الأمران فهي مباحة ، وهي معاملة مستقلة وليست بيعا للعبد من نفسه ولا عتقا نصفه . ويشترط في المتعاقدين الكمال وجواز تصرف المولى ، ولا بد من العقد المشتمل على الايجاب مثل كاتبتك على أن تؤدي إلى كذا في وقت كذا أو أوقات كذا ، فإذا أديت فأنت حر ، والقبول مثل قبلت ، فإن قال : فإن عجزت فأنت رد في الرق فهي مشروطة ، وإلا فهي مطلقة والأقرب اشتراط الأجل . وحد العجز أن يؤخر نجما عن محله ويستحب الصبر عليه ، والأقرب لزوم الكتابة من الطرفين في المطلقة والمشروطة ويصح فيها التقايل . ولا يشترط الاسلام في السيد ولا في العبد ، ويجوز لولي اليتيم أن يكاتب رقيقه مع الغبطة ويجوز تنجيمها بشرط العلم بالقدر والأجل ، ولا يصح مع الجهالة العوض ولا على


[ 198 ]

عين ، ويستحب أن لا يتجاوز قيمة العبد . ويجب الايتاء من الزكاة إن وجبت على المولى ، وإلا استحب ولا حد له ، ولو مات المشروط قبل كمال الأداء بطلت ، ولو مات المطلق ولم يؤد شيئا فكذلك ، وإن أدى تحرر منه بقدر المؤدى وكان ميراثه بين السيد ووارثه بالنسبة ، ويؤدي الوارث التابع له في الكتابة باقي مال الكتابة ، وللمولى إجباره على الأداء كماله إجبار المورث . وتصح الوصية للمكاتب المطلق بحساب ما تحرر منه . وكل ما يشترط في عقد الكتابة مما لا يخالف المشروع لازم ، وليس له التصرف في ماله ببيع ولا هبة ولا عتق ولا إقراض إلا بإذن المولى ، ولا يتصرف المولى في ماله أيضا إلا بما يتعلق بالاستيفاء ، ويحرم عليه وطء المكاتبة عقدا وملكا وله تزويجها بإذنها . ويجوز بيع المال الكتابة فإذا أداه إلى المشتري عتق ، ولو اختلفا في قدر مال الكتابة أو في النجوم قدم المنكر مع يمينه . النظر الثالث ، في الاستيلاد : وهو يحصل بعلوق أمته منه في ملكه وهي مملوكة ولا تتحرر بموت المولى بل من نصيب ولدها ، فإن عجز النصيب سعت في المتخلف ، ولا يجوز بيعها ما دام ولدها حيا إلا فيما استثني ، وإذا جنت فكها بأقل الأمرين من قيمتها وأرش الجناية إن شاء ، وإلا سلمها أو يسلم ما قابل الجناية . * * *


[ 199 ]

( 42 ) كتاب الاقرار وفيه فصول : الأول ، الصيغة وتوابعها : وهي له عندي كذا ، أو هذا له ، أو له في ذمتي ، وشبهه . ولو علقه بالمشيئة بطل إن اتصل ، ويصح بالعربية وغيرها ، ولو علقه بشهادة الغير أو قال إذا شهد فلان فهو صادق ، فالأقرب البطلان ، لجواز أن يعتقد استحالة صدقه لاستحالة شهادته عنده . ولا بد من كون المقر كاملا خاليا من الحجر للسفه . وإقرار المريض من الثلث مع التهمة ، وإلا فمن الأصل . وإطلاق الكيل أو الوزن يحمل على المتعارف في البلد ، وإن تعدد عين المقر ما لم يغلب فيحمل على الغالب . ولو أقر بلفظ مبهم صح وألزم بتفسيره كالمال والشئ والجزيل والعظيم والحقير ، ولا بد من كونه مما يتمول لا كقشر جوزة أو حبة دخن ، ولا فرق بين كونه عظيما أو كثيرا ، وقيل الكثير ثمانون . ولو قال له أكثر من مال فلان ، وفسره بدونه وادعى ظن القلة حلف . ولو قال له علي كذا درهم بالحركات الثلاث أو الوقف فواحد ، وكذا كذا درهما ، وكذا وكذا درهما كذلك ، ولو فسر الجر ببعض درهم جاز ، وقيل يتبع في ذلك موازينه من الاعداد ، ويمكن هذا مع الاطلاع على القصد . ولو قال لي عليك


[ 200 ]

ألف ، فقال نعم أو أجل أو بلى أو أنا مقر به ، لزمه . ولو قال زنه أو أنقذه أو أنا مقر ، لم يكن شيئا . ولو قال أليس لي عليك كذا ؟ فقال بلى ، كان إقرارا . وكذا نعم على الأقوى . الثاني ، في تعقيب الاقرار بما ينافيه : والمقبول منه الاستثناء إذا لم يستوعب واتصل بما جرت به العادة ، فمن الاثبات نفي ومن النفي إثبات ، فلو قال له علي مائة إلا تسعين ، فهو إقرار بعشرة . ولو قال إلا تسعون ، فهو إقرار بمائة . ولو قال ليس له علي مأة إلا تسعون ، فهو إقرار بتسعين . ولو قال إلا تسعين ، فليس مقرا . ولو تعدد الاستثناء وكان بعاطف أو كان الثاني أزيد من الأول أو مساويا له رجعا جميعا إلى المستثنى منه ، وإلا رجع التالي إلى متلوه . ولو استثنى من غير الجنس صح وأسقط من المستثنى منه فإذا بقي بقية لزمت ، وإلا بطل كما لو قال : له علي مائة إلا ثوبا . والمستغرق باطل كما لو قال : له علي مائة إلا مائة . وكذا الاضراب مثل مائة بل تسعون ، فيلزمه في الموضعين مائة . ولو قال له علي عشرة من ثمن مبيع لم أقبضه ، ألزم بالعشرة ، وكذا من ثمن خمر أو خنزير . ولو قال له قفيز حنطة بل قفيز شعير ، لزماه . ولو قال قفيز حنطة بل قفيزان حنطة ، فعليه قفيزان . ولو قال له هذا الدرهم بل هذا الدرهم ، فعليه الدرهمان . ولو قال له هذا الدرهم بل درهم ، فواحد . ولو قال هذه الدار لزيد بل لعمرو ، دفعت إلى زيد وغرم لعمرو قيمتها


[ 201 ]

إلا أن يصدقه زيد . ولو أشهد بالبيع وقبض الثمن ثم ادعى المواطأة أحلف المقر له . الفصل الثالث ، في الاقرار بالنسب : ويشترط فيه أهلية المقر وإمكان إلحاق المقر به . فلو أقر ببنوة المعروف بنسبه أو ببنوة من هو أعلى سنا أو مساويا أو أنقص بما لم تجر العادة بتولده منه بطل . ويشترط التصديق فيما عدا الولد الصغير والمجنون والميت ، وعدم المنازع ، فلو تنازعا اعتبرت البينة ، ولو تصادق اثنان على نسب غير التولد صح وتوارثا ، ولم يتعدهما التوارث ، ولا عبرة بإنكار الصغير بعد بلوغه . ولو أقر العم بأخ دفع إليه المال ، فلو أقر العم بعد ذلك بولد وصدقه الأخ دفع إليه وإن أكذبه لم يدفع إليه وغرم العم له ما دفع إلى الأخ . ولو أقرت الزوجة بولد فصدقها الأخوة أخذ المال وإن أكذبوها دفعت إليه الثمن ، ولو انعكس دفعوا إليه ثلاثة الأرباع . ولو أقر الولد بآخر دفع إليه النصف ، فإن أقرا بثالث دفعا إليه الثلث . ومع عدالة اثنين يثبت النسب والميراث ، وإلا فالميراث حسب . ولو أقر بزوج للميتة أعطاه النصف إن كان المقر غير ولدها ،


[ 202 ]

وإلا فالربع ، وإن أقر بآخر وأكذب نفسه في الأول أغرم له ، وإلا فلا شئ عليه . ولو أقر بزوجة أقر للميت فالربع أو الثمن ، فإن أقر بأخرى وصدقته الأولى اقتسما ، وإن أكذبتها غرم لها نصيبها وهكذا . * * *


[ 203 ]

( 43 ) كتاب الغصب وهو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا . فلو منعه من سكنى داره أو إمساك دابته المرسلة فليس بغاصب لهما ، ولو سكن معه قهرا فهو غاصب للنصف ، ولو انعكس ضعف الساكن ضمن أجرة ما سكن ، قيل ولا يضمن العين . ومد مقود الدابة غصب إلا أن يكون صاحبها راكبا قويا مستيقظا . وغصب الحامل غصب للحمل ولو تبعها الولد ففي الضمان قولان . والايدي المتعاقبة على المغصوب أيدي ضمان ، فيتخير المالك في تضمين من شاء أو الجميع ، ويرجع الجاهل منهم بالغصب على من غره . والحر لا يضمن بالغصب ويضمن الرقيق ، ولو حبس الحر لم يضمن أجرته إذا لم يستعمله بخلاف الرقيق . وخمر الكافر المستتر محترم يضمن بالغصب بقيمته عند مستحليه ، وكذا الخنزير . ولو اجتمع المباشر والسبب ضمن المباشر إلا مع الاكراه أو الغرور فيستقر الضمان في الغرور على الغار . ولو أرسل ماء في ملكه أو


[ 204 ]

أجج نارا فسرى إلى الغير فلا ضمان إذا لم يزد عن قدر الحاجة ولم تكن الريح عاصفة ، وإلا ضمن . ويجب رد المغصوب ما دامت العين باقية ، ولو أدى رده إلى ذهاب مال الغاصب فإن تعذر ضمنه بالمثل إن كان مثليا ، وإلا فالقيمة العليا من حين الغصب إلى حين التلف ، وقيل إلى حين الرد ، وقيل بالقيمة يوم التلف لا غير . وإن عاب ضمن أرشه ويضمن أجرته إن كان له أجرة لطول المدة ، استعمله أو لا ، ولا فرق بين بهيمة القاضي والشوكي في ضمان الأرش . ولو جنى على العبد المغصوب فعلى الجاني أرش الجناية وعلى الغاصب ما زاد عن أرشها من النقص إن اتفق ، ولو مثل به انعتق وغرم قيمته للمالك ، ولو غصب الخفين أو المصراعين أو الكتاب سفرين فتلف أحدهما ضمن قيمته مجتمعا ولو زادت قيمة المغصوب بفعل الغاصب فلا شئ عليه ولا له إلا أن يكون عينا كالصبغ فله قلعه إن قبل الفصل ويضمن أرش الثوب ، ولو بيع مصبوغا بقيمته مغصوبا فلا شئ للغاصب . ولو غصب شاة فأطعمها المالك جاهلا ضمنها الغاصب ، ولو أطعمها غير صاحبها جاهلا ضمن المالك من شاء ، والقرار على الغاصب . ولو مزج المغصوب كلف فصله إن أمكن وإن شق ، ولو لم يمكن ضمن المثل إن مزجه بالاردء وإلا كان شريكا . ومؤونة القسمة على الغاصب . ولو زرع الحب أو أحضن البيض فالزرع والفرخ للمالك ، ولو


[ 205 ]

نقله إلى غير بلد المالك وجب عليه نقله ومؤونة نقله ، ولو رضي المالك بذلك المكان لم يجب ، ولو اختلفا في القيمة حلف الغاصب ، وكذا لو ادعى إثبات صناعة يزيد بها الثمن ، وكذا لو ادعى التلف أو ادعى تملك ما على العبد من الثياب . ولو اختلفا في الرد حلف المالك . * * *


[ 206 ]

( 44 ) كتاب اللقطة وفيه فصول ، الأول ، في اللقيط : وهو كل إنسان ضائع لا كافل له ولا يستقل بنفسه ، فيلتقط الصبي والصبية ما لم يبلغا ، فإذا علم الأب أو الجد أو الوصي أو الملتقط السابق سلم إليهم ، ولو كان اللقيط مملوكا حفظ حتى يصل إلى المالك ، ولا يضمن إلا بالتفريط . نعم ، الأقرب المنع من أخذه إذا كان بالغا أو مراهقا بخلاف الصغير الذي لا قوة معه . ولا بد من بلوغ الملتقط وعقله وحريته إلا بإذن السيد ، وإسلامه إن كان اللقيط محكوما بإسلامه ، قيل وعدالته . وقيل حضره فينتزع من البدوي ومن مريد السفر به والواجب حضانته ، ومع تعذره ينفق عليه من بيت المال أو الزكاة ، فإن تعذر استعان بالمسلمين ، فإن تعذر أنفق ورجع عليه إذا نواه ، ولا ولاء عليه للملتقط . وإذا خاف عليه التلف وجب أخذه كفاية ، وإلا استحب . وكلما بيده أو تحته أو فوقه فله ولا ينفق منه إلا بإذن الحاكم ، ويستحب الاشهاد على أخذه ، ويحكم بإسلامه إن التقط في دار الاسلام أو في


[ 207 ]

دار الحرب وفيها مسلم ، وعاقلته الإمام . ولو اختلفا في الانفاق أو قدره حلف الملتقط في المعروف ، ولو تشاح ملتقطان أقرع ، ولو ترك أحدهما للآخر جاز ، ولو تداعى بنوته اثنان ولا بينة فالقرعة ، ولا ترجيح بالاسلام على قول الشيخ ولا بالالتقاط . الثاني ، في الحيوان : ويسمى ضالة وأخذه في صورة الجواز مكروه ، ويستحب الاشهاد ، ولو تحقق التلف لم يكره . والبعير وشبهه إذا وجد في كلأ وماء صحيحا ترك ، فيضمن بالأخذ ، ولا يرجع آخذه بالنفقة . ولو ترك من جهد لا في كلإ وماء أبيح . والشاة في الفلاة تؤخذ لأنها لا تمتنع من صغير السباع ، وحينئذ يتملكها إن شاء ، وفي الضمان وجه ، أو يبقيها أمانة أو يدفعها إلى الحاكم ، قيل وكذا كل ما لا يمتنع من صغير السباع . ولو وجدت الشاة في العمران احتبسها ثلاثة أيام فإن لم يجد صاحبها باعها وتصدق بثمنها . ولا يشترط في الأخذ إلا الأخذ ، فتقر يد العبد والولي على لقطة غير الكامل . و الانفاق كما مر ، ولو انتفع قاص ، ولا يضمن إلا بتفريط أو قصد التملك . * * *


[ 208 ]

الثالث ، في المال : وما كان في الحرم حرم أخذه ولو أخذه حفظه لربه ، و إن تلف بغير تفريط لم يضمن ، وليس له تملكه بل يتصدق به ، وفي الضمان خلاف ولو أخذه بنية الانشاد لم يحرم ، ويجب تعريفه حولا على كل حال . وما كان في غير الحرم يحل منه دون الدرهم من غير تعريف ، وما عداه يتخير الواجد فيه بعد تعريفه حولا بنفسه وبغيره بين الصدقة والتملك ويضمن فيهما ، وبين إبقائه أمانة ولا يضمن . ولو كان ما لا يبقي قومه على نفسه أو دفعه إلى الحاكم ، ولو افتقر بقاؤه إلى علاج أصلحه الحاكم ببعضه . ويكره التقاط الادواة والنعل والمخصرة والعصا والشظاظ والحبل والوتد والعقال . ويكره أخذ اللقطة وخصوصا من الفاسق والمعسر ، ومع اجتماعهما تزيد الكراهية . وليشهد عليها مستحبا ويعرف الشهود بعض الأوصاف . والملتقط من له أهلية الاكتساب ، ويحفظ الولي ما التقطه الصبي وكذا المجنون ، يجب تعريفها حولا ولو متفرقا سواء نوى التملك أولا ، وهي أمانة في الحول وبعده ما لم ينو التملك فيضمن . ولو التقط العبد عرف بنفسه أو بنائبه ، فلو أتلفها ضمن بعد عتقه ، ولا يجب على المالك انتزاعها منه وإن لم يكن أمينا ، ويجوز للمولى التملك بتعريف العبد .


[ 209 ]

ولا تدفع إلا بالبينة لا بالاوصاف وإن خفيت ، نعم يجوز الدفع بها فلو أقام غيره بها بينة استعيدت منه ، فإن تعذر ضمن الدافع ورجع على القابض . والموجود في المفازة والخربة أو مدفونا في أرض لا مالك لها يتملك من غير تعريف إذا لم يكن عليه أثر الاسلام ، وإلا وجب ، ولو كان للارض مالك عرفه فإن عرفه وإلا فهو للواجد ، وكذا لو وجده في جوف دابة عرفه مالكها ، أما السمكة فللواجد إلا أن تكون محصورة تعلف ، والموجود في صندوقه أو داره مع مشاركة الغير لقطة ، ولا معها حل ، ولا يكفي التعريف حولا في التمليك بل لا بد من النية . * * *


[ 210 ]

( 45 ) كتاب إحياء الموات وهو ما لا ينتفع به لعطلته أو لاستئجامه أو لعدم الماء عنه أو لاستيلاء الماء عليه يتملكه من أحياه مع غيبة الإمام عليه السلام وإلا افتقر إلى إذنه . ولا يجوز إحياء العامر وتوابعه كالطريق والشرب ، ولا المفتوحة عنوة إذ عامرها للمسلمين وخرابها للامام ، وكذا كل ما لم يجر عليه ملك لمسلم ، ولو جرى عليه ملك مسلم فهو له ولوارثه بعده ، ولا ينتقل عنه بصيرورته مواتا . وكل أرض أسلم عليها أهلها طوعا فهي لهم وليس عليهم فيها سوى الزكاة مع الشرائط . وكل أرض ترك أهلها عمارتها فالمحيي أحق بها وعليه طسقها لاربابها . وأرض الصلح التي بأيدي أهل الذمة لهم وعليهم الجزية . ويصرف الإمام حاصل الأرض المفتوحة عنوة في مصالح المسلمين ، ولا يجوز بيعها ولا هبتها ولا وقفها ولا نقلها وقيل يجوز تبعا لآثار المتصرف .


[ 211 ]

وشروط الاحياء المملك ستة : انتفاء يد الغير ، وانتفاء ملك سابق وانتفاء كونه حريما لعامر ، وكونه مشعرا لعبادة ، أو مقطعا ، أو محجرا . وحريم العين ألف ذراع في الرخوة وخمسمائة في الصلبة ، وحريم بئر الناضح ستون ذراعا والمعطن أربعون ذراعا ، وحريم الحائط مطرح آلاته ، والدار مطرح ترابها وثلوجها ومسلك الدخول والخروج في صوب الباب . والمرجع في الاحياء إلى العرف كعضد الشجر ، وقطع المياه ، الغالبة ، والتحجير بحائط أو مرز أو مسناة ، وسوق الماء ، أو اعتياد الغيث لمن أراد الزرع والغرس ، وكالحائط لمن أراد الحظيرة ، ومع السقف إن أراد البيت . القول في المشتركات : فمنها المسجد ، فمن سبق إلى مكان فهو أولى به ، فلو فارق بطل حقه إلا أن يكون رحله باقيا وينوي العود ، ولو استبق اثنان ولم يكن الجمع أقرع . ومنها المدرسة والرباط ، فمن سكن بيتا ممن له السكنى فهو أحق به وإن تطاولت المدة ، إلا مع مخالفة شرط الواقف . وله أن يمنع من يشاركه ، ولو فارق لغير عذر بطل حقه . ومنها الطرق ، وفائدتها الاستطراق ، والناس فيها شرع ، ويمنع من الانتفاع بها في غير ذلك مما يفوت به منفعة ، المارة فلا يجوز الجلوس للبيع والشراء إلا مع السعة حيث لا ضرر ، فإذا فارق بطل


[ 212 ]

حقه . ومنها المياه المباحة ، فمن سبق إلى اغتراف شئ منها فهو أولى به ويملكه مع نية التملك ، ومن أجرى فيها نهرا ملك الماء المجرى فيه ، ومن أجرى عينا فكذلك ، وكذا من احتقن شيئا من مياه الغيث أو السيل . ومن حفر بئرا ملك الماء بوصوله إليه . ولو كان قصده الانتفاع والمفارقة فهو أولى به ما دام نازلا عليه . ومنها المعادن ، فالظاهر لا يملك بالاحياء ، ولا يقطعها السلطان ، ومن سبق إليها فله أخذ حاجته ، فإن توافيا وأمكن القسمة وجب ، وإلا أقرع ، والباطنة تملك ببلوغ نيلها . * * *


[ 213 ]

( 46 ) كتاب الصيد والذبائح وفيه فصول ، الأول ، في آلة الصيد : يجوز الاصطياد بجميع آلاته ، ولا يؤكل منها ما لم يذك إلا ما قتله الكلب المعلم بحيث يسترسل إذا أرسله وينزجر إذا زجره ولا يعتاد أكل ما يمسكه ، ويتحقق ذلك بالتكرار على هذه الصفات ، ولو أكل نادرا أو لم يسترسل نادرا لم يقدح ، وتجب التسمية عند إرساله وأن يكون المرسل مسلما أو بحكمه وأن يرسله للاصطياد ، وأن لا يغيب الصيد وحياته مستقرة . ويؤكل أيضا ما قتله السيف والرمح والسهم وكل ما فيه نصل ، والمعراض إذا خرق اللحم ، كل ذلك مع التسمية والقصد والاسلام ، ولو اشترك فيه آلتا مسلم وكافر لم يحل إلا أن يعلم أن جرح المسلم أو كلبه هو القاتل ، ويحرم الاصطياد بالآلة المغصوبة ولا يحرم الصيد وعليه أجرة الآلة . ويجب عليه غسل موضع العضة ، ولو أدرك ذو السهم أو الكلب الصيد وحياته مستقرة ذكاه ، وإلا حرم إن اتسع الزمان لذبحه . * * *


[ 214 ]

الفصل الثاني ، في الذباحة : ويشترط في الذابح الاسلام أو حكمه . ولا يشترط الايمان إذا لم يكن بالغا حد النصب ، ويحل ما يذبحه المسلم والخصي والصبي المميز والجنب والحائض . والواجب في الذبيحة أمور سبعة : الأول ، أن يكون بالحديد فإن خيف فوت الذبيحة وتعذر الحديد جاز بما يفري الأعضاء من ليطة أو مروة حادة أو زجاجة ، وفي السن والظفر للضرورة قول بالجواز . الثاني ، استقبال القبلة مع الامكان ولو تركها ناسيا فلا بأس . الثالث ، التسمية وهو أن يذكر الله تعالى فلو تركها ناسيا حل . الرابع ، اختصاص الإبل بالنحر وما عداها بالذبح ، فلو عكس حرم . الخامس ، قطع الأعضاء الأربعة وهي : المرئ وهو مجرى الطعام ، والحلقوم وهو النفس ، والودجان وهما عرقان يكتنفان الحلقوم . ويكفي في المنحور طعنه في وهدة اللبة . السادس ، الحركة بعد الذبح أو خروج الدم المعتدل ، ولو علم عدم استقرار الحياة حرم . السابع ، متابعة الذبح حتى يستوفي ، ولا تضر التفرقة اليسيرة ،


[ 215 ]

ويستحب نحر الإبل قد ربطت أخفافها إلى آباطها وأطلقت أرجلها ، والبقر يعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه ، والغنم تربط يداه ورجل واحدة ويمسك صوفه وشعره ووبره حتى يبرد ، والطير يذبح ويرسل . ويكره أن تنخع الذبيحة ، وأن يقلب السكين فيذبح إلى فوق ، والسلخ قبل البرد ، وإبانة الرأس عمدا وقيل بالتحريم . وإنما تقع الذكاة على حيوان طاهر العين غير آدمي ولا حشار ، ولا يقع ، على الكلب والخنزير ولا على الآدمي ، وإن كان كافرا ، ولا على الحشرات ، وقيل يقع ، والظاهر وقوعها على المسوخ والسباع . الفصل الثالث ، في اللواحق ، وفيه مسائل : ذكاة السمك إخراجه من الماء حيا ، ولو وثب فأخرجه حيا أو صار خارج الماء فأخذ حيا حل ، ولا يكفي نظره ، ولا يشترط في مخرجه الاسلام لكن يشترط حضور مسلم عنده في حل أكله . ويجوز أكله حيا ، ولو اشتبه الميت بالحي في الشبكة أو غيرها حرم الجميع . الثانية : ذكاة الجراد أخذه ولو كان الآخذ كافرا إذا استقل بالطيران ، فلو أحرقه قبل أخذه حرم ، ولا يحل الدبا . الثالثة : ذكاة الجنين ذكاة أمه إذا تمت خلقته ، سواء ولجته الروح أو لا ، أو أخرج ميتا أو أخرج حيا غير مستقر الحياة ، ولو كانت مستقرة ذكي . الرابعة : ما يثبت في آلة الصائد يملكه ولو انفلت بعد ، ولا يملك ما عشش في داره أو وقع في موحلته أو وثب إلى سفينته ، ولو


[ 216 ]

أمكن الصيد التحامل عدوا أو طيرانا بحيث لا يدركه إلا بسرعة شديدة فهو باق على الإباحة . الخامسة : لا يملك الصيد المقصوص أو ما عليه أثر الملك . * * *


[ 217 ]

( 47 ) كتاب الأطعمة والأشربة إنما يحل من حيوان البحر سمك له فلس وإن زال عنه كالكنعت ، ولا يحل الجري والمار ماهي والزهو على قول ، ولا السلحفاة والضفدع والسرطان ، ولا الجلال من السمك حتى يستبرأ بأن يطعم علفا طاهرا في الماء يوما وليلة . والبيض تابع ، ولو اشتبه أكل الخشن دون الاملس . ويؤكل من حيوان البر الانعام الثلاثة ، وبقر الوحش ، حماره ، وكبش الجبل ، والظبي ، واليحمور . ويكره الخيل والبغال والحمر الاهلية ، وآكدها البغل ، ثم الحمار ، وقيل بالعكس . ويحرم الكلب ، والخنزير ، والسنور وإن كان وحشيا ، والأسد ، والنمر ، والفهد ، والثعلب ، والأرنب ، والضبع ، وابن آوى ، والضب ، والحشرات كلها كالحية ، والفأرة ، والعقرب والخنافس ، والصراصر ، وبنات وردان ، والبراغيث ، والقمل ، واليربوع ، والقنفذ ، والوبر والخز والفنك والسمور والسنجاب والعظاءة واللحكة . ومن الطير ما له مخلاب كالبازي ، والعقاب ، والصقر ،


[ 218 ]

والشاهين ، والنسر ، والرخم ، والبغاث ، والغراب الكبير والأبقع ، ويحل غراب الزرع في المشهور ، والغداف وهو أصغر منه إلى الغبرة ما هو . ويحرم ما كان صفيفه أكثر من دفيفه دون ما انعكس أو تساويا فيه ، ويحرم ما ليس له قانصة ولا حوصلة ولا صيصية ، والخفاش ، والطاووس ، ويكره الهدهد ، والخطاف أشد كراهة ، ويكره الفاختة ، والقبرة ، والحبارى أشد كراهة ، والصرد والصوام ، والشقراق . ويحرم الحمام كله كالقمارى ، والدباسي ، والورشان ، ويحل الحجل ، والدراج ، والقطا ، والطيهوج ، والدجاج ، والكروان ، والكركي والصعو ، والعصفور الاهلي . ويعتبر في طير الماء ما يعتبر في البري من الصفيف والدفيف والقانصة والحوصلة والصيصية . والبيض تابع في الحل والحرمة . وتحرم الزنابير ، والبق ، والذباب ، والمجثمة وهي التي تجعل غرضا وترمى بالنشاب حتى تموت ، والمصبورة وهي التي تجرح وتحبس حتى تموت ، والجلال وهو الذي يغتذي عذرة الانسان محضا حرام حتى يستبرأ على الأقوى وقيل يكره . فتستبرأ الناقة بأربعين يوما ، والبقرة بعشرين ، والشاة بعشرة ، بأن تربط وتطعم علفا طاهرا ، وتستبرأ البطة ونحوها بخمسة ، والدجاجة وشبهها بثلاثة ، وما عدا ذلك تستبرأ بما يغلب على الظن . ولو شرب المحلل لبن خنزير واشتد حرم نسله ، وإن لم يشتد كره ، ويستحب استبراؤه بسبعة أيام .


[ 219 ]

ويحرم موطوء الانسان ونسله ، ويجب ذبحه وإحراقه بالنار ، ولو اشتبه قسم وأقرع حتى تبقى واحدة ، ولو شرب المحلل خمرا لم يؤكل ما في جوفه ويجب غسل باقيه ولو شرب بولا غسل ما في بطنه وأكل . وهنا مسائل : تحرم الميتة إجماعا ، ويحل منها الصوف ، والشعر والوبر ، والريش ، فإن قلع غسل أصله ، والقرن ، والظلف ، والسن ، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى ، والأنفحة ، واللبن على قول مشهور ، ولو اختلط الذكي بالميت اجتنب الجميع ، وما أبين من حي يحرم أكله واستعماله كإليات الغنم ، ولا يجوز الاستصباح بها تحت السماء . الثانية : تحرم من الذبيحة خمسة عشر : الدم والطحال ، والقضيب ، والأنثيان ، والفرث ، والمثانة ، والمرارة ، والمشيمة ، والفرج والعلباء ، والنخاع ، والغدد ، وذات الاشاجع ، وخرزة الدماغ ، والحدق وتكره الكلى ، وأذنا القلب ، والعروق ، ولو ثقب الطحال مع اللحم وشوي حرم ما تحته ، ولو لم يكن مثقوبا لم يحرم . الثالثة : تحرم الأعيان النجسة كالخمر ، والنبيذ ، والمسكر ، والبتع ، والفضيخ ، والنقيع ، والمزر وإن قل كذا والعصير العنبي إذا غلا حتى يذهب ثلثاه أو ينقلب خلا ، ولا يحرم من الزبيب وإن غلا على الأقوى ، ويحرم الفقاع وإن قل ، والعذرات والابوال النجسة ، وكذا ما يقع فيه هذه من المائعات أو الجامدات إلا بعد الطهارة ، وكذا مباشرة الكفار .


[ 220 ]

الرابعة : يحرم الطين إلا طين قبر الحسين عليه السلام فيجوز الاستشفاء بقدر الحمصة فما دون وكذا الارمني . الخامسة : يحرم السم كله ، ولو كان كثيره يقتل حرم دون قليله . السادسة : يحرم الدم المسفوح ، وغيره كدم القراد ، وإن لم يكن نجسا أما ما يتخلف في اللحم فطاهر من المذبوح . السابعة : الظاهر أن المائعات النجسة غير الماء لا تطهر ما دامت كذلك . وتلقى النجاسة وما يكتنفها من الجامد . الثامنة : تحرم ألبان الحيوان المحرم لحمه ، ويكره لبن المكروه لحمه كالاتن . التاسعة : المشهور استبراء اللحم المجهول ذكاته بانقباضه بالنار فيكون مذكى ، وإلا فميتة . العاشرة : لا يجوز استعمال شعر الخنزير ، فإن اضطر استعمل مالا دسم فيه وغسل يده . الحادية عشرة : لا يجوز الأكل من مال غيره إلا من بيوت من تضمنت الآية ، إلا مع علم الكراهية . الثانية عشرة : إذا انقلب الخمر خلا حل ، سواء كان بعلاج أو من قبل نفسه . الثالثة عشرة : لا يحرم شرب الربوبات وإن شم منها ريح المسكر كرب التفاح وشبهه ، لعدم إسكاره وأصالة حله .


[ 221 ]

الرابعة عشرة : يجوز عند الاضطرار تناول المحرم عند خوف التلف ، أو المرض ، أو الضعف المؤدي إلى التخلف عن الرفقة مع ظهور إمارة العطب ، ولا يرخص الباغي وهو الخارج على الإمام العادل عليه السلام وقيل الذي يبغي الميتة ، ولا العادي وهو قاطع الطريق ، وقيل الذي يعدو شبعه ، وإنما يجوز ما يحفظ الرمق ، فلو وجد ميتة وطعام الغير فطعام الغير أولى إن بذله بغير عوض ، أو بعوض هو قادر عليه ، وإلا أكل الميتة . الخامسة عشرة : يستحب غسل الأيدي قبل الطعام وبعده ، ومسحها بالمنديل في الغسل الثاني لا الأول ، والتسمية عند الشروع ، وعلى كل لون . ولو نسيها تداركها في الأثناء ، ولو قال بسم الله على أوله وآخره أجزأ . ويستحب الأكل باليمين اختيارا ، وبدأة صاحب الطعام ، وأن يكون آخر من يأكل ، ويبدأ في الغسل بمن على يمينه ، ويجمع غسالة الأيدي في إناء واحد . وأن يستلقي بعد الأكل ويجعل رجله اليمنى على رجله اليسرى ، ويكره الأكل متكئا ولو على كفه ، وروي عدم كراهية الاتكاء على اليد ، والتملي من المأكل ، وربما كان الافراط حراما ، والأكل على الشبع ، وباليسار مكروهان ، ويحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شئ من المسكرات ، أو الفقاع ، وباقي المحرمات يمكن إلحاقها بها . * * *


[ 222 ]

( 48 ) كتاب الميراث وفيه فصول ، الأول ، الموجبات والموانع : يوجب الإرث النسب والسبب . فالنسب : الآباء والأولاد ثم الأخوة والأجداد فصاعدا وأولاد الأخوة فنازلا ، ثم الأعمام والأخوال . والسبب أربعة : الزوجية والاعتاق وضمان الجريرة والامامة . ويمنع الإرث الكفر فلا يرث الكافر المسلم ، والمسلم يرث الكافر ، ولو لم يخلف المسلم قريبا مسلما كان ميراثه للمعتق ، ثم ضامن الجريرة ، ثم الإمام ، ولا يرثه الكافر بحال . وإذا أسلم الكافر على ميراث قبل قسمته شارك إن كان مساويا وانفرد إن كان أولى ، ولو كان الوارث واحدا فلا مشاركة . والمرتد عن فطرة تقسم تركته وإن لم يقتل ويرثه المسلمون لا غير ، وعن غير فطرة يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، والمرأة لا تقتل بالارتداد ولكن تحبس وتضرب أوقات الصلوات حتى تتوب أو تموت وكذلك الخنثى . والقتل مانع إذا كان عمدا ظلما ولو كان خطأ منع من الدية


[ 223 ]

خاصة ، ويرث الدية كل مناسب ومسابب ، وفي المتقرب بالأم قولان ، ويرثها الزوج والزوجة ولا يرثان القصاص ، ولو صولح على الدية ورثا منها . والرق مانع في الوارث والموروث ، ولو كان للرقيق ولد ورث جده دون الأب ، وكذا الكافر والقاتل لا يمنعان من يتقرب بهما ، والمبعض يرث بقدر ما فيه من الحرية ، ويمنع بقدر الرقية ويورث كذلك ، وإذا أعتق على ميراث قبل قسمته فكالاسلام ، وإذا لم يكن للميت وارث سوى المملوك اشتري من التركة وأعتق وورث ، أبا كان أو ولدا أو غيرهما ، ولا فرق بين أم الولد والمدبر والمكاتب المشروط ، والمطلق الذي لم يؤد ، وبين القن . واللعان مانع من الإرث إلا أن يكذب نفسه فيرثه الولد من غير عكس ، والحمل مانع من الإرث إلا أن ينفصل حيا ، والغائب غيبة منقطعة لا يورث حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها عادة . ويلحق بذلك الحجب ، وهو تارة عن أصل الإرث كما في حجب القريب البعيد ، فالابوان والأولاد يحجبون الأخوة والأجداد ، ثم الأخوة والأجداد يحجبون الأعمام والأخوال ، ثم هم يحجبون أبناءهم ، ثم القريب يحجب المعتق ، والمعتق ضامن الجريرة ، والضامن الإمام . والمتقرب بالابوين يحجب المتقرب بالأب بالأب مع تساوي الدرج إلا في ابن عم للأب والأم فإنه يمنع العم للأب وإن كان أقرب منه ، وهي مسألة إجماعية . وأما الحجب عن بعض الإرث ففي الولد الحجب عن نصيب


[ 224 ]

الزوجية الأعلى وإن نزل ، ويحجب الأبوين عما زاد عن السدسين ، إلا مع البنت مطلقا ، أو البنات مع أحد الأبوين ، والأخوة تحجب الأم عن الثلث إلى السدس بشرط وجود الأب وكونهم رجلين فصاعدا ، أو أربع نساء أو رجلا وامرأتين وكونهم للأب والأم أو للأب ، وانتفاء القتل والكفر والرق عنهم ، وكونهم منفصلين بالولادة لا حملا . الفصل الثاني ، في السهام وأهلها : وهي في كتاب الله تعالى : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس . فالنصف لاربعة : الزوج مع عدم الولد وإن نزل ، والبنت ، والأخت للأبوين ، والأخت للأب . والربع لإثنين : الزوج مع الولد ، والزوجة مع عدمه . والثمن لقبيل واحد للزوجة وإن تعددت مع الولد . والثلثان لثلاثة : البنتين فصاعدا والأختين للأبوين فصاعدا ، والأختين للأب كذلك . والثلث لقبيلين : الأم مع عدم من يحجبها ، وللأخوين أو الأختين أو للأخ والأخت فصاعدا من جهتها . والسدس لثلاثة : الأب مع الولد ، والأم معه ، وللواحد من كلالة الأم . ويجتمع النصف مع مثله ومع الربع والثمن ومع الثلث والسدس . ويجتمع الربع والثمن مع الثلثين ، ويجتمع الربع مع الثلث ، ويجتمع الثمن مع السدس ، وأما الاجتماع لا بحسب الفرض فلا حصر له . ولا ميراث للعصبة إلا مع عدم القريب فيرد على البنت والبنات ، والأخت والأخوات للأب والأم ، وعلى الأم ، وعلى كلالة


[ 225 ]

الأم ، مع عدم وارث في درجتهم . ولا يرد على الزوج والزوجة إلا مع عدم كل وارث عدا الإمام ، والأقرب إرثه مع الزوجة إن كان حاضرا . ولا عول في الفرائض بل يدخل النقص على الأب ، والبنت ، والبنات ، والأخوات للأب والأم ، أو للأب . مسائل : الأولى : إذا انفرد كل من الأبوين فالمال له ، لكن للأم ثلث بالتسمية والباقي بالرد ، ولو اجتمعا فللام الثلث مع عدم الحاجب والسدس مع الحاجب ، والباقي للأب . الثانية : للابن المنفرد المال ، وكذا للزائد بينهم بالسوية ، وللبنت المنفردة النصف تسمية والباقي ردا ، وللبنتين فصاعدا الثلثان تسمية والباقي ردا ، ولو اجتمع الذكور والإناث فللذكر مثل حظ الأنثيين ، ولو اجتمع مع الولد الأبوان فلكل السدس ، والباقي للابن أو البنتين أو للذكور والإناث على ما قلناه ، ولهما مع البنت الواحدة السدسان ، ولها النصف والباقي يرد أخماسا ، ومع الحاجب يرد على الأب والبنت أرباعا ، ولو كان بنتان فصاعدا مع الأبوين فلا رد ، ومع أحد الأبوين يرد السدس أخماسا ، ولو زوج أو زوجة أخذ نصيبه الأدنى . وللأبوين السدسان ولاحدهما السدس ، وحيث يفضل يرد بالنسبة ، ولو دخل نقص كان على البنتين فصاعدا دون الأبوين والزوج ، ولو كان مع الأبوين زوج أو زوجة فله نصيبه الأعلى ، وللأم ثلث الأصل والباقي للأب .


[ 226 ]

الثالثة : أولاد الأولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم يأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به ، ويقتسمون بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وإن كانوا أولاد بنت . الرابعة : يحبى الولد الأكبر من تركة أبيه بثيابه وخاتمه وسيفه ومصحفه ، وعليه قضاء ما فاته من صلاة وصيام . ويشترط أن لا يكون سفيها ، ولا فاسد الرأي ، وأن يخلف الميت مالا غيرها ولو كان الأكبر أنثى اعطي أكبر الذكور . الخامسة : لا يرث الأجداد مع الأبوين ويستحب لهما الطعمة حيث يفضل لأحدهما سدس فصاعدا فوق السدس ، وربما قيل يطعم حيث يزيد نصيبه عن السدس ، وتظهر الفائدة في اجتماعهما مع البنت أو إحداهما مع البنتين فإن الفاضل ينقص عن سدس فتستحب الطعمة على القول الثاني . القول في ميراث الأجداد والأخوة ، وفيه مسائل : الأولى : للجد وحده المال لأب أو لأم ، وكذا الأخ للأب والأم أو للأب ، ولو اجتمعا للأب فالمال بينهما نصفان ، وللجدة المنفردة لأب أو لأم المال ، ولو كان جدا أو جدة أو كلاهما لأب مع جد أو جدة أو كليهما لأم فللمتقرب بالأب الثلثان للذكر مثل حظ الأنثيين ، وللمتقرب بالأم الثلث بالسوية . الثانية : للأخت للأبوين أو الأب منفردة النصف تسمية


[ 227 ]

والباقي ردا ، والأختين فصاعدا الثلثان والباقي ردا ، والأخوة والأخوات من الأبوين أو من الأب المال للذكر الضعف . الثالثة : للواحد من الأخوة والأخوات للأم السدس ، والأكثر الثلث بالسوية ، والباقي ردا . الرابعة : لو اجتمع الأخوة من الكلالات سقط كلالة الأب وحده ، ولكلالة الأم السدس إن كان واحدا ، والثلث إن كان أكثر بالسوية ، ولكلالة الأبوين الباقي بالتفاوت . الخامسة : لو اجتمع أخت للأبوين مع واحد من كلالة الأم أو جماعة أو أختان للأبوين مع واحد من الأم فالمردود على قرابة الأبوين . السادسة : الصورة بحالها لكن كانت الأخت أو الأخوات للأب وحده ، ففي الرد على قرابة الأب هنا قولان ، وثبوته قوي . السابعة : تقوم كلالة الأب مقام كلالة الأبوين عند عدمهم في كل موضع . الثامنة : لو اجتمع الأخوة والأجداد فلقرابة الأم من الأخوة والأجداد الثلث بينهم بالسوية ، ولقرابة الأب من الأخوة والأجداد الثلثان بينهم للذكر ضعف الأنثى كذلك . التاسعة : الجد وإن علا يقاسم الأخوة ، وإبن الأخ وإن نزل يقاسم الأجداد ، وإنما يمنع الجد الأدنى الجد الأعلى ، ويمنع الأخ ابن الأخ ويمنع ابن الأخ ابن ابنه ، وعلى هذا . العاشرة : الزوج والزوجة مع الأخوة والأجداد يأخذان


[ 228 ]

نصيبهما الأعلى ، ولأجداد الأم أو الأخوة للأم والقبيلتين ثلث الأصل ، والباقي لقرابة الأبوين أو الأب مع عدمهم . الحادية عشرة : لو ترك الأجداد الأربعة لأبيه ومثلهم لأمه فالمسألة من ثلاثة أسهم : سهم لاقرباء الأم لا ينقسم وهو أربعة ، وسهمان لاقرباء الأب لا تنقسم ومضروبهما ستة وثلاثون ، ومضروبها في الأصل مائة وثمانية ثلثها ينقسم على أربعة وثلثاها تنقسم على تسعة . الثانية عشرة : أولاد الأخوة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل نصيب من يتقرب به ، فإن كانوا أولاد كلالة الأم فبالسوية ، وإن كانوا أولاد كلالة الأبوين أو الأب فبالتفاوت . القول في ميراث الأعمام والأخوال ، وفيه مسائل : العم يرث المال وكذا العمة ، والأعمام المال بالسوية وكذا العمات ، ولو اجتمعوا اقتسموا بالسوية إن كانوا لأم وإلا فبالتفاوت ، والكلام في قرابة الأب وحده كما سلف في الأخوة . الثانية : للعم الواحد للأم أو العمة مع قرابة الأب السدس ، وللزائد الثلث ، والباقي لقرابة الأب وإن كان واحدا . الثالثة : للخال أو الخالة أو هما أو الأخوال مع الانفراد المال بالسوية ، ولو تفرقوا سقط كلالة الأب وكان لكلالة الأم السدس إن كان واحدا والثلث إن كان أكثر بالسوية ، ولكلالة الأب الباقي بالسوية .


[ 229 ]

الرابعة : لو اجتمع الأعمام والأخوال فللأخوال الثلث وإن كان واحدا على الأصح ، وللأعمام الثلثان وإن كان واحدا . الخامسة : للزوج أو الزوجة مع الأعمام والأخوال نصيبه الأعلى ، وللأخوات الثلث من الأصل وللأعمام الباقي ، وقيل للخال من الأم مع الخال من الأب والزوج ثلث الباقي ، وقيل سدسه . السادسة : عمومة الميت وعماته وخؤولته وخالاته أولى من عمومة أبيه وعماته وخؤولته وخالاته ، ومن عمومة أمه وعماتها وخؤولتها وخالاتها ، ويقومون مقامهم عند عدمهم وعدم أولادهم وإن نزلوا . السابعة : أولاد العمومة والخؤولة يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به ، ويقتسم أولاد العمومة من الأبوين بالتفاوت ، وكذا من الأب . وأولاد العمومة من الأم بالتساوي ، وكذا أولاد الخؤولة . الثامنة : لا يرث الأبعد مع الأقرب في الأعمام والأخوال وأولادهم إلا في مسألة ابن العم والعم . التاسعة : من له سببان يرث بهما كعم هو خال ، ولو كان أحدهما يحجب الآخر ورث من جهة الحاجب كابن عم هو أخ لأم . القول في ميراث الازواج : يتوارثان وإن لم يدخل ، إلا في المريض إلا أن يبرأ ، والطلاق


[ 230 ]

الرجعي لا يمنع من الإرث إذا مات أحدهما في العدة بخلاف البائن إلا في المرض على ما سلف . وتمنع الزوجة غير ذات الولد من الأرض عينا وقيمة ومن الآلات والأبنية عينا لا قيمة ، ولو طلق إحدى الأربع وتزوج ومات اشتبهت ثم المطلقة فللمعلومة ربع النصيب ، وثلاثة أرباعه بين الباقيات بالسوية ، وقيل بالقرعة . الفصل الثالث ، في الولاء : يرث المعتق عتيقه إذا تبرع ولم يبرأ من ضمان جريرته ولم يخلف العتيق مناسبا ، فالمعتق في واجب سائبة ، وكذا لو تبرأ من ضمان الجريرة وإن لم يشهد ، والمنكل به أيضا سائبة ، وللزوج والزوجة نصيبهما الأعلى . ومع عدم المنعم فالولاء للأولاد الذكور والإناث على المشهور بين الأصحاب ، ثم الأخوة والأخوات . ولا يرثه المتقرب بالأم فإن عدم قرابة المولى فمولى المولى ثم قرابة مولى المولى ، وعلى هذا ، فإن عدموا فضامن الجريرة وإنما يضمن سائبة ، ثم الإمام عليه السلام ، ومع غيبته يصرف في الفقراء والمساكين من بلد الميت ولا يدفع إلى سلطان الجور مع القدرة . الفصل الرابع ، في التوابع ، وفيه مسائل : الأولى : من له فرج الرجال والنساء يورث على ما سبق منه البول ، ثم على ما ينقطع منه ، ثم يصير مشكلا ، والمشهور نصف


[ 231 ]

النصيبين فله مع الذكر خمسة من اثني عشر ومع الأنثى سبعة ومعهما ثلاثة عشر من أربعين سهما ، والضابط أنك تعمل المسألة تارة أنوثية وتارة ذكورية وتعطى كل وارث نصف ما اجتمع في المسألتين . الثانية : من ليس له فرج يورث بالقرعة ، ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يورث بحسب الانتباه فإذا انتبه أحدهما فانتبه الآخر فواحد ، وإلا فاثنان . الثالثة : الحمل يورث إذا انفصل حيا ، أو تحرك حركة الاحياء ثم مات . الرابعة : دية الجنين يرثها أبواه ، ومن يتقرب بهما أو بالأب بالنسب والسبب . الخامسة : ولد الملاعنة ترثه أمه وولده وزوجته على ما سلف ، ومع عدمهم فلقرابة أمه بالسوية ، ويترتبون الأقرب فالأقرب ويرث أيضا قرابة أمه . السادسة : ولد الزنا يرثه ولده وزوجته لا أبواه ولا من يتقرب بهما ، ومع العدم فالضامن ، فالامام . السابعة : لا عبرة بالتبري من النسب ، وفيه قول شاذ أنه يرثه عصبة أمه دون أبيه ، لو تبرأ أبوه من نسبه . الثامنة : يتوارث الغرقى والمهدوم عليهم إذا كان بينهم نسب أو سبب وكان بينهم مال واشتبه المتقدم بالمتأخر وكان بينهم توارث ، ولا يرث الثاني مما ورث منه الأول ، ويقدم الاضعف تعبدا .


[ 232 ]

التاسعة : المجوس يتوارثون بالنسب الصحيح والفاسد والسبب الصحيح لا الفاسد ، فلو نكح أمه فأولدها ورثته بالامومة وورثها ولدها بالنسب الفاسد ، ولا ترثه الأم بالزوجية ، ولو نكح المسلم بعض محارمه بشبهة وقع التوارث بالنسب أيضا . العاشرة : مخارج الفروض خمسة : النصف من اثنين ، والثلثان والثلث من ثلاثة ، والربع من أربعة ، والثمن من ثمانية ، والسدس من ستة . الحادية عشرة : الفريضة إذا كانت بقدر السهام وانقسمت بغير كسر فلا بحث كزوج وأخت للأبوين أو للأب فالمسألة من سهمين ، فإن انكسرت على فريق واحد ضربت عدده في أصل الفريضة إن عدم الوفق بين النصيب والعدد ، كأبوين وخمس بنات ، نصيب الأبوين اثنان ونصيب البنات أربعة ، فتضرب الخمسة في الستة أصل الفريضة ، وإن انكسرت على أكثر نسبت الاعداد بالوفق أو غيره ، وضربت ما يحصل منها في أصل المسألة ، مثل زوج وخمسة إخوة لأم وسبعة لأب ، فأصلها ستة ، للزوج ثلاثة ، وللأخوة للأم سهمان ، ولا وفق ، وللأخوة للأب سهم ، ولا وفق ، فتضرب الخمسة في السبعة تكون خمسة وثلاثين ، تضربها في ستة أصل الفريضة تكون مائتين وعشرة ، فمن كان له سهم أخذه مضروبا في خمسة وثلاثين ، فللزوج ثلاثة مضروبة فيها مائة وخمسة ، ولقرابة الأم سهمان مضروبين فيها سبعون لكل أربعة عشر ، ولقرابة الأب سهم خمسة


[ 233 ]

وثلاثون ، لكل خمسة . الثانية عشرة : أن تقصر الفريضة عن السهام بدخول أحد الزوجين فيدخل النقص على البنت والبنات ، وعلى قرابة الأب من الأخوات لا على الجميع . الثالثة عشرة : أن تزيد على السهام ، فيرد الزائد على ذوي السهام عدا الزوج والزوجة والأم مع الأخوة ، أو يجتمع ذو سببين مع ذي سبب واحد كما مر . الرابعة عشرة : لو مات بعض الورثة قبل قسمة التركة صححنا الأولى ، فإن نهض نصيب الميت الثاني بالقسمة على ورثته صحت المسألتان من المسألة الأولى ، وإن لم تنهض فاضرب الوفق بين نصيبه وسهام وارثه في المسألة الأولى فما بلغ صحت منه ، ولو لم يكن وفق ضربت المسألة الثانية في الأولى ، ولو مات بعض ورثة الميت الثاني عملت فيه ما عملت في المرتبة الأولى ، وهكذا .


[ 234 ]

( 49 ) كتاب الحدود وفيه فصول : الأول ، في الزنا وهو إيلاج البالغ العاقل في فرج امرأة محرمة من غير عقد ولا ملك ولا شبهة ، قدر الحشفة عالما مختارا . فلو تزوج الأمة أو المحصنة ظانا الحل فلا حد ولا يكفي العقد بمجرده . ويتحقق الاكراه في الرجل فيدرأ الحد عنه كما يدرأ عن المرأة بالاكراه . ويثبت الزنا بالاقرار أربع مرات مع كمال المقر واختياره وحريته أو تصديق المولى ، وتكفي إشارة الأخرس ، ولو نسب الزنا إلى امرأة أو نسبه إلى رجل وجب حد القذف بأول مرة . ولا يجب حد الزنا إلا بأربع مرات وبالبينة كما سلف ، ولو شهد أقل من النصاب حدوا للفرية ، ويشترط ذكر المشاهدة كالميل في المكحلة من غير علم سبب التحليل فلو لم يذكروا المعاينة حدوا ، ولا بد من اتفاقهم على الفعل الواحد في الزمان الواحد والمكان الواحد ، فلو اختلفوا حدوا للقذف ، ولو أقام بعضهم الشهادة في غيبة الباقي حدوا ولم يرتقب الاتمام ، فإن جاء الآخرون وشهدوا حدوا


[ 235 ]

أيضا ، ولا يقدح تقادم الزنا في صحة الشهادة ، ولا يسقط بتصديق الزاني الشهود ولا بتكذيبهم . والتوبة قبل قيام البينة تسقط الحد لا بعدها ويسقط بدعوى الجهالة والشبهة مع إمكانهما في حقه ، وإذا ثبت الزنا على الوجه المذكور وجب الحد . وهو أقسام ثمانية : أحدها : القتل ، وهو للزاني بالمحرم كالأم والأخت ، والذمي إذا زنى بمسلمة ، والزاني مكرها للمرأة ، ولا يعتبر الاحصان هنا ، ويجمع له بين الجلد ثم القتل على الأقوى . وثانيها : الرجم ، ويجب على المحصن إذا زنى ببالغة عاقلة ، والاحصان إصابة البالغ العاقل الحر فرجا قبلا مملوكا بالعقد الدائم أو الرق يغدو عليه ويروح إصابة معلومة ، فلو أنكر وطء زوجته صدق وإن كان له منها ولد لأن الولد قد يخلق من استرسال المني . وبذلك تصير المرأة محصنة ، ولا يشترط في الاحصان الاسلام ولا عدم الطلاق إذا كانت العدة رجعية بخلاف البائن ، والأقرب الجمع بين الجلد والرجم في المحصن ، وإن كان شابا فيبدأ بالجلد ، ثم تدفن المرأة إلى صدرها والرجل إلى حقويه ، فإن فر أعيد إن ثبت بالبينة أو لم تصبه الحجارة على قول ، وإلا لم يعد . وتبدأ الشهود وفي المقر الإمام ، وينبغي إعلام الناس وقيل يجب حضور طائفة وأقلها واحد ، وقيل ثلاثة ، وقيل عشرة وينبغي كون الحجارة صغارا لئلا يسرع تلفه ، وقيل لا يرجم


[ 236 ]

من لله في قبله حد ، وإذا فرغ من رجمه دفن إن كان قد صلى عليه ، بعد غسله وتكفينه ، وإلا جهز ثم دفن . ثالثها : الجلد خاصة ، وهو حد البالغ المحصن إذا زنى بصبية أو مجنونة ، وحد المرأة إذا زنى بها طفل ، ولو زنى بها المجنون فعليها الحد تاما ، والأقرب عدم ثبوته على المجنون ، ويجلد أشد الجلد ويفرق على جسده ويتقى رأسه ووجهه وفرجه ، وليكن قائما والمرأة قاعدة قد ربطت ثيابها . ورابعها : الجلد والجز والتغريب ، ويجب على الذكر الحر غير المحصن وإن لم يملك ، وقيل يختص التغريب بمن أملك . والجز حلق الرأس ، والتغريب نفيه عن مصره إلى آخر عاما ، ولا جز على المرأة ولا تغريب . وخامسها : خمسون جلدة ، وهي حد المملوك والمملوكة وإن كانا متزوجين ، ولا جز ولا تغريب على أحدهما . وسادسها : الحد المبعض ، وهو حد من تحرر بعضه فإنه يحد من حد الأحرار بقدر ما فيه من الحرية ومن حد العبيد بقدر العبودية . وسابعها : الضغث المشتمل على العدد ، وهو حد المريض مع عدم احتماله الضرب المتكرر واقتضاء المصلحة التعجيل . وثامنها : الجلد عقوبة زيادة ، وهو حد الزاني في شهر رمضان ليلا أو نهارا ، أو غيره من الازمنة الشريفة ، أو في مكان شريف ، أو زنى بميتة ، ويرجع في الزيادة إلى الحاكم .


[ 237 ]

تتمة : لو شهد لها أربعة بالبكارة بعد شهادة الأربعة بالزنا فالأقرب درء الحد عن الجميع . ويقيم الحاكم الحد بعلمه ، وكذا حقوق الناس إلا أنه بعد مطالبتهم ، حدا كان أو تعزيرا . ولو وجد مع زوجته رجلا يزني بها فله قتلهما ولا إثم ، ولكن يجب القود إلا مع البينة أو التصديق . ومن تزوج أمة على حرة ووطأها قبل الإذن فعليه ثمن حد الزاني . ومن افتض بكرا بإصبعه لزمه مهر نسائها ، ولو كانت أمة فعليه عشر قيمتها . ومن أقر بحد ولم يبينه ضرب حتى ينهى عن نفسه ، أو يبلغ المائة ، وهذا يصح إذا تكرر أربعا وإلا فلا يبلغ المائة . وفي التقبيل والمضاجعة في إزار واحد التعزير بما دون الحد ، وروي مائة جلدة . ولو حملت ولا بعل لم تحد إلا أن تقر أربعا بالزنا ، وتؤخر حتى تضع ، ولو أقر ثم أنكر سقط الحد إن كان مما يوجب الرجم ، ولا يسقط غيره ، ولو أقر بحد ثم تاب تخير الإمام في إقامته رجما كان أو غيره . الفصل الثاني ، في اللواط والسحق والقيادة : فمن أقر بإيقاب ذكر مختارا أربع مرات أو شهد عليه أربعة


[ 238 ]

رجال بالمعاينة وكان حرا بالغا قتل محصنا أولا ، إما بالسيف أو الاحراق أو الرجم أو بإلقاء جدار عليه أو بإلقائه من شاهق ، ويجوز الجمع بين اثنين منهما أحدهما التحريق ، والمفعول به كذلك إن كان بالغا عاقلا مختارا ، ويعزر الصبي ويؤدب المجنون ، ولو أقر دون الأربع لم يحد وعزر ، ولو شهد دون الأربع حدوا للفرية ، ويحكم الحاكم فيه بعلمه ، ولا فرق بين العبد والحر هنا ، ولو ادعى العبد الاكراه درئ عنه الحد ، ولا فرق بين المسلم والكافر . وإن لم يكن إيقابا كالتفخيذ أو بين الاليتين فحده مائة جلدة حرا أو عبدا مسلما أو كافرا محصنا أو غيره وقيل يرجم المحصن . ولو تكرر منه الفعل مرتين مع تكرر الحد قتل في الثالثة والأحوط في الرابعة ، ولو تاب قبل قيام البينة سقط عنه الحد قتلا أو جلدا ، ولو تاب بعده لم يسقط ، ولكن يتخير الإمام في المقربين العفو والاستيفاء . ويعزر من قبل غلاما بشهوة ، وكذا يعزر المجتمعان تحت إزار واحد مجردين وليس بينهما رحم من ثلاثين سوطا إلى تسعة وتسعين . والسحق يثبت بشهادة أربعة رجال ، أو الاقرار أربعا ، وحده مائة جلدة حرة كانت أو أمة مسلمة أو كافرة محصنة أو غير محصنة فاعلة أو مفعولة ، وتقتل في الرابعة لو تكرر الحد ثلاثا . ولو تابت قبل البينة سقط الحد لا بعدها ، ويتخير الإمام لو تابت بعد الاقرار . ويعزر الاجنبيتان إذا تجردتا تحت إزار ، فإن عزرتا مع تكرر الفعل مرتين حدتا في الثالثة ، وعلى هذا . ولو وطأ زوجته فساحقت بكرا فحملت فالولد للرجل ، ويحدان ، ويلزمها ضمان مهر مثل البكر .


[ 239 ]

والقيادة : الجمع بين فاعلي الفاحشة ، ويثبت بالاقرار مرتين من الكامل المختار أو بشهادة شاهدين ، والحد خمس وسبعون جلدة ، حرا كان أو عبدا مسلما أو كافر رجلا أو امرأة ، قيل يحلق رأسه ويشهر وينفى بأول مرة . ولا جز على المرأة ولا شهرة ولا نفي . ولا كفالة في حد ، ولا تأخير فيه إلا مع العذر ، أو توجه ضرر ، ولا شفاعة في إسقاطه . الفصل الثالث ، في القذف : وهو قوله زنيت أو لطت أو أنت زان وشبهه ، مع الصراحة والمعرفة بموضوع اللفظ بأي لغة كان ، أو قال لولده الذي أقربه ، لست ولدي . فلو قال الآخر زنى بك أبوك أو يابن الزاني ، حد للأب . ولو قال يابن الزانيين ، فلهما . ولو قال ولدت من الزنا ، فالظاهر القذف للأبوين . ومن نسب الزنا إلى غير المواجه فالحد للمنسوب إليه ، ويعزر للمواجه إن تضمن شتمه وأذاه ، ولو قال لامرأة زنيت بك ، احتمل الاكراه فلا يكون قذفا ولا يثبت الزنا في حقه إلا بالاقرار بأربع . والديوث والكشحان والقرنان قد تفيد القذف في عرف القائل فيجب الحد للمنسوب إليه ، وإن لم تفد وأفادت شتما عزر ، ولو لم يعلم فائدتها أصلا فلا شئ ، وكذا كل قذف جرى على لسان من لا يعلم معناه . والتأذي والتعريض يوجب التعزير لا الحد ، مثل هو ولد حرام ، أو أنا لست بزان ولا أمي زانية ، أو يقول لزوجته لم أجدك


[ 240 ]

عذراء . وكذا يعزر بكل ما يكرهه المواجه مثل الفاسق وشارب الخمر وهو مستتر ، وكذا الخنزير والكلب والحقير والوضيع ، إلا مع كون المخاطب مستحقا للاستخفاف . ويعتبر في القاذف الكمال فيعزر الصبي ويؤدب المجنون ، وفي اشتراط الحرية في كمال الحد قولان . وفي المقذوف الاحصان أعني البلوغ والعقل والحرية والاسلام والعفة فمن جمعت فيه وجب الحد بقذفه ، وإلا التعزير ، ولو قال لكافر أمه مسلمة : يابن الزانية ، فالحد لها ، فلو ورثها الكافر فلا حد . ولو تقاذف المحصنان عزرا ، ولو تعدد المقذوف تعدد الحد سواء اتحد القاذف أو تعدد ، نعم لو قذف جماعة بلفظ واحدة واجتمعوا في المطالبة فحد واحد ، وإن افترقوا فلكل واحد حد ، وكذا الكلام في التعزير . مسائل : حد القذف ثمانون جلدة بثيابه متوسطا دون ضرب الزنا ، ويشهر لتجتنب شهادته ، وتثبت بشهادة عدلين والاقرار مرتين من مكلف حر مختار ، وكذا ما يوجب التعزير ، وهو موروث إلا الزوج والزوجة ، وإذا كان الوارث جماعة لم يسقط بعفو البعض ، ويجوز العفو بعد الثبوت كما يجوز قبله . ويقتل في الرابعة لو تكرر الحد ثلاثا ، ولو تكرر القذف قبل الحد فواحد . ويسقط الحد بتصديق المقذوف والبينة والعفو وبلعان الزوجة ، ويرث المولى تعزير عبده لو مات بعد قذفه . ولا يعزر الكفار لو تنابزوا بالألقاب أو عير بعضهم بعضا بالأمراض إلا مع خوف الفتنة ، ولا


[ 241 ]

يزاد في تأديب الصبي على عشرة أسواط ، وكذا المملوك . ويعزر كل من ترك واجبا أو فعل محرما بما يراه الحاكم ، ففي الحر لا يبلغ حده وفي العبد لا يبلغ حده ، وساب النبي أو أحد الأئمة عليهم السلام يقتل ولو من غير إذن الإمام ، ما لم يخف على نفسه أو ماله أو على مؤمن ، ويقتل مدعي النبوة وكذا الشاك في نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله إذا كان على ظاهر الاسلام ، ويقتل الساحر إذا كان مسلما ويعزر الكافر ، وقاذف أم النبي يقتل ، ولو تاب لم يقبل إذا كان عن فطرة . الفصل الرابع ، في الشرب : فما أسكر جنسه تحرم القطرة منه ، وكذا الفقاع ، ولو مزجا بغيرهما والعصير إذا غلا واشتد ولم يذهب ثلثاه ولا انقلب خلا ، ويجب الحد ثمانون جلدة بتناوله ، وإن كان كافرا إذا تظاهر ، وفي العبد قول بأربعين ، ويضرب الشارب عاريا على ظهره وكتفيه ويتقى وجهه وفرجه ومقاتله ، ويفرق الضرب على جسده ، ولو تكرر الحد قتل في الرابعة ، ولو شرب مرارا فواحد . ويقتل مستحل الخمر إذا كان عن فطرة وقيل يستتاب . وكذا يستتاب لو استحل بيعها فإن امتنع قتل ، ولا يقتل مستحل غيرها . ولو تاب الشارب قبل قيام البينة سقط الحد ، ولا يسقط بعدها ، وبعد إقراره يتخير الإمام . ويثبت بشهادة عدلين أو الاقرار مرتين ولو شهد أحدهما


[ 242 ]

بالشرب والآخر بالقئ قيل يحد ، لما روي عن علي عليه السلام : ما قاءها إلا وقد شربها . ولو ادعى الاكراه قبل إذا لم يكذبه الشاهد . ويحد معتقد حل النبيذ إذا شربه ، ولا يحد الجاهل بجنس المشروب أو بتحريمه لقرب إسلامه ، ولا من اضطره العطش إلى إساغة اللقمة بالخمر . ومن استحل شيئا من المحرمات المجمع عليها كالميتة والدم والربا ولحم الخنزير قتل إن ولد على الفطرة ، ومن ارتكبها غير مستحل عزر ، ولو أنفذ الحاكم إلى حامل لاقامة حد فأجهضت فديته في بيت المال ، وقضى علي عليه السلام في مجهضة خوفها عمر : على عاقلته ، ولا تنافي بين الفتوى والرواية . ومن قتله الحد أو التعزير فهدر ، وقيل في بيت المال . ولو بان فسوق الشهود بعد القتل ففي بيت المال لأنه من خطأ الحاكم . الفصل الخامس ، في السرقة : ويتعلق الحكم بسرقة البالغ العاقل من الحرز بعد هتكه بلا شبهة ربع دينار أو قيمته سرا من غير مال ولده ولا سيده وغير مأكول عام سنت ، فلا قطع على الصبي والمجنون بل التأديب ، ولا على من سرق من غير حرز ، ولا من حرز هتكه غيره ، ولو تشاركا في الهتك وأخرج أحدهما قطع المخرج ، ولا مع توهم الملك ، ولو سرق من المال المشترك ما يظنه قدر نصيبه فزاد نصابا فلا قطع . وفي السرقة من مال الغنيمة نظر ، ولا فيما نقص عن ربع دينار ذهبا خالصا


[ 243 ]

مسكوكا ، ولا في الهاتك قهرا ، وكذا المستأمن لو خان لم يقطع ، ولا من سرق من مال ولده ، وبالعكس أو سرقت الأم يقطع ، وكذا من سرق المأكول المذكور وإن استوفى الشرائط ، وكذا العبد ، ولو كان العبد من الغنيمة فسرق منها لم يقطع . وهنا مسائل : الأولى : لا فرق بين إخراج المتاع بنفسه أو بسببه مثل أن يشده بحبل أو يضعه على دابة أو يأمر غير مميز بإخراجه . الثانية : يقطع الضيف والأجير مع الأجير مع الاحراز من دونه ، وكذا الزوجان ، ولو ادعى السارق الهبة أو الإذن أو الملك حلف المالك ولا قطع . الثالثة : الحرز ما كان ممنوعا بغلق أو قفل أو دفن في العمران ، أو كان مراعى على قول والجيب والكم الباطنان حرز ، لا الظاهران . الرابعة : لا قطع في الثمر على شجرة ، وقال العلامة ابن المطهر رحمه الله : إن كانت الشجرة داخل حرز فهتكه وسرق الثمرة قطع . الخامسة : لا يقطع سارق الحر وإن كان صغيرا فإن باعه قيل يقطع لفساده في الأرض لا حدا ، ويقطع سارق المملوك الصغير . السادسة : يقطع سارق الكفن والأولى اشتراط بلوغ النصاب ، ويعزر النباش ، ولو تكرر وفات الحاكم جاز قتله . السابعة : تثبت السرقة بشهادة عدلين ، أو الاقرار مرتين مع كمال المقر وحريته واختياره ، لو رد المكره السرقة بعينها لم يقطع ، ولو


[ 244 ]

رجع بعد الاقرار مرتين لم يسقط الحد ويكفي في الغرم مرة . الثامنة : يجب إعادة العين أو مثلها أو قيمتها مع تلفها ، ولا يغني القطع عن إعادتها . التاسعة : لا قطع إلا بمرافعة الغريم له ، ولو قامت البينة فلو تركه أو وهبه المال سقط ، وليس له العفو بعد المرافعة ، وكذا لو ملك المال بعد المرافعة لم يسقط ، ويسقط بملكه قبله . العاشرة : لو أحدث في النصاب قبل الاخراج ما ينقص قيمته فلا قطع ، ولو أخرجه مرارا قيل وجب القطع . الحادية العشرة : الواجب قطع الأصابع الأربع من اليد اليمنى ويترك له الراحة والابهام ، ولو سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم وترك العقب ، وفي الثالثة يحبس أبدا ، وفي الرابعة يقتل . ولو ذهبت يمينه بعد السرقة لم تقطع اليسار . ويستحب حسمه بالزيت المغلي . الثانية عشرة : لو تكررت السرقة فالقطع واحد ، ولو شهدا عليه بسرقة ثم شهدا عليه بأخرى قبل القطع فالأقرب عدم تعدد القطع . الفصل السادس ، في المحاربة : وهي تجريد السلاح برا أو بحرا ليلا أو نهارا لاخافة الناس في مصر وغيره من ذكر أو أنثى قوي أو ضعيف لا الطليع والردء ولا يشترط أخذ النصاب . ويثبت بشهادة عدلين وبالاقرار ولو مرة ، ولا


[ 245 ]

تقبل شهادة بعض المأخوذين لبعض . والحد القتل أو الصلب أو قطع يده اليمنى ورجله اليسرى ، وقيل يقتل إن قتل قودا أو حدا . وإن قتل وأخذ المال قطع مخالفا ثم قتل وصلب ، وإن أخذ المال لا غير قطع مخالفا ونفي ، ولو جرح ولم يأخذ مالا اقتص منه ونفي ، ولو اقتصر على شهر السلاح والاخافة نفي لا غير ، ولو تاب قبل القدرة عليه سقط الحد دون الحق الآدمي وتوبته بعد الظفر لا أثر لها في حد أو غرم أو قصاص ، وصلبه حيا أو مقتولا على اختلاف القولين ، ولا يترك أزيد من ثلاثة وينزل ويجهز ، ولو تقدم غسله وكفنه صلى عليه ودفن ، وينفى عن بلده ويكتب إلى كل بلد يصل إليه بالمنع من مجالسته ومؤاكلته ومبايعته ، ويمنع من بلاد الشرك فإن مكنوه قوتلوا حتى يخرجوه . واللص محارب يجوز دفعه ، ولو لم يندفع إلا بالقتل كان هدرا ، ولو طلب النفس وجب دفعه إن أمكن ، وإلا وجب الهرب ، ولا يقطع المختلس ولا المستلب ولا المحتال على الأموال بالرسائل الكاذبة بل يعزر ، ولو بنج أو سقى مرقدا وجنى شيئا ضمن وعزر . الفصل السابع ، في عقوبات متفرقة : فمنها إتيان البهيمة : إذا وطأ البالغ العاقل بهيمة عزر وأغرم ثمنها وحرم أكلها إن كانت مأكولة ونسلها ، ووجب ذبحها وإحراقها ، وإن كانت غير مأكولة لم تذبح بل تخرج من بلد الواقعة وتباع ، وفي الصدقة به أو إعادته على الغارم وجهان . والتعزير موكول إلى الإمام


[ 246 ]

وقيل خمسة وعشرون سوطا وقيل كمال الحد ، وقيل القتل . ويثبت بشهادة عدلين وبالاقرار مرة إن كانت الدابة له ، وإلا فالتعزير إلا أن يصدقه المالك . ومنها وطء الأموات : وحكمه حكم الاحياء وتغلظ العقوبة إلا أن تكون زوجته فيعزر ، ويثبت بأربعة على الأقوى ، أو الاقرار أربع . ومنها الاستمناء باليد : ويوجب التعزير ، وروي أن عليا عليه السلام ضرب يده حتى احمرت وزوجه من بيت المال ، ويثبت بشهادة عدلين والاقرار مرة . ومنها الارتداد : وهو الكفر بعد الاسلام أعاذنا الله مما يوبق الأديان ، ويقتل إن كان عن فطرة ولا تقبل توبته ، وتبين منه زوجته وتعتد للوفاة ، وتورث أمواله بعد قضاء ديونه وإن كان باقيا ، ولا حكم لارتداد الصبي والمجنون والمكره ، ويستتاب إن كان عن كفر فإن تاب وإلا قتل ، ومدة الاستتابة ثلاثة أيام في المروي ، ولا يزول ملكه عن أمواله إلا بموته ، ولا عصمة نكاحه إلا ببقائه على الكفر بعد خروج العدة وهي عدة الطلاق ، وتؤدى نفقة واجب النفقة من ماله . ووارثهما المسلمون لا بيت المال ، ولو لم يكن وارث فالامام . والمرأة لا تقتل وإن كانت عن فطرة ، بل تحبس دائما وتضرب أوقات الصلوات وتستعمل في أسوأ الأعمال وتلبس أخشن الثياب وتطعم أجشب الطعام إلى أن تتوب أو تموت . ولو تكرر الارتداد قتل في الرابعة ، وتوبته الاقرار بما أنكره


[ 247 ]

ولا تكفي الصلاة ، ولو جن بعد ردته لم يقتل ، ولا يصح له تزويج ابنته قيل ولا أمته . ومنها : الدفاع عن النفس والمال والحريم بحسب القدرة معتمدا على الاسهل ، ولو قتل كان كالشهيد ، ولو وجد مع زوجته أو مملوكه أو غلامه من ينال دون الجماع فله دفعه ، فإن أتى الدفع عليه فهو هدر ، ولو قتله في منزله فادعى إرادة نفسه أو ماله فعليه البينة أن الداخل كان معه سيف مشهور مقبلا على رب المنزل . ولو اطلع على عورة قوم فلهم زجره فإن امتنع فرموه بحصاة ونحوها فجني عليه كان هدرا . والرحم يزجر لا غير إلا أن تكون مجردة ، فيجوز رميه بعد زجره . ويجوز دفع الدابة الصائلة عن نفسه فلو تلفت بالدفع فلا ضمان ، ولو أدب الصبي وليه أو الزوجة زوجها فماتا ضمن ديتهما في ماله على قول ، ولو عض على يد غيره فانتزعها فندرت أسنانه فهدر ، وله التخلص باللكم والجرح ، ثم السكين والخنجر متدرجا إلى الأيسر فالأيسر . * * *


[ 248 ]

( 50 ) كتاب القصاص وفيه فصول ، الأول ، في قصاص النفس : وموجبه إزهاق النفس المعصومة المكافئة عمدا عدوانا ، فلا قود بقتل المرتد ، ولا بقتل غير المكافئ . والعمد يحصل بقصد البالغ إلى القتل بما يقتل غالبا ، قيل أو نادرا ، وإذا لم يقصد القتل بالنادر فلا قود وإن اتفق الموت كالضرب بالعود الخفيف أو العصا ، أما لو كرر ضربه بما لا يحتمل مثله بالنسبة إلى بدنه وزمانه فهو عمد ، وكذا لو ضربه دون ذلك فأعقبه مرضا ومات ، أو رماه بسهم أو بحجر غامز أو خنقه بحبل ولم يرخ عنه حتى مات ، أو بقي المخنوق ضمنا ومات ، أو طرحه في النار إلا أن يعلم قدرته على الخروج ، أو في اللجة ، أو جرحه عمدا فسرى ومات ، أو ألقى نفسه من علو على إنسان ، أو ألقاه من مكان شاهق ، أو قدم إليه طعاما مسموما ولم يعلمه ، أو جعله في منزله ولم يعلمه ، أو حفر بئرا بعيدة في طريق ودعا غيره مع جهالته فوقع فمات ، أو ألقاه في البحر فالتقمه الحوت ، إذا قصد التقام الحوت ، وإن لم يقصد على قول ، أو أغرى به كلبا عقورا فقتله ولا يمكنه التخلص ، أو ألقاه إلى أسد بحيث لا يمكنه الفرار ، أو أنهشه حية


[ 249 ]

قاتلة أو طرحها عليه فنهشته ، أو دفعه في بئر حفرها الغير عالما بالبئر ، ولو جهل فلا قصاص عليه ، أو شهد عليه زورا بموجب القصاص فاقتص منه ، إلا أن يعلم الولي التزوير ويباشر فالقصاص عليه . وهنا مسائل : الأولى : لو أكرهه على القتل فالقصاص على المباشر دون الآمر ويحبس الآمر حتى يموت ، ولو أكره الصبي غير المميز أو المجنون فالقصاص على مكرههما ، ويمكن الاكراه فيما دون النفس ويكون القصاص على المكره . الثانية : لو اشترك في قتله جماعة قتلوا به بعد أن يرد عليهم ما فضل عن ديته ، وله قتل البعض فيرد الباقون بحسب جنايتهم ، فإن فضل للمقتولين فضل قام به الولي . الثالثة : لو اشترك في قتله امرأتان قتلتا به ولا رد ، ولو اشترك خنثيان قتلا ورد عليهما نصف دية الرجل بينهما نصفان ، ولو اشترك نساء قتلن ورد عليهن ما فضل عن ديته ، ولو اشترك رجل وامرأة فلا رد للمرأة ويرد على الرجل نصف ديته من الولي إن قتلهما ، ولو قتلت المرأة رد الرجل على الولي نصف الدية . الرابعة : لو اشترك في قتله عبيد رد عليهم ما فضل عن قيمتهم عن ديته إن كان ، ثم كل عبد نقصت قيمته عن جنايته أو ساوت فلا رد وإنما الرد لمن زادت قيمته عن جنايته .


[ 250 ]

الخامسة : لو اشترك حر وعبد في قتله فله قتلهما ، ويرد على الحر نصف ديته ، وعلى مولى العبد ما فضل من قيمته عن نصف الدية إن كان ، وإن قتل أحدهما فالرد ، على الحر من مولى العبد أقل الأمرين من جنايته وقيمة عبده ، والرد على مولى العبد من الحر إن كان له فضل ، وإلا رد على المولى ، ومنه يعرف حكم اشتراك العبد والمرأة ، وغير ذلك . القول في شرائط القصاص : فمنها التساوي في الحرية أو الرق ، فيقتل الحر بالحر وبالحرة مع رد نصف ديته ، والحرة بالحرة والحر ولا يرد شيئا على الأقوى ، ويقتص للمرأة من الرجل في الطرف من غير رد حتى تبلغ ثلث دية الحر فتصير على النصف ، ويقتل العبد بالحر والحرة وبالعبد وبالامة ، والأمة بالحر والحرة وبالعبد والأمة ، وفي اعتبار القيمة هنا قول . ولا يقتل الحر بالعبد وقيل إن اعتاد قتلهم قتل حسما . ولو قتل المولى عبده كفر وعزر ، وقيل إن اعتاد ذلك قتل . وإذا غرم الحر قيمة العبد لم يتجاوز بها دية الحر ولا بقيمة المملوكة دية الحرة . ولا يضمن المولى جناية عبده ، وله الخيار إن كانت الجناية خطأ بين فكه بأقل الأمرين من أرش الجناية وقيمته وبين تسليمه . وفي العمد التخيير للمجني عليه أو وليه . والمدبر كالقن ، وكذا المكاتب المشروط والمطلق الذي لم يؤد شيئا .


[ 251 ]

ولو قتل حر حرين فصاعدا فليس لهم إلا قتله ، ولو قطع يمين اثنين قطعت يمينه بالأول ويساره بالثاني ولو قتل العبد حرين فهو لأولياء الثاني إن كان القتل بعد الحكم به للأول ، وإلا فهو بينهما ، وكذا لو قتل عبدين أو حرا وعبدا . ومنها التساوي في الدين ، فلا يقتل مسلم بكافر ولكن يعزر بقتل الذمي والمعاهد ، ويغرم دية الذمي ، وقيل إن اعتاد قتل أهل الذمة اقتص منه بعد رد فاضل ديته ، ويقتل الذمي بالذمي وبالذمية مع الرد وبالعكس ، وليس عليها غرم . ويقتل الذمي بالمسلم ويدفع ماله وولده الصغار إلى أولياء المسلم على قول ، وللولي استرقاقه إلا أن يسلم فالقتل لا غير . ولو قتل الكافر مثله ثم أسلم القاتل فالدية لا غير إن كان المقتول ذميا ، وولد الزنا إذا بلغ وعقل واظهر الاسلام مسلم يقتل به ولد الرشدة . ويقتل الذمي بالمرتد ولا يقتل به المسلم ، والأقرب أن لا دية له أيضا . ومنها انتفاء الأبوة ، فلا يقتل الوالد وإن علا بابنه ويعزر ويكفر وتجب الدية ، ويقتل باقي الأقارب بعضهم ببعض كالولد بوالده والأم بابنها . ومنها كمال العقل ، فلا يقتل المجنون بعاقل ولا مجنون ، والدية على عاقلته ، ولا يقتل الصبي ببالغ ولا صبي ، ويقتل البالغ بالصبي ، ولو قتل العاقل ثم جن اقتص منه . ومنها أن يكون المقتول محقون الدم ، فمن أباح الشرع قتله لم يقتل به ، ولو قتل من وجب عليه قصاص غير الولي قتل به .


[ 252 ]

القول فيما يثبت به القتل ، وهو ثلاثة : الاقرار ، والبينة ، والقسامة . فالاقرار يكفي فيه المرة ، ويشترط أهلية المقر واختياره وحريته ، ويقبل إقرار السفيه والمفلس بالعمد ، ولو أقر واحد بقتله عمدا وآخر خطأ تخير الولي ، ولو أقر بقتله عمدا فأقر آخر ببراءة المقر وأنه هو القاتل ورجع الأول ودي المقتول من بيت المال ودرئ عنهما القصاص كما قضى به الحسن عليه السلام في الحياة أبيه . وأما البينة فعدلان ذكران ولتكن الشهادة صافية عن الاحتمال ، فلو قال جرحه ، لم يكف حتى يقول فمات من جرحه ، ولو قال أسال دمه ، ثبتت الدامية ، ولا بد من توافقهما على الوصف الواحد ، فلو اختلفا زمانا أو مكانا أو آلة بطلت الشهادة . وأما القسامة فتثبت مع اللوث ، ومع عدمه يحلف المنكر يمينا واحدة ، فإن نكل حلف المدعي يمينا واحدة ويثبت الحق ، واللوث أمارة يظن بها صدق المدعي كوجود ذي سلاح ملطخ بالدم عند قتيل في دمه ، أو في دار قوم أو قريتهم ، أو بين قريتين وقربهما إليه سواء ، وكشهادة العدل لا الصبي ولا الفاسق . أما جماعة النساء والفساق فتفيد اللوث مع الظن ، ومن وجد قتيلا في جامع عظيم أو شارع أو فلاة أو في زحام على قنطرة أو جسر أو بئر أو مصنع فديته في بيت المال . وقدرها خمسون يمينا في العمد والخطأ ، فإن كان للمدعي قوم


[ 253 ]

حلف كل واحد يمينا ، ولو نقصوا عن الخمسين كررت عليهم وتثبت القسامة في الأعضاء بالنسبة ، ولو لم يكن له قسامة أو امتنع من اليمين أحلف المنكر وقومه خمسين يمينا ، فإن امتنع ألزم الدعوى وقيل له رد اليمين على المدعي ، فتكفي الواحدة ، ويستحب للحاكم العظة قبل الايمان . وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام : أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحبس في تهمة الدم ستة أيام فإن جاء وإلا خلى سبيله . الفصل الثاني ، في قصاص الطرف : وموجبه إتلاف ، العضو بالمتلف غالبا ، أو بغيره مع القصد إلى الاتلاف ، وشروطه شروط قصاص النفس ، والتساوي في السلامة ، فلا تقطع الصحيحة بالشلاء ولو بذلها الجاني ، وتقطع الشلاء بالصحيحة إلا إذا خيف السراية ، وتقطع اليمين باليمين فإن لم تكن يمين فاليسرى ، فإن لم تكن فالرجل على الرواية ، وتثبت في الخارصة والباضعة والسمحاق والموضحة ، ويراعى الشجة طولا وعرضا ، ولا يعتبر قدر النزول مع صدق الاسم ، ولا تثبت في الهاشمة والمنقلة ، ولا في كسر العظام لتحقق التعزير ، ويجوز قبل الاندمال وإن كان الصبر أولى . ولا قصاص إلا بالحديد فيقاس الجرح ويعلم طرفاه ثم يشق من إحدى العلامتين إلى الأخرى ، ويؤخر قصاص الطرف إلى


[ 254 ]

اعتدال النهار . ويثبت القصاص في العين ، ولو كان الجاني بعين واحدة قلعت ، ولو قلع عينه صحيح العينين اقتص له بعين واحدة ، قيل وله مع القصاص نصف الدية ولو ذهب ضوء العين مع سلامة الحدقة قيل طرح على الأجفان قطن مبلول وتقابل بمرآة محماة مواجهة للشمس حتى يذهب الضوء وتبقى الحدقة . ويثبت في الشعر إن أمكن . ويقطع ذكر الشاب بذكر الشيخ والمختون بالاغلف ، وفي الخصيتين وفي إحداهما القصاص إن لم يخف ذهاب منفعة الأخرى ، وتقطع الأذن الصحيحة بالصماء ، والأنف الشام بالاخشم ، وأحد المنخرين بصاحبه . ويقلع السن بالسن ، ولو عادت السن فلا قصاص ، فإن عادت متغيرة فالحكومة ، وينتظر بسن الصبي فإن لم تعد ففيها القصاص ، وإلا فالحكومة ، ولو مات قبل اليأس من عودها فالارش . ولا تقلع سن بضرس ولا بالعكس ، ولا أصلية بزائدة ، ولا زائدة بزيادة مع تغاير المحل ، وكل عضو وجب القصاص فيه لو فقد انتقل إلى الدية ، ولو قطع إصبع رجل ويد آخر اقتص لصاحب الإصبع إن سبق ثم لصاحب اليد ، لو بدأ بقطع اليد قطعت يده وألزمه الثاني دية إصبع لفوات محل القصاص . الفصل الثالث ، في اللواحق : الواجب في قتل العمد القصاص لا أحد الأمرين من الدية والقصاص ، نعم لو اصطلحا على الدية جاز ، وتجوز الزيادة عنها


[ 255 ]

والنقيصة مع التراضي ، وفي وجوبها على الجاني بطلب الولي وجه لوجوب حفظ نفسه الموقوف على بذل الدية ، ولو جنى على الطرف ومات واشتبه استناد الموت إلى الجناية فلا قصاص في النفس ، ويستحب إحضار شاهدين عند الاستيفاء احتياطا وللمنع من حصول الاختلاف في الاستيفاء ، ويعتبر الآلة حذرا من السم خصوصا في الطرف ، فلو حصل منها جناية بالسم ضمن المقتص . ولا يقتص إلا بالسيف فيضرب العنق لا غير ، ولا يجوز التمثيل به ، ولو كانت جنايته تمثيلا أو بالتغريق والتحريق والمثقل . نعم قد قيل يقتص في الطرف ثم يقتص في النفس إن كان الجاني فعل ذلك بضربات . ولا يقتص بالآلة الكالة فيأثم لو فعل ، ولا يضمن المقتص سراية القصاص ما لم يتعد ، وأجرة المقتص من بيت المال ، فإن فقد أو كان هناك أهم منه فعلى الجاني ، ويرثه وارث المال إلا الزوجين ، وقيل العصبة لا غير . ويجوز للولي الواحد المبادرة من غير إذن الإمام وإن كان استئذانه أولى ، وخصوصا في قصاص الطرف ، وإن كانوا جماعة توقف على إذنهم أجمع ، وقيل للحاضر الاستيفاء ويضمن حصص الباقين من الدية . ولو كان الولي صغيرا وله أب أو جد لم يكن له الاستيفاء إلى بلوغه ، وقيل يراعي المصلحة . ولو صالحه بعض على الدية لم يسقط القود عنه للباقين على الأشهر ، ويردون نصيب المصالح . ولو اشترك الأب والأجنبي في قتل الولد اقتص من الأجنبي ورد الأب نصف الدية عليه ، وكذا الكلام في العامد والخاطئ ، والراد هنا


[ 256 ]

العاقلة . ويجوز للمحجور عليه استيفاء القصاص إذا كان بالغا عاقلا ، وفي جواز استيفاء القصاص من دون ضمان الدين على الميت قولان . ويجوز التوكيل في استيفائه ، فلو عزله واقتص ولما يعلم فلا شئ ، ولا يقتص من الحامل حتى تضع ويقبل قولها في الحمل وإن لم تشهد القوابل ، ولو هلك قاتل العمد فالمروي أخذ الدية من ماله ، وإلا فمن الأقرب فالأقرب . * * *


[ 257 ]

( 51 ) كتاب الديات وفيه فصول ، الفصل الأول ، في مورد الدية : إنما تثبت الدية بالأصالة في الخطأ وشبهه ، فالأول مثل أن يرمي حيوانا فيصيب إنسانا ، أو إنسانا معينا فيصيب غيره ، والثاني مثل أن يضرب للتأديب فيموت . والضابط أن العمد أن يتعمد الفعل والقصد ، والخطأ المحض أن لا يتعمد فعلا ولا قصدا ، والشبيه أن يتعمد الفعل ويخطئ في القصد . فالطبيب يضمن في ماله ما يتلف بعلاجه وإن احتاط واجتهد وأذن المريض ، ولو أبرأه فالأقرب الصحة ، والنائم يضمن في مال العاقلة ، وقيل في ماله ، وحامل المتاع يضمن لو أصاب به إنسانا في ماله ، وكذا المعنف بزوجته جماعا أو ضما فيجني ، والصائح بالطفل أو المجنون ، أو المريض أو الصحيح على حين غفلة ، وقيل على عاقلته . والصادم يضمن في ماله دية المصدوم ولو مات الصادم فهدر ، ولو وقف المصدوم في موضع ليس له الوقوف ضمن الصادم إذا لم يكن له مندوحة ، ولو تصادم حران فماتا فلورثة كل نصف ديته ويسقط النصف ، ولو كانا فارسين كان على كل منهما نصف قيمة فرس الآخر ويقع التقاص ،


[ 258 ]

ولو كانا عبدين بالغين فهدر ، ولو قال الرامي حذار فلا ضمان ، ولو وقع من علو على غيره ولم يقصد القتل فقتل فهو شبيه عمد إذا كان الوقوع لا يقتل غالبا ، وإن وقع مضطرا أو قصد الوقوع على غيره فعلى العاقلة ، أما لو ألقته الريح أو زلق فهدر جنايته ونفسه ، ولو دفع ضمنه الدافع وما يجنيه . وهنا مسائل : الأولى : من دعا غيره ليلا فأخرجه من منزله فهو ضامن له إن وجد مقتولا بالدية على الأقرب ، ولو وجد ميتا ففي الضمان نظر ، ولو كان إخراجه بالتماسه الدعاء فلا ضمان . الثانية : لو انقلبت الظئر فقتلت الولد ضمنته في مالها إن كان للفخر ، ولو كان للحاجة فعلى عاقلتها ، ولو أعادت الولد فأنكره أهله صدقت ، إلا مع كذبها فيلزمها الدية حتى تحضره أو من يحتمله . الثالثة لو ركبت جارية أخرى فنخستها ثالثة فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت فالمروي وجوب ديتها على الناخسة والقامصة نصفين ، وقيل عليهما الثلثان . الرابعة : روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليه السلام في لص جمع ثيابا ووطأ امرأة وقتل ولدها فقتلته أنه هدر ، وفي ماله أربعة آلاف درهم مهرا لها ويضمن مواليه دية الغلام . وعنه عليه السلام في صديق عروس قتله الزوج فقتلت الزوج تقتل به ويضمن الصديق ، والأقرب أنه هدر إن علم . وروى محمد بن قيس في أربعة


[ 259 ]

سكارى فجرح اثنان وقتل اثنان ، يضمنهما الجارحان بعد وضع جراحاتهما . وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام في ستة غلمان بالفرات فغرق واحد فشهد اثنان على ثلاثة وبالعكس ، أن الدية أخماس بنسبة الشهادة ، وهي قضية في واقعة . الخامسة : يضمن معلم السباحة الصغير في ماله بخلاف البالغ الرشيد ، ولو بنى مسجدا في الطريق ضمن إلا أن يكون واسعا ويأذن الإمام ، ويضمن واضع الحجر في ملك غيره أو طريق مباح . السادسة : لو وقع حائطه بعد علمه بميله وتمكنه من إصلاحه أو بناه مائلا إلى الطريق ضمن ، وإلا فلا ، ولو وضع عليه إناء فسقط فأتلف فلا ضمان إذا كان مستقرا على العادة ، ولو وقع الميزاب ولا تفريط فالأقرب عدم الضمان ، وكذا الجناح والروشن . السابعة : لو أجج نارا في ملكه في ريح معتدلة أو ساكنة ولم يزد على قدر الحاجة فلا ضمان ، وإن عصفت بغتة ، وإلا ضمن ، ولو أجج في موضع ليس له ذلك فيه ضمن الانفس والأموال . الثامنة : لو فرط في دابته فدخلت على أخرى فجنت ضمن ، ولو جني عليها فهدر ، ويجب حفظ البعير المغتلم والكلب العقور فيضمن بدونه إذا علم ، ولو دافعها عنه إنسان فأدى الدفع إلى تلفها أو تعيبها فلا ضمان ، وإذا أذن له قوم في دخول دار فعقره كلبها ضمنوه . التاسعة : يضمن راكب الدابة ما تجنيه بيديها ورأسها ، والقائد كذلك ، والسائق يضمنها مطلقا ، وكذا لو وقف بها الراكب أو القائد ،


[ 260 ]

ولو ركبها اثنان تساويا ، ولو كان صاحبها معها فلا ضمان على الراكب ، ويضمنه مالكها لو نفرها فألقته . العاشرة : يضمن المباشر لو جامعه السبب ، ولو جهل المباشر ضمن السبب كالحافر والدافع ، ويضمن أسبق السببين كواضع الحجر وحافر البئر فيعثر بالحجر فيقع في البئر فيضمن واضع الحجر ، ولو كان فعل أحدهما في ملكه فالضمان على الآخر . الحادية عشرة : لو وقع واحد في الزبية فتعلق بثان والثاني بثالث والثالث برابع فافترسهم الأسد ففي رواية محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام عن علي عليه السلام : الأول فريسة الأسد ويغرم أهله ثلث الدية للثاني ، ويغرم الثاني للثالث ثلثي الدية ويغرم الثالث للرابع الدية كاملة ، وفي رواية أخرى للأول ربع الدية و للثاني ثلث الدية وللثالث نصف وللرابع الدية ، وكله على عاقلة المزدحمين . الفصل الثاني ، في التقديرات ، وفيه مسائل : الأولى : في دية العمد أحد أمور ستة : مائة من مسان الإبل أو مائتا بقرة أو مائتا حلة كل حلة ثوبان من برود اليمن ، أو ألف شاة أو ألف دينار أو عشرة آلاف درهم ، وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني . ودية الشبيه أربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل وثلاث وثلاثون بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة أو أحد الأمور الخمسة ، وتستأدى في سنتين من مال الجاني وفيها رواية أخرى .


[ 261 ]

ودية الخطأ عشرون بنت مخاض وعشرون ابن لبون وثلاثون بنت لبون وثلاثون حقة ، وفيها رواية أخرى ، وتستأدى في ثلاث سنين من مال العاقلة أو أحد الأمور الخمسة . ولو قتل في الشهر الحرام أو في الحرم زيد عليه ثلث الدية تغليظا . والخيار إلى الجاني في الستة في العمد والشبيه ، وإلى العاقلة في الخطأ ، ودية المرأة النصف من ذلك كله ، والخنثى ، ثلاثة أرباعه ، والذمي ثمان مائة درهم والذمية نصفها ، والعبد قيمته ما لم تتجاوز دية الحر فترد إليها ، ودية أعضائه وجراحاته بنسبة دية الحر ، والحر أصل له في المقدر وينعكس في غيره ، ولو جنى عليه بما فيه قيمته تخير مولاه في أخذ قيمته ودفعه إلى الجاني ، وبين الرضا به . الثانية : في شعر الرأس الدية ، وكذا في شعر اللحيين ، ولو نبتا فالارش ، ولو نبت شعر المرأة ففيه مهر نسائها ، وفي شعر الحاجبين خمسمائة دينار ، وفي بعضه بالحساب ، وفي الأهداب الأرش على قول ، والدية على الآخر . الثالثة : في العينين الدية ، وفي كل واحدة النصف صحيحة أو حولاء أو عمشاء أو جاحظة ، وفي الأجفان الدية ، وفي كل واحدة الربع ، ولا تتداخل مع العينين ، وفي عين ذي الواحدة كمال الدية إذا كان خلقة أو بآفة من الله سبحانه ، ولو استحق ديتها فالنصب في الصحيحة ، وفي خسف العوراء ثلث ديتها صحيحة .


[ 262 ]

الرابعة : في الأذنين الدية ، وفي كل واحدة النصف ، وفي البعض بحسابه ، وفي شحمتها ثلث ديتها ، وفي خرمها ثلث ديتها . الخامسة ، وفي الأنف الدية مستأصلا أو مارنه ، كذا لو كسر ففسد ، ولو جبر على صحة فمئة دينار ، وفي شلله ثلثا ديته ، وفي روثته الثلث ، وفي كل منخر ثلث الدية . السادسة : في كل من الشفتين نصف الدية ، وقيل في السفلى الثلثان ، وفي بعضها بالنسبة ، ولو استرختا فثلثا الدية ، ولو تقلصتا فالحكومة . السابعة : في استئصال اللسان الدية ، وكذا فيما يذهب به الحروف ، وفي البعض بحساب الحروف ، وفي لسان الأخرس ثلث الدية ، وفي بعضه بحسابه ، ولو ادعى الصحيح ذهاب نطقه بالجناية صدق بالقسامة ، وقيل يضرب لسانه بإبرة فإن خرج الدم اسود صدق ، وإن خرج أحمر كذب . الثامنة : في الأسنان الدية وهي ثمانية وعشرون ، وفي المقاديم الاثني عشر ستمائة دينار ، وفي المآخير أربعمائة ، ويستوي البيضاء والسوداء والصفراء خلقة ، وفي الزائدة ثلث الأصلية إن قلعت منفردة ، ولا شئ فيها منضمة ، ولو اسودت السن بالجناية ولما تسقط فثلثا ديتها ، وكذا في انصداعها وقيل الحكومة . وسن الصبي ينتظر بها فإن نبتت فالارش وإلا فدية المتغر وقيل فيها بعير .


[ 263 ]

التاسعة : في اللحيين الدية ، ومع الأسنان فديتان . العاشرة : في العنق إذا كسر فصار أصور الدية ، وكذا لو منع الازدراد ، ولو زال فالارش . الحادية العشرة : في كل من اليدين نصف الدية وحدها المعصم ، وفي الأصابع وحدها ديتها ، ولو قطع معها شئ من الزند فحكومة زائدة . وفي العضدين الدية وكذا في الذراعين ، وفي اليد الزائدة الحكومة ، وفي الإصبع عشر الدية ، وفي الإصبع الزائدة ثلث دية الأصلية ، وفي شللها ثلثا ديتها ، وفي الشلاء الثلث ، وفي الظفر إذا لم ينبت أو نبت أسود عشرة دنانير ، ولو نبت أبيض فخمسة . الثانية عشرة : في الظهر إذا كسر الدية ، وكذا لو احدودب ، ولو صح فثلث الدية ، ولو كسر فشلت الرجلان فدية لها وثلثا دية للرجلين ، ولو كسر الصلب فذهب مشيه وجماعة فديتان . الثالثة عشرة : في النخاع الدية . الرابعة عشرة : الثديان في كل واحد نصف دية المرأة ، وفي انقطاع اللبن الحكومة ، وكذا لو تعذر نزوله في الحلمتين الدية عند الشيخ ، وكذا حلمتا الرجل ، وقيل في حلمتي الرجل الربع ، وفي كل واحدة الثمن . الخامسة عشرة : في الذكر مستأصلا أو الحشفة الدية ولو كان مسلول الخصيتين ، وفي بعض الحشفة بحسابه ، وفي العنين ثلث الدية . السادسة عشرة : في الخصيتين الدية وفي كل نصف ، وقيل في اليسرى الثلثان وفي أدرتهما أربعمائة دينار ، فإن فحج فلم يقدر على


[ 264 ]

المشي فثمانمائة دينار السابعة عشرة : في الشفرين الدية من السليمة والرتقاء ، وفي الركب الحكومة . الثامنة عشرة : في الافضاء الدية وهو تصيير مسلك البول والحيض واحدا ، وتسقط عن الزوج إذا كان بعد البلوغ ، ولو كان قبله ضمن مع المهر ديتها وأنفق عليها حتى يموت أحدهما . التاسعة عشرة : في الاليتين الدية ، وفي كل نصف . العشرون : الرجلان في كل واحدة النصف ، وحدهما مفصل الساق ، وفي الأصابع منفردة الدية ، وفي كل واحدة عشر ، ودية كل إصبع مقسومة على ثلاث أنامل ، والابهام على اثنتين ، وفي الساقين الدية وكذا في الفخذين . الحادية والعشرون : في الترقوة إذا كسرت فجبرت على غير عيب أربعون دينارا ، وفي كسر عظم من عضو خمس دية العضو ، فإن صلح على صحة فأربعة أخماس دية كسره ، وفي موضحته ربع دية كسره ، وفي رضه ثلثا دية العضو ، فإن صلح على صحة فأربعة أخماس دية رضه ، وفي فكه بحيث يبطل العضو ثلثا ديته ، فإن صلح على صحة فأربعة أخماس دية فكه . الثانية والعشرون : في كل ضلع مما يلي القلب إذا كسرت خمسة وعشرون دينارا ، وإذا كسرت مما يلي العضد عشرة دنانير ، ولو كسر عصعصه فلم يملك غائطه ففيه الدية ، ولو ضربت عجانه فلم يملك غائطه ولا بوله ففيه الدية في رواية . ومن افتض بكرا بإصبعه


[ 265 ]

فخرق مثانتها فلم تملك بولها فديتها ومثل مهر نسائها ، وقيل ثلث ديتها . ومن داس بطن إنسان حتى أحدث ديس بطنه أو يفتدي بثلث الدية على رواية . القول في دية المنافع ، وهي ثمانية : الأول : في العقل الدية وفي بعضه بحسابه بحسب نظر الحاكم ، ولو شجه فذهب عقله لم يتداخل ، ولو عاد العقل بعد ذهابه لم تستعد الدية إن حكم أهل الخبرة بذهابه بالكلية . الثاني : السمع وفيه الدية مع اليأس ، ولو رجي انتظر فإن لم يعد فالدية ، وإن عاد فالارش ، ولو تنازعا في ذهابه اعتبر حاله عند الصوت العظيم والرعد القوي والصيحة عند غفلته ، فإن تحقق وإلا حلف القسامة . وفي سمع إحدى الأذنين النصف ، ولو نقص سمعها قيس إلى الأخرى ، ولو نقصتا قيس إلى أبناء سنه . الثالث : في ذهاب الابصار الدية إذا شهد به شاهدان أو صدقه الجاني ، ويكفي شاهد وامرأتان إن كان عن عمد ، ولو عدم الشهود حلف القسامة إذا كانت العين قائمة ، ولو ادعى نقصان إحداهما قيست إلى الأخرى ، ونقصانهما قيستا إلى أبناء سنه ، فإن استوت المسافات الأربع صدق وإلا كذب . الرابع : في إبطال الشم الدية ، ولو ادعى ذهابه اعتبر بالروائح الطيبة والخبيثة ، ثم القسامة ، وروي تقريب الحراق منه فإن دمعت عيناه ونحى أنفه فكاذب ، وإلا فصادق ، ولو ادعى نقصه قيل يحلف


[ 266 ]

ويوجب له الحاكم شيئا بحسب اجتهاده ، ولو قطع الأنف فذهب الشم فديتان . الخامس : الذوق قيل فيه الدية ، ويرجع فيه عقيب الجناية إلى دعواه مع الايمان . السادس : في تعذر الانزال الدية . السابع : في سلس البول الدية ، وقيل إن دام إلى الليل ففيه الدية وإلى الزوال الثلثان ، وإلى ارتفاع النهار الثلث . الثامن : في الصوت الدية . الفصل الثالث ، في الشجاج وتوابعها : وهي ثمان : الحارصة وهي القاشرة للجلدة وفيها بعير ، والدامية وهي التي تأخذ في اللحم يسيرا وفيها بعيران ، والباضعة وهي الآخذة كثيرا في اللحم وفيها ثلاثة وهي المتلاحمة ، والسمحاق وهي التي تبلغ الجلدة المغشية للعظم وفيها أربعة أبعرة ، والموضحة وهي التي تكشف عن العظم وفيها خمسة ، والهاشمة وهي التي تهشم العظم وفيها عشرة أبعرة أرباعا إن كان خطأ وأثلاثا إن كان شبيها ، والمنقلة وهي التي تحوج إلى نقل العظم وفيها خمس عشر بعيرا ، والمأمومة وهي التي تبلغ أم الرأس أعني الخريطة التي تجمع الدماغ وفيها ثلاثة وثلاثون بعيرا . وأما الدامغة وهي التي تفتق الخريطة ويبعد معها السلامة ، فإن مات فالدية ، وإن فرض أنه سلم قيل زيدت حكومة على المأمومة . والجائفة وهي الواصلة إلى الجوف ولو من ثغرة النحر وفيها


[ 267 ]

ثلث الدية ، وفي النافذة في الأنف ثلث الدية ، فإن صلحت فخمس الدية ، وفي أحد المنخرين عشر الدية ، وفي شق الشفتين حتى تبدو الأسنان ثلث ديتهما ، ولو برأت فخمس ديتهما ، وفي احمرار الوجه بالجناية دينار ونصف ، وفي اخضراره ثلاث دنانير ، وفي اسوداده ستة ، وفي البدن على النصف . ودية الشجاج في الوجه والرأس سواء ، وفي البدن بنسبة دية العضو إلى الرأس ، وفي النافذة في شئ من أطراف الرجل مائة دينار ، وكلما ذكر من الدينار فهو منسوب إلى صاحب الدية التامة والمرأة الكاملة ، وفي العبد والذمي بنسبتها إلى النفس . ومعنى الحكومة والأرش أن يقوم مملوكا تقديرا صحيحا وبالجناية وتؤخذ من الدية بنسبته ، ومن لا ولي له فالحاكم وليه يقتص من المتعمد ، وقيل ليس له العفو عن القصاص ولا الدية . الفصل الرابع ، في التوابع وهي أربعة : الأول ، في دية الجنين : في النطفة إذا استقرت في الرحم عشرون دينارا ، ويكفي مجرد الالقاء في الرحم ، ولو أفزعه فعزل فعشرة دنانير ، وفي العلقة أربعون دينارا ، وفي المضغة ستون ، وفي العظم ثمانون ، وفي التام الخلقة قبل ولوج الروح مائة دينار ذكرا كان أو أنثى ، ولو كان ذميا فثمانون درهما ، ولو كان مملوكا فعشر قيمة الأم المملوكة ولا كفارة هنا . ولو ولجته الروح فدية كاملة للذكر ونصف للأنثى ، ومع الاشتباه نصف الديتين بأن تموت المرأة ويموت معها مع


[ 268 ]

العلم بسبق الحياة ، وتجب الكفارة مع المباشرة ، وفي أعضائه وجراحاته بالنسبة ، ويرثه وارث المال الأقرب فالأقرب ، ويعتبر قيمة الأم عند الجناية لا الاجهاض . وهي في مال الجاني إن كان عمدا أو شبيها وإلا ففي مال العاقلة . وفي قطع رأس الميت المسلم الحر مائة دينار ، وفي شجاجه وجراحه بنسبته ويصرف في وجوه القرب . الثاني ، في العاقلة : وهم من تقرب بالأب وإن لم يكونوا وارثين في الحال ، ولا تعقل المرأة والصبي والمجنون والفقير عند المطالبة ، ويدخل العمودان . ومع عدم القرابة فالمعتق ، ثم ضامن الجريرة ، ثم الإمام ، ولا تعقل العاقلة عمدا ولا بهيمة ولا جناية العبد ، وتعقل الجناية عليه . وعاقلة الذمي نفسه ، . ومع عجزه فالامام . وتسقط بحسب ما يراه الإمام ، وقيل على الغني نصف دينار والفقير ربعه ، والأقرب الترتيب في التوزيع . ولو قتل الأب ولده عمدا فالدية لوارث الإبن . فإن لم يكن سوى الأب فالامام ، ولو قتله خطأ فالدية على العاقلة ، ولا يرث الأب منها شيئا . الثالث ، في الكفارة : وقد تقدمت ولا تجب مع التسبيب كمن طرح حجرا أو نصب سكينا في غير ملكه فهلك بها آدمي ، وتجب بقتل الصبي والمجنون لا بقتل الكافر ، وعلى المشتركين كل واحد كفارة ، ولو قتل قبل التكفير في العمد أخرجت الكفارات من ثلث ماله إن كان .


[ 269 ]

الرابع : في الجناية على الحيوان : من أتلف ما يقع عليه الذكاة بها فعليه أرشه وليس للمالك مطالبته بالقيمة ، ودفعه إليه على الأقرب ، ولو أتلفه لا بها فعليه قيمته يوم تلفه إن لم يكن غاصبا ، ويوضع منها ما له قيمة من الميتة كالشعر ، ولو تعيب بفعله فلمالكه الأرش . وأما ما لا تقع الذكاة عليه ففي كلب الصيد أربعون درهما ، وقيل قيمته ، وفي كلب الغنم كبش ، وقيل عشرون درهما ، وفي كلب الحائط عشرون درهما ، وفي كلب الزرع قفيز ، ولا تقدير لما عداها ، ولا ضمان على قاتلها . وأما الخنزير فيضمن مع الاستتار بقيمته عند مستحليه ، وكذا الحائط عشرون درهما ، وفي كلب الزرع قفيز ، ولا تقدير لما عداها ، ولا ضمان على قاتلها . وأما الخنزير فيضمن مع الاستتار بقيمته عند مستحليه ، وكذا لو أتلف المسلم عليه خمرا أو آلة لهو مع استتاره ، ويضمن الغاصب قيمة الكلب السوقية بخلاف الجاني ما لم ينقص عن المقدر الشرعي ، ويضمن صاحب الماشية جنايتها ليلا لا نهارا ومنهم من اعتبر التفريط مطلقا ، وروي في بعير بين أربعة عقله أحدهم فوقع في بئر فانكسر أن على الشركاء حصته ، لأنه حفظ وضيعوا ، روي ذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام . وليكن هذا آخر اللمعة ولم نذكر فيها سوى المهم ، وهو مشهور بين الأصحاب ، والباعث عليه اقتضاء بعض الطلاب نفعه الله وإيانا به . والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعترته المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. تم

اترك تعليقاً